NESWANGY

سجل عضوية او سجل الدخول للتصفح من دون إعلانات

مكتملة منقول المعلم (للكاتبة تسنيم المرشدي) | السلسلة الأولى |ـ ستة وثلاثون جزء 19/11/2023

ناقد بناء

مشرف قسم التعارف
طاقم الإدارة
مشرف
نسوانجي متفاعل
نسوانجي متميز
دكتور نسوانجي
أستاذ نسوانجي
عضو
ناشر قصص
نسوانجي قديم
إنضم
17 ديسمبر 2021
المشاركات
8,828
مستوى التفاعل
2,834
الإقامة
بلاد واسعة
نقاط
14,977
الجنس
ذكر
الدولة
كندا
توجه جنسي
أنجذب للإناث
١


تقف أمام نافذتها وشعور الحماس يتغلغل بداخلها لما تنتظره ، بزوغ الفجر مع تلك البرودة يزيد من لهفتها ، تشعر بنبضات قلبها التي تتسارع بداخلها لإفتقادها إليهم ، فلقد طالت مدة الغياب ولم تراهم لأربعة عشر يوماً وثلاث ساعات وبضعة دقائق لأداء مناسك الحج التي تؤديها والدتها لأول مرة بعد أن أعتنقت الإسلام حديثاً ، لم يسبق لهم وأن تركوها بمفردها طيلة تلك المدة التي مرت عليها وكأنها أعوام وليست فقط عدة أيام ،
, _ استنشقت عبير الهواء البارد الذي تسلل عبر فتحات النافذة وارتطم بوجهها ، أبتسمت بسعادة وهي تصور بعض المشاهد الحميمية لهم عند عودتهم ،
, _ طالت فترة عودتهم وتأخر الوقت كثيراً عما اعتقدت ، سحبت هاتفها وضغطت علي زر الإتصال في قلق قد تملكها ، ارتخت ملامح وجهها بطمئنينة عندما أجابها بصوته العذب الذي يلمس قلبها ويبث فيه الأمان :-
, _ عنود حبيبتي
, _ سحبت نفساً عميق محاولة تهدئة روعها لكن لم تخلو نبرتها من القلق :-
, _ انتوا فين يا بابا قلقت عليكم ، المفروض توصلوا من نص ساعة
, _ أزفر أنفاسه في ضيق وهو يجوب بأنظاره علي الحافلة المُعطله ثم رد عليها بهدوء لكي لا يُشعِرها بالقلق عليهم :-
, _ إحنا واقفين في الطريق الأتوبيس اتعطل والسواق بيحاول يصلحه متقلقيش علينا
, _ تنهدت في ضيق ولعنت تلك الحافلة التي أخرت رؤيتها لهم ، فلقد فاق اشتياقها كل الحواجز ، لم تختبر فراقهم طيلة تلك المدة الماضية ، فهم ثُلاثي دائم التنقل سويا ولم يسبق وأن افترقا قط ، ولكن تلك المرة اختلفت فلولا اعتناق والدتها الإسلام وضرورة أداؤها لمناسك الحج لما وافقت علي الإبتعاد عنهم طيلة الفترة الماضية
, _ أجابت والدها برقة كما اعتادت في الحديث معه دوماً :-
, _ توصلوا بالسلامة يا حبيبي see you soon ( أراك قريباً )
, _ أغلقت الهاتف وأزفرت أنفاسها مستاءة ، فهي لم تعد تحتمل أكثر من ذلك الوقت التي أمضته قيد انتظارهم ، ولجت داخل غرفتها حيث خزانتها الصغيرة التي تحتوي علي بعض الثياب الفضفاضة ذات الألوان المبهجة التي تناسب عُمرها الذي لم يتعدي التاسع عشر بعد ..!
, ( عنود سيف الدين فتاة رقيقة ، تمتلك بشرة حليبية وشعر غجري أسود داكن ، تمتلك عيون واسعة تختبئ بين أهدابها الكثيفة ، تتمييز بتورد وجنتيها وشفاها الدائمتين ، ذات عود ممتلئ بعض الشئ وممشوق رغم صِغر عُمرها ، أنهت هذا العام آخر صفوفها الثانوية ، تقطن في مدينة لوس انجلوس بولاية كاليفورنيا ، تعشق شيئان في الحياة وهم والداها ، لا تمتلك أشقاء لمرض والدتها بعد ولادتها مباشرة وخضعت لإستئصال رحِمِها ، كانت بمثابة الحياة ومافيها لوالديها والعكس صحيح ، والدها من أصل مصري الجنسية لكن والدتها أمريكية الجنسية حيث تَقابل كِلاهما في عملٍ واحد وقد أحبَ بعضهما البعض كثيراً ، وقد قابلا صعوبات عديدة من قِبل عائلته التي رفضت زيجته من تلك الفتاة المتحررة ذات الديانة المختلفة ، لم يصغي إليهم وأعلن زواجه منها بعد فترة قصيرة من رفض عائلته ولم يكترث لهم تحت مُسمي رفضهم لهراءات سخيفة ، حرص سيف الدين علي تعليم إبنته الوحيدة لأصول دينها الإسلامي ولم يقُابل اي هجوم من زوجته رغم أنها ذات ديانة مختلفة ، حيث كانت تعاونه في غرس المبادئ والقيم الصحيحة في نفس إبنتهما ، أيضاً كانت تختلس النظر إليهم من حين لآخر وهما يدرسان دينهم ، كانت تصغي له بإهتمام عندما يقُص على عنود بعض الأحاديث والقصص النبوية الشريفة ، وكأن قلبها يلين شيئاً فشئ و كانت دائمة الحرص على الحضور لتلك الندوة الأسبوعية التي قد شرعها زوجها ليحبب أبنته في دينها وغرس القيم فيها )
, _ كما تتصف بالذكاء الداهي الذي كان يخشاه والداها من سوء استغلال الآخرين لها ،
, _ وضعت آخر دبوس في حجابها الذي غطاها بالكامل ، ودلفت خارج المنزل ، أخرجت السيارة الخاصة بوالدها من چراج المنزل وتمتمت قبل أن تشرع بالقيادة :-
, _ بسم **** توكلت على **** ولا حول ولا قوه الا ب****
, _ دعست على محرك السيارة كما زادت من سرعتها لكي تصل أسرع إليهم ، أوقفت السيارة حينما رأت أمامها العديد والعديد من السيارات الواقفة بمنتصف الطريق ، أزفرت أنفاسها في ضيق فعلي ما يبدو أن القدر يلعب لعبته ويود أن يؤخرها عن رؤية والداها لطلاما انتظرت تلك اللحظة بفروغ الصبر ..
, _ تأففت بضجر ثم فتحت باب السيارة وترجلت منها ، اتجهت بخطوات سريعة للأمام لعلها تعلم حقيقة الأمر ، حاولت الإرتفاع بقدميها لكي يقع بصرها علي أي سبب جذري تحتم علي تلك السيارات الوقوف هكذا ، لكن لم تستطيع أن تري شيئا سوي السيارات الواقفة خلف بعضها ، نظرت للجانب ولمحت بعينيها أحدهم يجلس في سيارته ويتحدث بالهاتف ويبدو عليه الذعر :-
, _ What ? Fuck it up , I have an essential job and the road definitely won't open until morning؟
, ( ماذا ؟ سحقاً للأمر ، لدي عمل ضروري وبالتأكيد لن يُفتح الطريق حتي الصباح ؟ )
, _ شعرت بغصة في حلقها وكأنه يتحدث عن شئ يخص والداها ، لماذا أتي تفكيرها لتلك النقطة ، لم تشعر بقدميها التي هرولت مسرعة نحو ذاك الرجل لتتأكد من حدسها ،
, _ تنهدت في خوف وسألته متوترة :-
, _ Sorry, do you know what's going on?
, ( عُذراً ، هل تعلم ما يحدث )
, _ نظر إليها من أعلي لأسفل بتفحُص شديد ، بينما انكمشت ملامح عنود بضجر لنظراته التي أغضبتها ، حمحمت ثم أعادت سؤالها مرة أخرى
, _ أجاب بإقتضاب لتلك الفتاة التي لا يظهر من جسدها شئ :-
, _ Yes, I know, there was a bus accident due to a blown tire
, ( نعم اعلم ، هناك حادث انقلاب حافلة بسبب انفجار الاطارات و٣ نقطة)
, _ لم تدعه يُكمل جملته عندما عادت مسرعة الي سيارتها ، أغلقت الباب ونظرت أمامها وهي تتمني بداخلها أن تكون حافلة أخرى وليست تلك الحافلة التي يعود بها والداها ، لا لن تتحمل أكثر من ذلك ، لابد من التأكُد ، دعست على محرك السيارة لتديرها حيث سارت في طريق بمنتصف غابة ساكنة تماماً ، ورغم شجاعتها التي تعهدها إلا أنها لما كانت ستجازف بمرورها في ذلك الطريق الخالي من البشر لكن الأمر ليس بهين وليس وقت لخوفها الآن ..
, _ بعد عدة دقائق وصلت لأول الطريق ، اتسعت مقلتيها وهي تشاهد الأدخنة المتطايرة في الهواء أثر انقلاب الحافلة ، ترجلت خارج سيارتها وسارت بتمهل بالقرب من الحادث ، وكأن الكون بات خالي تماماً أمامها ، لم تصغي لنداءات الشرطة لها ، فقد تريد أن تتأكد أنها ليست الحافلة ذاتها ، تريد أن تطمئن قلبها برؤيتهم ، كادت أن تتخطي الحاجز الذي وُضع من قِبل الشرطة الأمريكية ، لكن يد أحدهم أجبرتها علي التوقف قبل أن تقترب أكثر من النيران ،
, _ صاح أحد الضباط بغضب :-
, _ Where are you going, no entry
, ( إلي أين أنتي ذاهبة ، ممنوع الدخول )
, _ نظرت إليه بعيناها التي ترقرقت بها الدموع وتهدد بنزولهم ،
, _ ابتلعت ريقها وسألته بتوجس :-
, _ My family , I just want to see my family
, ( عائلتي ، فقط أريد أن أري عائلتي )
, _ أجابها الضابط بنبرة صارمة :-
, _ Where are your family names
, (ما هي أسماء عائلتك ؟ )
, _ أجابته بنبرة متسرعة وقد انسدلت بعض القطرات على مقلتيها :-
, _ سيف الدين عراقي ، ونيكول باتريك
, _ هز رأسه بـ تفهم وأشار إليها بالوقوف مكانها قائلاً بنبرة رخيمة :-
, wait here for a while
, ( انتظري هنا قليلاً ..)
, _ وضعت إحدي يديها أعلي يسار صدرها ، تحاول طمئنة قلبها الذي بدي وكأنه يركض من فترة طويلة ، أخذت تزفر أنفاسها بتوجس وعيناها تتبعان ذلك الضابط الذي أمرها بالتوقف مكانها ..
, _ إزدادت نبضات قلبها عندما رأته يعود إليها بخطى ثابتة ، ازدادت أنفاسها وبدأ صدرها في الصعود والهبوط بتوجس شديد من أن يأكد لها ما تخشاه ،
, _ وقف أمامها ومد يده ببعض أوراق إثبات الشخصية قائلا بصوته الأجش :-
, See if your family is among them ? ( انظري ، هل عائلتك من بينهم ؟ )
, _ ظلت عينيها مُثبتة على يديه الممتدة لها ثم مدت يديها بتمهل وأخذت تنظر فيهم ، اتسعت ملقتيها بصدمة عندها رأت هوية والدتها ،
, _ سرت رجفة قوية في أوصالها ، مررت بصرها بين صورة والدتها وبين الضابط الواقف أمامها ، لم تبحث عن هوية والدها فقد ظهرت الرؤية ، هي تلك الحافلة العائدين بها ، ارتفع تدفق الادرينالين المندفع في شرايينها الي أن خارت قواها ووقعت على الأرض بإهمال فاقدة للوعي ..
, ٤٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ ابتعد عن زوجته يلتقط انفاسه ، وأستلقي بجسده بجانبها علي الفراش ،
, _ أخذ يزفر أنفاسه التي هربت منه في هذا الوضع الغير محبب إليه بالمرة ، لكنه يفعله فقط من أجل زوجته ، نظر إليها وهي تغلق أزرار تلك العباءة اللعينة التي لا تظهر أيا من جسدها لطولها وعرضها المبالغ ..
, _ نهضت من جانبه واقتربت من الباب عندما سمعت طرقات بخفة عليه ، حتماً تلك صغيرتها ذات الأربع أعوام ، ابتسمت لها بحب وجلست علي ركبتيها لتكون بنفس مستواها ، أعادت خصلات شعرها الشاردة خلف أذنها وأردفت بحنو :-
, _ جنجون حبيبي ، صباح الخير
, _ فركت الصغيرة عيناها وهي تتثائب بكسل وتحدثت بنبرة طفولية بريئة :-
, _ ماما جعانة ، آكليني
, _ قهقهت علي أسلوبها الطريف الطفولي ثم نهضت وامسكت بيدها وقالت بعاطفة :-
, _ يلا بينا نحضر الفطار لبابا وماما ولجني
, _ أماءت الصغيرة رأسها بالإيجاب وذهبت مع والدتها الي المطبخ ، حملتها بيدها ووضعتها علي الطاولة الرخامية وذهبت لإعداد وجبة الفطور لهم
, _ ولج هو داخل حمام غرفته حتي ينعم بحمام سريع قبل ذهابه لعمله ، مال برأسه علي الجانبين مطقطقاً فقرات عنقه ثم وقف أسفل المياه الساخنة الممزوجة ببعض البرودة مستمعتاً بالخليط الدافئ الذي ينعش جسده ، أوصد عيناه لبرهة وهو يتذكر كم من الأعباء التي وقعت علي عاتقه في الفترة الأخيرة ، فتح عيناه ليزفر أنفاسه وكأنه يحاول إخراج بعض الحمول من عليه مع خروج تلك الأنفاس ، أغلق صنبور المياه ودلف للخارج ،
, _ ارتدي تيشيرت رمادي علي بنطال فحمي قاتم ، مشط خصلات شعره الحريرية القصيرة بالفرشاه ووضع من عطره ثم دلف خارج الغرفة ،
, _ اقترب من المطبخ عندما سمع همهمات صغيرته ، وقف أمامها لتصيح هي بسعادة غامرة :-
, _ بابا حبيبي
, _ أبتسم بسعادة وضمها لصدره قائلا بصوته الحنون :-
, _ قلب وروح بابا
, _ ظل يداعبها ويدغدغها حتي تعالت ضحكات الصغيرة بمرح ، نظرت إليهم بأعين لامعة وقالت بغيرة زائفة :-
, _ **** **** وانا مليش نفس يعني في الاحضان دي ؟
, _ رمقها بحده قائلاً :-
, _ دينا لو خلصتي فطار ياريت نفطر عشان ورايا شغل كتير
, ( دينا امرأة تبلغ من العمر ثمانية وعشرون عام ، تخرجت من جامعة التجارة ، بشرتها حنطية تمتلك جسد ممتلئ بعض الشئ ، خصلات شعرها قصيرة مجعدة ، تبلغ من الجمال مقدار متوسط ، طيبة إلي حد السذاجة ، روتينية بقدر مبالغ فيه )
, _ أومأت براسها ثم وضعت آخر صحن علي مائدة الطعام وجلست علي مقعدها الخاص ، بينما ترأس هو المائدة وجلست أبنته بجوار والدتها حتي يسهل عليها إطعامها ..
, _ تناولا سوياً في صمت حل لفترة ، حتي قطعه نهوضه من علي المقعد لينظر إليها منبهاً :-
, _ انزلي شوفي أبويا فطر ولا لأ
, _ أغمضت عينيها بعدم رضاء لما قاله وأردفت بتهكم :-
, _ مش عارفة أنا لزمته ايه إني أنزل أصحي الناس من نومهم طلاما في حد قاعد معاه ؟!
, _ رمقها بنظراته الحادة واندفع بها :-
, _ هما اللي قاعدين مع أبويا دول بني ادمين ، لو الهانم بتآكله زي ما هي بتزن في ودان جوزها مكنتش قولتلك انزلي
, _ شعرت بالخجل واقتربت منه محاولة توضيح نواياها :-
, _ ريان أنا آسفة مش قصدي بس انت لو بتشوف هي بتفتح ليا الباب ازاي ولا الكلام اللي بتلقح بيه طول ما انا تحت هتعذرني
, ( ريان ماهر العراقي ، يبلغ من العمر أربعة وثلاثون عام ، الابن المتوسط لأبويه ، يتميز بالذكاء والخبرة ، يُعرف بالمعلم لأنه صاحب مملكة الريان وهي تحتوي علي شركة إستيراد وتصدير ، ومصنع الريان لتوريد الأخشاب بداخل مصر وبعض معارض الأثاث التي تقطن فروعه في جميع مدن مصر ، كما يمتلك ورش صغيرة للعاملين وغيرهم الكثير ، قامته طويلة للغاية كما يمتلك جسد رفيع لكنه يتماشي مع طول قامته ، لم يُكمل تعليمه وأكتفي بالثانوية لأسباب سنتعرف عليها لاحقاً .. )
, _ اشتعلت النيران بداخله وتشنجت عروق عنقه من شدة غضبه وصاح بصوته الجهوري :-
, _ مش كفاية أنها قاعدة في بيته وكمان مش عاجبها الهانم ، مهو الغلط مش عليها الغلط علي أخويا اللي مطاطي راسه ليها ومش عارف يلمها
, _ أسرعت دينا بوضع كفها علي فمه لتجبره علي الصمت وقالت متوسلة :-
, _ خلاص خلاص انا غلطانة إني اتكلمت معاك في حاجة ، ريان لو سمحت مش عايزاك تقول اي حاجة لأن هيتعرف إني أنا اللي اتكلمت وانا مش عايزة مشاكل
, _ دفع ريان يدها بعيداً عنه ودلف للخارج بعد أن أغلق الباب خلفه بعنف وبداخله بركان حتماً سـ يثور في أول شخص يظهر أمامه ،
, _ هبط الادراج سريعا وتوقف في الطابق الذي يقطن به والده ، ود لو يهشم ذلك الباب اللعين من شدة غضبه ، زفر أنفاسه في ضيق وهبط سريعاً قبل أن يقلب تلك البناية رأسا على عقِب ،
, _ وقف أمام حارس العمارة وصاح مندفعاً :-
, _ يا بني آدم انت مش قولتلك الاسانسير ده يتصلح في خلال ٢٤ ساعة بقاله اكتر من يومين عطلان ليه ، كلامي مش بيتسمع ليه عايز أفهم ؟
, _ أبتعد ريان عن الحارس وبحث بعيناه الثاقبتان التي ينبعث منهم الشر وما إن رأي عصي حتي أسرع نحوها ، جذبها بعصبية وتوجه نحو المصعد الكهربي وهو يصيح عالياً :-
, _ أنا هعرفك بعد كده كلامي يتسمع ازاي
, _ وما إن انهي جُملته حتي انهال علي المصعد بكل ما أوتي من قوة ، أفرغ شحنه غضبه علي تلك الجدران الجامدة التي باتت كقطعة خردة ..
, _ ألقي بعصاه أرضاً واقترب من الحارس وصاح هادراً :-
, _ قدامك ساعتين لو متصلحش اعتبر نفسك مرفود
, _ غادر من أمامه وتوجه نحو سيارته الفخمة ، سحب أحد مفاتيحه وفتح بابها ، استقل أمام الطارة وأخذ يزفر أنفاسه محاولاً كبح غضبه الذي مازال يتآكل بداخله وود لو حطم المنزل بمن فيه حتي يتخلص من جميع الأعباء التي تطبق علي صدره ..
, _ حرك سيارته وتوجه بها الي أحد معارضه للاثاث بالقرب من المنطقة الشعبية القاطن بها ..
, ٤٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ استيقظ من نومه بكسل ، تفقد زوجته بجانبه ولكنها لم تكن موجودة ، مط ذراعيه في الهواء شاعراً بتلك البرودة تعصف بخلاياه ، نهض من علي الفراش ودلف خارج الغرفة ، اتسعت حدقتيه بذهول مما يراه أمامه ،
, _ لابد وأنه يحلم ، حتماً يحلم ! أسرع نحوها وغرز اظافره في ذراعها بكل قسوة ليجبرها علي السير خلفه ، ولج داخل غرفته ودفعها أمامه بعنف
, _ صاح بها بنبرة مشتعلة :-
, _ تقدري تفهميني ايه اللي انتي لابساه وواقفة بيه برا ده ؟
, _ مررت بصرها علي جسدها بتفحص ثم هزت رأسها وهي لم تعي شئ مما قاله وأجابته بجمود :-
, _ لابسة قميص
, _ كز علي أسنانه بغضب شديد وأمسك بذراعها وسار نحو المرآة ، أوقفها أمامها ووقف خلفها وصاح بها بنبرة مغتاظة :-
, _ قميص نوم ظاهر جسمك كله ازاي تقفي بيه في نص البيت
, _ سحبت جسدها من بين يديه ونظرت إليه بجمود :-
, _ أل يعني أبوك بيشوف عشان تفرق أنا واقفة بإيه ؟
, _ اشتعل غضبا مما تفوهت به لصيح فيها :-
, _ اتكلمي عدل عن أبويا ، وبعدين نسيتي يحيي ولا ايه ؟
, _ تأففت بضيق وهي تنظر إليه بجرأة وهتفت متذمرة :-
, _ يحيي مش موجود عشان كده خرجت عادي
, _ اقتربت منه والغضب مرسوم علي تقاسيمها :-
, _ وبعدين لو انت غيران عليا اوي كده روح كلم أخوك علي الشقة اللي في اخر دور وانا أقعد فيها براحتي ومحدش يقولي انتي لابسة كده ليه ، ولا مش قادر تتشطر غير عليا أنا وبس يا.. يا هاني بيه
, ( هاني ماهر العراقي ، الإبن البكري والاخ الأكبر لريان ، يبلغ من العمر ثمانية وثلاثون عام ، ذو شخصية ضعيفة وخاصة أمام زوجته ، لا يستطيع رفض لها أي متطلبات سواء كانت تصح أو لا تصح )
, _ أردفتها بسخرية بينما غرز أظافره في ذراعها فأطقلت آنة موجوعة :-
, _ آه سيب ايدي انت بتوجعني
, _ لم يعبأ لها واقترب من أذنها وهمس أمامها بتهديد :-
, _ موضوع الشقة ده تنسيه خالص ومش هكرره تاني يا رنا وصدقيني لو ما اتظبطتي معايا ولا مع أبويا ها٣ نقطة
, ( رنا ياسر الدمنهوري ، أتمت عقدها السادس والعشرون من عمرها ، من عائلة فقيرة منعدمة ، ذات شخصية قوية واستغلالية ، أنهت الشهادة الإعدادية ولم تُكمل لشدة حاجتهم ، تمتلك عود ممشوق للغاية ، بشرتها حليبية وشعرها يصل الي أعلي ركبتيها بقليل ، يميل الي الذهبي الكاتم )
, _ صمت وهو لا يعلم بأي تهديد يحذرها ، فهو ضعيف الشخصية أمامها ولا يوجد لديه القدرة في أن يعارضها في شئ ، ماذا عن التهديد بالتأكيد سيفشل في ذلك أيضاً ، نظرت إليه واطلقت ضحكاتها عالياً ثم وضعت يديها علي صدره مستهزئة من ضعف شخصيته :-
, _ ما تكمل يا بيبي وتقولي ها ايه ؟
, _ نظرت إليه بتشفي وهو لا يستطيع النطق بشئ واحد ، اقتربت منه بشكل مبالغ وتعلقت بعنقه ، تنفست بحرارة بجانب أذنه وهي تعي جيداً ما تفعل به ، أبتسمت بإنتصار عندما شعرت بيه يتأثر بها كما توقعت تماماً ..
, _ همست له بصوتها الناعم :-
, _ لو مكلمتش ريان علي الشقة هكلمه أنا
, _ ابتعدت عنه ورفعت حاجبيها مواصلة حديثها المسترسل :-
, _ صدقني أنا مش هستحمل كتير وهسيبلك البيت وأمشي لو كلامي متنفذش
, _ قطع حديثهما قرع الباب ، تأففت بضيق وهي تنظر للاعلي محدثة نفسها متذمرة :-
, _ مش هنخلص بقا من البومة اللي بتنزل كل يوم دي ، أوف
, _ سحبت روبها الحريري وأرتدته سريعاً وهي تتعمد أن تقابلها بمثل هذا المظهر حتي تثبت لها انها تتحلي بالجمال عنها ، فمن تلك حتي تخطف منها حب عمرها وتغفل وتستيقظ معه علي الوسادة ذاتها ،
, _ شعرت بوخزة في صدرها عندما تخيلتهم معاً ، ليست أحلي منها لكي يختار تلك البدينة ويترك الفاتنة ، لابد وأن بصره ضعيف للغاية ..
, _ ابتسمت دينا لرنا بينما أجبرت رنا شفاها علي الابتسام بتهكم
, _ رددت رنا ساخرة :-
, _ إحنا نطلع لك مفتاح أحسن ما كل شوية اقوم افتح لك يا دودو
, _ شعرت دينا بالخجل الشديد فتوردت وجنتيها بالحُمرة الصريحة ،
, _ قهقهت رنا عالياً ووصلت ساخرة :-
, _ ايه ده أنتي بتتكسفي ، ادخلي ادخلي
, _ ظلت تقهقه ولم تعبأ لنظرات زوجها التي تحثها علي التوقف ،
, _ اقترب هاني من دينا وابتسم بحرج :-
, _ صباح الخير
, _ أجابته دينا بنبرة مقتضبة :-
, _ صباح النور
, _ جلس هاني القرفصاء ليداعب تلك الصغيرة التي يحبها كثيراً :-
, _ جنجون وحشتيني
, _ مدت يدها لتصافحه في براءة قائلة :-
, _ وانت كمان وحثتني يا عمو ، فين الثكولاتة تاعتي
, _ ضحك هاني علي طريقة نُطقها وأردف :-
, _ وانا اللي فكرك بتسلمي عليا ، آه يا بكاشة
, _ اخرج من جيب بنطاله حلوي لتصيح هي في سعادة :-
, _ هيييي عمو جابلي ثكولاتة
, _ عانقها بقوة بعد أن ضمها إليه وهو يشم عبيرها لطلاما أحبها للغاية ، تلك الرائحة البريئة خاصتها تزيد من لهفته في الانجاب ليأتي بمثلها ،
, _ أبتعد عنها وهتف بحزن زائف :-
, _ معلش بقا يا جنجون مضطر أمشي عشان ورايا شغل
, _لم تكترث له فمعها حلواها ولا تريد اي تدخلات تمنعها من الاستمتاع بها ، ضحك كلا من دينا وهاني علي حالتها ثم استأذن هاني للمغادرة ، لكنه توقف علي صوت دينا :-
, _ أنا محضرة فطار لبابا تحب تفطر معاه
, _ تذكر أنه لم يتناول طعام منذ وجبة الغداء من الأمس ، كاد أن يعود بأدراجه ليتناول سريعاً لكن رنا أوقفته بكلماتها اللاذعة :-
, _ هاني مش بيفطر اهتمي بعمي ماهر
, _ شعرت دينا بالخجل ولعنت نفسها أنها تدخلت من الأساس فهي علي علم بتجاهل رنا لحقوق زوجها عليها ، كما تعلم أنه لا يتناول طعامه سوي وجبة الغداء التي تشرع هي في تحضيرها
, _ انصرف هاني بينما اقتربت دينا من ماهر وجلست بجانبه مُشكلة ابتسامة علي ثغرها :-
, _ صباح الخير يا بابا اخبار صحتك ايه النهاردة ؟
, _ أجابها بنبرة راضية :-
, _ صباح النور يا بنتي الحمد لله علي كل حال
, _ تنهدت دينا ثم بدأت في إعداد شطائر لذاك الرجل العجوز ، وضعت في يده إحدي الشطائر التي تعلم جيداً مدي حبه لها ،
, _ ابتسم ماهر بسعادة عندما تذوق تلك العجة التي يحبها كثيرا وقال ممتناً :-
, _ تسلميلي يا بنتي **** يجبر بخاطرك
, _ بادلته دينا أطراف الحديث بإقتضاب وهي تحاول جاهدة أن تتجاهل تلك التي تستعرض نفسها أمامها
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ استيقظت شاعرة بتدفق الدماء الغزيرة في رأسها مسبباً صداع شديد يكاد يفتك برأسها من شدته ،
, _ حاولت النهوض ولكنها تفاجئت بيديها مربطتين بأغلال ، سحبت يديها بقوة محاولة التملص من تلك الاغلال لكن بائت محاولاتها بالفشل ، صرخت بكل ما أوتيت من قوة ، حيث ركضت الممرضة أثر صراخها داخل غرفتها برفقة طبيب
, _ اقتربت منها الممرضة بحرس وقالت محاولة تهدئتها :-
, Calm down, try to relax, screaming won't do you any good
, ( أهدئي ، حاولي الاسترخاء الصراخ لن يفيدك بشئ )
, _ شعرت عنود بإنحشار أنفاسها لعدم تقبلها هذا الوضع ، ولأول مرة كادت أن تتلفظ بألفاظ بذيئة وتقذفهم بها لكنها امتنعت ما إن تفهمت لما هي بهذا الوضع ، أزفرت أنفاسها وحاولت أن تسترخي حتي لا تثير الشك حولها وأردفت بنبرة هادئة :-
, I'm better now I want to see my family believe me I'm in full force I just want to see and embrace them no more
, ( أنا أفضل الأن ، أريد أن أري عائلتي ، صدقوني أنا بكامل قوايا العقيلة لست أتصنع ، فقط اريد رؤيتهم واحتضانهم لا أكثر .. )
, _ أزفرت أنفاسها براحة عندما فكوا تلك الأغلال عنها ، أدركت نواياهم عندما رأت يديها بين قبضتي الاغلال بالتأكيد علموا بوفاة والديها وظن كلا منهما انها ستواجه إنهيار داخلي عند استيقاظها ،
, _ لا يعلموا مدي قوتها وإيمانها ب**** ، سارت بجوار الممرضة التي آخذتها إلي غرفة التبريد الخاصة بالموتي ، شعرت برجفة سرت في جسدها منذ ولوجها لتلك الغرفة ، لا تدري سببها ، هل من شدة البرودة أم توجست خيفة من رؤيتها لوالديها في حالة يرثي لها ..
, _ ترقرقت الدموع من عينيها حزناً علي وضعهم علي تلك الحالة المزرية ، تعلم أن نصيبهم من الموت قد حان لكنها لم تتمني يوماً أن يذهبوا بتلك الصورة القاسية ، لقد تحطمت أعضاء جسدهم بل وهشمت رؤسهم تكاد ملامحهم تظهر أمام عينيها بصعوبة بالغة ، لكن شعورها بالدفئ والأمان التي لطالما شعرت به بجانبهم مسيطر عليها في هذا الوقت ، وذلك كفيل لإثبات هوياتهم
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, عادت إلي منزلها بمعاونة ضابط الشرطة الذي ودعها بآسي بعد أن أنهت مراسم دفن والديها ، ولجت داخل المنزل ، أشعلت الضوء التي لم تشعر به وكأنها لم تضغط علي زر التشغيل ، كأنما كانت تمكث بنورهم ، جرت قدميها بثقل وهي تتفحص المنزل كأنه مختلف تلك المرة ، أين ابتسامة والدتها التي تستقبلها بها ، أين الدفئ التي تشعر به في عناق والدها ، أين الهمهمات الجانبية التي كانت تصغي لها من حين لآخر ، أين الضحكات التي تروي قلبها فرحاً ، وضعت يدها أعلي يسار صدرها وهي تتحسس نبضات قلبها التي شعرت لوهلة بتوقفهم ، تشوشت رؤيتها بسبب تجمع تلك الدموع اللعينة التي تمنعها من رؤية تفاصيل المنزل بوضوح
, _ ولجت بداخل المرحاض وفتحت صنبور المياه الساخنة ولم تنتظر حرارتها المطلوبة وتوضأت بالمياه الباردة التي لم تتحملها يوما ، ماذا حدث الآن ؟ هل فقدت حاستها أم ماذا ؟
, _ دلفت خارج المرحاض وارتدت عباءة فضفاضة ثم شرعت في الصلاة ، ركعت وسجدت ودموعها تنهمر بغزارة ولا تتوقف ، لم تدري كم ركعة أدت ولكنها تعلم أنها لا تريد التوقف قط ، تريد أن تبكي بين يدي **** ربما تهدئ قليلاً ،
, _ بعد مدة طويلة جلست ونظرت للأعلي متحدثة مع ربها :-
, _سامحني يارب لو كنت اتهزيت أنا عارفة اني المفروض أصبر واحتسب عند الصدمة الأولي ، أنا مش معترضة أنا بس متفاجئة ، خايفة مش عارفة هعمل ايه من غيرهم ، عارفة انك معايا علي طول وده اللي مطمني أنا.. أنا..
, _ توقفت عن الحديث بسبب شهقاتها التي ارتفعت ، حاولت السيطرة على بكائها ثم واصلت حديثها :-
, _ أنا مش عارفة أعمل ايه ، دلني يارب علي الطريق اللي همشي فيه ، عشان انا لوحدي هتوه ومش هعرف أمشي
, _ نهضت واستلقت علي الفراش بإهمال ، تكورت على نفسها حتي كادت أن تختفي وهي تحاول جاهدة أن تدخل في نفسها حاضنة ركبتيها وسمحت لدموعها في النزول حتي باتت في سٌبات عميق من شدة الإرهاق ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ وقف ريان في غرفة مكتبه الفخم ذو اللون البني القاتم ، يتوسط الغرفة مكتبه الضخم وأمامه أريكتان من الجلد الأسود ، وخلفه خزانة كبيرة ممتلئة ببعض الكتب والرسومات التي يعتز بهم ، وبجانب تلك الخزانة طاولة رخامية متوسطة يعتليها جهاز كهربائي لصنع القهوة ، وكذلك غلاية كهربائية لصنع الشاي مع بعض الاكواب ، وأمامها مقعدين للجلوس عليهم
, _ كما يوجد صالون من الخشب الزان بجانب باب الخروج ، وقف ريان يرتشف قهوته وهو يحاول جاهداً أن ينسي ما قالته دينا عن تلك الرنا المغرورة
, _ كز علي أسنانه بغضب عندما تذكر محاولاتها معه ، لا يدري أهو يبالغ أم أنها تحاول إغرائه كما يشعر ، قطع شروده دخول شقيقه الأكبر هاني وهو يبتسم :-
, _ ريان ، كنت عايزك في موضوع
, _ ارتشف آخر ماتبقي في فنجان القهوة ثم وضعه علي الطاولة الرخامية وتوجه نحو مكتبه ، جلس علي المقعد ونظر إلي هاني وهو يعلم بأنه سيطالبه بشئ كما اعتاد دوماً
, _ تنهد وأشار له بالجلوس وردد بتهكم :-
, _اقعد الأول انت واقف ليه ؟
, _ جلس هاني وهو يفرك مؤخرة رأسه بتوتر ، لا يدري من أين له أن يبدأ وبأي حق يطالب أخيه بشقته ، لكنه تذكر تهديد رنا له وشعر بخوف شديد ، لا يتحمل بُعدها عنه وعليه أن يفعل ما بوسعه فقط لكي يرضي غرورها ولا تمتنع عنه
 
  • عجبني
التفاعلات: fares1980، محمد محمود ابو عيدان و pop44
٢


جمع شجاعته ونظر إلي ريان الذي كان يطالعه قيد إنتظار طلبه وأردف بحرج :-
, _ ريان أنا عايز اخد الشقة اللي فوق
, _ ألقي بكلماته دون خجل وكأنه يُطالب بحقه وليس بشئ ملك لأخيه ، خجل من نظرات ريان عليه وحمحم في خجل :-
, _ طبعاً بعد أذنك يعني ، أصل رنا مش مرتاحة
, _ تقوس ثغر ريان بإبتسامة ساخرة عندما تأكد من حدسه وردد قائلا بتهكم :-
, _ رنا !
, _ أستنشق هاني أكبر قدر من الأكسجين حتي يواصل ما بدأه لتوه ، يريد ملكية الشقة وحينها سيركض مهرولاً إلي زوجته :-
, _ أكيد يعني أنت عارف أن أي ست بتبقي محتاجة تكون علي راحتها في بيتها تلبس براحتها ، ويحيي موجود وكمان الحج!
, _ رمقه ريان شزراً فتابع هاني حديثه موضحاً :-
, _ عارف إنك مستغرب ، هو آه الحج مش شايفها بس انا بكون مضايق لو شوفتها واقفة قدامه بلبس ااا٣ نقطة
, _ نظر هاني إلي الأرض بحرج بائن ثم رفع رأسه لريان وأردف بتوسل :-
, _ أكيد انت فاهم قصدي ، ها قولت ايه ؟
, _ تعجب ريان كثيراً مما سمعه من أخيه ، ما نوعية تلك الثياب التي يتحدث عنها ، لما يشعر بغرابة في حديثه ، أيعقل أن هناك ثياب غير المعتادة ؟ ثياب مختلفة عن العباءة الفضفاضة التي ترتديها دينا زوجته دوماً حتي في علاقتهم ترفض أن تخلعها ، أثار فضول ريان حول نوع تلك الثياب ، يا تُري كيف تكون ؟
, _ ابتلع ريقه بتوتر بائن وهو يري أخيه لا يعبأ لحديثه ، فكرة الرفض تتردد في عقله ، يتمني بداخله أن يوافق علي طلبه ، لأن رفضه سيكون بمثابة عداء زوجته معه ،
, _ رفع ريان بصره نحو أخيه عندما فشل في تخيل تلك الثياب ، كاد لوهلة يسأله كيف تكون لكنه تراجع في آخر لحظة ، لعن نفسه بأنه كاد أن يقع بلسانه أمام أخيه بشئ من المفترض يكون علي علم به ،
, _ سحب نفساً عميق وهو يفكر جيداً في إجابة صريحة ثم أردف بنبرة صارمة :-
, _ بس الشقة دي بتاعت يحيي يا هاني
, _ تفاجئ هاني من رد أخيه وأردف بإقتضاب :-
, _ يحيي ايه بس يا ريان ، يحيي لسه قدامه كتير جدا ده لسه مكملش العشرين ، أنا أولي بيها منه
, _ اتسعت مقلتي ريان بدهشة وهو لا يدري من أين يأتي بتلك الوقاحة ، أحقاً يطالبه بشئ ملك له ولا يعبأ لحال لأخيه الصغير
, _ تأفف ريان بداخله وأردف لينهي ذلك الحوار سريعاً :-
, _ أنا وعدت يحيي اني هديله الشقة لو نجح في امتحانات الثانويه العامه ، ولما نجح كانت هديتي ليه ومقدرش أرجع فيها تاني ، حاول تتفهم الوضع
, _ شعر هاني بالإهانة الشديدة من أخيه ونهض بعصبية :-
, _ يعني أنت بتبقي حتة العيل ده عليا يا ريان ؟
, _ نهض ريان هو الأخر ورد عليه بنبرة حادة :-
, _ يحيي أخويا زي ما انت اخويا وانا وعدته ومينفعش أخلف بوعدي معاه ، لو مكنتش قولتله كنت إديتك مفتاحها وقولتلك اتفضل
, _ لم يقتنع هاني بحديث أخيه أن تحت مسمي هرائات وغادر مكتبه وهو يتمتم بكلمات لم يفهمها ريان ..
, _ أخذ ريان أحد الدمي الخشبية التي تعتلي مكتبه الخشبي ودفع بها بكل ما أوتي من قوة ، لتقع أسفل قدميه وهو يدلف داخل المكتب ، نظر إلي ريان بغرابة :-
, _ في ايه يابني متعصب كده ليه ؟
, _ نهض ريان وتعابير وجهه لا تبشر بالخير :-
, _ معلش يا خالد جت فيك ، تعالي
, ( خالد سرور ، هو الصديق الوحيد والاقرب لريان ويعمل معه في إدارة المعرض ، يبلغ من العمر أربعة وثلاثون عاماً ، كانَ يدرسَ معاً لكنه أكمل دراسته واجتاز كلية التجارة ، متزوج ولديه ولدين زياد وإياد )
, _ أغلق خالد الباب وانخفض بمستوي جسده ليلتقط حُطَام تلك الدمية الخشبية واقترب من ريان وقد إرتاب من ملامحه الغاضبة ، أعاد الدمية مكانها ووقف بجانبه ينظر إلي حيث ينظر ريان من النافذة وسأله بتوجس :-
, _ هاني برده ؟
, _ أماء رأسه بالإيجاب مؤكداً سؤاله ، ثم نظر إليه بأعين غاضبة تكاد تفتك رأس من يحاول إفساد صفو مزاجه أكثر :-
, _ مش حابب اني اتكلم عنه بالطريقة دي بس انا تعبت ، انت متخيل أنه عايز شقتي ومضايق اني بقوله دي بتاعت يحيي!
, _ هز ريان كتفيه في عدم تصديق ثم أعاد بصره الى صديقه مرة أخري وكأنه تذكر شئ ما :-
, _ هو الست ممكن تعمل ايه للراجل يخليه بمنظر هاني أخويا كده ؟
, _ تعالت ضحكات خالد الذي حاول جاهداً أن يسيطر بشتي الطرق علي قهقهاته التي حتماً ستزيد الطين بلة ، أخذ يزفر أنفاسه وهو يضبط من نبرته التي خرجت مضطربة :-
, _ آسف في اللي هقوله ، بس اخوك مش راجل ، هو السبب أنها تمشي كلمتها عليه ، مش معني كده اني قصدي أن الست ميكنش ليها رأي ولا احترام بس بالعقل ، تقول رأيها ويتنفذ طلاما صح ومش هيصغرني قدام حد او حتي نفسي ، الحريم بحالات يا صاحبي ولو مشينا بدماغهم دي هنروح في داهية
, _ نجح خالد في إضحاك ريان الذي تأفف بضجر ثم عاد لمكتبه ونظر لصديقه مستفسراً :-
, _ كنت جاي ليه ؟
, _ جلس خالد أمامه ووضع بعض الأوراق :- الأوراق دي عايزة تتمضي عشان توريد الخشب للورش يتنقل كمان ساعة
, _ سحب ريان الأوراق ووضع عليها إمضته سريعاً وأردف بحنق :-
, _ يابني مش عارف انت رافض موضوع التوكيل ده ليه ، شيل معايا يا خالد الشيلة تقيلة اوي عليا وبالتوكيل ده هتخلص كل حاجة بنفسك ومش هضطر ترجعي لي في كل حاجة
, _ اؤمأ رأسه في رفض تام ، ثم سحب الأوراق من أمام ريان ونهض :-
, _ لا ياعم انا مليش دعوه كده أحسن ، مملكتك وانت حر فيها
, _ عقد ريان ما بين حاجبيه في تعجب شديد تسائل بتهكم :-
, _ وانا وانت ايه مش واحد برده ؟ ولا واحد في حاجات آه وحاجات لأ ؟ ثم إني بثق فيك اكتر من نفسي يعني أأمن علي مملكتي اللي بتقول عليها دي معاك انت
, _ تنهد خالد بسعادة لكنه أبي أن يخضع لطلب صديقه أسفل تأثيره الساحر في الحديث ، توجه نحو الباب ثم استدار إلي ريان قبل أن يدلف للخارج :-
, _ أنا وأنت واحد في تمن عشواية ، في خروجة لكن مجهودك ده تعب سنين انت شقيتها مينفعش أخد أنا كده علي الجاهز ، وبعدين ياعم انا مبسوط كده
, _ غمز خالد بإحدي عيناه له وأردف بتريث :-
, _ سلام يا معلم
, _ أغلق الباب خلفه ليتنهد ريان وهو يبتسم ، عاد لمكتبه وسحب هاتفه ليهاتف أحدهم ، بعد ثواني قليلة من الإنتظار ، أجابته بصوتها الناعم كما اعتاد عليه :-
, _ صباح الخير يا رينو
, _ ابتسم ورد عليها بحدة زائفة :-
, _ المعلم ريان عيب يتقاله رينو !
, _ تعالت قهقهاتها عالياً وأجابته بدلال :-
, _ لأ معلم ده للعمال اللي عندك إنما أنا أقول رينو براحتي
, _ أجابها وهو مازال يضحك علي ردودها التي تتغلب بها عليه دائما :-
, _ طيب متتأخريش بكرة يا هاجر لحسن اجي اجيبك من شعرك
, ( هاجر شقيقته الأصغر ، تبلغ من العمر خمسة وعشرون عاماً ، تبلغ من الجمال مقدار كبير ، رقيقة وذو قلب طيب ، ودودة والإبتسامة لا تفارق وجهها ، تعشق المزاح وتعطي للحياة طعم مختلف ، متزوجة ولديها *** رضيع يبلغ تسعة أشهر ، قصيرة القامة وممتلئة بعض الشئ ، اجتازت معهد الحاسب الآلي )
, _ أبتسمت ثم تنهدت بحرارة وأردفت بحرج بائن :-
, _ يابني كفاية عليك اللي بتعمله انت مش ملزوم بالعزومة الأسبوعية دي يا ريان كفاية عليك بابا ويحيي و..
, _ صمتت لبرهة ثم لوت شفتيها بتزمجر وتابعت مضيفة :-
, _ وهاني ومراته
, _ قاطعها ريان بنبرة متهمكة :-
, _ ملكيش انتي فيه ، المهم عايزة حاجة معينة علي الغدا ؟
, _ اؤمات رأسها بنفي ثم قطبت جبينها علي ما فعلته كأنه أمامها وأجابته بحرج :-
, _ لا يا حبيبي كله حلو منك ومن دينا ، أنا مش عارفة اشكرك إزاي يا ريان علي كل اللي بتعمله معايا ومع علي
, _ أجابها مسرعاً وكأنه لا يعي ما تقول :-
, _ بعمل ايه يا عبيطة انتي ، انتي بنتي قبل ما تكوني أختي وعلي غالي عندي **** يبارك فيكم ، ويلا بقا عشان ورايا شغل كتير
, _ تعالت ضحكاتها ثم أجابته مختصرة حديثها :-
, _ ماشي يا حبيبي في رعاية ****
, _ توقفت عن الإغلاق عندما سمعت نداءه وقالت بإهتمام :-
, _ نعم ؟
, _ أردف مؤكداً بإهتمام :-
, _ متتأخريش
, _ أبتسمت واجابته بحب :-
, _ حاضر
, _ أغلق الخط وعاد لعمله الذي الذي حاول قدر المستطاع أن يشغل وقته به حتي ينسي تماماً حواره الأخير مع أخيه ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ فتحت عيناها ببطئ شديد وهي تشعر بألم يعتلي عينيها البندقيتين ، فركتهم لتزداد تلك الحرارة المنبعثة منهم بشدة ، نهضت وآنت بألم في جسدها ، وضعت إحدي يديها خلف ظهرها والاخري علي عيناها ، ما هذا الألم التي لم تشعر بمقدار ذرة منه من قبل ، عاندت جسدها ونهضت بصعوبة بالغة وجرت قدميها بثقل حتي اقتربت من المرآة ،
, _ شهقت بصدمة وهي تري تورم شديد أسفل عينيها ، وضعت يديها عليهم بـ ألم ، تود أن تفتك بيهم من شدة الالم الذي تشعر به ، آنت بصدمة أكبر عندما رأت تلك العلامات الزرقاء تنتشر في ذراعها ، رفعت ثيابها لتشهق بصدمة جلية عندما رأت جسدها بهذا المنظر المقزز ، ما سبب تلك العلامات ، لم تراهم من قبل ، لما الأن ؟ لما في هذا الوقت العصيب ، لكي تزيد من آلامها أضعافاً مضاعفة ؟!
, _ ابتعدت عن المرآة سريعاً حتي لا تتقابل مع تلك العلامات مرة أخري ، لابد من حل سريع لهم ، نعم ستذهب إلي والدتها حتماً هي من ستدوايها ،
, _ دلفت خارج الغرفة سريعاً منادية علي والدتها :-
, _ ماما ، ماما
, _ توقفت من تلقاء نفسها عندما تذكرت فراقهم ، بدأ صدرها يعلو ويهبط بطريقة مضطربة ، انسدلت دموعها علي مقلتيها حزناً علي فراقهم ، توجهت إلي مكتب والدها وجلست علي مقعده ، وظلت تتحسس الأشياء التي ترك لمساته عليها ، فتحت الادراج ووقعت عينيها علي مغلفاً ورقي مطوي باللون الابيض ، لم تكترث له لكن لفت أنتباها ذلك الإسم التي تعهده جيدا ( عنود )
, _ أمسكت به ونهضت من مكانها وتوجهت الي الأريكة التي تتوسط غرفة المكتب وجلست عليها ، ازدردت وهي لا تدري ما الذي يؤخرها عن فتحه ، أخذت نفساً عميق ثم شرعت في فتحه وما إن قرأت كلماته التي لامست فيها حنانه حتي انهمرت في البكاء
, ( عنود ، لو قرأتي كلامي ده هكون وقتها مفارق الحياة ، أنا عارف إنك قوية ومؤمنة بربنا وقدره ، أنا كتبت الجواب ده لاني حلمت حلم غريب جدا ، وصحيت منه علي أذان الفجر واتاكدت إنها رؤية مش مجرد حلم عادي ، والأهم من كده إني لما حكيت لوالدتك اتفاجئت بيها بتحكي نفس الحلم اللي حلمته ، أياً كان الوقت اللي بتقرأي في الجواب ده حاولي تتماسكي وتكوني سند لنفسك ، وثقي في **** إنه ديما كاتب لك الأحسن ، اصبري ومتمليش من نص الطريق ، كملي وعافري واوصلي لحلمك ، وخليكي ديما صعبة المنال زي أسمك ، مش هقولك أكتر من كده لأنك ناضجة كفاية وذكية ومش محتاجة نصايح ، أنا كل اللي عايزه منك إنك تنزلي مصر بلدي تعيشي وسط أهلي اللي أنا سيبتهم زمان وعشت مع والدتك ، أكيد مش هيفرطوا فيكي مهما كان بينا خلاف ، في الآخر انتي من دمهم ولو هما لسه زي ما انا عارفهم هيحموكي وهيخافوا عليكي ، عنود متقعديش لحظة في البلد دي لوحدك ، انتي مش شبهم ارجعي لأصلك وأصلي يابنتي ، واخر حاجة عايز أقولها لك اني بعت البيت واخدت مهلة شهر كامل من المشتري يسيبك براحتك فيه علي لما تمشي ، بحبك اوي ، دُمتِ سالمة )
, _ كفكفت عبراتها التي انسدلت كالشلال من عينيها ، ثم احتضنت المغلف الورقي ، انتبهت لطرف ورقة أخري خلف الورقة الأولي ، سحبتها برفق لتقرأ ما بها ، كانت بعض العناوين لعائلة والدها ، وأسمائهم مع بعض الصور لهم ،
, _ ابتسمت بتهكم عندما رأت لأول مرة صور لعائلتها لطلاما تمنت رؤيتهم سابقاً لكن رفض والدها المتكرر أجبرها علي الصمت وعدم المطالبة بمعرفتهم ..
, _ ابتسمت بسعادة وقد تغلغل الحماس الي جوفها ونهضت مسرعة لتحضر ثيابها وجميع أشيائها التي ستحتاجها عند عودتها لبلدة والدها العزيز ،
, _ أخذت تحضر ثيابها وكل ما يخصها وبعض الاشياء الخاصة بوالدايها ، حتي ذلك المال الذي أخبرها والدها عنه ، لملمت جميع مستلزمات سفرها وانتهت سريعاً ..
, _ سحبت الهاتف لتحجز لها تذكرة طيران في أسرع فرصة حتي تغادر تلك البلدة اللي بدت غريبة عنها منذ فراق والديها ، لم تعد تحتمل المكوث فيها أكثر من ذلك ، فلقد شعرت لتوها بالحنين لعائلة والدها وازداد شوقها وشغفها لرؤيتهم ، ربما تنعم بدفئهم ويكونا لها العوض بعد فراق والديها ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ عاد لمنزله مطأطأ الرأس ، حتماً ستهد المعبد علي رأسه ما إن يخبرها برفض أخيه لتملكه شقته ، أغلق الباب خلفه بهدوء وتوقف عندما سمع صوت والده الجهوري :-
, _ انت جيت يا هاني ؟
, _ ابتلع ريقه واقترب منه وسأله بإقتضاب :-
, _ أيوة يا حج عايز حاجة ؟
, _ أماء ماهر رأسه وأشار إليه بالجلوس وما إن جلس هاني حتي شرع ماهر في التحدث عما يريد إخباره به :-
, _ انت عايز الشقة اللي فوق ؟
, _ اتسعت مقلتي هاني ليسرع في الاجابه عليه بذهول :-
, _ انت عرفت منين ، رنا قال٣ نقطة
, _ قاطعه ماهر ثم تابع هو حديثه :-
, _ رنا مقالتش حاجة ، صوتكم كان عالي الصبح ،
, _ شعر هاني بالحرج الشديد حيال والده ، ولعن ذاك الحوار الصباحي الذي بدي فيه كالأبله أمام والده ، أزفر أنفاسه في ضيق ، استشف والده ضيقه ثم وضع ماهر راحتي يده علي فخذي هاني وابتسم :-
, _ أنا هكلم لك أخوك يديك الشقة
, _ اتسعت عيناه بدهشة وبدي كالطفل الضائع الذي وجد مآواه وردد بعدم تصديق :-
, _ بجد يا حج هتكلمه ؟
, _ صمت قليلاً وتذكر أخيه الصغير وراوده شعور من الضيق مرة أخري ، ازدرد ريقه وتابع حديثه بنبرة تعكس حماسه منذ قليل :-
, _ بس ، بس هو قالي أنها هدية يحيي
, _ رد عليه ماهر بتهكم وهو يربط علي فخذه بحنو أبوي :-
, _ سيب الموضوع عليا ، أخوك مش بيرفض لي طلب
, _ شكره هاني بإمتنان ثم نهض وولج داخل غرفته في حماس وسعادة ، رمقته رنا بغرابة لتلك الحالة البادية عليه ، رفعت أحد حاجبيها بتعجب وسألته بنبرتها التي تشع منها الأنوثة البالغة :-
, _ مالك بتضحك كده ليه ؟
, _ اقترب منها ولازال يبتسم ، جلس بجانبها يتلمس قدمها ذو القوام الرشيق ، رفع عيناه عليها ونظر لتلك الخضرواتين كغصن الزيتون وهو يقترب أكثر من شفتاها الورديتان التي يعشقهم كثيراً تكلم أمامهم برغبة :-
, _ الحج هيكلم ريان علي الشقة وانتي عارفة أن ريان مش بيرفض للحج طلب ، يعني اعتبريها شقتنا خلاص
, _ إلتمعت خضرواتاها بسعادة بالغة ، فها قد حان الوقت لتمتلك أقل حقوقها كزوجة لرجل يكبرها بـ عشرة أعوام ، لم تشعر ولو بذرة من السعادة معه ، فلقد دق قلبها لرجل واحد ولا تريد غيره ، فعلت الكثير بدهائها المفرط حتي تجذبه إليهاا لكنه لم يظهر عليه ولو لمرة واحدة أنه يتأثر بكل التصرفات التي يخضع لها أي رجل ، لما لا يراها ويري تلك الدينا البغيضة ذات الجسد
, السمين والشعر المجعد ، فلا أصل للمقارنة بينهم ، فهي تمتلك جسد ممشوق تجعل الحجر يلين ، خُصلات شعرها الدهبية تفقد عقل اي رجل ، شفاها الوردية التي تجبر كل من يراها أن ينظر إليهم ببلاهة ويتمني أن يقترب منهم ، من تلك المرأة التي يعطيها ولاءه الكامل ولا ينظر لغيرها ، ولكن لا لن تستسلم بتلك السرعة ، لابد وأن تجد طريقة ما للوصول إليه فلا يمكن أن يكون هناك رجل بتلك المثالية ، حتماً له ثغرات ستعرفها وتلعب علي أوتارها ..
, _ تقوس ثغرها بإبتسامة لدهائها التي تميزت به ، ولكن سرعان ما تحولت تلك الابتسامة الي تقزز من ذلك الرجل الذي يتلمس جسدها بجرأة
, _ حاولت الصمود قدر الإمكان حتي لا تتقئ بسبب قربه لها بهذا الشكل ، أجبرت جسدها علي التأقلم معه كما تفعل دائماً ، فتلك الطريقة التي تجيدها لتحصل علي أي شئ تريده منه ..
, _ بعد مدة من الوقت ، نظرت إليه بتقزز شديد وهي تنظر لشعيرات صدره الفحمية التي تمتزج بها بعض الخصلات البيضاء ، نهضت من جانبه مسرعة وولجت داخل الحمام ، وقفت في منتصف المغطس الرخامي أسفل قطرات المياه الباردة ،
, _ اخذت تفرك جسدها بعصبية ربما تمحي أثار لمساته عليها ، أغلقت صنبور المياه وتوجهت الي الخارج بعد أن حاوطت جسدها بالمنشفة القطنية ،
, _ جلست أمام المرآة وهي تجفف شعرها بالمجفف الكهربي ، وما إن انتهت من تجفيف شعرها حتي استمعت لصوت أبواق سيارة ريان ،
, _ تهللت أساريرها في سعادة ونهضت مسرعة ، ارتدت روبها الحريري طويل القامة وسحبت **** رأسها ودلفت الي الخارج وهي تسرع من خطاها ، أدارت مقبض الباب وتصنعت أنها تنادي علي زوجها :-
, _ هاااني انت جيت
, _ تصنعت الحرج عندما رأته وقلبها يطرب فرحاً لرؤيته ، ابتلعت ريقها وتصنعت البراءة :-
, _ ريان ، كنت فكراك هاني ، أخبارك ايه ؟
, _ تعمدت ترك **** رأسها ينسدل من عليها حتي وقع أرضاً ، نظرت إليه بخضرواتها وهي تتمني أن ينخفض بجسده معها لتتقابلا أعينهم سوياً ، لكن لم تهتز له خصلة وبات جامداً أمامها ،
, _ انحنت هي بجسدها لتلقف حجابها ، أراحت من عقدة روبها قليلاً ، وما إن عادت لوقفتها تفاجئت به قد غادرها وأكمل صعوده للأعلي ،
, _ كزت علي أسنانها بغضب وولجت للداخل وهي تتأفف ، دفعت الباب بعصبية وعادت لغرفتها مرة أخري متوعدة له :-
, _ ماشي يا ريان إن مجبتك راكع تحت رجلي مكنش رنا الدمنهوري ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, أغلق باب غرفته وهو مندهشا مما رآه ، هل ما رآه صحيحاً أم أنه يبالغ ، جلس علي طرف الفراش وهو يعيد ما رآه قبل قليل و أردف بذهول شديد :-
, _ رنا بتسأل ريان عن هاني اللي هو في الاوضة أصلا ، ووقعت طرحتها قدامه ، ريان سابها ومشي وهي اتعصبت وقفلت الروب بتاعها اللي معرفش اتفتح امتي ؟
, _ هز راسه في إنكار تام مما رآه وقال بعدم تصديق :-
, _ لا لا أكيد أنت فاهم غلط يا يحيي ، أحسن حاجة انام وأبطل تفكير ، اللهم اخزيك يا شيطان
, _ استلقي بجسده علي فراشه وهو يحاول أن يقنع عقله أن ما رآه ليس إلا صدفة وما شعر به ليس إلا من محض خياله الباطني ،
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ فتح الباب بأحد مفاتيحه ثم ولج للداخل حاملاً العديد من الحقائب البلاستيكية ، وضعهم علي الطاولة الرخامية بمنتصف المطبخ ودلف يبحث عن زوجته التي لم يلمح طيفها منذ دخوله ، لم تكن بغرفتهم ، إذا أين ذهبت ؟!
, _ سمع بعض الهمهمات تأتي من غرفة صغيرته ، توجه نحوها ونظر بسودتاه داخل الغرفة ، رآها جالسة علي الفراش تُتمتم ببعض الآيات لصغيرتها المستكينة بين أحضنها حتي غفت بين ذراعيها ،
, _ ابتسمت دينا حينما رأته يراقبها في صمت ، ثم وضعت صغيرتها برفق أعلي الفراش ودثرتها ب الغطاء ومن ثم توجهت إلي الخارج بخطوات هادئة حتي لا تقلق تلك الصغيرة التي غفت بصعوبة ..
, _ استقبلته بإبتسامتها المشرقة ورحبت به بود :-
, _ حمد لله على سلامتك يا حبيبي ، جعان هتاكل ؟
, _ أماء لها ريان بالايجاب وأردف وهو يولج لغرفته :-
, _ هاخد دوش سريع علي لما تكوني حضرتي الاكل ..
, _ أخذ ثيابه وولج داخل حمام غرفته واستحم سريعاً كما أخبرها ثم خرج وارتدي ثياب منزلية مريحة ، دلف للخارج علي تلك الرائحة الشهية التي طالبت بها معدته ،
, _ جلس علي مقعده الخاص ومن ثم جلست دينا بجانبه وشرعٓ كليهما في الأكل ، تنهدت دينا ثم نظرت إلي ريان وتحدثت بنبرة متريثة :-
, _ ريان عايزة اقولك حاجة
, _ التفت اليها لتتابع هي حديثها بعد أن تركت معلقتها :-
, _ عم جلال اتوسط لي عندك ، انت بهدلت الاسانسير خالص وأكيد عارف ان تصليحه مش هياخد أقل من أربع خمس أيام ، وهو خايف منك لانك هددته أنك هتطرده لو متصلحش في خلال ساعتين
, _ تنهد بضيق وأجابها بإقتضاب :-
, _ أنا كنت مضايق وقولت اي كلمتين وقتها ، بكرة هتكلم معاه
, _ابتسمت دينا وربتت علي يديه بحب ، ووصلٰ تناولهم للطعام في صمت ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ وصلت إلي المطار قيد إنتظار الإقلاع عن طيارتها التي ستحلق بعد ساعتين من الآن ..
, _ جلست في صالة الإنتظار بعد أن أنهت جميع إجراءات سفرها ، نظرت لتلك الصورة الفوتوغرافية التي تجمع بين ثلاثتهما تحسستها بأناملها وضمتها لأحضانها وانسدلت دموعها حزناً علي ما حدث لهم
, _فأي عوض سيعوضها عن كليهما ، أين لها أن تتقابل مع أمان قلبها وطمئنته بعد فراقهم ، تنهدت بحرارة زدات من لهيب شوقها بعودتها لتلك البلدة لطلاما تمنت زيارتها ولو لمرة واحدة فقط ..
, _ اختفت بندقيتاها بين جفنيها التي أغلقتهم لترسم بعض المواقف الحارة من في عقلها عند لقاء عائلة والدها للمرة الأولى ، قد ازدادت التساؤلات في رأسها ، هل لديهم علم بوجودها ؟ هل سيتقبلونها أم أن لهم رأي آخر ، هل ستُعٓاقب بذنب أبيها الذي اقترفه في الماضي ، كثير وكثير من التساؤلات التي راودتها في تلك اللحظة ..
, _ بعد مدة انتبهت لذاك الصوت الذي يحث المسافرين إلي مِصر بالاستعداد فالطائرة سوف تقلع بعد ثلاثون دقيقة ، نهضت وسحبت حقائبها خلفها ، وسارت إلي ساحة المطار حيث الطائرة ،
, _ صعدت أدراجها ووقفت أعلي الدرج تنظر النظرة الأخيرة لتلك البلدة التي ولدت وترعرعت في كنفها ، شعرت بغصة في حلقها كيف لها وأن تفارقها بكل ذكرياتها الجميلة مع عائلتها ، لوهلة كانت ستتراجع لا تستطيع الابتعاد عنها كما فعلا والداها ، لا لن تغادر ، انتبهت لصوت رخيم خلفها ، نظرت إليه واذا به مضيف الطائرة
, _ We want to close the door, please ( نريد إغلاق الباب من فضلك )
, _ أردف بها بإبتسامة عملية بينما توجهت هي الي الداخل وبداخلها صراع بين التراجع والعودة لبلدة أبيها ، تذكرت وصية والدها لها بأن تغادر البلدة ما إن تقرأ جوابه ، تنفست الصعداء وهي تجلس علي مقعدها ، وغاصت بين أفكارها حتي باتت في ثُبات عميق ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, أشرق نهار جديد يحمل المزيد من الأقدار والمفاجأت للجميع ، استيقظ من نومه وكعادتها لم تكن بجانبه ، أزفر أنفاسه بضيق وهو يتخيل جسدها الذي يعشق تفاصيله يمكن لأخيه الصغير أن يراه بسبب قلة وعييها ،
, _ نهض مسرعاً ودلف للخارج وهو يبحث بعيناه عليها ، تفاجئ بها واقفة أمام الباب ، سألها بغرابة :-
, _ رنا انتي واقفة بتعملي ايه عندك ؟
, _ ذعرت من صوته وأغلقت الباب سريعاً ونظرت إليه في رعب ، كاد آمرها أن يُكشف ، سحبت زفيرأ عميقاً ثم سارت نحوه بدلال ، تعلقت بعنقه وأجبرت شفاها الورديتان علي الابتسام حتي تنجح فيما تفعله بينما حاوط هو خصرها بيديه الغليظة قائلاً :-
, _ حد يشوفنا يا رينو ، تعالي في الاوضة
, _ وما أن أنهي جملته حتي حملها ودخل بها مسرعاً لغرفتهم ، انخفض بها علي الفراش لتلعن رنا نفسها فهي قد جنت علي نفسها ، حتي تتخلص من سؤاله تورطت في ورطة أكبر ، حاولت مسايرته كما تفعل في العادة لكن أبي جسدها هذه المرة أن يتحمل ما يفعله ، دفعته عنها بكل قوتها ، رمقها هاني بدهشة وأردف متسائلاً :-
, _ في ايه يا رنا ، أنا عملت ايه ؟
, _ بدأ صدرها في الهبوط والصعود وهي تحاول جاهدة ألا تجهش في بكائها ، لكن لم تتحمل أكثر من ذلك فليحدث ما يحدث ٣ نقطة
, _ نهضت ووقفت أمامه وحاولت أن ترتدي وجه القوة :-
, _ أنا عندي اللي يمنعك تقربلي وصدقني مش قادرة ولا طايقة نفسي فحاول تتجنبني اليومين تلاتة دول
, _ عقد هاني حاجبيه وسألها بفضول :-
, _ هي بتجيلك كام مرة في الشهر ؟ أنا علي حد علمي بتيجي مرة واحدة إشمعنا انتي بتجيلك بالاربع خمس مرات في الشهر ؟
, _ ابتلعت ريقها بتوجس وأجابته بتلعثم :-
, أنا ، انت ، آه انت تعرف منين يعني, قصدي يعني أنا ست وعارفة أكتر منك وآه بتيجي كتير ، بعد اذنك
, _ تركته واقف حائراً من تصرفاتها ودلفت للخارج مسرعة ، توجهت إلي الباب وأدارت مقبضه في إنتظار هبوط من سكن قلبها وشغل فؤادها ولم تتقبل رجل غيره إلي الآن ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ خرج ريان من غرفته بعد أن ارتدي كامل ثيابه ، ونادي بصوته الرخيم علي فتاتانه :-
, _ دينا ، جني ، خلصتوا عشان ننزل هاجر علي وصول
, _ دلفت دينا من غرفة جني لتتبعها صغيرتها وهي تهلل عالياً بتذمر ، تأففت دينا بضيق من تلك الصغيرة التي لم تصمت منذ استيقاظها ثم نظرت لريان :-
, _ جهزنا يا حبيبي
, _ اقتربت دينا من الباب بينما اقترب ريان من صغيرته وانخفض بجسده ليكون بمستوي قامتها القصيرة ، أعاد خصلات شعرها الشاردة خلف أذنها وعقد حاجبيه في تعجب :-
, _ حبيبة قلب بابا مالها ؟
, _ اقتربت منهم دينا وردت عليه بعفوية :-
, _ عايزة سل..
, _ توقفت دينا عن الحديث عندما أشار لها ريان بسودتان محذراً ، كرر سؤاله لصغيرته مرة أخري ، أجابته هي بنبرة طفولية :-
, _ حايزة ، أروح عند سليم يا بابا
, _ نهض ريان ومد لها يده في براءة :-
, _ بس كده ، يلا بينا يا أميرتي
, _ توجه نحو الباب ونظر الي حيث تقف دينا :-
, _ واقفة عندك ليه ؟
, _ عقدت ذراعيها في بعضهما ورفعت إحدي حاجبيها ليضحك هو بتهكم علي تصرفها الطفولي ونظر لجني :-
, _ في ناس غيرانة بشكل
, _ توجه نحوها وأمسك بيدها :-
, _ ممم نقدر ننزل الوقتي ولا لسه في حاجة عايزين تعملوها ؟
, _ أجابتاه في نفس واحد :-
, _ ننزل ..
, _ هبطَ الي الطابق القانط به والده ، تقابل مع شقيقته وزوجها ، رحب كلاً من الطرفين بود وحفاوة شديدة ، اقتربت جني من هاجر و أخذت تشد في طرف ثوبها بطفولة :-
, _ عمتو حايزة أسوف سليم
, _ ضحكت هاجر وانخفضت بجسدها لمستوي تلك الصغيرة وقربت منها رضيعها :-
, _ سليم اهو يا جنجون عايزة نونو يا حبيبتي قولي لماما تجيبلك واحد زيه
, _ رفعت دينا حاجبيها في استنكار :-
, _ بدخليني في الموضوع ليه بس يا هاجر أنا كده كويسة اوي ولا ايه رأيك يا ريان ؟
, _ لم يعيرها ريان إهتمام ونظر الي علي زوج شقيقته :-
, _ تعالي يا علي نفطر عشان نروح علي أشغالنا مش ناقصين تفاهة حريم علي الصبح،
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
٣


تعالت ضحكات علي واقترب من ريان هامساً بمزاح :-
, _ **** ينور عليك يا ريان أصل بقولها أنها تافهة مش مصدقة
, _ اقتربت هاجر من زوجها ولكزته في كتفه بقوة :-
, _ بقا كده يا علي ماشي ، لينا بيت يلمنا
, _ شعرت دينا بالحرج من أسلوب ريان الفظ معها أمام هاجر وزوجها وبدت منزعجة بعض الشئ لعدم اكتراثه لمظهرها أمام الجميع ،
, _ فتحت الباب بغيظ عارم عندما رأت تجمعهم حول ريان ، فهي كانت تريد استقباله بمفردها لكن لم يشئ القدر تلك المرة ، مهلاً عزيزي سنتذوق من العشق نفسه عاجلاً ، شكلت ابتسامة علي ثغرها ومن ثم رحبت بهم بحفاوة :-
, _ البيت نور يا هجورة ، أزيك يا علي
, _ ابتسمت هاجر وأجابتها بود :-
, _ منور بأهله يا رينو
, _ بينما أجابها علي بإقتضاب فهي لما تروق له لطلاما حاولت إثارة الجدل نحوها دوماً بتصرفاتها البلهاء :-
, _ الحمد لله
, _ ولج الجميع الي الداخل وتعمدت رنا التباطئ حتي تسير بجانب ريان ، كاد ريان أن يغلق الباب عند ولوج الجميع الي الداخل ولكنه تفاجئ بتلك اليد الموضوعة عليه لتغلق الباب بدلاً عنه أو معه لا يدري ،
, _ سحب يده مسرعاً بعد أن رمقها بنظرات مشتعلة وولج للداخل ، حاولت رنا السيطرة علي نبضات قلبها التي ازدادت عن معدلها الطبيعي بسبب لمسته الخشنة لطلاما تمنت الشعور بمذاقها المختلف منذ زمن ..
, _ اجتمع الجميع حول مائدة الطعام بعد أن شرعت كلاً من هاجر ودينا في إعداد الفطور ، ترأس الطاولة ماهر وبجانبه رنا وهاني وعلي ، بينما جلس ريان مقابل والده وبجانبه دينا وهاجر ويحيي بالجهة المقابلة لهم ..
, _ تبادلا الجميع أطراف الحديث أثناء تناولهم للطعام وما إن انتهوا حتي نادي ماهر بصوت جهوري علي ريان ،
, _ ولج لداخل غرفته حتي يتحدث معه بخصوصية ، جلس ماهر علي الفراش وأشار لريان بالجلوس أمامه ، ثم بدأ في الحديث مباشرة :-
, _ ريان يابني عايز اكلمك بخصوص الشقة اخوك محتاجها و٣ نقطة
, _ قاطعه ريان بنبرة حادة وانعكست تعابير وجهه الي الغضب وتحدث بنبرة صارمة :-
, _ لو سمحت يا حج مش قصدي اقاطع حضرتك ، بس الموضوع مفروغ منه ، الشقة دي أنا وعدت يحيي بيها مينفعش اخلف بوعدي معاه ، عمري ما خلفت وعدي مع حد عشان اخلفه مع أخويا ، وبعدين انا مش مقصر مع هاني شغل ومشغله معايا وبيقبض أضعاف مضاعفة مقارنة بالعمال اللي زيه ويمكن هما بيشتغلوا عنه كمان ، غلطاته كتيرة أوي في الشغل وبيسببلي خسارة كبيرة وبعدين وبينزل ويطلع علي كيفه ومش مهتم أصلا لشغله ولا خايف علي مصلحتي ، وبعدي كل ده وعمري ما ظهرتله اني مضايق أصلا ، رغم أن واحد غيره بيقبض المرتب اللي بياخده ده كان عاش ملك بجزء منه وجزء حوشه لحد ما يجمع تمن شقة تلمه هو ومراته ، بلاش كل ده هاني لو كان حسسني لمرة أنه خايف علي مصلحتي وعايز يجتهد عشان يكبر ومقدرش وجه طلب مساعدتي مكنتش اترددت لحظة إني أشتريله عمارة كاملة مش حتة شقة لا راحت ولا جت بس انا مبشوفش منه غير استغلال وبس أنا آسف في اللي هقوله بس انا بحسه طمعان فيا وعايز ياخد من غير مقابل ، والشقة دي بالذات مينفعش ياخدها أنا وعدت وعمري ما هخلف بوعدي ، ياخد تمنها ويروح يدورله علي شقة برة أو يبني فوق المهم دي بالذات لأ ، أنا لا يمكن ازعل يحيي علي حساب واحد اناني ومش بيفكر غير في نفسه ،
, _ ضحك ريان بتهكم وتابع مضيفاً :-
, _حتي دي أشك فيها ، هو بيعمل اللي يريح الهانم ..
, _ نهض ريان بعصبية وأبي أن يصغي أكثر من ذلك لتلك الهراءات وأنهي الحوار بدلوفه خارج الغرفة ،
, _ أنتبه له الجميع وقد لاحظوا تعابير وجهه التي لاتبشر الخير ، نهضت دينا خلفه ونادت عليه لكنه لم يتوقف وطرق الباب خلفه بعنف ، أسرع يحيي خلفه وأشار لدينا بعيناه :-
, _ متقلقيش أنا معاه
, _ أجبرت دينا شفاها علي الابتسام ممتنة له ، ثم عادت لمكانها مرة أخري ، تفاجئت بعيناي تلك البغيضة تراقبانها وهي تبتسم بتشفي لعدم اكتراث ريان لندائتها ،
, _ نهضت رنا وتمايلت بدلال واقتربت من زوجها التي كاد يغادر المنزل ، وضعت يديها علي صدره وأردفت بميوعة :-
, _ مع السلامة يا روحي
, _ عقد هاني ما بين حاجبيه بغرابة لما تفعله تلك الفتاة به ، لم يعد يستطيع فهمها بشتي الطرق ، منذ قليل كانت تطالبه بتجنبها والآن هي من تأتي وتتدلل عليه والآحر من ذلك ميوعتها في الحديث معه ، وكأن جسده يلبي نداءتها له ، وتمني لو يحملها ويولج بها الي غرفتهم حيث يشبع من بتلك الفتاة التي أذابت قلبه وسلبت منه عقله وبات يهوي فارغاً إلا منها ..
, _ ابتعدت سريعاً عنه قبل أن تؤثر عليه أكثر فهي تعلم جيدا ماذا تفعل به كلماتها ولمساتها ، اقترب هاني منها وانحني ليقبلها في وجنتيها بسعادة ، الفتت برأسها لتنظر إلي دينا مُشكلة بسمة خبيثة وكأنها تريها الفارق الكبير بين العلاقتين التي ودت دائماً علي أن تحصل بمثل معاملة ريان الجافة لكن طلاما معه هو وليس مع ذلك الرجل البغيض ..
, _ عادت رنا بأدراجها الي حيث مجلسها بعد أن غادر هاني ، ومن ثم يليه علي وهم بالمغادرة بعد أن رفض تقبيل هاجر كما اعتاد حتي لا يسبب لـ دينا الحرج أكثر ..
, _ تعمدت رنا الضحك عالياً وأردفت متصنعة الحب :-
, _ هاني بيموت فيا ، بجد بخاف اطول معاه في حضن برئ يقلبها جد
, _ تعالت ضحكاتها بينما خجلت كلاً من دينا وهاجر من جرأتها أو ربما وقاحتها ، نهضت كلتاهما وولجن داخل المطبخ ، وشرعتَ في إعداد وجبة الغداء عدا رنا التي لم تبرح مكانها ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ دخل مكتبه وأغلق الباب بعنف ، جاب الغرفة ذهابا وجيئا ، فلقد بلغ ذروة تحمله ، لكنه بالاخير أخيه ماذا سيفعل معه ،
, _ أزفر أنفاسه بضجر بائن وجلس علي الأريكة الجلدية ، أستلقي بجسده عليها ومدد قدميه علي الطاولة ، أسند رأسه علي حافة الأريكة في تعب إنهال منه ،
, _ اعتدل في جلسته عندما سمع طرقات علي الباب ، سمح للطارق بالدخول ، لم يتفاجئ بوجود يحيي فهو من يأتي خلفه دائماً ويسانده في حالاته العصيبة ، جلس بجانبه وربت علي فخذه وأردف بحنو :-
, _ مالك يا كبير شايل طاجن ستك ليه ؟
, _ شهيق وزفير فعل ريان بإرهاق و أجابه وهو يحاول كبح غضبه :-
, _ يارتني شايل طاجن ستك كان أهون من اللي أنا شايله ده
, _ تنهد يحيي في آسي حيال أخيه ثم سأله بإهتمام أخوي :-
, _ طيب قولي مالك يمكن يكون عندي حل وأساعدك بيه
, _ رمقه ريان بنظرات ثاقبة مطولة وهو يحاول قدر الإمكان أن ينتقي بعناية كلماته حتي لا يسبب عدواة بين أشقائه ،
, _ أخذ زفيرا عميقاً ومال بجسده بالقرب من يحيي وقال بنبرة متريثة :-
, _ أنا هحكيلك بس مش عشان عايز منك حلول ولا مساعدة لأن الموضوع ده مفروغ منه أصلا ، هحكيلك عشان تكون عارف اللي فيها مش أكتر ..
, _ صمت لبرهة ثم نهض وواصل حديثه المسترسل وهو يجوب الغرفة ذهاباً وإياباً :-
, _ هاني طلب مني الشقة اللي وعدتك بيها
, _ صمت ريان عله يستشف تعابير أخيه لكن لا يوجد اي تعابير تدل علي الضجر او ربما الموافقة فقط يري لامبالاة مُشكلة علي ملامحه ، نهض يحيي هو الآخر ووقف أمام ريان وأردف بنبرة تريد الخلاص :-
, _ وانا موافق يا ريان
, _ رد عليه مسرعاً وهو يؤمأ برأسه وعلامات الرفض تتجلي علي ملامحه :-
, _ قولتلك مش بحكيلك عشان تقولي حلول ولا تديني موافقة أنا رفضت والموضوع اتقفل خلاص انتهي
, _ توجه ريان الي مقعد مكتبه وجلس عليه بينما اقترب يحيي منه وأردف بنبرة لحوحة :-
, _ انت عارف إني كنت هجيلك من قبل ما أعرف الكلام ده واقولك إدي هاني الشقة !
, _ رمقه ريان بنظرات متعجبة وسأله مندهشاً :-
, _ ليه ؟
, _ جلس يحيي علي المقعد المقابل لريان وحاول جاهدا أن يتريث في كلماته :-
, _ ريان أنا مش عارف اوضح لك ازاي ومش عارف اذا كان صح ولا غلط اتكلم عن أخويا ومراته كده بس انا مضطر أعرفك عشان تقتنع بوجهة نظري ، أنا بشوفهم كتير في أوضاع مينفعش حد يشوفها بين راجل ومراته وصراحة بكون مضايق منهم لأنهم المفروض يراعوا الناس اللي عايشين معاهم وبرجع أقول طيب ما دا من حقهم وبضايق لأنهم مش عندهم الخصوصية الكاملة لحياتهم وبحاول علي أد ما أقدر مرجعش البيت غير في وقت متأخر عشان ياخدوا مساحتهم وميكنش في إحراج وحاجات كتير متنفعش تحصل ، تخليني اوافق اديهم الشقة وأنا مغمض ..
, _ كان يصغي إليه بإهتمام شديد وكل حواسه تسأل بفضول عما يتحدث عنه الجميع ، ماذا يحدث بين رجل وامرأته يستحق كل هذا التوتر والجدل ،
, _ شعر ريان بالحيرة من أمره ، فوضع مقارنة بين علاقته بـ دينا التي لا تتعدي حدود العلاقة الروتينية ، ما هذه الأمور التي لا يعلم عنها شئ ، شعر بالإهانة في حقه كرجل لأنه لا يعلم أقل الأمور حتي ..
, _ أزفر أنفاسه بضجر بائن ثم نظر إلي يحيي وقال بنبرة متجهمة :-
, _ كله إلا الشقة دي ، هشوف لهم شقة تانية إنما دي لأ
, _ كاد يحيي أن يعارضه إلا أنه صمت بإشارة تحذيرية موحية من سودتاه ، تابع ريان مضيفاً بنبرة صارمة :-
, _ مش عايز كلام كتير في الموضوع ده ، ده اللي عندي مش عاجبهم يفضلوا مكانهم ..
, _ وجه كليهما النظرات نحو الباب مباشرةً عندما سمعَ طرق عليه ، سمح ريان للطارق بالدخول فإذا به هاني يدلف مُشكل ابتسامة زائفة علي شفتيه :-
, _ ايه يا ريان خدت في وشك وجريت برة البيت ومردتش علي حد فينا ، حصل ايه لكل ده ؟
, _ حاول ريان قدر الإمكان بألا تفلت أعصابه كما يحاول جاهداً علي كبح غضبه الذي ود لو يثور فيه ربما يهدأ قليلاً ، حمحم يحيي ونهض من مكانه ، سار بالقرب من هاني وأمسك بذراعه :-
, _ تعالي يا هاني عايزك في موضوع مهم ..
, _ حرر هاني ذارعه من بين قبضتي أخيه الصغير واقترب من ريان ورمقه بنظرات تحمل اللوم :-
, _ كل ده عشان حتة شقة ؟ دي نقطة في بحر مملكتك يا معلم ريان ، علي العموم الشقة دي حقي أصلا يعني بموافقتك أو غيرها أنا هخدها ، أنا هنا أخوك الكبير يعني كلامي اللي يمشي ، ومش حتة العيل ده اللي ياخد شقة وانا لأ اعدل بين إخواتك يا معلم ريان ..
, _ تركه ودلف خارج المكتب بتذمر بينما حلت صدمة جلية علي وجه ريان ويحيى وخصوصا يحيي فهو لم يتوقع تلك الوقاحة من شقيقه الأكبر الذي من المفترض أن يكون قدوة وعوناً لهم وليس العكس ،
, _ نظر إلي ريان وكاد أن يتحدث لكنه أجبره علي الصمت بإشارة من يده وأردف بعصبية :-
, _ ولا كلمة روح شوف انت رايح فين ..
, _ ولج يحيي الي الخارج بعد تردد طال لبرهة كيف سيترك ريان في تلك الحالة المذرية ، استنشق زفيرا عميقاً ثم عاد بأدراجه الي عمله في الفرع الآخر لهذا المعرض ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ وقفت علي باب الطائرة وهي تستنشق الهواء العليل لتلك البلدة الجديدة ، وكأنه مختلف كلياً عن غيره ،شكلت إبتسامة علي ثغرها وهي ما زالت محتضنة صورتهما ،
, _ هبطت الأدراج وسارت بداخل صالة الإنتظار ، ختمت أوراقها ودلفت خارج المطار وهي متحفزة لرؤية عائلتها ، انتبهت لذلك الصوت الذي يناديها بعفوية :-
, _ My name is Aziz, I am at the service of tourists, where are you going ? ( اسمي عزيز ، في خدمة السائحين إلي أين انتي ذاهبة ؟ )
, _ تقوس ثغرها بإبتسامة لأسلوبه الطريف وأجابته بحماس وهي تريد معرفة ردة فعله عندما تحادثه بلهجتها العربية :-
, _ عايزة أروح العنوان اللي في الورقة ده !
, _ صدمة جلية حلت علي تعابير وجهه ، سحب من يديها الحقائب وتمتم بـضجر :-
, _ مصرية ، come يووه قصدي تعالي
, _ لم تستطيع تفسير ملامحه التي انعكست تماماً عن ذِي قبل ، فهي أردات أن تجيبه بلغته لكي لا تصعب عليه وسيلة التفاهم بينهم ، لكن لماذا بدي وكأنه منزعج ؟
, _ جلست في المقعد الخلفي و رفعت الصورة الفوتوغرافية تتآملها بإفتقاد ، ترقرت بعض الدموع عليها وانهمرت في بكائها في صمت ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ دلف ريان إلي الخارج ودفع تكلفة سيارة النقل التي حملت أثاثه من المصنع الخاص به الي المعرض القانط فيه ، رمق الاثاث بنظرة سريعة متفحصة ثم آمر عُماله بصرامة :-
, _ يلا يابني انت وهو دخلوا الحاجة دي جوة
, _ لمح تلك الهيئة تقترب منه أزفر أنفاسه في ضيق وتمتم بداخله :-
, _ هي ناقصاك علي الصبح
, _ أجبر شفاه علي الابتسام ورحب به قائلاً :-
, _ ياسر اخبارك ايه ؟
, _ مد الآخر يداه ليصافحه مُشكلاً إبتسامة عريضة علي ثغره قائلا بحفاوة :-
, _ بخير يا معلم ريان
, _ قهقه ريان عالياً وأردف :-
, _ معلم ، اومال لو مكنش أبوك إبن عم أبويا
, _ ضحك ياسر هو الآخر ليجيبه بنبرة فخورة :-
, _ ده انت سيد المعلمين يا ريان و**** ، كفاية أنك مشغل الحتة كلها ومش سايب حد عاطل ، **** يبارك لك
, _ إلتوي ثغر ريان بتهكم ثم أولاه ظهره وهو يآمره :-
, _ تعالي نقعد جوة في المكتب
, _ أجابه ياسر مسرعاً قبل أن يولج ريان لداخل مكتبه :-
, _ لا لا أنا مش فاضي في طلبية موبليا بيت كامل ولازم تتسلم قبل آخر الشهر ، أنا كنت جاي أسأل عليك وامشي علي طول ..
, _ تنهد ريان وقد شعر ببعض السعادة التي تغلغلت بداخله ، واخيراً أحدهم يحبه دون مقابل ، سار نحوه بخطوات ثابتة وربت علي كتفه بإمتنان :-
, _ تسلم يا ياسر ، ثواني هطلب لك عصير
, _ أماء ياسر رأسه برفض تام وأردف ممتناً :-
, _ لا لا أنا ماشي ، خيرك سابق يا ابن عمي
, _ أمسك ريان ذراعه حتي يقيد حركته وتحدث بإصرار :-
, _ و**** أبدا لازم تشرب حاجة ، عايز تزعلني ولا ايه خمس دقايق مش هيفرقوا معاك وهكلم لك ياعم المعلم بتاعك استأذنه
, _ انفجر كليهما ضاحكين فريان المعلم نفسه ، رد عليه ياسر من بين ضحكاته :-
, _ ماشي يا معلم سماح خمس دقايق
, _ آمر ريان أحد عُماله بأن يحضر مياه غازية مع بعض الحلوي ، اهتز هاتف ياسر معلناً عن اتصال ، جذب هاتفه من جيب بنطاله وضغط علي زر الرد واجاب بشموخ :-
, _ السلام عليكم يا امي ، خير في حاجة ؟
, _ انتفض ياسر من مكانه بذعر ، نهض ريان هو الآخر وسأله بتوجس :-
, _خير يا ياسر في ايه ؟
, _ اغلق ياسر الخط واجاب ريان بنبرة متلعثمة :-
, _ أبويا ، تعبان أنا لازم أروح له ، بعد أذنك
, رد عليه ريان سريعاً قبل أن يختفي ياسر من أمامه :-
, _ طيب استني هاجي معاك
, _ وما إن أنهي جُملته حتي ولج داخل مكتبه وجذب مفاتيحه وهاتفه ثم دلف الي الخارج مسرعاً ، أشعل محرك سيارته وانطلق بها علي أعلي سرعة لديه الي منزل إبن عم أبيه ..
, _ صف سيارته أمام المنزل ، وما إن توقف حتي ترجل ياسر من السيارة بخطي مهرولة وصعد الأدراج في درجة واحدة ،
, _ طرق الباب حتي فتحت له والدته وعلامات القلق تعتلي ملامحها :-
, _ أبوك تعبان اوي يا ياسر أنا خايفة يجراله حاجة
, _ ولج ياسر داخل غرفة والده وذعر من حالته المذرية ، جسده كان يرتجف بشدة ، تبعه ريان هو الآخر واتسعت عيناه بذعر عندما رأه بتلك الحالة ،
, _ أسرع نحوه ووضع راحتي يده علي جبينه وشهق بصدمة :-
, _ ده سخن مولع لازم دكتور حالاً مش هيقدر ينزل في حالته دي
, _ انهمرت ( سعاد ) زوجة ( منصور ) والد ياسر في البكاء ، توجست خيفة خشية أن يحدث لزوجها مكروه فهي لن تتحمل فراقه ، نظرت إلي ريان بتوسل :-
, _ متسيبناش يا بني خليك معانا مش هنعرف نعمل حاجة لوحدنا
, _ أماء ريان رأسه ودلف للخارج يهاتف طبيب العائلة ، وبعد حوالي أربعون دقيقة ، دلف الطبيب خارج الغرفة ونظر الي ريان :-
, _ أنا اديت الحج حقنة نزلت الحرارة لأنها كانت مرتفعة فوق المعدل الطبيعي ، الأدوية دي ياخدها بإنتظام ويقعد في مكان رطب بلاش مكان مقفول ، حمد لله على سلامته
, _ تنهد الجميع براحة ، وأجابه ريان ممتناً وأعطاه بضعة ورقات نقدية :-
, _ متشكرين يا دكتور ، اتفضل
, _ اخذ الطبيب مستحقاته وهم بالمغادرة سريعاً ، نظرت سعاد إلي ريان وعلامات الخجل جلية علي وجهها :-
, _ متشكرين يابني ديما تعبينك معانا مش عارفة أردلك جميلك ده ازاي
, _ ابتسم ريان بتهكم وأردف :-
, _ جِمِيل ايه ياست الكل ده عم منصور في مقام الحج ، المهم بس يقوم لنا بالسلامة
, _ شكرته سعاد مراراً ثم ولجت لزوجها تطمئن عليه بينما اقترب ياسر من ريان في حرج بائن :-
, _ مش عارف أشكرك ازاي يا معلم ، بس انا اول ما اقبض هردلك فلوسك علي طول
, _ عقد ريان ما بين حاجبيه بتعجب :-
, _ بعيداً عن الكلام العبيط ده هو انت إزاي ماشي من غير فلوس ده إحنا لسه في نص الشهر ؟
, _ نظر ياسر في الفراغ أمامه هارباً من تلك العينين المثبتة عليه ، تنهد وأجابه بحرج :-
, _ انت عارف إن أبويا يوم شغال ويوم لأ فأنا اللي بصرف علي البيت وعلي نفسي وعلي تعليم اختي
, _ دني ريان منه في عدم استيعاب :-
, _ أبوك بيشتغل يوم اه ويوم لأ ازاي وأحنا يوميا بيخرج من عندنا بالـ ١٠٠ اوضة ؟
, _ حمحم ياسر وهو يحاول أن ينتقي كلماته بعناية حتي لا يتسبب في أذي شخص ما :-
, _ مهو الأوسطا رِفعت بيبعت لابويا اوضة من ضمن الـ ١٠٠ دول ،
, ( منصور والد ياسر يعمل في تجهيز وتهيئة الأثاث إستعداداً للرش ( استروجي )
, _ تشنجت ملامح ريان وبرزت عروق عنقه بغضب عارم ، كاد أن يغادر لكن لحق به ياسر وأمسك ذراعه مجبراً إياه علي الوقوف وأردف بتوسل :-
, _ ريان أنا مش عايز أكون سبب في قطع رزق حد وخصوصاً لو الحد ده رب عملي بعد منك طبعاً
, _ سحب ريان ذراعه ونظر إليه لبرهة كيف له أن يكون لين القلب هكذا ؟ كيف يخاف أن يكون سبباً في قطع رزق الشخص ذاته الذي يقطع رزق والده ؟
, _ شهيق وزفير فعل ريان بعدما فشل في استيعاب تلك الشخصية الواقفة أمامه ، لم يدري من أين يأتي بتلك الطيبة التي لم يعد لها أثر في هذا الزمن ، رد عليه محاولا استيعاب قصده :-
, _ انت عايزني اعمل معاه ايه أتغاضي عن اللي عمله ؟
, _ اؤما ياسر رأسه في رفض وأجابه بنبرة متريثة :-
, _ لأ عاتبه ، حذره اقرص ودنه علي الهادي بس بلاش تقطع رزقه وياريت متعرفوش انك عرفت مني لانك كده هتربي عدواة بينا وانا مش عايز كده
, _ كاد أن يجيبه لكن قرع الباب أجبر ريان علي الصمت ، بينما توجه ياسر لفتح الباب ، تفاجئ بفتاة غريبة يجهل هويتها تقف أمامه ..
, _ انتي مين ؟
, " سألها بإستفسار بعد أن رمقها بنظرات متفحصة عله يعرفها لكن لا لم يري هذا الوجه الملائكي من قبل والا كان عرفها من الوهلة الأولي ..
, _ استنشقت نفساً عميق ثم تحدثت بنبرة رقيقة :-
, _ ده بيت منصور العراقي ؟
, _ أماء راسه مؤكداً سؤالها لتتابع هي مضيفة :-
, _ أنا عنود سيف الدين العراقي واونكل منصور يبقي عمي ممكن أقابله ؟!
, _ اتسعت حدقتي ياسر بدهشة انتهت بإبتسامة علي ثغره لم تستطيع عنود تفسيرها ، تنحي ياسر جانبا ليسمح لها بالدخول مرحباً بحفاوة :-
, _ اتفضلي، أنا إبنه ياسر أهلا بيكي
, _ مد ياسر يده ليصافحها لكنها أبت وابتعدت عنه بتوجس :-
, _ معلش أنا مبسلمش
, _ انتبه ريان لذاك الحديث الجانبي التي لفت انتباهه عدم مصافحة الفتاة التي لا يعلم هويتها وتمتم بداخله متعجباً :-
, _ هو في حد لسه كده ؟
, _ هز رأسه طارداً أفكاره التي ليست في آوانها ، واقترب من ياسر :-
, _ بعد اذنك يا ياسر أنا مضطر أمشي لو احتجت لحاجة كلمني متترددش
, _ إلتوي ثغر ياسر بإبتسامة عريضة وأردف بإمتنان :-
, _ خيرك سابق يا معلم ريان متشكرين علي وقفتك معانا
, _ غادر ريان المنزل سريعاً ، بينما عاد ياسر يقف أمام تلك الفتاة التي خطفت قلبه ، أو ربما عينه ، ملابسها الفضفاضة التي لا تظهر اي انش من جسدها قد راق إليه كثيراً ،
, _ شعر بإنجذاب قوي لتلك البندقتين التي تنظر بهم بـ براءة ، لا يدري ماذا فعلت به تحديداً لكنه متأكد من شئ واحد وهو أنه يشعر بالسعادة التي دقت طبول قلبه
, _ أخذ زفيراً عميقاً وهو ينظر إليها بحماس لم يذق طعمه من قبل ثم ولج لغرفة والده وابتسم له عندما رآه بحالة افضل وتحدث بنبرة متلهفة :-
, _ في واحدة برة بتقول أنها بنت عمي سيف الدين ..!
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ عاد ريان الي منزل والده عنوة ، لا يود رؤية شقيقه إلا أنه عاد فقط من أجل شقيقته وزوجها ، فهو من أصر علي حضورهم ولابد من وجوده بينهم ،
, _ وقفتا كلاً من هاجر ودينا يحضرا الطعام ، ولجت رنا إليهم وأخذت الصحون الخاصة بريان ما إن رأته يجلس علي الطاولة بمفرده ، فهي أقسمت الا تدع الامر يطول أكثر من ذلك ،
, _ رمقتها دينا بغرابة شديدة عندما رأتها تأخذ الصحون وما إن اختفت من أمامهم حتي لكزت هاجر في ذراعها متسائلا بغرابة :-
, _ هي رنا مالها ؟
, _ قهقهت هاجر علي منظر دينا واجابتها بمزاح :-
, _ تلاقيها بتمشي رجليها
, _ انفجرت كلتهما ضاحكتين بينما وضعت رنا الصحون أمام ريان مُشكلة ابتسامة عريضة علي شفاها الورديتان التي تعمدت وضع أحمر شفاه عليهم حتي تجذب انتباهه
, _ اتفضل يا ريان "
, _ قالتها بدلال مبالغ ، لكنها تفاجئت بعدم اكتراثه لوجودها وكأنها نكرة أمامه ، سحقت ما بين أسنانها بغضب مما يفعله هذا الريان بها ،
, _ركضت مهرولة من أمامه وهي في قمة انفعالها ، ولجت داخل المطبخ لكن ليس لمساعدتهم بل للانتقام من تلك اللعينة التي تستحوذ علي عقل حبيبها
, _ ناولتها دينا بحذر صحن الحساء الساخن بعدما أفرغت به قدر كبير ، أمسكته رنا وابتسمت بخبث عندما رادوتها خطة داهية ، سكبت الحساء علي جسد دينا متعمدة وهي تصرخ بـ :-
, _ اااه ده سخن اوي
, _ صرخات دينا المتتالية جمعت جميع من في المنزل اثرها ، شهقت هاجر بهلع واقتربت من دينا بتوجس :-
, _ ينهار أسود ايه الي انتي عملتي ده يا رنا مش تاخدي بالك
, _ ولج ريان إليهم ودفع برنا بعيدا وأردف بحدة :-
, _ ابعدي كده
, _ اقترب من دينا في هلع وتسائل بإهتمام :-
, _ في ايه حصلك حاجة ؟
, _ حاولت دينا السيطرة علي أعصابها التي ارتخت تماما وتحدثت بنبرة موجوعة :-
, _ الطبق وقع من أيدي ، مش قادرة أنا لازم اطلع فوق أغير هدومي ..
, _ لا يدري لما لم يقتنع بما قالته دينا ، بالتأكيد هناك تلاعب في الأمر ، رمق رنا بنظرات احتقارية مشتعلة ليجد الخبث يشع من خضرواتاها ، لعن تلك الفتاة التي بالتأكيد لها يد في إصابة زوجته
, _ مش خير يا ريان يابني ولا حصل حاجة ؟
, _ تسائل ماهر بقلق عارم ، بينما أجابه ريان بهدوء ممزوج بالغضب :-
, _ خير يا حج أن شاء ****
, _ خرج ريان خلف دينا التي تحاول جاهدة أن تتماسك حتي لا تُفسد رونقة اليوم علي الجميع ،
, _ انت متأكد انها مش محتاجة تروح المستشفي يا ريان ؟
, _ تسأل علي بنية المساعدة بينما أجابته دينا مسرعة :-
, _ لا لا بسيطة ، مش مستاهلة
, _ دلفت دينا للخارج ومن ثم تبعها ريان ، صعد إلي طابقهم وما أن وصدت الباب حتي اجهشت في البكاء لتلك الحرارة الساخنة التي انتشرت في جسدها ، رباه ما هذا الألم ؟ لابد وأن هناك حل له مفعول سريع فهي لن تتحمل ذلك الألم لوقت أطول
, _ اقترب منها ريان وهو يسحق أسنانه بغضب :-
, _ مش تاخدي بالك يا دينا ؟
, _ تعالت شهقاتها الموجوعة بينما دني منها أكثر :-
, _ طيب أهدي بس
, _ انخفض ريان بجسده وجلس القرفصاء وأمسك بطرف ثوبها وكاد أن يرفعه إلا أنها أبت بشدة وابتعدت عنه متسائلا بحرج :-
, _ انت هتعمل ايه ؟
, _ هطمن عليكي عشان لو الحرق محتاج مستشفي نروح
, _ قالها ريان بنبرة مهمومة بينما وضعت دينا يديها علي عباءتها متملكة منها وأردفت :-
, _أنا هشوفه ، خليك هنا
, _ ولجت دينا داخل غرفتها لتطمئن علي جسدها ، بينما نظرات ريان لم تفارقها الي ان اختفي طيفها خلف الباب ، هل تخجل منه بعد زيجة طالت لـ خمسة أعوام ؟
, _ هل لذلك ترتدي تلك العباءة اللعينة التي لا تفارقها مطلقاً أو ربما تبدلها بغيرها لكنه لا يلاحظ فهي بالاخير نفس الهيئة ،
, _ أزفر أنفاسه بضيق واعتدل في وقفته ، سار الي أقرب أريكة وجلس عليها قيد انتظار دلوفها للخارج ..
, _ ولجت إليه بعباءة أخري لا تظهر اي من جسدها ، اقتربت منه وطبعت إبتسامة علي ثغرها قائلة :-
, _ أنا خلصت ، الحرق بسيط حطيت مرهم للحروق وحسيت براحة شوية ، يلا بينا ننزل عشان الناس اللي مستنيانا دي أكيد جاعوا
, _ نهض ريان واقترب منها :-
, _ لو تعبانة خليكي هنا وبلاش تنزلي مش مهم النهاردة
, _ يا خبر لأ طبعاً مينفعش أسيب عيلتك واقعد هنا وبعدين أنا مش تعبانة أنا أهو قدامك كويسة
, _ أردفت بها دينا وهو تحاول جاهدة بألا تظهر آلامها التي لم تخف بعد ، ابتسم ريان لها بإمتنان ودلف الي الخارج ، تبعته هي إلي أن هبط إلي منزل والده ،
, _ حمد لله علي سلامتك يا دينا
, _ قالتها هاجر وهي ترمق رنا بنظرات مشتعلة ، أجابتها دينا بإبتسامة زائفة لكي لا تظهر شعورها الداخلي :-
, _ الحمد لله بسيطة ، يلا يجماعة معلش أخرتكم علي الأكل
, _ لا لا أخرتينا ايه المهم انك تكوني كويسة
, _ أردف بهم ماهر فتابع يحيي مضيفاً :-
, _ المهم انتي مش مهم الاكل
, _ إلتوي ثغر دينا بإبتسامة ممتنة لإهتمامهم ، جلس الجميع حول المائدة وشرعَ في الاكل في صمت طال لمدة ،
, _ قاطعه ريان وهو ينظر بإتجاه والده قائلا بصوت أجش :-
, _ أنا كنت عند عم منصور يا حج لأنه تعبان ابقي أسأل عليه في التليفون
, _ ماله منصور يابني تعبان ماله ؟
, _ تسائل ماهر بقلق بينما أجابه ريان بهدوء :-
, _ دور سخنية بس جامد شوية ، عارف يا حج شوفت مين وانا هناك ، مش هتصدق
, _ انتبهت حواس الجميع ونظروا لريان قيد إنتظار متابعته للحديث ، استنشق نفساً ثم واصل حديثه بتريث :-
, _ بنت عم سيف الدين !
, _ لم تتغير ملامح الجميع كثيراً فالبعض لا يعرف من يكون سيف الدين والبعض الآخر لا يعبأ له ، وأخرين يريدون معرفة هويته ..
, _ يااااه وده ايه اللي فكره بإخواته بعد كل السنين دي ؟
, _ قالها ماهر متعجباً بينما تسائل يحيي بفضول :-
, _ مين سيف الدين ده وحكايته ايه ؟
, _ ابتسم ماهر وبدأ يعرفهم هوية سيف الدين كما روي أيضاً قصته :-
, _ ده إبن عمي ، اخو عمكم منصور وعمكم مؤنس ، بس ده بقاله زمن مسافر أمريكا يجي ٢٠ سنة كده او أكتر ، كان سافر يشتغل هناك مع خاله وشاف واحدة امريكانية وحبها ، ولما قال كده لعمي **** يرحمه عمي قلب الدنيا يومها ازاي يتجوز واحدة مش من بلده وكمان مش على دينه
, _ شهق الجميع بصدمة جلية فيتابع ماهر حديثه مضيفاً :-
, _ ولما عارضوه ورفضوا اتجوزها وانقطعت أخباره ومحدش يعرف عنه حاجة ، بس أن جيتوا للحق عمكم سيف الدين ده كان اطيب واحد في اخواته
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
٤


