NESWANGY

سجل عضوية او سجل الدخول للتصفح من دون إعلانات

مكتملة منقول المعلم (حلقات خاصة) (للكاتبة تسنيم المرشدي) | السلسلة الثانية | ـ خمسة أجزاء 19/11/2023

ناقد بناء

مشرف قسم التعارف
طاقم الإدارة
مشرف
نسوانجي متفاعل
نسوانجي متميز
دكتور نسوانجي
أستاذ نسوانجي
عضو
ناشر قصص
نسوانجي قديم
إنضم
17 ديسمبر 2021
المشاركات
8,828
مستوى التفاعل
2,837
الإقامة
بلاد واسعة
نقاط
15,257
الجنس
ذكر
الدولة
كندا
توجه جنسي
أنجذب للإناث
➤السابقة



1


صف سيارته أمام الفيلا وترجل منها بخطى ثابتة، تابع سيره للأمام بإتجاه الباب الذي قرعه ووقف في إنتظار فتحه من قِبل الخادمة.
, فُتح الباب في ثوانِ معدودة، إستقبلته بعملية:-
, أهلاً وسهلاً يا باشمهندس
, _ بنبرة تميل إلى الإرهاق البادي على تقاسميه أجابها:-
, اللي في البيت فين؟
, _ بإبتسامة رقيقة أردفت:-
, عنود هانم جوا في المكتب ودينا هانم لسه مرجعتش من الجيم والأولاد بيلعبوا فى الجنينة
, أماء لها بتفهم ثم توجه مباشرةً نحو مكتبه التي تشاركه فيه عنود، لم يطرق على الباب وولج دون دون إستئذان، لم تلاحظه عنود فكانت منشغلة أمام الحاسوب المتنقل
, أدلف بخطاه منها ثم إنحني عليها وطبع قُبلة على وجنتها، شعرت عنود بالذعر الشديد حيال تصرفه المفاجئ، إنتفضت من مقعدها وطالعته لبرهة تستوعب أنه بالفعل أمامها ناهيك عن يدها التي وُضعت تلقائياً أعلى يسار صدرها من شدة الرعب التي وقعت بين طياته
, _ بندم واضح في نبرته إعتذر منها:-
, أنا آسف مش قصدي أخضك
, حاولت أن تطمئن قلبها ولم تبالغ في الأمر فندمه قد سبب لها الضيق، رسمت إبتسامة عفوية على محياها ثم توجهت نحوه وبدون عناء عانقته فعلى ما يبدوا لن تهدأ نبضاتها قبل أن تحظى بعناق منه..
, _ حاوط خِصرها بقوة ورفعها عن الأرضية فكانت سهلة الحمل تلك المرة عن سابق المرات، أنزلها ريان وعاتبها بنبرته الرخيمة:-
, أنتِ وزنك في النازل خالص، كل مادا ما بتختفي ليه كده؟
, _ رفعت الأخرى كتفيها للأعلى بقلة حيلة وأجابته بكلمات مبهمة:-
, أنت مزودها شوية بس
, _ أولاته ظهرها لكنه لحق بها قبل أن تغادر، قطب جبينه وهو يقول:-
, أنتِ مش شايفة نفسك؟
, أنتِ لو إتوزنتي هتلاقيكي بقيتي أقل من ٥٠ كيلوا!
, _ أخرجت عنود تنهيدة حارة ثم عادت لمقعدها ورددت وهي تتابع عملها:-
, مش فاضية يا ريان!!
, الكلية وتميم أخدين كل وقتي حتى أوقات مش بفتكر أصلاً أنا أكلت ولا لأ
, رفعت بصرها عليه فتفاجئ ريان بدموعها التي تتلألأ في عينيها وإنتبه على حديثها التي تابعته:-
, وأنت طول الوقت ما بين الكلية وشغل المعارض ومعظم الوقت بتقضي الأيام هناك في البيت التاني، معتش بشوفك ونفسيتي وحشة أوي بس بحاول أعافر عشان تميم ملوش ذنب بحالتنا دي
, أشفق ريان على حالتها وشعر بالندم الشديد فهو بالفعل منهمر بين أعماله في الفترة الأخيرة وبالكاد يري عائلته، تنهد بضجر ثم توجه نحوها.
, _ أغلق الحاسوب التي تنشغل في شاشته ثم جذبها برفق من ذراعها مردداً:-
, كفاية شغل النهاردة
, _ عارضته هي معللة أسبابها:-
, wait,
, أنا ورايا تحضير محاضرة محتاجة أخلصها ضروري النهاردة
, _ رفض ريان إعطائها أي فرصة لرجوعها للعمل مرة أخرى حاسماً الأمر بقوله:-
, مفيش شغل الوقتي إرتاحي شوية
, بتوسل نطقت إسمه:-
, ريان..
, "مفيش ريان، ومسعمش كلمة شغل دي إلا لما تحسي إنك بقيتي كويسة"
, حسم الأمر وأنتهي الحديث، صعدت معه إلى الطابق العلوي بمزاج غير سوي، ولجوا معاً لجناحهم ثم أحكم ريان من توصيد الباب وأقترب منها وحدقتاه يشع منهما الرغبة الشديدة
, _ رفع وجهها بسبابته فنظرت إليه وعينيها توحي إليه بإشارات معاتبة فلم يسبق له وأن تجاهلها بهذا الشكل، لام ريان مسؤولياته التي شغلته عنها وأراد توطيد علاقتهم بأسلوبه الخاص الذي يتفنن به.
, _ إنحني على عنقها ولثمها بقبلاته الرقيقة ومن بينها كان يعتذر منها بندم:-
, أنا آسف هحاول منشغلش عنك تاني
, _ قشعر بدنها بقوة، لم ترفض قربه فهي اشتاقت إليه وإلى لمساته وكل ما يعيشانه سوياً، تشبثت في عنقه ومن ثم تخللت خصلاته بأناملها فضاعفت رغبته بها ولم يستطيع السيطرة على جوارحه لأكثر وتمكن منها معتذراً عن إنشغاله عنها بتلك الطريقة.
, بعد مرور بعضاً من الوقت تملصت عنود من بين ذراعيه بحذر لكنها سببت إيقاظه، أمسك بيدها وسألها مستفسراً:-
, راحة فين؟
, _ بهدوء أردفت:-
, هاخد شاور
, أماء لها بقبول ثم ترك يدها فتوجهت هي إلى المرحاض وحظت بإستحمام سريع أعاد انتعاش بدنها المنهمك، خرجت إلى الغرفة فتفاجئت به يغوص في نومه وتقاسيمه مشدودة للغاية.
, لم تتردد لحظة وأقتربت منه بخطى ناعمة لكي لا توقظه مرة أخرى، جلست بجواره على الفراش وبهدوء حذِر ملست بيدها على صدره العاري بنعومة مبالغة ولازالت عينيها مثبتة على ملامحه التي بدأت ترتخي رويداً رويداً إلى أن لانت تماماً.
, ظهرت إبتسامة عفوية على ثغرها الصغير حين نجحت في تبخر طاقته السلبية، إنحنت برأسها بقرب شفاه ثم هسمت أمامهم:-
, _ "بحبك"
, تراجعت للخلف فتفاجئت برده عليها:-
, مش أكتر مني
, برقة مبالغة إبتسمت له ورددت مازحة:-
, _ بتشتغلني وبتمثل إنك نايم!!
, عدل من وضعية نومه وأجابها وهو يميل بعنقه لليمين تارة واليسار تارة أخرى مصدراً طقطقه قوية:-
, _ أنا فعلاً كنت نايم، منمتش بقالى يومين
, _ أشفقت عنود على حالته وبتأثر ظاهر في نبرتها قالت:-
, ادخل خد شاور ونام شوية على ما أخلص المحاضرة اللي ورايا
, هاجمها مستاءً:-
, _ شغل تاني!!
, وضحت بنبرة متلهفة:-
, أنت قولتلي لما أحس إني كويسة أرجع تاني
, رفقت من نبرتها وواصلت بلهجة مختلفة:-
, وأنا بقيت أحسن كتير
, _ مال ريان برأسه غير مصدق ما أردفت فأسرعت هي في تأكيد حديثها:-
, و****..
, _ لم يكن أمامه سوي الرضوخ، في النهاية هذا عملها ولن يشغلها عنه، نهض من جلسته وتوجه نحوها، أسند رأسه على كتفها فاستشفت هي مدي إرهاقه وحثته على أخذ قسط من الراحة بقولها:-
, حبيبي شكلك تعبان أوي نام شوية على ما أخليهم يحضرولك الأكل
, _ إعتدل في وقفته معدلاً على حديثها:-
, يحضرولنا..
, _ لم ترفض فهي تريده أن يتناول شيئاً، أماءت له بقبول ثم طبعت قُبلة على طرف شفاه وتوجهت نحو الباب، كادت أن تهم بالمغادرة إلا أنه أوقفها قائلاً:-
, استني لما دينا ترجع وناكل مع بعض
, _ حركت رأسها بموافقة ثم تراجعت عن موافقتها موضحة:-
, بس أنت عارف إن دينا بتاكل healthy food وليها مواعيد وإحنا عدينا الساعة ٨ يعني مستحيل تاكل
, _ لوي ريان شفتيه بتذمر وردد مستاءً:-
, نسيت، عموماً استني برده لما تيجي يمكن تغير رأيها النهاردة
, _ أنهت عنود الحوار بموافقتها:-
, Okay.
, _ إنسحبت من الغرفة ثم أمرت خادمتها بتحضير أشهي الأكلات والأطعمة لزوجها الحبيب ثم عادت إلى مكتبها تُكمل ما توقف عنده لحين عودة دينا من الخارج بشعور مختلف عن ذي قبل وهو الراحة التامة.
, ٣٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, ترجلت من السيارة حاملة حقيبتها أعلى كتفها وتوجهت إلى الداخل بحيوية، إستقبلتها الخادمة بحفاوة مرحبة بيها وختمت بقولها:-
, ريان بيه وصل من ساعة
, _ إتسعت حدقتاها بفرحة عارمة ثم ناولتها الحقيبة وأسرعت خطاها إلى الأعلى ومنه إلى غرفتها، حمدت **** أنه لم يكن بها، خلعت عنها ثيابها سريعاً ثم حظت بإستحمام ينعش جسدها ويبدل من رائحة عرقه التي بذلته في صالة الرياضة.
, _ خرجت للغرفة ثم وضعت بعضاً من المساحيق التجميلية، كذلك وضعت من أنينة العطر التي جائت مؤخراً من إحدي الدول الأجنبية التي أوصت بها خصيصاً، حررت شعرها البُني التي بدلت لونه في الفترة الأخيرة مما حرصت على وضع الكيمياويات به لتنعم خصلاته.
, _ إقتنت من الثياب أجملهم ثم وضعت الروب أعلاها وخرجت لكي تنعم عينيها برؤيته فلقد فاق إشتياقها إليه الوصف.
, _ ظهر طيفه من خلف باب غرفته الأخرى، شكلت بسمة عذبة على محياها وهرولت إليه، قابلها ريان بحفاوة وإبتسامة عريضة، توسطت صدره لتحظى بعناق كبير لعله يحتوي شوقها إليه، بادلها ريان العناق ثم وضع قُبلة في منتصف جبينها مرحباً بها:-
, حمد**** على السلامه جيتي امتي؟
, _ بتلهف شديد أجابته:-
, لسه واصلة من نص ساعة
, _ أسبلت عينيها في عينيه بحب وواصلت بنبرة مُتيمة:-
, حمد**** على سلامتك أنت، يارب تقعد معايا أكتر وقت بقا
, _ ضاق ريان بعينيه عليها فعدلت هي من حديثها:-
, أقصد معانا..
, _ حمحم ريان قبل أن يردف:-
, دينا أنا بقضي وقتي معاكي أكتر من أي حد، أنتِ بتيجي تقعدي معايا في البيت هناك لما مش بعرف أرجع الفيلا
, _ قلبت عينيأ بتذمر وهي تقول:-
, عنود مش بتعرف تيجي عشان شغلها قريب من هنا أنا ذنبي إيه؟
, _ أوضح لها ما يقصده دون تجريح:-
, يا حبيبتي مش ذنبك حاجة بس أقصد إني تقريباً معاكي طول الوقت سواء هنا أو هناك فمعلش أعطيني فرصة إني أكون معاها شوية، على الأقل أعدل بينكم بس مش طالب أكتر
, _ كان حريصاً في كلماته بأن يأخذ موافقتها دون أن يمس مشاعرها بحزن، فكان تعامله معها في الفترة الأخيرة هكذا حتى ينال رضاها ولا يشعر بتأنيب الضمير تجاها في حين أنها تنتهز جميع الفرص لتكون بقربه ولا تترك المجال لعنود في التقرب منه في شتى الأحوال عكسها تماماً هي من تحث ريان دوماً على الإعدال بينهم.
, _ لم يكن أمام دينا سوي إظهار إيماءة خفيفة من رأسها مبدية قبولها لطلبه، رافقته إلى الطابق السفلي ونادى ريان بنبرته الجهورية:-
, زينب..
, _ جائته مهرولة فأمرها قائلاً:-
, حضري الاكل يا زينب لو سمحتي ونادي على عنود من المكتب
, _ بعملية أردفت:-
, أوامرك يا باشمهندس
, _ نظر إلى حيث تقف دينا وردد بشوق:-
, هروح أشوف العيال أصلهم وحشوني أوي
, _ إكتفت بإبتسامة فانسحب هو إلى الحديقة ليري صِغاره، تهللت أساريرهم حين رأوه يطل عليهم وركض ثلاثتهم يتسابقون من يصل أولاً إليه
, _ جلس ريان القرفصاء وفرد ذراعيه مرحباً بصغاره بين أحضانه، أختل توازنه وكاد أن يقع من شدة عناقهم له لكنه وازن جسده بمحاوطته لهم فكانوا نجاته من الوقوع
, _ قهقه ريان وهلل في سعادة:-
, وحشتوني أوي
, _ أجابته جني أولاً:-
, وأنت كمان يا بابي
, _ هللت جويرية بصوت رقيق:-
, وأنت كمان يا بابي وحشتني
, _ هنا جاء دور الصغير فتلعثم في كلماته:-
, وحثتني بابي
, _ لم تفارق الإبتسامة وجه ريان ممتناً لكونهم في حياته، قضي وقت قصير معهم لكنه كان بمثابة الدنيا ومافيها، نهض من الأرض حين حثته زينب على المجيء بقولها:-
, الأكل جاهز يا باشمهندس
, _ نظر ريان إلى صغاره وغمز إليهم متسائلاً بمرح:-
, مين شطور هياكل معايا؟
, _ رفع ثلاثتهم أيديهم مجيبين إياه في نفسٍ واحد:-
, أنا..
, _ حمل ريان تميم على كتفه وأحتضن يدي بناته وولج بهم للداخل تحت نظرات دينا السعيدة بهم، ظهرت عنود من خلف الباب فتفاجئت بوضعهم وظهرت إبتسامة عريضة على شفتيها بسعادة، جلس الجميع حول المائدة حيث أسبقت دينا بقولها:-
, أنا مش هينفع أكل أنا وقتي عدي خلاص
, _ حاول ريان إقناعها لتشاركهم الطعام لكنها أبت مُصرة:-
, لأ لأ مضيعليش تعب الـ ٣ شهور
, _ تركها ريان على راحتها ثم شرع في تناول الطعام ومن آن لآخر كان يحث عنود على إكمال طعامها التي تود تركه لكفايتها منه لكنه لم يرضي ذلك فشحوب وجهها يزعجه كثيراً ويريد ذهابه في أسرع وقت..
, _ إنتهوا من الطعام وجلسوا جميعاً في الردهة يتسامرون في الحديث قبل أن تنهض دينا وتشير إلى بناتها بحزم:-
, كفاية كده يا بنات على أوضكم يلا في مدرسة بكرة أنا سيبتكم شوية عشان بابي
, _ تذمرت جني معترضة على قرارها:-
, يا مامي عايزين نقعد مع بابي شوية كمان
, _ حسمت دينا الأمر بلهجة لا تحتمل النقاش:-
, في مدرسة وصحيان بدري مينفعش تسهروا أكتر من كدا
, _ تدخل ريان ليحل تلك المسألة:-
, أنا معاكم كل يوم يا جنجون نامي النهاردة وبكرة نلعب مع بعض
, _ وافقته ثم قبلته من جبينه واصطحبت شقيقتها إلى الأعلى لكي يناموا بينما نهضت عنود حين غفي الصغير على ذراعها موضحة سبب نهوضها:-
, تميم نام هنيمه في أوضته
, _ صعدت للأعلى فاستغلت دينا الفرصة واقتربت منه قبل أن تأتي الآخرى وجلست إلى جواره، أسندت رأسها على كتفه على الرغم من تنبيهات ريان المتكررة لكلاً منهن على أن يحرصن لمشاعر الأخري وما يريدن فعله يمكنهن فعله في الغرفة الخاصة بكلتاهما، لكن هيهات لتصرفات دينا التي دوماً ما تعصيه وتفعل ما يزعجه.
, _ لم يعقب على تصرفها وسحب هاتفه يتفقد الإنترنت قليلاً، وبعد منشورات عديدة قرأها لفت انتباهه أحدهم حين وصف مشاعر الزوجة الأولى بالزجاج إذا أكثرت من الضغط عليها سوف تنكسر بسهولة وأن الحل القطعي لحل تلك المسألة هو الطلاق وإعطائها حريتها
, _ شعر ريان لوهلة بأنه مستبد من خلف كلمات ذلك المنشور الغبي، أغلق الهاتف وهو يرفض البتة الإقتناع به لكنه شغل حيزاً من تفكيره ولم يعرف الهروب منه بسهولة فكلما حاول إشغال عقله بشيئ آخر تراوده الكلمات مرة ثانية
, _ تنهد بضجر بائن استشفته دينا من خلف تنهيداته الحارة وسألته باهتمام:-
, مالك يا حبيبي مضايق من حاجة؟
, _ رمقها ريان لبرهة وهو يود سؤالها مباشرةً وأخذ منها إجابة صريحة ربما يشعر بالإكتفاء حينذاك، إبتلع ريقه وسألها بتردد:-
, شوفت منشور الوقتي بيتكلم عن الزوجة الأولى وأن ظلم ليها تعيش مع راجل متجوز تاني والحل أنها تطلق!!
, الفكرة بعيدة وصعبة وعقلي مش راضي يتقبلها بس عندي فضول أسمع ردك
, _ صمت لثوانِ قبل أن يواصل إسترساله:-
, متفهمنيش غلط بس لو أنتِ شايفة إنك مظلومة في العلاقة دي قولي وأنا أديكي حريتك حتى لو مكنتش موافق على كدا المهم تكوني مرتاحة.
, _ تشكلت إبتسامة على شفتي دينا فسببت الفضول لدي ريان حولها وسألها مستفسراً:-
, بتضحكي على إيه
, _ أجابته بهدوء:-
, أصل أنت بتطلب مني حاجة في وقت من الأوقات كانت كل تفكيري، كنت بتمني أنها تحصل وأنت كنت دايما رافض، ولما وافقت على الفكرة أنا اللي هقولك مش موافقة
, _ احتضنت يده بحب وتابعت حديثها الناقص:-
, معتش أقدر أبعد عنك، أنا اكتشفت إني كنت هندم ندم عمري لو كنت وافقتني قبل كده، أنا بحبك ولا يمكن أبعد عنك أبداً، وأنا مرتاحة متقلقش يكفيني سؤالك ده أصلا وإن راحتي تهمك مش عايزة حاجة تانية
, _ شعر ريان بالراحة التي إجتاحته من خلف كلماتها، رفع يدها وطبع قُبلة عليها وأردف:-
, **** يقدرني وأسعدك
, ازدادت الحماسة داخل دينا ونهضت مسرعة، فتحت روبها لتظهر قميصها له مرددة بتلهف لرؤية نظراته:-
, شوفت القميص الجديد
, _ أسرع هو بالوقوف أمامها وأعاد غلق الروب مرة أخرى معاتباً إياها بلطف:-
, إحنا في نص الفيلا إزاي تعملي كده؟
, _ بميوعة رددت:-
, خلاص تعالي الأوضة شوفه براحتك
, _ جذبته من يده وتوجهت إلى الأعلى فتبعها هو لغرفتهم أثناء خروج عنود من غرفة تميم ورأتهم يدلفون لغرفتهم الخاصة بهم، شعرت بالغصة ذاتها من كل مرة تراهم سوياً أو تتخيل ما يحدث ، لا يتقبل عقلها بتاتاً تلك التخيلات التي سببت لها حالة من الإكتئاب التي تعيشه بمفردها فحتماً لن تخبر أحدهم بتلك الحالة التي باتت عليها..
, _ عادت إلى غرفتها تجر أذيال خيبتها بثقل، استلقت على الفراش بفتور شديد وحالة سيئة قد انتابتها من بعد رؤيتها لهم على تلك الحالة الخاصة، سحبت وسادتها واحتضنتها بقلة حيلة فكان لها من نصيباً من تلقي حرارة العبرات التي سقطت عليها٣ نقطة
, في اليوم التالي،
, في تمام الساعة السابعة صباحاً، إستقيظت عنود مبكراً كعادتها من كل يوم لكي تلتحق بالجامعة، أنهت تحضير ثيابها وقامت بإرتدائهم سريعاً ثم خرجت وعينيها مصوبة على الغرفة القاطن بها زوجها وامرأته
, _ طالعتها بحسرة ثم إنسحبت مهرولة إلى الطابق السفلي قبل أن تجهش باكية، نادت بنبرة تهدد بالبكاء:-
, زينب..
, _ جائتها ملبية أمرها فأردفت الأخرى:-
, أنا راحة الجامعة و Babysitter كلها نص ساعة وهتيجي لتميم لو ريان سأل عليا قوليله إني مشيت عندي محاضرة بدري.
, _ أماءت لها زينب ومن ثم ودعتها وعادت إلى المطبخ بينما استقلت عنود السيارة الخاصة بها وأمرت السائق بالقيادة بأقصي سرعة معللة بأن لديها ميعاد ضروري لكن الحقيقة تريد الهروب من الفيلا وسُكانها.
, _ بعد مدة دست يدها في حقيبتها وحملت هاتفها المحمول وقامت بالإتصال على صديقتها، على الرغم من أن الوقت مازال باكراً إلا أنها أجابتها علي الفور بشوق:-
, وحشتني ياستي
, _ إبتسمت عنود وردت عليها بنبرة غير سوية:-
, وأنتِ كمان
, _ عقدت الأخرى حاجبيها بغرابة من لهجتها المريبة، وشعرت بأن هناك ثمة أمراً لا تعلمه، حمحمت وسألتها دون تردد:-
, ماله صوتك في حاجة؟
, _ أخرجت عنود تنهيدة مليئة بالهموم وأردفت بفتور شديد:-
, محتاجة أتكلم معاكي يا هالة، لو تعرفي تجيلي الجامعة نتكلم في البريك..
