ناقد بناء
معاون
طاقم الإدارة
معاون
معاون عام
نسوانجي متفاعل
نسوانجي متميز
دكتور نسوانجي
أستاذ نسوانجي
عضو
ناشر قصص
نسوانجي قديم
- إنضم
- 17 ديسمبر 2021
- المشاركات
- 9,737
- مستوى التفاعل
- 3,229
- نقاط
- 22,363
- الجنس
- ذكر
- الدولة
- كندا
- توجه جنسي
- أنجذب للإناث
٤١
ذرعت الغرفة جيئة وذهابًا وهي تفرك كفيها بعصبية واضحة، فما حدث اليوم أمام أنظارها – خاصة مع رمز الرجولة الأصيلة عندها - دق ناقوس الخطر لديها.
,
, تجهمت تعابير وجهها ، وضغطت على شفتيها بقوة مانعة نفسها من إطلاق شتائم مهينة.
, استقبلتها أمها بترحاب كبير وكأنها لم ترتكب شيئًا بل أصرت على بقائها في أحضانها اليوم ، وغفت معها في غرفته .. ذلك المكان الذي تمنت أن تنام هي فيه بدلًا منها.
,
, التفتت نيرمين لتنظر لأختها الغافلة على الفراش بحدة قبل أن تجلس على طرف الفراش الأخر.
, همست لنفسها بغل واضح :
, -جيتها المرادي هتجيب علينا الخراب!
,
, زفرت بعدها بغيظ بائن ، فمازالت أسيف تستحوذ على كل شيء منذ أن وطــأت قدماها بيتهم المتواضع.
, هي ببراءتها الساذجة تنجح دومًا في سلب العقول ، وجذب الانتباه ، وما أكثر من حنقها نحوها أن الجميع يعيرونها الاهتمام حتى لو بدت طائشة حمقاء.
,
, انتبهت لصوت بسمة الناعس وهي تقول:
, -ارحمي نفسك ونامي
,
, ردت عليها نيرمين بحقد :
, -مش جايلي نوم ، هاموت من البلوى اللي حلت علينا ؟
,
, تساءلت بسمة بنبرة متثاقلة :
, -قصدك على أسيف ؟
,
, صاحت بها نيرمين بصوت محتد :
, -ماتنطقيش اسمها قصادي ، بأتعصب لما بأسمعه ، كان نفسي تغور في داهية ومانشوفش خلقتها تاني !
,
, أضافت بسمة بجدية :
, -هي مش رجعت خلاص ، وأمك ماسكة فيها بإيدها وسنانها ، يعني انسي انها تسيبها وتمشي !
,
, ردت عليها نيرمين بحنق بارز في نظراتها الضيقة ونبرتها الحادة :
, -وده اللي فاقعني ، على ايه مش عارفة ، دي حي**** مكملتش كام يوم عندنا ، خلاص بقت فرخة بكشك عندها
,
, تثاءبت بسمة وهي ترد :
, -حكمة **** !
,
, نفخت نيرمين متابعة بغيظ أكبر :
, -أووف ، هاطق من جنابي منها
,
, ردت عليها بسمة ببرود إلى حد ما :
, -بصراحة من اللي بتعمليه قصادي ده اللي هايحصلك !
,
, أضافت نيرمين قائلة بغل وهي تكور قبضتها في الهواء :
, -آآخ لو أطبق في زمارة رقبتها ، آه لو أتساب عليها !
,
, حدقت بسمة في أختها بنصف عين ، ورأت مدى العصبية المتشنجة الواضحة على تعابير وجهها وتصرفاتها ، فحذرتها قائلة :
, -صدقيني انتي لو تهدي حبة وتخليكي باردة هترتاحي
,
, التفتت نيرمين برأسها ناحيتها ، وحدجتها بنظرات حانقة وهي ترد بتبرم :
, -انتي هبلة ومش فاهمة حاجة من اللي بتحصل حواليكي! نقطينا بسكاتك يا بسمة ونامي أحسن ٤ علامة التعجب
,
, تمطت بسمة بذراعها وهي تتابع بإنهاك :
, -طيب يا أم العريف ، هانام لأحسن مصدعة على الأخر !
,
, زفرت أختها مجدداً هاتفة بزمجرة عالية :
, -يووه ، اسكتي ، أصلًا انتي جبتلي صداع ! وأنا على أخري
,
, ردت عليها بسمة بعدم اقتناع :
, -أنا برضوه ولا آآ٣ نقطة
,
, قاطعتها قائلة بغضب جم :
, -يووه يا بسمة ، ابعدي عني السعادي ، كفاية عفاريت الزفتة دي اللي بتتنطط قصادي !
, ٣٨ نقطة
,
, استسلمت لرغبتها المُصرة على نومها معها ومشاركتها الفراش ، كانت متحرجة من وضعها الحالي ، لكن لعطف عمتها اللامحدود ، وطيبتها الزائدة رضخت لتوسلاتها.
, مسدت عواطف على رأسها برفق متمتمة بكلمات متضرعة للمولى :
, -ألف حمد وشكر ليك يا رب ، الحمد**** إنك رجعتي تاني يا بنتي ، **** ما يحرمني من دخلتك عليا أبدًا!
