ناقد بناء
معاون
طاقم الإدارة
معاون
نسوانجي متفاعل
نسوانجي متميز
دكتور نسوانجي
أستاذ نسوانجي
عضو
ناشر قصص
نسوانجي قديم
- إنضم
- 17 ديسمبر 2021
- المشاركات
- 9,046
- مستوى التفاعل
- 2,953
- نقاط
- 19,129
- الجنس
- ذكر
- الدولة
- كندا
- توجه جنسي
- أنجذب للإناث
١
رفع نبيل القاسمي سماعة الهاتف، و بدا على وجهه الارتياح وهو يستمع إلى صوت مخاطبه :
, ـ أهلا نجيب٣ نقطة نعم٣ نقطة نعم٣ نقطة لقد جهزت كل شيء لاستقبال ليلى٣ نقطة اطمئن٣ نقطة فراس؟٣ نقطة أعلم أنه شديد الحساسية٣ نقطة ربما لن
, يتقبل الأمر بسهولة في البداية، لكنني سأكون إلى جانبها٣ نقطة لا داعي للقلق٣ نقطة دعني أتصرف٣ نقطة
, في تلك اللحظة ترامى إلى مسامعه صوت منبه سيارة في الحديقة الخارجية للقصر٣ نقطة فتطلع من النافذة قبل أن يستطرد :
, ـ لقد وصلت السيارة٣ نقطة سأحدثك لاحقا٣ نقطة
, وضع السماعة و عدل سترته ثم خطا بثقة نحو البهو٣ نقطة
, توقفت سيارة رياضية فاخرة من صنع فرنسي أمام الباب الرئيسي للقصر، بعد أن عبرت الممر الطويل الممهد، المؤدي إلى البوابة الخارجية٣ نقطة نزلت الراكبة الوحيدة ليلى كامل في حركة رشيقة٣ نقطة تناولت حقيبة يدها ثم سلمت الخادم الذي تقدم إليها مفاتيح السيارة٣ نقطة ألقت نظرة فاحصة على الحديقة الخلابة فاسترعت انتباهها ورود حمراء آسرة جعلت ابتسامة خفيفة ترتسم على شفتيها، ثم استدارت لتتأمل واجهة المبنى الشامخ المنتصب أمامها، و قد لاحت في عينيها علامات الدهشة والإعجاب٣ نقطة لكنها ما لبثت أن ابتسمت في ثقة و هي تسوي حجابها و تقدمت بخطى ثابتة لتصعد درجات السلم الحجري المؤدي إلى المدخل٣ نقطة انحنى أمامها الخادم العجوز ثم سبقها إلى الداخل٣ نقطة
, كان بهو الاستقبال عبارة عن صالة فخمة ذات أثاث كلاسيكي قديم، وزعت قطعه بذوق و براعة في نظام جذاب٣ نقطة تتوسط القاعة زربية فارسية ذات رسوم و زخارف متناسقة، ألوانها شاحبة تحاكي ألوان الخريف٣ نقطة و في صدر المجلس تربعت أريكة ضخمة من خشب الأبنوس، خمنت على الفور أنها من طراز لويس الرابع عشر، تحيط بها مقاعد من نفس النوع، بنفس الزخرفة الثقيلة٣ نقطة و في المقابل كانت هنالك منضدة زجاجية متوسطة الحجم من الإبداع الصيني، لا تخطئ العين ألوانها المميزة٣ نقطة
, انجذبت عيناها تجاه مزهرية بلورية تراصت فيها نفس الورود الحمراء التي لمحتها منذ قليل في الحديقة، تضفي على جو القاعة رونقا فريدا٣ نقطة و على مساحة الحائط، امتدت لوحة فنية تمثل غابة كثيفة مظلمة في شتاء قارس٣ نقطة و على قدر ما أعجبت بالمهارة الفنية الواضحة في ثنايا اللوحة، على قدر ما أصابت قلبها بالوحشة و الوحدة و ذكرتها بوضعها٣ نقطة و بالأيام القليلة الماضية من حياتها٣ نقطة
, تنهدت في أسى و هي تستدير لتقع نظراتها على الجزء الثاني من البهو الذي كان مناقضا تماما للأول٣ نقطة أثاث عصري بسيط، ذو ألوان زاهية٣ نقطة بساط صغير بديع، و منضدة طويلة نسقت فوقها أعداد من التحف الصغيرة الظريفة، استقرت خلفها مرآة عاجية، طالعت فيها صورتها ثم ابتسمت في رضا و تألقت عيناها الكستنائيتان ببعض الغرور٣ نقطة
, على عرض الحائط المقابل توزعت لوحات صغيرة متناثرة تمثل مشاهد طبيعية مشرقة٣ نقطة
, ابتسمت ليلى و هي تلقي نظرة أخيرة على الجانبين و تلحظ في صمت المفارقات العجيبة التي اجتمعت في فضاء واحد٣ نقطة زوجان مختلفا المزاج؟ ربما٣ نقطة
, انتبهت إلى السيد نبيل الذي نزل للتو ووقف على بعد بضع خطوات منها يتأملها في صمت و على شفتيه ابتسامة ودودة٣ نقطة تقدمت منه، عانقته في حرارة متكلفة و تبادلا عبارات الترحيب٣ نقطة
, و ماهي إلا لحظات حتى سمعت ضوضاء قادمة من الطابق الأول،
,
, ثم ظهر شابان ينزلان الدرج في بعض الهرج٣ نقطة انضما إلى السيد نبيل و ليلى التي غضت بصرها في حياء٣ نقطة وقفا غير بعيد عنهما، و بادر السيد نبيل معرفا :
, ـ هذه ليلى٣ نقطة ابنة عمتكما نجاة٣ نقطة رحمها االله٣ نقطة و صديقي العزيز نجيب٣ نقطة تعلمان أنها ستقيم بيننا ـ طيلة فترة سفر والدها للإشراف على مشروعه الجديد ـ أرجو أن ترحبا بها جيدا٣ نقطة و تعتبراها مثل شقيقة لكما٣ نقطة
, ثم التفت إلى ليلى متابعا :
, ـ أرجو يا ابنتي أن تجدي راحتك بيننا٣ نقطة
, طالعها الشابان بنظرات متفحصة٣ نقطة كانت فتاة قد تجاوزت العشرين من عمرها بسنتين اثنتين، مليئة بالحيوية و متقدة الذكاء٣ نقطة تلمحه في نظراتها الهادئة، المتحدية، و ابتسامتها الرقيقة التي لا تفارق شفتيها٣ نقطة و لم يكن الجمال ليبخل عليها بقدر وافر منه٣ نقطة
, ـ هذا ابني الأكبر٣ نقطة ياسين٣ نقطة
, كان ياسين رجلا ضخم الجثة، فارع الطول متين البنيان، تظنه أحد المصارعين المحترفين. و بدا أنه قد تجاوز الثلاثين من عمره ببضع سنوات، تدل هيأته على حياة الرفاهية التي يعيشها دون عناء أو تكلف .