, _ رحبت هالة بالفكرة وبتلهف قالت:-
, بس كده أنتِ تؤمري ساعة بالكتير وأكون عندك
, _ شكرتها عنود وأنهت المكالمة، أعادت الهاتف إلى حقيبتها ثم طالعت الخارج من النافذة بعدم رغبة في مواصلة ما تفعله، تريد هُدنة لمدة لا تعلم كم تحديداً، عام أو أعوام ربما حينذاك تستعيد رونقها من جديد..
, ٣ العلامة النجمية
, _ إستيقظ ريان من نومته وتفاجئ بتأخيره عن جامعته، إنتفض من مكانه مهرولاً إلى المرحاض، غسل وجهه ومن ثم بدل ثيابه سريعاً وخرج من غرفته يبحث عن عنود فلم يسبق لها وأن تركته غافياً كل تلك المدة
, _ فتح باب جناحها لكنه فوجئ بخلو المكان، قطب جبينه بغرابة وأغلق الباب وتوجه إلى غرفة صغيره "تميم" على أملاً أن يجدها هُناك، فتح الباب دون إستئذان فتفاجي بوجود جليسة "تميم" ترافقه وتطعمه فطوره
, _ شعر بالحرج لإقتحامه الغرفة بتلك الطريقة وإعتذر منها بندم:-
, أنا آسف كنت فاكر عنود هنا..
, _ بحرج شديد أردفت الأخرى:-
, لا مدام عنود مش موجودة هنا
, _ أعاد ريان تكرار إعتذاره لها ثم أغلق الباب برفق، نظر إلى الطابق السفلي فلم يكن أمامه سواه يبحث عنها فيه، لا يوجد لها أثراً في الأرجاء، تأفف مستاءً ونادي بنبرة غاضبة على الخادمة:-
, زينب يا زينب
, _ ظهرت أمامه فور سماعها لندائه عليها فأسبق هو بسؤالها:-
, عنود فين؟
, _ أجابته بعمليه:-
, راحت الجامعة قالت إن عندها محاضرة بدري النهاردة
, _ عقد ريان ما بين حاجبيه بتعجب من أمرها وقبل أن يبالغ في الأمر رفع يده ونظر إلى ساعة يده الحديثة ليرى ماهو اليوم من أيام الأسبوع، أعاد النظر في الفراغ أمامه مردداً:-
, النهاردة التلات محاضرة إيه اللي بدري؟
, "هي اللي قالت كدا يا باشمهندس"
, أخبرته زينب بهذا فانتبه لها ريان وقال بوجه عابس:-
, تمام، روحي أنتِ
, _ العشرات من الأسئلة قد راودت أفكاره، ما الذي بدل أحوالها هكذا؟ أهو مقصر لتلك الدرجة؟ لم تعد كما كانت، دوماً ما تشغل نفسها عنه حتى في الأيام التي لا تراها بها، تتحجج بعملها إن سألها عن سبب هذا التغير ناهيك عن فقدانها للشهية حتى كادت أن تختفي تماماً
, _ أزفر أنفاسه بضجر وعزم على أن ينفرد بها بعيداً عن أجواء الفيلا لربما يعلم حينها ما سبب تلك التصرفات المريبة، خرج من شروده على صوت صافرة الحافلة التي تأتي لإصطحاب بناته إلى مدارسهم
, _ إحتدت ملامح ريان بضيق مبالغ وبنبرة لا تحتمل النقاش نادى مرة أخرى على الخادمة التي جائته راكضة:-
, أمرك يا بيه؟
, _ من بين أسنانه المتلاحمة صاح بغضب:-
, البنات منزلوش كل ده ليه؟ الباص واقف برا!
, _ رفعت زينب كتفها للأعلى بقلة حيلة وهتفت موضحة:-
, دينا هانم هي اللي بتصحيهم و**** يا بيه أنا معرفش حاجة
, _ حرك ريان رأسه مستنكراً تلك السخافات وعاد بأدراجه إلى الأعلى ومنه إلى جناحه، طالع دينا بتهكم وبنبرة جهورية إندفع بها:-
, إصحي يا دينا الساعة بقت ٨ والبنات لسه مصحوش!!
, _ تقلبت على الجهة المقابلة له وأردفت ببرود:-
, هقوم أصحيهم الوقتي
, _ أغتاظ من ردها البارد وقال:-
, الوقتي أمتي بقولك الساعة ٨ معتش الا ربع ساعة على الطابور
, _ نهضت متأففة، إلتقطت روبها وخرجت من الغرفة لكي توقظ بناتها، تبعها ريان إلى الخارج وأمر الخادمة قائلاً:-
, قولي لسواق الباص يمشي أنا اللي هودي البنات
, _ أماءت له بقبول وأسرعت في إمتثال أمره بينما ترجل هو للأسفل لكي يحضر سيارته لحين وصول بناته..
, _ إستغل فرصة وجوده بمفرده وهاتف عنود التي أجابته بعد مدة بنبرة خافتة:-
, ريان أنا في محاضرة هكلمك بعد ما أخلص
, _ أنهت المكالمة قبل أن يقبل أو يرفض هو، طالع الهاتف الذي بيده والشك بدأ يتلاعب داخله، بالتأكيد هناك أمراً ما يجعلها بتلك الغرابة، أوصد عينيه لبرهة وعزم أن يبادر بالحديث معها قبل عودتهم فهو لا يطيق تلك الساعات التي سينتظر محادثته فيها.
, _ أنتبه على ركوب جني أولاً ثم ساعدت زينب جويرية على الركوب ومن ثم أنطلق بهم متوجهاً إلى مدرستهم..
, ٣ العلامة النجمية
, في الجامعة،
, أعادت عنود وضع هاتفها في حقيبتها بعدما أنهت مكالمتها مع ريان بسلام، ابتسمت حين رأت هالة تطل عليها من على بُعد مسافة قريبة منها، نهضت لتستقبلها فكان هناك عناق دافئ حظن بهن كلتهاهن، جلسن مقابل بعضهن البعض وبدأت هالة في سؤالها بإهتمام:-
, مالك بقا في إيه؟
, _ تجمعت العبرات في عيني عنود وحاولت جاهدة بأن تتماسك أمامها، أشفقت هالة على حالتها وأردفت بحزن:-
, للدرجة دي الموضوع كبير؟
, _ أخرجت عنود تنهيدة عميقة لكي تضبط من نبرتها وبدأت الحديث بحزن جلي:-
, مخنوقة، حاسة إني معتش قادرة أكمل، الحياة اللي بعيشها دي غريبة أوي، صعبة مش قادرة أتخطى اللي بيحصل بسهولة أنا شكلي يبان إني قوية وإتأقلمت بس انا عكس كده خالص أنا جوايا منهار، حرب مش بتهدى نهائي، تعبانة أوي بجد وطاقتي خلصت خلاص، تحملي على السخافة اللي بتحصل دي نفذ
, _ فرت دمعة من مقلتيها فأسرعت هي بمسحها لكن هيهات لشلال العبرات الذي لم يتوقف عن الهطول قط، دست هالة يدها في حقيبتها وأخرجت عُلبة المناديل الورقية وأعطتها منها عدة مناديل مرددة:-
, كل دا في قلبك ومخبية عني، وأنا اللي كنت بتمني أكون في نفس قوتك وتماسكك، طلعتي ولا قوية ولا حاجة..
, _ صمت حل لثوانِ قبل أن تقطعه عنود بمواصلة حديثها:-
, كل مشكلة ليها حل إلا المشكلة اللي أنا فيها دي، كل ما بحاول ألاقي لها حل بلاقيني جيت على نفسي أوي أنا عايشة حالة إكتئاب محدش يعرف عنه حاجة، محدش حاسس بيا يمكن لأني مش ظاهرة دا بس بجد I'm very tired
, ( أنا تعبانة أوي)
, _ تحشرجت نبرتها من كثرة البكاء، حمحمت لتعيد رونقة حنجرتها رغم هذا خرجت نبرتها مهزوزة للغاية:-
, العلاقة اللي بتحصل بين أي واحد ومراته بحسها علاقة مقدسة لأنهم أكتر وقت بيكونوا على طبيعتهم وعلى فطرتهم، واللي بيحصل ده مش قادرة أتقبل أنه بيحصل مع غيري، الأحساسيس اللي بتتحس والمشاعر المتبادلة مينفعش تتحس مع حد تاني، مينفعش إنبساطي ده حد غيري يتسبط زيه، وغيري دي مراته اللي أنا جيت عليها، اللي مينفعش أبدا أقوله ميعملش كده معاها، أصلاً وقت ما بفكر كدا بحس بتأنيب ضمير وإني أنانية ومش بحب غير نفسي من مجرد تفكير!! وبالتالي باجي على نفسي وأبعد عنه عشان يهتم بيها هي ومحسش بتأنيب ضمير تاني بس خلاص معتش قادرة، تقريباً وقته كله معاها هي وهي بتستغل كل الفرص عشان تاخده ده غير شغله وعيلته وكل دول أخدين من وقتي أنا، أنا مش عارفة أعمل إيه بجد
, _ ملامح هالة كانت تعبر عن مدي التأثر والإشفاق على حالة صديقتها، مدت يدها وربتت على يد عنود الموضوعة أعلى الطاولة وبنبرة حنونة أردفت:-
, أنتِ مش أنانية يا عنود ده جوزك يعني حقك وطبيعي جدا تغيري عليه، أنا بقلب الدنيا لو يحيي كلم واحدة في شغل ما بالك أنتِ وفيه واحدة مشاركاكي فيه بعيداً عن أنك الأولي ولا التانية، أنتِ في الآخر إنسانة وليها مشاعر وبتحس وطبيعي كل دا بس مش طبيعي أبدا إنك تعيشي حالتك دي لوحدك، زي ما هي بتاخد حقها منه أنتِ كمان خدي حقك لأنه من حقك!! متفكريش فيها استمعتي بوقتك مع جوزك إخرجي إلعبي عيشي حياتك معاه وكأنها مش موجودة، عارفة أن ده صعب شوية بس ده الحل الوحيد قدامك، مينفعش تستسلمي للإكتئاب، أنت بنوتة جميلة وصغيرة وأم حنونة وزوجة وفية ومُحبة لازم تكملي عشان كل دول وأهم من كل دول إن ريان بيحبك
, _ لوت عنود شفتيها فأسرعت هالة مؤكدة حديثها:-
, أهي دي الحاجة الوحيدة اللي بقولها وأنا واثقة منها
, _ رفعت عنود بصرها عليها وأردفت بنفاذ صبر:-
, عارفة، وده اللي تاعيني أكتر إني مش قادرة أخد أي خطوة بسببه، هو ملوش ذنب و٣ نقطة
, _ قاطعتها هالة معقبة:-
, مفيش حاجة إسمها ملوش ذنب، لازم تشاركيه مشاعرك دي، لازم تلاقوا حل مع بعض حل يرضيكم إنما أنك تاخدي جنب وتعيشي حالتك دي لوحدك مينفعش
, _ أطالت هالة النظر عليها لربما تأتي برد منها لكن دون جدوى، ترى ملامح شاحبة ومشاعر منطفئة، لا تشعر بالخير حيال تلك التعبيرات المبهمة، تنهدت قبل أن تواصل ما لم تُكمله:-
, إوعديني تتكلمي معاه وتلاقوا حل
, _ هربت عنود بنظرها بعيداً عنها وعلقت عليها قائلة بهدوء:-
, أوعدك، نتكلم.
, _ عادت بالنظر إليها وشكلت بسمة لم تتعدي شفتاها وأردفت معتذرة:-
, بجد I'm so sorry هالة أنا عكننت عليكي وأنتِ عروسة
, _ قابلتها هالة بنظرات مستاءة وأجابتها بحنق:-
, تصدقي أنا ناسية أصلاً إني عروسة
, _ أشفقت عنود على ما سمعته منها فتابعت الآخرى مازحة:-
, مش عارفة ألاقيها منك ولا من يحيي منكدين عليا
, _ إنفجرن ضاحكتين فهتفت عنود متسائلة:-
, ليه كده؟
, _ تحولت تقاسيم هالة إلى الشدة كما تراجعت للخلف وعقدت ذراعيها بتذمر وقالت:-
, يا بنتي مضغوط في التجهيزات وخنقته كلها بتطلع عليا أنا لما جبت أخري بصراحة
, _ بتأثر شديد رددت عنود:-
, ريان قدم له المساعدة وهو اللي رفض.
, _ تنهدت هالة وتقدمت للأمام قليلاً، استندت بمرفقيها على الطاولة وبهدوء وضحت لها وجهة نظرها:-
, يحيي حابب يتعب في حاجته، بيته يكون من تعبه وشقاه فاهماني
, _ أماءت عنود بتفهم لكنها لم تقتنع كثيراً:-
, أيوة فاهمة طبعاً بس دول أخوات مفيش فرق بينهم
, _ بنبرة سريعة أجابتها:-
, **** يخليهم لبعض سند يارب، بس كده أحسن مش حابة فكرة إن يحيي يعتمد على حد حتى لو أخوه أنا كده مطمنة أكتر إن مش هيجي يوم وألاقيه رامي كل حاجة عليا لأنه متعود يعتمد على غيره كده أحسن صدقيني
, _ صمتت هالة حين سمعت رنين هاتفها، نظرت في شاشته وهو موضوع على الطاولة ثم إبتسمت ببلاهة مرددة:-
, لو جبنا في سيرة عشرة جنيه مكنتش هتيجي بالسرعة دي
, _ إستشفت عنود هوية المتصل بينما أجابت هالة على المكالمة بلطف:-
, صباح الخير يا حبيبي
, _ بتذمر سألها:-
, إيه الدوشة اللي جنبك دي؟
, _ ردت عليه هالة بعفوية عابثة:-
, أنا في الكلية عند عنود طل٣ نقطة
, _ قاطعها يحيي بثورته عليها:-
, عند عنود في الكلية!، والقرطاس اللي أنتِ مخطوباله ده أخر من يعلم بخروج سعاتك؟
, _ أوصدت هالة عينيها فور تلقيها ثورة غضبه التي
, وصلت إلى آذان عنود وحاولت تبرير موقفها:-
, إحنا كنا بدري وأنا عارفة إنك نايم ومحبتش أصحيك لأني عارفة إنك نايم متأخر
, _ حديثها لم يجدي نفعاّ في إخماد غضبه، مدت عنود يدها لصديقتها ودقت على الطاولة لتجذب إنتباها، أشارت إليها لتعطيها الهاتف فتنهدت هالة وناولته لها بهدوء
, _ تولت عنود تلك المهمة فهي لا تريد لصديقتها أن تعيش في صراع نفسي كما تعيشه هي، حمحمت قبل أن تعلن عن هويتها له:-
, يحيي أنا عنود، إزيك الأول
, _ ضبط يحيي من نبرته وحاول أن يكبح غضبه ورد عليها:-
, الحمد لله أخبارك إيه؟
, بإختصار عن نفسها هتفت:-
, أنا الحمد**** كويسة، أنا اللي طلبت من هالة تيجي لي عشان كنت مخنوقة ومحتاجة أتكلم معاها فـ بليز متتخانقوش عشان محسش بالذنب
, _ بفتور قال:-
, لا مفيش حاجة
, _ إبتسمت عنود وقبل أن تعيد الهاتف لهالة، تعمدت تنبيه لشيئ لربما يأخذه في عين الإعتبار:-
, أنا مش قصدي تدخل يا يحيي بس هي نصيحة ياريت تعمل بيها، شوفت نبرتك هدت معايا إزاي رغم أن في نفس اللحظة كنت بتزعق وصوتك عالي، معني كده إنك بتعرف تسيطر على غضبك، ياريت هالة ميكنش ليها كل النصيب من الغضب ده عشان صدقني ده مش بيحل حاجة بالعكس ده بيعقد الأمور أكتر، وهي ملهاش ذنب تستحمل نوبات غضبك طول الوقت هي بني أدمة وليها مشاعر وبتزعل حتى لو مبينتش ده، وليه بقولك كده عشان حطيت نفسي مكانها لو ريان اتكلم معايا بأسلوب مش لطيف في حين أنه كلم غيري في نفس اللحظة بأسلوب حلو كنت هزعل، لأنه معني كده بيقدر يسيطر على غضبه يبقي إيه المانع إنه يتعامل معايا أنا كمان كده رغم أني أولى بالمعاملة دي عن غيري.
, "كلام في محله و****"
, تفاجئت عنود بنبرة ريان التي اقتحمت جلستهم، رفعت بصرها عليه من خلفها ثم أعادت الهاتف لهالة ورددت متسائلة:-
, ريان، أنت هنا من امتي؟
, _ أجابها وهو يعتلي المقعد:-
, لسه واصل
, _ استأذنت هالة معللة أسبابها:-
, أنا همشي أنا بقا
, _ غمزت إلى عنود وحثتها على فعل ما أخذت عليه وعداً منها:-
, متنسيش اللي اتكلمنا فيه
, _ إكتفت عنود بإيماءة من رأسها بينما تدخل ريان موجهاً حديثه لهالة:-
, راحة فين ولا إذا حضرت الشياطين..
, _ قهقهت هالة على دعابته وأوضحت له سبب ذهابها:-
, هروح، كفاية شياطين أخوك اللي طالعة عليا دي
, _ تفاجئ الجميع برد يحيي:-
, سامعك على فكرة
, _ بتهكم معانق للمزاح هتفت هالة بنفس أسلوبه:-
, عارفة على فكرة
, _ أشارت إليهم مودعة إياهم ثم أولتهم ظهرها وغادرت وهي تعاتب يحيي على تصرفه الوقح معها بينما أعادت عنود النظر إلى ريان فتفاجئت بسوداتاه يرمقانها، إنتهز ريان الفرصة وسألها بلهجة معاتبة:-
, مشيتي لوحدك النهاردة ليه؟
, _ نهربت بنظرها بعيداً عنه وبتلعثم أجابته:-
, قولت لزينب تقولك إني عندي محا٣ نقطة
, _ قاطعها مستاءً من كذبها المتكرر:-
, النهاردة محاضرتك بتبدأ الساعة ١٠
, _ نظر في ساعة يده وتابع:-
, ولسه ساعة عليها!
, _ سحبت عنود أكبر قدر من الأكسجين فهي غير قادرة على المواجهة، وبالمعني الصحيح لم تصل إلى حل لتلك التعقيدات الحادثة في علاقتهم، أمسكت بيده ورققت من نبرتها لكي تبدوا طبيعية وأردفت بحنو:-
, مفيش حاجة يا حبيبي، بس كنت محتاجة أكون لوحدي مش أكتر
, _ ضاق بعينيه عليها فلم يعجبه ما أردفته وعاتبها بكلماته:-
, أنتِ لوحدك أصلا يا عنود، مش ملاحظة ده؟
, إحنا مش بنتقابل ولو اتقابلنا مش بنقعد ساعة مع بعض، إما مشغولة وإما بتتحججي بتميم!!
, _ أشار ريان على نفسه وسألها مستفسراً:-
, أنا فين من كل ده؟
, _ شعرت عنود بؤخزة في صدرها إثر سؤاله، المواجهة باتت أصعب، لا تقدر على التصريح بما يدور داخل عقلها كما أن نظراته التي تنتظر إجابة واضحة منها تزيد من شعورها بالألم
, _ تخبطت في أحداث لم ترتب لها بالمرة، ظنت أنه حان الوقت للتحدث معه كما حثتها هالة على ذلك، إبتلعت ريقها ورفعت بصرها عليه ورددت:-
, ممكن نشوف اللي ورانا الوقتي وأوعدك نتكلم بعدين، بس بليز متضغطش عليا يعني وقت ما أحس إني جاهزة هتكلم على طول
, _ لم يريد ريان الضغط عليها على الرغم من نفاذ صبره على الإنتظار وقت آخر لكي يعلم ما بها، أخرج زفيراً عميق في محاولة منه على التماسك فالعصبية لن تجدي نفعاً في تلك الأوقات
, _ أماء لها بقبول ثم نهض كليهما متفرقين في وجهتهم حتى يروا ما لديهم من أعمال وفي النهاية سيجمعهم مكان واحد وسيعلم ريان سبب حالتها..
, ٣ العلامة النجمية
, مساءاً،
, _ إنتظر ريان على أحر من الجمر نوم من في المنزل حتى ينضم لعنود ربما تدلي بما لديها، تأفف ريان بضجر بائن حين لم تنسحب دينا من المكان وكذلك لم تأمر بناتها للنوم وكأنها متعمدة ذلك..
, _ نهضت عنود وأردفت بفتور شديد حين شاركتهم دينا اللحظة على الرغم من علمها بأن تلك الليلة هي ليلتها:-
, أنا داخلة المكتب ورايا شغل
, _ بربك شغل ماذا الأن؟ هو يريد من الجميع الإنسحاب إلا منها فكانت هي أول من تركته وغادرت، لم يعقب ريان فمعها كل الحق في الذهاب إن لم ترأف دينا بها فما يمكنها أن تفعل؟
, _ مرر ريان أنظاره على بناته التي قد تملكهم النعاس ويثائبون من آن لآخر وبين والدتهم التي تتعمد عدم النظر إلى حالتهن
, _ لم يستطع الصمود لأكثر من ذلك وخرج عن صمته قائلاً:-
, خدي أختك يا جني واطلعوا ناموا الوقت أتأخر
, _ نظرت دينا إلى ساعة الحائط وتصنعت جهلها بالوقت ورددت مستاءة:-
, ايه ده محستش بالوقت خالص، قوموا يلا يا بنات تصبحوا على خير
, _ قبلنها من وجنتها وكذلك قبلن والدهن ثم صعدن إلى غرفتهن ليناموا بينما أطال ريان النظر إلى تلك الباردة التي لا تتحلى ولو مقدار ذرة من المروءة والرحمة، حرك رأسه يمينا ويساراً مستنكراً تصرفاتها التي تزداد سوءاً كلما جاء دور ليلة عنود
, _ نهض من مقعده فسألته هي مهتمة لأمره:-
, رايح فين؟
, _ حدثها دون أن ينظر إليها:-
, تصبحي على خير يا دينا
, _ تابع سيره إلى المكتب دون أن يلتفت فتسبب في إشعال النيران في قلبها شاعرة بالغيرة القاتلة تجاه تعيسة الحظ التي ستحظى بوجوده إلى جوارها تلك الليلة
, _ إنتفضت من مكانها بتذمر وأختلست النظر إلى باب المكتب التي اختفي خلفه ريان وتابعت صعودها إلى غرفتها لاعنة الأخرى مراراً داخلها.
, _ تنفس ريان الصعداء حين وصل إلى مكتبه بسلام، لقد فقد الأمل أن تجمعه فرصة معها، توجه نحوها بخطى سريعة ملهوفاً على التقرب منها، أغلق الحاسوب فأردفت هي بجمود:-
, لسه مخلصتش
, _ جذبها من ذراعها وعاتبها بصوته الأجش:-
, طول ما أنا موجود مفيش شغل
, _ توجه بها إلى الأريكة التي يعلوها النافذة، أزاح عنها روبها فظهر قميصها الذي ترتديه ، مال بعنود علي الأريكة فلم تعارض تصرفه وتركت له المساحة الكافية لأخذ ما يريده
, _ إنحنى على ثغرها ولثمه بقبلاته الرقيقة التي قشعر لها بدنها، حاوطت عنقه وأوصدت جفنيها تعيش معه لحظتهم، شعرت بالسكون يجتاح قلبها ولم تشعر بنفسها سوي وهي تردد هاتفة:-
, ريان عايزة أطلق.
