NESWANGY

سجل عضوية او سجل الدخول للتصفح من دون إعلانات

مكتملة منقول عربية فصحى أين المفر (للكاتبة خولة حمدي) ـ اثنان وثلاثون جزء 5/11/2023

ناقد بناء

مشرف قسم التعارف
طاقم الإدارة
مشرف
نسوانجي متفاعل
نسوانجي متميز
دكتور نسوانجي
أستاذ نسوانجي
عضو
ناشر قصص
نسوانجي قديم
إنضم
17 ديسمبر 2021
المشاركات
8,828
مستوى التفاعل
2,835
الإقامة
بلاد واسعة
نقاط
15,146
الجنس
ذكر
الدولة
كندا
توجه جنسي
أنجذب للإناث
١


رفع نبيل القاسمي سماعة الهاتف، و بدا على وجهه الارتياح وهو يستمع إلى صوت مخاطبه :
, ـ أهلا نجيب٣ نقطة نعم٣ نقطة نعم٣ نقطة لقد جهزت كل شيء لاستقبال ليلى٣ نقطة اطمئن٣ نقطة فراس؟٣ نقطة أعلم أنه شديد الحساسية٣ نقطة ربما لن
, يتقبل الأمر بسهولة في البداية، لكنني سأكون إلى جانبها٣ نقطة لا داعي للقلق٣ نقطة دعني أتصرف٣ نقطة
, في تلك اللحظة ترامى إلى مسامعه صوت منبه سيارة في الحديقة الخارجية للقصر٣ نقطة فتطلع من النافذة قبل أن يستطرد :
, ـ لقد وصلت السيارة٣ نقطة سأحدثك لاحقا٣ نقطة
, وضع السماعة و عدل سترته ثم خطا بثقة نحو البهو٣ نقطة
, توقفت سيارة رياضية فاخرة من صنع فرنسي أمام الباب الرئيسي للقصر، بعد أن عبرت الممر الطويل الممهد، المؤدي إلى البوابة الخارجية٣ نقطة نزلت الراكبة الوحيدة ليلى كامل في حركة رشيقة٣ نقطة تناولت حقيبة يدها ثم سلمت الخادم الذي تقدم إليها مفاتيح السيارة٣ نقطة ألقت نظرة فاحصة على الحديقة الخلابة فاسترعت انتباهها ورود حمراء آسرة جعلت ابتسامة خفيفة ترتسم على شفتيها، ثم استدارت لتتأمل واجهة المبنى الشامخ المنتصب أمامها، و قد لاحت في عينيها علامات الدهشة والإعجاب٣ نقطة لكنها ما لبثت أن ابتسمت في ثقة و هي تسوي حجابها و تقدمت بخطى ثابتة لتصعد درجات السلم الحجري المؤدي إلى المدخل٣ نقطة انحنى أمامها الخادم العجوز ثم سبقها إلى الداخل٣ نقطة
, كان بهو الاستقبال عبارة عن صالة فخمة ذات أثاث كلاسيكي قديم، وزعت قطعه بذوق و براعة في نظام جذاب٣ نقطة تتوسط القاعة زربية فارسية ذات رسوم و زخارف متناسقة، ألوانها شاحبة تحاكي ألوان الخريف٣ نقطة و في صدر المجلس تربعت أريكة ضخمة من خشب الأبنوس، خمنت على الفور أنها من طراز لويس الرابع عشر، تحيط بها مقاعد من نفس النوع، بنفس الزخرفة الثقيلة٣ نقطة و في المقابل كانت هنالك منضدة زجاجية متوسطة الحجم من الإبداع الصيني، لا تخطئ العين ألوانها المميزة٣ نقطة
, انجذبت عيناها تجاه مزهرية بلورية تراصت فيها نفس الورود الحمراء التي لمحتها منذ قليل في الحديقة، تضفي على جو القاعة رونقا فريدا٣ نقطة و على مساحة الحائط، امتدت لوحة فنية تمثل غابة كثيفة مظلمة في شتاء قارس٣ نقطة و على قدر ما أعجبت بالمهارة الفنية الواضحة في ثنايا اللوحة، على قدر ما أصابت قلبها بالوحشة و الوحدة و ذكرتها بوضعها٣ نقطة و بالأيام القليلة الماضية من حياتها٣ نقطة
, تنهدت في أسى و هي تستدير لتقع نظراتها على الجزء الثاني من البهو الذي كان مناقضا تماما للأول٣ نقطة أثاث عصري بسيط، ذو ألوان زاهية٣ نقطة بساط صغير بديع، و منضدة طويلة نسقت فوقها أعداد من التحف الصغيرة الظريفة، استقرت خلفها مرآة عاجية، طالعت فيها صورتها ثم ابتسمت في رضا و تألقت عيناها الكستنائيتان ببعض الغرور٣ نقطة
, على عرض الحائط المقابل توزعت لوحات صغيرة متناثرة تمثل مشاهد طبيعية مشرقة٣ نقطة
, ابتسمت ليلى و هي تلقي نظرة أخيرة على الجانبين و تلحظ في صمت المفارقات العجيبة التي اجتمعت في فضاء واحد٣ نقطة زوجان مختلفا المزاج؟ ربما٣ نقطة
, انتبهت إلى السيد نبيل الذي نزل للتو ووقف على بعد بضع خطوات منها يتأملها في صمت و على شفتيه ابتسامة ودودة٣ نقطة تقدمت منه، عانقته في حرارة متكلفة و تبادلا عبارات الترحيب٣ نقطة
, و ماهي إلا لحظات حتى سمعت ضوضاء قادمة من الطابق الأول،
,
, ثم ظهر شابان ينزلان الدرج في بعض الهرج٣ نقطة انضما إلى السيد نبيل و ليلى التي غضت بصرها في حياء٣ نقطة وقفا غير بعيد عنهما، و بادر السيد نبيل معرفا :
, ـ هذه ليلى٣ نقطة ابنة عمتكما نجاة٣ نقطة رحمها االله٣ نقطة و صديقي العزيز نجيب٣ نقطة تعلمان أنها ستقيم بيننا ـ طيلة فترة سفر والدها للإشراف على مشروعه الجديد ـ أرجو أن ترحبا بها جيدا٣ نقطة و تعتبراها مثل شقيقة لكما٣ نقطة
, ثم التفت إلى ليلى متابعا :
, ـ أرجو يا ابنتي أن تجدي راحتك بيننا٣ نقطة
, طالعها الشابان بنظرات متفحصة٣ نقطة كانت فتاة قد تجاوزت العشرين من عمرها بسنتين اثنتين، مليئة بالحيوية و متقدة الذكاء٣ نقطة تلمحه في نظراتها الهادئة، المتحدية، و ابتسامتها الرقيقة التي لا تفارق شفتيها٣ نقطة و لم يكن الجمال ليبخل عليها بقدر وافر منه٣ نقطة
, ـ هذا ابني الأكبر٣ نقطة ياسين٣ نقطة
, كان ياسين رجلا ضخم الجثة، فارع الطول متين البنيان، تظنه أحد المصارعين المحترفين. و بدا أنه قد تجاوز الثلاثين من عمره ببضع سنوات، تدل هيأته على حياة الرفاهية التي يعيشها دون عناء أو تكلف .
, انتبه ياسين، الذي كان يطالع ليلى بنظرات فاحصة، على صوت والده و هو يسأله :
, ـ أين زوجتك؟
, أجاب في امتعاض :
, ـ منال؟٣ نقطة أخذت رانيا و ذهبت في زيارة إلى بيت أهلها٣ نقطة
, هز السيد نبيل رأسه متفهما، في حين حنى ياسين رأسه في تحية باردة، دون أن تفارق عينيه تلك النظرة الجريئة :
, ـ أهلا ليلى٣ نقطة تشرفت بمعرفتك٣ نقطة
, طالعته ليلى في حذر و هي ترد الإيماءة بمثلها، في حين تابع نبيل :
, ـ و هذا أمين٣ نقطة ابني الأصغر٣ نقطة
, قاطعه أمين بحركة مفاجئة و هو يتقدم نحو ليلى و ينحني أمامها انحناءة عريضة، ثم يهم بالتقاط يدها على طريقة الجنتلمان في القرن التاسع عشر! لكن ردة فعل ليلى كانت أسرع من حركته، فسحبت يدها في حدة و ألقت عليه نظرة صارمة٣ نقطة
, لكن أمين ابتسم في لباقة، رغم الإحراج الذي تعرض إليه للتو، و تابع في غير اهتمام :
, ـ أعرفك بنفسي٣ نقطة أنا أمين٣ نقطة الابن الأصغر لعائلة القاسمي٣ نقطة وأنا الأكثر انطلاقا و مرحا في العائلة٣ نقطة يعرفني الجميع بلباقتي مع الجميلات و خبرتي في العلاقات الاجتماعية٣ نقطة طالب هندسة في الصف الثالث٣ نقطة أظن لا يهمك أن تعرفي إن كنت قد رسبت سنتين أو ثلاثا٣ نقطة على أية حال، يسرني وجودك بيننا٣ نقطة لا شك أنك لاحظت المحيط الرجالي الذي يسكن هذا البيت٣ نقطة و أرجو أن تضيفي إلى حياتنا نوعا من التغيير بعد أن أصابنا الروتين والملل٣ نقطة
, كان أمين فتى جذابا بأتم معنى الكلمة، و كان من الواضح أنه يدرك مدى وسامته خاصة حين يقف جنبا إلى جنب مع ياسين الذي كانت ملامحه عادية و خالية مما يثير انتباه الجنس الآخر٣ نقطة كما أن أمين كان لا يزال في بداية شبابه، لا يتجاوز عمره الأربع و العشرين سنة، و في نظراته الكثير من الثقة٣ نقطة والغرور!
,
, رمقه ياسين بازدراء في حين رماه نبيل بنظرة غاضبة أوقفته٣ نقطة
, أما ليلى فإنها اكتفت بإشاحة وجهها عنه و في عينيها الكثير من الاستغراب و الامتعاض. أما أمين فابتسم و هو يلوح بيده استهانة :
, ـ هل قمت بشيء غريب؟ لقد رحبت بابنة عمتي على طريقتي!
, ثم أضاف في صوت خافت، لكنه تناهى إلى مسامع ليلى :
, ـ لو كان فراس هنا٣ نقطة لكان الموقف أكثر إثارة٣ نقطة
, تسارعت دقات قلب ليلى و هي تسترجع ما ذكره لها والدها من معلومات عن العائلة٣ نقطة و من دون كل أفراد عائلة القاسمي، كانت متشوقة للقاء فراس٣ نقطة
, نظر أمين إلى الخادم العجوز بعد أن انصرف والده و قال متسائلا :
, ـ هل أخطأت يا عم صابر؟
, ابتسم العم صابر وهو يخفض رأسه في ارتباك و لم يجب
,
, قطع نبيل الصمت و هو ينادي الخادم من الغرفة الداخلية، حيث اختفى منذ لحظات :
, ـ صابر٣ نقطة احمل حقائب الآنسة إلى الغرفة المعدة لها٣ نقطة واتركها لتستريح قليلا٣ نقطة
, خرج الخادم ليحضر الحقائب التي كانت عند أسفل الدرج الحجري، و ما لبث أن عاد مسرعا و تقدم ليلى إلى السلم المؤدي إلى الطابق الأول، من حيث نزل ياسين و أمين قبل بضعة دقائق٣ نقطة
, تبعته ليلى في خطوات رزينة، تتبعها النظرات بانطباعاتها المختلفة٣ نقطة
, ٨ العلامة النجمية
,
, تقدمت ليلى في الممر المفروش بالزرابي و المزدان بالثريات متدلية من السقف. كانت الفوانيس الصغيرة و المتلاصقة تضفي على المكان ضوءا خافتا ذا لون أصفر ساحر٣ نقطة
, على الجانبين علقت صور لأفراد العائلة و رسومات حائطية٣ نقطة
,
, راحت تتأملها و هي تتبع العم صابر بخطوات هادئة٣ نقطة فجأة
, توقفت أمام صورة فتاة في مثل سنها تقريبا، أو تصغرها بسنوات قليلة٣ نقطة و بدا لها أنها تطالع صورتها هي، ليلى، منذ بضع سنين مضت! نعم، فالشبه بينهما مما لا يختلف فيه اثنان!
, تسارعت دقات قلبها و كست ملامحها تعابير غريبة، لم تدرك هي نفسها كنهها٣ نقطة لكنها سرعان ما تمالكت نفسها و سارعت الخطو لتلحق بالعم صابر الذي توقف أمام غرفة في نفس الممر٣ نقطة
, حين خطت إلى داخل الغرفة المعدة لها وجدت نفسها في عالم جديد غاية في الروعة٣ نقطة كان أول ما لفت نظرها هو ورق الجدران الأزرق السماوي المحلى برسوم رقيقة بيضاء. لون هادئ ومريح جعلها تبتسم في رضا و هي تتقدم لتضع حقيبتها على البساط. كان أثاث الغرفة في غاية الأناقة و البساطة٣ نقطة شديدة الاختلاف عن غرفتها السابقة، في منزلها٣ نقطة فراش كبير على الطراز الأمريكي الحديث، منضدة تحمل مختلف أنواع العطور وأدوات الزينة، مرآة عاجية، و مصابيح صغيرة ترسل نورا أزرق سماويا٣ نقطة و في الجهة المقابلة، صوان ملابس مصنوع من خشب الأرز الأبيض و مكتب صغير٣ نقطة و مع كل هذا، شرفة تطل على الحديقة! تأملت غرفتها "الخاصة" في انبهار، ثم ألقت بنفسها على السرير الوثير الناعم و تنفست الصعداء٣ نقطة أغلقت عينيها وغرقت في لجة أفكارها٣ نقطة كم ستبقى هنا يا ترى؟ أملها أن تنتهي رحلة والدها بأسرع ما يمكن و تعود لتسكن معه في بيتهما
, الصغير في فرنسا٣ نقطة
, لم تدرك كم مضى عليها من الوقت و هي مستلقية في تلك الوضعية المريحة و مستسلمة لأفكارها٣ نقطة لكنها انتبهت على صوت طرق خفيف على الباب٣ نقطة فتحت عينيها و استقامت في مجلسها.
, تناهى إليها صوت رجالي يقول :
, ـ ليلى٣ نقطة هل يمكنني الدخول؟
, فزعت و قامت لتسوي حجابها أمام المرآة و هي تتساءل : من؟
, ـ أنا أمين٣ نقطة هل أنت نائمة؟
, توجهت نحو الباب و فتحته ليطالعها وجه أمين المبتسم٣ نقطة كان قد ورث عن والده عينيه السوداوين العميقتين و شعره الأسود الناعم٣ نقطة و عن والدته المتوفاة البشرة البيضاء الصافية و الغمازة في الذقن، مع أنف مستقيم حاد٣ نقطة ملامحه تشي بالحدة والتحفز، لكنه بدا ودودا إلى أبعد الحدود٣ نقطة خطا إلى الداخل دون كلفة، في حين اتسعت عينا ليلى في دهشة و استهجان، لكنها لم تنطق بكلمة٣ نقطة
,
, نظر إلى الحقيبة التي كانت لا تزال في موضعها. جلس ببساطة على المقعد المواجه للمكتب واضعا ساقا على أخرى، و تكلم كمن يخاطب صديقا حميما :
, ـ أرى أنك لم تستقري في غرفتك بعد! فالحقيبة لم تفرغ٣ نقطة وأنت لم تغيري ثيابك٣ نقطة
, وقف برشاقة فارعا طوله ثم أجال بصره في الغرفة مضيفا :
, ـ أنت محظوظة لحصولك على هاته الغرفة٣ نقطة فهي كانت غرفة المالكة الأولى للقصر٣ نقطة زوجة أبي الأولى٣ نقطة والدة ياسين٣ نقطة
, صحيح أنه تم تجديد الأثاث، بالكامل تقريبا٣ نقطة لكن الغرفة تحافظ على طابعها الخاص و الغامض٣ نقطة
, كانت تجيل نظراتها في أرجاء الغرفة و هي توافقه في قرارة نفسها على غموض طابعها و رونقها الفريد من نوعه٣ نقطة نظرت إليه فجأة حين أحست بعينيه تستقران على وجهها في إصرار
, ـ لا أظنني سأقول شيئا جديدا عنك٣ نقطة لكنك يا ابنة عمتي في غاية الجمال!
, تراجعت مبغوتة من هذا الغزل الصريح فاستدرك متابعا :
, ـ أرجو أن لا تتضايقي من صراحتي٣ نقطة فقد اعتدت التعبير المباشر عما يجول في خاطري٣ نقطة
, اتسعت ابتسامته، أمام احمرار وجهها، و همس :
, ـ لا تتأخري عن موعد العشاء بعد نصف ساعة٣ نقطة أراك لاحقا!
, تقدم نحو الباب بمثل البساطة التي دخل بها٣ نقطة و قبل أن يتوارى عن ناظريها، أطل برأسه من فتحة الباب و همس :
, ـ فراس سيكون معنا على العشاء٣ نقطة كوني حذرة!
, وقفت للحظات مبهوتة٣ نقطة كانت تحس بالضيق٣ نقطة فمن الواضح أنها ستواجه الكثير من المتاعب حتى توقف أمين عند حده و تفرض عليه احترامها٣ نقطة ثم تاهت أفكارها في ملاحظته الأخيرة٣ نقطة لكنها ما لبثت أن هزت كتفيها في لامبالاة و شرعت في توضيب ملابسها في الصوان بتأن. غيرت ملابسها و غادرت الغرفة٣ نقطة و لم تستطع مقاومة رغبة ملحة في النظر ثانية لصورة الفتاة التي تشبهها المعلقة في الممر٣ نقطة
,
, نزلت درجات السلم في هدوء و هي تنظر إلى البهو من عل٣ نقطة
, فجأة توقفت حين طرق سمعها صوت نبيل و كان من الواضح أنه يخاطب أحد أبنائه :
, ـ أرجوك٣ نقطة انس الموضوع تماما٣ نقطة لا داعي لتعقيد الأمور أكثر من اللازم٣ نقطة فراس٣ نقطة كن واقعيا٣ نقطة كل شيء انتهى منذ 3 سنوات٣ نقطة و الغرفة منذ تلك الآونة شاغرة٣ نقطة فلماذا لا تسكنها ليلى؟
, جاء صوت فراس حادا، رغم محاولة صاحبه الجاهدة لتهذيبه :
, ـ لكنك تعلم أنني لا أريد ذلك٣ نقطة لا أريد ذلك! و مع هذا سمحت به٢ علامة التعجب
, ـ لقد أنهينا الموضوع سابقا٣ نقطة أليست 3 سنوات بكافية لتنسى تلك الحادثة؟
, بدا أن فراس يكاد ينفجر غاضبا٣ نقطة أو باكيا٣ نقطة أو كليهما معا :
, ـ أنسى؟؟٢ علامة التعجب و كيف يمكنني أن أنسى؟٢ علامة التعجب هل ما حدث شيء ينسى؟؟٢ علامة التعجب أنت تطلب المستحيل٣ نقطة
,
, تنهد نبيل في ضيق و هو يقول :
, ـ فلتعلم إذن بأنني تعمدت أن أفتح الغرفة من جديد لتقيم بها ليلى٣ نقطة لأجبرك على النسيان! آن الأوان لتعود إلى حياتك الطبيعية٣ نقطة
, ران صمت ثقيل لبعض لحظات قبل أن يقول فراس :
, ـ و لكنها ليست أي شخص٣ نقطة إنها أختها التوأم٣ نقطة
, قاطعه نبيل بصوت هادئ حمله شحنة من الحنان الأبوي :
, ـ من الأفضل أن تهدأ الآن٣ نقطة قد تصل ليلى في أية لحظة٣ نقطة
, أحست ليلى بالحرج حين سمعت اسمها و أدركت أن عليها الظهور فورا، لتضع حدا لهذا الحوار المتشنج٣ نقطة أخذت نفسا عميقا ثم واصلت طريقها محاولة التصرف بصفة طبيعية٣ نقطة و دلفت إلى غرفة الطعام المحاذية للبهو٣ نقطة
, توجهت إليها الأنظار حال وصولها. رمقها ياسين بنظرة جانبية، في حين أطلق أمين صفيرا طويلا معلنا عن إعجابه٣ نقطة أما فراس فقد رفع إليها عينيه في بطء، و ما أن توقف بصره على وجهها حتى تراجع في حدة٣ نقطة كأن شحنة كهربائية أصابته٣ نقطة ربت نبيل الذي كان يجلس قريبا منه على كتفه مشجعا، فوقف و توجه نحوها. وقف قبالتها و مد كفا مختلجة لمصافحتها٣ نقطة لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة و خبأ كفيه و راء ظهره و هو يهمس بصوت مبحوح جاد به حلقه في عناء شديد :
, مرحبا!
, و بسرعة عاد إلى مجلسه و لبث مطرقا و قد ازداد وجهه شحوبا .
, وقف نبيل و دعا ليلى إلى الجلوس قربه٣ نقطة قبالة فراس٣ نقطة
, بدت نظرات ياسين إليها بلهاء٣ نقطة أو أن ليلى وجدتها كذلك٣ نقطة
, فقد ظل يحدق فيها طوال فترة العشاء بصورة فظيعة! فتحاشت قدر الإمكان النظر إليه، و كان من حسن حظها أنه يجلس في طرف المائدة، إلى جانب فراس٣ نقطة في حين لم يتوقف أمين الذي كان يجلس إلى جانبها، قبالة ياسين، عن الثرثرة٣ نقطة فملأ الفراغ بصوته الجهوري :
, ـ أوه٣ نقطة ليلى! إنها مناسبة تستحق الاحتفال بالفعل، أليس كذلك؟
, لكن ماذا٣ نقطة صحنك لم يلمس بعد! يبدو أن طعام العم هاشم لا يعجبك٣ نقطة كلي أرجوك٣ نقطة فقد لا تتمتعين معنا كثيرا بعشاء هادئ، قبل أن يقرر أخي العزيز ياسين إقامة زوبعة بمشاكله التافهة التي لا تنتهي٣ نقطة تناولي قطعة السجق هذه٣ نقطة تبدو محمرة بصفة جيدة٣ نقطة بالمناسبة، تبدين أنيقة دائمة دون ماكياج٣ نقطة و من ذا الذي يفضل لوحة زيتية تحتوي على كل الألوان و الأصباغ!
, الطبيعة دائما أفضل من الأقنعة المزيفة، و أنا شخصيا أفضل الفتيات الفخورات بجمالهن الطبيعي دون غش٣ نقطة ألست محقا؟٣ نقطة
, فراس٣ نقطة فيم كنا نتحدث قبل قدوم ليلى؟ آه٣ نقطة نعم٣ نقطة أبي يعتزم أخذنا في عطلة نهاية الأسبوع لقضاء اليوم بأكمله في المزرعة٣ نقطة المكان رائع هناك و شديد الرومانسية٣ نقطة أراهن على أنك من محبي الطبيعة!
, كانت ليلى تحس بالغيظ الشديد من ملاحظاته الوقحة. ابتلعت قطعة أخرى من اللحم في صعوبة، و هي تلحظ الوجوم المخيم على الوجوه، عدا وجه أمين طبعا٣ نقطة الذي واصل قائلا :
, ـ ستستمتعين كثيرا٣ نقطة العم صابر أيضا يحب المزرعة٣ نقطة فقد غرس في المرة الماضية حوضا من الورود البرية الحمراء٣ نقطة
, حنان أيضا كانت تحب الورود الحمراء٣ نقطة
, أحست بأن الزمن توقف في تلك اللحظة، فقد توجهت الأنظار كلها إلى أمين الذي بدا عليه الارتباك، بما فيها عيني ليلى٣ نقطة
, توقفت حركة الأكل و لم يعد صوت الملاعق و الأشواك التي ترتطم بالصحون يسمع لمدة بضع ثوان٣ نقطة و أخيرا نطق أمين :
,
, ـ ألم يحدثك أحد عن حنان؟
, كان فراس إلى تلك اللحظة يحاول الحفاظ على هدوئه و نظراته المهذبة، مسيطرا قدر الإمكان على انفعالاته٣ نقطة و لكن ما إن نطق أمين بتلك الجملة حتى سقطت الشوكة من يده محدثة رنينا على الأرضية المجلزة٣ نقطة ثم انتصب واقفا و هو يمسح يديه في عصبية و غادر القاعة بخطى متوترة٣ نقطة نظر أمين حوله كالمتهم الذي يحاول دفع الشكوك عنه، ثم التفت إلى ليلى و استطرد مغيرا الموضوع :
, ـ هل تريدين شيئا من البيض؟ سيستاء العم هاشم إن لم تنهي طبقك٣ نقطة لم توقفت عن الأكل؟ خذي كأس العصير هذا٣ نقطة سينعشك٣ نقطة , خارج القائمة
 
  • عجبني
التفاعلات: wagih
٢


إنها ليلتها الأولى في القصر الكبير٣ نقطة مقر إقامة آل القاسمي٣ نقطة هكذا كانت تفكر بينها و بين نفسها و هي تقف في الشرفة المظلمة المطلة على الحديقة المترامية الأطراف٣ نقطة ترى هل ستمر على خير؟
,
, كانت قد أوصدت باب الغرفة و أطفأت الأنوار حتى لا يزعجها أحد٣ نقطة و خاصة أمين الفضولي! أوهمت الجميع بأنها نامت٣ نقطة و ظلت في الشرفة مستندة إلى الحائط في ركن حالك الظلمة٣ نقطة كان الهواء عليلا يلفح وجهها بنسماته الصيفية المنعشة٣ نقطة
, عادت بأفكارها إلى الأيام القليلة الماضية، حين فاتحها والدها في موضوع سفره العاجل من أجل مشروعه الجديد و إقامته التي قد تطول في أمريكا٣ نقطة عارضت و تمسكت و أصرت٣ نقطة لكن إصرارها لم يمنع والدها من تنفيذ الخطة التي قد قررها٣ نقطة و أعلن أنها ستسافر للإقامة عند خالها في الفترة المقبلة٣ نقطة
, حينها تساءلت في حيرة٣ نقطة خالها؟ أي خال هذا؟ كانت قد نشأت و شبت في هذه الدنيا و هي لا تعرف من أقاربها غير والدها و جدتها التي فارقت الحياة منذ بضع سنوات٣ نقطة و منذ ذاك الوقت و حياتها مرتبطة بوالدها ارتباطا وثيقا، فهو كل عائلتها٣ نقطة و مجرد التفكير في إمكانية العيش بعيدا عنه كانت تشعرها بالألم والصداع!
, أما و هو يقول بأن لها خالا في مكان ما من هذا العالم، فهو ما لم تكن تتوقعه في يوم من الأيام٣ نقطة و كان لا بد حينها أن يحدثها عن والدتها و عائلة والدتها٣ نقطة
,
, لم تستطع النوم في تلك الليلة٣ نقطة تماما كما لم تستطع أن تستسلم للنعاس في هاته الليلة٣ نقطة كانت تعلم أن والدتها توفيت منذ سنين٣ نقطة واختفت من حياتها و سنها لم يتجاوز السنوات الخمس٣ نقطة و هاهي تكتشف حقيقة ستغير تاريخ حياتها إلى الأبد٣ نقطة حقيقة أن والدتها لم تفترق عنها بسبب الموت، بل بسبب انفصالها عن والدها! ثم توفيت بعيدا عنها بعد سنوات من الانفصال، دون أن يُقَدَّر لهما الالتقاء ثانية، و دون أن تستشعر بقربها حنان الأمومة٣ نقطة و دون تفاصيل أكثر عن ظروف حياتها و أسباب اختفائها ثم وفاتها٣ نقطة
, و كانت المفاجأة الأكبر هي شقيقتها٣ نقطة لم تكن تعلم أو تتصور أن تكون لها شقيقة٣ نقطة فضلا على أن يكون لها توأم٢ علامة التعجب نعم٣ نقطة حنان٣ نقطة أختها التوأم التي افترقت عنها في سن الخامسة٣ نقطة فبعد انفصال الوالدين، اتفقا على أن يحتفظ كل منهما بإحدى البنتين! صفقة عادلة٣ نقطة أن لا يطالب أحد منهما الآخر بالحضانة و لا يطول الخلاف بينهما في المحاكم٣ نقطة فتتشوه سمعة سعادة السفير، و سليلة العائلة العريقة٣ نقطة
, عاشت ليلى مع والدها٣ نقطة و حنان مع والدتها٣ نقطة و لم تعلم إحداهما عن الأخرى شيئا٣ نقطة
, التي كانت تجهل عنها كل شيء تقريبا٣ نقطة
, كانت تعلم أن توأمها، حنان، كانت زوجة فراس منذ سنوات ثلاث٣ نقطة وهاهي تكتشف أنها كانت تقيم في هاته الغرفة نفسها قبل زواجها، والتي ظلت مقفلة طوال السنين الماضية استجابة لرغبة فراس، فقد كان يجد صعوبة في نسيان ذكرياته مع زوجته الراحلة التي تركته سريعا٣ نقطة
, راودها إحساس بالعطف تجاه فراس، و تساءلت في نفس الوقت٣ نقطة
, كيف كانت حنان يا ترى؟ يبدو أنها تشبهها في شكلها، فذلك واضح من الصورة المعلقة في الممر، و من ردة فعل فراس العصبية حين وقعت عيناه على وجهها ساعة العشاء٣ نقطة لكن كيف كانت طباعها؟ كيف هي شخصيتها؟ كانت في حاجة إلى معرفة المزيد عن ذاك الشخص القريب البعيد٣ نقطة توأمها التي لم تلتق بها أبدا مذ رحلت مع والدتها٣ نقطة وتأسفت لأنها لم تحمل عنها أية ذكريات٣ نقطة لا تذكر أنها شاركتها اللعب، أو أنها كانت معها في أي مكان من هذا العالم٣ نقطة و ربما كان سفرها المتواصل سببا في عدم وضوح ذكرياتها٣ نقطة إذ أنها لم ترتبط معنويا بأي مكان، عدا منزل جدتها الصغير٣ نقطة
, تنهدت في أسى و هي تصل إلى هاته النقطة من التفكير و سرحت في الحديقة شبه المظلمة و خيالات الأشجار المتمايلة٣ نقطة فجأة لفت انتباهها شيء يتحرك في طرف الحديقة. كانت ممرات الحديقة مضاءة،
, لكن الجوانب المعشوشبة كانت تفتقر إلى الإنارة في تلك الآونة من الليل، حيث من غير المتوقع أن يخرج أحد ما للنزهة٣ نقطة دققت النظر و بدا لها أن شبحا ما يتقدم في خفة و سرعة٣ نقطة شبح إنسان٣ نقطة محدثا حفيفا مكتوما أثناء مشيه على العشب الندي. تابعته في تحفز و قلق٣ نقطة و في لمح البصر كان قد وصل إلى أسفل البناية!
, لم يكن بإمكان ليلى أن تتابع حركاته من زاويتها تلك، لكنها كانت واثقة من أنه أخذ يتسلق الجدار!
, تسارعت دقات قلبها و تملكها الهلع٣ نقطة تسمرت في مكانها و قطعت أنفاسها محاذرة الإتيان بأية حركة تنبئ عن وجودها هناك في تلك اللحظة٣ نقطة مرت لحظات عصيبة على ليلى، قبل أن تسمع حركة آتية من الشرفة المحاذية٣ نقطة كان من الواضح أن الشبح نجح في القفز داخل الشرفة، و تمكن من فتح الباب المؤدي إليها، و غاب في الداخل في هدوء تام، بعد أن أعاد غلق الباب٣ علامة التعجب
, لبثت ليلى في موقعها مدة ليست بالقصيرة، و هي لا تعي ما الذي يجب عليها فعله، كأنها جزء من الجدار٣ نقطة لم تكن قادرة على الحركة، فقد تجمدت أوصالها من الرعب٣ نقطة و تجمعت الدموع في مقلتيها٣ نقطة و لكن٣ نقطة أين المفر؟
, استولى عليها القلق حين مرت فترة من الزمن دون أن يعاود الشبح الظهور، مع غياب أي مظهر من مظاهر الحياة٣ نقطة كاد الدم أن يتجمد في عروقها من الهلع. إنها ليلتها الأولى هنا٣ نقطة فهل ستمر على خير؟
, فجأة دوت صرخة اخترقت سكون الليل و اقتلعتها من مكانها اقتلاعا٣ نقطة
, هرولت إلى الداخل و ارتدت سترتها على عجل٣ نقطة لم تكن قد نزعت حجابها٣ نقطة ترددت للحظات، و لكنها سمعت حركة في الرواق فهبت لتفتح باب غرفتها، و في ثوان معدودة كانت تقف في الممر٣ نقطة كان باب الغرفة المجاورة مفتوحا و الأنوار مضاءة٣ نقطة لمحت ظلا طويلا في الداخل، أطلت في حذر٣ نقطة إنه أمين! و على الفراش كان فراس ممددا بلا حراك٣ نقطة نائم، أو فاقد للوعي٣ نقطة نظرت ليلى في ذهول و ظلت فاغرة فاها لوهلة٣ نقطة بادرها أمين مهدئا :
, ـ لا تقلقي٣ نقطة كان مجرد كابوس٣ نقطة
, همست ليلى في غير تصديق :
, ـ كابوس؟!
,
, تمتم أمين و قد ظهر على ملامحه التفكير :
, ـ ظننت أنه تخلص من تلك الكوابيس التي لازمته بعد وفاة حنان٣ نقطة
, همست ليلى من جديد :
, ـ هل هو بخير؟
, هز أمين رأسه و هو يتبعها إلى خارج الغرفة :
, ـ لا داعي للقلق، قلت لك، هو مجرد كابوس٣ نقطة لكنه كان يصرخ فاضطررت إلى إيقاظه٣ نقطة باستعمال بعض العنف٣ نقطة إنه هادئ الآن٣ نقطة سيكون أفضل في الصباح٣ نقطة
, في تلك اللحظة تذكرت ليلى الشبح! التفتت إلى أمين الذي أغلق الباب خلفه :
, ـ لكنني رأيت شبحا يتسلل إلى الشرفة٣ نقطة و يدخل هاته الغرفة!
, نظر إليها أمين و الشك يملأ نظراته :
, ـ شبح؟! لا شك أنك كنت تحلمين!
, هتفت ليلى في إصرار :
, ـ لم أنم بعد حتى أحلم! كنت واقفة في الشرفة و رأيت شبحا يعبر الحديقة و يتسلق الجدار و٣ نقطة
, قاطعها أمين و هو يقول مبتسما :
, ـ مجرد تهيؤات يا عزيزتي٣ نقطة أنت متعبة٣ نقطة و يلزمك قسط من الراحة بعد سفرك الطويل إلى هنا٣ نقطة هيا عودي إلى غرفتك٣ نقطة لقد تأخر الوقت٣ نقطة
, قاومت في البداية٣ نقطة لكنها انقادت أخيرا و عادت إلى غرفتها و قد سيطر عليها الذهول٣ نقطة
, ما الذي يحصل هنا؟
, أي كابوس هذا الذي جعل فراس يصرخ مثل تلك الصرخة؟
, والشبح الذي رأته يتسلل إلى الشرفة٣ نقطة هل يكون مجرد أوهام؟
, تملكها الفضول و الحيرة في آن٣ نقطة لم تستطع الخلود إلى النوم٣ نقطة
, النوم؟! من ذا الذي يستطيع النوم في ظروف كهذه؟
, عادت إلى الشرفة و قد قررت أن لا تبرحها٣ نقطة إنها متأكدة من رؤيتها للمتسلل منذ أقل من ساعة٣ نقطة
, حين ظهرت خيوط الفجر الأولى، انسحبت إلى الداخل و استلقت على فراشها في إرهاق٣ نقطة لكنها ما لبثت أن قامت في تكاسل لتأدية الصلاة٣ نقطة ثم ارتمت من جديد على الفراش، و نامت حتى الصباح٣ نقطة
, حين استيقظت، كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة٣ نقطة كانت لا تزال تحس بالتعب و بحاجة ملحة إلى النوم. تقلبت في مكانها و لفت الملاءة على جسمها من جديد٣ نقطة تذكرت أحداث الليلة الماضية ففر النوم من
, عينيها مباشرة٣ نقطة قفزت من مكانها و سارعت بتغيير ملابسها٣ نقطة كان يجب أن تتحدث إلى فراس!
, وقفت أمام الباب مترددة٣ نقطة هل تراه استيقظ؟ تشجعت أخيرا و رفعت يدها لتطرق الباب في لطف٣ نقطة جاءها الإذن بالدخول٣ نقطة لكنها أدارت المقبض و دفعت دفة الباب دون أن تخطو إلى الداخل٣ نقطة أطلت من الفتحة في حياء٣ نقطة كان فراس يجلس على طرف الفراش و هو لا يزال في ملابس النوم٣ نقطة نظر إليها في دهشة٣ نقطة فمجيئها إلى غرفته لم يكن متوقعا بالمرة! لكنه رسم على شفتيه ابتسامة مغتصبة، بدا فيها التعب و الضيق و وقف لاستقبالها. لم يكونا قد تبادلا غير كلمة واحدة مذ جاءت إلى هنا، و بدا على وجهه الإعياء و هو ينظر إلى وجهها٣ نقطة
, ذاك الوجه الذي يثير لديه ذكريات بعيدة٣ نقطة
, تعثرت كلماتها و هي تتمتم في خفوت :
,
, ـ كنت أود٣ نقطة الاطمئنان على حالتك٣ نقطة الصحية٣ نقطة بعد٣ نقطة حادثة
, البارحة٣ نقطة
, رفع حاجبيه في دهشة :
, ـ حالتي الصحية؟ حادثة البارحة؟
, لبث متفكرا للحظة ثم هتف و هو يبتسم :
, ـ آه٣ نقطة شكرا لمجيئك٣ نقطة و آسف على الازعاج٣ نقطة يبدو أنني تسببت في إيقاظك٣ نقطة
, كان يبتسم، ابتسامة هادئة، مختلفة عن ابتسامته الأولى المتكلفة، و إن لم تخل من مرارة٣ نقطة يحاول أن ينسى أو يتناسى أنها شقيقتها٣ نقطة توأمها. ابتسمت بدورها، و همت بأن تسأله عن الشبح٣ نقطة لكن تناهى
, إلى مسامعهما لغط و وقع أقدام قادمين من طرف الممر٣ نقطة و ما لبث أمين أن ظهر رفقة فتاة شابة، في مثل عمر ليلى تقريبا أو تكبرها ببضع سنوات٣ نقطة ذات جمال و أناقة ملحوظين إضافة إلى زينة متبرجة و شعر طويل مصبوغ منسدل على كتفيها٣ نقطة
, فجأة توقفت الفتاة عن السير و تسمرت مكانها و هي تطالع ليلى في ذهول. سحبها أمين من ذراعها على الفور و هو يقول متضاحكا :
,
, ـ إنها ليلى التي كنت أحدثك عنها منذ لحظات٣ نقطة شقيقة حنان٣ نقطة
, لكن الفتاة همست في صوت غير مسموع :
, ـ لكنك لم تقل أنها نسخة منها!
, ضحك أمين من جديد و هو يضيف :
, ـ نعم٣ نقطة شقيقتها التوأم٣ نقطة
, ثم التفت إلى ليلى و قال و هو يقدم الفتاة التي تصاحبه :
, ـ ليلى٣ نقطة هذه رجاء٣ نقطة ابنة خالتي٣ نقطة
, مدت ليلى كفها لتصافح رجاء التي تلقت كفها في برود ظاهر ثم تجاوزتها مندفعة نحو فراس الذي كان لا يزال واقفا عند الباب٣ نقطة
, سارعت إليه و أمسكت بكفه بين يديها و هي تقول في نعومة :
, ـ فراس٣ نقطة عزيزي٣ نقطة كيف حالك؟ هل أنت على ما يرام؟٣ نقطة أخبرني أمين أن الكابوس عاودك الليلة الماضية٣ نقطة
, سحب فراس يده في هدوء و أخفاها خلف ظهره و هو يقول :
, ـ أنا بخير٣ نقطة أنا بخير٣ نقطة
,
, واستدار ليغيب داخل غرفته. لكن رجاء طاردته في إصرار، و همست و هي تقفز أمامه و تتحسس وجهه بأطراف أصابعها :
, ـ فراس عزيزي٣ نقطة أعلم أنك متضايق٣ نقطة و كل هذا بسبب شبيهة حنان٣ نقطة أعلم أن وجودها يسبب لك المتاعب٣ نقطة
, أبعد يديها عن وجهه في صرامة أكبر و هو يقول في حزم :
, ـ رجاء قلت لك أنني بخير٣ نقطة لا داعي إلى مثل هاته التعليقات٣ نقطة
, لم يكن الموقف يسمح بوقوف ليلى أكثر مما فعلت فاندفعت في اتجاه الدرج٣ نقطة لحقها أمين في سرعة و هي لا تزال في الممر .
, ـ ليلى٣ نقطة
, وقفت دون أن تلتفت و هي تقاوم العبرات التي تجمعت في مقلتيها دون سابق إنذار. واجهها أمين و هو يبتسم في ود و قال :
, ـ اعذريها٣ نقطة إنها لا تعي ما تقول٣ نقطة فحنان كانت غالية علينا جميعا. و فقدانها كان صدمة كبيرة، و خاصة بالنسبة لفراس٣ نقطة فليس من الهين على المرء أن يفقد زوجته و هي في عمر الزهور٣ نقطة
, ابتسمت ليلى في عناء ثم هزت رأسها في تفهم :
, ـ نعم٣ نقطة أكيد٣ نقطة , خارج القائمة
 