,
, استمعت أسيف إلى أغلب دعائها ، وبكت في صمت متأثرة
, بروحها النقية التي ذكرتها بأبويها الراحلين. كانا دائمي الدعاء لها ، لم ينقطع لسانهما عن مناجاة **** من أجل تيسير أمورها ..
, واصلت إدعاءها بالنوم حتى غفت وهي تضمها إلى صدرها.
, ٣٠ نقطة
,
, انتظر بفـــارغ الصبر انقضـــاء ساعات الليل لكي يعود إلى منزله بعد أن تمكن التعب منه ..
, ورغم حرصه على عدم إزعـــاج من بالبيت وتفضيله البقاء بالخــارج إلا أنه قد أرهق تمامًا ، وأصبح بحاجة ملحة للإسترخاء والنوم ، لذلك قرر العودة إليه..
, ولج ديــــاب إلى المنزل بهدوء حذر ، وســار بخطوات هادئة نحو غرفة ابنه يحيى. فقد ظن أن غرفته ربما تكون مستغلة من قبل ضيوفهم.
, أوصد الباب خلفه بهدوء ، ودنا من فراشه بحرص شديد.
, انحنى على رأس صغيره ليقبله بحنو أبوي كبير ، ثم التفت برأسه لينظر إلى أروى التي نامت إلى جواره.
, مسح على جبينها برفق ، ودثرهما جيدًا قبل أن يعتدل في وقفته ، ويلقى بثقل جسده على الأريكة.
, رفع ساقه للأعلى لينزع حذائه من قدمه، وكرر الفعلة مع الساق الأخرى.
, فرك وجهه بتعب ، وتمط بذراعيه في الهواء. ثم نهض من جلسته ليتجه نحو الشرفة. حرك عنقه للجانبين ليخفف من حدة ذلك التيبس الخفيف الذي شعر به.
, تثاءب بتعب وهو يفتح الشرفة ليلج للخارج. ضربت نسمة باردة ومنعشة صدغيه فإرتعش قليلًا.
, أغلق الباب خلفه بهدوء ، وسحب المقعد ليجلس بإسترخاء تام عليه قبل أن يغمض عينيه ليستسلم لسلطان النوم.
, ٢٨ نقطة
,
, لم تتمكن من النوم جيدًا ، فتغيير الفراش يسبب لها أزمة ، هي إعتادت على ما يخصها ، وحينما تضطر للنوم خارج منزلها تصاب بالأرق.
, رفعت رأسها عن الوســادة ، وأدارت رأسها في اتجاه أختها التي غطت في نوم عميق رغم حالة الانفعال التي كانت مسيطرة عليها.
, فركت كتفيها بيديها ، ونهضت عن الفراش لتتجه إلى الشرفة ، أردات أن ترى المنظر العام من الأعلى في تلك الساعة المبكرة.
, لم يطرأ ببالها أن الشرفات الخاصة بغرف الصغار متصلة ببعضها البعض ، وبالتالي لم تتوقع وجود أحد بالخـــارج ..
,
, وضعت يدها على شعرها المفرود ، ومشطته بأصابعها لتجمعه سويًا ، ثم ولجت للخـــارج.
, اقتربت من حافة الشرفة ، واستندت بمرفقيها عليها.
, تثاءبت بسمة بصوت شبه مسموع وهي مسلطة أنظارها على الطريق بالأسفل.
,
, فتح ديـــاب جفنيه على صوت تلك الحركات الخافتة الصادرة من الغرفة المجاورة.
, كان متأهبًا لكنه لم يصدر صوتًا. تفاجيء بخروجها للشرفة بأريحية كبيرة دون إدراك منها لوجوده.
, ارتفع حاجباه للأعلى ، واستشعر الحرج لتكرار تلك المواقف الخجلة بينهما.
,
, تردد لوهلة في تنبيهها لوجوده معها ، وأخفض نظراته وهو يستطرد حديثه قائلاً بجدية :
, -على فكرة البلكونة مش تبع البيت ، دي حتة من الشارع !
,
, انتفضت بسمة في مكانها فزعـــة من صوته ، وتسارعت دقات قلبها بخوف شديد وهي تلتفت نحوه ، لكنها سريعًا ما استعادت هدوئها ، وضبطت أنفاسها وهي ترمقه بنظرات مزعوجة من طريقته في الحديث.
,
, أرادت أن تبدو جلدة متبلدة أمامه حتى لا يفرض سخافاته عليها ، فقطبت جبينها ، وردت عليه بعبوس قليل :
, -هو ممنوع نقف فيها ولا حاجة ؟
,
, هز رأسه نافيًا وهو يجيبها بهدوء :
, -لأ .. خدي راحتك !
,
, ولكن ضاقت نظراته نحوها ، وهتف متساءلًا بنبرة ذات مغزى :
, -بس انتي مش محجبة باين ؟
,
, كتفت ساعديها أمام صدرها وهي ترد بتهكم:
, -أكيد يعني ، انت فاكر ايه ؟
,
, أومــأ بعينيه مرددًا بإبتسامة متسلية :
, -طب تمام ، أصل أنا شايف شعرك كله !