ها وبعدين يا بابا حصل ايه ؟
, _ تسائل يحيي بفضول من أمر تلك العائلة بينما ارتشف ماهر القليل من المياه ثم واصل حديثه :-
, _ أخباره انقطعت يابني وكانوا عيلته فقدو الامل أنهم يلاقوه تاني ، ده حتي كنت سمعت أنه ساب المدينة عشان خاله ميعرفش يوصله ويبلغ أهله بمكانه ، يااااه يا ولاد دنيا غريبة بس **** يستر علي بنته وميطلعوش عليها القديم كله
, _ توقفت هاجر عن تناول الطعام وتسائلت بعدم فهم :-
, _ هما ممكن يعملوا فيها ايه ؟
, _ أبتسم ماهر بتهكم واجابها بتريث :-
, _ ممكن يحمولها ذنب اللي حصل زمان ويتهموها انهم سبب في أن اخوهم يبعد عنهم
, _ تبادلا الجميع نظرات التعجب ، بينما تسائل ريان بغرابة :-
, _ وهي ذنبها ايه مش ابوها وامها هما اللي بعدوا عنهم ؟
, _ رد عليه علي وهو يحاول إثبات وجهة نظر العم ماهر :-
, _ في ناس كده يا ريان ، أنا شوفت ناس أغرب مما تتخيل بيعملوا حاجات العقل ميصدقهاش **** يكفينا شرهم ، المهم يجماعة أنا هستأذن أنا لان في شحنة موبليا هتتسلم في المعرض وبيرنوا عليا بقالهم نص ساعة ومش هقدر أتأخر اكتر من كده ، سفرة ديما
, _ أجابه ريان وهو يرمق هاني بنظرات تحمل اللوم :-
, _ ياريت كل الناس همها علي شغلها زيك كده يا علي كان زمانهم في مستوي تاني
, _ فهم علي وجميع الجالسين ما يرمي إليه ريان ، بينما نفخ هاني في ضيق وهب واقفاً بغضب وهو ينظر لريان وصاح بحنق :-
, _ قصدك ايه يا ريان بالكلام ده تقصدني أنا صح ؟
, _ استشاط ريان غيظاً ، وهب واقفاً بإندفاع هو الآخر ، سيطرت حالة من الذعر بين الجميع لما هو أتٍ ، حاول علي التدخل بطيب نوايا :-
, _ صلوا علي النبي يجماعة وانت يا هاني ريان ميقصدش حاجة
, _ أجابه هاني وهو يرمق ريان بنظرات مشتعلة وردد بغضب عارم :-
, _ لا يقصد وانا بقا مش هسمح له يت..
, _ هااااااني
, _ صاح ماهر عالياً بصوت جهوري ، نظر اليه الجميع في توجس بينما التفت نحوه هاني وهو يسحق أسنانه بغضب :-
, _ انت هدافع له برده ، هو أنا ايه مش ابنك زي ماهو إبنك ولا هو يعني عشان ابن حبيبة القلب وأنا ابن ال٣ نقطة
, _ توقف هاني عندما تفاجئ بتلك الصفعة التي دوت علي وجهه ، تحولت تعابير وجهه الي الغضب ومن ثم غادرهم مسرعاً وولج داخل غرفته
, _ اغمض ريان عيناه بصدمة لما فعله والده وردد معاتباً :-
, _ ليه بس كده يا حج انت كده صعبت الأمور أنا مكنتش عايز نوصل ل..
, _ ريااااان مش عايز كتر كلام
, _ قالها والده بعصبية شديدة ، ثم حاول الإبتعاد عنهم بيديه التي يحاول الإمساك بأي شئ أمامه ، شعر بتلك الحرارة الساخنة التي تخللت جلبابه وتسللت الي جسده الهزيل أثر وقوع الحساء عليه ، ركضت نحوه هاجر ودينا مسرعين وأردفت هاجر بنبرة مشفقة علي حالته :-
, _ معلش يا بابا تعالي وانا هغيرلك الجلابية ..
, _ سحب ذراعه من يدي إبنته وأجابها وهو يتجه الي غرفته :-
, _ أنا هعرف اغيرها يابنتي ، عن اذنك يا علي
, _ اذنك معاك يا حج
, _ قالها علي بحرج لكن ماهر قد أوصد باب غرفته قبل أن يقع الحديث علي مسامعه ، تنهد علي بحرج بائن ومال علي هاجر هامساً :-
, _ همشي أنا
, _ أمأت له بالموافقة ثم هم هو بالمغادرة سريعاً ، نظرت إليه بخضروتاها وهي تشعر بالشفقة وأردفت مواسيه إياه :-
, _ معلش يا ريان مضايقش نفسك
, _ رمقها الجميع شزراً ممزوج بالذهول ، أهي تواسي شقيق زوجها ، بينما لم تهتز منها خصلة عندما صُفع زوجها ! يا للغرابة , اقتربت هاجر من ريان وقالت بتلعثم :-
, _ ريان ، اهدي ، أكيد كل حاجة هتكون كويسة
, _ أزفر أنفاسه بضجر بائن ثم دلف للخارج وطرق الباب خلفه بعنف كاد أن يسقطه من شدة طرقه ، وضع يحيي راحتي يده خلف رأسه يحكها بشدة :-
, _ ايه اللي بيحصل ده بس !
, أجابته رنا بنزق وعلامات الضجر جلية علي ملامحها :-
, _ هاني اللي غلطان وكبر الموضوع و٣ نقطة
, _ قاطعتها هاجر بنبرة حادة وصاحت بها مندفعة :-
, _ جرا ايه يا رنا هو إحنا بنقول مين غلطان ومين لأ دول في الآخر أخوات وبعدين انتي واقفة هنا بتعملي ايه ، أولي أنك تقفي جنب جوزك مش تقفي معانا هنا
, _ استشاطت رنا غيظاً من تلك البغيضة التي أخجلتها ، وبسبب حديثها التافه ستُجبر علي المكوث بجانب ذلك الرجل الذي يدُعي زوجها ،
, _ رمقتهم رنا بنظرات مشتعلة ثم ولجت داخل غرفتها وهي تُتمتم ببعض الكلمات غير المفهومة
, _ بني آدمة غريبة
, _ تمتمت بهم هاجر بينما تسائلت دينا بقلق :-
, _ يا تري ريان راح فين أكيد مطلعش البيت
, _ رمقها يحيي بغرابة ثم تنهد بحرارة وهتف :-
, _ انتي كل ده معرفتيش ريان لما بيضايق بيروح فين ، أكيد طلع للحمام علي السطح
, _ تنهدت دينا مستاءة مما حدث ثم نظرت إلي هاجر قائلا :-
, _ أنا آسفة يا هاجر هطلع اطمن عليه وهجيلك تاني
, _ أماءت لها هاجر بالايجاب ثم تحدثت وكأنها تذكرت شئ ما :-
, _ أنا همشي أكيد محدش محتاجني لو في جديد عرفيني
, _ اماءت دينا راسها ومن ثم قبلتها من وجنتيها وصعدت الي الطابق العلوي ( السطح ) ، ابتعلت ريقها واقتربت من ريان بخطوات هادئة ، حيث كان يلهو مع تلك الطيور الملونة ، ينشغل معهم لدرجة أنه لم يلاحظ وجودها ،
, _ حمحمت دينا ووقفت بجواره محافظة علي مسافة بينهم ثم أردفت بلوم :-
, _ ريان مكنش ينفع تلقح بالكلام علي هاني مهما كان أخوك وده غلط ومينف٣ نقطة
, _ انزلي تحت يا دينا!
, _ قاطعها بنبرته الحادة الغليظة ، رمقته هي بصدمة وتمتمت بعدم تصديق :-
, _ أنزل! ، يعني عشان بقول كلمة الحق وبعرفك غلطك تقولي انزلي ؟
, _ استدار بجسده نحوها وهو يسحق أسنانه بغضب واندفع بها :-
, _ انتي شيفاني عيل قدامك عشان تعرفيه غلطه ؟
, _ توجست خيفة من نظراته الثاقبة عليها وعادت خطوة تلو الأخري الي الخلف حتي اختفت خلف الباب ( السطح ) ،
, _ أغمض ريان عيناه بغضب يحاول كبحه قدر المستطاع لكي لا يحرق الأرض بمن عليها , أخذ زفيرا عميقاً ثم عاد ليداعب طيوره التي تنجح دائما قي امتصاص جزءاً من غضبه ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ وأحنا نصدق منين إنك بنت سيف الدين مش يمكن نصابة وجاية تنصبي علينا وتسرقينا ؟
, _ صاح بهم منصور بنبرة مليئة بالحدة وعدم الرأفة ،
, _ شعرت عنود لوهلة أنها كانت مخطئة عندما غادرت بلدتها الحبيبة التي ترعرت بها وجاءت بقدميها الي هنا ، ليس بحين يسمح فيه بالتبرير لما حدث في الماضي ، هي لم تتعدي بعد فترة حدادها و حزنها علي والديها لتدخل في صراعات عائلية بسبب ماضي والدايها ..
, _ لن تيأس من اول الطريق ، ستعافر وتثبت لهم مهما كلف الأمر فهي لم تعتاد الخسارة ،
, _ سحبت نفساً عميق وأردفت بتريث :-
, _ أنا بنته ودي صورنا مع بعض حتي الجواب اللي كتبهولي اهو بخط أيده وفيه اساميكوا وصوركم ، وبعدين أنا هنصب عليكم ليه يعني أنا معايا فلوسي ومش محتاجة انصب علي حد
, _ يا حبذا ، مال !! اتسعت مقلتي منصور عندما وقع علي مسامعه أكثر شئ يحبه في الحياة وتمتم ببلاهة :-
, _ فلوس ؟
, _ أماءت برأسها مؤكده حديثها ، تدخل ياسر وحاول تغير مسار الحوار :-
, _ انتي ازاي عيشتي في امريكا كل المدة دي وبتتكلمي عربي كويس ، كويس ايه ده انتي بتتكلمي احسن من المصريين نفسهم !
, _ ابتسمت عنود بعزوبة أذابت قلبه من فرط جمالها ، تقوس ثغر ياسر بإبتسامة دون وعي منه ، بينما أجابته برقتها المعتادة :-
, _ بابا **** يرحمه عل٣ نقطة
, _ هو مات ؟
, _ تسائلت سعاد بدهشة بينما أماءت عنود رأسها في آسي :-
, _ آه اول امبارح عملوا حادثة هو و والدتي وهما راجعين من الحِج
, _ انفجر منصور ضاحكاً وتمتم بسخرية :-
, _ حِج ! هي أمك تنفع تحج زينا كده ؟
, _ انعكست تعابير وجهها الي الحدة كما شعرت بالضجر من ذاك المنصور الذي يسخر من والدتها ولا يكترث لحرمة المتوفي ولا حتي لمشاعرها ،
, _ اقتربت منه وأجابته بحدة :-
, _ والدتي أسلمت قبل ما تتوفي بمدة بسيطة واظن مش من حق اي حد يتكلم عن اهلي بالشكل ده !
, _ اتسعت مقلتي منصور بذهول تام ، اقترب منها وجذبها من تلابيب ثوبها وأردف بحنق :-
, _ بت انتي ، انتي بتكلميني أنا كده يابت , لا سيف أخويا عرف يربي بصحيح مع اني شاكك أنك بنته أصلا
, _ حررت عنود نفسها من بين قبضته وحاولت أن تسيطر علي دموعها التي تهدد بالنزول وتمتمت بنبرة نادمة :-
, _ أنا كنت غلطانة لما سمعت كلام بابا وجيت هنا ، هو قالي اهلي هيحموكي وانا جريت عليكم لاني مليش حد كنت فاكرة انكم هتقفوا جنبي وتخافوا عليا
, _ حك منصور كفيه ضارباً إياهم في بعض قائلاً :-
, _ نخاف علي مين يابت انتي إحنا نعرفك أصلا وحتي لو صدقنا إنك بنت سيف الدين تفتكري هننسي اللي عمله ابوكي زمان وأنه يسيبنا عشان يختار واحدة مش من ملتنا أصلا اوعي تكوني مستنية مننا نصرف عليكي إحنا أصلا مش عارفين نصرف علي نفسنا لما نصرف علي البلوة دي كمان
, _ لم تستطيع تمالك دموعها أكثر من ذلك واجهشت في البكاء غير مصدقة ما سمعته لتوها ، أشفق ياسر علي حالتها المزرية ورمق والده بنظرات مشتعلة :-
, _ في ايه يا بابا هي دي معاملتنا لأهلنا برده وبعدين دي شكلها صغيرة هنسيبها كده لازم نراعيها دي من دمنا مهما كان يا بابا خلي مشاكل زمان علي جنب وانا متكفل بيها من كل حاجة ..
, _ لطمت سعاد علي صدرها بصدمة :-
, _ متكفل بمين يواد انت ، انت مالك ومالها أصلا ، إحنا منعرفش عنها حاجة وبعدين دي تربية أجانب يعني **** أعلم بيها بقا **** يستر على ولايانا ..
, _ صُعقت عنود مرة أخري مما سمعته وصاحت بهم هدراً :-
, _ أنا مسمحلكيش ابدا تتكلمي عني كده انا محترمة والأجانب اللي بتتكلمي عنهم دول ربوني أحسن تربية ، رسخو حب ديني في قلبي علموني الصح من الغلط ، علموني كويس يعني ايه اكون إنسانة طموحة وأصمم علي رأيي بإحترام انا مش هسمح لأي حد فيكم يتكلم عني أو عن اهلي بالطريقة دي
, _ صمتت عنود من تلقاء نفسها عندما شعرت بألم تلك الصفعة المدوية علي وجهها من قِبل منصور ، وضعت راحتي يدها تتحسس وجنتها بألم ، رمقتهم بأعين ترقرت فيهم الدموع ومن ثم أمسكت بحقائبها ودلفت الي الخارج مسرعة ،
, _ هبطت الأدراج سريعاً وما إن وصلت أمام الباب الرئيسي حتي اجهشت في البكاء ألماً لكن ليس من الم تلك الصفعة إنما من ألم شعور اليُتم التي شعرت به في تلك اللحظة ..
, _ رمقهم ياسر بنظرات تحمل اللوم واندفع بهم :-
, _ ليه كده دي ملهاش حد انتو بتعملوا كده ليه ، أنا عمري ما شوفتكوا بالقسوة دي
, _ أنهي جُملته وغادر مسرعاً لعله يلحق بها ، زفر انفاسه براحة عندما لمح طيفها لازال أمام باب البناية ، اقترب منها وتحدث بحرج بائن :-
, _ أنا آسف بالنيابة عنهم أنا بجد مصدوم من اللي عملوه أنا مش عارف عملوا كده ازاي
, _ كفكفت عنود عبراتها براحة يدها ، ثم استدارت إليه بأعين لامعة أثارت الجدل بداخله ، لم يمنع نفسه من النظر إلي تلك البندقتين اللامعتين ،
, _ خفقت نبضات قلبه بصورة أعنف بمراحل عندما تغلغلت تلك الرائحة العطرة الي أنفه ، أوصد عينيه لبرهة وهو يتلذذ برائحتها الذكية لا يدري انه فقط معطر للثياب ،
, _ نظرت إليه عنود بغرابة من أمره ، ماذا يفعل ذلك ؟ تمتت بهم بينما وأردفت بنبرة مرتفعة عندما ظل علي نفس وضعه لبعض الوقت :-
, _احم ، انت مش محتاج تبرر ولا تعتذر عن اللي عملوه أنا كنت غلطانة لما جيت هنا أنا هرجع تاني
, _ اتسعت مقلتيه بصدمة ورد عليها بنبرة شغوفة :-
, _ لا لا تمشي ايه ، انتي هتقعدي هنا وانا هتكفل بيكي وهتكوني في حمايتي ومحدش هيقدر يقرب لك
, _ شعرت بالغرابة من أمره ، ماذا يقول هذا ،؟ ما تلك العفوية التي يتحدث بها ؟! لن تنكر أنها أعجبت بتلك الثقة المنبعثة من كلماته ،
, _ شعرت ببعض الراحة قد تسللت بداخلها ، لكن لن يمنعها شعورها ذاك من المغادرة ، لن تمكث دقيقة أخري في تلك البلدة الغريبة ، لقد أخذت الكثير من وقتها وهي ليست علي استعداد بأن تُكمل بقية حياتها في تلك الصراعات الأبدية ،
, _ نظرت إليه ممتنة و فاجئته بحديثها :-
, _ أنا لازم أسافر أنا لا يمكن اقعد هنا بعد اللي سمعته وحصلي ، بابا كان غلطان لما قالي أرجع هنا
, _ عقد ياسر ذراعيه واردف بثقة :-
, _ صدقيني محدش هيقدر يقرب لك طول ما انا موجود ، أنا حمايتك هنا ثقي فيا
, _ عقدت عنود ما بين حاجبيها وقد اعتلت ملامحها علامات التعجب مما يتفوه به ذلك الشاب ، من أين يأتي بتلك الثقة التي يتحدث بها ، وكأنها ستُأمن علي نفسها معه دون غيره ،
, _ ابتلعت ريقها ولا تدري بماذا تجيبه ، هل تمكُث كما يريد أم تعود من حيث جاءت وكأن شئ لم يكن ، تخبطت بين أفكارها وتاهت لدقائق لا تعلم مدتها لكنها حتماً لا تدري ما عليها فعله ،
, _ تنهدت بتهكم وقررت أن تستخير **** كما تفعل دوماً عندما تقع في الحيرة بين أمرين ،
, _ نظرت إليه فتفاجئت بعيناه يتابعانها بتركيز شديد بدي وكأنه *** صغير يريد اللعب ويقف قيد انتظار موافقة والدته ،
, _ أبتسمت بعفوية علي حالته وكذلك هو بادلها ابتسامة عذبة بلا وعي منه ، لم تصدق ابتسامته الصافية التي تؤكد تلقائيته عكس أبويه تماماً ..
, _ ممكن اعرف انت بتضحك علي إيه أنا لسه متكلمتش عشان تضحك ؟
, _ تسائلت عنود بفضول وهي تتابع ملامحه جيداً ، بينما أجابها ياسر بتلقائية :-
, _ ضحكتك بتخليني اضحك
, اتسعت حدقتاها بذهول بينما أنتبه هو لما قاله وقد تلونت وجنتيه بالحُمرة خجلاً بسبب ذلة لسانه في الحديث دون إدراك ، حمحم بحرج بائن وقال وهو يحك ذقنه بتوتر :-
, _أنا آسف مش قصدي ، بس ياريت تفكري قبل ما تاخدي قرار سريع
, _ أجابته عنود بثقة :-
, _ أنا هعمل كده فعلا ، أنا هستخير **** وبعدها اقرر هعمل ايه بعد ما **** يدلني علي الطريق الصحيح ..
, _ أعجب ياسر بنبرتها التي لم تخلو من ذكر **** ، فمنذ أن رآها وقد جذب انتباهه ثيابها الفضفاضة التي لا تُظهِر اي انش من جسدها والآن تتحدث عن **** بسلاسة كأنها لا تخطو خطوة قبل استخارته ،
, _رفعت هي إحدي يدها ذات الكف الصغير وأشارت به أمام وجهه لتجذب انتباهه إليها :-
, _ انت روحت في ايه ؟
, _ شكل ابتسامة علي ثغره تعجبت منها عنود وتسائلت بحيرة :-
, _ هو في ايه انت بتضحك كل شوية علي إيه وبتوه كتير ليه ؟
, _ تنهد ياسر بحرارة ولوعة وحاول السيطرة علي نبضات قلبه التي تخفق بشدة كأنه في سباق ، حمحم بإرتباك خجل ثم قال بتريُث :-
, _ أنا معاكي في اي قرار هتاخديه
, _ أماءت راسها ممتناً له ثم رمقت المنطقة الشعبية بتفحص وتمتمت قائلة :-
, _ ممم طيب أنا محتاجة فندق ابات فيه لبكرة تقدر تساعدني ؟
, _ أومأ برأسه لها ومن ثم مد يده إليها عفوياً منه :-
, _ تعالي معايا ..
, _ ما قولنا مش بسلم ولا بحب الحركات دي
, _قالتها بضجر فلعن غباءه قائلاً :-
, _ أنا آسف معلش اعذريني أنا مش عارف أنا مالي اول مرة أصلا أكون كده ..
, _ حصل خير
, _ هتفت بها عنود وهي تشعر بالغرابة الشديدة حياله ، سارت بجواره تاركة بعض المسافة بينهم متجهين للفندق القاطن علي أول طريق ذلك الحي ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ ضجرت من المكوث بجواره كل تلك المدة ، تأففت بضجر بائن ورمقته بخضروتاها التي ينطق منهم الشرار :-
, _ انت هتفضل قاعد كده ؟
, _ تحدثت بنبرة حادة بينما أجابها هاني بنبرة موجوعة وهو ينظر للفراغ أمامه :-
, _ هعمل ايه يعني ، واحد عنده ٣٨ سنة بيضرب من أبوه المفروض يعمل ايه ؟
, _ تنهدت بضجر بائن وتأففت ثم نهضت ووضعت يديها في منتصف خصرها رافعة إحدي حاجبيها :-
, _ تعمل اي حاجة إلا أنك تقعد لي زي الست المطلقة كده
, _ نهض هو الآخر واقترب منها وحاوط خصرها بيديه الغليظة ومال برأسه علي كتفها وتحدث بنبرة متوسلة :-
, _ رنا أنا محتاجلك اوي
, _ دفعته بعيداً عنها بكل ما أوتيت من قوة ورمقته بنظرات تحمل الإشمئزاز :-
, _ يا اخي انت في إيه ولا ايه واحد في وضعك ده وبيفكر في القرف اللي مفيش في حياته غيره انت ايه يا اخي انت ايه ؟
, _دلفت الي الخارج مسرعة لا تدري أنه بحاجة في عناق يغيبه عما يدور حوله ، بينما رمقها يحيي شزراً لنبرتها الحادة مع أخيه ، لوهلة شعر بالشفقة علي أخيه وقرر أن يكون عونا له ويسانده ،
, _ طرق الباب ثم ولج الي الداخل مُشكلاً إبتسامة علي ثغره ، قابله هاني بنظرات جامدة وأردف بفتور :-
, _ جاي تدافع عن أخوك ولا تبرر لابوك اللي عمله ؟
, _ تنهد يحيي مستاءً ثم جلس علي طرف الفراش أمامه وردد موضحاً :-
, _ ولا جاي ابرر ولا جاي أدافع ، أنا جاي لك انت
, _ انفجر هاني ضاحكاً ومن ثم تحدث من بين ضحكاته :-
, _ لا يراجل جاي لي أنا!
, _ صمت هاني وقد انعكست تعابير وجهه الي الضيق :-
, _ أنا محدش كان جنبي ومازلت لوحدي ، انتو التلاتة مع بعض ديما لانكم أخوات من أم واحدة لكن أنا ديما منبوذ منكم ومن ابوك ومن كل اللي حواليا انتو مش شايفيني أصلا ..
, _ فغر يحيي فاهه ببلاهة لما سمعه لتوه وأردف معاتباً :-
, _ انت بتقول ايه يا هاني ده انا اللي بتقولوا عليه عيل عمري ما فكرت زيك ولا هفكر أصلا ، وبعدين جبت منين فكرة أنك منبوذ مننا دي ؟ أنا عن نفسي طول عمري شايفك أبويا التاني ، وبحترمك جدا ، ومفتكرش في مرة اني ضايقتك او حتي عملت تصرف يقلل من احترامي ليك ، والحج عمره ما فرق بينا إحنا الأربعة ، وديما بيشوف إحنا عايزين ايه ويحاول يعمله عشان يسعدنا ، وريان اللي انت واخد منه موقف ده اكتر واحد بيحبك فينا وديما بيكلمني أنه عايز يعملك اي حاجة عشان تكون مبسوط بس انت اللي شايف عكس كده يا هاني بص لكل اللي بيعمله لينا هو تقريباً مش بيعمل اي حاجة لنفسه كله راجع لينا إحنا ، من تعليمي لمصاريف هاجر رغم أنها متجوزة لمصاريف علاج الحج ولـ٣ نقطة
, _ صمت يحيي من تلقاء نفسه لا يتجرأ علي مواصلة حديثه فـ فيه اهانه لشقيقه الكبير بينما اعتدل هاني في جلسته وأردف بتهكم :-
, _ ومصاريفي أنا ومراتي ، كمل كلامك
, _ زفيراً وشهيق فعل يحيي وقال بنبرة رزينة :-
, _ اقصد من كلامي إن لو حد فينا كان اتظلم فهيكون ريان ، لأنه مكملش تعليمه بسبب وفاة امي اللي اتوفت وانا *** سنتين وهاجر ٨سنين يعني كنا عيال اوي منعرفش يعني ايه مسؤلية ، هو اللي شالها بدري وساب اكتر حاجة بيحبها وهي دراسته ، يعني هو صحي فجاءة لقي نفسه شايل مسؤلية طفلين وابوه اللي نظره راح بسبب السكر ، وساب تعليمه بعد ما جاب في الثانوية العامة ٩٨ونص ، وهب حياته لينا ولسه بيعطي كل حاجة لينا ، يبقي لازم نلتمس له العذر يا هاني وانت الكبير بتاعنا يعني أنت اللي تشيلنا مش هو بس الوقتي معتش هينفع لأننا كبرنا خلاص المفروض نكون سند ليه مش نزود همه فهمتني !!
, _ رمقه هاني بلا مبالاة وكأنه لم يصغي لحرف مما قاله يحيي وسئله بجمود :-
, _ هي رنا فين ؟
, _ اتسعت مقلتي يحيي بدهشة لجمود ردوده ، نهض بإندفاع ثم أجابه وهو يتوجه إلي الخارج :-
, _ معرفش ، شوفتها وهي خارجة من الباب
, _ أنهي جملته ثم دلف للخارج غير مصدق أنه لم يكترث لحرف واحد مما قاله في حق ريان ، تنهد بضيق ثم فتح الباب و دلف خارج المنزل وصعد إلي حيث يقطن ريان ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ شعر بأناملها تتلمس ظهره بنعومة بالغة ، نفخ في ضيق وتمتم بعصبية :-
, _ قولتلك يا دينا انزلي وسبيني لوحدي ايه اللي في كلامي مش مفهوم ؟
, _ لم يشعر بإختلاف كثيراً بل إزداد تقربها منه وعانقته بشدة وهي تتنهد :-
, _ للدرجة دي مش قادر تفرق بينا ؟
, _ اتسعت مقلتي ريان بصدمة جلية قد تملكته عندما عرف هويتها ، أبتعد وهو ينظر إليها بعدم استيعاب لما فعلته لتوها ، أغمض عينيه لبرهة ربما هذا كابوس ، فتح عينيه مرة أخري ، لكن لا ليس بكابوس لازالت واقفة أمامه مُشكلة ابتسامة علي ثغرها دون خجل , بأي وقاحة تتصرف تلك اللعينة ؟
, _ ازدرد ريقه وصاح بها مندفعاً :-
, _ انتي ايه اللي انتي عملتيه ده ، انتي اتجننتي ؟
, _ اقتربت منه لكنه دفعها بكل ما أوتي من قوة مستنكراً تقربها منه ، تنهدت رنا مرة أخري بشوق أكبر وأردفت بنبرة قد باتت محترقة من لهيب عشقها له :-
, _ أنا اتجننت بيك يا ريان ، انت إزاي مش حاسس بيا ، ازاي مش شايف حبي ليك اللي كل يوم بيزيد أنا بحبك اوي ، أنا أدمنتك أنا بقيت حافظة كل تفصيلة فيك حافظة ملامحك عارفة ايه اللي بيضايقك وايه اللي بيفرحك ، عارفة لما بتزعل بتروح فين ، عارفة انك بتحب الرسم بس بقالك فترة مش بترسم بسبب الضغوط اللي عليك ، عارفة بتحب ايه وبتكره ايه ، بتنزل امتي وترجع أمتي ، حفظت هدومك كلها وريحة برفاناتك ، حفظتك يا ريان !
, _ تقوس ثغرها بإبتسامة باهتة وتابعت مضيفة بألم وقد ترقرت الدموع من عينيها :-
, _ بحب التيشيرت الأسود اللي كان فيه خط أبيض عريض عارف انت بقالك أد ايه ملبستوش بقالك حوالي شهرين و٤ أيام ، معتش بتلبسه ليه يا ريان ؟
, _ صُعق ريان بما تتفوه به ، حسناً أنه ليس إلا كابوس سخيف ، لابد وأن يكون كذلك لا يمكن أن يكون حقيقة قط ، فرك عيناه بعصبية شديدة ونظر إليها مرة أخري وهي لازالت واقفة أمامه مثبتة بصرها عليه بأعين لامعة تتمني أن يخضع لها ،
, _ اقتربت منه بدلال بينما هو من هول الصدمة لم يستطيع رفع قدميه عن الأرض كأنه تجمد مكانه ، تلمست هي صدره من أعلي قميصه السماوي ، تنهدت وقالت بشغف وتمني :-
, _ نفسي أقرب منك اوي ، نفسي أدوق طعم حضنك ، هعيش لك خدامة طول عمري بس انت وافق واتجوزني هوريك اللي عمرك ما شوفته ، هدوقك الشهد كله ، هدلعك أكتر من دينا اللي أشك أنها بتعرف تعمل حاجة أصلا جرب انت بس ومش هتندم
, _ دنت منه أكثر وهي تقف علي أصابع قدميه وتتلمس صدره بنعمومة شديدة ، كادت أن تفتك به ، ما تلك المشاعر التي عصفت به ، لم يسبق له وأن شعر بتلك المشاعر القوية من قبل ، شعر وكأن روحه تُسلب منه شيئاً فشئ ، ماذا تفعل تلك الرنا به , اللعنة من ؟؟ رنااا
, _ صفعها ريان بكل ما أوتي من قوة علي وجهها بغضب عارم ، ثم دفعها بعيداً مستنكراً تصرفه ، رمقها بنظرات احتقارية مشتعلة وصاح بتقزز :-
, _ انتي ايه اللي عملتيه ده ، ازاي تسمحي لنفسك تقربي مني بالشكل ده ، قسما ب**** لولا إني عامل حساب لاخويا لكنت دفنتك مكانك يا ٤ العلامة النجمية ، انتي مش عارفة انا مين يابت ولا ايه ، انتي مش عارفة أنا ممكن اعمل فيكي ايه ؟ لو انتي عرفاني اوي كده اكيد عارفة اني شري وحش ومحدش يحب يجربه ، والقرف اللي انتي قولتيه ده تنسيه خالص أصل ورحمة أمي لا يهمني أخويا ولا حتي أبويا وهقتلك انتي فاهمة ولا لأ ، أمشي غوري من وشي قبل ما صبري ينفذ وأطربق الدنيا علي دماغك يا ٤ العلامة النجمية
, _ لم يلاحظ أياً منهم تلك العيون التي تقف علي بُعد تراقب ما يحدث في ذهول شديد ، انسحب بهدوء لكي لا يراه أحد وهبط الي منزله سريعاً وولج الي غرفته وأوصد الباب خلفه وقف يتنفس الصعداء وهو يلهث بعدم تصديق ، صعد صدره وهبط بصورة عنيفة مضطربة من هول ما رأي ..
, _ وقف أمام مرآته وتمتم لصورته المنعكسة :-
, _ يحيي انت لازم تنسي اللي شوفته ، عشان انت لو منستش الدنيا هتطربق ومحدش هيصدقك ولو صدقوك اخواتك هيقعو في بعض عشان حتة ٤ العلامة النجمية متستاهلش ، ريان أكيد هيوقفها عند حدها وهيعرفها قيمتها كويس ، بس هاني ، هاني هيعيش معاها ازاي وهي بتحب اخوه
, _ زفر يحيي أنفاسه بصعوبة وواصل حديثه بعد أن جلس علي طرف الفراش :-
, _ ايه اللي بيحصل ده بس أنا ايه اللي خلاني اطلع لريان وأشوف اللي شوفته ،
, _ عاد بظهره للخلف وأستلقي بجسده علي الفراش وهو يطالع سقف الغرفة بعدم تصديق :-
, _ أنا لازم اتكلم مع ريان ، لازم يعرفني أنا المفروض أعمل ايه ، ومن هنا لوقتها أنسي كل حاجة
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ صُدمت رنا من رد فعله التي كانت علي دراية بها لكنها لم تتوقع تلك القسوة البالغة منه ، اقتربت منه ولم تكترث لتحذيراته ، أستندت بمرفقها علي صدره وشكلت إبتسامة ماكرة :-
, _ انت مش هتقول لاخوك عشان مش هيصدقك أصلا
, _تراجعت للخلف عدة خطوات ورفعت إحدي أصابع يدها وأشارت بيدها الأخري عليه :-
, _ أخوك خاتم في صابعي مش هيصدق غيري أنا وبس ، انت عارف بتعامل معاه ازاي عشان يكون بالشكل ده ؟
, _ تعالت ضحكاتها بميوعة وتابعت مضيفة :-
, _ تحب تجرب وتقيم بنفسك ؟
, _ وصل ريان لذروة تحمله ، بصق عليها بإشمئزاز وهي مازالت واقفة بشموخ ولم تهتز لها خصلة ، بينما هبط ريان إلي الأسفل سريعاً وفتح باب منزله ليجدها جالسة علي الأريكة بتلك العباءة اللعينة ،
, _ تذكر تلك المشاعر التي راودته من خلف ما فعلته رنا ، فلم يسبق لدينا وأن فعلت مثل تلك الأشياء ، لم يشعر مسبقاً ولو بذرة مثلما شعر في تلك الدقائق المعدودة ، تنهد بضيق واندفع بها قائلا :-
, _ قومي ادخلي الاوضة يا دينا
, _ نظرت إليه بسودتاها متسائلة بفتور :-
, _ ليه ، أنا عملت ايه ؟
, _ ماهي دي المشكلة إنك مش بتعملي ، قومي ادخلي الاوضة لو سمحتي
, _ قالها ريان بحنق وهو يحاول جاهداً كبح غضبه ، بينما نهضت دينا متعجبة من أمر ذلك الريان التي لا تدري ماهي طريقة التعامل معه ، ولجت داخل غرفتها وفردت الغطاء أعلاها وباتت في ثُبات عميق ..
, _ سحق ريان أسنانه بغضب عارم وهو يتذكر كلماتها له ، من أين جائت بتلك الجرأة بل تعدت حدود الوقاحة بها وسمحت لنفسها بلمسه بجرأة دون أن تشعر بالحياء ،
, _ نهض بذعر وولج داخل مرحاض غرفته ووقف في منتصف المغتص الرخامي وهو يحك جسده بعصبية لكي يمحي أثار لمساتها القذرة التي لم تصل لجسده من الأساس ،
, _ يشعر بالتقزز الشديد ويريد التقيئ كلما تذكر قُربها منه ، أنهي حمامه ودلف للخارج ، رمق دينا بضيق شديد ، أيعقل أن لا يشعر معها بتلك المشاعر التي تمني تجربتها مرة أخري ، طرد أفكاره التي تصل دائما لذروة غضبه وارتدي ثيابه ودلف للخارج جاذباً معه غطاءه وغاص في نومه بين أحضان الأريكة ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ وقفا معاً أمام الغرفة التي قامت بحجزها عنود ورفضت اي مساعدة من ياسر الذي حمد **** علي رفضها فهو لم يكُن يملُك قرشاً واحداً وحتماً كان سيخجل أمامها ، ابتسمت له عنود بتكلف وأردفت بنبرة متهكمة :-
, _ شكراً جدا لمساعدتك
, _ مساعدة ايه انا معلمتش اي حاجة خالص أنا يدوب دليتك علي طريق الفندق
, _قالها ياسر بحرج وهو معلق نظره عليها ، لم تستطع عنود تفسير تلك النظرات المبهمة ،
, _ حمحمت ثم أردفت بخجل :-
, _ بعد أذنك أنا عايزة أقفل الباب لأني تعبانة ومحتاجة انام
, _ أماء رأسه بالموافقة و سألها قائلاً بإهتمام :-
, _ هتعرفيني قرارك أمتي ؟
, _ عقدت ما بين حاجبيها بغرابة فهي لم تعي قصده جيداً :-
, _ قرار ايه ؟
, _ أجابها ياسر بنبرة متلهفة لسماع قرارها :-
, _ قرار أنك هترجعي ولا هتستقري هنا ؟
, _ رمقته عنود متعجبة من اهتمامه بها ، تنهدت بحرارة وأجابته بتريث :-
, _ بكرة بإذن ****
, _ أماء رأسه بتفهم وقال بتردد بائن :-
, _ طيب خدي رقمي عشان لو احتجتي حاجة
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
٥


أوصدت باب غرفتها بعد أن أخبرته بعدم ملكيتها لرقم مصري ، جلست علي الفراش تستنشق أنفاسها وتحاول ترتيب أفكارها جيداً قبل أن تشرع في البدأ فيما تريد ،
, _ نهضت وتوضأت ثم شرعت في الصلاة بإتقان تناجي ربها أن يلهمها الصواب في قرارها ..
, _ ذهب ياسر إلي معرض ريان لكنه قد أغلق منذ زمن ، حتماً سيكون مغلق في مثل هذه الساعة ، تنهد مستاءً ثم سحب هاتفه من جيب بنطاله قام بالاتصال علي ريان الذي أجابه بصوت ناعس :-
, _ خير يا ياسر حصل حاجة ؟
, _ حمحم ياسر بحرج بائن لم يأبي أن يضع نفسه في مثل ذلك الموقف المخجل لكن لابد وأن يفعلها ، سحب نفساً عميق وقال بإرتباك خجل :-
, _ خير مفيش حاجة بس انت كنت قولتلي هتزود لي القبض وانا محتاج فلوس لأن بنت عمي ااا..
, _ قاطعه ريان بنبره رخيمة :-
, _ هو المعرض قفل صح ؟
, _ أجابه ياسر بتهكم وهو يطالع باب المعرض الموصد :-
, _ اه أنا واقف قدامه اهو
, _ اعتدل ريان في جلسته وفرك ذقنه براحتي يده وقال مختصراً حديثه :-
, _ طيب تعالي تحت البيت وانا هقابلك
, _ إلتوي ثغر ياسر بإمتنان شديد ، تنهد براحة ممزوجة بالسعادة التي تغلغلت لاعماق قلبه :-
, _ متشكر يا ريان أنا مش عارف اقولك ايه انت ونعمة الاخ
, _ ردد ريان بإقتضاب :-
, _ ده حقك ، يلا تعالي
, _ نهض ريان بكسل وقام برش بعض المياه علي وجهه لكي يستعيد وعييه كاملاً بينما أسرع ياسر خطاه الي منزل ريان ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ أنا محروج منك اوي بس حقيقي مضطر لولا وجود بنت عم..
, _هتف ياسر بحرج بائن بينما قاطعه ريان بنبرة جدية :-
, _ يابني مش مضطر تشرح انت أخويا الصغير يا ياسر , مش الصغير اوي يعني أنا كده كبرت نفسي اوي
, _ هتف ريان مازحاً بينما انفجر ياسر ضاحكاً علي دُعابته وربت علي كتفه ممتناً :-
, _ **** يخليك ليا يا ريان أنا أبويا نفسه مش بيعمل معايا اللي انت بتعمله ده
, ( ياسر منصور العراقي ، يبلغ من العمر السادس والعشرون ، طويل القامة رفيع الجسد ، يمتلك عيون ردماية اللون ذات لمعة مميزة ، بشرته حنطيه وشعره فحمي طويل بعض الشئ ، الابن البكري لوالديه ولديه شقيقة تدرس الإعدادية تُسمي ( اماني ) ..
, _ ابتسم ريان بتكلف وردد متسائلاً :-
, _ يلا روح شوف انت رايح فين ،
, _ شكره ياسر مراراً ثم غادر ، يريد شراء كل ما يوجد أمامه فقط من أجل أبنة عمه التي هزت كيانه منذ اللقاء الأول لهم ،
, _ تقوس ثغره بحماس بعدما أنهي جميع مشترياته وتوجه مباشرةً إلي الفندق ، قرع بابها بعد أن استأذن من موظف الاستقبال بالصعود إليها معلن عن هويته ،
, _ توجست خيفة في نفسها أثر طرقات الباب في ذلك الوقت المتأخر من الليل ، تمنت لو أن بإمكانها الإتصال بـ ياسر حتي تكون في حمايتها ، ماذا ؟ ياسر ؟ لما تفكر به الآن ؟
, _ ازدردت ريقها بخوف أكبر عندما تكررت الطرقات ، زفير وشهيق فعلت هي بتوجس ، توجهت نحو الباب بخطي متمهلة وهتفت متسائلة :-
, _مين ؟
, _ أنا ياسر
, _ هتف بها ياسر بنبرة متحمسة لرؤية طيفها بفروغ الصبر ، وضعت عنود يدها علي صدرها وازفرت أنفاسها براحة ثم فتحت الباب بعد أن عدلت من **** رأسها واستقبلته مرحبة بخجل ، تقوس ثغر ياسر عفوياً منه عندما ظهرت امام مرأي عينيه ،
, _ رفع المشتريات بالقرب منها بينما ضاقت بعينيها عليه بغرابة :-
, _ ايه ده ؟
, _ ابتلع ريقه وأجابها بتوتر جلي قائلاً :-
, _ ده آكل أكيد مأكلتيش بقالك فترة ، وده خط اشتريته عشان لو احتجتي لأي حاجة تكلميني ،
, _ أبتسم و تابع مضيفاً :-
, _ أنا ركبته علي موبايلي وسجلتلك رقمي عليه
, _ ابتسمت عنود رغماً عنها ، لا تدري لما يضحكها هذا الشاب باستمرار ، تصرفاته العفوية التي يتعامل بها تجبرها علي الابتسام وربما بعض الاعجاب ،
, _ دقت اسارير السعادة قلبه عندما أبتسمت لا يدري معني تلك الابتسامة التي رُسمت علي شفاها الورديتان لكن يكفي انها ابتسمت له فقط ،
, _ اخذت عنود الحقائب البلاستيكية ورمقته ممتنة :-
, _ متشكرة جدا You are very Kind انت لطيف جداً !
, _ فغر ياسر فاهه ببلاهة وردد بسعادة :-
, _ انتي ألطف
, _ انفجرت عنود ضاحكة علي أسلوبه الطريف بينما شعر ياسر بالحرج وهتف مختصراً حديثه :-
, _ طيب أنا همشي لو احتجتي حاجة رقمي معاكي
, _ هزت رأسها بإيماءة خفيفة بينما أولاها هو ظهره ثم توقف واستدار إليها قائلا بلُطف :-
, _ تصحبي علي خير
, _ إلمتعت بندقتاها وأجبرت شفاها علي الابتسام ورددت بخجل :-
, _ Good night ياسر
, _ يا لا روعة إسمه يالا جمال حروفه ، شعر بأنه يمتلك إسم ملكي بعد نطقها لإسمه ، كم نطقته بلُطف ورِقة ، أراد أن يسمعه مرة أخري ، كأنها تعزف سيفمونية وليست فقط تنطق اسمه ، أهو يبالع أم تلك هي لوعة الحب ؟!
, _ توردت وجنتيها بالحُمرة الصريحة خجلاً من أنظاره المثبتة عليها ، كما تعجبت أيضاً من تركيزه الشديد بها ،
, _ انت روحت فين؟
, _ هتفت متسائلة بحياء وهي تشير بيدها أمام وجهه ، ردد ياسر عفوياً منه بنبرة رخيمة :-
, _ فيكي!..
, _ اتسعت حدقتاها بذهول مما تفوه به لتوه ، وهربت ببصرها بعيداً عنه ، أنتبه ياسر لما قاله وقد تلونت وجنتيه بالحُمرة بسبب ذلة لسانه التي أوقعت به وبدي كالطفل أمامها ،
, _ حمحم بحرج و استأذن بالمغادرة وركض مهرولا خارج الفندق ..
, _ أوصدت الباب بإحكام ووقفت خلفه تبتسم علي ما بدر منه ، نظراته لها وعفويته معها تسبب لها حالة من الغرابة الممتعة أو ربما تعجبها !
, _ ضربت رأسها بخفة مُشكلة إبتسامة متهكمة :-
, _ إعجاب ايه بس ، روحي نامي احسن لك
, _ ألقت بجسدها المتهالك علي الفراش وعانقت وسادتها بقوة حتي باتت في ثُبات عميق دون بذل مجهود ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ عاد ريان لمنزله علي مضضٍ ، أوقفه حارس البناية قائلا بصوت متحشرج :-
, _ريان بيه الاسانسير اتصلح
, _ أماء إليه ريان برأسه ثم سار بإتجاه المصعد وولج داخله ، ضغط علي زر الطابق الذي يقطن به ،
, _ تفاجئ بتوقف المصعد عند طابق منزل والده كاد أن يضغط علي زر الصعود ربما حدث عُطل ما لكنه صعق عندما رآها أمامه بتلك الهيئة ،
, _لابد وأنها جنُت تماماً ، أهي واقفة أمامه بقميص نومها الذي يظهر اكثر مما يخفي ! أوصد عيناه وهتف بعصبية :-
, _ أمشي غوري من قدامي أصل ورحمة امي هفضحك وما هيهمني حد ..
, _ لم تعبأ لتهديداته وولجت داخل المصعد وهي تتغنج بكل وقاحة ، ضغطت علي زر الصعود للطابق العلوي ( السطح ) واقتربت منه بدلال مُشكلة إبتسامة ماكرة :-
, _ انت يعني لما تغمض عينك مش هقدر أقرب منك ؟!
, _ إلتصقت بصدره البارز أسفل ذاك القميص الرمادي ، سمحت ليدها بالتسلل أسفل ثيابه وتلمست صدره بنعومة ، شعر هو برجفة قوية في أوصاله أثر لماستها عليه ، خفقات قلبه تزداد عُنفاً مع مرور يديها علي جسده
, _ أوصدت رنا عينيها في بتلك اللحظة التي لا تحدث كثيراً ، أمسكت بيده ووضعتها علي خِصرها وأطلقت آنه لم تدري سببها أهي من فرط السعادة أم بسبب ضغطه علي خصرها ،
, _ فتحت عينيها لتتفاجئ بسودتاه يرمقانها بغضب عارم كاد أن يفتكها من شدته ، دفعها ريان مستنكراً تصرفاتها الوقحة التي تعدت اللامعقول ودلف خارج المصعد وهبط الي منزله هارباً منها ،
, _ وقف خلف الباب يتنفس الصعداء ، تلاحقت ضربات قلبه بعنف ، حاول أن يمحي تلك اللعينة من ذاكرته لكنها لا تذهب لأ تبرح عقله ، خيالها يراوده حتي وهو موصد العينين ، لماستها هزت جوارحه ،
, _ هز رأسه طارداً تلك الأفكار التي حتماً ستهلكه ، سحق أسنانه بغضب شديد وهو لا يدري ماذا يفعل حتي يُهدِئ من روعه ، لابد وأن يفرغ تلك الشحنة مع زوجته ، نعم هذا الحل الوحيد أمامه
, _ ولج داخل غرفته ولعن تلك العباءة التي تمني أن يُشقها نصفين حتي لا تعود وترتديها مرة أخري ، اقترب منها بتهمل ، جلس بجوارها علي الفراش وتلمس قدمها من أعلي ثيابها ، وما أن لمس طرف ثوبها حتي استيقظت دينا في ذعر واعادت تغطيه قدميها مرة أخري وهتفت بحنق :-
, _ في ايه انت بتعمل ايه ؟
, _ اقترب منها وتلمس قدميها برغبة يحاول خلع العباءة لكنها أبت وابتعدت عنه متسائلة بجمود :-
, _ في ايه يا ريان مالك ؟
, _ رمقها بنظرات مشتعلة ، جامدة لا تلين بشتي الطرق ، لما لا تفعل مثل اللعينة رنا ؟ ، أهي لا تعلم كيفية إغراء زوجها مثل رنا ، نفخ ريان بضجر لأنه بسبب تصرفاتها يعود تفكيره بالأخير الي رنا ،
, _ نهض وهو يتأفف بغضب عارم وولج داخل حمامه ثم فتح صنبور المياه الباردة ووقف أسفلها عله يهدأ قليلا ..
, _ عادت الي غرفتها يائسة من ذاك الذي أرهق قلبها ، جلست علي الفراش واغمضت عيناها وهي تعيد ما حدث منذ قليل ، سرت رجفة قوية في أوصالها لم يسبق لها وأن شعرت بها من قبل حتي مع زوجها الذي يتفنن لكي يرضيها فقط ،
, _ شعرت بيداه الغليظة تتلمس ذراعها والاخري تداعب خصلاتها المحررة ، ابتسمت بسعادة لينهال علي عنقها بقبلاته الناعمة التي تحولت إلي عنيفة بعض الشئ وهتف بإسمها الذي يعتبره لغة عشق بينهم :-
, _ رنا ..
, _ اتسعت مقلتيها بصدمة عندما وقع علي مسامعها نبرته التي تحفظها جيداً ، أصاب حدسها الأنثوي فهو هاني زوجها وليس ما تمنته ، شهقت بصدمة متمتمة بعدم تصديق :-
, _ انت !!
, _ ابتسم لها ببلاهة وقد عاد لما يفعله :-
, _ أيوة أنا اومال هيكون مين يعني ؟!
, _ حاولت الفرار من بين قبضتيه لكنه أبي فهو لن يبتعد عنها قبل أن يُكمل ما بدأه ، لم تعد تنجح في مسايرته وكأنه يأبي لمساته عليه بعد لمسات ريان التي أجبرته هي علي فعل ذلك ، انسدلت دموعها رغماً عنها وهو لم يعبأ لقطراتها الموجوعة قط ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ أشرقت الشمس وملئت الأرض بنورها ، استيقظ ريان علي أثرها ، وضع يداه أمام عينه يحاول حجب ذاك الضوء ، نهض من مكانه شاعراً بصُداع شديد يعتلي رأسه ،
, _ ضغط براحتي يده علي رأسه ربما يقلل من هذا الألم لكنه فشل ، ولج داخل غرفته وفتح درج الكومود وسحب منه اقراص مسكنة وتناول قرصين ثم ارتشف بعض المياه ورمق زوجته النائمة شزراً فهي لم تشعر من الأساس بعدم نومه بجوارها ألهذا الحد لا تعبأ له ؟
, _ شعر بالضيق يتغلغل تدريجياً بداخله حتي تملك منه الغضب الشديد ، أسرع في ارتداء ثيابه وهم بمغادرة المنزل قبل استيقاظها ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ نهضت من جانبه وهي تشعر بآلام متفرقة في جسدها بسبب الرجل البغيض التي تسبب في ذلك ، ولجت داخل حمامها وحظت بإستحمام سريع ، دلفت خارج الغرفة قبل أن يستيقظ وتُجبر علي مسايرته لحين ذهابه ، تقابلت مع يحيي في الممر الجانبي للغرف ،
, ابتسمت بتهكم وهتفت بإهتمام زائف :-
, _ احضرلك الفطار ؟
, _ رمقها يحيي بنظرات تحمل من التقزز الممزوج بالإحتقار قدراً ، شعرت بالغرابة من أمره فهي لم تعتاد تلك النظرات ، عقدت ما بين حاجبيها وتسائلت بفتور :-
, _ في إيه بتبصلي كده ليه ؟
, _ كاد أن ينفجر بها ويعترف بأنه رآي قذراتها التي تفعلها مع أخيه لكنه تماسك حتي لا تقلب عليه الطاولة حتماً تلك العقربة ستلدغ من يهد عُشها ،
, _ تنهد بضيق وحاول أن يجمع كلمات ليقولها :-
, _ أصل انتي عمرك ما حضرتي الفطار دينا اللي بتنزل تحضره فاستغربت ..
, _ ابتسمت رنا بتهكم وأجابته بإقتضاب :-
, _ انت حبيبي يا يحيي ليك معزة خاصة عن الكل ، ها تحب احضرلك الفطار ؟
, _ اتسعت حدقتي يحيي بصدمة أهذا بمثابة اعتراف لحبه هو الآخر ، ماذا تنوي فعله تلك اللعينة بعد ؟
, _ تركها وغادر سريعاً دون أن ينبس بحرف أسفل نظراتها المتعجبة من تصرفاته المبهمة التي تشهدها لأول مرة ، لم تبالي كثيراً وتابعت سيرها بتغنج نحو الباب لعلها تلمح طيف ريان وتهدئ من لهيب عشقها ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ استيقظت بشعور مختلف كلياً أتلك علامة علي مكوثها أم ماذا ؟ لا لن تتسرع في حكمها بالتأكيد ستظهر علامات أخري تثبت أن مكوثها هنا الأفضل لها ، لما تفكر فقط بالمكوث وليس بالمغادرة وكأن فكرة العودة قد حذفت من عقلها تماماً ،
, _ تنهدت بحرارة ثم ارتدت ثوب فضفاض نوعاً ما ، وقفت في شرفة الغرفة ذات المساحة الصغيرة التي تطل علي جميع زوايا الحب التي تقطن به ،
, سمحت لعينيها بمشاهدة الأماكن جيداً وكأنها تحفظ معالمه لكي يَسهُل عليها التحرك بها ، سحقاً لماذا يعود تفكيرها دائما بالمكوث ؟
, _ طردت أفكارها لكي لا تتسرع في أخذ قرارها ، يجب التأني قبل أي خطوة مُقبلة عليها كما تعلمت من والدها ..
, _ شكلت ابتسامة علي محياها عندما تذكرتهم وهتفت بألم :-
, _ **** يرحمهم ويسكنهم الفردوس الأعلى
, _ عاودت لتفحص كل ركن في المنطقة البسيطة التي لازالت بعض منازلها بالحجارة الحمراء ويُفصِل بين الحجارة والاخري لون رمادي ،
, _ والبعض الآخر من المنازل تقف علي محارتها رمادية اللون ، لمحت تلك اللوحة الضخمة التي يتوسطها إسم ( آل الريان ) للأثاث ، رفعت بصرها علي البناية الضخمة التي تعلو جميع البنايات الأخري ، وأيضا يعتليها ( آل الريان ) بالتأكيد نفسه صاحب معرض الأثاث ، صغت إلي قرع الباب ، توجهت نحو الباب بخطي متريثة ورددت متسائلة بنبرة مرتبكة فهي لم تعتاد المكان بعد :-
, _ مين ؟
, _ أنا ياسر
, _ هتف بنبرة متلهفة بينما فتحت له الباب بإبتسامة لم تتعدي شفاها ، بادلها ياسر ابتسامة شغوفة ورفع يده نحوها قائلاً :-
, _ فطار بسيط
, _ شعرت عنود بالخجل اتجاهه لا تدري لما ، لكن يوجد به شئ يثير ارتباكها ، شعرت بتلك الحرارة المنبعثة من وجهها فتأكدت انه سار كالبندروة من فرط الخجل ،
, _ استشف ياسر خجلها من تورُد وجنتيها ، أسرع بالقول متسائلاً :-
, _ ها قررتي هتعملي ايه ؟
, _ رفعت بندقيتاها عليه بغرابة وأردفت :-
, _ لا لسه مش عارفة أكيد يعني مش هلحق اقرر في الكام ساعة اللي أصلا أنا كنت نايمة فيهم ،
, _ تنهدت ثم واصلت حديثها المسترسل :-
, _ بس أكيد هاخد قرار سريع عشان الدراسة قربت تبدأ وأنا لازم أقدم ..
, _ رمقها ياسر بنظراته المبهمة التي لم تستطع عنود تفسيرها ، تابع هو متسائلاً بفضول :-
, _ انتي عندك كام سنة ؟
, _ أجابته بتلقائية عابثة :-
, _ ١٨ سنة
, _ اتسعت حدقتي ياسر بذهول وتمتم دون وعي منه :
, - ١٨ ! انتي صغيرة اوي!
, _ أبتسمت عنود بعذوبة وقد شعرت ببعض الحرج ليتابع ياسر مضيفاً :-
, _ اه شكلك صغير بس بصراحة متوقعتش أنك تكوني أقل من ٢٠ سنة وأنا اللي كنت ها٣ نقطة
, _ صمت من تلقاء لنفسه ، بينما رفعت بندقيتاها عليه ورمقته بعدم استعاب وأردفت متسائلة :-
, _ ها ايه ؟
, _ هز رأسه رافضاً متابعة حديثه وحاول تغير مسار الحوار :-
, _ لا ولا حاجة ، انتي معاكي رقمي لو احتجتي لحاجة كلميني هجيلك علي طول ..
, _ حركت رأسها بإيماءة خفيف ممتنة له ، أولاها ياسر ظهره وكاد أن يغادر لكنه توقف والتفت إليها :-
, _ هستني مكالمتك !
, _ عقدت عنود ما بين حاجبيها بغرابة :-
, _ ليه ؟
, _ حمحم بحرج بائن واردف بنبرة متحشرجة :-
, _ تعرفيني قرارك !
, _ إلتوي ثغرها بإبتسامة بشوشة بينما غادر وهو يشعر بالسعادة قد دقت طبول قلبه لظهور تلك الصغيرة في حياته ، لكنها أصغر مما توقع فبأي صفة ستقبل به في حياتها ؟ وبأي صفة يريد هو التقرب منها ، كأخ لها أم شئ آخر كحبيب مثلا أو ربما زوج ..
, _ انفجر ضاحكاً علي تفكيره الساذج وما زاده الا حماس لما هو أتٍ ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ وصل ريان الي ورشته الصغيرة التي بدأ منها ، رحب به المسؤل عنها ( رفعت ) بحفاوة واستقبله استقبال حار :-
, _ معلم ريان بنفسه هنا دي الدنيا نورت و**** اتفضل يا معلم
, _ ابتسم ريان بتكلف ثم جلس علي المقعد الخشبي وأشار لرفعت بالجلوس أمامه ،
, _ أمر رفعت أحد عماله بجدية :-
, _هات حاجة سقعة للمعلم ريان بسرعة
, _ رد عليه ريان مسرعاً :-
, _ ملوش لزوم يا معلم رفعت أنا جاي في حوار كده وماشي علي طول
, _ اعتدل رفعت في جلسته وأجبر حواسه علي الإنتباه جيداً وسأله بإهتمام :-
, _ خير يا معلم حوار ايه ؟
, _ تنهد ريان ثم ارتشف القليل من الماء الموضوع أمامه وبدأ في حديثه مباشرةً :-
, _ عديت بالصدفة علي ورشة الحج منصور ابن عم أبويا ولقيتها فاضية
, _ صمت ريان من تلقاء نفسه عندما رأي علامات التوتر قد اعتلت وجه الآخر ، أزفر أنفاسه بضيق و تابع حديثه مضيفاً بجدية حازمة :-
, _ ولما سألته الورشة فاضية كده ليه قالي أنك مش بتبعت له شغل ، خير حصل حاجة عشان تمنع الشغل من عنده كده فجاءة ؟
, _ شهيق وزفير فعل رفعت بتوتر ثم قرر مصارحته بحقيقة الأمور وله حرية التصرف :-
, _ يا معلم ريان أنا كنت بعمل اللي أمرتني بيه ، وكنت ببعت له بالعشر اوض في اليوم علي اني أستلمهم آخر الأسبوع ، آخر الأسبوع يجي والاقيه لسه بيبدأ في أول اوضة وانت عارف ان شغلنا بيكون اتفاقات علي مواعيد معينة وكنا اتأخرنا في كذا طلبية والناس بقت تشتكي وهددوني أنهم مش هيتعاملو معانا تاني ، وقتها دورت علي واحد بديل ليه وفي نفس الوقت ببعتله الاوضة اللي كان بيقعد فيها بالاسبوعين طلاما كده كده مش بيعمل غيرها
, _ تفاجئ ريان بحديث رفعت فياسر لم يبلغه بالأمر كاملاً ، ربما ليس لديه علم والا كان أخبره به ، تنهد بضجر بائن ثم نظر إلي رفعت قائلا بنبرة متريثة :-
, _ أنا لأني بحترمك وعارف أنك قاصد مصلحة الشغل مش هطول في الكلام بس بعد كده أي حاجة تحصل ترجعلي فيها قبل ما تاخد قرار من نفسك ، والكمية اللي كنت بتبعتها ابعتها تاني وانا هتكلم معاه بنفسي ،
, _ أماء رفعت رأسه بالايجاب بينما نهض ريان وقال :-
, _ بعد اذنك
, _ غادر المكان سريعاً وركب سيارته وعاد بها الي معرضه ليختلي بنفسه قليلاً لكي يرتب حسابات حياته التي انقلبت رأسا على عقب ..
, ٤٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ انتهزت رنا فرصة انشغال دينا في إعداد الغداء وأخذت مفاتيح منزلها ودلفت الي الخارج بهدوء لكي لا يلاحظها أحد ،
, _ صعدت إلي الاعلي وفتحت باب المنزل وولجت الي الداخل بخطي متمهلة ، أوصدت الباب خلفها برفق ثم تسللت داخل غرفته وما إن وقفت في منتصفها حتي تغلغلت رائحة عطره التي تعشقها الي أنفها الصغير ،
, _ اقتربت من خزانته وفتحتها ، أخذت تتلمس ثيابه وجميع أشياءه بيدها ، جذبت أحد قمصانه وعانقته بشدة كأنه هو من يعانقها وليس مجرد ثوب خالي من البدن ، توجهت نحو المرآة وامسكت بعطره ، رفعته بالقرب من أنفها وظلت تستنشق عبير رائحته التي بالتأكيد ستجن قريباً إن لم يسمح لها بالتقرب منه والاستمتاع بكل اشيائه ،
, _ أعادت العطر مكانه ، وتفحصت الغرفة سريعاً ثم هبطت الي الأسفل قبل أن يُفضح أمرها ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ جلس ريان علي مقعد مكتبه يرتشف قهوته الخالية من الدسم ، نظر إلي حيث الباب عندما سمع طرقاته ، سمح للطارق بالدخول وإذا به يحيي ، إلتوي ثغره بإبتسامة باهتة وأشار إليه بالجلوس ، جلس يحيي بالمقعد المقابل له وتعابير وجهه لا تبشر علي الخير ،
, _ وضع ريان فنجان قهوته علي مكتبه ونهض من مكانه وجلس بالمقعد المقابل لأخيه وتسائل بتوجس :-
, _ في ايه وشك مقلوب كده ليه ، حصل حاجة ؟
, _ تنهد يحيي بضيق عارم ممزوج بالخجل ، كيف له أن يصارح شقيقه الأكبر في هذا الموضوع ، هو ليس بتلك الجرأة حتي يتحدث معه بتلك الخصوصية ، لكن لم يكن أمامه سوي ان يبوح بما يوجد داخله ربما يدله ريان علي الصواب ..
, _ رفع عيناه علي ريان وأردف بحرج :-
, _ أنا سمعت كل اللي رنا قالته امبارح !
, _ اتسعت مقلتي ريان بصدمة جلية ، أيعقل أن رآه معها في تلك الحالة التي كانت عليها ، ابتلع ريقه وهو لازال مندهشاً ولا يدري ماذا يجيبه ..
, _ تابع يحيي حديثه وهو يفرك أصابعه بعصبية :-
, _ كنت طالع لك السطح وسمعتها وهي بت٣ نقطة
, _ لم يستطيع يحيي إكمال حديثه بينما تنهد ريان ببعض الراحة لأنه لم يري ما حدث في المصعد حتماً كان سيصعق أكثر من ذلك ،
, _ مال ريان بجسده للأمام لكي يكون أقرب إليه ، وضع يده علي فخذ يحيي قائلا بنبرة متريثة :-
, _ انت جايلي ليه يا يحيي ، أكيد شوفتني وانا بصدها ولا انت شاكك فيا و..
, _ قاطعه يحيي مبرراً قصده :-
, _ لا لا شاكك فيك ايه بس ، أنا مصدوم الموضوع مش سهل عليا وبصراحة أنا معتش طايق ابص لها بقيت قرفان منها اوي ، و مش عارف هقدر أمثل في تعاملي معاها لحد امتي ، ريان أنا جايلك عشان أقولك إديهم الشقة أنا معتش عايز اشوف وشها تاني
, _ سحب ريان نفساً عميق وعاد بظهره للخلف ورد علي أخيه بتهكم :-
, _ سبق ورفضت بحجة أنها شقتك بس الصراحة اني مش عايز البني ادمة دي في البيت أصلا ، ما انا كنت قولتلهم ماشي خدوها وكنت جبتلك واحدة أحسن منها بمليون مرة بس انا مش قابلها في البيت ولو كنت مش قابلها قيراط الوقتي مش قابلها ٢٤ قيراط ، أنا عايز أبعدها عني بأي طريقة وفي نفس الوقت هاني صعبان عليا أنه يعيش مخدوع مع واحدة زي دي بس انا عارف أنه مش هيصدقني لو قولتله ، فأنا اللي هقدر أعمله حالياً اني اجبله شقة بعيدة ، وبعيدة اوي كمان ،
, _ اؤمأ يحيي رأسه مؤيداً قرار أخيه :-
, _ ايوة يا ريان ياريت في أقرب فرصة ، ياريت قبل ما الكلية تبدأ لاني مش عايز حاجة تشغلني عنها ..
, _ ربت ريان علي فخذ يحيي مشكلاً ابتسامة عريضة علي ثغره :-
, _ أيوة بقا يا باشمهندس ، اوعي تيأس في يوم أنا في ضهرك ديما لحد ما تخلص دراستك
, _ ابتسم يحيي بإمتنان ووضع يده علي يد أخيه الموضوعة علي فخذه وأردف بحنو :-
, _ **** يخليك ليا يا ريان أنا من غير تشجعيك ووقفتك جنبي مكنتش دخلت الكلية اللي بحلم بيها من صغري
, _ نهض ريان واقترب منه وجذبه من ذراعه وعانقه بشدة :-
, _ أنا شايف نفسي فيك يا يحيي ، انت بتعمل اللي أنا مقدرتش أعمله ، بنجاحك مش هندم في يوم اني مكملتش تعليمي وحصل اللي حصل عشان اشوفك ناجح ..
, _ شد يحيي علي ظهر أخيه بقوة واردف بحماس :-
, _ **** يقدرني وافرحك يا حبيبي ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ وقفت عنود تضبط حجابها بعدما انتهت من ارتداء ثيابها ، قررت أن تحاول ثانيةً مع عائلة والدها ربما تلين قلوبهم وتتغلب صلة الرحم عليهم ويقبلوا بها بينهم ،
, _ وقفت أمام ذاك الباب التي غادرته أمس بعد أن تلقت صفعة قوية علي وجهها ، شعرت بنفس ألم الصفعة وتحسست وجنتها بحزن وكادت أن تغادر لكنها صمدت فهي ستحاول لآخر لحظة فتلك وصية والدها ،
, _ قرعت الجرس ، وبعد برهة فُتح الباب من قِبل فتاة صغيرة ، ابتسمت لها عنود ثم قالت :-
, _ ممكن أقابل اونكل منصور ؟
, _ رمقتها الفتاة بتفحص ثم تسائلت بفضول :-
, _ انتي مين وعايزة بابا في إيه ؟
, _ اتسعت ابتسامتها عندما تأكدت من هوية الفتاة ، كم تمنت أن تمكث بينهم أفضل لها من أن تعود وتمكث بمفردها ، تنهدت بحرارة واجابتها قائلة :-
, _ أنا عنود بنت ع٣ نقطة
, _ قاطعتها سعاد مندفعة بها :-
, _ انتي تاني ، انتي محرمتيش يابت انتي ، عايزة تضربي تاني عشان تخلي عندك ددمم ؟
, _ صُدمت عنود من ذلك الهجوم عليها ، حاولت أن تتماسك قدر المستطاع فهي أولاً وأخيراً تحاول فقط من أجل والدها ، واذا فشلت بمحاولاتها ستعود الي حيث جاءت علي الفور ..
, _ تنهدت ثم ردت عليها بإحترام :-
, _ لو سمحتي اسمعيني أنا مش عايزة حاجة منكم ، أنا بس عايزاكم تقبلوني بينكم ومش هكلف اي حد حاجة أنا هشتغل وهصرف علي نفسي بس يكفيني إني أكون وسط أهلي مش أكتر ..
, _ وضعت سعاد يدها في منتصف خصرها رافعة إحدي حاجبيها :-
, _ لا يابت صدقتك أنا ، ده انتي تربية أجانب يابت يعني **** أعلم انتي بنت سيف ولا بنت واحد تاني
, _ اتسعت مقلتي عنود بصدمة أكبر ، أغمضت عينيها تحاول جاهدة ألا تذرف دموعها وتظهر ضعيفة أمامها ، فتحت عيونها علي صوته الجهوري :-
, _ انتو واقفين علي الباب كده ليه ؟
, _ تسائل منصور ثم صُددمم عندما رآها مرة أخري ، تجهمت تعابير وجهه وصاح بها هدراً :-
, _ انتي جاية تعملي هنا ايه ، ما تغوري للمكان اللي انتي جاية منه ومتقرفيناش معاكي ومش عشان ابني حنين معاكي تفتكري اني هسمح لك تضحكي عليه لا أنسي
, _ صمت منصور لتتابع سعاد مضيفة بتهديد :-
, _ ده أنا آكلك بسناني لو فكرتي تقربي من ابني
, _ اجهشت عنود في البكاء لأولئك الناس عديمي الرحمة ، لكن لا لن تسمح لهم بإهانتها فلقد بلغت ذروة تحملها ، كفكفت عبراتها بأناملها ،
, _ اعتدلت في وقفتها أمامهم بشموخ :-
, _ أنا مش همشي من هنا دي بلدي زي ماهي بلدكم !
, _ رمقتهم عنود بنظرات مشتعلة ثم غادرت سريعاً هذا المكان الذي يسبب لها الضيق ، عادت الي غرفتها بالفندق واستلقت بجسدها علي الفراش وهي تعيد ما قالته متعجبة من أمرها :-
, _ أنا ليه قولتلهم اني هقعد هنا ، مش ده خالص اللي كنت مخططة له ، أنا كنت همشي لو فشلت معاهم ليه قولت كده ، وليه أصلا عايزة أكمل هنا ، وانا متأكدة اني هقابل مشاكل كتير ،
, _ أوصدت عينيها مخفية بندقتاها خلف جفنيها تحاول فهم ذاتها ، نهضت وتوجهت الي شرفة الغرفة وأستندت بمرفقيها علي سور الشرفة وهي تطالع المنطقة بشغف :-
, _ **** أراد اني اكمل هنا فيكي ، يا تري هيحصلي ايه؟
, _ هزت رأسها برفض لما تقوله متمتمة بندم :-
, _ أستغفر **** العظيم ايه اللي أنا بقوله ده ، **** يدبرلي امري ..
, _ عادت لتستكشف ثغر أخري في ذلك الحي البسيط التي ستمكث بها ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ حل الليل سريعاً ، علم ياسر ما حدث لعنود من شقيقته الصغري ، تدفقت الدماء في عروقه غضباً لما فعلاه والديه بتلك الصغيرة ،
, _ سحق أسنانه بغضب ثم دلف خارج المنزل متجه الي الفندق القاطنة هي به ، طرق بابها ووقف قيد انتظار ظهورها ، فتحت هي دون أن تعرف هوية الطارق وكأنها تثبت لنفسها مدي قوتها وتغلبها علي خوفها ،
, _ شكلت ابتسامة علي ثغرها عندما رأت ياسر ، فهي كانت علي دراية بأنه من يطرق بابها ، بينما تعابير وجه ياسر لم تتغير كثيراً وتحدث بنبرة محتقنة :-
, _ أنا عرفت اللي عملوه فيكي أنا اس٣ نقطة
, _ قاطعته ورددت قائلة :-
, _ متتاسفش لو سمحت ده مش ذنبك هما اللي المفروض يعتذرو ، والأيام بينا طويلة يمكن يندموا في يوم ويعتذروا
, _ ضيق عيناه عليها متسائلاً بإهتمام :-
, _ أفهم من كلامك إنك هتقعدي هنا ومش هترجعي ؟
, _ أماءت رأسها مؤكده حديثه ، انعكست ملامحه إلي السعادة وهتف بنبرة مرتفعة بحماس شديد :-
, _ كويس إنك قررتي تفضلي هنا ، أنا كنت هزعل اوي لو رجعتي
, _ ضيقت بندقتاها عليه متسائلا بفضول :-
, _ هتزعل! ، ليه ؟
, _ نظر إليها بحرج فهو منذ أن رآها لا يفعل شئ سوي ان يقع بلسانه معها ، تنهد ثم حاول تغير مسار الحوار بنبرة خجولة :-
, _ جبتلك عشا ،انا عارف ان الغدا علي الفندق عشان كده مجتش وقت الغدا أوعي تفتكري إني نسيتك ، أنا قولتلك انتي في حمايتي ولسه عند كلامي
, _ تقبلت عنود تغيره للحوار وبادلته إبتسامة عذبة لحديثه التي لم يفشل قط في إسعادها ، شكرته ممتنة لإهتمامه وذوق تعامله معها ثم أوصدت الباب بعدما تأكدت من مغادرته ..
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
٦