 
  • عجبني
التفاعلات: fares1980 و pop44
نسوانجي كام أول موقع عربي يتيح لايف كام مع شراميط من أنحاء الوطن العربي
  • عجبني
التفاعلات: BASM17 اسطورة القصص
٢


توقف عن فك أزرار قميصه فور تلقيه طلبها، لوهلة لم يصدق شحمتي أذنه التي وقع على مسامعهم ذاك الطلب المفاجئ.
, _ إزدرد ريقه وهو يطالعها بصدمة مختلطة بالرفض لكونها استطاعت أن تنطقها بتلك السهولة، شعرت عنود بفداحة ما أردفته من خلف نظراته عليها، لازال يعتليها ولم يكف عن رمقها بالتطلعات التي تنتظر تصريحها بالمزاح لكنها لم تفعل!
, _ وأخيراً استطاع النطق وأردف بنبرة جامدة:-
, يعني اللي سمعته كان بجد!
, _ خفق قلبها خوفاً ولم تقدر على إجابته، فقط إكتفت برمقه دون حديث، سحب ريان نفسه من بين ذراعيها التي تتشبث في عنقه ثم أولاها ظهره يريد المغاردة فعقله مازال أسفل تأثير الصدمة لا يريد هضم طلبها بسهولة.
, _ أسرعت عنود خلفه وأمسكت بذراعه اليمنى، التفتت هي من خلفه ووقفت مقابله، نظراته تؤلمها وتود الإعتذار عما بدر منها والتراجع عن طلبها فقط لتمتع نظريها بوميض عينيه التي افتقدت إليه في تلك الثوانِ القليلة.
, _ أخفضت رأسها تستجمع قوتها التي تبخرت تماماً، رتبت الكلمات في رأسها ومن ثم أعادت النظر إليه وبؤبؤتيها تلمع بالدموع، تنهدت قبل أن توضح له أسبابها:-
, مش عارفة اتأقلم!
, صدقني الموضوع صعب، أنت مش هتفهم لأنك محدش مشاركك فيا٣ نقطة
, _ قاطعها ريان بصياحه:-
, أسكتى..
, _ لم تصمت واستغلت تلك العصبية لصحالها ورددت:-
, شوفت مقدرتش تستحمل إزاي٣ نقطة
, _ قاطعها للمرة الثانية على التوالي، اندفع بها بإنفعال شديد وهو يقترب منها حتى إلتصق بها:-
, بقالك ٦ سنين معايا وجاية الوقتي تقولي مش عارفة اتأقلم!
, ده إستعباط ولا إستهبال؟
, _ لم تصمد أمام كلماته المهينة وجهشت باكية وأجابته بتلعثم من بين بكائها:-
, لأ، طاقتي خلصت، معتش قادرة أستحمل وأنت في حضن واحدة تانية، بيحصل معاها كل اللي بيحصل معايا!
, نظرات الناس على إني زوجة تانية بتقتلني وقد إيه يا حرام أنا جاية على الزوجة الأولى فاضطر أنا أسيبك ليها عشان أحس براحة شوية وتأنيب ضميري يهدى بس بلاقيني غيرت!!
, أيوة بغير ما أنا بحبك، أنت مش بس جوزي، سبق وقولتلك إن بحس معاك بالآية اللي **** نزلها عن المخزي من الجواز، هو السكن!!
, أنا مش قادرة أحس إنك سكني، لأنك ببساطة مش سكني لوحدي، مش بيتي لوحدي، دايما في غيري مشارك كل لحظة معاك، وطبعاً مقدرش أتكلم لأنه مش من حقي
, _ صمتت عن الحديث لتضبط من نبرتها التي تحشرجت ولم تعد مفهومة، حمحمت قبل أن تواصل إسترسالها:-
, معتش قادرة أجي على نفسي أكتر، أنا مينفعش أهد بيت غيري لأنه مش حقي أهده، بس أقدر أهد بيتي أنا..
, أزفرت آخر دمعة بشعور قوي من الألم وهي تعيد طلبها:-
, لو بتحبني بجد طلقني
, _ الصدمة دوناً عن غيرها كانت مُشكلة على تعابير ريان، قلبه يعتصر حزناً ويزداد ألماً كلما شعر بضياعها، فهي ليست زوجة ثانية كما يراها البعض، هي صديقة روحه ورفيقة دربه وحبيبة فؤاده، فكيف يتقبل منها ذلك الطلب؟
, _ لم يطيل التفكير كما أنه فضل السكوت، فالحديث في بعض الأحيان لا يكون سوى ثرثرة فارغة لن يضيف للوضع إلا سوءاً، ذاك الحين بحاجة إلى عناق دافئ يهدئ من ضجيج الحروب الصاخبة بداخلنا..
, _ حاوطها بذراعيه بهدوءٍ فلم ترفضه، هي بحاجة إلى ذلك، لربما تشعر بالتحسن يسري داخل قلبها، لم تقدر على مبادلته العناق فكانت قوتها ضعيفة هذيلة، تركت العنان لضعفها في الظهور لكي يشاركها هو فيه ربما يساعدها على ذهابه عنها.
, _ صدحت نبرته الهادئة قاطعة صمتهم الذي طال لوقت:-
, ده مش مجرد حضن كده عادي، حياتي كلها في الحضن ده، الدنيا كلها أتبدلت بعده، فاكرة؟
, _ حركت رأسها بنفي فتابع هو:-
, عمري ما أنساه، حضنك اللي جه في ثواني داوى كل حاجة، سبيني أداوي أنا كمان
, _ وكأن لكلمته سحراً خاص، تحلت بالقوة حينها وسمحت ليدها في التسلل حتى حاوطت عنقه وجهشت باكية ومن بين بكائها كانت تطلق آنات موجوعة:-
, أاه..
, _ رجف جسدها من فرط البكاء فلم يتحمل ريان ذلك وحملها بين يديه على الفور، أسندت رأسها على صدره في هدوء بينما خرج هو من المكتب وصعد بها إلى جناحهم.
, _ صغي كليهما إلى صوت "تميم" الذي يخرج من اللاسلكي المتصل بغرفته، وضعها "ريان" على الفراش وأردف قبل أن تنهض هي:-
, خليكي أنتِ، هروح أشوفه أنا
, _ وافقته فصفوها ليس في محله الأن، أولاها ريان ظهره وتوجه نحو غرفة "تميم"، كان الصغير يقف على جدار الفراش الخشبي، مد يده إلى والده بلهفة وردد ببراءة:-
, بابي
, _ إقترب منه "ريان" ويديه ممدودة له وأردف بنبرة تشبه نبرة "تميم":-
, إيه، أنت صحيت ليه مش وقتك خالص
, _ رفع "تميم" رأسه للأعلى حين وقف أمامه "ريان" وهتف بتلعثم:-
, نود، نود
, _ رفع ريان حاجبه الأيسر وقلده:-
, نود! لما أنت تقولها نود أنا أقولها إيه؟
, _ إنخفض ريان بمستوي طوله لمستوى تميم، أستند بمرفقيه على سور الفراش وواصل دعابه مع الصغير:-
, وبعدين عنود دي بتاعتي أنا مش بتاعتك
, _ تفاجئ ريان بحرارة الصفعة التي دوت على وجهه من يد تميم متمتماً بعصبية:-
, تاعتي
, _ جحظت عيني ريان بصدمة وردد:-
, يا أبن الـ..
, _ لم يكمل سُبابه وتحسس وجنته التي تلقت الصفعة وهو يطالعه بذهول لفعلته ثم أردف بحنق زائف:-
, ده أنت مشوفتش بـ ٣ جنيه تربية، بتضرب أبوك طب تعالي بقا
, _ حمله ريان فصاح تميم مقهقهاً، نظر إليه ريان بطرف عينيه متعجباً من ضحكاته فهو حمله ليرد له صفعته بمزاح وعليه أن يخشاه لكن ما حدث كان عكس ذلك تماماً فهتف ريان عالياً:-
, أنت جامد يعني ومبتخافش!!
, _ وضعه على الأريكة التي تبعد الفراش قليلاً وبدأ يدغدغ به حتى إزدادت ضحكات الصغير أضعافاً، شاركه ريان الضحك ثم هدأ وأعدل من جلسته ونظر في الفراغ أمامه.
, _ أخرج تنهيده مهمومة وهو يتذكر طلب عنود، خرجت هي في تلك الأثناء من جناحها حين تأخر ريان عن عودته لها وقبل أن تهم بالدخول وقفت تتابع ما يفعلانه.
, _ رآها تميم من خلف الباب وردد بإسمها:-
, نود
, _ ابتسمت له عنود وكادت أن تولج له حين كُشف أمرها من قِبله لكنها تراجعت حين صغت إلى كلمات ريان:-
, عنود عايزة تسيبني يا تميم، معرفش فكرت امتي وإزاي قدرت تقول كده!!
, _ التفت ريان بجسده حيث الصغير وتابع حديثه:-
, أمك متعرفش٣ نقطة
, _ صمت حين نطق الإسم ذاته التي دوماً ما يتشاجران عليه وعدله:-
, ولا مامتك بدل ما تيجي تعملنا محاضرة الوقتي
, _ توقف عن الحديث مشكلاً بسمة عذبة وتابع ترديده:-
, وهي بقت شاطرة في تحضير المحاضرات، شوفت أنا بقيت حافظ كل ثغراتها ازاي، تعليماتها وأوامرها وكل كلامها اللى بيتقال عفوي أنا بحفظه، وفي الآخر تقولي طلقني!
, _ تأفف بضيق قد تمكن من صدره بسبب الطلب الذي لا يقتلع عن عقله، رفع بصره للأعلى وطالع سقف الغرفة وتابع تمتمته بنبرة متهكمة:-
, متعرفش إني بقضي أغلب وقتي في شغلي وبين أخواتي عشان اختبرهم وأشوف مين قد ثقة إني أسيب له ممتلكاتي وافضي لسيادتها
, _ بتلقائية عابثة ألقى سؤاله:-
, تفتكر مين فينا اللي غبي، أنا عشان مبينتلهاش إهتمام ولا هي عشان طلبت طلب زي دا؟
, _ أنهى سؤاله في إنتظار إجابة الصغير لكنه لم يجيبه فواصل قائلاً:-
, لا بس مهما يحصل مينفعش تطلب طلب زي ده
, _ التفت ريان حيث "تميم" حين لم يأخذ منه رد وهو يقول:-
, أنت مبتردش لي..
, _ قطع سؤاله حين رآه غافياً، تقوس ثغره بإبتسامة وأردف بحرج:-
, الظاهر إني رغيت كتير
, _ انسحبت عنود سريعاً وعادت إلى غرفتها، لا تدري أي شعور قد أنتابها لكنها متأكدة أن كلماته أسرت قلبها ومشاعرها تأثرت به وأرادت أن تكافئه لربما تنجح في اقتلاع طلبها من عقله.
, _ هرولت نحو الخزانة واختارت من الثياب أجملهم والمحبب لقلب ريان عليها، مشطت خصلاتها المحررة ووضعت عطره المفضل الذي يأتيها به من كل فترة.
, _ أخذت شهيقاً عميق ثم أولت صورتها المنعكسة ظهرها وتوجهت إلى الباب لكي تستقبله استقبالاً حار، خرجت من الغرفة ثم تذكرت أنها لم ترتدي روبها، عادت مرة أخرى إلى الداخل لترتديه سريعاً وتعود إلى زوجها
, في تلك الأثناء لمحتها دينا التي كانت تتابع ما يحدث من خلفه الباب لتعلم سبب الضجة المحدثة منذ فترة والأبواب تنغلق وتنفتح في نفس اللحظات، كزت أسنانها ببغض حين رأت حالة عنود الخاصة ولم لتكن لتمرق الأمر دون أن تضع بصمتها وتخرب الليلة عليها.
, _ تسللت من الغرفة واقتربت من السُلم وانتظرت خروج ريان بفروغ صبر، فُتح باب غرفة تميم فتعمدت هي ثني قدمها اليمنى أسفلها فتأوت بألم زائف
, تفاجئ ريان بوجودها في الخارج في تلك الأثناء، كما خفق قلبه رعباً من صرختها، هرول نحوها مذعوراً وهو يتسائل بتوجس:-
, إيه اللي حصل مالك؟
, _ في تلك الأثناء خرجت عنود من غرفتها وتفاجئت بوجود دينا في الوسط، لم تشعر بالخير خلفها فحتماً تحدث المصائب في وجودها، توجهت نحوهم وصغت إلى شرحها لما حدث لها:-
, كنت نازلة أجيب مية ورجلي اتلوت، أه مش قادرة أقف عليها
, _ عاتبها ريان بلطف:-
, مش تاخدي بالك يا دينا
, _ مالت الأخرى عليه مرددة بملامح مشدودة ونبرة متعبة:-
, مش قادرة يا ريان من الوجع بجد، مش قادرة أقف على رجلي
, _ حرك ريان رأسه مستنكراً قلة وعيها، انحنى عليها وبسهولة حملها بين ذراعيه، إستدار بجسده فتفاجئ بوقوف عنود، لم يقدر على التحدث فليس بحين يمكنهم التحدث فيه
, _ توجه نحو جناح دينا ووضعها على الفراش بحذر حتى لا يؤلمها، لكنها ظلت تتأوة بألم شديد وكأنها فعلياً موجوعة، سارت نحوهم عنود لربما يكونوا بحاجة إلى شيئ يمكنها تقديمه لهم لكنها لم تبرح أمام الباب يكفيها الوقوف أمامه ومتابعتهم في صمت.
, _ نظر ريان إلى قدمها وسألها مستفسراً:-
, فين المكان اللي بيوجعك بالظبط
, _ تعمدت دينا الإنحناء على ريان في وضع حميمي للغاية وأجابته وهي تشير إلى منطقةً ما في قدمها:-
, هنا..
, _ حرك ريان رأسه بتفهم ثم نهض وهو يردف:-
, كان في هنا مرهم للكدما٤ نقطة
, _ توقف من تلقاء نفسه حين رأي زجاجة المياه ممتلئة على آخرها، ضغط على أسنانه بغضب حين استشف لعبتها الدنيئة، هرب بأنظاره بعيداً لكي لا ينفجر فيها فوقع بصره على عنود الواقفة عند الباب.
, "محتاج حاجة يا ريان؟"
, أردفتهم متسائلة فور وقوع أنظاره عليها، ابتلع ريقه لتكون نبرته طبيعية ولا يسبب الحرج لدينا أمام عنود، بنبرة هادئة للغاية أخبرها:-
, عايز مرهم الكدمات هتلاقيه موجود في الحمام الخارجي لو سمحتي هاتيه
, _ أماءت له بقبول وأسرعت في تلبية طلبه، عادت إليه سريعاً وناولته له، بدأ ريان في توزيع المرهم على نفس وضعه دون أن يجلس كما تعمد عدم النظر إلى دينا لكي لا ينفجر بها
, _ أنهى ما يفعله ثم أولاها ظهره فلحقت به بمسكها ليده وقالت:-
, خليك معايا النهاردة أنا تعبانة..
, _ التفت برأسه إليها وببرود شديد أردف كلماته:-
, الف سلامة عليكي
, _ حرر ذراعه من بين قبضتها ثم تابع سيره للأمام حتى بات خارج الغرفة، طالعتها عنود لبرهة وتمنت لها السلامة العاجلة:-
, شفاكِ **** وعفاكِ، متضغطيش عليها عشان تروق أسرع
, لم تجيبها دينا بل قابلتها بملامح جامدة فاضطرت الأخرى على الإنسحاب من الغرفة بخجل قد تملك منها إثر جمود دينا في التعامل معها، حركت رأسها مستنكرة تصرفها الوقح ثم عادت إلى غرفتها
, _ صدح صوتها في الأرجاء فور توصديها للباب:-
, لو حابب تبقى معاها النها٣ نقطة
, _ قاطعها ريان بحدة:-
, مش حابب..
, _ تابعت حديثها وهي تقترب منه:-
, بس ده حقها و..
, _ بعصبية لم تتصورها عنود صاح بها:-
, حقها حقها حقها، كأن أنا من حقها بس ومش حقك أنتِ كمان، نفسي أفهم بتفكري إزاي؟ أنتِ مراتي زيك زيها، ليكي حقوقك زيك زيها افهمي بقا
, _ نهض من مكانه ووقف مقابلها وواصل ما يريده أن تتقبل فكرته:-
, بطلي تطلبي مني أكون معاها طول الوقت، خدي حقك مني زي ما أنتِ حريصة أوي إنك تديها حقها، حسسيني أنك مراتي أنتِ كمان
, _ انحني بوجهه بقرب وجهها وتابع بتجهم:-
, خليكي شاطرة في اخد حقك زي ما أنتِ شاطرة تاخدليها حقها!
, _ تفاجئ ريان بقُبلتها التي التهمت بها شفتيه، لم تكن بتلك الجرأة مسبقاً، فدوماً ما يمنعها حيائها ناهيك عن الفجوة الحادثة في الآونة الأخيرة بينهم بسبب دينا فكانت باردة المشاعر معه لكنها الأن مختلفة تماماً، يبدوا أنها تأخذ حقوقها منه كما حثها.
, _ حاوطها بذراعيه ورفعها عن الأرضية كما ساعدها على أخذ الحقوق كاملة بصدر رحب حتى بات عقله خالياً تماماً من أي مشحنات قد تعكر صفوه.
, ٣٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, في الصباح الباكر، استيقظ ريان قبل الجميع، بدل ثيابه سريعاً ثم بهدوءٍ توجه نحو عنود، طبع قُبلة ناعمة على أنفها فرجف جسدها إثرها
, فتحت بندقيتاها فتشكلت البسمة تلقائياً فور رؤيته، بادلها ريان الإبتسامة وألقى عليها تحية الصباح:-
, صباح الخير
, استندت هي بمرفقيها على الفراش فباتت في مستوى أعلى قليلا عن ذي قبل كما سارت أقرب له فكانت ملاصقة لصدره، وبنبرة رقيقة مشحونة بالحيوية أجابته:-
, صباح النور يا حبيبي
, _ شعر ريان بالراحة تجتاحه من نبرتها لطالما افتقدها كثيراً، فلا يشعر بلذة تلك الكلمة سوى من فمها وحدها، قبلها بحميمية ثم ابتعد عنها معللاً أسبابه:-
, أنا كدا مش نازل خالص، قومي كفاية دلع
, رفعت عنود حاجبيها ورددت بتعجب وهي تنهض من مقعدها:-
, يعني أنت اللي حضرت الدلع والوقتي مش عايزه!!
, _ حاوط ريان خِصرها بإحدى ذراعيه وبالأخر دسه في جيبه وبثقة أردف:-
, مستغناش عنه أبداً، بس له أوقاته يعني
, _ تملصت هي من بين ذراعه وركضت مهرولة إلى المرحاض، مالت برأسها من خلف بابه وقالت له:-
, حاسة إني جعانة أوي ما تقولهم يحضروا الفطار
, _ أشار ريان على عينيه مرحباً بطلبها:-
, من عنيا
, _ أرسلت له قُبلة في الهواء بميوعة فضاق ريان بعينيه عليها محذراً إياها:-
, مش هتحرمي يعني، أنتِ اللي هتزعلي في الآخر
, _ قهقهت عنود بميوعة ثم أغلقت الباب مانعة أى تقرب قد يحدث بينهم بينما خرج ريان ليأمر الخادمة بتحضير الفطور ومن ثم جلس على المائدة في انتظار هطول الجميع
, _ ظهرت دينا تمشي بسرعة قسوة حاملة إحدي حقائبها، ابتسمت فور رؤيتها لريان وتوجهت نحوه مباشرةً، طبعت قُبلة على وجنته مرددة بحيوية:-
, صباح الخير
, "صباح النور"
, قالها بفتور فلم يصفوا بعد من تصرفها بالأمس، جلست بجواره فأبدي اهتمامه بسؤاله:-
, رجلك عاملة إيه النهاردة؟
, _ تذكرت دينا حادثتها المختلقة وصعقت حين تناست الأمر، حمحمت وحاولت ترتيب الكلمات قبل أن تجيبه:-
, ها، أحسن من امبارح كتير
, _ رفع ريان حاجبه وبجمودٍ قال:-
, لحقت! ما شاء**** دي كانت في العضم أكتر مكان بيتأثر وبيطول على لما يروق
, _ كانت تطالعه ولا تدري أي من الحديث تجيب، فالخطأ خطأها هي، هي من تناست الأمر والأن عليها مجراته وإلا سيُكشف أمرها إن لم يكن كُشف من الأساس
, _ تلعثمت في الحديث فقاطعها بحدة هامساً بقرب أذنها:-
, تاني مرة لما تحبي تحوري عليا ابقي خدي بالك كويس وداري الحاجات اللي ممكن تكشف لعبتك
, _ تراجع ريان للخلف ليري عينيها فرآى الذهول ليس إلا، نظر أمامه وتابع استرساله:-
, نفسي أفهم ليه كل دا؟ ليه مش عايزاني أقل حاجة أعملها إني أعدل بينكم، ليه مش بتحترمي يومها زي ما هي بتحترم يومك؟
, أعاد النظر إليها وواصل ما لم يكمله:-
, أنا مقصر معاكي في حاجة عشان يصعب عليكي تعملي اللي بطلبه منك؟
, كل حاجة بتاخديها وزيادة، طلباتك كلها بتتنفذ، بحاول على قد ما أقدر أعمل اللي عليا مادياً ومعنوياً، ولما اطلب منك طلب واحد مترضيش تحترميه ولا تنفذيه!!
, _ بلغت ذروة تحملها، انتفضت من مقعدها وصاحت به غير قابلة ما يحثها عليه:-
, عمري ما هنفذ اللي أنت عايزه، انت عايزني أرميك لواحدة تانية بإيدي!
, دي واحدة سرقتك مني ولا يمكن اساعدها أنها تاخدك مني انا اللي مراتك إنما هي حرامية وخطافة رجالة
, _ انفجر بها ريان فلم يتقبل الإهانة على عنود:-
, اتكلمي عنها كويس، والفيلم ده مش هنخلص منه بقا بقالك ٦ سنين متعودتيش؟!
, طباعي وتصرفاتي مخلتكيش تقولي ولو مرة واحدة أرضيه زي ماهو بيرضيني ولا أنتِ اتعودتي تاخدي وبس!!
, _ دنت منه دينا إلى أن التصقت بإزدراء وهدرت به من بين أسنانها المتلاحمة:-
, قول اللي أنت عايز تقوله فكرتي مش هتتغير ولا يمكن أعمل اللي أنت عايزه، أنت حقي أنا لوحدي، فاهم!
, _ استدارت بجسدها ولَقِفت حقيبتها من على الطاولة ثم غادرت الفيلا دون أن تخبره بوجهتها، تابعها ريان بملامح مشدودة وهو يكز أسنانه بغضب شديد، لم يتحمل الوقوف مكانه بعد أن تعكر مزاجه وفر هارباً إلى الخارج.