  • عجبني
التفاعلات: wagih
٣


أمضت بقية الفترة الصباحية في عملية التعرف على أرجاء القصر٣ نقطة فعرفت أن غرفة فراس هي الغرفة الملاصقة لغرفتها في حين كانت قبالتها غرفة أمين. أما ياسين و السيد نبيل فيقيمان في الطابق العلوي. في الأثناء كانت رجاء تلازم فراس. و لم تجازف ليلى بالاقتراب منهما حين لمحتهما يجلسان في الصالة العلوية. أمضت الكثير من الوقت في الحديقة، خاصة بعد أن انصرف كل من ياسين و خالها إلى أعمالهما٣ نقطة و بعد الغداء، جاء سائق رجاء لأخذها، فتنفست ليلى !الصعداء
,
, لكنها في نفس الوقت كانت تشعر بالملل٣ نقطة فليس هنالك فتاة أو امرأة تحادثها٣ نقطة ليس هنالك غير أمين، الذي لم يتوقف عن عرض خدماته! أما فراس، فما إن تخلص من صحبة رجاء حتى عاد إلى غرفته و لم يظهر طيلة فترة ما بعد الظهر. ياسين و السيد نبيل يغيبان طوال اليوم في الشركة٣ نقطة و فراس الذي يستعد للانتقال إلى عيادته الخاصة لم يذهب اليوم إلى المستشفى لإحساسه بالتعب بعد ليلة
,
, ٣ نقطةالبارحة المضطربة
, صعدت أخيرا إلى غرفتها و إحساسها بالملل يقتلها٣ نقطة تناولت مصحفها و جلست تقرأ بصوت خافت٣ نقطة شعرت براحة كبيرة٣ نقطة دعت بخشوع من أجل سرعة عودة والدها و نجاحه في صفقته. لم يتصل بها اليوم٣ نقطة
, كان قلقها يتزايد لأنه ليس من عادته أن يغيب عن ناظريها كل هذه ٣ نقطةالمدة
, أزاحت الستار و هي تتنهد في قوة. فتحت باب الشرفة و استقبلت النسيم و هي تغمض عينيها في انشراح. تقدم بضع خطوات و استندت بمرفقيها على جدار الشرفة و سرحت بعيدا٣ نقطة كم تحتاج إلى الاتصال بالعالم الخارجي. لا أحد يفهمها مثل صديقتها المقربة سحر التي تركتها في فرنسا. لم تحصل على اشتراك هاتفي بعد، كما أنها تفتقد كثيرا الشبكة العنكبوتية منذ وصولها٣ نقطة يجب أن تطلب من خالها إمدادها بكل هاته الاشتراكات٣ نقطة ! خاصة إن كانت فترة إقامتها ستطول
, كان فراس يجلس في شرفته ذاك العصر و قد احتضن مجلدا ضخما، من كتبه الطبية بالتأكيد! كان يريد أن يتجاهل ذاك الكم الهائل من الذكريات التي هاجمت عقله فجأة٣ نقطة حاول أن يشغل نفسه بالقراءة، لكنه كان يفقد تركيزه بسرعة و تأخذه أفكاره بعيدا٣ نقطة إلى حنان!
, اجتاحه إحساس بالضيق و الألم٣ نقطة ثلاث سنوات مرت و هو غير قادر على تجاوز الذكرى، غير قادر على استعادة التوازن في حياته٣ نقطة تلك الحادثة غيرت الكثير في نفسه، غيرته بلا رجعة٣ نقطة الكل لاحظ ٣ نقطةعصبيته الزائدة، بروده و انطواءه
, فجأة، انتبه حين طرق مسامعه تنهيدة عميقة، و ما لبث أن رأى خيالها يظهر في الشرفة المجاورة٣ نقطة تقدمت أمام عينيه و هي تستقبل النسيم البارد دون أن تنتبه إلى وجوده٣ نقطة تعلقت عيناه بجانب وجهها الذي
, يظهر من زاويته، و تداخلت المشاعر في نفسه٣ نقطة حنان؟ لا٣ نقطة إنها ليلى! تمالك نفسه بصعوبة وسيطر على دمعة أوشكت أن تتسلل إلى طرف عينه٣ نقطة لشد ما تعذبت روحه في كل مرة يقع نظره على صورة لها، لكن أن يراها أمامه بهذا الشكل "الحقيقي" فهو ما لا يقدر على تحمله٣ نقطة
, أغمض عينيه في قوة ليطرد طيفها،
, ٣ نقطةوضع رأسه بين يديه و تنهد في ألم
, في تلك اللحظة انتبهت ليلى إلى أنفاسه التي تتردد بقوة غير بعيد عنها، التفتت في سرعة و لمحته على تلك الحالة، يضغط على رأسه : بكلتا يديه في ألم واضح و قد تغيرت ملامحه
, ـ فراس٣ نقطة هل أنت بخير؟
, رفع رأسه في اضطراب٣ نقطة كان قد نسي وجودها للحظات٣ نقطة بدا عليه أنه لم يستوعب الموقف بعد٣ نقطة : جاءه صوت ليلى ثانية
, ـ هل أنت بخير؟
, إنه متأكد من أن الصوت لم يكن صوتها٣ نقطة النبرة مختلفة! ارتبك،
, وقف فجأة فسقط الكتاب الذي كان في حضنه٣ نقطة نظر إليها نظرة : أخيرة، و همس في ذهول
, ٣ نقطةـ أنا آسف
, ٣ نقطةثم سارع بالدخول إلى غرفته، تاركا ليلى في حيرة و قلق
,
, ٧ العلامة النجمية
, انتبهت ليلى على نقر خفيف على باب غرفتها. كانت قد عادت إلى الداخل بعد اختفاء فراس من الشرفة، و لبثت تقطع الغرفة جيئة وذهابا في قلق واضح٣ نقطة كان جليا بالنسبة إليها أنه لم يكن على ما يرام٣ نقطة لم يكن الطرق شبيها بطرقات أمين الموقعة. عقدت حاجبيها في تساؤل : من يكون القادم في مثل هاته الساعة؟
, : اقتربت في خفة من الباب و هتفت بصوت رقيق
, ـ من هناك؟
, .أجابها صوت أنثوي غريب
, ـ ليلى٣ نقطة هلا فتحت؟
, تهللت ليلى فرحا طالما كان الصوت أنثويا و هرعت لتفتح الباب، وقد أدركت من الطارق مسبقا. طالعتها امرأة شابة تقترب من الثلاثين،
, ترتدي ثوبا محتشما أنيقا و قد ألقت على رأسها غطاء دون اهتمام، يكشف عن مقدمة شعرها. استقبلتها بابتسامة واسعة و احتضنتها في : حرارة و هي تقول
, ـ أهلا بك٣ نقطة كيف حالك؟ أنا منال٣ نقطة زوجة ياسين٣ نقطة و هذه رانيا ٣ نقطةابنتي
, اتسعت ابتسامة ليلى حين انتبهت إلى الكائن الصغير الذي يمسك بطرف ثوب منال و يتطلع إليها بعينين بريئتين و ابتسامة مترددة. انحنت بسرعة لتقبل الفتاة الصغيرة التي يبلغ عمرها 4 سنوات وحسب و.
, ربتت على رأسها في حنان
, تخلصت رانيا من حضن ليلى في سرعة واختفت خلف والدتها في خجل٣ نقطة لكنها ما لبثت أن أطلت في فضول، فلم تتمالك ليلى نفسها أن .أطلقت ضحكة صغيرة على شكل الفتاة المضحك
, ـ سلمي على الخالة ليلى٣ نقطة ٣ نقطة هيا رانيا
, عادت الفتاة لتختفي من جديد في ارتباك و غمغمت و هي تدفن وجهها : في ثوب والدتها
, ٣ نقطةـ مرحبا خالة ليلى
, : ضحكت ليلى و منال من جديد ثم قالت منال
, ـ كنت في زيارة لمنزل والدي و لم أعلم بوصولك إلا الآن، من العم صابر٣ نقطة أرجو أن لا يكون الملل قد أصابك في هذا القصر الكبير، !حيث الكل منشغل عن غيره
,
, !ابتسمت ليلى و قد وجدت من يشاركها همومها
, ـ نعم، فأنا لم أسجل في الجامعة بعد لإتمام المرحلة الثالثة من !دراستي٣ نقطة و حين ينشغل كل بأعماله أجد نفسي وحيدة بلا عمل
, ـ لا تقلقي٣ نقطة فأنا متفرغة لك كليا٣ نقطة انقطعت عن العمل منذ أنجبت ٣ نقطةرانيا
, : سألتها ليلى و هما تتوجهان نحو الصالة العلوية في نفس الطابق
, ـ و ماذا كنت تعملين قبل ذلك؟
, ـ كنت موظفة في شركة عمي نبيل٣ نقطة ٣ نقطة في قسم العلاقات العامة
, ضحكت و هي تواصل قائلة
, ـ ثم التقيت بياسين٣ نقطة ! و حصل ما حصل
, شاركتها ليلى الضحك و قد أحست بالراحة إلى هاته المرأة التي تبدو عليها الطيبة و التلقائية، و فوق كل هذا فهي أنثى مثلها و تفهمها أكثر !من أي شخص آخر في هذا المكان
, استمرت الأحاديث بينهما ساعة من الزمن حول مواضيع شتى، و رغم الفارق العمري فقد وجدتا الكثير من النقاط المشتركة بينهما، و أهمها شغفهما بالمطالعة و حب الطبيعة و المناطق المفتوحة٣ نقطة فقد كانت ليلى قد تعودت على الوحدة، فلم يكن يخفف عنها إلا قراءة الكتب والجلوس في المناطق الخضراء و التأمل إضافة إلى الإبحار على الإنترنت بطبيعة الحال. أما منال، فإن أصلها الريفي و طموحها إلى تغيير وضعها اشتركا في تشكيل محاور اهتمامها٣ نقطة و لم تنس ليلى أن تصارح منال بحاجتها إلى وسائل الاتصال بالعالم الخارجي فوعدتها ٣ نقطةمنال بأن تفاتح السيد نبيل في أقرب فرصة
, : نظرت منال في ساعتها و قالت
, ـ حان وقت العشاء٣ نقطة ! أراهن على أني عمي ينتظرنا على المائدة
, وقفتا و توجهتا إلى الدرج٣ نقطة و في تلك اللحظة فتح باب غرفة فراس٣ نقطة ظهر فراس و قد بدا أكثر هدوء و تماسكا٣ نقطة ركضت نحوه : رانيا في حماس و هي تهتف بصوت مرح
, ٣ نقطةـ عمي فرااااس
, استقبلها فراس بذراعيه و رفعها عاليا و هي تطلق ضحكاتها الرنانة في سعادة حقيقية٣ نقطة : اقتربت منهما منال مبتسمة
, ـ كيف حالك فراس؟
, : كان لا يزال يحتضن الصغيرة في حب و قال متظاهرا بالغضب !
, لا تسأليني عن حالي و قد حرمتني من حلوتي ثلاثة أيام كاملة
, ضحكت منال، و اكتفت ليلى التي وقفت على بعد أمتار منهم بابتسامة.
,
, انتبه فراس إلى وجودها حين تقدم بضع خطوات لينزل إلى قاعة الطعام٣ نقطة : ابتسم و هو يمر قريبا منها و قال محدثا رانيا
, ـ حبيبتي٣ نقطة كيف كانت رحلتك؟ ألم تشتاقي إلي؟
, عانقته الفتاة بذراعيها الصغيرتين و طبعت قبلة على خده و هي : تهتف
, ـ اشتقت إليك ٣ نقطة كثيرا جدا جدا
, : ثم همست في أذنه
, ـ أين الحلوى التي وعدتني بها؟
, ضحك فراس على دهاء الفتاة الصغيرة و قال و هو ينزل الدرجات في : هدوء واحدة واحدة
, ـ الآن وقت العشاء٣ نقطة الحلوى نتناولها فيما بعد٣ نقطة اتفقنا؟
, ٣ نقطةهزت الفتاة رأسها موافقة
, كانت ليلى و منال تمشيان خلفهما. و كانت المرة الأولى التي ترى فيها ليلى فراس يضحك٣ نقطة كان يبدو مختلفا حين يضحك. تلين ملامحه التي تصلبت من شدة التجهم و تلتمع عيناه ببريق الحياة، البريق الذي تحل مكانه ظلال قاتمة حين يتملكه الغضب و العصبية٣ نقطة و هو الطبع الذي سيطر عليه في السنوات القليلة الماضية. و لم يعد هنالك أحد قادر على إضحاكه إلا رانيا الصغيرة، التي ينسى العالم بأسره حين ٣ نقطةيدخل دنيا براءتها., خارج القائمة
 
  • عجبني
التفاعلات: wagih
٤


ارتفعت دقات عميقة تضرب دماغها في وقع رتيب، لم تستطع مقاومة إحساس بالخدر يلف جميع أوصالها و يشدها إلى عالم الأحلام في إصرار٣ نقطة فتحت ليلى عينيها بصعوبة و هي تقاوم الطنين الذي لف عقلها بغلاف ضبابي٣ نقطة حط نظرها على سقف الغرفة السماوي المزركش٣ نقطة عقدت حاجبيها في انزعاج و هي تحاول تذكر المكان٣ نقطة
, ارتفعت الدقات من جديد على نفس الوتيرة، لكن بوضوح أكبر هذه المرة، على باب غرفتها٣ نقطة نعم، إنها في قصر خالها٣ نقطة نبيل ٣ نقطةالقاسمي
, عادت إليها ذكريات مساء البارحة. كانت قد أمضت سهرة ممتعة رفقة منال في الحديقة الخلفية، أما الجو العام في العشاء فقد كان أكثر هدوء٣ نقطة لكن لم يخف عنها انزواء فراس المستمر و صمته الطويل على المائدة. يشغل نفسه بإطعام رانيا وملاعبتها، كأنه لا يرى في ٣ نقطةالدنيا أحدا سواها
, انتزعتها نفس الدقات التي أخذت تعلو في إصرار، من أفكارها، فقامت : على الفور و هي تهتف
, ـ لحظة واحدة٣ نقطة ٣ نقطة أنا قادمة
, : ارتفع صوت أمين خارج الغرفة و هو ينقر بتوقيع خاص على الباب
,
, ـ ليلى٣ نقطة ألم تستيقظي بعد؟ سنتأخر
, نظرت إلى ساعتها في ارتباك، إنها الساعة التاسعة و النصف٣ نقطة أوه،
, نعم٣ نقطة لقد اقترح خالها أن يذهبوا في رحلة عائلية إلى مزرعة العائلة اليوم. لا يمكن أن تكون قد نسيت ذلك، لكن يبدو أن هواء الليل البارد قد أصابها بصداع فثقلت رأسها
, غيرت ملابسها بسرعة، لملمت شعرها بصفة عشوائية و عدلت وشاح رأسها قبل أن تفتح لأمين الذي كان لا يزال مرابطا أمام الباب٣ نقطة كان يقف أمامها في سروال جينز و قميص، مع حذاء رياضي. كان يبدو في غاية الأناقة و قد فاحت منه رائحة عطر رجالي جذاب. ابتسم و هو
, : يبادرها
, ـ صباح الخير٣ نقطة ألم تستكملي استعداداتك بعد؟
, : تمتمت ليلى في خجل
, ٣ نقطةـ الحقيقة أنني اسيقظت للتو
, : نظر إلى ساعته كالمتذمر
, ـ هيا أرجوك٣ نقطة سنتأخر٣ نقطة أنت تعلمين أن جمال الطبيعة لا يضاهى في الصباح٣ نقطة سيفوتنا المشهد٣ نقطة ٣ نقطة هيا، أرجوك أسرعي : ابتسمت في شبه اعتذار و همست
, ـ سأكون جاهزة خلال خمس دقائق٣ نقطة إن شاء ****
,
, عادت إلى الداخل، فتحت صوان الملابس و انتقت فستانا صيفيا مناسبا ذي لون زهري باهت. نزلت مسرعة فلاقت أمين عند أسفل الدرج.
, : رمقها بإعجاب لم يحاول إخفاءه و همس حين مرت بقربه
, ٣ نقطةـ اختيار موفق
, تجاهلته و هي تتأفف في سرها من أسلوبه المتمادي في الوقاحة وانضمت إلى منال و رانيا في قاعة الاستقبال. سأجد الوقت لأعيد تربيتك من جديد يا أمين. انتظر فقط أن أعتاد على أجواء القصر و طباع أهله، ثم سأريك من تكون ليلى. قبلت رانيا على وجنتيها ثم أجلستها على ركبتيها و هي تلهو بخصلات شعرها الكستنائية. لم تنتبه إلى فراس الذي كان يقف في الطرف الآخر من البهو و في عينيه نظرة متجهمة.
, اقترب منها نبيل القاسمي، فوضعت رانيا على الأريكة القريبة و وقفت لاستقبال خالها. : ربت على كتفيها في ود و قال مبتسما
, ـ هل حظيت ابنة أختي العزيزة بليلة هانئة و نوم مريح؟
, : ردت الابتسامة في امتنان و هي تقول ٣ نقطةـ
, شكرا لك يا خالي
, : سبقها بخطوات قبل أن يلتفت إليها ثانية كأنه تذكر شيئا هاما ـ اشتراك الهاتف الجوال سيكون عندك هذا المساء، و سيتم توصيل خط شبكة الانترنت إلى غرفتك أيضا٣ نقطة كل شيء سيكون جاهزا حين نعود من المزرعة.
, ثم واصل سيره نحو الباب المؤدي إلى الحديقة. همهمت ليلى بكلمات شكر، ثم التفتت إلى منال في امتنان
, بينما كانت في طريقها إلى المدخل، اقترب منها أمين من جديد و هو يقول:
, ـ هل تسمحين لي بمرافقتك إلى السيارة؟
, : نظرت إلى منال كأنها تستنجد بها فتدخلت منال بسرعة ٣ نقطةـ
, ليلى ستكون معي و رانيا
, : فأردف أمين على الفور
, ٣ نقطةـ إذن اسمحا لي بأن أكون السائق
, هزت منال كتفيها في تسليم و هي تبتسم إلى ليلى التي تبعتهما في إذعان
, سبقهما أمين إلى سيارته الرياضية الزرقاء و فتح الباب لاستقبال الفتيات، لكنه فوجئ بياسين يحشر نفسه في المقعد الخلفي و ابتسامة عريضة تملأ وجهه، فصرخ فيه أمين في احتجاج
, ـ ما الذي تفعله هنا؟ أليست لديك سيارة؟
, : اتسعت ابتسامة ياسين و هو يقول في استعطاف
,
, ـ سيارتي تعطلت البارحة في طريق العودة من الشركة فتركتها عند الميكانيكي
, !ـ إذن سيارة زوجتك
, ـ أرجوك أمين، أنا متعب٣ نقطة لم أنم جيدا ليلة البارحة٣ نقطة ليس لدي التركيز الكافي للقيادة، لذلك سأستلقي في الخلف و آخذ قسطا من النوم٣ نقطة ٣ نقطة أرجوك، كن متفهما
, : ضحكت منال التي حفظت حيل زوجها عن ظهر قلب و قالت لأمين
, ـ لا بأس، سآخذ سيارتي و ستذهب ليلى معي
, بدت علامات الإحباط على أمين، في حين ابتعدت الفتيات في اتجاه المرآب حيث تقف بقية السيارات. ما إن رأت رانيا فراس حتى ركضت إليه. أخذها بين ذراعيه ثم أجلسها على مقدمة سيارته و أخرج من محفظته علبة الشكولاطة التي يحتفظ بها من أجلها. وصلت منال : فساعدت ابنتها على النزول
, ـ هيا يا رانيا٣ نقطة سنتأخر٣ نقطة قولي شكرا لعمو فراس و هيا لنركب سيارتنا٣ نقطة
, أفلتت الفتاة من بين يديها و التصقت بساق فراس و هي تهتف بشفتين ملطختين بالشكولاطة التي لم تنته من التهامها بعد:
, ٣ نقطةـ سأركب مع عمي فراس
,
, : عقدت منال ذراعيها أمام صدرها و هي تقول في صرامة
, ـ كفاك دلالا٣ نقطة ٣ نقطة عمك فراس لن يتحملك طوال الطريق
, : ربت فراس على رأس الصغيرة و هو يقول مهدئا منال
, ـ بالعكس، يسعدني أن ترافقني حبيبتي رانيا٣ نقطة وما رأيك لو تنضمين
, إلينا أنت و٣ نقطة ليلى
, قال ذلك و هو يلقي نظرة عابرة على ليلى التي شعرت بتوتر غريب حين نطق باسمها. تطلعت منال بدورها إلى ليلى و قد راقت لها الفكرة. و ماهي إلا لحظات حتى كانت سيارات ثلاث تغادر القصر في اتجاه الطريق الزراعية : السيد نبيل مع خادمه العم صابر الذي يرافقه كظله في المرسيدس السوداء، أمين المغتاظ مع ياسين الذي تمدد على المقاعد الخلفية و غط في نوم عميق في الغولف 4 الزرقاء، وأخيرا فراس ورانيا في السيارة الباسات البيضاء ترافقهما منال و ليلى في المقاعد الخلفية
, سرحت ليلى بنظراتها إلى شوارع المدينة عبر زجاج النافذة٣ نقطة هذه هي المدينة التي ولدت فيها، ثم سافرت عنها لتجوب الدنيا٣ نقطة وها هي تعود إليها بعد أن فقدت كل رابط معنوي يربطها بها، أمها وأختها٣ نقطة شخصان لا تذكر عنهما شيئا٣ نقطة حرمت من معنى العائلة بسبب خلاف بين والديها٣ نقطة هل تراه خلافا يستحق كل هاته التضحيات؟ هل استحق إبعاد الأختين عن بعضهما البعض، و حرمان واحدة من حنان الأم والأخرى من عطف الأب؟
, كان المشهد في الخارج قد تغير بعد أن غادرت السيارات شوارع المدينة المكتظة و أخذت تطوي الطريق الزراعية طيا في اتجاه المزرعة التي تمتلكها عائلة القاسمي في الضاحية الغربية للمدينة.
, انشغلت ليلى بالمشهد الطبيعي الذي كان مختلفا عن الريف الأوروبي الذي عرفته معظم الوقت٣ نقطة و لم تستطع أن تتجاهل الاصفرار الذي يصبغ الطبيعة من حولها! فمقارنة بالريف الفرنسي، الذي يتميز بمقدار هام من التساقطات، كان اللون الأخضر هنا باهتا و خاليا من الروح للجفاف الغالب على المناخ٣ نقطة أصابتها هذه الملاحظة باكتئاب مفاجئ، فقد كانت تمني نفسها بنزهة مريحة بين أحضان الطبيعة، ولأنها تعشق الألوان النقية فإن مشهدا طبيعيا بدونها لا يساوي شيئا في نظرها
, : تناهى إلى مسامعها صوت رانيا الطفولي و هي تهتف في ملل
, ـ متى نصل؟
, : كان صوت فراس دافئا و حانيا و هو يجيبها
, ـ لم يعد هناك الكثير٣ نقطة أرأيت المنعطف هناك؟ إنه يؤدي إلى الوادي الذي يسبق المزرعة
, التفتت ليلى لتنظر إلى حيث يشير، و حين اعتدلت في جلستها من جديد، التقت عيناها بعيني فراس في المرآة الأمامية العاكسة٣ نقطة أرخت بصرها بسرعة و قد شعرت بالتوتر. كانت نفس النظرة القاسية في عينيه. تساءلت عما دعاه إلى أخذها في سيارته٣ نقطة شحوب وجهه حين رأته في الشرفة تلك المرة يوحي بأن رؤيتها تعيد إليه ذكريات أليمة عن حنان. بم تراه يشعر حين يذكرها؟ حنان كانت شبه مراهقة
, حين تزوجا، لم يتجاوز عمرها الثامنة عشرة٣ نقطة فهل كان بينهما حب ما، حب مراهقين؟ عشرات علامات الاستفهام كانت ترتسم في رأسها، عن أختها، توأمها التي كانت نسخة منها في الشكل٣ نقطة فما هو مدى التقارب بينهما في الجوهر؟ تريد أن تعرف عنها كل شيء٣ نقطة لكن لا يبدو أن فراس هو الشخص المناسب لتطرح عليه أسئلتها
, وصلت السيارات الثلاث إلى المزرعة. توقفت المرسيدس و الغولف أمام المنزل الريفي، في حين أوقف فراس سيارته الباسات بعيدا، تحت ظل شجرة صنوبر ضخمة. نزلت رانيا و ركضت في حماس في اتجاه المنزل، أما منال و ليلى فقد ترجلتا على مهل و هما تمتعان بصرهما بالمشهد الخلاب الذي فاق جميع توقعات ليلى٣ نقطة فيبدو أن ممتلكات آل القاسمي لا تشبه في شيء ما يحيط بها من حقول و مزارع! الأشجار و السهول كانت تكتسي خضرة مشرقة تسحر الألباب و تدخل على النفس انشراحا عجيبا٣ نقطة ابتسمت في سرها و هي تتيقن أكثر و أكثر من الثراء الفاحش الذي تنعم به عائلة خالها٣ نقطة فمع أنها ابنة سفير سابق و رجل أعمال متمرس و قد عاشت حياة مرفهة، إلا أنها لم تعرف هذا النوع من الرفاهية، حياة القصور و الممتلكات الشاسعة٣ نقطة فوالدها كان من محبي البساطة و شقتهما الفاخرة في باريس لا تساوي جناحا واحدا من أجنحة قصر آل القاسمي
,
, : انتزعها أمين من تخيلاتها حين اقترب منها قائلا، بصوته الجهوري
, ـ كيف كانت رحلتك إلى هنا؟ ٣ نقطة الكثير من الاهتزازات؟ لا أظنك تعودت على الطريق الريفية غير الممهدة! تعالي، سأعرفك على الخالة مريم٣ نقطة مربيتنا. إنها تقيم في الضيعة منذ زمن٣ نقطة مذ تخلى القصر عن خدماتها لتقدمها في السن٣ نقطة لكننا لا ننكر فضلها علينا٣ نقطة و لذلك منحها والدي راتبا شهريا، مع الإقامة في المزرعة٣ نقطة فهي امرأة وحيدة و ليس لها أبناء
, : ثم أضاف مبتسما :
, عدانا نحن الثلاثة طبعا! فهي ربتنا جميعا٣ نقطة أنت تعلمين أنه ليس من السهل أن تهتم عجوز بمفردها بمزرعة مترامية الأطراف كالتي يملكها والدي، لكن منذ استقرارها هنا، تحسنت الأوضاع بشكل ملحوظ! فقد أبدت حنكة و مهارة تضاهي تلك التي أبدتها من قبل في تدبير شؤون القصر و الاهتمام بالأطفال٣ نقطة فهي هنا تقدم الكثير من المقترحات، لولعها بالزراعة و الطبيعة، و تنافس المشرفين أحيانا!
, انظري٣ نقطة ٣ نقطة هذا حوض الورود البرية الذي حدثتك عنه
, سبقها بخطوات و توقف أمام حوض ورود حمراء، كتلك التي رأتها في الحديقة الأمامية للقصر، و انحنى ليقطف وردة حمراء قانية ثم تقدم نحو ليلى بخطوات هادئة. رمقته ليلى في شك، فأمين من النوع الذي لا يمكن توقع تصرفاته! لكنه هذه المرة كان أقل شاعرية مما كان عليه إبان استقبالها، فمد إليها الوردة دون رسميات، و على شفتيه ابتسامة حالمة٣ نقطة و لوهلة، بدا لليلى أنه شرد بعيدا، إلى حيث لا تدري، ثم بهتت الابتسامة على شفتيه و بقيت يده ممدودة بالوردة٣ نقطة ترددت ليلى، لكن حين لاحظت أن يده أخذت ترتخي و الوردة تكاد تفلت من بين أصابعه، مدت يدها وتنا : ولتها وهي تهتف
, ـ أمين٣ نقطة هل أنت بخير؟
, بقيت عيناه مركزتين على الوردة بين أصابعها للحظات، كأنه يحدق في الفراغ، ثم ما لبث أن انتبه إليها، فتراجع في ارتباك و نظر إلى الوردة التي كانت في يدها الآن، ثم همس في هدوء:
, ـ تقبلي مني هذه الوردة٣ نقطة ! عربون صداقة
, وبمرح غير متوقع هتف:
, ـ تعالي٣ نقطة ! لقد سبقنا الآخرون
, ثم سبقها من جديد و أخذ يرتقي الدرجات المؤدية إلى المنزل الريفي و هو يثرثر حول الطقس و طعام الغداء و عصافير الكناري التي تربيها الخالة مريم
, ابتسمت ليلى في حيرة و هي تتبعه في صمت٣ نقطة لقد عاد أمين إلى طبيعته., خارج القائمة
 
  • عجبني
التفاعلات: wagih
٥


تناهى إليهما صوت الخالة العجوز و هي تتبادل الأحاديث مع أفراد العائلة. كان السيد نبيل و فراس و ياسين و منال قد دخلوا إلى الردهة منذ حين٣ نقطة و كان ضحك الصغيرة رانيا يتعالى و هي تجلس بين أحضان الخالة مريم و تلهو بطرف ثوبها المطرز .
, دخل أمين فاتحا ذراعيه و هتف :
, ـ مريومتي٣ نقطة كيف حالك أيتها العجوز الحبيبة؟
, وقفت في تثاقل بعد أن أزاحت رانيا من حضنها و هي تتظاهر بالغضب :
, ـ قلت لك لا تنادني بالعجوز مادامت في الصحة بقية!
, ثم قالت في حنان :
, ـ مضى وقت طويل يا صغيري٣ نقطة تبدو نحيلا! هل تناولت فطورك؟
, ضحك الجميع على أمين الذي أخذ يستعرض عضلاته محتجا :
, ـ تلك يسمونها رشاقة يا مريم العزيزة٣ نقطة رشـــــــاقة!
,
, في تلك اللحظة تفطنت إلى وجود ليلى فتسمرت مكانها في دهشة وتراجعت خطوتين لتبحث عن نظاراتها الطبية الموضوعة على المنضدة.
, وضعتها على عينيها بأصابع مرتعشة ثم هتفت مصدومة :
, ـ خبروني٣ نقطة هل ترون ما أرى٣ نقطة أم أنها تهيؤات و تخاريف عجائز؟
, إذاك تقدم السيد نبيل و أمسكها من ذراعها و قد أخذت مفاصلها في الارتعاد من الصدمة. أجلسها على الأريكة و ساقاها لا تكادان تحملانها. قال مهدئا :
, ـ استريحي و تنفسي جيدا٣ نقطة إنها ليست حنان٣ نقطة بل شقيقتها التوأم٣ نقطة
, رددت العجوز مبهوتة :
, ـ شقيقتها التوأم؟!
, هز نبيل رأسه مؤكدا :
, ـ نعم توأمها التي كانت تعيش مع والدها في فرنسا٣ نقطة تعلمين أن نجاة و نجيب انفصلا مبكرا٣ نقطة
, ـ نعم، لكن لم أعلم أن لهما أبناء آخرين غير حنان!
, نجاة رحمها **** أخفت الأمر عن الجميع، لم ترد أن يذكرها أحد بابنتها التي تخلت عنها و أخرجتها من حياتها كما أخرجت والدها٣ نقطة لكنني كنت أعلم، و بقيت على اتصال بنجيب طيلة السنين الماضية٣ نقطة وأظن أن الوقت قد حان كي تتعرف ليلى على بقية عائلتها٣ نقطة
, ثم تنهد و هو يضيف :
, ـ و إن كان القرار قد تأخر كثيرا٣ نقطة تأخر بثلاث سنوات٣ نقطة
, تجمعت العبرات في مقلتي ليلى. لم تكن تتصور أن تكون حساسة تجاه هذا الموضوع، فهي لم تعرف أمها و لا أحست بحاجتها إليها٣ نقطة والدها علمها أن تكون قوية، أن تعتمد على نفسها٣ نقطة لذلك نشأت وصلتها قوية بوالدها، وثقتها عميقة بالله٣ نقطة لم تكن في حاجة إلى دافع معنوي ثالث، أو هكذا ظنت٣ نقطة إلى أن جاءت إلى هنا، و تعرفت على كل هؤلاء الأشخاص الذين عرفوا والدتها و شقيقتها التوأم٣ نقطة شيء ما تحرك في داخلها٣ نقطة و هاهي على وشك البكاء٣ نقطة
, ـ تعالي يا ليلى٣ نقطة تعالي و سلمي على الخالة مريم٣ نقطة
, أيقظها صوت خالها من أفكارها. تقدمت بخطى متعثرة إلى حيث جلست العجوز. رسمت ابتسامة حانية على شفتيها و انحنت لتقبل رأسها. رفعت العجوز عينيها إليها في بطء٣ نقطة توترت دقات قلب ليلى حين التقت عيناها بعيني الخالة مريم. رأت فيهما معاني غريبة٣ نقطة شيء من الحذر٣ نقطة والشك! لكن ما لبثت ملامحها أن لانت و أخذت بكف ليلى بين كفيها و هي تقول :
, ـ تعالي يا صغيرتي٣ نقطة كم كانت والدتك قاسية حين حرمتك من حنانها٣ نقطة
, انشغلت الخالة مريم بإعداد فطور دسم على شرف ضيوفها٣ نقطة أبنائها الأحباء الذين رزقها ا**** إياهم بعد أن يئست من الإنجاب، في حين جلست ليلى و منال في الشرفة تتأملان الطبيعة الغناء و تتجاذبان أطراف الحديث. تعالى صوت أمين من الأسفل و هو يهتف :
, ـ ليلى، منال٣ نقطة هل تريدان الخروج في جولة؟
, نظرت منال إلى ليلى متسائلة فهزت ليلى رأسها علامة للرفض بسرعة.
, كتمت منال ضحكتها ثم أطلت من الشرفة و هي تقول :
,
, ـ أنا متعبة قليلا يا أمين٣ نقطة سأصحب ليلى في نزهة بعد الغداء٣ نقطة هل يمكنك الاهتمام برانيا؟ تركتها تلهو في الأسفل٣ نقطة
, هز أمين رأسه متفهما و إن بدت عليه خيبة الأمل. أما منال فالتفتت إلى ليلى مداعبة :
, ـ يبدو أنك تروقين لأمين٣ نقطة هل تراه ينوي الخروج من حياة العزوبية؟!
, احمرت وجنتا ليلى و هي تهز حاجبيها في دهشة٣ نقطة أمين؟ غير معقول٣ نقطة مستحيل!
, ضحكت منال و هي ترى وجهها قد تغير و قالت في ود :
, ـ صدقيني أمين طيب جدا٣ نقطة قد يبدو لك جريئا، و طفوليا أحيانا٣ نقطة لكنه شخص رائع٣ نقطة
, أطرقت ليلى في انزعاج٣ نقطة ودعت **** أن لا تكون نوايا أمين تجاهها من ذاك النوع٣ نقطة سرحت في تفكيرها للحظات، في ذكريات قريبة، لم يمض عليها سوى بضعة أسابيع، غيرت الكثير في حياتها٣ نقطة
, انتبهت على صوت منال و هي تميل عليها غامزة :
, ـ لقد رأيته منذ قليل حين أعطاك الوردة الحمراء!
,
, تجاهلت ليلى ملاحظتها، فقد كان بالها مشغولا بفكرة أخرى خطرت لها في تلك الآونة، فبادرت منال في اهتمام :
, ـ منال٣ نقطة أخبريني، كيف كانت علاقة أمين بحنان؟
, ترددت منال للحظات و قد بوغتت بالسؤال، ثم قالت بعد تفكير قصير، كأنها تنتبه إلى أمر ما للمرة الأولى :
, ـ قد يكون ما أقوله مفاجئا لك٣ نقطة فأمين و حنان كانا صديقين مقربين٣ نقطة مقربين جدا٣ نقطة حتى أنني استغربت حين تزوجت حنان من فراس٣ نقطة لم يكن هناك شيء يوحي بإمكانية ارتباطهما قبل أن يحصل٣ نقطة أو هذا ما بدا لي على الأقل٣ نقطة
, لكن ليلى لم تفاجأ، لم تفاجأ أبدا٣ نقطة كان كلام منال منطقيا جدا، ومنسجما مع الانطباعات التي خلفتها لديها تصرفات كل من أمين و فراس٣ نقطة اهتمام أمين و تقربه منها٣ نقطة و نفور فراس و انزعاجه من وجودها٣ نقطة أي نوع من الأزواج كانا٣ نقطة فراس و حنان؟ لكن سؤالا آخر أكثر أهمية كان يتردد في ذهنها٣ نقطة لكن لم يحن الأوان بعد. يجب أن تكشف كل شيء بنفسها٣ نقطة ركنت تساؤلاتها جانبا و أردفت مستفسرة :
, ـ و كيف كانت ردة فعل أمين تجاه زواجهما؟
, كانت منال على وشك الإجابة، حين فاجأها صوت الخالة مريم و هي تقترب من مجلسهما قائلة :
, ـ أين وصلت بكما الأحاديث؟
, التفتت منال و ليلى إلى العجوز التي جذبت مقعدا آخر و جلست بينهما و هي تتنهد :
, ـ و أخيرا انتهيت من تقطيع الخضر و وضعت القدر على النار٣ نقطة
, سأجلس معكما قليلا إلى أن تنضج الأكلة٣ نقطة
, كانت ليلى متوترة، لسبب تجهله، فقد أخذت أصابع يدها التي استقرت في حجرها تتقلص منكمشة على ثوبها. هل هي نظرات الخالة مريم التي أخذت تتفحصها، كأنها تحاول سبر أغوارها٣ نقطة أم لهفتها لمعرفة حقيقة ما حصل مع أختها و مواصلة حديثها مع منال الذي قاطعته الخالة للتو؟
, رفعت عينيها لتواجه العجوز في تحد و كأنها تقول : لست خائفة منك٣ نقطة حدقي بي مثلما تشائين!
, لكنها دهشت حين وجدتها ترنو إليها بعينين دامعتين، فبادرتها في اهتمام :
, ـ خالتي٣ نقطة هل أنت على ما يرام؟
,
, ابتسمت مريم و هي تهز رأسها و تمسح العبرات من عينيها و قالت بصوت مخنوق :
, ـ تذكرت أختك المسكينة٣ نقطة و نهايتها التعيسة٣ نقطة
, قاطعتها منال في سرعة و حزم :
, ـ أرجوك يا خالتي٣ نقطة لا داعي لإثارة هذا الموضوع!
, رددت ليلى بصرها بينهما في حيرة و قلق :
, ـ نهايتها التعيسة؟ أخبراني٣ نقطة كيف ماتت حنان؟
, كان الصمت المطبق هو الجواب الوحيد على تساؤلها٣ نقطة لكنها ألحت بشدة :
, ـ أرجوكما٣ نقطة لا تخفيا عني شيئا٣ نقطة أريد أن أعرف!
, حدجت منال الخالة مريم بنظرة تأنيب للورطة التي وضعتها فيها٣ نقطة
, في حين هزت الخالة مريم كتفيها في استهانة، و لسان حالها يقول : يجب أن تعلم، كان ذلك عاجلا أم آجلا٣ نقطة تنحنحت منال و هي تقول أخيرا :
, ـ عمي نبيل لم يكن يريدك أن تعلمي بما حصل، لأن الحادث كان مأساويا و أثر فينا جميعا لوقت طويل٣ نقطة حنان٣ نقطة اختارت أن تضع حدا لحياتها٣ نقطة حنان٣ نقطة انتحرت٣ نقطة
, تجمدت نظرات ليلى و لم يبد على ملامحها أي انفعال بعد أن نطقت منال بكلمتها الأخيرة. هل كانت تتوقع ذلك؟ ليس بالضبط٣ نقطة لكن حديث والدها الغامض عن حادثة وفاتها٣ نقطة و تأثر فراس الشديد بالحادثة٣ نقطة كل ذلك يشير إلى أن وفاتها لم تكن طبيعية، لم تكن طبيعية أبدا٣ نقطة
, واصلت منال :
, ـ لم تكن حنان من النوع الذي يبدو عليه اليأس من الحياة إلى درجة التفكير في الانتحار٣ نقطة لكنها مرت بفترة اكتئاب في بداية حملها٣ نقطة
, كانت فتاة مرحة و منطلقة، حتى أنني كنت أحسدها على السعادة التي هي فيها٣ نقطة غفر **** لي٣ نقطة فهي كانت زوجة فراس، أحب أبناء عمي نبيل إلى قلبه، و ابنة أخته الوحيدة٣ نقطة أو هذا ما كنت أظنه في تلك الفترة٣ نقطة لذلك فهي كانت مدللة من الجميع٣ نقطة كانت كل الهدايا لها٣ نقطة و حتى قبل زواجها، فقد كانت الغرفة الزرقاء لها٣ نقطة
, قاطعتها ليلى في استغراب :
, ـ الغرفة الزرقاء؟
,
, هزت منال رأسها في تأكيد :
, ـ نعم، الغرفة التي تقيمين فيها حاليا٣ نقطة إنها تسمى الغرفة الزرقاء٣ نقطة الغرفة الخاصة لمالكة القصر الأولى٣ نقطة
, وافقتها ليلى و هي تتذكر ما قاله أمين عن الطابع الغامض للغرفة. وتابعت منال :
, ـ كانت غرفة مميزة٣ نقطة و كانت هناك حكايا غريبة يتناقلها الخدم حول أسرار أخفتها السيدة هاجر هناك٣ نقطة والدة ياسين، زوجي٣ نقطة لأنها كانت غرفة مغلقة معظم الوقت، منذ وفاة السيدة هاجر فيها٣ نقطة لكن بالنسبة للجميع فإن تميزها أتى من تمييز صاحبة القصر لها واهتمامها بتنظيفها باستمرار و الحفاظ على اللون الأزرق فيها٣ نقطة الذي كان اللون المفضل لديها٣ نقطة
, تدخلت الخالة مريم بصوت هادئ عميق و قد سرحت نظراتها إلى خارج الشرفة، بعيدا إلى الذكريات :
, ـ رحمها الله٣ نقطة كانت امرأة قوية٣ نقطة و كان كل ما يحيط بها مميزا٣ نقطة عرفتها في بداية شبابها، حين جاءت إلى القصر للمرة الأولى، بعد زواجها من صاحبه، السيد محمود عبد الرحمان٣ نقطة كل الأملاك التي ترينها هنا، القصر الكبير و الشركة، كلها ورثتها هاجر عن محمود٣ نقطة
,
, اقتربت العجوز من ليلى و همست في أذنها :
, ـ نبيل كان سليل عائلة عريقة، لكن من دون ثروة٣ نقطة هاجر كانت تملك الثروة التي يطمح إليها، لكنها كانت قد تجاوزت سن الشباب حين عرفها، توفي عنها زوجها و لم يكن لديها ***** منه٣ نقطة و نبيل كان شابا طموحا، فتزوجها أرملة٣ نقطة كان يعمل في شركة زوجها، رآها للمرة الأولى بعد وفاته، حيث اضطرت إلى النزول إلى ساحة العمل لمتابعة أعمال زوجها الراحل٣ نقطة و تم كل شيء بسرعة٣ نقطة تبادل مصالح، هي كانت بحاجة إلى رجل، رجل يدير الشركة و الأملاك ويسد الفراغ الذي خلفه رحيل محمود في حياتها٣ نقطة و هو كان في حاجة إلى المال٣ نقطة و زوجة ذكية٣ نقطة
, توقفت العجوز كأنها تذكرت شيئا ثم أضافت :
, ـ إيمان كانت تطمع في الحصول على الغرفة الزرقاء٣ نقطة لكن نبيل لم يرض!
, سألت ليلى في اهتمام :
, ـ من هي إيمان؟
, أجابتها منال بصوت خافت، إذ أن مريم بدت مركزة مع ذكرياتها فلم تنتبه إلى ليلى :
,
, ـ إيمان هي زوجة عمي نبيل الثانية٣ نقطة والدة فراس و أمين٣ نقطة
, واصلت خالة مريم بنفس الصوت العميق :
, ـ إيمان كانت تغار من هاجر٣ نقطة تغار من خيالها الذي كان يسكن كل بقعة من القصر، و خاصة الغرفة الزرقاء٣ نقطة نبيل كان وفيا لهاجر رغم زواجه الثاني٣ نقطة أغلق الغرفة الزرقاء حفاظا على ذكراها، مما أثار غيظ إيمان و سخطها٣ نقطة كان يدخل إليها بين الفينة و الأخرى ويظل وحيدا٣ نقطة وحين يخرج منها يكون وجهه متغيرا، كمن رأى شبحا٣ نقطة بل كأنه كان يناجي طيفها!
, همست منال ليلى من جديد :
, ـ لا تصدقي كل الخرافات التي تقصها العجائز٣ نقطة عمي كان يحب الاختلاء بنفسه بين الحين و الآخر، و الغرفة الزرقاء كانت مناسبة لأنه لا أحد يدخلها غيره٣ نقطة كان يحتفظ هنالك بملفات و أوراق كثيرة، بعيدا عن الأعين٣ نقطة ملفات أعمال٣ نقطة تعلمين٣ نقطة
, هزت ليلى رأسها متفهمة، و فوجئت منال بالخالة مريم تقرص أذنها بغتة و هي تهتف :
, ـ أعلم أنك تشككين في روايتي٣ نقطة أيتها الشقية!
,
, تخلصت منال من قبضة الخالة و هي تتأوه في ألم و هتفت بدورها :
, ـ كنت أظنك مركزة في الحكاية!
, ثم وقفت لتغادر الشرفة و هي تقول :
, ـ سأذهب لأتفقد رانيا٣ نقطة أراكما فيما بعد!
, لوحت منال لليلى بيدها و غادرت المكان مهرولة لتنجو بجلدها من تعليقات العجوز اللاذعة
, ابتسمت ليلى و هي تخاطب الخالة مريم في اهتمام :
, ـ و ماذا عن أمي٣ نقطة حدثيني عنها!
, تجهم وجه العجوز و بدا عليها التردد، لكنها قالت أخيرا و هي تحد من نظراتها :
, ـ نجاة كانت شخصية عنيدة و عصبية٣ نقطة رحمها ****!
, ابتسمت ليلى في حزن٣ نقطة لم يكن كلامها غريبا عنها، فوالدها أيضا وصفها بهذه الطباع، محاولا تبرير انفصالهما٣ نقطة من الواضح أنها لم تكن محبوبة، حتى من الخدم و المربية!
, قطع حديثهما صوت ياسين القادم من الداخل :
, ـ ألم يجهز الطعام بعد؟ إني أتضور جوعا!
,
, استأذنت الخالة و قامت لتقدم لياسين بعض المقبلات في انتظار طعام الغداء٣ نقطة
, أما ليلى، فقد وضعت رأسها بين كفيها و سرحت بعيدا٣ نقطة تفكر في كل الأسرار التي تريد اكتشافها، و كل الغموض الذي يلف ماضي عائلتها٣ نقطة فهل من معين؟ , خارج القائمة
 