, انتبه ياسين، الذي كان يطالع ليلى بنظرات فاحصة، على صوت والده و هو يسأله :
, ـ أين زوجتك؟
, أجاب في امتعاض :
, ـ منال؟٣ نقطة أخذت رانيا و ذهبت في زيارة إلى بيت أهلها٣ نقطة
, هز السيد نبيل رأسه متفهما، في حين حنى ياسين رأسه في تحية باردة، دون أن تفارق عينيه تلك النظرة الجريئة :
, ـ أهلا ليلى٣ نقطة تشرفت بمعرفتك٣ نقطة
, طالعته ليلى في حذر و هي ترد الإيماءة بمثلها، في حين تابع نبيل :
, ـ و هذا أمين٣ نقطة ابني الأصغر٣ نقطة
, قاطعه أمين بحركة مفاجئة و هو يتقدم نحو ليلى و ينحني أمامها انحناءة عريضة، ثم يهم بالتقاط يدها على طريقة الجنتلمان في القرن التاسع عشر! لكن ردة فعل ليلى كانت أسرع من حركته، فسحبت يدها في حدة و ألقت عليه نظرة صارمة٣ نقطة
, لكن أمين ابتسم في لباقة، رغم الإحراج الذي تعرض إليه للتو، و تابع في غير اهتمام :
, ـ أعرفك بنفسي٣ نقطة أنا أمين٣ نقطة الابن الأصغر لعائلة القاسمي٣ نقطة وأنا الأكثر انطلاقا و مرحا في العائلة٣ نقطة يعرفني الجميع بلباقتي مع الجميلات و خبرتي في العلاقات الاجتماعية٣ نقطة طالب هندسة في الصف الثالث٣ نقطة أظن لا يهمك أن تعرفي إن كنت قد رسبت سنتين أو ثلاثا٣ نقطة على أية حال، يسرني وجودك بيننا٣ نقطة لا شك أنك لاحظت المحيط الرجالي الذي يسكن هذا البيت٣ نقطة و أرجو أن تضيفي إلى حياتنا نوعا من التغيير بعد أن أصابنا الروتين والملل٣ نقطة
, كان أمين فتى جذابا بأتم معنى الكلمة، و كان من الواضح أنه يدرك مدى وسامته خاصة حين يقف جنبا إلى جنب مع ياسين الذي كانت ملامحه عادية و خالية مما يثير انتباه الجنس الآخر٣ نقطة كما أن أمين كان لا يزال في بداية شبابه، لا يتجاوز عمره الأربع و العشرين سنة، و في نظراته الكثير من الثقة٣ نقطة والغرور!
,
, رمقه ياسين بازدراء في حين رماه نبيل بنظرة غاضبة أوقفته٣ نقطة
, أما ليلى فإنها اكتفت بإشاحة وجهها عنه و في عينيها الكثير من الاستغراب و الامتعاض. أما أمين فابتسم و هو يلوح بيده استهانة :
, ـ هل قمت بشيء غريب؟ لقد رحبت بابنة عمتي على طريقتي!
, ثم أضاف في صوت خافت، لكنه تناهى إلى مسامع ليلى :
, ـ لو كان فراس هنا٣ نقطة لكان الموقف أكثر إثارة٣ نقطة
, تسارعت دقات قلب ليلى و هي تسترجع ما ذكره لها والدها من معلومات عن العائلة٣ نقطة و من دون كل أفراد عائلة القاسمي، كانت متشوقة للقاء فراس٣ نقطة
, نظر أمين إلى الخادم العجوز بعد أن انصرف والده و قال متسائلا :
, ـ هل أخطأت يا عم صابر؟
, ابتسم العم صابر وهو يخفض رأسه في ارتباك و لم يجب
,
, قطع نبيل الصمت و هو ينادي الخادم من الغرفة الداخلية، حيث اختفى منذ لحظات :
, ـ صابر٣ نقطة احمل حقائب الآنسة إلى الغرفة المعدة لها٣ نقطة واتركها لتستريح قليلا٣ نقطة
, خرج الخادم ليحضر الحقائب التي كانت عند أسفل الدرج الحجري، و ما لبث أن عاد مسرعا و تقدم ليلى إلى السلم المؤدي إلى الطابق الأول، من حيث نزل ياسين و أمين قبل بضعة دقائق٣ نقطة
, تبعته ليلى في خطوات رزينة، تتبعها النظرات بانطباعاتها المختلفة٣ نقطة
, ٨ العلامة النجمية
,
, تقدمت ليلى في الممر المفروش بالزرابي و المزدان بالثريات متدلية من السقف. كانت الفوانيس الصغيرة و المتلاصقة تضفي على المكان ضوءا خافتا ذا لون أصفر ساحر٣ نقطة
, على الجانبين علقت صور لأفراد العائلة و رسومات حائطية٣ نقطة
,
, راحت تتأملها و هي تتبع العم صابر بخطوات هادئة٣ نقطة فجأة
, توقفت أمام صورة فتاة في مثل سنها تقريبا، أو تصغرها بسنوات قليلة٣ نقطة و بدا لها أنها تطالع صورتها هي، ليلى، منذ بضع سنين مضت! نعم، فالشبه بينهما مما لا يختلف فيه اثنان!