,
, شهقت مصدومة من عبارته الأخيرة، ووضعت يديها عفويًا على رأسها محاولة تغطيته.
,
, أدركت أنها خرجت بدونه ، وتصرفت بتلقائية تامة فلم تتخذ حذرها.
, توردت وجنتيها إلى حد ما من حرجها ، وابتلعت ريقها بتوتر بائن
, أولته سريعًا ظهرها ، وركضت عائدة للداخل لتوصد باب الشرفة خلفها.
, اتسعت ابتسامته الساخرة من طريقتها الخرقاء في التصرف برعونة في بعض المواقف ، وتمتم مع نفسه بمزاح :
, -إنتي حالة عجيبة!
, ٣٨ نقطة
,
, توترت أكثر ، وتوردت وجنتيها بعد ذلك الموقف الحرج الذي تعرضت له معه.
, تسمرت بسمة في مكانها لعدة للحظات محاولة استيعاب ما دار قبل دقائق.
, كانت في موقف قوة ، مستعدة للجدال معه إن لزم الأمر ، لكنه فرض سيطرته على الوضع كليًا ، وخرجت هي منه متخاذلة خالية الوفـــــاض.
, أمسكت بالستائر وغطت بها زجاج الشرفة لتظلم الغرفة من جديد ، وضربت برأسها عليه عدة مرات معنفة نفسها بتبرم:
, -انا غبية ! ازاي ماخدتش بالي !
,
, ألقت بجسدها على الفراش ، وسحبت الملاءة فوقها لتدفن نفسها أسفلها لاعنة تصرفها الأحمق.
, ٣٨ نقطة
,
, انقضى الليل ، وأشرق نهار أخــــر معلنًا عن يوم جديد في حياة الجميع.
, استعدت عواطف للعودة إلى منزلها، وبالطبع لم تتركها جليلة لا هي أو حتى ابنتيها – وكذلك ابنة أخيها – دون القيام بأخـــر واجبات الضيافة معهن.
, تحرجت بسمة من الخروج من الغرفة ، وأثرت البقاء بها حتى لحظة انصرافهما متحاشية الالتقاء بدياب.
, هو لم يكن واعيًا ليقابلها ، فقد غفا في غرفته حينما تأكد من خلوها من الضيوف.
, على عكسه بقي منذر بالوكالة حتى الصباح ، وحينما تأكد من استيقاظ الجميع ، هاتف والدته قائلًا بجدية :
, -أنا هاوصلهم بعربيتي ، خليهم بس يجهزوا وكلميني !
,
, ردت عليه بلطف :
, -وماله يا منذر ! يخلصوا فطـــار وهاطلب عليك !
, -ماشي!
,
, وبالفعل ما إن انتهت جميعهن من تناول الإفطار حتى اتصلت بابنها لتؤكد عليه استعدادهن.
, لم يحتاج لأي وقت للوصــول ، فقد مكث أسفل المنزل منتظرًا تلك المكالمة.
,
, تعاملت نيرمين بجفاء شرس مع ابنة خالها ، لم تكن تطيق وجودها حولها ، وظلت ترمقها بحدة رغم تجنب الاثنتين للحديث معًا.
, لفت عواطف ذراعها حول خصر أسيف مرددة بسعادة :
, -أنا فرحانة إنكم حواليا ، **** يديمكم نعمة في حياتي
,
, ردت عليها جليلة بود وهي تمرر أنظارها على الثلاث شابات :
, -يا رب يا عواطف ، و**** إنتي **** بيحبك ورزقك بشوية بنات زي السكر !
,
, هتفت نيرمين بحماس محاولة كسب ودها أكثر :
, -كان بودنا يا خالتي نقعد معاكي أكتر ، بس مايصحش نتقل عليكم أكتر من كده ، كفاية إن سي منذر نام برا ، وآآ.. ودياب كمان !
,
, ثم اقتربت منها لتقبلها بحنو زائد لكنه مصطنع.
,
, ردت عليها جليلة بمكر وهي تمسح على ظهرها برفق :
, -يا ريت تتقلوا ، هو أنا عندي أعز منكم !
,
, رسمت نيرمين على ثغرها ابتسامة متكلفة وهي ترد :
, -**** يخليكي لينا يا رب!
,
, أضافت جليلة قائلة بجدية :
, -عاوزة أشوف البنات تاني يا عواطف ، وخصوصًا الكتكوتة دي !
,
, ثم أشارت بعينيها نحو الرضيعة.
, تحمست نيرمين كثيرًا لترحابها الشديد بها ، وردت بسعادة:
, -و**** دي ما شافت نوم ولا راحة إلا هنا ، البركة موجودة في كل حتة في البيت !
,
, وضعت جليلة يدها على رأس الرضيعة ، ومسحت بحذر شديد عليها قبل أن تنحني برأسها عليها لتقبلها برفق وهي تقول :
, -**** يحميهالك !
,
, أضافت عواطف هي الأخرى بإبتسامة مجاملة :
, -يا رب أمين ، تسلمي على ذوقك !
,
, التفتت جليلة برأسها نحو بسمة ، ثم قالت بألفة :
, -وإنتي يا بسمة ، مش محتاجة وصاية ، العيال معتمدين عليكي في المذاكرة !