٦


دخلت ليلى إلى غرفتها و ارتمت على السرير الوثير في إنهاك. انقضت الأمسية ثقيلة على قلبها٣ نقطة كان الجميع في مرح و لهو، حتى فراس استسلم لدعابات مريم و حكاياتها٣ نقطة الجميع، إلا هي٣ نقطة فإن ذهنها كان مشغولا٣ نقطة لماذا يا حنان، لماذا؟ لم تستطع أن تمنع نفسها من التفكير في مأساة أختها، و لم تتمكن من الانفراد مجددا بالخالة مريم حتى تحدثها أكثر عنها و عن أمها و ماضي العائلة، إذ أن أفراد العائلة ظلوا مجتمعين إلى المساء.
, تأملت الديكور الأزرق للغرفة، فعادت إليها أحاديث العجوز عن سرها الدفين٣ نقطة هل شبح السيدة هاجر لا يزال يحوم في الغرفة؟ أين أنت أيها الشبح٣ نقطة إن كنت هنا اخرج و واجهني، لست خائفة منك! قالت ذلك في نفسها و ابتسمت في استهزاء
, فجأة سمعت طرطقة عنيفة لارتطام جسم صلب ما بالأرض ه. بت من مكانها فزعة و انكمشت في ذعر و أخذت تتلفت حولها في تحفز٣ نقطة
, لكنها انتبهت إلى أن حذاءها الذي كان متعلقا بطرف قدمها قد سقط على الأرضية الخشبية المفروشة، حيث أنها كانت تهز ساقها هزات متواترة، مأرجحة الحذاء مرة إلى الأمام و مرة إلى الخلف فانفلت في إحداها! ارتمت من جديد على السرير و هي ترسل زفيرا عميقا ثم ما لبثت أن انفجرت ضاحكة على نفسها٣ نقطة يا للسخرية! هل خفت حقا يا
, ليلى من الشبح، و لو لوهلة قصيرة؟
, تذكرت والدها الذي لم يتصل بها منذ سفره فاستقامت في جلستها وقد عاد إليها القلق. خالها قال بأن اشتراك الهاتف سيكون عندها حين العودة من المزرعة. هل تراه نسي؟ سأذكره بالأمر! وقفت و هي تعدل وشاحها و قد همت بالخروج٣ نقطة لكنها انتبهت حينها إلى العدة التي كانت فوق المكتب. هرولت إليها في لهفة. ابتسمت و هي تتناول منها ما يهمها٣ نقطة نعم لقد وفى خالها بوعده و أحضر لها هاتفا جوالا جديدا مع كل ما يلزم! سارعت بتكوين رقم والدها الخاص الذي تحفظه عن ظهر قلب و لبثت تترقب للحظات٣ نقطة لكن و لخيبة أملها، كانت آلة الهاتف الأوتوماتيكية من أجابها معلنة أن الهاتف المطلوب مغلق! ما الذي يحصل؟ هل استغنى والدها عن هاتفه الدولي الخاص الذي يستعمله في كل مكان؟! ! ليس الأمر مطمئنا البتة
,
, جلست من جديد و قد أصابها الإحباط و سيطر عليها القلق٣ نقطة لم تكن مطمئنة منذ البداية لرحلة والدها هذه٣ نقطة و لم تفهم سبب إصراره العجيب على تركها هنا! فهي رافقته طيلة حياتها في كل سفراته طالت أم قصرت٣ نقطة و كان يدبر أمره في كل مرة حتى يكون الانتقال مزامنا لبداية السنة الدراسية الجديدة٣ نقطة تنهدت في أسى، كان ذلك حين كان يزاول عمله كسفير٣ نقطة أما الأعمال الحرة فهي الفوضى الكلية! لكن حتى بعد تخليه عن وظيفته في السفارة، فإنه كان يأخذها معه في رحلاته، أو يتركها بمفردها لأيام قليلة إن كان لديها ما يشغلها في دراستها٣ نقطة فلم رماها عند خالها هذه المرة بالذات؟
, تنهدت من جديد و هي تفكر فيما يمكنها فعله٣ نقطة تناولت الهاتف من جديد و كونت رقما آخر. انتظرت للحظات قبل أن يصلها الصوت المألوف من الجانب الآخر. : هتفت في شوق
, ـ السلام عليكم ورحمة الله٣ نقطة كي ف حالك من دوني أيتها المشاكسة؟
, أبعدت الهاتف عن أذنها حين أطلقت محادثتها صيحة فرح و هي تهتف :
, ـ ليلــــــــــــــــــــى! أين أنت؟ كيف حالك؟ أنت بخير؟ و كيف حال عمي نجيب؟
, : أعادت كلماتها إليها القلق فهمهمت
, ـ أنا بخير الحمد لله٣ نقطة لكن أبي لا أعلم عنه شيئا منذ سافر٣ نقطة !تصوري لم يتصل حتى ليطمئنني على وصوله سالما إلى أمريكا
,
, : قالت مخاطبتها بلهجة حانية مطمئنة
, ـ لا داعي للقلق و لا تتركي الوساوس تتغلب عليك٣ نقطة من المؤكد أن الأعمال شغلته٣ نقطة أنت تعلمين، رجال الأعمال بالكاد يجدون الوقت
, للتنفس
, : لم تقتنع ليلى
, ـ و لكن يا سحر، أنا ابنته الوحيدة! أنا كل عائلته! كيف ينسى الاتصال بي، على الأقل كان بإمكانه تكليف مأمون بمهمة طمأنتي على وصوله سالما
, : هتفت سحر مغيرة الموضوع بسرعة
, ـ لا تتصورين كم بقي مكانك شاغرا بيننا! الجميع يسألون عنك ويبلغونك تحياتهم٣ نقطة سرور وحبيبة وجمال ومروان وحتى صوفي وسيسيليا و جون
, سكتت سحر، و بقيت ليلى مترقبة. بقي اسم، اسم آخر لم تذكره سحر٣ نقطة أم تراه لم يسأل عنها؟
, استطردت سحر و قد أدركت أنها وترت أعصاب صاحبتها بما فيه الكفاية
, ـ و لكن هل تعلمين من عذبني بالسؤال عنك ليل نهار؟ الدكتور عمر٣ نقطة كيف حال الآنسة ليلى٣ نقطة هل اتصلت الآنسة ليلى٣ نقطة بلغي سلامي للآنسة ليلى٣ نقطة ! جنني
,
, تسارعت دقات ليلى في سمفونية أفلتت منها نوتاتها٣ نقطة عمر٣ نقطة سرحت بنظراتها الحالمة إلى ذاك اليوم٣ نقطة اليوم الذي تغيرت فيه حياتها، بكل المقاييس
, كانت خارجة من المكتبة حين استوقفها و : هو يناديها بصوت هادئ
, ـ آنسة ليلى٣ نقطة هل يمكنني أن آخذ من وقتك بضع دقائق؟
, التفتت إليه في توتر. نظراته توترها، صوته، ابتسامته، خاصة و هو قريب منها٣ نقطة لكنه بدا متوترا هو الآخر، يسوي نظاراته الطبية على عينيه باستمرار و يهرش ذقنه في حركة عصبية
, ـ هل من المم كن أن أحصل على موعد مع والدك في أقرب وقت ممكن؟
, : نظرت إليه في شك و قد فاجأها طلبه و توتره في آن
, ـ نعم، بالطبع٣ نقطة هل لي أن أعلمه بسبب الزيارة؟
, : بدا عليه التردد لكنه قال
, لا أريد التحدث في الموضوع في الجامعة٣ نقطة لأنه موضوع٣ نقطة شخصي
, ظلت صامتة كأنها تنتظر توضيحا أكبر، ثم هتفت في قلق لخاطر طرأ على بالها
, ـ دكتور٣ نقطة هل هناك مشكلة بشأن امتحاناتي أو برنامج المرحلة الثالثة؟
,
, : أطلق ضحكة خفيفة و قد أدهشه قلقها و أردف
, ـ بالعكس٣ نقطة أنت يا ليلى من أكثر الطلبة عندنا اجتهادا و تميزا و لا غبار على ملفك الدراسي، لذلك لا تقلقي بشأن المرحلة الثالثة٣ نقطة كما
, أنني سأعزز الملف بتوصية مني حتى تجهز أوراقك في أقرب الآجال
, : ثم أضاف مبتسما
, ـ إضافة إلى أننا لا نطلب لقاء ولي أمر الطالب إذا حصلت معه مشكلة ما٣ نقطة ! فطلبتنا ما شاء **** كلهم راشدون
, ابتسمت في امتنان، و هي تضحك في سرها على فكرتها السخيفة و قالت:
, ـ شكرا لك يا دكتور٣ نقطة ! لست أدري كيف أشكرك
, : ابتسم بدوره و هو يجيب
, تشكرينني بأن تطلبي لي موعدا مع والدك
, هزت رأسها موافقة و همت بالانصراف، من المؤكد أن الموضوع يخص أعمال والدها فهو يتعامل مع الكثير من الاستشاريين القانونيين و قد صادف في السابق أن كان أحدهم أستاذا لها في الجامعة، فلم لا يتكرر الأمر مع الدكتور عمر. ابتعدت بضع خطوات، لكنه استوقفها من جديد :
, ـ ليلى٣ نقطة ربما يكون من الأنسب أن أطلب رأيك٣ نقطة قبل أن أقابل والدك
,
, توقفت مبهوتة٣ نقطة رأيي أنا؟ و ما دخلي أنا في أعمال والدي؟ لكن إحساسا ما خامرها و جعل وجيب قلبها يتسارع٣ نقطة هل من المعقول٣ نقطة هل من الممكن٣ نقطة؟ أفيقي يا ليلى٣ نقطة لا تدعي الأحلام تأخذك بعيدا و ركزي مع الدكتور. : التفتت إليه و همست بصوت خافت مبحوح
, ـ تطلب رأيي في ماذا يا دكتور؟
, جاءها صوته عميقا، واضحا و قويا ملأ إحساسها
, ـ ليلى٣ نقطة أريد لقاء والدك لأطلب منه يدك٣ نقطة فما رأيك؟
, احمرت وجنتاها بشدة و أطرقت في حياء٣ نقطة تجمعت الدموع في عينيها من التأثر و لبثت لثوان طويلة صامتة، و قلبها يرقص في صدرها بجنون٣ نقطة رأيي؟ إنه يطلب رأيي فيه؟ إن كنت في حلم، فلا أريد أن أفيق منه! لكن صوته جاءها من جديد و فيه شيء من الارتياح، : ارتياح لصمتها
, ـ إذن تطلبين لي موعدا مع والدك؟
, هزت رأسها ببطء علامة الإيجاب، دون أن تنظر إليه، ثم فرت من أمامه فرارا و الدنيا لا تكاد تسعها من الفرح٣ نقطة
, استيقظت من أحلام اليقظة على صوت سحر و هي تهتف بها:
, ـ ليلى٣ نقطة هل تسمعينني؟
, ٣ نقطةـ هه
,
, ـ إلى أين ذهبت؟
, استندت ليلى إلى خلفية السرير و قد عادت إلى واقعها و همست في إرهاق:
, ـ أنا متعبة يا سحر٣ نقطة ٣ نقطة متعبة
, : أصرت سحر في قلق على صديقتها
, ـ ليلى٣ نقطة هل أنت بخير؟
, : تنهدت ليلى بعمق و قالت بصوت باك و قد فاض الحزن من قلبها
, ـ كيف أكون بخير يا سحر٣ نقطة كيف أكون بخير و أبي غائب عني منذ ثلاثة أيام و لم أسمع صوته طوالها٣ نقطة كيف أكون بخير و أنا أكتشف
, للتو أن شقيقتي التوأم ماتت منتحرة و هي تحمل جنينا في بطنها٣ نقطة و زوجها٣ نقطة زوجها لا يزال يعاني عقدة نفسية حادة من بعد الحادثة٣ نقطة كيف أكون بخير و أنا أرى في العيون الحقد على أمي التي لم أرها٣ نقطة والتي لا يذكرها بالخير أحد٣ نقطة و ها أنا أجد نفسي وحيدة في هذا القصر الكبير٣ نقطة وحيدة في الغرفة الزرقاء التي تحاك حولها الأقاويل٣ نقطة كيف أكون بخير ب**** عليك؟
, قالت ذلك و أجهشت بالبكاء٣ نقطة كانت طوال اليوم تكابر و ترسم على شفتيها الابتسامة٣ نقطة لكنها لم تعد قادرة على التماسك و كتم ألمها في صدرها، خاصة و أنها تمكنت من الاتصال بسحر، أعز صديقاتها و كاتمة أسرارها٣ نقطة ٣ نقطة فآن الأوان لتنفس عن مكنونات صدرها
,
, بذلت سحر جهدها لتهدئتها و تهوين الأمر عليها، ثم تركتها بعد أن وعدتها ليلى بالخلود إلى النوم و أخذ قسط من الراحة بعد يومها المرهق. وضعت الهاتف جانبا و ارتمت على السرير بملابسها. أغمضت
, عينيها آملة أن يأخذها النعاس، لكن طيفا مر بخيالها و أسهدها
, كانت تراه مثل كل الطلبة، مثالا للدكتور الجاد و المتميز في عمله٣ نقطة
, لكنه إضافة إلى مزاياه العلمية و الأكاديمية فهو من الدكاترة المسلمين القلائل في علم القضاء، في الجامعات الفرنسية، الذين يعدون على أصابع اليد الواحدة. كان شابا وسيما، وسامته عربية و أخلاقه عربية مسلمة كذلك٣ نقطة و هذا لم يمنع عددا كبيرا من طالبات الكلية من الوقوع في غرامه! لم تكن ليلى مثلهن، لم تراقبه و لم تتطفل على مكالماته الهاتفية و لا على جدول مواعيده كما تفعل الكثير من الطالبات. هي كانت تحترمه، و تعجب بشخصيته القوية، بحزمه و أخلاقه العالية٣ نقطة و لا تنسى له مواقفه الجادة معها و مع غيرها من الطلبة الأجانب، و خاصة الفتيات المحجبات، في كل مرة تعرضن فيها إلى مضايقات على أساس عنصري أو انحيازي. لم يكن يتردد في الإشادة بأعمالهن أمام بقية الطلبة و توجيه كلمات التشجيع إليهن٣ نقطة وهي كانت تسعد بكلماته هو بالذات، دون بقية الدكاترة
, أصبح بالنسبة إليها نموذج الرجل ال**** المثقف في الغرب، و أصبحت كلما تقدم لخطبتها شاب ما وجدت نفسها تقارنه به٣ نقطة لأنه كان المثال الحي لفارس أحلامها٣ نقطة لكن، عدا الأحلام، فإنها لم تكن تطمع في الشيء الكثير٣ نقطة و أقنعت نفسها بأنها معجبة بشخصيته كأستاذ تتتلمذ على يديه و تتعلم منه و من طريقة تعامله مع الآخرين٣ نقطة دون أن
, تطمع في أي شيء آخر٣ نقطة
, هكذا أقنعت نفسها٣ نقطة و هكذا ظنت٣ نقطة إلى أن جاء ذاك اليوم الذي وجدت نفسها فيه تحلق في عالم الفراشات من السعادة٣ نقطة حينها فقط أيقنت بأنها معجبة به٣ نقطة ٣ نقطة و تتمناه زوجا !و لكن كل شيء انقلب رأسا على عقب في حياتها منذ ذاك اليوم
, عادت إلى الشقة الباريسية و هي في لهفة لتخبر أباها و تطلب موعدا لعمر٣ نقطة نعم، أصبح يلذ لها أن تقول عمر بدون دكتور٣ نقطة فهو سيصبح خطيبها عما قريب! لكن الحالة التي وجدت عليها والدها منعتها من أن تنطق بكلمة. كان يجلس في انتظارها و قد أعد لها مفاجأة كبيرة٣ نقطة
, المفاجأة التي رمت بها إلى هذا القصر الموحش و أهله الغرباء
, كتمت فرحتها في صدرها٣ نقطة و لبث عمر ينتظر٣ نقطة و ينتظر٣ نقطة فإلى متى سينتظر؟, خارج القائمة
 
٧


تسللت خيوط الشمس الرقيقة لتداعب وجهها و تدفئ بشرتها٣ نقطة تململت في مكانها ثم فتحت عينيها في انزعاج. لم تغلق الستائر جيدا مما سمح للضوء بدخول الغرفة! على أية حال، يجب أن تستيقظ، فقد نامت بما فيه الكفاية. البارحة أوت إلى غرفتها مبكرة، بعد عودتها من المزرعة مباشرة. استوت في جلستها و أجالت بصرها في الغرفة كأنها تكتشفها للمرة الأولى٣ نقطة كانت الجدران مغلفة بورق أزرق سماوي تزينه زهور دقيقة بيضاء، الستائر كانت متموجة بمختلف درجات الأزرق٣ نقطة السقف بدوره يكتسي نقوشا و زخارف دهنت بنفس لون الجدران. الحمد لله٣ نقطة الأثاث على الأقل كان من الخشب الأبيض!
, ضحكت في سخرية و هي تتخيل أثاثا أزرق بالكامل. حتى الأرضية الخشبية فقد كانت مغطاة بزربية زرقاء مزركشة! تنهدت و هي تدفع عنها اللحاف الأزرق و تهب واقفة. لم يكن اللون الأزرق مزعجا مثلما بدا لها اليوم! فقد أحبت رونق الغرفة في اليوم الأول لتواجدها في هذا القصر٣ نقطة ٣ نقطة لكن أعصابها الآن لم تعد تتحمل المزيد من الأزرق
, فتحت خزانة الملابس فطالعتها سترتها المفضلة، ذات اللون الأزرق٣ نقطة
, ألقتها بعيدا في عصبية و اختارت ثوبا ورديا أعاد الانشراح إلى نفسها٣ نقطة تعجبت من عصبيتها المفاجئة. ليس الخطأ في اللون الأزرق، فلطالما كان من ألوانها المفضلة، لكن الغرفة الزرقاء و ما يحيط بها من حكايات و أسرار تثير سخطها
, فتحت باب الغرفة، ألقت نظرة أخيرة على الغرفة الزرقاء، نظرة تحد و توعد٣ نقطة ٣ نقطة ثم ابتعدت و قد اتخذت قرارا
, كانت الحديقة مساحتها المفضلة في القصر بدون منازع. حديقة غناء مترامية الأطراف، معتنى بها بشكل جيد٣ نقطة تمشت قليلا بين شجيرات الورد وقد شغلها التفكير في وضعها من جديد. انتبهت إلى خالها الذي كان يجلس في الحديقة الخلفية و قد انشغل بقراءة جريدته الصباحية. تذكرت أنها لا تزال في عطلة نهاية الأسبوع، و بالتالي فإن خالها وياسين لا يذهبان إلى الشركة اليوم أيضا. توجهت نحوه و قد قررت أن تفاتحه في الموضوع. انتبه السيد نبيل إلى وقع خطواتها و هي تقترب من مجلسه فرفع عينيه إليها وابتسم:
, ـ صباح الخير ليلى٣ نقطة ٣ نقطة تعالي واجلسي إلى جانبي
, ألقت التحية و اتخذت مجلسا على أريكة عريضة غير بعيدة عنه. ضحك و هو يقول:
, ـ تعجبت حين سمعت صوت خطواتك، فليس من عادة أولادي الاستيقاظ باكرا في نهاية الأسبوع٣ نقطة فأجلس كما ترين وحيدا أحتسي قهوة الصباح و أطالع الجرائد، حتى تعود الحياة إلى القصر حوالي الساعة الحادية عشرة
, ابتسمت ليلى في حرج. رغم سكنها عند خالها منذ ثلاثة أيام إلا أنها لم تجلس إليه بمفردهما من قبل، حتى أنها كانت تطلب وساطة منال لديه كلما احتاجت إلى شيء. : تشجعت و بادرته بصوت واضح
, خالي٣ نقطة
, نظر إليها مبتسما و على وجهه علامات الانتباه. احمرت وجنتاها و بدا عليها التردد. : فقال مشجعا
, ـ تفضلي يا ليلى٣ نقطة ٣ نقطة لا تخجلي مني
, : ابتسمت بدورها و هي تلهو بطرف ثوبها و قالت بعد صمت قصير
, كنت أريد أن أطلب منك شيئا٣ نقطة
, : هز رأسه كأنه يحثها على المتابعة، فأردفت
, ـ بما أن إقامتي عندكم قد تطول٣ نقطة و بما أن الغرفة التي أسكنها كانت خالية منذ بضع سنوات٣ نقطة فإنني فكرت٣ نقطة إن لم يكن في الأمر إزعاج لكم٣ نقطة و بعد موافقتك طبعا٣ نقطة فكرت في تغيير ديكور الغرفة٣ نقطة حتى أحس بأنها غرفتي٣ نقطة أقصد غرفتي المؤقتة طبعا٣ نقطة
, فكرت في تغيير ورق الجدران و الستائر٣ نقطة
, : عقد نبيل حاجبيه و بدا عليه التفكير، فأضافت ليلى على الفور
, ـ كل ذلك على نفقتي طبعا٣ نقطة و لكن، إن كان في الأمر إزعاج وتطاول مني فلا بأس! لا بأس إطلاقا٣ نقطة الغرفة في حالة جيدة و أنا لا أشتكي من شيء٣ نقطة ٣ نقطة لكن
, : ضحك نبيل و هو يقول
, ـ اهدئي يا ليلى٣ نقطة لا داعي للتبرير, إنها غرفتك بالفعل و لك الحق في تغيير ديكورها مثلما تشائين، و على نفقتي طبعا، فأنت في بيتي و ضيافتي٣ نقطة كنت أفكر في المحل المناسب لاقتناء كل ما يلزم و قد وجدت المحل المناسب و أضمن أنه سيفتح اليوم من أجلك٣ نقطة سأرسل صابر بعد قليل لإحضار عينات من المواد المعروضة و يمكنك اختيار
, الألوان التي تناسبك٣ نقطة
,
, نظرت إليه ليلى في ذهول:
, ـ هل تقصد بأنه لا يزعجك أن تصبح الغرفة الزرقاء٣ نقطة غير زرقاء؟
, : ضحك من جديد، ثم ابتسم و كأنه يسترجع ذكريات بعيدة
, ـ كانت هاجر زوجتي الأولى مولعة باللون الأزرق، و قد خصصت لنفسها تلك الغرفة و كستها بلونها المفضل، حتى أطلق عليها اسم الغرفة الزرقاء٣ نقطة و قد حافظت على طابعها الخاص من بعدها،
, احتراما لذكراها٣ نقطة
, : ثم نظر إليها في أسى و هو يتابع
, ـ لكن الغرفة أصبحت تحمل ذكريات كثيرة٣ نقطة لا تخصني وحدي٣ نقطة ومن المفيد أن نضفي عليها بعض التغيير٣ نقطة ٣ نقطة لتجديد الحياة
, لبثت ليلى ترمقه في صمت و قد أحست بالألم في صوته. كم من الأسرار تخفين أيتها الغرفة الزرقاء؟
, : انتبهت من شرودها على صوت خالها و قد غير الموضوع
, ـ من عادتنا أن نقيم حفلة شواء كل نهاية أسبوع٣ نقطة لذلك سيكون لدينا عدد من المدعوين اليوم من عائلة زوجتي الراحلة و من أصدقاء العائلة٣ نقطة ٣ نقطة لذلك استعدي
, : ثم غمزها و هو يقول في خبث
, أريد أن تكون ابنة أختي أجمل الفتيات الحاضرات٣ نقطة لا تخيبي ظني
,
, خجلت ليلى من أسلوب خالها الجريء و ابتسمت و قد فهمت ممن ورث أمين طباعه
, وقفت و همت بالمغادرة، لكن خالها استوقفها و كأنه تذكر شيئا هاما :
, ـ ليلى٣ نقطة ٣ نقطة نسيت أن أخبرك
, : التفتت ليلى في اهتمام فقال
, ٣ نقطةـ والدك اتصل البارحة
, : قاطعته و هي تهتف في لهفة
, أبي اتصل؟ لماذا لم يتحدث إلي؟ كنت قلقة عليه جدا٣ نقطة
, : أردف نبيل مهدئا
, ـ حين اتصل كنت نائمة، كان ذلك في وقت متأخر من الليل٣ نقطة نظرا لفروق التوقيت، كما تعلمين٣ نقطة لكنني مررت على غرفتك و طرقت الباب، و يبدو أنك كنت في نوم عميق فلم أرد إزعاجك٣ نقطة كما أنه لا شيء يدعو إلى القلق٣ نقطة فنجيب أراد أن يطمئن إلى حسن تأقلمك مع الوضع هنا و إلى حصولك على وسائل الراحة الكافية٣ نقطة
, تنهدت ليلى في حزن و همست:
, ـ لكنني أريد التحدث إليه! ألم يترك لك رقما يمكنني الاتصال به عليه؟ فهاتفه الدولي معطل٣ نقطة
,
, : هرش نبيل رأسه في إحراج و قال
, ـ الحقيقة، قال بأنه سيتصل بنفسه بين الفينة و الأخرى٣ نقطة لأنه مشغول جدا٣ نقطة لكن لا داعي للقلق، سيكون مشغولا في فترة البداية٣ نقطة لكن ما أن تستقر الأعمال و تتضح الأمور فإنه سيتصل بك دائما ويطمئن عليك بنفسه٣ نقطة
, لم تقتنع ليلى بل ازدادت شكوكها بأن خالها و والدها يخفيان عليها أمرا ما٣ نقطة تنهدت و لم تصر أكثر و وقفت من جديد لتعود إلى غرفتها. : جاءها صوت خالها مطمئنا و كأنه يحاول الاعتذار
, ـ لا تقلقي يا ليلى٣ نقطة و بالنسبة إلى طلبك، سأرسل صابر ليحضر العينات اللازمة٣ نقطة ٣ نقطة كل شيء سيكون عندك بعد ساعة من الآن
, هزت رأسها و شكرته في اقتضاب٣ نقطة و جرت قدميها عبر الحديقة وقد سيطر عليها الحزن من جديد٣ نقطة
,
, ٩ العلامة النجمية
, اختارت الألوان المناسبة لورق الجدران و الستائر و لحافات السرير و الزربية الجديدة٣ نقطة اختارتها كلها في اللون الوردي و درجاته٣ نقطة
, لون مشرق يغير إحساسها بالعالم من حولها٣ نقطة انضمت إليها منال والصغيرة رانيا بعد أن أصرت على ٣ نقطة تغيير الورق بنفسها
, انهمكت منال و ليلى في نزع الورق الأزرق القديم الذي غطى الجدران بالكامل، في حين افترشت رانيا الأرض و أخذت تقص الورق المنزوع و تصنع منه أشكالا مضحكة تسارع في كل مرة لتريها إلى ليلى و
, والدتها٣ نقطة
, ابتسمت منال و هي ترى ليلى مركزة في عملها و على وجهها علامات السرور:
, ـ كانت فكرة جيدة أن تغيري ديكور الغرفة٣ نقطة فرغم أنها جددت مرات عدة و تم تغيير أثاثها إلا أن أحدا لم يفكر في التخلص من اللون الأزرق
, : هزت ليلى رأسها موافقة، فواصلت منال هامسة
, ـ كما أنها فرصة للتخلص من اللعنة التي تلازم الغرفة و تصيب ساكنيها٣ نقطة
, التفتت إليها ليلى في شك، فانفجرت منال ضاحكة و هي تلوح بكفها في استهانة:
, ـ أنا لا أؤمن باللعنة و لا بالأرواح الضائعة التي تبحث عن الانتقام٣ نقطة لكن ما حصل في هذه الغرفة من أحداث أليمة يجعل الأقاويل تكثر و الخرافات لا تتوقف
, عادت ليلى إلى عملها و قد فهمت بأنها تتحدث عن انتحار حنان في الغرفة٣ نقطة : لكن منال استرسلت في الحديث و كأنها تخاطب نفسها
, أريد أن أفهم٣ نقطة هل للون الأزرق علاقة بحوادث الانتحار؟ لقد قرأت مقالة ما في إحدى المجلات تقول بأن الألوان لها تأثير عميق في الحالة النفسية و قد تؤدي إلى الاكتئاب و التأزم٣ نقطة لكنني لا أظن أن اللون الأزرق من الألوان الكئيبة
, : سكتت للحظات ثم واصلت
, ـ السيدة هاجر شربت علبة دواء مهدئ كاملة في هذه الغرفة٣ نقطة ووضعت بذلك حدا لحياتها٣ نقطة
, : استدارت ليلى في ذهول و هتفت
, السيدة هاجر انتحرت هي الأخرى؟!
, هزت منال رأسها في أسف:
, ـ نعم٣ نقطة و هناك حادثة انتحار أخرى حصلت في الغرفة أيضا٣ نقطة أماني، شقيقة السيدة إيمان٣ نقطة
, : تركت ليلى ما بين يديها و اقتربت من منال في اهتمام
, خبريني ما قصتها٣ نقطة
, جذبت منال كرسيا و جلست مستعدة لحديث طويل:
, ـ بعد وفاة السيدة هاجر ببضع سنوات، تزوج عمي نبيل السيدة إيمان٣ نقطة كان ياسين قد بلغ العاشرة من عمره آنذاك٣ نقطة و قد كانت لدى السيدة إيمان أخت في مثل عمر ياسين تقريبا تأتي لزيارتها كثيرا للعب مع ياسين، و لأنها كانت متعلقة بأختها أيضا٣ نقطة ثم أنجبت إيمان فراس و أمين، و بعد أن كبرا و دخلا المدرسة الابتدائية كانت أماني تأتي لتدريسهما و مساعدتهما على المراجعة٣ نقطة واستمرت على تلك الوتيرة إلى أن دخلت الجامعة٣ نقطة ثم مرضت إيمان مرضا مزمنا٣ نقطة فقد كانت تعاني منذ زواجها من ضعف في القلب، فسافر معها عمي نبيل إلى عدد من البلدان الأوروبية للعلاج و طلب من أماني أن تأتي للإقامة في القصر في فترة غيابهما٣ نقطة لمساعدة الخالة مريم على الاهتمام بفراس و أمين و تعويض غياب والدتهما٣ نقطة لكن إيمان لم تصمد أمام المرض و توفيت في رحلة علاجها تلك التي استغرقت أسابيع طويلة٣ نقطة و بعد بضعة أشهر من وفاتها، انتحرت أماني في الغرفة الزرقاء حيث ظلت تقيم٣ نقطة
, ظلت ليلى مشدوهة و هي تستمع إلى الحكاية، لكن منال ضحكت مداعبة و هي تقول:
, ـ لو أنها عاشت، لما كنت أمامك اليوم! فياسين كان يفكر في الزواج منها٣ نقطة لكن ا**** عوضه خيرا منها٣ نقطة زوجة أخرى، جميلة و رقيقة و
, مميزة٣ نقطة
, قالت ذلك و هي تلهو بخصلات شعرها في دلال٣ نقطة
, ابتسمت ليلى و سارت لتواصل عملها بعد الفاصل التاريخي الكئيب٣ نقطة
, فتحت صوان الملابس، و أخذت في تفريغ محتوياته٣ نقطة فالصوان كان مغلفا بالورق الأزرق من الداخل٣ نقطة أخذت في نزع الورق بهدوء دون تركيز٣ نقطة فقد أخذتها أفكارها إلى الماضي البعيد و كل ما خلفه من أحزان في هذا القصر٣ نقطة لا شك أن مثل هذه الحوادث الفظيعة تترك أثرا عميقا في النفس حتى إن حاول صاحبه إخفاءه٣ نقطة ياسين الصغير، الذي رأى أمه تموت و هو لا يزال في الطفولة المبكرة٣ نقطة ثم ياسين الشاب الذي يفاجأ بخطيبته تنهي حياتها بصفة مأساوية٣ نقطة لا عجب أنه تزوج في سن متأخرة نوعا ما. من المؤكد أنه لا يشكو من المصاعب المادية التي تدفع الشباب إلى تأخير الزواج حتى الثلاثين أو ما بعدها، لكن يبدو أن عقدة نفسية تشكلت لديه بعد تلك الأحداث المؤلمة٣ نقطة
, فجأة انتبهت حين لامست أصابعها نتوءا في الجدار الجانبي الذي لا يصل إليه الضوء٣ نقطة تلمست الجدار باهتمام٣ نقطة يبدو أن شيئا ما وضع بين الجدار الخشبي للصوان و ورق التغليف٣ نقطة شيء صلب، في حجم كراس صغير٣ نقطة مزقت ما بقي من الورق بسرعة و فضول كبير يدفعها٣ نقطة
, أخرجت الجسم أخيرا و تأملته بين يديها في دهشة٣ نقطة كان بالفعل كراسا صغيرا، أو مفكرة شخصية، ذات لون أسود. نفضت عنها الغبار وجلست على الفراش. انتبهت إليها منال فاقتربت منها في فضول و جلست إلى جانبها متسائلة:
, ـ ما هذا؟
, : لم تجب ليلى و فتحت الكراس على الصفحة الأولى و قرأت
, ٣ نقطة أخفيتها في صدري كلمات كثيرة لم يستطع لساني أن ينطق بها " طويلا٣ نقطة و لم تجد لها مسكنا سوى صفحات كراسي٣ نقطة لكنني آمل يوما أن أجد الشجاعة لأواجه بها العالم٣ نقطة و أطلب الصفح على كل ما فعلت، وما لم أفعل٣ نقطة الإهداء ( "( إلى زوجي العزيز فراس
,
, : كانت منال تطل برأسها لتقرأ ما كتب، فهتفت في حماس
, ٣ علامة التعجبـ يبدو أنها مذكرات حنان
, قلبت ليلى الصفحة دون : أن تنطق و واصلت القراءة
, عزيزي فراس،" ليس في قاموسي كلمات توفيك حقك و تبلغك مدى امتناني لك٣ نقطة و "٣ نقطةأتمنى أن أرد إليك جميلك يوما ما
, قلبت ليلى الصفحة من جديد دون أن تنتهي من الرسالة، فهتفت منال في احتجاج:
, ـ انتظري٣ نقطة ! لم أنته من القراءة بعد
, كانت الصفحة الموالية تبدأ بنفس العبارة أيضا "عزيزي فراس"٣ نقطة والصفحات التي تليها كذلك.
, : أغلقت ليلى الكراس و التفتت إلى منال و هي تقول
, ـ يبدو أن الكراس عبارة عن مجموعة رسائل موجهة إلى فراس٣ نقطة
, أظن أنه ليس من حقنا أن نطلع على ما جاء فيه، فهو يخص فراس وحده!
, ترجتها منال : و قد سيطر عليها الفضول
, ـ يمكننا أن نقرأه ثم نسلمه إلى فراس٣ نقطة و هل لن يلاحظ الفرق٣ نقطة أرجوك!
,
, : هزت ليلى رأسها رافضة في إصرار فألحت منال
, إن كنت لا تريدين القراءة فدعيني أقرأ و لن أخبرك بما جاء فيه!
, وقفت ليلى و وضعت الكراس في درج المكتب و أغلقته بالمفتاح ومنال لا تتوقف عن الاحتجاج. : نظرت إليها ليلى و قالت
, ـ أنا آسفة يا منال، و لكنني من وجد المفكرة٣ نقطة لذلك من واجبي أن أسلمها إلى فراس و لا أحد غيره، فإن وافق على أن نطلع عليها فلا بأس٣ نقطة ٣ نقطة و الآن هيا إلى العمل
, تنهدت منال في يأس٣ نقطة و أخذت تجهز الورق الجديد٣ نقطة , خارج القائمة
 
٨


واو ليلى! ! الحكاية أقرب إلى الخيال
, ـ أرجوك سحر٣ نقطة ! إنها أقرب إلى الكوابيس
,
, : هتفت سحر في حماس
, ـ ألا يبدو لك أن الانتحارات المتتالية هذه مثيرة للشكوك؟
, : عقدت ليلى حاجبيها و قالت في اهتمام
, ـ ماذا تقصدين؟
, تنحنحت سحر ثم : استطردت و هي تقول بلهجة جادة
, ـ سيدي الرئيس٣ نقطة أعضاء اللجنة المحترمين٣ نقطة إن رؤيتي للأحداث و تحليلي الدقيق للحقائق يقودني إلى الاعتقاد بأن يدا ما تتلاعب بالضحايا و تقودهم إلى المصير المحتوم، في مسرح الجريمة المشترك٣ نقطة
, : قاطعتها ليلى ضاحكة
, ـ أرجوك سحر٣ نقطة احتفظي بمرافعتك لقضيتك الأولى٣ نقطة نحن نتحدث عن انتحار و ليس عن جريمة قتل!
, : أردفت سحر في ثقة
, ـ ذاك هو بيت القصيد٣ نقطة في حالات كثيرة يعتقد بأن القضية هي عملية انتحار في حين أن القاتل قد قام بتلفيق الأدلة حتى تبدو كذلك!
, : هزت ليلى رأسها في عدم اقتناع
, ـ و لكن السيدة هاجر شربت الدواء٣ نقطة ! و كانت بمفردها في الغرفة
,
, ـ نعم٣ نقطة و هذا ما أريد الوصول إليه٣ نقطة لو فرضنا، أقول لو فرضنا٣ نقطة بأن هاجر انتحرت بالفعل، و هو مجرد افتراض يا عزيزتي٣ نقطة ثم انطلقت الشائعات حول الغرفة الزرقاء و غموضها٣ نقطة وأثريت القصة بطيف السيدة هاجر الشريد٣ نقطة ثم تتطور الأحداث وتظهر شخصيات جديدة، تنشأ عداوات تصل إلى التفكير في القتل٣ نقطة فيجد القاتل الأرضية الملائمة و يستغل حكاية الغرفة الزرقاء، حيث يتخلص من ضحاياه و يجعل الأمر يبدو انتحارا٣ نقطة باعتبار أن الغرفة تجلب الاكتئاب مثلا، أو أن الضحايا كانوا متأثرين بقصة الشبح، لست أدري٣ نقطة شيء من هذا القبيل، شيء على علاقة بقصة الانتحار الأولى٣ نقطة قولي، كيف انتحرت أماني؟
, : لبثت ليلى ذاهلة أمام فرضية سحر
, ـ لا أدري٣ نقطة ٣ نقطة لم أطلب التفاصيل
, : هتفت سحر
, ـ يجب أن تسألي و تستفسري عن كل شيء٣ نقطة عن تفاصيل الجرائم التي حصلت٣ نقطة ٣ نقطة أداة الجريمة مثلا، و أماكن تواجد المشتبه بهم
, ـ انتظري أرجوك٣ نقطة أي مشتبه بهم؟
, ـ جميع سكان القصر بدون استثناء! و يمكن حصر العدد فيما بعد٣ نقطة بعد دراسة الدوافع!
,
, : أطلقت ليلى ضحكة قصيرة و هتفت
, ـ سحر، أرجوك٣ نقطة المسألة معقدة بما فيه الكفاية٣ نقطة و لا تحتمل المزيد من الشكوك و التحقيقات!
, : تنهدت سحر و هي تقول
, ـ لو كنت مكانك لما تمكنت من النوم ليلة واحدة هانئة البال وأنا أعلم بأن القاتل لا يزال يجوب حرا طليقا!
, ـ حسن٣ نقطة ٣ نقطة سأنظر في الأمر
, لا تبدين مقتنعة!
, : هتفت ليلى في نفاد صبر
, ـ سحر، اتصلت بك لتخففي عني وليس لتزيدي من مخاوفي!
, و لكن ماذا تريدين مني أن أفعل؟ أنا أحاول مساعدتك٣ نقطة
, طيب٣ نقطة
, ٤ نقطة
,
, تخلصت ليلى من وساوس سحر بصعوبة. وضعت السماعة و هي تكتم
, ضحكتها على خيال سحر الواسع.
,
, ألقت نظرة على الغرفة٣ نقطة كانت الفوضى تعمها، لكنها لم تعد زرقاء على أية حال. تخلصت من ورق الجدران الأزرق و كل الديكور التابع، لكنها لم تنته بعد من وضع ورق التغليف الجديد. تنهدت في إعياء٣ نقطة
, خالها اقترح عليها أن يقوم الخدم بتغيير الورق، لكنها أصرت٣ نقطة منال تخلت عنها لتهتم برانيا التي ملت الجلوس و تقطيع الورق! لكنها لم
, تندم على ذلك أبدا٣ نقطة فقد عثرت على كنز ثمين : مذكرات حنان!
, حسن٣ نقطة ستنهي العمل في الغد٣ نقطة أما الآن فعليها الاستعداد لحفلة الليلة!
, تذكرت ملاحظة خالها فابتسمت.
, أخذت حماما سريعا، ثم جلست أمام المرآة تتأمل وجهها. و للحظة، تخيلت حنان تجلس في مكانها، تطالعها بنفس العينين العسليتين، تبتسم شبه ابتسامة٣ نقطة تنهدت و هي تفكر٣ نقطة ما الذي يدفع فتاة دون العشرين من عمرها إلى الانتحار؟ اكتئاب في فترة الحمل؟٢ علامة التعجب مستحيل!
, هناك سر ما٣ نقطة سر لا تعلمه إلا حنان٣ نقطة و حنان وحدها قادرة على إخبارها بالحقيقة كاملة٣ نقطة تحولت نظراتها دون وعي منها إلى الدرج المغلق ٣ نقطة في مكتبها
, تناولت المفتاح من حقيبتها و أخرجت الكراس و قد استبدت بها رغبة ملحة في اكتشاف الحقيقة٣ نقطة تحس أن الحقيقة بين يديها٣ نقطة ماذا لو ألقت نظرة؟ لن يضر ذلك أحدا٣ نقطة لكنها ستعرف الكثير عن شقيقتها٣ نقطة
, كان الصراع قائما بين مبادئها و حاجتها إلى معرفة عائلتها٣ نقطة لكن يبدو أن الشكوك التي أثارتها سحر في نفسها رجحت الكفة الثانية!
, تناولت المفكرة السوداء بين يديها، قلبتها في حذر، ثم أخذت نفسا عميقا و فتحتها على الصفحة الثانية٤ نقطة
, فجأة تعالت طرقات قوية على باب غرفتها. قفزت في مكانها و سقط الكراس من يدها. أفزعتها الطرقات و تسارعت دقات قلبها٣ نقطة انحنت لتأخذ الكراس من جديد و هتفت بصوت مختلج من الذعر:
, ـ من هناك؟
, : جاءها صوت أمين من وراء الباب
, ليلى٣ نقطة ٣ نقطة هل أنت جاهزة؟ لقد بدأ الضيوف في التوافد
, حسن لن أتأخر٣ نقطة
, سأنتظرك في الأسفل٣ نقطة
, ابتعدت خطوات أمين، فأخذت ليلى نفسا عميقا٣ نقطة نظرت إلى الكراس من
, جديد ثم سارعت بإخفائها في حقيبتها٣ نقطة ستسلمها اليوم إلى فراس، إذا
, لقيته في الحفلة٣ نقطة
, همت بالخروج بعد أن ارتدت ثوبا مناسبا للحفلة الصغيرة. لكنها توقفت فجأة و قد تذكرت شيئا ما٣ نقطة عادت إلى طاولة الزينة وفتحت الدرج الذي أودعته صندوقها الصغير. صندوق خاص تضع فيه أشياءها الصغيرة الخاصة. فتحته في حرص، و تناولت قلادة رفيعة من الذهب الأبيض تدلت منه حلية رقيقة ذات شكل غريب٣ نقطة لطالما بدت لها الحلية منقوصة أو مشوهة٣ نقطة فهي ذات شكل مقوس، يشبه الهلال٣ نقطة لكن الجزء الداخلي فيه نتوءات مدببة٣ نقطة و قد رصعت الحلية بماسات صغيرة متألقة.
, تنهدت و هي تضع القلادة حول جيدها. لم تكن تحب المجوهرات كثيرا، بل تحتفظ بقدر قليل جدا منها٣ نقطة و منها هذه القلادة التي تعني لها الكثير. فمع أنها ليست ذات جمال أخاذ، بل أنها قد لا تفكر في اقتنائها مطلقا إذا ما رأتها معروضة، فإنها تعتبرها أغلى ما لديها٣ نقطة لأنها ذكرى غالية من والدها، كانت هديته إليها في عيد ميلادها العشرين، و قد أوصاها بالحفاظ عليها لأن لها قيمة معنوية لديه. و الآن فإنها أحست بحاجتها إلى وضعها٣ نقطة لأنها تحسسها بقربها منه و هو بعيد. تعلم أن أفكارها تلك سخيفة، و أن القلادة لن تعيد إليها والدها٣ نقطة ٣ نقطة لكن يكفي أنها منه، و أنها عزيزة عليه
, نزلت السلم بخطوات بطيئة و هي تتطلع إلى البهو في حذر، فهي تتوقع أن ترى أناسا كثيرين غرباء بالنسبة إليها. لكنها فوجئت حين ألفت المكان خاليا٣ نقطة تقريبا٣ نقطة فقد طالعها وجه أمين المبتسم الذي كان بانتظارها أسفل الدرج. : نظرت إليه في شك و سألت
, ـ أين الضيوف؟
, : ابتسم و هو يقدم إليها ذراعه للتأبطها و قال
, ـ الجميع في الحديقة٣ نقطة ينتظرون الشواء٣ نقطة ٣ نقطة تعالي، سأقدمك إليهم
,
, تجاهلت ذراعه و مرت من أمامه و في عينيها نظرة صارمة. ثم استدارت لتواجهه. يبدو أن وقت المصارحة قد حان! أخذت نفسا عميقا كمن يستعد لإلقاء خطاب ثم قالت بصوت هادئ و حازم في آن:
, ـ أمين٣ نقطة يجب أن تستوعب شيئا ما٣ نقطة ٣ نقطة أولا، أنا لست حنان
, انفرجت شفتاه و أطلق همهمة و هو يهم بالاعتراض، لكنها قاطعته و هي ترفع صوتها:
, و ثــــــــــانيا٣ نقطة
, انتبهت إلى أن صوتها بدا حادا، نظرت حولها في حذر لتتأكد من أنه لا أحد في الجوار، في حين ظل أمين مسمرا في مكانه دون أن يجرؤ على النطق، ثم أردفت و قد استعادت هدوءها:
, ـ و ثانيا، عليك أن تحترم حدود العلاقة بيننا٣ نقطة أنت ابن خالي بالطبع، لكن من الجانب الديني أنت رجل أجنبي عني٣ نقطة هل تفهم معنى رجل أجنبي؟ يعني لا يحق لك أن تلمسني، أو تمسك بيدي و لا حتى تصافحني٣ نقطة و خاصة، خــــــــــــــاصة٣ نقطة لا يحق لك أن تدخل إلى غرفتي! فأصلا وقوفنا هنا، بمفردنا، خطأ في حد ذاته! هل تفهمني؟
, هز أمين رأسه في حركة بطيئة و لاتزال علامات الصدمة واضحة على تقاسيم وجهه. تنهدت ليلى بصوت مسموع، ثم نظرت إليه من جديد وهي تقول:
, و الآن تفضل، سأتبعك إلى الحديقة٣ نقطة
,
, سبقها أمين و قد سيطر عليه الذهول فلم يتفوه بكلمة واحدة، أما هي فقد ابتسمت في رضا، و سارت خلفه و هي تأمل في سرها أن يكون قد استوعب الدرس!
, كان الضيوف قد تجمعوا قرب المسبح، حيث نصبت الموائد بمختلف أنواع المقبلات و فاحت رائحة الشواء الذي يعده العم هاشم غير بعيد عن المسبح. كان الحاضرون قد تفرقوا في مجموعات صغيرة يتجاذبون أطراف الحديث٣ نقطة رأت خالها يقف مع مجموعة من السادة المتأنقين، يبدو أنهم من رجال الأعمال و ذوي المراكز المرموقة٣ نقطة تذكرت السهرات الخاصة بالسفارة التي كانت تحضرها صحبة والدها٣ نقطة
, ابتسمت ابتسامة جانبية٣ نقطة يبدو أن الحفلات ضرورة من ضرورات الحياة المترفة، للمحافظة على العلاقات، و عقد الصفقات و توثيق
, الصلات٣ نقطة
, توقف أمين و اقترب : منها و هو يشير إلى مجموعة غير بعيدة عنهما
, ـ هذه السيدة نهال مراد٣ نقطة زوجة وزير الاقتصاد صالح مراد، كانت صديقة مقربة لوالدتي، و قد استمرت علاقتها مع العائلة إلى الآن٣ نقطة انظري إلى وجهها٣ نقطة لا تزال تحافظ على جمالها و شبابها رغم تقدمها في السن٣ نقطة بواسطة عمليات التجميل و شد الجلد بطبيعة الحال!
, السيدة التي تقف قبالتها، صديقة لوالدتي كذلك، كانت زميلتها في كلية الطب و هي الآن دكتورة معروفة في أمراض القلب و الشرايين٣ نقطة
, بالمناسبة، فراس أصر على دخول كلية الطب، حتى يحقق حلمها٣ نقطة فهي قد تزوجت قبل أن تتحصل على شهادة الدكتوراه٣ نقطة و انقطعت عن الدراسة فور حملها بفراس٣ نقطة و الحقيقة أنها كانت تواجه صعوبات كبيرة و تصاب بأنواع الاكتئاب و الانهيارات العصبية بضع مرات في السنة الواحدة٣ نقطة ! معاناة حقيقية
, كانت ليلى تتابع كلامه بهزات من رأسها بين الفينة و الأخرى، لكن عيناها كانت تجوبان في أنحاء الحديقة، تبحثان عن شخص محدد بين الحاضرين، و ما إن لمحته على بعد بضعة أمتار حتى اندفعت إليه في حماس. : استوقفها أمين محتجا
, ـ ليلى، إلى أين؟
, : كانت لوهلة قد نسيت وجوده، فالتفتت إليه في حرج و هي تهمس
, سأعود فورا٣ نقطة
, هز أمين كتفيه في تسليم، في حين ثم حثت هي الخطى لتلحق بفراس قبل أن يختفي عن ناظريها. و فيما كانت تقطع طريقها بين الضيوف، لم تنتبه إلى عينين يقظتين كانتا تراقبانها في حذر٣ نقطة عينان شدتهما قلادتها ذات الشكل الغريب التي تتأرجح على صدرها في هرولتها فتلتمع الماسات الصغيرة تحت ضوء الفوانيس الخافت في الحديقة٣ نقطة
, كان فراس يقف إلى مجموعة من الشبان و الشابات، لم يكن يبدو مهتما فهو يقف مكتوف اليدين و على وجهه علامات الملل، يرمي بكلمات قليلة بين الفينة و الأخرى، ثم يحول بصره إلى الجانب الآخر من الحديقة، كأنه ينتظر شخصا ما٣ نقطة و ما إن لمح ليلى مقبلة في
, اتجاهه حتى اعتذر من مجموعته و ابتعد في خطى سريعة.
, تعجبت ليلى من حركته٣ نقطة هل هو هروب؟ تبعته في إصرار، و حين رأت أن المسافة بينهما آخذة في الاتساع، كما أنهما ابتعدا عن المسبح و صارت الأضواء خافتة، رفعت صوتها:
, فراس٣ نقطة
, التفت في حدة، و بدت عليه المفاجأة ل م يتوقع أن تلحق به. نظر
, إليها مستفسرا دون أن ينطق ببنت شفة.
, ـ فراس، هل لي أن آخذ من وقتك لحظات قصيرة؟
, عقد حاجبيه كأنه يقول : ! هات ما عندك
, أخرجت المفكرة من حقيبتها الصغيرة و مدتها إليه:
, هل تعني لك شــــ
, لم يمهلها إلى أن تنهي جملتها، بل امتدت يده بسرعة لتخطف منها الكراس في عنف. : نظر إليها في حذر و هتف
, ـ أين وجدتها؟
, بدا من الواضح أنها تعني له الكثير، بدليل أنه تعرف إليها منذ النظرة الأولى، رغم قلة الإضاءة! لم يحتج حتى إلى فتحها و مطالعة ما فيها ليتأكد! : همهمت ليلى في ذهول
, ـ وجدتها في الغرفة٣ نقطة حين كنت أغير ورق التغليف٣ نقطة
,
, : عاجلها بسؤاله الثاني و هو يقترب منها أكثر لتلمح الشدة في عينيه
, ـ و هل قرأت شيئا منها؟
, تراجعت خطوة إلى الوراء و هي تتجنب نظراته الحارقة و تهمس في خوف:
, ـ أبدا٣ نقطة اطلعت على الصفحة الأولى٣ نقطة و حين رأيت أنها تخصك احتفظت بها لأسلمها إليك٣ نقطة
, اعتدل في وقفته و هو يتمالك نفسه، و لمحت نظرة غريبة في عينيه٣ نقطةمزيج من الحزن و الغضب٣ نقطة و الارتياح٣ نقطة تنهد بقوة، ثم همس بصوت متهدج من الانفعال:
, طيب٣ نقطة
, ثم استدار ليواصل طريقه مبتعدا!
, لبثت ليلى في مكانها حائرة٣ نقطة لم تتوقع أن تكون ردة فعله هكذا! لم يكلف نفسه حتى عناء شكري لعثوري على هذه الذكرى من زوجته! هزت كتفيها استهانة ثم عادت أدراجه إلى حيث تجمع الضيوف.
, لمحت منال و قد انهمكت في الحديث مع فتاتين أخريين، فاقتربت منهن مبتسمة. بدا لها أنها سبق و تعرفت على إحدى الفتاتين، لكنها لا تذكر أين٣ نقطة و فجأة استدارت الفتاة فتوقفت ليلى مصدومة٣ نقطة أوه، لا٣ نقطة فات الأوان! فقد لمحتها منال و استدارت نحوها مرحبة. لم تكن الفتاة سوى رجاء، بنت خالة أبناء خالها، التي كان لها شرف الالتقاء بها منذ يومين! حاولت أن ترسم على شفتيها ابتسامة ودودة، لكن رجاء نظرت إليها شزرا كأنها . تؤكد على موقفها العدائي تجاهها
, : بادرتها منال
, ـ أهلا ليلى٣ نقطة أعرفك٣ نقطة سارة و رجاء٣ نقطة بنات السيدة إلهام، شقيقة
, المرحومة إيمان، زوجة عمي نبيل٣ نقطة
, ثم التفتت إلى الفتاتين و هي تواصل عملية التعارف:
, ـ ليلى٣ نقطة ابنة المرحومة نجاة٣ نقطة شقيقة عمي نبيل٣ نقطة و شقيقة حنان
, التوأم!
, رحبت بها سارة بعد أن أبدت دهشتها للشبه الذي بينها و بين حنان٣ نقطة
, استمرت الأحاديث بينهن لوهلة حول مواضيع شتى، لكن عيني سارة ظلتا معلقتين بقلادة ليلى و لم تتمالك نفسها أن سألت في فضول:
, ـ قلادة جميلة٣ نقطة لكن، شكلها غريب٣ نقطة ماذا يقصد به؟
, ابتسمت ليلى في حرج، و هي تتأمل الحلية بين أصابعها:
, ـ لست أدري٣ نقطة والدي يقول بأنها ذات دلالة تاريخية٣ نقطة و لكنني لا أفهم الكثير فيما يخص الرموز!
, ضحكت الفتيات و غيرن الموضوع بسرعة٣ نقطة
, كانت سارة، الأخت الكبرى لرجاء، تتحرك بعفوية، و الابتسامة لا تفارق وجهها، بدت جد مختلفة عن شقيقتها، أكثر نضجا بالتأكيد، لكن أقل غرورا و ألين طبعا، و بسرعة انسجمتا في حديث ودي حول السفر و البلدان التي زارتها كل منهما٣ نقطة في حين بدا على رجاء الغيظ و هي تطالعهما في امتعاض واضح! : هتفت منال مقترحة
, يبدو أن اللحم قد نضج٣ نقطة ما رأيكن، لو نأخذ نصيبنا!
, نالت الفكرة استحسانا من الجميع و تقدمن نحو ركن الشواء و هن لا يتوقفن عن الثرثرة. ملأت كل منهن صحنها و عادت أدراجها٣ نقطة لكن حين جاء دور ليلى، تسمرت أمام المشواة في شك٣ نقطة لمحت شيئا يحترق بين الجمرات المشتعلة، شيء في حجم حافظة الأوراق أو أكبر بقليل٣ نقطة لا يظهر منه سوى الجزء العلوي٣ نقطة و كانت وريقات مسودة تتطاير مع الرماد في الموقد٣ نقطة اقتربت و هي لا تصدق عينيها٣ نقطة و لكن لا سبيل إلى شك٣ نقطة فهو الغلاف الأسود عينه! فإن كان فراس قد ميزه بعد ثلاث سنوات من وفاة صاحبته، فكيف لا تميزه هي و قد كان بين يديها منذ دقائق قليلة! تسارعت دقات قلبها و هي تقترب من العم هاشم هاتفة :
, ـ عم هاشم٣ نقطة هل لك أن تلتقط تلك الكراس الصغيرة هناك؟
, نظر إليها في استغراب و كأنه لا يستوعب طلبها، فهتفت من جديد وهي ترى النار تلتهم الوريقات بشراهة محولة الكلمات إلى ذرات متناثرة:
, ـ أرجوك بسرعة٣ نقطة إنها تحترق! لقد سقطت مني حين اقتربت من الموقد!
,
, بدت لها كذبة سخيفة، لأن المفكرة كانت مغطاة بشكل جيد بقطع الفحم مما ينفي إمكانية سقوطها سهوا، بل يعني أن يدا ما دستها هناك مع
, سابق الإصرار و الترصد!
, أخرج العم هاشم الكراس أخيرا و هي في حالة يرثى لها. أطفأ النار المشتعلة في أطرافها، و ليلى تتابعه بعينين تتلألأ فيهما الدموع.
, أخذتها منه، أو ما تبقى منها، و لفتها بإحكام بمناديل ورقية، ثم أخفتها في حقيبتها من جديد ثم ابتعدت باتجاه غرفتها، و هي تحبس عبرتها بصعوبة، بعد أن تأكدت بأن أحدا لم ينتبه إلى ما كانت بصدده٣ نقطة
, لماذا فعلت ذلك يا فراس٣ نقطة لماذا؟ , خارج القائمة
 