, تسارعت دقات قلبها و كست ملامحها تعابير غريبة، لم تدرك هي نفسها كنهها٣ نقطة لكنها سرعان ما تمالكت نفسها و سارعت الخطو لتلحق بالعم صابر الذي توقف أمام غرفة في نفس الممر٣ نقطة
, حين خطت إلى داخل الغرفة المعدة لها وجدت نفسها في عالم جديد غاية في الروعة٣ نقطة كان أول ما لفت نظرها هو ورق الجدران الأزرق السماوي المحلى برسوم رقيقة بيضاء. لون هادئ ومريح جعلها تبتسم في رضا و هي تتقدم لتضع حقيبتها على البساط. كان أثاث الغرفة في غاية الأناقة و البساطة٣ نقطة شديدة الاختلاف عن غرفتها السابقة، في منزلها٣ نقطة فراش كبير على الطراز الأمريكي الحديث، منضدة تحمل مختلف أنواع العطور وأدوات الزينة، مرآة عاجية، و مصابيح صغيرة ترسل نورا أزرق سماويا٣ نقطة و في الجهة المقابلة، صوان ملابس مصنوع من خشب الأرز الأبيض و مكتب صغير٣ نقطة و مع كل هذا، شرفة تطل على الحديقة! تأملت غرفتها "الخاصة" في انبهار، ثم ألقت بنفسها على السرير الوثير الناعم و تنفست الصعداء٣ نقطة أغلقت عينيها وغرقت في لجة أفكارها٣ نقطة كم ستبقى هنا يا ترى؟ أملها أن تنتهي رحلة والدها بأسرع ما يمكن و تعود لتسكن معه في بيتهما
, الصغير في فرنسا٣ نقطة
, لم تدرك كم مضى عليها من الوقت و هي مستلقية في تلك الوضعية المريحة و مستسلمة لأفكارها٣ نقطة لكنها انتبهت على صوت طرق خفيف على الباب٣ نقطة فتحت عينيها و استقامت في مجلسها.
, تناهى إليها صوت رجالي يقول :
, ـ ليلى٣ نقطة هل يمكنني الدخول؟
, فزعت و قامت لتسوي حجابها أمام المرآة و هي تتساءل : من؟
, ـ أنا أمين٣ نقطة هل أنت نائمة؟
, توجهت نحو الباب و فتحته ليطالعها وجه أمين المبتسم٣ نقطة كان قد ورث عن والده عينيه السوداوين العميقتين و شعره الأسود الناعم٣ نقطة و عن والدته المتوفاة البشرة البيضاء الصافية و الغمازة في الذقن، مع أنف مستقيم حاد٣ نقطة ملامحه تشي بالحدة والتحفز، لكنه بدا ودودا إلى أبعد الحدود٣ نقطة خطا إلى الداخل دون كلفة، في حين اتسعت عينا ليلى في دهشة و استهجان، لكنها لم تنطق بكلمة٣ نقطة
,
, نظر إلى الحقيبة التي كانت لا تزال في موضعها. جلس ببساطة على المقعد المواجه للمكتب واضعا ساقا على أخرى، و تكلم كمن يخاطب صديقا حميما :
, ـ أرى أنك لم تستقري في غرفتك بعد! فالحقيبة لم تفرغ٣ نقطة وأنت لم تغيري ثيابك٣ نقطة
, وقف برشاقة فارعا طوله ثم أجال بصره في الغرفة مضيفا :
, ـ أنت محظوظة لحصولك على هاته الغرفة٣ نقطة فهي كانت غرفة المالكة الأولى للقصر٣ نقطة زوجة أبي الأولى٣ نقطة والدة ياسين٣ نقطة
, صحيح أنه تم تجديد الأثاث، بالكامل تقريبا٣ نقطة لكن الغرفة تحافظ على طابعها الخاص و الغامض٣ نقطة
, كانت تجيل نظراتها في أرجاء الغرفة و هي توافقه في قرارة نفسها على غموض طابعها و رونقها الفريد من نوعه٣ نقطة نظرت إليه فجأة حين أحست بعينيه تستقران على وجهها في إصرار
, ـ لا أظنني سأقول شيئا جديدا عنك٣ نقطة لكنك يا ابنة عمتي في غاية الجمال!
, تراجعت مبغوتة من هذا الغزل الصريح فاستدرك متابعا :
, ـ أرجو أن لا تتضايقي من صراحتي٣ نقطة فقد اعتدت التعبير المباشر عما يجول في خاطري٣ نقطة
, اتسعت ابتسامته، أمام احمرار وجهها، و همس :
, ـ لا تتأخري عن موعد العشاء بعد نصف ساعة٣ نقطة أراك لاحقا!
, تقدم نحو الباب بمثل البساطة التي دخل بها٣ نقطة و قبل أن يتوارى عن ناظريها، أطل برأسه من فتحة الباب و همس :
, ـ فراس سيكون معنا على العشاء٣ نقطة كوني حذرة!