,
, أومــأت برأسها بالإيجاب قائلة بإيجاز :
, -أكيد !
,
, هتفت عواطف مودعة إياها بإمتنان :
, -فوتك بعافية يا ست جليلة !
,
, ردت عليها الأخيرة بلطف :
, -**** يعافيكي ويشفيك !
,
, ثم أشارت بحاجبيها لأسيف وهي تضيف بصوت هاديء:
, -وسلامتك يا بنتي !
,
, ردت هي عليها بصوت خافت :
, -**** يسلمك
,
, تابعت جليلة قائلة بتفاؤل :
, -إن شاء **** تطيبي قريب !
,
, اغتاظت نيرمين من ذلك الحوار الودي الدائر بينهما ، وهمست بغل :
, -إياكش تقع على بوزها وهي نازلة !
,
, تحركت بسمة أولًا في اتجاه الباب لتفتحه ، لكن تجمدت خطواتها عند العتبة حينما رأت منذر واقفًا أمامها.
, أردف قائلاً بصوت خشن :
, -سلامو عليكم !
, تراجعت للخلف ضاغطة على شفتيها وهي تقول :
, -وعليكم السلام
,
, تهللت أسارير نيرمين لوجوده ، وابتسمت ببلاهة وهي محدقة به.
, أخذت تهدهد ابنتها بحركات سريعة نسبيًا محاولة التحرك للجانب لرؤيته بوضـــوح.
, ابتسمت عواطف وهي تضيف بحرج قليل :
, -معلش يا بني ، هانتعب معانا ! إنت ملكش ذنب في الدوخة دي !
,
, رد عليها بجمود :
, -ولا دوخة ولا حاجة ، وقبل ما أنسى في موظف من الشهر العقاري جاي عندك البيت عشان توثيق العقود !
,
, هزت رأسها بتفهم وهي ترد بحذر :
, -طيب
,
, نظرت إليه أسيف من طرف عينها ، فقد فهمت المقصود من عبارته ، هو أراد ترديد الأمر على مسامعها ليؤكد لها أن تملك حصة عمتها بدكانها.
, اختنق صدرها من مجرد التفكير في الأمر ، ولم تعقب عليه.
, سلط هو أنظاره عليها مراقبًا ردة فعلها، لكنه أثار ريبته تجاهله له.
, تنحنح بخشونة ، ثم أضاف قائلًا بصوت آمر :
, -اتفضلوا !
,
, تنحى بعدها للجانب ليترك المجال لبسمة لتمر أولًا ، ثم انتظر خروج والدتها خلفها.
, تباطئت نيرمين في خطواتها لتصبح ملاصقة له ، وبالتالي تتمكن من التحرك معه ، لكنه استدار برأسه ناحيتها ليرمقها بنظرات جافة وهو يقول بصرامة :
, -اتفضلي ! السكة واسعة !
,
, ضاقت نظرات نيرمين نحوه ، وتلاشت ابتسامتها من وجهها ليحل التجهم عليه.
, كانت كمن ينفث دخانًا من أذنيه وهي تلحق بأختها وأمها.
, عرجت أسيف بقدمها اليسرى أثناء خروجها من المنزل محاولة استباقهما بخطواتها المتآلمة.
, أوقفها منذر مرددًا بجدية :
, -رايحة فين ؟
,
, رفعت أنظارها لتحدق فيه بغرابة :
, -نازلة !
,
, زاد عبوس وجهها وهي تضيف بتهكم ساخط:
, -اطمن ، أنا مش هاهرب ، معدتش عندي طاقة أعمل حتى ده !
,
, دنا منها بخطواته المفاجئة ، فارتعدت من اقترابه المهدد ، وانحنى فجــأة نحوها ممددًا ذراعه أسفل ركبتيها ، ومحاوطًا بالأخر خصرها ليحملها عنوة.
, اتسعت حدقتاها مصدومة من تكراره لتلك الفعلة الجريئة غير مكترث بمن حوله.
, وقبل أن تنفرج شفتاها لتهتف بإستنكار ، صـــاح قائلًا بهدوء واثق:
, -زي ما طلعتك هنزلك !
,
, توترت من حديثه الذي ألجم لسانها ، واكتسى لون بشرتها الذابل بحمرة دموية عجيبة.
,
, على الجانب الأخر أصبح وجــــه نيرمين ككتلة من الجمر المتقد على ألهبة نيران حامية حينما رأت هذا المشهد أمامها.
, شهقت مذهولة من تصرفاته المتجاوزة مع من تمقتها ، وزادت نظراتها الشرسة إليها.
,
, كزت على أسنانها بقوة حتى كادت أن تحطمهم من فرط العصبية المكتومة داخلها.
, في حين عقدت جليلة ما بين حاجبيها متعجبة من أفعال ابنها الغامضة ، وحدقت فيه بغرابة شديدة.
, وضعت إصبعيها أسفل ذقنها ، ودققت النظر إليهما وهي تحدث نفسها بحيرة :
, -**** ! ماله شاغل بيها باله ؟
,
, ارتابت من ابنها إلى حد كبير ، خاصة أنه بدا أكثر توددًا لتلك الفتاة عن ابنة عواطف التي تحثه على التفكير فيها.