٩


كانت تتنفس باضطراب و هي تزيح المناديل الورقية البيضاء برفق لتظهر بقايا الكراس المتفحمة٣ نقطة تجمعت الدموع في عينيها من جديد وهي تحاول أن لا تتفتت قطع الورق بين أصابعها قبل أن تطالع ما فيها من كلمات متناثرة يحيطها السواد و قد صار حبرها ضبابيا بمفعول الحرارة٣ نقطة لم تجد أثرا للصفحات الأولى التي رأتها في المرة الماضية. تنهدت في حزن، فقد كان الكراس بين يديها، و كان
, بإمكانها أن تقرأ كل شيء٣ نقطة ! كل شيء، دون أن يحس فراس أو يعلم عضت على شفتها السفلى في أسى٣ نقطة هل ندمت؟ لا٣ نقطة فهي في نهاية المطاف لم تفعل إلا أن طبقت مبادئها التي رباها عليها والدها و غرسها في نفسها٣ نقطة كم من المواقف أشعرتها بأن مبادئها تلك لم يعد لها مكان في المجتمع الحديث المتحضر!
, و هذا موقف آخر٣ نقطة هزت رأسها في عنف لتطرد تلك الأفكار السخيفة٣ نقطة ٣ نقطة لا، لن يزعزع ثقتها
, حارت عيناها بين الكلمات المبعثرة التي ترقص على الورق أمامها٣ نقطة و لا جملة كاملة! استمرت في تقليب الصفحات، و الألم يعتصر قلبها، و الأمل يتراجع في داخلها. لكنها أخيرا عثرت على صفحة نصف محترقة! فلننظر إلى النصف الملآن من الكأس٣ نقطة بقي النصف السليم من الصفحة٣ نقطة التهمت عيناها الكلمات التهاما، كأنها تخاف أن تتبخر هي الأخرى٣ نقطة أنهت الأسطر القليلة و هي تلهث. لبثت تطالعها و الصدمة جلية على ملامحها٣ نقطة عادت لتقرأها بتأن و هدوء٣ نقطة و هي تتمعن في كل كلمة و كل حرف٣ نقطة و هي تحس بأنفاسها توشك على الانقطاع من وقع ما قرأت٣ نقطة ٣ نقطة و دقات قلبها تضرب صدرها بعنف
, لست مضطرا إلى تحمل أخطائي و لا إلى تحمل مسؤولية زلاتي ٣ نقطة" أفضل مائة مرة أن تعاملني أمام الناس كما تظن أنني أستحق، على أن أتحمل لطفك و دفاعك المزيف أمام خالي و بقية أفراد العائلة٣ نقطة لكن معك حق، فشخص مثلي لا أمل له في الحياة٣ نقطة كان يجب أن أموت معها، "٣ نقطةليتها لم ترحل و تتركني وحيدة
, رفعت عينيها في دهشة٣ نقطة ما الذي فعلته يا حنان حتى يعاقبك فراس٣ نقطة عقابا يخفي حقيقته عن العيون؟ و ماذا عن شبح الموت الذي تناجيه حنان في رسائلها؟ لا شك أنها تتحدث عن وفاة نجاة، والدتهما٣ نقطة
, عادت إلى الكراس الصغير، و بأصابع مرتجفة، قلبت الصفحة٣ نقطة
, أعلم أنك تحتقرني، بل تكرهني ٣ نقطة ولا تحتمل حتى النظر في وجهي. لكنني لم أعد أحتمل إهاناتك المستمرة و نظراتك السامة التي تطالعني بها كلما صرنا بمفردنا٣ نقطة ليتك تضربني، على الأقل كنت لأرى علامات على جسدي تثبت لي قسوتك و دناءتك٣ نقطة بل ليتك أنهيت معاناتي في تلك الليلة، ليت قبضتك التي اعتصرت عنقي أخمدت أنفاسي مرة واحدة و إلى الأبد. لماذا أبقيت على حياتي؟ لتقتلني كل يوم ألف مرة؟ الحياة معك بهذا الشكل عذاب لا يطاق، بل لم أتوقع أن مثل هذا العذاب قد يوجد٣ نقطة
,
, ألا تزال تخاطب فراس في رسالتها؟ هو نفسه٣ نقطة "عزيزي فراس"
, "أنا ممتنة لك"؟ حياتها معه عذاب؟ حياتهما معا التي لم تستمر سوى أشهر قليلة٣ علامة التعجب أي نوع من الأزواج كانا؟ إهانات و نظرات سامة٣ نقطة وماذا بعد؟ رأت ليلى شريط الأحداث يتقدم بسرعة أمام عينيها٣ نقطة عذاب حنان٣ نقطة قسوة فراس٣ نقطة الضحية٣ نقطة و الجلاد٣ نقطة توالت المشاهد أمام عينيها كأنها شهدتها، أو ربما كانت ترى نفسها مكان حنان، تحس ما أحسته، و تطالع فراس بعينين خامدتين، قد ودعتا الحياة٣ نقطة لماذا، يا فراس٣ نقطة لماذا؟ توقف الشريط عند مشهد النهاية٣ نقطة انهيار، يأس، انتحار٣ نقطة أم تراه غير ذلك؟ عادت إليها شكوك سحر٣ نقطة أخذت فرائصها ترتعد، و سالت دموعها على وجنتيها دون وعي منها٣ نقطة
, كل تلك الأفكار التي هاجمت عقلها في لحظة واحدة كانت أقوى مما تستطيع احتماله، هي، ليلى القوية٣ نقطة ليلى الصامدة، التي عاشت الطفولة و المراهقة شبه وحيدة و تعلمت أن تحبس دموعها وتبتلعها٣ نقطة راحت تبكي بحرقة، و أخذت أنفاسها تتسارع، و علت شهقاتها لتملأ فراغ الغرفة٣ نقطة التي كانت زرقاء٣ نقطة الغرفة التي شهدت المأساة٣ نقطة مأساة توأمها التي لم تعرفها! لم تكن قد استوعبت بعد أنها قد انتحرت، حتى وجدت نفسها هنا٣ نقطة و هنا فقط، في مسرح الأحداث، تحركت أشياء في داخلها٣ نقطة طفت الصدمة من جديد على السطح، حين تخيلت نفسها مكانها٣ نقطة بل حين استوعب عقلها بشاعة مصيرها٣ نقطة كانت في البداية تعاين الأحداث كأنها لا تعنيها، كقصة غريبة، عن شخص غريب، ترويها شفاه غريبة٣ نقطة لكنها الآن معنية أكثر من أي لحظة مضت٣ نقطة إنها الآن هنا٣ نقطة أصبحت مسؤولة دون أن تدري عن كشف الحقيقة٣ نقطة فأين المفر؟
, لكن ما أرعبها و عبث بنسق دقات قلبها، هو شكها، الذي بات يقينا، بأن لفراس يدا فيما حصل لحنان! سواء كان ذلك بصفة مباشرة أو غير مباشرة، فهو الذي دفعها إلى الانهيار٣ نقطة يقتلها في اليوم ألف مرة؟ فراس الذي كانت بالأمس تعطف عليه و ترغب في مواساته٣ نقطة ماذا صارت تحس تجاهه الآن؟ تذكرت نظراته النارية القاسية٣ نقطة تجهمه، عبوسه و غضبه٣ نقطة كان يعاملها بتلك الطريقة طوال الوقت٣ نقطة و هي زوجته؟ يصيبني الغثيان! حين أفكر بأن حياتنا معا قد تستمر طويلا ٣ نقطة ليتك فقط تفي بوعدك و تريحني من هذا العناء٣ نقطة لم يعد هناك الكثير، و قريبا٣ نقطة ٣ نقطة قريبا أخرج من هذا الكابوس
, أحست بدوار يلم بها، يعصف بدماغها٣ نقطة أراحت رأسها على خلفية السرير٣ نقطة لا تستطيع أن تركز، التفكير يرهقها، يتلف أعصابها٣ نقطة لا تريد أن تصل إلى نتائج مرعبة٣ نقطة كيف غابت تلك الحقائق عن الجميع، و كيف نامت المأساة بين طيات المفكرة المفقودة طول السنين الماضية، لتأتي هي بصدفة٣ نقطةلا، بل بتقدير القادر٣ نقطة لتكشف
, الستار٣ نقطة
, اكتئاب الحمل؟٢ علامة التعجب أطلقت ضحكة صغيرة ساخرة٣ نقطة من تراه صاحب الكذبة السخيفة؟ هل هو أنت٣ نقطة فراس؟
, لكن هناك حلقة مفقودة٣ نقطة كلام حنان لا يزال غامضا٣ نقطة ماهي الأسباب التي أدت إلى تدهور العلاقة بينهما إلى تلك الدرجة؟ بل كيف كانت العلاقة قبل زواجهما؟ وماهي الظروف إلتي أدت بهما إلى الزواج؟
, أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات٣ نقطة وفورا!
, عادت لتبحث من جديد بين قطع الرماد٣ نقطة تبحث عن دافع، تفسير، تبرير منطقي لما حصل٣ نقطة فراس كان بلا شك على علم بما ورد في الكراس، لذلك حاول التخلص منه، رماه في المحرقة٣ نقطة طريقة الإعدام في القرون الوسطى! أراد إعدام الدليل٣ نقطة الشاهد الوحيد على قيد الحياة على ماضيه الأسود مع حنان٣ نقطة لم يكن يريدها أن تدخل الغرفة منذ البداية٣ نقطة كان خائفا من الحقيقة، خائفا من أن تعثر على دليل يدينه، خاصة و هو يعلم بوجود هذا الدليل٣ نقطة لكنه لا يعلم أين أخفته يد حنان الصغيرة عن العيون٣ نقطة
, كانت الأفكار التي تدور في رأسها كلها سوداء٣ نقطة و المفكرة التي بين يديها سوداء٣ نقطة و أصابعها تلطخت بالفحم الأسود٣ نقطة رفعت رأسها، فاصطدمت بصورتها التي انعكست على المرآة المقابلة٣ نقطة كانت هالات سوداء، ظهرت فجأة، تحيط بعينيها. هالها شكلها٣ نقطة ملامحها غائرة، و
, العرق يملأ وجهها٣ نقطة تابعت قراءتها في صفحة أخرى، نجا جزء منها من المحرقة:
, لم أحس يوما بالانتماء إلى عائلة٣ نقطة عائلة تغمرني بحنانها أشعر بالدفء بين أفرادها٣ نقطة و كان حلمي بالزواج هو حلم كل فتاة مراهقة في سني، الفارس الشهم على فرس أبيض، حب و سعادة و شهر عسل٣ نقطة لكن الحقيقة كانت مختلفة كل الاختلاف٣ نقطة لا عائلة، لا حب٣ نقطة و حتى شهر العسل حرمتني منه! و لكنني لا ألقي باللائمة عليك، فأنا التي وافقت على جميع شروطك، و ظننت أنني الرابحة في الصفقة! ٣ نقطةظننت أنني قد٣ نقطة
, وقفت ليلى أمام الجملة المبتورة، التي احترقت نهايتها، في حيرة، تحاول أن تصل إلى ما وراءها٣ نقطة صفقة؟ شروط؟ بينهما عقد٣ نقطة لكن يبدو أنه عقد من نوع آخر٢ علامة التعجب بدأت الصورة تتضح في ذهنها، نوعا ما٣ نقطة صورة الزواج الغريب الذي جمع أختها بابن خالها٣ نقطة مصالح مشتركة٣ نقطة ثم؟ يبدو أن أحد الطرفين أخل ببند من بنود العقد! ابتسمت في سخرية و في حلقها طعم مرارة٣ نقطة الزواج، العقد٣ نقطة الرباط المقدس٣ نقطة لم يكن سوى مهزلة٣ نقطة ترددت في رأسها نصوص القانون التي درستها وحفظتها عن ظهر قلب طوال السنين الماضية٣ نقطة العقود٣ نقطة "القانون لا يحمي المغفلين!"٣ نقطة هل كانت حنان مغفلة؟
,
, أمامك خياران٣ نقطة أن تقتلني، أو أن تتركني أقتل نفسي٣ نقطة لكنني ٣ نقطة في كلتا الحالتين أحملك المسؤولية٣ نقطة و سأترك كل الأدلة ضدك! لست أطلب إذنك، و لكنني أتمنى أن أرى وجهك بعد رحيلي٣ نقطة بعد أن أكون قد حققت خطتي وحدي، و تمردت على رغباتك٣ نقطة فلست نادمة
, على شيء بقدر ما أنا نادمة على انصياعي لك٣ نقطة
, لم تعد تحتمل، تشويش طغى على أفكارها٣ نقطة انقطع الإرسال٣ نقطة أراحت رأسها على الوسادة و هي تحس بتعب عقلي و نفسي و جسدي في آن٣ نقطة
,
, أرسلت تنهيدة حرى، و ارتخت عضلاتها٣ نقطة متعبة٣ نقطة لم تدر كم مر عليها من الوقت و هي في تلك الوضعية، تصارع الهواجس و الكوابيس٣ نقطة
, فجأة، ارتفعت دقات عميقة٣ نقطة لم تكن في رأسها، بل على باب الغرفة.
, بالكاد استطاعت أن ترفع رأسها قليلا و تهمس بصوت شبه مسموع : من هناك؟
, سمعت أصواتا و لغطا في الخارج، ثم فتح الباب و اقتربت منها الأقدام. : سارعت إليها منال و هي تهتف في قلق
, ـ ليلى هل أنت بخير؟
, : هزتها من كتفيها و تلمست وجهها المبلل بالعرق و هتفت من جديد
, ـ أنت محمومة! يجب أن يراك طبيب٣ نقطة سارة أرجوك، استدعي فراس فورا٣ نقطة
, ما إن سمعت اسمه حتى فتحت عينيها رغم الضعف الذي سرى في أوصالها و هتفت في رعب:
, ـ لا٣ نقطة ! لا أريد
, توقفت سارة في تردد، فحثتها منال على الذهاب بنظرة من عينيها وإشارة برأسها، ثم التفتت إلى : ليلى و هي تهمس في حنان
, ـ لا تكوني طفلة٣ نقطة أنت لا تخافين من الحقن، أليس كذلك؟
,
, كانت تريد أن تصرخ٣ نقطة لا أريد طبيبا، لا أريد فراس! أرجوكم، لا تدعوه يقترب مني٣ نقطة لكن كلماتها بقيت محبوسة في حلقها٣ نقطة تحركت شفتاها ببطء، لكن صوتها لم يكن مسموعا٣ نقطة خارت قواها دفعة واحدة، فأغمضت عينيها و غابت عن العالم للحظات٣ نقطة لم تعد تشعر بشيء مما حولها٣ نقطة لكن الأصوات تتسلل إلى عقلها متداخلة و باهتة٣ نقطة
, ثم ظهر صوته ضبابيا و هو يهتف : ٣ نقطة هل هي بخير؟
, و ماهي إلا لحظات حتى راحت في نوم عميق٣ نقطة
, حين استيقظت، كانت بمفردها في الغرفة٣ نقطة رفعت ذراعها في إعياء وتحسست جبينها. كانت لا تزال تحس بالدوار، لكن وجهها لم يعد ملتهبا٣ نقطة تذكرت ما حصل، منال و سارة في الغرفة٣ نقطة ثم٣ نقطةلا٣ علامة التعجب فراس كان هنا! نعم كان هنا، إنها متأكدة٣ نقطة أحست بوجوده حولها رغم إغمائها، أنفاسه تبعث التوتر في الجو٣ نقطة استقامت في جلستها فجأة، و تلفتت حولها في ذعر٣ نقطة الكراس! أين هو؟ كان إلى جانبها حين أغمي عليها٣ نقطة دارت حول نفسها، قطعت الغرفة جيئة و ذهابا و هي تلقي بالأشياء حولها في جنون، تفتح الأدراج و تغلقها، تقلب اللحافات و قطع الملابس، تنحني لتلقي نظرة تحت قطع الأثاث٣ نقطة تمسك برأسها في ألم، و تعيد جولتها في الغرفة و أنفاسها تتردد بضعف في صدرها٣ نقطة لا تزال مريضة٣ نقطة تحس بوخزة الحقنة في ذراعها٣ نقطة
,
, لا٣ علامة التعجب مستحيل! لم يعد هنا٣ نقطة اختفى! حتى المناديل الورقية التي كانت تلفه اختفت هي الأخرى٣ نقطة بلا أدنى أثر! اختفى الدليل الأخير، ألقى به في محرقة أخرى ذاك٣ نقطة ذاك٣ نقطة ذاك الحقير! لم تكن الكلمة في قاموسها قبل اليوم، لم تجد في نفسها حاجة لاستعمالها. لكن اليوم٣ نقطة اليوم تشعر بالغضب يتطاير من جميع خلايا جسدها٣ نقطة كأن مشاعرها زجت داخل بوتقة تصهرها و تعيد تشكيلها٣ نقطة لم تكن تعرف الغضب و لا الكراهية٣ نقطة لكنها اليوم بركان ثائر٣ نقطة كأن حنان قذفت بحمم كلماتها إلى صدرها٣ نقطة و صارت تغلي في عروقها مشاعرها
, اليائسة و حقدها الدفين على فراس٣ نقطة
, ألقت بنفسها على السرير ثانية و أخفت وجهها بين كفيها٣ نقطة لعل
, الدموع تطفئ لهيب بركان صدرها٣ نقطة
, تناولت الهاتف بيدين مرتجفتين، حين جاءها الرد هتفت بصوت مخنوق من العبرة:
, ـ سحر٣ نقطة ! النجدة, خارج القائمة
 
١٠


كان صباحا ربيعيا مشرقا٣ نقطة أزاحت الستائر و تركت أشعة الشمس تداعب أركان الغرفة وتزيد اللون الوردي إضاءة. ملأت رئتيها بالهواء النقي الذي حمل إليها عبير الورود. ابتسمت ببراءة٣ نقطة كم هي في حاجة إلى استرجاع شيء من الصفاء، من الفطرة المتفائلة المطمئنة٣ نقطة
, أنهت عملها في الغرفة، و تخلصت تماما من بقايا الغرفة الزرقاء٣ نقطة لكنها لم تتخلص بعد من مخلفات الليلة الماضية و تأثيرها على نفسيتها٣ نقطة شغلت نفسها بكل شيء و أي شيء٣ نقطة تريد أن تمنع الهواجس من التسلل إلى عقلها، حتى تفكر باتزان و روية. تحس في نفسها حاجة إلى الراحة٣ نقطة راحة تستجمع فيها قواها و تنظم أوراقها التي بعثرتها الاكتشافات الأخيرة٣ نقطة
, قررت أن تخرج من الغرفة٣ نقطة الساعة كانت تشير إلى الحادية عشرة إلا ربع. في مثل هذا الوقت يكون القصر شبه خال٣ نقطة خالها و ياسين يكونان في الشركة٣ نقطة فراس يكون في المستشفى أو في العيادة٣ نقطة وكل ما يهمها في الوقت الحالي هو أن تتجنب رؤيته٣ نقطة بالكاد تخلصت البارحة من فكرة أن يكون قد دس لها سما في الإبرة التي حقنها إياها!
, فتحت الباب في هدوء و أطلت برأسها في حذر٣ نقطة تأكدت من أنه لا أحد في الممر، فتقدمت في خطى وئيدة، أغلقت الباب وراءها و هرولت في اتجاه الدرج، لا تريد أن يعترض أمين طريقها٣ نقطة إنها في حاجة إلى جلسة هادئة ومريحة في الحديقة٣ نقطة لتسترخي و تستعيد هدوء أعصابها٣ نقطة ففي ركنها الخاص الذي تعودت الجلوس فيه منذ إقامتها هنا، تجد الطمأنينة و السكينة٣ نقطة
, كان تسير مسرعة و تلتفت وراءها باستمرار٣ نقطة لتتأكد من أن أحدا لم يلمحها٣ نقطة و خاصة أمين الفضولي الذي لا يمكنها أن تتحمل ثرثرته اليوم٣ نقطة فجأة، اصطدمت بجدار أمامها في عنف و كادت تفقد توازنها لولا أن استندت بذراعها على حائط الممر. أطلقت صرخة خافتة و هي تسمع صوت ارتطام أشياء سقطت على الأرضية الرخامية. رفعت عينيها لتلتقي بعينين تعرفها جيدا٣ نقطة عينيان تثير نظرتهما فيها مشاعر كثيرة٣ نقطة الخوف و الشك و مؤخرا٣ نقطة الاشمئزاز! فلم يكن الجدار الذي اصطدمت به سوى٣ نقطة فراس٣ علامة التعجب لوهلة بدا لها عملاقا، ربما لأنها لم تقف قريبة منه من قبل٣ نقطة أو ربما لكل الأفكار السوداء التي سكنت خيالها عنه و عن ماضيه٣ نقطة
, تراجعت في ذعر و مشاهد كثيرة تتدافع في رأسها٣ نقطة لقاؤهما البارحة في حفلة الشواء، الكراس المحترق، المذكرات٣ نقطة الحمى٣ نقطة الحقنة٣ نقطة والكراس الذي اختفى!
, لم يعد هناك ما تخفيه٣ نقطة صارت تعلم الكثير من الحقائق٣ نقطة و هو يعلم بأنها تعلم٣ نقطة و لا مفر من المواجهة! تمالكت نفسها بصعوبة، و أطلت من عينيها نظرات صارمة قاسية٣ نقطة هو الذي يجب أن يخاف منها، لأنها كشفت سره٣ نقطة و ليس هي! و لكن الكراس اختفى و لم يعد بيدها أي دليل٣ نقطة إذن ! كلمتها ضد كلمته؟
, : قاطع أفكارها صوته و هو يسألها
, ـ هل أنت بخير؟
, عجزت للحظات عن التفكير٣ نقطة طالعته في شك و ريبة٣ نقطة هل يسخر منها؟ ما هذا الذي في صوته؟ اهتمام؟ عطف؟ أم استجواب طبيب لمريضه؟ لبثت تنظر إليه في حيرة٣ نقطة
, : بدا عليه الارتباك و هو يقول
, ـ كنت محمومة البارحة٣ نقطة أنت لا تأكلين جيدا، و جسدك يضعف يوما بعد يوم٣ نقطة ٣ نقطة عليك بالتزام حمية غذائية مناسبة لاسترجاع قواك
, رفعت حاجبيها في دهشة و هو يواصل بصوت خال من التعبير:
, لقد أعطيت التعليمات اللازمة لعم هاشم بشأن طعامك٣ نقطة
, : قاطعته في حدة
, ـ لا علاقة لك بطعامي ! و لا بصحتي
, حدجها بنظرة غاضبة أوقفتها على الفور و جعلتها تندم على تحديه٣ نقطة تعلم أن غضبه من النوع الفتاك٣ نقطة لكنه تنهد بصوت مسموع : و قال بهدوء
,
, ـ أنا في الوقت الحالي طبيبك٣ نقطة و عليك اتباع تعليماتي للتعافي٣ نقطة ربما لم تجدي الجو المناسب هنا، و غياب والدك أثر على نفسيتك٣ نقطة لكن عليك أن تهتمي بنفسك أكثر، حتى يجدك عمي نجيب في كامل
, صحتك حين عودته٣ نقطة
, شدت على أسنانها بقوة٣ نقطة كأنه لا يعلم ما الذي أثر على نفسيتي! أي لعبة تلعبها يا فراس؟ هل تظن بأنني سأغير فكرتي عنك لقناع اللطف الذي تضعه على وجهك لساعات قليلة في اليوم؟ أنت تعلم أنني كشفت عن جوانب شخصيتك الأكثر سوادا، لذلك لا داعي للتحايل٣ نقطة
, كان لا يزال يقف أمامها، صامتا٣ نقطة كأنه لم ينته بعد من كلامه٣ نقطة متردد؟ أوراقه و ملفاته مبعثرة على الأرض، و هو لا يهتم بجمعها٣ نقطةتساءلت في ضيق٣ نقطة ما الذي جاء به في هذا الوقت بالذات؟ أليس من المفروض أن يهتم بمرضاه الحقيقيين؟! لا يمكنها أن تتخيل أن شخصا مثله يعمل طبيبا، يخفف عن الناس و يشفي آلامهم٣ علامة التعجب ازداد اشمئزازها من الفكرة٣ نقطة
, مضت الثواني ثقيلة، لا يمكنها أن تحتمل أكثر٣ نقطة تشجعت، ابتعدت عنه، و مرت من جانبه مندفعة باتجاه السلم، تجاوزته و هي تلهث٣ نقطة داست على ملفاته في شماتة٣ نقطة
, : استوقفها فجأة
, ليلى٣ نقطة
,
, تسمرت في مكانها على الدرجات الأولى. هل سيعنفها؟ ما الذي دهاها حتى تتحداه بتلك الطريقة؟ تصرخ في وجهه، تتجاهله ثم تدوس أوراقه٣ نقطة ! كأنها لا تدري ما بمقدوره فعله
, لكنه لم يمهلها لتتدارك موقفها٣ نقطة : فاجأتها نبرته، و كلماته
, أنا آسف٣ نقطة
, استدارت و هي لا تكاد تصدق أذنيها. إنها المرة الثانية التي يعتذر فيها فراس منها٣ علامة التعجب ! لم تعد تفهم شيئا
, : تابع في هدوء دون أن ينظر إليها
, كنت متعبا البارحة٣ نقطة تصرفت بتهور٣ نقطة ما كان يجب أن أصرخ في وجهك٣ نقطة
, متعب؟ تهور؟ هل هذا كل ما تملكه من مبررات؟ هل هكذا أيضا ستبرر تصرفاتك مع حنان و معاملتك السيئة لها؟ هل تسخر مني يا هذا؟
, لم تعلق بكلمة٣ نقطة استدارت و تابعت نزول السلم٣ نقطة قطعت البهو و هي تنظر بلهفة إلى المخرج، كأنها تفر٣ نقطة تريد أن تفلت من حصاره، أن تبتعد عن محيط تواجده قدر الإمكان. حين وصلت إلى الباب الخارجي حانت منها التفاتة٣ نقطة كان لا يزال مسمرا في أعلى السلم، موليا إياها ظهره٣ نقطة يضع كفه على جبينه، و الأوراق لا تزال مبعثرة على الأرض٣ نقطة يعيد حساباته؟
, تجاوزت الباب مسرعة و اختفت في الحديقة٣ نقطة لم تنتبه إلى الشخص الذي كان يراقب المشهد مستندا إلى باب المطبخ، عاقدا ذراعيه أمام صدره. ٣ نقطة ثم لم يلبث أن عاد إلى الداخل في هدوء
, ٩ العلامة النجمية
,
, طرقات على بابها من جديد٣ نقطة كانت قد عادت إلى غرفتها منذ نصف ساعة بعد أن تأكدت من مغادرة فراس للقصر، لمحته و هو يركب سيارته الباسات البيضاء من مجلسها الخفي في الحديقة٣ نقطة لم تكن نتائج خلوتها في أحضان الطبيعة كالمرجو٣ نقطة فقط زادتها تصرفات فراس المتناقضة تشوشا٣ نقطة
, وقفت في تثاقل و فتحت الباب و هي تبتهل في سرها٣ نقطة يا إلهي أرجوك، إلا أمين، ليس الآن وقت الثرثرة و الدعابات٣ نقطة و لكن لحسن حظها، طالعها وجه منال المبتسم!
, احتضنتها في ود، و أخذت بيدها لتجلسها على الفراش وهي تقول في مرح:
, ـ كيف حال صغيرتنا اليوم؟ أرأيت٣ نقطة ! ليست الحقن مخيفة كما تظنين
,
, ابتسمت ليلى في تعب و هي تقول في نفسها٣ نقطة لم أخف يوما من الحقن٣ نقطة ! لكن الطبيب هنا هو الداء عينه
, ـ شكرا لك يا منال٣ نقطة أنا بخير الآن٣ نقطة ٣ نقطة كانت مجرد وعكة خفيفة
, : رفعت منال سبابتها أمام وجهها متوعدة
, ـ الطبيب يقول بأن جسدك ضعيف مما يجعل مناعتك تتهاوى أمام أدنى فيروس٣ نقطة عليك بالاهتمام بأكلك٣ نقطة و أنا من اليوم سأراقبك و أسهر
, على تطبيق تعليمات الطبيب٣ نقطة
, تنهدت ليلى في يأس. إنها لا تفهم، لا أريد شيئا من هذا الطبيب! فقط
, أن يبقى بعيدا عني٣ نقطة
, رمقتها منال بنظرة متفحصة، و بدت الجدية على ملامحها. راقبتها ليلى و هي تقف و تتناول حقيبتها التي وضعتها على المكتب حين دخولها. جلست من جديد و بهدوء تام، أخرجت لفافة بيضاء من حقيبتها٣ نقطة تطلعت إليها ليلى في دهشة و فضول٣ نقطة مدت إليها منال اللفافة٣ نقطة لفافة الورق الأبيض! تسلمتها ليلى و قد تضاعفت حيرتها أضعافا كثيرة٣ نقطة أزاحت غلاف الورق بسرعة تحت عيني منال، لتجد ما توقعته بالضبط٣ نقطة المفكرة المحترقة!
, رفعت عينيها إلى منال و هي تنتظر تفسيرا. ابتسمت منال و هي تقول :
,
, ـ كانت إلى جوارك حين دخلت عليك مساء البارحة٣ نقطة و لم يكن من الحكمة أن يراها فراس أو سارة عندك٣ نقطة لذلك أخفيتها عن الأنظار، حتى تستعيدي عافيتك٣ نقطة
, : ثم أضافت و هي تغمز بعينها في مرح
, كما أنني لم أستطع مقاومة فضولي لمعرفة ما جاء فيها من حكايات!
, كانت ليلى في ذهول تام. و لقاؤها مع فراس هذا الصباح؟ كانت تتصرف على أساس أنه يعلم بأن المفكرة كانت عندها! والآن فإنها ستثير شكوكه بتصرفاتها المتهورة تلك٣ نقطة ٣ نقطة هزت رأسها في استياء
, : انحنت منال إلى الأيام لتضغط على كف ليلى في حنو وهي تواصل
, أعلم أن ما جاء فيها سبب لك آلاما وهواجس وكوابيس ! ، لكن من الجنون أن تصدقي أكاذيب حنان٣ نقطة
, : عقدت ليلى حاجبيها في دهشة و هتفت محتجة
, ما الذي تقولينه؟ إنها مذكراتها؟
, هزت منال رأسها نافية و هي تقول:
, ـ أنت لا تعرفين حنان٣ نقطة كانت مولعة بالقصص البوليسية و حس المغامرة لديها مرتفع للغاية! تحب نسج القصص الخيالية و تجعل نفسها بطلتها! مذكراتها هذه ماهي إلا قصص مختلقة لا أساس لها من الصحة٢ علامة التعجب
,
, هتفت ليلى في انفعال:
, ـ على أي أساس تحكمين ببطلان ما كتبته حنان هنا؟
, أجابت منال في ثقة:
, ـ أنا أعرف فراس جيدا٣ نقطة ليس بقادر على إيذاء نملة! فكيف يعذب زوجته؟ كما أعرف حنان جيدا و أعرف مقالبها السخيفة و ألاعيبها الطفولية! ٣ نقطة كانت مراهقة شقية
, : لم يبد على ليلى الاقتناع
, ـ لكنك لا تعرفين شيئا عن ظروف زواجهما و طبيعة العلاقة بينهما! تصرفات فراس كانت متناقضة٣ نقطة يعاملها بلطف أمام الجميع٣ نقطة و ما إن ينفرد بها، حتى يصبح شخصا آخر تماما٣ نقطة ! وحشا عديم المشاعر
, تغيرت سحنة منال و رمقت ليلى بنظرة طويلة، ثم قالت فجأة:
, ـ إلام تلمحين؟
, سكتت ليلى مبغوتة٣ نقطة إلام تلمح؟ إلى أنه السبب في موتها؟ إلى أنه يتحمل مسؤولية ضياع شبابها؟ أليس الأمر واضحا؟ لكنها لا تملك دليل إدانة٣ نقطة حنان تقول بأنها ستجعل الأدلة ضده حتى تورطه٣ نقطة فأين هي تلك الأدلة؟
, : قاطعت منال أفكارها و هي تقول في حزم
,
, ـ إذا كنت تظنين بأن فراس يعاني من انفصام في الشخصية، فأنت مخطئة٣ نقطة
, فوجئت ليلى بتعليقها، و كادت تنفجر ضاحكة٣ نقطة هل هذا كل ما خطر على بالك يا منال؟ انفصام في الشخصية؟! ! كم أنت مسالمة و بريئة
, : لكن منال تابعت في جدية
, حنان هي التي كانت تعاني من مرض نفسي مزمن٣ نقطة
, : رفعت ليلى حاجبيها في دهشة و اهتمام
, ـ حنان تعاني من مرض نفسي؟
, هزت منال رأسها مؤكدة:
, ـ كنت أشك في ذلك طوال الوقت، لكنها رفضت الخضوع لفحص طبيب نفسي٣ نقطة و فراس كان يعاملها بحرص حتى لا يخدش مشاعرها، و لا يشعرها بأنها مريضة٣ نقطة و بعد أن توفيت السيدة نجاة، أصابها اكتئاب شديد، و زاد الحمل من تأزمها٣ نقطة فانتقلت من الجناح الذي خصص لها و فراس بعد الزواج، لتعود إلى الغرفة الزرقاء٣ نقطة إلى هنا٣ نقطة حيث صارت تعتزل الجميع و تنفرد بمفكرتها الصغيرة السوداء، تخط فيها أفكارها الجنونية٣ نقطة ٣ نقطة تأكدت من ذلك بعد أن قرأت مذكراتها هذه
, : هتفت ليلى في عدم تصديق
, هل تقولين بأن حنان كانت مجنونة؟٢ علامة التعجب
,
, ارتبكت منال و تلعثمت٣ نقطة كانت مترددة، لكنها قالت أخيرا محاولة تدارك موقفها:
, ـ لا أقول بأنها مجنونة حقا٣ نقطة لكنها لم تكن طبيعية تماما، و أصبحت تصرفاتها شاذة٣ نقطة خاصة بعد انطوائها و اكتئابها المتواصل في الفترة الأخيرة٣ نقطة ! كانت على حافة الجنون لا محالة
, : عاندت ليلى و هي تقول في حدة
, لكن مرضها لم يثبت بفحص طبيب نفسي
, لوحت منال بكف : يها أمام وجهها في استهانة و هي تقول
, ـ حسن، كما تشائين٣ نقطة ربما لم تكن مجنونة، لكن مذكراتها مجنونة قطعا٣ نقطة و ستكونين أكثر جنونا لو صدقت تخاريفها٣ نقطة صدقيني أنا أعرفها و أعرف فراس جيدا٣ نقطة
, وقفت و هي تهم بالمغادرة، لكنها استدارت فجأة و اختطفت الكراس الذي كان لا يزال بين يدي ليلى و قالت و هي تتجه إلى الباب أمام : دهشة ليلى
, ـ لكنني سأحتفظ بهذا٣ نقطة ٣ نقطة كي لا تزورك الكوابيس يا عزيزتي
, : استوقفتها ليلى و هي تهتف في تحد
, ـ إذن لماذا أحرق فراس المفكرة إن كان متأكدا من براءته مما جاء فيها؟!
,
, واجهتها منال للحظة و في عينيها نظرة ذات معنى٣ نقطة ابتسمت وهي تقول في هدوء:
, ليتجنب ردة فعل كهذه
, ثم توارت عن الأنظار٣ نقطة مخلفة وراءها ليلى٣ نقطة في قمة الحيرة٣ نقطة , خارج القائمة
 