جلس ريان أمام والده وطلب من شقيقه المكوث معهم ، تنهد ثم قال بنبرة تريد الخلاص :-
, _ أنا جبتلك شقة بعيدة عن هنا نص ساعة ، مفتاحها اهو تقدرو تروحوا في أي وقت ..
, _ اتسعت مقلتي هاني بدهشة وهتف بعدم تصديق ممزوج بالذهول :-
, _ بجد ؟
, _ أماء ريان رأسه مؤكداً حديثه ، نهض هاني بحماس جلي ، تقوس ثغر ريان بإبتسامة ظناً أنه سيبادله عناق ، نهض هو الآخر حتي يعانقه ، لكنه تفاجئ بولوجه داخل غرفته ، ارتخت ملامح ريان بيأس وفقدان أمل فهذا هو أخيه ولن يتغير قط ،
, _ ولج هاني لغرفته مسرعاً ، اقترب من زوجته الحبيبة وحاوطها من ظهرها ثم رفع يده أمام عينيها :-
, _ مفتاح شقتنا يا روحي
, _ اتسعت خضروتاها بدهشة واستدارت إليه بجسدها ورددت بعدم تصديق :-
, _ بجد ، ريان وافق يعطينا الشقة اللي فوق ؟
, _ هز هاني راسه بإنكار وقال موضحاً :-
, _ لا دي شقة تانية بيقول بعيدة عن هنا نص ساعة ، بس مش مهم المهم أن بقي لينا شقة لوحدنا
, _ استشاطت غيظاً مما يفعله ذاك الريان حتي يُبعدها عنه ، لكن لا لن تخضع الي تصرفاته الحمقاء وتعلن إستسلامها بتلك السهولة التي يتوقعها فالطريق مازال طويلا حتي تصل إلي قلبه ولن تتركه قط ،
, _ تنهدت بغضب ثم أخذت المفتاح من بين يدي زوجها بعصبية ودلفت الي الخارج مندفعة بريان قائلة بوقاحة :-
, _ متشكرين يا معلم ريان إحنا مش بنشحت منك ، أنا مبسوطة هنا ومش همشي بالسهولة اللي انت مفكرها دي ، أخوك عندك اهو لو عايز يمشي هو يتفضل لكن أنا لأ ،
, _ اقتربت منه وانحنت بجسدها لتكون في مستواه وامسكت بيده ثم وضعت بها المفتاح وهي ترمقه بنظرات مشتعلة ثم ولجت داخل غرفتها مرة أخري أسفل نظرات هاني المصدومة ،
, _ بربك ماذا تفعلي أيتها المجنونة البلهاء ، أترفض الآن وهي من طالبت بتلك الشقة ، أليست هي من أذاقته مرارة الحياة فقط لكي تحصل علي تلك الشقة ، لقد افتعلت العديد من الأكاذيب الفارغة لكي تمنعه من التقرب منها حتي تملُك تلك الشقة ! إذا ماذا حدث الآن ؟
, _ ولج خلفها وطرق الباب بعنف واندفع بها بنبرة حادة :-
, _ ينفع أفهم ايه اللي انتي عملتيه ده ؟ مش دي الشقة اللي كنتي هتموتي عليا
, _ رمقته شزراً وهي تسحق أسنانها بغضب وصاحت به :-
, _ أنا عايزة الشقة اللي فوق مش التانية
, _ رفع حاجباه بذهول مستنكراً تصرفاتها المبهمة بالنسبة له وتمتم بعدم تصديق :-
, _ يسلام ! هي فرقت يعني ، فوق من تحت مش المهم اننا في الآخر هنتلم لوحدنا في شقة
, _ تأففت رنا بضيق بائن ثم أولته ظهرها متوعدة لريان متمتمة بداخلها :-
, _ماشي يا ريان عايز تبعدني عنك ، ده بعدك ، بكرة انت اللي هتجيلي تتمني رضايا استني عليا بس مش رنا الدمنهوري اللي يتضحك عليها ..
, _ خارج الغرفة .. تنهد ريان مستاءً وهتف بتهكم :-
, _ أنا كده عملت اللي عليا يا حج
, _ عداك العيب يابني
, _ قالها ماهر بآسي لما يحدث ، بينما استأذن ريان ثم صعد إلي الاعلي ، كاد أن يفتح الباب لكنه تراجع وفضل المكوث مع صديقه قليلاً قبل أن يقابل ذات الرداء الفضفاض ، ظهرت علي ثغره إبتسامة ساخرة عندما وصفها بذلك الوصف ،
, _ هبط سريعاً إلي الأسفل قبل أن تشعر بوجوده ،وقام بالاتصال علي صديقه خالد قائلاً :-
, _ ايه يابني انت فين ؟
, _ أنا في البيت في حاجة ؟
, _ قالها خالد وهو يُقبل وجنتي أية ( زوجته ) بحُب ، أجابه ريان بتوسل :-
, _ طيب ما تنزل تقعد شوية علي القهوة أنا مش عايز اطلع البيت من بدري كده !
, _ رمقته اية بنظرات رافضة تماماً لتلك الفكرة ، ابتسم خالد علي تصرفاتها ثم هتف قائلا :-
, _ خمس دقايق وهتلاقيني عندك ، سلام
, _ ابتعدت عنه وقد اعتلي الغضب تقاسيم وجهها وصاحت به :-
, _ هتنزل وتسيبني يا خالد ، ماشي براحتك يلا قوم روح لصاحبك
, _ تعالت ضحكاته ثم جذبها لاحضانه مرة أخري ، حاولت التملص من بين ذراعيه لكنه أبي أن يتركها قائلا بحدة مصطنعة :-
, _ما تهدي بقا ، ريان مش بيطلب نقعد في القهوة غير قليل جداً وغالبا بيكون مخنوق من حاجة فطبيعي اقف معاه ولا ايه يا يويو ؟
, _ تنهدت مصطنعة الحزن :-
, _ خلاص خلاص انا لحظة كمان وهشفق عليه
, _ لكزها خالد في ذراعها قائلا بمزاح :-
, _ اتلمي يابت ويلا قومي حضريلي هدوم علي لما أخد دوش سريع
, _ غمز إليها بعيناه بينما هي قهقهت بدلال ، بادلها خالد الضحك هو الآخر وهتف مازحاً :-
, _ إلعب يا سمك
, _ نهضت أية من جانبه وتعمدت أن تتغنج أمامه ربما يشعر بالندم حيالها ، استدارت إليه ورمقته بطرف عيناها :-
, _ انت الخسران أصلا مش انا ..
, _ زم شفاه بحزن زائف وردد مستاءً :-
, _ عارف و**** بس خليها عليكي المرة دي ، يلا بقا اعملي اللي قولتلك عليه بسرعة
, _ أرسل إليها قُبلة في الهواء ثم ولج داخل حمامه لينعم بإستحمام سريع ..
, _ أنهي حمامه ودلف للخارج ، ارتدي ثيابه التي أحضرتها أية ثم أقترب منها وقبل طرف شفتيها بنعومة شديدة :-
, _ سلام يا حبيبي
, _ اقتربت هي منه وقبلته في وجنته قائلة برقة :-
, _ متتأخرش ..
, _ أماء رأسه ثم غادر المنزل متوجهاً الي المقهي الذي يجلسان به دوماً ، وصل إلي ريان وجلس مقابله وقال متسائلا بإهتمام :-
, _ مالك يا بني انت مش بتطلب نقعد هنا غير لما بيكون في حاجة ؟
, _ زفر ريان أنفاسه بضجر بائن وهتف مغيراً مسار الحوار :-
, _ لا عادي عايز أسهر معاك بس مش أكتر ..
, _ رفع خالد حاجبيه بعدم تصديق :-
, _ مممم هحاول أصدقك ، تلعب طاولة ؟
, _ ظهرت إبتسامة عريضة علي ثغر ريان قائلا بغرور :-
, _ وحشتك الخسارة ؟
, _ انفجر خالد ضاحكاً واجابه من بين ضحكاته :-
, _ ده انا هقطعك يا عراقي بس اصبر عليا بس ..
, _ مر ياسر وألقي التحية عليهم وردد مرحباً :-
, _ مساء الخير يا رجالة
, _ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة وسأله بفضول :-
, _ راجع منين كده في الوقت ده ؟
, _ اقترب ياسر منهم وسحب مقعد وجلس بينهم وأجاب ريان قائلا بتهكم :-
, _ مفيش كنت عند بنت عمي في الفندق
, _ ضيق ريان عينيه عليه عاقداً حاجبيه بغرابة وسأله متعجباً :-
, _ هي بنت عمك قاعدة في فندق ليه ؟
, _ حمحم ياسر بحرج وهتف موضحاً :-
, _ أهلي مش قابلينها مع إن هي و**** محترمة جدا وهادية وتتحب و٣ نقطة
, _ صمت ياسر من تلقاء نفسه عندما أدرك وقوعه بالحديث ورأي كلاً من خالد وريان يرمقانه بنظراتهم المتعجبة ثم انفجرا كليهما ضاحكين ، أسرع خالد بالحديث ساخراً :-
, _ ده العراقي الصغير وقع ولا حد سمي عليه
, _ تابع ريان مضيفاً علي حديث صديقه :-
, _ انت نويت يابني علي الجواز بالسرعة دي ؟
, _ عقد ياسر حاجبيه بتعجب وتسائل بفتور :-
, _ هو مش مسألة جواز أكيد في الوقت ده ، ده انا لسه عارفها من يومين بس انا مرتاح لها دي كل الحكاية
, _ ردد خالد وهو يُكمل لعبه مع ريان دون أن ينظر إلي ياسر :-
, _ مرتاح وبعدها مرحلة إعجاب وبعدها تدخل علي الانجذاب وهوبا تقع في الحب يا عزيزي
, _ تقوس ثغر ياسر بإبتسامة خجولة وقد تلونت وجنتيه بالحُمرة خجلاً ، ثم تسائل ريان بغرابة :-
, _ وليه يعني ميتجوزهاش علي طول بدل اللفة دي كلها ؟
, _ رمقاه كليهما بنظرات مبهمة لم يستطيع تفسيرها حتي شعر ريان أنه قد فعل شئ فادح بسبب نظراتهم ، ابتلع ريقه وتسائل بحيرة :-
, _ في ايه بتبصولي كده ليه ؟
, _ أجابه ياسر موضحاً :-
, _ جواز من غير حب ازاي ، دي تبقي حياة شكلها ايه دي ؟
, _ أضاف خالد لحديث ياسر قائلا بنبرة متريثة :-
, _ يابني في ناس بتدخل حياتك تتحكم في دقات قلبك ، تلاقي قلبك هادي وأول لما يشوفهم يعمل مهرجانات جوة كأنه مش بيشتغل غير في وجودهم ،
, _ ردد ريان ساخراً :-
, _يسلام هو البني ادمين كمان اللي بقت بتتحكم في دقات القلب يا سبحان **** !
, _ عقد خالد ما بين حاجبيه بغرابة وهتف متسائلا بفضول شديد :-
, _انت محستش الأحاسيس دي مع المدام قبل الجواز ولا ايه ؟
, _ شعر ريان لوهلة بالخجل الشديد لأنه لا يعلم عن ماذا يتحدثون ، انجذاب وإعجاب ماذا ؟ أليس مفهوم الحب هو الزواج ؟ أهناك شيئا اخر يجهله ؟
, _ كاد أن يسألهم لكنه تراجع فمن الممكن أن يقع في موضع سخرية بينهم ، لا ليس من الضروري أن يسألهم شئ ، تنهد بضجر وشد تعابير وجهه وتلك كانت طريقته دوماً للفرار من أي حوار ، بينما ضحك خالد علي حالته وأردف بثقة :-
, _ عارف أنا الوش ده طلاما خَشِب كده يبقي إحنا دخلنا في منطقة محظورة ، كمل لعب يا ريان أحسن ..
, _ واصل كليهما اللعب بينما استأذن ياسر وهم بالمغادرة وتركهم يُكملوا سهرتهم بمفردهم ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ استيقظت بنشاط في الساعة السادسة صباحاً ، ارتدت ثيابها التي أعددتها أمس استعداداً للتقديم بالجامعة ، أبتسمت متحمسة وهي لا تطيق الانتظار لأكثر من ذلك ،
, _ أمسكت بهاتفها وضغطت علي زر الاتصال بياسر ، وقفت في الشرفة قيد انتظار إجابته بفروغ الصبر ، لم تمر إلا ثواني معدودة حتي استمعت لنبرته الرخيم :-
, _عنود أنتي كويسة ؟
, _ ابتسمت لإهتمامه بها وأجابته بنبرة رقيقة :-
, _ الحمد**** ، بس انا كنت عايزة منك طلب !
, _ اعتدل من نومه وأجبر جميع حواسه علي الاصغاء لها لتضيف هي قائلة :-
, _ الدراسة قربت تبدأ وأنا محتاجة أقدم وإلا السنة هتروح عليا ينفع تساعدني لاني طبعا معرفش الاماكن هنا ..
, _ أبتسم بسعادة لأنه أول من لجئت إليه وطالبت بمساعدته ، ربما لأنها لا تعرف شخص آخر ، تجهمت تعابير وجهه عندما صارح نفسه بتلك الحقيقة ، تنهد بحرارة ثم أجابها :-
, _ تمام خمس دقايق وهكون عندك ..
, _ نهض وهو يتثائب بكسل ثم ولج داخل الحمام ، سكب بعض المياه علي وجهه ومن ثم عاد لغرفته وارتدي سريعاً حتي يذهب إلي تلك الصغيرة التي سلبت عقله تماماً ،
, _ إلتوي ثغره بإبتسامة عذبة عندما تذكر ملامح وجهها الخجولة وآخري لإبتسامتها الرقيقة التي لا تتعدي شفاها الورديتان ،
, _ شعر بنبضات قلبه التي تزداد عُنفواناً عن ذي قبل وتمني لو يحطم تلك الجدران التي تفصل بينهم ويصل إليها في أقل من الثانية ،
, _ تنهد بحرارة واغمض عيناه مُشكلاً إبتسامة علي ثغره وهو يراها أمامه في عالمه الخاص به ، فتح عيناه ليتفاجئ بوالدته ترمقه بغرابة من أمره وتسائلت وهي تضع يدها علي ذقنها :-
, _ انت واقف عندك بتضحك علي إيه ؟
, _ ابتلع ريقه ثم غادر من أمامها دون أن يتفوه بكلمة ، رمقته بتعجب وسارت خلفه هاتفه بغضب :-
, _ انت هتفضل متكلمنيش لأمتي أن شاء **** ، كل ده عشان حتة البت اللي لا نعرف أصلها ولا فصلها ، حِكم ياما هنشوف
, _ التفت اليها ورمقها بنظرات مشتعلة وقال بغضب يحاول كبحه :-
, _ البت دي بنت عمي يعني عرضي وعرضكم قبل مني ، دي حتي لو جاية من الشارع وملهاش أهل وطلبت مساعدتنا لازم نعُولها ونحميها ، ما بالك بقا ببنت عمي يعني واحدة من العيلة تعملوا فيها كده ؟ لو انتو قاسيين أنا مش قاسي وهقف جمبها ..
, _ وضعت يديها في منتصف خصرها رافعة إحدي حاجبيها مندفعة فيه :-
, _مالك محموق لها اوي كده ليه أوعي تكون لعبت في دماغك يا حيلة !
, _ أزفر أنفاسه بضجر بائن لذاك الحوار المثير للجدل ، حاول أن يتحلي بالصبر قدر المستطاع واجابها بهدوء :-
, _ البنت دي أنا هتجوزها يا امي ،
, _ شهقت سعاد بصدمة وهي تضرب بيدها علي صدرها :-
, _ يلهوي تتجوزها ، تتجوز تربية أجانب و**** أعلم لو كانت بكيستها ولا لأ !
, _ ضيق عيناه بغرابة من أمرها وصاح بها مندفعاً ولم يستطيع السيطرة علي كبح غضبه أكثر من ذلك :-
, _ كيس ايه ومشمع ايه ، تربية الاجانب دي أنا مشوفتش واحدة في ربع احترامها هنا في بلدي ، وآه هتجوزها ما انتوا رافضينها وأنا لازم أقف جنبها بس مش بصفتي ابن عمها ، لا بصفتي جوزها اللي هيحميها منكم ..
, _ رمقها ياسر بنظرات تحدي تدل علي إصراره الكبير علي قراراه ثم تركها وغادر المنزل ، لطمت هي علي صدرها بقوة مرة أخري ورددت بحسرة :-
, _ يتجوزها ! الحرباية لافت علي ابني لحد ما وقعت الشاب اللي زي الورد هتعمل زي أمها أخدت أبوه من وسط عيلته ومات ومحدش يعرف عنه حاجة العقربة ..
, _ اعتدلت في وقفتها لتكون أكثر جرأة وشموخ وواصلت حديثها قائلة بتحدي :-
, _ لكن ده بعُدها الحرباية دي ، ده الحيلة هو في غيره عشان تيجي تاخده كده علي الجاهز ..
, _ أسرعت خطاها وولجت داخل غرفتها ، وقفت أمام زوجها وهتفت بصياح جلي :-
, _ انت لازم تتصرف أنا ابني هيضيع مني ، الحرباية لدغته بسمها وانا لا يمكن اسيبه يضيع حياته بإيده
, _ وضع منصور يده علي فمها ليجبرها علي الصمت وردد متسائلاً :-
, _ ششش في ايه مسورة وانفجرت حرباية ايه اللي بتتكلمي عنها ؟
, _ أزفرت أنفاسها وقالت بنبرة سريعة لم يفهم منها شئ :-
, _ البت اللي بتقول أنها بنت أخوك دي
, _ مالها ؟
, _ تسائل منصور بعدم استيعاب الأمر بعد ، بينما أجابته سعاد وهيي تسحق أسنانها بغضب عارم :-
, _ إبنك عايز يتجوزها
, _ ايييييه ؟
, _ صاح بها مندفعاً وهو يسحق أسنانه بغضب ، رمقها بنظراته التي لا توحي بالخير ثم صاح متوعدا لها :-
, _ ده يكون آخر يوم في عمرها ، عايزة تعمل في ابني زي ما أمها علمت في اخويا ،
, _ أنهي جُملته ثم غادر سريعاً وهو يتوعد لها بداخله ، تفاجئ ياسر بوقوفها علي باب الفندق مُشكلة ابتسامة عذبة مختلفة تماماً عن ذي قبل مليئة بالنشاط والحيوية ظاهرة برائتها وكأنها طفلة ،
, _ بربك ماذا تقول انت ؟! هي بالفعل طفلة ،ابتسم لها وألقي التحية عليها بحفاوة :-
, _ انتي واقفة هنا ليه ؟
, _ زفيرا وشهيقاً فعلت هي بحماس جلي في خلاياها محافظة علي ابتسامتها الهادئة التي ازدادت إشراقة واجابته بنبرة متحمسة :-
, _ مش قادرة استني لحظة كمان عايزة أروح أقدم حالا انت متعرفش أنا بحلم باللحظة دي من أمتي ..
, _ شعرت بتلك الحرارة المنبعثة من وجهها عندما رأته يتعمد النظر إليها بعيناه اللامعة وكأنها تروي له قصة ، لما كل هذا الاهتمام الذي يبادر به نحوها دائماً ، لم تنكر أنها أحبت نظراته التي تحمل الفخر كما كان يفعلا والديها دائما بنظراتهم المرموقة قبل أن يأدوا رأيهم ..
, _ تنهدت وأردفت بإرتباك خجل :-
, _ هتفضل تبصلي كتير ؟
, _ لآخر يوم في عمري ..!
, _ قالها ياسر بلا وعي منه ، رمقته بإندهاش جلي لتصريحه لها ، اتسعت مقلتيها بذهول كما خفق قلبها بعُنف ،
, _ لم يكترث ياسر لما تفوه به ولن يعتذر هذه المرة فتلك البندقتين تربكانه دائماً ولا يدري ما عليه قوله أمامها ، لكن تلك المرة لم يشعر بالضجر وكأنه يريد الخلاص من لهيبه المشتعل بداخله وليحدث ما يحدث ،
, _ تعمد أن يطالعها بعذوبة عاشقة لذات البندقيتين التي آذابت قلبه وسار مُتيم بها ، نعم أيام قليلة لم تجمع بينهم أي مواقف تتعدي حاجز المعقول لكنه لأول مرة يسمح لفتاة بأن تسلب عقله وروحه بلا إرادة منه ،
, _ أحبها كما هي ولا يتمني غيرها إمرأته ، هي صغيرة لكنها نجحت بعفويتها بسلب قلبه منه دون إرادة وكأن قلبه بات خاليا من دونها ..
, _ رفعت يدها الصغيرة أمام وجهه تشير إليه محاولة تنبيهُ أو ربما إيفاقته من تلك الدوامة التي غرق بها ، ابتلع ريقه وأردف بنبرة شغوفة :-
, _ يلا بينا ؟
, _ أماءت راسها برفض وتابعت متسائلة بإستفسار :-
, _ يعني ايه اللي انت قولته حالا ؟
, _ تعجب ياسر من سذاجتها أو ربما تعمدها لجهل ما قاله حتي تجبره علي البوح بمشاعره ، لكن لا ليس وقت مصارحة الآن ، لننهي إجراءات إلتحاقك بالجامعة أولاً يا صغيرتي ومن ثم نبوح لاحقاً ..
, _ يلا عشان منتأخرش
, _ أردف بها وهو مشكل إبتسامة علي ثغره أسفل نظراتها المبهمة عليه ، حاول أن يتماسك أمامها قدر الإمكان حتي لا ينفجر ضاحكاً بينما لم تعلق عنود عليه ربما ليس بالوقت المناسب لتفسير ما قاله ،
, _ سحبت نفساً عميق وسارت بجواره تاركة بعض المسافة بينهم وما إن خطت خطوة حتي شعرت بحرارة الصفعة التي دوت علي وجهها ،
, _ رفعت بصرها لتعرف هويته وتفاجئت بعمها منصور هو من صفعها ، ترقرقت الدموع في عينيها وهي ترمقه بنظراتها البريئة بينما تفاجئ ياسر بفعلة والده ، اقترب منه وهو لازال مصدوماً وهتف بعدم تصديق :-
, _ انت بتضربها ليه هي عملت لك ايه ؟
, _ أمسك منصور بذراعه وأجبره علي الإبتعاد عنها قائلا وهو يرمقها بنظرات مشتعلة :-
, _ ده جزاتها لما فكرت تخطفك من أهلك زي أمها خطافة الرجالة اللي أخدت أخويا معاها ومنعته عننا
, _ دني منصور منها وأردف من بين أسنانه المتلاحمة :-
, _ بس ده بُعدك يابت انتي ، ابني خط أحمر اخرك تحلمي بيه ، تتمنيه ، لكن تطوليه مش هنولهالك
, _ اجهشت في البكاء وهي لا تعي عن ماذا يتحدث ذاك الرجل ، لكنها لن تضعف أمامه مطلقاً ، كفكفت عبراتها بأناملها ثم عدلت من وقفتها لتكون أكثر جُرأة وشجاعة ورفعت سبابتها في وجهه محذرة :-
, _ أنا أمي مش خطافة رجالة أنا أمي حبت أبويا ، وده سبب أنه يسيبكم ويروح لها ، بس انتو هتعرفوا ايه عن الحب ياحرام صعبت عليا
, _ صمتت من تلقاء نفسها عندما دوت صفعة أخري علي وجهها لكن تلك المرة كانت أشرس وأعنف ، اقترب منها منصور وجذبها من حجابها هاتفاً بحنق :-
, _ أنا هوريكي أنا هعمل فيكي ايه ، عشان مش حتة بت زيك اللي تتكلم معايا أنا كده ، أنا مبصعبش علي حد يروح أمك
, _ تفاجئ الجميع بمرور منصور في المنطقة وبيده فتاة صوت صراخها عالٍ يدوي في المكان ، حاول ياسر منعه مراراً لكن محاولاته بائت بالفشل الذريع ، فوالده أقسم أن يهينها أمام الجميع لكي تترك تلك البلدة وتفر هاربة خشية من أفعاله معها ،
, _ ألقي بها منصور في منتصف المنطقة ، تجمع حشد كبير من أهالي المنطقة أثر صياحهم ليعلموا حقيقة تلك الضجة ..
, _ هتف ياسر بتوسل :-
, _ يا بابا كفاية اللي بتعمله ده انا عمري ما هسامحك ابدا
, _ رمقه منصور شزراً وقد لوي ثغره متصنع الحزن وخيبةالامل وصاح بنبرة مرتفعة :-
, _ سمعتوا يا ناس ، سمعتوا ابني الحيلة بيقولي ايه ، عشان حتة بت جاية تخطفه زي ما أمها خطفت أخويا قبل كده ، شاهدين علي اللي بيحصل عشان محدش يلومني علي اللي هيحصل مني ، ده مهما كان ابني برده ، ابني اللي بيقولي مش مسامحك عشانها ..
, _ وقعت علي مسامع ريان تلك الضجة الخارجية ، نهض وتوجه الي الخارج حيث تفاجئ بالحشد الهائل من سُكان المنطقة واقفين التي أمامه ،
, _ نادي علي أحد عماله بصوت جهوري متسائلا عما يحدث :-
, _ هو في ايه يابني ، ايه اللمة دي ؟
, _ رفع العامل كتفه وأردف :-
, _ مش عارف بس بيقولوا الحج منصور بيتخانق ..
, _ عقد ريان ما بين حاجبيه ثم سار مهرولاً نحوهم ، اجتاز ذاك الحشد الهائل بصعوبة بالغة ، واخيرا وصل لآخر نقطة ليتفاجئ بمنصور يصفع فتاة مُلقاه علي الأرض تصرخ بشدة ،
, _ ركض نحوهم وأمسك بذراع منصور قبل أن يصفعها للمرة التي لا يعلم كم عددها ، رمقه ريان بنظرات مشتعلة وصاح به هدراً :-
, _ ايه اللي انت بتعمله ده يا عم منصور ، انت بتضرب بنت في الشارع وفي منطقتي ؟
, _ ابتلع منصور ريقه وحرر ذراعه من بين قبضتي ريان ، وعاد ببصره إلي عنود وبصق علي وجهها بتقزز ، صعق ريان من تصرفاته الوقحة وأسلوبه المهين حيال تلك الفتاة ،
, _ وقف ريان مُشكلاً حاجز بين منصور وبين الفتاة وأجبره علي الإبتعاد قائلاً بإندفاع :-
, _ احترم نفسك بقا ، لولا صلة القرابة اللي بينا كان ليا تصرف تاني معاك
, _ احتدت نظرات منصور علي ريان وهتف بغضب :-
, _ انت إزاي بتكلمني كده المفروض تحترمني ده أنا راجل كبير أد أبوك
, _ سحق ريان أسنانه لهذا المختل وأجابه بنبرة حادة ممزوجة بالخجل لكونه قريبه :-
, _ وهو في راجل كبير يمد أيده علي بنت في الشارع كده وسط الناس ؟
, _ أجابه منصور بحنق يريد انهاء هذا التحقيق السخيف :-
, _ بنت اخويا وبربيها محدش له دعوة
, _ اتسعت حدقتي ريان بصدمة جلية واردف ولازال في حالة ذهول تام مسيطر علي تقاسيم وجهه :-
, _ بنت أخوك ! يعني عرضك وتعمل فيها كده في الشارع ؟
, _ حاول منصور العودة إلي عنود لكن منعه ريان و أبي أن يفتح له مجالاً للعودة إليها واضعاً إحدى يده علي صدر منصور محذراً :-
, _ أقف مكانك يا راجل يا كبير يا عاقل
, _ بحث ريان بسودتاه علي ياسر وما أن رآه حتي صاح به مندفعاً بصوت جهوري :-
, _ تعالي هنا!
, _ حرر ياسر نفسه من بين ذراعي هؤلاء الرجال الذي أمرهم منصور بالامساك به حتي لا يمنعه عما يفعله بتلك اللعينة ، أسرع ياسر نحو عنود مباشرة وجلس القرفصاء مقابلها ، انسدلت قطرة من عيناه علي حالتها المذرية ، لم يتمني أن تُهان بهذا الشكل مطلقاً ، أزفر أنفاسه بضجر بائن وردد بنبرة محتنقة :-
, _ انتي كويسة ؟
, _ لم ترفع بندقيتاها هذه المرة وظلت تبكي بحرقة ، لم تكن بتلك الشجاعة التي ظنت أنها تمتلكها ، كيف ستواجه كل هذا الحشد من الناس بعد أن هانها ذاك الرجل المدعو عمها بهذا الشكل المُشين ، أين كرامتها ؟ أين كبرياؤها التي تتحلي به ، لم تتوقف قطرات عينيها عن النزول مطلقاً ، ياليته طعنها بخنجر ولم يفعل ذلك بها ،
, _ خد بنت عمك وامشوا يا ياسر وادخل عندي المكتب
, _ قالها ريان بنبرة آمره ليومأ ياسر رأسه موافقاً ثم مد يده إليها :-
, _ تعالي معايا
, _ رفعت عنود رأسها ومررت انظارها علي الجميع بحياء شديد ، صعقت من هذا الكم الهائل الذي يشاهدها ، وضعت يدها أمام وجهها تخفيه من نظراتهم التي تتآكلها بشراهة ظاهرة ،
, _ استشف ريان خجلها من خلف تصرفاتها ، رفع بصره علي الجميع وصاح هاتفاً بحدة :-
, _ يلا كل واحد يروح مكان ما جه ، مش عايز حد هنا
, _ بدأ الجميع في الانسحاب واحد تلو الآخر حتي بات المكان خالياً إلا من عنود وياسر وريان ومنصور ..
, _ زفيراً وشهيق فعل ياسر وأردف بنبرة موجوعة :-
, _ الناس مشوا تقدري تقومي
, _ أزالت عنود إحدي يدها عن وجهها لتتأكد من صحة حديثه وعندما تأكدت أزالت كلتي يديها عن وجهها ، مد ياسر يده مرة أخري بنية المساعدة لكنها أبت كعادتها ونهضت بمفردها أسفل نظرات ريان المتعجبة من تلك الفتاة التي ترفض ملامسة الجنس الآخر ،
, _ تنهد وتحدث موجه حديثه لياسر قائلا بنبرة آمرة :-
, _ يلا يا ياسر ادخل المكتب وانا جاي وراك حالاً
, _ أماء ياسر رأسه ثم نهض وأردف موجهاً حديثه إلي عنود بنبرة حنونة :-
, _ تعالي معايا
, _ نظر ريان الي حيث يقف منصور وقال بنبرة متريثة تحمل من العتاب و اللوم قدراً :-
, _ ايه اللي عملته ده ياعم منصور تضرب بنت أخوك بالمنظر المهين ده في الشارع وسط منطقتك ، دي لو بنت من الشارع منعملش معاها كده لكن دي عرضك ومن دمك وفوق كل ده أمانة أخوك ازاي تعاملها كده ؟
, _ تأفف منصور بضجر بائن و أجابه بفتور :-
, _ ريان اطلع انت منها ، واحدة عايزة تخطف ابني مني زي ما أمها سبق وعملتها وانا مش هسمح اللي حصل زمان يحصل تاني مش هسكت ده ابني الحيلة
, _ ضيق ريان عيناه علي منصور بعدم تصديق أيعقل أن الفتاة التي ترفض ملامسة الرجال وخصيصاً ياسر ، لقد رآها بنفسه أكثر من مرة ترفض ملامسته هي ذاتها من تريد سرقته من عائلته!
, _ تنهد بعدم راحة ، فمهما يحدث لا يصح ما فعله ذاك المنصور بها ، لا يليق ولا يتماشي مع عُرفهم ، أبتعد ريان عنه قليلا وهتف بصرامة :-
, _ ده مش مبرر أنك تضربها ، عموماً أنا سمعت منك هروح اسمع منهم ونحل المشكلة دي ، بس لازم تعتذرلها علي الأقل
, _ انفجر منصور ضاحكاً وهتف ساخراً :-
, _ لا انت ده اتجننت علي الآخر
, _ رمقه ريان شزراً ثم أولاه ظهره وغادر وتركه بمفرده ، انعكست تعابير وجهه منصور الي الغضب العارم وتوعد بداخله لتلك الفتاة اللعينة ، فهي لم تري بعد ما سيفعله بها ،
, _ عاد ريان بأدراجه الي مكتبه وجلس علي مقعده بعد أن طلب م
, شروبات طازجة مرحباً بضيوفه ،
, _ تنهد مستاءً وتسائل بإهتمام :-
, _ ممكن أفهم أبوك ازاي يعمل كده ؟
, _ نظر ياسر إلي عنود التي كانت تجلس علي طرف المقعد مقابله تفرك أصابعها بتوتر شديد خافضة رأسها بخجل ممزوج بالصدمة التي لم تتعداها بعد ، تنهد بألم لحالتها المثيرة للشفقة ثم أجاب ريان بنبرة محتقنة :-
, _ مش عارف ، مش عارف
, _ معلش في اللي هقوله بس هو قالي أنه خايف تاخدك منهم ، هو ايه اللي حصل عشان يقول ولا حتي يفكر في كده ؟
, _ ازدرد ياسر ريقه بتوتر وهو يتذكر أنه صرح لوالدته عن فكرة زيجته من عنود ، لم يتوقع قط أن تكون ردة فعل والده قاسية لهذا الحد ،
, _ لعن غبائه لأنه من تسبب في وضعها في ذلك الوضع المُشين ، كيف له أن يخبره بأنه العامل الرئيسي لوضعها في ذاك الوضع ؟ كيف سيواجه عيناها بعد ذلك ، هل ستسامحه ؟ أم ستعود من حيث جاءت وتتركه وحيداً بعد أن وقع في حب تلك البندقيتان ولا يتحمل بعدها بعد الآن ،
, _ ما تلك الأنانية التي يفكر بها ، أيفكر بنفسه فقط ، لكن لا يجب أن يخبرها ويترك لها حرية التصرف وإن عادت لبلدتها سيتمني لها الخير دائما ويطلب من **** أن يرفق بقلبه وينزل سكينه عليه لكي لا يشعر بألم فراقها ،
, _ أنا عارف هو عمل كده ليه ، انا السبب !
, _ صاح بها ياسر وهو يحاول الهرب من عيناها التي رمقته غير مصدقة ما قاله ، بينما تسائل ريان بعدم استيعاب :-
, _ بسببك ! انت عملت ايه بالظبط ؟
, _ سحب ياسر نفساً عميق فالحديث بات ثقيلاً أمام بندقيتاها ، أزفر أنفاسه بخجل ثم وتابع مضيفاً :-
, _ أنا قولت لأمي اني هتجوزها
, _ اتسعت مقلتي عنود بصدمة لما وقع علي مسامعها ، نهضت ورمقته بعدم تصديق وصاحت به بنبرة جدية :-
, _ ايه اللي انت بتقوله ده ، جواز ايه اللي بتتكلم عنه ؟
, _ نهض ياسر هو الآخر بينما لم يبرح ريان مكانه يشاهد ما يحدث في صمت ، ابتلع ياسر ريقه بحرج كبير وأردف موضحاً بنبرة شغوفة :-
, _ أنا حبيتك من اول يوم شوفتك فيه ، و**** انا قولت كده عشان اخليكي جنبي وكمان عشان أحميكي منهم ، أنك تكوني مراتي وقتها هيعملوا ألف حساب قبل ما يتكلموا بس معاكي ، هقدر أأمن لك بيت تقعدي فيه وهساعدك وهقف جنبك وانتي حلالي ..
, _ بس انا عمري ما فكرت في الجواز خالص ، أنا كل هدفي اني أخلص تعليمي وبعدين اشتغل ، وانا عن نفسي مش عايزاك تساعدني أنا أقدر أعمل كل حاجة لوحدي من غيرك ، كفاية إهانة من وقت ما جيت مشوفتش غيرها ..
, _ هتفت بهم عنود بنبرة محتقنة ممزوجة بخيبة الأمل بينما شعر ياسر بغصة مريرة في حلقه ، ابتلع ريقه مراراً واردف بتوسل :-
, _ وافقي وانا مش همنعك من اي حاجة ، هخليكي تكملي تعليمك وهساعدك في كل حاجة ، هعوضك عن غياب أهلك وهعملك كل اللي تتمنيه بس وافقي
, _ رددت بنبرة جامد ممزوجة بالغضب :-
, _ أنا محدش يقدر يعوضني عن اهلي مهما كان مين ، وانا مش محتاجة مساعدتك متشكرة ليك
, _ نهض ريان ورمقها بحدة وهتف بجدية :-
, _ انتي مش في أمريكا اللي جاية منها يا آنسة ، انتي في مصر يعني محدش هيسيبك في حالك ، قعادك لوحدك وخروجك ودخولك هيجيبلك صداع وكلام ملوش اخر ، وهيطلع عليكي كلام متتمنيش إنك تسمعيه ، الحل الوحيد أنك توافقي علي جوازك من ياسر وانا أضمنه برقبتي ، مش عشان قرايب ، بس هو فعلاً إنسان محترم وبيخاف **** وهيراعي **** فيكي ، وانا هساعدكم ومني ليكم شقة كاملة من مجاميعها هدية لاخويا الصغير
, _ رمقه ياسر ممتناً وأردف بشعور من الامل قد تجدد بداخله :-
, _ متشكر جدا يا ريان بجد مش عارف أقولك ايه
, _ بادله ريان ابتسامة متهكمة يريد التخلص من ذاك الحوار سريعاً ، تفاجئ كليهما بعنود مندفعة بهم بتذمر :-
, _انت بتشكره علي إيه ، وانت شقة ايه اللي بتقول عليها ، انتو بتبيعو وتشتروا فيا بصفتكم ايه أصلا ؟
, _ ألقت عنود بكلماتها ثم غادرت المكان مهرولة الي الخارج تجر قدميها بثقل ، تخبطت بين أفكارها ومشاعرها التي تجتاحها ، تشعر أنها طفلة صغيرة تائهة تريد العودة إلي وطنها التي تنتمي إليها وإلي عائلتها تلقي بنفسها بين أحضناهم لكن أين هم الأن ؟
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
٧


سارت ببطئ تجر قدميها بثقل ، انتبهت لتلك النظرات التي ترمقها بشراهة ، لما ينظرون إليها هكذا ، هل تلك النظرة شفقة أم تشفي ، أم شئ آخر لا تعلمه , عادت الي الفندق بخيبة أمل لم تكن بالحسبان مطلقاً في هذا اليوم ، حقا ما حدث اليوم قد فاق كل التوقعات ،
, _ وجهت حديثها إلي موظف الاستقبال دون أن تنظر إليه بنبرة منكسرة :-
, _ لو سمحت مفتاح اوضتي رقم ٣٧ ..
, _ حمحم موظف الاستقبال بحرج بائن ورد عليها مستاءً :-
, _ أنا آسف يا فندم بس حضرتك ممنوعة تقعدي هنا ، شنط حضرتك وراكي اهي تقدري تاخديها وتمشي
, _ رفعت عيناها عليه بذهول وتسائلت بعدم فهم :-
, _ يعني إيه ممنوعة ؟ أنا دافعة فلوس إقامتي هنا ايه اللي حصل ؟
, _ تنهد الموظف بحرج وردد بإقتضاب :-
, _ منصور العراقي جه وهددنا أننا لو ملغناش إقامتك هنا هيقفلنا المكان فلوسمحتي ياريت تمشي من غير شوشرة ..
, _ اتسعت حدقتاها بصدمة أكبر ، ماذا يريد من خلف تصرفاته المُشينة تلك ؟ لما يغلق جميع الأبواب في وجهها ، ماذا فعلت له حتي يؤذيها بهذا الشكل ، أحقاً يخشي منها علي ولده ؟
, _ تخبطت بين أفكارها التي لم تضيف سوي ألم شديد في رأسها ، أمسكت بحقائبها وجرتهم خلفها بخيبة أمل اكبر ، لا تدري إلي أين تذهب ، ليس لها مآوي ولا سُكنة تذهب إليها ، إلي من تؤمن علي نفسها لديه ، تنهدت وقررت آخر اختيار لديها ..
, _ ظل ريان مثبت بصره علي ياسر وعقله مشغول بتلك الفتاة التي رفضت زيجتها من ياسر ، أيعقل أن ترفض شاب مثله بفرصة تحلم بها أي فتاة غيرها ، لقد هداه بمنزل مكتمل لكي يثيرها وتوافق علي زيجتها منه لكنها أبت ،
, _ أهي لا تكترث حقا لتلك الاشياء الثمينة أم لا تعبأ لها من الأساس ، تعجب أيضا من حالة ياسر الذي بدي عليها منذ رفضها له ، وكأنها محور للكون ، لما هو تعيس بهذا الشكل ، كيف له أن يفيض بمشاعره ولا يخجل ، كان يحايلها ويتوسل إليها بألا تتركه ، ماذا فعلت له حتي يكون في حالته هذه الآن ؟
, _ خرج من شروده عندما رآها تدلف الي المكتب حاملة حقائبها خلفها ، نهض هو وياسر الذي أسرع نحوها بتوجس وهتف متسائلاً :-
, _ انتي هتمشي ؟
, _ رمقته بألم وهتفت مرددة بحزن :-
, _ أنا موافقة اتجوزك ..!
, _ إلتوي ثغر ياسر مشكلاً إبتسامة عريضة ، اقترب منها لكنها تراجعت خطوة الي الخلف ، رفعت بندقيتاها اللامعة عليه ثم تسائلتت بتوجس :-
, _ هو انت هتراعي **** فيا ؟
, _ شعر بغصة مريرة في حلقه واجابها بنبرة عذبة :-
, _ و**** العظيم ما هزعلك لحظة
, _ تنهدت وهي تؤمأ رأسها بقلة حيلة ، انسدلت بعض الدموع علي مقلتيها متحسرة علي حالتها ثم جلست علي المقعد بأمر من ياسر وأخذت تقص ما حدث لها في الفندق ،
, _ شعر ياسر بخيبة أمل لكونها وافقت علي زيجتها منه فقط لأنها طُردت ولم يعد لها مآوي ، كان يريد موافقتها لشخصه هو ولا تكن مجبرة علي فعل ذلك ، لكن ليس مهماً ، سيتغاضي الآن عن هذا وبعد ذلك سيثبت لها حبه وبالتأكيد ستُبادله حبها مع الوقت ويحييٰ بحياة طيبة معاً ،
, _ أنهت عنود حديثها واخفضت عينيها بحياء ، وجه ياسر بصره إلي ريان قائلا بحرج :-
, _ ينفع عنود تبات عندك النهاردة بس لأن مستحيل أعرف اخدها معايا البيت وبكرة باذن **** هنكتب الكتاب علي طول واخدها ونمشي
, _ ابتسم ثم أجابه ريان بترحيب قائلا :-
, _ اه طبعاً تنور ، يلا بينا
, _إلتوي ثغر ياسر بإبتسامة ممتنة لريان ، نهض ثلاثتهم متجهين الي منزل ريان ، وقف ياسر مع عنود بمفردهم وهتف بنبرة حنونة :-
, _ مش عايزك تخافي مني ، أنا عارف انك معرفتنيش كويس وأنك أكيد خايفة مني بعد اللي شوفتيه من اهلي ، بس صدقيني أنا مش زيهم وعمري ما هأذيكي ، أنا هكون حمايتك ، وعلي فكرة حتي لو مكنتيش وافقتي علي الجواز كنت هقف في ضهرك برده ومكنتش هسيبك أبدا
, _ إلتوي ثغرها بابتسامة لم تتعدي شفاها ، قلبها لا يريده ، عقلها يأبي ما يحدث لكنها مضطرة علي فعل ذلك ربما الخير فيه ولو بعد حين ،
, _ غادر ياسر وتركها بمفردها مع ريان الذي فتح باب المصعد وولج داخله ورمقها بغرابة حينما لم تبرح مكانها :-
, _ واقفة عندك ليه ؟
, _ تنهدت بآسي و أجابته مختصرة الحديث معه :-
, _ مينفعش ، انا أو انت نطلع في الأسانسير لكن إحنا الاتنين مينفعش مع بعض حج
, _ ضيق عيناه عليها متعجباً من أمرها :-
, _ مينفعش ليه ؟
, _ فركت اصابع يدها بحرج وقالت بنبرة هادئة :-
, _ لأن دي خلوة غير شرعية وانا مش عايزة أتحمل ذنوب ، أنا هطلع علي السلم وانت اطلع في الاسانسير بس قولي بيتك الدور الكام ؟
, _ تعجب ريان كثيراً من تلك الفتاة المبهمة التي اكتشف جانب أخر منها فالاول لا تلامس الرجال والثاني لا تنفرد معهم في المصعد ، يالا غرابتها حقاً ، تنهد وردد بإقتضاب :-
, _ طيب ما أنتي راحة وجاية مع ياسر عادي و٤ نقطة
, _ قاطعته عنود وهي ترمقه بنظرات مشتعلة وصاحت به مندفعة :-
, _ لو سمحت مسمحلكش ، أنا قبلت أن ياسر يساعدني لاني معرفش غيره يعني كنت مضطرة وبعدين كان في ناس حوالينا مكنتش لوحدي معاه في أسانسير !
, _ خلاص خلاص بلاها أسانسير تعالي نطلع علي السلم ولا ده برده خلوة غير شرعية ؟
, _ هتف بها ريان متعجباً من تصرفاتها المبهمة بالنسبة إليه بينما أجابته عنود بحدة :-
, _ لا عادي
, _ سحب نفساً عميق وردد مستاءً :-
, _ تمام اتفضلي
, _ دلف خارج المصعد ونادي بصوت جهوري علي حارس البناية :-
, _ عم جلال
, _ جاءه يركض بخطي مهرولة وهتف من بين انفاسه المضطربة :-
, _ نعم يا معلم
, _ رد عليه ريان وهو يطالع الحقائب التي بيدها وهتف بنبرة آمرة :-
, _ خد منها الشنط دي وطلعها عندي فوق إحنا هنطلع علي السلم
, _ حاضر يا معلم ريان
, _ أردفها جلال وأخذ حقائبها منها ثم اختفي طيفه خلف باب المصعد بينما صعد ريان أولاً وتبعته هي بخطي ثابتة ،
, _ شنط مين دي ياعم جلال ؟
, _ تسائلت دينا بفضول أنثوي ، أجابها جلال قائلا بعملية :-
, _ مش عارف يا ست دينا دي واحدة طالعة مع المعلم ريان
, _ شعرت دينا بوخزة قوية في قلبها أثر جملته كما قطبت جبينها بغرابة ، ظهر طيف ريان أمامها ولم تري معه أي فتاة ، مالت برأسها للجانب تريد رؤيتها لكن جسد ريان كان بمثابة حاجزاً يمنعها من رؤيتها ، اقتربت منه ورددت متسائلة :-
, _ شنط مين دي يا ريان ؟
, _ وما إن أنهت جملتها حتي ظهرت أمام مرأي عينيها تلك الفتاة التي أخبرها عنها جلال ، لا تعلم سر تلك الانقباضة التي شعرت بها ، لما ازدادت نبضات قلبها ما أن رأتها ، لم تروق لها مطلقاً ، ازدردت ريقها بتوتر ورمقت ريان بنظرات متوجسة وسألته بنبرة متلعثمة خشية أن يجيبها بما لا تتمني سماعه :-
, _ مين دي ؟
, _ نتكلم جوة..
, _ قالها ريان بفتور شديد فهو لا يريد رؤيتها بعد آخر مرة تعاملت معه بجفاء وهو من ذلك الحين يفر هارباً إلي عمله قبل استيقاظها ويعود بعد نومها ، لكن ماذا يفعل تأتي الرياح دائماً بما لا تشتهي السفن ، سيجبر نفسه علي البقاء تلك الساعات المعدودة إلي أن يسلم تلك الفتاة الي عصمة ياسر ..
, _ أوصد ريان الباب ورمق دينا بفتور وهتف بإقتضاب :-
, _ دي عنود بنت عم ياسر هتقعد هنا لبكرة
, _ رفع ريان بصره علي عنود التي تقف علي استحياء شديد ، استشعر هو خجلها من تورد وجنتيها وأردف بتهكم :-
, _ دي دينا مراتي
, _ رفعت عنود بندقيتاها علي دينا بحرج ومدت يدها تصافحها بحفاوة :-
, _ اتشرفت بحضرتك
, _ مدت دينا يدها وصافحتها مرحبة بها بود زائف عكس ما تشعر به داخلها :-
, _ اهلاً بيكي
, _ باااااابا
, _ صاحت بها جني بنبرة مرتفعة وهي تهرول مسرعة نحو أبيها ، جلس ريان القرفصاء وفتح ذراعيه لها ، عانقته الصغيرة مفتقدة إليه :-
, _ وحستني يا بابا ، زحلانة منك عسان مش بتيجي قبل ما انام
, _ شعر ريان بالفرح حيال صغيرته فهو لم يفكر أنها تكترث لأمره ، ظن أنها مثل والدتها لا تشعر بغيابه ، شعر بإمتنان كبير نحوها لكونها تعبئ لوجوده وعدمه ، ضمها الي صدره بقوة ، ابتعدت عنه قليلا ورمقته بنظرات طفولية وهتفت ببراءة :-
, _ حايزة بونبون يا بابا
, _ تقوس ثغره بإبتسامة متهكمة ، تخلل خصلات شعرها بأنامله واردف مستاءً :-
, _ من عيوني هنزل اجبلك مخصوص يا اميرتي
, _ رفعت جني بصرها علي عنود بغرابة ثم عاودت النظر إلي والدها وقالت متسائلة :-
, _ بابا مين دي ؟
, _ إلتوي ثغره بإبتسامة لفضولها الطفولي وهتف معرفاً إياها :-
, _ دي طنط عنود قريبتنا سلمي عليها ..
, _ رفضت جني أن تصافحها خشية منها ومن أي أشخاص جدد تقابلهم ، لاحظت عنود رفضها واستشفت خوفها منها ، جلست هي الأخري القرفصاء وسحبت من حقيبتها حلوي ومدت يدها نحوها قائلة :-
, _ تاخدي بون بون ؟
, _ نظرت جني الي والدها ليؤمأ راسه مشجعاً إياها لتأخذ منها الحلوي ، اقتربت جني من عنود وأخذت الحلوي ثم صافحتها ببراءة :-
, _ معاكي كمان ؟
, _ انفجرا ريان و عنود ضاحكين علي تصرف جني الطفولي بينما كانت تقف دينا كمن تقف علي جمرات متقدة ترمقهم بغيظ ، فتلك الفتاة جالسه بجانب زوجها تداعب صغيرتها بكل وقاحة ، لم تروق لها منذ اللحظة الأولي لكنها مجبرة علي استضافتها تلك الساعات القليلة ،
, _ اقتربت منهم بغيظ وامسكت جني من ذراعها وأجبرتها علي الابتعاد عنهم وهتفت موجهة حديثها إلي عنود بحنق :-
, _ تعالي ادخلي اوضة جني أكيد عايزة ترتاحي
, _ نهضت عنود وابتسمت بخجل قائلا :-
, _ أنا آسفة بس انا مليش مكان اقعد فيه و٣ نقطة
, _ قاطعها ريان في محاولة منه أن يمحي التكلف بينهم :-
, _ ده بيتك ياريت متتأسفيش انتي في مقام بنت عمي
, _ رمقته عنود ببندقيتاها متسائلة بتعجب :-
, _ بنت عمك ازاي ؟
, _ أجابتها دينا حتي لا تنسح لريان فرصة التحدث معها :-
, _ انتي متعرفيش أن والد ريان إبن عم والدك ؟
, _ اماءت عنود راسها نافية بينما هتف ريان مؤكداً حديث زوجته :-
, _ أديكي عرفتي يعني إحنا قرايب لو احتجتي حاجة اطلبيها من غير ما تترددي
, _ شعرت عنود بالحرج الشديد لاسلوبها الفظ التي حادثته به من مسبقاً ، حمحمت بحرج وأردفت معتذرة :-
, _ أنا آسفة لاني اتكلمت معاك بأسلوب مش لطيف في المكتب
, _ إلتوي ثغر ريان بتكلف وردد :-
, _ ولا يهمك
, _ استشاطت دينا غيظاً من ذاك الحديث الغامض ، لما تعتذر تلك الفتاة ولما تتحدث معه من الأساس ، شعرت بالنيران تشتعل بداخلها وتود أنا تطردها من منزلها لكن ليست بتلك الشجاعة ، ستتحمل لا يوجد حل آخر أمامها ، تنهدت بضجر ثم أخذت عنود لغرفة جني وأجبرت شفاها علي الابتسام وهتفت بفتور :-
, _ اتفضلي لو احتجتي حاجة نادي عليا
, _ ابتسمت لها عنود ممتنة :-
, _ متشكرة لحضرتك يا طنط
, _ اتسعت حدقتي دينا بصدمة وتمتمت بنبرة مندفعة بعض الشئ :-
, _ طنط مين انا كل الحكاية ٢٨ سنة ، انتي عندك كام سنة ؟
, _ حمحمت عنود في خجل وأجابتها مستاءة من زلة لسانها :-
, _ ١٨ سنة
, _ رمقتها دينا بذهول وكادت أن تنفجر ضاحكة ، أهي تغار من تلك الصغيرة التي لم يتعدي عمرها العشرون بعد ، حاولت أن تخفي ضحكاتها ولعنت سذاجتها المفرطة ، وقالت مُشكلة إبتسامة علي محياها :-
, _ ١٠ سنين مش كتير اوي برده أنك تقوليلي طنط
, _ ضغطت عنود علي شفاها بإرتباك خجل وأردفت نادمة :-
, _ آسفة فكرتك اكبر من كده
, _ ابتسمت لها دينا وأردفت مختصرة حديثها :-
, _ حصل خير ، البيت بيتك متتردديش تطلبي حاجة ،
, _ دلفت دينا للخارج ساخرة من سذاجتها حيال تلك الصغيرة ، نظرت إلي ريان الذي يداعب صغيرته ولم يلاحظ وجودها أو يتعمد تجاهلها لا تدري ، حمحمت وهتفت بفتور :-
, _ تحب تتغدي ؟
, _ نهض ريان واجابها بإقتضاب وملامح جامدة :-
, _ لا مش عايز ، أنا نازل
, _ دلف للخارج سريعاً وطرق الباب بعنف ، وقف أمام المصعد وابتسم عندما تذكر ذاك الجدال الصغير الذي حدث منذ قليل ، ولج بداخله وضغط علي زر الهبوط ،
, _ لم يتفاجئ عندما توقف المصعد عند الطابق القاطن به والده ، زفر أنفاسه بضيق وسحق أسنانه بغضب ، وها هي قد ظهرت أمام مرآي عيناه أغلقت الباب ونظرت إليه بخضرواتاها وهتفت معاتبة :-
, _ بالبساطة دي عايز تخلص مني ؟
, _ أوف أوف اوف
, _ صاح بهم ريان فلقد بلغ ذروة تحمله ، بينما اقتربت هي منه بدلال ، دفعها بكل ما أوتي من قوة مستنكراً تقربها الوقح ، وقعت رنا أرضاً أثر دفعته وأطلقت آنة موجوعة :-
, _ انت بتعمل فيا كده ليه ، ليه مش حاسس بيا ؟
, _ انحني بجسده نحوها وجلس القرفصاء مقابلها رافع سبابته أمام وجهها محذراً إياها :-
, _ أقسم ب**** يا رنا لو فكرتي بس مجرد تفكير تقربي مني تاني ورحمة امي لهكون فاضحك في الحتة كلها وهرميكي رمية الكللابب ولا أبويا ولا الدلول اللي فرحانة بيه ده يقدروا يوقفوني عن اللي هعمله فيكي ، شكلك نسيتي أنك بتتعاملي مع ريان العراقي!
, _ انهي حديثه المسترسل وفتح باب المصعد بإندفاع وغادر وهو يُتمتم بالسُباب ، هبط الأدراج سريعاً وهو في قمة انفعاله ، اصطدم في شخص ما من سرعة خطواته المهرولة ، توقف وكاد أن يندفع به لكنه صمت عندما رأه أخيه الصغير ،
, _ رمقه يحيي بغرابة لتقاسيم وجهه المشدودة متسائلاً بقلق :-
, _ مالك في ايه ؟
, _ مفيش ، انت جاي منين كده ؟
, _ تسائل ريان بنبرة صارمة حادة بينما تقبل يحيي تغيره للحوار واجابه قائلا :-
, _ كنت في الكلية بقدم بس قالولي تعالي بكرة لأن عندهم ضغط كبير النهاردة
, _ أماء ريان رأسه بتفهم ثم غادره دون أن ينبس بحرف زائد ، عاد لمكتبه وما إن أوصد بابه حتي انهال علي مكتبه الخشبي بعصبية إلي أن بات حُطاماً ،
, _ وقف أمام نافذته يزفر انفاسه بغضب شديد ، أهو يستحق هذا القدر من الضغوطات ؟ لا أحد يرفق به وبمشاعره وكأنه حيوان خُلق لتلبية طلباتهم فقط ، لا أحد يشعر به حتي أقرب الأقربين ،
, _ لا يعبأ له أحد ولا يكترثوا كثيراً لأمره ، هل هو حزين أم سعيد ، هل يأكل هل يشرب هل ينعم بنوم هنئ مثلهم ، لم يفكروا به يوماً ، لأول مرة يشعر بإحتياجة الشديد للمساندة ، أراد أن يُلقي بنفسه بين أحضان اول من يشعر به ويحاول التخفيف عنه ،
, _ جلس علي الاريكة الجلدية ومدد قدميه أمامه ، أوصد عينيه بإرهاق جلي وهو يعيد ما مر به منذ وفاة والدته ، ترك دراسته ليعول والده الذي فقد نور عينيه وبات في ظلام حالك ناهيك عن أشقائه بما فيهم شقيقه الأكبر الذي من المفترض أن يعولهم هو وليس ريان ،
, _ عمِل في أحد الورش الصغيرة وسهر لأسابيع لم يذق طعم النوم الا دقائق معدودة لكي يثبت جدارته ويحظي بأجر مرتفع ، أبتعد عن دراسته وعن اصدقائه حتي عائلته فقط ليأتي بمال لكي يلبي احتياجات عائلته التي بات هو عائلهم الوحيد دون مساعدة من أحد ،
, _ شعر بحرارة قطرات عينيه التي انسدلت رغماً عنه ، مسحهم بأنامله ثم اعتدل في جلسته متمتماً بحدة :-
, _ في إيه يا ريان انت هتنخ الوقتي ؟ معتش وقت وقوع خلاص انت كبرت علي الكلام ده فوق لنفسك بقا ، فوق عشان تقوي اكتر وتواجه اللي بتتعرض له ..
, _ زفير وشهيق ثم دلف للخارج بخطي متريثة ، نادي علي أحد عامليه قائلا بنبرة آمره :-
, _ هاتلي مكتب جديد بسرعة
, _ اوامرك يا معلم
, _ قالها عاطف أحد عمال المعرض ثم أسرع في امتثال أوامر رب عمله ، بينما ذهب ريان لشراء المنزل الذي وعد به ياسر ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ جذبها هاني من ذراعها ودلف بها داخل غرفتهم وأجبرها علي الوقوف أمامه ، تنهد بضجر بائن وصاح بها مندفعاً :-
, _ إحنا ليه مش عندنا عيال ؟
, _ أغمضت رنا عينيها بضجر لهذا الرجل الذي لا يكِل مطلقاً من تلك السخافات الذي يردد سؤالها دائماً ، والإجابة واحدة لا تتغير وهو يعلمها جيداً لكن لابد وأن يعكر صفو مزاجها ،
, _ تنهدت ثم أجابته مُشكلة إبتسامة ساخرة علي محياها :-
, _ لأننا مش بنخلف طول ما إحنا مع بعض ، تحب تسمعها تاني ولا اكتفيت ؟
, _ تنهد مستاءً ثم جلس علي طرف الفراش وجذبها من يدها وأجبرها علي الجلوس علي قدميه وتابع حديثه قائلا بحزن :-
, _ عمري ما هكتفي ، إحنا روحنا لدكتور واحد وقالنا كده والكلام ده من سنتين ، ليه منروحش لدكتور تاني وتالت ونجرب حلول كتيرة عشان نوصل للي عايزينه في الآخر ، نعمل حقن مجهري نعمل اي حاجة المهم أن يكون عندنا عيال ، رنا أنا خلاص داخل علي الاربعين سنة يعني مش صغير ونفسي في ولد يسندني لما أكبر أو بنت تكون حنينة عليا ، مش عارف ليه الموضوع مش فارق معاكي ، انتي مش عايزة تكوني أم وعندك نونو صغير تلاعبيه وتأكليه ونشتري له هدومه ، مش عايزة تسمعي كلمة ماما منه وهي طالعة مكسرة ومش مفهمومة ونقعد نضحك عليه ؟
, _ لمعت خضرواتاها تأثراً بحديثه ، فمن لا يتمني أن يحظي بدور الأمومة ، هي تري جني ابنة دينا وتتمني أن تعانقها وتأتي بمثلها لكن ليس من ذاك الرجل ، لا تريد أن تربط حياتها معه لآخر عمرها ،
, _ ستحاول وتحاول مع ريان حتي يكِل إحداهما إما هو سيرضخ لها أو تتوقف هي عن محاولاتها معه ، لكن لن تتركه بتلك السهولة التي يظنها
, _ نهضت من علي قدميه وانعكست ملامح وجهها الي الحدة قائلا بفتور :-
, _ انت مابتزهقش يا هاني من الموضوع ده قولنا مينفعش نخلف ليه عايز تصعب الدنيا علينا ونروح لدكتور يقولنا نفس الكلام ونرجع محلك سر ، خلينا كده أحسن لو **** أراد هتلاقيني حامل من غير علاج
, _ نهض هاني هو الأخر ووقف مقابلها وهتف بتوسل :-
, _ **** بيقول اسعي يا عبدي وانا اسعي معاك ، يعني ناخد الخطوة الأولي في العلاج وربنا ييسر الباقي
, _ تأففت بضجر بائن وصاحت به بتهكم :-
, _ يووه بقا أنا سايبة لك الاوضة وخارجة عشان تسكت هااا..
, _ دلفت الي الخارج سريعاً هاربة منه وما إن أغلقت الباب حتي وقفت تتنفس الصعداء وحمدت **** أنها أنهت ذاك الحوار دون أن يكُشف أمرها
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ عاد ريان الي المنزل في وقت متأخر بعدما أنهي ما ذهب لإنهائه ، صف سيارته أسفل البناية وترجل منها ، قابل صديقه الحميم وهتف بمزاح :-
, _ راجع منين يا خلود متأخر كده اوعي تكون بتلعب بديلك
, _ قهقه خالد عالياً واقترب منه واردف :-
, _ لا يا خفيف كنت بجيب ورد ..!
, _ غمز بعينه الي ريان فأسرع ريان هاتفاً بسخرية :-
, _ ورد ، انت هتخطب تاني ولا ايه ؟
, _ ضيق خالد عيناه عليه واجابه متعجباً :-
, _ لا يا عم النهاردة عيد جوازي وهي صحت الصبح قالتلي عايزة ورد يا إبراهيم ، فجبتلها ورد
, _قهقه ريان عالياً ثم وردد ساخراً :-
, _ انت مش مكسوف وانت ماشي شايل الورد كده ، الصراحة شكلك مسخرة ويضحك أوي كأنك مراهق عنده ١٦ سنة
, _ ازدادت قهقهات ريان بينما لكزه خالد في كتفه بعنف وقال بفتور :-
, _ واحد جايب لمراته ورد ايه اللي بيضحك في كده ، عايز تفهمني انك مش بتجيب ورد لمراتك ؟
, _ عقد ريان ما بين حاجبيه بذهول وأشار بإصبعه علي نفسه :-
, _ أنا ، اجيب ورد ليه ؟ أهزق نفسي ويبقي شكلي يضحك زيك كده لأ طبعاً
, _ استشاط خالد غيظاً من أسلوب ريان معه ، لكزه مرة أخري في كتفه لكن كانت تلك المرة أشرس ثم غادره هاتفاً بحنق :-
, _ مش فايق لك الوقتي بكرة اجي أرد عليك
, _ آل ورد آل ، ليه الرجالة بتزهق نفسها بالشكل ده _ هتف بهم ريان وانفجر ضاحكاً علي منظر صديقه ثم صعد إلى الاعلي ..
, _ كانت دينا جالسه في قيد انتظار عودته من الخارج بفروغ الصبر حتي تفاجئه بذاك الخبر السعيد ، لكنه تأخر كثيراً وقد غلبها النوم وهي علي الفراش
, _ ولج ريان الي المنزل وكعادته لم يستقبله أحد ، دلف داخل المطبخ وسمع أنين أو ربما شهقات لم يتضح له حقيقة تلك الأصوات ،
, _ ذعر بخوف شديد لأنها تأتي من غرفة صغيرته ، توجه نحوها بخطي مهرولة وفتح الباب ونسي تماماً تلك الضيفة التي تمكث لديهم ، لعن نفسه عندما رآها كيف له أن ينسي شئ كهذا ماذا ستقول عليه الآن ، لكن لحظة ماذا تفعل هذه ؟ أتصلي ؟ لم يأذن الفجر بعد إذاً ماذا تصلي وبذلك الخشوع ، لما تبكي بحرقة هكذا ولا تتوقف قطرات دموعها عن النزول ، أغلق الباب بهدوء وعاد لما كان يفعله ..
, _ تأفف بضيق عندما رأي الطعام بارداً ، وضعه في آلة التسخين الكهربائية وضغط علي زر التشغيل لكنه لم ينير مصباحه الصغير الذي يدل علي بدأ توزيع الحرارة علي الطعام ، حاول مراراً وبائت محاولاته بالفشل ،
, _ انت نسيت تحدد درجة الحرارة
, _ هتفت بها عنود عندما رأته يقف محاولاً مع تلك الآلة جاهلاً كيفيه تشغيلها ، التفت اليها بحرج لفعلته التي بدت وقحة قليلاً ، اقتربت هي منه وحددت درجة الحرارة المناسبة للطعام حيث تفاجئ ريان بأن الآلة قد بدأت في عملها ، ابتسم لها وقال ممتناً :-
, _ شكراً أصل انا مليش في الحاجات ومش بتعامل معاها كتير
, _ أبتسمت عنود بتكلف ثم سألته بتردد ممزوج بالخجل :-
, _ هو حضرتك كنت محتاج حاجة اصل دخلت الاوضة و..
, _ صمتت من تلقاء نفسها ولم تكمل خجلاً من نظراته المُثبتة عليها ، بينما شعر ريان بالحرج الشديد اتجاها لفعلته البلهاء ،تنهد بإرتباك خجل وأردف موضحاً تصرفه :-
, _ لما سمعت صوت عياط فكرت جني اللي بتعيط ونسيت خالص أنك موجودة
, _ شعرت بتلك الحرارة المنبعثة من وجهها من فرط حيائها واخفضت بصرها وقالت بتعلثم :-
, _ حصل خير ، بعد اذنك
, _ أولته ظهرها وكادت أن تدلف للخارج بينما اوقفها ريان بسؤاله :-
, _ انتي كنتي بتعيطي ليه ؟
, _ تفاجئت هي بسؤاله ، استدارت إليه بجسدها ورمقته بغرابة ممزوجة ببعض السعاده لكونه مهتم بيها ، ربما لأنها مفتقدة لذلك الشعور كثيراً ، تابع ريان مضيفاً :-
, _ أنا قصدي في حد زعلك هنا في البيت ، حد ضايقك ؟
, _ أماءت راسها بنفي واجابته مختصرة الحديث معه :-
, _ لا لا خلاص ، بس انا بكون كده وانا بتكلم مع ****
, _ ضيق عيناه عليها متعجباً لما تقوله ، أتتحدث مع **** , كيف ؟ كاد أن يسألها لكن بوق الآلة الكهربية صدح وأعلن عن انتهاءه ، التف إليه ريان وسحب الاطباق منه بينما عادت عنود سريعاً الي غرفة الصغيرة التي تمكث بها ،
, _ جلس ريان علي طاولة المطبخ يتناول طعامه في صمت طال فترة تناوله للطعام ، بينما جلست عنود علي الفراش الإضافي في الغرفة وبحثت في هاتفها عن افضل الجامعات بمصر ، شهقت بصدمة عندما قرأت أن غداً الميعاد الأخير للتقديم ،
, _ ازفرت أنفاسها وعزمت أمرها أن تذهب وتقدم بأحد الجامعات غداً بمشيئة **** ، والآن ستحظي ببعض النوم لتبدأ يوماً جديداً لا تعلم ماذا يحمل لها نصيباً من الأقدار ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ اشرقت الشمس معلنة عن بدأ يوم جديد في حياة الجميع ، استيقظت عنود مبكراً وترددت كثيراً في الولوج خارج الغرفة لكنها مضطرة يجب أن تجهز سريعاً حتي تذهب وتبدأ بإجراءات إلتحاقها بالجامعة ..
, _ ولجت داخل المرحاض الخارجي علي عجالة من أمرها قبل أن يستيقظ أحدهم ، دلفت للخارج بعدما أنهت ما تفعله به ، تفاجئت بدلوف ريان من غرفته ،
, _ ابتلعت ريقها بخجل بينما ألقي هو التحية بنبرة متحشرجة :-
, _ صباح الخير
, _ أجابته وهي مطأطئة الرأس بحياء :-
, _ صباح النور
, _ تعجب ريان منها ومن تصرفاتها التي تزيده غرابة فلم يسبق له وأن رأي بمثلها ، لا تصافح الرجال ولا تختلي معهم في مكان مغلق ولا تنظر إليهم ودائمة الخجل عندما تتحدث معهم ،
, _ تنهد وهتف متسائلاً بإهتمام :-
, _ انتي محتاجة حاجة ، الوقت لسه بدري أوي
, _ رفعت بندقيتاها عليه بحرج وأجابته قائلة :-
, _ لازم أقدم في الجامعة لأن النهاردة آخر يوم في التقديم
, _ عقد ما بين حاجبيه بغرابة وسألها بفضول :-
, _ تقدمي في الجامعة! ، انتي عندك كام سنة ؟
, _ ابتلعت ريقها واجابته بخجل مفرط :-
, _ ١٨ سنة
, _ انفجر ريان ضاحكاً بينما رمقته عنود بغرابة من أمره لا تعلم سبب ضحكاته القوية ، شعرت بالخجل فأخفضت رأسها بحياء ، توقف ريان عن الضحك وردد معتذراً :-
, _ أنا آسف بجد بس انتي طلعتي عيلة اوي متوقعتش أنك تكوني صغيرة اوي كده
, _ تلونت وجنتيها بالحُمرة الصريحة وكادت تغادره لكنه اوقفها بحديثه :-
, _ استني مش قصدي اضايقك ، طيب انتي هتروحي مع مين ؟
, _ أجابته بحدة متعمدة عدم النظر إليه :-
, _ هكلم ياسر يجي معايا ..
, _ اماء رأسه بتفهم وسألها بفضول ليرضي غريزة فضوله :-
, _ هتقدمي في كلية ايه ؟
, _ لا تعلم سر ذلك الشعور الذي تغلغل بداخلها لسؤاله الاخير ، نظرت إليه بإمتنان لأنها تريد مشاركة ما تفكر به وما تفعله مع أحدهم كما كانت تشارك والديها دوماً ، تنهدت بحرارة واجابته بنبرة متحمسة :-
, _ كلية هندسة
, _ إلتوي ثغر ريان مُشكل ابتسامة عريضة علي محياه ، شعرت عنود بنبضاتها التي خفقت بصورة عنيفة عندما ابتسم تلك الابتسامة ، رمقته كثيراً وهي لا تريده أن يتوقف عن الابتسام مرة أخري ، هزت راسها طاردة أفكارها المبهمة التي راودتها في تلك الأثناء ، بينما ردد ريان متمنياً لها التوفيق :-
, _ **** يوفقك ، تحبي أكلم لك ياسر ؟
, _ أماءت راسها رافضة وأسرعت بالحديث بحرج :-
, _ هكلمه أنا
, _ لأ أنا اللي هكلمه
, _ أصر ريان بنبرة صارمة ، لا يعلم لما تحدث بتلك اللهجة ، ربما لا يريدها أن تتحدث معه بمفردهم كما رفضت هي الصعود معه في المصعد تحت مُسمي خلوة غير شرعيه ، إذاً لن يسمح بإعطاءها فرصة التحدث معه ..
, _ سحب هاتفه من جيب بنطاله وقام بالاتصال على ياسر ، وقف يرمقها قيد انتظار إجابته ،
, أجابه ياسر بنبرة قلقة :-
, _ معلم ريان ، عنود كويسة ؟
, _ ابتسم ريان لحالته واجابه بنبرة هادئة :-
, _ كويسة بس هي عايزة تقدم في الكلية لأن النهاردة آخر يوم وكانت عايزاك معاها ..
, _ ممكن تديهالي
, _ قالها ياسر بحرج بائن ، بينا رد عليه ريان بفتور :-
, _ اه اتفضل
, _ مد يده بالقرب منها هاتفاً بإقتضاب :-
, _ ياسر عايزِك ..
, _ أخذت منه الهاتف فلامست بشرته الخشنة ، شعر كليهما برجفة شديدة سرت في أوصالهم الساكنة كأنهم صعقوا من الكهرباء وليس من مجرد تلامس أيديهم ،
, _ ابتلع ريان ريقه بتوتر وهو يرمقها بنظراته الثاقبة التي أخجلتها ، اخفضت بصرها هاربة من نظراته المسلطة عليها وأردفت موجهه حديثها إلي ياسر قائلا بخجل :-
, _ نعم
, _ تنهد ياسر بآسي وهتف قائلا :-
, _ عنود ضروري يعني النهاردة ، أنا لسه هخلص إجراءات كتب الكتاب وكمان محتاجك تتصوري وترتيبات كتير ينفع يوم تاني ؟
, _ لمعت عينيها بحزن وأجابته بنبرة هادئة :-
, _ النهاردة آخر يوم مش هينفع لازم أقدم النهاردة ، طيب أنا هروح أنا ، أنا عملت سيرش عن الجامعات اللي اقدر اقدم فيها وأقدر اطلب اي ابليكشن واروح معاه
, _ أجابها ياسر برفض تام :-
, _ لا مينفعش تروحي لوحدك أول مرة ومش هتعرفي تمشي لوحدك ،
, _ انسدلت قطرة من عينيها حزناً علي ذلك المستقبل الغامض لطلاما تمنت نجاحه وبشدة ، ماذا يحدث له الآن ؟ سيفارقها مثلما فعل والداها ، لماذا جميع الأشياء التي تحبها لا تكتمل وتذهب دائما ، هزت رأسها مستنكرة تفكيرها وسوء ظنها ب**** ، استغفرت ربها ثم أجابته بإصرار :-
, _ معلش يا ياسر مش هقدر أضيع مستقبلي عشان حد حتي لو كان انت ، أنا مقدرة خوفك بس الكلية لو ضاعت عليا مفيش جواز هيتم ..
, _ ظهرت شبح إبتسامة علي ثغر ريان وهو يري عزيمة تلك الصغيرة وإصرارها علي ما تريد ، ماذا لو كان يمتلك نصف جرأتها ؟ لكان الآن يسبق إسمه المهندس بدلاً من المعلم التي ترافقه دائماً و لا يحب سماعها لكنه فقط اعتاد عليها ..
, _ أنا ممكن اوصلك
, _ هتف بها ريان بنية المساعدة فهو لا يريد لأي شخص كان أن يعيش نفس تجربته التي لازال يتمناها قلبه ويؤلمه ذكراها ..
, _ رمقته عنود ببندقيتاها وقد إلتمعت عينيها بوميض غريب لم يستطيع ريان تفسير معناه ، لكنها سرعان ما انعكست تعابير وجهها ، كيف يجرأ ويقول ذلك ، ألم يفهم شخصيتها منذ موقف المصعد الكهربائي ؟!
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
٨