,
, عقدت العزم على ألا تدع الأمر معلقًا دون أن تثيره معه لاحقًا ، ففي النهاية هي أم ، ومصلحة ولدها تعد شاغلها الأكبر والأهم ٣ نقطة!!
ذرعت الغرفة جيئة وذهابًا وهي تفرك كفيها بعصبية واضحة، فما حدث اليوم أمام أنظارها – خاصة مع رمز الرجولة الأصيلة عندها - دق ناقوس الخطر لديها.
,
, تجهمت تعابير وجهها ، وضغطت على شفتيها بقوة مانعة نفسها من إطلاق شتائم مهينة.
, استقبلتها أمها بترحاب كبير وكأنها لم ترتكب شيئًا بل أصرت على بقائها في أحضانها اليوم ، وغفت معها في غرفته .. ذلك المكان الذي تمنت أن تنام هي فيه بدلًا منها.
,
, التفتت نيرمين لتنظر لأختها الغافلة على الفراش بحدة قبل أن تجلس على طرف الفراش الأخر.
, همست لنفسها بغل واضح :
, -جيتها المرادي هتجيب علينا الخراب!
,
, زفرت بعدها بغيظ بائن ، فمازالت أسيف تستحوذ على كل شيء منذ أن وطــأت قدماها بيتهم المتواضع.
, هي ببراءتها الساذجة تنجح دومًا في سلب العقول ، وجذب الانتباه ، وما أكثر من حنقها نحوها أن الجميع يعيرونها الاهتمام حتى لو بدت طائشة حمقاء.
,
, انتبهت لصوت بسمة الناعس وهي تقول:
, -ارحمي نفسك ونامي
,
, ردت عليها نيرمين بحقد :
, -مش جايلي نوم ، هاموت من البلوى اللي حلت علينا ؟
,
, تساءلت بسمة بنبرة متثاقلة :
, -قصدك على أسيف ؟
,
, صاحت بها نيرمين بصوت محتد :
, -ماتنطقيش اسمها قصادي ، بأتعصب لما بأسمعه ، كان نفسي تغور في داهية ومانشوفش خلقتها تاني !
,
, أضافت بسمة بجدية :
, -هي مش رجعت خلاص ، وأمك ماسكة فيها بإيدها وسنانها ، يعني انسي انها تسيبها وتمشي !
,
, ردت عليها نيرمين بحنق بارز في نظراتها الضيقة ونبرتها الحادة :
, -وده اللي فاقعني ، على ايه مش عارفة ، دي حي**** مكملتش كام يوم عندنا ، خلاص بقت فرخة بكشك عندها
,
, تثاءبت بسمة وهي ترد :
, -حكمة **** !
,
, نفخت نيرمين متابعة بغيظ أكبر :
, -أووف ، هاطق من جنابي منها
,
, ردت عليها بسمة ببرود إلى حد ما :
, -بصراحة من اللي بتعمليه قصادي ده اللي هايحصلك !
,
, أضافت نيرمين قائلة بغل وهي تكور قبضتها في الهواء :
, -آآخ لو أطبق في زمارة رقبتها ، آه لو أتساب عليها !
,
, حدقت بسمة في أختها بنصف عين ، ورأت مدى العصبية المتشنجة الواضحة على تعابير وجهها وتصرفاتها ، فحذرتها قائلة :
, -صدقيني انتي لو تهدي حبة وتخليكي باردة هترتاحي
,
, التفتت نيرمين برأسها ناحيتها ، وحدجتها بنظرات حانقة وهي ترد بتبرم :
, -انتي هبلة ومش فاهمة حاجة من اللي بتحصل حواليكي! نقطينا بسكاتك يا بسمة ونامي أحسن ٤ علامة التعجب
,
, تمطت بسمة بذراعها وهي تتابع بإنهاك :
, -طيب يا أم العريف ، هانام لأحسن مصدعة على الأخر !
,
, زفرت أختها مجدداً هاتفة بزمجرة عالية :
, -يووه ، اسكتي ، أصلًا انتي جبتلي صداع ! وأنا على أخري
,
, ردت عليها بسمة بعدم اقتناع :
, -أنا برضوه ولا آآ٣ نقطة
,
, قاطعتها قائلة بغضب جم :
, -يووه يا بسمة ، ابعدي عني السعادي ، كفاية عفاريت الزفتة دي اللي بتتنطط قصادي !
, ٣٨ نقطة
,
, استسلمت لرغبتها المُصرة على نومها معها ومشاركتها الفراش ، كانت متحرجة من وضعها الحالي ، لكن لعطف عمتها اللامحدود ، وطيبتها الزائدة رضخت لتوسلاتها.
, مسدت عواطف على رأسها برفق متمتمة بكلمات متضرعة للمولى :
, -ألف حمد وشكر ليك يا رب ، الحمد**** إنك رجعتي تاني يا بنتي ، **** ما يحرمني من دخلتك عليا أبدًا!
,
, استمعت أسيف إلى أغلب دعائها ، وبكت في صمت متأثرة
, بروحها النقية التي ذكرتها بأبويها الراحلين. كانا دائمي الدعاء لها ، لم ينقطع لسانهما عن مناجاة **** من أجل تيسير أمورها ..