١١


خالة ليلى٣ نقطة
, رفعت عينيها عن الرواية الفرنسية التي كانت بين يديها في استغراب. و ما إن وقعت عيناها على الملاك الصغير الذي يقف على ساق ويحرك الأخرى متمايلا في دلال و هو يجمع كفيه خلف ظهره، حتى ملأت الابتسامة وجهها و همست في حنان :
, تعالي، رانيا٣ نقطة
, اقتربت الصغيرة بخطى مترددة و غمغمت مجددا بصوت رقيق :
,
, ـ خالة ليلى٣ نقطة هل تأتين معنا إلى المزرعة؟
, قربتها ليلى منها أكثر، بعد أن وضعت الرواية على المقعد المجاور من الصالة العلوية حيث تجلس، و لم تتمالك نفسها أن قبلتها في حب٣ نقطة ثم سألتها في اهتمام :
, ـ مع من ستذهبين إلى المزرعة؟
, أخذت الفتاة تعد على أصابع يدها بصوت مرتفع :
, ـ مع ماما٣ نقطة و الخالة ليلى٣ نقطة و رانيا٣ نقطة
, ثم مدت يدها إلى ليلى مبرزة الإبهام السبابة و الوسطى، و هتفت :
, ـ نحن الثلاثة!
, ابتسمت ليلى و هي تتأمل عيني الفتاة الشفافتين، و كأن البراءة نفسها تطل من مقلتيها٣ نقطة ثم انحنت إلى الأمام و همست إليها في حذر و هي تلهو بخصلات شعرها الكستنائي السبط بين أصابعها :
, ـ و عمك فراس٣ نقطة ألن يذهب معنا؟
, بدا على رانيا التفكير للحظات، لكنها سرعان ما أفلتت من ليلى، وركضت إلى الجانب الآخر من القاعة في اتجاه الممر. تابعتها ليلى في تعجب. لكن ما لبثت أن تناهى إلى مسامعها حفيف و وشوشة آتيان من الممر٣ نقطة وما هي إلا ثوان حتى عادت رانيا و هي تركض من جديد.
, وقفت أمام ليلى التي كتمت ضحكتها بصعوبة، و قالت :
, ـ عمي أمين سيأخذنا٣ نقطة
, ابتسمت ليلى من جديد، في ارتياح٣ نقطة و قالت مداعبة :
, ـ و أين بابا إذن؟ ألا يحب بابا المزرعة؟
, كان من الواضح أن الصغيرة لا تملك الجواب على هذا السؤال أيضا٣ نقطة همت بالركض مجددا إلى مصدر إلهامها القابع في الممر. لكن ليلى أمسكتها من ذراعها و هي تضحك، و قالت :
, ـ تعالي٣ نقطة لا داعي إلى البحث عن جواب هذا السؤال٣ نقطة
, ثم رفعت صوتها هاتفة :
, ـ منال، يمكن الخروج من مخبئك! كشفتك!
, أطلت منال برأسها ضاحكة. ثم نظرت إلى ابنتها متظاهرة بالغضب وهتفت :
, ـ رانيا٣ نقطة ألم أوصك بأن لا تخبريها بأنني هنا!
,
, عبست رانيا و صاحت في احتجاج و دموعها على أعتاب مقلتيها :
, ـ أنا لم أقل شيئا!
, احتضنت ليلى الصغيرة و هي تعاتب منال :
, ـ لا تصرخي في وجهها٣ نقطة رانيا لم تقل شيئا٣ نقطة لكنني كشفتك بذكائي!
, ضحكتا معا، ثم انصرفت منال لتستدعي أمين و دخلت ليلى غرفتها لتغير ملابسها. بعد قليل عادت منال و على وجهها علامات الاستياء :
, ـ أمين ليس في غرفته٣ نقطة و العم صابر يقول بأنه لم يقض ليلته في القصر! أين تراه يكون؟
, عقدت ليلى حاجبيها متفكرة. كانت آخر مرة رأته فيها ليلة البارحة في الحفلة، أراد أن يعرفها على الضيوف، لكنها تركته حين رأت فراس٣ نقطة هزت رأسها لتبعد عنها صورة فراس التي تبادرت إلى ذهنها من جديد، بعد كل الجهد الذي بذلته لتبقيها بعيدا٣ نقطة كانت قد قررت أن تنسى الموضوع مؤقتا، ريثما تستقر حالتها الصحية و تتماسك، فالدوار لا يزال يعاودها بين الحين و الآخر، و لم تتحمل الانفعالات٣ نقطة و لكن يا ليتها تستطيع!
,
, ـ ما الحل إذن؟
, فكرت منال لبرهة ثم التمعت عيناها و هي تقول :
, ـ ليس أمامي إلا أن أفسد على ياسين قيلولته!
, أخذت رانيا من يدها و همست إليها :
, ـ تعالي حبيبتي٣ نقطة سأرسلك في مهمة٣ نقطة
, ابتسمت ليلى و هي تراقبهما مبتعدتين و منال تلقن صغيرتها تفاصيل خطتها الجديدة٣ نقطة
,
, ٩ العلامة النجمية
, سرحت ببصرها إلى الخارج عبر نافذة السيارة التي أبطأت من سرعتها عند مرورها بمركز المدينة. كانت الشوارع مزدحمة و السيارات تسير متقاربة. تاهت نظراتها في الطريق٣ نقطة و أخذها التفكير. كلما كانت على سفر، أو في رحلة من مكان إلى آخر، تراودها أفكار غريبة، بخصوص رحلتها الطويلة٣ نقطة تلك التي يسمونها الحياة! لكن اعتبارها لحياتها اختلف منذ وصلت إلى هذه البلاد٣ نقطة كانت أول محطة لها في حياتها٣ نقطة هنا استنشقت أول أنفاسها٣ نقطة لكنها غادرتها سريعا، و لم تحمل معها أية ذكرى عنها٣ نقطة والآن، ها هي قد عادت٣ نقطة فكم سيدوم مكوثها هذه المرة؟ أم تراها عودة نهائية؟ سرت في جسدها قشعريرة٣ نقطة لا تدري لم ساورتها تلك الشكوك، بأنها قد تقيم هنا إلى أمد بعيد٣ نقطة
, أخرجها صوت ياسين من تأملاتها و هو يسألها :
, ـ ليلى٣ نقطة هل قمت بالتسجيل في الجامعة؟
, ابتسمت في استغراب٣ نقطة إنه أول شخص يهتم بدراستها و جامعتها!
, ـ ليس بعد٣ نقطة فأنا لا أعلم بعد كم تطول إقامتي هنا٣ نقطة
, تذكرت والدها الذي لم يتصل بها منذ سفره، و يكتفي بالاطمئنان عليها عبر خالها٣ نقطة فاكتست ملامحها الحزن و أشاحت بوجهها إلى النافذة حتى لا يلمح أحد عبرتها٣ نقطة إنه اليوم الخامس لغيابه عنها٣ نقطة
, ـ أرى أنه من الأفضل أن تسجلي٣ نقطة تحسبا للظروف٣ نقطة
, التفتت إليه في اهتمام و دهشة٣ نقطة بدا في صوته شيء ما٣ نقطة شيء يوحي بأنه يعلم أكثر مما يقول!
, ـ يمكنني الاهتمام بملفك٣ نقطة إن أردت سأستعلم في الجامعة عن الأوراق اللازمة و آجال الترسيم٣ نقطة
, هزت رأسها موافقة و هي تطالع صورته في المرآة العاكسة، و همست بكلمات شكر خجولة. ياسين ليس من النوع الثرثار، و احتكاكها به كان قليلا جدا منذ وصولها. لكن احساسا غريبا راودها و هو يسألها عن التسجيل و الدراسة٣ نقطة كأنها عادت طفلة صغيرة، يحدثونها عن المدرسة الجديدة٣ نقطة
, هتفت منال التي كانت تجلس إلى جوار زوجها في المقعد الأمامي :
, ـ تتحدث كأنك ستكلف نفسك عناء التنقل إلى الجامعة! كل ما ستفعله هو إرسال أحد الموظفين ليقوم بما يلزم!
, ضحك ياسين ضحكة عالية و هو يقول :
, ـ و ما فائدتهم إذن!
, حولت ليلى بصرها إلى النافذة من جديد٣ نقطة و راحت تتصفح الوجوه٣ نقطة وجوه سائقي السيارات الحانقين و المنفعلين من تعطل حركة المرور المرهقة في مثل هذا الوقت من اليوم٣ نقطة تعالت أصوات المنبهات حين اقتربت سيارة ياسين من المخرج المؤدي إلى الطريق الزراعية٣ نقطة وبصعوبة تمكن من الانسلال عبر الطريق الجانبية٣ نقطة فجأة توقفت نظرات ليلى عند سائق إحدى السيارات. شاب يخفي عينيه خلف نظرات شمسية و يرخي ذراعه عبر النافذة، متقدما في هدوء، كأن كل ما يحصل حوله لا يعنيه٣ نقطة كان الوجه مألوفا، بل أكثر من مألوف٣ نقطة
, همست غير مصدقة و هي تتابع السيارة التي انحرفت في اتجاه آخر :
, مأمــــــــون٣ علامة التعجب
, استدارت كلية إلى الخلف و هي تتابع بنظرات قلقة السيارة التي راحت تبتعد حتى ابتلعتها أمواج السيارات المتحركة و اختفت خلف بنايات الشارع .
, شدتها رانيا، التي كانت تجلس إلى جوارها، من سترتها و هي تتساءل :
, ـ ماذا هناك خالة ليلى؟
, استقامت في جلستها مجددا و قالت بصوت ينم عن عكس ما تقول :
, ـ لا شيء يا حبيبتي٣ نقطة لا شيء٣ نقطة
,
, لكن نظرة الشك و القلق لم تفارق عينيها٣ نقطة
, طالعها ياسين عبر المرآة العاكسة في انتباه٣ نقطة لم يغفل عما حصل منذ قليل، و هو الذي كان يراقب حركاتها منذ البداية. عقد حاجبيه في اهتمام٣ نقطة يبدو أن الأحداث ستتقدم بأسرع مما كان منتظرا٣ نقطة
,
, ٩ العلامة النجمية
,
, العشاء جاهز٣ نقطة
, ركضت ليلى خلف رانيا التي قفزت إلى الشرفة و هي تطلق صيحات امتزجت بضحكها الطفولي، و سارعت لتختفي خلف الخالة مريم. دست الصغيرة رأسها في ثوب العجوز ظانة أن ليلى لن تراها طالما أنها لا تراها بدورها! اقتربت منها ليلى في حذر و هي تمسك ضحكتها، وبهدوء، وضعت إكليل الزهور التي قطفتاها معا على رأسها. فتحت رانيا عينيها متوجسة و أبعدت وجهها عن حضن المربية ببطء، ثم رفعت كفها لتلمس شعرها، و حين وجدت الإكليل، صرخت من جديد في احتجاج وانطلقت لتطارد ليلى٣ نقطة
,
, وضعت مريم كفيها عند خصرها و هي ترمقهما مبتسمة :
, ـ قلت العشاء جاهز يا بنات!
, ظلت ليلى تدور حول الأريكة طورا و تختبئ خلف المقاعد طورا آخر في مناورات رشيقة٣ نقطة و رانيا تحاول الوصول إليها عبثا، و قد ملأتا المنزل الريفي الهادئ صخبا و هرجا٣ نقطة و أخيرا، ارتمت ليلى على مقعد وثير و قد أنهكها التعب، كانت تتنفس بسرعة و هي تمسح حبيبات العرق التي تجمعت عند جبينها٣ نقطة لم تستطع أن تتوقف عن الضحك، خاصة حين استغلت رانيا فرصة جلوسها، فرفعت جسدها الصغير على أطراف أصابعها لتضع الإكليل أخيرا على رأس ليلى .
, صرخت ليلى متظاهرة بالتكشير :
, ـ هذا غش!
, في حين أخذت رانيا تقفز و تهتف هتافات الفرح٣ نقطة غير عابئة باحتجاجها٣ نقطة
, ـ ماذا تلعبان؟
,
, التفتت ليلى لتلمح منال داخلة و هي تتأبط ذراع ياسين في حركة رومانسية٣ نقطة عادا للتو بعد جولة طويلة في الحقول المحيطة بالمنزل٣ نقطة أملاك عائلة القاسمي٣ نقطة
, استوت ليلى في جلستها ما إن انتبهت إلى وجود ياسين و أجابتها ليلى و هي تقاوم نوبة الضحك التي تمكنت منها : صنعنا إكليلا من الزهور التي قطفناها في الحقل٣ نقطة ثم كل منا تحاول أن تضع الإكليل على رأس الأخرى٣ نقطة كانت مطاردة ممتعة٣ نقطة
, هتفت الخالة مريم للمرة الثالثة :
, ـ العشاء جاهز٣ نقطة تفضلوا من هنا٣ نقطة
, هذه المرة تحرك الجميع و تحلقوا حول المائدة التي تزخر بما لذ وطاب٣ نقطة
, رفع ياسين عينيه عن صحنه و نظر عبر الشرفة٣ نقطة كانت الشمس قد مالت إلى المغيب، و اكتسى الأفق لونا أحمر دافئا٣ نقطة قال محدثا منال التي كانت تضع الملعقة في فم رانيا :
, ـ تأخر الوقت٣ نقطة بسرعة، يجب أن نعود٣ نقطة
,
, حدجته منال بنظرة احتجاج :
, ـ ألا ترى أنني أطعم رانيا!
, مسح يديه في حركة عصبية و هو يغمغم :
, ـ تعلمين أن والدي يقدس وجبة العشاء العائلية٣ نقطة على الأقل نجلس معه على المائدة٣ نقطة و تنهي رانيا عشاءها هناك٣ نقطة
, استسلمت منال على مضض٣ نقطة همت ليلى بالوقوف، لكن الخالة مريم التي كانت تجلس إلى جوارها، أمسكت بذراعها مبتسمة و قالت مخاطبة منال و ياسين :
, ـ ليلى ستظل عندي الليلة٣ نقطة كانت الأمسية قصيرة و بودي لو أجلس إليها بعض الوقت٣ نقطة
, انشرحت أسارير ليلى للاقتراح، فهي كانت تفكر في العشاء و في لقائها المحتم مع فراس! ابتسمت منال بدورها و هي تهز كتفيها قائلة :
, ـ تعلمين، ليلى فتاة راشدة و تتحمل مسؤولية أفعالها كاملة٣ نقطة فإن كانت راضية، فهي لك!
,
, لاح التوتر على ملامح ياسين و التفت إلى ليلى متسائلا :
, ـ ليلى٣ نقطة هل تودين البقاء؟
, هزت رأسها علامة الموافقة و ابتسامة خجولة على شفتيها. تردد ياسين للحظات، لكنه أخيرا انحنى ليحمل رانيا بين ذراعيه و توجه نحو الباب و هو يقول :
, ـ حسن٣ نقطة اهتمي بها جيدا٣ نقطة سأبعث إليها السائق صباح الغد٣ نقطة
, ابتسمت ليلى في رضا، و غمرتها المشاعر غريبة عينها التي انتابتها في السيارة اليوم٣ نقطة أحست بالامتنان لياسين لاهتمامه بها٣ نقطة تخيلته أخا أكبر، مسؤولا عنها في غياب والدها٣ نقطة و أشعرها خيالها ذاك بالارتياح٣ نقطة والأمان٣ نقطة تساءلت في نفسها، لو لم تكن هاته العائلة الصغيرة تسكن القصر، كيف كانت إقامتها فيه ستكون؟!
, شيعت السيارة بعينيها و هي تلوح لرانيا التي كانت تطل عليها من زجاج السيارة الخلفي، ثم عادت إلى الداخل وهي تحس ببعض الراحة٣ نقطة فالحقيقة أن الجو كان منعشا، والأمسية كانت ممتعة و مسلية٣ نقطة
, جلست الخالة مريم إلى جوارها و ربتت على كتفها في حنان و قالت :
, ـ لم تأكلي جيدا على العشاء٣ نقطة تعالي نكمل طعامنا٣ نقطة
,
, ابتسمت ليلى شاكرة و همست :
, جزاك **** خيرا يا خالة٣ نقطة اكتفيت والحمد لله٣ نقطة
, لا يا حبيبتي٣ نقطة أنت لا تأكلين جيدا! لا أصدق أن جسمك قد هزل خلال يومين!
, عانقتها ليلى و هي تقول مبتسمة :
, ـ أنت تبالغين يا خالتي٣ نقطة صدقيني أنا بخير٣ نقطة
, غمزت مريم بعينها و هي ترنو إليها في دهاء :
, ـ و لكن هناك من قلق عليك٣ نقطة و طلب مني الاهتمام بإطعامك!
, رفعت ليلى حاجبيها في دهشة و لبثت تحدق فيها منتظرة المزيد من التوضيحات. فتابعت مريم و الابتسامة لا تفارق شفتيها :
, ـ فراس اتصل بي اليوم، و طلب مني أن أدعوك لقضاء بضعة أيام في المزرعة٣ نقطة قال أن صحتك متدهورة، و نفسيتك متعبة بسبب بعدك عن والدك٣ نقطة لذلك اتصلت بمنال و طلبت منها أن تصحبك إلى هنا٣ نقطة
, لبثت ليلى ساهمة، تنظر إلى الفراغ و قد سرحت في أفكارها٣ نقطة
,
, فراس٣ نقطة هل تخطط لأمر ما؟ هل قصدت إبعادي عن القصر الليلة؟ أم أن كل الهواجس التي في رأسي ليس لها أساس؟٣ علامة التعجب
, ـ ما بك يا ابنتي؟
, أشعرها صوت المربية الدافئ بالطمأنينة، ألقت برأسها على صدرها وقالت و هي تتنهد بعمق :
, ـ أنا متعبة يا خالتي٣ نقطة متعبة٣ نقطة
, احتضنتها العجوز في حنان، لم تكن ليلى ترغب في الكلام٣ نقطة تريد أن تطفئ الأصوات التي ترتع في رأسها و تتلاعب بأفكارها٣ نقطة ظلت مريم تمسح على رأسها٣ نقطة إلى أن غلبها النعاس٣ نقطة
,
, ٩ العلامة النجمية
, استيقظت مرتعبة، جلست على الأريكة العريضة حيث كانت نائمة، وراحت تجيل بصرها في المكان٣ نقطة هدأت و زفرت في ارتياح حين تعرفت على غرفة الجلوس٣ نقطة مسحت وجهها بكفها و هي تستعيذ ب**** من الشيطان الرجيم. لم يكن سوى كابوس٣ نقطة حمدت ا**** و قامت من مجلسها تريد أن تمحو من ذاكرتها الصور التي مرت بها منذ لحظات٣ نقطة
, كانت الغرفة مظلمة تقريبا، يتسلل إليها ضوء خافت قادم من الغرفة الداخلية، و لم تكن مريم هناك٣ نقطة نظرت إلى ساعتها، كانت الساعة قد تجاوزت الحادية عشرة بقليل. يبدو أنني نمت لوقت طويل!
, اقتربت من نافذة الشرفة، و وقفت تتأمل الطبيعة الهادئة في ليلة صيفية مقمرة٣ نقطة كانت الليل قد أرخى سدوله، و غرقت الساحة في ظلام دامس٣ نقطة تنهدت بعمق. و سألت **** أن يعيد إليها والدها سالما٣ نقطة رؤيتها لمأمون اليوم زادتها قلقا على قلق٣ نقطة خافت أن يكون كابوسها حقيقة، فدعت ا**** من كل قلبها أن يكون مجرد وسوسة٣ نقطة
, كان القمر شبه مكتمل، ابتسمت و هي تلاحظ صفاءه و وضوحه٣ نقطة لا يبدو بهذا الشكل في السماء الباريسية! فالسماء هناك بالكاد تصفو بضعة أيام في السنة٣ نقطة و خاصة الصيف المنصرم، فقد أمطرت بشكل منقطع النظير طوال أشهره الثلاثة٣ نقطة
, فجأة لمحت شبحا يتحرك في الساحة أمامها و يقترب من المنزل الريفي٣ نقطة تسارعت دقات قلبها و هي تدقق النظر٣ نقطة يا إلهي، ليس مجددا! تسمرت في مكانها و هي تفكر في ما يمكنها فعله٣ نقطة إنها بمفردها هنا مع الخالة مريم. امرأتان عاجزتان بلا رجل يحميهما! لم تدرك الوضع قبل الآن٣ نقطة فتلكن متفائلة، ربما كان أحد العمال٣ نقطة ولكن ما الذي جاء به في مثل هذا الوقت؟! ربما يكون الحارس؟ نعم من المؤكد أنه الحارس! راقبت الشبح و هو يتقدم نحو حوض الورود البرية الحمراء٣ نقطة أخفت جسدها وراء الستارة و أخذت تطل باحتراس.
, رأته يقترب أكثر في اتجاه الشرفة المكشوفة٣ نقطة صار أمامها مباشرة على بعد أمتار قليلة، لا يفصلها عنه سوى زجاج النافذة٣ نقطة و بهدوء تام، جذب كرسيا و جلس عليه موليا إياها ظهره!
, كان الظلام مخيما في الخارج فلم تستطع أن تتبين ملامحه٣ نقطة لكن من المؤكد أنه من أهل البيت٣ نقطة قفزت إلى ذهنها صورة وحيدة٣ نقطة فراس٣ علامة التعجب
, دارت في رأسها الأفكار و الوساوس٣ نقطة ما الذي يخطط له؟ و لماذا جاء بي إلى هنا؟ هل يكون قد علم باكتشافي لما جاء بالمفكرة، فأراد إبعادي حتى يواجهني بالأمر هنا بعيدا عن أنظار أبيه و إخوته؟! عادت إليها كلمات حنان٣ نقطة يمثل اللطف و البراءة أمام العائلة، و يكشف عن وجهه الآخر معها٣ نقطة بالطبع، لا يريد لأحد أن يشهد مشادة بينه و بينها، حتى لا تطفو التساؤلات و الشكوك على السطح من جديد٢ علامة التعجب
,
, ابتسمت في سخرية٣ نقطة و هي التي اعتقدت لبعض الوقت أنها أساءت الظن به٣ نقطة لست هينا يا فراس!
, لبثت تراقبه في انتباه٣ نقطة لاحظت أنه أخذ يقفل أزرار سترته الخفيفة، و يلف ذراعيه حول جسمه٣ نقطة الطقس بارد في الخارج! التفت في اتجاه المدخل، كأنه يتردد٣ نقطة لكنه في النهاية عدل عن ذلك وظل مكانه٣ نقطة إلى متى سيظل ساكنا هناك؟ هل أنبه ضميره في اللحظات الأخيرة؟ لكنني مستعدة للمواجهة!
, لم تدر كيف واتتها الشجاعة٣ نقطة ابتعدت عن النافذة في هدوء، لفت على جسدها إزارا للخالة مريم، كان مرميا على أحد المقاعد٣ نقطة وفتحت الباب٣ نقطة
, انتبه الشبح الجالس على صوت صرير الباب، و تسلل بعض الضوء إلى الخارج٣ نقطة
, رأته يلتفت إليها٣ نقطة ندمت على الجرأة التي دفعتها إلى تلك الفكرة السخيفة٣ نقطة إنه الوقت الخطأ و المكان الخطأ للمواجهة!
, وقف و قد بانت على وجهه الدهشة٣ نقطة هتف :
, ليلى! ما الذي تفعلينه هنا؟!
,
, لم تكن دهشتها أقل من دهشته و هي تهتف بدورها :
, ـ أمين؟! ما الذي جاء بك في مثل هذا الوقت؟٢ علامة التعجب , خارج القائمة
 
١٢


نزلت السلم في هدوء و الدرجات الخشبية تصر تحت خطواتها٣ نقطة
, ابتسمت حين تناهى إليها صوت الخالة مريم و هي تحاور أمين وتجاريه في دعاباته فتترك العنان من حين لآخر لضحكتها الجافة، الناتجة عن حبال صوتية مهترئة، مرت عليها السنون٣ نقطة خطت باتجاه المطبخ، ألقت السلام، ثم اتخذت مجلسا في طرف المائدة. كان أمين قد سبقها في الاستيقاظ و جلس يتناول فطوره. قدم إليها قدحا من القهوة و على شفتيه ابتسامة وديعة٣ نقطة أضافت السكر و أطرقت في انسجام مع حركة الملعقة التي أخذت تدفعها في حركة لولبية بطيئة٣ نقطة
, كانت العجوز تقف غير بعيد منهما، في الجانب الآخر من المطبخ و قد انهمكت في تحضير العجين٣ نقطة
,
, رفعت ليلى عينيها عن فنجانها، فاصطدمت بنظرات أمين الذي كان يتأملها في صمت. حولت عينيها عنه محاولة التشاغل. التفتت إلى المربية و هتفت :
, ـ خالتي٣ نقطة ماذا تعجنين؟
, غمست مريم يدها في وعاء الطحين و أخذت منه قدرا يسيرا لتزيد عجينتها تماسكا، و قالت دون أن ترفع رأسها :
, ـ كعكة بالفراولة٣ نقطة ستحبينها كثيرا٣ نقطة
, رفعت ليلى حاجبيها في دهشة :
, ـ فراولة؟ أين تجدينها في مثل هذا الوقت من السنة؟
, التفتت العجوز و غمزت ليلى في مرح :
, ـ في ثلاجتي! احتفظت بقدر منها في الموسم الماضي٣ نقطة حتى أصنع الكعكة في أي وقت من السنة!
, ابتسمت ليلى و هي ترفع فنجانها إلى شفتيها. كان أمين يشيح بوجهه هذه المرة، يتطلع إلى الخارج من خلال الباب الخلفي نصف المفتوح، وقد أخذت ساقه تهتز في توتر٣ نقطة
, ـ أمين٣ نقطة هل كل شيء على ما يرام؟
, التفت إليها في ارتباك٣ نقطة
, ـ هه٣ نقطة
, وضعت الفنجان على المائدة و عقدت ذراعيها أمام صدرها .
, ـ هل هي مشكلة مع خالي نبيل؟
, ارتسمت على شفتيه ابتسامة فاترة و هز رأسه نافيا :
, لا٣ نقطة أبدا٣ نقطة ليس الأمر كذلك٣ نقطة
, رنت إليه في اهتمام و هي تسأله بصوت خفيض :
, ـ لكنك غادرت القصر منذ يومين٣ نقطة دون أن تخبر أحدا عن مكان تواجدك٣ نقطة ثم تظهر فجأة في ظلمة الليل، أمام المنزل الريفي٣ نقطة هل كنت تنوي قضاء الليلة في الخارج؟
, استرخى في مقعده و هو يقول في تهكم :
, ـ و هل لاحظ والدي العزيز غيابي، أو تساءل إن كنت بخير أم لا!
,
, ـ أمين ما الذي تقوله؟
, لوح بيده في استهانة و هو يشيح بوجهه عنها :
, ـ على أية حال، لقد تعودت على الوضع٣ نقطة أن أعيش على هامش الحياة٣ نقطة و لا أحد يهتم٣ نقطة
, نظرت إليه في حيرة، ثم أردفت :
, أمن أجل هذا تركت مسكن العائلة؟
, نظر إليها في حدة، كأنها ذكرته بشيء مؤلم بالكاد نسيه أو تناساه، و هتف في غضب يحاول كتمانه :
, ـ غادرته لأنني لم أعد أتحمل العيش مع أخي العزيز فراس في مكان واحد٣ علامة التعجب
, تراجعت ليلى في ذعر من النظرة التي اشتعلت بها عيناه، و لبثت تطالعه في ذهول٣ نقطة غطى أمين وجهه بيديه و تنهد محاولا تمالك نفسه. قالت الخالة مريم، التي وقفت تحضر مواد تزيين كعكتها، بصوت هادئ و حازم :
, ـ لم تعد صغيرا يا عزيزي حتى تهرب من المنزل كلما حصل خلاف ما٣ نقطة
, كان أمين لا يزال مطرقا٣ نقطة أحست ليلى بأنه يخفي الكثير في صدره،
, و أحست أيضا بأنه مستعد للكلام، يحتاج إلى الفضفضة، و عليها أن تشجعه حتى تفهم منه بعض ما يحيرها .
, ابتسمت ابتسامة هادئة و هي تقول :
, ـ من الطبيعي أن تحصل اختلافات بين الإخوة٣ نقطة و مهما كان ما حصل بينك و بين فراس، فأنا أؤكد لك أنك ستنساه بسرعة و تعود المياه إلى مجاريها٣ نقطة صحيح أنني عشت وحيدة، و لم أعرف كيف تكون العلاقة بين الإخوة٣ نقطة لكن لدي صديقات، أتشاجر معهن من وقت إلى آخر، دون أن يفسد ذلك المودة التي بيننا٣ نقطة
, هز أمين رأسه في إشفاق و قال هامسا :
, أنت لا تفهمين٣ نقطة ما بيني و بين فراس أكبر من المشاكل اليومية التافهة بكثير٣ نقطة و لا أظنني قادرا على التحمل أكثر٣ نقطة
, التفتت ليلى في اتجاه الخالة مريم، كانت قد انتهت من تحضير كعكتها و وضعتها في الفرن. تابعتها و هي تسير بخطى بطيئة في اتجاه غرفة تخزين لوازم الطبخ الملاصقة للمطبخ. راقبتها حتى غابت في الداخل، ثم عادت إلى أمين و هتفت في إلحاح :
, ـ أخبرني ما الذي حصل، ربما أستطيع إفادتك٣ نقطة
, أشاح بوجهه و هو يحاول مقاومة البركان الذي يغلي في صدره وتمتم :
, ـ لا فائدة!
, ألحت ليلى و هي تنحني إلى الأمام في اهتمام ظاهر :
, ـ هل المشكلة كبيرة إلى هذا الحد؟
, تنهد تنهيدة عميقة ثم انفجر ساخطا :
, ـ منذ صغرنا، كان كل شيء مميز لفراس٣ نقطة الألعاب الجميلة لفراس، الفسحات و الرحلات لفراس٣ نقطة ثم كبرنا، و صارت العبارات التي تتردد على مرأى و مسمع مني كل يوم : فراس متفوق في دراسته٣ نقطة فراس مهذب و لبق٣ نقطة فراس اجتماعي و محبوب٣ نقطة و في المقابل ماذا يقال لي؟ لم تكن توجه إلى إلا كلمات من صنف : أنت فاشل٣ نقطة أنت لا تصلح لشيء٣ نقطة أنت كسول٣ نقطة أنت متهور٣ نقطة تحطيم لمعنوياتي باستمرار٣ نقطة مع أن فراس ليس أفضل مني في شيء! هل كل هذا لأنه يشبه والدتي أكثر مني؟! فوالدي كان يحبها كثيرا، و بعد رحيلها صار يحب كل ما يذكره فيها، و ليس أبلغ من صورة مصغرة منها ! أم لأنه ابنهما الأكبر؟! أليس المفروض أن يكون الابن الأصغر هو الابن المدلل؟ لكن أين أنا من هذا الدلال؟٢ علامة التعجب
, ابتسمت ليلى في عطف٣ نقطة أمين يغار من فراس! هل أنت مظلوم حق يا أمين٣ نقطة أم أنك تبالغ في وصف مأساتك؟
, قاطع أمين أفكارها، و هو يضيق عينيه في ألم، قائلا :
, ـ و لكن ليت الأمر يتوقف عند ذلك الحد٣ نقطة
, التفتت إليه في انتباه و في عينيها نظرة تحثه على المتابعة
, ـ حتى خطيبتي٣ نقطة أخذها مني٢ علامة التعجب
, عقدت ليلى حاجبيها في عدم استيعاب :
, ـ خطيبتك؟!
, رفع أمين رأسه و طالعها بنظرة عميقة، كأنه يبحث في وجهها عن شيء ما٣ نقطة و أردف :
, ـ نعم خطيبتي٣ نقطة حنان٣ نقطة
, تزايدت دهشة ليلى و هتفت في استغراب :
,
, ـ حنان؟ كانت خطيبتك؟٢ علامة التعجب
, ابتسم أمين ابتسامة باهتة و قال بلهجة ساخرة :
, ـ كان هذا ما اعتقدته! كنت قد أنهيت دراستي الثانوية حينها٣ نقطة لم أنتظر أن أدخل الجامعة، و قررت أن أخطبها٣ نقطة حنان كانت موافقة ٣ نقطة لم يكن هنالك داع حتى إلى أن أسألها، لأننا كنا متفقين منذ زمن٣ نقطة منذ سنوات طويلة٣ نقطة تعاهدنا على الارتباط، و كبرت و أنا أحلم باليوم الذي يجمعنا فيه رباط الزواج٣ نقطة لم تكن أحلامي كبيرة، كنت أريد أن أعتمد على نفسي و أعمل بشهادتي في مجال الهندسة٣ نقطة أعلم أنني لست في مقام فراس، حتى أحصل على عيادة خاصة إبان تخرجي٣ نقطة
, كان يبدو على ملامحه الأسى و هو يواصل :
, ـ كنت أريدها هي فقط٣ نقطة هل كنت أطلب الكثير؟
, كان ينظر إلى وجه ليلى من جديد يبحث عن إجابة في تقاسيمه التي اكتست طابع الحزن و التأثر٣ نقطة سألته و هي تزداد شوقا لمعرفة حقيقة زواج حنان و فراس :
, ـ و ما الذي حصل إذن؟
,
, ـ فاتحت عمتي في الموضوع٣ نقطة وافقت٣ نقطة وعدتني بأن تساعدني، لأنها تعلم أن والدي سيعارض لأنني كنت في بداية دراستي الجامعية٣ نقطة طلبت مني أن أنتظر قليلا، و أثبت جديتي بالتركيز على دراستي٣ نقطة كنت سأطير من الفرح٣ نقطة و كذلك كانت حنان٣ نقطة ظننت لوهلة بأنني أوشك على إمساك السعادة بين يدي٣ نقطة و لكن، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن٣ نقطة
, بدا أن صور من ذاك اليوم قفزت إلى ذاكرته٣ نقطة سرح بنظراته إلى الفراغ و هو يتابع :
, ـ فجأة، و بدون سابق إنذار٣ نقطة يتقدم فراس إلى حنان! عدت يومها من الجامعة مثل العادة٣ نقطة لم تكن حنان تنتظرني في الحديقة في مكاننا المعتاد٣ نقطة بحثت عنها في أماكن أخرى، ثم ذهبت إلى غرفتها٣ نقطة حين طرقت، فتحت عمتي٣ نقطة طلبت مني أن أتبعها لتحدثني بأمر ما٣ نقطة جلست في الصالة و أنا واقف أنتظر كلماتها في لهفة٣ نقطة كم كنت غبيا يومها، حيث توقعت أن يكون لحديثها علاقة بارتباطنا أنا و حنان!
, كان وجهها متغيرا، و قد برزت عيناها و أحاطت بهما هالات سوداء مخيفة٣ نقطة بدأت بمقدمة طويلة حول النصيب و القدر و ما إلى ذلك٣ نقطة أحسست بأن ما في جعبتها أمر جلل٣ نقطة لكنني لم أتخيل لحظة واحدة٣ نقطة لم أتخيل أبدا أن يكون فراس طلب حنان٣ نقطة و هي وافقت٢ علامة التعجب كان الأمر أكثر من أن أتحمل٣ نقطة الجميع كان يعرف بعلاقتي بحنان٣ نقطة فراس نفسه كان يعلم بمشاعري نحوها٣ نقطة و حنان، حنان نفسها٣ نقطة كيف وافقت؟٣ علامة التعجب
, كانت ملامحه تزداد تشنجا مع كل كلمة، معمقة الأخاديد التي حفرتها التجاعيد في جبينه الذي تعود التغضن منذ بضع سنوات٣ نقطة لكنه ما لبث أن أطرق زفرة طويلة. لانت قسماته و استرخى في مقعده٣ نقطة مسح وجهه بكفه، ثم قال بصوت متعب :
, ـ بالطبع، كيف لها أن ترفض٣ نقطة فراس شاب مميز٣ نقطة ناجح في حياته و في علاقاته٣ نقطة و فوق كل هذا، معظم ممتلكات آل القاسمي ستؤول إليه في نهاية المطاف! لكن هو٣ نقطة أخي٣ نقطة كيف يغدر بي بتلك الطريقة؟ كان بإمكانه اختيار أية فتاة في البلاد٣ نقطة فلماذا خطيبتي بالذات؟!
, لم تكن ليلى تملك الإجابة على تساؤله، فالأمر يبدو غريبا بالفعل٣ نقطة
, واصل أمين وهو يصارع ذكرياته :
, ـ فراس كان يريد إتمام الزواج في أقرب وقت ممكن٣ نقطة كان حفل الزفاف بسيطا و مضيقا٣ نقطة تم كل شيء بسرعة، ثم سافرا إلى الشقة التي يملكها والدي في لندن٣ نقطة بعد أسبوعين، عادا إلى القصر و سكنا الجناح الخاص في الطابق الأول٣ نقطة لم أكن قد تحدثت إليها طوال تلك المدة٣ نقطة منعوني من رؤيتها، و هي كانت تتحاشاني و تتجاهل اتصالاتي٣ نقطة لم أستطع حضور الزفاف٣ نقطة كان ذلك فوق طاقتي٣ نقطة لكن بلغني أنها بدت حزينة يومها٣ نقطة لم تبد السعادة على أحدهما، هي وفراس٣ نقطة كأنهما يؤديان واجبا اجتماعيا! حين رأيتها للمرة الأولى بعد عودتها من شهر العسل، كان جسمها قد نحف، و وجنتاها غائرتان٣ نقطة لم أستطع أن أتحدث إليها، تركتها وأخذت السيارة وتركت القصر٣ نقطة لكنني ندمت بعد ذلك، كانت في عينيها نظرة رجاء، أو اعتذار٣ نقطة أو ندم٣ نقطة لكنها لم تكن سعيدة، أنا واثق!
, سمعت ليلى صوت قرقعة الأواني النحاسية في غرفة الخزن٣ نقطة يبدو أن المربية تبحث عن شيء ما و تجد صعوبة في العثور عليه٣ نقطة لازال أمامها بعض الوقت٣ نقطة التفتت من جديد إلى أمين، تريد أن تفهم معه ما الذي حصل٣ نقطة سألته في حذر :
, ـ هل كان فراس يعاملها معاملة سيئة؟
, بدا على أمين الاستغراب٣ نقطة لكنه أخذ وقته للتفكير قبل أن يقول في ثقة :
, ـ لا أعتقد أن الأمر كان كذلك٣ نقطة كانت معاملته لها عادية٣ نقطة لكنه لم يكن يحبها٣ نقطة و أنا أعلم أن المرأة لا تعيش بدون حب!
, ابتسمت ليلى لعبارته الأخيرة و تطلعت إليه في شك :
,
, ـ و من أين لك أن تعلم، إن كان يحبها أم لا؟
, انفعل أمين فجأة، وقف من مجلسه و صرخ في احتجاج :
, ـ لو كان يحبها لكان ضحى من أجل إسعادها! كان ابتعد عن طريقها و تركها ترتبط بمن تحب!
, رمقته ليلى في هدوء و قالت :
, ـ بعض الحب يكون أنانيا٣ نقطة تملكيا٣ نقطة هل كنت أنت لتضحي إن كنت مكانه؟
, نظر إليها في حيرة و لم ينطق. أطلت الخالة من باب الغرفة و هي تهتف :
, ـ أمين؟ ما الذي يحصل؟ لم الصراخ؟
, ارتمى أمين على مقعده من جديد، في حين أجابت ليلى مبتسمة :
, ـ لا تقلقي خالتي٣ نقطة نحن نتحدث٣ نقطة أمين انفعل قليلا٣ نقطة لكن لا بأس٣ نقطة إنه أهدأ الآن٣ نقطة
, اقتربت العجوز و على شفتيها ابتسامة باهتة. نظرت إلى أمين الذي كان متهالكا على كرسيه و قالت :
,
, ـ ألا تمل تكرار هذه القصة؟ ألم يئن لها أن تنسى؟ حدقت فيها ليلى في دهشة. كانت تحاول أن تستدرج أمين دون أن تثير انتباه المربية، لكن يبدو أنها قد سمعت كل ما قيل!
, جذبت الخالة مريم كرسيا و جلست إلى جانب ليلى و هي تقول :
, ـ أمين يا صغيري٣ نقطة تلك تجربة قد مرت٣ نقطة و ربما كانت حكمة من ****، أن تفقدها حينها، بدل أن تفقدها بعد بضعة شهور من الزواج٣ نقطة
, تجاهل أمين مواساتها و هتف في حنق :
, ـ أوليس زواجها ذاك هو ما أدى بها إلى تلك النهاية؟ أليست معاناتها الصامتة و ندمها؟ حتى عمتي كانت تحس بخطأ القرار٣ نقطة كانت ترى أمام عينيها شقائي و شقاء ابنتها٣ نقطة تدهورت صحتها بشدة ثم لزمت الفراش حتى توفاها الله٣ نقطة
, تجهم وجه المربية و قالت بصوت قاس :
, ـ أنت تعلم أن عمتك لم يكن يهمها سوى إضافة ملايين جديدة إلى ملايينها٣ نقطة و كانت تعلم أن فراس فرصة لا تعوض٣ نقطة لذلك يدهشني أن تكون قد ندمت على زواج ابنتها منه!
,
, أحست ليلى بوخزة في صدرها و هي تسمع تلك الكلمات عن والدتها٣ نقطة هل كانت مادية إلى تلك الدرجة؟ لكن لا يبدو أن المادة قد أهدتها السعادة التي توقعتها٣ نقطة
, واصلت مريم بصوت أهدأ :
, ـ حنان لم تكن زوجة مناسبة لا لك و لا لفراس٣ نقطة كانت تربيتها فاسدة٣ نقطة نجاة دللتها كثيرا، و أنشأتها على حب المادة و قسوة القلب و سوء الخلق٣ نقطة ربما كان رحيلهما أفضل للجميع٣ نقطة
, اقشعر جسد ليلى و هي تستمع إلى تلك الكلمات التي أقل ما يقال عنها أنها جارحة. لم تتوقع أن أحدا قد يكره أفراد عائلتها بتلك القوة!
, وقفت في ارتباك و غادرت المطبخ٣ نقطة وقفت في الشرفة الخارجية٣ نقطة تحس بالاختناق، تحتاج إلى جرعة من الهواء٣ نقطة سمعت أمين و هو يعاتب المربية على تسرعها، ثم أحست بخطواته تقترب. ليس الآن وقت البكاء٣ نقطة تماسكي يا ليلى! مازال هناك المزيد لتعرفيه. تذكرت شيئا، فقالت دون أن تلتفت إليه، تخفي العبرات التي تجمعت في مقلتيها :
, ـ أمين٣ نقطة ما الذي جعلك تتذكر كل هذا ليلة حفلة الشواء؟ فقد بدا لي أن كل شيء على ما يرام بينك و بين فراس٣ نقطة
,
, لم يجبها أمين مباشرة٣ نقطة لكنه قال بعد برهة :
, ـ علاقتي بفراس لم تعد أبدا إلى ما كانت عليه قبل زواجه٣ نقطة تدهورت العلاقة بعد الزواج٣ نقطة و ساءت الأمور بيننا كثيرا بعد وفاتها٣ نقطة أنا٣ نقطة كنت قاسيا معه٣ نقطة حملته المسؤولية كاملة ، بل٣ نقطة بل اتهمته بقتلها!
, استدارت ليلى بقوة و قد أصابها الذهول٣ نقطة كان يقف مرتبكا، مطرقا و نظراته إلى الأرض، واصل قائلا :
, ـ فراس أصيب بانهيار عصبي بعدها٣ نقطة ربما كانت اتهاماتي أشد عليه من موتها في حد ذاته٣ نقطة و بعد ذلك٣ نقطة بعد ذلك، فراس لم يعد فراس الذي عرفناه من قبل٣ نقطة أصبح منطويا، عصبيا٣ نقطة حاولت مرارا استفزازه، لكنه بقي يتجاهلني٣ نقطة و في إحدى المرات، انفجر في وجهي غاضبا، و حذرني من الاقتراب منه مجددا٣ نقطة و منذ ذلك الحين لم يخاطبني أبدا٣ نقطة إلى يومنا هذا٣ نقطة
, تذكرت ليلى يومها الأول في قصر، حين ذكر أمين اسم حنان أمام فراس٣ نقطة تذكرت كيف ترك قاعة الطعام دون أن ينطق بكلمة٣ نقطة كيف لم تلحظ ذلك من قبل؟ فراس لا يحادث أمين أبدا بالفعل٣ نقطة بل بالكاد يتحدث مع أي كان٣ نقطة
,
, عادت إلى أمين و سألته في اهتمام :
, ـ لكنني لم أفهم بعد٣ نقطة ما الذي جعلك تنفعل تلك الليلة و تستعيد كل هذه الذكريات؟
, أشاح أمين بوجهه في حرج و بدا عليه الارتباك و هو يضع يده على صدغه و يقول :
, أنت السبب٣ نقطة
, هتفت ليلى في حيرة :
, ـ أنا؟٢ علامة التعجب
, واصل دون أن ينظر إليها و صوته آخذ في التهدج :
, ـ أنت تركتني٣ نقطة و ركضت إلى فراس٣ نقطة تماما كما فعلت حنان٣ نقطة تجاهلتني و ذهبت إليه٢ علامة التعجب ظننت أنني استعدت حياتي و ثقتي بنفسي٣ نقطة بعد٣ نقطة بعد أزمة فراس و انزوائه عن العالم٣ نقطة صارت لي حياة اجتماعية لا يقارنني أحد فيها بفراس٣ نقطة لأن فراس لم يعد فراس! ولكنني اكتشفت أنه لا فائدة٣ نقطة لا فائدة، لأنه ينتصر علي دائما، حتى و هو مريض و محطم٢ علامة التعجب
,
, قاطعته ليلى في انفعال :
, ـ ما الذي تقوله؟ الأمر ليس كذلك أبدا!
, تذكرت أنها تركته بالفعل وسط الحفلة حين لمحت فراس عن بعد٣ نقطة ربما كانت قاسية عليه ليلتها٣ نقطة بعد الدرس الأخلاقي الذي قدمته إليه، تجاهلته و ركضت لتكلم فراس٣ نقطة لكن الأمر ليسا إطلاقا بالشكل الذي يظنه! كان يجب أن تسلم فراس المفكرة٣ نقطة و يا ليتها لم تفعل!
, أخذت نفسا طويلا و قالت في هدوء :
, ـ أمين٣ نقطة بالنسبة إلي، لا فرق بينك و بين فراس٣ نقطة كلاكما ابن خالي، و بالكاد أعرفكما٣ نقطة
, قاطعها أمين في حدة :
, ـ كفى ليلى٣ نقطة أرجوك، كفى٣ نقطة
, تابعته و هو يبتعد في اتجاه سيارته التي أوقفها غير بعيد عن المنزل الريفي، و قد تملكتها الدهشة٣ نقطة هل قلت شيئا أغضبه؟ , خارج القائمة
 