, وقفت للحظات مبهوتة٣ نقطة كانت تحس بالضيق٣ نقطة فمن الواضح أنها ستواجه الكثير من المتاعب حتى توقف أمين عند حده و تفرض عليه احترامها٣ نقطة ثم تاهت أفكارها في ملاحظته الأخيرة٣ نقطة لكنها ما لبثت أن هزت كتفيها في لامبالاة و شرعت في توضيب ملابسها في الصوان بتأن. غيرت ملابسها و غادرت الغرفة٣ نقطة و لم تستطع مقاومة رغبة ملحة في النظر ثانية لصورة الفتاة التي تشبهها المعلقة في الممر٣ نقطة
,
, نزلت درجات السلم في هدوء و هي تنظر إلى البهو من عل٣ نقطة
, فجأة توقفت حين طرق سمعها صوت نبيل و كان من الواضح أنه يخاطب أحد أبنائه :
, ـ أرجوك٣ نقطة انس الموضوع تماما٣ نقطة لا داعي لتعقيد الأمور أكثر من اللازم٣ نقطة فراس٣ نقطة كن واقعيا٣ نقطة كل شيء انتهى منذ 3 سنوات٣ نقطة و الغرفة منذ تلك الآونة شاغرة٣ نقطة فلماذا لا تسكنها ليلى؟
, جاء صوت فراس حادا، رغم محاولة صاحبه الجاهدة لتهذيبه :
, ـ لكنك تعلم أنني لا أريد ذلك٣ نقطة لا أريد ذلك! و مع هذا سمحت به٢ علامة التعجب
, ـ لقد أنهينا الموضوع سابقا٣ نقطة أليست 3 سنوات بكافية لتنسى تلك الحادثة؟
, بدا أن فراس يكاد ينفجر غاضبا٣ نقطة أو باكيا٣ نقطة أو كليهما معا :
, ـ أنسى؟؟٢ علامة التعجب و كيف يمكنني أن أنسى؟٢ علامة التعجب هل ما حدث شيء ينسى؟؟٢ علامة التعجب أنت تطلب المستحيل٣ نقطة
,
, تنهد نبيل في ضيق و هو يقول :
, ـ فلتعلم إذن بأنني تعمدت أن أفتح الغرفة من جديد لتقيم بها ليلى٣ نقطة لأجبرك على النسيان! آن الأوان لتعود إلى حياتك الطبيعية٣ نقطة
, ران صمت ثقيل لبعض لحظات قبل أن يقول فراس :
, ـ و لكنها ليست أي شخص٣ نقطة إنها أختها التوأم٣ نقطة
, قاطعه نبيل بصوت هادئ حمله شحنة من الحنان الأبوي :
, ـ من الأفضل أن تهدأ الآن٣ نقطة قد تصل ليلى في أية لحظة٣ نقطة
, أحست ليلى بالحرج حين سمعت اسمها و أدركت أن عليها الظهور فورا، لتضع حدا لهذا الحوار المتشنج٣ نقطة أخذت نفسا عميقا ثم واصلت طريقها محاولة التصرف بصفة طبيعية٣ نقطة و دلفت إلى غرفة الطعام المحاذية للبهو٣ نقطة
, توجهت إليها الأنظار حال وصولها. رمقها ياسين بنظرة جانبية، في حين أطلق أمين صفيرا طويلا معلنا عن إعجابه٣ نقطة أما فراس فقد رفع إليها عينيه في بطء، و ما أن توقف بصره على وجهها حتى تراجع في حدة٣ نقطة كأن شحنة كهربائية أصابته٣ نقطة ربت نبيل الذي كان يجلس قريبا منه على كتفه مشجعا، فوقف و توجه نحوها. وقف قبالتها و مد كفا مختلجة لمصافحتها٣ نقطة لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة و خبأ كفيه و راء ظهره و هو يهمس بصوت مبحوح جاد به حلقه في عناء شديد :
, مرحبا!
, و بسرعة عاد إلى مجلسه و لبث مطرقا و قد ازداد وجهه شحوبا .
, وقف نبيل و دعا ليلى إلى الجلوس قربه٣ نقطة قبالة فراس٣ نقطة
, بدت نظرات ياسين إليها بلهاء٣ نقطة أو أن ليلى وجدتها كذلك٣ نقطة
, فقد ظل يحدق فيها طوال فترة العشاء بصورة فظيعة! فتحاشت قدر الإمكان النظر إليه، و كان من حسن حظها أنه يجلس في طرف المائدة، إلى جانب فراس٣ نقطة في حين لم يتوقف أمين الذي كان يجلس إلى جانبها، قبالة ياسين، عن الثرثرة٣ نقطة فملأ الفراغ بصوته الجهوري :
, ـ أوه٣ نقطة ليلى! إنها مناسبة تستحق الاحتفال بالفعل، أليس كذلك؟
, لكن ماذا٣ نقطة صحنك لم يلمس بعد! يبدو أن طعام العم هاشم لا يعجبك٣ نقطة كلي أرجوك٣ نقطة فقد لا تتمتعين معنا كثيرا بعشاء هادئ، قبل أن يقرر أخي العزيز ياسين إقامة زوبعة بمشاكله التافهة التي لا تنتهي٣ نقطة تناولي قطعة السجق هذه٣ نقطة تبدو محمرة بصفة جيدة٣ نقطة بالمناسبة، تبدين أنيقة دائمة دون ماكياج٣ نقطة و من ذا الذي يفضل لوحة زيتية تحتوي على كل الألوان و الأصباغ!
, الطبيعة دائما أفضل من الأقنعة المزيفة، و أنا شخصيا أفضل الفتيات الفخورات بجمالهن الطبيعي دون غش٣ نقطة ألست محقا؟٣ نقطة
, فراس٣ نقطة فيم كنا نتحدث قبل قدوم ليلى؟ آه٣ نقطة نعم٣ نقطة أبي يعتزم أخذنا في عطلة نهاية الأسبوع لقضاء اليوم بأكمله في المزرعة٣ نقطة المكان رائع هناك و شديد الرومانسية٣ نقطة أراهن على أنك من محبي الطبيعة!