, واصلت إدعاءها بالنوم حتى غفت وهي تضمها إلى صدرها.
, ٣٠ نقطة
,
, انتظر بفـــارغ الصبر انقضـــاء ساعات الليل لكي يعود إلى منزله بعد أن تمكن التعب منه ..
, ورغم حرصه على عدم إزعـــاج من بالبيت وتفضيله البقاء بالخــارج إلا أنه قد أرهق تمامًا ، وأصبح بحاجة ملحة للإسترخاء والنوم ، لذلك قرر العودة إليه..
, ولج ديــــاب إلى المنزل بهدوء حذر ، وســار بخطوات هادئة نحو غرفة ابنه يحيى. فقد ظن أن غرفته ربما تكون مستغلة من قبل ضيوفهم.
, أوصد الباب خلفه بهدوء ، ودنا من فراشه بحرص شديد.
, انحنى على رأس صغيره ليقبله بحنو أبوي كبير ، ثم التفت برأسه لينظر إلى أروى التي نامت إلى جواره.
, مسح على جبينها برفق ، ودثرهما جيدًا قبل أن يعتدل في وقفته ، ويلقى بثقل جسده على الأريكة.
, رفع ساقه للأعلى لينزع حذائه من قدمه، وكرر الفعلة مع الساق الأخرى.
, فرك وجهه بتعب ، وتمط بذراعيه في الهواء. ثم نهض من جلسته ليتجه نحو الشرفة. حرك عنقه للجانبين ليخفف من حدة ذلك التيبس الخفيف الذي شعر به.
, تثاءب بتعب وهو يفتح الشرفة ليلج للخارج. ضربت نسمة باردة ومنعشة صدغيه فإرتعش قليلًا.
, أغلق الباب خلفه بهدوء ، وسحب المقعد ليجلس بإسترخاء تام عليه قبل أن يغمض عينيه ليستسلم لسلطان النوم.
, ٢٨ نقطة
,
, لم تتمكن من النوم جيدًا ، فتغيير الفراش يسبب لها أزمة ، هي إعتادت على ما يخصها ، وحينما تضطر للنوم خارج منزلها تصاب بالأرق.
, رفعت رأسها عن الوســادة ، وأدارت رأسها في اتجاه أختها التي غطت في نوم عميق رغم حالة الانفعال التي كانت مسيطرة عليها.
, فركت كتفيها بيديها ، ونهضت عن الفراش لتتجه إلى الشرفة ، أردات أن ترى المنظر العام من الأعلى في تلك الساعة المبكرة.
, لم يطرأ ببالها أن الشرفات الخاصة بغرف الصغار متصلة ببعضها البعض ، وبالتالي لم تتوقع وجود أحد بالخـــارج ..
,
, وضعت يدها على شعرها المفرود ، ومشطته بأصابعها لتجمعه سويًا ، ثم ولجت للخـــارج.
, اقتربت من حافة الشرفة ، واستندت بمرفقيها عليها.
, تثاءبت بسمة بصوت شبه مسموع وهي مسلطة أنظارها على الطريق بالأسفل.
,
, فتح ديـــاب جفنيه على صوت تلك الحركات الخافتة الصادرة من الغرفة المجاورة.
, كان متأهبًا لكنه لم يصدر صوتًا. تفاجيء بخروجها للشرفة بأريحية كبيرة دون إدراك منها لوجوده.
, ارتفع حاجباه للأعلى ، واستشعر الحرج لتكرار تلك المواقف الخجلة بينهما.
,
, تردد لوهلة في تنبيهها لوجوده معها ، وأخفض نظراته وهو يستطرد حديثه قائلاً بجدية :
, -على فكرة البلكونة مش تبع البيت ، دي حتة من الشارع !
,
, انتفضت بسمة في مكانها فزعـــة من صوته ، وتسارعت دقات قلبها بخوف شديد وهي تلتفت نحوه ، لكنها سريعًا ما استعادت هدوئها ، وضبطت أنفاسها وهي ترمقه بنظرات مزعوجة من طريقته في الحديث.
,
, أرادت أن تبدو جلدة متبلدة أمامه حتى لا يفرض سخافاته عليها ، فقطبت جبينها ، وردت عليه بعبوس قليل :
, -هو ممنوع نقف فيها ولا حاجة ؟
,
, هز رأسه نافيًا وهو يجيبها بهدوء :
, -لأ .. خدي راحتك !
,
, ولكن ضاقت نظراته نحوها ، وهتف متساءلًا بنبرة ذات مغزى :
, -بس انتي مش محجبة باين ؟
,
, كتفت ساعديها أمام صدرها وهي ترد بتهكم:
, -أكيد يعني ، انت فاكر ايه ؟
,
, أومــأ بعينيه مرددًا بإبتسامة متسلية :
, -طب تمام ، أصل أنا شايف شعرك كله !
,
, شهقت مصدومة من عبارته الأخيرة، ووضعت يديها عفويًا على رأسها محاولة تغطيته.
,
, أدركت أنها خرجت بدونه ، وتصرفت بتلقائية تامة فلم تتخذ حذرها.