تفهم تقاسيم وجهها التي انعكست وأسبق بحديثه قبل أن تُخطئ في فهمه قائلاً بنبرة رخيمة :-
, _ أخويا رايح يقدم في نفس الكلية اللي هتقدمي فيها وانا كنت هوصله عادي ، حبيت اساعد مش أكتر ..
, _استمع ياسر لحديث ريان وهتف سريعاً :-
, _ روحي معاه دي الطريقة الوحيدة لأن أنا مش هعرف لازم اخلص إجراءات كتب الكتاب ..
, _ تعجبت كثيراً من موافقته ألا يغار عليها مع رجل غيره ؟ أهو يثق بذاك الريان لدرجة أن يؤمن علي مكوثها في منزله وكذلك ذهابها معه للالتحاق بالجامعة ؟ ، تنهدت بعمق ثم قالت بفتور مختصرة حديثها :-
, _ تمام ..
, _ أغلقت الخط سريعاً قبل أن يردف بشئ آخر وأغمضت عينيها بعصبية بالغة ساحبة اكبر قدر من الأكسجين ثم أخرجته بتمهل ، فتحت عينيها وتفاجئت به يرمقها متعجباً مما تفعله ، توردت وجنتيها خجلا ثم ناولته الهاتف قائلة بنبرة رقيقة :-
, _ حضرتك مش مضطر توصلني اي مكان ، أنا هروح مع كريم
, _ اتسعت حدقتي ريان وسألها بنبرة صارمة :-
, _ كريم مين ؟
, _ حمحمت بحرج ورددت موضحة بتلعثم :-
, _ ابليكشن كريم للتوصيل لسه عارفاه امبارح من علي جوجل ،
, _ لا مفيش مرواح مع كريم ولا حتي حسين أنا اللي هوصلك
, _ هتف بهم ريان بعفوية أثارت ضحكات عنود بصوت عالٍ ، رمقها ريان بنظراته الثاقبة متعجباً من أمرها ، توقفت هي شاعرة بحرج شديد من نظراته المثبتة عليها وأردفت معتذرة :-
, _ أنا آسفة بجد مش قصدي
, _ هتلبسي ولا هتكملي ضحك ؟
, _ صاح بها ريان بنبر جدية صارمة ، انتبهت عنود الي نبرته التي تحولت إلي الجدية فأخفضت رأسها بحياء ، حكت جبينها بتوتر وأردفت متعمدة عدم النظر نحوه :-
, _ هجهز حالا ..
, _ هرولت مسرعة داخل الغرفة وما أن أوصدت بابها حتي وقفت تتنفس الصعداء ، سحبت زفيرا عميقاً ثم توجهت نحو حقيبتها وجذبت ثياب لها وارتدتهم في دقائق معدودة ،
, _ دلفت الي الخارج بثوبها الفحمي كما اعتادت في الأيام الاخيرة حداداً علي والديها ، لكن يوجد بها شئ مختلف عن الأيام الماضية ، تلك المرة كان وجهها مفعم بالحيوية والنشاط كما ازداد إشراقاً عن ذي قبل ،
, _ نظر إليها ريان بنظرة متفحصة ثم نهض من علي الأريكة قائلا بنبرة صارمة :-
, _ يلا بينا ،
, _ هنمشي كده من غير فطار ؟
, _ تسائلت عنود بعفوية حيث تفاجئت بسودتاه يخترقانها ولا ينبس بشئ كأنه لا يدري كيفية الإجابة علي سؤالها أو ربما شعر بالحرج حيالها ،
, _ فألاولي أن يبادر هو بإعداد الفطور ولا ينتظر طلبها ، استشفت هي حرجه منها وحاولت التخفيف عنه مرددة بنبرة هادئة :-
, _ غلط أنك تخرج من غير فطار وخصوصاً لو هتسوق عربية ممكن ضغطك يوطي فجاءة ، ممكن تدلني علي مكان الحاجة وانا هعمل سندوتشات سريعة ، أنا آسفة اني بطلب كده بس ده تعود وبصراحة بتعب لو نزلت من غير فطار ..
, _ حمحم ريان بحرج أكبر لكونه لا يعلم أماكن الأشياء ، تنهد بعمق ثم توجه نحو المطبخ ووقف علي الباب ، عاد ببصره نحوها وأردف بقلة حيلة :-
, _ أنا أخري ادخل المطبخ لكن اماكن الحاجة معرفش هي فين بالظبط ،
, _ سارت نحوه بخطي متمهلة ثم ابتسمت ابتسامة عذبة لم يعلم سرها لكن حتما لمست قلبه ، ماذا ؟ قلبه ! ماذا يحدث يا هذا ، هز راسه يطرد تلك الأفكار اللعينة التي راودته ثم هتف ساخراً :-
, _ مهمتي أكل وبس اكتر من كده مليش فيه!
, _ جابت عنود ببصرها علي المكان في نظرة سريعة متفحصة ورددت ولازالت الابتسامة لم تفارق شفاها :-
, _ بابا علي طول كان بيحضر معظم الوقت الاكل او الشاي والقهوة ، وعمره ما شاف إن دي مساعدة ديما يقولي أن دي رغبتي وطلبي اقوم اعمل لنفسي ليه اتعب اللي بحبهم معايا ،
, _ إلتوي ثغرها بإبتسامة باهتة حزناً ، ترقرقت بعض الدموع في عينيها بألم لم تتعداه بعد ، حاولت أن تتماسك قدر المستطاع فهي لا تريد أن تفسد صفوه بحديثها حتماً لا يعبأ له ,
, _ وقفت أمام الثلاجة وعادت ببصرها اليه في حياء وأردفت بخجل :-
, _ تسمح لي أفتحها ؟
, _ ضيق سودتاه عليها بغرابة من أمرها وهتف بتريث :-
, _ اه طبعاً اتفضلي خدي راحتك
, _ هزت رأسها بإيماءة خفيفة و شرعت في إعداد بعض الشطائر لهم ، راودها سؤال ما وأرادت أن ترضي فضولها الأنثوي وتسائلت بحرج :-
, _ هي زوجة حضرتك مش بتصحي الوقتي ؟
, _ أماء ريان رأسه بنفي و أجابها بصوته الاجش :-
, _ لا إحنا لسه بدري أوي الساعة ٦
, _ هزت رأسها بتفهم ثم ناولته شطيرة ما إن انتهت من تحضيرها ، شرعا كليهما بتناول شطائرهم سريعاً ثم دلفا خارج المنزل ، نسي ريان تماماً ما حدث بالأمس وفتح باب المصعد عفوياً منه لكنه سرعان ما تذكر من خلف نظراتها المشتعلة التي قابلته بها ,
, _ لم يعلق واغلق الباب سريعاً ثم توجه إلي الدرج مباشرً ، وقف أمام منزل والده وقبل أن يطرق الباب كان قد فُتح من قِبل رنا ، تنهد ريان ممتناً لوجود عنود معه ، حتما ستُجبر تلك البغيضة علي الصمت عندما تراها ،
, _ رسم الحدة علي تقاسيم وجهه وسألها بفتور شديد :-
, _ الحج صاحي ؟
, _ لم تعبأ لسؤاله بل كانت عينيها تتآكل غيظاً من تلك الفتاة التي تقف خلفه ، من تكون ؟ ومن أين جاءت ولما تقف معه في تلك الساعة المبكرة ؟
, _ خرجت من شرودها علي صوته الجهوري الذي صاح بها :-
, _ بقولك الحج صاحي ؟
, _ رمقته بنظرات مشتعلة وهي تسحق أسنانها بغضب واجابته بجدية :-
, _ اه صاحي ،
, _ لم تستطيع الصمود لاكثر من ذلك فلقد تآكل جوفها من فرط الفضول ، سألته وهي تطالع عنود بنظرات متفحصة :-
, _ مين دي مش تعرفنا!
, _ اقترب ريان منها بضعة خطوات حتي يجبرها علي التنحي جانباً لكي يمر هو للداخل وهتف موجهاً حديثه إلي عنود :-
, _ ادخلي مش هأخرك ..
, _ أماءت رأسها بالايجاب وولجت الي الداخل أسفل نظرات رنا المثبتة عليها وهي تكاد تنفجر غيظاً ، فهي الي الان لم تعرف هويتها ، أوصدت الباب وسارت خلفهما ربما تعلم من تكون ، جلس ريان بجانب والده وقال بنبرة معاكسه تميل للحنان :-
, _ صباح الخير يا حج اخبارك ايه النهاردة ؟
, _ أجابه ماهر بنبرة رخيمة :-
, _ صباح النور يا بني ، الحمد**** في احسن حال ، بس انت صاحي بدري ليه كده خير ؟
, _ مرر ريان أنظاره بين والده وعنود اللي تقف علي استحياء شديد واجابه مختصراً :-
, _ رحب بضيفتنا الأول يا حج ، عنود بنت عمي سيف الدين وهتكون مرات ياسر النهاردة
, _ شكل ماهر ابتسامة علي ثغره ومد يده ليصافحها مرحباً بحفاوة :-
, _اهلا بيكي يا بنتي نورتي البيت
, _ لاحظت عنود عدم اتزان رؤيته فهو ينظر إلي الجهة المعاكسة لها تماماً ، لكنها سرعان ما تحول وجهها الي الحُمرة الصريحة خجلاً لانها وقعت في موقف لا تُحسد عليه ، رجل كفيف يمد يده ليصافحها وهي لا تصافح الرجال ، بأي وجه سترفض مصافحته ، ابتلعت ريقها بتوتر بائن قد استشفه ريان وأسرع هو بمد يده وصافح والده قائلا بمزاح :-
, _ معلش بقا يا حج أصلها مش بتسلم علي رجالة
, _ اتسعت شفتي ماهر بسعادة وهتف مهللاً :-
, _ بسم **** ما شاء **** **** يبارك فيكي يا بنتي
, _ متشكرة لحضرتك
, _ هتفت بها عنود بنبرة رقيقة ممزوجة بخجلها الصريح ، ابتسم ريان علي ذاك الموقف الطريف وتابع حديثه متسائلاً :-
, _ يحيي فين يا حج ؟
, _ أجابته رنا وهي تقترب منهم لكي تنال شرف الحديث معه حتي لو كان أبعد ما يكون عنها :-
, _ يحيي نزل من بدري
, _ لم يعيرها ريان إهتمام كأنها نكرة ، دلف هاني خارج غرفته وما إن رأي ريان حتي انعكست تعابير وجهه للحدة والبغض ، لاحظها الجميع حتي عنود التي شعرت بالغرابة لأمر ذاك الرجل التي لا تعلم هويته بعد ، لكنه شديد الغلاظة ولا يعلم عن الذوق شئ ولو بمقدار ذرة أهذا إكرام الضيف التي حثنا عليه رسولنا الكريم ؟..
, _ لم يبالي لهم هاني وولج داخل المرحاض ، هم ريان بالنهوض موجهاً حديثه لعنود بصوته الأجش :-
, _ يلا بينا عشان منتأخرش
, _ توجه نحو الباب بخطي متريثة كما تبعته عنود علي حياء ، بينما وقفت رنا كمن يقف علي جمر متقد وهي تراها تسير خلفه ، ماذا تفعل معه هذه الفتاة التي لم تروق لها مطلقاً ؟!
, _ توقف ريان فجاءة عندما تذكر شيئا ما أراد إخباره لوالده ، اصطدمت به عنود بقوة أثر وقوفه المفاجئ ، كادت أن تسقط من شدة ارتطمها به لكنه لحق بها وأمسك بطرف ثوبها وأعادها إليه بحركة سريعة منه ،
, _ اعتدلت في وقفتها سريعاً وابتعدت عنه وحمدت **** أنه لم يلمسها فقد لمس ثوبها فقط ، لكن لا تدري سر تلك الوخزة التي شعرت بها وهي تقف أمامه ، أيعقل خجلاً من ذلك الموقف اللعين أم شئ آخر لا تعلم ولا تريد أن تعلم لكنها تود فقط مغادرة المكان سريعاً ،
, _ حمحم ريان بحرج ثم نظر لوالده وردد بصوت متحشرج :-
, _ بقولك يا حج عايزك تكون ولي العروسة ده بعد أذنها طبعا
, _ استدار إليها ريان وهو يطالعها بنظراته قيد إنتظار إجابتها ، لم ترفع بصرها عن الأرضية ولم تصغي من الأساس إلي طلب ريان ، فهي غارقة في دوامة أفكارها تجاه ياسر ، لما شعرت فجاءة بالضيق من تلك الزيجة ، تود أن تصرخ بشدة وترفض زيجتها التي لا تعلم إلي أين ستؤدي بها ، إلي الهلاك حتماً ،
, _ ما بكي يا فتاة منذ متي تفكرين بقلة الايمان تلك ، ف**** لن يتركنا نغرق أبدا ، سيجبر خاطرنا ويكتب لنا الخير فيما نفعله كما يفعل دائماً ف**** رحيم بعباده سنظل نثق بقرارته ونظن به خيراً فليكن خيراً دائما ..
, _ ايه رأيك في أن الحج يكون ولييك ؟
, _ هتف ريان متسائلاً وهو يطالعها بغرابة من أمرها ، رفعت عنود بندقيتاها عليه وأردفت بتلعثم :-
, _ ها ؟
, _ تعالت ضحكات ماهر وتحدث من بين ضحكاته وهو ينظر إلي جهة أصواتهم المصدرة :-
, _ العروسة شكلها متوترة!
, _ توردت وجنتي عنود خجلاً وكزت علي شفاها بإرتباك خجل ، هز ريان رأسه مستنكراً أفعال تلك الفتاة المبهمة ، أعاد تكرار ما قاله منذ قليل بنبرة جدية :-
, _ كنت بقول ايه رأيك لو الحج يكون ولييك ؟
, _ عقدت عنود ما بين حاجبيها بغرابة وهي لا تعي ما قاله و تسائلت ببلاهة وكأن رأسها باتت خالية من العقل :-
, _ ولي ليه ؟
, _ رفع ريان أحد حاجبيه وأجابها قائلا بإقتضاب :-
, _ مش النهاردة كتب كتابك والمفروض يكون ليكي ولي ؟
, _ شعرت بغصة مريرة في حلقها لا يتقبل عقلها ولا قلبها بتلك الزيجة التي اضطرت علي الموافقة عليها ، ودت لو أن تفر هاربة وتترك ما جائت لأجله ، فو**** لولا وصية والدها لما كانت تركت بلدتها التي ترعرت بها وتربت في كنفها ،
, _ تنهدت بحرارة وقد سقطت قطرة من عينيها ألماً علي ما يحدث ، أخفضت بصرها لكي لا يراها أحدهم وأمسكت بمقبض الباب ، أجبرت ريان علي التنحي جانباً ، ثم دلفت للخارج مسرعة ،
, _ دلف ريان خلفها بعد أن أغلق الباب ، بينما هبطت هي الأدراج مهرولة ، هبط سريعاً لكي يلحق بها وما أن وصل لنهاية الادراج حتي رآها تقف أمام الباب تمسح عبراتها بأناملها الصغيرة ،
, _ اقترب منها وسحب نفساً عميق وأردف بنبرة متريثة :-
, _ وافقتي ليه طلاما مش مش عايزة تتجوزيه ؟
, _ التفتت إليه ورفعت بندقيتاها عليه بحزن جلي ، لاحظ لأول مرة لون عينيها التي تغازله أشعة الشمس ليظهر بهذا الجمال ،
, _قطعت هي حبال شروده بها بصوتها الرقيق الذي أجبر جميع حواسه علي الإنتباه لها ، حمحمت هي بحرج واجابته بنبرة موجوعة :-
, _ مفيش في أيدي غير كده ، لو موافقتش مش هلاقي مكان أقعد فيه وانا لا يمكن أعرض نفسي لاي خطر حتي لو بنسبة ١٪ أنا ممكن أرجع بلدي بس هاخد وقت كبير علما اسافر وادور علي بيت أشتريه وطبيعي هقعد في فندق يعني هصرف كتير و علي لما الاقي بيت يناسبني ممكن ميكنش معايا المبلغ ده ،
, _ تنهدت بحرارة وتمنت لو تجهش في البكاء لكن لا لن تظهر ضعفها أمام أحد ، تعجبت من نفسها كثيراً أنها أفصحت عما بداخلها بتلك السهولة والآغرب أنها شعرت ببعض الراحة ، من يكون حتي تبوح بما داخلها ، لعنت سذاجتها المفرطة وتابعت حديثها متسائلة بنبرة محتقنة :-
, _ اخو حضرتك فين مش قولت هيجي معانا ؟
, _ أماء رأسه بالايجاب ، دس يده في جيب بنطاله وجذب هاتفه وقام بالاتصال علي أخيه ، انتظر قليلا ثم استمع لصوته فأسرع هو بالحديث قائلا :-
, _ صباح الخير يا يحيي انت فين ؟
, _ أجابه يحيي بصوت عالٍ لكي يصل الي مسامع ريان من بين تلك الضجة التي يتوسطها :-
, _ أنا في الجامعة يا حبيبي في حاجة ؟
, _ أوصد ريان عيناه ثم فتحها ببطئ وهو يطالع عنود بنظراته حتماً ستخلق شجار معه ناهيك عن عدم ثقتها به بعد الأن ، تنهد واجاب يحيي مختصراً :-
, _ تمام هكلمك بعدين
, _ اغلق الخط ونظر إليها وهتف بنبرة متريثة :-
, _ يحيي سبق هو وراح علي الجامعة وااا
, _ استشفت عنود حرجه وظنت بأنه لا يريد توصيلها فأسرعت وقاطعته بحرج شديد :-
, _ أنا هروح مواصلات حضرتك مش مضطر توصلني في مكان أنا..
, _قاطعها ريان بنبرة صارمة :-
, _ محدش هيوصلك غيري انتي أمانة ياسر عندي ومينفعش أقوله سيبتها تمشي لوحدها اتفضلي اركبي
, _ ضغط علي مفتاح سيارته الحديثة لتُفتح ثم جلس علي مقعده وتفاجئ بها تجلس في المقعد الخلفي ، اغمض عيناه بضجر بائن ، ترجل من السيارة وتوجه نحوها ، فتح بابها وانحني بجسده ليكون بنفس مستواها وقال بصوت هادئ :-
, _ اقعدي قدام منظري مش حلو وانتي قاعدة ورا كده !.
, _ رفعت حاجبيها بغرابة وأردفت بنبرة جدية صارمة :-
, _ لا طبعاً مش هقعد جنبك مينفعش
, _ سحق ريان أسنانه بغضب يحاول كبحه حتي لا يندفع علي تلك الفتاة التي تبالغ في كل شئ ، اغمض عيناه لبرهة ثم أغلق الباب وعاد لمقعده مرة أخري ،
, _ عدل من وضعية المرآة لكي تظهر وجهها كاملاً فقط لتنال قسطا من نظراته الثاقبة التي اخترقتها ، لاحظت نظراته المثبتة عليها فتلاحقت خفقات قلبها في التسارع خجلاً منه ، تنهدت وهي تحاول أن تظهر طبيعية ولا تكترث لنظراته التي ستحرقها حتماً ،
, _ بالتأكيد سينفجر بها بأول فرصة تسنح له ، ابتلعت ريقها وازدردت بخوف ، لكنها سرعان ما هدأت من روعها ، شهيق وزفير فعلت هي ، طالعته بنظرات جامدة وهتفت متسائلة بحنق :-
, _ حضرتك بتبصلي كده ليه ؟ انت متعرفش اني قعدتي معاك في العربية تعتبر خلوة غير شرعية وحرام ومينفعش بس انا مضطرة وللضرورة أحكام ومش معني كده اني أقعد كمان جنبك واتحمل ذنب أنا مش قده بسببك
, _ شهقت عنود بذعر عندما أوقف السيارة فجاءة لتحتك إطارات السيارة بالطريق مصدرة صرير مروع اخافها بشدة ، لوهلة تذكرت حادث انقلاب حافلة والديها ، تلك الصورة التي لا تفارق عقلها ، الأدخنة المتطايرة التي رأتها قبل الوصول إليهم راودتها في تلك الاثناء وكأنها بالتصوير البطئ ، شعرت بتلك الرائحة تتخلل أنفها وكأنها تشُم رائحتها مرة أخري ،
, _ اختنق صدرها ورجف جسدها ولم تشعر بتلك القطرات التي انهمرت من عينيها ،
, _ انتي كويسة ؟
, _ تسائل ريان بإهتمام عندما رآي جسدها يرتجف بشده وهي تضع كفوفها أمام وجهها خائفة من شئ ما ، لم تعبأ لسؤاله أو ربما لم تسمعه من الأساس ،
, _ اجهشت في البكاء وازدادت اختناقاً من تلك الرائحة التي لا تعلم مصدرها ، فتحت الباب وترجلت الي الخارج راكضة بعيداً عن السيارة ،
, _ توقفت عندما تأكدت من عدم وجود أي روائح في المكان ، أغمضت عينيها تحاول إلتقاط أنفاسها التي هربت من رئتيها علها تعود لرُشدها ،
, _ أنتي خوفتي ليه كده ؟
, _ تسائل ريان بندم فهو من تسبب في وضعها في هذا الوضع المثير للشفقة ، رفعت بندقيتاها اللامعة عليه لتسُكن قليلاً في ملامحه التي بدت نادمة بعض الشئ ، ابتعلت ريقها واجابته وهي مطأطأة الرأس :-
, _ افتكرت حادثة بابا وماما ، ينفع نمشي إحنا اتأخرنا ..
, _ لم تنتظر منه إجابة وعادت أدراجها الي السيارة مهرولة بخطي سريعة غير مستقيمة ، جلست علي المقعد وأسندت رأسها علي النافذة المجاورة لها ،
, _ من المؤلم أن تضطر لأن تُلملِم جراحك وهي مازالت لم تُدواي بعد ، مازال أثرها يؤلمك في كل حين يمُر عليك ، لا أحد يشعر بك والمعني الصحيح لا أحد يكترث لأمرك ، كأنك نكرة وليس إنسان ذو مشاعر منكسرة تريد فقط أن تدوايها ، لكن لا توجد فرصة أو حتي إحتمال صغير أن يساعدك أحدهم ويطيب جراحك ويخرجك من مستنقع أحزانك ويشُدد أزرك ، حتماً سيأتي يوماً نخرج فيه الي النور بصُحبة من يُحب ظلامنا كما نحن ويضيئه لنا بحبه ..!
, _ ترجلت خارج السيارة برفقته حينما وصلا إلي الجامعة ، توقفت ورمقته بنظراتها ولكن تلك المرة كانت مختلفة لقد انعكست إشراقة وحيوية عينيها تماماً وساد فيهما الحزن أو ربما شعور أقوي من ذلك ،
, _ تنهدت بإختناق شديد وهي تحاول جاهدة الصمود قدر الإمكان ، أردفت بنبرة ممتنة خافتة :-
, _ شكراً لحضرتك ممكن تمشي أنا مش عارفة هخلص أمتي ولا هاخد وقت أد إيه ..
, _ رمقها ريان بنظراته التي لم تفهم معناها ، فـ حُزنها البادي علي ملامحها قد أثر فيه قليلاً ، هي مازالت طفلة صغيرة لا تستحق كل هذا الحزن ، أيـشفق عليها حقاً أم أنه يري نفسه فيها ولا يريد تكرار ما حدث له في الماضي لها ولأي شخص كان ،
, _ تنهد بآسي وهتف بنبرة لينة بعض الشئ :-
, _ أنا جاي معاكي عشان لو احتجتي حاجة ااا..
, _ قاطعته بنبرة خجولة :-
, _ متشكرة
, _ قالتها ثم غادرت من أمامه مسرعة وهي لا تعلم في أي إتجاه عليها الذهاب ، لكنها تريد الفرار منه ومن أي شخص ، تريد أن تنفرد بنفسها وتطلق العنان لدموعها فهي حقاً ليست علي ما يُرام تريد أن تنفجر في البكاء ربما تُهدئ مما تشعر به ولو قليلاً ،
, _ محتاجة مساعدة يا آنسة ؟
, _ قالها أحدهم متسائلاً بقلق عندما رآها تبكي بجانب المبني بمفردها ، كفكفت عبراتها سريعاً ثم تصنعت القوة ونظرت إليه ببندقيتاها قائلة بحدة زائفة :-
, _ نعم! , حضرتك مين ؟
, _ تنهد ثم مد يده ليصافحها قائلا بإبتسامة بشوشة :-
, _ هاي ، أنا يحيي
, _ احتدت نظراتها عليه لدرجة اخافته منها ، ثم صاحت مندفعة :-
, _ إسمها السلام عليكم ورحمه **** وبركاته وده أولاً ، ثانياً الجامعة مش مكان للتعارف عشان تيجي بكل وقاحة تقولي هاي وتسلم وانت متعرفنيش أصلا
, _ ألقت بجُملتها الحادة سريعاً ثم أخذت تستنشق أنفاسها التي هربت منها وهي تتحدث بتلك السرعة ، غادرته بخطوات مهرولة تبتعد عنه أسفل نظراته المُسلطة عليها بغرابة من أمرها ،
, _ ظهرت شبح إبتسامة علي ثغر يحيي وهو لا يدري سببها لكنها أثارت ضحكاته كثيراً ، سار هو الآخر حتي يلتحق بالجامعة بالتأكيد قل عدد الحشود التي كانت تقف أمام غرفة التقديم ، وصل إلي هناك وكما ظن تماماً لم يكن سواه يقف ومعه تلك الفتاة التي تشاجرت معه منذ قليل ، لا يعلم سبب ابتسامته التي ظهرت تلقائياً علي محياه عندما رآها ، ربما ستكون زميلته يوماً ما أو ربما حبيبته كما يشاهد في الأفلام ، هز راسه مستنكراً أفكاره العجيبة في تلك الأثناء إلي أن انهمر في تقديمه بالالتحاق بالجامعة وكذلك هي ..
, _ بعد مرور فترة ليست بقصيرة دلف كِلاهما خارج الجامعة ، تفاجئت عنود بوجود ريان أمامها مستند بمرفقيه علي سيارته ، لم تتوقع أن ينتظرها طيلة تلك المدة ، لا تعلم سبب ذلك الشعور الذي تغلغل بداخلها من خلف انتظاره لها لكنها حتما ليست مزعوجة ،
, _ اقتربت منه علي استحياء شديد لفظاظة أسلوبها معه وهو دائما يبادرها بما لم تتوقعه ولا يكن بالحسبان ،
, _ تفاجئ يحيي بوجود أخيه في الجامعة ، أكان ينتظره أم يوجد شئ آخر لا يعلمه ، اقترب منه بإرتباك في اللحظة ذاتها لوصول عنود إليه حيث تحدثَ معاً :-
, _ ريان انت بتعمل ايه هنا ؟
, _ انت ممشتش ليه ؟
, _ رمق يحيي وعنود بعضهما البعض بغرابة ، ازداد الأمر غرابة حقاً ، من تلك الفتاة , بل من ذلك الفتي ؟
, _ انت ..
, _ انتِ ..
, _ تمتمَ كلاهما متعجبين ، بينما عقد ريان ما بين حاجبيه بتعجب واعتدل في وقفته وتسائل بفضول :-
, _ انتوا تعرفوا بعض ؟
, _ آه
, _ هتف بها يحيي مُشكلاً إبتسامة عريضة لتلك الفتاة التي تبدو غليظة بعض الشئ لكن لم تنجح في إخفاء برائتها ، بينما أجابته عنود قائلا بنبرة متريثة :-
, _ لأ معرفوش
, _ يابت!
, _ غمز إليها يحيي بعيناه بينما احتدت نظراتها عليه وشهقت بصدمة لاسلوبه الوقح معها واندفعت فيه بتجهم :-
, _ ايه بت دي ، انت انسان قليل الذوق ، انت إزاي تقولي كده ؟
, _ ضيق يحيي عينيه عليها ثم انفجرا ضاحكاً وتحدث من بين ضحكاته :-
, _ انتي ولد ولا ايه..
, _ يحيي!
, _ صاح بها ريان بنبرة صارمة جدية ، نظر إليه يحيي بتعجب من نبرته الحادة بينما واصل ريان حديثه محذراً :-
, _ احترم نفسك لما تكون بتتكلم مع حد وخصوصاً لو كانت بنت وكمان قريبتك
, _ مرر يحيي أنظاره بين ريان وعنود وهو لا يعي ما صلة القرابة بينهم ، فهم ريان نظرات أخيه وأسرع بالحديث موضحاً بنبرته الرخيمة الممزوجة بالحدة :-
, _ عنود بنت عمك سيف الدين أخو عمك منصور وهتكون مرات ياسر النهاردة ..
, _ شعرت عنود بوخزة قوية في قلبها ناهيك عن اختناق صدرها كأن شئ ما يطُبق عليها ، ابتلعت ريقها وأوصدت عينيها لبرهة تحاول استعادة صفوها الذي انعكس كلياً لتذكرها لتلك الزيجة التي لا تود إتمامها ..
, _ أنتي كويسة ؟
, _ تسائل ريان بقلق عندما رآي حالتها المذرية ، فتحت عينيها وهي تطالعه في صمت بينما غاص ريان للمرة الثانية على التوالي مع بندقيتاها التي تُشبه الزجاج لشدة بريق عينيها ، ابتلع ريقه واعاد تكرار سؤاله بإهتمام :-
, _ انتي كويسة ؟
, _ أماءت رأسها فتابع حديثه مضيفاً :-
, _ طيب يلا نمشي لو كنتو خلصتوا
, _ هزت رأسها رافضة تلك الفكرة التي ستجمعها مع هذا الكائن الذي لم يروق لها قائلا بحدة :-
, _ أنا مش هركب معاه في نفس المكان ، Impossible
, _ رفع يحيي إحدي حاجبيه واندفع بها بنبرة مشتعلة :-
, _ نعم يختي ، مش هتركبي معايا في نفس المكان ؟
, _ تعمدت عنود تجاهله حتي تثير غضبه ، ونظرت إلي ريان بشموخ ورددت بنبرة أكثر هدوءاً عن ذي قبل :-
, _ أنا هرجع أنا حفظت الطريق
, _ كادت أن تغادر لكنه أوقفها بصوته الجهوري قائلا بصرامة :-
, _ لا طبعاً مش هترجعي لوحدك ، زي ما جبتك هرجعك اومال لزمتها ايه وقفتي هنا كل ده ،
, _ حاولت أن ترفض ما قاله لكنه أسرع في الحديث ونظر لأخيه أمراً إياه :-
, _ يحيي تعالي انت مواصلات
, _ اتسعت حدقتي يحيي بذهول ممزوج بالصدمة ، أخيه يُفضل عنه شخصاً آخر أم أنه أخطئ ؟
, _ سار ريان بإتجاه باب سيارته واستقل أمام المقود بينما فتحت عنود الباب الخلفي ونظرت بتشفي إلي حيث يقف يحيي وشكلت إبتسامة علي ثغرها وكأنها انتصرت في أحد المعارك ،
, ثم شرعت في الجلوس وأغلقت الباب ونظرت بعيداً عنه متجاهلة نظراته التي تُطالعها بغيظ ، تمتم يحيي لنفسه وهو يسحق أسنانه بغضب :-
, _ ماشي يا حتة بتاعة انتي إن ما وريتك اللي هعمله فيكي ميبقاش أسمي يحيي العراقي ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ وقف أمام المرآة يضبط من وضعية ياقة قميصه أبيض اللون علي بنطال فحمي ، رتب خصلات شعره جيداً ووضع من عطره ، دق باب غرفته مراراً حيث سمح للطارق بالدخول ..
, _ انت لابس علي الصبح كده ورايح علي فين ؟
, _ تسائلت سعاد بفضول أنثوي ، بينما أجابها ياسر بنبرة هادئة للغاية :-
, _ إيه ده هو انا نسيت اقولك مش النهاردة كتب كتابي كده برده يا سوسو متعرفيش إن إبنك عريس
, _ شهقت سعاد بصدمة جلية تملكتها وكادت تفقد توزانها إلا أنها تماسكت حتي تعلم هوية العروس التي كانت تعملها حق المعرفة ، سألته ببرود زائف كأنها لا تكترث للأمر :-
, _ مين العروسة ؟
, _ تقوس ثغر ياسر بإبتسامة متهكمة واستدار بجسده إليها ، توجه نحوها بخطي متمهلة ، داعب وجنتها بحركة ثابتة ثم أجابها بفتور شديد :-
, _ عنود بنت عمي اللي انتو رميتوها في الشارع ورفضتوا تدخلوها البيت ده أنا هتجوزها وهدخلها وهي مراتي ..
, _ غمز إليها بإنتصار ثم غادر وتركها بمفردها تندب حظها ، لكن لا لن تصمت علي تلك المهزلة ، من تكون تلك الفتاة البغيضة حتي تحصل علي أبنها البكري والوحيد علي طبق من ذهب بتلك السهولة ،
, _ علي جثتي يابنت بلاد برا لو خدتي ابني مني!
, _ هتفت بهم سعادة بنبرة تحمل من الغضب قدر لا حد له ، هرولت بخطي مسرعة نحو غرفتها ،
, _ فتحت الباب بعنف واقتربت من زوجها الذي ينعم بنوم هنئ ولا يعلم ماذا يدور من خلفه ،
, _ منصور
, _ نادت بإسمه بأعلي حنجرتها ، نهض هو بفزع شديد جلي علي تقاسيم وجهه ، نظر يميناً ويساراً باحثاً عن مصدر الصوت المزعج ، وقع بصره عليها جالسة أمامه ،
, _ سحق أسنانه بغضب وصاح بها هدراً :-
, _ في حد يصحي حد كده ؟
, _ لم تكترث لما قاله وتابعت حديثها المسترسل بحسرة :-
, _ اه يخويا انت نايم ولا بالك المصيبة اللي وقعنا فيها ، قوم يا منصور قوم شوف إبنك هيعمل ايه وهيجيب لنا مصيبة فوق راسنا
, _ فرك عيناه بعصبية لتلك المرأة الثرثارة أكثر من اللازم ورد عليها بنبرة جامدة :-
, _ عمل ايه المحروس ؟
, _ نهضت سعاد ورمقت زوجها لنظرات طالت لبرهة استعدادا لتفجير ما لا يود سماعه قط ، أزفرت انفاسها وألقت بالحديث دُفعة واحدة :-
, _ إبنك رايح يتجوز اللي متتسمي بنت أخوك
, _ اتسعت مقلتي منصور بصدمة اعتلته بينماواصلت سعاد حديثها مضيفة بنبرة صارمه :-
, _ أنا مش هستني ابني يضيع مني يا منصور زي ما أمها عملت في أخوك لازم نعمل حاجة نوقف بيها الجوازة دي بسرعة والا مش هيكفيني موتها ده الحيلة!
, _ أوصد عينيه يحاول الوصول إلي فكرة جيدة ، ماذا عليه أن يفعل الآن لقد شُتت ذهنه تماماً ، فتح عيناه مرة أخري علي حديث زوجته :-
, _ كلم أخوك مؤنس قوله يجي حالا ياخد البلوة دي عنده يربيها مع بناته ولا أن ش**** حتي يولع فيها المهم يبعدها عن ابني
, _ تنهد منصور بضجر بائن وأجابها بقلة حيلة :-
, _ هو مؤنس ناقص بلاوي كفاية البنتين اللي عنده وبعدين حتي لو كلمته ده فيها ٣ ساعات مواصلات بينا وبينه تكون المصيبة حصلت خلاص
, _ لطمت سعاد علي صدرها بقوة وصاحت عالياً بتذمر :-
, _لا بقولك ايه يا منصور انت لازم تتصرف بسرعة الواد نزل يعني مفيش وقت قدامنا نضيعه أن شا**** حتي يخويا نحبسه في البيت ومنزلوش المهم نعمل حاجة
, _ ابتسم منصور تلقائيا لتلك الفكرة الداهية التي راودته ورمقها بسعادة مُشكلاً إبتسامة خبيثة :-
, _ وهو ده اللي هعمله فعلاً ؟
, _ ضيقت سعاد عينيها عليه وسألته بعدم فهم :-
, _ هتعمل ايه مش فاهمة ؟
, _ سحب نفساً عميق وتابع حديثه مضيفاً بنبرة ماكرة :-
, _ اقعدي ياسعاد وانا هقولك هنعمل ايه ؟
, _ جلست سعاد مقابله علي الفراش ، بينما بدأ يقص عليها المخطط الذي سيفعلانه حتي يوقفا تلك الزيجة التي لا يرغب بإتمامها ، وما أن أنهي حديثه حتي ظهرت إبتسامة عريضة علي ثغر سعاد ، تسائل منصور بتأكيد :-
, _ فهمتي هتعملي ايه ؟
, _ أماءت راسها بتفهم وهتفت بسعادة :-
, _ فهمت ..
, ٤٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ ترجلت عنود من السيارة وأغلقت الباب خلفها ، تفاجئت بياسر يركض نحوها مُشكلاً علي وجهه إبتسامة عريضة , شعرت لوهلة وكأن روحها تُسلب منها ، لا لن تحين اللحظة بعد ، ليست علي كامل استعداد لتكون زوجته ، شعرت بوخزة عنيفة في قلبها حيث خفقت نبضاته بصورة أعنف عن ذي قبل ، لابد وأن يتغير قدرها تلك المرة سريعاً والا لن تتحمل حتماً لن تتحمل ..
, _ خرجت من شرودها علي صوته الرخيم الملئ بالحيوية والشغف :-
, _ المأذون علي وصول ، جاهزة ؟
, _ ترقرقت الدموع في عينيها وحاولت التماسك قدر المستطاع ، هربت ببصرها بعيداً عن نظراته المسلطة عليها ، تفاجئت بنظرات أخري ترمقها لكن نظرات مختلفة تماماً ، نظرات تثير إرتباكها كثيراً ، لا تدري لما تشعر بالراحة من نظرات ريان عليها علي عكس ما تشعر به إتجاه ياسر ؟!
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
٩


قرع رنين هاتفه يعلن عن اتصال شخص ما ، جذب هاتفه من جيب بنطاله وأزفر أنفاسه بضيق ، ضغط علي زر الايجاب وأردف بفتور شديد :-
, _ في حاجة يا أمي ؟
, _ نظرت إلي زوجها الذي يجلس بجوارها حيث اماء رأسه مشجعاً إياها لتواصل ما بدأته لتوها ، تنهدت ثم هتفت بحنو امومي :-
, _ ياسر يا حبيبي انت فين ؟
, _ لم تروق له تلك اللهجة التي تتحدث بها وخمن أنها تفتعل ذلك حتي ترجعه عما ينوي فعله ، لكن لا سيصمد للأخير ، تنهد بضجر وأجابها قائلا مستاءً من تصرفها :-
, _ محتاجة حاجة ؟
, _ علمت أنه لا يود أن يفصح عن مكانه فتحدثت قبل أن يغلق الخط وتقفد الامل في إعادة ولدها فلذة كبدها إليها مرة أخري :-
, _ بصراحة أنا قولت لابوك علي جوازك ولقيته معترضش ولا رفض وقال هو حر يعمل اللي هو عايزه طلاما هيكون مبسوط بس هو زعلان اوي انك هتتجوز من وراه يا ياسر تعالي راضيه بكلمتين يا بني ده رضا الأب جنة ، هتيجي يابني صح ؟
, _ لم يقتنع كثيراً مما قالته لكن ما باليد حيله ، هو والده مهما حدث من خلافات بينهم ، تنهد بحرارة وهتف مختصراً :-
, _ طيب أنا جاي حالا ..
, _ أغلق الخط ونظر الي حيث تقف عنود وتحدث بحرج بائن :-
, _ امي بتقول أن أبويا وافق علي جوازنا بس لازم أراضيه لأنه زعلان مني أنا مش هتأخر علي لما المأذون يوصل هكون وصلت معاه ،
, _ أبتسم ابتسامة عذبة وهو يعد الدقائق التي تمر بفروغ الصبر حتي تصبح تلك الصغيرة امرأته ملكه وحده ، غادر المكان سريعاً بينما استنشقت عنود الصعداء لأنه غادر ، كم تمنت أن يحدث أمراً يعترض تلك الزيجة التي ستقع بها ،
, _ تنهدت ونظرت إلي ريان قائلا بنبرة سريعة :-
, _ ممكن اطلع فوق في حاجة ضرورية محتاجة اعملها
, _ أماء رأسه بتفهم وهتف مرحباً :-
, _ اه طبعاً اتفضلي
, _ لم تنتظر إجابته بل ركضت مهرولة الي الداخل وولجت داخل المصعد وضغطت علي زر الإقلاع للطابق القاطن به ريان ..
, _ تعجب ريان كثيراً من تلك الفتاة ماهو الشئ الضروري التي تحدثت عنه ، وما أهميته حتي تركض بهذه الطريقة البلهاء ؟..
, _ اضطر لأن يصعد الأدراج بمفرده ، لم يتفاجئ عندما فُتح باب منزل والده ودلفت منه رنا ، أوصد عيناه بضيق عارم وتابع صعوده للاعلي دون أن يعيرها إهتمام ،
, _ أعادت تكرار منادته مراراً لكنه لم يعبأ لها أيضاً ، لم يكن أمامها سوي ان تقطع طريقه بوقوفها أمامه بل سكونها بين أحضانه ، لقد تعمدت أن تلتصق بصدره حتي تنعم بدفئه لطلاما تمنته كثيراً ،
, _ شعرت بحرارة شوقها اليه ، ابتسمت له بشغف وتمني ، تراجع هو خطوة إلي الخلف واضطر أن ينظر إليها لكي ينهي ذاك الوضع السخيف الذي وقع فيه
, _ سحبت نفساً عميق شاعرة بسعادة غامرة لسكونه وعدم هروبه من أمامها وعدلت من وقفتها لتزداد غروراً كأنها ملكت الأرض ومن عليها ، لا تعلم أنه وقف فقط حتي ينهي ما بدأته هي ،
, _ إلتوي ثغرها بتهكم وهتفت متسائلة بحنق :-
, _ البت اللي كانت معاك الصبح دي قاعدة في بيتك ليه ، ليه مش عند أهلها اشمعنا انت يعني ؟
, _ هز رأسه في إنكار ثم صعد وأجبرها علي التنحي جانباً وتابع صعوده كأنه لم يراها من الأساس ، تفاجئ بتلك الصغيرة تقف أمامه وتأكد أنها رأت ما حدث ، أغمض عينيه بضجر بائن لا يريد أن يراه أحد في وضع كهذا ، هو كبيراً بما يكفي في نظر نفسه والجميع ولن يسمح لأن تهتز صورته مطلقاً ،
, _ اللي شوفتيه ده ، انا ..
, _ هتف بهم بتلعثم ، هرب الحديث من لسانه أيعقل أنه لا يستطيع أن يبرر ما حدث أمامها ،
, _ حمحم بحرج وهو يجوب المكان بأنظاره لكي يهرب من عينيها وقال بصوت متحشرج :-
, _ أنا مليش ذنب و..
, _ قاطعته عنود بنبرة متفهمة :-
, _ مش مضطر تبرر حاجة
, _ رمقها ريان بنظراته لبرهة في محاولة منه علي استيعاب الأمر ، تنهد وردد موضحاً :-
, _ أنا بس مش بحب حد ياخد عني فكرة مش كويسة أنا مش كده
, _ أبتسمت بتكلف وأردفت بنبرة ناعمة :-
, _ مممممم
, _ ضيق عيناه عليها في عدم تصديق وهتف بحنق :-
, _ أنا بقول الحقيقة علي فكرة
, _ أماءت رأسها له وهتفت وهي تطالعه بثقة :-
, _ أنا عارفة انك بتقول الحقيقة
, _أطال النظر اليها بعدم اقتناع لما تفوهت به فلم يسبق وأن صدقه أحدهم بتلك السهولة بالتأكيد تسايره حتي تنهي الحوار بينهم لكن ليس قبل أن يقنعها بحُسن نواياه ، أزفر انفاسه بضجر بائن وهتف بنبرة مندفعة :-
, _ وعارفة منين بقا ؟ مش يمكن اكون بكذب ؟
, _ وانت هتكذب ليه ؟
, _ تسائلت بإهتمام بينما أجابها ريان بإندفاع أكبر :-
, _ يمكن اكون بكذب عشان أداري علي نفسي وميطلعش شكلي وحش قدامك ؟
, _ إلتوت شفاها مُشكلة ابتسامة لاندفاعه معها في الحديث وأردفت بكل هدوء لكي تهدئ من روعه :-
, _ انت قولتلي أنك بتقول الحقيقة وانا مصدقاك لو بتكدب بقي دي حاجة ترجع لك متخصنيش!،
, _ شعر بإضطرارات غريبة عصفت بخلاياه الساكنة ، حقاً ما تلك الفتاة ؟ من أين جاءت ولما ظهرت أمامه في ذاك الحين خصيصاّ ، غريبة عجيبة مُحبة حنونة وغيرهم من الصفات التي اكتشفها بها ، لأول مرة يشُعر بالامتنان لشخص لكونه لم يُحضر العديد والعديد من صفحات كاملة من التبريرات لكي يصدقوه ، جاءت هي وبكل هدوء صدقته بدون بذل مجهود ،
, _ أحيانا لا نصدق عفوية الآخرين الصادقة التي قد تبدو أنها مبالغة بعض الشئ ، فليس من الطبيعي أن تُقابل هجوم طيلة الوقت وتتعايش معه وكأنه روتين في حياتك ويظهر شخص دون سابق إنذار وبلا ترتيب يفاجئك بتلك السهولة الباحتة ،
, _ أبتسم ريان بعفوية ثم أقترب من الباب ليفتحه لها ، اقتربت عنود قليلا منه وقالت بثقة :-
, _ بس انا فعلا مصدقاك!
, _ التفت إليها ريان وقد ازدادت ابتسامته إشراقا ، كاد أن يتحدث لولا ظهور دينا المفاجئ أجبره علي الصمت حيث هتفت وهي تطالهم بغيظ :-
, _ انتو كنتو فين ؟
, _ أسرعت عنود بالرد عليها قائلة بنبرة رقيقة :-
, _ كنت بقدم في الكلية وياسر طلب من ..
, _ تلعثمت وتوقفت عن الحديث وهي تبحث عن كنية تنادي ريان بها ، لا يوجد كأن عقلها شل تماماً ، ابتعلت ريقها بحرج بائن وأخفضت رأسها عندما شعرت بأنظارهم مسلطة عليها قيد انتظار مواصلة حديثها ، توردت وجنتيها بالحُمرة الصريحة وضغطت علي شفاها السُفلي بإرتباك خجل ،
, _ استشعر ريان خجلها من تورد وجنتيها وواصل هو حديثها التي لم تكمله حتي يخفف ولو قليلاً من خجلها :-
, _ كانت بتقدم في الجامعة وياسر مش فاضي فأنا وصلتها ..
, _ أماءت دينا رأسها بتفهم ثم تنحت جانباً لتسمح لهم بالمرور إلي الداخل ، تحرك كليهما سوياً دون إدراك منهم حتي اتصدم كتفها في ذراعه ، ارتجف جسدها ورفعت بصرها عليه بخجل قد اعتلاها ،
, _ هربت ببصرها سريعاً وأخفضت رأسها لكي لا يثير ارتباكها بنظراته عليها ، بينما ظل هو يطالعها بتعجب ، لن ينكر أن ارتباكها منه يثير إعجابه ،
, _ أبتسم ابتسامة لم تتعدي شفتاه وهم بالدخول تبعته هي دون أن ترفع بصرها عن الأرضية ، استأذنت وولجت داخل الغرفة التي تمكث بها بعد أن توضأت ووقفت بين يدي ربها تناجيه بما يسكُن في قلبها ، أنهت صلاتها ورفعت يديها للاعلي قائلة والدموع تنهمر علي مقلتيها :-
, _ يارب أنا مش معترضة بس انا قلبي مقبوض ومش مطمنة وانا طلبت منك حاجة تظهرلي ، تبين لي لو كان ياسر خير ولا شر ليا اي حاجة يارب تطمن قلبي ، أنا اتعودت اني استخيرك وبعدها اطمن للحاجة اللي مقُبلة عليها بس المرة دي مفيش راحة كل مادا بتخنق من الموضوع أكتر ، يارب ساعدني ..
, _ انتي بتكلمي مين يا آبلة؟
, _ تسائلت جني ببراءة عندما رأتها تتحدث بمفردها ، بينما شكلت عنود ابتسامة علي ثغرها واجابتها وهي تجذبها برفق من ذراعها وأجلستها علي قدميها قائلة بنبرة رقيقة :-
, _ بكلم **** !
, _ عقدت الصغيرة ما بين حاجبيها فهي لم تعي ما قالته وتسائلت بفضول طفولي :-
, _ مين **** يا آبلة ؟
, _ ابتسمت عنود بسعادة قد تغلغلت إلي أعماق قلبها فـ ياحبذا لها أن تُسأل مثل هذا السؤال ، تنهدت ونظرت للأعلي وقالت بنبرة سلسلة :-
, _ **** ده كبير اوي وجميل جدا ، كل لما تكوني عايزة حاجة بصي لفوق وقوليله يارب واطلبي الحاجة اللي انتي عايزاها
, _ أمسكت الصغيرة بوجه عنود لتجبرها علي الانحناء والنظر إليها ثم تسائلت ببراءة :-
, _ وهيجبهالي علي طول ؟
, _ أزدادت ابتسامة عنود لأسئلة الصغيرة واجابتها بسلاسة بعد أن وضعت يدها علي قلب جني :-
, _ لو أنني عايزاها اوي اوي يعني **** مش هيزعلك وهيديكي الحاجة اللي انتي عايزاها
, _ انشرح قلب الصغيرة لما أخبرتها عنه عنود ، تقوس ثغرها الصغير بإبتسامة سعيدة صاحت مهللة :-
, _ **** ده جميل اوي يا آبلة
, _ اقتربت منها عنود وقبلتها من وجنتها بُحب ثم نهضت وجذبت من حقيبتها حلوي وأعطتها لها ، أمسكت بهم جني وركضت الي الخارج مهرولة بسعادة عارمة ،
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ أحضر لك الغدا ؟
, _ هتفت بها دينا متسائلة بإهتمام ، أجابها ريان بإقتضاب ساخراً :-
, _ ايه ده انتي مهتمة بيا!
, _ عقدت دينا ما بين حاجبيها بغرابة من أمره فهي لم تعي ما قاله وسألته بفضول ممزوج بالضجر من اسلوبه الساخر :-
, _ انت بتتريق يا ريان ؟
, _ قهقه ريان عالياً ثم أجابها بفتور شديد :-
, _ أنا بقالي يومين غايب عن البيت يدوب بنام وامشي وانتي حتي مفكرتيش تسألي انت فين وباكل ازاي ؟ وجاية الوقتي تسألي أنا بتريق ولا لأ ؟
, _ نهضت دينا ووقفت مقابله ، وضعت يديها في منتصف خِصرها وصاحت بنبرة حادة :-
, _ هو انت مش بتنزل شغلك ؟ هسألك انت فين ليه وانا عارفة مكانك ؟
, _ سحق ريان أسنانه بغضب فهي لا تعبأ له ولا تكترث لأمره ناهيك عن ردها الجامد الذي أغضبه للغاية ، نهض هو الأخر وفتح فمه لكي يلقي مافي جوفه لها لكن طرقات الباب منعته من التحدث ، اكتفي برمقها بنظراته الثاقبة المشتعلة وهتف بنبرة صارمة :-
, _ هنتكلم بعدين ..
, _ توجه نحو الباب وأمسك بمقبضه وقام بفتحه ، تفاجئ بـ يحيي وبجانبه رجل لا يعرف هويته ..
, _ المأذون
, _ صاح بها يحيي لكي يملئ فضول ريان بينما بادله ريان ابتسامة متهكمة وهتف بحفاوة :-
, _ آه أهلا وسهلا
, _ التفت ريان الي حيث تقف دينا وأشار بعيناه إليها أمراً إياها بالولوج إلي غرفتها ، هرولت الي غرفتها وهي في قمة غضبها منه ، كيف يتهمها بأنها لا تهتم به ولا تكترث له ، فخدمته وخدمة عائلته شاغلها الأساسي ألا يري ذلك ، يا لك من رجل ناكل للمعروف ،
, _ رحب ريان بالمأذون ثم توجه نحو غرفة صغيرته وطرق الباب ، وقف علي الجانب تارك بعض المسافة بينه وبين الباب ، فتحت عنود الباب فتلاحقت نبضات قلبها ما أن رأت ريان أمامها ، لا تعلم سبب تلك الاضطرابات التي تشعر بها أمامه فهي لأول مرة تتعرض لمثل تلك المواقف ، أخفضت رأسها بحياء ، بادلها ريان ابتسامة علي خجلها الدائم معه ، حمحم بحرج وهتف بصوته الأجش التي حفظت نبرته جيداً :-
, _ المأذون برا!
, _ تفاجئ ريان بنظراتها التي طالعته بصدمة جلية علي تعابير وجهها ، كأنها تستنجد به ، تُطالِب بمساعدته تريد أن يمد يد العون لها ، كم تمنت أن تختفي في تلك اللحظة حتي لا تخطو تلك الخطوة ، ليست علي أتم استعداد لفعل هذا ، بل لا تريد أن تربط حياتها علي إسم رجل لا تعرفه حتي ، لم تكن تلك ما خططت له ولا حتي تمنته
, _ رأي ريان الخوف مرسوم علي تقاسم وجهها ، كم تمني أن توليه رفض تلك الزيجة فقط لكي يمحي ذاك الخوف اللعين من علي تعابيرها وتعود لمعة بؤبؤة عينيها كما رأها سابقاً ،
, _ هي بمثابة شقيقته الصغيرة ولا يتمني لها الوقوع في أمر غير محبب إليها بالمرة ، لا يحب أن يري أمامه من هو مجبور علي شئ ، دائما يبادر بالمساعدة لأنه يري نفسه فيهم ، يري ظلم الحياة له ولا يريد لأحدهم أن يعيش قدره ، تنهد بحرارة عندما طالعته ببندقيتاها وزم شفتيه بحزن وهتف بآسي :-
, _ جاهزة؟
, _ لأ ، قصدي آه
, _ هتفت بها عنود بتلعثم ثم زفرت أنفاسها واعتدلت في وقفتها وقالت بتأكيد :-
, _ جاهزة ، هو ياسر جه ؟
, _ هز ريان رأسه بنفي وأجابها وهو يطالع الباب :-
, _ لأ لسه ، هكلمه استعجله ..
, _ أماءت رأسها في حزن قد تبدد في قلبها واعتلي تقاسيم وجهها ثم سارت خلف ريان وجلست علي أبعد أريكة لتكون أبعد ما يكون عن ثرثرة الجميع ، بينما وجه ريان بصره الي يحيي وردد بصوت خافت :-
, _ انزل هات الحج وتعالي
, _ نهض يحيي لتلبية ما أمر به ريان بينما تعالت أصوات قرع الجرس ، نهض ريان وهم بإتجاه الباب ليعلم هوية الطارق وإذا به خالد صديقه ، ابتسم له وقال بحفاوة :-
, _ خلود تعالي أكيد ياسر جايبك شاهد
, _ أماء خالد رأسه مؤكداً تخمين صديقه ، رحب به ريان وأمره بالدخول حيث ألقي خالد التحية قائلا :-
, _ السلام عليكم ورحمه **** وبركاته
, _ رد عليه التحية كلاً من المأذون وريان في آن واحد بينما ردت عنود في داخلها :-
, _ وعليكم السلام ورحمه **** وبركاته
, _ جلس خالد بجوار ريان بعد أن رمق عنود بنظرة سريعة ، مال برأسه ليكون أقرب إلي ريان وهمس بنبرة خافتة :-
, _ دي شكلها صغير اوي
, _ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة باهتة واجابه بتجهم :-
, _ عندها ١٨ سنة عايز شكلها يكون إيه ؟
, _ شهق خالد بصدمة جلية وتمتم بلا وعي :-
, _ ايه ؟
, _ اتسعت حدقتي ريان علي آخرهم محذراً إياه بينما أعتذر خالد وعاد لوضعه ولم يكف عن رمق عنود التي تفرك اصابعها بتوتر بائن ،
, _ طرق يحيي الباب ثم ولج للداخل بصُحبة والده ، نهض كلا من ريان وخالد ورحبوا به بحفاوة شديدة ثم جلس الجميع في أماكنهم بعد أن حضر صديق ياسر وأحد عاملي ريان لكي يكون الشاهد الثاني علي زواج صديقه ،
, _ ياسر فين يا ريان ؟
, _ تسائل ماهر باهتمام بينما نظر ريان إلي عنود عندما رأها تنظر إليه النظرة ذاتها عندما أخبرها بحضور المأذون ، يشعر بالذنب حيالها لكن ليس بيده بشئ طلاما لم ترفض بنفسها أو أقلها تخبره بعدم قُبولها لزيجتها من ياسر ،
, _ تنهد مستاءً ثم أجاب والده قائلا بإقتضاب :-
, _ رجع البيت وقال مش هيتأخر هكلمه اشوفه فين ؟
, _ نهض ريان وابتعد عن الجميع ووقف في زاوية لا يراه أحد لكنه يراهم جيداً وخاصة تلك الفتاة التي يشع منها الحزن الصريح وهي تحاول جاهدة أن تخفيه ، هز رأسه بإنكار لما يحدث ثم هاتف ياسر ووقف قيد إنتظار إجابته ٣ نقطة
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ افتحوا الباب ده ، بقولكم افتحووووو
, _ صاح ياسر وهو في أعلي مراتب غضبه ، ثار ويثور ولا أحد يصغي له بأي حق يفعلوا ذلك ؟!
, _ يا بابا لو سمحت افتح الباب اللي انت بتعمله ده غلط ، أنا مش صغير عشان تحبسني زي العيال بالشكل ده ، افتحوا الباب بقا
, _ هتف بعصبية عارمة وهو يركل الباب بكل ما أوتي من قوة ولا فائدة مما يفعله ، فـ قوة بدنه ليست بتلك القوة اللازمة لكي يدفع باب خشبي ضخم كهذا ، لم يكن بيده سوي الصراخ والطرق علي الباب ربما يحنو عليه ،
, _ أنا خايفة يكون اللي عملناه ده غلط يا منصور
, _ أردفت بهم سعاد وقلبها يعتصر ألماً علي صراخ ولدها البكري ، كما خفقت نبضات قلبها بشدة من فرط الخوف ، رمقها منصور بنظرات مشتعلة صارمة كما برزت عروق عنقه بغضب وصاح بها :-
, _ إحنا لو معملناش كده حتة البت اللي لا راحت ولا جت هتاخده مننا وبعدين انتي جاية الوقتي تنخي وقلبك يحن ؟ مش انتي اللي جيتي وقولتيلي اتصرف وانا اتصرفت اهو جاية تندمي الوقتي ، ابنك لو كنا ضامنين وجوده معانا ١٪ وهو متجوز البت دي فلو خرج الوقتي أنسي إنه يعرفنا تاني وبكده نكون سهلنا لها أنها تاخده من غير تعب ، اللي بدأناه لازم نكمله يا سعاد ،
, _ اتسعت مقلتي سعاد بصدمة وضربت علي صدرها بصدمة وهتفت نادمة :-
, _ لا لا أنا عايزة ابني أنا معاك وهعمل كل اللي تقولي عليه ..
, _ تنهد منصور براحة ثم مرر أنظاره بين الباب الذي يأتي من خلفه اصوات ياسر الغاضبة الممزوجة بالتوسل وبين زوجته ، أخرج تنهيدة تحمل بين طياتها الكثير من الكره والحقد وأردف بخبث :-
, _ يبقي نعمل اللي اتفقنا عليه ، اللي هنعمله ده هيخليها تسيب البلد وتقول ياما نفسي
, _ هزت سعاد رأسها مراراً ثم دلفوا الي الخارج لكي يشرعوا في تنفيد ما خططوا إليه طويلاً ،
, _ أزفر ريان أنفاسه بضجر وتأفف وهو يتمتم :-
, _ مش بيرد هيكون راح فين ده ؟
, _ لمح ابتسامتها التي اخفتها سريعاً قبل أن يراها أحدهم ، لا تعلم أنه يتابع كل تصرفاتها المرتبكة والخجولة وأخيراً ابتسامتها التي لمست شئ ما في قلبه ، لا يدري من أين أتي ذاك الشعور الذي تملكه منذ ابتسامتها لكن حتماً ليس مزعوج
, _ أنتبه الجميع لطرقات أحدهم علي الباب ، ظنوا أنه قد حضر ياسر بينما انعكست تعابير وجه عنود وقد اعتلاها الخوف الشديد مما هو أتٍ ، رحب ريان بإبن عم والده بحفاوة :-
, _ البيت نور يا عم منصور اتفضلوا
, _ ولج منصور وزوجته الي الداخل حيث قابل ترحيب من الجميع ، دلف ريان للخارج وجاب بأنظاره المكان يميناً ويساراً باحثاً عن ياسر ، ثم ولج الي الداخل عندما فشل في رؤيته وسألهم بحنق :-
, _ هو ياسر مش معاكم يا عمي ؟
, _ نظر إليه منصور وإدعي الحرج ثم قال بنبرة خجولة :-
, _ ريان يابني لو سمحت عايزين نتكلم مع العروسة قبل كتب الكتاب
, _ عقد ريان ما بين حاجبيه متعجباً من هذا الطلب الغريب ، بينما ازدادت نبضات قلب عنود بتوجس لذاك الطلب المبهم الذي لم يروق لها لكنها مضطرة ، نهضت ونظرت إلي حيث يقف ريان ، لا تعلم لما تنظر إليه بشكل دائم كأنها تشكوا إليه مما يحدث ، أو ربما لأنها رأت فيه نظرات التفهم في عينيه ، لا تدري السبب الحقيقي لكنها تشعر ببعض الطمأنينة عندما تطالع عيناه ،
, _ ولجت عنود بداخل أحد الغرف وصاحبها منصور وزوجته ، حمحم منصور ثم قال بنبرة جدية حادة :-
, _ بصي بقا يا بنتي أنا مش هقولك اني موافق علي الجوازة دي ، لا مش موافق خالص مهو ده ابني الوحيد برده واللي شوفناه من أمك زمان يخلينا نخاف منك انك تاخدي ابننا مننا ، وبصراحة في موضوع تاني وده السبب الأكبر أني مش موافق!
, _ ازدادت وتيرة أنفاس عنود بخوف عارم و رمقته ببندقيتاها التي تتلألأ فيهم الدموع ، تابع منصور حديثه بحدة قاسية :-
, _ انتي بنت أجانب يعني لا تعرفوا دين ولا شرع وحاجة آخر قذارة ومن حقي أعرف اللي هتكون مرات ابني بنت بنوت ولا لأ
, _ اتسعت مقلتي عنود بصدمة ، وقد بدأ صدرها في الصعود والهبوط أثر أنفاسها التي ازدادت بإضطراب ،
, _ يلا يا سعاد شوفي شغلك
, _ هتف بهم منصور بنبرة آمرة وهو يرمق عنود بتشفي وخبث ، اتسعت مقلتي عنود بذهول لا تصدق ما يحدث ، هل حقاً هم أُناس حقيقيون يقفون أمامها وبمنتهي الوقاحة يطالبونها بشئ.. شئ أقل ما يقال عنه شنيع ،
, _ خرجت عنود من حبال شرودها عندما رأت تلك المرأة البدينة تقترب منها ، تراجعت هي الي الخلف دون أن تنبس بشئ ، صدمتها كبيرة ولم يستوعبها عقلها بعد ،
, _ اقترب منها منصور ووضع يده علي فم عنود لكي يكتم صراخها ولا تستطيع الصراخ عالياً ويُفضح أمرهم قبل أن يلقنها درساً لن تنساه بحياتها وربما يترك أثراً تتذكرهم من خلاله مدي حياتها
, _ دفع بها علي الفراش ومازالت يده تكتم صرخاتها التي تحاول جاهدة أن تدفع بهم لعل أحدهم ينقذها من بين أيديهم ، اقتربت منها سعاد ورفعت ثوبها ويديها ترتجف بشدة ، لم تبغي فعل ذلك لكن حُب ولدها أحق بالتفكير من إيذاء تلك الصغيرة ،
, _ بدأت في خلع ثيابها تحت مقاومات عديدة وشرسة من قِبل عنود ، نجحت في إزاحة يدي منصور من عليها وصرخت بأعلي حنجرتها :-
, _ الحقوووووني
, _ ازدادت صرخاتها عالياً حتي تسللت إلي أذان جميع من بالخارج ، نهض ريان بذعر وركض نحو الغرفة التي يصدر منها الصراخ ، ودفع بالباب بكل قوته ،
, _ صُددمم حينما رأي ذلك المنظر الشنيع أمامه ، ماذا يفعلا بها ، تصلبت عروق عنقه من شدة الغضب الذي وصل لذُروته ، اقترب من منصور ولم يشعر بنفسه إلا وهو يدفعه بعيداً عنها ، بينما ابتعدت سعاد مسرعة يكفي تلك النظرات التي اخترقتها وكادت أن تحرقها من شدة حدتها والغضب البادي بها ،
, _ نهضت عنود سريعاً وعدلت من حالتها غير المهندمة ووقفت خلف ريان تبكي ، بل تجهش في البكاء بصوت مرتفع يصل الي أذان جميع الحاضرين ،
, _ أنا عايز اعرف ايه اللي أنا شوفته ده ؟
, _ صاح بهم ريان بنبرة اهتزت لها أرجاء الغرفة من ارتفاعها وحدتها ، ارتعبت سعاد للغاية وتراجعت للخلف بضعة خطوات بتوجس من غضب ريان بينما لم تهتز خُصلة واحدة من منصور الذي كان يرمقه بنظرات جامدة وقال ببرود قاتل :-
, _ بطمن علي اللي هتكون مرات ابني ولا أسيبه يتجوزها علي عماه ؟
, _ كز ريان أسنانه المتلاحمة ورمقه شزراً لا يصدق وقاحته التي تعدت حدودها وصاح به هدراً :-
, _ تطمن عليها ازاي يعني ؟
, _ اقترب منه منصور وجذب عنود من ذراعها بعنف ثم صفعها علي وجهها بكل ما أوتي من قوة وهتف بتشفي :-
, _ ده جزاء اللي يفكر إنه يضحك علي ابني يا تربية الأجانب
, _ صعق ريان مما رآه ، تصاعدت الدماء في عروقة وسببت بروزها بشدة ولم يشعر بيداه التي جذبت منصور من تلابيب قميصه ورفع يده للاعلي حتي يصفعه مثلما فعل مع ابنة أخيه
, _ ريان !
, _ هتف بها ماهر بنبرة دوت في أرجاء الغرفة ، نظر إليه ريان وهو يكاد ينفجر من شدة غضبه ، تابع ماهر حديثه متسائلا :-
, _ في ايه ؟
, _ مرر ريان بصره بين والده وبين ذاك المختل منصور ثم دفعه بقوة قائلا بحدة باحتة :-
, _ أقسم ب**** هو اللي نجدك من تحت ايدي ، اخس علي اللي عملك راجل!
, _ اتسعت حدقتي منصور بصدمة جلية واقترب من ريان لكنه دفعه بعيداً خشية أن يصل الي عنود مرة أخري ، تدخل كلا من خالد ويحيي مُشكلين حاجز بين منصور وريان
, _ وضع خالد كلتي يديه علي صدر ريان مانعاً إياه من الوصول إلي منصور وردد :-
, _ اهدي يا ريان مينفعش اللي انت بتعمله ده ، ده مهما كان ابن عم أبوك وفي مقام وال..
, _ قاطعه ريان بحدة ممزوجة بالاشمئزاز :-
, _ اوعي تكملها ده من أشباه الرجال ده ، اللي يعمل كده في بنت أخوه اللي من لحمه ميبقاش في مقام حد
, _ لم يُعجب ماهر بنبرة ريان فهو لا يعلم ماذا حدث ولا يريد أن يكون إبنه بقلة الحياء تلك مهما كان الأمر ، تنهد مستاءً وهتف بصوت رخيم :-
, _ ريان أتكلم بإحترام ده عمك منصور انت نسيت ولا ايه ؟
, _ كاد أن يجيبه ريان لكن حديث منصور اوقفه وصاح به هدراً :-
, _ وانت محموق لها اوي كده ليه بنت أخويا وناقصة رباية وانا بربيها انت بتدخل بصفتك ايه ؟
, _ لقد بلغ ريان ذورة تحمله من ذاك الرجل الذي ود لو يفتك به ويفرغ ما بداخله عليه ، أمسك بيد عنود التي تقف خلفه تبكي في صمت ، تفاجئت من فعلته و نظرت إلي يده بذهول ثم رفعت بندقيتاها عليه تلومه علي جرأته معها لكنه لم يترك لها أي مجال للتحدث وجذبها خلفه ودلف الي الخارج وهو لا يريد سوي الانتقام من ذاك المنصور ويتشفي فيه ،
, _ اكتب الكتاب يا سيدنا..
, _ صاح ريان بنبرة تريد الخلاص بينما صعق الجميع مما سمعوه لتوهم ، نظرت إليه عنود بصدمة كبيرة اعتلت ملامح وجهها الذي بدي برئ جدا ، ماذا يقول هذا أي قِرآن سيُعقد ،
, _ انت ، انت بتقول ايه
, _ هتفت عنود متسائلة بنبرة متلعثمة بينما أجابها ريان بنبرة صارمة :-
, _ شششش انتي تقولي اللي هقولك عليه وبس انتي فاهمة !
, _ حاولت التملص من بين يداه لكنه تشبث بذراعها بقوة لكي لا تستطيع الفرار منه واجبرها علي الجلوس وهو مازال متشبث بها وجلس بجوارها ورمق الماذون بنظرات مشتعلة وصاح به هادراً :-
, _ انت هتفضل تبصلي كتير ، بقولك اكتب الكتاب
, _ ازدرد الماذون خوفاً من نبرة ريان وقال بتلعثم :-
, _ بس انا محتاج صور و٣ نقطة
, _ قاطعه ريان بنبرة أكثر غضباً :-
, _ كل ده بعدين ، قول الكلام اللي بيتقال الكلام المهم!
, _ ابتلع المأذون ريقه ثم بدأ بمراسم عقد القران تحت ضغط شديد من ريان علي عنود حتي تقبل به زوجاً لها ناهيك عن إجبار خالد صديقه والصديق الآخر لياسر لكي يكونا شاهدي عدل ،
, _ بارك **** لكما وبارك فيكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير
, _ أنهي بها المأذون عقد القِران أسفل ذهول شديد بائن علي وجوه الجميع ، صدمة جلية حلت علي دينا التي تقف بصمت تراقب ما يحدث خلف الباب ، لم تروق لها منذ النظرة الأولي لكنها لم تتوقع قط أنها في الأخير ستكون زوجة لزوجها ،
, _ ستكون امرأة له ، لا لا والف لا لن تسمح بهذا ، لكن كيف ؟ كيف وهي باتت زوجته فعلياً ، تلك الصغيرة بل تلك اللعينة سرقت زوجها سلبت حياتها ، دمرت عالمها التي كانت تكتفي به ،
, _ سحبت حجابها أعلي رأسها ودلفت للخارج مهرولة ، أجبرت خطواتها الجميع علي التنحي جانباً لكي يفسحَ لها الطريق ، وقفت مقابل ريان وهي تحاول جاهدة أن تتماسك ولا تزفر دموعها أمامه حتي لا تظهر كضلع ضعيف في تلك العلاقة ،
, _ تنهدت بحرارة ولم تستطيع السيطرة علي دموعها التي انسدلت كالشلال وهي تقف أمامه وتحدثت بنبرة متلعثمة :-
, _ انت ، انت اتجوزت عليا!
, _ بكاء شديد حل بها وبائت محاولات التماسك بالفشل الذريع ، أزفرت أنفاسها لكي تواصل حديثها بنبرة واضحة لكنها فشلت وهتفت بنبرة موجوعة :-
, _ ريان أنا حاسة إني بحلم ، ريان طلقها وقول أنك بتهزر وعامل مقلب فيا ، ريان مش هستحمل كتير قول أنك بتهزر
, _ ابتلع ريان ريقه وهو يشعر الآن بفداحة ما فعله ، لم يفكر بأي شئ سوي الانتقام لتلك الفتاة اليتيمة والقصاص من منصور المختل ، لوهلة شعر وكأنه يحلم ماذا فعل ؟ مرر أنظاره بين الجميع ليري الصدمة علي وجوهم تتحدث عن نفسها ، لما لم يوقفه أحد ، بل حاولوا مراراً لكنه لم يصغي لهم لم يري الا ما يريده فقط ،
, _ عاد ببصره الي دينا التي تجهش في البكاء بمرارة لم يسبق له وأن رآها بتلك الحالة المزرية من قبل ، كيف له وأن يجرحها بهذا الشكل الأليم ، نعم لم تقوم بدورها كزوجة كاملة له كأي امرأة لكنها ليست سيئة هي من تتحمل عبئ المنزل علي اكتفاها ناهيك عن رعاية والده وأشقائه وهي ليست ملزمة من الأساس ، ماذا فعل لها في الاخير ، أتي لها بزوجة أخري ، يالا حماقته اللامحدودة
, _ نظر إلي حيث تقف عنود التي التزمت الصمت بعد أن أجبرها علي عقد قرانهم عنوة ، باتت خالية من أي تعابير تدل علي عدم موافقتها أو حتي حزنها لا يظهر عليها سوي الهدوء حتماً نفسه هدوء ما قبل العاصفة ، ما ذنب تلك الصغيرة فيما فعله ذاك الابله لقد ورطها في علاقة لم تريدها ،
, _ أزفر أنفاسه بضجر بائن ووقف يتنفس الصعداء ، فتح بعض ازرار قيمصه لعله ينعم ببعض الأكسجين الذي هرب من رئتيه ..
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
١٠


ارتفع صوت ضحكاته التي أثارت انتباه الجميع ، توقف عن الضحك ونظر الي زوجته قائلا :-
, _ شوفتي أنا كان نفسي في ايه يقوم **** عامل ايه ، عشان البت تكون بعدت بالثُلث عن إبنك حكمتك يارب
, _ لم تجيبه فهي غاضبة وحزينة وخائفة ما حدث ليس بهين عليها ناهيك عن تلك المواجهة التي تخشاها ، كيف ستخبر أبنها بزيجة ابنة عمه بريان رب عمله وقدوته الذي دائماً يتحدث عنه ويتمني أن يكون مثله في يوم من الايام ، كم يزداد شعور الندم بداخلها ، حتما ستخسر ياسر إلي الأبد ،
, _ أغمضت عينيها تستنشق أنفاسها بصعوبة ، خرجت من شرودها علي صوته الحاد :-
, _ انتي عاملة في نفسك كده ليه ، خلصنا من البت خلاص مش ده اللي كنتي عايزاه ؟
, _ توقفت ثم رمقته بنظرات مشتعلة وصاحت به :-
, _ بس هنخسر إبنك ، يارتني ما قولتلك الحقني ، كان يتقطع لساني قبل ما اقولك اي حاجة أنا اتأكدت بلي عملناه ده أننا خسرنا ابننا الوحيد ، أنا خايفة يا منصور من اللي جاي خايفة اوي ومش هستحمل اي حاجة تحصل أنا ممكن أطُب في الأرض ساكتة ( اموت )
, _ عقد منصور ما بين حاجبيه واجابها بصوت مرتفع آثار أنظار الجميع عليهم :-
, _ اللي حصل حصل إبنك هيزعله يومين تلاتة اسبوع أن ش**** شهر وهيعرف أن ملوش غير أهله وهيرجع لنا تاني وانتي فكي بوزك ده مش ناقصة عكننة أنا مزاجي عالي يلا اطلعي يختي دتك القرف ، ولا اقولك أنا رايح علي القهوة ..
, _ غادر من أمامها أسفل أنظارها المُسلطة عليه ، خفق قلبها بتوجس ، لقد تركها تواجهه بمفردها ، كيف ستواجه نظراته المتخاذلة وحدها ، هل ستصمد أمام حزنه التي ستراه في عيناه ام ستتحمل هجومه عليها ، مجبرة علي التحمل والصمود فهي من بدأت في تلك اللعبة الدنيئة وعليها تحمل نتائجها ،
, _ صعدت الادراج بخطي هزيلة وهي تجر قدميها بثقل إلي أن وصلت إلي الطابق القاطنة به ، قرعت الجرس وولجت الي الداخل بعد أن فتحت لها صغيرتها أماني ،
, _ لم تنبس بكلمة وتوجهت مباشرة الي غرفة ياسر ، سمعت نبرة صوته المبحبوح حتماً لم يتوقف عن الصراخ ، أدارت مقبض الباب بعد أن فتحته بالمفتاح ، نهض ياسر سريعاً ما إن فُتح الباب ورمقها بنظرات تحمل اللوم ، دفعها بعيداً ثم ركض للخارج ،
, _ ياسر استني بنت عمك اتجوزت
, _ هتفت بهم سعاد لكنه لم يصغي لكلمة مما قالته لأنه كان قد اختفي من امامها متجه إلي منزل ريان ،
, ٤٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ يقف أمام شقته يطالع عُماله وهم يحملون غرفة النوم الذي أمرهم بإحضارها ، وضعوها في إحدي الغرف الخالية وقاموا ببناءها ثم غادروا بعدما أنهوا عملهم ، تنهد بحرارة ثم ولج إلي الداخل وترك الباب مفتوح ورمقها سريعاً ثم هرب بأنظاره في الفراغ الذي أمامه ،
, _ كانت تقف في زواية المنزل مطأطئة الرأس تائهة لا تشعر بما يحدث حولها ، لا تشعر بشيء لا تدري أحزين قلبها ام انشق نصفين أو ربما توقف عن النبض ، لا تعلم حقيقة ما حدث ومازال يحدث أهو كابوس ام واقع ، أخرجت تنهيدة بطيئة مليئة بالهموم ، فركت عينيها بعصبية لعلها تستيقظ من ذاك الكابوس وتجد عائلتها ، تجد والدتها تحضر الفطور ووالدها يسقي أزهاره ، تركض وتعانقهم وتبدأ يومها دون أزمات ،
, _ اقترب منها ريان وأردف بتردد :-
, _ هاتي موبايلك
, _ لم تسمعه أو ربما لم يفسر عقلها ما قاله ، لم تعبأ له فأثارت ريبة ريان من مظهرها المثير للشفقة ، حمحم ثم مد يده إليها قائلا بنبرة جامدة :-
, _ هاتي موبايلك
, _ نظرت ليده لبرهة ثم جذبت هاتفها من حقيبتها ببطئ شديد وناولته له ، اخذه منها وسجل رقم هاتفه ثم أعاده لها قائلا :-
, _ رقمي اهو لو احتجتي حاجة كلميني
, _ لم ترفع بصرها عليه فقط اكتفت بالاصغاء لحديثه الذي لا تكترث له من الأساس ، هز ريان رأسه بإنكار عندما لم تجيبه وغادر المنزل سريعاً ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ نعم اتجوز ؟
, _ قالتها رنا بصدمة وهي تنهض من مكانها بذعر بينما رمقها يحيي شزراً وعاد ببصره الي والده وواصل حديثه :-
, _ الدنيا باظت عنده خالص ، ازاي يتهور ويعمل حاجة زي دي ؟
, _ تنهد ماهر بحزن وأجاب يحيي بآسي :-
, _ أخوك لما بيتعصب بيعمل حاجات غريبة
, _ بس مش لدرجة أنه يتجوز!
, _ صاحت بها رنا بنبرة مندفعة تُظهر بعض النيران التي توقد بداخلها ، فهي تتآكل غيظاً بل بركان غضبها يود أن يثور عليهم جميعاً ، نبضات قلبها تزداد عنفاً حتي شعرت بدُوار شديد يعصف بها ،
, _ هرولت مسرعة داخل غرفتها حتي لا يكشف أمرها أمامهم ، ستكتفي الآن بعيش حُزنها بداخلها لكن لن تصمد طويلا فقط ستنفجر في ذاك الريان البغيض ، لقد طالبته بزيجتها منه ، لقد عرضت عليه نفسها وقلبها وكل انش فيها ورفضها هي ،
, _ لماذا إذا رفضها طالما في نواياه زيجته من أخري ،
, _ ظلت تجوب الغرفة ذهاباً وجيئا وغضبها يزداد في كل ثانية تمر عليها ، لا لن تتحمل لوقت أكثر ، ستواجهه مهما كلف الأمر ، ارتدت ثيابها سريعاً ودلفت للخارج بخطي مهرولة غير متزنة ،
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ أوقفت المصعد وأسرعت داخله وهي ترمقه بنظرات مشتعلة :-
, _ ما انت حلو وبتتجوز مرة تانية اهو اومال بتيجي لعندي وترفض ليه ،
, _ تحمل وتحمل سخافاتها كثيرا لكن لن يصبر لمرة أخري ، لم يشعر بنفسه سوي وهو مقيد ذراعاها خلف ظهرها بكل بقوته ، أطلقت هي آنات موجوعة من شدته معها ،
, _ هتف بغضب عارم من بين أسنانه المتلاحمة :-
, _ ما تغوري يا ٤ العلامة النجمية ، لو نظرك ضعف ومش شايفاني كويس أنا اعميكي بقا عشان تعملي حساب بعد كده لوقفتك معايا يا ٣ العلامة النجمية غوري
, _ دفعها خارج المصعد بكل ما أوتي من قوة حيث ارتطم رأسها في الجدار من شدة دفعته لها ، ضغط زر الهبوط ثم دلف خارج المصعد سريعاً ،
, _ في تلك الأثناء كان قد صعد ياسر الأدراج لكي يصل إليهم أسرع بعد أن سأل الحارس عن ريان وأخبره أنه لم يراه بعد أن صعد منذ عدة ساعات ، قرع جرس الباب ولا احد يجيبه ، أزفر أنفاسه بضجر بائن وهو يتمتم بالسُباب من شدة غضبه ،
, _ معلم ريان ياسر طلع عندك فوق
, _ ما إن أنهي الحارس جملته حتي ركض ريان صاعدا الادراج في درجة واحدة حتي يصل الي عديم النخوة ذاك ويلقنه درساً لن ينساه بحياته ،
, _ انت بتعمل هنا إيه ؟
, _ صاح به ريان وهو في قمة غضبه ، ركض نحوه ياسر ووهتف بتلعثم :-
, _ هما ، هما السبب ، انا مليش ذنب صدقني ، عنود فين قالت عليا ايه ؟
, _ اقترب منه ريان وهو يسحق أسنانه بغضب وصاح به هدراً :-
, _ مراتي سيرتها متجيش علي لسانك مرة تانية فهمت ولا افهمك أكتر ؟
, _ قطب ياسر جبينه بغرابة مما سمعه وتمتم بعدم تصديق :-
, _ مراتك ؟
, _ دني منه ريان أكثر حتي التصق صدره بجسد ياسر وأردف مهدداً :-
, _ اه مراتي ، شوف بقا مرات ريان العراقي لما تيجي سيرتها علي لسان واحد قذر زيك انت وأهلك هيحصل ايه يا ابن منصور وسعاد
, _ صعق ياسر مما سمعه ، أي زواج يتحدث عنه ، اهو يتحدث عن عنود نفسها التي تمناها امرأته ، لم يستوعب عقله ولا قلبه فكرة ضياع من خفق قلبه لها وتمتم بلا وعي منه :-
, _ ازاي يعني ، ايه اللي انت بتقوله ده يا ريان ، قول أنك بتهزر عنود هتبقي مراتي أنا
, _ توقف عن الحديث من تلقاء نفسه حينما تلقي لكمة قوية علي وجهه ، ثم رفع ريان إحدي قدميه وركل بها قدمي ياسر ، وقع أثرها وارتطم بالأرضية بقوة ، انحني ريان ليكون أقرب له وأمسكه من تلابيب قميصه وهتف شزراً :-
, _ اكتفي بكده ولا ناوي تخرج من هنا علي نقالة ؟
, _ انسدلت قطرات دموعه علي مقلتيه وهو يرمق ريان بنظرات متخاذلة ، يود أن يصرخ ويقول ليس أنا بل أنهم هم من فعلوا هذا ليس ذنبي بل ذنبهم هم ، يريد أن يسترجع خاصته لا أكثر لكن كيف وهي باتت امرأة راجل آخر غيره ،
, _ نهض وجر قدميه أمامه بثقل وهبط بخطي هزيلة ، عقله سيجن يود أن يفقد ذاكرته ربما ينعم ببعض الراحة ،
, _ ما أسوء أن يذهب ما تمناه قلبك سريعاً ، والاسوء أن تفقد شغفك هو الآخر في تلك الأثناء ، لا تشتهي شيئاً سوي المغادرة ، مغادرة الحياة بما فيها يكفي مقدارك من النصيب الي هذا الحد ، واكثر ما لا يتحمله عقلك أن المتسبب في ذلك نفسه من مثل عليك الحُب كأنك تذوقت قدر كبير من الطعام وزمئت ومن يمتلك زجاجة المياه اقربهم إليك دماً ، يرتشفها كاملة وهو يراك تفقد روحك أمامه ولا يهتم لحياتك ،
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _أوصد ريان باب سيارته عندما تأكد من مغادرة ياسر ثم حرك السيارة متجه إلي منزل عائلة دينا ،
, _ صف سيارته أمام البناية ترجل منها علي عجالة من أمره ، صعد الدرج سريعاً وقرع الجرس ، انتظر دقائق حتي فُتح الباب من قِبل شقيقة دينا الصُغري ( إسراء ) ، زمت شفاها بغضب ونظرت للفراغ الذي أمامها وهي تنفخ بضجر بائن ،
, _ تنهد ريان مستاءً من تصرفها وسوء استقبالها ثم قال بنبرة حادة :-
, _ عيب اللي انتي بتعمليه ده يا اسراء لا أنا صغير عشان تقابليني كده ولا انتي كمان صغيرة لتصرفاتك دي ؟
, _ شعرت اسراء بالحرج الشديد منه واعتدلت في وقفتها مطأطئة الرأس وأردفت نادمة :-
, _ أنا آسفة ، بس اللي انت عملته في أختي يخليني أخد منك موقف زعلها يهمني أكيد
, _ استنشق ريان نفساً عميقاً ثم رد عليها بنبرة جامدة :-
, _ اللي بيني وبين اختك حاجة تخصنا إحنا ، عودي نفسك متدخليش في حاجة متخصكيش عشان كده عيب
, _ لقد نهاها تماماً بكلماته اللاذعة تلك ، لم تستطيع الوقوف أمامه أكثر من ذلك , ركضت مهرولة الي الداخل وارتمت علي فراشها تبكي من فرط خجلها ،
, _ كرر ريان قرع الجرس مرة أخري لتأتي تلك المرة والدة دينا ، لم يترك لها أي مجال للتحدث وأسرع هو في الحديث قائلا :-
, _ لو سمحتي يا حجة فاطمة أنا عايز أتكلم مع دينا
, _ طأطأت فاطمة رأسها بآسي ثم ولجت الي الداخل وسمحت له بالدخول بينما غادرت هي المكان لكي تنادي علي ابنتها الكُبري ،
, _ خرجت دينا وعيناها تتحدث عن حالتها النفسية المدمرة ، شعر ريان بندم شديد حيالها ، اقترب منها لكنها تراجعت خطوة للخلف رافعة إحدي يدها تمنعه من الاقتراب منها ، التزم ريان مكانه وسحب نفساً عميقاً لكي يستطيع مواصلة الحديث دون تذمر وفتح فمه ليتحدث لكنها سبقت هي بالحديث :-
, _ وفر أي مبررات هتقولها عشان صدقني أنا مش هقتنع ولا هيتضحك عليا ، أنا أول مرة احس اني ساذجة اوي كده ، مش عارفة ازاي ملحظتش أن في نيتك تتجوز ، دي كانت واضحة اوي أولهم الشقة اللي بتقول أنها لاخوك الصغير وهو لسه بدري عليه أصلا علي ما يتجوز ورافض تديها لهاني ، كنت سايبها عشان تملاها انت بالجوازة التانية ، وفي آخر الايام كنت يدوب بتنام في البيت وبتقضي طول اليوم برة عشان تظبط لجوازتك التانية وتكون رايق لها ، وبعدك عني حتي باللي بيربط اي راجل وست ، حاجات كتير اوي يا ريان ظهرت حقيقتها قدام عيني بعد اللي عملته ، عشان كده بقولك وفر أي حاجة هتقولها لأن دينا العبيطة فاقت ومش هتصدق اي حاجة تقولها بعد كده
, _ صدم ريان مما تفوهت به ، عقله لم يستوعب أنها وبكل سلاسة قلبت الطاولة عليه لدرجة أنه صدقها ، لكن ليس بوقت يصلُح فيه لوم أو معاتبة فما فعله كارثي ولابد أن يُصلحه بدلاً من أن يزيده سوءاً ،
, _ أخرج تنهيدة بطيئة من جوفه تحمل بين طياتها الهموم والحزن ثم رمقها لبرهة وهتف بنبرة هادئة :-
, _ أنا مش هلومك علي كلامك ده لأن كله غلط ولو مش عارفة هتعرفي بعدين ، أنا نفسي تصدقيني بس وتعرفي اني اضطريت اعمل كده عشان البنت دي كانت هتتأذي بسببهم لو مكنش جسدي كان هيبقي نفسي ، وانا مرضاش أبدا بكده ولو انتي تعرفيني أكيد عارفة اني مش بسيب حد واقع في ورطة الا وبساعده
, _ ابتسمت دينا بسخرية وهزت رأسها في إنكار وتمتمت بتهكم :-
, _ والمساعدة دي تكون جواز! ، ياااه علي التضحية أد إيه انتي بتهتم بمشاعر الناس وخصوصاً البنات الصغيرين في السن يا معلم ريان
, _ كز ريان علي أسنانه بغضب شديد وكاد أن يندفع بها لكنه تماسك وحاول كبح غضبه مراراً حتي يمر ذلك الموقف مرار الكرام دون إيذاء مشاعرها ،
, _ شهيق وزفير فعل لكي يتحلي بالصبر ثم اجابها :-
, _ دينا نبرتك تتعدل معايا ، وانتي عارفة كويس اني مش بحب التبريرات واللي يفهمني غلط يضرب دماغه في الحيط ميهمنيش لكن انتي تهميني وانا واقف قدامك زي العيل الصغير اللي بيستسمحك ، قدري ده كويس وبلاش شيطانك يضحك عليكي ويخرب علينا فكري في بنتك حتي
, _ انفجرت دينا ضاحكة ، عقدت ذراعيها في بعضهم وهتفت بفتور :-
, _ كنت انت فكرت فيها قبل ما تجيب لأمها ضرة ، أنا كلامي خلص ورجوع مش هرجع إلا لما تطلق البت دي او متطلقهاش انت حر
, _ أنهت حديثها ثم أسرعت الي الداخل وتركته بمفرده ، لكنه تفاجئ بولوجها إليه مرة أخري وبيدها صغيرته ، اقتربت منه دينا وأردفت بجمود :-
, _ خد بنتك شيل مسؤليتها مع البيبي اللي انت متجوزها طلاما طلعت بتحبهم اوي كده
, _ تركت جني معه ثم هرولت مسرعة الي الداخل وما إن أوصدت الباب حتي وقفت خلفه تبكي بمرارة ، وضعت يدها علي فمها لكي تجبر صوتها في عدم الإرتفاع لمسامعه
, _ أحياناً نتظاهر بالقوة عندما ترتخي قوانا ويمس الضعف قلوبنا ، فالقلوب إذا خدشت تزداد قوة من لا شئ حتي نُجبر من كسرونا علي الانحناء لنا ربما يُدوايَ ذاك الخدش قليلاً
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ ايه اللي عمل في راسك كده ؟
, _ تسائل هاني بقلق علي زوجته المحببة الي قلبه بينما رمقته هي بتقزز ثم نظرت إلي الفراغ الذي أمامها وأعادت قطعة الثلج الي رأسها دون أن تجيبه ، تنهد هو ووقف أمامها ثم تسائل بحُنق :-
, _ انتي مش بتردي عليا ليه بسئلك راسك دي ورامة ليه كده ؟
, _ نفخت رنا بضجر بائن ثم نهضت وألقت بقطعة الثلج أرضاً وكادت أن تُفجر غضبها عليه لكن راودتها فكرة داهية أجبرتها علي الصمت ثم تصنعت البراءة وازفرت بعض الدمعات الكاذبة ورققت من نبرتها ليظهر الانكسار بها :-
, _ ما انا لو قولتلك مش هتصدقني وانا هزعل فوق زعلي أضعاف يبقي بلاها من الأول
, _ خفق قلبه لنبرتها التي لم تفشل في جذبه إليها ، اقترب منها وأعاد خُصلة شاردة خلف أذنها وقال :-
, _ لا قولي هصدقك المهم متكونيش زعلانة
, _ ابتلعت ريقها ونظرت للاسفل وهي تفرك أصابعها مُتصنعة الحزن وتحدثت بصوت ناعم :-
, _ لما عرفت موضوع جواز ريان دينا صعبت عليا اوي وقولت لازم اكون جنبها وأواسيها أيوة إحنا علاقتنا مش أد كده بس برده إحنا ولايا زي بعض ومينفعش أبدا اللي عمله ده
, _ رفعت خضروتاها اللامعة عليه لتزفر دموع خادعة وواصلت حديثها مضيفة :-
, _ قابلت ريان علي السلم وقفت اعاتبه كأنه أخويا وهو مستحملش مني الكلام و٣ نقطة
, _ عقد هاني ما بين حاجبيه بغرابة وتسائل بفضول :-
, _ وبعدين حصل ايه ؟
, _ اجهشت رنا في البكاء لتشعل لهيباً في قلب زوجها ويصدق خداعها ، تصنعت أنها تحاول التحدث من بين بكائها لكنها تفشل ، عانقها هاني وضمها بقوة وقال بهدوء وهو يملس علي خصلات شعرها :-
, _ اهدي يا رنا وكملي أنا اعصابي علي آخرها
, _ ابتعدت عنه وواصلت خداعها قائلة بمكر :-
, _ زقني جامد واتخبطت في الحيطة وده سبب الورم اللي في راسي
, _ اتسعت مقلتي هاني بصدمة وتمتم بعدم تصديق :-
, _ لا لا ريان ازاي يعني ؟
, _ ابتعدت عنه وتحولت تعابير وجهها الي الحدة وصاحت به هدراً :-
, _ عشان كده مكنتش عايزة اقولك ما انا مش هعرف أخد منكم لا حق ولا باطل أخوك ضاربني وانت مكدبني ، أنا سايبة لك البيت وماشية أصل تجيبلي واحدة انت كمان وانا وقتها مش هسيب البيت زي دينا لا أنا هطربقها عليكم قبل ما امشي
, _ أمسك بذراعها يلحق بها وهتف بحنق :-
, _ اهدي يا رنا وانا هجيب لك حقك ، بس انتي كنتي طالعة تواسي دينا ازاي وانتي بتقولي أنها سابت البيت ؟
, _ تفاجئت رنا من سؤاله وابتلعت ريقها بتوجس وحاولت أن تفكر بشئ سريعاً قبل أن تكشف ألاعيبها وهي علي حافة الإنتصار في المعركة واجابته بتلعثم :-
, _ اه مهو أنا عرفت بعد كده من يحيي وبعدين هو ده اللي هامك يعني !
, _ نجحت هي في لدغه ووضع السِم به ، تدفقت الدماء في شرايينه بغضب وود أن يفتك بمن تطاول علي امرأته ، دلف للخارج مهرولاً بينما ابتسمت هي بخبث وتبعته الي الخارج ، ركوضهم خلف بعضهم أثار قلق يحيي وركض خلفهم هو الآخر
, _ صعد هاني إلي الاعلي وطرق الباب بعنف شديد وعندما لم يستمع لإجابة نظر إلي زوجته ومن ثم أخيه الصغير وصاح به هدراً :-
, _ أخوك فين ؟
, _ رفع يحيي كتفه واجابه بعدم استيعاب للأمر :-
, _ معرفش ، هو في ايه ؟
, _ سحق هاني أسنانه بغضب وصاح متسائلاً :-
, _ اللي اتجوزها دي قعدها فين ؟
, _ تردد يحيي قليلا من غرابة السؤال لكنه طمئن قلبه فماذا سيفعل بزوجة أخيه ، تنهد واجاب هاني بعفوية :-
, _ في الشقة فوق !
, _ شهقت رنا بصدمة كبيرة وقد ازداد غضبها أضعاف مضاعفة ، ونظرت إلي زوجها وصاحت بغضب عارم :-
, _ عشان كده أخوك مكنش راضي يدينا الشقة عشان يتجوز هو فيها ,
, _ رمقها يحيي بنظرات تحمل الإشمئزاز من أفعالها الدنيئة وهو يعلم نواياها جيداً ، واصلت رنا هرائتها السخيفة هاتفة :-
, _ انت هتسكت يا هاني ، هات لي حقي حالا
, _ وما أن أنهت جملتها حتي صعد هاني إلي الطابق الأخير ، ركضت رنا وتبعها يحيي بعدم فهم لما يحدث لكن حتماً ما يراه لا يبشر بالخير ، ظل هاني يركل الباب بقدمه ويقرع الجرس بكل ما أوتي من قوة
, _ وبعد أن استقرت عنود علي فراشها انتفضت بذعر من مكانها وهرولت مسرعة الي الخارج وقلبها يزداد خفقات من تلك الطرقات الغريبة ،
, _ فتحت الباب وتفاجئت بوجود ثلاثتهم هي تتذكر وجوههم جيداً لكن لا تعلم هويتهم سوي يحيي
, _ تفاجئت عنود بيد غليظة تجذبها من حجابها وأجبرها علي السير خلفه ، صُعق يحيي من تصرف أخيه الوقح وأسرع نحوه يحاول إيقافه بشتي الطرق ،
, _ ايه اللي انت بتعمله ده يا هاني ، مينفعش كده أبعد
, _ هتف بهم يحيي وهو يحاول جاهداً أن يفرق بينهم لكن قوة هاني مضاعفة له ، دفعه هاني بعيداً ثم جمع قوته ودفع بها علي الجدار ، أطلقت عنود صرخات عالية دوت في المكان ، تصلبت عروق عنق يحيي من هول ما يحدث وركض نحوهم ، جمع قوته ودفع هاني بعيداً عنها ثم أمسك بيدها وولج داخل المنزل وأوصد الباب قبل أن يصل هاني إليهم مرة أخري ،
, _ سحبت عنود يديها وجلست بإهمال علي الأرض واجهشت في البكاء ، وضعت يديها أمام وجهها مطلقة العنان لدموعها في التسلل من بين أناملها ،
, _ أشفق يحيي كثيراً علي حالتها المزرية ، الي الان لا يستوعب جنون أخيه وتصرفه مع تلك الفتاة بعد ، انحني بجسده وجلس القرفصاء مقابلها وردد بندم :-
, _ أنا آسف علي اللي حصل ، أنا عارف ان آسفي قليل اوي قدام اللي حصلك بس انا مش في أيدي غيره
, _ شهق يحيي بصدمة جلية عندما رأي الدماء تنسدل من أسفل حجابها وأيضاً تتخلل ثغرات حجابها من شدة تدفقه
, _ انتي بتنزفي لازم تروحي المستشفي!
, _ هتف بهم بنبرة متوجسة ثم نهض استعداداً لمغادرة المنزل بينما لم تعيره هي أي اهتمام كأنها لم تصغي لما قاله
, _ يا بنتي قومي راسك شكلها عايز خياطة
, _ صاح بها يحيي بإهتمام لكن الوضع كما هو عليه لا تكترث لحديثه ، تنهد بضجر بائن لم يريد اللجوء إلي هذا الحل لكن لا يوجد أمامه سواه ،
, _ جذب هاتفه من جيب بنطاله وهاتف ريان سريعاً ، لا يجيب هو الآخر ، أعاد تكرار مهاتفته مرارا إلي أن سمع إلي نبرة صوته التي يحفظها جيداً :-
, _ في ايه يا يحيي ؟
, _ تنهد يحيي بضيق لا يدري كيف سيخبره بهذا ، اغمض عيناه ثم ألقي بالحديث دفعة واحدة :-
, _ ممكن تيجي عنود محتاجة تروح المستشفي ومش راضية تقوم معايا تعالي يمكن تقتنع بيك انت ،
, _ صدم ريان مما اخبره به يحيي وهتف بخوف :-
, _ ليه حصلها ايه ؟
, _ لا يعلم ماذا يجييه تحديداً حتما لن يخبره بما حدث علي الأقل الآن ، حمحم بتوتر وأجابه متردداً :-
, _ تقريباً اتخبطت وبتنزف جامد من راسها
, _ أغمض ريان عيناه لبرهة ثم أغلق الخط ودعس علي البنزين ليزيد من سرعة سيارته لكي يصل أسرع إليها ،
, _ صف سيارته بإهمال وحمل صغيرته بين يديه وصعد في المصعد ثم طرق الباب إلي أن فتح له يحيي ،
, _ اعطي ريان الصغيرة ليحيي ومن ثم أسرع نحو عنود التي تجلس علي الأرض واضعة يديها أمام وجهها وتبكي بصوت مسموع ، صعق من منظر الدماء التي تسيل منها دون توقف ،
, _ حاول أن يتماسك ولا ينهار أمامها ثم قال بنبرة متعبة :-
, _ قومي نروح المستشفي نطمن عليكي
, _ لم ترفع عينيها عليه ولم تهتم له مثلما فعلت مع يحيي ، تنهد ريان بضجر ونظر الي يحيي الذي أسرع في حديثه قائلاً :-
, _ أنا كلمتك عشان كده
, _ عاد ريان بنظره عليها ثم أمسك ذراعها ، لكنه تفاجئ بها تصرخ عالياً :-
, _ ابعدو عني محدش يلمسني ابعدو عني
, _ أبعد يده سريعاً ورفعها للأعلي ربما يهدئ من روعها قليلا وردد بهدوء :-
, _ أهدي مش هلمسك بس لازم اشوف جرحك سطحي ولا عميق
, _ هزت رأسها مراراً برفض تام وهتفت بحنق :-
, _ حرام عليكم انتوا بتعملوا فيا كده ليه
, _ تنهد ريان بضجر فهو لا يعي ما تقول لكن عليه أن يهدئها لكي يحصل علي ما يريد ، سحب نفساً عميقاً ثم قال بنبرة أكثر هدوءاً :-
, _ جرحك لازم يتخيط أو علي الأقل يتعقم لو كان سطحي عشان ميتلوثش ، وبعدين أنا جوزك يعني مش حرام لو شوفت شعرك حتي لو مجبرة بس في الآخر جوزك برده وأكيد انتي عاقلة كفاية ومش محتاجة توضيح أكتر ،
, _ رفعت بندقيتاها عليه ليومأ برأسه مشجعاً ، وعندما لم يري أي هجوم منها نهض والتفت الي يحيي وقال بإقتضاب :-
, _ يحيي خد جني معاك وانا شوية وهخدها منك
, _ خليك علي راحتك هي معايا متقلقش
, _ اردف بهم يحيي بحب ثم أخذ الصغيرة وهبط بها الي أقرب بائع حلوي ، بينما عاد ريان الي عنود ومد يده إليها ، ترددت كثيراً أن تخطو تلك الخطوة لكنها مجبرة ، مدت يديها ليشعر كلاهما برجفة قوية عصفت بخلاياهم الساكنة ، نظر إليها ربما يفهم سر ذاك الشعور ،
, _ حمحم بحرج ثم جذبها من يدها وولج إلي داخل الغرفة ثم أمرها بالجلوس علي الفراش وبدأ في خلع حجابها ، توتر شديد عصف بعنود في تلك اللحظة لم تسمح لأحد من قبل أن يقترب منها بهذا الشكل ، إذاً لماذا تسمح له ؟
, _ ربما لأنه زوجها ، زوجها التي لم تتقبل تلك الفكرة بعد ، ابتلعت ريقها واغمضت عينيها واستكانت بين يديه وهو يخلع حجابها برفق
, _ ألقي بال**** الذي يمتلئ بالدماء بعيداً ثم أقترب أكثر لتكون راسها أمام صدره مباشرة ، تغلغلت رائحة عطره الي أنفها مباشرةً
, " ااااه "
, _ أطلقتها عنود بنبرة موجوعة عندما لمس بيده جرحها ، أبتعد ريان لكي يري عينيها بوضوح قائلا بندم :-
, _ أسف مش قصدي ، عموما هو سطحي بس كذا جرح عشان كده نزفتي كتير ،
, _ رمقها لبرهة وواصل حديثه متسائلا :-
, _ انتي اتخبطي ازاي ؟
, _ هربت بنظرها بعيداً عنه تفكر في شئ ما تخبره به ، لم تجد بسهولة فهي لم تعتاد الكذب قط ، طال صمتها حتي ظن ريان أنها لا تريد التحدث إليه بعد فعلته معها ، تنهد مستاءً وهتف بفتور :-
, _ هنزل اجيب علبة الإسعافات اعقم لك الجرح
, _ وما أن أنهي جملته حتي اختفي سريعاً من أمامها بينما نهضت عنود ونظرت إلي المرآة لتتفاجئ بمظهرها ، لقد تناثرت الدماء علي خصلات شعرها وسببت تعقيده ناهيك عن تورم جفنيها بشدة ، ودموعها التي لا تتوقف قط ، رمقت صورتها المنعكسة كثيراً وهي تتذكر ما حدث من قِبل المزعوم عمها وزوجته
, _ لأول مرة تشعر بالضياع ، تشعر بفراغ جوفها كأنها باتت خالية من أي مشاعر ، ماذا يحدث بحق **** ، ماذا فعلت ليكون هذا جزاء عملها !
, _ خرجت من شرودها علي صوته الرخيم هاتفاً :-
, _ ممكن تقعدي
, _ استدارت بجسدها إليه ولوهلة استوعبت أنها تقف أمامه محررة الخصلات ، اتسعت مقلتيها علي آخرهم ووضعت يديها علي رأسها ربما تخفي ولو جزء بسيط من خصلاتها المتحررة أمامه ، رمقها ريان بغرابة لما تفعله تلك الفتاة وبدون تردد اقترب هو منها ظناً بأنها خجولة ولا تريد الاقتراب هي منه
, _ أمسك بيدها للمرة الثالثة في هذا اليوم الذي لا ينتهي واجبرها علي السير خلفه ثم أجبرها علي الجلوس علي الفراش وبدأ يُعقم جرحها برفق لكي لا يسبب لها الألم
, _ انتهي مما يفعله ثم ابتعد قليلاً وأخفض بصره عليها وقال :-
, _ أنا خلصت محتاجة حاجة اجيبهالك ؟
, _ لم ترفع عينيها من علي الأرضية واكتفت بهز رأسها بإيماءة خفيفة ، تنهد ريان مستاءً لكل ما يحدث ، ثم دلف للخارج عندما سمع طرقات الباب ، فتحه وإذا به يحيي وصغيرته تبكي..
, _ مش مبطلة عياط وعايزة مامتها
, _ هتف بهم يحيي بحرج لعدم تمكنه من إلهاء الصغيرة بينما أماء ريان رأسه بتفهم ثم اخذ جني من يدي يحيي وأوصد الباب خلفه ونظر الي صغيرته متسائلا بإهتمام :-
, _ بتعيطي ليه يا جني
, _ حايزة ماما ، حايزة ماما
, _ صاحت بهم الصغيرة وهي تبكي بشدة ، حاول ريان أن يهدئها لكن بائت محاولاته بالفشل الذريع بل وازدادت في بكائها عن ذي قبل ، اغمض عينيه وهو ينفخ بضجر بائن ، لم يعد في يده ما يفعله لها
, _ فتح عيناه علي صوتها وهي تهدئ صغيرته قائلة :-
, _ لو عيطتي ماما مش هتيجي لك
, _ نظرت إليها جني وقد توقفت عن البكاء من تلقاء نفسها بادلتها عنود ابتسامة عذبة وأردفت بحنو :-
, _ممكن أخد شيبسي من اللي معاكي ؟
, _ احتضنت جني علبة الرقائق بشدة خوفاً أن تأخذها منها بينما تصنعت عنود الحزن وزمت شفيتها بطفولة ، لكنها تفاجئت بها تناولها واحدة قائلة ببراءة :-
, _ خدي واحدة
, _ رفعت عنود بصرها عليها وابتسمت برقة ثم قطمت من الرقائق التي بيدها وأظهرت مدي استمتاعها بها ، ابتسمت الصغيرة بسعادة ثم مالت عليها تريد أن تحملها عنود ، تنهدت عنود لنجاحها في تهدئتها ثم حملتها وولجت داخل غرفتها سريعاً ،
, _ لم تمر دقيقة الا وتعالت ضحكات الصغيرة ، توجه ريان مباشرة الي الغرفة ووقف أمام الباب يراقب ما يفعلاه ، ظهرت ابتسامة علي ثغره لطريقة مداعبة عنود لصغيرته التي تبدو كطفلة صغيرة تلاعب من في عمرها وليست بفتاة ناضجة
, _ لمحته عنود وشعرت بالخجل الشديد يعصف بخلاياها ، كما توردت وجنتيها بالحُمرة الصريحة وضغطت علي شفاها بإرتباك خجل ، ثم التزمت السكون حتي اختفي هو من أمامها ..
 