١٣


قطفت بضعة وردات حمراء قانية، و جلست في الشرفة تتشاغل بتنظيفها و إزالة أشواكها. وخزت شوكة إصبعها، فسالت قطرة من الدم لتستقر على إحدى البتلات. تناولت الوردة و قربتها منها. ابتسمت حين ضاع لون قطرة الدم أمام لون الوردة الدامي٣ نقطة سرحت للحظات و قد أعاد إليها منظر الدم هواجس كثيرة طاردتها في الأيام الماضية. مسحت الدم عن إصبعها بمنديل ورقي و عادت إلى عملها، لكن ٣ نقطةبذهن مشتت وتركيز قليل
, أحست بخطوات تقترب من مجلسها. لم ترفع رأسها و هي تلمح الظل الذي يمتد أمامها و قد اقترب الوقت من الظهر. تناهى إليها صوت الخالة مريم و هي تتنحنح محاولة شد انتباهها. رفعت رأسها قليلا، بابتسامة شاحبة. : جلست العجوز قبالتها و قالت بصوت مبحوح
, أنا آسفة يا صغيرتي إن كان كلامي هذا الصباح قد آلمك٣ نقطة
, لم تجب ليلى، لكنها ضغطت بالمنديل على إصبعها من جديد، كأنها تمنع الألم من التسرب إلى الخارج، تحبسه في دمها و في قلبها٣ نقطة فقد تعودت أن تكتم ألمها، إلا عن والدها٣ نقطة لكنها غير واثقة من أن
, والدها نفسه قد يقدر على التخفيف عنها هذا الألم بالذات!
, تكلمت المربية بصوت هادئ و عميق، كأنها تحاول الوصول إلى أعماق ليلى:
, ـ ليس ذنبك إن كانت والدتك امرأة قاسية و متعجرفة٣ نقطة و قد كان من لطف **** بك أن عشت بعيدا عنها! فيبدو أن نجيب أحسن تربيتك و علمك الحفاظ على دينك و أخلاقك٣ نقطة و يا ليته أخذ حنان أيضا، ربما
, كانت نشأت بصورة مختلفة٣ نقطة
, تنهدت و هي تسترجع ذكريات قديمة، مرت عليها أربع و عشرون سنة. استطردت و هي تتأمل وجه ليلى، كأنها تقرأ في ثناياه تفاصيل تاريخها:
, ـ عرفت والدتك شابة و امرأة٣ نقطة كانت منذ صغرها متكبرة ومغرورة٣ نقطة مغرورة بجمالها و نسبها٣ نقطة و بعد زواج نبيل من هاجر، تمتعت بثروة أخيها و عاشت حياة مرفهة، زادتها غرورا إلى غرورها٣ نقطة والدك كان صديق نبيل، و كان حينها يشغل منصبا هاما في وزارة الخارجية٣ نقطة تعرف عليها في إحدى السهرات التي يحضرها رجال الأعمال و السياسيون، فقد كانت ترافق نبيل و هاجر إلى معظمها٣ نقطة أعجب بها من النظرة الأولى٣ نقطة فهي تبدو رقيقة و هادئة٣ نقطة لم يتردد في خطبتها، و بعد فترة وجيزة تزوجا. نجاة كانت في غاية السعادة و هي ترى أول أحلامها يتحقق : أن ترتبط برجل وسيم و ثري و ذي مركز مرموق٣ نقطة لكن سعادتها لم تدم طويلا، فبعد أشهر قليلة من الزواج بدأت صورتها تتضح أكثر أمام عينيه، و أدرك الخطأ العميق الذي ارتكبه بزواجه منها٣ نقطة و حين عين سفيرا للبلاد، قرر السفر بمفرده، متعللا بعدم استقرار وظيفته بعد٣ نقطة
, كأني به أراد أن يمنح نفسه فرصة إعادة النظر في زواجه و اتخاذ القرار المناسب٣ نقطة في تلك الفترة كانت نجاة في غاية الاستياء٣ نقطة وصارت تصرفاتها لا تطاق! تصب جام غضبها على موظفي القصر و
, تعاملهم باحتقار فظيع٣ نقطة
, : تغيرت ملامح وجهها و هي تذكر معاناتها في تلك الفترة و أردفت
, ـ كانت تسلط قسوتها علي بدون تردد٣ نقطة كلما ما وقعت عينها علي، تسمعني أبذأ الكلمات و أشدها وحشية٣ نقطة ترى نفسها محسودة من الجميع٣ نقطة و تظن أن العالم كله يشمت فيها، بعد تدهور علاقتها بزوجها! لكن حادثة ما ظلت عالقة بذهني٣ نقطة أذكر يومها أنني اشتريت عقدا٣ نقطة كان عقدا رخيصا، لكنه جميل و حباته ذات لمعان جذاب٣ نقطة كنت أحمل إليها الفطور إلى غرفتها، و حين انحنيت لأضع الطبق على المنضدة القريبة، فوجئت بيدها تمتد لتقتلع العقد من عنقي! تناثرت الحبيبات على الأرض و سقط بعضها في وعاء الحساء٣ نقطة و جرح السلك الرقيق عنقي تاركا علامة عميقة٣ نقطة
, سكتت للحظات، كأنها تستعيد المشهد بحذافيره أمام عينيها، ثم قالت في مرارة:
, ـ نظرت إلي في استهزاء و صرخت : هل تظنين بأن عقدا سخيفا سيغير شيئا من قبحك٢ علامة التعجب كنت في غاية الذهول و الألم٣ نقطة كانت كلماتها كالخنجر تخترق صدري٣ نقطة و مع ذلك، كان علي أن أجمع ما تناثر على الأرض و أعيد تحضير الفطور، و أنا أكتم عبرتي٣ نقطة و كثيرة هي المواقف التي كانت تحاول فيها إشعاري بتفوقها علي، بجمالها ورشاقتها٣ نقطة لم يكفها أنني أعمل في خدمتها طوال الوقت، مع أن دوري الأساسي كان الاهتمام بالأطفال!
, كانت ليلى في غاية التأثر و هي تستمع إلى رواية الخالة مريم المحزنة. حزينة هي على معاناة المربية المسكينة، و حزينة لما كانت عليه أمها٣ نقطة فحقا، لا يملك الإنسان اختيار والديه! و ليس ذنبها أن والدتها كانت بمثل هذه الطباع٣ نقطة
,
, واصلت المربية و هي تمسح دمعة يتيمة سالت على خدها دون رغبة منها:
, ـ أمك لم تكن ترغب في الإنجاب٣ نقطة كانت ترى الحمل و الولادة عبأين ثقيلين، خاصة مع الأثر الذي يتركانه في الجسم، و هي كانت مهووسة بجمال جسدها! لكنها فرحت حين عرفت بأنها حامل، ذلك لأنه السبب الوحيد الذي قد يجعل نجيب يقرر الاستمرار معها! و بالفعل، كان ذلك ما حصل٣ نقطة فحين سمع بحملها، عاد إلى هنا و أخذها معه إلى اليونان، حيث كان يشغل وظيفة سفير للبلاد٣ نقطة و مرت سنوات طويلة دون أن أسمع عنها شيئا٣ نقطة سنوات خمس لم تطأ قدماها أرض البلد، و لا أظنها افتقدت شيئا فيها! فهي من النوع الثائر على التقاليد العربية و المجتمعات المحافظة٣ نقطة و أظنها وجدت ضالتها في أوروبا٣ نقطة و لا
, أظن أن أحدا افتقدها أيضا، فشرها كان يطال القريب و البعيد!
, كانت ليلى تتألم في صمت، لكن ملامح وجهها كانت تشي بمعاناتها، فما تسمعه ليس بهين٣ نقطة
, : واصلت المربية حديثها
, ـ و في يوم ما، و دون سابق إنذار، فوجئت بسيارة أجرة تتوقف عند بوابة القصر، و تنزل منها نجاة و معها فتاة في سن الخامسة٣ نقطة لا أخفي عليك أن كوابيسي القديمة عادت إلي دفعة واحدة في تلك اللحظة٣ نقطة فآخر ما كنت أتمناه هو ظهور نجاة في حياتي من جديد! ولا أظنه شعوري وحدي، بل شعور كل من في القصر٢ علامة التعجب
,
, : قاطعتها ليلى في حيرة
, ـ و خالي نبيل؟ كيف كانت علاقتها به؟
, : عقدت مريم حاجبيها في تفكير
, ـ نبيل كان يتجاوز عن زلاتها و يتساهل معها كثيرا٣ نقطة فهي شقيقته الوحيدة، كما أنهما عاشا ظروفا صعبة بعد إفلاس والدهما و دخوله السجن بسبب الديون! نبيل كافح كثيرا حتى يستعيد مكانته في المجتمع و يعيد مجد العائلة العريقة٣ نقطة لذا فإنه كان يدلل نجاة كثيرا، كنوع من التعويض المعنوي عن ما عاشته من آلام في طفولتها٣ نقطة
, هزت ليلى رأسها في تفهم٣ نقطة و أسف. تابعت مريم روايتها:
, ـ كان والدك قد طلق والدتك٣ نقطة فعادت ذليلة لتعيش مع أخيها. وبطبيعة الحال ازدادت نقمتها على كل من حولها، و لم تكن الضحية سوى حنان الصغيرة التي تعلمت الحقد منذ طفولتها. و لأنها لم تهتم بتربيتها، فقد نشأت مثل الأولاد! تماري فراس و أمين في ألعابهما الشقية٣ نقطة و كبرت على ذلك الشكل٣ نقطة تحظى بكامل الحرية، و تتأثر بشخصية نجاة المادية٣ نقطة و بدأت تتعثر في دراستها و كثرت رسائل المدرسة و شكاوى الأساتذة من سلوكها و غيابها المستمر عن الدروس٣ نقطة فقد كانت تخرج صباحا مع السائق إلى مدرستها، لكنها تشرد بعد ذلك و تقضي النهار في التسكع٣ نقطة إلى أن انفصلت عن
, الدراسة في سن السادسة عشرة!
, عقدت ليلى حاجبيها في دهشة و قالت:
,
, ـ كيف تترك المدرسة؟ و هل وافقتها والدتي؟ و خالي نبيل، ألم يتدخل؟
, هزت المربية كتفيها في لا مبالاة و قالت:
, ـ حنان لم تكن ترغب في مواصلة الدراسة، فمنذ ذاك السن، كان كل ما يشغلها صالونات التجميل و عروض الأزياء و السهرات الراقصة والأمسيات الشبابية٣ نقطة و والدتك هي من علمها هذا النوع من الحياة! لذلك فإنها لم تبال إن تركت المدرسة الحكومية، طالما أنها كانت تجاريها في تعلم فنون الإيتيكيت و العناية بالبشرة و اتباع الحمية المناسبة٢ علامة التعجب أما خالك، فإنه كان مشغولا طوال الوقت، و الحقيقة أنه في تلك الفترة كان يواجه صعوبات جمة في أعماله مما أبعده عن أجواء العائلة تماما٣ نقطة فكيف له أن يراقب سلوك الفتاة، و أمها نفسها في حاجة إلى مراقبة! إيمان كانت قد رحلت منذ سنوات عديدة و أمين هو الآخر كان شبه خارج عن السيطرة، لولا حزم ياسين معه و متابعة أماني الدائمة لدراسته٣ نقطة ٣ نقطة قبل رحيلها هي الأخرى
, همت ليلى بأن تستوضح أكثر عن ظروف وفاة أماني، و لكنها عدلت حين رأت مريم تتنهد و تواصل:
, ـ كانت الظروف العامة في تلك الفترة مضطربة جدا٣ نقطة خالك ظل غارقا في الأحزان لفترة طويلة، بعد رحيل زوجتيه واحدة إثر الأخرى، و مع حوادث الانتحار التي جعلت سمعة العائلة تلوكها الأفواه٣ نقطة لذلك كانت مشاغل نجاة و ابنتها آخر ما يمكن أن يثير
, اهتمامه!
,
, أطرقت ليلى في تفكير٣ نقطة تعلم أن السمعة في حياة رجل الأعمال هي أهم ما يملك! و الأزمات التي مرت بها العائلة كانت لها تداعياتها على شركة خالها بالتأكيد٣ نقطة حتى إن لم يختلف الأمر بالنسبة إلى من يتعامل معهم من شركاء و حلفاء، فإن حالته النفسية ستؤثر حتما على
, قراراته٣ نقطة
, أخرجها صوت الخالة مريم من تأملاتها و هي تقول متابعة:
, لكن في الأشهر القليلة التي سبقت وفاتها، تغيرت نجاة نوعا ما٣ نقطة أصبحت تحس بتعب لأقل مجهود تبذله، و صارت أكثر هدوءا و لم يعد صوتها يسمع كثيرا و هي تصرخ على الخدم! الحقيقة أن الجميع استغرب ذلك، وسرت الهمهمات حول إصابتها بمرض عضال جعل قواها تخور مرة واحدة٣ نقطة
, اقتربت : الخالة مريم من ليلى أكثر و قالت هامسة
, ـ مع أنها أخفت ذلك عن الجميع، بدون استثناء٣ نقطة إلا أنه من الواضح أنها أصيبت بداء خطير٣ نقطة داء فقدان المناعة٣ نقطة بسبب علاقاتها
, المشبوهة٣ نقطة
, وضعت ليلى كفها على فمها في صدمة، لتكتم صرخة كادت تصدر عنها، و سالت على خدها دمعة حرى، تبكي ماضي عائلتها المشين. أمها كانت بهذا الشكل؟ أمها ماتت بسبب معاصيها؟ كانت حزينة لأنها لم تعرف والدتها و عاشت بعيدا عنها٣ نقطة و الآن؟ هل تتمنى أنها كانت بقربها؟ هل كانت لتقدر على منعها من الاسترسال في طريقها المنحرفة؟ لم تستطع أن تتحمل أكثر. استمرت تبكي في صمت٣ نقطة لشد ما كانت متشوقة لتعرف عائلتها٣ نقطة لكن ليس بهذا الشكل! ليس بهذا العار!
, ارتفعت شهقاتها و لم تعد قادرة على السيطرة عليها٣ نقطة
, أحضرت المربية كأسا من الماء و مدتها إليها في حنان:
, ـ صغيرتي٣ نقطة ليس الذنب ذنبك٣ نقطة و لتحمدي **** لأنك عشت بعيدا عن هذه البيئة الفاسدة٣ نقطة **** حماك وحفظك، و والدك لم يقصر في تربيتك٣ نقطة لكن يا ليته أبعد حنان أيضا!
, شربت ليلى جرعة ماء، و مسحت عبراتها بظاهر كفها٣ نقطة ظهرت على شفتيها شبه ابتسامة فيها الكثير من المرارة٣ نقطة نعم، إنها لتحمد **** على سلامتها من الأوبئة التي تنتشر في الأوساط المترفة، حيث يسيطر التفكير المادي على العقول و لا يبقى للقيم والأخلاق أي أثر٣ نقطة
, تنهدت في ألم و لوعة٣ نقطة إنها لرحلة شاقة تلك التي تأخذك إلى ماض مر٣ نقطة
, جلست مريم على الكرسي المجاور من جديد، تململت و هي لا تدري كيف تخفف عن ليلى٣ نقطة كان من الضروري أن تعلم كل شيء عن أمها وأختها، عاجلا كان ذاك أم آجلا٣ نقطة على الأقل، فلتبك هنا بعيدا عن العيون٣ نقطة ثم تتأقلم مع وضعها الجديد ٣ نقطة والحقيقة القاسية٣ نقطة
,
, : قالت مغيرة الموضوع
, ـ زواج فراس و حنان يبقى من النقاط المحيرة بالنسبة إلي! لطالما اعتبرت نفسي فاهمة لطباع ذاك الولد٣ نقطة لكن قراره هذا أغلق علي بالكامل! كان يعتبرها فتاة مدللة و تافهة، و لم تثر إعجابه في يوم من الأيام٣ نقطة بل كان يلوم أمين على تعلقه بها٣ نقطة فكيف وقع هو تلك الوقعة؟ كل هذا لا يبدو منطقيا٣ نقطة ٣ نقطة إلا إذا
, سكتت المربية و قد سرحت في أفكارها. كان ليلى قد هدأت و شد انتباهها الموضوع الجديد، فاستعجلتها و هي تقول في لهفة:
, ـ إلا إذا ماذا؟
, ظلت مريم ساهمة و لم تجب، كأنها تدرس الفكرة التي طرأت على ذهنها في الحال٣ نقطة فجأة تناهى إلى مسامعهما صوت منبه سيارة. وقفت الخالة و هي تسوي وشاحها، حين رأت سيارة العائلة تقترب من مدخل المزرعة. : حاولت ليلى مرة أخرى
, ـ خالتي٣ نقطة ما الذي خطر ببالك؟
, : نظرت إليها مريم في تردد، ثم تمتمت
, لا شيء٣ نقطة ٣ نقطة لا شيء
, تبعتها عينا ليلى في إصرار و خيبة، و هي لا تدري كيف تستخرج منها الكلمات. : التفتت إليها العجوز مبتسمة و قالت
, يبدو أن هناك من جاء لأخذك٣ نقطة
,
, نزلت منال من السيارة و هي تهتف من بعيد:
, بسرعة ليلى٣ نقطة جهزي نفسك٣ نقطة ٣ نقطة سنغادر بعد قليل
, قفزت رانيا من السيارة بدورها و ركضت ضاحكة إلى الشرفة و هي تحمل في يدها كرتها الصغيرة، استقبلتها ليلى بذراعيها و حملتها عاليا و الطفلة تطلق صيحات فرح معبرة عن استمتاعها. أنزلتها ليلى،
, فجذبتها من ثوبها في رجاء:
, مرة أخرى٣ نقطة ٣ نقطة مرة أخرى
, أنت ثقيلة يا حبيبتي، ذراعاي تؤلمانني!
, : عبست الفتاة و عقدت ذراعيها أمام صدرها و غمغمت في استياء
, عمي فراس يحملني مرات كثيرة و لا يتعب!
, أزعجتها المقارنة، و نكاية في فراس فقط٣ نقطة فقط لا غير، انحنت مجددا و حملت الصغيرة في الهواء! , خارج القائمة
 
١٤


توقفت السيارة أمام مدخل القصر، فقفزت رانيا كعادتها و صعدت الدرجات راكضة٣ نقطة تبعتها منال وهي تحمل باقة كبيرة من الورود الحمراء البرية التي قطفتها من المزرعة. أما ليلى فنزلت بخطى متثاقلة٣ نقطة كانت لازالت تتحسر على ضياع الفرصة منها لتسمع أكثر من الخالة مريم، و لولا اشتياقها للاتصال بوالدها، للبثت في المزرعة يوما آخر! كانت قد قررت أن تطلب من خالها الاتصال به الليلة، فهو الوحيد الذي يمكنه التواصل معه مباشرة٣ نقطة
, دلفت إلى البهو الذي يثير اهتمامها في كل مرة تمر به في غدوها ورواحها٣ نقطة أجالت بصرها من جديد في قسميه المتناقضين، و في عينيها نظرة حائرة. ابتسمت منال و هي تتقدمها و تشير بذراعها في حركة مسرحية :
, ـ من هنا عالم هاجر٣ نقطة و هنا عالم إيمان!
,
, نظرت إليها ليلى في استغراب، فتابعت منال شارحة :
, ـ هاجر، سيدة القصر الأولى، كانت تحب الطابع الكلاسيكي، وقد كان أثاث القصر كله، منذ عهد زوجها الأول، من النوع التقليدي، بل التاريخي، حيث اعتنت باقتناء القطع النادرة و النفيسة و جعلت المكان يبدو كمتحف! لكن إيمان، زوجة خالك الثانية، كانت ثائرة على ذلك النمط، و تتميز بذوق عصري و عملي٣ نقطة لذلك قامت بتجديد أثاث القصر بالكامل، تقريبا٣ نقطة لتمسح عنه آثار هاجر و تترك لمستها الخاصة٣ نقطة لكن عمي نبيل لم يتركها تذهب في حملتها تلك إلى أبعد مدى، فأنقذ هذا الجزء من البهو، حتى يحافظ على ذكرى زوجته الراحلة٣ نقطة وكما ترين، صار بهو الاستقبال مكونا من نصفين مختلفين تماما٣ نقطة و كل منهما يعكس شخصية إحدى الزوجتين!
, ابتسمت ليلى و قد فهمت أخيرا سر الديكور العجيب. سبقتها منال إلى الداخل لتقوم بتنظيف الورود و إزالة أشواكها قبل وضعها في المزهرية٣ نقطة كانت ليلى لا تزال تقف في البهو حين تناهى إليها صوت رانيا و هي تصرخ! تلفتت باحثة عن مصدر الصوت، فلفت انتباهها باب جانبي في الطرف الآخر من البهو، لم تكن قد لاحظته في السابق . خطت نحو الباب في حذر. كان الباب الخشبي الثقيل نصف مفتوح. دفعته بهدوء و أطلت إلى الداخل لتكتشف الغرفة المجهولة.
, زكمت أنفها رائحة غريبة جعلتها تتراجع خطوة، بدت كأنها رائحة التعقيم التي تنتشر في المستشفيات٣ نقطة لكن ما رأته، تحت الإضاءة الخافتة للغرفة المنبعثة من الكوات الضيقة في السقف، جعلها تحجم عن الانسحاب٣ نقطة للحظات تسمرت في مكانها و على وجهها علامات الانبهار٣ نقطة كان من الجلي أنها غرفة المكتبة، لكنها مكتبة من النوع العملاق٣ نقطة فقد تراصت الكتب على الرفوف على امتداد الجدران الأربعة التي ترتفع خمسة أمتار أو تزيد٣ نقطة تقدمت إلى وسط القاعة و هي تتأمل اكتشافها العظيم٣ نقطة لم تعد الرائحة تضايقها٣ نقطة لم تكن قد رأت مكتبة منزلية بهذا الحجم من قبل. و لكنها تنسى على الدوام أن هذه ممتلكات عائلة القاسمي! لذلك من الطبيعي أن تكون مختلفةرأته من قبل٣ نقطة
, أتاها صوت الصغيرة مجددا و هي تئن و تصرخ. التفتت لتجد رانيا وقد حشرت نصفها الأعلى تحت خزانة معدنية صغيرة في الركن البعيد من القاعة. و بدا أنها لم تعد قادرة على استخراج جسدها من هناك!
, انحنت ليلى و هي تهتف بها عابسة :
, ـ ما الذي تفعلينه أيتها الشقية؟
, سحبت الصغيرة من وسطها، فأخرجت رأسها و هي تبتسم في اعتذار وتمسك كرتها في يدها :
,
, ـ الكرة هربت مني و تدحرجت إلى هنا٣ نقطة
, ضحكت ليلى و هي تسوي خصلات شعر الطفلة الذي تشعث و فسدت تسريحته. حين رفعت رأسها، وقعت عيناها على صندوق فضي مزخرف يستقر على أحد رفوف الخزانة، خلف واجهة زجاجية. كان الصندوق ذا شكل مستطيل، و الجزء الأعلى منه مقبب، مع مساحة بلورية في الوسط، تسمح برؤية ما بداخله٣ نقطة اقتربت من الواجهة في فضول، و رفعت نفسها على أطراف أصابعها لتنظر إلى داخل الصندوق٣ نقطة
, فوجئت بما رأت٣ نقطة كان الجزء السفلي مفروشا بالمخمل الأحمر و قد ظهرت فيه فجوات متوازية على امتداد المساحة، معظمها فارغ٣ نقطة أما الفجوات القليلة الملأى، فقد كانت كل منها تحتوي على خنجر صغير، مقبضه فضي، مزين بقطع حجرية زرقاء!
, فاجأها صوت منال و هي تهتف عند مدخل الغرفة :
, ـ ما الذي تفعلانه هنا؟!
, تراجعت ليلى في حرج و شرحت بسرعة ما حصل. اقتربت منال في خطوات سريعة. كانت ليلى لا تزال واقفة قرب الخزانة و قد بدا عليها الاهتمام بالصندوق الفضي. قالت منال هامسة :
,
, ـ هيا اخرجا بسرعة٣ نقطة عمي نبيل لا يحب أن يدخل أحد إلى هنا٣ نقطة لا شك أن أحد الخدم نسي الباب مفتوحا!
, نظرت إليها ليلى في دهشة فواصلت منال و هي تجذبها من ذراعها :
, ـ المكتبة تحتوي عددا من الكتب النادرة و القديمة، لذلك فإن بها نظام تهوئة خاص للحفاظ على الورق٣ نقطة و يجب أن تبقى مغلقة طوال الوقت٣ نقطة كما أن الدخول إلى هنا ليس مسموحا به للجميع!
, أضافت بعد صمت قصير، لتشبع فضول ليلى :
, ـ ذاك الصندوق الفضي، في الخزانة الصغيرة، يحوي مجموعة من الخناجر النفيسة التي اقتنتها السيدة هاجر في إحدى رحلاتها في مزاد علني للممتلكات إمبراطور الصين الراحل!
, رفعت ليلى حاجبيها في تعجب، فواصلت منال و هي تلوح بيدها في لا مبالاة :
, ـ لست أدري إن كان ذلك صحيحا٣ نقطة و لكنه ما يقال حول تلك الخناجر الغريبة!
, ابتسمت ليلى و هي تهز كتفيها في استهانة٣ نقطة لم يعد من الممكن التمييز بين الحقيقة و الخرافة في هذا المكان الغريب! تابعت منال شرحها :
, ـ هاجر أرادت أن يحصل كل فرد من أفراد العائلة على أحد هذه الخناجر، و ينقش عليه اسمه٣ نقطة ذلك لأن الأسطورة الصينية تقول بأن الخنجر يحمي صاحبه و يجلب له الحظ!
, ضحكت ليلى في مرح٣ نقطة هل مازال هناك من يصدق هذه الخرافات!
, تابعت منال و هي تضحك بدورها :
, ـ و لكن من المفارقات العجيبة، أن هاجر نفسها استعملت خنجرها الخاص في انتحارها٣ نقطة و كذلك فعلت أماني و حنان٢ علامة التعجب
, حدقت ليلى فيها في حيرة، و أحست لوهلة بأنها تقرأ قصة رعب من الخيال الأمريكي السخيف٣ نقطة لكن صوت منال شدها إلى الواقع، فيبدو أن للقصة بقية :
, ـ الصندوق يحتوي على أحد عشر خنجرا٣ نقطة و الخناجر التي لا تزال فيه، خمسة٣ نقطة أربعة منها أعيدت إليه بعد وفاة صاحباتها٣ نقطة هاجر، إيمان، أماني و حنان٣ نقطة و خنجر واحد لا يلمس بعد٣ نقطة
, وقفت ليلى مصعوقة٣ نقطة إذن أدوات الانتحار كلها يحتفظ بها في ذاك الصندوق! تذكرت كلمات سحر حول أداة الجريمة٣ نقطة هل يعقل ذلك!
,
, انتبهت إلى نقطة ما في كلام منال فالتفتت إليها في استغراب :
, ـ و لكن، لماذا حصلت أماني على خنجر؟ فهي لم تكن من أفراد عائلة القاسمي! أم أنك تقصدين نجاة؟
, هزت منال رأسها مؤكدة :
, ـ لا٣ نقطة لا، نجاة لم تحصل على واحد, فهي أصلا لم تكن تهتم بالعائلة و لا بطقوس هاجر الغريبة٣ نقطة و لكنني واثقة من أن أماني حصلت على خنجرها٣ نقطة كان ذلك قبل زواجي بياسين، لذلك لم أتساءل كثيرا حول الموضوع٣ نقطة لكن الأمر غريب فعلا! هل كان ذلك لأن ياسين خطبها؟
, أحست ليلى بأن في الأمر سرا ما و بدأت أفكار كثيرة غريبة تتزاحم في رأسها في تلك اللحظة. تبعت منال التي أخذت تصعد الدرج و هي تقول :
, ـ تعالي، سأريك خنجري إن شئت٣ نقطة لكن لا تقتربي من الصندوق مجددا٣ نقطة عمي نبيل سينزعج من ذلك٣ نقطة
,
, ٨ العلامة النجمية
,
, دخلت الجناح خلف منال التي لم تتوقف عن الثرثرة عن الخرافات المستحيلة التي يتناقلها الخدم حول طباع هاجر الغريبة و ما تحتفظ به من قطع أثرية مسحورة و تحف عجيبة٣ نقطة كانت تدخل جناح ياسين و منال للمرة الأولى، بل إنها زيارتها الأولى للطابق الثاني، بعد الجولة السريعة التي قادها فيها العم صابر، كبير خدم القصر، في أول يوم لها هنا٣ نقطة
, توجهت منال نحو منضدة الزينة، و فتحت صندوقا خشبيا صغيرا يحتوي بعض قطع الحلي و الإكسسوارات، تناولت بحذر خنجرا صغيرا حادا، ذا نصل معقوف و مدته إلى ليلى و هي تقول :
, ـ هذا الخنجر حصلت عليه ليلة زفافي! هدية غريبة أليس كذلك؟
, قالت ذلك متضاحكة، ثم أشارت إلى خزانة زجاجية في الجانب الآخر من الجناح و قالت :
, ـ ياسين يحتفظ بخنجره هناك، و رانيا أيضا حصلت على واحد عند ولادتها! كل واحد نقش عليه اسم صاحبه٣ نقطة انظري!
, أمسكت ليلى السلاح الأبيض بين يديها و هي بالكاد تسيطر على انفعالاتها٣ نقطة فقد أصابها الذعر و هي تتخيل ما استعمل من أجله مثل هذا الخنجر. كانت منال قد أحضرت الخنجر الخاص بياسين و ناولتها إياه هو الآخر و هي تقول :
, ـ انظري، الخناجر متشابهة جدا، و لا سبيل إلى التمييز بينها! صنعت بدقة وبراعة كبيرة٣ نقطة لذا اعتمدت هاجر فكرة النقش، حتى لا يقع التباس٣ نقطة
, دخلت رانيا إلى الجناح و هي تطارد كرتها كالعادة، تدحرجها على الأرض ثم تركض خلفها لتعيد دحرجتها٣ نقطة توجهت نحوها منال و هتفت في حزم :
, ـ رانيا! يجب أن تستحمي و تغيري ملابسك٣ نقطة انظري إلى حالتك الرثة!
, أمسكت الصغيرة من ذراعها، و هي تصرخ في احتجاج، و جذبتها في قوة إلى غرفة الاستحمام الخاصة بالجناح٣ نقطة
, كانت ليلى لا تزال تقف و هي تمسك الخنجرين، تقلبهما بين كفيها في اهتمام، و تعاين النقوش المزخرفة التي تظهر على طرف المقبض بحروف لاتينية٣ نقطة ثم ما لبثت أن هزت كتفيها في استسلام، بعد أن يئست من إيجاد فرق بينهما٣ نقطة هتفت بمنال، التي كانت تسمع صوتها قادما من الداخل وهي تصارع رانيا المتمردة على الاستحمام :
, سأعيد الخناجر إلى مكانها٣ نقطة
,
, أجابتها منال و قد كاد صوتها يغيب أمام صوت تدفق المياه في الداخل :
, ـ حسن٣ نقطة خنجر ياسين ضعيه في الرف الثاني من الخزانة٣ نقطة
, أودعت ليلى خنجر منال صندوقها الخشبي، ثم توجهت إلى خزانة ياسين في طرف القاعة. فتحتها و وضعت الخنجر كما طلبت منها منال. همت بإغلاقها، لكنها توقفت فجأة حين لفت انتباهها وريقات ملفوفة بعناية بخيط أحمر، تستقر على الرف السفلي. لم تكن هذه الوريقات لتشد انتباهها في الظروف العادية، خاصة أن الخزانة تخص شخصا غريبا عنها، لكن لون الورق و زخرفته جعلاها تتردد. مدت يدها
, لتمسك باللفافة. انتبهت حواسها دفعة واحدة٣ نقطة إنه نفس الملمس! لم يكن ورق مفكرة حنان المميز ليتوه عنها! كانت مضطربة، و قد أخذت أوصالها في الارتعاش٣ نقطة إنها متأكدة من أنها أوراق من المفكرة، نجت قبل الحرق!
, لكن كيف وصلت إلى خزانة ياسين؟ و لماذا يحتفظ بها؟ كان الفضول يسيطر عليها، بل رغبتها الملحة لكشف سر ما حصل٣ نقطة هل تروي هذه الصفحات سر زواج فراس و حنان يا ترى؟ يبدو أنها ذات أهمية خاصة! ترددت أكثر٣ نقطة لا، لا يمكنها أن تأخذ اللفافة من الخزانة دون إذن صاحبها!
,
, استيقظ ضميرها و أخذ يقرعها بشدة. مدت يدها لتعيد اللفافة إلى مكانها و الألم يعتصر قلبها. لكنها هذه المرة توقفت من جديد و قد سمرتها الدهشة٣ نقطة في نفس الرف من الخزانة، كانت هناك قطعة لامعة، كانت تختفي خلف أوراق المفكرة، لمعانها ذكرها بشيء تعرفه جيدا٣ نقطة كانت لفافة الورق لا تزال في يدها اليمنى، فمدت يدها اليسرى لتلتقط الحلية ذات الشكل الغريب٣ نقطة قربتها منها في ذهول و هي تتأمل النتوءات الحادة التي برزت في وسطها٣ نقطة كانت الحلية تتدلى من خيط ذهبي رفيع مميز٣ نقطة لكن شكل الحلية كان غريبا عليها.
, لم تكن قد رأت مثلها من قبل، و مع ذلك، فقد أحست أنها تعني لها الشيء الكثير٣ نقطة
, فجأة، انقطع صوت تدفق المياه، فأدركت أن منال ستخرج عما قريب.
, أعادت الحلية مكانها بأصابع مرتعشة، و توقفت عند لفافة الورق وقد بدا عليها التردد الشديد، و لكنها أخيرا، دستها في حقيبتها و هي تسكت الصوت المعترض في داخلها. ألم يكف أنها فقدت المفكرة في المرة السابقة؟ ستقرؤها سريعا ثم تعيدها قبل أن ينتبه ياسين أو منال٣ نقطة لكن لا يمكنها أن تضيع الفرصة ثانية٣ نقطة هكذا أقنعت نفسها٣ نقطة
, تنحنحت لتسيطر على انفعالها و هتفت :
,
, ـ منال، سأذهب إلى غرفتي٣ نقطة أراك فيما بعد٣ نقطة
, أطلت منال برأسها مبتسمة و هي تقول :
, ـ حسن٣ نقطة أراك على الغداء٣ نقطة
, رسمت ليلى على شفتيها ابتسامة سريعة، و حثت الخطى لتخرج من الجناح قبل أن تلاحظ منال اضطرابها٣ نقطة , خارج القائمة
 
  • عجبني
التفاعلات: wagih
١٥


أغلقت باب غرفتها بإحكام خلفها و سارعت لتخرج اللفافة من حقيبتها.
, أخذت تفك الشريط الأحمر و هي تلهث من فرط الانفعال. ماذا لو انتبه ياسين إلى غيابها قبل أن ترجعها إلى مكانها؟ تحركت أصابعها في توتر و هي تحاول أن تنتهي مما بين يديها في أسرع ما يمكن٣ نقطة لم تكن قد فكرت بعد في خطة مناسبة لإعادتها، فأكثر ما يشغلها الآن هو أن تكتشف ما ورد فيها٣ نقطة فردت الوريقات أمامها فوق ملاءة السرير، لا تعلم من أين تبدأ، فهي لم تكن مرتبة. تناولت الورقة الأولى و أخذت تقرأ:
, أعاد كلام سارة اليوم إلي أذكر ذاك اليوم أكثر من أي وقت مضى كل ذكرياته٣ نقطة بكل التفاصيل، كأن ما حدث كان البارحة! لم أحب أماني يوما، و هي لم تكن تطيقني أيضا٣ نقطة كانت تمنع أمين من الخروج معي، و تضطره إلى البقاء في غرفته و الدراسة٣ نقطة و لكن لم يكن بيني و بينها أية علاقة، كل منا تتجاهل الأخرى٣ نقطة لكنني لم أكن أضيع فرصة للنيل منها. صبيحة ذاك اليوم، كنت قد خرجت في جولتي الصباحية في الحديقة. أمسكت بعض الخنافس و حبستها في كيس صغير، ثم صعدت إلى الطابق الأول لأمارس هوايتي المفضلة : إرعاب أماني!
, جلست القرفصاء أمام باب الغرفة الزرقاء، فتحت الكيس، و دفعت الخنافس لتتسلل إلى الداخل من خلال الفضاء الضيق أسفل الباب. حبست أنفاسي و أنا أنتظر أن أسمع صراخها كالعادة. لبثت أنتظر لدقائق طويلة، لكن لم يبد عليها أنها انتبهت إلى تسلل الخنافس! استندت إلى الباب و أنا أمد أذني لأسترق السمع٣ نقطة ربما يصلني شخيرها! لكنني فوجئت بالباب يفتح تلقائيا و وجدتني أسقط وسط الغرفة!
, كانت الكلمات تقف عند هذا الحد. بحثت في لهفة عن الورقة التي تحمل تتمة النص، وما لبثت أن تعرفت عليها، فواصلت القراءة:
, وقفت في ارتباك و أنا أحاول استنباط تبرير لما يحصل، لكن الهدوء كان مخيما على المكان. نظرت في اتجاه السرير٣ نقطة كانت أماني تستلقي على ظهرها في استرخاء، ولم يبد أنها قد أحست بوجودي. اقتربت أكثر و قد تملكني فضول غريب. كان وجهها شاحبا تشوبه زرقة. و فجأة، وقعت عيناي على ذراعها اليسرى٣ نقطة كان جرح عميق يقطعها معصمها، و قد تكونت بركة دماء فوق الملاءة و على الأرض. وكان خنجرها الصغير ملقى على الأرض و قد تلطخ بالدماء٣ نقطة لبثت أنظر إليها في ذهول. درت حول السرير مرات عدة، و أنا أتأمل تفاصيل وضعها. ثم بحثت عن خنافسي، جمعتها في سرعة و خرجت من الغرفة في هدوء. لم أتحدث عن ذلك مع أحد. جلست في الحديقة الخلفية، وضعت رأسي بين كفي، و سرحت٣ نقطة هل هذا ما يسمونه الموت؟ كانت أماني تبدو وديعة في موتها، ملامحها مطمئنة، لكن لون الدم المتخثر كان مخيفا! ! لا أظنني أريد أن أموت مثلها
, تنهدت ليلى في أسى٣ نقطة لم تكن تريد أن تموت مثلها! لكن لا يبدو أن طريقة موتها كانت مختلفة جدا، طالما أن للخنجر دورا فيها٣ نقطة أمسكت ورقة أخرى و تابعت:
, إن لم يكن يبدي كنت أعلم أن ياسين يحب أماني منذ فترة طويلة، وذلك أمام الجميع. كانا صديقين منذ الطفولة، و قد كبرا معا، منذ زواج خالي بإيمان٣ نقطة لكنه قبل بضعة أيام من تاريخ الحادثة فاتح خالي برغبته في الزواج منها. كنت في المطبخ أبحث عن الكعكة التي حضرتها مريم في ذاك الصباح، حين لمحت خالي و ياسين يدخلان غرفة المكتب و يغلقان وراءهما الباب. تسللت من المطبخ و اقتربت من باب المكتب في حذر. كان خالي قد عاد من عمله مبكرا على غير عادته، خاصة أنه منذ وفاة إيمان يقضي معظم وقته في الشركة، و لم يعد يطيق أجواء البيت! سمعت صراخا قادما من الداخل. كان خالي يقول بأنه لن يسمح له بالزواج من أماني أبدا. و ياسين كان مغتاظا و فقد أعصابه أمام والده٣ نقطة ابتعدت بسرعة عن الباب حين سمعت وقع خطوات تقترب، و عدت للاختباء في المطبخ. خرج ياسين و الشرر يتطاير من عينيه و غادر القصر بخطوات متوترة. ثم علمت في المساء، أنه سافر إلى منزل العائلة الشاطئي٣ نقطة ربما يريد أن يريح أعصابه٣ نقطة
, السيد نبيل كان معارضا لزواج ياسين من أماني؟! كيف و هي شقيقة زوجته التي يحبها؟ كما أنه استقبلها في بيته و ائتمنها على فراس و أمين، تتابع دراستهما و تهتم بمراجعتهما٣ نقطة فما الذي يجعله يرفضها وبكل هذا العنف؟ كانت الدهشة قد تملكت ليلى٣ نقطة هل٣ نقطة هل يكون لذلك علاقة بانتحارها؟ تحولت إلى الورقة الموالية، علها تجد فيها ردا على تساؤلاتها.
, كنت أجلس لكن ما حصل في الغد زاد من ريبتي بخصوص نوايا خالي . في الحديقة مع أمين، حين رأيت أماني تتجه نحو مكتب خالي. دخلت و أغلقت الباب خلفها. لم أتمكن من التصنت على ما يقال في الداخل لأن أمين يلازمني كظلي. لكنني ظللت أراقب الباب في انتباه. بعد دقائق قليلة، خرجت أماني و وجهها شديد الامتقاع. و بدا أنها تجاهد الدموع حتى لا تنفجر باكية. رأيتها تركض إلى الطابق الأول دون أن تنتبه إلى نظراتي. ثم ما لبث خالي أن غادر المكتب بدوره و هو يبدو مهموما أيضا! فهمت أن للأمر علاقة بزواجها من ياسين٣ نقطة و بما أن ياسين لم يكن في المدينة يومها، فربما يحاول خالي أن يقنعها بالابتعاد عنه! في صباح الغد، اختارت أماني أن تضع حدا لحياتها٣ نقطة لم يكن ياسين قد عاد من سفره بعد٣ نقطة
, وصلت ليلى إلى الورقة الأخيرة. تناولتها و هي تتنهد. يبدو أن خالها كان يحاول بشتى السبل إبعادهما عن بعضهما البعض. لا بد أن لديه دافعا قويا! و أماني، كيف استسلمت بتلك السهولة و انتحرت على الفور؟ ما الذي قاله لها نبيل حتى تختار الموت؟
, كنت قد نسيت حادثة انتحار أماني التي مرت عليها سبع سنوات كاملة٣ نقطة لكن مشهد موتها ظل محفورا في ذاكرة الطفلة التي كنت، و لم أعلم أنني سأتذكره بتلك الدقة حين أثارت سارة الموضوع البارحة. قالت أنها سمعت أمها تتحدث مع خالي منذ فترة طويلة، و قد فهمت من حديثهما أن أماني لم تكن خالتها، بل طفلة يتيمة، أحضرتها جدتها من ملجأ للأيتام بعد أن كبرت بناتها، لتشغل بها نفسها و تؤنس وحدتها! و بعد وفاة الجدة، جاءت أماني لتعيش مع إيمان التي كانت تعتبرها شقيقتها. الآن فقط فهمت سبب رفض خالي لأماني. ففتاة مجهولة النسب، لا يمكن أن تكون أهلا للزواج من أحد أفراد عائلة القاسمي! ربما كان خالي محقا في قراره، لكن حين أفكر في أن ذلك قد قادها إلى الانتحار٣ نقطة
, إلى هنا انتهت المذكرات التي بين يدي ليلى. لملمت الأوراق من جديد و ربطتها بالشريط الأحمر. لم تجد فيها ما يشفي غليلها و يجيب على تساؤلاتها بخصوص زواج حنان و فراس، لكنها سلطت الضوء على قضية أخرى، ربما لا تقل تعقيدا وغموضا٣ نقطة لم تكن تتصور أن خالها قد يكون بهذه القسوة. من المؤكد أنه أهانها و عيرها بنسبها المجهول، وطلب منها أن تبتعد عن سليل العائلة العريقة٢ علامة التعجب مسكين ياسين. يحتفظ بهذه الأوراق التي تذكره بحبه القديم. كيف تراه تصرف حين اكتشف أن لوالده يدا في انتحارها؟ و كم مضى من الوقت على اكتشافه الحقيقة؟
, هنا، عاد بها شريط الذكريات إلى ليلة حفلة الشواء٣ نقطة رأت نفسها تقف مع فراس في ممر الحديقة، ثم فراس ينطلق في اتجاه المبنى، وهي تعود أدراجها إلى المسبح. ثم، تكتشف المذكرة المحترقة٣ نقطة
, لكن٣ نقطة هناك حلقة مفقودة! لماذا قد يعود فراس أدراجه إلى الحديقة لرمي الكراس في النار، في حين أنه يمكنه أن يتخلص منها بألف طريقة أخرى دون أن يثير انتباه أحد؟ إلا إذا٣ نقطة إلا إذا لم يكن فراس الذي رمى بالمفكرة في النار! انتبهت من أفكارها على وقع طرقات على بابها. سارعت بدس الأوراق تحت وسادتها. فتحت الباب لتجد العم صابر يقف في احترام في انتظارها. : نظرت إليه في استغراب فقال
, ـ آنستي٣ نقطة السيد نبيل يدعوك إلى مكتبه على الفور، أرجو أن تتبعيني٣ نقطة
, مرت بذهنها صورة ياسين و هو يدخل المكتب، ثم صورة أماني و هي تخرج منه، كما صورتها حنان في مذكراتها، فسرت في جسدها قشعريرة باردة. يبدو أن المكتب يخص المواضيع الهامة و السرية!
, تبعته في صمت دون أن تجرؤ على سؤاله عن سبب الدعوة. ثم ما الذي جاء بخالها في مثل هذا الوقت؟ ليس من عادته أن يرجع في وقت الغداء! وصلت إلى المكتب، فتركها الخادم و انصرف. ترددت للحظات، ثم رفعت يدها لتدق الباب في لطف. جاءها الإذن بالدخول على الفور. أخذت نفسا عميقا قبل أن تفتح الباب و تدلف إلى الداخل.
, تقدمت في خطوات متوترة. رأت خالها يجلس خلف مكتبه و يمسك سماعة الهاتف و قد على وجهه ابتسامة هادئة. وقفت غير بعيد عنه، تنتظر أن يفرغ من مكالمته. : لكنه نظر إليها، ثم قال مخاطبا محدثه
, ها قد وصلت الأميرة!
, ثم مد إليها السماعة و هو يقول:
, ـ تفضلي٣ نقطة والدك يريد التحدث إليك٣ نقطة
,
, بدت الدهشة و اللهفة على وجهها في آن. سارعت بأخذ السماعة بأنامل مرتجفة. احتضنتها في شغف و :هي تهتف في شوق
, ـ أبـــــــــــــــــي! كيف حالك؟
, و لم تتمالك نفسها، فتهدج صوتها و سالت الدموع على وجنتيها و هي تهمس:
, ـ لماذا تركتني٣ نقطة؟ و لم تسأل عني طوال هذا الوقت٣ نقطة؟ أنا وحيدة
, بدونك٣ نقطة
, وقف نبيل و غادر المكتب في صمت احتراما لخصوصية المكالمة. جاءها صوت والدها في حنان:
, ـ أنا بخير يا صغيرتي٣ نقطة و خالك نبيل يطمئنني عن حالك٣ نقطة ثم لماذا الوحدة؟ أنت بين أفراد عائلتك٣ نقطة خبريني هل أزعجك أحد؟
, ردت ليلى على الفور:
, ـ كلهم طيبون و يعاملونني بلطف٣ نقطة و لكنني لم أتعود أن تبتعد عني
, هكذا ٣ نقطة اشتقت إليك كثيرا٣ نقطة
, لبث يهدئ من روعها و يخفف عنها حتى توقفت دموعها. مسحت آثار العبرات عن وجنتيها بظاهر كفها و قالت و هي تستعيد رباطة جأشها :
, ـ كيف حال صفقتك؟ هل تسير الأمور كما ترجو؟
,
, بدا على نجيب بعض الارتباك، لكنه أجاب بسرعة:
, لا تقلقي على مشاريعي، فأنت المشروع الأهم في حياتي٣ نقطة و
, صدقيني، لو لم يكن ذلك في مصلحتك، لما تركتك لحظة واحدة٣ نقطة
, انقبض قلبها في صدرها، وقد أحست شيئا غريبا في صوت والدها، ثم
, تذكرت ما حصل في طريقها إلى الضيعة يوم أمس، فهمست في قلق:
, أبي، لماذا لم يصحبك مأمون في رحلتك هذه؟ ظننت أنك تعتمد عليه في كل شيء٣ نقطة
, كان صوته متوترا أكثر هذه المرة و هو يجيب في تردد:
, مأمون؟ نعم، لقد طلب إجازة لمدة أسبوع٣ نقطة لأن شقيقته مريضة٣ نقطة و قد قام بكل ما يلزم قبل ذلك، لا تقلقي٣ نقطة لكن كيف عرفت أنه لم يصحبني؟
, : أجابت و قد تضاعف قلقها
, رأيته في المدينة حين كنا في طريقنا إلى الضيعة٣ نقطة هل هالة بخير؟ ربما يجب أن أزورها٣ نقطة
, قاطعها على الفور مهدئا:
, ـ لا لا تقلقي٣ نقطة مجرد زكام٣ نقطة لكن٣ نقطة زوجها مسافر و هي بحاجة إلى٣ نقطة اممم٣ نقطة ٣ علامة التعجب ٣ نقطة من يهتم معها بالطفلين
, : لم يبد عليها الاقتناع بكلامه المتداخل فقالت في اصرار
,
, لكنك لا تبدو على ما يرام، خبرني٣ نقطةهل هناك ما يقلقك؟ أنا ابنتك الوحيدة، لمن تفضي بهمومك إن لم يكن إلي؟
, حينئذ تنهد نجيب بعمق، ثم قال بعد صمت قصير:
, صغيرتي٣ نقطة ٣ نقطة ربما أعود إلى الديار بأسرع مما اعتقدت
, هتفت ليلى في فرح:
, ـ أحقا ما تقول؟ متى ستعود؟ وهل سنظل هنا لبعض الوقت أم نعود إلى فرنسا؟
, أطلق ضحكة قصيرة، قاطعتها نوبة سعال مفاجئة. هتفت ليلى في قلق :
, ـ أبي، هل أنت بخير؟
, هدأت النوبة، فقال نجيب متضاحكا، مخفيا اضطرابه:
, سامحك الله٣ نقطة هاجمتني بكل هذه الأسئلة، حتى فقدت توازني! نعم يا حبيبتي، سأعود قريبا، بل قريبا جدا٣ نقطة أنا أيضا اشتقت إليك٣ نقطة لم أحجز بعد تذكرة الطائرة٣ نقطة ٣ نقطة لكن
, لبثت ليلى ساكتة، تنتظر بقية الجملة. : تابع نجيب بصوت جاد
, ـ لكن لا أظننا نعود إلى فرنسا٣ نقطة أفكر في الاستقرار في البلاد بصورة نهائية٣ نقطة
,
, غاص قلبها بين ضلوعها، و أحست بألم خفي يسري في أوصالها. هل كانت تتوقع ذلك؟ ربما٣ نقطة لكن إحساسا مريبا لازمها في الأيام الماضية، و هاهو كلام والدها يجيء ليؤكد شكوكها٣ نقطة تنهد من جديد و هو يقول متفهما صمتها:
, ـ أعلم أنه لا يهون عليك ترك صديقاتك و زميلات الدراسة اللاتي عرفتهن في السنين الماضية. لكنني أريد لك استقرارا حقيقيا مع أفراد عائلتك التي حرمتك منها منذ طفولتك٣ نقطة
, كادت تهتف مستنكرة بأن هذه العائلة لاتهمها، و ما عرفته عنها لم يزدها إلا نفورا٣ نقطة ثم هي تركت قلبها و أحلامها هناك٣ نقطة فما معنى الاستقرار مع أشخاص لا تحس إلى جانبهم بالأمان! أخرجها صوته من أفكارها و هو يقول بلهجة غريبة لم : تفهم كنهها
, ـ ليلى٣ نقطة ٣ نقطة هناك موضوع هام يجب أن أتحدث فيه معك عند عودتي
, خيرا إن شاء ****؟
, ـ لا ينفع أن أتحدث فيه على الهاتف. لكن لا تقلقي٣ نقطة خالك نبيل سيخبرك قريبا بموعد عودتي٣ نقطة
, وضعت السماعة و تنهدت بقوة. ليست تنهيدة ارتياح٣ نقطة بل تنهيدة قلب متعب أثقلته الهموم، و زادتها مكالمة اليوم حيرة و ألما٣ نقطة , خارج القائمة
 