, توردت وجنتيها إلى حد ما من حرجها ، وابتلعت ريقها بتوتر بائن
, أولته سريعًا ظهرها ، وركضت عائدة للداخل لتوصد باب الشرفة خلفها.
, اتسعت ابتسامته الساخرة من طريقتها الخرقاء في التصرف برعونة في بعض المواقف ، وتمتم مع نفسه بمزاح :
, -إنتي حالة عجيبة!
, ٣٨ نقطة
,
, توترت أكثر ، وتوردت وجنتيها بعد ذلك الموقف الحرج الذي تعرضت له معه.
, تسمرت بسمة في مكانها لعدة للحظات محاولة استيعاب ما دار قبل دقائق.
, كانت في موقف قوة ، مستعدة للجدال معه إن لزم الأمر ، لكنه فرض سيطرته على الوضع كليًا ، وخرجت هي منه متخاذلة خالية الوفـــــاض.
, أمسكت بالستائر وغطت بها زجاج الشرفة لتظلم الغرفة من جديد ، وضربت برأسها عليه عدة مرات معنفة نفسها بتبرم:
, -انا غبية ! ازاي ماخدتش بالي !
,
, ألقت بجسدها على الفراش ، وسحبت الملاءة فوقها لتدفن نفسها أسفلها لاعنة تصرفها الأحمق.
, ٣٨ نقطة
,
, انقضى الليل ، وأشرق نهار أخــــر معلنًا عن يوم جديد في حياة الجميع.
, استعدت عواطف للعودة إلى منزلها، وبالطبع لم تتركها جليلة لا هي أو حتى ابنتيها – وكذلك ابنة أخيها – دون القيام بأخـــر واجبات الضيافة معهن.
, تحرجت بسمة من الخروج من الغرفة ، وأثرت البقاء بها حتى لحظة انصرافهما متحاشية الالتقاء بدياب.
, هو لم يكن واعيًا ليقابلها ، فقد غفا في غرفته حينما تأكد من خلوها من الضيوف.
, على عكسه بقي منذر بالوكالة حتى الصباح ، وحينما تأكد من استيقاظ الجميع ، هاتف والدته قائلًا بجدية :
, -أنا هاوصلهم بعربيتي ، خليهم بس يجهزوا وكلميني !
,
, ردت عليه بلطف :
, -وماله يا منذر ! يخلصوا فطـــار وهاطلب عليك !
, -ماشي!
,
, وبالفعل ما إن انتهت جميعهن من تناول الإفطار حتى اتصلت بابنها لتؤكد عليه استعدادهن.
, لم يحتاج لأي وقت للوصــول ، فقد مكث أسفل المنزل منتظرًا تلك المكالمة.
,
, تعاملت نيرمين بجفاء شرس مع ابنة خالها ، لم تكن تطيق وجودها حولها ، وظلت ترمقها بحدة رغم تجنب الاثنتين للحديث معًا.
, لفت عواطف ذراعها حول خصر أسيف مرددة بسعادة :
, -أنا فرحانة إنكم حواليا ، **** يديمكم نعمة في حياتي
,
, ردت عليها جليلة بود وهي تمرر أنظارها على الثلاث شابات :
, -يا رب يا عواطف ، و**** إنتي **** بيحبك ورزقك بشوية بنات زي السكر !
,
, هتفت نيرمين بحماس محاولة كسب ودها أكثر :
, -كان بودنا يا خالتي نقعد معاكي أكتر ، بس مايصحش نتقل عليكم أكتر من كده ، كفاية إن سي منذر نام برا ، وآآ.. ودياب كمان !
,
, ثم اقتربت منها لتقبلها بحنو زائد لكنه مصطنع.
,
, ردت عليها جليلة بمكر وهي تمسح على ظهرها برفق :
, -يا ريت تتقلوا ، هو أنا عندي أعز منكم !
,
, رسمت نيرمين على ثغرها ابتسامة متكلفة وهي ترد :
, -**** يخليكي لينا يا رب!
,
, أضافت جليلة قائلة بجدية :
, -عاوزة أشوف البنات تاني يا عواطف ، وخصوصًا الكتكوتة دي !
,
, ثم أشارت بعينيها نحو الرضيعة.
, تحمست نيرمين كثيرًا لترحابها الشديد بها ، وردت بسعادة:
, -و**** دي ما شافت نوم ولا راحة إلا هنا ، البركة موجودة في كل حتة في البيت !
,
, وضعت جليلة يدها على رأس الرضيعة ، ومسحت بحذر شديد عليها قبل أن تنحني برأسها عليها لتقبلها برفق وهي تقول :
, -**** يحميهالك !
,
, أضافت عواطف هي الأخرى بإبتسامة مجاملة :
, -يا رب أمين ، تسلمي على ذوقك !
,
, التفتت جليلة برأسها نحو بسمة ، ثم قالت بألفة :
, -وإنتي يا بسمة ، مش محتاجة وصاية ، العيال معتمدين عليكي في المذاكرة !
,
, أومــأت برأسها بالإيجاب قائلة بإيجاز :
, -أكيد !
,
, هتفت عواطف مودعة إياها بإمتنان :
, -فوتك بعافية يا ست جليلة !