١١


ظلت رنا تجوب الغرفة ذهاباً وإياباً وهي تستشيط غيظاً ، جلست بإهمال علي طرف الفراش وسحبت الوسادة ودفنت رأسها بمنتصفها وظلت تصرخ وتصرخ بصوت مكتوم حتي انهارت قواها وبكت ، انهمرت دموعها كالشلال حزناً علي حالها ،
, _ لن تنكر أنها أوقعت هاني في فخ ألاعيبها الداهية لكي تصل فقط إلي ريان عندما فشلت في الاقتراب منه مباشرة ، لم يكن يوماً مثل بقية جنسه لم ينظر إليها نظرة مخلة أو خارجة لم تري سوي الاحترام الذي يأنب ضميرها إتجاهه بإستمرار ، عادت بظهرها علي الفراش وهي مازالت واضعة الوسادة أمام وجهها وواصلت بكائها المرير في صمت ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ وقف ريان أسفل المنزل قيد انتظار أحد عماله الذي أمرهم بإحضار كمية هائلة من الطعام وبعض المستلزمات المنزلية ، سحب مقعد وجلس عليه وأسند رأسه علي حافته وأغمض عينيه بإرهاق ،
, _ ريان انت كويس ؟
, _ تسائل خالد بإهتمام عندما رآي الإرهاق يعتلي ملامحه ، فتح ريان عيناه ورمقه بتفحص كأنه يتأكد من هويته ثم اعتدل في جلسته وأردف مختصراً :-
, _ أنا تمام
, _ سحب خالد مقعد اخر وجلس بالقُرب من ريان ووضع يده علي فخذه يُأزره وهتف بآسي :-
, _ الدنيا اتلخبطت عندك صح ؟
, _ التفت ريان الي خالد وهو يريد ان يبوح بما في داخله لكنه لا يدري كيفية البوح ، لم يعترف من قبل عما يدور في عقله او حتي التصريح بما لا يستطيع تحمله ، لم يعتاد علي مثل تلك الأمور أو ربما لم يسأله أحد عن حالِه في الأوقات التي كان يستطيع التحدث والاعتراف ،
, _ تنهد بحرارة مستاءً من حالته المبهمة ثم أعاد رأسه للخلف وأغمض عيناه وقال بنبرة هادئة لكنها تحمل الكثير من التعب :-
, _ انت كنت رايح فين كده في الوقت المتأخر ده ؟
, _ رفع خالد حاجبيه بتعجب مستنكراً تغيره مساره للحوار رغم أنه يود معرفة ما حدث لكن ربما ليس آوانه ، لم يعقب عليه خالد وسحب نفساً وردد :-
, _ كنت جاي اطمن عليك
, _ ربت ريان علي ظهر خالد بإمتنان وقال :-
, _ فيك الخير يا خالد بس انا تمام ، قوم روح لعيالك الوقت أتأخر
, _ تعجب خالد من أسلوب ريان علي الرغم أنه يواجهه كثيراً لكن تلك المرة مختلفة فـ المصائب ازدادت عن حدها وهو مازال يتهرب من المواجهة والاعتراف ، تنهد خالد بيأس ثم نهض وهتف بفتور :-
, _ تصبح علي خير لو احتجتني أنا موجود
, _ اكتفي ريان بهز رأسه بإيماءة خفيفة بينما غادر خالد وتركه يغوص في عالمه المرهق بمفرده
, _ نهض ريان عندما رأي من كلفه بشراء بعض المستلزمات وأخذ الحقائب البلاستيكية منه ثم صعد للأعلي ، قرع جرس الباب وانتظر قليلا ثم ولج للداخل عندما لم يجيبه أحد ، وضع الحقائب أرضاً فلا يوجد ما يضعهم أعلاه ، لم يسمع صوت لـ كليهما يا تري أين هم ؟
, _ لم يكن أمامه سوي فتح الباب بحذر فقط للاطمئنان عليهم ، تنهد براحة عندما رآي صغيرته تغفو بين أحضان الصغيرة الأخري ، أغلق الباب برفق ثم جلس أرضاً يحاول النوم هو الآخر لكن لا يعرف للنوم سبيل
, _ عقله بات مشغولاً بما حدث إلي الأن لا يستوعب ما فعله ، لا يستوعب كيفية إجبار فتاة علي الزواج منه ، بل والأغرب أنه يتزوج بأخرى دون إدراك منه أسفل غضبه المعروف به ، ناهيك عن ترك دينا لمنزلها وتشتت عائلته الصغيرة والوقوع في جدالات كبيرة ، لماذا يحدث كل هذا بربك يا ريان ؟ ماذا اقترفت بحياتك حتي يعاقبك **** ويفرق شمل عائلتك ؟..
, _ تنهد بضجر بائن عندما لم يأتي بإجابة صريحة علي أسئلته ، ثم جذب هاتفه وهاتف أحد عماله قائلا بنبرة رخيمة :-
, _ معلش يا عم إبراهيم عارف ان الوقت متأخر بس كنت محتاج شوية طلبات من المعرض تيجيلي البيت هنا
, _ اجابه عامله بإحترام وعملية :-
, _ الساعة دي يا معلم ريان ؟
, _ أماء ريان رأسه كأنه أمامه ورد عليه بإرهاق :-
, _ معلش يا عم إبراهيم محتاج الحاجة دي ضروري
, _ أغلق الهاتف بعد أن أخبره بما يريد وهم بالهبوط الي الأسفل قيد انتظار وصوله .
, ١٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ أستيقظ جميع من بالمنزل علي طرقات الباب ، أسرعت دينا بوضع **** رأسها لأنها من كانت أقرب وصولاً للباب ، فتحته وتفاجئت برنا أمامها ، وتمتمت بتعجب :-
, _ رنا !
, _ سحبت رنا نفساً عميقاً ثم قالت بحزن زائف :-
, _ باين عليكي أنك منمتيش عشان كده انا جتلك من بدري نشوف حل لموضوعك ده انتي برده متهونيش عليا
, _ قطبت دينا جبينها بغرابة ثم تراجعت عدة خطوات للخلف وهتفت مرحبة :-
, _ اتفضلي ادخلي مش هنتكلم علي الباب
, _ ولجت رنا الي الداخل وابتسمت بتصنع عندما رأت والدة دينا وشقيقتها وصاحت بود مصطنع :-
, _ أخبارك ايه يا حجة يارب تكوني كويسة ، اخبارك ايه يابت يا اسراء وحشاني
, _ اجابتها اسراء بإقتضاب :-
, _ تمام
, _ وما إن أنهت جملتها حتي ولجت داخل غرفتها سريعاً بينما رحبت بها والدة دينا بحفاوة :-
, _ الحمد لله في نعمة اتفضلي اقعدي
, _ جلست رنا ومن ثم جلست دينا بجوارها ورافاقتهم والدة دينا ، مرت دقائق معدودة ثم ازدرفت رنا بعض الدموع الزائفة و تصنعت الحزن وهتفت بنبرة منكسرة :-
, _ أنا معرفتش انام خالص من وقت ما عرفت ما بالك انتي بقا **** يكون في عونك ،
, _ تنهدت دينا بضجر عارم وأردفت بفتور شديد :-
, _ رنا لو ريان باعتك عشان أرجع فـ روحي قوليله اني مش هرجع بوسايط
, _ رمقتها رنا بنظرات ساخرة لتلك البلهاء التي لا يعبأ لها زوجها وهي تظن أنه يركض خلفها ، تنهدت مستاءة ثم أكملت ما أتت لأجله وقالت :-
, _ أنا جاية ليكي انتي محدش باعتني ، أنا جاية اشوف لك حل ترجعي بيه بيتك
, _ عقدت دينا ما بين حاجبيها بغرابة فـ العلاقة بينهم متوترة وليست علي ما يُرام فمن أين جاءت هي بتلك الجُرأة والتلقائية التي تتحدث بها ،
, _ استشعرت رنا ما يدور في عقلها وأسرعت هي بالحديث قائلا بحب زائف :-
, _ ليكي حق متصدقيش اللي انتي بتسمعيه مني بس انا واجب عليا أقف جنبك في محنتك دي رغم اني مش شايفة أنها محنة ولا حاجة وممكن تتحل بسهولة بس ده لو انتي حابة يعني مش حابة بقا هاخد بعضي وامشي وابقي اطمنت عليكي
, _ نهضت رنا وأولتهم ظهرها لتُكمل لُعبتها التي بدأتها ، أسرعت والدة دينا برمق ابنتها تحثها علي رفض ذهابها ، بينما تنهدت دينا ثم أسرعت بالحديث :-
, _ استني يا رنا قولي اللي عندك !
, _ ابتسمت رنا بإنتصار ومن ثم التفتت إليها وجلست مرة أخري وهتفت بمكر :-
, _ اول حاجة قعدتك هنا غلط ولازم ترجعي مينفعش تسيبي الجمل بما حمل انتي كده سيبتي جوزك للبت دي علي طبق من دهب وكده انتي بتخسري ، متفكريش بدور الضحية اللي انتي عملاه ده هيفرق ، جوزك هيلاقي واحدة صغيرة هدلعه ولا هيسأل فيكي عشان كده لازم ترجعي ،
, _ اتسعت مقلتي دينا بصدمة ومررت انظارها بين رنا ووالدتها بذهول ، إلتوي ثغر رنا بإبتسامة خبيثة لأنها أوقعت بـ شِباك تلك الحمقاء دون عناء وواصلت حديثها مضيفة :-
, _ الراجل مش عايز غير اللي يدلعه وبس ولو علي العشرة هتهون في ثانية فانتي لازم تثبتي نفسك وتمشي البت دي ، أنا سمعت يعني أنه اتجوزها عشان يخلصها من عيلة ابوها ودي في حد ذاتها حاجة كويسة لأننا هنقدر نبعدها عنه بسهولة
, _ صمت حل لدقائق بينهم ثم هتفت والدة دينا مرحبة بفكرة رنا :-
, _ قومي يا بنتي البسي رنا عندها حق مينفعش تقعدي تندبي حظك هنا قومي شوفي مستقبلك ومستقبل بنتك
, _ تنهدت دينا وهي تعيد ما قالته رنا لتوها ثم نهضت وولجت داخل غرفتها وشرعت في ارتداء ثيابها لكي تعود الي منزلها وتستعيد زوجها من بين يدي تلك الفتاة التعيسة ..
, ١٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ استيقظت علي ضوء الشمس الذي يغازل عينيها لكنه كان شديد للغاية فلم تستطع فتح عينيها بسهولة ، وضعت أحدى الف كفيها أمام وجهها تحجب ذاك الضوء المُسلط عليها ثم فركت عينيها لتعتاد تلك الإضاءة القوية ، نظرت بجوارها لتتفاجئ بالصغيرة غافية تماماً ولا تشعر بمن حولها ، نهضت بحذر وتوجهت نحو الباب أدرات مقبضه لكنه لم يُفتح ، أعادت المحاولة مراراً والنتيجة ذاتها حتماً أنه موصد من الخارج ، تنهدت عنود ثم طرقت بخفة علي الباب ليأتيها صوته الذكوري قائلا :-
, _ ثواني وهفتح لك
, _ عقدت ما بين حاجبيها بغرابة فما يعني هذا ، لم يكن أمامها سوي الإنتظار ، مرت دقائق ولم يحدث أي جديد ، توجهت نحو المرآة وشهقت بصدمة عندما رأت حالتها الغير مهندمة ، شعرها مبعثر بشدة وملابسها تتناثر عليهم الدماء حتماً من جرح رأسها ،
, _ تنهدت بضجر لحالتها المذرية تلك منذ متي وهي بذلك المظهر السئ ، أغمضت عينيها بعصبية ثم حاولت جمع خصلات شعرها قدر الإمكان وعدلت من وضعية ثيابها ثم رمقت صورتها المنعكسة بنظرة متفحصة لم تكن بتلك الروعة التي تكون عليها دائما لكن لا بأس بذلك الآن ،
, _ خرجت من شرودها علي فتح الباب استدارت إليه بجسدها حيث تفاجئت بمظهره المرهق بل أكثر من ذلك بمراحل يبدو أنه لم ينم طوال الليل ، هزت رأسها بإنكار لما تفكر فيه ، فما شأنها به لكن لن تنكر أنه يربكها كثيراً بنظراته الثاقبة تلك ، وقوفه أمامها يسبب ارتفاع الادرينالين المندفع في شرايينها ، اضطرابات قوية تجتاحها أثناء وجوده
, _ ابتلعت ريقها ثم اقتربت منه علي استحياء شديد ، وكلما اقتربت منه خطوة تزداد نبضاتها عنفاً عن ذي قبل ،
, _ وقفت أمامه مع المحافظة علي بعض المسافة بينهم ثم أردفت بتردد :-
, _ عايزة أتكلم مع حضرتك
, _ أماء رأسه بموافقة علي الرغم من أنه يكاد يفقد وعيه من قلة النوم ، لكن لا بأس سيتحمل قليلاً بعد ، دلف كلاهما الي الخارج فتفاجئت عنود بما رأته ، لقد قام بتجهيز المنزل وإعداده لم تكن هناك زاوية خالية عكس ما رأته أمس ،
, _ خمنت سبب الإرهاق البادي علي تعابيره بالتأكيد هو من قام ببناء جميع الاثاث هذا بمفرده ولكن لماذا فعل ذلك ؟
, _ جلست علي أقرب أريكة بينما جلس هو علي الأريكة المقابلة لها في إنتظار ما ستقوله ، لكن عقله يود أن يذهب بعيداً وينعم ببعض النوم ،
, _ حمحمت عنود بحرج ثم قالت بتلعثم :-
, _ أنا كنت عايزة أقول إني ، يعني أنا عايزة٤ نقطة
, _ توقفت عن الحديث من تلقاء نفسها عندما رأته يحاول جاهداً أن يصغي إليها ولا يُسلم عقله للنوم لكن لم يستطع أن يقاومه أكثر من ذلك ولم يشعر بغفوه مطلقا ،
, _ ركضت هي نحوه بخطي سريعة لكي تمنع وقوعه وأمسكت برأسه التي تمايلت للأمام فجاءة ثم حاولت وضعه علي الأريكة لكنها لم تستطع بمفردها فجسده مضاعف لجسدها الصغير ، يا **** ماذا تفعل الآن ؟
, _ تنهدت مستاءة ونظرت إليه وهو بين يديها ولم يكن أمامها سوي تلك الفكرة التي رادوتها ، أغمضت عينيها بتردد كبير فهي لا تتمني أن تفعل ذلك لكنها مجبرة ، أخذت نفساً عميقاً ثم احتضنت رأسه بقوة حتي يسهل حمله ووضعته علي الأريكة ،
, _ الأمر لم يكن هين عليها لكنها قاومت حتي ضبطت وضعية جسده علي الأريكة ، ابتعدت عنه ثم نظرت إليه غير مصدقة ما فعلته ، لقد احتضنته بالفعل وضعت يدها أمام وجهها خجلاً ثم ركضت مهرولة الي الغرفة واوصدت الباب خلفها ووقفت تستنشق الصعداء وهي تعيد ما حدث منذ قليل ، هزت رأسها تطرد أفكارها وعادت الي الفراش وظلت تداعب خصلات الصغيرة برفق لكي لا توقظها ،
, ١٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ وصلتا كلاً من رنا ودينا أسفل البناية ، قابلهم يحيي في طريقهم حيث توقفَ وهتف يحيي بحفاوة :-
, _ حمد**** علي سلامتك يا دينا كويس انك رجعتي
, _ رمقته دينا بنظرات مشتعلة فهي عادت علي مضض ولم تصفي بعد من تلك العائلة التي باتت خدمتهم هي شاغلها الأساسي وبالأخير لم يعترض أياً منهم علي زيجة ريان ،
, _ أخوك فين ؟
, _ تسائلت دينا بفتور شديد بينما أجابها يحيي بتلقائية :-
, _ نايم فوق من امبارح منزلش
, _ تقوس ثغر دينا بإبتسامة سعيدة ظناً أنه لم يغادر منزلهم فقدانً لها ، تركتهم وتوجهت إلي الاعلي بالمصعد ثم فتحت باب شقتها وولجت الي الداخل و طبول السعادة تدق قلبها ، لأول مرة يتأخر ريان عن عمله بسببها ، ولجت داخل غرفتها ولم تجده بحثت في جميع أرجاء المنزل وأيضا لم تجده ، وقفت بمنتصف الردهة تمرر نظراتها عليه كـ طفلة تائهة أضاعت سبيلها ، وكأن الكون بات خالياً من اي أصوات سوي صوت نبضات قلبها التي تزداد عنفاً وقسوة ،
, _ إذا لماذا أخبرها يحيي بمكوثه في المنزل طيلة الليل ، ماذا يقصد بالمنزل إن لم يكن هنا ، أين مكث طيلة الليل إن لم ينام هنا علي فراشه ، من غفي بجانبه إن لم تكن هي موجودة ؟!
, _ اشتعلت نيران الغيرة في قلبها ، أيعقل أنه بات طيلة الليل بجانب عروسه الجديدة ، أيعقل أنه حدث شئ آخر بينهم ، لم تشعر بقدميها التي هرولت مسرعة إلي الاعلي وطرقت الباب بعنف ،
, _ انتفضت عنود بذعر أثر صوت الطرقات هرولت مسرعة نحو الباب لكنها توقفت فجاءة عندما تذكرت ما حدث لها بالأمس ، أخذت زفيراً عميقاً وتراجعت للخلف بضعة خطوات حتي ارتطمت بجسد صلب خلفها ، التفتت بجسدها وتفاجئت به يقف أمامها ، ابتعلت ريقها بخجل ثم ابتعدت من أمامه وركضت مهرولة الي الغرفة بينما توجه ريان الي الباب وقام بفتحه ليتفاجئ بـ دينا تقف أمامه والشرار ينطق من عينيها ،
, _ انت رميني عند اهلي وحضرتك قاعد هنا!
, _ صاحت بيهم دينا بعصبية فائقة لم يعتادها ريان من قبل بينما أمسك ريان رأسه بقوة يمنع ذلك الألم الشديد الذي يعتلي رأسه ،
, _ انت كمان مش طايق تسمع صوتي ؟
, _ هتفت بهم دينا بحنق عندما رأته يوصد عينيه بينما صاح بها ريان قائلا :-
, _ ششششش مش قادر اسمع حاجة اسكتي
, _ اتسعت حدقتي دينا بصدمة كبيرة وقالت بإندفاع :-
, _ من اول يوم يحصل كده اومال كمان اسبوع هتعمل معايا هطلقني ، بس انا مش هستني لما تيجي منك اتفضل طلقني و حالا
, _ ضربت رنا وجهها بخفة وهي تقف في زواية تراقب ما يحدث وتمتمت قائلة :-
, _ يخربيت غبائك جبتك عشان نخلص من التانية هخلص منك الاول ، يلا مش مهم المهم اخلص من حد فيكم ،
, _ ابتسمت رنا بخبث بينما انهار ريان تماماً وصاح بدينا هدراً :-
, _ ششششش قولتلك اسكتي ، آه مش قادر
, _ زاد من ضغط يديه علي رأسه لكي يمنع الألم الذي ازداد أضعافاً بسبب صوتها المرتفع أمامه ، صعد يحيي علي صوته الذي صدح في الدرج ، وتسائل بتوجس :-
, _ في ايه يا ريان مالك ؟
, _ مش قادر مش قادر خليها تسكت
, _ هتف بهم ريان وهو يولج الي الداخل بتعب شديد أسرع يحيي خلفه ومن ثم تبعته دينا التي بدي لها الأمر كـ لُعبة حتي يفر منها ، وقفت بمنتصف الردهة ترمق كل أنش وزواية التي أُعِدت من أجل تلك الفتاة ،
, _ بينما تسللت رنا الي الداخل دون أن يشعر بها أحد وكادت أن تنفجر باكية علي حالة ريان المزرية للغاية ، لم تستطيع تحمل رؤيته يتألم أمامها بل يُنازع من شدة الألم البادي عليه كما أنها لن تغادر قبل أن تطمئن عليه ، لم يكن أمامها سوي الانتظار مكانها ،
, _ من الصعب أن تتألم روحك التي ليست من هي حقك وتقف تتأملها وهي علي بُعد خطوات بسيطة منك ، ولا تستطيع التحرك نحوه ومساعدته وأيضاً لا يكن بمقدروك الهروب قبل تُطمِئن قلبك عليه!
, _ دلفت عنود الي الخارج بعد أن ارتدت كامل ثيابها علي أثر صوتهم ، لم تفهم شئ من همهماتهم المُتداخلة فأسرعت نحوهم لكي تعلم ماذا يحدث ،
, _ تنهدت ثم تسائلت بإرتباك لحالة ريان :-
, _ في ايه ؟
, _ التفت إليها يحيي قائلا بذعر رُسِمَ علي تعابير وجهه :-
, _ مش عارف
, _ اقتربت منه عنود وقد شعرت لوهلة بكلتي يديها كأنهما معقودتين من حالته المتدهورة ، ابتلعت ريقها وهتفت وهي تطالع ريان بخوف شديد :-
, _ اطلب دكتور بسرعة
, _ مرر يحيي أنظاره بينها وبين ريان ثم هرول الي الخارج لكي يحضر طبيباً بأقصي سرعة بينما اقتربت منه عنود وهي تطالعه بشفقه لحالته التي لا تعلم سببها لكنها تشعر فقط بذاك الألم الذي راودها منذ أن رأته علي تلك الحالة ،
, _ مرت دقائق معدودة وقد عاد يحيي برفقة الطبيب الذي قام بعمله وفحص ريان بعملية ثم نهض ونظر إلي يحيي مباشرةً وأردف بهدوء :-
, _ معلم ريان ضغطه كان عالي جداً فوق معدل الطبيعي وده خطر ومينفعش يتكرر تاني عموماً الحقنة اللي خدها نزلت الضغط لحالته الطبيعية بس لازم متابعة كل مدة علي مدار اليوم نطمن علي معدل الضغط ولو حصل حاجة كلمني علي طول
, _ أماء يحيي رأسه بحزن وردد ممتناً له :-
, _ شكراً يا دكتور
, _ رافق يحيي الطبيب عند مغادرته ، بينما اقتربت منه دينا وجلست بجواره بعد أن رمقت عنود بنظرات احتقارية ثم عادت بنظرها إلي ريان وأردفت بندم :-
, _ كنت فكراك بتعمل كده عشان تتهرب مني
, _ لم يرفع ريان بصره اليها بل ولم يكترث لما قالته فهو لا يتحمل هرائاتها السخيفة الآن ، يشعر بتعب ، بإرهاق شديد ويريد فقط بعض الوقت لكي يستجمع نفسه ثم يغادر هذا المنزل بجدالاته التي لا تنتهي ،
, _ استشاطت دينا غيظاً عندما لم يجيبها وصاحت به قائلة بهجوم :-
, _ انت برده مش هترد عليا ، أنا غلطانة أصلاً اني رجعت
, _ نهضت دينا بتذمر وسحبت حقيبتها قاصدة المغادرة بينما نهض ريان هو الآخر بعد أن رمقها بنظرات مشتعلة معانقة لـ للوم ثم توجه نحو الباب بخُطي ثقيلة ودلف الي الخارج وطرق الباب بعنف وهبط الي الأسفل سريعاً هارباً من كل شئ ،
, _ سحق يحيي أسنانه بغضب ثم نظر إلي دينا وصاح بها :-
, _ مكنتيش قادرة تسيبي زعلك علي جنب شوية لما يفوق ويكون كويس
, _ رمقته دينا بنظرات مشتعلة ممزوجة بالذهول لاسلوبه الفظ معها التي تتعامل معه لأول مرة :-
, _ انت بتكلمني أنا كده ازاي ؟ وبعدين أخوك اهو نزل الشغل يعني بقي كويس الدور والباقي عليا اللي مسألش فيا وهو عارف اني ماشية تاني ده حتي مفكرش يسأل أنا جاية ليه ولا حتي حسبها جِمِيلة عليه
, _ رمقها يحيي شزراً ثم صاح مندفعاً بها :-
, _ هو مشي عشان الكلام اللي مش في وقته خالص انتي مش شيفاه ماشي عامل ازاي وبعدين جِميل ايه اللي انتي بتتكلمي عنه ده حقه أنه يتجوز أربعة علي فكرة يعني اللي عمله ده لا حرام ولا غلط ومش من حقه ياخد رأيك كمان وانتي لو مش قابلة الوضع هو ملوش دعوة انتي حرة تقبلي أو لأ إنما أنا مش هسمح أن أخويا يتعب بسبب واحدة فيكم
, _ أنهي يحيي حديثه ثم دلف للخارج بخطي سريعة مندفعة ثم طرق الباب بعنف هو الآخر وأسرع خلف ريان لكي لا يتركه وحده ، بينما ظنت دينا انه يقصدها هي وتلك الفتاة لا تعلم أنه يقصد تلك العقربة رنا ،
, _ تنهدت بضيق واقتربت من عنود التي تراجعت عدة خطوات للخلف وصاحت بها :-
, _ انتي مبسوطة وانتي خاربة بيتي كده ؟ أكيد يعني مش هيهمك حاجة واحدة خطافة رجالة زيك هيفرق معاها بيت يتخرب ولا بنت تتحرم من ابوها ولا زوجة تطلق من جوزها ، منك لله مش مسمحاكي ويارب زي ما اتجوزك عليا يتجوز عليكي عشان تعرفي القهرة اللي علي حق
, _ وضعت عنود كلتي يديها علي فمها بصدمة لحديثها اللاذع معها ناهيك عن دعواتها التي ليس لها صحة من الأساس لتدعوها ، حاولت كتم بكائها لكنها فشلت فـ هرولت مسرعة الي الداخل وارتمت علي الفراش بإهمال ودعت العنان لدموعها في الإنطلاق واجهشت باكية بمرارة مؤلمة ،
, _ بينما أمسكت دينا بيد صغيرتها وغادرت المكان سريعاً ،
, _ وقفت رنا في منتصف الردهة ورمقتها ببغض وحقد ، هي الأحق أن تعيش فيها وليست تلك الفتاة هي من لها أحقية الزواج من ريان وليست هي ، هي من أحبته بصدق وعلي أتم الاستعداد لـ تلبية مطالبه كرجل وكزوج وكحبيب ،
, _ تنهدت بحرارة ثم غادرت قبل أن تنهار بين يدي الفتاة التي سرقت وبكل سهولة من خططت لأعوام في الإقتراب منه
, ١٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ تقابلتا دينا وهاجر في مدخل البناية ، توقفت كليهما وبعد نظرات طالت لدقائق أردفت دينا قائلة بحدة :-
, _ كويس إنك جيتي عشان تشوفي الطفلة اللي اخوكي عاملها مراته
, _ اتسعت مقلتي هاجر بصدمة لقد أكدت دينا ما أخبرها به زوجها ، فلقد كذبت أذنيها وجاءت لتتأكد من صحة الخبر وها هي قد أكدته لها ، لم تعلم ما عليها فعله في مثل هذا النوع من المواقف ، هل لها أن تواسيها ما علي فعله أخيها أم تقف بجانب أخيها ، لا تدري ما عليها فعله حقا في تلك اللحظة
, _ تنهدت بحرج وأردفت بتلعثم :-
, _ طيب اهدي علي الأقل انتي عارفة ريان ، أكيد مش هيعمل كده غير بسبب وسبب كبير جدا ده ريان روحه فيكم هو أنا اللي هقولك برده يا دينا !
, _ قهقهت دينا بسخرية ثم أردفت بتهكم :-
, _ آه اخوكي اللي كان بايت معاها طول الليل واول لما شافني سابني ومشي ، اه فعلا روحو فينا سلام يا هاجر
, _ غادرت دينا أسفل أنظار هاجر المُسلطة عليها وما أن اختفي طيفها توجهت إلي الداخل وصعدت إلي الاعلي لتعلم حقيقة الأمر
, _ استقبلتها رنا بفتور شديد وقالت بحفاوة متصنعة :-
, _ نورتي يا هاجر
, _ ابتسمت هاجر بتهكم واجابتها بنبرة سريعة :-
, تسلمي ، بابا موجود ؟
, _ رفعت رنا بصرها للاعلي وهتفت مستاءة :-
, _ هو بيخرج من هنا أصلا ، قاعد في أوضته
, _ رمقتها هاجر بنظرات تحمل اللوم علي جرأتها في التقليل من شأن والدها ثم توجهت نحو غرفته سريعاً ، طرقت الباب وولجت الي الداخل عندما سمح لها ، اقتربت منه وقبلته من وجنتيه ثم جلست بالجهة المقابلة له علي الفراش وترددت في الحديث لكنه أسرع هو متسائلاً :-
, _ عايزة تقولي ايه يا هاجر ؟
, _ تنهدت هاجر بضيق ثم بدأت حديثها مباشرةً :-
, _ هو ريان ليه يعمل كده يا بابا الموضوع مكنش مستاهل أنه يتجوز علي دينا ، كان ممكن يساعد البنت دي وخلاص بس كده حياته باظت خالص و**** أعلم هتتصلح ولا لأ ، هو أكيد حر في تصرفاته بس دينا طيبة ومتستاهلش أنه يتجوز عليها دي كفاية أن كل حاجة علي راسها ومش بتتكلم واحدة غيرها مكنتش رضت بكده ده كفاية معاملة رنا ليها ولسه مستحملة ومش بتشتكي
, _شهيق وزفير فعل ماهر وهتف بنبرة متريثة :-
, _ ربك بيسبب الأسباب يا هاجر يا بنتي يعني دي حكمته ، حكمته أن اخوكي يتعصب في الوقت ده ومفيش حاجة تيجي علي باله غير أنه يتجوزها !
, _ رمقت هاجر والدها بذهول وأردفت بعدم تصديق :-
, _ يعني انت يا بابا موافق علي اللي عمله ده ؟
, _ أجابها ماهر بهدوء :-
, _ أنا مين يا بنتي عشان اوافق ولا موافقش ؟
, _ تنهدت هاجر بحرارة ثم تابعت حديثها مضيفة بعدم اقتناع :-
, _انت أبوه يعني المفروض كنت توقف الجوازة دي قبل ما تحصل وتخرب عليه
, _ أبتسم ماهر لسذاجتها المفرطة وأردف موضحاً :-
, _ ريان مش صغير يا هاجر ريان كبر قبل أوانه وبقا رجل يعتمد عليه وقرارته طلاما لحياته سواء صح او غلط فهي لنفسه هو موافق يتحمل نتيجتها زي ما اتحمل مسئوليه وعبئ كبير فوق كتافه ومحدش ساعده ولا حس بيه ، مينفعش أنا أجي بعد كل ده وأمنعه عن قرار اخده مش هتكون لكلمتي معني ، وبعدين مينفعش أصغره قدام كل اللي واقف كأنه عيل صغير بياخد أوامر من أبوه ، محدش عارف الخير فين يا هاجر يمكن الخير فيها يا بنتي وأحنا مش عارفين !
, _ اتسعت مقلتي هاجر بصدمة جلية انعكست علي تعابير وجهها لحديث والدها الذي لم يروق لها بالمرة ونهضت ثم قالت مندفعة :-
, _ الخير فيها ازاي يا بابا أنا مش قادرة أصدق كلامك بصراحة
, _ أتسعت ابتسامة ماهر وأردف بتريث :-
, _ هو اخوكي مبسوط في حياته ؟
, _ قطبت هاجر جبينها وتسائلت بغرابة :-
, _ ايه السؤال الغريب ده بس يعني مش هيكون مبسوط ليه عنده بيت وعيلة ومش ناقصه حاجة وهو عمره ما اشتكي ولا حد حس بعكس كده
, _ تنهد ماهر بضيق عارم وقال بحزن :-
, _ يبقي متعرفيش اخوكي يا هاجر ، انتوا اخدين بالظاهر بس شايفينه مستقر مادياً وعنده زوجة وبنت هيحتاج ايه تاني بس اخوكي محتاج وناقصه كتير اوي اخوكي عكس ما انتوا فاكرين!
, _ عادت هاجر لجلستها وقالت متسائلة بفضول :-
, _ ناقصه ايه ؟
, _ واصل ماهر حديثه مضيفاً بعدما أخذ زفيراً وقال :-
, _ ناقصه حنية يمكن هو نفسه مش شايف أنه محتاج لحاجة بس انا عارف ومتأكد
, _ لم تقتنع أيضا بحديث والدها وجادلته قائلة :-
, _ عارف منين يا بابا وانت بنفسك بتقول أنه هو مش شايف أنه ناقصه حاجة
, _ ربت ماهر علي يديها الموضوعه علي الفراش وأجابها برزانة :-
, _ نبرة صوتك وانتي بتتكلمي بيبقي باين فيها الراحة والرضا وأنك مبسوطة حتي اخوكي هاني رغم ان مراته مطلعة عينه بس نبرته ديما فيها امل وحيوية عكس خالص ريان نبرته جامدة وأسلوبه خشن وشديد أنا كنت فاكر أنه من ضغط الشغل والمسؤولية عليه بس اكتشفت اني غلط وانه السبب الأساسي أنه مش مرتاح في بيته مش شرط عشان مراته كويسة المفروض عليه أنه يكون مبسوط ، أنا علي طول بسمع هاني مع مراته وهو بيدلع عليها وبسمعك وانتي بتضحكي مع علي جوزك واسلوبكم مع بعض سهل ولين ومفيش فيه تكلف خالص ، أنا عمري ما سمعت ريان بيتكلم مع دينا بسهولة ولا حتي بيضحك علي حاجة معاها ديماً جامد وبيتكلم بأسلوب ممل وده بيأكد أن ده روتينهم وحياتهم حتي مع بعض ، أنا فاكر لما كنت اتخانق مع امك **** يرحمها كان يومي بيتقفل وكل حاجة بتكون تقيلة عليا لحد ما نتصافي ونرجع كويسين مع بعض كانت كل حاجة بتمشي بسهولة ، البيت أساس الحياة لو مكنش فيه دلع وحنية بعيد عن المسؤولية بينتج عنه شخص جامد مش شايف احتياجه ولا شايف حقوق نفسه أصلا عشان كده بقولك اخوكي ناقصه كتير ويمكن يكون الخير فيها **** أعلم لعل **** يحدث بعد ذلك أمرا
, _ شعرت هاجر لوهلة بالندم حيال أخيها بسبب سوء ظنها به ، أيعقل أنه يعاني في صمت لدرجة أنه لا يشعر به ، تنهدت بضيق ثم قالت بقلة حيلة :-
, _ طيب أنا في أيدي ايه اعمله يا بابا عشان اساعده ، ريان غالي عندي ومش حابة أشوف حياته بتتخرب وانا واقفة اتفرج كده
, _ إلتوي ثغر ماهر بسعادة وقال مرحباً :-
, _ متعمليش حاجة ادعيله مش أكتر ، بس انا طالب منك طلب اطلعي اطمني علي الغلبانة اللي فوق دي يحيي قالي أنها نزفت كتير من راسها و**** أعلم حالتها ايه وهي لوحدها
, _ لم يروق لها طلب والدها لكن ليس بيدها ما تفعله سوي تلبيته ، نهضت ثم قالت علي مضضٍ :-
, _ حاضر رغم أنه صعب عليا بس هحاول ..
, _ اتسعي ثغره بإبتسامة عريضة وأردف بإمتنان :-
, _ **** يبارك فيكي يا بنتي
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
١٢


توقفت أمام الباب بتردد كبير ، تراجعت للمرة الرابعة علي التوالي قبل ذهابها ، أردات أن ترضي فضولها وتقابل زوجة أخيها التي لا تقتنع بتلك الزيجة من الأساس لكن عليها الاطمئنان عليها فحسب كما طلب منها والدها ،
, _ تنهدت ثم طرقت الباب برفق ، انتظرت بضعة دقائق ليأتيها صوت أنثوي رقيق :-
, _ مين ؟
, _ ابتسمت عند سماعها نبرة صوتها التي تؤكد صغر عمرها ثم أجابتها قائلة :-
, _ أنا هاجر أخت ريان
, _ فتحت عنود الباب بعد أن تأكدت من هويتها واخفضت بصرها بحرج بائن ناهيك عن تورد وجنتيها وارتباكها الزائد ، أبتسمت هاجر لحالتها ثم اقتربت منها وأردفت مازحة :-
, _ ينفع ادخل ؟
, _ رفعت عنود بندقيتاها عليها بدهشة وهتفت بعدم تصديق :-
, _ اه طبعاً اتفضلي ده بيتكم أنا مجرد ضيفة
, _ عقدت هاجر ما بين حاجبيها بتعجب ثم تسائلت بفضول :-
, _ ضيفة ازاي يعني ده بيتك انتي وريان
, _ تنهدت عنود بضيق وأجابتها بآسي :-
, _ ممكن تتفضلي أنا محتاجة أتكلم مع حد ضروري أنا حاولت أتكلم مع أستاذ ريان بس معرفتش مراته جت وقتها وهو مشي ومش عارفة أتكلم مع حد !
, _ تعالت ضحكات هاجر علي تلقيبها لـ ريان بأستاذ وأردفت من بين ضحكاتها :-
, _ انتي بتقولي لجوزك يا أستاذ ؟
, _ شعرت عنود بالخجل الشديد وهربت بنظرها بعيداً ، استشعرت هاجر خجلها وتوقفت عن الضحك وقالت بندم :-
, _ أنا آسفة ، انتي كنتي عايزة تتكلمي معايا في ايه ؟
, _ رفعت عنود بندقيتاها عليها وكأنها سبيلها الوحيد ، أمسكت بيدها كـ طفلة صغيرة ثم اقتربت من الأريكة وجلست عليها وبدأت حديثها قائلة :-
, _ اللي حصل ده غصب عني يمكن كنت أقدر أوقفه لو عاندت مع أستاذ ريان شوية بس انا وقتها مكنتش مستوعبة اللي بيحصل انا مكنتش طلعت أصلا من صدمة اهلي واللي عملوه فيا وفجاءة لقيت واحد بيزعق لي جامد ، أنا تقريبا وافقت خوفاً منه بس انا بوظت الدنيا حياته باظت بسببي وانا مش عايزة كده انا عمري ما أذيت حد بس مراته فاهمة اني السبب في اللي حصل وهي معاها حق طبعا بس انا عايزة أصلح اللي حصل ده ،
, _ لم تدري هاجر من أين جاءت تلك الراحة التي شعرت بها اتجاهها ، ابتسمت ثم قالت متسائلة :-
, _ ازاي ؟
, _ أخذت عنود زفيراً عميقاً وهتفت بحماس :-
, _ أنا عايزاكي تساعديني أوصل لـ أستاذ ريان وانا هطلب منه الطلاق وهسافر علي أول طيارة لأمريكا وهو يرجع لحياته الطبيعية
, _ علي الرغم من تماسك هاجر عن الضحك لكلمة أستاذ التي تتفوه بها بإستمرار إلا أنها أعجبت بعفويتها وعدم قبولها لتخريب حياة ريان ، تنهدت هاجر ببعض الراحة وأردفت بحب :-
, _ طيب أنا هكلم يحيي أعرف منه ريان فين ونروح له
, _ أبتسمت لها عنود ثم نهضت مسرعة ، تعجبت هاجر من هرولتها وسألتها بغرابة :-
, _ راحة فين ؟
, _ اجابتها عنود بعفوية وهي تهرول للداخل :-
, _ هجهز علي لما تكوني كلمتي اخوكي
, _ أماءت هاجر رأسها بتفهم بينما أوصدت عنود الباب وشرعت في ارتداء ثيابها بأقصي سرعة لديها فقط تريد الحرية ، جذبت هاجر هاتفها من حقيبتها وهاتفت يحيي ، انتظرت قليلا ثم استمعت لصوته فأسرعت بسؤالها :-
, _ يحيي ريان فين ؟
, _ تعجب يحيي من سؤالها واجابها قائلا :-
, _ في المعرض ، بتسألي ليه ؟
, _ أجابته هاجر وهي تُعدل من ثيابها :-
, _ هنيجي أنا و.. ، هي مراته الجديدة دي اسمها ايه ؟
, _ عنود
, _ أردف بها يحيي مجيباً علي سؤال شقيقته ثم واصلت هاجر حديثها موضحة :-
, _ هي عايزة تتكلم معاه وطلبت مني أوصلها ليه !
, _ تنهد يحيي بضجر وهتف بتوسل :-
, _ بلاش الوقتي يا هاجر ريان علي آخره ومش قادر يتكلم خليها وقت تاني يكون فايق
, _ أصرت هاجر موضحة سبب زيارتهم إليه :-
, _ ريان تعبان بسبب اللخبطة اللى حصلت له وهي هتحل اللخبطة دي عشان كده انا عايزاها تتكلم معاه ، عموما متعرفوش أننا جاين يلا سلام
, _ وما إن أنهت مكالماتها حتي دلفت عنود الي الخارج بزييها الأسود الفضفاض ، تعجبت هاجر من مظهرها الغير ملائم لعمرها ، اقتربت منها عنود علي حياء شديد وسألتها بفضول :-
, _ عرفتي مكانه ؟
, _ أماءت هاجر رأسها بتأكيد فهما كليهما بمغادرة المنزل قاصدين معرض ريان ،
, _ مرت دقائق علي سيرهم حتي وصلتَ إلي وجهتهم ، استقبلهم يحيي بحفاوة ثم قالت عنود بخجل :-
, _ ينفع أتكلم معاه لوحدي
, _ أماءت لها هاجر بالإيجاب وهتفت مرحبة :-
, _ اه طبعاً اتفضلي أنا هنا لو احتجتيني
, _ ابتسمت عنود ابتسامة لم تتعدي شفاها ثم توجهت نحو المكتب وطرقت علي بابه برفق ، ولجت الي الداخل وتفاجئت به مستلقي بجسده علي الأريكة الجلدية واضع ذراعيه أعلي رأسه
, _ ابتلعت ريقها واقتربت منه بخُطي متمهلة حتي وصلت إليه ، حمحمت لتعلن عن وصولها لكنه لم يعبأ لها
, _ شعرت بالغرابة من أمره أهو نائم ام لا يريد التحدث معها ، لا تعلم حقيقته بسبب وضعه لذراعيه أعلي وجهه ، اضطرت للاقتراب أكثر منه حتي دنت بجسدها منه فرأته موصد العينين ، كيف ستتحدث معه بتلك الحالة ؟
, _ تفاجئت به يفتح عينيه فتسعت مقلتيها بصدمة ممزوجة بالخجل ، تراجعت للخلف سريعاً وابتلعت ريقها مراراً عندما شعرت بجفاف حلقها
, _ عدل ريان من وضعية جسده مع المحافظة علي وضعية جلوسه الصحيحة لكي لا يشعر بألم رأسه مرة أخري ، هز رأسه وردد متسائلا :-
, _ عايزة ايه ؟
, _ استنشقت أكبر قدر من الأكسجين لكي تستطيع التحدث معه دون تلعثم أو خجل ، جلست علي الأريكة المقابلة له وبدأت حديثها قائلة بتلعثم :-
, _ أنا عارفة أن حضرتك مرهق ومش قادر تتناقش معايا بس انا عندي الحل اللي هيرجع حياتك لطبيعتها
, _ شعر ريان بالألم يعود إليه بسبب نبرة صوتها المرتفعة التي تسللت إلي شحمة أذنيه وتسببت في ألم رأسه مرة أخري بعد أن نجح في إبعاده عنه ببعض الهدوء الذي حظي به لفترة قصيرة ،
, _ نهض وأمسك برأسه وأوصد عينيه حتي لا يتسرب إليه الضوء ويزيده ألماً ، نهضت عنود هي الأخري وهي تراقب تصرفاته ولم تدري ما عليها فعله ، سار ريان بثقل يريد إغلاق الإضاءة ربما يشعر ببعض الراحة ، لكن ألم رأسه شديد مع كل خطوة يخطوها يزداد ويؤلمه ، توقف وهو لا يدري من أين وجهته الصحيحة ، وقف بمنتصف المكتب لا يستطيع الحركة ، اقتربت منه عنود وهتفت متسائلة باهتمام :-
, _ حضرتك محتاج ايه وانا أعمله ؟
, _ رفع ريان يده إلي الاعلي وأشار إلي المصباح قائلا بنبرة خافتة :-
, _ النور ، اطفيه
, _ تفهمت عنود ما يريده من حركة شفاه ثم بحثت بعينيها عن مصدر الإضاءة وما إن رأته حتي ركضت مسرعة نحوه وأغلقت الإضاءة ، لم يكن هناك سوي الإضاءة الخافتة التي تتسلل من خلف النافذة ، عادت بخُطاها إليه ووقفت أمامه وأردفت بقلق علي حالته :-
, _ اعمل لحضرتك حاجة تانية ؟
, _ كملي ، كنتي بتقولي ايه ؟
, _ أردف بهم ريان علي الرغم من تعبه الذي يزداد لكنه يحاول مقاومته ، تنهدت بعنود بضيق فهي تشعر بأنه ليس بالوقت المناسب علي الإطلاق للتحدث في شئ لكن إصراره من أجبرها علي مواصلة حديثها وتابعت ما تريد التحدث فيه :-
, _ ياريت حضرتك تطلقني وانا هسافر علي طول وانت ترجع لمراتك وبنتك و..
, _ لم تكمل عنود حديثها عندما أمسك ريان بذراعها كأنه يستند عليها ، رفعت نظرها عليه وتفاجئت بتشنج تعابير وجهه ، تأكدت حينذاك أنه يتكأ عليها لعدم قدرته علي الوقوف بمفرده ، تفاجئت به يقترب منها أكثر وقد أمسك بكلتي ذراعيها بقوة لم تتحملها هي واطلقت أنة موجوعة من شدتها لكنها تحملت لكي تساعده فقط وهمست قائلة :-
, _ ثواني هنادي علي حد يجي يـ٣ نقطة
, _ توقفت من تلقاء نفسها عندما خارت قواه وارتمي بجسده عليها متمتماً بنبرة خافتة للغاية :-
, _ مش قادر
, _ ضغطت عنود علي شفتها السُفلي بإرتباك خجل لهذا الوضع، أجبرت يدها علي محاوطة خصره لكي لا يقع أرضاً ، خفق قلبها بشدة كادت نبضاته تخترق ثيابها من شدة تدفق الدم بها
, _ أرادت التحدث لكن الآمر أشبه بالمستحيل بسبب قوة جسده علي صدرها خصيصاً حنجرتها التي يدفن رأسه بها ، لكنها حاولت قائلة بتقطع :-
, _ م ممكن ت تمشي م معايا ل لأن ا أنا م مش هقدر ا أمشي لـ وحدي
, _ تنفست الصعداء عندما أنهت جملتها بسلام ثم حاولت السير الي أقرب أريكة ببعض المساعدة منه ، ساعدته في الاستلقاء علي الأريكة وانحنت معه لكي تضع رأسه برفق علي الوسادة الجلدية ،
, فتح عينيه ليتقابلا في نظرة طالت لدقائق شعر كليهما بمشاعر جديدة عصفت بخلاياهم ، مشاعر لم يتذوقها أحد منهم من قبل ، رجفة راودت جسدهما الملاصق لبعض ، شعر كليهما بنبضاتهم التي بالتأكيد تأثير كلاً منهما علي الاخر ، حاولت عنود الابتعاد لكنه أبيَ وقال بنبرة هادئة :-
, _ كملي ، كنتي بتقولي ايه ؟
, _ لم تستطع التحدث فقط وتيرة أنفاسه الحارة أربكتها كثيراً ، نظراته الثاقبة التي اخترقتها علي الرغم من كونه مُتعب لكنه لم يفشل قط في إرباكها ، بربك ماذا تفعل بي يا رجُل !
, _ ابتعدت مسرعة عندما شعرت بالدماء تدفق في عروقها بغزارة قد تسببت في ارتفاع حرارتها ، أسرعت إلي الخارج بخطي مهرولة وهي ترتجف بشدة ، أنتبه يحيي وهاجر لخطواتها غير المستقيمة وأسرعا كليهما نحوها في قلق قد تسلل الي قلوبهم حيث تسائلت هاجر بتوجس :-
, _ مالك بتجري كده ليه ؟
, _ أجابتها عنود بصعوبة من بين أنفاسها المتلاحقة :-
, _ Nothing مفيش
, _ أمسكت هاجر بيديها عندما رأتها ترتجف وأردفت بقلق :-
, _ انتي بتترعشي ليه كده حصل حاجة ريان زعلك ؟
, _ ازدادت رجفة يديها بصورة اسوء عن ذي قبل وتمتمت بتلعثم :-
, _ أنا .. أنا عايزة أمشي
, _ تبادلا يحيي وهاجر النظرات المتعجبة لحالتها المبهمة بالنسبة إليهم ، لم تنتظر عنود لأكثر من ذلك ودلفت للخارج وهي تحاول جاهدة بألا تفكر فيما حدث منذ قليل
, _ تبعتها هاجر بخُطي سريعة لكي تلحق بها ، أجبرتها هاجر علي التوقف عند مدخل البناية العائدة إلي شقيقها ثم هتفت متسائلة من بين أنفاسها التي تحاول ضبطهم :-
, _ اتكلمتي مع ريان ؟
, _ ها ..؟
, _ قالتها بنبرة تائهة ، عاد عقلها عند مشهد تقربهم وشعرت برجفة قوية في خلاياها بينما أعادت هاجر سؤالها للمرة الثانية :-
, _ قولتيلوا اللي انتي قولتهولي لما كنا فوق ؟
, _ اجابتها عنود بإختصار وهي تفرك أصابعها بتوتر :-
, _ اه
, _ تنهدت هاجر بضيق لذاك الحديث المتقطع وهتفت بحنق :-
, _ ما تقولي ايه اللي حصل بالظبط بدل ما انا بشد الكلام منك كده ؟
, _ ابتعلت عنود ريقها وشعرت بالحرارة المنبعثة من وجهها ثم أردفت وهي تركض للاعلي :-
, _ أنا لازم اطلع حالا نتكلم بعدين ..
, _ قطبت هاجر جبينها كما ضرب كفوفها بغرابة من أمرها وتمتمت بتعجب :-
, _ البت دي اكيد مجنونة ؟
, _ لم تستطيع تمالك ضحكاتها علي تصرفاتها الطفولية ثم غادرت سريعاً لكي تعود الي رضيعها التي تركته بأمانة إحدي جارتها ،
, ١٦ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ ولج يحيي داخل مكتب أخيه ما ان اختفي طيفهن من أمامه ، تفاجئ بأنينه الموجوع بنبرة خافتة للغاية ، أسرع نحوه وجلس القرفصاء ليكون في نفس مستواه وسأله بقلق :-
, _ مالك يا ريان انت تعبت تاني ؟
, _ ضغط ريان علي رأسه بقوة وقال بنبرة تحمل من التعب قدراً :-
, _ مش قادر تعبان جدا راسي مش بتخف وبتزيد أكتر
, _ تنهد يحيي بحزن علي حالته المثيرة للشفقة ثم جذب ورقة من جيب بنطاله وهتف :-
, _ الدكتور كاتبلك علي نوع برشام عشان لو تعبت تاني ، هروح أجيبه بسرعة واجي
, _ أماء ريان رأسه بالإيجاب ثم غادر يحيي مسرعاً لكي يأتي بالأدوية لشقيقه ،
, _ بينما وقفت هي أمام الباب تتأفف بضيق لأنها لم تملك مفتاح لذاك الباب بعد ، ماذا ستفعل الآن بالتأكيد لن تعود كل تلك المسافة من أجل مفتاح ، تذكرت أن بحوزتها رقم هاتف ريان ، جذبت هاتفها وترددت كثيراً قبل أن تهاتفه فما حدث بينهم وتلك الإضطرابات لم تختفي بعد فكيف ستُحادثه بسلاسة وتُطالبه بشئ ،
, _ ربما عليها الجلوس علي الدرج لحين عودته ، وقبل أن تفر تلك الفكرة من عقلها كانت جالسة وأسندت رأسها علي الجدار خلفها ، ومن ثم أوصدت عينيها ، تفاجئت به يغزو ظُلمة خيالها بإبتسامته التي تاهت في جاذبيتها ناهيك عن رجولته الطاغية الذي انقذتها من بين يدي عمها وزوجته الي وقوعه بين ذراعيها حينما خارت قواه
, _ شعرت بتلك الحرارة المنبعثة من وجهها والرجفة المفاجئة التي سرت سريعاً في جسدها المعانقة لنبضات قلبها التي ازدادت بصورة أشد قسوة فقط بسببه ' هو '..
, _ فتحت جفنيها علي صوت أحدهم وهو يقول ساخراً :-
, _ هو اكتفي منك ورماكي ؟
, _ صُعقت حينما تعرفت علي هويته ، نهضت بذعر ولم تشعر بقدميها التي هرولت للاسفل خشية أن يفعل بها كما فعل أمس ، اتجهت الي حيث يقطن ريان فهو ملجأها الوحيد في تلك الأثناء ،
, _ وقفت أمام باب مكتبه واغمضت عينيها تحاول أن تبدو طبيعية ثم طرقته بخفة وولجت إلي الداخل ، رأته كما تركته منذ دقائق بنفس وضعه يطلق آنات موجوعة ، شعرت بوخزة في صدرها لحالته التي تسوء عن ذي قبل ، اقتربت منه علي استيحاء شديد وانحنت بجسدها وأردفت بقلق :-
, _ حضرتك لسه تعبان ؟
, _ أزاح ريان يديه من علي وجهه وفتح عيناه بثقل وأردف متسائلاً بإقتضاب :-
, _ رجعتي ليه ؟
, _ اجابته عنود بتلقائية عابثة :-
, _ أصل أنا خفت منه وجي٣ نقطة
, _ توقفت من تلقاء نفسها عندما أدركت الخطأ الذي وقعت في ثغره ، وأغمضت عينيها بضيق تلعن غباؤها بينما لم يعي ريان ما قالته وتسائل بحيرة :-
, _ خوفتي من مين ؟
, _ أماءت رأسها بنفي وأردفت مبررة :-
, _ ها ، لا مفيش كنت جاية أطمن عليك
, _ تفاجئ ريان بردها وضيق عينيه عليها وقد تغلغل شعور غريب الي اوتاره لا يدري حقيقته لكنه حتماً ليس مزعوج مما تفوهت به ، بينما قطبت عنود جبينها بضجر بائن فمن المفترض أن تصحح جملتها لكنها زادت الطين بلة ،
, _ ظهرت شبح إبتسامة علي ثغر ريان وهو يشاهد ارتباكها ثم اعتدل في جلسته وأشار إليها بالجلوس ، تنهد بألم لا يريد مغادرة رأسه وأردف بنبرة مُتعب :-
, _ ها ، كنتي جاية ليه ؟
, _ جلست علي أريكة أخري مقابله له وهتفت وهي تفرك أصابعها بتوتر :-
, _ أنا حاسة بالذنب جدا أنا بوظت لحضرتك حياتك وانا مش هسمح بكده أنا عايزة أرجع بلدي وده مش هينفع لان انت ج٣ نقطة
, _ توقفت عن الحديث فليست لديها القدرة الكافية لتعترف به كزوج لها ، توردت وجنتيها بالحُمرة خجلاً منه وهربت بأنظارها بعيد عنه ،
, _ بينما اتسع ثغر ريان بإبتسامة لخجلها المُفرط الذي يواجهه دائماً ود هو لو بإستطاعته إبقائها هكذا حتي لا يختفي ذاك الشعور الغريب الذي يراوده في حالتها هذه ..
, _ حمحم ثم قال محاولا إثارة جدلها :-
, _ مش هينفع لأن أنا ايه ، كملي
, _ رفعت بندقيتاها عليه بعدم تصديق لابد وأن يفهم بقية الحديث بمفرده لما عليها أن تواصل هي دون عناء منه علي فهمها ،
, _ أخرجت تنهيدة حارة تحمل بين طياتها الخجل والتذمر ثم أردفت أسفل ضغط منه :-
, _ إحنا يعني ، .. متجوزين ومينفعش أسافر وانا علي زمتك ، ياريت يعني لو حضرتك تنفصل عني عشان ترجع لحياتك تاني
, _ كاد ريان أن يجيبها لكن دخول هاني المفاجئ أجبره علي الصمت ، قفزت عنود من مكانها بذعر ولم تشعر بنفسها سوي وهي جالسه بجوار ريان ، لا يهم أين جلست لكن الأهم أنها ابتعدت عن ذاك البغيض ،
, _ ابتعادها عنه لم تكتفي به غريزة خوفها فلقد دق الخوف ابواب قلبها ولا تدري إلي أين تفر منه ، حاولت أن تهدئ من روعها قليلا فالحمد لله علي وجود ريان بجانبها حتماً سيحميها منه أن حاول تكرار فعلته ,
, _ اقترب هاني منهم وتعابير وجهه مشدودة للغاية وصاح بحدة بعدما وزع أنظاره بينهم :-
, _ اوعي تفكر أني هسكت علي اللي عملته ، لو انت مستقوي بالهلومة ( أملاكه ) دي فأنا استقوي بدراعي يا ابن أبويا ولو فاكر اني هكتفي بضربها
, _ نظر إلي عنود التي انكمشت في نفسها خوفاً من نظراته الثاقبة وواصل تهديده قائلا :-
, _ تبقي غلطان ضرب مراتي مش بالساهل يا معلم ريان وطلاما دخلت الحريم بينا يبقي توقع مني اي حاجة
, _ عقد ريان ما بين حاجبيه بغرابة فهو لم يعي حرف مما قاله أخيه لتوه ، ما تلك الهرائات التي أردفهم ، نهض بتعب وتسائل بعدم فهم :-
, _ حريم ايه وضرب ايه اللي بتتكلم عنهم أنا مش فاهم حاجة ..
, _ دني منه هاني وتحدث من بين أسنانه المتلاحمة وصاح به هدراً :-
, _ هي مقالتلكش اللي عملته فيها ؟ عشان كده محدش سمع صوتك عموماً ده جزء صغير اوي من اللي يدوس لي علي طرف وخصوصاً لو كانت مراتي والبادي أظلم
, _ تركه هاني وغادر مكتبه بينما استدار ريان بجسده الي عنود التي تتابع خطوات هاني بخوف مرسوم علي تقاسم وجهها ثم هتف بصوت جهوري :-
, _ ايه اللي هو بيقوله ده هو عمل ايه ؟
, _ فزعت عنود من نبرته المرتفعة التي تفاجئت بها وانتفضت من مكانها بذعر وقالت بتلعثم :-
, _ ها !
, _ اقترب منها ريان حتي التصق بها وقال بنبرة هادئة لكنه لم يفشل في إخفاء حدتها :-
, _ قصده ايه بكلامه ده ؟
, _ بدأ صدرها في الصعود والهبوط خشية من نظراته الثاقبة ونبرته الحادة معها اللي تختبرها لأول مرة ، أمسك ريان ذراعها بقسوة ومال برأسه عليها وأردف بغضب يحاول كبحه :-
, _ انطقي وقولي ايه اللي حصل ؟
, _ ارتجف جسدها بين يديه ولم تستطيع تمالك دموعها لأكثر من ذلك واطلقت العنان إليهم في النزول بينما أوصد ريان عينيه بضيق وهتف أمراً :-
, _ متعيطيش !
, _ أجبرت عنود دموعها علي التوقف ، تفاجئ ريان بسكونها السريع ، فتح عينيه بغرابة من أمرها ألهذا الحد مطيعة علي الرغم من خوفها منه ، لم يري بحياته شخص لين يُشبهبها ، تنهد ثم قال بنبرة أكثر هدوءاً :-
, _ متخافيش ، بس عرفيني ايه اللي حصل هو عمل معاكي ح٣ نقطة
, _ توقف ريان من تلقاء نفسه عندما تذكر جرح رأسها ، اتسعت مقلتيه بصدمة عندما جمع شتات الأحداث وتمني لو أنها تُكذب حدسه وتخبره بعكس ظنونه ، تنهد ثم سألها بتوجس :-
, _ هو سبب اللي حصلك ده ؟
, _ أماءت له عنود بالايجاب لتأكد حدسه ، بينما اتسعت حدقتيه علي آخرهم بصدمة جلية ، فلقد فاق كل التوقعات بفعلته تلك ، تشنجت عروق عنقه التي برزت بشدة وهو يسحق أسنانه بغضب شديد ثم جذبها من ذراعها ليجبرها علي السير خلفه ودلف للخارج بينما ذُهلت هي مما يفعله لوهلة شعرت بالندم لإخباره حقيقة الأمر ، بربك ماذا ستفعل انت أيها الريان ؟
, _ ترجلت عنود من السيارة عندما وصلا إلي البناية خاصتهم ، تفاجئ كليهما بـ يحيي حيث قال من بين أنفاسه المتلاحقة :-
, _ روحت لك علي المعرض وقالولي أنك لسه ماشي ، العلاج اهو ها..
, _ قاطعه ريان قائلا بحدة :-
, _ مش وقته يا يحيي
, _ أنهي جملته ثم أمسك بذراعها وأقسم ألا يدع الأمر يمر مرار الكرام دون أن يضع بصمته التي سيتذكرونه بها
, _ طرق الباب بعنف إلي أن فتحت له رنا وابتسمت بخبث حينما رأته ولكن سرعان ما تشنجت تقاسيمها ومالت الي الحدة عندما وقعت عنود أسفل أنظارها
, _ تأففت بضجر ثم أجبرها ريان علي التنحي جانباً ، ولج إلي الداخل برفقة عنود التي تركض خلفه بخطي مهرولة لكي تلحق بخطواته السريعة
, _ هاااني
, _ دوي صوته الجهوري في أرجاء المنزل ، دلف والده اثر صوته بينما جاء يحيي هو الآخر وتسائل بتوجس :-
, _ في ايه يا ريان ؟
, _ في ايه يا ريان يا ابني
, _ تسائل ماهر بقلق بالغ لنبرته الغاضبة التي يعلمها حق المعرفة ، لم يعبأ لهم وكرر منادته إلي أن ظهر أمامه بملامح جامدة حيث اقترب منه ريان ولكمه بكل ما أوتي من قوة وصاح به هادراً :-
, _ مراتي متضربش ..
, _ لكمه هاني هو الآخر بكل قوته وهتف بغضب عارم :-
, _ انما المعلم ريان يضرب مراتي عادي صح ؟
, _ صعق ماهر من حديثهم الذي وقع علي مسامعه ناهيك عن ضربهم لبعض ، أيعقل ما قالاه ؟ أحقاً ما وقع علي مسامعه ؟ ألهذا الحد فشلت تربيته فيهما ليصل بهم الأمر لتلك الكراهية وعدم احترام حُرمة الآخر ، شعر بإختناق شديد في صدره وتمني لو أن يكون فقط كابوس وليس واقع
, _ بينما صدم ريان مما قاله شقيقه وأجابه بغضب :-
, _ مراتك ايه اللي ضربتها انت اتجننت وانا من أمتي كنت مديت ايدي علي اللي يخصني لما أمدها علي مراتك انت!
, _ رفع هاني حاجبيه بعدم تصديق ومرر أنظاره بينه وبين زوجته وهتف بنبرة محتقنة :-
, _ تنكر أنك مزقتهاش واتخبطت بسببك في الحيطة ؟
, _ قطب ريان جبينه ورمق رنا بنظراته الثاقبة التي فزعتها وأسرعت خُطاها لكي تولج داخل غرفتها لكن صوته الجهوري أوقفها قائلا :-
, _ طيب طلاما انتي جريئة اوي كده بتحكي نص الموضوع بس ليه ؟
, _ اتسعت مقلتي رنا خوفاً من أن يُفضح أمرها بينما قال هاني وهو يجذب وجه ريان إليه :-
, _ يعني انت بتعترف اهو أنك عملت كده
, _ قهقه ريان عالياً بسخرية لسذاجته المفرطة وأردف بحنق :-
, _ تصدق ب**** أنا هسيبك كده علي عماك عشان تبقي هي نفسها عقابك في الدنيا وفي الآخر أنا اللي هضحك عليك لما تفوق ده لو فوقت يعني
, _ أنهي ريان جملته ثم أمسك بيد عنود وعاد بنظره الي شقيقه وهتف مهدداً :-
, _ أقسم ب**** لو فكرت بس مجرد تفكير تعيد اللي عملته ده مع حد يخصني هنسي أن اخويا الكبير وهعمل اللي متتوقعش اني اقدر أعمله ،
, _ دلف الي الخارج برفقتها ثم صعد إلي الاعلي وولج داخل بيتهما ، جلس علي أقرب أريكة ثم امرها هي الأخري بالجلوس وقال بعد أن سحب نفساً عميق :-
, _ بعد كده لما يحصل حاجة اوعي تخبي عني وانا اول واحد يكون عارف اللي حصل تمام !
, _ أماءت رأسها بطاعة ولم ترفع بصرها عن الأرضية ، زفر ريان انفاسه بضيق بائن لما حدث ، بينما جمعت هي قواها ورفعت عيناها عليه وقالت بصوت هادئ :-
, _ حضرتك فكرت في اللي طلبته منك ؟
, _ رفع سودتاه عليها وهتف بإندفاع :-
, _ مالك مستعجلة علي طلاقك كده ؟
, _ ابتعلت ريقها وهي تفرك أناملها بعصبية ، لم يكن لديها إجابة صريحة ناهيك عن الوخزة التي شعرت بها عندما تفوه بطلاقهم ، تنهدت بخنقة ثم نهضت وولجت داخل الغرفة في صمت ثم توضأت وشرعت في الصلاة
, _ جلست وعقدت قدميها ونظرت للأعلي بعدما أنتهت من صلاتها وهتفت بخشوع :-
, _ أنا عمري ما سألت بيحصلي ليه كده عشان عارفة انك بدبرلي امري ، بس انا تايهة اوي يارب مش عارفة أمشي في أنهي طريق ، مش عارفة اقعد هنا وأكمل تعليمي ولا أمشي وارجع لبلد أهلي تاني واخسر سنة من عمري في أكتر حاجة حباها ونفسي اكمل فيها ، أنا آه مكنتش عايزة اتجوز ياسر بس مكنتش اتمني أخرج من الموضوع بالشكل المؤذي ده انا اتهانت اوي قدام نفسي وقدام ناس غريبة معرفش فيهم حد ، يارب أنا مش عايزة اكون سبب في تخريب حياة حد حتي لو مش ذنبي بس مش ذنبي ازاي وانا كان ممكن اقول لأ وأصمم علي رفضي بس انا سكت كنت ضعيفة اوي ورضيت بجوازي من واحد متجوز وعنده بنت ، أنا يومها طلبت منك تبين لي الخير فين وبعدها حصل اللي حص٣ نقطة
, _ توقفت عنود من تلقاء نفسها ونظرت في الفراغ الذي أمامها بصدمة جلية اعتلت ملامحها ، فغرت فاها بذهول شديد ، نهضت مهرولة وهي تعيد ما قالته لتوها وتمتمت قائلة :-
, _ لا لا أكيد الخير مش فيه ، اكيد انا فاهمة غلط !
, _ رفعت بصرها إلي الاعلي وواصلت حديثها المسترسل قائلة بعدم تصديق :-
, _ ازاي الخير في واحد متجوز أنا كده خربت حياته يبقي فين الخير ؟
, _ أوصدت عينيها عندما تشوشت أفكارها وتشابكت في بعضها لم تعد تعيي شئ ، اهو خيرها الذي طلبته من ربها أيعقل أن ضعفها أثناء زيجتها منه وعدم رفضها تدبير من **** لإتمام تلك الزيجة ؟
, _ عادت بنظرها للأعلي وأردفت :-
, _ أنا تايهة اوي يارب واتلخبطت أكتر وم٤ نقطة
, _ بتكلمي مين ؟
, _ قاطعها ريان متسائلا بتعجب بينما رمقته عنود كثيراً وكلمة واحدة تتردد بعقلها ( خير ) ، اقترب منها وأشار بيده الغليظة أمامها وهو يقول :-
, _ مش بتردي ليه ؟
, _ سحبت عنود نفساً عميق وهتفت بعفوية :-
, _ معقول انت خير ؟
, _ عقد ريان ما بين حاجبيه بغرابة مما تفوهت به وأردف متسائلا :-
, _ خير! يعني ايه مش فاهم ؟
, _ تاهت هي بلا وعي منها في ملامحه ، مالت برأسها قليلا لتكتشف معالم وجهه لأول مرة ، خصلات شعره فحمية قاتمة ، عينين حادة يتوسطها لمعة قوية ناهيك عن أهدابه الكثيفة التي تجذب من ينظر إليها ، بشرته القمحية التي تليق به ، ملامحه الرجولية الجذابة علي الرغم من علامات الإرهاق البادية عليه إلا أنها لم تخفي جماله ، كما لديه تفاحة آدم بمنتصف عنقه ،
, أبتسمت بلا وعي منها وهي تكتشف المزيد منه ,
, _ تعجب ريان من أمرها ماذا تفعل تلك البلهاء لما ترمقه وكأنها تائهة فيه ، لكن نظراتها تسبب هيجان قلبه الذي يزداد عنفواناً وحيوية ، يشعر وكأنه عاري بسبب نظراتها ويريد الفرار من أمامها ،
, _ ماذا تفعلي بربك أيتها الصغيرة ؟ لما تنظرين الي هكذا ؟ لأول مرة يشعر بضعفه أمام بندقيتاها ، أين قوته أين حدته ؟ لقد فرت هاربة بسببها ، لا لم يعد يتحمل لقد هربت أنفاسه أيضاً ..
, _ كفاية خلاص!
, _ صاح بهم ريان بإنفعال شديد ربما ترأف به قليلاً ، بينما ذعرت عنود من نبرته لكنها لم تبرح مكانها وظلت تطالعه حتي هتف بها قائلا مندفعاً :-
, _ ابعدي عنيكي دي عني !
, _ عقدت ما بين حاجبيها وتسائلت بعدم فهم :-
, _ نعم ؟
, _ سحق ريان أسنانه بغضب لتلك العنيدة التي لازالت تطالعه بعينيها ربما لم تفهم بعد حسناً سيبتعد هو ، هرول الي الخارج مسرعاً وجلس على أقرب أريكة يحاول ضبط وتيرة أنفاسه المضطربة بشدة
, _ انكمشت عنود في نفسها وهي تبتسم بمكر عندما أثرت عليه بنظراتها ، لم تكن قاصدة إثارة خجله قط فقط أرادت اكتشاف ملامحه الرجولية ، لا تدري ما الذي أصابها لتكن بتلك الوقاحة ومن اين أتت جرأتها من الأساس لتسمح لنفسها بفعل ما فعلته ؟!
, _ أدركت أن وجهها صار كالبندروة بسبب الحرارة المنبعثة منه ، خفق قلبها بشدة عندما تذكرت تقاسيم وجهه عن قرب ، ابتعلت ريقها بخجل وهزت رأسها طاردة تلك الأفكار الشيطانية ، سارت علي استحياء الي أن وصلت الي الفراش واستلقت عليه ، من الواضح لن تدعها أفكارها وشأنها فالافضل أن تشرع في قراءة القرآن لعلها تتركها لحالها
, _ ماذا يحدث لك يا رجل ؟ هون عليك فهي صغيرة وتصرفاتها المجنونة مناسبة لعمرها وعقليتها التي لم تنضج بعد ، لكن ماذا عنك ؟ رجل ناضج يتأثر بأفعالها المجنونة أليس هذا الجنون بعينه ؟
, _ تنهد ريان بضيق عندما لم يجيب علي أسئلته ونهض ليغادر المنزل ، لكنه توقف وعاد بأدراجه إليها ليخبرها بذهابه ، لكنه تفاجئ بها تجلس علي الفراش وخاشعة في قراءة كتاب لله ، كم هي فتاة غريبة ناهيك عن تصرفاتها المبهمة التي لم يستطيع فهمها الي الآن
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
نسوانجي كام أول موقع عربي يتيح لايف كام مع شراميط من أنحاء الوطن العربي
١٣