  • عجبني
التفاعلات: wagih
١٦


خرجت ليلى من المكتب تجر قدميها بصعوبة و الألم يعتصر قلبها، لا تدري أي مفاجأة جديدة يخبئها لها والدها، بعد الخبر القاسي الذي تلقته منذ لحظات٣ نقطة
في تلك الآونة، كانت رجاء التي وصلت للتو، تقطع البهو بخطوات رشيقة محدثة طقطقة متواترة بكعبها العالي و تهز شعرها الذي انسدل على ظهرها في شكل ذيل حصان، متمايلة في مشيتها٣ نقطة توقفت فجأة حين لمحت ليلى تتقدم في اتجاه الدرج و هي لا تكاد تنتبه إلى وجودها من شدة انغماسها في أفكارها٣ نقطة بسرعة، قطعت المسافة التي تفصلهما في خفة، و اعترضت طريقها قبل أن تصل إلى الدرج.
وقفت ليلى على قيد خطوات منها و رفعت عينيها لتطالعها في دهشة واستغراب. ارتسمت على شفتي رجاء ابتسامة صفراء و هي تقول في دلال:
ـ أهلا٣ نقطة ليلى! كيف حالك؟
تمالكت ليلى نفسها بصعوبة، فهي لم تنس الكلمات التي سمعتها منها في لقائهما الأول، و لم تكن لتحتمل جرعة أخرى من سهامها في حالتها تلك٣ نقطة : تمتمت في صوت شبه مسموع
بخير٣ نقطة
و همت بمواصلة طريقها. لكن رجاء اقتربت منها أكثر و قالت و قد تغيرت النظرة في عينيها:
ـ اسمعي يا عزيزتي٣ نقطة لا تحاولي أن تلعبي دور الفتاة البريئة والطيبة! لأنني أعرف طينتك جيدا، أنت و شقيقتك و كل عائلتك! لا تظني بأن قطعة القماش التي تضعينها على رأسك ستقنعني بأنك ملاك السلام والطهر٣ نقطة و إنني لأحذرك، لا تحاولي أن تلعبي نفس اللعبة التي لعبتها حنان من قبلك!
تابعت وهي تشير بسبابتها إلى ليلى في حركة مهينة:
ـ ما أنت إلا ضيفة هنا، و لفترة محدودة٣ نقطة لذلك لا تحاولي أن تكوني سيدة القصر! فليس معنى أنك حصلت على الغرفة الزرقاء، أنك
ستحصلين على كل شيء معها!
لم تكن ليلى قد استفاقت من صدمتها الأولى٣ نقطة تراجعت في ذهول وقد هزتها كلمات رجاء:
ـ ما الذي تقصدينه؟
وضعت رجاء كفها على خدها في حركة مسرحية و قالت بصوت رقيق وهي تمثل التأثر:
ـ ياي! تمثيلك مؤثر حقا! هل تظنين أنني أجهل الهدف الذي اتفقت أنت و والدك من أجله على القدوم إلى هنا؟ أرجوك يا عزيزتي، ليس
الجميع مغفلين هنا! و اعلمي أنني لن أسمح لك بتنفيذ المخططات التي في رأسك الصغير!
تمالكت ليلى نفسها بصعوبة و هتفت في عدم تصديق:
ـ أنت٣ نقطة أنت٣ نقطة ٣ علامة التعجب أنت إنسانة مريضة
شهقت رجاء في حدة و ضربت على صدرها بكفها في ارتياع، ثم
صرخت في غضب:
احترمي نفسك يا هذه وتذكري جيدا من تكلمين!
ثم انحنت لتقترب برأسها من ليلى و همست في صوت كالفحيح:
ـ أنا من ستكون السيدة هنا٣ نقطة ! أعدك بذلك
ابتسمت ليلى في سخرية و قالت:
ـ و كأننا نتنافس على شيء ذي بال! الغرفة لك من اليوم إن شئت! و القصر أمامك، ارتعي فيه على راحتك!
تحركت رجاء في اتجاه الدرج و هي تلوح بكفها في استهانة و قالت:
لست مستعجلة٣ نقطة أترك لك الغرفة لبضعة أيام٣ نقطة لكنها ستكون لي٣ نقطة عاجلا أم آجلا٣ نقطة
أطلقت ليلى ضحكة قصيرة، فيها شيء من السخرية٣ نقطة و المرارة، وأردفت:
ـ آسفة يا عزيزتي٣ نقطة لكن يبدو أنني سأطيل المكوث هنا، أكثر مما
تصورت٣ نقطة ومما تتصورين٣ نقطة
كانت رجاء قد صعدت درجتين، فتوقفت و استدارت إليها في حدة و هتفت في شك:
ـ ماذا تقصدين؟
هزت ليلى كتفيها في تسليم و هي تقول:
ـ يبدو أن والدي ينوي الاستقرار النهائي في الوطن٣ نقطة و قد نقيم جميعا هنا إلى أجل غير مسمى!
ذعرت ليلى من نظرة الحقد التي أطلت من عيني رجاء في تلك اللحظة، و لم تشعر بها إلا و قد وثبت ناحيتها و هي تصرخ في هيجان، وأخذت تشد حجابها في قسوة، كأنها تريد جرها من شعرها، ثم أنشبت أظافرها، التي يمكن تصنيفها ضمن المخالب، في وجهها في شراسة.
صرخت ليلى من الألم و القهر، و هي تحاول التخلص من هجمة رجاء الوحشية . : لكن رجاء لم تتوقف عن الهتاف و العراك
ـ أيتها القذرة، الوضيعة٣ نقطة أعلم أنك تطمعين في الثروة٣ نقطة كما كانت نجاة و حنان من قبل٣ نقطة لكنني لن أسمح لك٣ نقطة لن أسمح لك أن تأخذيه مني من جديد٣ نقطة ! هل تفهمين
كانت ليلى تصارعها في إعياء و هي لا تفهم شيئا من كلامها٣ نقطة كانت تحس بالتعب، بتعب شديد بعد مكالمتها مع والدها٣ نقطة و كانت كلمات رجاء الجارحة و المجانية هو ما ينقصها حتى تنهار مقاومتها و تخور قواها٣ نقطة
فجأة، أتاهما صوت يصرخ في غضب:
رجــــــــــــــاء!
توقفت رجاء و التفتت إلى المدخل حيث مصدر الصوت. كان فراس قد عاد للتو من عيادته، و ما إن أوقف سيارته قرب المدخل حتى تناهت إلى مسامعه صرخة ليلى، نزل من السيارة بسرعة و ركض إلى الداخل. و ما إن خطا داخل البهو، حتى وصلته هتافات رجاء و شتائمها٣ نقطة
ركضت رجاء نحوه، و قد وضعت على وجهها قناع البراءة، في سرعة خرافية، و هتفت متصنعة : الوداعة
فراس٣ نقطة أرأيت كيف تعاملني ابنة عمتك؟ إنها متوحشة!
تمسكت بذراع فراس الذي كان ينظر إلى ليلى و قد بدا عليه التردد و الحيرة٣ نقطة كانت ليلى تقف في ذهول، و قد فسد هندامها و ارتخى وشاحها على رأسها٣ نقطة و على خدها جرح طويل٣ نقطة رفعت كفها للتحسس موضع الألم فاصطبغت أناملها بقطرات الدم التي أخذت تطل من الجرح.
لم تعد تستطيع مقاومة ألمها، النفسي الذي فاق الجسدي بكثير٣ نقطة فسالت العبرات من عينيها أنهارا. راحت تبكي في صمت، و هي تطالع : رجاء التي التصقت بفراس، تحاول إخفاء فعلتها
هي استفزتني٣ نقطة ٣ نقطة و
أبعدها فراس عنه في صرامة و أشار إليها بيده كي تصمت. تقدم نحو ليلى و قال في اهتمام:
دعيني أنظف الجرح٣ نقطة
كان يحمل في يده حقيبته الطبية. وضعها على الأرض و بدأ في تجهيز القطن و المعقم٣ نقطة : تراجعت ليلى في نفور و هتفت
لا أريد منك شيئا! فقط اتركني وشأني٣ نقطة اتركوني وشأني٣ نقطة
تقطعت كلماتها و قد أخذ جسدها الصغير يهتز في انفعال و هي تضم ذراعيها إلى جسدها، كأنها تحمي نفسها من خطر قادم. و تعالت شهقاتها في ألم يقطع نياط القلب٣ نقطة كطفلة صغيرة، تفتقد الحنان و الأمان٣ نقطة أصبحت مهزوزة فجأة، بكت كثيرا في الأيام الأخيرة٣ نقطة لم تعد تتعرف إلى نفسها٣ نقطة ! كيف صارت ضعيفة هكذا؟
احتقن وجه رجاء و هي ترى علامات التعاطف على وجه فراس، فهتفت :
ـ هل تظنين بأنك ستخدعيننا بدموع التماسيح هذه؟! لقد فهمت خطتك منذ اللحظة الأولى٣ نقطة و قد ثبت لي كل شيء بعد أن علمت أنك
تخططين للبقاء هنا بصفة دائمة!!
التفت فراس إلى ليلى و هو يعقد حاجبيه في اهتمام:
ـ هل حقا ستقيمين معنا بصفة دائمة؟
التفتت إليه في حدة، و قد أخذ صدرها يهتز من انفعالها٣ نقطة و في فورة ألمها، ترجمت كل مشاعرها الغاضبة الحانقة، في نظرة ملتهبة، رمته بها، قبل أن تهتف في عنف:
ليس ذلك باختياري!
ثم اندفعت إلى الدرج، و قد ملأت الدموع عينيها و جعلت رؤيتها ضبابية. تريد الفرار من هذا المكان برمته، لكنها لا تملك سوى الابتعاد لبضعة أمتار فقط، إلى غرفتها! فجأة توقفت، و التفتت ثانية إلى فراس الذي كان يتابع حركاتها في حيرة. نظرت إليه في انهيار و هتفت:
ـ أخبرني٣ نقطة لماذا تزوجت حنان؟
امتقع وجه فراس بشدة، و لبث ينظر إليها بلا حراك، كأنه يبحث في وجهها عن حنان أخرى٣ نقطة لم يكن السؤال مناسبا للموقف أبدا، و لم يكن يتوقع أن يطرح عليه السؤال بتلك الطريقة يوما٣ نقطة لكن رجاء رفعت صوتها و هي تجيب عنه في سخرية لاذعة:
ـ كان ذلك خطأ يا عزيزتي٣ نقطة ! خطأ لن يتكرر إن شاء ****
كانت ليلى تنتظر تعليقا من فراس٣ نقطة لكنه لم ينبس بكلمة، بل أشاح بوجهه في صمت ليتجنب نظراتها، أو ربما ليبعد عنه ذكريات قديمة أثارها سؤالها في نفسه٣ نقطة لم تستطع ليلى أن تنتظر أكثر، بل انبرت ترتقي الدرجات بأوصال مرتجفة٣ نقطة تعثرت في سيرها، و التوى كاحلها٣ نقطة لكنها عضت على شفتيها من الألم و هرولت بخطى مرتبكة
إلى غرفتها، لا تلوي على شيء٣ نقطة
أغلقت الباب خلفها، تريد اعتزال العالم، و الاختلاء بآلامها٣ نقطة استندت على الجدار في تعب، لكن ما لبثت أن عادت إليها الرجفة، فارتمت على السرير، تبحث في ثناياه عن بعض الدفء٣ نقطة
٨ العلامة النجمية
أخذت نفسا عميقا وهي لا تزال مستلقية على ظهرها، تمسك بمنديل ورقي تضغطه على مكان الجرح من خدها. كانت قد هدأت، و استجمعت شتات نفسها. تفكر في مستقبل أيامها٣ نقطة و كل الكلام القاسي الذي رمته رجاء اليوم بوجهها. لم تفهم سر هجومها الشرس، و كلماتها المسمومة٣ نقطة هل كانت تكره حنان و والدتها إلى هذه الدرجة، حتى تعاقبها على انتمائها إليهما؟ أم لأنها تحمل نفس الوجه الذي يذكرها
لطف، و لبثت تنتظر. مرت ثوان، و لم يصلها رد من الداخل. وضعت يدها على المقبض، و أدارته٣ نقطة و بسهولة تامة، انفتح الباب. أطلت برأسها في هدوء و نادت بصوت مرتبك:
ـ منال٣ نقطة منال، أنت هنا؟
لم يأتها أي جواب. دفعت الباب فأحدث صريرا خافتا٣ نقطة خطت إلى الداخل في حذر و هي تقاوم صوتا داخليا يؤنبها في قسوة. كيف تدخل إلى الجناح في غياب أصحابه؟ و لكنها سبق أن أخذت ورقا بدون علم أصحابه٣ نقطة و هاهي تصلح خطأها بخطأ جديد! بدا الجناح هادئا، و لا أحد بالداخل. أغلقت الباب خلفها في رفق، حتى لا يجلب الباب
المفتوح انتباه الخدم.
سارت بسرعة إلى ركن الخزانة، فتحتها و أخرجت الأوراق من حقيبتها و هي تتلفت حولها في ارتباك. مدت يدها إلى الرف السفلي، من حيث أخذتها، فشدت انتباهها مجددا القلادة الغريبة. وضعت الأوراق، ورفعت القلادة بين كفيها في رفق، و راحت تتأملها بعمق٣ نقطة سرحت مع أفكارها٣ نقطة تعلم أن القلادة لا تنتمي إلى هذا المكان! لكن كيف وصلت إلى هذه الخزانة؟ تنهدت بصوت مسموع٣ نقطة لشد ما تريد الاحتفاظ بها،
قطعة من ماضي عائلتها٣ نقطة
فجأة، سمعت صرير الباب من جديد. التفتت في ذعر إلى باب الجناح، فرأت ما جعل وجهها يفقد ألوانه٣ نقطة كان ياسين يقف عند الباب ويطالعها في هدوء غريب٣ نقطة هل هو الهدوء الذي يسبق العاصفة؟ تمنت لو أنها تملك وسيلة للاختفاء من هناك على الفور، لكنها لم تكن تملك الخيار٣ نقطة ما الذي سيقوله عنها الآن؟ بم تراه يفكر؟ اقترب منها و على وجهه علامات الاهتمام. راقبت حركاته و هي تحاول السيطرة على ارتجافها٣ نقطة و أخيرا، تحركت شفتا ياسين ليتكلم بكلمة لم تتوقعها أبدا في تلك اللحظة:
ـ ما هذا الجرح؟
كان الجرح الذي تسببت فيه أظافر رجاء بارزا على وجنتها، و يشوه وجهها. ظنت لوهلة أنه يسخر منها٣ نقطة أو أنها لم تسمع جيدا، من فرط انفعالها٣ نقطة : لكنه أضاف
ـ هل رآك فراس؟ دعيه يعقمه حتى لا يزداد الأمر سوءا٣ نقطة ما الذي حصل؟
أطرقت في خجل من اهتمامه، و هي التي اقتحمت جناحه و عبثت بمحتويات خزانته. : همهمت في خفوت
ـ مجرد حادث بسيط٣ نقطة ٣ نقطة سأهتم بالجرح بنفسي
انتظرت أن يسألها عما تفعله هناك، و أخذت تبحث في رأسها الفارغة عن حجة، و إن كانت تافهة. لكنه فاجأها بسؤال جديد:
ـ أعجبتك؟
نظرت إليه في دهشة، و هي لا تستوعب سؤاله. انتبهت إلى أنه كان ينظر إلى القلادة التي لا تزال بين يديها! ارتبكت، و لم تدر بما تجيب٣ نقطة ! فقد أمسكها متلبسة في غرفته و بيدها المسروق
لكنه واصل قائلا:
لا شك أن صاحبتها افتقدتها٣ نقطة لكن من الغريب أنها لم تبحث عنها!
وجدتها منذ 4 سنوات أو أكثر، في حديقة القصر٣ نقطة و لم يصرح أحد بفقدانها٣ نقطة
استدار و ابتعد عنها بضع خطوات. توجه إلى الجانب الآخر ليلقي بمفاتيحه على منضدة قريبة، وقال في لا مبالاة، دون أن ينظر إليها :
إنها لك، إن شئت٣ نقطة
راقبته في عدم تصديق. ابتعد عنها، في اتجاه الحمام، و قبل أن يختفي داخله قال بصوت هادئ:
إن احتجت إلى أي شيء٣ نقطة فلا تترددي في طلبه٣ نقطة
بقيت ليلى مسمرة في مكانها للحظات، و هي لا تستوعب ما حصل للتو٣ نقطة لكنها ما لبثت أن حثت الخطى إلى الخارج، و هي تقبض على القلادة بقوة، ٣ نقطة قبل أن يتراجع ياسين في كلامه , خارج القائمة
 
  • عجبني
التفاعلات: wagih
نسوانجي كام أول موقع عربي يتيح لايف كام مع شراميط من أنحاء الوطن العربي
١٧


أغلقت باب الغرفة في حرص، و خطت في هدوء في اتجاه منضدة الزينة. أخرجت صندوقها الخشبي الصغير٣ نقطة صندوقها الذي تحتفظ فيه بقطع قليلة من الحلي، و بالكثير من الذكريات٣ نقطة تناولته بيسراها و هي لا تزال تقبض على القلادة بيمناها.
جلست على السرير، فتحت الصندوق بيد مرتعشة و أخرجت قلادتها ذات الشكل الغريب. وضعت الحليتين جنبا إلى جنب و راحت تتأملهما في حيرة٣ نقطة إنها متأكدة من أن هذه القلادة لحنان، مذ رأتها و هي تحس بذلك٣ نقطة قلبت الحليتين في جميع الاتجاهات٣ نقطة كانت كلتاهما ذات شكل غريب٣ نقطة قلادتها تشبه الهلال في شكلها، لكن الاستدارة لم تكن مكتملة٣ نقطة أما القلادة الثانية، فقد كانت بيضوية، مع نتوءات غريبة مثل أسنان المنشار تغطي أحد جوانبها٣ نقطة لا شك أنهما من صنع صائغ واحد، نفس الزخرفة و نفس الماسات الصغيرة المصفوفة بعناية٣ نقطة
فجأة، خطرت ببالها فكرة، بدا لها شكل الحلية الثانية، مشابها لشكل الفراغ داخل الهلال. قربت الجزأين من بعضهما البعض، و دفعت أحدهما إلى داخل الآخر٣ نقطة و بسهولة شديدة، التحمت القطعتان، و سمعت تكتكة خفيفة مع تعانق النتوءات التي غطت الجانب الداخلي لكلا الحليتين لتلتصقا و تكونا شكلا واحدا بيضويا! رفعت القطعة المتحدة أمام عينيها و ارتسمت على شفتيها ابتسامة٣ نقطة و أخيرا اجتمع النصفان بعد زمن طويل من الفراق!
كانت الماسات الصغيرة التي رصعت وجه الحلية تتألق بلمعان جذاب، ظلت تقلبها تحت ضوء الشمس الباهت في ذاك الوقت من المساء. قلبتها على الوجه الآخر و مررت أصابعها على النقوش الخلفية٣ نقطة كان اسمها و اسم حنان منقوشين على كل من القطعتين، لكن اسمح حنان كان قد غطي بطبقة رقيقة من الرواسب. دعكتها بإبهامها في حذر محاولة إزالة ما علق بها، و لدهشتها، انزلق الوجه العلوي للحلية من مكانه تحت ضغط أصابعها لتجد بين يديها طبقتين رقيقتين منفصلتين تقريبا، لا تلتقيان إلا في نقطة واحدة في طرف الشكل البيضوي، و تنزلق كل منهما على الأخرى في سهولة في اتجاه دائري٣ نقطة
تأملت في اهتمام الوجه الداخلي لكل طبقة و هي تعقد حاجبيها في استغراب٣ نقطة كان أحد الوجهين يحمل صورة رجل و امرأة٣ نقطة بدا أنهما في ثوب الزفاف! الصورة نقشت على الذهب بخطوط رقيقة و غاية في الدقة و الإتقان٣ نقطة أما على الجانب الآخر، فقد نقشت أرقام غريبة، لم تفهم معناها للوهلة الأولى٣ نقطة دققت النظر في حيرة متزايدة، لكن ما لبثت ابتسامتها أن اتسعت لتملأ وجهها٣ نقطة
كانت الأرقام الغريبة عبارة عن تواريخ! التاريخ الأول كان منذ ستين عاما تقريبا٣ نقطة خمنت على الفور أنه تاريخ زواج جدتها و جدها لأبيها٣ نقطة أما التاريخ الثاني، فكان من الواضح أنه تاريخ زواج والديها! يبدو أن القلادة موروث عائلي! ضحكت بصوت خافت و هي تتأمل اكتشافها في إعجاب. لكن ضحكتها لم تلبث أن تلاشت و حل مكانها الوجوم٣ نقطة هناك تاريخ آخر يجب أن ينقش على هذه القلادة٣ نقطة تاريخ زواج فراس و حنان! ذاك اللغز الغريب الذي يزيدها حيرة يوما بعد يوم.
أعادت الطبقتين إلى وضعهما الأول و فكت جزأي القلادة و قد فتر السرور الذي انتابها لبضع لحظات٣ نقطة تشاغلت بتقليب الحليتين بين أصابعها في توتر٣ نقطة كان من المستحيل تحريك الطبقتين بعد فصل القطعتين! أي نظام عجيب في الداخل! أعادت تركيبهما، و ارتمت على السرير في إعياء٣ نقطة و سرعان ما سرحت مع خيالها و هي تتأمل صورة العروسين. ارتسمت على شفتيها ابتسامة هادئة و هي تتساءل٣ نقطة متى سينقش تاريخ جديد داخل القلادة؟
٩ العلامة النجمية
استيقظت ليلى باكرا هذا الصباح٣ نقطة جهزت نفسها في سرعة و حماس على غير العادة٣ نقطة نظرت إلى هندامها في المرآة، و حاولت رسم ابتسامة على وجهها٣ نقطة تحاول أن تكون بشوشة و منطلقة في أول زيارة لها لجامعتها الجديدة! لعل اندماجها في الحياة الاجتماعية و تركيزها على دراستها يشغلانها عن التفكير في المسائل التي تحيرها و تؤرقها٣ نقطة كان ياسين قد اهتم بتسجيلها كما وعدها، فلم تفوت لحظة واحدة٣ نقطة
عبرت الممر مهرولة و نزلت السلم في وثبات سريعة٣ نقطة لا تريد أن تتأخر عن موعدها مع مدير مركز البحوث في الجامعة! كانت في طريقها إلى الخارج مباشرة حين سمعت صوتا ينادي باسمها. التفتت مبغوتة إلى الخلف. لم تكن قد انتبهت إلى ياسين و فراس الذين وقفا أمام غرفة الطعام و قد بدا أنهما يستعدان للمغادرة كل إلى عمله .
ابتسم ياسين و هو يبادرها :
ـ إلى أين في مثل هذه الساعة المبكرة؟
عادت خطوتين إلى الوراء و قد احمرت وجنتاها خجلا من تصرفاتها الطفولية. من المؤكد أنهما رأياها تقفز و تركض كالصبيان! تلعثمت وهي تهمس في حرج :
إلى الجامعة٣ نقطة لدي موعد مع أحد مسؤولي مركز البحوث٣ نقطة
ـ هل تناولت إفطارك؟
لوحت بيدها في لا مبالاة وهي تقول :
ـ لا بأس، سأتناول لمجة خفيفة من مطعم الجامعة٣ نقطة لا أريد أن أتأخر عن الموعد٣ نقطة
ـ انتظري إذن سأوصلك!
ابتسمت في امتنان و قالت :
ـ لا تزعج نفسك٣ نقطة سأذهب مع السائق اليوم لأتعود على الطريق، ثم يمكنني الذهاب بسيارتي في الأيام القادمة٣ نقطة
تكلم فراس، الذي كان يتابع حوارهما في صمت، بصوت هادئ، دون أن تتغير ملامح وجهه الجامدة :
السائق لم يعد بعد٣ نقطة أبي غادر منذ قليل إلى الشركة، لذلك فإنه لن يكون هنا قبل ساعة أخرى٣ نقطة
وقفت ليلى في حيرة و تردد. لا تدري لم أحست بأن فراس يشمت فيها و يستمتع بوضعها في مواقف سخيفة٣ نقطة أو ربما هيأت لها هواجسها ذلك! لا تستطيع الاطمئنان إلى ذاك الشخص أبدا٣ نقطة
قاطع ياسين أفكارها و هو يقول :
ـ إذن أوصلك٣ نقطة
لم تكن تريد ركوب السيارة معه بمفردها٣ نقطة ربما كان الأمر سيان مع السائق، لكنه أشبه بسيارة الأجرة٣ نقطة ذاك هو عمله! أما ياسين فهو ابن خالها، و لن يرضى بأن تجلس في المقعد الخلفي في سيارته٣ نقطة موقف محرج حقا! و كأنه فهم ما يدور في خلدها، فأضاف :
ـ سأوصل رانيا أيضا إلى منزل جدتها٣ نقطة
ابتسمت ليلى أخيرا و قد وجدت طوق النجاة. أما فراس، فإنه نظر إلى ساعته في توتر و قال في تجهم كأنه مستاء مما حصل للتو :
ـ يجب أن أذهب الآن٣ نقطة سأتأخر على المرضى٣ نقطة نواصل حديثنا لاحقا٣ نقطة
هز ياسين رأسه موافقا، في حين غادر فراس المكان في خطوات واسعة. مر من جانبها و هو يتجنب النظر إليها٣ نقطة تصرفاته المتعالية تثير غيظها!
نزلت رانيا و هي تقفز في مرح، عانقت ليلى بسرعة، ثم جرت نحو والدها و أخذت تجذب كفه في استعجال و هي تهتف :
ـ هيا، بابا٣ نقطة هيا٣ نقطة سنتأخر!
ابتسم و هو يمسح على رأسها قائلا :
ـ حسن، حسن٣ نقطة اسبقيني إلى السيارة، و خذي معك خالتك ليلى٣ نقطة
قفزت رانيا بسرعة و ركضت نحو ليلى و أخذت تجرها من كفها إلى الخارج. بعد دقائق قليلة كانت السيارة تتحرك في اتجاه الجامعة٣ نقطة
لم تكن المقابلة مع مدير مركز البحوث سريعة كما توقعت. فرغم أن ليلى كانت قد جهزت ملفاتها مسبقا من أجل دراستها العليا في فرنسا، فإن المدير دخل في مقارنات مطولة بين نظام الدراسة المحلي و نظام الجامعات الفرنسية و استغل الفرصة ليطرح عليها أسئلة كثيرة بخصوص المناهج المعتمدة هناك و اختبار مدى تمكنها من المواد المقررة٣ نقطة وفي نهاية اللقاء قدمت فكرة مشروعها و اتفقا على مواعيد الدروس والمحاضرات٣ نقطة و بعد أكثر من ساعتين، كانت تغادر الجامعة.
وقفت عند الباب في تفكير٣ نقطة لم يسبق لها أن خرجت إلى المدينة بمفردها، و لم تكن تعلم أين تجد محطة سيارات الأجرة، و لا كيف تتصل بالشركة المختصة حتى ترسل إليها بواحدة. و بينما هي في تفكيرها، ارتفع صوت منبه سيارة غير بعيد عنها. التفتت تلقائيا، فرأت سيارة ياسين! سارت نحوها في استغراب. ابتسم ياسين و هو يراها تقترب :
ـ أخذت رانيا لشراء بعض الهدايا لجدتها٣ نقطة و فكرت في أنك قد تكونين انتهيت من موعدك٣ نقطة لذلك انتظرناك٣ نقطة أليس كذلك رانيا؟
هزت رانيا، التي تجلس في المقعد الأمامي، رأسها في ملل و هي تحتضن أكياس المشتريات٣ نقطة من الواضح أنها تعبت من الانتظار! صعدت ليلى في حرج، و شعرت مجددا بالامتنان لاهتمام ابن خالها الأكبر بكل ما يخصها. هتفت رانيا :
ـ هل سنذهب إلى منزل جدتي الآن؟
التفت إليها ياسين مهدئا :
ـ سنوصل الخالة ليلى إلى القصر أولا٣ نقطة في الأثناء تكون جدتك قد استيقظت و أعدت فطور الصباح٣ نقطة تعلمين أن الجدات يستيقظن متأخرات!
غمغمت رانيا في احتجاج :
ـ جدتي تستيقظ دائما مبكرة!
أطلق ياسين ضحكة قصيرة، و انطلق في طريق العودة٣ نقطة
فجأة تعالى رنين هاتف ياسين الجوال. بدا عليه الاهتمام و هو يرد على الاتصال بكلمات سريعة مقتضبة. ثم ما لبث أن نظر إلى ليلى عبر المرآة العاكسة و هو يقول معتذرا :
ـ هناك أمر عاجل يستدعي وجودي في الشركة على الفور٣ نقطة الطريق إلى الشركة قصيرة من هنا٣ نقطة لذلك سأمر إلى هناك مباشرة٣ نقطة لن أتأخر٣ نقطة خلال دقائق قليلة سأنتهي من الأمر٣ نقطة
هزت ليلى رأسها في تفهم، في حين راحت رانيا تتأفف من التأخير وياسين يحاول تهدئتها بشتى الوعود و المغريات دون فائدة٣ نقطة توقفت السيارة أمام المبنى الضخم٣ نقطة نزل ياسين مسرعا و قال قبل أن يختفي في الداخل :
ـ انتظراني في السيارة٣ نقطة سأعود فورا!
كانت ليلى ترى شركة خالها للمرة الأولى. رفعت رأسها لتتأمل العلو الشاهق لطوابق المبنى العشرة و ابتسمت٣ نقطة لم يعد يدهشها شيء في ممتلكات عائلة خالها٣ نقطة و لا عجب أن تطمع حنان و نجاة و رجاء أيضا، في نصيب من هذه الممتلكات! تنهدت في حسرة و هي ترسل بصرها إلى الخارج عبر النافذة٣ نقطة
فجأة، لمحت شخصا يخرج من المبنى في خطى سريعة و يتوجه نحو الموقف و هو يضع نظارته الشمسية على عينيه٣ نقطة تسمرت مكانها في دهشة، لم تكن تتخيل أن تراه ثانية بهذه السرعة٣ نقطة و في شركة خالها بالذات! و دون تفكير أو تردد، فتحت باب السيارة و نزلت٣ نقطة
هتفت رانيا في دهشة و هي تراها تبتعد :
ـ خالة ليلى٣ نقطة
أشارت ليلى إليها كي تبقى في السيارة، و أخذت تبحث عنه بعينيها مجددا٣ نقطة رأته يقف عند سيارة غير بعيدة عنها٣ نقطة قطعت الأمتار القليلة في شبه ركض و هتفت و هي تراه يستعد للانطلاق :
ـ مأمون!
التفت في استغراب عند سماع اسمه، و ما لبثت حيرته أن تحولت إلى مزيد من الدهشة و السرور بعد أن تعرف عليها. نزل من السيارة على الفور و تقدم نحوها مبتسما :
ـ آنسة ليلى٣ نقطة كيف حالك؟
ابتسمت في توتر و هي تجيب :
ـ بخير، شكرا لك٣ نقطة سمعت أن شقيقتك مريضة، أرجو أن تكون بخير الآن٣ نقطة
بدت عليه الدهشة للوهلة الأولى، ثم قال بعد تردد قصير :
ـ هالة؟ امممم٣ نقطة نعم، نعم٣ نقطة وعكة بسيطة٣ نقطة إنها بخير الآن، لا داعي للقلق٣ نقطة لكن أخبريني، ما الذي تفعلينه هنا؟
نظرت إليه في حيرة و قالت محاولة أن تحافظ على هدوئها :
ـ كنت سأسألك نفس السؤال! فهذه شركة خالي، إن كنت لا تعلم٣ نقطة
هرش رأسه في حرج و هو يقول في ارتباك :
ـ نعم بالطبع٣ نقطة السيد نبيل القاسمي خالك٣ نقطة كيف غاب عني هذا٣ نقطة
عقدت حاجبيها و هي تقول في شك :
ـ إذن ماذا كنت تفعل في شركة خالي؟
لوح بكفيه و هو يبتسم :
ـ لا شيء مهم٣ نقطة كانت لدي بعض الأعمال التي أوكلني بها والدك٣ نقطة وقد انتهيت منها٣ نقطة
عقدت ليلى ذراعيها أمام صدرها و قالت في حزم :
ـ مأمون٣ نقطة أرجوك، أخبرني ما الذي يحصل هنا؟ ما علاقة شركة خالي بأعمالك مع والدي؟
سكت مأمون في تردد واضح و بدا عليه التفكير٣ نقطة نظرت إليه ليلى في استعطاف و هتفت :
ـ مأمون! أنت تخفي عني أمرا ما! أرجوك٣ نقطة أريد أن أفهم!
زفر أخيرا في استسلام و هو يقول :
ـ حسن٣ نقطة والدك كان يريد أن يترك الخبر مفاجأة لك، لكن ماذا أفعل٣ نقطة أمري إلى الله٣ نقطة والدك قرر أن يصفي حساباته في فرنسا، و يستثمر قسما كبيرا من مدخراته في فرع شركة نبيل القاسمي الجديد٣ نقطة لذلك أرسلني حتى أهتم بكل الأمور القانونية إلى حين عودته٣ نقطة
نظرت إليه ليلى في ذهول٣ نقطة لم تكن تتوقع ذلك أبدا! لماذا يشارك والدها خالها بعد كل هذه السنين؟ و لماذا أخفى عنها ذلك، و اختلق عذرا لتواجد مأمون في المدينة؟ عادت إليها اتهامات رجاء و كلماتها المسمومة٣ نقطة اتهمتها بالطمع في الثروة و التخطيط إلى الحصول عليها٣ نقطة و هاهي تطرح على نفسها تلك الأسئلة مجددا٣ نقطة لماذا أرسلها والدها إلى هنا، و في نفس الوقت، أرسل مساعده للتجهيز لتعاقده مع خالها٣ نقطة ماذا يعني كل هذا؟
نظرت إلى مأمون في ريبة :
ـ مأمون٣ نقطة اصدقني القول٣ نقطة هل أفلست شركة أبي و اضطر إلى البيع؟
أطلق مأمون ضحكة قصيرة ثم قال مطمئنا :
ـ ليس الأمر كذلك أبدا٣ نقطة لم نصل إلى الإفلاس على أية حال!
ثم قال بصوت هادئ :
ـ لا داعي للقلق٣ نقطة كل شيء سيكون على ما يرام٣ نقطة لا تشغلي نفسك بهذه المسائل٣ نقطة
عادت مجددا إلى سيارة ياسين بعد أن شيعت بنظراتها سيارة مأمون وهي تبتعد٣ نقطة لكن القلق لم يشأ أن يفارقها٣ نقطة إلام تخطط يا نجيب كامل؟ , خارج القائمة
 
  • عجبني
التفاعلات: wagih
١٨


غادرت غرفة المكتب و هي تكاد تقفز في الهواء من الفرح٣ نقطة صعدت الدرجات المؤدية إلى الطابق الأول في وثبات مرحة٣ نقطة قطعت بضع خطوات في الممر، ثم توقفت عند صورة حنان، تلك الصورة التي تشهد على مرورها من هنا، و على كونها جزءا من تاريخ هذا المكان.
رنت إليها لأول مرة و ابتسامة جذلة على شفتيها، و همست كأنها تخاطب الصورة:
ـ هل تعلمين؟ أبي يعود اليوم من سفره! سنذهب لاستقباله بعد قليل٣ نقطة كم أنا سعيدة!
أطلقت ضحكة خافتة و واصلت طريقها في اتجاه غرفتها. فتحت صوان الملابس و أخذت تنتقي ثوبا مناسبا٣ نقطة لا تدري لماذا انجذبت إلى سترتها الزرقاء التي كرهتها منذ أيام قليلة! تناولتها في حنين و اتسعت الابتسامة على شفتيها٣ نقطة لن ترتدي غيرها! تحس بأن حياتها ستعود إليها٣ نقطة ربما لن تعود كما كانت، لكن وجود والدها إلى جانبها يشعرها بالأمان٣ نقطة و لن يعني لها اللون الأزرق شيئا بعد الآن!
ارتمت على السرير في ارتياح و أطلقت تنهيدة حارة٣ نقطة لا تعلم أي خطة يخفيها والدها بخصوص حياتهما الجديدة على أرض الوطن٣ نقطة وإن كانت لا تعتقد أنهما قد يقيمان في القصر، إلا أن أحاسيس غريبة تنتابها و تنبؤها بأن مغامرتها هنا لم تنته بعد!
تناولتها هاتفها و كونت رقما٣ نقطة تريد أن تشارك أحدا ما فرحتها.
منال لم تكن هناك، فقد أخذها ياسين لزيارة والدتها و إحضار رانيا٣ نقطة ٣ نقطة لا شك أنهما سيقضيان السهرة معها.
حين دعاها خالها إلى غرفة المكتب، أحست أن للأمر علاقة بوالدها. لكنها لم تتصور أن يأتيها الخبر المنتظر بمثل هذه السرعة٣ نقطة لم تستطع أن تعانق خالها و تشكره على النبأ السار، كما تفعل مع والدها٣ نقطة لا تزال تحس بمسافة بينهما. تحس بتلك الهالة من الجدية والوقار التي يحيط بها خالها نفسه، رغم محاولته ممازحتها بين الحين و الآخر٣ نقطة ربما كان ذلك بسبب الجفاء الطويل الذي كان بين العائلتين٣ نقطة أو ربما هو الانطباع الموحش الذي تركه لديها هذا المكان، مما أضفى نوعا من البرود العام على علاقتها مع أهله!
كانت تلك الأفكار تراودها و هي تستمع إلى رنين الجرس من الجانب الآخر دون أن يرد أحد على الاتصال. تأففت و هي تلقي بهاتفها جانبا٣ نقطة لماذا لا أجدك في مثل هذا الوقت يا سحر
تناولته ثانية، و كتبت لها رسالة قصيرة تعلمها بعودة والدها٣ نقطة
لكن ذلك لم يؤثر على معنوياتها، فقامت على الفور و أخذت تجمع حاجياتها في نشاط٣ نقطة تشاغلت بتجهيز حقيبة سفرها. ليست متأكدة من مغادرتها للقصر الليلة، لكنها تريد تفريغ طاقاتها في عمل ما
تعالت دقات موقعة على باب غرفتها٣ نقطة ابتسمت و قد تعرفت على صاحبها على الفور. فتحت الباب لتجد أمين أمامها. مستعدة لتحمل تفاهاته و تصرفاته الصبيانية أكثر من أي وقت مضى! ربما لأن حالتها النفسية المنشرحة تجعلها تتقبل أي شيء و كل شيء، في سبيل الحفاظ على روحها المعنوية المرتفعة٣ نقطة
فاجأتها نظرته الحزينة، رغم الابتسامة الباهتة التي علت شفتيه. نظر إليها مطولا قبل أن يقول في صوت منكسر:
ـ تبدين في حالة جيدة ! هل كل هذا لأنك ستتركيننا؟
نظرت إليه في دهشة و هتفت على الفور:
لماذا تقول هذا؟ أنا سعيدة لأنني اشتقت إلى أبي٣ نقطة هذا كل ما في الأمر.
: ابتسم في سخرية و قال
ـ لا تحاولي إقناعي بأنك تتمنين البقاء٣ نقطة ! و لا ألومك
سكتت في حيرة. ربما كان كلامه صحيحا٣ نقطة بل من المؤكد أنه كذلك. إقامتها هنا لم تحمل إليها سوى الآلام و الأحلام المزعجة والمخاوف٣ نقطة لكنها لا تنكر أن الجميع كان طيبا معها٣ نقطة ما عدا رجاء! حتى فراس٣ نقطة مع أنها لم تكن ترتاح إليه، إلا أنه عاملها بمنتهى اللطف٣ نقطة طبعا إن استثنت نظراته الجامدة، و ملامحه الواجمة! ياسين و منال كانا دائما جاهزين لمساعدتها و الأخذ بيدها٣ نقطة و أمين، هو الآخر لم يدخر جهدا لتسليتها، رغم أنها كانت تصده٣ نقطة هل ستشتاق إليهم بعد مغادرتها هذا المكان؟ على أية حال، لن تبتعد كثيرا، طالما أنها ستقيم في نفس المدينة٣ نقطة و طالما أن والدها يشارك خالها في أعماله، من المؤكد أن العلاقات ستستمر٣ نقطة تنهدت حين وصلت بتفكيرها إلى تلك النقطة.
: انتبهت إلى أمين الذي كان لا يزال يقف قبالتها. ابتسم و هو يهمس:
هيا بنا٣ نقطة ٣ نقطة أبي ينتظرنا في الأسفل
تبعته في هدوء و ابتسامة رقيقة تزين محياها٣ نقطة سأشتاق إليكم حتما
١٠ العلامة النجمية
وقفت ليلى في قاعة الاستقبال و هي تتطلع في لهفة إلى بوابة خروج المسافرين. كانت تقف على أطراف أصابعها و تشرئب بعنقها لتحصل على رؤية أوضح٣ نقطة نظر إليها نبيل، و لم يتمالك نفسه أن ضحك وهو يقول في ود:
ـ صبرا يا صغيرتي٣ نقطة طائرته لم تصل بعد
احمرت وجنتاها حرجا و تراجعت خطوتين، إلى حيث وقف أمين الذي أصر على مرافقتهما لاستقبال نجيب٣ نقطة استندت على أحد الأعمدة في ملل، تأخرت الطائرة عن موعدها. : دنا منها أمين و قال مطمئنا
الرحلة من الولايات المتحدة إلى هنا طويلة جدا٣ نقطة و من الطبيعي أن تحصل بعض التأخيرات٣ نقطة ٣ نقطة لا داعي للقلق
هزت رأسها في تفهم، و أخذت تجيل بصرها في القاعة بدون تركيز٣ نقطة فجأة، أحست بشخص يتوقف غير بعيد عنها، التفتت، فألفت مأمون ينظر إليها مبتسما:
ـ ليلى٣ نقطة كيف حالك؟
: بادلته الابتسامة و هي تقول في مرح
ـ أظنني سأكون بخير، إن لم تتأخر الطائرة أكثر
: عقد حاجبيه و هو يقول
ـ نعم٣ نقطة تأخرت الرحلة قرابة الساعة٣ نقطة ٣ نقطة خيرا إن شاء ****
تنحنح أمين كي ينبههما إلى وجوده، فأسرعت ليلى بالتعريف بينهما.
نظر أمين إلى مأمون في حذر٣ نقطة كان مأمونا شابا وسيما، يقترب من الثلاثين من عمره، طويل القامة، و إن كان أمين يفوقه طولا٣ نقطة لكن مأمون بدا أكثر اتزانا و ثقة في بدلته الرسمية الأنيقة و ربطة العنق التي لا تكاد تفارقه٣ نقطة طالعه أمين في اهتمام، كأنه يدرس خصما لا يستهان به، ثم بادره في برود واضح:
أشك في أن عمي نجيب قد يرغب في مناقشة أمور العمل منذ وصوله
أحست ليلى بالحرج من موقف أمين العدائي، لكن مأمون ابتسم و هو
يقول في هدوء:
و من أقل أنني سأحدثه في العمل حال وصوله؟ علاقتي بالسيد نجيب ليست مجرد علاقة عمل٣ نقطة بل علاقتنا الشخصية أقوى بكثير٣ نقطة نحن مثل العائلة الواحدة٣ نقطة
ابتسمت ليلى دون أن تعلق، في حين احتقن وجه أمين من الغيظ٣ نقطة لا يدري لم لم يرتح إلى مأمون على الإطلاق! قطع الصمت الذي خيم على ثلاثتهم إعلان وصول الطائرة القادمة من الولايات المتحدة، فسارعت ليلى بالتقدم نحو بوابة الوصول، و تبعها مأمون و أمين وكلاهما يحاول تجاهل وجود الآخر٣ نقطة
مرت الدقائق بطيئة على ليلى و هي تتصفح وجوه الوافدين تبحث عن وجه أبيها بينها٣ نقطة و أخيرا، لمحته يتجاوز البوابة و هو يدفع عربة الحقائب٣ نقطة اندفعت نحوه و هي لا تكاد ترى شيئا أمامها، كأنها لم تره منذ سنوات٣ نقطة مع أن فترة غيابه لم تتجاوز الأيام العشرة! تلقاها بين ذراعيه في حنان، و استمر عناقهما لبضعة لحظات قبل أن يهتف نبيل من خلفها:
ـ ليلى٣ نقطة هلا سمحت لنا باستقباله معك؟ مرت سنوات طويلة منذ التقينا آخر مرة
ابتعدت ليلى في حرج، و تعانق الرجلان في حرارة٣ نقطة ثم جاء دور مأمون و أمين. نظر نجيب حوله كأنه يبحث عن شخص ما، ثم نظر إلى نبيل و قال:
ـ أين فراس و ياسين؟
ـ لم يعلما بوصولك بعد٣ نقطة ٣ نقطة لكنهما سيزوران حتما، في أقرب وقت
أحست ليلى بارتياح خفي يسري في شرايينها٣ نقطة من الواضح أن والدها لا ينوي الإقامة في القصر! تأبطت ذراعه في طريقهما إلى موقف السيارة، في حين تولى مأمون أمر الحقائب. لكن ليلى كانت قلقة بعض الشيء، فقد بدا وجه والدها شاحبا، و كأنه فقد بعض الأرطال من وزنه في الأيام القليلة الماضية! ربما لم تناسبه ظروف السفر والعمل هناك٣ نقطة توقف نجيب قرب السيارة و أخرج سيجارة من جيب سترته. : نظرت إليه ليلى في عتاب و هي تقول
ألم تنو بعد مفارقتها؟
ضحك ضحكة خفيفة قاطعتها نوبة من السعال٣ نقطة ثم قال بعد أن هدأت :
ـ التدخين ممنوع في الطائرة٣ نقطة ! لذا يجب أن أعوض
نظر إليه نبيل و تنهد تنهيدة طويلة و لم يعلق. ابتسم نجيب و هو يشعل سيجارته و ينفث الدخان من فيه، ثم قال بصوت خافت:
ـ على أية حال٣ نقطة ٣ نقطة فات الأوان
تطلعت إليه ليلى في حيرة و هي لا تفهم ما يدور بينهما من نظرات.
تلاشت ابتسامة نجيب، و هو يرى القلق في عينيها. بدا عليه التردد٣ نقطة
أخذ بضعة أنفاس من سيجارته، ثم ألقاها على الأرض و داسها بقدمه في توتر. تابعت ليلى حركاته في تساؤل٣ نقطة أخيرا، رفع عينيه إليها وقال محاولا الابتسام:
ـ ليلى حبيبتي٣ نقطة ٣ نقطة يجب أن تعلمي بأمر ما
هزت ليلى رأسها لتشجعه على المواصلة و هي تعقد حاجبيها في اهتمام.
تنهد بقوة، كأنه يستجمع قواه ليقول ما عنده. ابتعد نبيل، ليمنحهما بعض الخصوصية، و قال مخاطبا أمين و مأمون:
تعاليا لنضع الحقائب في السيارة٣ نقطة
راقبهم نجيب و هم يبتعدون٣ نقطة و أخيرا قال و هو ينظر في عيني ابنته في قوة
ـ ليلى٣ نقطة عهدتك قوية و صابرة٣ نقطة و أعلم أنك تتقبلين قضاء **** وقدره٣ نقطة
لم تفهم سبب كلامه، و لكنها باتت تتوقع الأسوأ. الأمر خطير حتما حتى يفاتحها فيه في المطار! تجمعت العبرات في عينيها بسرعة٣ نقطة
ليلى تغيرت يا نجيب٣ نقطة ليلى عادت طفلة صغيرة تحتاج الحب و الحماية٣ نقطة التجربة التي مرت بها في الأيام الماضية غيرت فيها الكثير٣ نقطة ! لم تعد تعرفها
ـ تعلمين أنني لن أعيش من أجلك إلى الأبد٣ نقطة و أنني سأرحل عنك في يوم ما٣ نقطة و ربما كان هذا اليوم أقرب مما تتصورين٣ نقطة
: قاطعته و قد أخذت العبرات طريقها على خديها
ما الذي تقوله؟ أطال **** عمرك يا أبي و أبقاك إلى جانبي٣ نقطة فأنت كل عائلتي٣ نقطة
ضمها نجيب في حنان و هو يستطرد:
لا، يا ليلى٣ نقطة لا، عائلة خالك عائلتك أيضا٣ نقطة و لذلك أرسلتك للإقامة معهم، حتى تتعرفي عليهم٣ نقطة لأنني لا أريدك أن تبقي وحيدة إن أنا رحلت عنك٣ نقطة
: هتفت مجددا بين دموعها
بعد عمر طويل إن شاء الله٣ نقطة
تنهد نجيب مجددا و هو يقول في ألم:
الأعمار بيد **** يا صغيرتي٣ نقطة لكن والدك مريض يا ليلى٣ نقطة مريض جدا٣ نقطة
رفعت ليلى عينيها إليها و هي تأمل أن تجد في ملامحه ما يدل على المزاح، و إن كان مزاحا ثقيلا على قلبها. لكنه كان يبتسم ابتسامة باهتة، و قد ذبلت عيناه و كسا ملامحه الوجوم. واصل قائلا
لم أرد أن أخبرك قبل الآن٣ نقطة لأنني أملت أن أجد العلاج المناسب، في الولايات المتحدة٣ نقطة لكن يبدو أن المرض وصل إلى مرحلة متقدمة٣ نقطة و لم تعد تجدي العقاقير٣ نقطة
غطت ليلى فمها بكفها لتكتم شهقاتها، و ضمت والدها بذراعها الأخرى بقوة٣ نقطة الآن فقط٣ نقطة الآن فقط فهمت سبب كل ما يحصل٣ نقطة فهمت سر مجيئها إلى هنا، و سر تصفية والدها لأعماله في فرنسا و عودته إلى الوطن٣ نقطة الآن فقط، فهمت سر تكتم والدها على سفره إلى أمريكا و عدم مرافقة مأمون له في رحلته٣ نقطة الآن فقط، أدركت أن أحلامها بعودة الاستقرار إلى حياتها لم تكن سوى أحلام يقظة٣ نقطة
تابع نجيب و هو يربت على رأسها ليهون عليها، و هو أحوج إلى من يهون عليه مصيبته:
ـ لقد حجزت جناحا في مستشفى خاصة، حتى يتابع الأطباء حالتي عن كثب٣ نقطة و الشفاء من عند ****، و إن يئس الأطباء
مسحت ليلى دموعها بسرعة٣ نقطة كيف استسلمت لدموعها و هي تعلم أنها بذلك تزيد من ألمه٣ نقطة يجب أن يراها قوية، كما تعود٣ نقطة حتى لا ينشغل عليها٣ نقطة رسمت ابتسامة واهنة، تداري بها حزنها و لوعتها٣ نقطة
لم تدم فرحتها بعودته طويلا، حتى فاجأها بهذه الفاجعة٣ نقطة لكن عليها أن تتجلد على الأقل أمامه. رنت إليه في حب، ثم قالت بصوت
خافت:
نعم٣ نقطة الشفاء من عند الله٣ نقطة فلتكن ثقتنا برحمة **** كبيرة٣ نقطة
سارا باتجاه السيارة التي سبقهم إليها نبيل و أمين، في حين ركب
مأمون سيارته و انطلق في اتجاه المستشفى. نظرت ليلى إلى والدها وقالت في تردد، كأنها تتوقع الجواب و تخشاه:
أبي٣ نقطة مم تشكو؟
ابتسم في ضعف و هو يسرح بنظراته بعيدا:
سرطان الرئة٣ نقطة
أطرقت ليلى في ألم. إنه خطؤها٣ نقطة لم تكن حازمة معه في موضوع التدخين. تركته يهلك نفسه و يستهلك صحته و هي تكتفي بعتاب بسيطة بين الفترة و الأخرى٣ نقطة كان بإمكانها أن توقفه! تسللت دمعة متمردة، فمسحتها بسرعة قبل أن ينتبه إليها. أدخلت يدها في جيب سترته و أخرجت علبة السجائر. تابع نجيب حركاتها و هي تضعها في حقيبتها أمام عينيه. نظرت إليه ليلى و قالت في جدية:
الثقة في رحمة **** وحدها لا تكفي٣ نقطة ٣ نقطة علينا الأخذ بالأسباب
 