, كانت ليلى تحس بالغيظ الشديد من ملاحظاته الوقحة. ابتلعت قطعة أخرى من اللحم في صعوبة، و هي تلحظ الوجوم المخيم على الوجوه، عدا وجه أمين طبعا٣ نقطة الذي واصل قائلا :
, ـ ستستمتعين كثيرا٣ نقطة العم صابر أيضا يحب المزرعة٣ نقطة فقد غرس في المرة الماضية حوضا من الورود البرية الحمراء٣ نقطة
, حنان أيضا كانت تحب الورود الحمراء٣ نقطة
, أحست بأن الزمن توقف في تلك اللحظة، فقد توجهت الأنظار كلها إلى أمين الذي بدا عليه الارتباك، بما فيها عيني ليلى٣ نقطة
, توقفت حركة الأكل و لم يعد صوت الملاعق و الأشواك التي ترتطم بالصحون يسمع لمدة بضع ثوان٣ نقطة و أخيرا نطق أمين :
,
, ـ ألم يحدثك أحد عن حنان؟
, كان فراس إلى تلك اللحظة يحاول الحفاظ على هدوئه و نظراته المهذبة، مسيطرا قدر الإمكان على انفعالاته٣ نقطة و لكن ما إن نطق أمين بتلك الجملة حتى سقطت الشوكة من يده محدثة رنينا على الأرضية المجلزة٣ نقطة ثم انتصب واقفا و هو يمسح يديه في عصبية و غادر القاعة بخطى متوترة٣ نقطة نظر أمين حوله كالمتهم الذي يحاول دفع الشكوك عنه، ثم التفت إلى ليلى و استطرد مغيرا الموضوع :
, ـ هل تريدين شيئا من البيض؟ سيستاء العم هاشم إن لم تنهي طبقك٣ نقطة لم توقفت عن الأكل؟ خذي كأس العصير هذا٣ نقطة سينعشك٣ نقطة , خارج القائمة
رفع نبيل القاسمي سماعة الهاتف، و بدا على وجهه الارتياح وهو يستمع إلى صوت مخاطبه :
, ـ أهلا نجيب٣ نقطة نعم٣ نقطة نعم٣ نقطة لقد جهزت كل شيء لاستقبال ليلى٣ نقطة اطمئن٣ نقطة فراس؟٣ نقطة أعلم أنه شديد الحساسية٣ نقطة ربما لن
, يتقبل الأمر بسهولة في البداية، لكنني سأكون إلى جانبها٣ نقطة لا داعي للقلق٣ نقطة دعني أتصرف٣ نقطة
, في تلك اللحظة ترامى إلى مسامعه صوت منبه سيارة في الحديقة الخارجية للقصر٣ نقطة فتطلع من النافذة قبل أن يستطرد :
, ـ لقد وصلت السيارة٣ نقطة سأحدثك لاحقا٣ نقطة
, وضع السماعة و عدل سترته ثم خطا بثقة نحو البهو٣ نقطة
, توقفت سيارة رياضية فاخرة من صنع فرنسي أمام الباب الرئيسي للقصر، بعد أن عبرت الممر الطويل الممهد، المؤدي إلى البوابة الخارجية٣ نقطة نزلت الراكبة الوحيدة ليلى كامل في حركة رشيقة٣ نقطة تناولت حقيبة يدها ثم سلمت الخادم الذي تقدم إليها مفاتيح السيارة٣ نقطة ألقت نظرة فاحصة على الحديقة الخلابة فاسترعت انتباهها ورود حمراء آسرة جعلت ابتسامة خفيفة ترتسم على شفتيها، ثم استدارت لتتأمل واجهة المبنى الشامخ المنتصب أمامها، و قد لاحت في عينيها علامات الدهشة والإعجاب٣ نقطة لكنها ما لبثت أن ابتسمت في ثقة و هي تسوي حجابها و تقدمت بخطى ثابتة لتصعد درجات السلم الحجري المؤدي إلى المدخل٣ نقطة انحنى أمامها الخادم العجوز ثم سبقها إلى الداخل٣ نقطة
, كان بهو الاستقبال عبارة عن صالة فخمة ذات أثاث كلاسيكي قديم، وزعت قطعه بذوق و براعة في نظام جذاب٣ نقطة تتوسط القاعة زربية فارسية ذات رسوم و زخارف متناسقة، ألوانها شاحبة تحاكي ألوان الخريف٣ نقطة و في صدر المجلس تربعت أريكة ضخمة من خشب الأبنوس، خمنت على الفور أنها من طراز لويس الرابع عشر، تحيط بها مقاعد من نفس النوع، بنفس الزخرفة الثقيلة٣ نقطة و في المقابل كانت هنالك منضدة زجاجية متوسطة الحجم من الإبداع الصيني، لا تخطئ العين ألوانها المميزة٣ نقطة
, انجذبت عيناها تجاه مزهرية بلورية تراصت فيها نفس الورود الحمراء التي لمحتها منذ قليل في الحديقة، تضفي على جو القاعة رونقا فريدا٣ نقطة و على مساحة الحائط، امتدت لوحة فنية تمثل غابة كثيفة مظلمة في شتاء قارس٣ نقطة و على قدر ما أعجبت بالمهارة الفنية الواضحة في ثنايا اللوحة، على قدر ما أصابت قلبها بالوحشة و الوحدة و ذكرتها بوضعها٣ نقطة و بالأيام القليلة الماضية من حياتها٣ نقطة
, تنهدت في أسى و هي تستدير لتقع نظراتها على الجزء الثاني من البهو الذي كان مناقضا تماما للأول٣ نقطة أثاث عصري بسيط، ذو ألوان زاهية٣ نقطة بساط صغير بديع، و منضدة طويلة نسقت فوقها أعداد من التحف الصغيرة الظريفة، استقرت خلفها مرآة عاجية، طالعت فيها صورتها ثم ابتسمت في رضا و تألقت عيناها الكستنائيتان ببعض الغرور٣ نقطة
, على عرض الحائط المقابل توزعت لوحات صغيرة متناثرة تمثل مشاهد طبيعية مشرقة٣ نقطة
, ابتسمت ليلى و هي تلقي نظرة أخيرة على الجانبين و تلحظ في صمت المفارقات العجيبة التي اجتمعت في فضاء واحد٣ نقطة زوجان مختلفا المزاج؟ ربما٣ نقطة
, انتبهت إلى السيد نبيل الذي نزل للتو ووقف على بعد بضع خطوات منها يتأملها في صمت و على شفتيه ابتسامة ودودة٣ نقطة تقدمت منه، عانقته في حرارة متكلفة و تبادلا عبارات الترحيب٣ نقطة
, و ماهي إلا لحظات حتى سمعت ضوضاء قادمة من الطابق الأول،
,
, ثم ظهر شابان ينزلان الدرج في بعض الهرج٣ نقطة انضما إلى السيد نبيل و ليلى التي غضت بصرها في حياء٣ نقطة وقفا غير بعيد عنهما، و بادر السيد نبيل معرفا :
, ـ هذه ليلى٣ نقطة ابنة عمتكما نجاة٣ نقطة رحمها االله٣ نقطة و صديقي العزيز نجيب٣ نقطة تعلمان أنها ستقيم بيننا ـ طيلة فترة سفر والدها للإشراف على مشروعه الجديد ـ أرجو أن ترحبا بها جيدا٣ نقطة و تعتبراها مثل شقيقة لكما٣ نقطة
, ثم التفت إلى ليلى متابعا :
, ـ أرجو يا ابنتي أن تجدي راحتك بيننا٣ نقطة
, طالعها الشابان بنظرات متفحصة٣ نقطة كانت فتاة قد تجاوزت العشرين من عمرها بسنتين اثنتين، مليئة بالحيوية و متقدة الذكاء٣ نقطة تلمحه في نظراتها الهادئة، المتحدية، و ابتسامتها الرقيقة التي لا تفارق شفتيها٣ نقطة و لم يكن الجمال ليبخل عليها بقدر وافر منه٣ نقطة
, ـ هذا ابني الأكبر٣ نقطة ياسين٣ نقطة
, كان ياسين رجلا ضخم الجثة، فارع الطول متين البنيان، تظنه أحد المصارعين المحترفين. و بدا أنه قد تجاوز الثلاثين من عمره ببضع سنوات، تدل هيأته على حياة الرفاهية التي يعيشها دون عناء أو تكلف .