, _ لحقته عنود مناديا إياه حين رأته يخرج من الفيلا:-
, ريان wait، أنت رايح فين مش هنفطر
, _ بعصبية أجابها:-
, افطري أنتِ، مليش نفس للأكل
, _ أردف كلماته ثم أولاها ظهره وغادر سريعاً قبل أن تحاول الضغط عليه، تعجبت عنود من أمره وشعرت بثمة حدوث شيئاً في غيابها من تسبب في تعكير صفوه.
, _ انتبهت لوضع زينب للفطور وقالت:-
, تقريباً مفيش حد هيفطر
, _ رمقتها زينب مستاءة وأرادت تأكيد ظنونها:-
, يعني أشيل الأكل؟
, _ مررت عنود أنظارها بينها وبين الطعام فكان الجوع مسيطراً على معدتها، أماءت لها برفض وهتفت:-
, لا سبيه أنا هفطر
, _ تركته زينب وغادرت بينما جلست عنود وبدأت تتناول كميات كبيرة بشراهة لم تتحلى بها يوماً، تعجبت من تصرفها فلم لتكن لتأكل وريان منزعج مطلقاً ناهيك عن تناولها بتلك الشهية.
, _ حركت رأسها يميناً ويساراً طاردة أفكارها التي تلهيها عن الطعام وتابعت تناولها في صمت حتى شعرت بثقل جسدها من كثرة الطعام، نهضت بصعوبة متعجبة من حالتها المريبة، صعدت إلى غرفتها لتأخذ قيلولة هي بحاجة شديدة إليها.
, ٣٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, كان على ناصية منطقته الحبيبة، قاد سيارته بسرعة أبطئ عن الأول لضيق شوارعها، صف سيارته أمام المعرض وترجل منها، جائه صديقه خالد مرحباً بحفاوة:-
, يا أهلا بالمعلِم
, _ تدخل هاني حين انضم إليه بقوله:-
, معِلم إيه كان زمان الوقتي دكتور ريان
, _ رمقه خالد بتهكم وردد مستاءً:-
, لا دكتور ده هناك في جامعته إنما هنا المعلِم
, _ تنهد ريان بفتور وردد:-
, انتوا شكلكم فاضين وأنا مش رايق
, _ عقد خالد حاجبيها وسأله باهتمام:-
, في إيه مالك؟
, _ في تلك الأثناء ظهرت فتاته التي يراقبها منذ أشهر في نفس الموعد فاضطر إلى الإنسحاب من بينهم معتذراً:-
, ورايا شغل كده هخلصه على السريع وأرجع
, _ انسحب من أمامهم سريعاً بينما غمز خالد إلى ريان مازحاً:-
, بنت عمك منصور باينها شغلت دماغه
, _ قطب ريان جبينه بغرابة مردداً بتعجب:-
, دعاء!
, _ قهقه خالد وتابع مزاحه:-
, شكلنا هنبل الشربات قريب
, _ ابتهج ريان بهذا الخبر السار وردد متمنياً لأخيه السعادة:-
, يارب، حتى تعوضه شوية عن اللي عاشه
, _ تنهد بضيق فأعاد خالد تكرار سؤاله حين استشف ضيقه:-
, ما تقول يابني مالك؟
, _ نفخ ريان بضجر بائن ثم توجه إلى مكتبه، سار خلفه خالد لعله يعلم سبب تبدل أحواله، أغلق خالد الباب وجلس بجوار ريان على الأريكة الجلدية وأردف:-
, هما طلعوهم عليك ولا إيه؟
, _ تأفف ريان فتأكد خالد من حدسه، حاول ريان إلهائه عن الأمر بقوله:-
, ما تخلي عندك ددمم وترضي بالتوكيل وشيل عني شوية
, _ جحظت عيني خالد ونهض عن مقعده رافضاً البتة:-
, كل واحد يشيل شلته يا حبيبي **** من دي النوبة
, _ حاول معه ريان لكنه ظل مصراً على رفضه:-
, يا ريان لأ لو اتشقلبت كدا مستحيل أوافق على الموضوع ده تاني، بعد اللي حصلك واللي شوفته وعيشه خدت عهد على نفسي إني مكررش الغلط تاني
, _ نهض ريان ووقف أمامه يريد تبسيط الأمور له:-
, بس الوقتي غير زمان، معتش فيه اللي يتخاف منه ومش هيحصل حاجة متقلقش
, _ برزانة وزن خالد الأمور وردد مستاءً:-
, وهو وقتها كنا نتوقع إن يحصل حاجة زي اللي حصلت؟ الواحد ماشي في الدنيا دي ميعرفش هيحصل فيها إيه كمان دقيقة وأنا كفاية عليا أوي أشرف لك علي الشغل لكن ورق وتوكيل تاني لأ No
, _ سكون حل بينهم لفترة فشل ريان إقناعه كسابق مراته وبات عقله مشغولاً بمن يشاركه الحِمل حتى يعيش حياته أكثر راحة عن ذلك، قطع خالد تفكيره بقوله:-
, عارف مين اللي تعمله توكيل؟
, _ نظر إليه ريان كالغريق الذي يتعلق بقشة فأوضح خالد ما يقصده:-
, أخوك هاني
, _ لوهلة لم يستوعب ريان حديثه فتابع خالد ما استشفه في الآونة الأخيرة:-
, بصراحة هو اللي شايل الشغل بجد وخايف عليه، انت مبتشوفش بيتابع بنفسه كل ورشة وكل عامل وحاجات إحنا كان أقصي حاجة نعملها فيها نقبض العمال وبس، بيعمل مشكلة لو الطلبية اتاخرت أو فيها خدش، أنا متابعه بقالي فترة يمكن عشان لما تيجي تطلب مني الطلب ده تاني أقولك عليه صدقني هو جدير بيها
, _ ربت خالد على كتفه ثم استأذن ليعود إلى عمله وترك ريان منهمراً بين أفكاره، توجه نحو النافذة فرأى شقيقه واقف برفقة دعاء فابتسم لحالهم ثم ردد:-
, لما نشوف الواقفة دي آخرتها إيه؟
, ٣٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, بعد مرور بعض الساعات، هاتفت عنود ريان لتخبره عن ذهابها:-
, ريان أنا راحة لهالة
, _ بغرابة سألها:-
, ليه؟
, _ تشكل التهكم على تقاسيمها وأجابته بحنق:-
, النهاردة الحنة يا حبيبي أنت نسيت؟
, _ تذكر ريان أنها قد أخبرته من قبل لكن الأمر قد غاب عن ذهنه تماماً، تنهد بحرارة قبل أن يردف:-
, خلي بالك على نفسك
, _ أنهى المكالمة ثم هاتف دينا على مضضٍ فلم يصفوا من حوارهما في الصباح، انتظر قليلاً فأجابته هي بأنفاس لاهثة:-
, أيوة..
, _ قطب جبينه بغرابة لنبرتها التي تدل على بذلها مجهود كبير وبفضول سألها:-
, أنتِ فين؟
, _ هاجمته دينا بإزدراء:-
, ما أنت لو اخد بالك مني زي المحاضرات اللي حافظها للهانم هتعرف أنا فين، على العموم أنا في الجيم
, "يا صبر أيوب"
, _ رددهم داخله لكي يتحلى بالقليل من الصبر وأردف بنبرة حادة:-
, جيم سبت وتلات والنهاردة الأربع أعرف أنا منين بقى ثم أنك الصبح مشيتي وحتى الحيوان اللي واقف قدامك مستعنتيش تقولي له أنتِ راحة فين؟
, _ أوضحت له بلهجة قاسية مندفعة:-
, أنا مروحتش إمبارح فروحت النهاردة مكانه، أنت طالب عايز إيه؟
, _ بإختصار أخبرها سبب المكالمة:-
, النهاردة حنة هالة قولت أفكرك
, _ تأففت دينا بضجر ورددت بحنق:-
, إن شاء ****
, _ وضعت الهاتف جانباً دون أن تنهي المكالمة وتابعت تمتمتها بضيق:-
, معتش في حياتي إلا ست عنود وصاحبتها!
, _ وصلت كلماتها إلى أذان ريان الذي لم يغلق بعد، ألقى هاتفه بعيداً بعصبية وأوصد عينيه يستجمع رونقه الذي تعكر بسبب أسلوب دينا الفظ
, في مكانٍ آخر
, شعرت عنود بشيئ غريب فيها فتوجهت إلى المرآة، وقفت بأكثر من زواية أمامها لتتاكد مما تراه وتمتمت بغرابة:-
, البطن دي طلعت امتى؟
, _ ظلت مذهولة لبعض الوقت ثم عادت لتكمل ارتدائها لكي لا تتأخر على صديقتها، بعد مرور ساعة قد وصلت إلى وجهتها المقصودة، ترجلت من السيارة وأمرت السائق قائلة:-
, تمام يا عم إبراهيم روح أنت وأنا لما اخلص هكلمك
, _ توجهت نحو البناية القاطنة بها صديقتها وصعدت الأدراج ومنه إلى باب شقتهم، طرقته وانتظرت أمامه لحين فتح أحدهم لها.
, _ هللت هالة في سعادة بالغة وعانقتها بحب، مالت عليها وهمست بقرب أذنها:-
, مش هتصدقي مين قاعدة جوا؟
, _ تسائلت عنود متعجبة من أمر هالة المبهم:-
, مين؟
, تراجعت هالة للخلف لتفجر تلك القنبلة في وجهها مردفة:-
, دينا..
, _ لم تتأثر عنود بعد سماعها الإسم وأردفت ببسمة متهكمة:-
, وجودها طبيعي مش هتبقي سلفتها!!
, _ لم تتعجب هالة من عقلانية عنود فهي دوماً تقابل الأشياء السخيفة بمبررات حتى وإن كان الأمر لا يستحق، دخلن كلتاهن ورحبت عنود بالجميع ثم توجهت إلى غرفة هالة الخاصة برفقتها.
, _ أمسكت هالة اثنين من الثياب المتحررة وهتفت متسائلة:-
, ها هتلبسي ده ولا ده وإياكِ تقولي مش هلبس
, _ مررت عنود نظريها بينهم ثم اختارت الأكثر احتشاماً من بينهم وتناولته منها، ابتهجت هالة لأنها وافقتها في شيئ تلك المرة وإنسحبت من الغرفة تاركة لها مساحة كافية لتبدل ثيابها
, _ بعد مدة قليلة عادت هالة إليها ثم تفاجئت ببطنها التي إرتفعت فلم يسبق لعنود وأن كان لها بطناً فكانت دوماً تحسدها هالة على عودها الممشوق.
, بمزاح أردفت:-
, هو ده كرش ولا انا بتخيل؟
, _ هللت عنود عالياً:-
, صح! أنا استغربت برده معرفش طلعت امتي دي أنا شكيت من الفطار اللي فطرته الصبح كلت كميات كبيرة جدا أول مرة اكلها
, _ دنت منها هالة وضيقت عينيها عليها مرددة:-
, لتكوني حامل!!
, _ قابلتها عنود بنظرات جامدة وبتهكم شديد قالت:-
, يعني أول ما أحمل يطلعلي بطن!، بطلي هبل وتعالي نخرج جوايا طاقة رقص رهيبة، كبت كده لازم يخرج كله النهاردة
, _ قهقهت هالة عالياً ثم لحقت بها قبل أن تخرج من الغرفة قائلة:-
, هنرقص بس نتأكد الأول إن مفيش حمل عشان مشيليش ذنبك
, _ حركت عنود رأسها بإستنكار لتراهاتها وحاولت أن تنسيها الأمر:-
, يا بنتي حمل إيه مفيش الكلام دا
, _ بإصرار شديد أردفت هالة:-
, افرضي كان فيه وعرفتي بعدين مش هتحسي بتأنيب ضمير أنك مهتمتيش بالموضوع؟
, _ صمتت عنود فهالة قد نجحت في تأنيب ضميرها، تنهدت هالة وتابعت حديثها:-
, هبعت بنت من البنات اللي برا يجيبوا اختبار حمل من الصيدلية وأجيلك
, _ كانت دينا تتابع ما يحدث في صمت والغيظ يتآكلها حين علمت باستدعاء هالة لإحداهن لتشتري اختبار حمل لعنود، وكأن نيران جهنم اشتعلت داخل قلبها، إحتدت تقاسيمها وظلت تردد داخلها بأنها تكون أكذوبة ليست إلا.
, _ مر ما يقرب العشر دقائق استعملت عنود الاختبار ثم خرجت لصديقتها التي لم تبرح مكانها لكي تعلم أولاً ما إن كانت حامل أم لا
, بحماس ولهفة شديدين سألتها هالة:-
, ها؟
, _ بفتورٍ وضعت الإختبار أمام عينيها وهتفت:-
, negative (سلبي)
, _ شعرت هالة ببعض الراحة ثم أمسكت بذراعها بلهفة وهتفت:-
, يبقي يلا نرقص
, _ أيقنت دينا أنه لا يوجد حمل بسبب رقص عنود مع صديقتها لكنها لم تشعر بالكفاية وأرادت التأكد بنفسها، استأذنت من زوجة عم هالة لتدخل المرحاض ثم تناولت الاختبار الملقي في سلة القمامة وبالفعل رأت علامة واحدة
, _ شعرت بالراحة التي انتزعت منها تدريجياً حين بدأت العلامة الثانية في التكوين، طالعته بأعين جاحظة حين اكتملت العلامة، شدت بقبضتها عليه بقوة ناهيك عن أسنانها التي كادت أن تفتك بهم بسبب كزها عليهم بغيظ عارم.
, _ ألقته مرة أخرى ثم خرجت وعينيها مصوبتان على تعيسة الحظ التي تتراقص وتتمايل دون علم بما يوجد في أحشائها.
, ألا عليها إخبارها؟ مستحيل لن تفعل ذلك أنها تخشى أن ترزق بذكر آخر، حسناً ستتصنع عدم معرفتها بالأمر وتتركها جاهلة به لربما تجهضه من فرط حركتها.
, _ ظهرت إبتسامة خبيثة على محياها، عادت إلى مكانها وعينيها لم ترفع من على عنود بتشفي لما تجهله.
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
٣


انتبهت على رنين الهاتف فأسرعت في إغلاق الموسيقى لتجيب على عزيزها الغالي، بدأن الفتيات في الهتاف بمزاح على تصرفها العفوي فمنهم من أصدرت صافرات بفمها وأخريات ألقين الدعابات مثل:
, **** يسهلوا
, أيوة بقا يا عروسة
, يا بخته
, ومنهن من أطلقت ضحكات بميوعة شديدة وهي تردد:
, كلها يوم وتبقوا مع بعض يا عريس مستعجل على إيه؟
, رمقتهن هالة بغيظ ثم انسحبت من بينهن وولجت لغرفتها، أوصدت الباب خلفها مانعة أي دخيلة من التطفل عليها ثم بنبرة حماسية حدثته:
, وحشتني يا يويا
, بلطاقة أردف يحيى:
, وأنتِ كمان، بتعملي إيه؟
, أخبرته هالة بما تفعله ساخرة:
, برقص هكون بعمل إيه يعني؟
, مازحها يحيى بقوله:
, طب ابقي سيبي لي شوية
, _ قهقهت هالة عالياً وأجابته بدلع:
, الدلع كله متقلقش
, _ حك يحيى مؤخرة رأسه ثم أردف:
, ماشي لما نشوف ؛ المهم ريان باعت واجبات وحلويات العربية كلها خمس دقايق اتلمي أنتِ وصحابك ومتظهريش لغاية ما يحطوا الحاجة ويمشوا، طنط اللي تقابلهم فاهمة!
, _ ابتهجت هالة من غيرته الواضحة ورددت بسعادة مبالغة:
, فاهمة
, _ صغت إلى رنين الباب فهتفت بتلهف:
, شكلهم وصلوا، اقفل لما ألحق البنات قبل ما يفتحوا، سلام
, _ أغلقت الهاتف وخرجت راكضة لكي تمنعهم من فتح الباب بتلك الحالة التي جميعهن عليها، لكنها لم تلحق بهن وقد فتحت إحداهن، تنهدت براحة حين رأتها هاجر شقيقة يحيى.
, _ تقوس ثغرها بإبتسامة تلقائية فور رؤيتها، اقتربت منها ورحبت بها بحفاوة شديدة ثم عاتبتها بلُطف:
, ما بدري لسه جاية يا هانم؟
, _ أخذت هاجر تضبط من أنفاسها المتهدجة ثم أردفت:
, أنتِ عارفة عندنا مدراس وحوارات، كويس إني جيت
, _ انضمت إليهم عنود ورحبت بها فلقد إشتاقت إليها كثيراً:
, وحشتيني يا جوجة أوي
, _ لكزتها هاجر بخفة في كتفها ورددت مستاءة:
, يا ندلة يلي معتيش بتسألي فيا
, _ زمت عنود شفتيها بندم وبندم قالت:
, انا كنت معتزلة العالم كله، بجد حالتي كانت حالة
, _ تدخلت هالة مانعة أي نقاش قد يطول الحديث به قائلة:
, لا مفيش النهاردة كلام فيه رقص وبس
, وجهت نظرها إلى هاجر وغمزت إليها بمرح:
, يلا ادخلي نقي لك بدلة رقص واخرجي
, كادت أن تعارضها هاجر إلا أن هالة منعت أي سبيل للرفض أمامها فاضطرت هاجر إلى الموافقة تحت ضغط هالة عليها، سارت نحو دينا حين لمحتها ورحبت بها وكذلك سألتها عن أحوالها ثم انسحبت إلى غرفة هالة لكي تبدل ثيابها.
, طُرق الباب مرة ثانية فلحقت هالة بهن قبل أن يفتحن معللة:
, استنوا، دا راجل
, صوبت نظرها إلى زوجة عمها وتابعت موضحة:
, طنط هيام ريان باعته لو سمحتي قابليه أنتِ
, _ أماءت لها هيام بقبول ثم انسحبن الفتيات إلى الغرفة واحدة تلو الاخرى حتى بات المكان خالياً إلا من والدة هالة والعاملين.
, _ انتهوا من وضع الوجبات ثم انصرفوا سريعاً، خرجن الفتيات وهللت إحداهن بمشاكسة:
, يحيا ريان أخو يحيى
, _ هتفت أخرى:
, هو اللي مدلعنا
, _ رددنا الأخريات خلفها عالياً:
, هو
, _ إنفجرن جميعهن ضاحكين ثم بدأت هالة في توزيع الوجبات عليهن بمساعدة عنود وهاجر بينما لم تبرح دينا مكانها وفضلت رمقهن باستحقار بدلاً عن مساعدتهن.
, _ انتبهت هالة لكيس بلاستيكي بعيداً عن بقية الوجبات، تفحصته جيداً فرأت إسم "عنود" مُدون على العُلبة، ابتسمت وبنبرة مرتفعة هللت:
, عنود دا فيه واجبة خاصة هنا ليكي
, _ أسرعت عنود نحوها بسعادة ثم تناولت عُلبتها فوجدت عُلبة أخرى مدون عليها إسم "دينا"، التفتت ولم تعيرها إهتمام بينما أخذتها هالة وقامت بإعطائها لدينا التي انعكست تقاسيمها حين شعرت بأن ريان قد تذكر عنود فقط، على الرغم من أنه لم ينساها وأحضر لها طعاماً صحياً كما اعتادت في الأوانِ الأخيرة إلا أن عينيها لم تُرفع من على عنود التي لم تفارق الإبتسامة شفتيها، تطالعها ببغض شديد لا تريد لها السعادة ؛ تتمنى زوالها من بين يديها، ربما ستشعر بالراحة إن اختفت تلك البسمة وتعكر صفوها وهذا لن يحدث دون أن تفعلها هي.
, _ بدأت في تناول طعامها سريعاً ثم نهضت من مقعدها، إلتقطت حقيبتها اليدوية ووجهت حديثها إلى زوجة عم هالة بأسف زائف:
, معلش بقا يا طنط لازم استأذن، أكيد ريان رجع الفيلا ولازم أكون هناك عشان لو أحتاج حاجة
, قابلتها الأخرى ببسمة لطيفة وبنبرة حنونة أردفت:
, لسه بدري يا بنتي، بس طلاما جوزك محتاجك مش هقدر أقولك حاجة، في رعاية ****
, _ أظهرت دينا ابتسامة لم تتعدى شفاها ثم ودعت هاجر وهالة وتابعت سيرها نحو الباب، توقفت حين أوقفتها عنود بحديثها:
, استني شوية ونمشي مع بعض
, _ قلبت دينا عينيها كما زمت شفتيها بتزمجر لكلمات عنود التي لم تأتي على هواها، سحبت نفساً ثم إستدارت إليها وبنبرة ساخرة ألقت حديثها:
, لا مش ضروري تروحي بدري، كده كده صلاحياتك منتهية النهاردة
, _ شكلت بسمة متهكمة على ثغرها ثم غادرت المنزل دون إضافة المزيد، لم تُرفع عيون ثلاثتهم من على باب الشقة بصدمة اعتلت وجوهم بسبب ردها الذي أفحهم ألسنتهم.
, _ نظرت هالة ومن ثم هاجر إلى عنود التي لم يصدر منها ردة فعل، لم يتفاجئوا بملامحها التي احتدت ومازالت عينيها مُعلقة على الباب حيث اختفت خلفه دينا.
, "سيبك منها ولايهمك"
, هتفت بهم هالة لعلها تصغي إليها، انتبهت عنود لها فطالعتها لبرهة ثم وجهت بصرها على الجميع فتفاجئت بأعينهن يخترقنها ناهيك عن الهمسات الجانبية التى تشكلت فور إلقاء دينا لكلماتها، على ما يبدوا أنهم يشرحون للبعض أنها زوجة ثانية!
, لم تتحمل نظراتهم وانسحبت بهدوء من بين الجميع وعادت إلى غرفة هالة التي تبعتها وكذلك هاجر، تفاجئت هالة بتبديل عنود لثيابها، أسرعت نحوها في محاولة منها على إيقافها مبررة الأمر:
, يا بنتي سيبك منها الموضوع مش مستاهل
, _ ابتلعت عنود ريقها ورددت وهي تتابع ارتدائها للثياب:
, مفيش حاجة يا هالة بس لازم امشي وبليز متضغطيش عليا
, _ أشارت هالة إلى هاجر بعينيها لتحاول هي الأخرى معها فتدخلت هاجر قائلة:
, أنا لسه جاية يا دودو هتسبيني وتمشي
, _ تبسمت لها عنود بخفة وقالت بهدوء:
, إحنا قعدنا مع بعض شوية حلوين تتعوض في الفرح
, حاولت هالة الضغط عليها فلحقت بها عنود قبل أن تردف كلماتها هباءً:
, Please,
, هالة سبيني أمشي
, _ تركت لها هالة الحرية حين رأت إصرارها على الذهاب فلم تحب أن تضغط عليها يكفي تلك البغيضة التي عكرت صفو اليوم، انسحبت هالة إلى الخارج بحزن قد تشكل على تعابيرها فلقد فقدت شهيتها في مواصلة اليوم بينما مكثت هاجر برفقة عنود التي انتهت للتو من تبديل ثيابها وهاتفت سائقها وأخبرته أن يأتي في أقرب وقت.