,
, ردت عليها الأخيرة بلطف :
, -**** يعافيكي ويشفيك !
,
, ثم أشارت بحاجبيها لأسيف وهي تضيف بصوت هاديء:
, -وسلامتك يا بنتي !
,
, ردت هي عليها بصوت خافت :
, -**** يسلمك
,
, تابعت جليلة قائلة بتفاؤل :
, -إن شاء **** تطيبي قريب !
,
, اغتاظت نيرمين من ذلك الحوار الودي الدائر بينهما ، وهمست بغل :
, -إياكش تقع على بوزها وهي نازلة !
,
, تحركت بسمة أولًا في اتجاه الباب لتفتحه ، لكن تجمدت خطواتها عند العتبة حينما رأت منذر واقفًا أمامها.
, أردف قائلاً بصوت خشن :
, -سلامو عليكم !
, تراجعت للخلف ضاغطة على شفتيها وهي تقول :
, -وعليكم السلام
,
, تهللت أسارير نيرمين لوجوده ، وابتسمت ببلاهة وهي محدقة به.
, أخذت تهدهد ابنتها بحركات سريعة نسبيًا محاولة التحرك للجانب لرؤيته بوضـــوح.
, ابتسمت عواطف وهي تضيف بحرج قليل :
, -معلش يا بني ، هانتعب معانا ! إنت ملكش ذنب في الدوخة دي !
,
, رد عليها بجمود :
, -ولا دوخة ولا حاجة ، وقبل ما أنسى في موظف من الشهر العقاري جاي عندك البيت عشان توثيق العقود !
,
, هزت رأسها بتفهم وهي ترد بحذر :
, -طيب
,
, نظرت إليه أسيف من طرف عينها ، فقد فهمت المقصود من عبارته ، هو أراد ترديد الأمر على مسامعها ليؤكد لها أن تملك حصة عمتها بدكانها.
, اختنق صدرها من مجرد التفكير في الأمر ، ولم تعقب عليه.
, سلط هو أنظاره عليها مراقبًا ردة فعلها، لكنه أثار ريبته تجاهله له.
, تنحنح بخشونة ، ثم أضاف قائلًا بصوت آمر :
, -اتفضلوا !
,
, تنحى بعدها للجانب ليترك المجال لبسمة لتمر أولًا ، ثم انتظر خروج والدتها خلفها.
, تباطئت نيرمين في خطواتها لتصبح ملاصقة له ، وبالتالي تتمكن من التحرك معه ، لكنه استدار برأسه ناحيتها ليرمقها بنظرات جافة وهو يقول بصرامة :
, -اتفضلي ! السكة واسعة !
,
, ضاقت نظرات نيرمين نحوه ، وتلاشت ابتسامتها من وجهها ليحل التجهم عليه.
, كانت كمن ينفث دخانًا من أذنيه وهي تلحق بأختها وأمها.
, عرجت أسيف بقدمها اليسرى أثناء خروجها من المنزل محاولة استباقهما بخطواتها المتآلمة.
, أوقفها منذر مرددًا بجدية :
, -رايحة فين ؟
,
, رفعت أنظارها لتحدق فيه بغرابة :
, -نازلة !
,
, زاد عبوس وجهها وهي تضيف بتهكم ساخط:
, -اطمن ، أنا مش هاهرب ، معدتش عندي طاقة أعمل حتى ده !
,
, دنا منها بخطواته المفاجئة ، فارتعدت من اقترابه المهدد ، وانحنى فجــأة نحوها ممددًا ذراعه أسفل ركبتيها ، ومحاوطًا بالأخر خصرها ليحملها عنوة.
, اتسعت حدقتاها مصدومة من تكراره لتلك الفعلة الجريئة غير مكترث بمن حوله.
, وقبل أن تنفرج شفتاها لتهتف بإستنكار ، صـــاح قائلًا بهدوء واثق:
, -زي ما طلعتك هنزلك !
,
, توترت من حديثه الذي ألجم لسانها ، واكتسى لون بشرتها الذابل بحمرة دموية عجيبة.
,
, على الجانب الأخر أصبح وجــــه نيرمين ككتلة من الجمر المتقد على ألهبة نيران حامية حينما رأت هذا المشهد أمامها.
, شهقت مذهولة من تصرفاته المتجاوزة مع من تمقتها ، وزادت نظراتها الشرسة إليها.
,
, كزت على أسنانها بقوة حتى كادت أن تحطمهم من فرط العصبية المكتومة داخلها.
, في حين عقدت جليلة ما بين حاجبيها متعجبة من أفعال ابنها الغامضة ، وحدقت فيه بغرابة شديدة.
, وضعت إصبعيها أسفل ذقنها ، ودققت النظر إليهما وهي تحدث نفسها بحيرة :
, -**** ! ماله شاغل بيها باله ؟
,
, ارتابت من ابنها إلى حد كبير ، خاصة أنه بدا أكثر توددًا لتلك الفتاة عن ابنة عواطف التي تحثه على التفكير فيها.
,
, عقدت العزم على ألا تدع الأمر معلقًا دون أن تثيره معه لاحقًا ، ففي النهاية هي أم ، ومصلحة ولدها تعد شاغلها الأكبر والأهم ٣ نقطة!!