أسند رأسه علي الجدار ووقف يتابعها في صمت ، مر عشر دقائق علي وضعهم ولم يتغير شئ ، لا يدري كيف لصوتها أن يؤثر به ويشعر بالسكون يعم قلبه ، وكأنما بات الكون خالياً عدا صوتها الناعم الذي تتلو به ، تنهد براحة ثم ولج الي الداخل بعد أن حمحم لكي يثير انتباها ، بينما خطفت عنود نظرة سريعة عليه ومن ثم أغلقت القرآن ووضعته بجوارها ورفعت بندقيتاها عليه لكن سرعان ما انزلتهم من فرط خجلها منه ، ما الذي حدث لم تكن هكذا منذ دقائق ، حاولت مراراً لكن قدرتها أقل من أن تنظر لعيناه الآن !
, _ شعرت بتوتر شديد يعصف بها ، فقط تريد الاختباء منه لا تدري لما لكن حتماً ستنتهي طاقتها علي التماسك ما لم يغادر سريعاً ، سحبت نفساً عميق وأردفت بينما لم تُبعِد نظريها عن يديها التي تفركهم بشدة :-
, _ حضرتك عايز حاجة ؟
, _ جلس ريان علي طرف الفراش وقال بعدما سحب هو أيضا نفسا عميق :-
, _ أنا عارف اني اجبرتك علي الجواز كان ممكن تتحل بطريقة تانية بس انا وقتها مقدرتش اشوفهم بيعملوا كده في٣ نقطة
, _ صمت ريان لبرهة ثم تابع قائلا :-
, _ أنا مش بحب أشوف حد بيتأذي قدامي واسكت يمكن لأني في فترة من حياتي احتجت لايد تتمد لي وملقتش أو يمكن دي فِطرة فيا مش عارف بس برده كنت شايف الرفض في عيونك وتصرفاتك علي ياسر ، هتصدقي لو قولتلك كنت عايزك تقوليلي مش عايزاه وانا بنفسي كنت هخلص الموضوع من غير شوشرة بس انتي سكتي ورغم كده كان رفضك بيظهر أكتر في كل ثانية بتمر ، نظرتك ليا لما قولتلك أن المأذون جه حتي لمعة عينك لما أتأخر مش قادر أنساها ويمكن ده كان دافع اني أعمل كده ،
, _ صمت وهو يرمقها ثم سحب نفساً عميق وهتف وهو يحك ذقنه :-
, _ أو مش عارف أنا مش لاقي سبب معين ، عموماً أنا مش عايز أجبرك تاني علي حاجة انتي لو عايزة تمشي ، أنا هطلقك و هساعدك كمان انتي في الآخر في مقام بنت عمي ولو كنت اتجوزت بدري شوية كنت خلفت واحدة قدك !
, _ ماذا ؟ رفعت عنود بندقيتاها عليه متأثرة بآخر ماا أردفه وعلامات التعجب ظاهرة علي وجهها اهو يراها صغيرة إلي هذا الحد ؟ تنهدت مستاءة ثم سألته بعفوية :-
, _ هو حضرتك عندك كام سنة ؟
, _ ابتسم ريان وأجابها بمزاح :-
, _ ٣٤ سنة ، راجل كبير صح !
, _ هزت رأسها بإنكار وهتفت بعفوية :-
, _ لا خالص مش باين عليك
, _ رفع ريان حاجبيه مُشكلاً إبتسامة علي ثغره وقال :-
, _ ماشي هعمل نفسي مصدقك
, _ صمت كِلاهما ثم قاطعت هذا الصمت عنود بعد أن زفرت أنفاسها بتردد وأردفت بثقة :-
, _ بس حضرتك مأجبرتنيش علي حاجة أنا كان ممكن أرفض وأصمم علي رفضي بس انا بصراحة مش لاقية سبب معين ، بس يمكن النهاردة عرفت !
, _ ضيق ريان عينيه عليها وتسائل بفضول :-
, _ عرفتي ايه ؟
, _ تنهدت عنود وقالت وهي تفرك أصابعها بخجل وهتفت مختصرة :-
, _ تدبير **** !
, _ عقد ريان حاجبيه وهو يومأ رأسه بعدم فهم وردد متسائلا :-
, _ تدبير **** ! ازاي ؟
, _ ابتلعت هي ريقها وأجابته أسفل إصرار منه :-
, _ مش عارفة يمكن مع الوقت نعرف ..
, _ ازدادت غرابته من إجاباتها المبهمة التي يواجهها دوماً ، لم تكن كـ غيرها هي فريدة من نوعها عقلية ناضجة للحد الذي لم يصل هو إليه حتي ، إذاً ماذا الآن ؟
, _ نهض ورمقها بحرج ثم أردف متسائلا بإتمام :-
, _ تحبي تاكلي حاجة معينة ؟
, _ أماءت رأسها بنفي وقد توردت وجنتيها بالحُمرة خجلاً منه فأثارت هي ابتسامته لحيائها ووهتف :-
, _ هطلب لينا آكل وهقعد تحت في شقتي عشان تكوني علي راحتك لو احتجتي حاجة كلميني
, _ أماءت رأسها بطاعة ثم أولاها ريان ظهره وهم بالخروج ، تبعته هي بخطي سريعة وأسرعت بسؤالها قبل أن يغادر :-
, _ هو حضرتك بقيت احسن ؟
, _ التفتت إليها متعجباً من اهتمامها الذي لمس قلبه وحرك به شيئاً ما لا يدري ماهو لكنها لمست شعور الحاجة الذي يفتقده كثيراً ، كم شعر بالسعادة التي لم يتحلي بها منذ زمن ، ابتسم وأجابها مختصراً وهو يتفحص ملامح تلك الصغيرة بإهتمام :-
, _ أحسن
, _ ابتسمت عنود ابتسامة عذبة ذاب قلبه أثرها ووقع بين قدميه من فرط نبضاته المتزايدة ، لم يشعر بالابتسامة التي تشكلت علي ثغره بلا وعي منه بينما أردفت هي بنبرة راضية :-
, _ الحمد لله يارب ديما في أفضل حال
, _ اتسعت ابتسامته ولكنها تختلف الآن فهو يعي ما يفعله ويُدرك تماماً أن ابتسامته ناتجة عن شعوره الغريب الذي تسلل الي قلبه لابد وأنه شعور أقوي من السعادة لكي يجعل ابتسامته تظهر في مثل تلك الأثناء
, _ شعرت بالحرارة المنبعثة من وجهها أثر نظراته المُثبتة عليها وفرت هاربة من أمامه سريعاً وولجت داخل غرفتها وما أن أوصدت الباب حتي وقفت خلفه تتنفس الصعداء ، بينما زاد ثغر ريان اتساعاً لغريبة الأطوار تلك ثم دلف للخارج وقام بطلب وجبتي غداء لهما وهبط للاسفل في إنتظار وصولهم ..
, ١٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ وبعدين يا منصور إبنك بقاله يومين منعرفش عنه حاجة وانا قلبي مش مطمن خايفة يكون حصل له حاجة لا سمح **** واحنا مش دريانين ( عارفين ) بيه !
, _ صاحت بهم سعاد بنبرة متوجسة علي فلذة كبدها بينما أجابها منصور بجمود وهو يضع قدم علي الأخري :-
, _ إبنك مش صغير يا سعاد واللي حصل أكيد هيعصيه علينا شوية يومين كمان ومسيره يرجع لنا هو يعني هيصرف ازاي وهو مختفي كده ويلا قومي حضري لنا لقمة عشان انا جعان
, _ توقفت سعاد عن السير بعدما كانت تجوب الغرفة ذهاباً وإياباً ورمقته بنظرات مشتعلة لجمود ردوده عليها وعدم اكتراثه لشأن والدهُ الوحيد وصاحت به هدراً :-
, _ انت جايب البرود ده منين يا راجل ، بقا إبنك الوحيد منعرفش عنه حاجة وانت عايز تاكل !
, _ نهض منصور بعصبية شديدة وأمسك ذراعها وصاح بها مندفعاً :-
, _ صوتك يوطي وانتي بتتكلمي معايا وقبل ما تندبي وتقرفيني بإبنك افتكري أنك السبب يعني تحطي لسانك جوة بوقك وتخرسي خالص مش ناقص صداع !
, _ دفعها بعيداً عنه وتوجه نحو الباب وهو يتمتم بالسُباب ويلعن تلك العيشة التعيسة ثم غادر المنزل وتركها تبكي وتتحسر علي حالتهم بمفردها ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ جذبها من ذراعها وأجبرها علي الجلوس علي الفراش ووقف أمامها وتسائل بنبرة جدية صارمة :-
, _ ريان يقصد ايه بإنك قولتي نص الكلام هو في حاجة أنا معرفهاش ؟
, _ سحبت رنا نفساً عميق ثم قالت بتلعثم وهي تهرب بنظريها بعيداً عنه :-
, _ ها ، حاجة ايه ، لا مفيش ، قصدي يعني فيه انا كنت جامدة معاه شوية وكلمتين طلعوا مني وقت غضب بس هو ده اللي حصل ،
, _ تنهد هاني ببعض الراحة الذي يريدها هو وأردف وهو يجلس بجوارها :-
, _ مفيش بعد كده كلام معاه تاني تمام !
, _ أماءت رنا رأسها بطاعة مزيفة وهي تلعنه بداخلها ثم نهضت قائلة ببراءة زائفة :-
, _ هحضرلك حاجة تاكلها أكيد جعان
, _ تقوس ثغر هاني بإبتسامة لنبرتها الرقيقة الذي يفتقدها ثم نهض هو الآخر ولمس وجهها الناعم بأنامله ومال برأسه بالقُرب من شفاها ليجرفه تيار اشتياقه لها الذي طال البُعد بينهم لفترة إلي أن غاص معاً في عالمهم الخاص أو ربما عالمه هو فقط ..
, ١٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ سمع إلي طرقات خفيفة علي باب شقته ما إن أغلقه لتوه ، عاد بأدراجه إليه وفتحه فإذا به شقيقه الصغير يحيي ، ابتسم له وأردف بهدوء :-
, _ تعالي يا يحيي
, _ تعجب يحيي من ابتسامته فهو علي علم أنه غاضب ومن الصعب رؤية ابتسامته في تلك الأثناء ، إذاً لمن ذاك تأثير القوي عليك يا ريان ؟
, _ عقد ريان حاجبيه بغرابة عندما رأي نظرات أخيه
, المسلطة عليه بذهول وسأله وهو يشير بيده أمام وجهه لكي يلفت انتباهه :-
, _ روحت فين كده ؟
, _ خرج يحيي من شروده ورفع حقيبة الأدوية واجابه قائلا :-
, _ ها لا مفيش بس كنت جايب لك الأدوية
, _ اخذها منه ريان وجلس علي الأريكة وعاد بظهره للخلف مستند علي حافتها وهتف متسائلاً :-
, _ هي كُليتك هتبدأ أمتي ؟
, _ سار يحيي نحوه وجلس هو الآخر بالجهة المقابلة له واجابه بنبرة جدية :-
, _ كمان اسبوعين
, _ أماء ريان رأسه بتفهم وجذب هاتفه وقام بالاتصال علي إحدي المطاعم وطلب وجبتين أسفل أنظار يحيي المتعجبة من تصرفاته التي تبدو غريبة بعض الشئ
, _ استأذن يحيي وهم بالمغادرة بينما هاتف ريان زوجته دينا ،
, _ انتظر قليلا ثم سمع ردها المندفع :-
, _ طلقني يا ريان !
, _ تنهد ريان بضيق وحاول أن يبدو طبيعياً وأردف :-
, _ اعقلي يا دينا وبلاش تخربي بيتك بإيدك أنا من أمتي بصيت لواحدة غيرك بلاش هبل الستات ده يطلع عليكي دلوقتي أنا بجد مش قادر استحمل ضغوط اكتر من كده انا محتاجك تكوني جنبي ..
, _ كانت تصغي له وتزداد في نحيبها بألم شديد مع كل حرف ينبس به هي تريده وبشده لكن كرامتها لا تسمح بتقبل الأمر بتلك السهولة ، أخرجت تنهيدة بطيئة مليئة بالهموم والحسرة وهتفت بنبرة حادة :-
, _ أنا هبلة يا سيدي بس مش هرجع طول مافي واحدة علي زمتك غيري ، انت أصلا تلاقيك مبسوط بيها وهتتخلي عني أنا عشانها
, _ نهض ريان بعصبية وصاح بها مندفعاً وهو يركل بقدمه إحدي المزهريات :-
, _ دي عيلة يا دينا مجبتش عشرين سنة إزاي قادرة تحطي نفسك في مقارنة معاها ، المفروض انك أعقل من كده جبتي التفكير الغبي ده منين هو انتي لسه هتعرفيني الوقتي ، اومال لو مكنتيش بنفسك حاضرة اللي حصل وعارفة سر الجوازة دي كنتي عملتي ايه ؟
, _ ازداد نحيبها بكثرة وأجابته بنبرة متلعثمة :-
, _ متتكلمش عن العقل وانا في واحدة مشركاني فيك أياً كانت الأسباب ، أنا أصلا معتش فيا عقل حاسة اني هتجنن خلاص مش قادرة استوعب أنك اتجوزت وكمان هي اللي في البيت وانا اللي برا !
, _ نفخ بضجر بائن وأبعد الهاتف عنه وحاول كبح غضبه الذي ود لو يثور عليها لكنه تماسك قدر المستطاع ، سمع الي طرقات الباب وأردف بهدوء :-
, _ اهدي كده ونتكلم بعدين لما عقلك يكون رجع مكانه ، سلام
, _ أغلق الهاتف ثم توجه نحو الباب بغضب وقام بفتحه ، تفاجئ بها أمامه تقف علي استحياء شديد ، ارتخت تعابير وجهه كما استشعر خجلها وتسائل بإهتمام :-
, _ محتاجة حاجة ؟
, _ أماءت رأسها بالايجاب ورددت بخجل صريح :-
, _ محتاجة شنطتي !
, _ أمرها بالدخول لكنها أبت وفضلت الوقوف مكانها بينما دلف هو للداخل وأحضر حقيبتها ، مدت هي يديها لتُمسك بها لكنها تفاجئت بيده مازالت علي الحقيبة ، سحبت يدها سريعاً ثم أسرعت خطواتها للأعلي ، تقوس ثغر ريان ببسمة كعادته علي تصرفاتها وهم بالصعود خلفها
, _ وضع الحقيبة بداخل المنزل وشعر بإهتزاز هاتفه الموضوع علي وضعية الصامت ، أجاب علي المتصل قائلا :-
, _ تمام أنا نازل حالاً
, _ أوصد الباب خلفه وهم بالهبوط لكي يحضر الطعام الذي طلبه لهما ، بينما أدخلت عنود الحقيبة الي الغرفة وقامت بفتحها سريعاً لكي تنعم بحمام دافئ وتبدل ثيابها التي باتت عليها لـ يومين كاملين بثياب أخري نظيفة ،
, _ سحبت منشفة كبيرة وأخري متوسطة لكي تجفف خصلات شعرها وأسرعت نحو المرحاض ، أدارت مقبض المغطس الرخامي لتنسدل قطرات المياه الدافئة أعلاها ، أغمضت عينيها لتسمح لجسدها بالاستمتاع بالمياه التي اشتاقت إليها كثيراً ،
, _ أخذ ريان الطعام ودفع النقود لمن أحضرها ثم صعد إلي الاعلي وتعمد الصعود علي الدرج وليس بالمصعد لكي ينهي محادثة صديقه قبل أن يصل الي منزله
, _ يابني أنا تمام و**** بقيت احسن
, _ أردف بهم ريان ليؤكد لصديقه أنه بخير بينما رد عليه خالد قائلا :-
, _ لو حسيت بتعب تاني كلمني علي طول نروح نطمن عليك
, _ قهقه ريان ورد عليه بإمتنان :-
, _ مش عارف لزمتها ايه يحيي يقلقك ، أنا و**** كويس ولو حصل حاجة هكلمك حاضر ،
, _ عدل خالد من وضعية جلوسه وقال وهو يحك مؤخرة رأسه :-
, _ مش عايز مني حاجة ؟
, _ أجابه ريان وهو يعلم جيداً رد صديقه :-
, _ اللي أنا عايزه انت رافض تعمله وتشيل عني شوية !
, _ تنهد خالد مستاءً ونهض من علي المقعد ووقف أمام نافذة المعرض الخاص بريان وهتف بإقتضاب :-
, _ يابني توكيل لأ متوقعنيش مع اخواتك يا ريان ، هيقولو اشمعنا خالد واحنا موجودين أنا مش عايز حياتك تزيد مشاكل كفاية اللي فيها ،
, _ هز ريان رأسه بيأس لعدم معاونة صديقه له علي الرغم من اقتناعه بوجهة نظره ، تنهد بحرارة وأردف وهو يفتح باب منزله :-
, _ يابني أنا حر واعمل اللي أنا عايزه دي املاكي أنا واعمل فيها اللي أنا عايزه اسمع الكلام انت بس ووافق وملكش دعوة بحد
, _ أنهت حمامها ثم وضعت المنشفة الكبيرة حول جسدها وأخفت خصلاتها أسفل المنشفة الصغيرة بعد أن جففتهم جيداً وفتحت باب المرحاض ودلفت للخارج وتفاجئت به يقف أمامها في منتصف الردهة ٣ علامة التعجب
, _ صعق كلاهما من هذا الوضع المفاجئ الذي وقعَ فيه ، صمت شديد حل بهم لدرجة أن صوت أنفاسهم يقع علي مسامعهم بصوت مرتفع وكأن الهواء لا يمر من أمامهم
, _ وضعت عنود يدها على المنشفه من رقبتها والاخري علي ركبتها ربما تخفي الأجزاء الظاهرة من جسدها ، بينما ظل ريان يرمقها بلا وعي منه لا يدري ما الذي يحدث ، لماذا تزداد نبضاته بتلك الصورة العنيفة ؟
, _ طال صمتهم الممزوج بالصدمة إلي أن قاطعه خالد حينما صاح به :-
, _ انت روحت فين يابني ؟
, _ بحث ريان عن ذاك الصوت الذي لا يعلم مصدره ، لوهلة شعر أنه تائه ولا يدري ما عليه فعله ، للمرة الثانية يستمع لصوت ذكوري يتحدث :-
, _ ريان ، انت معايا ؟
, _ استوعب بالاخير أنه صديقه عندما نظر إلي الهاتف الذي بيده ، مرر انظاره بين الهاتف وبين تلك الفتاة الواقفة أمامه لا يعلم بأي خطوة يبدأ ، ماذا عليه أن يفعل الآن ؟
, _ أولاها ظهره سريعاً ومازالت نبضاته تزداد وتزداد عنفواناً ، شعر بجفاف حلقه فبتلع ريقه ورفع الهاتف علي أذنه قائلا بصوت متحشرج :-
, _ ها ، هكلمك بعدين ، سلام
, _ أنهي المكالمة سريعاً وحاول طرد صورتها من عقله لكنها لا تقتلع بل تقف ثابتة في مخيلته ، سحب نفساً عميق وحاول ضبط أنفاسه المضطربة وقام بإعداد الطعام علي الطاولة وهو يجاهد أن يتلاشي ما حدث منذ قليل
, _ مرت أكثر من دقيقتين علي وضعها لا تستطيع التحرك ، وكأن قدميها شُلت عن الحركة ، أنفاسها تزداد قسوة كلما تذكرت نظراته التي اخترقتها وهي علي تلك الحالة ، لم تشعر بقطرات عينيها التي انسدلت رغماً عنها فلم يراها أحد من قبل بهذا المظهر حتي وان كان زوجها ، لم يروق لها أن يراها هكذا بتلك السرعة وهي لازالت لا تعلم مصيرها معه
, _ كفكفت عبراتها بأناملها وسارت بخطي هزيلة متمهلة نحو الفراش وجلست أعلاه ، وضعت كفيها علي وجهها تحاول الاختباء من نظراته التي لا تفارق عقلها وكأنه مازال أمامها بالفعل
, _ تنهدت بضيق عارم ثم نهضت وجذبت ثياب منزلية لها لا تظهر أي انش بجسدها وشرعت في ارتدائهم ، مشطت خصلاتها بعناية وبعدما انتهت مما تفعله اقتربت من الباب ووقفت مترددة كثيراً في الخروج من الغرفة ، لا تدري كيف ستواجهه بعدما رآها علي تلك الحالة ، لابد وأنها ستواجهه إن لم يكن الآن فبعد قليل ، وقفت أمام الباب وحيرتها سيدة الموقف ، زفرت أنفاسها بضجر لتتفاجئ بصوته الرجولي يهتف من خلف الباب :-
, _ أنا نازل تحت عشان تبقي علي راحتك
, _ قادتها قدميها الي الأمام ثم فتحت الباب واجابته مسرعة :-
, _ كُل آكلك قبل ما تنزل
, _ نظر كليهما للآخر بغرابة ، فهي تفاجئت مما فعلته لتوها كذلك هو لم يكن أقل منها في تعجبه لما قالته ، لا يريد فهم شئ يكفي شعوره بالراحة الذي يشعر به من خلف عفويتها تلك
, _ أولاها ظهره مُشكلاً إبتسامة سعيدة علي محياه ثم جلس علي أريكة منفرده لكي يترك لها المساحة الكافية للتحرك علي راحتها ، بينما جلست هي علي أقرب أريكة قادتها قدميها إليها وكذلك أبعدهم عنه ،
, _ لم ترفع بصرها قط بل مكثت طيلة الوقت ترمق الأرضية بحرج استشعره ريان من تورد وجنتيها الصريح ، بينما لم يستطيع إبعاد نظره عنها ، وكأن بها سحر يجذبه إليها ولا يود أن يُعكر بؤبؤة عينيه برؤية شئ آخر غيرها!
, _ باتت نظراته تتفحصها بإهتمام شديد ، من خُصلاتها المبللة المنكمشة في بعضها لعدم جفافها بعد إلي عينيها المختبئة بين جفينها ، ناهيك عن تورد وجنتيها بالحُمرة وكذلك شفتاها الورديتان التي تعض عليهم بشدة حتماً من إرتباكها !
, _ إلتوي ثغره علي الجانب مُشكلاً ابتسامة علي حالتها التي لم يعتادها بعد ، تنهد بقوة وحاول إبعاد نظره عنها لكن شئ ما يجرفه نحوها لإكتشاف ثغر أخري بها ، يالا العجب ، حقاً ماذا تفعل انت ؟ فتاة مثل غيرها الكثير من الفتيات ،
, _ أقربهن زوجتك التي لا تريد العودة إليك ، بالتأكيد هي نفسها مشابهة لها ، جميعهن جنس واحد بطباع وتصرفات واحدة ، ماذا ينتظر منهن ؟
, _ سحب نفساً عندما راوده حالة من الاختناق الجلي وترك الطعام من يده ثم ارتشف القليل من الماء ونهض مسرعاً حيث تسائلت هي بقلق دون أن تنظر إليه :-
, _ حضرتك رايح فين ؟
, _ أجابها ريان بإسيتاء وفتور شديد :-
, _ نازل
, _ خطفت عنود نظرة سريعة علي طعامه وتفاجئت أنه لم يأكل نصفه حتي ، جمعت قواها ورفعت بندقيتاها عليه وأردفت بإستحياء :-
, _ حضرتك مأكلتش ليه ؟
, _ قطب جبينه بغرابة ، ماذا تظن نفسها بفاعلة ، لماذا تتصنع الود ولما تهتم به من الاساس ؟
, _ رد عليها مختصراً وهو يحك مؤخرة رأسه براحتي يده :-
, _ شبعت !
, _ أماءت رأسها بخجل ونهضت هي الأخري ، تفاجئ هو بنهضوها و صاح متسائلا :-
, _ قومتي ليه كملي أكلك
, _ أجابته وهي تعيد تعبئة الطعام :-
, _ شبعت
, _ رفع إحدي حاجبيه متعجباً وتمتم بعدم تصديق :-
, _ يسلام ! انتي كده شبعتي ليه معدة سمكة !
, _ التفتت إليه وقالت بعفوية صريحة :-
, _ نفس معدة السمكة اللي عندك !
, _ اتسعت مقلتي عنود مما تفوهت به ووضعت يدها علي فمها بدهشة لجُرأتها أو ربما وقاحتها بينما تفاجئ ريان من جُرأتها التي أكتشفها لتوه ،
, _ ابتعلت هي ريقها مراراً عندما شعرت بجفاف حلقها ومن ثم هتفت معتذرة :-
, _ أنا آسفة جدا مش قصدي
, _ أنهت جُملتها وركضت مهرولة الي الداخل واوصدت الباب خلفها لاعنة تلك العفوية التي تتحدث بها معه ، ماذا حدث لكي يا فتاة ؟ منذ متي وانتي تتحدثين بتلك الوقاحة ؟.
, _ سارت بخُطي مهرولة نحو الفراش واستلقت عليه بإهمال ، وضعت الوسادة أعلي وجهها ربما تمحي نظراته المندهشة التي لا تريد مغادرة مخيلتها قط
, _ تفاجئت بيد تزيل الوسادة من علي وجهها لتتفاجئ به يقف أمامها ، حتماً تحلم ! لابد وأنها تحلم أفضل لها من أن تنهار بين يديه من فرط خجلها ..
, _ جذبها ريان من ذراعها وأجبرها علي الجلوس ثم أقترب منها ، أوصدت هي عينيها بإرتباك خجل ، حتماً سينتهي بها المطاف قريباً من مواصلة تقربه لها المستمر ، شعرت بيده تتلمس خصلاتها واستمعت لنبرته الرجولية :-
, _ انتي ملبستيش واقي في راسك ليه عشان المية متوصلش للجرح !
, _ جرح ! لقد نسيته تماماً ، سحبت نفساً ثم رفعت بندقيتاها عليه وأردفت :-
, _ نسيت ..
, _ هز ريان رأسه مستنكراً تصرفاتها التي تدل علي عدم نضجها بعد وأردف بحنق :-
, _ الجرح هيعمل صديد لانه لسه مفتوح والمية وصلت له لازم انضفه تاني
, _ أماءت رأسها بالايجاب بينما جذب ريان علبة الإسعافات وعاد إليها وبدأ ينظف جرحها برفق لكي لا يؤلمها ومع ذلك كانت تشعر بألم شديد ،
, _ لوهلة ندمت أنها اقترفت ذاك الخطأ في حق نفسها ووقعت بين يديه ليفعل هذا بها ، لم تستطيع التحمل لأكثر وانسدلت عبراتها الموجوعة ، فزع ريان من صوت نحيبها وابتعد خطوة للخلف لكي يراها جيداً وتفاجئ بـ بكائها ،
, _ بتعيطي ليه ؟
, _ صاح ريان متسائلاً بقلق بينما أجابته هي بتلعثم :-
, _ انت ، وجعتني
, _ خفق قلبه لنبرتها المتلعثمة ولنطقها بجملة آلمت قلبه ، فهو لم يقصد إيذائها بل إنه حرص وبقوة علي مداواتها بحذر لكي لا يؤلمها لكنه لم ينجح وشعرت هي بالألم وبكت وبكي قلبه حزناً معها ، لا يحب إيذاء غيره وخاصة أنها فتاة صغيرة !
, _ تنهد بضيق وقال معتذراً :-
, _ أنا آسف حاولت أخفف ايدي علي قد ما أقدر بس الحدة غلابة
, _ سحبت عنود نفساً عميق وحاولت التماسك عندما رأته يلوم نفسه وأردفت بنبرة طفولية رقيقة :-
, _ لا أنا اللي مش بستحمل ممكن تكمل عادي
, _ رمقها بندم لما فعله بها ثم واصل تنظيف وتعقيم جرحها برفق حذر عن ذي قبل إلي أن انتهي منه ، ابتعد عنها وطالعها بنظراته المتفحصة :-
, _ متحاوليش توصليله مية تاني الفترة دي !
, _ أماءت رأسها بطاعة ممزوجة بالخجل ثم استأذن هو للمغادرة ، سارت خلفه بخطي متمهلة إلي أن فتح الباب وتفاجئ بمن أمامه !!
, _ ياسر !
, _ هتف بها ريان بدهشة ثم مد يديه للخلف وأشار إليها بيده يحثها علي التوقف ، تعجبت عنود من تصرفه المبهم وتصلبت مكانها بقلق بينما استدار هو بجسده إليها وهو يخلع حزامه الجلدي من بنطاله ، اتسعت مقلتيها بصدمة مما يفعله ، وما أن أنتهي من خلعه حتي أمرها بحدة :-
, _ ادخلي جوة !
, _ لم تنتظر عنود وركضت الي الداخل مهرولة بينما عاد ريان بأدراجه متجهاً نحو ياسر وهتف بنبرة هادئة لكنها لم تخلو من الحدة :-
, _ ايه اللي جابك هنا ؟
, _تنهد ياسر بضجر بائن وقد بدا الحزن علي ملامحه وأردف بنبرة موجوعة :-
, _ و**** العظيم مليش ذنب !
, _ دلف ريان إلي الخارج وأوصد الباب خلفه ومن ثم رمقه بنظرات احتقارية مشتعلة وقال بجمود :-
, _ مفهمتش برده انت جاي ليه ؟
, _ أزفر ياسر دموعه بألم شديد وتحدث بتلعثم :-
, _ رجع لي عنود !
, _ برزت عروق يد ريان من شدة غضبه واقترب منه بضعة خطوات وصاح به هدراً :-
, _ هي بيعة يا روح امك وعايز ترجعها ؟
, _ انسدلت قطرات ياسر رغماً عنه وازداد نحيبه وأردف بصوت متحشرج :-
, _ أنا بحب..
, _ ويحك أيها الغبي لقد جنيت علي نفسك يا هذا ، لم يشعر ريان بيديه التي دفعته بكل ما أوتي من قوة وانسدل عليه بالضرب المُبرح بحزامه الجلدي إلي أن وقع ياسر أرضاً بدون بذل مجهود كبير من ريان وكأنه كان منهاراً من الأساس ،
, _ تسارعت قدمي ريان علي ركله بقسوة وأردف بغضب :-
, _ جاي تطلب مني مراتي يا ٤ العلامة النجمية لأ وكمان بتقولي بحبها ، ده انا هخليك تندم أنك اتولدت عشان بعد كده تعمل حساب قبل ما تفكر بس في مرات ريان العراقي !
, _ جلست عنود علي الفراش والخوف تملك منها بعدما رأته يخلع حزام بنطاله ، أسندت رأسها علي حائط الفراش وحاولت الاسترخاء وطمئنة قلبها بأنه لن يفعل بها ما صوره لها عقلها ،
, _ وما إن استرخت قليلاً حتي صغت لصراخ يدوي من الخارج ، شعرت بالقلق يتغلغل بداخلها إلي أن استمعت لصوته الجهوري التي تحفظ نبرته جيداً وهو يصيح عالياً ،
, _ نهضت بذعر وسحبت **** رأسها وهرولت للخارج سريعاً ، ترددت كثيراً قبل أن تدلف للخارج لكن صوته أجبرها علي الخروج وعدم اكتراثها لما سيفعله معها ،
, _ تفاجئت بـ ياسر مُلقيَ أرضاً ولا يحاول حماية نفسه من ضرب ريان ، كأنه يريد معاقبة نفسه بتلك الطريقة ، سحبت نفساً عميق ووقفت أمام ريان مُشكلة حاجز بينه وبين ياسر وأُجبرت علي أخذ ذراعيه بين يديها لكي تجبره علي التوقف وهتفت بتوسل :-
, _ سيبه خلاص كفاية سيبه يمشي
, _ لم يتوقف ريان عن ركله بقدمه حتي ازدادت صرخات عنود قائلة :-
, _ عشان خاطري كفاية
, _ توقف ريان ورمقها بنظرات مستاءة مما تفعله ثم صاح بنبرة حادة :-
, _ مش قولتلك ادخلي جوة خرجتي ليه ؟
, _ تنهدت عنود بخوف شديد وأجابته بتلعثم :-
, _ سمعت ، الصوت و.. و.. وخفت
, _ سحق ريان أسنانه بغضب وتخلص من يديها الموضوعة عليه وصاح بها هدراً :-
, _ ادخلي جوة ومتخرجيش تاني
, _ أماءت رأسها برفض تام وأردفت بعناد :-
, _ لأ ، مش قبل ما يمشي
, _ اتسعت حدقتي ريان بدهشة لطلبها وصاح بحنق :-
, _ أنا باخد لك حقك مش ده اللي بعت أهله يعملوا فيكي اللي عملوه ؟
, _ انسدلت بعض القطرات من عينيها وأردفت بحزن جلي علي تعابير وجهها :-
, _ حقي عند **** وهو حسبي ووكيلي وهيجبلي حقي !
, _ أزفر ريان أنفاسه بغضب عارم ثم بصق علي ياسر وقال بتحذير :-
, _ لو شوفتك هنا تاني صدقني مش هخرجك برجليك اللي بتجيبك هنا من غير خوف مني ، قوم غور من وشي !
, _ سحبت عنود نفساً عميق قبل أن تخطو تلك الخطوة ثم التفتت إليه ورمقته كثيراً وهي تحاول جاهدة أن تتماسك أمامه ، بينما نهض ياسر بصعوبة وهتف وهو ينظر إليها بندم شديد :-
, _ مش ذنبي ، و**** ماهو ذنبي !
, _ جذبها ريان من ذراعها ودفعها داخل المنزل واغلق الباب وعاد بنظره الي ياسر والغضب يعمي عينيه وقبل أن يردف بشئ آخر كان اختفي ياسر من امامه ،
, _ مرر أنظاره بين الباب وبين الدرج ثم صعد سريعاً الي سطح البناية حيث مسكنه الصغير الذي يتلاشي فيه همومه وثِقل أعبائه ،
, _ انحطت قواه ما إن صار بمفرده ، جلس علي الأرض وشبك يديه خلف رأسه وسحب نفساً عميق قبل أن يردف :-
, _ الكابوس اللي أنا فيه ده هيخلص امتي ؟
, _ هيخلص لما تيجي في حضني أنا!
, _ هتفت بها رنا وهي تمد بيدها علي ظهره بنعومة شديدة تسببت في إثارة رجفة قوية في اوصاله ، نهض ريان بذعر ما إن أستمع لصوتها ورمقها بنظرات احتقارية وصاح بها هدراً :-
, _ ابعدي عني ، انتي مفيش وراكي غيري أنا تعبت طالما انتي مش بتخافي كده اخربلك أنا حياتك اللي فرحانة بيها دي واخداها سكة عشان توصليلي !
, _ أخرجت رنا تنهيدة بطيئة من فرط توسلاتها الفاشلة ورددت وهي تفتح ذراعيها علي آخرهم :-
, _ جرب تيجي في حضني وانت مش هتندم هنسيك كل الهموم اللي في حياتك هنسيك نفسك وكل اللي هتطلبه هيتنفذ بس انت وافق !
, _ شعر ريان بالتقزز حيالها كم هي امرأة لعينة لكنها جميلة الي الحد الذي يَهَابهُ ، يَهَابهَا وقد نسي تماماً أنه ريان ذو الطابع الحاد الذي يهابه الآخرين وليس العكس !
, _ صدق **** عندما وصف كيدهن بعظيم ، فتلك عقربة شقراء تريد أن تلدغه بأنثوتها التي يفتقد إليها ، وكأن قوته لا تكفي لإيقافها ، يحمد **** كلما أنهي حوار معها ولم يقع في براثينها ، تأثيرها شديد لطالما تمناه وبشدة لم يشعر برجولته سوي أمامها ،
, _ كلما رأي توسلاتها وحاجتها إليه ناهيك عن اعترفاتها اللامنتاهية وكم من الغزل تُلقِي منه قصائد فقط لكي يكون ملكها وحدها !
, _ يعجبه ما تفعله كثيراً ولكن بالاخير يلعن شيطان أفكاره الذي يُحبب إليه تصرفاتها الغير لائقة بالمرة .
 
١٤


أوصد ريان عيناه لبرهة ثم فتحها ببطئ بعدما استغفر ربه وعاد لوعيه مرة أخري لكن لن ينكر أنه لازال أسفل تأثيرها
, _ فتح الباب ودفعها بقوة للخارج وبصق عليها بتقزز ثم أوصد الباب خلفه ، ووقف يستنشق الصعداء وهو موصد العينين ،
, _ ظهرت عنود من خلف أحد الحواجز الموضوعة علي سطح البناية وهي في أعلي مراتب الصدمة المعانقة للذهول مما رآته وسمعته بشحمتي أذنها ، وقفت تستنشق أنفاسها بصعوبة وهي تعيد ما قالته رنا لتوها ، لا يريد عقلها استيعاب أنها تريد شقيق زوجها والأدهي أنها تلامسه دون خوف من عقاب ربها ،
, _ سرت رجفة قوية في أوصالها لعدم تقبُلها للأمر بعد ! ، لوهلة شعرت بالندم لأنها صعدت خلفه لكي تهدئ من روعه قليلاً لتتفاجئ بما يحدث معه من قِبل تلك الرنا اللعينة !!
, _ هزت رأسها في إنكار لما يحدث وتمتمت بالاستغفار خشية أن تقع في مثل تلك الأمور وكادت أن تهم بالنزول لكنها تفاجئت بقدم أخري تصعد الدرج ، توجهت بخُطي سريعة خلف الحاجز للمرة الثانية ومالت رأسها لتري من هذا الضيف الجديد !
, _ سمع طرقات علي بابه ، فـ كز علي أسنانه بغضب ثم فتح الباب بضجر بائن ليتفاجئ بشقيقته هاجر هي من تقف أمامه وليست كما ظن
, _ تنهد بضيق ثم سمح لها بالدخول وهتف بإقتضاب :-
, _ خير يا هاجر إيه اللي منزلك متأخر كده من بيتك ؟
, _ سحبت هاجر نفساً عميق وهي ترتب أفكارها جيداً قبل أن تردف :-
, _ انت هتسيب دينا عند أهلها كتير ، مش واجب برده أنك ترجعها بيتها ..
, _ أماء ريان رأسه بتفهم عندما علم ما جاءت لأجله ، أبتسم بسخرية وأولاها ظهره وأردف بفتور :-
, _ انتي شيفاني راجل بريالة عشان أجري ورا اللي مش عايزة ترجع لي ؟
, _ صدمت هاجر من رده وسارت بالقرب منه حتي وقفت أمامه وقالت بدهشة :-
, _ وانت لما ترجع مراتك اللي انت السبب أصلا في أنها تسيب البيت تبقي راجل بريالة ؟
, _ رمقها ريان بنظرات تحمل من الغضب قدراً وصاح بها مندفعاً :-
, _ أنا من يوم ما هي مشيت وانا بتحايل عليها ترجع وهي اللي مش عايزة ، عايزاني أطلق التانية الأول عشان ترجع لي بتتشرط عليا !
, _ رددت هاجر بتلقائية عابثة :-
, _ ما تطلقها يا ريان ، حياتك واقفة علي طلاقها طلقها وارجع لبيتك وحياتك من تاني !
, _ صدم ريان من ردها وهز رأسه بإنكار شديد ولم يتحمل كبح غضبه لأكثر من ذلك وصاح بها هادراً :-
, _ تفكيركم مريض زي بعض محدش بيفكر غير في نفسه وبس ، عايزاني أروح اقولها انتي طالق لمجرد انكم انانين ، مفكرتوش البنت دي مصيرها هيكون إيه ؟ لما عمها بنفسه قدملها الإساءة والاذية هيكون مصيرها ايه مع ناس غريبة ؟
, _ توجست هاجر خيفة في نفسها من غضبه التي تراه لأول مرة عليها ، فهي تعلمه لكن لم يسبق وأن كان غاضب منها هي ، تراجعت للخلف عدة خطوات وواصل ريان صياحه :-
, _ دينا اللي انتي بدافعي عنها دي عمرها ما كانت زوجة بالمعني الصحيح لكلمة زوجة ، أنا بسببها خايف أقع في يوم في حاجة غلط
, _ توقف ريان لبرهة وقهقه بسخرية ثم تابع حديثه مضيفاً :-
, _ والغلط بيمد لي أيده ويقولي أنا موجود اهو وراحتك معايا وانا بشر مهما قاومت مسيري هقع فيه ووقتها محدش يلوم عليا !
, _ توقف ريان عن السير وعاد بنظره الي حيث تقف هاجر وعقد ما بين حاجبيه وهتف مستاءً :-
, _ وبعدين انتي بتحاسبيني وكأني عيل صغير قدامك مش اخوكي الكبير اللي ليه احترامه انتي نسيتي نفسك يا هاجر ولا ايه ولا انانيتكم عمت عيونكم وقلوبكم ولا بقيتو تشوفوا الصح ولا تحسوا بيه !
, _ أخفضت هاجر رأسها إلي الأرض بإستحياء شديد فما فعلته كان خطأ كبير ، حاولت الاعتذار منه لكنه أبي أن يطيل في ذاك الحديث وأمرها بالمغادرة ،
, _ غادرت هاجر وهي تبكي بشدة ، لا تريد أن تتوتر العلاقة بينهما فـ ريان ليس اخ فقط بل هو الأمان بذاته هو من يعولها ويساعدها علي الرغم من زواجها ، لم يكن يوماً كـ غيره معها وماذا فعلت هي لترد جميله لقد خربت كل شئ !
, _ خرجت عنود من حيث تقف وهي تشعر بالقلق علي ريان فبعد أن استمعت لما دار بينه وبين شقيقته شعرت بأن **** قد وضعها في تلك المكانة لكي تحميه من شيطان نفسه وتكون له سكن بكل حوائجه ، لكي تملئ الفقر الذي يفتقد إليه من حاجتة لأمراة والأهم من ذلك تكن له حضن دافئ عند حزنه !
, _ لم تشعر بقدميها التي قادتها نحوه ، لم تتردد تلك المرة وكأنها عزمت لأن تشدُد أزره , بينما شعر ريان بشئ ما خلفه التفتت ليتفاجئ بها ، سحب نفساً عميق لِيستعد للعاصفة الثالثة التي سيواجهها وقال بفتور وإرهاق :-
, _ ها , عايزة ايه انتي كمان ؟
, _ تعجب ريان من نظراتها وفشل في تحديد ما يوجد خلفها أهي غاضبة أم تشفق عليه أو ربما تريد قتله لإجبارها علي زواجها منه لا يدري أيهما الصحيح..
, _ توقف عقله تماماً عندما عانقته ! ..
, _ بل توقفت جميع حواسه عندما ألصقت جسدها بجسده فجاءة وبدون سابق انذار
, _ صمت ! لا يوجد غيره قد ترأس الموقف ، وكأنما بات الكون خالياً الا من كليهما !
, _ ضمته عنود بكل ما أوتيت من قوة ، تريد مُداوة آلامه بتلك الطريقة التي سبق تجربتها من قِبل عائلتها معها ، كانت تُدَاويَ كل الآلام والجروح فقط لمجرد عناق صادق !
, _ لا يدري ما عليه فعله الآن ، حقاً القرار صعب جدا ، أهي بكامل قواها العقلية لما تفعله به ، لابد وأن هناك تفسير لهذا !
, _ من الصعب تصديق الأقدار المُفاجئة لنا في الأوقات الاكثر انهياراً لقلوبنا ..
, _ أغمض ريان عيناه في محاولة منه علي استيعاب ما يحدث ، وعندما بائت محاولات استيعابه بالفشل قرر أن يترك العنان لقلبه يهدئ بين ذراعيها ، حتماً سيفهم حقيقة الأمر في وقت لاحق ، ولكن الآن عليه فقط الاستمتاع بدقات قلبها العنيفة التي تنبض أمام قلبه !.
, _ أبتسمت عنود عندما لم تري منه أي مقاومة ورفض لها علي الرغم من عدم تبادله العناق معها ولكن يكفي انه سكن بين ذراعيها لايهم افتقاره للعناق الصحيح ، علمت أنها كانت صائبة حينما احتوته في هذا الوقت تحديداً وعصمه من الوقوع في الكبائر
, _ مر الوقت سريعاً ولم يشعر كلاهما به ، في تلك الأثناء صعد يحيي ليطمئن علي شقيقه عندما أخبرته هاجر بما دار بينهم وتفاجئ بهذا الوضع أمامه ، لا يدري أي شعور قد تسلل الي قلبه ، الغضب ام الغيرة وفي كلتي الحالتين لا يوجد خير فيهما
, _ شعر أنه أحق من أخيه بهذا العناق ، لا يدري من أين أتي بهذا التفكير لكنه حتما مزعوج مما يحدث ، لم يريد الهبوط وتركهم علي هذا الوضع والتمتع به لابد أن يفسد تلك اللحظة الحميمية تلك!
, _ حمحم بصوت مرتفع لكي يقع علي مسامعهم لكنه تفاجئ بعدما اكتراثهم له وكأنه وجوده من عدم ، أثار جدلا خفيف لكي يجذب انتباهم إليه ،
, _ تفاجئ كليهما بصوت يدوي من خلفهما ، ابتعدت عنود ولكن ليست بالسرعة التي كانت ستفعلها أي فتاة غيرها ، بل ابتعدت بتمهل لكي لا تُشعر ريان بفداحة ما فعلته حتي يظهر الأمر طبيعياً أكثر
, _ لم يبعد ريان نظره عنها قط ، فمشاعره تخطبت وازدات تعقيداً لكن الأهم أنه لم يعد يشعر بإختناق صدره وكأنه لم يحدث في الأصل ،
, _ أنتبه الأخير لصوت يحيي وأبعد نظره بصعوبة عنها ونظر إلي يحيي وأردف بصوت هادئ يعكس غضبه منذ قليل :-
, _ في حاجة يا يحيي ؟
, _ كز يحيي علي أسنانه عندما رأي هدوء أخيه المبالغ عكس ما أخبرته به هاجر ، إذاً هي المتسببة في هذا الهدوء بعناقها ذاك !.
, _ غادرت عنود مسرعة دون أن تتفوه بكلمة ، هبطت الأدراج وهي لا تعلم أكانت صائبة ام أنها تسرعت فيما فعلته ؟! تخبطت كثيراً بين أفكارها وبين حديث هاجر لـ ريان وحثه علي طلاقه منها
, _ جلست علي الفراش تعيد ما قالته هاجر عن زوجته وعن ما فعلته هي ، وباتت حائرة بين مشاعرها ولا تدري أيهما الصواب !
, _ فشلت في إيجاد رد مقنع لعناقها له ، يا تري ما شعرت به صحيح وانها وُضعت لتملئ فراغه وتنتشله من شر نفسه حقاً ، ام أنها هي من تريد ذلك وأقنعت عقلها به وسبب عناقها له ليس إلا من محض خيالها ..
, _ وعندما لم تُدرِك بعد حقيقة الأمر انحطت قواها وانهار عقلها لعدم قُبولها ما فعلته واجهشت في البُكاء ربما عقلها يتوقف عن لوم نفسها قليلا ..
, ١٦ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ مالك يا حبيبي شايل الهم ليه كده ؟
, _ تسائلت آية بإهتمام بينما أجابها خالد بإستياء :-
, _ ريان ياستي هو في غيره ؟
, _ عقدت آية ما بين حاجبيها بتعجب وسألته بفضول :-
, _ ماله ؟
, _ اعتدل خالد في جلسته وسحب نفساً عميقاً وهتف بآسي :-
, _ حياته ملخبطة اوي ومش بيرضي يفضفض معايا بأي حاجة تحسيه غامض كده بس مشاكله كبيرة لدرجة أن معتش عارف يخبي ، هو آه بيقاوح ومش راضي يتكلم بس باين عليه اوي وانا مش عارف أعمله حاجة وخايف يكون مش واثق فيا وعشان كده مضايق ..
, _ أزفر أنفاسه بضيق ما إن أنهي حديثه ، اقتربت منه آية وجلست بجواره تأزره كما تفعل دائماً وأردفت بحكمة :-
, _ أكيد عنده سبب كبير يخليه مش بيحكيلك حاجة ، انتو صحاب من اكتر من ٢٠ سنة يعني علاقتكم قوية وعديتو مع بعض كتير فيه حلو وفي وحش ومعتقدش أنها مسألة ثقة خالص لأنه لو مش بيثق فيك مش هيتحايل عليك كل شوية عشان يعملك توكيل ويأمنك علي أملاكه أكيد في سبب إحنا مش عارفينه يخليه مش عارف يتكلم !
, _ تنهد خالد براحة وعاد بظهره الي الخلف وأسند رأسه علي حائط الفراش وهتف مستاءً :-
, _ **** يحل اللخبطة اللي في حياته دي ويعوضه عن اللي شافه خير !
, _ ابتسمت آية بسعادة ثم اقتربت منه وهي تسير علي يديها حتي سارت قربه ووضعت رأسها علي صدره واستكانت بين أضلعه ..
, ١٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ كنت عايز ايه ؟
, _ هتف بها ريان وهو يلعن تلك اللحظة التي قاطعت ذلك العناق الفريد من نوعه ،
, _ تنهد يحيي بضيق عارم وأردف بنبرة متجهمة :-
, _ ما تطلق البنت دي وترجع مراتك بيتها ولا انت مبسوط بـ اللخبطة دي ؟
, _ قطب ريان جبينه بغرابة فلم يسبق لـ يحيي وان تحدث معه بتلك النبرة العنيفة ، سحب نفساً وجلس علي مقعد بجواره ووضع قدم علي الآخري وقال بهدوء :-
, _ انتو مالكم كلكم بتدخلوا في حياتي كأني عيل صغير مش عارف فين الصح من الغلط ؟
, _ نفخ يحيي بضجر وأجابه بعبوس :-
, _ انت فرحان بحتة العيلة اللي اتجوزتها ونسيت حياتك خالص ومش عايزني أتكلم !
, _ نهض ريان بعصبية واقترب منه وصاح به هادراً :-
, _ يحيي نبرتك تتعدل معايا وده أولاً وثانيا مراتي مسمهاش عيلة وتحترم نفسك وانت بتتكلم عنها!
, _ رفع يحيي حاجبيها بدهشة وهتف بذهول :-
, _ هي بقت مراتك خلاص مش دي انت اتجوزتها عشان اتحمقت أوي أن منصور قالك وانت مالك بيها ولا فاكرني عبيط ومش فاهم !
, _ رفع ريان أحد ذراعيه للأعلي وكاد أن يصفعه علي وجهه لكنه توقف قبل أن يندم علي تصرفه الاهوج وانزل يده وهتف معاتباً :-
, _ مصممين انكم تشوفوا اسوء مافيا ، حرام عليكم انتوا بتعملوا فيا ليه كده ؟
, _ أنهي ريان جملته ثم هبط الي حيث شقته التي تقطن بها الصغيرة ، فتح الباب وولج الي الداخل باحثاً عن طيفها ، بالتأكيد في غرفتها ، توجه نحو باب الغرفة وكاد أن يفتحه لكنه توقف عندما راودته مشاعر قوية مثلما شعر بها عند عناقها له
, لم يتردد أكثر وفتح الباب لتتفاجئ هي به ، هبت واقفة بخوف جلي ، حتماً سيوبخها علي فعلتها ، لكنها حتماً تستحق ما فعلته كان وقح للغاية ،
, _ صعد صدرها وهبط بصورة عنيفة بسبب تقرب خطاه منها ، وقف أمامها ولم يُبدي علي ملامحه شئ يدل علي الخير لم تكن ملامحه ساكنة ولا حتي يظهر فيها غضبه ، كانت جامدة لدرجة أنها توجست خيفة منه عن ذي قبل !
, _ عض ريان علي شفته السفلى ثم هتف متسائلاً :-
, _ ايه اللي انتي عملتيه ده ؟
, _ خفق قلب عنود بخوف جلي ، لم تدري كيف تجيبه وكيف تبرر تصرفها بأي وجه ستبرر في الأصل ، ابتلعت ريقها مراراً وأردفت بتلعثم :-
, _ أنا ، أنا كن٣ نقطة
, _ توقفت من تلقاء نفسها عندما تفاجئت به يعانقها ، اتسعت مقلتيها بدهشة لفعلته ، لم يكن في مخيلتها أنه سيعانقها ، توقعت أنه سيوبخها ويخلق جدالاً معها اخر شئ توقعته أنه يبادلها عناق !
, _ وليس بعناق عادي بل كان أشد قسوة كأنه يلومها علي تصرفها بطريقته الرجولية الخاصة ، يضغط علي جسدها بكل قوته لا تدري اهو يريد إخفائها بداخله أم هكذا اعتاد العناق ؟!
, _ شعرت بأنه يكاد يفتك بضلوعها بين ذراعيه من قوة ضمه لها ، لم تعترضه هي علي الرغم من شعورها بالألم الشديد الذي اجتاحها , لا تدري لما لا تقاومه وتدفعه بعيدا عنها ، فهو يؤلمها كثيراً لكن قوتها علي المقاومة قد انهارت تماماً بين ذراعيه
, _ لا يريد التنفس الآن فلقد كتم أنفاسه وحبسها بداخله لا يريد سوي التمتع بذاك الشعور الذي تغلغل الي قلبه بل وكل انش به ، لكن لم يعد يتحمل لأكثر من ذلك لقد طالبت رئتيه بالهواء ،
, _ أبتعد عنها وأسرع الي الخارج مهرولاً وما أن أوصد الباب حتي وقف خلفه يتنفس الصعداء ، اغمض عينيه وهو يحاول جاهداً ضبط أنفاسه المضطربة لكنه يفشل كلما حاول تهدئة روعه ،
, _ شعر بالاختناق وكأنه رئتيه رافضة للهواء ، لم يعد يتحمل حتماً سيقع أرضاً ، جذب هاتفه من جيب بنطاله وهاتف صديقه خالد ،
, _ وقف قيد الانتظار إجابته ، وها قد أتاه صوته يقول :-
, _ انت كويس يابني ؟
, _ أماء ريان رأسه بنفي وقال مختصراً :-
, _ تعالي قابلني تحت البيت ..
, _ أغلق الخط وهبط للاسفل سريعاً ، جذب مقعد خشبي واستلقي عليه بإهمال أمام البناية قيد انتظار وصول صديقه ، بينما لم تُبرح عنود مكانها من فرط الصدمة ، لم تستوعب بعد أنه عانقها ! أهذا عناق مُتبادل وسـ يُمحي مع مرور الوقت أم للقدر رأي آخر !
, _ جلست علي الفراش وضمت جسدها بذراعيها ، لازالت لمساته لم تُمحي بعد ، كما لم يتلاشى ألم ضلعوها ناهيك عن نبضات قلبها التي لم تهدئ من حينها
, _ أوصدت عينيها وقد تغلغل شعور قوي لأول مرة تشعر به ، لا تستطيع وصفه بدقة لكنه شعور غريب لم يسبق وأن عاشت تلك السعادة والأمان من قبل !
, _استلقت بجسدها علي الفراش وسحبت الوسادة وعانقتها بكل قوتها ودعت العنان لجفونها تذهب في النُعاس ،
, _ وصل خالد ووقف أمام ريان وسأله بقلق :-
, _ مالك يابني حصل حاجة ؟
, _ هز ريان رأسه بنفي وأشار إليه بالجلوس ، سحب خالد هو الآخر مقعد وجلس بجوار ريان وأردف بتوجس :-
, _ ها في ايه قلقتني
, _ التفت اليه ريان وهو لا يعلم ماذا يقول ، سحب نفساً عميق وهتف بنبرة تائهة :-
, _ مش عارف بس حسيت أني مخنوق ومفيش حد جه علي بالي غيرك
, _ ابتسم خالد وربت علي فخذه وقال بمزاح :-
, _ حد يتخنق برده وهو متجوز اتنين !
, _ رمقه ريان شزراً بينما واصل خالد حديثه وهو يقهقه عالياً :-
, _ أنا مش بحسد أنا بقر بس
, _ ظهرت إبتسامة علي ثغر ريان لم تتعدي شفاه وأردف بنبرة أكثر هدوءاً :-
, _ عارف الطفل الصغير اللي كان ماشي وفجاءة خد باله إنه تاه من أهله مع أن أصلا هو تايه منهم من فترة بس كان ماشي ومش أخد باله ، أنا زيه بالظبط كنت ماشي في حياتي ومش حاسس بأي نقص عندي بس النهاردة اكتشفت اني ناقصني كتير اوي
, _ عقد خالد ما بين حاجبيها وتسائل بفضول :-
, _ اشمعنا النهاردة بالذات ؟
, _ أبتسم ريان عندما تذكر عناقها له ، سحب نفساً أكثر عُمقاً ليزداد تدفق الادرينالين المندفع في شرايينه ويسبب حرارة قوية في جسده ، تعجب خالد كثيراً من حالته تلك فلم يسبق له وأن رأي ريان بتلك الحالة المبهمة التي تبدو له غامضة بعض الشئ ،
, _ ازدادت ابتسامة خالد وقال مازحاً :-
, _ انت عملت ايه بالظبط قر واعترف !
, _ عاد ريان لوعيه ولازالت ابتسامته تغزو شفتاه ، رفع كتفيه لكي يؤكد صدق نواياه بينما هتف خالد بحرج :-
, _ ريان ممكن اقولك حاجة من غير زعل !
, _ هز ريان رأسه مستنكراً حديثه الساذج واردف مازحاً :-
, _ هتيجي عليك انت ، عايز تقول ايه ؟
, _ ابتسم خالد وهو يبحث عن كلماته بعناية لكي لا يُساء فهمه ، تنهد ببطئ وهتف بنبرة رخيمة :-
, _ بحسك غامض كده ، يعني أنا مثلا لو عندي مشكلة بحكيلك وأي حاجة بمر فيها في حياتي بتكون اول واحد تعرفها بس انت عمرك ما مأمنتني علي سر أو حكيت لي حتي حكاية تافهة وعبيطة ديما مش عارف وبتقفل اي حوار ممكن يوصل لأسئلة عنك ، ليه انت كده ؟
, _ تنهد ريان مستاءً لأنه يعي كل كلمة قالها صديقه ، اعتدل في جلسته وقال بعد تفكير لبرهة :-
, _ مش عارف اوصف مشاكلي ، أو بالمعني الأدق يعني مكنتش شايفها مشاكل كانت حاجة عادية بالنسبة لي عشان كده مكنتش بتكلم أو مكنتش بعرف الطريقة اللي اتكلم بيها وحقيقي أنا لسه مش عارف !
, _ أماء خالد رأسه بتفهم وغمز إليه بعينه وأردف بنبرة ماكرة :-
, _ مش هتقولي انت عملت ايه مشقلب حالك كده ؟
, _ هز ريان رأسه في إنكار وقال وهو يحك ذقنه براحتي يده :-
, _ معملتش حاجة
, _ ضيق خالد عيناه عليه بعدم اقتناع وهتف مازحاً :-
, _ يا خلبوص !
, _ تعالت ضحكات ريان علي مزحة صديقه وصاح بحدة زائفة :-
, _ قوم أمشي يا عم خالد هي ناقصاك
, _ نهض خالد وابعد عنه المقعد وهتف محذراً :-
, __ عارف لو رنيت عليا بعد كده٣ نقطة
, _ توقف خالد عن الحديث حينما بادله ريان نظراته الثاقبة ، وتابع خالد حديثه مضيفاً :-
, _ هنزلك برده
, _ تعالت أصوات ضحكاتهم ومن ثم هم خالد بالمغادرة بينما نهض ريان ورفع رأسه للأعلي يتفحص البناية بعناية ، أزفر أنفاسه ثم صعد إلي الاعلي ولكن لشقته التي تعود له و لزوجته دينا ،
, _ لم يكن بمقدروه أن يواجهها بعدما فعله معها بدون وجه حق ، كيف سيبرر لها فعلته ، فهو في الأساس لا يعلم حقيقيه أمره ، لماذا خلق هذا العناق ؟ وكيف سمح لنفسه بالتقرب منها دون سابق إنذار !! ازدادت أسئلته ولم يجد لها حلاً ، فضل النوم لكي يهرب من اضطرابات عقله لكنه فشل بجدارة أن يغفو صورتها تظهر في ظلمة عيناه كلما أوصد جفنيه ، شعور عناقهم الأول يراوده كلما حاول النعاس ، أزفر أنفاسه بضيق لتلك الحالة المبهمة الذي بدي عليها ولا يدري كيفية الفرار منها ،
, _ فقط آراد تكرار العناق مرة أخري لكن لن يستطيع فعلها بعد الآن ، فالأمر أشبه بالمستحيل بعدما هرب مثل الأطفال ولم يواجهها ، تنهد بضجر بائن لأنه كلما حاول الهروب من أفكاره يعود إليها بدون مجهود ..
, _ نهض من علي الفراش وولج داخل شرفة منزله الواسعة وجلس علي مقعد خشبي ومدد قدميه أمامه أعلي الطاولة ، جلس لفترة ليست بقصيرة ثم تغلب عليه النعاس بسبب نسمات الهواء العليل الذي يضرب بوجهه وبات في ثُبات عميق ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ سطعت الشمس وبدأ يوم جديد في حياة الجميع ، استيقظت دينا وعزمت أمرها علي العودة الي منزلها بعد أن طال تفكيرها طيلة الليل ، لن تترك زوجها بحوذة تلك الفتاة مطلقاً ، هي علي علم بسبب زيجته منها ولابد أن تلعب علي هذا الوتر وتنهيه عاجلاً ، لم تنتظر لأكثر حتي يذهب من بين يديها ، إلي الان هو يريدها وهذه علامة جيدة
, _ أنهت ارتدائها كما أنهت تمشيط خصلات صغيرتها ودلفت للخارج حيث تقابلت مع والدتها التي تعجبت من مظهرها وتسائلت بقلق :-
, _ راحة فين بدري كده يا دينا ؟
, _ اجابتها دينا وهي تشد علي يد صغيرتها بتوتر :-
, _ هرجع بيتي يا ماما أنا لو قعدت هنا اكتر من كده ممكن اندم بعدين ..
, _ ابتسمت والدتها برضا واقتربت منها وربتت علي ذراعها وقالت بحنو امومي :-
, _ **** يهديكي يا بنت بطني ويصلح حالك ، طمنيني عليكي !
, _ ابتسمت دينا بتكلف ثم استأذنت وهمت بالمغادرة ..
, _ استيقظت عنود وفركت عينيها وهي تتثائب بكسل ثم نهضت لتؤدي **** الفجر اللي لأول مرة تفوتها ، توضأت وشرعت في الصلاة ثم سلمت وانهت صلاتها وجلست تتحدث بين يدي **** قائلا بخشوع :-
, _ يارب دلني علي الطريق الصحيح ، أنا لسه مش عارفة أنا مكاني هنا ولا لأ محتاجة إشارة تثبتلي إن ده مكاني وانا هعمل كل جهدي عشان اكون جديرة بيه
, _ تنهدت براحة ثم نهضت بعد أن لملمت سجادة صلاتها ووضعتها أعلي الأريكة ، دلفت إلي الخارج تنتظر عودته علي أحر من الجمر ، جلست علي الأريكة المقابلة للباب لكي تنعم برؤية طيفه مع أول ظهور له ،
, _ أستيقظ ريان علي ألم شديد ينتشر في أجزاء متفرقة من بدنه أثر غفوه علي مقعده الخشبي ، نهض وحاول تحسين حالة جسده بفرد ذراعيه في الهواء لكن لم تجدي نفعاً ، الألم أقوي من مجرد فرد عضلات جسده ، لم يكترث كثيراً وسار نحو المرحاض لكي يستعد إلي الذهاب إلي عمله ،
, _ أغلق باب شقته وكاد أن يهبط للاسفل لكن شئ ما أجبره للنظر إلي الاعلي كأن عناقها يناديه ، بعد تردد عزم علي الصعود إليها فقط للاطمئنان عليها لا اكثر ،
, _ قرع الباب حيث ركضت هي مهرولة نحو الباب وقامت بفتحه سريعاً دون أن تعلم هوية الطارق ، وكما تمني قلبها تماماً ، هو بذاته يقف أمامها ، أبتسمت برقة وسمحت له بالولوج إلي الداخل بينما لم تبرح هي مكانها خجلاً منه ، فما حدث أمس لم يُمحي أثره بعد
, _ التفت ريان إليها ورمقها بتعجب هتف متسائلاً :-
, _ واقفة عندك ليه ؟
, _ رفعت عنود كتفيها وهي تعض علي شفتها السُفلي بإرتباك خجل فأثارت انتباه ريان علي شفتاها ، هز رأسه بإنكار لما يفكر به وقد بدي علي ملامحه الارهاق والتعب الجلي ، انتبهت عنود إليه وتسائلت بإهتمام :-
, _ حضرتك كويس ؟
, _ أماء رأسه بنفي وهتف بتهكم :-
, _ إرهاق مش أكتر ..
, _ أبتسمت بتكلف ثم سارت نحوه وجلست علي الأريكة في انتظار حدوث شئ ما لكي تكون هي تلك الإشارة التي طالبت بها **** ،
, _ جلس ريان هو الآخر وقد لاحظت عنود صعوبة جلوسه وتحركه من وضع لآخر ، ابتلعت ريقها وهتفت بإهتمام اكبر :-
, _ شكلك مرهق جدا
, _ أخرج ريان تنهيدة بطيئة تحمل بين طياتها التعب الشديد وأردف وهو يطقطق رأسه علي الجانبين :-
, _ نمت علي كرسي طول الليل وجسمي واجعني شوية ..
, _ نهضت عنود سريعاً وكأن بيدها الحل وصاحت بعفوية :-
, _ تعالي معايا
, _ عقد ريان حاجبيه بغرابة لأمرها وتسائل بتعجب :-
, _ هنروح فين ؟
, _ أجابته بتلقائية مبالغة :-
, _ بابا **** يرحمه كان ديما بيحصل له كده بسبب اوقات شغله المتأخرة وكانت والدتي بتعمله مساج كنت بشوفه بيرتاح بعد كده !
, _ مازال هناك المزيد ليكتشفه بها كل يوم ، تزداد جرأة معه أو ربما هكذا نمط حياتهم في بلادهم الأجنبية لا يدري لكنه يريد وبشدة تجربة مثل هذه الأشياء ، لا يدري اهو يريد أن يخوض ذلك لكونها هي ام يريد حقاً الخلاص من ألم جسده ؟!
, _ ليس بـ حين يسمح له بالتفكير فقط يريد أن يشعر بلماستها عليه !!
, _ نهض وولج داخل الغرفة دون أن يلقي بكلمة تدل علي موافقته أو حتي اعتراضه لكن سيره ودخوله الي الغرفة بمثابة موافقة حتماً ، سارت خلفه وتفاجئت به عاري الصدر ، لوهلة شعرت بالندم أنها طالبته بشئ كهذا فهي لا تستطيع النظر إليه علي تلك الحالة ، فكيف لها إذاً أن تلمس جسده ، الوضع في غاية الصعوبة لم تكن تتوقعه كذلك ، ابتلعت ريقها مراراً وقد تملكها التوتر والخجل الشديد بينما نظر إليها ريان وهتف متسائلاً :-
, _ وقفتي عندك ليه ؟
, _ سحقاً لهذا الوضع ! سارت نحوه بعدما لعنت غبائها الذي أوقعها في ذلك المأزق الذي لا مفر منه ، اقتربت أكثر فأكثر حتي وقفت تنظر إلي ظهره العاري وهو مسطح علي الفراش ،
, _ سحبت نفساً عميق ثم جذبت أحد الزيوت الطبية التي ترافقها دوماً ووضعت منه قدراً علي يدها ومن ثم وضعت يدها برفق علي ظهره وشعرت برجفة قوية منه أسفل يدها ، لم يتحمل ريان اللمسة الأولي له فكيف سيواصل لماستها الأخري ؟
, _ حاول قدر المستطاع أن يتماسك أسفل يديها ، بينما بدأت عنود تمسد علي ظهره بخفة ونعومة شديدة مع وضع قدراً من الزيت من حين لآخر ،
, _ كان الخجل سيدهم إلي أن اعتاد ريان لمساتها الرقيقة التي آذابت عقله كما انحطت قوة جسده أسفل يديها ، بينما ظلت عنود تُدلك بنعومة علي ظهره وقد تبخر تماماً خجلها ربما لأنه لا ينظر إليها بسودتاه !..
, _ أنهت عنود ما تفعله وأردفت بخجل :-
, _ أنا خلصت
, _ سحب ريان نفساً عميق يدل علي شعوره الكبير بالراحة وشكر ألم جسده لأنه وضعه في هذا الوضع وحظي بنعومة يديها عليه ، التفت إليها وهو لازال مُسطح علي الفراش ، رمقته عنود متعجبة من أمره لكنها لم تتمكن من سؤاله من فرط خجلها ،
, _ ابتلع ريان ريقه وقال وهو يبتسم بمكر :-
, _ كملي !
, _ اتسعت حدقتي عنود بذهول وواصل ريان حديثه قائلا بخبث :-
, _ هو المساج للضهر بس ؟
, _ بربك اعترف أنك تمازحني ! كانت ترمقه بنندقيتاها قيد انتظار نهوضه لكنه لم يبرح مكانه ، أوصدت عينيها وهي تدعي بأن يتركها وشأنها فهي ليست بتلك الجرأة التي يتوقعها ، لن تستطيع إعادة ما فعلته وهو ينظر إليها حتماً ستقع مغشي عليها بسبب نظراته التي لا ترأف بعذرية مشاعرها ..
, _ مد ريان يده وأمسك بيدها ووضعها علي صدره قائلاً بنبرة جدية :-
, _ يلا كملي اللي بدأتيه ..
, _ فتحت عنود عينيها وحاولت ألا تنظر نحوه لكنه مازال مثبت عينيه عليها كأنه يتعمد فعل ذلك ، توردت وجنتيها بالحُمرة الصريحة ، وسحبت يدها من بين قبضتيه وبدأت في تدليك صدره لم يكن أمامها خيار آخر ، فقط تريده أن يبعد بنظره عنها لكي تنهي ما بدأته سريعاً ،
, _ حاول ريان مراراً اخفاء ابتسامته لكنه فشل ، خجلها وارتباكها المتسبب هو به يعجبه كثيراً ، لكن يكفيه هذا القدر الآن لن يطيل في حماقته معها ، حسناً سـيوصد عينيه ويترك لها المساحة الكافية في إنهاء ما بدأته علي أكمل وجه ، بينما انجرف هو مع لمساتها الناعمة عليه
, _ تنفست الصعداء ما إن أوصد عينيه ومارست ما تفعله بجدارة ، كانت تشعر بنبضاته كلما اقتربت من قلبه ، أيعقل هذا تأثيرها عليه ؟!
, _ أنهت ما تفعله سريعاً لتتفاجئ به يرمقها بنظراته التي اخترقتها ثم قال بعدما جذب يدها ووضعها علي عنقه :-
, _ هنا ، لسه في وجع هنا !
, _ خفق قلبها و تعالت أنفاسها بشدة حتماً يريد إنهائها بتصرفاته تلك ..
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
١٥


حمد لله علي سلامتك يا دينا فرحتيني برجوعك
, _ قالتها هاجر عندما تقابلت مع دينا علي الدرج ، رسمت دينا ابتسامة لم تتعدي شفاها ورددت بفتور :-
, _ قولت أرجع ألحق بيتي قبل ما يتخرب بجد !
, _ ابتسمت هاجر وأردفت بسعادة :-
, _ **** يصلح حالكم يارب
, _ أبتسمت دينا بتهكم وتسائلت بإقتضاب :-
, _ جاية من بدري يعني في حاجة ؟
, _ انعكست تعابير هاجر للإستياء الممزوج بالخجل واردفت بندم :-
, _ أنا زودتها مع ريان امبارح وزعل مني ، مقدرتش أنام طول الليل واول لما النهار طلع جيت عشان أراضيه !
, _ أماءت دينا رأسها بتفهم ثم صعد كليهما معاً في المصعد الكهربي إلي أن وصلا إلي شقة دينا ، كم تمنت وجوده في تلك الأثناء كم تمني قلبها وعقلها رؤيته في منزلهم الخاص بهم وحدهم وليس عند تلك التعيسة التي تحظي بأثمن اللحظات معه
, _ وقفت أمام الباب ترمقه بتردد كبير خشية عدم وجوده بالداخل ، لن تتحمل وجوده عند تلك الفتاة حتي وان عادت هي بكامل قواها وهي علي علم بما يحدث ، لا يكون أول المطاف بتلك الصعوبة ،
, _ حتماً ستنهار عزيمتها ومن الممكن ألا تُكمل ما عزمت علي فعله إن لم تجده بالداخل ، أخرجت تنهيدة بطيئة ثم فتحت الباب وبحثت عنه ولم تجده ! رباه لقد صدق حدسها ، شعرت بغصة مريرة في حلقها وحاولت التماسك فقط لوجود هاجر معها ..
, _ التفتت إليها وشكلت ابتسامة متهكمة لم تتعدي شفاها وأردفت مستاءة :-
, _ ريان مش هنا !
, _ شعرت هاجر بالحرج الشديد نحوها ، لم تعلم ما عليها فعله الآن ، بالتأكيد يمكث في الطابق العلوي ، أزفرت أنفاسها بإرتباك ورددت بتلعثم :-
, _ أنا ها هطلع اشوفه فوق !
, _ ابتسمت دينا بسخرية وأردفت وهي تحاول ألا تنهمر دموعها :-
, _ براحتك ده اخوكي ودي مراته !
, _ ازدردت هاجر ريقها فهي في وضع لا تحسد عليه ، أسرعت الي الخارج مهرولة ، وما إن أغلقت الباب حتي وقفت خلفه تستنشق الصعداء ، اعتدلت في وقفتها وهي تنظر للاعلي قائلة :-
, _ حرام عليك يا ريان تعمل فينا كده ، بجد حرام !
, _ أنهت جملتها وصعدت إلي الاعلي وطرقت باب شقة أخيها ووقفت في انتظار ظهور أحدهم ..
, _ في تلك الأثناء شعرت عنود بالامتنان الشديد للطارق لأنه كان طوق نجاتها وإنقاذها من بين يدي هذا المراهق الذي يعيش طفولة متأخرة أو ربما يتدلل عليها ، لقد أنتهت من تدليك اجزاء متفرقة في جسده ولازال يتصنع الألم لكي تبدأ من حيث انتهت
, _ أولته ظهرها وابتعدت عنه سريعاً لكي تفتح الباب لكنها تفاجئت بيده تجبرها علي الوقوف ، التفتت إليه وأسرع هو بالحديث قائلا :-
, _ استني هفتح أنا ادخلي انتي جوة !
, _ لم تنتظر لأكثر وهرولت مسرعة الي غرفتها فقد تريد الفرار منه ، بينما توجه ريان الي الباب وفتحه ليتفاجئ بهاجر أمامه ، شكل إبتسامة علي ثغره لها وأردف مرحباً بحفاوة :-
, _ أهلا يا هاجر تعالي
, _ قطبت هاجر جبينها بتعجب لنبرته المُسالمة التي تميل للهدوء والاكثر غرابة مظهره الذي لأول مرة لها أن تراه عاري الصدر ، كان دوماً شديد الحرس علي ظهوره بصورة وقورة أمام الجميع ، إذا ما الذي تغير الآن ؟
, _ أنتبه ريان لنظراتها عليه وأخفض بصره الي حيث تنظر فإذا به عاري !! لم ينتبه لحالته قط ومن الطرائف أنه لم يكن مزعوج بالمرة ، بل كان يعجبه الأمر كثيراً لا يدري لما ربما يعلم لاحقاً !
, _ رحب بها واستقبلها بحفاوة شديدة لم يكن في متصورها أن لقائهم سيكون حافل لهذا الحد ، توقعت فتور في نبرته أو ربما تجهم ملامحه مما تحمل الكثير من العتاب واللوم لكنه فاجئها بعكس ما توقعته تماماً ،
, _ ولجت الي الداخل عندما سمح لها بينما نادي هو بصوته الرخيم علي زوجته قائلا :-
, _ عنود لو سمحتي هاتي التيشيرت بتاعي!
, _ تسبب في جذب نظرات هاجر عليه وقد ازدادت حيرتها من تصرفاته المبهمة التي لا تفهم من خلفها شئ ، هزت رأسها في إنكار ثم جلست علي إحدي الارآئك الموضوعة وانتظرت جلوسه لكي تعتذر منه وتهم بالمغادرة سريعاً
, _ دلفت عنود علي استحياء شديد وخاصة بعد أن تفاجئت بوجود هاجر ، سحبت نفساً عميق وناولته التيشيرت خاصته وسارت نحو هاجر بعدما شكرها ريان وهي مُشكلة علي ثغرها إبتسامة لم تتعدي شفاها ، صافحتها واكتفت بإبتسامة رقيقة بينما بادلتها هاجر ابتسامة ثم استأذنت عنود وهمت بالدخول الي غرفتها ،
, _ اعتدلت هاجر في جلستها وهتفت بندم وهي تفرك أصابعها بإرتباك خجل :-
, _ ريان أنا آسفة مش قصدي أزعلك مني !
, _ جلس ريان هو الآخر مقابلها وأجابها قائلا :-
, _ متعتذريش يا هاجر بس لو سمحتي مش عايز تدخل في خصوصياتي بعد كده سواء منك او من غيرك عشان دي حياتي وانا الوحيد اللي أقرر أنا عايز ايه مش حد تاني مهما كانت درجة قربه مني !
, _ أماءت رأسها بتفهم وابتسمت عكس ما تشعر به داخلها ، فلقد اشتعلت نيران الخجل وتمنت لو تنشق الأرض وتبتلعها من فرط الحرج منه ، تنهدت بحرارة وغيرت مسار الحوار :-
, _ علي فكرة دينا تحت أنا قابلتها !
, _ لا شعور يصف مشاعر ريان في ذاك الحين ، مشاعر جامدة ممزوجة بالرفض التام لوجودها ، لام مشاعره علي رفضها المقيت هذا ، فهي بالاخير زوجته وأم لصغيرته وبينهما عشرة طويلة دامت لـ أكثر من خمسة أعوام ، سحب نفساً وعمل جاهداً علي إرخاء ملامحه لتبدو طبيعية ،
, _ تنهد وقال بضجر بائن :-
, _ تمام ..
, _ شعرت هاجر بالحرج من حديثه المختصر ونهضت بعدما استأذنت منه وهمت بالمغادرة ، بينما نهض ريان وعاد الي حيث تجلس صغيرته ، طرق الباب بخفة ثم ولج الي الداخل ، اعتدلت هي في جلستها وهي ترمقه بخجل ، أسند رأسه علي الباب وأردف :-
, _ أنا نازل
, _هزت راسها بإيماءة خفيفة فاعتدل ريان من وضعية جسده في إنتظار حدث عظيم يتمني تجربته ثانيةً ، يريد وبشدة الوقوع في لذة متعته لمرة أخري ، شئ كبير لطلاما حلم به منذ افتراقه عنها ، لماذا لا ترأف به وتعانقه بجرأة يهتز لها جسده ،
, _ تعجبت عنود من نظراته عليها ، لم تعي حقيقة نظراته تلك ، لكن حتماً يريد قول خطب ما ، يا تُري ماذا يريد ؟!
, _ تنهد ريان مستاءً لعدم فهمها لرغبته ، ثم أبتسم بتهكم وأولاها ظهره وتعمد التباطئ في خطواته علها تحقق أمنيته الذي يطالب به كل أنش بجسده !
, _ فتح الباب وألقي نظرة سريعة علي غرفتها قبل أن يوصد الباب خلفه ، تنهد بضيق ثم هبط للاسفل لم يريد مقابلة دينا في ذلك الحين قط ، لكنه افتقد كثيراً لعناق صغيرته ولابد أن يُجبر علي لقائها فقط من أجل صغيرته ،
, _ طرق الباب وانتظر حتي فتحت له ، لم تستطيع دينا تشكيل إبتسامة علي ثغرها كما كانت تفعل دوماً عند استقباله ، الوضع يختلف الأن وبالكاد تقف شامخة أمامه ، تلك هي بداية الصعاب إذا فهل ستصمد للنهاية أم أن لقلبها رؤي أخري !
, _ تنهدت وبالكاد تحدثت بمزاج غير سوي :-
, _ اتفضل ..
, _ تنحت جانباً لكي تسمح بمروره ولج هو الي الداخل باحثاً عن صغيرته وعندما لم يراها التفت الي دينا وسألها بتهكم :-
, _ جني فين ؟
, _ زفير وشهيق فعلت دينا حتي لا تجهش بالبكاء ، تماسكت وأجابته مختصرة :-
, _ في اوضتها بتلعب ..
, _ أماء رأسه ثم سار نحو غرفة صغيرته ، بينما أوقفته دينا قائلا :-
, _ علي فكرة أنا حامل !
, _ التفت ريان إليها عندما لم يستوعب عقله ما قالته بينما تابعت هي حديثها بألم :-
, _ عرفت يوم..
, _ لم تستطيع تملك دموعها التي انسدلت كالشلال ألماً وأكملت بنبرة مرتجفة :-
, _ يوم ما اتجوزت صدفة غريبة اوي ..!
, _ حك ريان مؤخرة رأسه بشدة لا يعلم ما عليه قوله في تلك الأثناء كما أن مشاعره اضطربت ولم يعد يعي بماذا يشعر ، أليس عليه أن يسعد بذاك الخبر سيكون أباً لمولود جديد ، اهو حقاً جدير بتلك الاُبُوة ؟ يفعلها علي اكمل وجه أم أنه مجرد نطق لاسم ' أبي ' لا اكثر .. ؟
, _ استشعرت دينا حيرته لكن كـ المُعتاد فسرتها بعقلها هي وليس علي حقيقتها ، أبتسمت ساخرة وأردفت مستاءة :-
, _أنا آسفة طبعاً انك هتستحمل مسؤولية تانية في وقت انت عايز تكون خالي فيه للعروسة الجديدة بس بجد مش بإيدي !
, _ قطب ريان جبينه ورمقها بنظرات مستاءة ، يريد فقط عدم إساءة فهمه لمرة واحدة من قِبلها ، فقط لمرة ..
, _ سحب نفساً عميق ثم سار نحوها وأردف متسائلا :-
, _ انتي رجعتي ليه يا دينا ؟
, _ تلقت صعقة قوية من سؤاله أهو لا يريدها حقاً ، استغني عنها بتلك السهولة ؟ لمجرد يومين ، فقط يومين مكثهم بجانب تلك الافعي التي سرقته منها يحولونه لشخص آخر لا تعرفه ،، !
, _ اقتربت منه هي الأخري ووقفت شامخة أمامه وقالت بنبرة قوية :-
, _ مكنتش أعرف أن رجوعي هيضايقك كده!!
, _ تعالت ضحكات ريان وهو يجوب المكان بأنظاره ثم عاد ببصره إليها وهو يهز رأسه في إنكار وصاح بها :-
, _ أقولك أنا رجعتي ليه ، مقدرتيش تستحملي فكرة اني قاعد مع واحدة في نفس البيت وطبعاً شيطان أفكارك صورلك صور كتيرة أوي أهمهم اني ٣ نقطة طبعاً انتي فاهمة مش غير توضيح ، حتي لو كانت الجوازة كلها علي بعضها لا تعني لي بشئ فأنا هسيبك كده ، هسيبك لشيطانك يلعب بيكي يمكن وقتها بس تتغيري وتفهمي ريان بجد !
, _ وما إن أنهي حديثه حتي أولاها ظهره ليمتع عينيه برؤي صغيرته ويفر هارباً من ذاك المنزل بل ذاك المعتقل ..!
, _ فتح الباب بخفة وهو ينظر إليها بتسلية ، ابتسم عندما رآها تلعب بالدمي خاصتها وكاد أن يفاجئها بدخوله لكنها جذبت انتباهه بحديثها الخافت مع دُميتها ببراءة :-
, _ آبلة عنود قالتلي أتكلم مع **** واطلب منه لعبة بس انا مطلبتش لعبة ، عارفة أنا طلبت ايه ؟ هقولك بس مش تقولي لحد عشان ماما زعلانة منها عشان أخدت بابا ،
, _ راقبت الصغيرة المكان سريعاً بينما أغلق ريان الباب لكي لا تراه ثم واصلت حديثها مضيفة :-
, _ طلبت منه أنها تقعد معايا عشان هي بتجيب لي بونبون وانا بحبها اوي
, _ تشكلت ابتسامة علي ثغر ريان ثم طرق الباب وولج للداخل قائلا :-
, _ جنجونتي وحشتيني اوي
, _ نهضت الصغيرة وركضت بخطوات طفولية نحوه إلي أن باتت في حضنه ، شد ريان علي ظهرها من فرط اشتياقه لها ، ثم أبعدها عنه قليلا وداعب خصلاتها المتحررة وقال :-
, _ بابا موحشكيش ولا ايه ؟
, _ عبست الصغيرة ولوت شفاها بحزن زائف وقالت :-
, _ وحشتني اوي يا بابا أنا فرحانة عشان رجعت لعروستي
, _ ضحك ريان علي عفويتها ووضع قبلة علي وجنتها كما شعر بالندم الشديد حيالها ، لماذا تركها بعيدة عنه مهما كانت الأسباب لابد وأن تمكث بين أحضانه هو فقط ..!
, _ تنهد ونهض لتسرع هي متسائلة :-
, _ رايح فين ؟
, _ ابتسم ريان وأردف بنبرة رخيمة :-
, _ رايح شغلي ..
, _ ركلت الصغيرة بقدميها علي الأرض وقالت :-
, _ عايزة بلونة يا بابا
, _ أبتسم لها ريان وهتف وهو يعبس بخصلاتها :-
, _ من عيوني يا عيوني وانا طالع بليل هجيب لك بلالين كتير اوي
, _ قبلها من جبينها وغادر مسرعاً قبل أن يتقابل مع دينا مرة أخري ، بينما لم تبرح هي مكانها وظلت طريحة الفراش حينها ، تبكي ولا تفعل سوي البكاء الصامت الذي يمزق أشلائها من الداخل ،
, " هسيبك لشيطانك يلعب بيكي يمكن وقتها بس تتغيري وتفهمي ريان بجد !
, _ فقط تتردد تلك الجملة في عقلها ، كيف له أن يقول ذلك بعد كل تلك الأعوام العديدة التي مضت وهم لم يفترقا قط ، كانت علاقتهم سوية وطبيعية لأكثر حد ، هل يعقل أنها فقط من شعرت بذلك ؟
, _ أيعقل أنه بدي لها كشخص وفي النهاية اكتشفت شخص آخر !
, _ لا تدري ! تراجعت برأسها الي الخلف واستلقت بجسدها علي الفراش واحتضنت وسادتها التي ترقرت عليها دموعها وباتت في ضجة شديدة لا يسمعها سوي قلبها ..
, ١٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ دخل إلي مكتبه بعدما طلب قهوة زائدة الدسم كما لم يفعل من قبل ، جلس علي مقعده وشئ واحد يتردد في عقله ومشاعر وصفه تتكرر كالسابق " عناقها "
, _ تنهد بحرارة بعدما خرج من شروده علي طرق الباب ، سمح للساعي بالولوج وشكره بإبتسامة بشوشة ثم غادر الساعي ، رفع ريان فنجان القهوة وارتشف القليل منه وهو موصد العينين لكي يستمتع بلذة حرارتها في فمه مع رائحتها الشهية التي ازدادت جمالاً مع زيادة حبات السكر ،
, _ فتح عينيه علي صوت مزعج يقول :-
, _ لا لا حالتك دي مش عجباني أبداً ، انت فيك حاجة غلط قر واعترف وقول في ايه بدل ما ازعل وأجيب ناس تزعل
, _ صاح بهم خالد وهو يقف أمامه متعجباً من حالته المبهمة تلك ، تنهد ريان وارتشف مرة أخري وهو لا ينوي تعكير صفوه الأن بل ولن يسمح بذلك إطلاقاً ، فالقهوة مع عناقها الذي لازال يشعر بلماسته التي مزقت اشلائه لا يمكن أن يتلاشوا بتلك السهولة ،
, _ سحب نفساً عميق ووضع الفنجان علي مكتبه بعدما أنهاه بالكامل واعتدل في جلسته وأردف بحدة زائفة :-
, _ نعم! عايز ايه ؟
, _ رفع خالد أحد حاجبيه بتعجب اكبر واقترب منه بخطي سريعة ووضع راحة يده علي جبينه لكي يتأكد من عدم ارتفاع حرارته قائلا بمزاح :-
, _ لا مش سخن اومال في ايه ؟
, _ دفع ريان بيده بعيدا وهتف بفتور ممزوج بالتوسل :-
, _ بقولك ايه ما تسيبني مع نفسي النهاردة وبلاش رخامتك دي حقيقي مش عايزها النهاردة بس !
, _ قهقه خالد عالياً ومن ثم جلس علي طرف المكتب وعقد ذراعيه وهتف بتصميم :-
, _ ده بعينك لو سيبتك قبل ما تعترف ايه اللي مشقلب حالك كده ؟
, _ تأفف ريان ورمقه بنظرات مشتعلة وأردف بنبرة هادئة :-
, _ مرتاح !
, _ نهض خالد من علي مكتبه واولاه ظهره وجلس علي الأريكة الجلدية المقابلة لريان وهتف بسعادة :-
, _ **** يديم راحتك ، بس ايه اللي حصل يخليك كده مفهمتش برده ؟
, _ نهض ريان هو الآخر وسار نحوه ببطئ ثم أمسك بذراعه وأجبره علي النهوض وسار به نحو الباب وما أن وصل حتي دفعه خارجه وغمز إليه بمكر :-
, _ روح شوف شغلك مش فايق لك !
, _ لم يعطيه ريان أي مجال للنقاش أكثر فلقد أغلق الباب وعاد الي مقعده ثانيةً وانهمر في عمله المتراكم عليه ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ مر أسبوعين سريعاً لم يتغير فيهما شئ ، بل كانت الأمور هادئة الي حد ما ، مازالت رنا تحاول معه بشتي الطرق ولازالت تفشل كالمعتاد بل وكان فشلها ذريع للحد الذي لم تكن تتصوره ، منذ ظهور تلك الفتاة في حياته وهو حتي لا يعيرها غضبه لطلاما كانت تتلذذ به فقط لأنه يحادثها ..
, _ يزداد يحيي غيره عن سابق يومه علي عنود لا يدري حقيقة أمره بعد لكنه حتماً مزعوج من قربها من ريان ، يشعر بتدفق الادرينالين في شرايينه مع تشنج عضلاته ناهيك عن بروز عنقه عندما يلمح طيفها ، لا يدري أين جاء بتلك المشاعر الفياضة تلك نحوها لكنه يريدها وبشده لكن كيف وهي باتت زوجة أخيه ، أخيه الذي بمثابة والده ناهيك عن أحلامه التي يعاونه دوماً علي تحقيقها ، كما أنه يملئ فراغ افتقاده لوالدته التي تركته وذهبت مبكراً ولم ينعم بحضنها الدافئ ولا حنو اموميتها ، لكن يجدر عليه الإنسحاب من تلك المعركة من أجل أخيه لكن كيف وهي باتت شاغله الأساسي !!.
, _ كذلك هاجر لم تعد تأتي يومها من كل أسبوع لإنشغال ريان عنها وعدم إلحاحه عليها كما يفعل دوماً معها ، تأتي فقط بضعة ساعات قليلة مع غروب الشمس لتطمئن علي صحة والدها وتعود الي منزلها دون تكليف ..
, _ كما أن دينا ازدادت حالتها الصحية سوءاً بسبب حملها مع نفسيتها المدمرة وباتت طريحة الفراش لا تقدر علي النهوض الا بمساعدة والدتها وشقيقتها المرافقين لها في تلك الأثناء ،
, _ بينما يقضي ريان الليل في شقته الأخري مبرراً فعلته لكي يترك لهم مساحة كافية ليفعلوا ما يحلوا لهم دون خجل ،
, لكن شئ واحد فقط بات يشغل قلبه من فرط اشتياقه وافتقاده لعناق واحد ، يريد أن يشعر بذاك الشعور الذي زلزل قلبه وهز كيانه لمرة أخري ،
, _ لم يحظي به مرة أخري علي الرغم من مكوثه معها في منزل واحد طيلة أسبوعين كاملين ، لم تتعدي علاقتهم التحية الصباحية وكذلك المسائية ، ويفر هارباً منها طيلة اليوم لا يفهم حقيقة مشاعره من أين يفتقد عناقها وهو نفسه يهرب منها ولا يترك لها المجال لتكرار فعلتها ثانيةً ..
, _ بينما ظلت عنود مرافقة للقران الكريم ولم يمر يوماً من دون التمتع بقرائته وكأنها رسائل من **** لها علي هيئة آياته الكريمة ، كانت تشعر بالسعادة الغامرة عندما تقرأ أية تصف وضعها أو تشعر بأنها تُشبهها ، يالا الروعة حقاً إن **** كريم ورحيم بها دائماً يتدخل بحكمته من خلال تلك الآيات التي تلمس قلبها وتهون عليها ، كان يُأزرها في وحدتها وأيضاً عندما تنحط قواها بسبب فراق أحبتها ..
, _ كما قرر ريان تدوين مافي قلبه لربما يفهم حقيقة مشاعره ويعرف ما عليه فعله ..!
, _ زفيراً وشهيقاً فعل بعدما جلس علي مقعد مكتبه ، فتح الدفتر وسحب قلم من بين عدة اقلام موضوعة في عُلبة صنعت خصيصاً لهم ،
, _ الآن , ماذا يكتب ؟ لا يدري ، وكيف سيُدون شئ لهم وعلاقتهم لم تتعدي العناق !
, _ تقوس ثغر ريان بإبتسامة عندما ردد كلمة عناق في جوفه لأكثر من مرة ' إذا إنه العناق '
, _ فتح أولي صفحات الدفتر ودون به
, ( والجدير بالذكر أن الأمان خُلق من ضلع عناق ، فقط ' عناق ' )
, _ اكتفي بتلك الجملة التي هي بمثابة وصف لـ علاقتهم الفترة الماضية ، وأغلق الدفتر وفتح أحد ادراج مكتبه ووضعه فيه ومن ثم أغلقه وعاد لعمله ٣ نقطة
, ١٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ أعددت جميع مستلزماتها التي ستحتاجها بأول يوم في جامعتها ، كما وضعت كُتيب صغير للقرآن ليكون رفيقها حينذاك ،
, _ ارتدت حقيبة ظهرها ونظرت إلي صورتها المنعكسة في المرآة بتفحص ثم هاتفت ريان لتخبره بذهابها ،
, _ استمعت لصوته التي حفظت نبرته جيداً وهو يقول :-
, _ انتي كويسة ؟
, _ أبتسمت لإهتمامه البائن وأجابته برقة كما اعتاد هو منها :-
, _ أنا بخير ، كنت عايزة أعرفك أن النهاردة اول يوم في الكلية و..
, _ قاطعها ريان وهتف :-
, _ ااه أنا نسيت ، خمس دقايق وهكون عندك ..
, _ أغلق الخط قبل أن يستمع لردها وقام بأمر أحد عامليه هاتفاً بأمر :-
, _ خلي بالك من المعرض أنا رايح مشوار ساعة وراجع
, _ ركب سيارته وعاد بأدراجه الي منزله ، صف سيارته أسفل البناية وهبط منها ليتفاجئ بها تطل عليه بثوبها الاسود المعتاد لكن ما يسعده أنه فضفاض للحد الذي لا يظهر أهي نحيلة ام سمينة ، ابتسم لـ طلتها المحببة إليه ، ألقت عليه التحية بحياء :-
, _ صباح الخير
, _ صباح النور
, _ هتف بها ريان وهو يرمقها بتفحص شديد ثم سار معها الي الباب وقام بفتحه لها ، ابتسمت بخجل ومن ثم انسدلت بجسدها وجلست علي المقعد ،
, _ تفاجئ ريان بهرولة يحيي عليه وقال بأنفاس متقطعة :-
, _ ريان خدني معاك
, _ ابتسم له ريان وربت علي كتفه بحب بينما جلس يحيي بالخلف وظلت عيناه مثبتة علي المرآة الخارجية لنافذة عنود ، لم يستطيع إبعاد نظره عنها طوال الطريق ، بينما التزم كليهما الصمت إلي أن وصلا إلي الجامعة..
, _ ترجل جميعهم خارج السيارة ، رمق ريان المكان بنظراته الثاقبة ، شعر بإنتمائه لهذا المكان ، تذكر كم من مرات عديدة قادته قدمه الي هنا وبات طيلة اليوم يراقب الجامعة ويصور بعقله عدة مشاهد له وهو بداخلها كـ طالب جامعي وليس بصبي يراقب ما يحدث مع الافتقاد الشديد لدراسته بها ،
, _ تملك الحزن منه وبدي علي ملامحه التي انعكست علي تقاسيمها ، سحب نفساً عميق والتفت إليهم وقال موجهاً حديثه إلي عنود :-
, _ تعالي نعرف مدرجكك فين !
, _ رفعت بندقيتاها عليه بإستحياء وواصل هو حديثه قائلا :-
, _ هتتعبي علي لما توصلي للمدرج بتاعك وخصوصاً لو كنتي لوحدك تعالي أنا هساعدك
, _ أماءت رأسها بطاعة ثم اقتربت منه علي حياء ، وجه ريان حديثه الي يحيي :-
, _ اللي يوصل لاسم حد فيكم يكلم التاني يعرفه ، تمام !
, _ كانت هذه الجملة بمثابة قطعية لأن يفترقا ، غادرهم يحيي سريعاً وهو يكاد ينفجر غيظاً ، لم يضع ريان في حِسبته بل رسم طريقه معها فقط وليس بمرافقتها لـ ريان وليس هو ،
, _ بينما مد ريان يده بالقرب من عنود فتفاجئت هي بفعلته ورفعت بصرها عليه متعجبة من أمره ، تنهد ريان وهتف موضحاً :-
, _ ممكن نتوه وسط الحشد ده كله لازم نكون قريبين من بعض عشان منضيعش وقت !
, _ مُحتال كبير !! هو فقط آراد أن يحظي بلمس يدها علي الرغم من أن هذا بعيد كل البُعد عما يريد لكن سيكتفي بذلك الآن ،
, _ بعد بحث طال لاكثر من ثلاثون دقيقة ، وصل كليهما الي المدرج المقصود ، سحبت عنود يدها من بين قبضتي وأردفت بخجل :-
, _ Thanks for your help
, ( شكراً علي مساعدتك )
, _ تقوس ثغره بإبتسامة عذبة وغمز إليها وهتف بمزاح :-
, _ you're welcome
, ( علي الرحب والسعة )
, _ لم تستطيع منع ابتسامتها التي زادت وجهها إشراقاً ، سحبت نفساً عميق وقالت بتلعثم :-
, _ أنا هدخل ، هتمشي ؟
, _ أماء رأسه بالايجاب وهتف بنبرة تحمل بين طياتها الخوف والشجن :-
, _ خلي بالك علي نفسك ، كلميني لو حصل حاجة ..
, _ أماءت رأسها بخجل ثم أولته ظهرها لكنه أوقفها قائلا بنبرة آمرة :-
, _ استني
, _ كادت أن تلتفت إليه لكي تعلم ماذا يريد لكنه أجبرها علي الوقوف وشعرت به يفتح حقيبتها ثم اغلقها وقال بصوته الأجش :-
, _ يلا ، تقدري تدخلي المدرج ..!
, _ التفتت إليه وهي عاقدة ما بين حاجبيها بغرابة ، تفاجئت به يرفع أحد إصبعيه ويقربهم من جبينه ثم يرفعهم للأعلي وغادر ، لم تفهم معني تلك الحركة وازدادت غرابتها منه وما أن اختفي طيفه من أمامها حتي ولجت داخل المدرج ،
, _ وقفت أمام الباب مذهولة من ذاك الحشد الهائل في المدرج الواحد ، صوت ضجيجهن مرتفع للحد الذي تسبب في خفقان قلبها بصورة قاسية ، توتر قد عصف بها في تلك اللحظة وازدردت خوفاً منهم وراودتها أسئلة عدة ، هل يشبهونها ؟ هل ستتأقلم مع ذاك الحشد الكبير ؟ هل ستقابل صديقة وفية يسيران علي العهد معاً ؟ هل ستنجح في تلك الضجة المثيرة للجدل ؟ هل ستحقق حلمها لطلاما تمنته منذ الصِغر ؟
, _ خرجت من شرودها علي صوت فتاة يأتي من خلفها قائلة بنبرة متوجسة :-
, _ أنا مرعوبة ايه كمية الطلبة دي !!
, _ استدارت بجسدها إليها لتري فتاة بملامح قمحية بسيطة ذات قامة طويلة ، تغزو حسنة كبيرة أسفل شفاها ، والمثير للاهتمام الممزوج للاعجاب أنها ترتدي فساتين فضفاضة لا مثل اللواتي رآتهن في الجامعة ،
, _ الصور طلعت حلوة؟
, _ هتفت بهم الفتاة وهي تشير بيدها أمام وجه عنود ، تعجبت منها عنود وسألتها بفضول :-
, _ صور ايه ؟
, _ عقدت الفتاة ما بين حاجبيها بغرابة وهتفت مازحة :-
, _ انتي مش من مصر ولا ايه مش معقولة مصرية ومش حافظة الإفيهات دي !
, _اعادت عنود تكرار ما قالته بغرابة :-
, _ إفيهات!
, _ قطبت الفتاة جبينها وتعلقت بذراع عنود وهتفت بحنق :-
, _ لأ ده أنتي عايزة إعادة توجيه من اول وجديد تعالي معايا نلحق لنا مكان في الأول قبل ما الوحوش دي تحتل المدرجات ومنعرفض نقعد ولا انتي فاشلة وبتحبي تقعدي في الآخر ولا ايه نظامك ؟
, _ ازدادت عنود غرابة من عفوية تلك الفتاة وأجابتها بتلعثم :-
, _ آه ، آه Great
, _ قلدتها الفتاة بسخرية :-
, _ Great ، تعالي يا حبيبتي تعالي كويس إنك وقعتي تحت ايدي والا مكنش حد رحمك بالانجلش بتاعك ده
, _ لم تستطيع عنود كتم ضحكاتها علي أسلوب تلك الفتاة الطريف ، وسارت بجوارها الي أن جلس كليهما في منتصف المدرج الثاني ، مدت الفتاة يدها نحو عنود قائلة بترحيب :-
, _ هاي أنا هالة وانتي ؟
, _ ابتسمت عنود بتكلف وأردفت معرفة ذاتها :-
, _ عنود
, _ تعجبت عنود من غرابة نظراتها التي لا تعلم حقيقتها وتسائلت بفضول :-
, _ في ايه ؟
, _ رفعت هالة حاجبيها بتعجب وأردفت وهي ترمقها بغرابة :-
, _ أسمك غريب اوي أول مرة أسمعه ، معناه ايه ؟
, _ ابتسمت عنود وأجاباتها بعفوية :-
, _ صعبة المنال والعنيدة
, _ قهقت هالة عاليا وقالت بثقة :-
, _ لأ أنا في العند محدش يقدر يغلبني بس انتي شكلك نضيف كده وكلامك انجليزي انتي من المعادي ؟
, _ اجابتها عنود بتلقائية عابثة :-
, _ لا أنا من كاليفورنيا
, _ ازدادت ضحكات هالة علي دعابة عنود وهتفت بإصرار :-
, _ بطلي هزار بقا انتي منين بجد ؟
, _ هزت عنود راسها بعدم استيعاب وهتفت بجدية :-
, _ و**** من كاليفورنيا لوس انجلوس بالتحديد
, _ فغرت هالة فاها بصدمة جلية ، مرت ثواني لم يتغير وضعها كما لم يقل ذهولها وتمتمت في محاول منها أن تصل لنهاية الحوار :-
, _ اه كنتي في رحلة ذهاب وعودة يعني صح ؟!
, _ تعجبت عنود من عدم اقتناعها لحديثها كأن ثقتها منعدمة فيمن أمامها ، تنهدت مستاءة وأردفت بفتور :-
, _ أنا مولودة هناك
, _ ازدادت هالة ذهولاً وتسائلت ببلاهة :-
, _ يعني معاكي الجنسية الأمريكية ؟!!
, _ هزت عنود راسها بإنكار شديد لتلك الفتاة التي لم تروق لها ولا تحب هذا النوع من أسئلتها المريبة ، سحبت نفساً عميق وأجابتها بإقتضاب :-
, _ طبيعي يعني !
, _ أولاتها هالة ظهرها واعتدلت في جلستها وجابت المارة بنظراتها في محاولة منها على استيعاب ما قالته تلك الفتاة لها ، بينما تعجبت عنود كثيراً من أمرها وانتظرت رد فعل تفهم منه سر اندهاشها الشديد ذاك ..
, _ أردفت هالة محدثة نفسها بذهول :-
, _ وأنا اللي كنت خايفة تطلع من المعادي طلعت من لوس انجلوس
, _ التفتت هالة إليها وضيقت عينيها علي عنود وسألتها بعدم اقتناع :-
, _ انتي ازاي مولودة في دولة أجنبية وبتتكلمي مصري أحسن مني ؟
, _ لا لن تتحمل لأكثر ، يكفي هذا القدر من الحماقة والتطفل ، كادت عنود أن تنهض وتترك لها المدرج بأكمله لكن ولوج أحد اساتذتهم أجبرها علي الإنتظار فقط لنهاية المحاضرة وحينذاك ستنجو بحياتها من هذا التطفل المريض ..
, ١٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ أنا آسفة ، أنا عارفة إنك مش هتسامحني بس يكفيني أنك تصفي من نحيتي لو مش الوقتي يبقي بعدين المهم انك تسامحني في الآخر
, _ هتفت بهم سعاد وهي تجهش في البكاء بمرارة ، قالتهم وهي تتمزق حزناً علي ما سببته من جرح لفلذة كبدها لا يمكن أن يُدواي بسهولة ،
, _ أشلائها تتقطع إرباً إرباً لرؤيته حزين ومنكسر بهذا الشكل ، أين بهجة قلبه وإشراقة وجهه ، أين رونق نبرته التي اعتادتها أين ؟ لقد دمراه بفعلتهم ، اعمي الشيطان أعينهم ولم يروا سوء نتائج أفعالهم قبل أن يفعلوا ..
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
١٦