, "لسه متعودتيش؟"
, بتردد سألتها هاجر خشية أن تحزنها، تنهدت عنود بحرارة ثم جلست إلى جوارها وأجابتها بنبرة مستاءة:
, لو عليها فاتعودت على تصرفاتها، لكن نظرة الناس اللي لسه متعودتش عليها ومش قادرة أتخطاها، كون إني أقابل ناس مختلفة بنفس النظرات والتُهم اللي بتتوجه لي في عيونهم والمفروض عليا أتغاضى كل مرة صعب فبقيت بهرب ودا الحل اللي قدامي!!
, أخفضت هاجر بصرها بشفقة ثم قالت وهي على نفس وضعها:
, و**** أنتوا الاتنين وضعكم صعب لا يحسد عليه
, _ أغلقت عنود عينيها لبرهة ثم هتفت بتهكم:
, ودا اللي بيخليني أعدي ليها، عشان زي ما أنا بغير على ريان أكيد هي زيي، بس الموضوع مش سهل برده أنا مش بعمل مشاكل ولا بحاول أحاربها زي ما هي بتعمل ودا بيأثر على نفسيتي إني باجي على نفسي طول الوقت أنا لولا ريان وتمسكه بيا كنت مشيت من زمان أوي.
, _ انتبهت عنود لرنين الهاتف وإذا به سائقها، نهضت عن مقعدها وودعت هاجر قائلة:
, السواق جه أشوفك بكرة
, _ ودعن بعضهن ثم غادرت عنود بعد أن ودعت بقية الفتيات، استقلت في السيارة وأمرت السائق بالعودة إلى الفيلا على مضضٍ
, ٣٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, بعد مدة، صف السائق السيارة أمام باب الفيلا وانتظر ترجل عنود لكنها لم تفعل، التفت برأسه ليعلم ما الأمر فإذا بها شاردة ولا تنتبه لوجهتهم.
, أصدر صوت عالٍ لكي يجذب انتباهها وقال بعملية:
, وصلنا يا باشمهندسة
, انتبهت له عنود وطالعته بغرابة فأعاد السائق تكرار ما قاله للتو:
, وصلنا..
, _ رمقت عنود المكان من حولها بتعجب، فلم تشعر بالوقت الذي مر، أخرجت تنهيدة بتمهل ثم سحبت حقيبتها وترجلت من السيارة، استقبلها صغيرها بالعناق الحار:
, نود
, جست عنود على ركبيتها ورحبت به في حضنها فتبادلا عناق دافئ كان كليهما بحاجة إليه، حملته بين ذراعيها وتابعت سيرها للداخل، أشار لها الصغير بيده على الحديقة الخلفية مردداً بإصرار:
, بولين، بولين
, قطبت عنود جبينها فهذا ليس بوقت لعب الآن، أزفرت أنفاسها بملل ورددت مستاءة:
, ترامبولين إيه دلوقتي يا تميم أنت يدوب تنام
, _ صاح بها الصغير غاضباً:
, No sleep، بولين
, قلبت عينيها بضجر لكونه مُصراً إلى ذاك الحد، ولم يكن أمامها سوى الخروج إلى الحديقة والإقتراب من اللعبة التي تريد تجربتها، رافقته داخلها لكنها فضلت الجلوس بينما تشاهده يقفز لكنه كان له رأي آخر.
, أمسك بيدها وظل يُشد عليها يريدها أن تشاركه المرح، رمقته عنود بنظرات متعبة وبنبرة مرهقة هتفت:
, يا تميم ألعب أنت،
, I don't want to play ( لا أريد اللعب )
, بعينين لا تسمح للنقاش ونبرة آمرة صاح تميم:
, Play mom
, ضاقت عنود ببندقتيها عليه ولبت أمره على الرغم من عدم تقبلها لعمل أي شيئ في تلك الأثناء، انتبهوا بعد مدة على حضور سيارة ريان، هرول الصغير إلى شِباك اللعبة وهتف بسعادة:
, بابي
, _ ترجل ريان من سيارته وتوجه نحوهم مباشرةً مشكلاً بسمة عذبة على محياه، ساعد تميم على النزول ثم وضع كلتى يديه في منتصف خِصر عنود وقام بإنزالها بحذر وتسائل بفضول:
, بتعملوا ايه هنا متأخر كدا
, _ صوبت عنود بصرها تلقائياً على تميم وأجابته موضحة:
, استاذ تميم بقا بيأمرني كمان!!
, _ قهقه ريان عالياً ثم انحنى عليه وردد بفخر:
, أيوة كدا خليك راجل، إبن أبوك يالا جدع
, _ رفعت عنود حاجبيها بغيظ ورددت:
, و**** بجد!
, _ عاد ريان لوقفته وغمز إليها بتعالي:
, إحنا رجالة أوي على فكرة
, كادت أن ترد عليه لكن قاطعة الملذات كما تلقبها عنود انضمت إليهم، قبلت ريان من وجنته مرحبة به:
, حمد**** على سلامتك يا حبيبي
, _ تعجب ريان من هدوء أسلوبها وتحول تعاملها معه فلم تكن هكذا في الصباح، تنهد وأجابها:
, **** يسلمك، البنات فين؟
, _ ناموا من بدري
, _ ظهرت إبتسامة متهكمة على شفتي ريان، فهي تتحجج دوماً بعدم انتظام نومهم إلا في الأيام الخاصة بهما، لم يعقب وتوجه إلى الداخل برفقة تميم بينما تبعته دينا وخلفهما عنود التي تعمدت التمهل في حركتها لكي لا تختلط بها.
, جذب انتباه الجميع رنين هاتف عنود، سحبته من حقيبتها ورددت بعفوية:
, دي هالة
, أجابت على الفور ولم تنتظر:
, لحقت أوحشك؟
, صغت عنود إلى ما تخبرها به هالة، انعكست تقاسميها بغرابة ثم إلى الذهول تحت نظرات ريان ودينا عليها، بعد دقائق مرت دون نطق عنود لشيئ أغلقت الهاتف وأعادته في حقيبتها ووجهت نظرها إلى ريان وبنبرة هادئة تماماً أردفت:
, انا حامل!
, صعقت دينا مما قالته، فلم تعلم أنها ستعلم بتلك السرعة بينما تفاجئ ريان بهذا الخبر السار واقترب منها مرددا بعدم استعياب بعد:
, دا بجد؟
, _ بذهول تام مرسوم على تقاسيم عنود أكدت له:
, أيوة عملت اختبار حمل هناك وظهر إني حامل
, _ إلتوى ثغر ريان بإبتسامة عريضة مشرقة، عانقها بحب وبارك لها في سعادة بالغة:
, مبروك يا حبيبتي
, "مبروك علينا يا حبيبي"
, _ هتفت بهم عنود معدلة على حديثه بينما تدخلت دينا بنبرة حادة قاسية:
, كنتي عارفة إنك كامل وقعدتي ترقصي طول الوقت والوقتي كنتي بتتنططي على الترامبولين!!
, وزعت أنظارهت بينهم وواصلت خُبثها:
, معتيش عايزة عيال من ريان تاني ولا إيه؟
, _ الصدمة دون غيرها حلت على وجه عنود، ماذا تهذي هذه حباً في ****، بأعين جاحظة ونبرة غير سامحة للنقاش هتفت عنود بحدة:
, ايه اللي أنتِ بتقوليه دا؟
, وجهت عنود بصرها على ريان الذي لا يدافع عنها كعادته ربما تستشف أي شيئ من وراء تعابيره لكنه كان جامداً خالياً من المشاعر، لا يعلم أي شعور انتبابه لحظتها لكنه ربط بين كلمات دينا وطلب عنود للطلاق منه، لم يتعمد الترابط بينهما لكنه شعر بالضيق يجتاحه وظل يطالع عنود موحياً إليها بإشارات معاتبة دون حديث.
, حركت عنود رأسها يميناً ويساراً مستنكرة أنه صدق كلمات تلك الحقيرة، لن تصمت هذه المرة فلتكف عن سخافتها التي لا تنتهي، انفعلت عنود فلقد بلغت ذروة تحملها وصاحت غاضبة:
, أنا اللي مش عايز أحمل ولا أنتِ اللي مش عايزة الحمل يتم!! أنتِ بنفسك شوفتي الإختبار لما الشرطتين اكتملوا ومتعبتيش نفسك إنك تعرفيني ومتحاوليش تنكري عشان مرات عم هالة بنفسها اللي شافتك!
, _ أفحمتها عنود بحديثها وألجمت لسانها فلم تعرف للإجابة سبيل، وجهت عنود بصرها على ريان وبخذي واضح رددت:
, مكنتش أعرف إن الثقة معدومة بينا للدرجة دي!
, _ حملت الصغير بين يديها ثم أولاته ظهرها وصعدت للأعلى ناهية الحوار، لكن هناك شيئ ما قد كُسر داخلها تكاد تجزم بأنها استمعت إلى خاطرها الذي كُسر وتحطم.
, أوصدت باب غرفة تميم لكي تمنعه من محاولاته التي لن تجدي نفعاً معها، وقفت خلف الباب محاولة السيطرة على عبراتها لكنها لم تنجح وسقطت بعض العبرات على مقلتيها بحزن شديد قد سكن قلبها.
, ٣٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, شعر ريان لوهلة بمدى غبائه، لقد صدق عنها ما ليس فيها، أغلق عينيه لبرهة يكظم غضبه داخله حتى لا يقلب المكان رأساً على عِقب، شعر بالنفور الشديد لهذا المكان الذي لم يعد فيه سوى المشاكل التي لا يظهر ميعاد نهايتها بعد.
, هرب من المكان سريعاً وقاد سيارته مبتعداً عن الفيلا وأجوائها المشحونة، بينما ظلت دينا مكانها لا تستطيع الحركة، فلم يكن الحظ حليفها تلك المرة، لم يمر دهائها كما رتبت له بل انقلب ضدها، حركت ساقها بصعوبة ثم صعدت للأعلى وكلمات عنود تتردد في عقلها كما تزيدها حُنقاً منها.
, دلفت لغرفتها وألقت بجسدها على الفراش الذي سيبيت وحيداً تلك الليلة بفضلها، أوصدت عينيها لاعنة سذاجتها ثم حاولت النعاس بقدر المستطاع حتى لا تفكر كثيراً فى الأمر وتزداد ضيقاً.
, لم يشعر ريان بنفسه سوى وهو يصف سيارته في منطقته الحبيبة أسفل البناية التي تعود إليهم، استقل المصعد الكهربي وضغط زر الطابق الأول
, _ فتح الباب بمفتاحه فتفاجئ بالهدوء الذي يسكن المكان، أدلف بخطاه باحثاً عن ساكني المنزل فإذا بصوت والده يصدر من غرفته وهو يصلي قيامه.
, _ ولج ريان للغرقة وجلس أعلى الفراش في إنتظار تسليم والده من الصلاة، بعد دقائق معدودة كان قد انتهى ماهر من صلاته، التفت برأسه حيث الصوت الذي سمعه من برهة وردد:
, بقالك كتير أوي مجتش هنا متأخر كدا؟
, _ ابتسم له ريان ثم اقترب منه وجلس القرفصاء أمامه، تنهد بتعب وهتف مازحاً:
, أنت شكلك كدا بتضحك علينا ومفهمنا أنك مش شايف!
, _ قهقه ماهر عالياً وأردف من بين ضحكاته:
, مش عايزني أعرف ولادي كمان؟
, كل واحد ليه ريحة غير التاني، دخلة وطلة مختلفة، كل واحد منكم له أسلوبه اللي بعرفه بيه
, _ ربت ريان على فخذه وقال بحنو:
, **** يبارك في عمرك يارب، أومال فين هاني ويحيي؟
, _ أخبره ماهر بمكانهم بنبرة هادئة:
, فوق بيتمموا على الشقة يا حبيبي اطلع لهم
, _ أماء له ريان بقبول ثم أنتبه لسؤال والده:
, مش هتقول إيه اللي مضايقك؟
, _ تعجب ريان من سؤاله وقابله بسؤال آخر:
, أنت عرفت منين؟
, _ حرك ماهر رأسه مستنكراً سذاجة ريان وأعاد ما قاله للتو:
, ما قولت حافظكم قولي بقا مين فيهم اللي ضايقتك المرة دي؟
, ارتفعت ضحكات ريان فوالده على علم بشتى الأمور ولا داعي لأن يشرح تفاصيل دقيقة للمشكلة لربما يكون على علم بها أيضاً، أزفر أنفاسه وبمزاح قال:
, يعني جت على دي ومش عارفها يا حاج؟
, _ لكزه ماهر في ذراعه بخفة وباستخفاف للأمر هتف:
, هيكون إيه يعني غير غيرة ستات!!
, أصاب ماهر تلك المرة كسابق مراته، أخرج ريان تنهيدة مهمومة وقال:
, آه من الغيرة والقرف
, _ بدأ يقص عليه مقتطفات مما يعيشه معهم فكان رد والده كالتالي:
, افصل بينهم يابني، خلي كل واحدة في بيت هترتاح
, _ كنت فاكر إنهم لما يعيشوا في بيت واحد هخلي علاقتهم تقوى، وقعدت سنين غفلان على اللى جواهم لحد ما طلع بسواد من دينا وقلب بطلاق مع عنود
, _ الحل زي ما قولتلك افصل بينهم، مفيش ست هتتقبل تشوف راجلها مع ست غيرها، أنت كنت غلطان من البداية لما عيشتهم في بيت واحد، الغيرة ملت قلوبهم وكله طلع عليك في الآخر
, _ بإرهاق واضح في نبرته هتف:
, هفكر في كدا إن شاء ****، هقوم اطلع ليحيى يمكن يكون محتاج حاجة
, _ ساعد والده على النهوض ثم استأذن وغادر المنزل وتابع صعوده للطابق الرابع حيث شقة يحيى، لم يتعب في رن الجرس فكان الباب مفتوحاً، حمحم قبل دخوله لكي ينوه عن وجوده.
, _ ابتهج يحيى برؤيته وكذلك هاني ورحبوا بيه بحفاوة، هلل يحيى عالياً حين علم منه أنه سيقضي الليلة معهم:
, إذا كان كدا نطلب عشا السهرة طويلة
, _ أسرع ريان في إبداء رفضه:
, لا بلاش انا متعملش حسابي مش جعان
, _ رفض يحيى أي اعتراض منهم معللاً:
, لا بقولكم ايه انا بودع عزوبيتي النهاردة يعني لازم نسهر ونعمل أي حاجة كدا
, _ ضحكوا على أسلوبه ووافقوه فيما يريد فعله، طلب لهم يحيى عشاء فاخر وكذلك من الحلويات أصناف مختلفة ولم ينسي المياه الغازية المفضلة لكلاً منهم.
, _ تلقى مكالمة من قِبل هالة فور إنتهائه من طلبه للطعام فأجاب بتلهف:
, حبيبي لسه صاحية؟
, _ أجابته بنعاس:
, هموت وأنام بس مش قادرة يا يحىي بطني بتوجعني ومتوترة أوي
, _ أخفض يحيى من نبرته وهمس لها بمكر:
, متوترة ليه بس ده انا حتى حنين أوي
, _ أغلقت هالة المكالمة فتفاجئ يحيى من فعلتها وأعاد مهاتفتها وردد بإقتضاب:
, لولا إن فرحنا بكرة ومينفعش عكننة كنت زعلتك، يلا اقفلي بقا عشان اخواتي معايا سلام
, _ لحقت به هالة قبل أن يغلق:
, إخواتك مين؟
, _ بنبرة مستاءة أجابها:
, هاني وريان هيكونوا مين يعني؟
, "ريان!! بيعمل ايه عندك في وقت زي دا؟"
, هتفت بهم هالة متسائلة، رد عليها يحيى بتهكم:
, أكيد مش هسأله جاي ليه في وقت زي دا يعني
, _ وضحت له هالة سبب سؤالها:
, شكلهم كدا مسكوا في بعض بعد اللي حصل!
, _ قطب يحيى جبينه بغرابة وسألها بفضول:
, هو إيه اللي حصل؟
, _ تنهدت هالة ثم أخبرته ما حدث كاملاً، حرك الآخر رأسه بتفهم ثم قال:
, **** أعلم إيه اللي حصل
, أنتبه يحيى لرنين عامل التوصيل عليه فأنهى معها المكالمة حتى يجيب عليه، أخبره العامل بوقوفه أسفل البناية فهبط إليه يحيى فور علمه بوصوله وأخذ منه الطلبات ثم عاد إلى أشقائه مرة أخرى.
, قضي ثلاثتهم وقتاً ممتعاً تناولوا فيه الطعام الشهي ولم يكفوا عن الثرثرة والضحك، ناهيك عن ذكرياتهم التي حضرت في أذهانهم حينها ولم يُغلَق فاههم من فرط الضحك.
, انعكست حالة ريان تماماً عن وقت مجيئه، شعر بالهدوء داخله وتبخُر حزنه كأنه لم يحدث، انسحب من بينهم وتوجه نحو الشرفة التي تتوسط المنزل وهاتف صغيرته الحبيبة.
, لم تدعه ينتظر كثيراً وأجابته بصوت متحشرج حتماً لم تتوقف عن البكاء، تنهد ريان قبل أن يردف بنبرته الرخيمة:
, متزعليش أنا آسف، انا غلطت حقك عليا
, _ جهشت عنود باكية فتابع ريان متوسلاً:
, بلاش عياط عشان خاطري، اهدي كدا وردي عليا
, حاولت تهدئة روعها ورددت قائلة:
, نعم؟
, "بحبك"
, صرح بحبه لعله يصلح ما اقترفه في حقها وكما توقع ردها تماماً:
, وأنا كمان بحبك
, _ تسامروا لبضعة من الوقت قد نجح فيهم ريان بمصالحتها ثم أخبرها بمكوثه تلك الليلة في منزل والده، لم تمانع هي فهما بحاجة إلى هُدنة يعيدان فيها حساباتهم أولاً.
, عاد ريان إلى أشقائه بمزاج سوي قد لاحظه يحيي وكذلك هاني لكنهما لم يعقبَ، واصلوا سهرتهم المليئة بالمرح والضحك وإعادة الذكريات وكانت الأجواء مشحونة بطاقة إيجابية على الجميع.
, ٣٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, صباحاً،
, استيقظ يحيى على رنين هاتفه، فرك عينيه بكسل، طقطق عنقه ثم أجاب بصوت ناعس:
, إيه يا حبيبي
, "أنت فين يا يحيى؟ اتاخرنا يا يحيى"
, انتفض ريان وهاني مذعورين بسبب نبرة هالة الغاضبة، تبادلا الإخوة النظرات ثم انفجر هاني وريان ضاحكين على حالة يحيى التي لا يرثى لها.
, _ أغتاظ يحيى من ضحكهم ثم انسحب من بينهم وابتعد عنهم قدر المستطاع لكي يلقن تلك الفتاة درساً، صاح بها يحيى متذمراً:
, ايه يا هالة اخواتي صحوا بسبب صوتك يا هالة براحة شوية
, _ "شوف كدا الساعة كام وبعدين اتكلم"
, أبعد يحيى الهاتف عن أذنه ليعلم كم الساعة، شهق حين رآها الحادية عشر صباحاً ومن المفترض أن ميعادهم في الفندق التاسعة صباحاً، أعاد وضع الهاتف على أذنه وهتف بنبرة سريعة:-
, اقفلي جاي لك حالاً
, _ أنهى المكالمة ثم هرول نحو أشقائه وهو ملهوفاً على الذهاب:
, أنا اتاخرت على معاد الفندق همشي أنا حصلوني ومحدش يتأخر عليا
, _ التقط مفاتيح سيارته من على الكومود ثم ترجل سريعاً إلى أن وصل إلى سيارته الذي تحرك بها متجهاً إلى هالة لكي يصطحبها إلى الفندق المُقام فيه الزفاف.
, تثائب ريان ولازال أثر النُعاس مسيطر عليه، وقع بصره على هاني وتذكر وقوفه مع إبنة عم أبيهم وبالتأكيد لن يرمق الفرصة من تحت يديه ولن يصمت قبل أن يكون مُلِم بكل شيئ.
, " بس إيه حوار دعاء دا؟"
, هتف بهم ريان بمكر أخوي، ذُهل هاني من معرفته بالأمر وحاول نفيه بحرج:
, دعاء!! مالها؟
, _ غمز إليه ريان وتابع حديثه بنفس نبرته الماكرة:
, الحارة كلها عارفة مقابلاتكم وبيتكلموا٣ نقطة
, _ قاطعه هاني بحُنق:
, قطع لسان اللي يتكلم عليها كلمة كدا ولا كدا
, _ صمت هاني حين لاحظ ثورته المبالغة التي أثبتت الأمر عليه، أخفض بصره بحرج فحاول ريان التخفيف من عليه بقوله:
, يا سيدي مالك خدتها على صدرك أوي، محدش يقدر يتكلم أصلا انا قولت كدا عشان أشوف رد فعلك وأديني شوفت وعرفت اللي فيها كمان
, _ اقترب ريان منه وهمس بخبث:
, هنسمع الزغاريط امتى طيب؟
, _ رفع هاني بصره عليه ولم يكن هناك مفر يهرب إليه، لماذا الهرب إذاً هو في الأساس بحاجة إلى التحدث مع أحدهم لعله يُفِهمِهُ لخبطة عقله الحادثة.
, حمحم بإرتباك خجِل قبل أن يوضح له حقيقة مشاعره:
, الموضوع معقد أوي بس من نحيتي أنا بس، يعني أنا شايف القبول عندها من زمان أوي ويمكن زيارتها لعمها كترت عشان أتكلم وأقولها حاجة، بس أنا مش عارف، خايف إنها تطلع زي..
, _ لم يستطيع نُطق إسمها فعقب ريان على تشبيه:
, دي لا زيها لا من قريب ولا بعيد، دعاء محترمة ومتربية وكفاية إنها بتشتغل وبتعتمد على نفسها يعني بـ ١٠٠ راجل ووقت ما تطلب منها تقعد مش هتتردد لأنها شقت وهتبقى عايزة ترتاح وتعيش لبنتها وجوزها وبس، خد الخطوة ومتقلقش أنا وراك
, _ ظهرت إبتسامة خجولة على محيا هاني، ربت على قدم أخيه ثم تنهد وحاول توضيح صعوبة الأمر:
, الموضوع مش سهل كدا، دي فيها ترتيبات كتيرة وأنا بصراحة حاسس إني مش عارف أبدأ إزاي
, _ وضع ريان يده على يد شقيقه ليكون له عوناً وقال بحماس:
, جهز نفسك أنت بس وسيب كل حاجة عليا متقلقش
, _ عقد هاني ما بين حاجبيها متعجباً من كلماته المبهمة فلم يفهم منها شيئاً وسأله في فضول:
, أجهز نفسي إزاي؟
, _ ضحك ريان وأوضح له ما يقصده:
, يعني جهز نفسك يا عريس، شوف العرسان بيجهزوا إزاي واعمل زيهم والباقي كله سيبه عليا، هيأ نفسك إنك عريس ودا كل اللي أنا عايزه
, _ نهض ريان عن مقعده وردد وهو يبتعد عنه:
, هالة لو جت شافتنا وإحنا مبهدلين الشقة كدا هتقتل يحيى، قوم نظبط المكان قبل ما ننزل
, بالفعل نهض هاني وساعد ريان على جمع ما استعملوه البارحة حتى عاد المكان نظيفاً وأفضل مما كان عليه، استأذن ريان للمغادرة فهو يريد عمل فحص طبي سريع لعنود قبل أن يصطحبهم إلى الفندق.