  • عجبني
التفاعلات: wagih
١٩


وقفت ليلى في المطبخ إلى جانب العم هاشم و هو يعد الوجبة التي طلبتها منها، و أخذت تهز قدمها في عصبية٣ نقطة قالت و هي تستعجله :
هل انتهيت من الحساء؟
ابتسم الرجل و قال و يداه لا تتوقفان عن العمل :
ـ لم يبق سوى تزيين الحلويات، ثم أضع كل ما يلزم في سلة الطعام٣ نقطة
تحركت ليلى و بسرعة لتحضر السلة و هي تقول :
ـ هات عنك٣ نقطة سأنظمها بنفسي هنا٣ نقطة أرجو أن تجهز الحلويات بسرعة٣ نقطة لا أريد أن أتأخر أكثر!
أطل أمين من الباب. لم تنتبه إليه ليلى التي كانت منهمكة في عملها. عقد ذراعيه أمام صدره و استند إلى دفة الباب و راح يتأملها و على شفتيه ابتسامة خفيفة٣ نقطة كم تبدو بريئة و عفوية و هي تتنقل هنا و هناك في حيوية، تضع لمساتها المميزة على كل ما حولها٣ نقطة كل ما يخص والدها يدخل على قلبها السرور٣ نقطة كم تغيرت منذ عودته، رغم الألم و الخوف إلا أن وجوده قريبا منها هو كل ما يهمها٣ نقطة
رفعت رأسها فرأته، ابتسمت على الفور، في حين بادرها هو :
ـ تحتاجين إلى بعض المساعدة؟
ـ انتهيت تقريبا٣ نقطة أنتظر الحلويات التي يهتم عم هاشم بتزيينها٣ نقطة
استدار ليغادر و هو يلوح بالمفاتيح :
ـ أنتظرك في السيارة٣ نقطة منال سبقتك٣ نقطة
هزت رأسها علامة لموافقة ثم التفتت من جديد إلى العم هاشم تراقب عمله٣ نقطة
لم يسمح لها ليلة البارحة بالبقاء إلى جانب والدها في المستشفى.
غادرته و في قلبها غصة٣ نقطة لم تستطع النوم و هي تفكر في مرض والدها، و حياتها القادمة٣ نقطة لا يجب أن تستسلم، هكذا حدثت نفسها٣ نقطة
يجب أن تكون قوية من أجله. إن كل ما يؤرقه في مرضه هو خوفه عليها٣ نقطة لذلك يجب أن تطمئنه عليها و أن تستعيد توازنها حتى تقف إلى جانبه كما يجب٣ نقطة
وصلت السيارة إلى المستشفى. ترجل أمين و بادر بحمل سلة الطعام في حين سبقته ليلى و منال إلى الداخل٣ نقطة كان نجيب مستلقيا في سريره يطالع جريدة محلية. لم يعد يتحمل القيام بأي مجهود عضلي، و رحلة الأمس أرهقته كثيرا٣ نقطة لذلك فإن الطبيب أمر بملازمته للفراش لبعض الوقت٣ نقطة يحس بخدر في عضلات ساقيه، و تنفسه غير منتظم٣ نقطة لم يبق في العمر الكثير يا نجيب٣ نقطة هكذا كان يحدث نفسه حين دخلت عليه ليلى٣ نقطة سالت على خده دمعة يتيمة لم يستطع كبح جماحها في اللحظة المناسبة. هرعت إليه ليلى و احتضنته في حب. همست في أذنه و هي تبتسم :
ـ اشتقت إليك يا أغلى الآباء٣ نقطة
ابتسم بدوره و هو يربت على رأسها :
ـ و أنا أكثر يا أغلى البنات٣ نقطة
تقدمت منال التي لم يرها بعد و عرفت بنفسها بعد أن سلمت عليه بدورها. بادرها على الفور :
ـ أين زوجك؟
ـ لديه بعض الأعمال في الصباح٣ نقطة لكنه وعد بزيارتك حالما ينتهي منها٣ نقطة
نظر نجيب إلى ليلى و سألها :
ـ و أين الدكتور فراس؟ لم لم يأت معكم؟
هزت ليلى كتفيها كأنها تقول : لا علاقة لي به! في حين تبادل أمين و منال نظرات حائرة. كان من المفترض أن يصل إلى هنا قبلهم، فقد أعلن البارحة أنه سيمر على المستشفى قبل ذهابه إلى العيادة. تكلم أمين موضحا :
ـ لا شك أن أمرا ما شغله٣ نقطة فقد حسبت أنه زارك باكرا هذا الصباح! فجأة، رن هاتف ليلى الجوال٣ نقطة كانت سحر المتصلة. لا شك أنها تلقت رسالتها القصيرة و تريد التهنئة. لكن كل شيء تغير بين الأمس و اليوم! خبر الأمس المفرح، لم تتبق منه سوى ظلال قاتمة تخيم على قلبها الصغير الذي اشتاق إلى النور٣ نقطة اعتذرت و خرجت إلى الممر لترد على الاتصال.
ليـــــــــــلى، مبارك! الحمد لله على عودة والدك سالما! سعدت كثيرا من أجلك٣ نقطة
قاومت ليلى حتى لا تتمرد دموعها على إرادتها مجددا
ـ شكرا لك يا عزيزتي٣ نقطة
ـ ليلى؟ لماذا لا تبدو السعادة في صوتك؟ هل حصل أمر ما؟
تنهدت بعمق، قبل أن تسمح لعبراتها الحبيسة بالتسلل من نوافذ عينيها
ـ أبي مريض يا سحر٣ نقطة مريض جدا! لم يسافر للعمل٣ نقطة بل للعلاج!
سكتت سحر و قد ألجمتها المفاجأة، لا تدري كيف تواسي صديقتها٣ نقطة
تذكرت شيئا ما
ـ ليلى٣ نقطة هناك أمر آخر٣ نقطة
أبعدت ليلى السماعة عن أذنها حين وصلها اتصال ثان على الخط الموازي٣ نقطة لم تتعرف على الرقم
ـ سحر، لحظة٣ نقطة وصلني اتصال آخر٣ نقطة ثوان و أعود إليك٣ نقطة
مسحت دموعها و أخذت نفسا عميقا قبل أن ترد على الاتصال
ـ السلام عليكم
ـ و عليكم السلام و رحمة ****
اهتزت أوصالها بقوة حين وصلها الصوت٣ نقطة و تدفقت الدماء بشدة إلى وجنتيها
ـ ليلى٣ نقطة كيف حالك؟
تسارعت دقات قلبها أكثر فأكثر٣ نقطة بالكاد تمالكت نفسها لتسأل باضطراب :
ـ من المتصل؟
لم يكن الصوت العميق و النبرة الدافئة التي تبعثر كيانها لتخفى عليها٣ نقطة لكنها أرادت التأكد، قبل أن تستسلم للحلم٣ نقطة فقد باتت الأحلام صعبة المنال في الأيام القليلة الماضية٣ نقطة
ـ أنا عمر٣ نقطة آسف لأنني اتصلت دون إذنك٣ نقطة لكنني علمت أن والدك قد عاد من السفر٣ نقطة و ظننت أن الفرصة قد تكون مناسبة ل٣ نقطة أتحدث إليه٣ نقطة
سالت دموعها مجددا، من التأثر هذه المرة٣ نقطة لم ينسها رغم أنها سافرت دون أن تعلمه أو تطمئنه إلى موافقتها٣ نقطة لم يتخل عنها رغم بعد المسافات و رغم عدم وفائها بوعدها بطلب موعد له مع والدها٣ نقطة
أحست بالنور يتسلل إلى قلبها من جديد٣ نقطة و تمنت أن تكون سعادتها حقيقية هذه المرة، و ليست مجرد أوهام سرعان ما تتبخر٣ نقطة
ـ سأكون في مدينتكم بعد يومين٣ نقطة لدي بعض الندوات و المحاضرات٣ نقطة و أود أن أستغل الفرصة للقاء والدك إن أمكن٣ نقطة
لبثت صامتة و هي لا تدري بما تجيب٣ نقطة هل تخبره بمرض والدها؟ هل الوقت مناسب للقائهما؟ ربما كانت خائفة على صحة والدها، لكن خبرا كهذا سيسعده بالتأكيد٣ نقطة يهمه أن يطمئن على مستقبلها٣ نقطة
ـ ليلى٣ نقطة هل كل شيء على ما يرام؟
تكلمت أخيرا، بصوت مبحوح :
ـ لا٣ نقطة لا بأس٣ نقطة سأكلم والدي في الموضوع٣ نقطة
بدا الارتياح في صوته و هو يقول :
حسن إذن، موعدنا بعد يومين إن شاء الله٣ نقطة سأتصل بك حال وصولي لتأكيد الموعد٣ نقطة
ـ حسن٣ نقطة
همت بإنهاء المكالمة، لكنه استوقفها :
ـ ليلى٣ نقطة
ـ نعم؟
ـ اهتمي بنفسك جيدا٣ نقطة
تنهدت في ارتياح و هي تغلق الخط و ظلت الابتسامة معلقة على شفتيها٣ نقطة تذكرت فجأة أنها تركت سحر تنتظر على الخط الآخر! عادت إليها بروح مختلفة.
ـ آسفة تأخرت عليك٣ نقطة
ثم هتفت متظاهرة بالغضب :
من سمح لك بإعطاء رقمي لعمر؟ و لماذا لم تخبريني كي أستعد؟!
انفجرت سحر ضاحكة و قالت في مرح :
ـ إذن اتصل بهذه السرعة! كنت سأخبرك بذلك٣ نقطة لكنك لم تمهليني٣ نقطة أو بالأحرى هو لم ينتظر حتى أضعك في الصورة٣ نقطة
ابتسمت ليلى و هي تقول في سرور واضح :
ـ تصوري٣ نقطة سيكون هنا بعد يومين ليقابل أبي٣ نقطة
شهقت سحر و راحت تصرخ :
ـ هذا غش! يعتذر عن محاضراته متذرعا بـ"ظروف خاصة" و هو ذاهب ليلتقي حبيبة القلب! سأفضحه في الجامعة٣ نقطة سترين إن لم تصبحا حديث الساعة بين الطلبة، فلست أنا سحر التي تعرفينها!
ضحكت ليلى بصوت خافت، و هي تحس بوخزة في صدرها٣ نقطة لم يرد أن يشعرها بالحرج لأنه سيسافر من أجلها فقط! في حين تنهدت سحر وهي تقول في سعادة :
نعم، اضحكي٣ نقطة الحمد لله أنك سأطمئن عليك قريبا٣ نقطة وأخلي مسؤوليتي منك!
ضحكت ليلى من جديد، ثم اعتذرت لأنها تأخرت على والدها و ضيوفه.
أنهت المكالمة و قد أحدثت في نفسها تغييرا عميقا٣ نقطة ربما كان الغد أكثر إشراقا مما تتصور٣ نقطة فقط لو يمن **** بشفاء والدها٣ نقطة
استندت على حائط الممر و هي تحتضن الهاتف الذي حمل إليها المكالمة الغالية٣ نقطة و ارتسمت على شفتيها ابتسامة حالمة٣ نقطة
كان فراس قد عبر مدخل المستشفى للتو، و راح يجيل بصره باحثا عن الغرفة المقصودة و هو يستعيد في ذهنه الحوار الذي دار بينه و بين والده هذا الصباح. كان يستعد للخروج لزيارة السيد نجيب، حين استوقفه والده و دعاه إلى المكتب٣ نقطة لم يستوعب بعد كل ما قيل، لكن ما سمعه جعله ينفعل و يتشاجر مع والده٣ نقطة عقله يرفض الفكرة بشدة٣ نقطة لكن هناك أمور كثيرة يجب أن يحسمها بينه و بين نفسه قبل أن يصل إلى قرار مناسب٣ نقطة لكن هل سيعني قراره شيئا أمام تصميم والده؟
تنهد بعمق و هو يدلف إلى الممر المقصود٣ نقطة فجأة رآها٣ نقطة كانت تقف وحيدة على بعد بضعة أمتار، نظراتها تائهة في الفراغ و كفها تضم هاتفها إلى صدرها٣ نقطة لم يبد أنها انتبهت إلى وجوده. لمح الابتسامة الرقيقة على شفتيها فأحس بشيء غريب في صدره٣ نقطة نظر إليها في شك٣ نقطة تلك الابتسامة حيرته. هل٣ نقطة هل تكون عاشقة؟!! هيأتها و وقفتها و ابتسامتها و الهاتف في يدها٣ نقطة كل ذلك جعلها تبدو كمراهقة تلقت مكالمة من حبيبها جعلتها تحلق إلى عالم آخر٣ نقطة
لا يدري لم أزعجه الخاطر، مع أنه قد يريحه من مشاكل كثيرة و تختفي ليلى من حياته إلى الأبد٣ نقطة
توقف في ارتباك و عاد بضع خطوات إلى الوراء٣ نقطة وقف للحظات في المنعطف، مسح وجهه بكفه في حركة عصبية. ما بك يا فراس؟ اهدأ٣ نقطة ليس هناك ما يستحق الانفعال! كان منزعجا من نفسه، و من المشاعر الغريبة التي انتابته فجأة٣ نقطة تقول فجأة؟ لم يعد واثقا من الأمر٣ نقطة
لطالما أثرت فيه ابتسامتها، و نظراتها الخجلة٣ نقطة حركاتها العفوية المحتشمة، و دموعها٣ نقطة آه من دموعها٣ نقطة لطالما قاوم اجتياحها لحياته بالتكشير و العبوس، ظن أن ذلك سيكفي لإبعاد خيالها عنه٣ نقطة
ضغط على رأسه بين كفيه ليطرد الصور و الهواجس التي عادت إليه٣ نقطة
مجرد أوهام يا فراس٣ نقطة مجرد أوهام، لا تستسلم إليها٣ نقطة
أخذ نفسا عميقا و استرجع رباطة جأشه، ثم عاد أدراجه إلى الغرفة٣ نقطة حين أطل من الممر لم يرها٣ نقطة تنهد في ارتياح، و تقدم بخطى ثابتة و ثقة عالية بالنفس٣ نقطة
كانت ليلى قد انصرفت إلى الحمام حتى تتخلص من آثار الدموع٣ نقطة تريد أن لا يلاحظها أحد، حتى إن كانت دموع فرح٣ نقطة كان في طريق عودتها إلى غرفة والدها حين لمحت مأمون قادما من الطرف الآخر للممر يحمل باقة ورود بيضاء، غاية في البساطة و الجمال. ابتسمت ليلى و هي تتأمل الباقة في إعجاب :
ـ كم هي جميلة!
سألها مأمون و هو ينظر في ساعته :
ـ جيد أنني رأيتك هنا٣ نقطة هل هناك زوار غيرك؟
هزت رأسها علامة الإيجاب و هي تقول :
ـ نعم، هناك أمين، و زوجة ابن خالي الأكبر٣ نقطة
تذكر أمين لقاءه السابق مع أمين فقال بسرعة :
ـ حسن إذن، لا أريد أن أفسد عليكم الجلسة العائلية٣ نقطة كما أنني مستعجل بعض الشيء٣ نقطة أرجو أن تسلميه هذه الباقة مع تمنياتي بالشفاء٣ نقطة
أخذت ليلى منه الباقة، و قد عادت إليها مشاعر الحزن التي تناستها لبضع دقائق. نظرت إليه في عتاب و قالت :
ـ كنت تعلم٣ نقطة و أخفيت عني! كلكم أخفيتم عني! حتى خالي كان يعلم٣ نقطة
تنهد مأمون في ألم و هو يقول معتذرا :
ـ كنا نأمل أن يجدوا علاجا له في الولايات المتحدة، و لا نضطر إلى إخبارك٣ نقطة أنت ابنته الوحيدة، و أقرب الناس إليه٣ نقطة لم نرد أن نؤلمك٣ نقطة
هزت رأسها في تفهم و هي تقاوم دموعها٣ نقطة
ـ إن احتجت إلى أي شيء، لا تترددي في الاتصال بي٣ نقطة أنت أختي الصغرى كما اتفقنا٣ نقطة أليس كذلك؟
ابتسمت في امتنان و قالت :
ـ شكرا جزيلا لك٣ نقطة وقوفك إلى جانب والدي في هذه اللحظات الحرجة لن أنساه ما حييت٣ نقطة
في تلك اللحظة، خرج فراس من الغرفة بعد زيارته القصيرة للمريض٣ نقطة رأى ليلى أمامه مع شاب لا يعرفه، يتهامسان في الممر٣ نقطة وباقة ورود بين ذراعيها٣ نقطة لم يكن الموقف يحتاج إلى المزيد من التساؤل٣ نقطة هاهو الجواب أمام عينيه!! التفتت ليلى حين انفتح الباب، و رأته يقف في صمت٣ نقطة تقدم بخطوات سريعة و عصبية، رماها بنظرة قاسية و ابتعد دون أن ينطق بكلمة واحدة٣ نقطة تابعته في حيرة واستنكار٣ نقطة لطالما كان فظا و باردا معها، لكن أن يعاملها بقلة احترام أمام شخص غريب فهو ما لم تتوقعه منه أبدا! طفح الكيل يا فراس!
تنحنح مأمون و هو يهم بالانصراف :
ـ آسف ليلى٣ نقطة يجب أن أذهب٣ نقطة سأتأخر عن موعد هام٣ نقطة
انتبهت إلى أنها كانت تضغط على الباقة بين يديها تكاد تهشمها٣ نقطة
ـ حسن٣ نقطة شكرا لك مجددا٣ نقطة
انصرف مأمون، و لبثت ليلى واقفة في الممر و الحيرة تملؤها٣ نقطة متى وصل فراس؟ و ما الذي حصل في الداخل حتى يغادر بهذه السرعة، و بمثل هذا الشكل؟!! , خارج القائمة
 
  • عجبني
التفاعلات: wagih
٢٠


جلس الجميع على مائدة العشاء في الوقت المعتاد، و ظل المقعد المقابل لليلى شاغرا. التفتت رانيا التي تجلس على المقعد المجاور و هتفت في حيرة:
, أين عمي فراس؟
, لم يكن فراس قد عاد إلى القصر بعد، مع أنه كان دوما من أكثر المحافظين على موعد العشاء المحدد٣ نقطة دقيق جدا في مواعيده. و مع أن السيد نبيل ينزعج في العادة كلما تأخر أحد أفراد العائلة عن الموعد، إلا أنه هذه المرة كان يتناول حساءه في هدوء و لم يعلق بكلمة٣ نقطة كأنه يدرك جيدا سبب غياب فراس و يتفهمه٣ نقطة تكلم أمين مبديا استغرابه:
, ـ لم يكن طبيعيا اليوم! حين جاء إلى المستشفى هذا الصباح بدا مرتبكا٣ نقطة كأنه أضاع شيئا ما، ثم غادر بسرعة٣ نقطة أشك أن لديه مشاكل في العيادة٣ نقطة
, أكملت ليلى شطيرتها في هدوء و قد سرحت نظراتها إلى الفراغ٣ نقطة
, يبدو أنه لم يكن طبيعيا مع الجميع٣ نقطة أمره غريب ذاك الـ فراس! تمر لحظات من الهدوء تراه فيها طبيعيا، و لحظات أخرى يدهشها فيها بنظراته القاسية و تصرفاته المحيرة٣ نقطة هل تكون تلك أعراض الاضطراب النفسي الذي لازمه منذ وفاة حنان؟ تنهدت بصوت مسموع وهي تضع المزيد من الحساء في صحنها٣ نقطة
, كانت الليلة حارة نوعا ما. لم تستطع النوم وهي تفكر في والدها وفي قدوم عمر بعد يومين فقط٣ نقطة لم تعد ألغاز القصر تشغل تفكيرها مثل السابق٣ نقطة لديها ما يكفيها من الهموم الشخصية! تقلبت في سريرها دون جدوى٣ نقطة و بعد لأي، ارتدت ملابسها ثانية و قررت النزول إلى الحديقة٣ نقطة
, كان القصر مظلما تقريبا و قد أوى أغلب سكانه إلى النوم. سارت في هدوء في الممر المضاء بمصابيح ليلية خفيفة الإنارة ثم نزلت إلى الأسفل، مرورا بالبهو٣ نقطة كانت الحديقة هادئة، لا يسمع فيها سوى صوت الصراصير الليلية التي لا تمل الغناء، و حفيف أوراق الشجر التي يحركها النسيم بين الفينة والأخرى.
, اتخذت مجلسها على الأرجوحة الكبيرة في الفناء الأمامي، استرخت و أخذت تهزها في حركة بطيئة إلى الأمام و إلى الخلف، مثل مهد الطفولة٣ نقطة لشد ما تحتاج الآن إلى من يهدهدها و يمسح على شعرها حتى يغلبها النعاس٣ نقطة أمها لم تكن الشخص المناسب أبدا لمثل هذه الحركات٣ نقطة و أبوها يحتاج إلى من يرعاه في هذه الفترة. و هي؟ من يرعاها و يخفف عنها و يواسيها في محنتها؟ سالت العبرات على وجنتيها في صمت٣ نقطة كانت قررت أن لا تبكي أمام والدها حتى لا تشغل باله عليها٣ نقطة و لا تريد أن تبكي أمام منال أو أمين حتى لا يعتقدا بضعفها و قلة حيلتها٣ نقطة لكن على الأقل يمكنها أن تستسلم لدموعها حين تخلو إلى نفسها٣ نقطة حيث لا أحد يشهد على ألمها سوى النجوم و نسيم الليل الذي يداعب وجهها٣ نقطة
, فجأة انتبهت إلى ظل شخص يقف غير بعيد عنها. لكن الإنارة كانت مسلطة على الأرجوحة في حين خيم الظلام على بقية أنحاء الحديقة، إلا من أعمدة إضاءة قليلة متفرقة٣ نقطة لم تتمكن من تمييز ملامح الشخص الواقف أمامها كأنه تمثال لا يبدي حراكا. لفت السترة على جسمها في : إحكام و هتفت في شك
, ـ من هناك؟
,
, بعد صمت قصير، جاءها صوت مألوف
, إنه أنا٣ نقطة
, قال ذلك و هو يتقدم إلى دائرة الضوء حتى تتمكن من رؤيته٣ نقطة
, كان فراس قد عاد إلى القصر منذ دقائق قليلة و قد تجاوزت الساعة منتصف الليل٣ نقطة كان قد خرج في نزهة ليلية بعد يومه المتعب، ليروح عن نفسه، و يتفادى لقاء والده مجددا٣ نقطة لم يتصور أن الموضوع قد يشغل باله إلى تلك الدرجة. فقد كان تركيزه قليلا طوال النهار و قد أضناه التفكير المتواصل في كل ما يحصل معه في الأيام القليلة الماضية٣ نقطة
, دخل من البوابة الخلفية، و تسلل في هدوء إلى المدخل الجانبي٣ نقطة لكن استرعى انتباهه ضوء الفناء الأمامي الذي كان مفتوحا على غير العادة، خاصة في تلك الساعة المتأخرة٣ نقطة اقترب في حذر ليتثبت من الأمر٣ نقطة و هناك رآها، كما لم يرها من قبل٣ نقطة كانت مستلقية على الأرجوحة العريضة، مطمئنة إلى وحدتها٣ نقطة تضم ذراعيها حول جسدها رغم حرارة الطقس٣ نقطة كأنها٣ نقطة كأنها تحمي نفسها، تغلق أبواب صدرها على آلامها و تخفيها داخلها في حرص٣ نقطة قفز إلى ذاكرته مشهد مشاجرتها مع رجاء منذ يومين٣ نقطة نفس الحركة، التي أشعرته بضعفها و خوفها٣ نقطة بحاجتها إلى مصدر أمان في حياتها٣ نقطة لكن والدها لم يعد قادرا على إشعارها بالأمان بعد الآن٣ نقطة فمن يمكنه ذلك؟ هل هو صديقها الذي أهداها باقة الورود؟ انقبض صدره لهذه الفكرة٣ نقطة لماذا انزعج اليوم حين رآهما في الممر؟ بل لماذا تضايقه فكرة وجود شخص ما في حياتها؟ أرقه هذا السؤال طوال اليوم، و هو لا يفهم لتصرفاته معنى يريحه٣ نقطة ! و يرضيه
, لبث مسمرا في مكانه يتأملها في صمت، يحاول أن يقرأ أفكارها٣ نقطة في من تراها تفكر الآن؟ ابتسم في سخرية و هو يقول في نفسه : ليس فيك على أية حال! فجأة حركت رأسها، فلمح آثار الدموع تلمع على وجنتيها٣ نقطة أحس بألم في صدره. إنها تبكي مجددا، و هو لا يحتمل أن يراها تبكي٣ نقطة تذكره بدموع حنان٣ نقطة لا٣ نقطة لا، دموعها مختلفة٣ نقطة دموع ألم و خوف٣ نقطة ٣ نقطة أما دموع حنان
, انقطع حبل أفكاره حين رفعت رأسها في اتجاهه٣ نقطة و رأته. لم يستطع أن يختفي بعد أن افتضح أمره. ما الذي جاء به إلى هنا، و كيف نسي نفسه و هو يطالع الفتاة بكل وقاحة؟! لا يدري كم مضى عليه من الوقت في وقفته تلك٣ نقطة لم يعد بإمكانه الهروب. تقدم بعد تردد قصير، و رأى الدهشة في عينيها حين تعرفت عليه٣ نقطة
, اقترب حتى لم يعد يفصلهما سوى مترين أو ثلاثة و هو يخفي كفيه في جيبي سرواله٣ نقطة : أطرق و هو يقول بصوت هادئ
, كيف حالك ليلى؟ آسف لأنني أخفتك٣ نقطة
, بدت متفاجئة من هدوئه بعد انفعاله الظاهر هذا الصباح. مسحت دموعها بكمها و حاولت أن ترسم ابتسامة على وجهها و هي تهمس بصوت شبه مسموع:
, ـ لا بأس٣ نقطة ٣ نقطة أنا بخير
, رفع رأسه ببطء لينظر إليها، و ابتسم بدوره٣ نقطة تلك الابتسامة النادرة التي تحوله إلى شخص آخر مختلف تماما! : قال بصوت دافئ و هامس
, يحزنني ما يحصل ما والدك حقا٣ نقطة و أتمنى لو كان بيدي أن أقدم شيئا٣ نقطة لكن ما أريده منك هو تطمئني إلى وجود عائلة إلى جانبك، يهمها أمرك و تحرص على حمايتك٣ نقطة مهما حصل في المستقبل، أنت ستبقين فردا منا٣ نقطة ٣ نقطة تأكدي من ذلك
, نظرت إليه في ذهول و هي لا تكاد تصدق أذنيها٣ نقطة فراس بنفسه يرحب بها بينهم؟! هل صفا قلبه تجاهها أخيرا؟ و نظراته هذا الصباح؟ هل يكون قد استوعب أخيرا أنها شخص آخر غير حنان؟ همهمت فيامتنان:
, شكرا لك فراس٣ نقطة
, خيم الصمت عليهما قبل أن يحس فراس بحرج الموقف بالنسبة إليها. قال أخيرا:
, ـ تأخر الوقت٣ نقطة ٣ نقطة قد يكون من الأفضل لو تعودين إلى غرفتك
, وقفت على الفور، كأنها تنتظر إشارة منه، عبرت الفناء بخطوات سريعة٣ نقطة ثم توقفت عند المدخل و التفتت٣ نقطة كانت ابتسامتها واضحة و هي تقول:
,
, تصبح على خير٣ نقطة
, هز رأسه و هو يهمس بدوره:
, تصبحين على خير٣ نقطة
, ظل واقفا مكانه لبضع دقائق بعد اختفائها٣ نقطة لا يدري لماذا فعل ذلك٣ نقطة لكنه لم يستطع أن يقف متفرجا على ضعفها٣ نقطة أراد أن يشعرها بالأمان و لو للحظات٣ نقطة و تصرفه ذاك خلف في صدره ارتياحا غريبا، لم يستشعره منذ زمن٣ نقطة
,
, ٨ العلامة النجمية
,
, استيقظت كعادتها مبكرة، لتشرف على إعداد وجبة الغداء الخاصة التي يحضرها العم هاشم لوالدها٣ نقطة تذكرت موقفها مع فراس ليلة البارحة و هي تسوي وشاحها أمام المرآة، فارتسمت على شفتيها ابتسامة٣ نقطة ما إن عادت إلى غرفتها و وضعت رأسها على الوسادة، حتى راحت في سبات عميق٣ نقطة نامت مرتاحة البال، كأن الأمر الذي كان يشغلها قد حل بعصا سحرية! ٣ نقطة عجيب أنت يا فراس
, قبل أن تغادر، تذكرت شيئا٣ نقطة فتحت الصندوق الخشبي الصغير و تناولت القلادة٣ نقطة القلادة المكتملة بشقيها المتلاصقين. تأملتها للحظات، ثم وضعتها حول عنقها، و خرجت على الفور لتلحق بخالها الذي يرافقها اليوم إلى المستشفى٣ نقطة
, وضعت سلة الطعام على الطاولة و خرجت من غرفة المريض لتغير الماء في آنية الزهور٣ نقطة حين عادت، كان والدها و خالها منسجمين في حديث هامس٣ نقطة ما إن دخلت حتى توقفا و التفتا إليها في نفس الوقت. بدا لها الأمر غريبا، كأنهما يخفيان عنها أمرا ما٣ نقطة ربما يتحدثان عن الشراكة التي بينهما و يظنان أنها لا تعلم بعد! ضحكت في سرها٣ نقطة أمركما مكشوف عندي، لو تدريان!
, بعد قليل، دخل فراس رفقة الطبيب المشرف على علاج والدها٣ نقطة يبدو أنهما على معرفة سابقة٣ نقطة تشاغلت بتصفيف الورود في الآنية، ريثما قام الطبيب بالفحص الروتيني٣ نقطة أما فراس فقد كان مطرقا طوال الوقت، يتجنب نظرات والده الذي لم يتوقع أن يجده هنا٣ نقطة
, حين انصرف الطبيب، التفت نجيب إلى ليلى و هو يقول:
, ـ تعالي ليلى٣ نقطة ٣ نقطة اقتربي
, تركت ليلى الورود التي لم تنته من تنسيقها بعد، و هبت إليه على الفور، تناولت كفه بين كفيها الصغيرتين و قالت باسمة:
, ها أنا عندك٣ نقطة أمرك
,
, نظر إليها والدها مطولا، ثم التفت إلى فراس الذي كان يتابع المشهد في بعض التوتر٣ نقطة : ابتسم مجددا و هو يقول محدثا ليلى
, صغيرتي٣ نقطة ٣ نقطة هناك موضوع هام، أود أن أتحدث معك فيه
, امتقع وجه فراس و كأنه عرف مسبقا أي موضوع هو٣ نقطة تنحنح و هو يقول مقاطعا:
, أستأذن أنا إذن٣ نقطة ٣ نقطة و أترككم على راحتكم
, استوقفه والده قائلا:
, انتظر قليلا، سننصرف معا بعد قليل٣ نقطة
, نظر إليه فراس في استعطاف و قال بصوت خفيض:
, أنا آسف٣ نقطة ٣ نقطة يجب أن أذهب الآن٣ نقطة
, ابتسم نجيب و هو يهز رأسه متفهما و قال:
, ـ نعم يا بني٣ نقطة انطلق إلى عملك٣ نقطة لا بأس يا نبيل، دعني أهتم بالأمر٣ نقطة
, ثم انسحب فراس يتبعه نبيل من الغرفة. في حين ظلت ليلى في حيرة من أمرها. كانت تعتقد أنها على علم مسبق بالموضوع الهام، لكنها لم تفهم سر توتر فراس المفاجئ٣ نقطة التفت إليها والدها مجددا و على شفتيه ابتسامة غامضة٣ نقطة فجأة، انتبه إلى القلادة التي تزين صدرها. مد أصابعه إليها في عدم تصديق، قلبها ليتأكد من أنها القلادة المكتملة، ثم فتحها ليطالع الصورة التي بداخلها و الأرقام المنقوشة.
, : نظر إلى عينيها اللتين اغرورقتا بالدموع، و قال
, ـ مضى وقت طويل٣ نقطة مذ رأيتها مكتملة آخر مرة! سبعة عشر عاما أو تزيد٣ نقطة
, نزعت القلادة عن عنقها و مدتها إليه. ضغطت على كفه، و هي تقاوم
, رغبتها في البكاء٣ نقطة قالت بصوت خفيض:
, المهم أننا استرجعناها الآن٣ نقطة
, هز نجيب رأسه مجددا و هو لا يزال يتأمل القلادة و في عينيه نظرة حزينة. : ثم ما لبث أن تنهد بعمق و رفع رأسه قائلا
, ـ أنتظر اليوم الذي ينقش فيه تاريخ زواج ابنة الوحيدة داخل القلادة٣ نقطة
, احمرت وجنتاها و غضت بصرها في حياء و قد تسارعت دقات قلبها. هل الفرصة مناسبة لتحدثه عن عمر؟ واصل والدها قائلا:
, ـ نعم يا ابنتي٣ نقطة لا يمكنني أن أرحل عن هذا العالم و أنا غير مطمئن إلى مستقبلك، و إلى وجود رجل إلى جانبك، يحميك و يضعك في عينيه٣ نقطة ٣ نقطة رجل يستحقك و يناسبك
, ربتت على كفه مجددا و هي تهمس
, أطال **** عمرك حتى ترى أحفادك٣ نقطة ٣ نقطة **** كريم٣ نقطة
,
, ابتسم ابتسامة فاترة و هو يتذكر كلمات الطبيب التي يخفيها عنها، ثم قال:
, نعم٣ نقطة أسأل **** أن أراهم و أهتم بهم و أدللهم كما دللتك٣ نقطة رحمة **** واسعة٣ نقطة
, ابتسمت في ارتياح٣ نقطة والدها مستعد للحديث في هذا الأمر، لذا يمكنها أن تدخل في الموضوع مباشرة و تمهد لزيارة عمر القريبة٣ نقطة أخذت نفسا عميقا و همت بالكلام٣ نقطة لكن والدها قاطعها فجأة و هو يقول بصوت جاد:
, ـ ليلى٣ نقطة ما رأيك بفراس؟
, أطبقت شفتيها دون أن تنطق و نظرت إليه في حيرة٣ نقطة فراس؟ ما علاقة فراس بموضوعنا؟
, حين رأى أنها لم تعلق، واصل نجيب قائلا:
, خالك نبيل طلبك مني، لابنه فراس٣ نقطة
, ثم نظر إليها مبتسما و أضاف:
, و أنا وافقت!
, تسمرت في مكانها من الدهشة و الحيرة و الفزع و الارتياع٣ نقطة كل تلك المشاعر تجسدت في نظراتها الجامدة و هي تطالع والدها٣ نقطة ما الذي يقال هنا؟ إنها بالتأكيد تحلم! والدها يريد منها الزواج من
, فراس؟ !
,
, تكلمت أخيرا و هي لم تستفق بعد كليا من صدمتها:
, ـ و لكن٣ نقطة ٣ نقطة فراس
, أجابها والدها على الفور:
, نعم، أعلم أن فراس كان زوج حنان٣ نقطة و أنه عانى كثيرا بعد وفاتها و أصيب بصدمة عنيفة، لا تزال آثارها قائمة إلى يومنا هذا٣ نقطة لكن هذا لا يمنع أنه إنسان متميز، و فيه من الخصال التي أتمناها في زوج ابنتي الكثير٣ نقطة
, لم تعرف هل من حقها أن تحدثه بالشكوك التي أثارتها في نفسها مذكرات حنان، وعن نقاط الاستفهام الكثيرة التي تدور حوله٣ نقطة
, لكنها لا تملك دليلا، و ليس من الهين أن توجه إليه أصابع الاتهام بدون مبرر منطقي قوي٣ نقطة ظلت صامتة لبضع لحظات، تبحث في رأسها
, عن ترتيب مناسب للكلام>
, واصل نجيب قائلا:
, هل تعلمين٣ نقطة طوال السنوات الماضية، بعد طلاقي من نجاة، ظللنا على اتصال٣ نقطة كنت أحاول الاطمئنان على حنان بين الفترة و الأخرى، و أحيانا أسافر لألتقي نبيل و أسأله عن أحوالها٣ نقطة لكنني لم أكن قريبا بما فيه الكفاية٣ نقطة تركت نجاة تفعل ما تريده بابنتها٣ نقطة كان بيننا اتفاق، أن لا يتدخل أحدنا في حياة الآخر، و أن يربي كل منا "ابنته" على طريقته٣ نقطة كنت أعلم أن نجاة ليست أما صالحة٣ نقطة لكنني لم أستطع التدخل٣ نقطة أعترف أنني أخطأت حين وافقتها على كل هذه المهزلة و تخليت عن ابنتي ببساطة٣ نقطة ٣ نقطة لكن لم يكن لدي خيار آخر
, كانت علامات الأسى بادية على وجهه و هو يشد على ملاءة السرير بقبضة متشنجة. سكت نجيب، فاحترمت صمته و أفكار كثيرة تعج في رأسها٣ نقطة التمعت الدموع في عيني نجيب و هو يستطرد:
, ـ لكن، حين أخبرتني بأن فراس تقدم لحنان٣ نقطة أرسلت أشخاصا ثقات ليسألوا عنه، عن شخصيته٣ نقطة و عن أخلاقه٣ نقطة عن كل شيء يخصه٣ نقطة نجاة أيضا حدثتني عن مواقفه معها٣ نقطة و عن أشياء كثيرة، جعلته يكبر في عيني٣ نقطة و صدقيني، اقتنعت أن أفضل ما حصل مع حنان في حياتها هو زواجها من فراس!
, نظرت ليلى إلى والدها في عدم تصديق٣ نقطة أنت لا تعلم بما كتبت حنان في مذكراتها! لن تصدق مقدار التعاسة التي عاشتها بعد زواجها منه!
, تنهد نجيب و هو يقول في هدوء:
, أنت و فراس٣ نقطة كلاكما يحتاج إلى الآخر٣ نقطة فراس لا يزال يعاني من عقدة نفسية منذ وفاة حنان٣ نقطة وأنت قادرة على إخراجه من أزمته!
, عقدت ليلى حاجبيها في دهشة:
, أنا؟ !
, هز رأسه مؤكدا و هو يردف:
,
, نعم أنت٣ نقطة أنت قادرة على إخراجه من سجن الذكريات التي لا يزال يعيش داخلها٣ نقطة أنت بإمكانك الأخذ بيده حتى ينسى المأساة التي شهدها و يغير نظرته إلى الحياة٣ نقطة إنه ليحزنني حقا أن أراه على هذه الحال!
, أطرقت ليلى في صمت٣ نقطة و مشاعر كثيرة تتنازعها٣ نقطة ما الذي عليها فعله؟
 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى أسفل
0%