مسح قطرات عينيه بأنامله التي لم تتوقف منذ عودته لمنزله مرة أخري وقال بصوت مهزوم :-
, _ أنا مش عارف هعرف أسامحكم ولا لأ مش عارف أصلا أنا ممكن أثق في حد تاني ولا خلاص مش هعرف ، انتو دمرتوني انتو اهلي وخلتوني أفقد ثقتي فيكم تفتكري هقدر أثق في حد غريب ؟!
, _ ازداد نحيب سعاد علي حالته وقالت في محاولة منها أن تهون أمره قليلاً :-
, _ أنا عارفة أن اللي عملناه ده غلط كبير بس اهو حصل وخلاص مش هنقدر نصلحه بس انا اتعملت ولا يمكن اكرر غلطتي مرتين انت بس تشاور علي أجدعها بنت وانا بنفسي هروح أخطبهالك أنا هعمل اي حاجة تطلبها بس متكنش زعلان مني يا ياسر !!
, _ رفع عيناه عليها وضحك بسخرية مؤلمة :-
, _ أخطب! وانتي فاكرة إن حد ممكن يقبل بيا بعد ما يعرفوا اني عشمت بنت وخليت بيها ، تفتكري ممكن واحد يأمن يديني بنته بعد كده ؟
, _ ربتت سعاد علي كتفيه وهتفت بحنو امومي :-
, _ انت زينة الشباب وألف مين يتمناك ولو عليا أنا بنفسي هقول اني أنا السبب وانا وقفت الجوازة طلاما هيكون في مصلحتك يا حبيبي ،
, _ سحب زفيراً وقال وهو يعود برأسه علي مسند الأريكة بإرهاق وقال بمزاج غير سوي :-
, _ معتش ينفع ندم !
, _ نهضت سعاد واقتربت منه وانحنت بجسدها لتكون في مستواه وقامت بتقيبل جبينه بندم شديد وأردفت :-
, _ حقك عليا يا بني يارتني مت قبل ما اعمل اللي عملته ده !
, _ عدل ياسر سريعاً من وضعية جسده وقبل يدها وأردف :-
, _ بعد الشر عنك يا امي ، لو سمحتي متقوليش كده لو ليا نصيب فيها كنت خدتها الحمد**** !
, _ ربتت سعاد بحنو علي ظهره ودعت **** أن يفرج كربه ويجمع شتاته ويرزقه نصيباً من الراحة والسعادة ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ أنهت عنود اول محاضرة لها وقد ازدادت حماس عن ذي قبل ، جمعت اشيائها سريعا ثم هرولت إلي الخارج هاربة من تلك المتطفلة الثرثارة ، جلست في أحد مقاهي الجامعة وسحبت نفساً عميق وظلت تجوب المكان بأنظارها لكي تتعرف علي أرجائه أكثر ، تذكرت وضع ريان لـ شيء ما في حقيبتها ، أسرعت في فتحها وتفاجئت بحزمة نقود موضوعة بجوار أحد دفاترها ، أبتسمت بسعادة قد تسللت إلي قلبها لإهتمامه ثم أغلقت الحقيبة وعادت لإكتشاف معالم الجامعة بإهتمام ،
, _ تفاجئت بـ مداهمة يحيي لـ طاولتها دون استئذان ، بينما ألقي هو ببعض الكتب علي الطاولة ثم جلس بجوارها وقال :-
, _ ها عملتي ايه في أول محاضرة ؟
, _ نظرت إليه عنود بغرابة من أمره ، كيف يسمح لنفسه بالجلوس معها علي طاولة واحدة دون خجل كما أنهم بين حشد هائل من الطلبة ، سحبت نفساً عميق وحاولت كبح غضبها وهتفت بحنق :-
, _ مينفعش تقعد معايا علي نفس الطرابيزة لو سمحت قوم وياريت متتكررش تاني !
, _ عقد يحيي ما بين حاجبيه وهتف مندهشاً :-
, _ نعم ! ليه يعني انتي في مقام بنت عمي ومرات أخويا ..
, _ حافظت عنود علي هدوئها واجابته بهدوء لم يخلو منه الحدة :-
, _ ده مش مبرر لإنك تسمح لنفسك تقعد معايا لوحدنا ، يحيي لو سمحت أنا مبحبش الجو ده لازم تحط حدود بينا ..
, _ سيعفو عن أسلوبها الفظ معه فقط لنطقها إسمه بتلك الرقة ، ابتسم ثم لملم كتبه ونهض ورفع أحد إصبعيه بجوار جبينه ثم رفعهم للأعلي تماماً كما فعل ريان مسبقاً ، كادت أن تسأله عن معني تلك الحركة لكنه غادر..
, _ جذبت أحد كتبها لإكتشاف المزيد حول هندسة العمارة ، وتفاجئت بأحدهم يقتحم خصوصيتها ويجلس معها ، ازفرت أنفاسها بضيق ورفعت عينيها علي ذاك الـ يحيي الذي لا يحترم خصوصيتها ، لكنها تفاجئت بتلك الفتاة التي تُدعي هالة هي من جلست معها ،
, _ حتماً ستصاب بألم في رأسها من خلف ثرثرتها الحمقاء ، تنهدت ونظرت إليها في إنتظار تفسير واضح لإقتحامها خصوصياتها بدون استئذان ،
, _ أبتسمت هالة ببلاهة وأردفت :-
, _ ها ، قوليلي بقا بتتكلمي مصري ازاي ، بصي احكي لي تفاصيل حياتك كلها !
, _ اتسعت حدقتي عنود بذهول لتطفلها الجرئ ذاك ، اعتدلت في جلستها ووضعت الكتاب جانباً وكادت أن تجيبها لكن اقتحام شخص ما للمرة الثالثة في هذا اليوم تعدي حدود الوقاحة ، رفعت بندقيتاها عليه كي تفرغ به غضبها التي تحاول كبحها منذ الصباح لكنها بلغت ذروة تحملها ، يكفي لهذا الحد !
, _ ريان!!
, _ هتفت بحروف إسمه داخلها ، شعرت برجفة قوية أثر تفاجئها بوجوده ، لما كل ذلك التوتر يا فتاة لابد وأن يوجد هناك سبب كبير لانتظاره كل تلك الفترة ، لكن قلبها يخفق بصورة قاسية ، يزداد معدل ضرباته بسرعة فائقة ، لما كل ذلك ؟ ماذا يحدث بربك يا عنود ؟!
, _ جلس ريان بعد أن وضع كوبين من النسكافيه علي الطاولة ورمق هالة بحرج بائن واردف :-
, _ معلش مختش بالي ان في حد قاعد معاها ثواني هجبلك واحد واجي
, _ اجابته عنود مسرعة وهي ترمق هالة بتهكم :-
, _ لا هي أصلا كانت هتمشي !
, _ تعجب ريان من نبرتها الحادة بينما شعرت هالة بالحرج الشديد ونهضت ورددت بتلعثم :-
, _ اه انا فعلا كنت ماشية
, _ أولتهم ظهرها وهرولت مسرعة وقدماها تتعثر في خُطاها من شدة الخجل ، التفتت عنود حيث يجلس ريان وتفاجئت بنظراته تخترقها بذهول ، شعرت بالخجل من نظراته عليها بينما صاح هو متسائلاً :-
, _ ليه عملتي كده أحرجتيها !
, _ مشاعر كثيرة عصفت بها بعد جملته تلك ، شعرت بالندم لأنها تعمدت أن تخجلها فقط لكي تنفر منها كما شعرت بالغيرة لأنه يتحدث عن امرأة أخري حتي وان كان الحديث عابر ، ماذاااا ؟ غيرة ! لا لا بالتأكيد ليست غيرة ..
, _ طردت أفكارها سريعاً وحولت مسار الحوار قائلة :-
, _ انت بتعمل إيه هنا ؟
, _ تقوس ثغر ريان بإبتسامة وناولها كوبها وهتف بنبرة رخيمة :-
, _ اشربي النسكافيه الأول
, _ أخذت منه الكوب وارتشفت منه القليل ثم نظرت إليه بغرابة وأردفت متسائلة بفضول :-
, _ عرفت منين اني بحب النسكافيه ؟
, _ ارتشف ريان ثم أجابها بتريث :-
, _ انتي مكنتيش بتعملي حاجة طول الاسبوعين اللي فاتوا غير انك بتشربي نسكافيه !
, _ شعرت عنود بالخجل وقد توردت وجنتيها بالحُمرة الصريحة لتركيزه معها أو ثانية، ماذا يقصد بذلك ؟!
, _ تركت الكوب الورقي من يدها والتفتت إليه وهتفت بإقضتاب :-
, _ انت ، انت قصدك ايه ؟
, _ نظر ريان إلي الاعلي في محاولة لاثارة جدلها وقال مازحاً :-
, _ مش بتقومي بواجبك كـ زوجة والمفروض تطبخيلي ومقضياها آكل جاهز حتي النسكافيه بتعملي لنفسك بس مش بتعزمي عليا ..
, _ شهقت عنود بصدمة وأردفت بتهكم :-
, _ What a con man you are
, ( يا لك من رجل محتال )
, _ ضيق ريان عينيه عليها وهتف بحدة زائفة :-
, _ لأ أنا مقبلش بالشتيمة !!
, _ تعالت قهقهات عنود عالياً ولم تستطيع توقف ضحكاتها التي تزداد مع نظراته لها ، تفاجئت به ينهض ويقترب منها ووضع كف يده علي فمها لكي يجبرها علي التوقف عن الضحك وهو يرمقها بنظرات مشتعلة :-
, _ علي فكرة انتي قاعدة وسط ناس يعني متضحكيش طول ما انتي برا البيت !
, _ ابتلعت ريقها بخجل وأخفضت رأسها بحياء ، أزاح هو يده وعاد لجلسته مرة أخري بينما وضحت هي بحرج :-
, _ بس انا صوتي مش عالي انت بس اللي سمعته !
, _ تنهد ريان مستاءً من تصرفها وقد تحولت تعابير وجهه الي الحدة القاسية وأردف بإختصار لكي ينهي ذاك الحوار :-
, _ أنا بتكلم علي الضحك نفسه ، متضحكيش نهائي طول ما انتي برة البيت يعني صوتك ده مفروغ منع أساساً
, _ رمقته هي بغيظ ولم تعقب علي ما قاله ، بعدت بنظرها بعيداً عنه ، ثم تذكرت حوارهم الذي لم ينهياه بعد وصاحت بعدما الفتت إليه عاقدة حاجبيها :-
, _ مش انت اللي اقترحت بإنك تشتري الاكل من برا !
, _ مال ريان رأسه وهي ينظر إليها بمكر وهتف مازحاً :-
, _ أنا اقترحت ده ذوقياً مني وانتي بقا ما صدقتي !
, _ صعقت عنود للمرة الثانية من حديثه ، حيث فغرت فاها بصدمة جلية ، مرت ثواني عليها تحاول فيهما استيعاب ما قاله أو ربما هضمه ، سحبت نفساً عميق وصاحت بغيظ :-
, _ أنا عايزة اعرف انت هنا بتعمل ايه ؟
, _ تنهد ريان واجابها وهو ينهض من علي مقعده :-
, _ هقولك بس مش الوقتي ؟
, _ كادت أن تتحدث لكن دخول يحيي قاطعها واجبرها علي الصمت ناهيك عن رمقها له بنظرات مشتعلة ممزوجة باللوم لعودته قبل أن تنهي حوارها مع ريان ، تنهدت بضيق بائن للجميع بينما هتف يحيي موجهاً حديثه إلي ريان :-
, _ ايه ده ريان انت بتعمل ايه هنا ؟
, _ ابتسم ريان واجابه بمزاح وهو يسحب هاتفه من علي الطاولة :-
, _ واحد جاي لمراته انت مالك انت !
, _ لا يدري لما تملكه الضيق بعد اعترافه الصريح بأنها زوجته ، أين معاهدته لنفسه ؟ أليس هو من عزم علي ترك الأمر وعدم دخوله في تلك العلاقة المتناهية ؟! ماذا يحدث إذاً ؟
, _ أخرج تنهيدة بطيئة وحاول أن يبدو طبيعياً لكن لم يفشل في إخفاء حدته :-
, _ أنا كنت جاي اقولها إن المحاضرة التانية هتبدأ !
, _ أماء ريان رأسه بتفهم ثم فعل تلك الحركة بإصبعيه فاثارت فضولها حولها بشدة ، نهضت مسرعة وقالت متسائلة قبل أن يبتعد عنهم :-
, _ هتقولي انت هنا ليه امتي ؟
, _ أبتسم ريان وغمز إليها وقال بمكر :-
, _ ليا عندك حاجة لما تجيبهالي وقتها بس هقولك !
, _ قطبت عنود جبينها بغرابة فهي لم تستعير منه شئ هما لم يتحدثا من الأساس طيلة الاسبوعين الماضيين ليكون بحوزتها شئ له ، خرجت من شرودها علي صوت يحيي وهو يقول بغيظ يحاول إخفائه :-
, _ حاجة ايه اللي بيقولك عليها ؟!
, _ رفعت عنود بندقيتاها عليه بعدم تصديق لهذا المتطفل وهزت رأسها في إنكار لتصرفاته التي لا تروق لها بالمرة ثم تركته وغادرت ..
, _ وقف يحيي يتأكل غيظا علي تلك الهمهمات الغامضة ، ثم جر قدميه أمامه وعاد الي مدرجه قبل أن تبدأ المحاضرة الثانية ،
, _ لمحت عنود تلك الفتاة المدعية هالة من علي بعد منها ، شعرت بالندم حيالها لتعمدها إحراجها أمام ريان ، سارت بخطوات متهملة نحوها لكي تعتذر منها ..
, _ كانت تجلس برفقة بعض الفتيات يتعرفن علي هويتهن الجديدة ، لكن لم تخلو جلستهم من النميمة حيث قالت إحداهن ( لقاء ) بخبث :-
, _ شوفتوا بنت المحظوظة اللي كانت قاعدة علي الطرابيزة اللي قدامنا دي الشباب كانوا بيهطلوا عليها زي المطر من اول يوم وقعت شابين ..
, _هتفت فتاة أخري تُدعي ( ثريا ) بحقد :-
, _ **** يوعدنا بنص حظها !
, _ تفاجئت الفتيات بثورة هالة واندفاعها عليهن قائلة :-
, _ علي فكرة مينفعش نجيب في سيرة حد **** أعلم ما يمكن يكونوا قرايبها وبعدين هي شكلها محترم ومش بتاعت الكلام ده !
, _ تبادلن الفتيات النظرات بتعجب ثم أردفت لقاء بسخرية :-
, _ ايه يا هالة يا حبيبتي هي قريبتك ولا حاجة ؟
, _ بلغت هالة ذورة تحملها ونهضت بإندفاع وصاحت بها هدراً :-
, _ مش لازم تكون قريبتي عشان ادافع عنها وبعدين اللي انتو بتعملوه ده اسمه نميمة عارفين عقوبتها ايه ؟!
, _ شكلت ثريا ابتسامة متهكمة علي ثغرها وأردفت بإقتضاب :-
, _ مش عايزين نعرف !
, _ تأففت هالة بضجر بائن ثم سحبت حقيبتها من علي الطاولة وابتعدت عنهم مهرولة ، اصطدمت بشخص ما وقف أمامها فجاءة ، كادت أن تنفجر به لكنها تفاجئت بعنود هي من تقف أمامها ، ارتخت ملامحها براحة لكن سرعان ما تحولت إلي الحزن عندما تذكرت تصرفها ،
, _ استشعرت عنود حزنها وأردفت بنبرة نادمة ممزوجة بالخجل :-
, _ أنا آسفة I was a little slut
, ( كنت وقحة قليلا )
, _ رمقتها هالة لبرهة ثم شكلت علي ثغرها ابتسامة وهتفت مازحة :-
, _ لا مش لدرجة وقحة يعني
, _ بادلتها عنود ابتسامة عذبة ثم واصلت هالة حديثها قائلة بتفهم :-
, _ طبيعي تصرفك معايا ، فجاءة لقيتي واحدة بتقتحم خصوصياتك أنا لو منك كنت ضربتني قلمين
, _ انفجرت الفتاتان في الضحك ثم توقفت هالة وأردفت بنبرة مليئة بالشغف :-
, _ بس انا بكون عفوية اوي مع اللي برتاح لهم !
, _ أبتسمت عنود بحب وتسائلت مازحة :-
, _ ممم وايه اللى ريحك فيا وانتي متعرفنيش ؟
, _ أجابتها هالة بتلقائية عابثة :-
, _ سيماهم في وجوههم!
, _ اتسع ثغر عنود بإبتسامة أكبر وقالت ممتنة :-
, _ شكراً لأنك رديتي غيبتي !
, _ تفاجئت هالة بحديثها ، لم تكن علي علم بأنها صغت لحوارهن ، بينما تابعت عنود مضيفة :-
, _ مش قصدي أسمعكم بس انا كنت جاية اعتذر لك وسمعت غصب عني !
, _ لم تجيبها هالة بل احتضنتها بعاطفة كبيرة ، شدت علي ظهرها بقوة حتي شعرت عنود بصدق مشاعرها وطيب نواياها ، بادلتها عنود العناق ثم افترقا حيث تفاجئت عنود بترقرق دموع هالة من عينيها
, _ تعجبت من حالتها وهتفت متسائلة بإهتمام :-
, _ بتعيطي ليه ؟
, _ مسحت هالة دموعها ورسمت ابتسامة علي ثغرها وهي تعلق يدها بذراع عنود قائلة بمزاح :-
, _ تعالي نحضر المحاضرة بدل ما نطرد من أول يوم وبعد كده نشوف حكايتنا دي بعدين !
, _ تبادلا الضحكات ثم هموا مسرعين الي المدرج لكي لا يتآخرن أكثر من ذلك ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ عاد ريان الي معرضه بعد قضاء ساعتين في الشهر العقاري ، آمر أحد عماله بحضور خالد صديقه ، جلس علي مقعده قيد انتظار وصول صديقه ، انهمر في قراءة الأوراق التي أمامه بإهتمام وحماس شديد لكي يشغل وقته لحين إتمام الأمر لطلاما عزم علي فعله ،
, _ ولج خالد إلي المكتب بعدما طرق علي بابه وأسرع خُطاه الي ريان بقلق :-
, _ في أيه يا ريان انت كويس ؟
, _ نهض ريان واقترب منه وهو يبتسم وقام بجذبه من ذراعه وأجبره علي الجلوس كما جلس هو الآخر مقابله وسحب الاوراق من علي المكتب ووضعها أمام خالد علي الطاولة وأردف :-
, _ اتفضل ..
, _ عقد خالد حاجبيه بغرابة من أمره ناهيك عن تصرفاته المريبة وما تلك الأوراق إذا ؟
, _ سحب نفساً عميق وبدأ يقرأ الاوراق بتوجس ، اتسعت مقلتي خالد بذهول عندما علم بشأن الأوراق ثم هب واقفاً وصاح بإندفاع :-
, _ ريان قولتلك قبل كده انا مش موافق ولسه مش موافق والتوكيل ده تقطعه ترميه بس انا مش هاخده !
, _ نهض ريان ورسم علي ملامحه علامات التوسل وأردف برجاء :-
, _ خالد عشان خاطري ساعدني اعيش الباقي من حياتي ، انا مش هعرف اعمل كده طول ما كل الحِمل ده علي اكتافي لوحدي ، خليك جدع وشيل عني شوية !
, _ هز خالد رأسه بعدم فهم وصاح بحنق :-
, _ يعني ايه تعيش الباقي من عمرك اومال اللي فات ده كان ايه ؟
, _ شهيق وزفير فعل ريان واجابه بإختصار :-
, _ اكتشفت اني مكنتش عايش !
, _ تشنجت ملامح خالد واردف بنبرة تريد الخلاص :-
, _ أنا مش فاهم اي حاجة بس أياً يكن أنا مش هاخد التوكيل ده شوف حد غيري يا ريان الحِمل ده تقيل اوي وانا مش قد مسؤليته ..
, _ تنهد ريان بضيق وجلس علي الأريكة وهتف بعد صمت ساد لبرهة :-
, _ مفيش حد بثق فيه غيرك ، أكيد يعني مش هروح أعمل توكيل لـ هاني ! ولا هعمل توكيل لـ يحيي اللي لسه بيدرس ومش عارف الشغل ماشي ازاي ، انما انت فاهم الشغل بيمشي ازاي وانت اللي بتخلص كل حاجة من غيري يعني الفرق الوحيد أن هيكون معاك توكيل تعمل كل حاجة من غير ما ترجع لي ، خالد عشان خاطري وافق يا اخي عايز اعوض كل اللي ضاع مني ولا مش من حقي اتبسط ؟!
, _ أخذ خالد نفساً وأخرجه ببطئ ثم جلس ونظر الي ريان :-
, _ وأن مكنتش جدير بالمسؤلية دي ، ريان انت فاهم انت بتعمل ايه ؟ انت بتحط مصنع وشركة ومعارض وورش وغيرهم كتير بين ايديا ، ريان انت بتحط مملكتك كلها بين ايديا انت متخيل انت بتعمل ايه ، متصور حجم الكارثة اللي ممكن تحصل من ورا اللي بتعمله ده ! اخواتك مش هيسكتوا ، الدنيا كلها مش هتسكت هيقولوا اشمعنا أنا ، بلاش ، أنت بتقول اني بخلص كل حاجة بس مش يمكن ده عشان المِلك نفسه مش ليا وممكن لما يكون بين ايديا أكسل ومقومش بشغلي زي ما انت متوقع !
, _ تنهد ريان ورسم ابتسامة علي ثغره وهتف بتريث :-
, _ أنا واثق فيك وثقتي كفيلة تخليك تعمل اللي عليك وزيادة عشان تقوم بكل المسئولية دي ومتهزش ثقتي فيك وعلي فكرة حتي لو مقدرتش أنا عمري ما هندم اني عملت كده في يوم ، عشان خاطري وافق !
, _ ساد الصمت بينهما لفترة تعدت الخمسة عشرة دقيقة ، ثم قاطع ذاك الصمت خالد حينما أردف :-
, _ وانا موافق ..
, _ صاح ريان مهللاً بسعادة قد تسللت لأعماق قلبه ، لم يتصور خالد أن موافقته ستُسبب كل هذا الجدل ، لم يري ريان بتلك الحالة من قبل ، شعر بالندم لطلاما رفض هذا التوكيل مراراً ، لو يعلم أنه بموافقته سيدخل السرور علي قلبه لفعلها فقط من أجل أن يري تلك الإبتسامة علي وجهه ، لم يمنع ابتسامته المتبادلة معه وهتف متسائلاً :-
, _ للدرجة دي فرحان ؟
, _ رمقه ريان لبرهة ثم وقف في منتصف المكتب وفتح ذراعيه وأوصد عينيه وسحب نفساً عميق وأخرجه ببطئ وصاح بصوت عالٍ :-
, _ اوووووف
, _ التفت الي خالد وقال براحة :-
, _ دلوقتي بس أقدر أقول إني مبسوط ومرتاح
, _ جذب مفاتيحه وهاتفه من علي مكتبه بينما تسائل خالد بإهتمام :-
, _ انت رايح فين ؟
, _ أجابه ريان وهو يغمز إليه بعيناه :-
, _ رايح اعيش !!
, _ أنهي جملته وأوصد الباب خلفه أسفل نظرات خالد المتعجبة من حالته المبهمة بالنسبة إليه ، ابتسم ثم جلس علي الأريكة وهاتف زوجته أية قائلا :-
, _ مش هتصدقي حصل ايه !
, ١٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ أنهيَا جميع دروسهم وقد إنهال التعب منهم كما ظهرت علامات الإرهاق علي وجوههم لقد كان يوماً عصيب وملئ بالمحاضرات الثمينة ، تنهدت هالة بتعب وأردفت :-
, _ أخيراً خلصنا ، كان نفسي اقولك تعالي نقعد في مكان ونتعرف علي بعض أكتر بس أنا يدوب ألحق أروح عشان اطبخ قبل ما بابا يرجع من شغله
, _ تعجبت عنود من حديثها وسألتها بعفوية :-
, _ ووالدتك فين ؟
, _ شعرت هالة وكأنه خنجر غرز في قلبها أثر سؤال عنود ، لكنها تماسكت واجابتها بنبرة موجوعة :-
, _ متوفية
, _ كم من الندم شعرت عنود وتمنت لو يعود بها الزمن لكي لا تسبب الألم لكليهما ، ترقرقت الدموع في عينيها وقالت بألم :-
, _ **** يرحمها ، أنا برده اهلي متوفيين
, _ اتسعت حدقتي هالة واقتربت منها وعانقتها حتي اجهشت كلاً منهما باكياً ، لم يتسع لكليهما عناق صادق يخفف من آلام قلوبهم المحطمة ولا وقت يستيطعان فيه عيش حدادهم علي من فارقوا الحياة ..
, _ صف ريان سيارته جانباً ودلف للخارج في إنتظار قدومها ، آثار انتباهه كلتي الفتاتان اللتان تعانقا بعضهما بحميمية في منتصف الطريق
, _ تفاجئ بها تفترق عن الفتاة الأخري وتودعها ، أسرع خطاه نحوها حيث وقف أمامها مباشرةً ، تفاجئت عنود بشئ صلب اصطدمت به ، كادت أن تخلق شجاراً لكنها صمتت عندما تأكدت من هويته ، لكن لم تتركها نبضات قلبها وشأنها فقط زاد معدلها عن الطبيعي ، كما كان تأثيرها شديد وقاسي علي ريان ، شعر بتوتر وارتباك لم يشعر بهما من قبل كما لو أنه لأول مرة يري فتاة أمامه
, _ سحب نفساً عميق وأردف بنبرة هادئة لكنها لم تخلو من الحدة :-
, _ تاني مرة أوعي تقفي في نص الشارع حاضنة حد بالشكل ده ، متحضنيش حد أصلا !
, _ رفعت رأسها نحوه بتعجب لكنها لم تعترضه علي الرغم من عدم استيعابها لحقيقة أمره لكنها ستمثله بطاعة ، ربما عليها أن تصبر قليلاً لكي تعلم حقيقة الأمر لاحقاً ..
, _ تفاجئت بيده تجبرها علي التعلق بذراعه ثم توجه نحو السيارة وفتح بابها انسدلت هي بجسدها وجلست علي المقعد كما هم هو بالجلوس علي مقعده وشرع في القيادة بهدوء ،
, _ ساد الصمت بينهم إلي أن وصلا كليهما الي منطقتهم ، صف ريان السيارة أسفل البناية ، ترجل كليهما منها وتفاجئت عنود للمرة الثانية به يمسك يدها ، شعر ريان برجفة يديها بين قبضته وظهرت علي ثغره إبتسامة ماكرة لا يعلم تفسيرها لكنه مستمتع بإرتباكها المتسبب هو به !
, _ وقف كليهما امام المصعد ، نظر إليها ريان وهتف بمزاح :-
, _ مين هيطلع علي السلم أنا ولا انتي ؟
, _ حاولت منع ابتسامتها وعندما فشلت هربت بنظرها بعيداً عنه لكي لا يراها ، لا تعلم أن هناك مرايا عدة في مدخل البناية وتعكس وجهها له بوضوح ، انتبهت لصورته المنعكسة التي تبتسم لها فشعرت بحرارة قاسية في وجهها حتماً تحول الي بندورة من شدة خجلها ، سحبت يدها سريعاً وركضت الي الاعلي هاربة منه ،
, _ قهقه ريان علي تصرفها الطفولي وصعد خلفها بخطوات سريعة متريسة ، فُتح باب منزل والد ريان ودلف هو منه محاولاً الهبوط الي الأسفل بمفرده ، رأته عنود ووقفت أمامه لا تدري ما عليها فعله وعندما أيقنت من عدم نجاحه في الهبوط بمفرده أسرعت نحوه ومدت له يد العون حيث تسائل ماهر قائلا :-
, _ مين ؟
, _ ابتسمت عنود واجابته برقة :-
, _ أنا عنود ..
, _ ابتسم ماهر واردف بنبرة رخيمة :-
, _ ملناش نصيب نقعد مع بعض يا بنتي بس خير اني قابلتك واطمنت عليكي
, _ وصل ريان إليهما وتعجب من وقوف والده خارج المنزل وأسرع نحوه بتوجس وتسائل بقلق :-
, _ خير يا حج في حاجة ؟
, _ تنهد ماهر بضيق بائن ثم أردف بتهكم :-
, _ اتخنقت من قاعدة البيت بقالي اسبوعين مش بشوفك ويحيي علي طول مش في البيت والتاني مقضيها خناق مع مراته قولت أخرج اشم شوية هوا بدل ما اموت مكاني
, _ أجاباه ريان وعنود في نفس واحد :-
, _ **** يبارك في عمرك
, _ تابع ريان حديثه بندم شديد لأنه ترك والده وتسبب في حالته تلك :-
, _ أنا عارف اني مقصر معاك بس كنت مشغول بميت حاجة مكنتش لاقي نفسي أصلا حقك عليا
, _ ابتسم ماهر وربت علي يد عنود وهتف :-
, _ **** يهني اللي شاغلك يابني !
, _ شعر ريان بالحرج لكنه لم يستطع منع ابتسامته التي غزت شفاه بالكامل ، لقد فهمه والده وهذا أمر مخجل للغاية من المفترض أنه رجل كبير عاقل ولا يليق به مثل تلك الأشياء التي بدي وكأنه *** صغير لكن ليس بيده..
, _ تعجبت عنود من ضحكاتهم المريبة وشعرت أن أمر تلك الضحكات يحول خلفها ، زادت الأسئلة في رأسها ويجب أن ترضي فضولها وتأتي بإجابات صريحة لجميع أسئلتها في أقرب وقت ..
, _ تنهد ريان ثم قال بصوت متحشرج :-
, _ تعالي يا حج أنا هنزلك
, _ هز ماهر رأسه برفض وأردف مسرعاً :-
, _ لا لا اطلع انت علي بيتك أنا هنزل اقعد مع جلال تحت ولما ازهق هطلع تاني ..
, _ هز ريان رأسه بتفهم ثم نادي بصوته الجهوري علي عم جلال ( حارس البناية ) أتاه بعد دقائق قليلة وساعد ماهر علي النزول للاسفل ، بينما صعد الآخرين الي منزلهم ..
, _ أمسك ريان بذراع عنود وأجبرها علي التوقف قبل أن تولج داخل الغرفة ، الفتت اليه بحرج فأسرع هو بالحديث بصوته الرجولي لطلاما حفظت هي نبرته جيداً :-
, _ محتاج أتكلم معاكي
, _ رفعت بندقيتاها اليه ثم أماءت رأسها بالايجاب ، بينما سار هو بإتجاه غرفتها ومازال يمسك بيدها ، توجست خيفة من تصرفه المريب ، خفق قلبها بشدة وهي تراه يقترب من الفراش لكنها لم تظهر خوفها ، وبدت طبيعية بالنسبة له بينما جلس ريان علي الفراش وأجبرها علي الجلوس مقابله ،
, _ سحب ريان نفساً عميق وتردد كثيراً قبل أن يفعل ما يود فعله ، لكن يجدر عليه فعل ذلك فهو عزم علي مصارحتها بكل شئ وهذا قرار لا رجعة فيه ، تفاجئت عنود به يضع رأسه علي قدميها ويستلقي بجسده علي الفراش ،
, _ كتمت أنفاسها لفترة لكي يستوعب عقلها ما فعله ثم أخرجت أنفاسها ببطئ حتي لا يشعر بها ، استكان ريان وهو يشعر بدفئ قدميها أسفله وبدأ حديثه قائلا بنبرة هادئة :-
, _ كنت في نفس عمرك لما والدتي توفت وقتها من شدة زعل والدي عليها لأنه كان بيحبها جدا السكر عليَ عليه ونظره ضعف جدا لحد ما راح خالص ، فجاءة لقيت نفسي مسؤول عن طفلين يحيي سنتين وهاجر ٨ سنين ، واخ أكبر مني بـ ٤ سنين كان المفروض يساعدني بس لقيت أنه هو كمان من ضمن مسؤلياتي ، اشتغلت في اليوم ٤ شغلانات مختلفة مكنتش بنام كان لازم اشتغل اكتر عشان اجيب فلوس أكتر عشان تعليم أخويا الكبير وعلاج ابويا ومسؤولية الباقيين ، مكنتش بنام في البيت عشان مضيعش ساعة في النوم ، لسه فاكر وانا واقف مش قادر من كتر ما ضغطت علي نفسي لقيت المدرس بتاعي في ثانوي جايبلي النتيجة بتاعتي كنت ناقص درجة واحدة بس انا لسه فاكر تنطيطي اليوم ده لسه فاكر دقات قلبي لما تخيلت اني هحقق حلم عمري بس كل اتبخر في ثواني لما اقترحت علي أخويا يشيل معايا في الشغل عشان أوفر وقت لمذاكرتي وهو رفض وقالي لا أنا مش انت ، وقتها اتخليت عن حلمي بسببه وعشانه ، واشتغلت أكتر وأكتر لحد ما بقيت المعلم !! كناية عن مملكتي اللي عملتها بجهدي وذاتي ، كبرت بطريقة تخوف مش عارف إزاي كبرت بالسرعة دي ولحد الآن مش لاقي تفسير واضح ، بس مش حاسس اني مرتاح ، أنا معملتش اي حاجة أنا عايزها ديما بعمل الحاجة اللي مجبر عليها ، عشت حياتي عشان غيري ومحدش فكر لـ لحظة فيا وفي تعبي ، يمكن في الأول كنت بشوف شفقة في عيون الناس ليا بس بعد ما الفلوس كترت معايا الشفقة دي اتحولت لحقد وبغض والمشكلة أن بشوف ده من أقرب الناس ليا ، ولسه مسؤول عنهم كلهم لسه بصرف علي أخويا الكبير ولسه بشوف في عينه نظرة غريبة مش عارف معناها الحقيقي بس اللي عارفه أنه مش بيحبني مش بيتمني لي الخير ، بيعمل كل اللي يقدر عليه عشان يضايقني ، مش عارف أنا عملت له ايه عشان الكره ده ، ديما حاطت نفسه في مقارنة معايا وشايف أن والدي بيحبني اكتر منه عشان كان بيحب والدتي اكتر من والدته ، بس انا عمري ما شوفت الفرق ده بينا وكل اللي عملته واللي بعمله بيثبت حبي ليه ..
, _ سحب ريان نفساً عميق وتابع حديثه مضيفاً بألم :-
, _ أنا عشت ١٦ سنة بكافح عشانهم ومشوفتش منهم غير اللوم والعتاب ، محدش صدقني ديما لازم ابرر كل تصرفاتي وبعد التبريرات كلها محدش بيصدقني برده ، لحد ما بقيت عايش عشان لازم اعيش ، مجبر علي اللي أنا فيه ومش بإيدي اوقفه أو اغيره ، كملت حياتي لأنها ماشية ومش بتقف ، مع الوقت بقيت انسان جامد كل حياته روتينة مملة ، اتجوزت عشان لازم اتجوز وأكمل نص ديني ، خلفت عشان لازم اخلف ما طبيعي بعد الجواز لازم خلفة ، المسؤولية كبرت مع كل شخص بيكبر في عيلتي ، كلهم مصدقين الوش الهادي اللي مش بيتشكي لدرجة اني أنا نفسي صدقت اني طبيعي ودي حياة اي حد
, _ رفع ريان رأسه بالقرب منها وأردف بنبرة حنونة معانقة للامتنان :-
, _ لوقت ما ظهرتي انتي
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
١٧


كانت تصغي بإهتمام لحديثه مع شعورها بالشفقة لمعاناته طيلة الأعوام الماضية إلي أن فاجئها بقوله :-
, _ لوقت ما ظهرتي انتي !
, _ اتسعت مقلتي عنود بدهشة كبيرة لم تصدق أذنيها ما سمعته بينما نهض ريان واعتدل في جلسته وواصل حديثه وهو يتعمد النظر إلي عينيها قائلا :-
, _ حضنك قلِب كياني ، حسيت وقتها أن روحي بتتسحب مني كأني بموت وتدريجياً حسيت بهدوء جوايا كل الغضب اللي كان فيا وقتها اتبخر ، كل الزعل راح مفيش أثر لأي إحساس غير اني مرتاح ، راحة محستهاش من سنين ، وبعد ما بعدتي تأثيرك كان ناقص كان محتاج يكمل عشان كده حضنتك وقتها ، عشان أداوي أي حزن جوايا ، عشان أشحن طاقتي اللي استنزفت من ١٦ سنة ، انتي بحضنك ده خلتيني اكتشف أن مشاكلي وهمومي كلها كانت هتتحل بحضن صافي زي حضنك ، أنا كنت مستهلك لدرجة اني اتأقلمت مع حالتي لوقت ما اثبتي انتي العكس ، انا طول الاسبوعين اللي فاتوا كنت بنام واصحي علي امل أنك تعيدي نفس اللي عملتيه تاني ، كنت بستني حضنك عشان احس بس براحة بس انتي مكرريتهاش تاني ..
, _ ترقرت الدموع في عيناي عنود وضغطت علي شفاها بخجل ممزوج بالألم ، لم تدري كيف تصف شعورها حينها لكنه شعور قوي كما أنه قاسي أيضاً ، لن تنكر أنها سعيدة بنجاحها في إبعاده عن كل ماهو منكر لكنها تشعر بشيء آخر يؤلمها ربما هي من بـ حاجة إلي عناق يداوي ألم تلك الأيام الماضية التي لم تشعر بثقلهم مثل الآن ..
, _ انهمرت دموعها كالشلال وهي تقرض أظافرها بتوتر وارتباك ، لم يعي ريان حقيقة أمرها لكنه اراد تهدئة روعها بالطريقة ذاتها ، اقترب منها وضمها بقوة إلي أن استكانت بين قبضتيه ، بعد مدة ليست بقصيرة شعر ريان بإرتخاء جسدها بين ذراعيه ألهذا الحد تأثيره شديد عليها ! لكنه شعر بالقلق حيال هدوئها المبالغ ، أبعدها عنه فتفاجئ بها موصدة العينين ، خفق قلبه خوفاً وضرب علي وجهها بخفة قائلا :-
, _ عنود !!
, _ تحدثت بصوت ناعس :-
, _ عايزة أنام ..
, _ تعجب ريان من أمرها أهذا بوقت نوم ! بعد اعترافه لها والبوح عما بداخله تجيبه بغفوها ؟! يا لك من فتاة غريبة الأطوار علي الرغم من أنه لم يفهم شخصيتها بعد إلا أن تصرفها ذاك فاق توقعه ، لم يصور له عقله بأنها سـ تبات في ثبات عميق قبل حتي أن تعانقه لمرة أخري ..
, _ فقط آراد عناق !!
, _ ليس الأمر بعسير لهذا الحد إذاً ما كل تلك الصعوبة في وصوله !
, _ تنهد بضيق عندما لم يجد تلبية لـ طلبة ونهض بخفة حيث عدل من وضعية جسدها علي الفراش ووقف يلقي ببصره عليها قليلا ثم غادر الغرفة ..
, _ لم يروق له المكان بينما لم تكن هي موجودة به ، لطلاما تحمل الأيام الماضية فقط لشعوره بأنفاسها تَحُوم حوله في المكان ، لكن الآن هي غافية بالداخل وهو يقف بالخارج لا يدري ماذا يفعل !
, _ سحب نفساً عميق وبدأ يعيد ترتيب أفكاره ، بدايةً ماذا يريد منها ؟ ولما يشعر بالوحدة ما لم تكن قريبه منه ؟ كما أنه يشعر بالضياع الآن بعد أن صرح بكل عبء كان يكمن في قلبه ، بدا كالتائه الذي يريدها دليل لـ سبيله ، وهي فقط من يمكنه اجتياز سبيله معها !
, _ تنهد مستاءً ثم ولج داخل المطبخ يجوب المكان بأنظاره ثم رادوته فكرة جنونية بالنسبة لشخصيته بدت متناقضة بعض الشئ ، فهو لم يصنع الشاي من قبل كيف له أن يُعِد كعكة ؟!
, _ يجدر عليه البحث علي مساعدة خارجية ، سحب هاتفه من جيب بنطاله وهاتف هاجر التي أجابته سريعاً وقالت مفتقدة :-
, _ يااه من زمان مسمعتش صوتك !
, _ شعر ريان بالحرج حيالها فهو قد غفل عنها تماماً ، أبتسم بتهكم وقال :-
, _ عارف اني مقصر معاكي بس هظبط نفسي معاكي تاني متزعليش ..
, _ قهقهت هاجر وقالت من بين ضحكاتها :-
, _ يابني انت فهمت ايه ، أنت وحشتني ومصدقتش نفسي لما لقيت أسمك علي الموبايل وفرحت جدا بس قولي إيه اللي فكرك بيا ومتقوليش بسأل عليكي والجو الهابط ده ..
, _ تعالت ضحكات ريان لتبادله هي الأخري بضحكاتها ثم قال متسائلا :-
, _ هاجر فاكرة كيكة الشكولاتة اللي كنتي بتعمليها قبل ما تتجوزي ؟
, _ ابتسمت هاجر واجابته بحب :-
, _ ايوة يا حبيبي فاكرة مالها ؟
, _ حمحم ريان وردد بحرج :-
, _ بتعمليها إزاي ؟
, _ لم يتفاجئ ريان من ضحكاتها الساخرة بل كان يتوقع ذلك ، حاولت هاجر جاهدة أن تتوقف لكن تَخيُلِه يقف بالمريلة يطهو كعكة يسبب لها الضحك كثيراً ،
, _ اغتاظ ريان منها وقال بإسيتاء :-
, _ خلاص مش عايز منك حاجة ، سلام
, _ أسرعت هاجر بالرد عليه قبل أنا ينهي المكالمة قائلة :-
, _ استني ، هقولك علي طريقتها ..
, _ بعد فترة ، أنهت هاجر وصفها للمقاديرة والطريقة بدقة للمرة الخامسة علي التوالي وتسائلت باستفسار :-
, _ ها ، حفظت المرة دي ؟
, _ تأفف ريان بضيق لم يفهم تلك المفاهيم الأنثوية وقال :-
, _ هاجر خليكي معايا علي الخط عشان مبوظش الدنيا ..
, _ ضحكت هاجر وقالت مازحة :-
, _ تمام أنا معاك خطوة بخطوة ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ أيوة بقا وبقيت صاحب املاك يا خلودي " أردفت بهم آية مازحة لكنها تفاجئت برد خالد الغاضب :-
, _ ايه اللي انتي بتقوليه ده يا آية دي أملاك ريان ولا يمكن أتصرف في أي حاجة فيهم وهفضل زي ما انا خالد بنفس المرتب ..
, _ ابتسمت آية وقالت بحكمة :-
, _ أنا بهزر يا حبيبي ، دي أمانة ولازم تكون قد المسؤلية **** يعينك عليها ..
, _ شعر خالد بالامتنان لكونها زوجته وقال بحب :-
, _ أنا آسف اني اتعصبت عليكي بس انا لسه مش مستوعب الحمل اللي اتحط علي اكتافي ، اعذريني الأيام دي ..
, _ أبتسمت أية وقالت متفهمة تغير مزاجه :-
, _ **** يعينك يا حبيبي
, _ كادت أية أن تغلق الهاتف لكن خالد أسرع بحديثه قبل أن تغلق قائلا :-
, _ آية ابعتي العيال عند مامتك عايزك في موضوع مهم جدا ..
, _ قهقهت آية عالياً واجابته متصنعة عدم فهمها :-
, _ موضوع ايه ؟
, _ رد عليها وهو يجوب المكتب ذهاباً وإياباً :-
, _ مش هينفع يتقال في الموبايل ده لازم يتقال Face to Face ..
, _ تعالت ضحكاتهم ثم أغلق كليهما الهاتف وعاد كلا منهما الي عمله ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ انتي مالك باردة ليه كده ؟ "
, _ صاح بهم هاني بغضب ونهض وهو يتمتم بالسباب لاعناً تلك الزوجة التي لا تبادله عاطفة احتياجاته ، رمقها كثيراً ثم ألقي بحديثه دفعة واحدة :-
, _ انتي مالك ها ؟ بقالك فترة متغيرة وباردة ومبقتيش تحسي ، فين رنا اللي كنت بنسي نفسي لما تضحك فين ؟؟
, _ نهضت هي الأخري ووقفت أمامه وقالت بجمود شديد :-
, _ مش يمكن أنا باردة من زمان بس انت اللي مكنتش شايف ده !
, _ رفع هاني أحد حاجبيه بغرابة وتسائل بعدم فهم :-
, _ قصدك ايه ؟
, _ أبتسمت رنا ساخرة ثم أجابته وهي تبتعد عنه :-
, _ أنا تعبانة ومحتاجة أرتاح فترة وطول ما انا وانت في نفس الاوضة مفيش حاجة هتتغير ..
, _ ازدادت حيرته من حديثها المبهم ، بينما واصلت هي بعد أن التفتت إليه قائلة بحدة مباغتة :-
, _ هاني لازم تشوف لك مكان تاني تنام فيه غير الاوضة دي !
, _ اتسعت مقلتي هاني بصدمة ممزوجة بالذهول وأعاد ما قالته بعدم تصديق :-
, _ انام في اوضة تانية ؟
, _ سحبت رنا نفساً عميق لتستطيع مواصلة حوارهما والوصول الي ما تريده بالنهاية ، اقتربت منه بملامح جامدة وقالت بتهكم :-
, _ اعتبرها فترة نقاهة ، كل واحد ياخد نفسه شوية إنت بقالك كتير اوي منزلتش من البيت وقاعد في الاوضة وطاقتي كلها خلصت معاك عشان تكون راضي ومش مهم أنا ، ووقت ما حسيت اني مش متفاعلة معاك اتعصبت كأني عملت جريمة ، أنا بقولك اهو أنا زهقت وعايزة أخد راحة منك ، وسواء وافقت أو موافقتش هتنام في حتة تانية غير هنا وده آخر كلام عندي ..
, _ أنهت رنا حديثها وسحبت عبائتها ودلفت للخارج متأففة بتذمر ، جلست علي أريكة أسفل النافذة وظلت تتأمل النجوم الساطعة التي تزيد بهجة للسماء ،
, _ زفير وشهيق فعلت هي ربما تشعر بتحسن قليل لكن محاولاتها بائت بالفشل ، ماذا كانت تنتظر ؟ أن يركض خلفها فقط لأنها أغرته بجسدها الذي هو ملك لرجل آخر كما أنه أيضاً شقيقه ، كانت حمقاء منذ أن أوقعت هاني في شباك حُبها وهي لم تحبه يوماً ، ألم يكن لديها عقل حينها لتفكر برفض ريان لها ، ريان ذو الأخلاق الحميدة واللسان الطيب ، والقلب المعطاء ناهيك عن عقله المدبر والاذكي بين جنسه ، كما لديه كاريزما خاصة وقعت في عشقه من ورائها ، كما أنه يقربها عمراً ! تحبه بجميع صفاته ، فقط تمنت أن ينظر إليها بنظرة مختلفة، نظرة مُحب لا اخوة ، لكن كيف وكل محاولاتها تفشل وتفشل إلي أن تزوج بأخري كـ إثبات صريح لعدم رؤيته لها وعدم تقبلها بالمرة ..
, _ انسدلت قطرات عينيها رغماً عنها وهي تتخيله بين ذراعي زوجاته وليست هي ، علي الرغم انها من تستحق تلك المكانة وليسوا هم !!
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ استيقظت عنود بثقل وألم شديد يعتلي جسدها ، نهضت بصعوبة بالغة وبحثت ببصرها عنه لكنها لم تراه في الغرفة ، سحبت نفساً لتتفاجئ بألم يفوق الوصف في صدرها ، سارت ببطئ الي المرآة فتفاجئت بتورم شفتيها كما يغزو منتصف شفتها السُفلي جرح من شدة التورم ، ناهيك عن تورم عينيها كما تنتشر علامات زرقاء تميل إلي اللون البنفسجي على سائر جسدها
, _ تنهدت بإرهاق وجرت قدميها بثقل أمامها الي أن دلفت للخارج باحثة عن بعض المياه لتروي ظمئها وأيضاً تبلل حلقها الجاف ..
, _ صعقت من منظر المطبخ المبعثر ، لم تبرح مكانها من هول المنظر ، وقفت تتابعه وهو يتحدث بالهاتف قائلا :-
, _ خلاص يا هاجر أنا خلصت هحطها في الفرن ونشوف هتطلع ايه ، لو احتجتك تاني هكلمك ، سلام ..
, _ أغلق الهاتف وحمل الصينية ووضعها في الفرن ثم نهض ورفع ذراعيه للأعلي وصفق بإنتصار قائلا :-
, _ اخيرا خلصت ، شاطر يا ريان ..
, _ لم تتحمل هذا المشهد الطريف وانفجرت ضاحكة ولكن سرعان ما أطلقت أنة موجوعة بسبب انشقاق شفاها ، أنتبه ريان لصوتها واستدار إليها بحرج بائن ، اغمض عيناه لبرهة يحاول هضم أنها رأته بتلك الحالة الحمقاء ثم فتح عيناه ليتفاجئ بالدماء تنسدل من شفاها بغزارة ، أسرع نحوها بتوجس وقال متسائلاً :-
, _ ايه الدم ده ؟
, _ وضعت عنود يدها علي فمها فتفاجئت بالدماء علي أصابعها ، سحب ريان بعض المناشف الورقية واقترب من شفتاها ووضع المناشف عليها ليمنع تدفق الدماء ،
, _ تقابلا كليهما في نظرة طالت لدقائق شعر فيهما بمشاعر خاصة تلك المرة ، مشاعر أكثر جرأة عن ذي قبل ، لكن بالطبع لم تخلو من الخجل ، هربت عنود ببصرها بعيداً عنه بينما ظل هو مثبت عينيه عليها لا يستطيع النظر لشئ آخر غيرها ، كم تمني وبشدة أن يعانقها في تلك الأثناء ويروي افتقاده إليها بهذا العناق الذي بالتأكيد سـ يُحِطم به ضلعوها من شدته ،
, _ مرت مدة ليست بقصيرة ثم أبعد يده عنها ليتأكد من توقف الدماء وعندما رأي أن الأمور علي ما يرام أبعد المناشف عنها فتفاجئ بتورم عينيها كأنه لم يره منذ قليل ، تعجب من حالتها فهي لم تكن هكذا منذ آخر لقاء بينهم ، ماذا الذي حدث فجاءة ؟
, _ ايه اللي في وشك ده ؟
, _ سألها ريان بنبرة حنونة آذابت قلب عنود ، فلم يحنو عليها أحد منذ فراق أحبتها ،
, _ أطالت النظر إليه بحب وامتنان كبير ثم أجابته هاتفة :-
, _ أنا عندي متلازمة ( Gardner-Diamond Syndrome ) جاردنر دايموند بتحصلي لما بزعل أو بتوتر جامد ..
, _ عقد ريان ما بين حاجبيه بغرابة فهو لم يسمع عن تلك المتلازمة من قبل ، حمحم بحرج وقال :-
, _ أنا مش فاهم اوي بس هي حاجة بسيطة ولا خطيرة ؟
, _ أبتسمت عنود لإهتمامه وأردفت موضحة :-
, _ بسيطة ، هي بتكون متعبة فترة وجودها في جسمي بس بعد كده عادي
, _ بادلها ريان ابتسامة رقيقة ، جابت عنود ببصرها علي جسده بالكامل وهي تكتم ضحكاتها بداخلها ، نظر ريان إلي حيث تنظر وتفاجئ بتناثر الطحين علي ثيابه ، رفع عيناه عليها فنفجرا كليهما ضاحكين ..
, _ تسائلت عنود بعفوية من بين ضحكاتها :-
, _ انت كنت بتعمل ايه وبهدلت نفسك كده وبهدلت المطبخ بالشكل ده ؟
, _ أولاها ريان ظهره وهو يجيبها بتلقائية :-
, _ الموضوع بسيط يعني مش زي ما انتي متخي٣ نقطة
, _ توقف ريان من تلقاء نفسه عندما صدم مما رآه ، لقد بعثر اشلائه بالكامل ، بالكاد يُسمي قطعة خردة وليس مطبخ !
, _ عاد ببصره نحوها ويكسو الخجل وجهه مما فعله وقال :-
, _ انا موت المطبخ !
, _ انفجرت عنود ضاحكة عليه ولم تتوقف تلك المرة بسهولة ، حاولت السيطرة علي ضحكاتها ورددت :-
, _ انت كنت بتعمل ايه ؟
, _ كنت بعمل كيكة
, _ أردف بهم ريان ثم تذكر أنه نسيها تماماً ، اتسعت عينيه بصدمة وركض الي الفرن وتفاجئ بها كعكة محترقة لعدم ضبط حرارتها المطلوبة ،
, _ أخرجها من الفرن وتحولت تعابير وجهه إلي الحزن ، فلقد آراد صنعها فقط من أجلها وها هو قد نجح في إعداد كعكة محترقة ، انتبهت عنود لتشنج ملامحه وخمنت أنها لم تنجح كما آراد
, _ سارت نحوه لتتأكد من حدسها كما آرادت فعل شئ له لتمحي ذاك الحزن من علي تعابيره ..
, _ بحثت بعينيها في المطبخ فوقع بصرها علي صوص شكولاتة قد اعده وتركه علي الطاولة الرخامية ، أسرعت نحوه واخذت تضع منه علي الكعكة ثم نظرت إليه مُشكلة ابتسامة علي ثغرها وقالت :-
, _ ممم أنا جعانة جدا ينفع تقطعها علي لما اخد شاور وأغير هدومي ؟!
, _ رد عليها ريان بإسيتاء :-
, _ بس دي محروقة !
, _ ابتسمت له وقالت بعاطفة حنونة :-
, _ انت متعرفش أنا بعشق كيك الشكولت قد ايه فلو وقفت تتكلم كتير هاكلها بالصنية ..
, _ تركته وهرولت مسرعة من أمامه ، ولجت داخل المرحاض لكي تنعم بإستحمام دافئ ربما تقلل من ألم جسدها ، أنهت حمامها ودلفت للخارج وارتدت قميص قطني قصير بعض الشئ أحمر اللون وعليه رسومات كرتونية ، جففت شعرها بالمجفف الكهربي وتركته متحرراً كما وضعت أيضاً عطرها الخاص ثم ألقت نظرة سريعة متفحصة علي نفسها قبل أن تدلف للخارج ، ترددت كثيراً كيف ستقابله بهذه الثياب القصيرة ؟ لابد أن تبدلها في الحال ..
, _ طرق ريان باب غرفتها فأسرعت هي خلف الباب وفتحته قبل أن يولج هو للداخل ، أخرجت رأسها متسائلة بخجل :-
, _ محتاج حاجة ؟
, _ هز ريان رأسه بعدم فهم لتصرفها المبهم معه وتسائل بلُطف :-
, _ تشربي نسكافيه ولا صودا ؟
, _ لم يكن هناك داعي للتفكير فقط هي تعلم ما تريده جيداً ،
, _ أجابته بتلقائية عابثة :-
, _ نسكافيه طبعاً !
, _ ابتسم ريان لسرعة ردها وقال محاولا إظهار بعض الاهتمام :-
, _ كنت عارف بس حبيت أتأكد !
, _ تشكلت ابتسامة علي محياها كما دقت طبول قلبها طرباً لاهتمامه بها ، لم تجرب هذا النوع من المشاعر من قبل وما يزيده جمالاً أنه حلالها ناهيك عن أسباب لقائهم لكنهم بالنهاية معاً كزوجة له وكزوج لها ..
, _ أوصدت الباب بعدما تأكدت من مغادرته ثم توجهت نحو الخزانة لتبدل ثيابها ، لكن شئ ما كان يؤخر مد يديها عن جذب الثياب البديلة ، لا تدري لما يروادها شعور البقاء بهذا المظهر !
, _ أثار فضولها حول نظرات ريان اليها عندما يراها لأول مرة بـ ثياب قصيرة ، لكن خجلها يهاجم فضولها ، كيف ستقف أمامه بقدمان عاريتان ، كما أن ذراعيها لا يخفيهم شئ عارية تماماً ، تناقض شديد باتت هي بينه ، لا تعلم ماهو الصحيح
, _ سحبت نفساً عميق واقتربت من المرآة بخُطي ثابتة خجولة ونظرت إلي صورتها المنعكسة حيث تشكلت ابتسامة علي ثغرها وهي تصور مشاهد عدة لرؤياه لها ،
, _ سرت رجفة قوية في بدنها من شدة حيائها ، لم تختبر رجل من قبل وبعد تعقيدات كثيرة وضعتها لكي تمنع ظهورها أمامه بتلك الحالة إلا أن فضولها الأنثوي هو من فاز وعزمت أن تظهر أمامه بحالتها كما هي ، لكن ليس قبل تمشيط خصلاتها المحررة مع وضع قدر كبير من العطر ،
, _ زفير وشهيق فعلت للمرة العاشرة علي التوالي ثم فتحت الباب وهرولت إلي الخارج قبل أن تعترض فكرتها التي عزمت علي فعلها ، فقط تريد رؤية ردة فعله كيف ستكون ؟
, _ بحثت عنه عندما لم تجده في المطبخ ، فأتاها صوته الرخيم قائلا :-
, _ أنا في البلكونة تعالي ..
, _ ابتلعت ريقها مراراً ثم خطت بقدم واحدة والاخري تريد أن تعود بأدراجها الي الغرفة سريعاً وتبدل ثبايها ، أوصدت عينيها وقالت مشجعة :-
, _ مش هيحصل حاجة يا عنود ده جوزك يعني مش حرام ، مرة واحدة بس هشوف ردة فعله ومش هكررها تاني !
, _ عزمت أمرها وسارت بالقُرب منه لكن لم تكن بتلك الشجاعة التي تصورتها ، تراجعت عائدة لكنه نادي عليها بصوته الأجش :-
, _ انتي راحة فين ؟
, _ أوصدت عينيها بإرتباك لاعنة حماقتها التي أوقعت بها في فخه ، استدارت إليه وقد كَست الحمرة الصريحة وجهها خجلاً منه ، بينما لم يعبأ ريان الي خجلها فقط يريد التمتع بهذا المنظر الأنثوي ، غاص في قوامها وجمالها الصارخ رغم صِغر عمرها ، يا حبذا هذا الجمال الذي حُرم من انحرافه معه من قبل ، انحراف ! ما تلك الوقاحة التي يفكر بها , ألم يري إمرأة من قبل ؟ بالتأكيد لم يري فمن فرضت نفسها عليه لم يستطيع أن ينجرف معها لأنها زوجه أخيه بينما من تقف أمامه زوجته يَحِل له أن يري ما يحلو له حينما يشاء ،
, _ ظهرت إبتسامة علي محياه ولم يشعر بقدماه التي قادته نحوها ، وقف أمامها لا ينبس بشئ ، فقط يتآمل ملامحها الرقيقة التي بدت خجولة ، ود لو ينعم بعناق الآن ليشعر قلبه بالدفئ والطمأنينة لطلاما افتقدهم منذ آخر عناق بينهم ،
, _ وعندما باتت محاولاته في ضمها لحضنه بالفشل ، سحب نفساً عميق محاولا تغير مسار أفكاره وقال بصوت متحشرج :-
, _ احم ، النسكافيه هيبرد !
, _ أماءت رأسها بطاعة وسارت خلفه بخطي غير مستقيمة إلي أن وصلا إلي شُرفة أحد الغرف ، وقفت عنود أمام الباب ورمقته بغرابة كيف سترافقه بـ ثيابها تلك في تلك الواجهة الخارجية ؟
, _ أستشعر ريان ترددها وقد فهم ما تفكر به ، حيث قال مبرراً نيته الحسنة :-
, _ تعالي ، إحنا أعلي مكان في المنطقة ومحدش هيشوفك متقلقيش !
, _ ترددت لبرهة ثم خطت بتمهل إلي أن تأكدت من عدم رؤية أحد لها ، جلست أمامه وحرصت علي أن تشد طرف ثوبها القصير لكي لا يُرفع عند جلوسها ،
, _ كان يتابعها بإهتمام وتفحص شديد ، هز رأسه طارداً أفكاره ، ومد يده يناولها قطعة ال الكيك ، اخذتها بحرج كما حرصت أن تبعد بصرها عنه لكي لا يتقابلا ويزداد خجلها أضعافاً ،
, _ شرعت في آكلها مظهرة مدي استمتاعها بالكيك المُغطي بصوص الشيكولاته ، بينما قطع ريان قطعة صغيرة بالشوكة ووضعها في فمه لكنه سرعان ما لفظها
, للخارج وقال بتقزز :-
, _ طعمها مقرف اوي انتي بتاكليها ازاي ؟
, _ ابتسمت عنود وأجابته بعدما تناولت قطعة أخري منها :-
, _ طعمها إلي حد ما مقبول مش وحشة يعني !
, _ وضع ريان الصحن علي الطاولة وقال :-
, _ مش مجبرة تاكليها أنا مش هزعل يعني لانها فعلا وحشة !
, _ أنهت عنود القطعة بالكامل ولم يظهر علي محياها أي علامة تدل علي سوء مذاقها عكس ما تشعر به تماماً ، لقد تشنجت معدتها الصغيرة رافضة لتلك الكعكة المحترقة لكنها تجبرها علي هضمها لكي لا تشعره بالحرج ،
, _ وضعت الصحن علي الطاولة أمامها بعدما انهته بالكامل ، ثم اخذت تلملم المتناثر من الكعكة حول فمها لتثبت له جدارته في الطهي ،
, _ تعجب ريان من تصرفاتها التي تحاول بها إثبات نجاحه في الطهي وهو يعلم جيداً مدي بشاعتها ، لكنه لم يكن مزعوج مما تفعله فقد ترك نفسه يتمتع بأول من يساعد في رفع معنوياته المحطمة ..
, _ أبتسم وتسائل وهو يرمق تلك العلامات التي تنتشر في سائر جسدها :-
, _ ليه كده ؟
, _ تفهمت ما يلقي إليه من خلف نظراته علي العلامات التي تغزو جسدها وأردفت بألم :-
, _ لو بتسأل عن سبب العلامات دي فأنا قولتلك اني لما بزعل أو بتعرض لصدمة بيحصلي كده ، ولو بتسأل حصلت ليه في الوقت ده هقولك اني من يوم وفاة أهلي وانا كنت قوية لدرجة أنا مكنتش اتخيلها ، أي إنسان بيفقد أهله بيتعرض لصدمة بس انا كنت قوية اوي كنت متقبلة اللي حصل رغم فجعته ، نزلت مصر واتعرضت لمواقف بشعة وكنت قوية ومكملة وساندة نفسي ، لوقت ما٣ نقطة
, _ ابتلعت ريقها بخجل وواصلت حديثها وهي تفرك أصابعها بتوتر شديد :-
, _ لوقت ما حضنتني النهاردة ، وقتها اكتشفت أن قوتي دي كانت تمثيل يمكن لأني كنت لوحدي ومينفعش أقع ، أو مفيش وقت أنهار فيه ، مش هلاقي اللي يسندني ويقويني فكنت بقوي نفسي او كنت شايفة كده ، أنا اكتشفت اني ضعيفة جدا وجوايا انهيار اكتشفت بس النهاردة وانا لما بتعرض لأي صدمة أو حزن بسيط بلجئ للنوم وبعدها بقوم بالشكل ده !
, _ أزفرت أنفاسها بحرارة وهي تحاول ألا تنهمر في بكائها وتابعت مستاءة :-
, _ الموضوع مؤذي نفسياً اكتر ما هو أذي جسدي ، صراع بين اني بحاول مزعلش عشان متعبش وبين اني مش قادرة أواجه زعلي فـ بضطر أنام عشان اهرب منه فبصحي بالمنظر ده !
, _ كان يصغي لها بإهتمام دون أن يكل من كل حرف تنبس به ، كما ازداد إعجاباً لتعبيراتها ذات المعاني القوية التي تكبرها عمراً ،
, _ رمقها بآسي وأردف :-
, _ من اسبوعين كنت شايفك طفلة ولو كنت اتجوزت بدري كنت خلفت بنت او ولد في عمرك ، بس انتي أثبتيلي أنك اكبر من عمرك بكتير ، تفكيرك واسلوبك وقبل كل ده حضنك اللي قدر يحتوي واحد عنده ٣٤ سنة ، قدر يداوي همومه اللي عاش فيها ١٦ سنة ، هو ممكن يبان لك حاجة بسيطة بس أقسم ب**** اني أدفع كل اللي حيلتي مقابل راحة من اللي حسيتها في حضنك ، انتي قدرتي تعملي كده ازاي ؟
, _ علي الرغم من حيائها الشديد التي وقعت في براثينه إلا أنها قاومت واجابته بعقلانية لكن لم تخلوا نبرتها من التعرقل والتعلثم :-
, _ اييه ، اتعلمته من اهلي ، ده كان أسلوب حياتنا ، أي شخص فينا لما كان بيتعرض لضغط كبير كنا بمنتهي الهدوء بنقدمله حضن ، الحلول والتبريرات دي ملهاش لازمة أكيد انسان ناضج عارف يحل مشاكله ازاي ، بس هو بيكون محتاج هُدنة ، صفاء ذهني ، حالة من السُكون لفترة وده بينطبق علي الحضن !
, _ ينفع أجربه تاني ؟
, _ قالها ريان بنبرة مُلحة تحمل من التوسل والافتقاد قدراً كبير ، بينما تفاجئت عنود من طلبه ، ولم تستطيع رفع بصرها عليه ، لابد وأنه يمزح ، ويحك أيها الرجل لما لا ترأف بعذرية مشاعرها التي تخوض تجاربها للمرة الأولي ، لكن بالتأكيد لا يسعها الرفض حيال طلبه ، سوف تفعلها فقط من أجله لا تعلم كيف لكن حسناً ستتحلي بالشجاعة وتعانقه لطلاما هي بحاجة شديدة إلي عناق !
, _ تنهدت بحرارة ثم قالت بنبرة خجولة :-
, _ أنا هنا دايماً ..
, _ ابتسم لها ريان كما بادلته هي ابتسامة رقيقة علي ثغرها ثم تذكرت شئ ما وقالت متسائلة بفضول :-
, _ مش هتقولي كنت بتعمل ايه في الكلية النهاردة ؟
, _ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة باهتة ، ليعود به حنينه إلي جميع ذكرياته لطلاما تمناها ولازالت هي شاغله الوحيد ،
, _ سحب نفساً وقال بيأس :-
, _ بلاقي نفسي هناك !
, _ لم يتضح لها حقيقة قصده ورمقته متعجبة فواصل هو حديثه موضحاً :-
, _ كان حلمي أن أدخل هندسة وللأسف محصلش نصيب ، من ضمن أسباب إصراري أنك تقعدي هنا أنك متخسريش حلمك زيي ، ده غير اني كنت في ضهر يحيي علي طول عشان يحقق حلمه ومييآسش ، كنت بوفره كل اللي يحتاجه عشان يكون هدفه واحد وميفكرش غير فيه ..
, _ أحبت فيه حنيته التي لم تري عكسها منذ أول لقاء بينهم ، لازالت تذكُر ملامحه الرجولية المتعجبة عندما أبت أن تصافح ياسر عند لقائهم الأول ، كما تذكُر موقف المصعد وذهوله لرفضها في الصعود معه وغيرها من المواقف النبيلة التي قدمها سواء لها أو لـ ياسر ، باتت تحفظ نبرته الرخيمة كأنها سيمفونية تُعزف لها خصيصاً ، لن تنكر أنها أعجبت بشخصيته المعطاءة التي تتشابه كثيراً مع شخصية والدها ، هل لأنهم من دماً واحد ؟ لكن لا فـ منصور الأقرب لوالدها ولا يتحلي بذرة من شهامة اخيه ،
, _ سحبت نفساً وقالت ربما تفيده بنصيحتها :-
, _ ما تكمل تعليمك !
, _ التفت اليها ريان ضاحكاً بسخرية :-
, _ اكمل تعليمي ، انتي بتهزري صح ؟
, _ أماءت رأسها بنفي قائلة بتأكيد :-
, _ لا مش بهزر ، فين المشكلة ؟
, _ تجمدت تعابير وجهه لبرهة ثم أسند رأسه علي حافة المقعد متأملاً النجوم ، استنشق اكبر قدر من الهواء ثم أردف بحنين :-
, _ أنا مش مراهق لسه عشان اكمل تعليمي ، أنا راجل كبير عنده مسؤوليات وبيت وعيال فات أوان الكلام ده ..
, _ تركت عنود الكوب من يدها ووضعته علي الطاولة واعتدلت في جلستها وواصلت حديثها بحماس :-
, _ ناس كتير الحياة مسمحتش يكملوا تعليمهم وبعد سنين كتيرة سمحت ظروفهم وكملوا تعليمهم في سن أكبر منك ، مفيش عائق قدامك انت اللي عائق لنفسك ولأحلامك !
, _ نهض ريان وأستند بمرفقيـه علي حـافة سور الشُرفة وأردف مستاءً :-
, _ الكلام ده مينفعش هنا ، مجتمعنا غير مجتمعكم خالص ، مينفعش المعلم يتحول لمهندس بعد العمر ده ، كل اللي بنيـته هيضيع !
, _ لم تقتنع قط بتفكيره ، ونهضت هي الأخري ووقفت بجانبه قائلا بإصرار :-
, _ انت مش عايز تحقق حلمك عشان كلام الناس ! مش انت قولتلي أن محدش وقف جنبك في اكتر وقت كنت محتاج أيد تساعدك فيه يبقي ليه تفكر في ناس مش بتفكر غير في نفسها!
, _ اقتربت منه أكثر وربتت علي ذراعه قائلا بإلحاح شديد :-
, _ المعلم ممكن يتحول لمهندس بسهولة لو فكرت بأنانية شوية عشان نفسك ..
, _ مرر ريان أنظاره بين ذراعه الذي بين قبضيتها الصغيرة وبين ملامحها التي تحثه علي تحقيق حلمه بإصرار ، ثم انفجر ضاحكاً عندما تخيل رجل مثله يُكمل تعليمه في هذا العمر !
, _ انتي مشكلة و**** !
, _ صاح بهم من بين ضحكاته ، بينما فهمت عنود سبب قهقهاته التي لا تتوقف وقالت مستاءة من ضحكاته :-
, _ رياااان ، بطل ضحك !
, _ كانت المرة الأولي لها أن تهتف بإسمه بتلك العفوية التي آذابت قلبه ، استدار إليها وابتسم بسعادة وقال متمنياً أن تعيد نُطق إسمه ثانيةً :-
, _ رياااان!
, _ ضغطت عنود علي شفاها بخجل ، ثم هربت من أمامه ركضة الي الخارج فتعالت قهقهات ريان بتكيف لتصرفاتها التي يختبرها للمرة الأولي ،
, _ أسرع خلفها بخطي ثابتة عازم أمره أن يفعل ما يُطالب به قلبه وكل انش به ، وصل إليها بعدما تريث في غرفتها ، جذبها من ذراعها بكل ما أوتي من قوة وضمها لاحضانه المفتقرة لعناق ..!
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
١٨