, عاد إلى الفيلا ودخلها بخطوات مهرولة فالوقت ليس في صالحهم، قابلته دينا على السُلم وأرادات التحدث معه قائلة:
, ريان عايزة أتكلم معاك
, _ أجابها بإقتضاب دون أن يتوقف عن صعوده للأدراج:
, مش الوقتي، الفرح يخلص الأول وأكيد هنتكلم بعدها
, توجه إلى غرفة عنود مباشرةً مما زادها غضباً منه، اختفى طيفه خلف باب الغرفة وظلت هي واقفة مكانها تطالعه بغيظ، وأخيراً حركت قدميها وعادت إلى غرفتها لتحضر مستلزماتها التي ستحتاج إليها في الفندق.
, _ داخل الغرفة، لم يكن لها أثراً في الأرجاء، كاد أن يعود للخارج إلا أنه تريث حين صغى لصوت فتح باب المرحاض، تفاجئت عنود بوجوده أمامها، رسمت إبتسامة عفوية فور رؤيته.
, بنبرة ملهوفة حثها ريان على الإسراع:
, البسي بسرعة هنروح نطمن عليكي قبل ما نروح الفندق
, _ خلينا بكرة أحسن لما٤ نقطة
, هتفت بهم بينما قاطعها هو بقوله:
, لا نعمل فحص الأول عشان أبقى مطمن لو اتحركتي، وبعدين مضعيش وقت ويلا
, إمتثلت عنود لما يريد وبدلت ثيابها في وقت قياسي ثم خرجت معه ومنه إلى الطبيبة الخاصة بها..
, بعد فحص كامل أجرته الطبيبة لها نظرت إلى عنود باستغراب شديد، تعجبت الأخرى من نظراتها وتسائلت بقلق:
, في حاجة يا دكتور؟ ولا الحمل مش باين؟ أكيد هتقوليلي اعملي تحليل ددمم زي في تميم كدا صح؟
, "تحليل ددمم إيه؟ حضرتك في الرابع ازاي مش حاسة بدا؟"
, أردفتهم الطبيبة بنبرة مستاءة من تهوينها للأمر بينما ذُهلت عنود وكذلك ريان لم أقل منها ذهولاً، تدخل ريان متسائلاً:
, في الرابع إزاي؟ وإزاي محستش؟
, _ تراجعت الطبيبة برأسها للخلف ونظرت إليه وهي ترفع كتفيها:
, الأسئلة دي تسئلها للمدام مش ليا!
, _ حاولت عنود شرح الأمر لهم:
, انا بجد محستش، انا الفترة اللي فاتت دي كنت في حالة اكتئاب وخمنت إن الهرمونات عندي ملخبطة بسبب نفسيتي بس متوقعتش أبدا أنه يكون حمل!!
, وزعت أنظارها بينهم وتابعت ما لم تنهيه بدهشة مُشكلة على تقاسيمها:
, يعني كل اللي فات دا كان بسبب الحمل مكنش اكتئاب بالمعني الفعلي!!
, _ أوصدت عينيها لبرهة تهضم الأحداث الجديدة، انتبهت لصوت الطبيبة وهي تقول:
, الحمل كويس الحمد****، حابين تعرفوا النوع؟
, _ تبادلا ريان وعنود النظرات، مزيج من اللهفة والسعادة ظاهران في عينيهم استشفته الطبيبة ولم تطيل عليهم إخفاء جنس الجنين وقالت بنبرة عملية:
 
٤


"ولد"
, لم يتوقف ريان عن ترديد تلك الكلمة بسعادة واضحة لعنود التي سألته في فضول من أمره:
, شيفاك مبسوط أوي إنه ولد؟!
, _ "أوي اوي فوق ما تتخيلي"
, أجاب بهم على سؤالها فقطبت عنود جبينها وهتفت بحُنق:
, بس أنا كان نفسي في بنوتة أوي أنا بحب البنات ا..
, _ توقفت عن الحديث والتفتت برأسها حيث يجلس هو أمام طارة مقوده وتابعت قائلة:
, إوعى تكون من الناس اللي بتميل للولاد أكتر!
, _ رمقها ريان بنظرات متهكمة وردد مستاءً:
, لا طبعاً أنا مش تافه كدا، البنات والولاد رزق وأنا **** رزقني بالنوعين، بس فرحتي أن البيبي هيكون ولد له أسباب كتيرة، أولهم إنه هيكون مع تميم سند وضهر لاخواتهم البنات، عندك هاجر مثلاً حد يقدر يرمش بس بعينه ليها؟! مستحيل عشان عارفين كويس إحنا ممكن نعمل إيه، فأنا عايز بناتي يتعززوا ويتخاف منهم عشان ليهم ضهر!
, _ لن تنكر أن حبه يزداد داخل قلبها من خلف تصرفاته وأقواله المأثورة، حكمته ووزنه للأمور تثير إعجابها كثيراً، تقوس ثغرها ببسمة عذبة وهي مازالت تطالعه ثم هتفت متسائلة:
, وبقيت الأسباب؟
, أخبرها عن بقية أسبابه قائلاً:
, مش عايز الإسم والمكانة اللي وصلت ليها في تجارة الخشب تنتهي كدا، عايزها تدوم ودا مش هيحصل غير بيهم، بكرة يكبروا ويديروا كل حاجة ويمكن يكبروا الشغل كمان حاجات كدا مينفعش ليها غير رجالة، البنات هتدرس ولما تمسك وظيفة تبقي دكتورة أو مهندسة وغيرهم حسب هما حابين إيه لكن أكيد مش هيقفوا وسط ورش وصنايعية يديروا الشغل
, _ مال برأسه نحوها وسألها بمرح:
, فهمتي؟
, _ أماءت له بتفهم ثم انتبهت لوصولهم إلى الفندق، تعجبت من وجودهم هنا وبغرابة ألقت سؤالها:
, إحنا جينا هنا ليه؟ مش هناخد تميم وحاجتي من الفيلا الأول
, _ غمز إليها بخبث وقال:
, السواق هيجيب كل حاجة بس فيه حاجة لازم أعملها الأول قبل ما حد يجي
, _ عقدت ما بين حاجبيها وسألته بفضول أنثوي عن ما يقصده:
, حاجة إيه؟
, "تعالي معايا وأنتِ تعرفي"
, أردفهم ريان بحماس شديد في نبرته ثم ترجل من سيارته وكذلك هي، اصطحبها إلى الداخل ثم وقف يحجز غرفة خاصة لتحظى بليلة زفاف آخر.
, أخذ مفتاح الجناح النسوي الذي قام بحجزه من أجل زوجاته وشقيقته وصعد إليه برفقة عنود التي لم ترحب بتصرفه التي قام به للتو:
, يعني إيه تحجز أوضة وأنت مش عارف إذا كان الموضوع هيتم ولا لأ؟
, _ فتح باب الغرفة بالمفتاح وأجابها بثقة:
, هيتم وهتشوفي..
, _ توقفت عن السير ووضعت كلتى يدها في منتصف خِصرها وهتفت بتهكم:
, إيه الثقة دي؟ أنت كمان هتدخل في٣ نقطة
, _ صمتت فجاءة حين فاجئها ريان بقُبلته، لكزته في صدره بقوة إثر ذعرها من تصرفه فلم يستسلم بسهولة، حاولت التملص من بين يديه بمرح لكنه أغلق جميع السُبل أمامها، ابتعد عنها حين شعر بأنه قد بالغ فيما يفعله..
, قابلها بإبتسامة عريضة حين رأى احتقان وجهها من الغضب، لم يروق لها تلك الإبتسامة المبهمة التي غزت شفتيه فجاءة ناهيك عن نظره الذي لم يُرفع عنها، أبعدته عنها بكامل قواها وتوجهت نحو المرآة التي تتوسط الغرفة.
, شهقت بصدمة حين رأت بعض العلامات لازال أثرها لم يختفي، رمقت صورته المنعكسة في المرآة بنظرات مشتعلة ثم إستدارت بجسدها وهرولت نحوه لكنه لم يتوقف لها، أسرع نحو هدفه المقصود، شعرت عنود بانتصارها عليه ظناً منها أنه فشل في مواصلة الهروب.
, لكن هيهات لعينين الصقر الذي يترصدان لوصول فريسته بفروغ صبر، جائته بقدميها فتفاجئت به يلفها ويعانقها بحُب فأسرعت محذرة:
, ريان حد يجي..
, "ششش متجبيش سيرة حد"
, همس بهم أمام أذنها فسبب لها القشعريرة في ثائر بدنها، التفتت بجسدها إليه فأسبل ريان في عينيها موسماً بها لوقت قبل أن يردف:
, وحشتيني
, _ ابتسمت برقة وبدلال قالت:
, ما أنا معاك على طول
, _ بنبرة تائهة أردف:
, مبشبعش منك، ياريت اليوم كله جنبك ومعاكي
, _ ابتسمت بعذوبة وحلقت معه في سمائهم الخاصة، بعد مرور بعض الوقت كانت تسير بأناملها على صدره بحركات دائرية تسببت في نعاسه.
, _ انتبهت إلى رنين هاتف الغرفة حتماً موظفى الإستقبال، أجابت بنبرة خافتة لكي لا تزعج ريان:
, أيوة..
, _ أخبرها العامل بوجود إمرأة تُدعى دينا زوجة ريان وتريد الصعود إليهم، لا تعلم أي شعور أصابها لكن فكرةٍ ما رادوتها حينها وعزمت على فعلها لربما تشعر بالقليل من التحسُن.
, أخبرته بأن يأذن لصعودها ثم نهضت هي ووقفت أمام المرآة تفسد خصلاتها المرتبة لتكون أكثر إثارة، وضعت قليلاً من أحمر الشفاه ثم مسحت بيدها على فمها فبات فمها ملطخ باللون، مسحت يدها سريعاً لتكتمل خطتها الداهية.
, صغت إلى طرقات الباب فأسرعت نحوه، سحبت نفساً لكي تواصل ما نوت على فعله لكن عقلها يهاجمها فلم تكن بتلك السذاجة من قبل ما الذي حدث الآن، تُقدم يد وتأخر الأخرى تضاد قوي في عقلها بين مواصلة فكرتها وبين الرجوع عنها.
, _ كادت أن تتراجع إلا أنها تفاجئت بيد ريان التي تبعدها ثم قام هو بفتح الباب، تفاجئ بوجود دينا فلقد أخبر موظف الاستقبال أن عليه إخباره أولاً بالحضور قبل صعودهم، صعقت دينا حين رأته على تلك الحالة الغير مهندمة لكنها لم تعقب، حمحم ريان في حرج واستقبلها بلُطف:
, اتفضلي
, _ وضعت أولى خطواتها في الغرفة فتفاجئت بهرولة عنود من خلف ريان على حالة مريبة، تُحكِم من توصيد روبها جيداً بيدها وفي ثوانٍ قليلة قد اختفت من أمامهم داخل المرحاض
, _ حتماً هناك تصرف دنيئ وقح قد حدث هنا بينهما، التفتت برأسها حيث يقف ريان وأردفت بحدة قاسية في نبرتها:
, كنت ممكن تتكلم وتقول إن الوقت مش مناسب أجي فيه!!
, قطب جبينه بغرابة من أمر حديثها المبهم وسألها مستفسراً:
, ايه اللي مش مناسب؟ مش فاهم
, _ ابتلعت ريقها وحدقت به لوقت كأنها تشير إلى شيئ ما يجهله هو، وأخيراً أنتبه ريان على حالتها التي يقف بها، توجه نحو الفراش والتقط بنطاله وقميصه وقام بإرتدائهم سريعاً، حمحم ثم حاول الهروب من أمامها بقوله:
, هروح أشوف يحيى وصل لإيه
, _ اختفى من أمامها لكنها لم ترفع بصرها من على نقطة اختفائه، انتبهت على صوت إبنتها الكُبرى وهي تقول:
, مامي هنلبس امتى؟
, _ بغضب بالغ صاحت بها بإندفاع:
, معرفش، ابعدي عني الوقتي
, _ زمت جنى شفتيها بحزن مصحوب بالحرج من أسلوبها الفظ ثم انسحبت من أمامها وجلست في إحدى زوايا الغرفة كذلك رافقتها جويرية حين رأت مزاج والدتها غير السوي في تلك الأثناء فلا تريد جزءًا هي الأخرى من غضبها.
, خرجت عنود من المرحاض محاوطة جسدها بالمنشفة الخاصة للجناح، بحثت عن ريان بعينيها سريعاً فلم تجده، انتابها شعور الخذي حينذاك وكأنه تركها بمفردها في معركة ما، حتماً معركة ستُخلق إن وقفت أمام دينا ثانية أخرى.
, هربت بنظرها بعيداً فوقع على الفتيات وبتردد سألت:
, بابي فين يا جنى؟
, أجابتها باختصار:
, خرج معرفش راح فين..
, _ أومأت عنود بتفهم ثم بحثت عن هاتفها المحمول وقامت بالإتصال به سريعاً، إرتخت ملامحها بتهكم حين صغت إلى رنين هاتفه في الغرفة.
, _ تأففت بضجر حاولت إخفائه لكنه سرعان ما اختفى من على تقاسيها حين رأت عودة ريان الذي قال معللاً عودته:
, نسيت موبايلي
, بفتور شديد تدخلت دينا قائلة:
, أنت فاكر حاجة أصلاً
, لم يعقب على ما قالته وتوجه للداخل ليلتقط هاتفه، غمز إلي صغاره فتبسمن في صمت، لحقت به عنود قبل أن يخرج هامسة:
, حاجتي هتيجي امتى أكيد مش هفضل قاعدة بالبرنس كدا كتير
, رد عليها بنبرة سريعة قبل أن يغادر:
, هكلم السواق استعجله
, _ انتهى ريان من حديثه فتلقى مكالمة من السائق، ابتسم فور رؤيته لاسمه الذي أضاء شاشة هاتفه وردد:
, هو اللي بيرن، أكيد وصل هنزل أقابله
, _ تنهدت عنود براحة وعادت للداخل في انتظار عودة ريان بفروغ صبر، بعد قليل انضمت إليهن هاجر وأولادها ثم حضر ريان برفقة جليسة تميم ومستلزمات عنود التي قامت بتحضيرهم البارحة.
, انسحبت عنود من بين الجميع وذهبت إلى غرفة هالة لكي ترافقها بقية اليوم حتى تقدم لها المساعدة إن كانت بحاجة إليها.
, بعد مرور ساعات قد أنتهى الجميع مما يفعلوه وتوجهوا مباشرةً إلى غرفة هالة ليكونوا في استقبال يحيى حين يأتي لعروسه، وقفن النساء واحدة تلو الأخرى خلف بعضهن في صف واحد وكذلك صف من الرجال على الجانب المقابل لهم ثم سمحوا ليحيى بالدخول.
, ابتسم يحيى للمصور فهو من استقبله بكاميرته وأخبره ماذا يفعل، أماء له يحيى بتفهم ثم وضع باقة الزهور على كلتى يديه بطريقة كلاسيكية وتابع سيره للداخل، كان يكتم ضحكاته بصعوبة كلما وقعت عينيه على اخواته الواقفين خلف بعضهم وكذلك خالد
, تنهد براحة حين تخطى أخيراً ذيل فستان هالة، وقف أمامها فتفاجئ بذاك الجمال الذي ازداد أضعافاً، فلم تكن تضع من المساحيق كثيراً لذا فكانت لها طلة فريدة من نوعها اليوم.
, _ تقوس ثغره بإبتسامة تلقائية واقترب منها وقام بعناقها وهمس لها بهُيام:
, ايه الحلاوة دي، كلها ليا؟
, "لأ نص ليك ونص لينا"
, هتف بهم خالد مازحاً فتفاجئ بالنظرات التي صُوبت نحوه فأوضح قصده بإرتباك إثر نظراتهم عليه:
, مش بيقول حلاوة أصل أنا بحبها اوي
, انفجر جميعهم ضاحكين، شاركهم المصور الضحك على الرغم من تخطيهم لما حثهم على فعله إلا أنه لم يمحي تلك اللقطة المرحة فسوف تضيف للتصوير بصمة جميلة لعفويتها.
, أخذ يحيى يد هالة بين ذراعه الذي قام بثنيه ثم توجه للخارج ومن خلفهما البقية، عادت عنود إلى أحد الغرف واعتذرت من الجليسة بندم:
, I am very sorry,
, يا سهى نزلتك يوم إجازتك بس بجد كنت مضطرة أنتِ شايفة الوضع مكنتش هقدر على تميم لوحدي
, _ ابتسمت لها سهى بحب ومحت أى حرج بينهن قائلة:
, مفيش حاجة انا أصلاً بحبه ياريت الأيام كلها معاه
, _ بادلتها عنود الإبتسام وردت على حديثها:
, وهو كمان بيحبك طول الوقت بيحكيلي عن مغامراتكم مع بعض
, _ قهقهت سهى ووجهت بصرها على الصغير ثم قامت بتقبيله بشراهة مرددة:
, بحبك يا تيمون
, _ love you too
, قامت سهى بدغدغته فتعالت ضحكات تميم تحت نظرات عنود السعيدة، استأذنت منها لتواصل يومها مع الآخرين وتركت لها حرية الإختيار في بقائها أو نزولها للقاعة..
, ٣٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, دخل ريان القاعة أولاً قبل أن يحضُر يحيى برفقة عروسه، توجه مباشرةً إلى والده وانحنى بقرب أذنه وهمس له فأماء له ماهر بالموافقة، توجه ريان حينذاك إلى طاولة أولاد عم أبيه، رحب بجميعهم ثم وجه حديثه إلى أحدهم قائلاً:
, أستاذ مؤنس الحاج عايزك
, _ تعجب مؤنس من تلك المقابلة، لكنه لم يكن أمامه سوى الذهاب ومعرفة ما يريده ماهر، جلس بجواره ورحب كليهما بالآخر ثم بدأ ماهر حديثه بجدية:
, أنا طالب أيد دعاء لهاني، أنا مش باخد رأيك على فكرة أنا بعرفك بس
, _ أردف آخر كلماته مازحاً فضحك مؤنس على دعابته لكنه مازال متفاجئاً من طلبه، لم يخطر على باله مطلقاً أن هذا سيكون حوارهم، حمحم وحاول انتقاء كلماته بعناية قبل أن يقول:
, و**** يشرفني يا حاج طبعاً، بس نسأل دعاء ومامتها الأول واللي فيه الخير يقدمه ****
, _ تدخل ريان في الحديث ناهيا أي تأجيل:
, ياريت تسألهم الوقتي يا أستاذ مؤنس عشان المأذون زهق من القاعدة
, قطب مؤنس جبينه بغرابة وردد دون إستعياب:
, مأذون!!
, أشار له ريان عليه مؤكداً نواياه:
, اللي قاعد هناك دا
, _ لم يستوعب مؤنس بعد ما يريد ريان فعله وحاول التفكير معهم بصوت عالٍ:
, يابني مأذون إيه، لسه هناخد رأيها الأول وفي ترتبيات و٣ نقطة
, _ قاطعه ريان بلطف محاولاً تهوين الأمر عليه:
, يا أستاذ مؤنس كل حاجة مترتب لها، شقة هاني وموجودة وجاهزة، شهر العسل اتحجز خلاص، وهما مش محتاجين ترتيبات أكتر من كدا روح أنت اسألها بس وأنا متأكدة أنها هتوافق
, _ حاول مؤنس الاعتراض فما يقوله ريان يحدث فقط في الروايات والأفلام:
, يابني اللي بتقوله دا ااا٣ نقطة
, _ قاطعه ماهر تلك المرة بنبرة غير قابلة للنقاش:
, خلينا نفرح بيهم يا مؤنس والفرح يبقى اتنين
, _ لم يترك له مجالاً للاعتراض، حمحم مؤنس ونهض عن مقعده وعاد إلى طاولة عائلته، جلس على كرسيه وعينيه مصوبتان على ماهر وريان اللذان ينتظران إجابته.
, مالت زوجته على أذنه متسائلة بفضول:
, كانوا عايزين ايه؟
, أخبرها عن مرادهم بنبرة مذهولة:
, عايزين دعاء لهاني!!
, إتسع ثغرها بسعادة دقت طبول قلبها، لاحظ مؤنس سعادتها التى تشكلت فور إخبارها بالأمر، عقد حاجبيه بغرابة لحالتها المريبة وأردف:
, مالك فرحانة كدا ليه؟
, أجابته بعفوية:
, ما دا اللي كنا مستنينه من زمان
, _ جحظت عيناي مؤنس بدهشة، وبذهول هتف:
, كنتوا مين؟
, حاولت تلطيف الأمور حين رأت تذمره وعدم تقبله للأمر:
, بصراحة بنتك ميالة ليه وحست منه كدا برده عشان كدا كنا متوقعين إن دا يحصل
, "بس دا عايز يكتب الكتاب النهاردة ومظبط الدنيا وإحنا آخر من يعلم!!"
, بحنق واستنكار لتصرفهم هتف مؤنس، بينما رددت زوجته قائلة:
, و**** لو دعاء معندهاش مانع نكتبه إيه المشكلة، بنتك محتاجة راجل يا مؤنس أنت مش شايف كدا ولا ايه؟ محتاجة حد يملى حياتها ويكون أب لبنتها، محتاجة راجل يعوضها عن الواطي اللي بوظ لها حياتها هو وعيلته
, شدت على ذراعه وواصلت استرسالها:
, وافق يا مؤنس عشان خاطر دعاء
, _ حرك مؤنس رأسه مستنكراً ما يحدث فلم يهضم بعد طلب هاني للزواج من ابنته فما تريده زوجته صعب حدوثه بتلك السرعة، تنهد بحرارة قبل أن يقول:
, اسأليها رأيها ايه عشان هما مستنين الرد
, _ أماءت له بقبول والسعادة تتجلى في عينيها، مالت على الجانب الآخر حيث تجلس دعاء وأخبرتها بالحوار الذي دار بين والدها والعم ماهر
, شعرت دعاء بالتوتر دون غيره يعصف بخلاياها، رجف جسدها من فرط الإرتباك فما يريدانه صعب التصديق، هي أرادت توطيد علاقتهم لكن ليست بتلك السرعة المفاجئة فهي ليست على إستعداد كامل لزيجته منه في تلك الدقائق
, "ها، قولتي إيه الفرصة جت لك"
, هتفت بهم والدتها فقطعت عنها حبال أفكارها، طالعتها دعاء لبرهة قبل أن تردف بخجل واضح:
, مش عارفة..