, انتبه ياسين، الذي كان يطالع ليلى بنظرات فاحصة، على صوت والده و هو يسأله :
, ـ أين زوجتك؟
, أجاب في امتعاض :
, ـ منال؟٣ نقطة أخذت رانيا و ذهبت في زيارة إلى بيت أهلها٣ نقطة
, هز السيد نبيل رأسه متفهما، في حين حنى ياسين رأسه في تحية باردة، دون أن تفارق عينيه تلك النظرة الجريئة :
, ـ أهلا ليلى٣ نقطة تشرفت بمعرفتك٣ نقطة
, طالعته ليلى في حذر و هي ترد الإيماءة بمثلها، في حين تابع نبيل :
, ـ و هذا أمين٣ نقطة ابني الأصغر٣ نقطة
, قاطعه أمين بحركة مفاجئة و هو يتقدم نحو ليلى و ينحني أمامها انحناءة عريضة، ثم يهم بالتقاط يدها على طريقة الجنتلمان في القرن التاسع عشر! لكن ردة فعل ليلى كانت أسرع من حركته، فسحبت يدها في حدة و ألقت عليه نظرة صارمة٣ نقطة
, لكن أمين ابتسم في لباقة، رغم الإحراج الذي تعرض إليه للتو، و تابع في غير اهتمام :
, ـ أعرفك بنفسي٣ نقطة أنا أمين٣ نقطة الابن الأصغر لعائلة القاسمي٣ نقطة وأنا الأكثر انطلاقا و مرحا في العائلة٣ نقطة يعرفني الجميع بلباقتي مع الجميلات و خبرتي في العلاقات الاجتماعية٣ نقطة طالب هندسة في الصف الثالث٣ نقطة أظن لا يهمك أن تعرفي إن كنت قد رسبت سنتين أو ثلاثا٣ نقطة على أية حال، يسرني وجودك بيننا٣ نقطة لا شك أنك لاحظت المحيط الرجالي الذي يسكن هذا البيت٣ نقطة و أرجو أن تضيفي إلى حياتنا نوعا من التغيير بعد أن أصابنا الروتين والملل٣ نقطة
, كان أمين فتى جذابا بأتم معنى الكلمة، و كان من الواضح أنه يدرك مدى وسامته خاصة حين يقف جنبا إلى جنب مع ياسين الذي كانت ملامحه عادية و خالية مما يثير انتباه الجنس الآخر٣ نقطة كما أن أمين كان لا يزال في بداية شبابه، لا يتجاوز عمره الأربع و العشرين سنة، و في نظراته الكثير من الثقة٣ نقطة والغرور!
,
, رمقه ياسين بازدراء في حين رماه نبيل بنظرة غاضبة أوقفته٣ نقطة
, أما ليلى فإنها اكتفت بإشاحة وجهها عنه و في عينيها الكثير من الاستغراب و الامتعاض. أما أمين فابتسم و هو يلوح بيده استهانة :
, ـ هل قمت بشيء غريب؟ لقد رحبت بابنة عمتي على طريقتي!
, ثم أضاف في صوت خافت، لكنه تناهى إلى مسامع ليلى :
, ـ لو كان فراس هنا٣ نقطة لكان الموقف أكثر إثارة٣ نقطة
, تسارعت دقات قلب ليلى و هي تسترجع ما ذكره لها والدها من معلومات عن العائلة٣ نقطة و من دون كل أفراد عائلة القاسمي، كانت متشوقة للقاء فراس٣ نقطة
, نظر أمين إلى الخادم العجوز بعد أن انصرف والده و قال متسائلا :
, ـ هل أخطأت يا عم صابر؟
, ابتسم العم صابر وهو يخفض رأسه في ارتباك و لم يجب
,
, قطع نبيل الصمت و هو ينادي الخادم من الغرفة الداخلية، حيث اختفى منذ لحظات :
, ـ صابر٣ نقطة احمل حقائب الآنسة إلى الغرفة المعدة لها٣ نقطة واتركها لتستريح قليلا٣ نقطة
, خرج الخادم ليحضر الحقائب التي كانت عند أسفل الدرج الحجري، و ما لبث أن عاد مسرعا و تقدم ليلى إلى السلم المؤدي إلى الطابق الأول، من حيث نزل ياسين و أمين قبل بضعة دقائق٣ نقطة
, تبعته ليلى في خطوات رزينة، تتبعها النظرات بانطباعاتها المختلفة٣ نقطة
, ٨ العلامة النجمية
,
, تقدمت ليلى في الممر المفروش بالزرابي و المزدان بالثريات متدلية من السقف. كانت الفوانيس الصغيرة و المتلاصقة تضفي على المكان ضوءا خافتا ذا لون أصفر ساحر٣ نقطة
, على الجانبين علقت صور لأفراد العائلة و رسومات حائطية٣ نقطة
,
, راحت تتأملها و هي تتبع العم صابر بخطوات هادئة٣ نقطة فجأة
, توقفت أمام صورة فتاة في مثل سنها تقريبا، أو تصغرها بسنوات قليلة٣ نقطة و بدا لها أنها تطالع صورتها هي، ليلى، منذ بضع سنين مضت! نعم، فالشبه بينهما مما لا يختلف فيه اثنان!