أبتعد عنها عندما لم يكتفي من عناقها ، لما ؟ يريد المزيد والمزيد منها ، لا يكفيه عناق واحد ، بل يريد أن ينجرف معها لأكثر من مجرد عناق ، تُطَالِب بها جميع جوارحه الرجولية ، ابتلع ريقه في محاولة منه علي السيطرة على نفسه لكي لا تخشاه ، فهي لازالت تخوض تجاربها الأولي معه ، فقط عليه التمهل والترَيُث فيما يفعله ،
, _ نبضات قلبه تزداد عنفاً لرؤيتها تعض شفتاها بخجل ، علي الرغم من أفعالها المفتقرة للإغراء والبعيدة كل البُعد عن الاغواء إلا أن تصرفاتها لا ترحم قواه التي تنحط تدريجياً ،
, _ رفع ريان وجهها بكف يده ليجبرها علي النظر إليه ، ابتلع ريقه مراراً يريد مقاومة غريزته التي تدفعه ليتذوق شفتاها ذات اللون الوردي كـ حبات البرقوق الصغير ،
, _ أعاد إحدي خُصلاتها الشاردة خلف أُذنها ثم وضع راحة يده ما بين عُنقها وأسفل أذنها يتلمس نعومة بشرتها الحليبية ،
, _ أثارت لمساته المُتقنة رجفة قوية في أوصالها أسفل يديه قد شعر هو بها ، لم تخضع لـ لمسات كهذه من قبل ، لم تجرب هذا الشعور قط ، ازداد خجلها أضعافاً فأوصدت عينيها لكي لا يقع بصرها عليه ،
, _ ويحك أيتها الفتاة الصغيرة ، لقد خارت قواي بين يديكِ ، لما لا ترأفِ بي !..
, _ ازدادت وتيرة أنفاسه وهو يقترب من عنقها شاعرة هي بحرارة أنفاسه المَضطربة بالقُرب من أذنها فزداد جسدها تصلباً بتوجس من قربه المفرط ،
, _ بينما آراد ريان أن يُجرب أشياء لم تسنح له الفرصة لخوضها من قبل ، حيث لثم عنقها بقبلاته الرقيقة ، شعرت عنود بإرتخاء جسدها تدريجياً إلي أن لانت أوصالها بعد أن كانت مُتصلبة بين قبضتيه ،
, _ ابتعد عنها محاولاً التوقف عما يفعله لكن لا يتحمل الإبتعاد عنها ، كأنها مغناطيس يجذبه إليها كلما ابتعد عنها ، كذلك لم يكتفي منها لا شئ يُشبع غرائزه ، إذاً ما العمل الآن ؟
, _ أسند بـ جبينه علي جبينها وهمس أمام شفتاها بصوت متشحرج يكاد ينبس به :-
, _ أنا مش قادر أبعد عنك , انتي عملتي فيا ايه ؟
, _ فتحت عينيها فتفاجئ ريان بتحول لونهم الي الاحمرار الشديد ، شعر لوهلة أنهم سـ ينفجران في أي لحظة من شدة الدماء المتدفقة فيهما ، يجب عليه التوقف الآن يكفي لهذا الحد معها ،
, _ تنهد بضجر وهو لا يريد الابتعاد عنها لكنه أجبر كل حواسه علي العودة للخلف ، هرب الحديث من علي لسانه لم يستطع أن ينبس بشئ ، وكأنما انحشرت الكلمات بداخله ، لا يوجد أمامه سوي الانسحاب بهدوء ، يجب أن يُلملِم شتات نفسه ليستطيع التواصل معها ..
, _ بينما لم تبرح عنود مكانها ، تجمدت قدميها بالأرض ، لا تقدر علي رفعهما ، كما أن وتيرة أنفاسها ازدادت بصورة أشد قسوة بسبب كتم أنفاسها بداخلها لقربه المفاجئ منها ،
, _ تراجعت للخلف بتهمل وأستلقت علي الفراش بإهمال ، لم تستطع محو ما حدث من ذاكرتها فأسرعت في إغلاق عينيها علها تغفو سريعاً ..
, _ جلس ريان علي أحد المقاعد في الشُرفة ومدد قدميه أمامه علي الطاولة ليرخي عضلاته بينما يتأمل النجوم مع تذكره لما حدث منذ عدة دقائق ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ وقفت مستندة علي حافة سور الشُرفة ، تنهيدة بطيئة مليئة بالهموم والحزن أخرجتها وهي تتآمل الطابق العلوي القاطن به زوجها وزوجته بعد أن أختفي صوت قهقاتهم المرتفعة ،
, _ مئة تصور قد صوره لها عقلها لهم ، فقط ازدادت اختناقاً كلما تذكرت أنه لم يعد ملكها وحدها بين ليلة وضحاها ، ماذا اقترفت ليكن هذا جزاؤها ؟ اين الخطأ التي ارتكبته بحماقتها لـكي تَجنِي ثِمارُه ؟
, _ خرجت من شرودها علي صوت شقيقتها الصغري قائلة بآسي وهي تربت علي ظهرها بحنو :-
, _ هوني علي نفسك يا دينا هيجرالك حاجة !
, _ انسدلت بعض القطرات من عينيها وأردفت بنبرة موجوعة تحمل من الحزن قدراً :-
, _ انا لو اعرف قصرت في إيه كنت هونت علي نفسي ..
, _ جلست دينا علي الأريكة الخشبية المغلفة بالقماش البني الداكن بينما رافقتها شقيقتها وعزمت أن تتحدث معها علهم يصلا لنقطة مشتركة ، تنهدت بتردد ثم قالت :-
, _ ينفع أتكلم معاكي من غير زعل ..
, _ استدارت إليها دينا مجبرة حواسها علي الإنتباه كأنها غريق يريد النجاة ، سحبت إسراء نفساً عميق وأردفت معاتبة :-
, _ بصراحة يا دينا أنا كنت بستغرب لبسك في البيت دايما كنت بشوفك بعبايات ، اوقات كنت بقول أكيد محروجة مني وكنت بتعمد اجيلك فجاءة عشان اشوف لبسك بيكون ازاي ، وبرده كنت بلاقيكي بعباية ، ده انا اللي لسه بنوتة بلبس كل اللي نفسي فيه في البيت وكنت علي طول بحاول أنصحك بطريقة غير مباشرة زي ما كنت اتعمد اخليكي تنزلي تشتري معايا هدوم لجهازي واقولك اشتري حاجة جديدة وانتي كنتي بترفضي علي طول ، مكنتش بعرف اتكلم معاكي وافهم مشكلتك لأن انتي عمرك ما اتكلمتي عن علاقتك بريان ، دينا انتي ديما رابطة شعرك مفيش اي ميك اب بشوف حتي أثره علي وشك انتي حتي تقريباً مش عندك برفيوم ولا إكسسوارات ، ليه يا دينا كده انتي سنك صغير ليه مش عايشة سنك ؟
, _ هنا انفجرت دينا باكية بمرارة، لقد ضغطت علي وتر ضميرها التي تتعايش معه بين إرادتها لـ تلك الأشياء التي ستجعل منها انثي كاملة وبين رفضها لها ،
, _ سحبت اكبر قدر من الهواء حتي تتحدث طبيعياً دون تعرقل في الحديث وقالت بتلعثم :-
, _ أنا عشت خمس سنين في تأنيب ضمير اني لازم اعمل زي ما بشوف ، زي ما بشوف رنا مرات هاني دايما لابسة وجوزها بيموت فيها وزي ما بشوفك في البيت بس انا اتربيت علي كده ، كبرت علي كلمة ماما وهي بتقول جسمنا عيب ولازم نداريه مكنش فيه نت زي دلواقتي يفهمني ، كنت بروح الجامعة وانا مرعوبة من فكرة أن في شباب معايا ، ديما في تفكيري إن كل الشباب مركزين معايا بسبب كلامها ، كنت بوسع لبسي في كل مرة بنزل فيها للشارع لدرجة اني بقيت بخاف حتي وانا في البيت أصل حد يجي فجاءة ، ماما عمرها ما اتكلمت معايا عن حقوق الزوجة لزوجها ، اتجوزت واتفاجئت بحاجات كتيرة فضلت بتصدم لفترة كبيرة بسبب اني مكنتش اعرفها قبل كده ، متقارنيش نفسك بيا ، انتي في عصر متفتح ماما نفسها اتغيرت عن الأول ، عندك سوشيال ميديا وغيرهم كتير بتتعلمي وتتثقفي منهم ، بتنزلي جامعتك بلبس انتي اللي مختاراه وراضية عنه مش مجبرة عليه ، أنا غيرك خالص ، أنا اتخلقت عندي عقدة لدرجة اني مش عارفة اعيش كده حتي مع جوزي ، وهو عمره ما حسسني اني حاجة شاذة بالعكس مكنتش بشوف رفضه ليا خالص ، أيوة كنت بغير من نظرات هاني لرنا اللي كان بياكلها بيهم واتمنيت أن ريان يبص لي كده بس مكنتش متوقعة اني السبب كنت مفكرة إن دي شخصيته هو ، لأن من يوم ما عرفته وهو جامد في مشاعره وفي أسلوبه ، كنت فكراه راضي ! حتي يوم ما حسيته أنه متغير يومها بالظبط اتجوز !
, _ شعرت إسراء بالندم حيالها واقتربت منها وهي تمسد بيدها علي كتفها بحنان ثم ضمتها برفق الي حضنها فجهشت دينا في البكاء ، حاولت اسراء التهوين عليها بشتي الطرق لكن دون جدوي ، اكتفت بضمها بكل ما أوتي من قوة علها تقلل من آلامها ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ أخرج تنهيدة بطيئة من جوفه وهو يمسح بيده علي الصورة الفوتوغرافية لزوجته الراحلة الموضوعة علي الكومود ، أبتعد عنها عندما سمع طرقات الباب و سمح له بالدخول قائلا :-
, _ تعالي يا هاني عايز أتكلم معاك ..
, _ اقترب منه هاني بخطي ثابتة ثم جلس بجواره علي الفراش وردد متسائلا بفضول :-
, _ نعم يا حج ؟
, _ سحب ماهر نفساً عميق وأردف بشموخ :-
, _ أنا مش عاجبني الوضع اللي بينك وبين أخوك ده يا هاني لما انتوا بتعاملوا بعض بالجفا ده كله وانا موجود لما أموت هتعملوا ايه ؟
, _ أسرع هاني بالرد عليه بعاطفة :-
, _ بعد الشر عنك يا حج ، بس مش واجب عليك تقوله هو اللي يجي يكلمني ده انا أخوه الكبير يعني لازم يحترمني !.
, _ وضع ماهر يده علي فخذ ولدَهُ واردف بحكمة :-
, _ عشان انت الكبير طلبت منك انك تكلمه ، لازم تحابي علي اخواتك هما صغيرين ومش فاهمين حاجة انت الكبير والمفروض تجمعهم وتكون حريص علي أنكم تكونوا سند لبعض ، قوتكم في لمتكم يا بني محدش هيقدر عليكم طول ما انتو في ضهر بعض ، عارف يا هاني الورث الحقيقي اللي بيسيبه الأهالي ايه ؟
, _ أماء هاني رأسه متسائلاً بإهتمام :-
, _ ايه يا حج ؟
, _ ابتسم ماهر وشد علي ظهره بحب وواصل حديثه المسترسل قائلا :-
, _ الاخوات ، الفلوس هيجي يوم وتخلص بس الاخوات حبهم هو اللي باقي ، وقفتهم جنب بعض في الشدة قبل الفرح أكبر ورث يسيبوه الاهل بعد وفاتهم ، نفسي اطمن عليكم قبل ما اموت يا هاني ..
, _ تشنجت عروق عنقه بإنكار لحديث والده عن الموت ، انحني علي يده وقبلها بحنو وأردف :-
, _ **** يبارك في عمرك ويخليك لينا ، حاضر هعمل اللي انت عايزه !
, _ كست السعادة وجه ماهر وربت علي ظهر هاني برضا أبوي وقال زائداً :-
, _ وفيه حاجة تانية يابني عايز أتكلم معاك فيها !
, _ حك هاني ذقنه براحة يده وهتف :-
, _ ايه يا حج ؟
, _ تنهد ماهر وأردف بتريث لينهي تلك السخافات بينهم :-
, _ بلاش تدخل مراتك في علاقتك بأخوك ، مراتك يابني تقدر تعوضها بزوجة تانية وابنك تقدر تعوضه بإبن تاني لكن الأخ ميتعوضش ، وكلام الحريم كتير وبينزل لسابع أرض عشان كده متسمعش ليها وخليك واثق في إخواتك , علاقتكم تكون خط أحمر محدش يتعداها ..
, _ أماء هاني رأسه بتفهم وأردف وهو ينهض :-
, _ حاضر يا حج هعمل اللي انت عايزه اطمن !
, _ أسرع إلي الخارج مهرولاً ، لقد ازداد صدره اختناقاً ، أي ولد يتحدث بتعويضه ؟ كيف يعوضه وهو لم يسبق له الانجاب ، تعصر قلبه حزناً علي حاله ، كم تمني ولد يداعبه في صغره ويكون سنده في كِبره ، تنهد بإختناق شديد ورمق باب غرفته بضجر بائن ثم هم بمغادرة المنزل ربما يشعر بالتحسن إن أبتعد عنه ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ وقف أمام غرفتها بعد تردد كبير ، عزم أن يقتحم الغرفة وينعم بالنوم بين أحضانها ، يكفي هذا القدر من العطاء للآخرين يريد أيضاً أن يأخذ من الحياة القليل مما سرقته منه ، وما العائق ؟ هي زوجته ويحل له فعل ما يشاء معها ، فلقد أجمع الاربع مذاهب علي التمتع بالزوجة فمن يكون هو ليجبر غرائزه علي الاختباء بداخله وعدم ممارسة حياته كما يجب ؟!
, _ لكن الشعور الاقوي الذي يطالب به هو الأمان ، فقط يريد أن يشعر ببعض الامان بين أحضانها ، لا يُهم إن بدي كـ الطفل أمامها حسناً إذاً هو *** ويريد النوم بجوارها ألن تُلبي طلب ذلك الصغير ؟!
, _ فتح الباب بعنف واقترب منها بخطوات سريعة فتفاجئ بها غافية ، سحب نفساً وعزم بألا يتراجع عما يريده ، سار نحوها واستلقي بجسده خلفها مباشرةً الي أن التصق بها ، وضع إحدي ذراعيه اسفل راسها برفق والاخري في منتصف خِصرها ، ضمها بكل قوته لصدره وانحني برأسه علي رأسها ،
, _ استيقظت عنود قلقة بسبب لمساته التي تعلم أنه مصدرها ، تفاجئت أنها مُحاوطة بين قبضتين قويتين ، لوهلة لم تستوعب ما يحدث وركلت بقدمها تريد التملص من بين قبضتيه ،
, _ هم ريان بالاسراع في حديثه ليجبرها علي التوقف قائلا :-
, _ ششش اهدي ونامي !
, _ نوم !! نوم ماذا الذي يتحدث عنه بهذا الوضع ؟ ازدادت نبضات قلبها بعنف دون هدوء ، لكنها سرعان ما هدأت أثر لمسات أنامله علي خصرها الي باتت في ثُبات عميق ، كذلك هو لم يمكث طويلاً وغفي علي وضعه ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ يوم جديد يحمل بين طياته أقدار عِدة للجميع ، سطعت الشمس بنور ربها مُعلنة نهاراً جديداً ، صدح صوت المنبه الخاص بهاتف عنود استيقظت قلقة علي صوته المرتفع الذي نبه جميع حواسها ،
, _ حاولت النهوض لكنها فشلت فركت عينيها وهي تتثائب بكسل ثم التفتت الي يمينها تريد الوصول إلي المنبه فتفاجئت بها غافية بين أحضانه ، طالت النظر إليه إلي أن تذكرت بأنها قد باتت غافياً هكذا منذ أمس ،
, _ شعرت بارتفاع حرارة وجهها من شدة الخجل الممزوج بالسعادة التي استوطنت قلبها ناهيك عن دفئ يديه التي تشعر بالاستكانة بينهم ، ابتسمت وهي تتفحص ملامحه الهادئة تماماً ، مدت يدها تتلمس بشرته بأناملها الصغيرة ، تفاجئت بأناملها باتت مُحَاوُطَة بين يديه ، حاولت إستعادة يديها لكنه أبيَٰ ، وضعها يدها بالقُرب من شفتاه ثم وضع قُبلة رقيقة داخل كفها ،
, _ لن تنكر أن قُبلته آذابت عقلها وخفق قلبها بشدة من خلفها ، لكنها حرصت ألا تنظر إليه بينما فتح هو عيناه وأجبر وجهها علي الالتفاف إليه هامساً :-
, _ بُصيلي ..
, _ جمعت قواها ونظرت إليه بأعين لامعة ، بينما وضع هو يدها علي قلبه فسرت رجفة في أوصالها شاعرة بنبضاته العنيفة حتماً من تأثيرها عليه ،
, _ بدت عنود كمن انحشرت أنفاسها ولا تدري كيفية إخراجهم ، كما إزداد الوضع سوءاً بقُبلته التي وضعها علي شفتاها ، لا ليس لهذا الحد ! بالتأكيد سيقضي عليها بمفأجاته تلك ،
, _ أبتعد عنها مُشكلاّ ابتسامة علي ثغره لخجلها المفرط ، حمحم وقال :-
, _ صباح الخير
, _ بالتأكيد يمزح معها , أيلقي التحية عليها بعد فعلته الوقحة تلك ؟ من أين ستتحلي بالشجاعة لتجييه ؟
, _ سحبت نفساً عميق وحاولت التملص من بين قبضتيه لكنه أبيَٰ وبقوة أن يتركها ، وقال محاولا إثارة جدلها :-
, _ ردي عليا وانا أسيبك ..
, _ ابتلعت ريقها في محاولة منها لتجميع شتات نفسها ، صمتت لبرهة ثم قالت هامسة بنبرة رقيقة :-
, _ صباح الخير
, _ وما إن بادلته التحية حتي دفعته بعيداً وأسرعت مهرولة داخل المرحاض الخاص بالغرفة ، تعالت ضحكات ريان علي تصرفها الأبله ثم نهض هو الآخر لكي يعد ذاته ويقوم بتوصيلها الي الجامعة ..
, _ وقفت خلف الباب تتنفس الصعداء هل بتفسير واضح لما يحدث خلال ليلة وضحاها ؟ لقد تحول تماماً أين ريان الرجل الوقور التي أحبت فيه احترامه ، احترام ماذا لقد بات وقحاً للغاية ولا يرحم عذرية تجاربها الأولي ..
, _ حسناً ، ليس بوقت يسمح فيه التفكير فيما حدث ، لقد حان موعد ذهابها للجامعة ولابد من إسراعها لكي لا تتأخر في يومها الثاني ،
, _ أنهي كليهما تبديل ثيابهم ومن ثم أدوا **** الفجر ودلف الي الخارج بخطوات سريعة ، لم ترفع عنود بصرها عليه قط ، كما تعمد ريان خلق حديث مثير للجدل معها بعدما صعدَا في المصعد الكهربائي حيث وقف أمامها مباشرةً وحاوطها بذراعيه من الجانبين مستند براحتي يده علي جدار المصعد وأردف مازحاً :-
, _ ممم الخلوة بقت شرعية ؟
, _ فهمت ما يرمي إليه ولم تستطيع منع ابتسامتها التي تشكلت على ثِغرها ليطرب قلبه فرحاً أثرها ، بادلها الإبتسامة ليتفاجئ كليهما بوقوف المصعد في الطابق الثاني حيث منزل والد ريان ،
, _ تأفف ريان بضجر وهو يخمن هوية من قام بإيقاف المصعد ، لكن تخمينه لم يكن في محله لقد كان هاني وتعمد فعل ذلك ليتحدث مع ريان ويعتذر منه ،
, _ حمحم هاني وقال بحرج :-
, _ ريان عايز أتكلم معاك !
, _ تجمدت تعابير وجه ريان وازدادت حدة ، فهو لم يصفوا بعد ، فرك مؤخرة رأسه وأردف بتجهم :-
, _ مش فاضي لما أرجع نتكلم !
, _ أجابه هاني بإصرار يريد أن ينهي ذاك الخِصام سريعاً :-
, _ مش هاخد أكتر من خمس دقايق وبعد كده تقدر تروح مشوارك ..
, _ سحب ريان نفساً واستدار نحو عنود قائلا وهو يناولها مفتاح سيارته :-
, _ خدي المفتاح واقعدي في العربية أنا نازلك حالا ،
, _ أماءت رأسها بطاعة ومن ثم دلف ريان للخارج بينما هي هبطت للاسفل وجلست في السيارة كما أمرها ريان ، وقف الأخوان أمام بعضهما ، حيث سأله ريان علي مضض :-
, _ خير ؟
, _ سحب هاني نفساً وأردف بندم :-
, _ عايزين نتصافي ، بلاش نبني حواجز بينا إحنا في الآخر أخوات !
, _ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة متهكمه وقال بسخرية :-
, _ كويس إنك فاكر إننا اخوات وأن الاخ حرمته محدش يتعدي عليها بس انت اتعديت وانا مش هسامح فيها بسهولة ولو هتقولي انت عملت نفس الحاجة في مراتي فمراتك دي كذابة وانت متعود تصدق كذبها دي حاجة ترجع لك متخصنيش ..
, _ ابتلع هاني ريقه وهو يحاول أن يتحلي بالهدوء وقال برزانة :-
, _ أبوك وصاني عليكم وقالي لازم اجمعكم عشان اخوكم الكبير ، قالي استحمل لاجل بس ما نكون في ضهر بعض ، أنا مستغرب كلامه بصراحة لأنه طول الوقت بيتكلم عن الموت ، مش عارف هو حاسس بحاجة ولا مجرد كلام ، بس انا حابب افتح صفحة جديدة معاك عايز نبقي أخوات بجد ، ولو علي مراتك أنا هروح أعتذر لها واقولها حقك عليا سامحيني المهم نتصافي ونخليه مطمن علينا ..!
, _ تغلغل شعور القلق بداخل ريان حيال والده ، وعزم علي أن يطمئن إليه بعد توصيل عنود الي جامعتها ، تنهد وهو يفكر جيداً في حديث أخيه وبعد مدة ليست بقصيرة قال بصوته الأجش :-
, _ أنا موافق بس مراتك تكون بعيدة عن علاقتنا ..
, _ أماء هاني بالايجاب بينما مد ريان يده لمصافحة أخيه بود فبادله هاني السلام وهبط كليهما معاً ، تفاجئ ريان بجلوس عنود علي مقعد القيادة لكنه لم يعلق قبل ذهاب أخيه ،
, _ اقترب منها وفتح الباب قائلا :-
, _ هاني عايز يقولك حاجة !
, _ ترجلت عنود من السيارة متوجسة خيفة من نظراته الثاقبة التي لم تروق لها مطلقاً ، سحبت نفساً واقتربت من ريان إلي أن التصقت به ، مدت يدها برفق من خلفهما وشبكت أصعابها بين فراغ يده ، شد هو علي يدها بدعم كبير فأردف هاني بحرج ممزوج بالندم :-
, _ أنا آسف علي اللي عملته ، أنا مش عارف عملت كده ازاي ، بس ياريت تكوني أحسن مني وتسامحيني ..
, _ رفعت عينيها علي ريان مطالبه بدعمه لها فبادلها الآخر نظراته قيد انتظار إجابتها علي آخيه ، كان علي إستعداد تام لعدم قبولها لإعتذاره لكنه تفاجئ بعكس ما توقع تماماً حيث أردفت متريثة :-
, _ ' فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَي اللَّهِ '
, _ تبادلا كلاً من هاني وريان النظرات المتعجبة فهم لم يفهموا ما ترمي إليه ، سألها عن هاني بعدم فهم :-
, _ بمعني ايه ؟
, _ أبتسمت عنود بتهكم وقالت موضحة :-
, _ يعني سامحتك !
, _ إلتوي ثغر هاني بإبتسامة ومد يده ليصافحها لكي يمحي أي إساءة بينهم ، لكنه تفاجئ بها تختبئ خلف ريان كما تفاجئ بأخيه هو من يصافحه قائلا :-
, _ مبنسلمش ..
, _ عقد هاني ما بين حاجبيه بغرابة فلم يصادف تلك النوعية من قبل ، لم يكن ريان مزعوج من تصرفها بل كان يشعر بالسعاده البالغة لكونه الوحيد المسموح له بلمسها ،
, _شد علي يدها التي تختبئ بين قبضته قائلا :-
, _ يلا عشان متتأخريش علي كليتك ،
, _ أماءت له بالإيجاب ثم أجبرته علي الوقوف قبل أن يجلس في مقعده قائلة بإصرار :-
, _ هسوق أنا النهاردة !
, _ عقد ريان حاجبيه وسألها بإهتمام :-
, _ بتعرفي تسوقي ؟
, _ قلبت عنود عينيها لتقليله من قُدُرَاتها ثم أسرعت بركوب السيارة وأغلقت الباب في انتظاره ركوبه بجوارها ، استدار ريان الي حيث يقف هاني ورمقه بحرج ثم سار بخطي ثابتة وجلس بجوارها ،
, _ حركت هي السيارة بتمكُن ثم زادت من سرعة السيارة تدريجياً الي أن غادرت المنطقة أسفل نظرات هاني المتعجبة من تصرفاتها الطفولية ، ظهرت شبح إبتسامة علي ثغره ثم استدار وصعد إلي منزله لعله يتمكن من إصلاح علاقتة المتوترة مع زوجته ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ تقود السيارة أسفل نظراته التي لم تُرفع عنها منذ أن إنطلقا ، لم تكن بتلك الشجاعة الكافية لكي تسئله عن سبب نظراته ، فما حدث بينهم لم يُمحيَ أثرهُ بعد !
, _ تشبثت بالطارة بكل قوتها لكي لا تتأثر بسودتاه ، أزفرت أنفاسها براحة عندما وصلت إلي الجامعة ، صفت السيارة جانباً ثم سحبت حقيبتها من المقعد الخلفي دون أن تنظر إليه وترجلت من السيارة مسرعة دون أن تنبس بشئ ، هرول ريان خلفها بخطوات متمهلة وجذبها من ذراعها متسائلا بغرابة من تصرفها المُبهم :-
, _ انتي بتجري مني ليه ؟
, _ سحبت نفساً عميق واستدارت إليه بنظرات خجولة قد استشفها ريان من تورُد وجنتيها ، أعاد يده جانبه وأردف بحدة زائفة :-
, _ تاني مرة متسبنيش وتجري كده !
, _ امأت له بالطاعة بينما دس ريان يده في جيبه وأخرج منها بعض الأموال وأجبرها علي الالتفاف بيده ليضعهم لها في الحقيقة ، اغلقها وقال :-
, _ يلا عشان متتأخريش ..
, _ رمقته بنظرات خجولة للغاية ومن ثم أولته ظهرها وأسرعت بإتجاه مدرجها ، عاد ريان الي سيارته عندما اختفي طيفها من أمامه وغادر المكان سريعاً ،
, _ وقفت أمام الباب تستنشق الصعداء قبل أن تولج للداخل ، كيف ستواصل بقية الأيام معه وهو في أعلي مراتب جُرأته معها ، لما يتواقح معها ألا يجدر به احترام العلاقة التي لم يفهما أين ستصل بهم في النهاية ؟ الآحر أنها لم تكن مزعوجة من تقربه بل كانت كانت لينة بين يديه كالطحين المُبلل ، لابد وأن تعرف حقيقة مشاعرها أولاً قبل أن تنجرف معه دون وعيٍ منها ..
, _ تسللت هالة من خلفها ثم لكزتها بخفة في منتصف خصرها مازحة معها ، شهقت عنود بفزع فأسرعت هالة بوضع يدها علي فمها تمنع صراخها قائلا :-
, _ششش دا أنا هالة !
, _ وضعت عنود يدها أعلي صدرها تزفر أنفاسها التي هربت منها ، بينما وفقت هالة أمامها وقالت بندم :-
, _ ده انتي بتركبي الهوا بسرعة ..
, _ قطبت عنود جبينها بغرابة وسئلتها بإستفسار :-
, _ يعني إيه بركب الهوي ؟
, _ قهقت هالة عالياً وقالت موضحة :-
, _ بت خفيفة يعني ..!
, _ ازدادت عنود غرابة من كلماتها المبهمة التي لا تفهم منهم شئ ، أسرعت هالة بالحديث قائلة بتهكم :-
, _ لا انتي عايزة قعدتين تلاتة معايا عشان تتبرمجي علي اللغة المصرية بس بعد ما نخلص محاضراتنا الأول ..
, _ ابتسمت لها عنود ومن ثم دخلا كليهما الي المدرج برفقة بعضهم ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ جابت الفراش يميناً ويساراً علها تصل إلي شئ ما يهدئ من نيران الغيرة الموقدة في قلبها بعدما رفضت خلق أي حوار مع هاني ،
, _ تأففت بضجر شديد عندما فشلت في اقتلاع ريان من عقلها ، يأبي أن يخرج من قلبها ، حتماً لن يخرج بتلك السهولة لقد بات شاغلها لأعوام عديدة وليس سهلاً اقتلاع حبه كما تظن ، إذاً ما عليها فعله حتي تهدئ قليلا بالتأكيد سـ تُجَن قريباً من خلفه ،
, _ انتفضت من علي الفراش عندما سمعت صوته الذي تحفظه جيداً ، اقتربت نحو الباب مسرعة لتتأكد من حدسها ، استندت برأسها علي جدار الغرفة وهي تطالعه بشغف كبير ، ليته يشعر ولو بذرة من مشاعرها نحوه حتماً سيشفق عليها ،
, _ سحبت نفساً عميق وأغلقت الباب بهدوء ثم هرولت إلي خزانتها وارتدت إسدالها ودلفت الي الخارج تُمتع عينيها برؤيته من قرب ،
, _ وقفت بالقرب منه تاركة بعض المسافة القليلة بينهم وقالت بصوتها الرقيق :-
, _ ازيك يا ريان
, _ تجمدت تقاسيم وجه ريان عندما رآها لكنه لم يعيرها اهتمام وواصل حديثه مع أبيه :-
, _ متأكد أنك كويس يا حج ؟
, _ أماء ماهر بالإيجاب قائلا :-
, _بخير يا حبيبي طول ما انتوا بخير ..
, _ ربت ريان علي فخذه وأردف بحنو :-
, _ أنا كلمت هاجر وقولتلها تيجي النهاردة ، أنا قصرت معاها الفترة اللي فاتت بس ان شاء **** مقصرش تاني ..
, _ شعرت رنا بالإهانة المعانقة للخجل لعدم اكتراثه لها ، أولته ظهرها وأسرعت خُطاها الي الغرفة واقسمت أن تندمه بسبب ما يفعله بها ، هو من قلل من شأنها ورفض شهدها التي فرضتها عليه إذاّ فليتذوق جحيم ما ستفعله به ، هو من جني علي نفسه ..
, _ إلتوي ثغر ماهر بسعادة واردف وهو يربت علي يد ريان بحب :-
, _ **** يجبر بخاطرك يابني ويعوضك خير !
, _ بادله ريان الابتسامة ونهض قائلا :-
, _ **** يخليك يا حج ، أنا همشي أنا عشان ألحق احجز غدا النهاردة ..
, _ تركه ريان عندما اطمئن علي حالته الصحية وتوجه الي معرضه ، تفاجئ بوجود خالد فيه ابتسم ثم توجه نحوه قائلا :-
, _ انت بتعمل هنا إيه ياض ؟
, _ أشار إليه خالد بالانتظار ثم أنهي مكالمته الهاتفية ورمق ريان بغضب :-
, _ يا اخي حرام عليك ايه اللي انت ورطني فيه ده ، أنا مش عارف اعمل حاجة بجري من معرض لمعرض وأسلم طلبات وفي مليون مشكلة بتحصل في المينا ولازم أنا اللي اتكلم عشان يخلصوها ، انت بتحبني اوي كده عشان تعمل فيا كده ؟
, _ تعالت ضحكات ريان وسار نحو الاريكة الجلدية وأستلقي عليها قائلا :-
, _ ما انت ياما ادلعت شيل شوية
, _ اقترب منه خالد ولكزه بقوة في كتفه أطلق ريان آنة موجوعة من خلفها ليواصل خالد حديثه بحُنق :-
, _ ولما أنا اشيل انت تهبب ايه ؟
, _ عدل ريان من وضعية نومه لتكون أكثر راحة ونظر الي الاعلي بعدما وضع كلتي ذراعيه أسفل رأسه وهتف بصوته الرخيم :-
, _ هدلع !
, _ عقد خالد حاجبيه متعجباً من نبرته الجديدة التي لم يسبق له وأن تعامل معها من قبل ، اقترب منه حتي سار أعلاه واستند بأحد بمرفقيه علي حافة الأريكة والاخري وضعها بجوار رأس ريان وسئله بغرابة :-
, _ تدلع ازاي يعني ؟
, _ ابتسم ريان وهو يتذكر أجمل ما عاشه ليلة أمس وفي الصباح ، خرجت منه تنهيده حارة اثر ذكرياته المحببة إليه
, _ ابتسم خالد علي حالته المبهمة التي توقع من تكون خلفها وقال مدندناّ :-
, _ شكله مش موضوع بسيط فيه غدر وفي حوارات ، ده انا بسهر بالساعات كل ده بيحصل قوام ، حاسس إني كده ابتديت أبقي رومانسي وضعيف ليه نومي بقا خفيف كنت لما بنام بنام ..!!
, _ لكزه ريان في ذراعه بعنف ليتفاجئ كليهما بدلوف أحد عمال المعرض كما تفاجئ هو الآخر بوضعهم وتصلب في مكانه بذهول ، نهض خالد سريعاً وقال :-
, _ عايز حاجة يا ابراهيم ؟
, _ لوهلة لم يستوعب الرجل حديثه ثم هز رأسه بإنكار واجابه بتلعثم :-
, _ النقل اللي جايب طلبية من المصنع وصل وقولت أبلغ حضرتك ..
, _ أماء خالد رأسه وقال بنبرة جدية :-
, _ تمام انا خارج وراك علي طول ..
 
١٩


_ استدار خالد إلي ريان وأردف من بين ضحكاته :-
, _ أنا خارج أصل لو قعدت أكتر من كده سُمعِتنا هتبقي وحشة اوي
, _ تعالت قهقهاتهم ثم دلف خالد للخارج بينما تفاجئ ريان بولوج منصور إلي مكتبه ، احتدت ملامحه ونهض من علي الأريكة وجلس علي مقعد مكتبه دون أن يعيره اهتمام ،
, _ ابتلع منصور ريقه ومسح بيده حبات عرق جبينه ، ثم أقترب منه بحرج قائلا :-
, _ ريان يابني٣ نقطة
, _ قاطعه ريان بهجوم وصاح به مندفعاً :-
, _ متقولش ابني ، انت ايه اللي جابك هنا أصلا ؟
, _ تكاثر عرقه من شدة الارتباك وحاول أن يبدو طبيعياً وأردف مستاءً :-
, _ اسمعني بس ، أنا عارف اني غلطت بس انا معتش عارف آكل ولا أكفي احتياجات بيتي محدش راضي يديني أي شغل اشطبه وكلهم بيقولوا دي اوامر المعلم ريان
, _ إلتوي ثغر ريان علي الجانب مُشكلاً ابتسامة ساخرة ، هز رأسه بإنكار ثم نهض وسار بتمهل نحو المقعد المقابل للمكتب وجلس عليه ثم وضع قدم علي الأخري بتعالي وعدل من الصورة الفوتوغرافية التي علي المكتب ورد عليه بعدم اكتراث :-
, _ وانا اللي هأكلك يعني ولا إيه مش فاهم ؟
, _ اقترب منصور من المقعد المقابل لريان وجلس عليه ، بينما استدار إليه ريان ورمقه بنظرات مشتعلة قائلا بنبرة حادة :-
, _ هو أنا سمحت لك تقعد ؟
, _ علي الرغم من هدوئه إلا أن نبرته أرعبت منصور وهم بالوقوف بفزع ، بينما نهض ريان هو الأخري وظل يجوب المكتب ذهاباً وإياباً وصاح بحنق :-
, _ طول الوقت شايفين ريان ابو قلب طيب اللي بيساعد الكل رغم أنهم مش بيقوموا بواجبهم ومع ذلك بياخدو أجرهم كامل من غير حتي عتاب ،
, _ اقترب منه ريان وهو يرمقه بحدتاه محتقراً إياه إلي أن ألتصق به وواصل حديثه بتجهم :-
, _ اوعي تكون مفكر اني نايم علي وداني ومش عارف بكل اللي بيدور في شغلي ، كل اللي انت شايفه ده لعبة وانا اللي بحركها وان كنت ساكت فـ ده مش معناه اني عبيط وباخد علي قفايا ، لأ أنا ساكت عشان العشم عشان صلة الرحم اللي بينا ..
, _ التفت ريان وأولاه ظهره وتابع حديثه بإندفاع :-
, _ بس ده كان ، فعل ماضي انتوا مينفعش معاكم غير كده قلة أصل بقلة أصل والبادي أظلم ،
, _ ترقرت الدموع في عيناي منصور وردد بتوسل :-
, _ بس ده ميرضيش **** أنا عندي بنت عايز اعلمها وأربيها ..
, _ ارتفعت قهقهات ريان ساخراً منه ، رمقه بعدم تصديق وهو يؤمأ رأسه في إنكار ، عاد الي مقعد مكتبه وجلس عليه ورفع بصره علي منصور بتشفي وأردف :-
, _ بنتك دي مفكرتش فيها قبل ما تفضح بنت أخوك في الشارع ؟ مفكرتش فيها وانت بتمد إيدك عليها !!
, _ سحق ريان أسنانه بغضب شديد وهو يتذكر صفعته لها التي هزت كيانه حينها ولازال أثره يؤلمه بشدة ، سحب نفساً وأردف من بين أسنانه المتلاحمة :-
, _ خدها مني ثقة أن محدش يتجرأ أنه يشغلك عنده سبق وقولتلك أن اللعبة دي بتاعتي وانا اللي بديرها يعني تنسي خالص أن ليك آكل عيش هنا وده حق ريان العراقي اللي انت نسيت هو مين إنما حق مراتي ده لسه بفكر له علي رواقة عشان القلم اللي هي خدته هيترد لك ألف يا منصور اصبر انت بس وانت هتشوف بعينك اللي هيحصل ..
, _ غادر منصور مطأطأ الرأس بخذلان كبير ، ندم علي ما اقترفه لكن كيف سـ يُصلح ما فعله ؟! بينما بصق ريان علي عتبة باب مكتبه ودفع الباب بعنف خلفه ومن ثم سحب هاتفه من جيب بنطاله وهاتف أحد المطاعم وطلب وجبات من الأسماك المتنوعة وعاد الي عمله لينهي القليل قبل أن يذهب الي الجامعة ..
, ١٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ وأخيراً خلصنا أول محاضرة
, _ أردفت بهم هالة بتهكم ثم ألقت جسدها علي المقعد البلاستيكي بإهمال ، جلست عنود هي الأخري مقابلها والتعب مرسوم علي تقاسيم وجهها ، أزفرت أنفاسها بإرهاق وقالت :-
, _ دي اول محاضرة اومال اخر محاضرة هنكون عاملين ازاي !
, _ سحبت هالة زجاجة المياه من أمامها وارتشفت الكثير منها لتروي ظمئها واجابتها :-
, _ هنكون موتنا أكيد
, _ انفجرت كلتهما ضاحكتين ثم أخرجت هالة عدة أكياس بلاستيكية وأردفت ببعض الخجل :-
, _ بما أن لسه ساعة علي المحاضرة التانية اشتغل شوية !
, _ رمقتها عنود بغرابة ومررت بصرها بينها وبين الحقائب متسائلة بحيرة :-
, _ تشتغلي ايه ؟
, _ أبتسمت هالة بتهكم وقالت بعفوية :-
, _ بشتغل هاند ميد زي اكسسوارات وطارات وتصميمات المناسبات وكده يعني بحاول اساعد نفسي بأي حاجة الحِمل تقيل اوي علي بابا وانا لازم اشيل عنه واللي بيطلع لي يدوب بيكفي مصاريفي بالعافية ، أصل والدي عامل بسيط في المباني ،
, _ تشكلت ابتسامة علي ثغر عنود من خلف عفويتها التي تتحدث بها كأن بينهم عِشرة أعوام وليس فقط يوم ، ندمت لأنها أسرعت بالحكم عليها وهتفت بحب :-
, _ **** يوفقك بس انا عايزة عُقد أنا بحب الاكسسوارات جداً وخصوصاً لو هاند ميد بيكون ليها معزة خاصة عندي
, _ اتسع ثغر هالة بإبتسامة عريضة وأردفت مُرحبة :-
, _ طبعاً طبعا اول عُقد لولي هيخلص حالا بتاعك !
, _ اقتربت منها عنود وهي ترمق الحقائب بإهتمام ورددت وهي تود مساعدتها :-
, _ ممم ما تعلميني أنا حابة أساعدك ونتسلي مع بعض ..
, _ رفعت هالة بصرها بذهول ، تعجبت الأخري من نظراتها التي لم تفهمها وسئلتها بفضول :-
, _ في ايه بتبصيلي كده ليه ؟
, _ سحبت هالة نفساً عميق وأردفت موضحة سبب تفاجئها :-
, _ أصل صحابي كانوا بيتحرجوا مني وقت ما كنت بقعد أشتغل ويسيبوني ويمشوا
, _ انهمرت بعض القطرات علي مقلتيها دون وعي منها ثم مالت بجسدها بالقُرب من عنود وضمتها بإمتنان شديد ، شدت عنود علي ظهرها ثم ابتعدت عنها قائلة :-
, _ دول ميبقوش صحاب يا هالة ، الصحاب اللي بجد عمرها ما تتحرج من صحابهم وبعدين انتي مش بتعملي حاجة عيب انتي بتعملي حاجة عظيمة ، أنك قادرة توفقي بين دراستك ومسؤليات بيتكم وكمان بتشتغلي تبقي عظيمة ، **** يوفقك ويعينك !
, _ إلتمعت عيناي هالة بوميض غريب و تنهدت بحرارة ولم تستطيع ايقاف قطرات عينيها التي تهطل كـحبات المطر ، وقالت من بين بكائها :-
, _ **** يخليكي ليا ..
, _ ابتسمت عنود وكفكفت عبرات هالة بأناملها قائلة بحُب :-
, _ يلا بقا علميني ..
, _ ازدادت الابتسامة علي ثغر هالة بسعادة غامرة دقت طبول قلبها وبدأت تعلمها كيفية عمل الحُلي كما تفعله هي بتمكُن ،
, _ استشفت عنود الأمر سريعاً دون مجهود وبدأت في صُنع أول حُلي لها ، ترددت هالة في سؤالها لكن فضولها كان أشد من خجلها وقالت :-
, _ هو مين اللي بيوصلك ده اخوكي ؟
, _ رفعت عنود بصرها عليها فشعرت هالة بالخجل وأسرعت بالحديث :-
, _ لو مش عايزة تقولي براحتك
, _ هزت عنود راسها بإنكار وأردفت :-
, _ لا إحنا بقينا صحاب وتقدري تسألي زي ما انتي عايزة ،
, _ سعدت هالة بكلماتها الصادقة فواصلت عنود موضحة :-
, _ ده جوزي !.
, _ شرقت هالة من هول المفاجأة ، أسرعت عنود في إعطائها بعض المياه ، ارتشفت القليل منها وعاودت النظر إلي عنود بدهشة :-
, _ انتي متجوزة ؟
, _ أماءت لها بالإيجاب وأردفت متعجبة :-
, _ ايه الصدمة دي كلها ؟
, _ نظرت هالة إلي الاعلي وقد اتسعت بؤبؤتي عينيها بسعادة قائلا بإمتنان :-
, _ شكراً يارب أخيراً وقعت مع ناس شبهي ، الحمد لله !
, _ إلتوت شفتي عنود بتعجب عاقدة حاجبيها في حالة غرابة شديدة من تصرفاتها المبهمة فأسرعت هالة موضحة بنبرة متحمسة :-
, _ يابنتي انتي مش فاهمة المجتمع هنا ازاي ، ماشي بالمشقلب عندهم يصاحبوا عادي ويرتبطوا إنما جواز في سن صغير لأ لسه بدري لدرجة اني اتربت ليا عقدة من العرسان وكل لما واحد يتقدم برفض من قبل حتي ما أعرف هو كويس وهيناسبني ولا لأ بسبب كلامهم اللي مش هيخلص
, _ تعجبت كثيراً من تفكيرهم المريب ، فكرت لبرهة علي سبب قوي حتي تقتنع بأفكارهم لكنها لم تجد ، ازفرت أنفاسها ورددت :-
, _ الجواز في سن صغير عفة وتحصين في زمن الفتن ازاي بيفكروا كده !
, _ جابت هالة المكان من حولها يميناً ويساراً ثم اجابتها قائلة :-
, _ يمكن لأن منظومة الجواز نفسها فاشلة فـ بيخافوا مثلا ,
, _ لم تقتنع عنود وتسائلت بإستفسار :-
, _ فاشلة ازاي ؟
, _ واصلت هالة موضحة معني حديثها :-
, _ بصي هنا الرجالة إلا من رحم ربي طبعاً منهم بيعتمد علي الست جامد يعني تشتغل وتصرف وهو قاعد في البيت ، ومنهم مش بيحترموا الست والزوجة دي عندهم مجرد خدامة وتلبي طلباتهم وبس ، وفيه اللي بيفرض سيطرته عليها ورأيها ده في النيل ملوش لازمة يعني ، وفي اللي بيظهر شخصيته بالضرب والإهانة ، يمكن عشان كده بيفضلوا حريتهم لحد ما صدقوا إن ده الصح وان الجواز في سن صغير عيب و**** اعلم السبب ايه..
, _ ردت عليها مستاءة :-
, _ بس ده حرام !
, _ رفعت هالة كتفيها وقالت مغيرة مسار الحوار :-
, _ سيبك انتي ، قوليلي بقا الجواز حلو ولا وحش ؟
, _ قهقهت عنود عالياً وهي ترمق هالة وأردفت :-
, _ مش جواز زي ما انتي فاهمة خالص ..
, _ قطبت هالة جبينها وتسائلت بفضول :-
, _ يعني ايه ؟
, _ أبتسمت عنود وبدأت تروي لها بدءٍ من وصولها إلي مصر ، بينما تركت هالة ما معها علي الطاولة وأجبرت حواسها علي الاصغاء جيداً ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ مر الوقت سريعاً ولم تشعر به الفتاتان بعد حديثهم الذي طال لاكثر من ثلاثة ساعات ، انتبهت عنود لصوت أحدهم يأتي من خلفها قائلاً بحنق :-
, _ انتي فين يا عنود الدنيا مقلوبة عليكي !
, _ استدارت بجسدها عندما عرفت هويته ، بالطبع هو يحيي رمقته بضيق متسائلة بفتور :-
, _ ليه يعني ما انا قاعدة اهو حصل ايه ؟
, _ رفع يحيي حاجبيه وقال بنبرة مندفعة :-
, _ ريان بيرن عليكي ومش بتردي وكلمني سألني عليكي قولتله مشوفتهاش النهاردة ، روحت سألت عليكي في المدرج قالوا محضرتيش المحاضرة وريان قالب الكلية عليكي
, _ انتفضت عنود بذعر وهي تبحث عن هاتفها في حقيبتها ، جذبته وتفاجئت بمرور الوقت ولم تشعر به ناهيك عن عدم حضورها لمحاضرتها من اليوم الثاني فقط ، تأففت بضجر بائن ورمقت هالة مستاءة :-
, _ انتي متخيلة أن عدي ٣ ساعات علي قعدتنا دي ومحسناش بيها !
, _ ضغطت هالة علي شفتاها بحرج وكادت أن تتحدث لكن وصول ريان أجبرها علي الصمت ومراقبة ما يحدث في دون تدخل
, _ أسرع ريان خطواته عندما لمح طيفها من علي بُعد ، جذبها من ذراعها بقوة متسائلا بتوجس :-
, _ انتي كويسة ؟
, _ ارتفع تدفق الادرينالين المندفع في شرايينها بسبب التصاقه بها أمام المارة ناهيك عن شعورها بنبضات قلبه أمام صدرها ، كما سرت رجفة قوية في أوصالها واجابته بتلعثم :-
, _ .. أنا .. كويسة
, _ زفر ريان أنفاسه براحة ثم وضع يده على خصرها وضمها برفق الي حضنه متمتاً :-
, _ الحمد**** أنا مت من القلق عليكي ..
, _ تفاجئ الجميع من فعلته الجريئة أمامهم دون خجل ، حاولت هالة منع ابتسامتها لكنها لم تتحمل واطلقت العنان لإبتسامتها في الظهور ، بينما خفق قلب يحيي من هول الصدمة ، ظلت نظراته مُثبتة عليهم وهو يشعر بنيران تنهش به من الداخل ، حاول أن يبدو طبيعياً لكن لم يستطع حيث صاح به بنبرة مندفعة :-
, _ مش يلا بينا يا ريان إحنا اتأخرنا ..
, _ أنتبه ريان لـفعلته التي يفعلها مع إمرأة لمرته الأولي ، حمحم بحرج وقال بصوت متحشرج :-
, _ يلا ..
, _ خبئ يدها بداخل يده الغليظة وسارا معاً إلي أن وصلا للسيارة ، ركب ثلاثتهم و تعمد ريان فتح الباب الأمامي لها لكي يمنع يحيي من الجلوس بجواره ،
, _ غضب يحيي من تصرف أخيه وشعر بالاختناق الشديد حيال علاقتهم التي تتطور سريعاً ، لم يكن بمقدروه الإعتراض فهي زوجته ويحل له فعل ما يشاء معها ، لكن الاهم الان ماذا يريد هو منها ؟ عندما فشل في الحصول على إجابة صريحة تحلي بالصمت علي عكس الضجة التي تزداد داخله ،
, _ أسندت رأسها علي نافذة السيارة ووضعت يدها أعلي يسار صدرها في محاولة منها علي تهدئة نبضاتها المتسارعة وكأنها في سباق ، كان يمرر بصره عليها تارة وعلي الطريق تارة أخري ، إلي أن وصلا بعد ثلاثون دقيقة ..
, _ ترجلت مسرعة من السيارة حتي لا تتقابل أعينهم معاً وتبكي من فرط خجلها كما ترجل يحيي هو الآخر وأسرع خلفها منادياً بصوته الرجولي :-
, _ عنود
, _ أوصدت عينيها بضجر والتفتت إليه وعلامات التذمر مرسومة علي وجهها :-
, _ نعم ؟
, _ سحب يحيي نفسا عميق وهو يفكر في شئ ما يقوله :-
, _ انتي محضرتيش محاضرتك ليه ؟
, _ هزت رأسها بإنكار لتدخله الجرئ ثم تركته وصعدت للأعلي ، صعد ريان خلفها واغلق الباب خلفه وأردف :-
, _ أنتي بتهربي مني ليه ؟
, _ وقفت بمنتصف الردهة واستدارت إليه وصاحت بحنق :-
, _ عشان اللي انت عملته ده مينفعش !
, _ عقد ريان حاجبيه وسئلها بعدم فهم :-
, _ عملت ايه ؟
, _ اقتربت منه عنود حتي وقفت أمامه وواصلت حديثها بتذمر :-
, _أنك تحضني في الشارع وقدام اللي واقفين ده اسمه عيب
, _ إلتوي ثغره بتعجب وتمتم بثقة :-
, _ انتي مراتي علي فكرة!
, _ أوصدت عنود عينيها بعصبية وأردفت بحدة :-
, _ لازم تراعي إني مش متعودة علي الحاجات اللي انت بتعملها دي !
, _ رمقها ريان بنظرات معاتبة وقال بنبرة حزينة :-
, _ بس أنا كنت خايف عليكي ..
, _ نبرته كانت كافية لتهز كيانها وتحطم كبريائها ، ندمت وبشدة علي أسلوبها الجاف معه ، تنهدت بضيق بائن وقد تحولت نبرتها تدريجياً من الحدة الي اللين :-
, _ أنا آسفة بس انا اول مرة يحصلي كده وبصراحة بكون متلخبطة اوي وبكون محروجة
, _ لم يسبق له وأن شعر بخذلان كما يشعر الآن ، ما مر عليه تارة وحديثها الحاد معه تارة أخري ، ربما لأنه شعر بمشاعر مختلفة معها أو ربما لأنه وضع سعادته وراحته بين قبضتي يديها وتمني أن تنجح في الحفاظ عليهم ، لا يدري لكنه يشعر بالاسي تجاه حاله كما تملكه الغضب لأنه هو من فعل بنفسه هكذا هو من أوحي لـ عقله بأنها مختلفة فقط لأنها عانقته ، سحقاً لعناقها !
, _ استشعرت عنود حزنه من لمعة عيناه كأنها خذلته ، كم ألام قلبها نظراته عليها ، شعرت به يعاتبها في صمت ، يجدر عليها مصالحته في الحال لن تتحمل تركه بهذا الوضع بالتأكيد هي من ستتألم إن لم تراضيه ،
, _ إذا ماذا تفعل ! ماذا تفعل ؟؟
, _ حسناً ، عناق يكفي للإعتذار منه ، اقتربت منه علي استحياء شديد ثم وضعت رأسها علي صدره وحاوطته بذراعيها ، استكانت بين أحضانه لكنه لم تتهز خصله منه ، تجمد مكانه من هول المفاجأة لن ينكر أن عناقها التي تبدأ هي به يلمس قلبه ويحرك مشاعره بقوة ،
, _ لم تستطيع عنود فهم اضطراباته الذي انحشر بينهم وفسرت صمته عدم قبول صريح لعناقها كـ اعتذار ، لم يكتفي به إذا ما عليها فعله الآن ؟!
, _ اتسعت مقلتيها بصدمة علي تفكيرها الوقح الذي راودها حينذاك ، لا لن تفعل ! لكن يجب عليها مصالحته مهما أن كلفها الأمر ، أوصدت عينيها بعدما علمت السبيل إلي شفاه ومن ثم اقتربت منها ووضعت قبلة رقيقة بجانبها ..!
, _ بربك ألم يكفي عناق ، وقبلة أخري ! سحقاً لكل شئ عدا هي وتصرفاتها معه ، حاوط ريان خصرها بذراعه وانحني برأسه ليكون في مستوي وجهها وقبلها بشغف وعاطفة شديدة قد حُرِمَ منها لأعوام عدة ،
, _ اضطرت عنود أن تعلق ذراعيها حول عُنقه حتي لا تتعرقل بسبب عدم توازن جسدها أثر تشبثه القوي بها ، طالت قُبلته ثم ابتعد عنها عندما طالبت رئتيها بالاكسجين ، وكما توقع تماماً قد تحول لون عينيها الي الحُمرة الصريحة ،
, _ شدد من ضمها إليه يريد تخبئتها بداخله ربما يشعر بالاكتفاء منها قليلا ، كان يظن بأنه كلما اقترب منها سَيكتفي و لكنه كان مخطئ تماماً فكلما اقترب منها يزداد شغفه ولا يكتفي قط يريد المزيد منها ولا يريد التوقف ،
, _ تنهد و رفع وجهها بيده فستشف توترها بسبب قُربه منها وهمس بصوت أجش :-
, _ تعالي معايا ..
, _ لم تتحلي بالشجاعة الكافية لكي تسئله إلي أين سيذهبان ، فقط سارت خلفه في صمت متشبثة بيده ، وصلا أمام منزل والد ريان وقرع الباب ، مرت دقائق بسيطة وفتحت هاجر الباب مرحبة بهم بحفاوة :-
, _ وحشتني يا رينو
, _ اتسعت مقلتي ريان بدهشة وأردف معاتباً :-
, _ مش قولنا بلاش رينو دي!
, _ قهقهت هاجر عالياً ووجهت بصرها إلي عنود قائلة بمزاح :-
, _ هو رينو وحش يا عنود ؟
, _ شعرت عنود بالخجل الشديد ومررت انظارها بينهم بإستحياء ثم نظرت أرضاً دون أن تنبس بشئ ، تعجبت هاجر من تصرفها لكنها لم تعلق ، حمحم ريان وقال متسائلا :-
, _ دينا هنا ؟
, _ أماءت هاجر بالنفي ، فزفر أنفاسه بعدم راحة وأردف :-
, _ خدي عنود معاكي وانا جاي حالا ..
, _ آراد سحب يده لكنها أبت ورمقته بتوجس متسائلة :-
, _ انت رايح فين ؟
, _ ابتسم لها ريان وقال مختصراً وهو يربت علي يدها المتشبثة به :-
, _ مش هتأخر متخافيش ، خليكي مع هاجر ..
, _ سحب يده وصعد إلي الاعلي أسفل نظراتها إلي أن اختفي طيفه من أمامها ، قطع حبال شرودها صوت هاجر :-
, _ تعالي ندخل جوة !
, _ استدارت إليها مُشكلة ابتسامة لم تتعدي شفتاها ، فهي لم تعتاد التجمعات بعد ، سحبت نفساً عميق وولجت للداخل برفقة هاجر ،
, _ تداعب رنا يد صغير هاجر ' سليم ' وتهدهده بعاطفة امومية ، إلي أن تفاجئت بقدوم عنود حيث انعقدت تقاسيم وجهها بغيرة ، وفارت دماؤها وهي تسحق أسنانها بغضب ،
, _ رمقتها بتفحص شديد مُبدية علامات الاستحقار علي تعابيرها ثم عادوت اللعب مع الصغير متعمدة عدم اكتراثها لها بكل وقاحة وأردفت متأففة :-
, _ إف الجو كتم ليه كده يا سولي تعالي لما نقعد في الاوضة احسن
, _ حملت الصغير وسارت بالقُرب من عنود وتعمدت أن تصطدم بها بكيد ثم ولجت داخل غرفتها ، شعرت هاجر بالحرج حيالها وقالت مبررة :-
, _ هي رنا كده بس لما تاخد عليكي بتكون واحدة تانية خالص
, _ أبتسمت عنود بتهكم لكي تقلل من حرج هاجر ، لكنها تعلم جيداً ما خلف هذه التصرفات الدنيئة سبق لها وأن رأت مُرادها ، سحبت نفساً في محاولة منها علي التأقلم علي الوضع وسارت بالقُرب من والد ريان مُرحبة به بحفاوة فنجرف ثلاثتهم في الحديث متناسين ما يدور حولهم ..
, ١٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ جلس مقابلها علي الفراش بعدما أغلق باب الغرفة ليحظي ببعض المساحة وسئلها بإهتمام :-
, _ عاملة ايه النهاردة ؟
, _ حاولت جاهدة أن تتحلي بالقوة أمامه وأجابته بقوة زائفة :-
, _ الحمد**** كويسة , المهم انت كويس ؟
, _ سئلته بفضول أنثوي لعله يُصرح بعدم راحته مع الآخري أو ربما يعترف بإفتقاده إليها ، تنهدت قيد انتظار أجابته بفروع الصبر ، بينما سحب ريان نفساً وفرك خصلات شعره الفحمية قائلا بصوت أجش :-
, _ اكتر وقت كنت فيه كويس هو الوقت ده !
, _ شعرت دينا بغصة مريرة في حلقها ، لم تتوقع منه اعتراف صريح هكذا ، ربما تري السعادة مرسومة علي تقاسيمه كما تري اختلاف نبرته التي تبدو هادئة عكس تعامله معها مسبقاً ، اختفت حدة نظراته كما اختفي جمود ردوده عليها دوماً فقط بات ليناً بصورة يجن لها المنطق ،
, _ واصل ريان حديثه وهو ينتقي كلماته بعناية لكي لا يؤلمها قائلا بتريث :-
, _ أنا محتاج أتكلم معاكي بس مش الوقتي ، انما حاليا أنا جاي اخدكم عشان ننزل نتجمع تحت زي ما كنا بنعمل ..
, _ تعالت ضحكات دينا بسخرية ثم هدأت ضحكاتها تدريجياً إلي أن تحولت إلي بكاء شديد ، كفكفت عبراتها وأردفت بنبرة موجوعة :-
, _ انت عايز تجمعني أنا ومراتك التانية في مكان واحد والمفروض إني أقول سمعاً وطاعة واسمع كلامك ومش مهم مشاعري ، مش مهم انا أصلا حاسة بإيه ..
, _ سحب ريان اكبر قدر من الهواء وحاول أن يتحلي بالصبر لكي لا يؤلمها بكلماته فهي في موقف لا تُحسد عليه قط يجب عليه أن يرأف بقلبها هي بالنهاية زوجته وأم لأولاده ، ضغط علي شفتاه وهو يرمقها لبرهة ثم اقترب منها وشد علي يدها وأردف بنبرة حنونة :-
, _ دينا لو سمحتي انزلي معايا وبعدين هنتكلم في كل حاجة ونحط النقط علي الحروف ، عارف اني سبتك طول الفترة اللي فاتت من غير توضيح ولا ايه اللي هيحصل في اللي جاي بس انا رتبت نفسي وكل حاجة هتكون كويسة ، بس انتي اسمعي كلامي وننزل نقضي اليوم تحت وبعدها هنخرج أنا وانتي ونتكلم ..!
, _ كانت المرة الأولي لها أن تشعر بضعفه ، لا تدري من أين استشفت ذلك ربما من إلحاحه ؟ لم يكن ريان يوماً لحوح ومُصراً هكذا من قبل ورغم رفضها للنزول معه إلا أن قلبها رق رويداً رويداً من خلف تمسكه بيدها بتلك الطريقة التي لم يفعلها من قبل ،
, _ تبدلت ملامحه كما تغيرت لمساته ناهيك عن لمعان بؤبؤة عينيه التي يشع منهم وميض غريب ، كأنه رجل آخر غير رجلها التي تألفه ،
, _ تحوله يجبرها علي الموافقة والنزول معه يداً بيد متشبثة بذراعه ، تنهدت وبعد تفكير طال لبرهة رفعت عينيها عليه وأردفت :-
, _ أنا مـوافقة
, _ ابتسم ريان ثم نهض قائلا :-
, _ هستناكي برا علي ما تجهزي وهقول لمامتك و إسراء يجهزوا ..
, _ أماءت رأسها بطاعة فغادر هو الغرفة بينما نهضت لتستعد لنزولها كما أخبر ريان الآخرين بقضاء بقية اليوم في منزل والده ، أبت والدة دينا ليكونوا علي راحتهم لكنها وافقت تحت إصرار شديد من ريان ..
, _ استعد الجميع بما فيهم الصغيرة التي يحملها والدها وظلت متشبثة بعنقه رافضة النزول ، اقتربت دينا منهم ومدت ذراعها متشبثة بذراعه هي الأخري ،
, _ ولج ريان داخل المنزل برفقة دينا أسفل أنظار الجميع المُسلطة عليهم ، بينما كانت عنود منشغله في هاتفها ، رفعت رأسها عندما استمعت لنبرته الرخيمة فتفاجئت بحالتهم التي تبدو حميمية ،
, _ شعرت بوخزة قوية في صدرها كما اشتعلت نيران الغيرة بداخلها علي الرغم من علمها بحقائق الأمور إلا أنها لم تستطيع منع غيرتها الشديدة ،
, _ رمقت ريان بنظرات معاتبة قد استشفها بسهولة ، اقتربت هاجر مرحبة بحفاوة بـ دينا وعائلتها ، استغل ريان تلك الضجة وسحب يده برفق ربما يري لمعة عيناها لكنها تكورت على نفسها وانشغلت في هاتفها دون اكتراث لهم ،
, _ تنهد بضجر وعندما لم يجد سبيل لرؤية عينيها وجه حديثه لهاجر متسائلاً :-
, _ علي فين يا هاجر ؟
, _ أجابته وهي تلاعب جني :-
, هكلمه يجي اهو يا حبيبي
, _ دلفت رنا مسرعة علي صوت ريان ، ركضت نحو هاجر وألقت بصغيرها بين يديها واحتضنت دينا بحفاوة زائفة وأردفت بمكر :-
, _ أيوة كده البيت نور تاني بوجود صاحبته
, _ تعمدت إهانة عنود بطريقة غير مباشرة ، لكن كانت واضحة للجميع ، فركت عنود يديها بخجل وهي مطأطئة الرأس لا تجرأ علي رفع رأسها حتي لا تتقابل عيناها مع أحدهم وتنفجر باكية،
, _ حاولت هاجر تغير مسار الحوار وهتفت :-
, _ أنا هروح أجهز الأكل ريان مرضاش نطبخ النهاردة وطلب الأكل كله جاهز مين هيساعدني ..
, _ كانت عنود أول من نهض لمساعدتها عكس دينا التي لم تبرح مكانها كذلك رنا والبقية ، أرادت عنود الهروب من بينهم وهرولت مسرعة خلف هاجر ، ولج ريان خلفهما بحجة المساعدة لكنه يريد أن يحظي بقربها في كل وقت وحين !
, _ بدأ ثلاثتهم في توضيب المائدة ووضع الطعام عليها ، كما نهضت رنا هي الأخري لمساعدتهم علي مضضٍ لم تكن لتفعل ذلك لولا إرادتها القوية في التقُرب من ريان
, _ أكتمل عددهم وكان الجميع في حالة من الذهول ، فـ للمرة الأولي يرون ريان بتلك الحيوية والنشاط ، أيضاً رنا التي لم تبرح مكانها لأعوام كانت اليد الرابعة لهم ،
, _ انتهوا من توضيب المائدة وحثو الجميع علي الجلوس ، آخذ كلا منهم مكانه حتي باتت جميع الأماكن مشغولة ولا يوجد مكان فارغ لها ..
, _ نظرت إليها رنا بتشفي وقالت متعمدة إهانتها :-
, _ اوبس ، دي الكراسي يدوب علي قدنا ..
, _ وقفت عنود تنظر اليهم بحرج ومن ثم انسحبت بهدوء الي أقرب أريكة ، هرول ريان خلفها بخطي ثابتة و انحني بجسده عليها وأمسك بيدها قائلا بإبتسامة بشوشة :-
, _ تعالي ..
, _ نهضت معه على إستحياء شديد ، بينما اقترب ريان من مقعد صغيرته وقال بحنو :-
, _ جنجون حبيبي إيه رأيك تقعدي النهاردة علي رجل بابا عشان آبلة عنود تقعد هنا !
, _ مررت الصغيرة بصرها بين والدها وعنود ومن ثم شكلت ابتسامة عريضة علي ثغرها وقالت :-
, _ لا أنا حايزة أقعد علي رجل آبلة عنود ..
, _ تفاجئت دينا بطلب صغيرتها وشعرت بالضيق حيال تقربها من تلك السارقة بينما ابتسمت لها عنود وحملتها بحب ثم جلست ووضعتها علي قدمها ،
, _ شرع الجميع في تناول الطعام مع مبادلة أطراف الحديث من حين لآخر ، لكن الشئ الوحيد الذي كان شاغلهم هو اهتمام ريان بزوجته الجديدة ، كلما أنهت صحنها يضع المزيد لها ، كما يضع لها المياه في كوبها كلما أنهته دون أن تطلب هي ، ناهيك عن بصره الذي لم يُرفع عنها قط والآحر أنهما كانَ يتبادلان الضحكات الخجولة ومنها الجريئة ،
, _ جذبت هاجر انتباهم قائلا :-
, _ **** يديم لمتنا بكون فرحانة واحنا مع بعض
, _ إلتوي ثغر ماهر بإبتسامة بشوشة وقد تغلغل شعور الرضا بداخله ، مسح فمه بالمنشفة الصغيرة وأردف بشموخ :-
, _ متعرفوش انا بكون حاسس بإيه وانتو متجمعين ، خليكم كده علي طول اوعوا تتفرقوا أبدا الحسنة الوحيدة اللي ممكن تعملوها بعد ما أموت انكم تكونو في ضهر بعض
, _ هتف الجميع مُردِدِين في آنٍ واحد :-
, _ **** يبارك في عمرك يا حج ..
, _ انتبهت عنود لرنين هاتفها ، كادت أن تنهض لكن يده الغليظة منعتها قائلا :-
, _ هشوف مين كملي أكلك
, _ صعقة أخري تلقاها الجميع وبالأخص دينا ورنا ، منذ متي وريان بذلك الود المبالغ ، أين حدته لطلاما عُرف بها !
, _ أخرج ريان الهاتف من حقيبتها ليري رقم بهوية مجهولة ، أجاب قائلا بصوته الأجش :-
, _ الو ..
, _ حمحمت هالة بحرج وحاولت مواصلة حديثها رغم خجلها من صوته الرجولي :-
, _ ممكن أكلم عنود !
, _ مين معايا ؟ "
, _ تسائل بإهتمام بينما أخبرته هالة بهويتها فاقترب من عنود هامساً :-
, _ هالة صحبتك
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
٢٠


بصراحة أنا بطمن عليكي حاسة اني السبب واني لهيتك بأسئلتي انتي كويسة صح وجوزك تمام معاكي ؟
, _ أردفت بهم هالة متوجسة خيفة خشية أن تكون السبب في خلق شجار بين عنود وزوجها ،
, _ ابتسمت عنود لاهتمامها وقالت لتُطَمئِنهَا :-
, _ أنا الحمد لله كويسة مفيش حاجة حصلت ، وبعدين الكلام خدنا يعني مش انتي السبب ولا حاجة
, _ زفرت هالة أنفاسها ببعض الراحة ثم قالت مستاءة :-
, _ طيب ما تشوفي لنا أخو جوزك يمكن يكون الدكتور بتاع المحاضرة اللي فاتتنا دي نفسه الدكتور بتاعه ، ننقل أي حاجة بدل ما نضيع من تاني يوم !
, _ سحبت عنود نفساً عميق وأردفت بضيق فهي لا تريد الاحتكاك بـ يحيي قدر الإمكان :-
, _ طيب ثواني هسأله بس هو الدكتور أصلا إسمه ايه انا مش فاكرة ؟
, _ شردت هالة لبرهة ومن ثم أسرعت بالحديث قبل أن يُمحي إسمه من ذاكرتها قائلا :-
, _ أحمد عبد الحميد
, _ أبعدت عنود الهاتف من علي أذنها ثم نادت بصوت مرتفع رقيق :-
, _ يحيي
, _ أنتبهت جميع حواس يحيي لصوتها الأنثوي الذي أسرع بـتلبية نداه وقال وهو يقف أمامها :-
, _ نعم ؟
, _ سألته بتلقائية عابثة ولم تلاحظ عيون ريان التي يشعلها الغيرة :-
, _ دكتور أحمد عبد الحميد دخل عندكم ؟
, _ أجابها يحيي عندما فهم ما ترمي إليه قائلا بتريث :-
, _ لا للأسف
, _ انطفئ وميض عينيها وشحب وجهها الذي كساه الحزن ، فهي لم تُقسم علي التلاعب بـ حلمها بل حسمت أمرها علي بذل كل مافي جُهدها فقط لكي تحظي بلقب ' مهندسة ' قبل إسمها ،
, _ ابتسم يحيي وأسرع بالقول :-
, _ بس معايا المحاضرة اللي فاتت حضرتك جبتها من زياد زميلي معاكي في المدرج ،
, _ اتسعي ثغرها بسعادة وعاد وجهها لحيويته كما كان وقالت ممتنة :-
, _ You are great, thank you with all my heart ( يحيي انت عظيم ، شكراً من كل قلبي )
, _ إلتمعت عيناه بوميض الحُب ، دقت طبول السعادة قلبه فقط لأنها تحدثت معه دون هجوم حتي وإن كان الحديث عابر وبعيداً عنه ،
, _ اقترب ريان مسرعاً وتعمد وضع ذراعه علي كتف عنود كإثبات بمكلتيها وسئلهم بفضول :-
, _ في حاجة يا شباب ؟
, _ رفعت عنود رأسها بعفوية منها واجابته بعبثية :-
, _ يحيي جابلي المحاضرة اللي فاتتني وكنت بشكره ،
, _ عاودت النظر إلي يحيي مرة أخري وقالت :-
, _ ممكن تديني انقلها عشان أبعتها لـ هالة صحبتي !
, _ ' هالة صحبتك خلِلِت هنا '
, _ قالتها هالة بفتور بينما تفاجئت عنود أنها نسيتها تماماً وأعادت وضع الهاتف علي أذنها قائلة بضحكات مرتفعة :-
, _ sory انا نسيتك خالص
, _ لم تنتبه لأعينهم التي تتابع ابتسامتها بسعادة ،و أغلقت الهاتف وولجت داخل غرفة يحيي ومكثت بمفردها علي مكتب يحيي الخاص تُدون المحاضرة الفائتة ، وقف ريان أمام الغرفة مستند بمرفقه علي الباب ، يتابعها في صمت ، يخفق قلبه بشده علي الرغم من عدم انتباها له ، كأن وجودها هو من يتحكم في نبضاته كما أخبره خالد سابقاً ..!
, _ ابتسم وسار بتمهل بالقرب منها حتي وصل إليها وسحب مقعد وجلس مقابلها ولازالت ابتسامته تغزو شفتاه ،
, _ رفعت رأسها عليه وبادلته ابتسامة خجولة وأردفت متسائلة :-
, _ You need something
, _ هزت عنود راسها بإنكار بسبب التصاق اللغة الأجنبية في لسانها بإستمرار وأردفت موضحة :-
, _ محتاج حاجة ؟
, _ محتاجك!
, _ أردف بها ريان بداخله وتمني لو يفصح بها ، لكن كيف ؟ لم يسبق له مصارحة أحدهم بمشاعره ناهيك عن عدم شعوره بتلك المشاعر من قبل لكنه يود أن يُصرح بكونها هزت كيانه ، خارت قواه بين يديها الصغيرتين ، لكن لم يكن الأمر هين كما توقع لابد من أمر يترك أثر قوي حتي يصرح بما يختبئ بقلبه ،
, _ تعجبت عنود من صمته كما أنه تاه في تقاسيمها ولم يلاحظ تعابيرها المتعجبة من أمره ، رفعت عنود يدها بالقرب من وجهه فأسرع ريان بجذبها بين أسنانه وقطمها برفق كأنها قطعة حلوي ،
, _ صرخت عنود بـ أنات موجوعة بينما تعالت ضحكات ريان علي ما اقترفه دون وعي منه ،
, _ سحبت عنود يدها سريعاً وقالت معاتبة :-
, _ ليه كده ؟
, _ رسم ريان الجدية علي وجهه وعدل من ياقة قميصه وقال بتريث :-
, _ مِلكي وانا حُر فيه !
, _ رفعت عنود إحدي حاجبيها مستنكرة ما فعله وما قاله بثقة عمياء لم يسبق لها وأن رأته يتحدث بغرور هكذا ، نهضت واقتربت منه ، أجبرت جسدها علي الانحناء لتكون بمستوي رأسه ونظرت إليه لبرهة حتي انجرف هو مع عينيها فانقضت علي يده بعد تأكدها بعدم انتباهُ لما ستفعله به ، أخذت ذراعه بين أسنانها بوحشية رقيقة كـرقتها ، ومن ثم ابتعدت عنه وابتسمت بنصر متمتمة بغرور :-
, _ مِلكي وانا حُرة !
, _ ابتعدت عدة خطوات فتفاجئت بذراعها بين قبضتيه ، جذبها ريان إليه وهمس أمام شفتاها :-
, _ طيب طلاما انتي مِلكي وأنا حر فيكي فـ انتي اللي جبتيه لنفسك ..!
, _ ابتلعت ريقها مراراً ، فهذا الوضع يربكها كثيراً ، ازداد خفقان قلبها بمعدل مُضاعف ، وحاولت التملص من بين يديه لكنه أبي وشد علي خِصرها لكي لا تستطيع الهرب ،
, _ إلتوي ثغره علي الجانب مُشكلاً ابتسامة وأردف بغرور :-
, _ الأسد قلب قطة ليه كده ؟
, _ جمعت عنود قواها ورفعت بندقيتاها عليه فشعرت بالتوتر يعصف بخلاياها ، شعرت بأنفاسه الحارة تضرب وجهها ولم تستطع تحمل هذا الوضع أكثر ، أوصدت عينيها وأردفت متسائلة بتلعثم :-
, _ انت عايز ايه ؟
, _ ازداد ثغر ريان اتساعاً ثم عض على شفته وأردف بخبث :-
, _ عايزك !
, _ فتحت عيناها بمفاجأة وأردفت بلا وعي :-
, _ ها..
, _ آراد يحيي أن ينفرد بها قليلا دون وجود أحدهم ، لكنه تفاجئ بوجود ريان معها ناهيك عن وضعهم الحميمي ، تشنجت عروق يده وسحق أسنانه بغضب ، كور يده وضرب بعنف علي الحائط ، أنتبه كليهما لصوته حيث تراجعت عنود إلي الخلف بخجل صريح بينما لم تهتز خُصلة لريان وردد بإبتسامة :-
, _ تعالي يا يحيي ..
, _ ولج يحيي الي الداخل ووجه حديثه إلي عنود مباشرة :-
, _ خلصتي ؟
, _ ابتلعت ريقها بخجل واجابته وهي ولازال بصرها مُثبت علي دفترها :-
, _ لأ لسه ، ممكن أخده معايا أنقله في البيت فوق ؟
, _ أماء يحيي رأسه بالايجاب ثم شكرته عنود وهربت الي الخارج مهرولة دون أن تنظر لكليهما ، هرول ريان خلفها وكان قد أنهي الجميع طعامهم ، همت عنود بمساعدة هاجر في رفع الصحون عن الطاولة ووضعها في المطبخ ، لم تسمح لها هاجر بغسل الصحون وبعد محاولات كثيرة بائت بالفشل من قبل عنود قررت أن تقف معها وتتسايران بالحديث ،
, _ لم يشعر أحد بهاتين اللتان يحترقا من الداخل ، تأكل الغيرة قلوبهم بل وتنهش النيران احشائهم وخصيصاً رنا التي تقف في المنتصف لا تطول السماء ولا حتي الأرض لقد دعس عليها ريان وانزلها لسابع أرض بزيجته من تلك الفتاة ،
, _ شعرت بالاختناق وهي تشاهده يسير في حياته دون أن يكترث لها ، والآحر الذي يؤلمها أنه بات رجلاً آخر غير الذي أحيت علي حبه ، حتماً ستنفجر إن لم تختفي من بينهم الآن ،
, _ نهضت بغضب عارم وكادت أن تولج داخل غرفتها لكن استوقفتها فكرة شيطانية أرادت فعلها ، حسناً ايتها الصغيرة سأقتلع عينيك لطلاما فشلت في اقتلاع زوجك ، مررت بصرها سريعاً علي الجميع واستغلت انشغالهم في الحديث واقتربت من عنود بخطي متريثة مُشكلة ابتسامة خبيثة علي محياها وقالت بود زائف وهي تتحس عُقدها بيدها :-
, _ **** إيه العقد الجميل ده ، رقيق زيك !
, _ حاوطت العُقد بأناملها ومن ثم جذبته للامام بكل ما أوتيت من قوة فتناثرت حباته علي الأرض ،
, _ تفاجئت عنود بتصرفها ورمقتها بعدم تصديق وقد ترقرت الدموع في عينيها وهي لازالت ترمقها بذهول ، بينما اقتربت منهم هاجر وأردفت معاتبة :-
, _ ليه كده يا رنا ؟
, _ تصنعت رنا الحزن وارتدت قناع البرائة وأردفت بندم زائف :-
, _ غصب عني مكنش قصدي اقطعه !
, _ هزت هاجر رأسها في إنكار لتصرفاتها المبهمة تجاه عنود التي لا تفهم أسبابها بعد ونظرت إلي عنود بآسي :-
, _ معلش يا عنود هي مكنتش تقصد ..
, _ لم يروق لريان تلك المهمات الجانبية وخصيصاً وجود تلك الافعي التي تقف بجوار صغيرته ،
, _ وعندما فشل أن يستشف ما يحدث بالمطبخ قرر الولوج ومعرفة ما يفعلاه بنفسه ، انسدلت بعض القطرات علي مقلتي عنود لترمقها رنا بنظرات احتقارية كما أبتسمت لها بخبث ومن ثم دلفت للخارج أثناء ولوج ريان للداخل ،
, _ اتسعت مقلتي ريان عندما رآها تبكي ، أسرع نحوها وحاوط ذراعيها بيده متسائلا بإهتمام :-
, _ في ايه مالك ؟
, _ رفعت عنود بندقيتاها عليه ولم تستطيع أن تتحدث ، فقط اكتفت بنظراتها التي أوقعت به أرضاً ، تدخلت هاجر موضحة حقيقة الأمر :-
, _رنا قطعت العُقد بتاعها من غير قصد !
, _ عاود ريان ببصره إلي عنود ثم بحث بعيناه علي الأرض عن آثار العُقد ، وعندما وقع بصره علي حبات اللؤلؤ انحني بجسده ليجمع حباته بالكامل
, _ تفاجئت هاجر من فعلته كما صعقت رنا التي كانت تراقبهم من علي بُعد ، بينما وقفت عنود في حالة من الذهول لفعلته التي خفق لها قلبها ،
, _ كم هو رجلاً حنون وكلما مرت الأيام تكتشف به شى جديدة وتصرفات سامية تحثها علي الاعجاب به ،
, _ دلف ريان الي الخارج وهو يحبو علي ركبتيه أسفل أنظار الجميع المُسلطة عليه ، نهض علي متسائلاً بإهتمام ربما يمد يد العون له أن تطلب الأمر :-
, _ في حاجة ضايعة منك يابني ؟
, _ أجابه ريان دون أن ينظر إليه :-
, _ بدور علي الخرز اللي وقع من العقد ده
, _ تبادلا الجميع أنظارهم بذهول شديد ألجم ألسنتهم ، كما اتسعت حدقتي دينا بصدمة قد تلقتها لتوها ، أهو يجمع حبات العقد لها ؟ أهي حقاً تري رجُلها ذو الأربع وثلاثون عاماً يحبو علي ركبتيه ليجمع حبات من اللؤلؤ !
, _ ازدردت ريقها بمرارة وهبت واقفة بإندفاع ثم هرولت مسرعة الي الخارج ، تابعتها والدتها وشقيقتها بعد أن استأذنَ من الجميع ..
, _ اقترب علي من ريان وانحني بجسده يساعده في جمع حبات اللؤلؤ لكي لا يتركه بمفرده في هذا الوضع المخجل ، انتهي ريان مما يفعله ثم نهض وعاد الي عنود مُشكلاً إبتسامة عريضة علي ثغره وقام بفتح يديها ووضعهم بها،
, _ بادلته عنود نظرات مُمتنة لا شئ يصف مشاعرها في تلك الأثناء ، لو يسمح المكان لعانقته من أعماق قلبها بقوة ، ابتسمت له وقالت ممتنة :-
, _ شكرا
, _ أسبل عينيه لبرهة يكتشف ثغر جديدة بها أو ربما حان وقتها الآن ، بينما كانت تطالعهم هاجر من داخل المطبخ وعلي زوجها من خارجه حتي انفجرا كليهما ضاحكين لكونهما العزول بين عصفورين الحُب هذان !
, _ نظرت عنود الي الأرض بإستحياء شديد بينما رمقهما ريان بغيظ ، وضعت هاجر يدها علي فمها في محاولة منها علي كتم ضحكاتها بينما ركض علي للخارج ولازال يقهقه عالياً ،
, _ طرقت رنا باب غرفتها بعنف بعدما اكتفت من تلك الرومانسية التي تراه عليها للمرة الأولي ، كما تأفف يحيي بغضب عارم واستاذن بحجة موعد سابق بينه وبين صديقاً له ..
, _ ارتفع صوت بكاء الصغير فتمتمت هاجر بتذمر :-
, _ يووه يا سليم انتي لحقت تنام
, _ غادرت المطبخ قاصدة غرفة يحيي التي يقطن بها صغيرها ، سحبت عنود يديها وهرولت مسرعة خلف هاجر لتخفي حرجها من الجميع ، جلست علي طرف الفراش بينما جلست هاجر في منتصف الفراش وشرعت في إرضاع الصغير ،
, _ مرت دقائق لم يصدر لأحدهم صوت سوي بعض الهمهمات الغير مفهومة التي يصدرها الصغير من حين لآخر ، سحبت هاجر نفساً وأردفت بعد تردد طال لوقت :-
, _ في الأول مكنتش طيقاكي
, _ رفعت عنود بندقيتاها عليها بصدمة فاسرعت هاجر في حديثها موضحة قصدها :-
, _ بس بعد كده حسيتك طيبة ، مش هنكر اني كنت مضايقة من دخولك حياة ريان لأنك السبب في تخريب حياته الهادية اللي عاشها لاكتر من خمس سنين ومحدش سمع مشكلة واحدة ليهم ،
, _ ازدردت عنود ريقها وقد إلتمعت عيناها بحزن وألم ، كلماتها فظة لكنها حقيقية وهي علي علم بها لكن لم تصرح لنفسها بما قالته حتي نسيته تماماً وباتت تُكمل في علاقة مبنية علي تخريب علاقة أخري ،
, _ لم تتحمل لأكثر وجهشت في البكاء ، تفاجئت هاجر من بكائها الشديد وندمت لوهلة علي عدم تنقيتها لكلماتها بعناية ، اقتربت منها وربتت علي يدها بندم شديد وأردفت مبررة :-
, _ أنا مش قصدي و**** انا كنت هقولك اني حبيتك وخصوصاً أن ريان بقا انسان تاني غير اللي اعرفه ،
, _ رفعت عنود عيناها عليها ولازالت تنسدل منهم الدموع فواصلت هاجر حديثها مُشكلة ابتسامة علي محياها :-
, _ بابا قالي قبل كده أن ريان جامد في أسلوبه ومشاعره وبصراحة مكنتش مقتنعة لأنه عمره ما اشتكي ولا حسينا أنه زعلان بس تحوله المفاجئ ده فاجئنا كلنا وصدقت فعلا كلام بابا ، انتي عملتي فيه إيه يا سوسة ؟
, _ قطبت عنود جبينها عندما لم تفهم معني كلماتها وتسائلت بفضول وهي تمسح قطرات عينيها بأناملها :-
, _ يعني ايه سوسة ؟
, _ انفجرت هاجر ضاحكة وأردفت بمزاح :-
, _ ممم سوسة يعني ٣ نقطة سوسة ! مش لاقية معني شبيه ليها بس هي حاجة حلوة يعني
, _ ابتسمت عنود لها برقة ثم اخفضت بصرها علي الصغير الذي يركل بقدمه ويحاول إثارة انتباها بشتي الطرق ، ازادات ابتسامتهاسعادة وحملته بين ذراعيها وظلت تداعبه وتهدهده بحب حتي انجرفت معه ولم تشعر بما يدور حولها ..
, _ دلفت هاجر للخارج واقتربت من أريكة ريان وجلست علي حافتها ، اخفضت رأسها لتكون بمستوي أذنه وأردفت هامسة :-
, _ انا خرجت أهو عارفة انك قاعد علي نار عشان تدخل لها ،
, _ نظر إليها ريان بعدم تصديق فانفجرت هي ضاحكة علي نظراته اليها وأسرعت خُطاها وجلست بجوار علي محتمية به ، ضيق ريان عينيه واردف :-
, _ كده مش هعرف اوصلك يعني !
, _ أسندت هاجر رأسها علي صدر علي وحاوطته بذراعها وقالت بثقة :-
, _ علي حبيبي مش هيخليك تعملي حاجة ؟
, _ مرر علي بصره بينهم بتعجب وأردف متسائلاً بإهتمام :-
, _ في ايه ؟
, _ ضحكت هاجر وقالت مازحة :-
, _ مفيش بقوله الجو٣ نقطة
, _ أسرع ريان نحوها ووضع يده علي فمها وأردف محذراً :-
, _ اياكي تنطقي بكلمة !
, _ أماءت رأسها بطاعة ومن ثم ولج ريان الي الغرفة واوصد الباب خلفه ، انتبهت له عنود وابتسمت بخجل وعاودت مداعبة الصغير ، جلس ريان مقابلها مباشرةً وأمسك بيدها التي تحتضن يد الصغير وأردف :-
, _ بتعملي ايه ؟
, _ ازدادت نبضاتها أثر احتضانه ليدها و أجابته بحياء وهي تنظر إلي الصغير :-
, _ بلاعب سليم ..
, _ شد ريان علي يدها وبعد تردد طال لبرهة أردف حديثه دفعة واحدة وهو يحك ذقنه براحة يده :-
, _ ايه النظرة اللي بصيتهالي وانا داخل من الباب مع دينا دي ؟
, _ اهتزت عنود قليلا وتراجعت للخلف ساحبة يدها من بين قبضته ، كما جابت الغرفة بعينيها في محاولة تخفيف شعور الارتباك الذي تملك منها حينها ، سحبت نفساً عميق واجابته بهدوء :-
, _ It's a normal look نظرة عادية يعني !
, _ كم تمني لو تفصح عن غيرتها التي شعر بها حينها لكن كيف وهو نفسه لم يصرح بمشاعره أو بما يحدث له في وجودها ، تنهد بيأس وسئلها مرة أخري بشموخ :-
, _ انتي ليه عيطتي لما العُقد اتقطع الموضوع مش مستاهل عياط يعني كان ممكن اجيبلك أحسن منه !
, _ إلتوي ثغرها إبتسامة باهتة واجابته بنبرة موضحة سبب حزنها :-
, _ أنا بحب الهدايا اللي بيكون فيها مجهود وخصوصاً لو مجهود ذاتي ، الحاجات البسيطة اللي بتتعملي مخصوص ليها معزة خاصة في قلبي بفرح بيهم جدا ، تخيل كده حد ياخد من يومه وقت عشان يعملك حاجة ويفرحك بيها ، علي عكس شخص تاني ممكن يروح يشتري هدية بسعر عالي بس اشتراها بسرعة عشان مش فاضي ومعندوش استعداد يفضي وقت صغير عشانك ، الأول منتهي الحب عشان كده انا بعز اي حد يعملي حاجة بإيده ومخصوصة ليا ، ودي هالة صحبتي اللي عملتهالي وكنت فرحانة بيها اوي ولما اتقطعت اضايقت وانا لما بضايق لازم اعيط عشان ميحصلش اللي شوفته قبل كده !
, _ هز ريان رأسه بتفهم ثم ردد بمكر :-
, _ يعني اي حاجة فيها مجهود بتحبيها !
, _ أماءت رأسها واجابته بعفوية :-
, _ أكيد ..
, _ اتسع ثغره مُشكلاً إبتسامة واقترب شفتاها وهمس أمامهم :-
, _ دي بقا مجهود صعب اوي ياريت تقدريه !
, _ ازدردت ريقها بصعوبة واوصدت عينيها استعداداً لتلك العاصفة التي ستغرق بين طياتها من خلفه ، لا يرأف بعذرية مشاعرها التي تخوضها حديثاً ، بل ويتفنن في وقاحته في كل مرة يقترب منها ،
, _ لم يلمس ريان شفتاها بعد وتفاجئ بركلات قدم سليم على بطنه ، أخفض بصره عليه وأردف بتذمر :-
, _ انت بتقطع عليا ياض ..
, _ اقترب منه وظل يدغدغه بمرح ، شاركتهم عنود اللعب وتعالت ضحكات ثلاثتهم حتي جاء علي أثرِها جميع من بالمنزل ، استند علي بمرفقه علي الباب وضم هاجر بحنو إلي حضنه كما وقف هاني بجوارهم يرمق رنا بإفتقاد بينما سبقته هي في خطاها ووقفت تشاهدهم ببغض شديد ،
, _ حمحم هاني وقال مقاطعاً تلك اللحظات الحميمية :-
, _ غريبة يا ريان انك قاعد الفترة دي كلها ومنزلتش الشغل !
, _ سحب ريان نفساً استعداداً للمعركة الجدالية التي سيخوضها معه بعد أن يخبره بنقل ملكية أملاكه الي صديقه ،
, _ اعتدل في جلسته وأردف بهدوء :-
, _ آه ما انا عملت توكيل لخالد عشان ارتاح أنا شوية ..
, _ صعق الجميع مما ألقاه ريان لتوه علي مسامعهم ، أجبر هاني رنا علي التنحي جانباً لكي يمر ويصل إلي ريان متمتماً بعدم تصديق :-
, _ توكيل لخالد !
, _ سحب ريان أكبر قدر من الأكسجين ونهض ليقف قبالته وأردف بحدة :-
, _ من حكم في ماله ما ظلم ولا ايه ؟
, _ تجمدت تعابير هاني ونظر له شزراً ثم اردف من بين أسنانه المتلاحمة وصاح به :-
, _ أخوك الكبير كان أولي من واحد غريب منعرفوش !
, _ وضع ريان يديه في منتصف خِصره وأطلق ضحكاته بسخرية :-
, _ الغريب اللي بتتكلم عنه ده هو اللي وقف جنبي في وقت ما كنت انت بتدرس علي قفايا كنت بتتمرمغ في شقايا وانا طالعة عيني ولا كنت بنام ولا باكل ولا بشرب عشان اكفي مطالبكم يا اخويا يا كبير ,
, الغريب ده شايل الشغل كله فوق اكتافه رغم أنه مسؤل عن معرض واحد بس ، هو اللي بيجري وقت ما تحصل مشكله عشان يشيل الحِمل من عليا شوية ،
, الغريب ده بيسيب بيته وعياله ويسافر عشان شغلي أنا ، الغريب ده اللي بيسهر لنص الليل وقت ما اكون مكروب ومش بيسيبني غير لما حالتي تتحسن ، أعتقد يعني الغريب اللي منعرفوش ده أحق أنه يتعمله توكيل وقت ما انا أحتاج أخد هُدنة شوية من الحـمل اللي عليا يا أخويا يا كبير !
, _ انهى حديثه ثم رمقه بغضب شديد ثم أولاه ظهره واقترب من عنود جذبها من يديها وغادر المنزل قبل أن يثور علي الجميع ويندم بالاخير ،
, _ وقف أمام شقته يزفر أنفاسه بضجر بائن لاحظته عنود ، كم شعرت بالاسي حياله كم هم أناس أنانيون بضمائرهم قبل عقولهم ، لا أحد يشفق عليه لا احد يحمل ولو القليل من الامتنان له ، لا يوجد في قلوبهم سوي البغض والحقد ، لا يشعرون بمعاناته التي استشفتها هي منذ اللحظة الأولي معه ، فكيف لا يرون هم ذلك ؟ يرون بأعينهم لكن يوصدون قلبوهم حتي لا تُأنبهم ضمائرهم ..
, _ تنهد ريان وحك وجنته بخفة وأردف :-
, _ ادخلي انتي وانا هخلص كام حاجة ورايا واطلع ، خلصي مذاكرتك علي لما اجي ..
, _ أولاها ظهره بعدما أنهي جملته وجر قديمه أمامه بشعور من الخذلان ، بينما نادت عليه بصوتها الأنثوي الرقيق قائلة :-
, _ ريان
, _ أبتسم ريان بعفوية واستدار نحوها فركضت هي نحوه واحتضنت يده بحب وأردفت :-
, _ متزعلش ..
, _ ابتسم لها ريان ووضع يده علي وجهها يتلمسه برفق وقال :-
, _ ينفع أزعل وحضنك موجود ؟
, _ دقت اسارير السعادة قلبها بعد جُملته تلك ومالت برأسها بحنو علي راحة يده واوصدت عينيها تستمتع بشعور الأمان الذي تغلغل بداخلها ، ابتسم ريان لفعلتها واقترب منها ووضع قُبله علي وجنتها ، رفعت بندقيتاها عليه فأسرع هو بالقول :-
, _ يلا ادخلي وانا مش هتاخر
, _ اومأت رأسها بطاعة ومن ثم ولجت للداخل بينما هبط هو للتحدث مع دينا كما وعدها ،
, _ طرق الباب قبل ولوجه للداخل ، تفاجئ بوالدة دينا وشقيقتها مستعدين للمغادرة ، قطب جبينه بغرابة وأردف متسائلا بإهتمام :-
, _ خير يا جماعة رايحين فين ؟
, _ أجابته والدة دينا بنبرة طيبة :-
, _ كفاية كده يابني إحنا بقالنا كتير هنا وبعدين دينا بقت احسن وتقدر تعتمد علي نفسها وعليك ولا ايه ؟
, _ أبتسم ريان بتهكم واجابها قائلا :-
, _ اه طبعا دي في عنيا
, _ أبتسمت فاطمة وشعرت بالراحة وقالت بحُب :-
, _ تسلم عيونك يا ابني ، يلا إحنا هنمشي بقا ..
, _ رفض ريان ذهابها بمفردها وآمر يحيي
, بتوصليهم بسيارته الخاصة ، وبعد حوالي خمسة عشر دقيقة بات المنزل خالياً الا من ريان ودينا وصغيرته التي غفت علي فراشها باكراً ،
, _ سحب نفساً وولج داخل غرفته حيث تستلقي دينا علي فراشها بتعب ، سار نحوها بخطي متريثة وجلس مقابلها علي الفراش ، حمحم ثم بدأ حديثه الذي يود قوله من فترة :-
, _ انتي عايزة ايه يا دينا عشان تكوني مرتاحة ؟
, _ رفعت عينيها عليه بغرابة من سؤاله ثم أجابته قائلة :-
, _ حياتنا ترجع زي الاول !
, _ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة باهتة واردف بفتور :-
, _ ولو أنا قولتلك أن حياتنا اللي فاتت دي مكنتش مرتاح فيها هتكوني لسه عايزاها ترجع تاني ؟
, _ عقدت ما بين حاجبيها لحديثه اللاذع الذي لا يرحم مشاعرها وتسائلت بتوجس من إجابته :-
, _ انت مكنتش مرتاح معايا يا ريان ؟
, _ أماء ريان بإنكار لتفكيرها وأسرع بالقول قبل أن تسوء فهمه :-
, _ لا خالص مش ده قصدي ، بس انا مكنتش شايف اني محتاج لحاجة وبصراحة اكتشفت اني محتاج كتير اوي وحقي زي ما عشت حياتي كلها ليكم اعيشها لنفسي شوية ودي مش أنانية علي فكرة ده حقي !
, _ إلتمعت عينا دينا بالدموع وضغطت علي شفتاها بألم فتابع ريان حديثه موضحاً :-
, _ بصي يا دينا أنا مش زي اي راجل هقولك انتي حرمتيني من حقي الشرعي في اني اطلع بيتي الاقي مراتي لابسة ومتشيكة عشاني ، بدلعني زي أي زوج ، مش مهتمة بنفسها خالص ولا بتسيب شعرها وغيره كتير ، انا عمري ما بصيت علي الشكليات دي ومازلت عمري ما هبص عليها ، بس انتي عمرك ما طبطبتي عليا وقت ما الدنيا بتضيق بيا ، عمرك ما فتحتي لي حضنك اتحامي فيه من الي حواليا ، أنا حسيت اني محتاج كتير اوي بعد حضنها ليا ..!
, _ اتسعت مقلتي دينا بصدمة وانهمرت دموعها كالشلال ، لم يرأف ريان لدموعها وتابع حديثه لكي يضع النقاط علي الحروف وأردف بصوته الأجش :-
, _ انا عايزها في حياتي يا دينا ، مش هقدر أبعدها عن حياتي وعلي فكرة أنا عمري ما هقصر معاكي في وجودها بالعكس أنا اتعلمت أحب ازاي ، عرفت اكون هادي في الأوقات اللي كنت بقلب فيها الدنيا وقت غضبي ، أنا لقيت نفسي معاها ، صدقيني هي لو بعدت عني مش هقدر حتي اكون ريان اللي كنتي تعرفيه هبقي واحد فاضي ومعندوش حاجة يديها لاي حد ، بس وجودها هيقويني ويخليني اقدر اتعامل بفطرتي اللي أنا كنت نسيتها أصلا ، لو سمحتي يا دينا تفهمي الموقف وزي ما انا من يوم ما عرفتك بحاول أسعدك ارضي بلي أنا عايزه عشان تسعديني ، فكري فيا لمرة واحدة وصدقيني مش هتندمي ..
, _ وضعت دينا كلتي يديها علي وجهها عندما فشلت في إيقاف دموعها ، لا تصدق ما يصرح به أو ما يطالبها به ، كيف يطالبها بموافقة شريكة أخري تقاسمها فيه ، كيف يتجرأ علي قول كلماته بتلك السهولة ، ألا يرأف بها وبمشاعرها ، لقد كسر خاطرها لاعترافه الصريح بحبها حتي وإن لم يعترف فقط تكفي كلماته كدليل واضح لوقوعه في حبها ،
, _ كفكفت عبراتها بأناملها لكن لم تتوقف الدموع بعد وحاولت التحدث من بين بكائها الغزير :-
, _ انت عايزني أوافق أن واحدة تشاركني فيك ؟!
, _ هربت ببصرها بعيداً عنه وتابعت بنبرة موجوعة :-
, _ للأسف مش هقدر اوافق ، ازاي أصلا هتبني سعادتك علي حساب قهرتي وحرقة قلبي ازاي ؟
, _ تنهد ريان واقترب منها وأمسك بيدها وأردف بتوسل :-
, _ يا دينا عشان خاطري فكري في الموضوع أنا مش عايز اعمل حاجة تإذيكي بس انتي كده اللي هتإذيني برفضك ده وغلاوة جني بنتنا فكري كويس وبعدين اديني رد ..
, _ ازداد نحيبها بشدة لتوسله أمامها من أجل بقاء تلك الفتاة في حياته ، لم تشعر بالإهانة كـتلك المرة ، شعرت بطلبه ذاك وكأنه يدعس بقسوة علي كرامتها التي أحييت بالحفاظ عليها ، سحبت يدها بقوة من بين قبضته ونهضت بإندفاع وصاحت به :-
, _ انت واحد أناني ومش بتخيرني أصلا انت بتضغط عليا لإما هي تكون موجودة لإما انت هتكون وحش وفاضي وفي الحالتين هطلع أنا الخسرانة ، بس انا مش موافقة ولا هوافق وانت براحتك عايز تعيش معاها اتفضل روح لها بس انا وقتها مش هكون موجودة في حياتك ..
, _ نهض ريان بخيبة أمل كبيرة قد تملكته من خلفها ورمقها بتوسل ربما تحنو عليه لكنها أبت وأولاته ظهرها عاقدة ذراعيها بصرامة ،
, _ حسناً هي من أرادت ذلك فلتتحمل إذاً ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ حل الليل سريعاً وقد ظل ريان في منزل الطيور أعلي سطح البناية ، فقد تملكه الاختناق من بعد حواره الأخير مع دينا ، لم يريد مقابلة عنود بهذا الوضع الذي لم تري سواه منذ دخولها حياته ، صعد أعلي برج الحمام وجلس علي حافته حيث تسبح قدمه في الهواء ،
, _ أعددت عنود كوبين من النسكافيه المرسوم اعلاهم قلوب كما يغزو أوائل حروف أسمائهم القلب ، وصعدت إليه تفاجئ ريان بصعودها وردد قائلا :-
, _ انتي راحة فين استني هنزلك ..
, _ أماءت رأسها برفض وقالت بإصرار :-
, _ لا متنزلش خد مني النسكافيه ، أنا عايزة اجرب القعدة تحت النجوم ..
, _ أخذ منها الاكواب ومد يده لها ليساعدها علي الصعود ، جلست بجانبه برهبة شديدة من هول الإرتفاع ، وحاولت أن تتأقلم فقط لكي تشاركه كل ثَغرة في حياته ،
, _ أمسكت بالكوب المرسوم عليه حرفها واحتست المشروب بمتعة مع ذاك المنظر البديع ، ثم نظرت إليه وسئلته بفضول :-
, _ ايه رأيك حلو ؟
, _ أرتشف ريان القليل منه وهو موصد العينين ثم نظر إليها بوميض الحُب وقال :-
, انتي أحلي !
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى أسفل
0%