, _ حسمت والدتها الأمر فلن تفوت عليها تلك الفرصة الثمينة التي طال انتظارها، عادت إلى زوجها وأردفت بسعادة:
, موافقة يا مؤنس
, صُوبت عيناي مؤنس تلقائياً على ابنته بعدم تصديق لتلك الموافقة التي أُصدرت سريعاً، فالتفكير لم يأخذ سوى دقائق معدودة، هل حسمت أمرها؟ هل فكرت جيداً؟ كاد أن يسألها عن رأيها للتأكيد لكن صوت زوجته قطع عليه أي محاولات قد نوى على فعلها:
, يلا مؤنس الناس مستنية ردك
, _ وزع مؤنس أنظاره بين ماهر وريان ثم نهض وتوجه نحوهم بقامة منتصبة، أخبرهم بموافقتهم فابتهج ريان وكذلك والده بتمام الأمر على النهج الذي رسمه ريان، تنهد قبل أن يهتف عالياً:
, على خيرة **** خليها تجهز نفسها على لما أجهز الدنيا
, تركهم ريان وتوجه إلى عاملى القاعة وأمرهم بتوضيب طاولة لعقد القِران ثم خرج باحثاً عن شقيقه ليخبره ما تم فهو ليس على علم بأي شيئ مما حدث.
, _ حمحم ريان ليستعد لتلك المواجهة العصيبة ثم جذبه من ذراعه وأبعده عن جميع الواقفين فصاح هاني متسائلاً عن سبب طريقة ريان المريبة:
, في ايه ساحبني كدا ليه؟
, توقف ريان عن السير حين وصل لنقطة بعيدة تماماً عن أعين المتطفلين، أزفر أنفاسه مراراً ثم ألقى ما في جوفه دفعة واحدة:
, انا طلبت ايد دعاء من أبوها والمأذون قاعد جوا مستنيكم
, _ ضاق هاني بعينيه عليه وبفتور أجابه:
, يخربيت هزارك وقعت قلبي فكرت حصل حاجة
, _ حرك ريان رأسه نافياً أي مزاح في الأمر:
, بس دا مش هزار دا حقيقي!!
, _ بدأ عقل هاني في الاستيعاب تدريجياً ولم يشعر بنبرته التي تردد صداها في المكان:
, إزاى تعمل حاجة زي دي من غير ما ترجع لي؟
, حاول ريان إقناعه أن الأمر لا يستحق تلك العصبية وأنه قام بكافة ما سيحتاجه:
, كل حاجة جهزت، شقتك وموجودة مفتاحها كمان أهو
, سحب ريان إحدى المفاتيح من جيبه ليؤكد صدق حديثه وتابع قائلاً:
, حاجزلك ليلة هنا في الفندق تقضيها وبعد كدا هتطلعوا على سوما باي تقضوا شهر العسل وترجع تلاقي شقتك جهزت من مجاميعه
, لم يصدق هاني سلاسة ريان في الحديث وكأن الأمر هين كما يظن، وضع أصابعه علي عينيه في محاولة منه على هضم ما أوقعه فيه شقيقه، أزاح يديه عن وجهه فتفاجئ بخروج دعاء من القاعة، خطواتها مريبة بالتأكيد ليست أقل منه سوءً.
, _ قطب جبينه حين رأها تجيب الأماكن يميناً ويساراً بخطى غير مستقيمة وشقيقتها تركض خلفها تحاول أن تهدئ من روعها، حرك ساقيه نحوها دون أن يُعلِم ريان عن وجهته التي كانت سهلة المعرفة حين رأى وقوف دعاء على نفس الوجهة التي يسير إليها.
, "دعاء ممكن نتكلم"
, هتف بهم هاني فتراجعت شقيقتها للخلف تاركة لهم مساحة التحدث، طالعته دعاء بأعين يميل لونهما إلى الإحمرار حتماً من فرط خجلها، تنهد هاني قبل أن يقول:
, لو مش جاهزة ممكن٣ نقطة
, _ قاطعته دعاء بقولها:
, انا اتفاجئت ليه مقولتليش قبل كدا؟
, _ إلتوت شفتي هاني للجانب فهو أيضاً لم يكن لديه علم لكنه بالتأكيد لن يخبرها بذلك فسوف تظن أنه يتراجع وتلك عِلته، حل السكون لبرهة يعيد ترتيب أفكاره، عاد بنظره إليها حين وزن الأمر ولم يجد منه سوى المنفعة لكليهما وأردف بهدوء مصحوب بالحماس:
, يمكن كدا الصح، الحاجات اللي بتيجي فجاءة دي يمكن لو محصلش كدا مكنتش هتحصل أو على الأقل كنا هنستنى كتير
, _ شعرت دعاء بالهدوء الداخلي من خلف كلماته التي اطمأنت لأجلها، شهيقاً وزفيراً فعلت ثم رددت بحياء مفرط:
, أنا بس محتاجة٣ نقطة
, قاطعها هاني بقوله:
, هبعت لك هاجر اطلبي منها كل اللي أنتِ محتجاه
, _ أماءت له بقبول ثم أخفضت رأسها في حياء، استأذن منها هاني وأولاها ظهره ليبحث عن شقيقته التي ستقدم لها يد العون في تلك الأثناء لا يوجد غيرها.
, في دقائق قليلة قد انتشر الخبر بين جميع الحضور، لحظات من الذهول وعدم الاستيعاب تلاهم فرحة عارمة لذاك الخبر السار، قامت هاجر بمرافقة دعاء إلى أحد غرف الفندق وقامت بجلب كل ما هي بحاجة إليه، كانت تنضم إليهم عنود من حين لآخر لمساعدتهن لحين انتهاء يحيى وهالة من فقرة التصوير.
, ٣٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, بعد مرور بعض الوقت، استغل يحيى انشغال هالة مع زميلاتها وبحث عن أشقائه لكي يتأكد من ذاك الخبر الذي يتنقل بين الجميع، ها هم يقفون برفقة خالد يتسامرون.
, حمحم قبل أن يردف في فضول:
, اللي أنا سمعته دا صح؟
, _ أماء له خالد ولم يترك الأمر دون أن يضع بصمة مرحة:
, محبش يسيبك تتجوز لوحدك قال يتجوز زيك، شوف يا أخي حتى الغيرة في الحاجات دي يا ساتر
, _ انفجر يحيى ضاحكاً بينما لكزه هاني بقوة في كتفه وردد مستاءً:
, اتلم بقا أنا واقف بالعافية
, صوب بصره نحو ريان وبحُنق صاح به:
, كله بسببك أنت
, _ إلتوى ثغر ريان بإبتسامة عريضة ثم اقترب منه وهمس بخبث:
, بمناسبة الكلام دا وكدا أنت تمام جاهز يعني؟
, _ تراجع هاني للخلف ليطالع معالم وجهه حتى يتأكد من حدسه وسأله مستفسراً:
, جاهز إزاي يعني؟
, _ غمز إليه ريان وأعاد تكرار ما قاله:
, جاهز يعني جاهز
, _ لم يريد هاني تصديق وقاحة أخيه وفضل رمقه بنظرات مشتعلة بدلاً عن سَبِه، تأفف ريان وبنبرة تحثه على الإسراع حدثه:
, لا أنجز وعرفني عشان لو مش جاهز نديلك كورس عند يحيى
, رفع ريان من نبرته ليجذب انتباه الآخرين قائلاً:
, ولا ايه يا يحيى؟
, جائه على الرحب فتلك هي منطقته:
, وأنا جاهز للكورس
, وجه أنظاره على هاني وتابع:
, نبدأ؟
, شعر يحيى بالألم المفاجئ حين لكمه هاني بكل ما أوتي من قوة، كذلك كان لريان نصيباً من ضربه المبرح، تابع ضربه لهم تحت ضحكاتهم التي لا تتوقف فصاح بالسُباب بغيظ عارم.
, تدخل خالد بقوله وهو يسحب من جيب بنطاله قُرصاً:
, بص أنت تاخد الحباية دي وهـ٤ نقطة
, لم يدعه يُكمل جُملته حتى إنسدل عليه بالضرب هو الآخر، تركهم هاني وابتعد عنهم وهو يتمتم بإزدراء:
, أنا اللي غلطان إني واقف مع شوية مراهقين زيكم
, _ انفجر ثلاثتهم ضاحكين ولم يتوقفوا عنه بسهولة، هتف خالد من بين ضحكات قائلاً:
, هو فهم إيه دا برشام صداع
, _ إزداد الضحك أضعافاً لديهم، حل الهدوء تدريجياً إلى أن بات المكان أكثر هدوءً عن ذي قبل، عاد كلاً منهما إلى مكانه فخالد قد عاد إلى زوجته وكذلك يحيى الذى اصطحب هالة للقاعة بينما توجه ريان ليتمم بنفسه على ما أمر بتنفيذه.
, "بارك **** لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير إن شاء ****"
, تلقت العائلة خالص التهنيئات والمباركات من الجميع، حظى هانى برقصة معها بمفردهن، تنحى الجميع جانباً تاركين لهم المساحة الكافية، طلب الشاب من الحضور في نهاية الرقصة أن يأتي كل ثنائي ويشاركون العروسين الرقصة
, نهضت عنود عن مقعدها وتوجهت نحو ريان، مدت له يدها وبرقة قالت:
, تسمح لي بالرقصة دي
, ابتسم لها ثم أمسك بيدها ورافقها إلى حيث يرقص الجميع، لم تكن لتفوت دينا الفرصة دون أن تعكر لحظتهم، مالت على إبنتها الكُبرى وهمست لها ببعض الكلمات فامتثلت الفتاة أمر والدتها وتوجهت نحو والدها الذي قابلها بإبتسامة فقالت له ببراءة:
, عايزة أرقص معاك يا بابي
, _ كاد أن ريان أن يبدي موافقته لكن بعد أن ينتهي من رقصته مع عنود أولاً لكنها لحقت به قبل أن يتحدث وتراجعت هي معللة أسبابها:
, نرقص بعدين يا حبيبي
, انسحبت من بينهم فوفقت جنى مكانها ورقصت مع والدها بسعادة لا توصف، ابتهج ريان حين إستشف مدى سعادتها برقصتهم سوياً، انتهت الأغنية ثم عاد إلى عنود وعاتبها بضيق:
, أنتِ مشيتي ليه؟
, _ أخبرته بلطف عن سبب تراجعها:
, مكنش ينفع تكسر خاطرها
, بهدوء عدل على تفكيرها:
, ومين قالك إني كنت هرفض بس كنت هخلص معاكي الأول، لازم يحترموا خصوصية أني أكون معاكي
, تفهمت عنود الوضع لكنها ليست نادمة على تصرفها وأردفت:
, يا حبيبي فاهمة، بس برده مش حابة أكون زوجه الأب اللي أخداك منهم
, _ كز ريان أسنانه بضيق واضح وردد مستاءً من تلك المسألة التي لن تنتهي:
, تاني!! مش هنخلص بقا؟
, حاولت تلطيف الأجواء قبل أن تقع مشادة بينهما:
, ريان بليز بلاش كلام من دا النهاردة خلينا نتبسط
, طالعها لوقت ثم انسحب من أمامها بهدوء، جلس على كرسيه ثم طالع دينا وسألها مستفسراً:
, محتاجة حاجة؟
, بفتورٍ أردفت:
, لأ
, _ لاحظ نبرتها الحادة معه لكنه لم يتعجب فهي على تلك الحالة طوال الوقت ولا تنظر لتصرفاتها الخرقاء التي تُحدثها، تنهد بضجر فمتى سينتهى كل تلك الصراعات ويعيش في سلام؟!
, ٣ العلامة النجمية
, تفتكروا أنتوا الصراعات دي هتنتهي امتى؟
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44 و wagih
٥
الاخير


"**** يخليك ليا يا ريان، مش عارف أقولك ايه على كل اللي عملته"
, بلُطف وامتنان كبيران شكر هاني شقيقه وهو يربت على كتفه بينما حاول ريان محي الحرج بينهما بقوله:
, متقولش حاجة المهم إنك مبسوط ودا اللي يهمني، **** يسعدك يارب ويعوضك كل خير
, "آمين"
, آمن هاني على دعائه ثم انسحب بعروسه إلى جناحهم بعدما ودعا عائلتهم، كذلك يحيى لم ينتظر كثيراً فهو مُتعب وبحاجة إلى الإسترخاء فلم يحظى بنوم هنيئ منذ عدة أشهر منذ بداية تجهيزاته في شقته.
, عاد بها إلى الغرفة وساعدها على الدخول ثم ألقى بنفسه على الفراش فور رؤيته وردد مطالباً بأخذ قسطاً من الراحة لبدنه:
, ياااه مكنتش متخيل إني هوصلك!!
, _ ضحكت هالة على تصرفه وانتظرته ينهض لكنه لم يفعل، مرت عدة دقائق تلاها دقائق أخرى والحال كما هو عليه، اتسعت حدقتاها بذهول حين وقع على مسامعها صوت شخيره، اقتربت منه ولكزته بقدمها على ساقه فكانت أقرب ما وصلت إليه فنهض مذعوراً من فِعلتها.
, _ وضعت هالة كلتى يديها على خِصرها وطالعته بنظرات مشتعلة فهتف هو متسائلاً بعدم استيعاب لما يحدث:
, في ايه حصل ايه؟
, بتزمجر شديد صاحت به:
, حضرتك نمت!!
, فرك يحيى عينيه كما طقطق عنقه ليعود إلى رشده وعاتبها بكلماته:
, ودي فيها إيه دي تعبان ومحتاج أرتاح ؛ ما صدقت أشوف السرير واترمى عليه
, "و****! أشبع بالسرير يا يحيى"
, ألقتهم في وجهه بغضب واضح ثم أمسكت بفستانها لكي يسهُل عليها التنقل في الغرفة وأولاته ظهرها فلحق هو بها وضحكاته تتردد في الأرجاء، وقف مقبالها وأرغمها على التوقف والنظر إليه فأوضح لها سوء الفهم الحادث:
, بهزر و****، ينفع برده أنام وأسيب القمر؟
, لم يبذل يحيى جهداً كبيراً فظهرت إبتسامة خجولة على محيا هالة تدل على رضاها عنه، فتلك هي فِطرة الفتيات أقل جُهداً يرضيهن حتى وإن كان بالكلمات دون غيرها وهنيئاً لمن نجح في التعامل معهن كما ينبغي فـسيكون له من السعادة نصيباً من كل شيئ.
, اقترب منها يريد التودد مع شفتيها لكنه أراد أن يتأكد من شيئ قبل حدوثه، رفع سبابته وتحسس به شفاها العُليا فلم يظهر لون فيه كما ظن، تابع ما كان يفعله بإطمئنان عن ذي قبل لكنه سرعان ما تراجع للخلف ظاهراً مدى تقززه على تقاسيمه، طالعها بملامح مشدودة وقال:
, روحي امسحي البتاع دا يا هالة أحسن
, _ انفجرت هالة ضاحكة وأردفت:
, ممكن تساعدني أغير الفستان الأول؟
, بثقة في حديثه حسم أمره:
, دا كدا كدا أصلاً، دي أهم لحظة في الليلة، أفكلك حبل الفستان فـ هوبا يقع وهوبا يـ٣ نقطة
, اسرعت هالة في مقاطعته:
, بس يا يحيى متكملش
, رمقها بتهكم وأراد المزاح معها فقال:
, أعلقه على الدولاب عشان ميتكرمش فهمتي إيه؟
, _ لوهلة شعرت هالة بمدى سذاجة عقلها الذي ينتج توقعات وقحة، حمحمت قبل تضيف كلماتها بحرج:
, فكرتك هتـ٤ نقطة
, لم تُكمل جُملتها فقد منعها حيائها، فوجئت هي به حين أردف:
, ما دا كدا كدا اللي هيحصل يعني
, مال عليها وبخبث ماكر وتابع جملته:
, بس بعد ما نفك الفستان
, غمز إليها يحيى بعينه اليُمني مع رسمه لإبتسامة ساحرة دق قلبها إثرها، أخفضت رأسها ثم تخطته بخُطاها إلى المرحاض، تبعها يحيى وهو يعد الثواني لمرور تلك الدقائق التي تفصل بينه وبين حدوث تجربة فريدة من نوعها تلك الليلة.
, أغلق الباب بقدمه ليُنهي تلك السخافات سريعاً حتى يصل إلى مراده في النهاية.
, ٣٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, خرجت من المرحاض على استحياء شديد، رفضت ارتداء تلك الثياب المُحررة فهي لم تعتاده بعد كما أن الأحداث الأخيرة جاءت سريعة قبل أن يستوعبها عقلها وإلى الأن لم تصدق زواجها منه.
, _ اكتفت برداء طويل غير ملفت حتى تعتاده أولاً ومن ثم يأتي المترتب عليه بعدها، لم يلحظ هاني ثوبها الغير ملائم لعروس لأنه يهتم لشيئ واحد فقط وهو عينيها يبدوا أنه وقع في غرامِهما!
, اقترب منها وأمسك بيدها لمرته الأولى فرجف جسدها لحظتها، نكست رأسها بحياء فانسدلت خصلاتها الناعمة على وجهها أخفت معالمه، رفع هو يده وأعاد وضع خصلاتها على ظهرها لتظهر ملامحها الخجولة أمام مرآى عينيه مرة أخرى.
, _ رفع رأسها بسبابته وهمس لها بنبرة مُتيمة محاولاً امتصاص خجلها:
, عارف إن كل حاجة جيت بسرعة وأنتِ ليكي تتكسفي، عموماً سبيلي انا الكسوف دا هقدر أمحيه بس اللي كنت حابب أقول حاجة، ياريت نبدأ حياتنا وإحنا بنحترم بعض، منخبيش حاجة على بعض مهما كانت الأسباب، أي تغير في مشاعرك نحيتي عرفيني بيه بلاش تخبيه وينتج عنه حاجات تانية، عمري ما هرفض لك طلب بس مقابل دا تتقي **** فيا وفي أهلي وأي كلام أو تصرف يحصل بينا ياريت ميخرجش أبدا لحد حتى لو كانت والدتك، حبي اخواتي ومرتاتهم خليكم صحاب وبلاش مشاكل أنا عايز أعيش الباقي من عمري من غير صراع ومشاكل أفضل أناهد فيها، لو سمحتِ يا دعاء خلينا زوجين متفاهمين وسكن لبعض، ابقي ليا بيتي وقت زعلي وتعبي وأنا أكون لك كتف تتسندي عليه وقت ما تميلي وتزهقي مش عايز أكرر غلطات تاني، ساعديني ابني اللي جاي أحسن
, _ تأثرت دعاء بكلماته كثيراً، على ما يبدوا أنه مازال يتعافى من علاقته السابقة، تنهدت بصوت مسموع وأخبرته أنه أصاب في مطالبه:
, صدقني لو قولتلك دا نفسه اللي أنا أتمنى أعيش فيه، انا شوفت زيك ويمكن أكتر شوية لاني ست مشاعري بتتأثر بأقل حاجة غيرك فأنا عانيت ونفسي **** يعوضني عن اللي عيشته، أنا موافقة نبني حياتنا من جديد حياة كلها حب وود واحترام، بس ليا عندك طلب..
, أجبر هاني أذنيه على الإصغاء جيداً كما أرسل لها إشارة من رأسه توحي إليها بمواصلة ما تريده دون خجل فتابعت هي موضحة:
, بنتي مش هقدر أسيبها لازم تكون معايا
, أسرع هاني في تأكيد الأمر:
, دا أكيد لازم تبقي جنبك ومش جنبك لوحدك وجنبي أنا كمان أنا محتاجها في حياتي جداً متعرفيش أنا كنت بتمنى يبقى ليا خلفة إزاي
, أخفض رأسه بحزن جلى، أخرج زفيراً عميق ولم يستسلم لحزنه بسهولة، عاد إلى صوابه لكي لا يفيد رونقة اليوم، ابتسم في وجهها وبهدوء شديد فعل مالم تتوقعه، أخذ عناقاً قوياً يقوي من مناعته التي ضعفت في الأعوام الماضية.
, شعر بهدوء اضطراباته الداخلية حتى كاد أن يجزم بأنها لم تكن هناك من الأساس، شاركته عناقه الثمين فلم تحظى به منذ فترة لكنه مختلف الآن تماماً عن سابق مراته، كانت تلك المرة أهدى لا يوجد خوف، لا يوجد جدال أو حتى مشاحنات، فقط عناق دافئ أطمئن قلبها إثره.
, لم يحب هاني بدء ليلتهم قبل أن يبخر خجلها الواضح في تصرفاتها، قام بصُنع كوبان من الشاي الساخن ووضع بعضاً من المقرمشات وآخر من الحلويات ودعاها إلى سهره صباحية داخل الشرفة.
, قبلت دعوته على الرحب والسعة، كانت تختلس النظر إليه من آن لآخر ممتنة له فكم كان لطيفاً في حديثه كما أنها استشفت من خلف مواضيعه التي يتقضاها معها أنه يساعدها على التأقلم عليه سريعاً.
, مر الوقت ولم يشعر كليهما به، شاهدوا روعة منظر شروق الشمس، أضاف لهم الهواء البارد الممزوج بحرارة الشمس شعوراً آخر مليئ بالراحة والدفئ.
, _ وقفوا إلى جانب بعضهما البعض مستندين على سور الشرفة يشاهدان الشروق في سكون حل للحظات، تجرأ هاني على فعلها وحاوط خِصرها بذراعه فمالت هي برأسها تلقائياً على كتفه مستمتعة بتلك اللحظة الفريدة من نوعها.
, _ رفع هاني رأسها إليه وهمس أمام شفتيها بنبرة رخيمة:
, بحبك
, قُبِضِ قلبها فجاءة ثم تحولت دقاته إلى سيمفونية تعزف على أوتار تصريحه، أخذت شهيقاً عميق وأخرجته بتمهل وقالت بنبرة تكاد تُسمع:
, وأنا كمان بحبك
, تقوس ثغره بإبتسامة عريضة سعيداً بوجودها أمامه وعليه أخذ خطوة ما يثبت لها بأنه يحبها حباً جما، انحنى علي ثغرها وحظى بمذاقه للمرة الأولى، تحرك بخطاه للأمام فأجبرها على التراجع لتكون على نفس خطاه، ركل باب الشرفة بقدمه وتابع سيره حتى وصل بها إلى مراده وغاص معها في بحور حبهم الأولى.
, ٣٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, استيقظ باكراً عن ميعاد عمله لكي يخبرهم بقراره الذي حسم الأمر فيه، يجيب الردهة ذهاباً وجيئا في انتظار ظهور زوجاته، مرت ثوانِ قليلة وقد ظهرن خلف بعضهن.
, _ تعجبن من أمر تلك الدعوة المفاجئة، ارتفعت نبرة دينا متسائلة في فضول:
, في ايه يا ريان من بدري كدا؟
, تنهد ووزع أنظاره بينهن ثم بدأ حديثه دون تفكير كثير:
, أنا قررت يكون لكل واحدة فيكم بيت لوحدها
, _ ظهرت ابتسامة عريضة على شفتي عنود، دقت أسارير السعادة قلبها، فكم تمنت حدوث ذلك لكنها دوماً تتراجع خشية أن تُحزِن ريان أو تفسد عليه روتين يومه.