, تسارعت دقات قلبها و كست ملامحها تعابير غريبة، لم تدرك هي نفسها كنهها٣ نقطة لكنها سرعان ما تمالكت نفسها و سارعت الخطو لتلحق بالعم صابر الذي توقف أمام غرفة في نفس الممر٣ نقطة
, حين خطت إلى داخل الغرفة المعدة لها وجدت نفسها في عالم جديد غاية في الروعة٣ نقطة كان أول ما لفت نظرها هو ورق الجدران الأزرق السماوي المحلى برسوم رقيقة بيضاء. لون هادئ ومريح جعلها تبتسم في رضا و هي تتقدم لتضع حقيبتها على البساط. كان أثاث الغرفة في غاية الأناقة و البساطة٣ نقطة شديدة الاختلاف عن غرفتها السابقة، في منزلها٣ نقطة فراش كبير على الطراز الأمريكي الحديث، منضدة تحمل مختلف أنواع العطور وأدوات الزينة، مرآة عاجية، و مصابيح صغيرة ترسل نورا أزرق سماويا٣ نقطة و في الجهة المقابلة، صوان ملابس مصنوع من خشب الأرز الأبيض و مكتب صغير٣ نقطة و مع كل هذا، شرفة تطل على الحديقة! تأملت غرفتها "الخاصة" في انبهار، ثم ألقت بنفسها على السرير الوثير الناعم و تنفست الصعداء٣ نقطة أغلقت عينيها وغرقت في لجة أفكارها٣ نقطة كم ستبقى هنا يا ترى؟ أملها أن تنتهي رحلة والدها بأسرع ما يمكن و تعود لتسكن معه في بيتهما
, الصغير في فرنسا٣ نقطة
, لم تدرك كم مضى عليها من الوقت و هي مستلقية في تلك الوضعية المريحة و مستسلمة لأفكارها٣ نقطة لكنها انتبهت على صوت طرق خفيف على الباب٣ نقطة فتحت عينيها و استقامت في مجلسها.
, تناهى إليها صوت رجالي يقول :
, ـ ليلى٣ نقطة هل يمكنني الدخول؟
, فزعت و قامت لتسوي حجابها أمام المرآة و هي تتساءل : من؟
, ـ أنا أمين٣ نقطة هل أنت نائمة؟
, توجهت نحو الباب و فتحته ليطالعها وجه أمين المبتسم٣ نقطة كان قد ورث عن والده عينيه السوداوين العميقتين و شعره الأسود الناعم٣ نقطة و عن والدته المتوفاة البشرة البيضاء الصافية و الغمازة في الذقن، مع أنف مستقيم حاد٣ نقطة ملامحه تشي بالحدة والتحفز، لكنه بدا ودودا إلى أبعد الحدود٣ نقطة خطا إلى الداخل دون كلفة، في حين اتسعت عينا ليلى في دهشة و استهجان، لكنها لم تنطق بكلمة٣ نقطة
,
, نظر إلى الحقيبة التي كانت لا تزال في موضعها. جلس ببساطة على المقعد المواجه للمكتب واضعا ساقا على أخرى، و تكلم كمن يخاطب صديقا حميما :
, ـ أرى أنك لم تستقري في غرفتك بعد! فالحقيبة لم تفرغ٣ نقطة وأنت لم تغيري ثيابك٣ نقطة
, وقف برشاقة فارعا طوله ثم أجال بصره في الغرفة مضيفا :
, ـ أنت محظوظة لحصولك على هاته الغرفة٣ نقطة فهي كانت غرفة المالكة الأولى للقصر٣ نقطة زوجة أبي الأولى٣ نقطة والدة ياسين٣ نقطة
, صحيح أنه تم تجديد الأثاث، بالكامل تقريبا٣ نقطة لكن الغرفة تحافظ على طابعها الخاص و الغامض٣ نقطة
, كانت تجيل نظراتها في أرجاء الغرفة و هي توافقه في قرارة نفسها على غموض طابعها و رونقها الفريد من نوعه٣ نقطة نظرت إليه فجأة حين أحست بعينيه تستقران على وجهها في إصرار
, ـ لا أظنني سأقول شيئا جديدا عنك٣ نقطة لكنك يا ابنة عمتي في غاية الجمال!
, تراجعت مبغوتة من هذا الغزل الصريح فاستدرك متابعا :
, ـ أرجو أن لا تتضايقي من صراحتي٣ نقطة فقد اعتدت التعبير المباشر عما يجول في خاطري٣ نقطة
, اتسعت ابتسامته، أمام احمرار وجهها، و همس :
, ـ لا تتأخري عن موعد العشاء بعد نصف ساعة٣ نقطة أراك لاحقا!
, تقدم نحو الباب بمثل البساطة التي دخل بها٣ نقطة و قبل أن يتوارى عن ناظريها، أطل برأسه من فتحة الباب و همس :
, ـ فراس سيكون معنا على العشاء٣ نقطة كوني حذرة!
, وقفت للحظات مبهوتة٣ نقطة كانت تحس بالضيق٣ نقطة فمن الواضح أنها ستواجه الكثير من المتاعب حتى توقف أمين عند حده و تفرض عليه احترامها٣ نقطة ثم تاهت أفكارها في ملاحظته الأخيرة٣ نقطة لكنها ما لبثت أن هزت كتفيها في لامبالاة و شرعت في توضيب ملابسها في الصوان بتأن. غيرت ملابسها و غادرت الغرفة٣ نقطة و لم تستطع مقاومة رغبة ملحة في النظر ثانية لصورة الفتاة التي تشبهها المعلقة في الممر٣ نقطة
,
, نزلت درجات السلم في هدوء و هي تنظر إلى البهو من عل٣ نقطة
, فجأة توقفت حين طرق سمعها صوت نبيل و كان من الواضح أنه يخاطب أحد أبنائه :
, ـ أرجوك٣ نقطة انس الموضوع تماما٣ نقطة لا داعي لتعقيد الأمور أكثر من اللازم٣ نقطة فراس٣ نقطة كن واقعيا٣ نقطة كل شيء انتهى منذ 3 سنوات٣ نقطة و الغرفة منذ تلك الآونة شاغرة٣ نقطة فلماذا لا تسكنها ليلى؟
, جاء صوت فراس حادا، رغم محاولة صاحبه الجاهدة لتهذيبه :
, ـ لكنك تعلم أنني لا أريد ذلك٣ نقطة لا أريد ذلك! و مع هذا سمحت به٢ علامة التعجب
, ـ لقد أنهينا الموضوع سابقا٣ نقطة أليست 3 سنوات بكافية لتنسى تلك الحادثة؟
, بدا أن فراس يكاد ينفجر غاضبا٣ نقطة أو باكيا٣ نقطة أو كليهما معا :
, ـ أنسى؟؟٢ علامة التعجب و كيف يمكنني أن أنسى؟٢ علامة التعجب هل ما حدث شيء ينسى؟؟٢ علامة التعجب أنت تطلب المستحيل٣ نقطة
,
, تنهد نبيل في ضيق و هو يقول :
, ـ فلتعلم إذن بأنني تعمدت أن أفتح الغرفة من جديد لتقيم بها ليلى٣ نقطة لأجبرك على النسيان! آن الأوان لتعود إلى حياتك الطبيعية٣ نقطة
, ران صمت ثقيل لبعض لحظات قبل أن يقول فراس :
, ـ و لكنها ليست أي شخص٣ نقطة إنها أختها التوأم٣ نقطة
, قاطعه نبيل بصوت هادئ حمله شحنة من الحنان الأبوي :
, ـ من الأفضل أن تهدأ الآن٣ نقطة قد تصل ليلى في أية لحظة٣ نقطة
, أحست ليلى بالحرج حين سمعت اسمها و أدركت أن عليها الظهور فورا، لتضع حدا لهذا الحوار المتشنج٣ نقطة أخذت نفسا عميقا ثم واصلت طريقها محاولة التصرف بصفة طبيعية٣ نقطة و دلفت إلى غرفة الطعام المحاذية للبهو٣ نقطة
, توجهت إليها الأنظار حال وصولها. رمقها ياسين بنظرة جانبية، في حين أطلق أمين صفيرا طويلا معلنا عن إعجابه٣ نقطة أما فراس فقد رفع إليها عينيه في بطء، و ما أن توقف بصره على وجهها حتى تراجع في حدة٣ نقطة كأن شحنة كهربائية أصابته٣ نقطة ربت نبيل الذي كان يجلس قريبا منه على كتفه مشجعا، فوقف و توجه نحوها. وقف قبالتها و مد كفا مختلجة لمصافحتها٣ نقطة لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة و خبأ كفيه و راء ظهره و هو يهمس بصوت مبحوح جاد به حلقه في عناء شديد :
, مرحبا!
, و بسرعة عاد إلى مجلسه و لبث مطرقا و قد ازداد وجهه شحوبا .
, وقف نبيل و دعا ليلى إلى الجلوس قربه٣ نقطة قبالة فراس٣ نقطة
, بدت نظرات ياسين إليها بلهاء٣ نقطة أو أن ليلى وجدتها كذلك٣ نقطة
, فقد ظل يحدق فيها طوال فترة العشاء بصورة فظيعة! فتحاشت قدر الإمكان النظر إليه، و كان من حسن حظها أنه يجلس في طرف المائدة، إلى جانب فراس٣ نقطة في حين لم يتوقف أمين الذي كان يجلس إلى جانبها، قبالة ياسين، عن الثرثرة٣ نقطة فملأ الفراغ بصوته الجهوري :
, ـ أوه٣ نقطة ليلى! إنها مناسبة تستحق الاحتفال بالفعل، أليس كذلك؟
, لكن ماذا٣ نقطة صحنك لم يلمس بعد! يبدو أن طعام العم هاشم لا يعجبك٣ نقطة كلي أرجوك٣ نقطة فقد لا تتمتعين معنا كثيرا بعشاء هادئ، قبل أن يقرر أخي العزيز ياسين إقامة زوبعة بمشاكله التافهة التي لا تنتهي٣ نقطة تناولي قطعة السجق هذه٣ نقطة تبدو محمرة بصفة جيدة٣ نقطة بالمناسبة، تبدين أنيقة دائمة دون ماكياج٣ نقطة و من ذا الذي يفضل لوحة زيتية تحتوي على كل الألوان و الأصباغ!
, الطبيعة دائما أفضل من الأقنعة المزيفة، و أنا شخصيا أفضل الفتيات الفخورات بجمالهن الطبيعي دون غش٣ نقطة ألست محقا؟٣ نقطة
, فراس٣ نقطة فيم كنا نتحدث قبل قدوم ليلى؟ آه٣ نقطة نعم٣ نقطة أبي يعتزم أخذنا في عطلة نهاية الأسبوع لقضاء اليوم بأكمله في المزرعة٣ نقطة المكان رائع هناك و شديد الرومانسية٣ نقطة أراهن على أنك من محبي الطبيعة!
, كانت ليلى تحس بالغيظ الشديد من ملاحظاته الوقحة. ابتلعت قطعة أخرى من اللحم في صعوبة، و هي تلحظ الوجوم المخيم على الوجوه، عدا وجه أمين طبعا٣ نقطة الذي واصل قائلا :
, ـ ستستمتعين كثيرا٣ نقطة العم صابر أيضا يحب المزرعة٣ نقطة فقد غرس في المرة الماضية حوضا من الورود البرية الحمراء٣ نقطة
, حنان أيضا كانت تحب الورود الحمراء٣ نقطة
, أحست بأن الزمن توقف في تلك اللحظة، فقد توجهت الأنظار كلها إلى أمين الذي بدا عليه الارتباك، بما فيها عيني ليلى٣ نقطة
, توقفت حركة الأكل و لم يعد صوت الملاعق و الأشواك التي ترتطم بالصحون يسمع لمدة بضع ثوان٣ نقطة و أخيرا نطق أمين :
,
, ـ ألم يحدثك أحد عن حنان؟
, كان فراس إلى تلك اللحظة يحاول الحفاظ على هدوئه و نظراته المهذبة، مسيطرا قدر الإمكان على انفعالاته٣ نقطة و لكن ما إن نطق أمين بتلك الجملة حتى سقطت الشوكة من يده محدثة رنينا على الأرضية المجلزة٣ نقطة ثم انتصب واقفا و هو يمسح يديه في عصبية و غادر القاعة بخطى متوترة٣ نقطة نظر أمين حوله كالمتهم الذي يحاول دفع الشكوك عنه، ثم التفت إلى ليلى و استطرد مغيرا الموضوع :
, ـ هل تريدين شيئا من البيض؟ سيستاء العم هاشم إن لم تنهي طبقك٣ نقطة لم توقفت عن الأكل؟ خذي كأس العصير هذا٣ نقطة سينعشك٣ نقطة , خارج القائمة