, حاول ريان إخفاء ضحكته التي تشكلت فور رؤيته لسعادة عنود الظاهرة لكنه لم ينجح، شعور ما قد تغلغل داخله وهو أنه أصاب في قراره تلك المرة، وجه بصره إلى دينا فلم يرى سوى جمودٍ في ملامحها فأسرع في سؤالها باهتمام:
, إيه رأيك يا دينا؟
, نهضت من مقعدها وبنبرة مرهقة أردفت:
, أعمل اللي أنت عايزه يا ريان
, _ لحق بها متسائلاً فلم يفهم تذمرها الواضح ذاك على ماذا تحديداً:
, ممكن أفهم أنتِ مضايقة ليه الوقتي؟
, هربت بعينيها بعيداً عنه وبلهجة حادة تريد إنهاء النقاش:
, ما أنا مضايقة طول الوقت!!
, كاد ريان أن يسألها عن سبب ضيقها التي أخبرته عنه للتو لكن ترجل بناته قد أرغمه على الصمت، تنهد وأردف بنبرة لطيفة فهو لا يريد خلق مشادة كلامية أمام الصغار:
, تعالوا نفطر مع بعض النهاردة بما إن كلنا موجودين
, رحبت الفتيات باقتراحه بينما أبدت دينا اعتراضها:
, مليش نفس كلوا انتوا
, إرتخت ملامح الفتيات بحزن تشكل على تعابيرهم، استشف ريان حزنهن فلم يوافق على تريده وبنبرة أكثر خشونة هدر:
, لا هنفطر مع بعض
, _ أشار إليها بعينيها على بناته فامتثلت دينا أمره على مضضٍ، جلس الجميع حول الطاولة بينما ترأسها ريان، شرعوا في تناول الطعام في صمت قطعه ريان حين أراد إخبارهم بما يجهلوه:
, هيجي لنا ضيف جديد
, انتبهت له جنى وسألته بعدم استيعاب:
, مين يا بابي اللي جاي؟
, قابلها ريان بإبتسامة عفوية لعدم استيعابها وأوضح قصده:
, ضيف جديد يعني أخ جديد، عنود هتجيب لينا بيبي ولد
, _ توقف الطعام في حلقوم دينا من هول المفاجأة، كادت أن تشرق لكنها تماسكت أمامهم وبهدوء حذِر سحبت كوب المياه بيدها وارتشفت القليل من الماء بينما صاحت جنى مُهللة في سعادة لذلك الخبر السار:
, Amazing news ( خبر مذهل )
, اعترضت جويرية بنبرة هادئة للغاية:
, بس أنا مش عايزة ولد يا بابي أنا بحب الـ girls
, نهرتها شقيقتها الكُبرى بتذمر:
, لا كدا هنكون متساووين، بعد كدا مامي تجيب بنوتة كمان وطنط عنود تجيب ولد ونبقى كتير
, _ قطبت عنود جبينها وتدخلت قائلة:
, وليه أجيب ولد تالت مش يمكن أجيب بنوتة حلوة كدا زيك
, بعفوية هدرت جنى:
, مش أنتِ اللي بتجيبي الـ boy's ومامي بتجيب بتجيب الـ girls
, لم تتحمل دينا سماع المزيد من سخافتهم، انتفضت من مكانها وأهانت إبنتها بعصبية شديدة:
, كفاية كدا يا جنى اطلعي أوضتك
, _ شعرت الفتاة بالحرج من الجميع فلم تجرأ على رفع بصرها عليهم، انسحبت من مكانها بهدوء دون أن تضيف شيئ وصعدت إلى غرفتها بينما وجه ريان بصره على تلك الغاضبة وقبل أن يُعقِب على ما حدث وجهت هي حديثها له:
, انا هروح لماما
, _اختفت من أمامه في أقل من الثانية فور إخباره بذهابها، كز ريان أسنانه بعصبية ولم يرى أنه هناك داعي لإكمال طعامه، نهض دون إضافة المزيد وتوجه مباشرةً نحو مكتبه لربما يشاركه همومه التي لا تفارقه مطلقاً.
, دلفت خلفه عنود فلن تتركه وحيداً على تلك الحالة، ربما بانضمامها إليه يخفف من على عاتقه ولو قليلاً، أوصدت الباب خلفها لكي تمنع أي دخيل يمكنه قطع خلوتهم، تنهدت وتوجهت نحوه فكان جالس علي كرسيه شارداً لا يعطي اهتمام لشيئ.
, وقفت خلفه ثم بهدوء وضعت أناملها على عقنه فانتفض هو بذعر، حاولت طمأنته بنبرتها الحنونة:
, إهدى يا حبيبي دي أنا
, عاد ريان لوضعه فتابعت هي ما عزمت على فعله، بدأت تُملِس على عنقه بحركات دائرية ناعمة شعر ريان بالإسترخاء إثر لمساتها، بعد عدة دقائق مرت شعر بتبدل أحواله وكأنها امتصت عصبيته فلم يكن هناك سوى الراحة.
, _ التفت بكرسيه إليها وبنبرة ممتنة شكرها:
, شكراً إنك موجودة في حياتي
, إلتوى ثغرها بإبتسامة عذبة رقيقة، انحنت عليه واستندت بيدها على جانبي المقعد وردت على ما قاله:
, انا بحبك أوي
, مال ريان للأمام قليلاً وطبع قُبلة على طرف شفتيها وصرح بمدى حبه لها:
, مش أكتر مني
, تذكرت عنود شيئ ما فعادت إلى الخلف بحماس شديد قد ظهر على تصرفاتها ناهيك عن نبرتها الملهوفة وهي تسير في الغرفة:
, عارف وقت ما قولت إن كل واحدة يكون ليها بيت افتكرت بيتنا!
, توقفت عن السير وطالعته بنظرات يشع منهما الافتقاد والشوق:
, فاكره؟
, نهض عن مقعده وتوجه نحوها ثم أجابها بتهكم لسؤالها:
, مش فاكر غيره دا كل حاجة حلوة بدأت فيه، يتنسى إزاي؟
, خمن ريان سبب ذِكرها لمنزلهم السابق وسألها وهو يعيد خصلاتها خلف أذنها:
, واحشك؟ عايزة ترجعيله؟
, عضت على شفاها وهي تومئ له برأسها كالأطفال، مال على جبينها وهمس لها:
, روحي جهزي شنطك
, _ عادت برأسها للخلف تتأكد مما فهمته فأسرع هو مؤكداً:
, مش عايزة ترجعي هناك يلا جهزي حاجتكم على لما ابعت واحدة تنضف البيت
, _ دقت طبول السعادة قلب عنود وقفزت في الهواء بحماس وسعادة شديدان، أوقفها ريان معاتباً إياها:
, لا مش للدرجة دي اهدي شوية
, _ بسعادة واضحة هتفت:
, بحبك أوي أوي أوي
, هرولت من أمامه بخُطى سريعة فهدر بها ريان لقلة وعيها:
, براحة يا بنتي
, عادت إليه بسعادة كالطفل الذي أخبره والده للتو أنهم ذاهبان لنزهة وقبلته من وجنته ثم انطلقت إلى غرفتها تجهز ما ستحتاجه أثناء انتقالها إلى منزلها الحبيب الذي شهد أولى قصة حبها مع غاليها.
, في الخارج بعدما استقلت دينا السيارة برفقة بناتها أمرت السائق قائلة:
, هنودي البنات الأول عند والدتي وبعد كدا نروح للدكتورة
, _ بعملية رد عليها:
, أمرك يا هانم
, ٣٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ "يا دينا أنا قولتلك إن الحمل حالياً ضعيف جداً وممكن ميحصلش"
, انتبهت دينا لكلمات طبيبتها، تأففت بضجر بائن وهدرت بها شزراً:
, بقالنا أربع شهور كل مرة ضعيف، أنا نزلت الجيم ومشيت على أكل صحي وبتابع كل تعليماتك عشان في الآخر تقوليلي الحمل ضعيف!!
, حاولت الطبيبة توضيح حجم حالتها التي على الأغلب تجهله وإلا لن تقول ذلك:
, تكسيات المبيض لسه زي ماهي بس إن شاء **** مع الرياضة المستمرة والعلاج يحصل حمل
, _ طالعت دينا ماهو أمامها بحزن شديد ورددت بنبرة مرهقة:
, الحمل حصل وخلاص!!
, لم تستوعب الطبيبة تمتمتها وأردفت متسائلة باهتمام:
, حضرتك قولتي حاجة؟
, أومأت دينا نافية ثم استأذنت منها وغادرت، شعرت بأن الأرض لا تسعها في تلك الأثناء، تشعر بالإختناق كما تشعر أن الأكسجين ينسحب من رئتيها رويداً رويداً وكأن الدنيا جميعها تطبق على صدرها.
, عادت إلى السيارة وأمرت السائق بالعودة إلى منزل والدتها لربما يُحسن ذلك من مزاجها قليلاً، طرقت باب شقتهم بعد وصولها فاستقبلتها والدتها بحفاوة، لاحظت أن هناك ثمة أمراً بها من خلف تعابيرها الجامدة.
, دعتها إلى غرفتها السابقة لتسألها عن حالها بعيداً عن آذان الصِغار:
, مالك يا بنتي شكلك مضايقة من حاجة
, جهشت دينا باكية فور انتهاء والدتها من السؤال عليها، تملك القلق قلب السيدة فاطمة حين رأت بكائها الغزير الذي لا يتوقف، ملست على ذراعها بحنو وقالت:
, مالك يا حبيبتي ايه اللي حصل طمنيني؟
, صاحت الأخرى من بين بكائها المرير بتلعثم:
, تعبت يا ماما تعبت، كل السنين دي مقدرتش أتعود فيها على وجود واحدة تانية في حياته، ريان بقا واحد تاني حد أهدى ومعاملته بقت مختلفة لدرجة إني لو طلعت كل ضيقتي عليه مش بيقابلني بالأسلوب اللي المفروض يعاملني بيه، بيعدي لي كتير ودايما مهتم بأقل التفاصيل أنا نفسي مش باخد بالي منها، بس كل دا مش راضيني، عارفة أن كل دا هي اللي السبب فيه، هي اللي غيرته وأنا في المقابل مش عايزاها معانا، مش راضية بيها في حياتي، مش عايز أقسم نص كل حاجة معاها حتى هو!!
, حتى بناتي بيحبوها أكتر مني، معرفش شايفين فيها ايه زيادة، بنت عادية يعني٣ نقطة
, أخفضت دينا من نبرتها وواصلت حديثها بنبرة هادئة معانقة للإزدراء:
, بس قدرت تعمل اللي فشلت أنا فيه..
, رسمت إبتسامة مستاءة على محياها واسترسلت متابعة:
, انا حتى محاولتش أعمله، كنت غبية إزاي مختش بالي منه إزاي مشوفتش أن رنا بتحوم عليه، إزاي كان بيحتاج لي وكنت برفضه، محاولتش أسمعه أو حتى أهون عليه، أنا واحدة فاشلة بتحاول تكمل نقصها من أذية اللي حواليها!!
, وضعت كلتى يديها أمام وجهها خافية عبراتها التي تتساقط لكنهم تدفقا من بين أناملها من شدة بكائها، حاولت والدتها التخفيف من عليها بحكمة:
, أنتِ بتعيدي في الماضي ليه بس يا بنتي، ليه بتنكشي في اللي بيضايقك ما كل دا راح وخلص وحياتك الحمد**** ماشية كويس وزعلك الوقتي بقا من زعله ايه اللي خلاكي تقولي الكلام دا؟
, كل حاجة مزعلاني، كل حاجة مبتجيش في صالحي بقالى شهور عايزة أحمل وهي جت في ثانية حملت وكمان هتجيب له ولد تاني!
, هتجيب له الولد اللي كنت نفسي أجيبه أنا ولحد الوقتي مش عارفة!!
, _ هتفت بهم دينا متحسرة على حالها بينما عاتبتها والدتها على عدم رضاها:
, والبنت والولد ايه يا بنتي ماهما واحد في الآخر طلاما من بطن واحدة ميفرقش النوع الغلاوة بتكون واحدة
, _ صاحت دينا عالياً بعدم اقتناع:
, تفرق كتير أوي أنتِ بس اللي مش شايفة
, لم تعقب والدتها على كلماتها بل اكتفت بمطالعتها بذهول معانق للصدمة فلم تكن يوماً هكذا، ما تلك الحالة التي عليها وما هذا الأسلوب؟
, لقد شعرت بالنفور منها من خلف بُغضِها البائن للآخرين، متى تحولت إلى شخصيتها الحقودة التي هي عليها؟
, أين ذهبت رحمة قلبها ورزانة عقلها؟
, لقد جُنت تماماً!
, _ تعجبت دينا من عدم إبداء رأيها كما تفعل بعد أن تُنهي هي جملتها، رمقتها بنظراتها لعلها تستشف ما وراء تلك النظرات المبهمة فلم تأتي بإجابة صريحة لما باتت عليه، تنهدت وسألتها مستفسرة:
, سكتي وبتبصيلي كدا ليه؟
, ضربت فاطمة على فخذها بعدما أخرجت زفيراً مسموع ثم أجابتها قائلة:
, حاسة إني مش عارفاكي يا دينا، أنتِ مش بنتي اللي ربيتها وكبرتها أبدا، عمري ما علمتك تحقدي على حد بالشكل دا، جبتي عدم الرضا دا منين؟ دا انا معوداكي على شُكر **** على أقل نعمه، أنتِ بقيتي كدا ازاي يا بنتي؟
, شعرت دينا باالخذي والخجل من خلف كلمات والدتها المُعاتبة، نكست رأسها بحزن فتابعت والدتها ما لم تنهيه لعلها تنجح في إعادتها لرشدها:
, لو كانوا هما السبب يا بنتي في اللي حصلك دا اطلقي أحسن عندي ١٠٠مرة إني أشوف بنتي على الحال دا
, وجهت دينا بصرها على والدتها بذهول فور ذِكرها لتلك الكلمة التي بعيدة كل البُعد عن مخيلتها، لم يستوعبها عقلها ورددت بعدم رضاء عنها:
, طلاق ايه اللي بتكلمي عنه!
, اقتربت منها فاطمة وربتت على ظهرها وبحنو أمومي حدثتها:
, كل أم هتقول لبنتها حافظي على بيتك وجوزك بس أنا مش هقدر أقولك وأنا شيفاكي بتإذي نفسك قبل منهم، أنتِ بتستسلمي لشيطانك واحدة واحدة و**** أعلم أخرتها إيه، عليكي من دا ايه يا بنتي أنتِ مش راضية عن وضع عايشة ومتأكدة أنه مش هيتغير يبقى أنتِ اللي تتنازلي عشانك مش عشان حد تاني، وعشان بناتك بردوا أنتِ لسه قايلة بيحبوها أكتر منك دا لأنك مركزة مع أبوهم وبس، عايزة تاخديه ومش مهم أي حاجة تانية حتى البنات ودا غلط يا حبيبتي، معملتيش حساب تغيرك اللي حصل دا بس تغيرك وحش يا دينا آخرته وحشة يا حبيبتي، عيدي حساباتك وشوفي هتقدري ترجعي دينا بنتي اللي أعرفها واتربت علي إيدي ولا لأ ولو لأ يبقى متفكريش كتير وإنهي الوضع اللي كان السبب في وصولك للحالة دي
, لم تُعقِب دينا علي حديث والدتها فلقد تخبطت بين أفكارها المضادة لبعضهما، فضلت فاطمة ترك لها مساحة كافية بمفردها تعيد فيها ترتيب أمورها جيداً قبل أخذ قرار قد يقلب حياتها رأساً على عقب.
, نهضت من مقعدها وانسحبت إلى الخارج تاركة إياها منهمرة بين حديثها الذي يؤيده العقل ومن ناحية أخرى يهاجمه القلب ويرفضه البتة، تراجعت للخلف واستلقت على الفراش، طالعت السقف بحيرة من أمرها وظلت تتأرجح بين عقلها وقلبها تريد حسم الأمر سريعاً، إما أن تجبر نفسها على التأقلم ومجراة الحياة وإما أن تنهي تلك الحياة بإنفصالها عن ريان.
, ٣٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, حل ليل ذاك اليوم بعد ساعاتِ طويلة مرت على دينا بصعوبة وثِقل في مرورهما، عادت إلى الفيلا بعدما حسمت أمرها، كان ريان في انتظارها لكي يخبرها بذهاب عنود من الفيلا.
, خرج من غرفته حين استمع لصوت حكة إطارات السيارة، وقف أمام السُلم فتفاجئ بها عائدة بمفردها، قطب جبينه بغرابة وسألها مستفسراً:
, البنات فين متقوليش هيباتوا هناك مش بحبهم يباتوا برا البيت
, _ بملامح جامدة لا تعبر عما خلفها أجابته بنبرة هادئة للغاية:
, مكنش ينفع أجيبهم معايا
, كلماتها لم تضيف له سوى القلق فأعاد سؤالها مرة أخرى:
, يعني إيه مش فاهم؟
, تابعت سيرها للأمام وهي تقول:
, لو سمحت ممكن نتكلم في الأوضة
, لم يرفض ريان طلبها فهو متعجب من أمرها وخصيصاً من ذلك الهدوء الذي تتلبس ثوبه، تبعها إلى الغرفة ثم أغلق الباب ولم ينتظر جلوسه وسألها بإهتمام مصحوب بالقلق الذي تبدد داخله:
, في ايه يا دينا أنا قلقت هو حصل حاجة؟
, _ جلست على طرف فراشها وأماءت له نافية فأردف هو:
, أومال في ايه؟
, ابتلعت ريقها وحاولت ارتداء ثوب الشجاعة، رفعت عينيها عليه وأرغمت بصرها على مطالعته وعدم الهروب بعيداً ثم هتفت:
, عايزة أطلق يا ريان!!
, صعقة تلقاها ريان لم يستوعبها بسهولة، مال برأسه للجانب كما ضاق بسودتاه عليها فطلبها ذاك كان من المستحيلات من مدة ليست ببعيدة، ما هذا الآن؟ حتماً أنه هذيان ليس إلا.
, ضرب كفه على الآخر وهو يحرك رأسه يمينا ويساراً مستنكراً ذاك الطلب الذي يتردد كثيراً في الآونة الأخيرة، اقترب منها وهو يقلل من شأن طلبها السخيف:
, انتوا كل ما تزهقوا تيجوا تتسلوا عليا؟
, جمعت دينا شجاعتها التي على وشك الإنهيار ووقفت قبالته وبثقة لم تتحلى بها من قبل عدلت على حديثه:
, بس أنا مش بتسلى أنا مكنتش جد زي دلوقتي، أنا بجد عايزة أطلق!!
, _ ظل يطالعها بعدم استيعاب لسخافة الطلب الذي ازداد عن كده، حتماً تمازحه فلن يكون سوى مزاح وهو غير مقبول بالمرة، رفع إحدى حاجبيه وببرود قاسٍ مختلط بالتهكم هتف:
, على أساس إنك متقدريش تستغني عني؟!
, حمحمت قبل أن تُصرِح له بالحقيقة المريرة:
, أنا هستغني عنك مقابل نفسي، عايزة نفسي تاني، عايزة أرجع روحي لمطرحها، عايزة قلبي يحس براحة بدل الغيرة، عايزة عقلي ينام كل يوم وهو مش مشغول بيك، أنا عايزة أرجع لنفسي عشان بناتي، عشان أقدر أربيهم تربية سوية ميكنش فيها حقد لحد ودا مش هيحصل إلا لما أمهم نفسها تكون سوية ومش بتحقد على حد، طلقني يا ريان لو كنت بتحبني زي ما بتقول سيبني أهرب من كل الأصوات اللي في دماغي وأعيش بصوت واحد بس صوت الرضا اللي معتش أعرف عنه حاجة.
, كان مندهشاً مما يصغي إليه، فلأول مرة يشعر بفداحة ما اقترفه في حق زوجاته، فالأولى كانت عنود التي بكت بين أضلعه مطالبة بانفصالها عنها لعدم قُدرتها على المواصلة والآن حان دور دينا والسبب نفسه لا تستطيع المثابرة!
, على ما يبدوا أن الخطأ به هو وليس فيهم، فهو لديه من كل شيئ زوجان حتى في النساء يملك إمرأتان، لا يشعر بالنقص الداخلي فهذا ما يُصعِب عليه الشعور بكلتاهن.
, أوصد عينيه يحاول التماسك قدر المستطاع أمامها، أعاد فتح عينيه وتوجه نحو الفراش، جلس أعلاه وأشار لها بيده فجائته هي وجلست حيث أشار، سحب نفساً عميق وحاول انتقاء الكلمات لعلها تتفهمه وتتراجع عن طلبها:
, أنا يمكن مش حاسس باللي أنتوا حاسين بيه طول الوقت، بس أنتِ كبيرة كفاية وقادرة تفهمي يعني إيه طلاق، طلاق يعني خراب، بيت يتخرب!،
, عيال لا منهم طايلين أبوهم ولا منهم طايلين أمهم، حياتهم مشتتة ودا بيربي لهم عقدة نفسية، انا مش عارف أعمل إيه عشان تحسي إنك راضية معايا أنا كل حاجة عملتها وبرده مفيش فايدة قوليلي على حاجة وأنا مستعد أعملها لو مكنش عشاني عشان البنات اللي بينا حرام يعيشوا حياة مش كاملة بسبب طلاق أبوهم وأمهم فكري فيهم الأول
, _ كانت تطالعه ولا تعلم كيف تماسكت ولم تبكي، شعرت لمرتها الأولى بإرادتها في الحديث دون ضيق أو تعقيدات، وكأنه كان الوقت المناسب لأن تشرح له مدى خطورة مواصلة تلك العلاقة:
, أنا طلبت الطلاق عشانهم، صدقني فكرت كتير إني أحاول أتقبل الوضع بس مقدرتش، مش هقدر أضحك على نفسي تاني، أنا ضحكت عليها زمان إني أقدر أتقبل الوضع وعشت ٦ سنين خلقوا فيا غيرو وحقد وعدم رضا، انا لو كملت يبقى بظلم بناتي، هكون شخصية مش سوية محبش أنهم يتعاملوا معاها ويطلعوا زيها، أنا محتاجة أكون أهدى من كدا، محتاجة شخصية دينا الطيبة السوية ترجع تاني ودا هيحصل لما أبعد عن الصارعات اللي عايشاها مع عقلي طول الوقت
, نهضت عن مقعدها وبثبات أردفت:
, أنا مُصرة على الطلاق يا ريان حتى لو مش موافق بس أنا مش هتراجع عنه، لو سمحت أعطيني حريتي عشان أحاول أتعافى من نفسي يمكن أنجح وأرجع له تاني
, ذهول دون غيره متملك منه، لا يقدر على فعلها، فهذا بمثابة تخليه الكامل عن بناته لطالما حاول مراراً أن ينجح تلك العلاقة فقط من أجلهم، نهض من مكانه وتوجه نحو الباب ولم يعطها إجابة واضحة فلحقت به وحاوطت ذراعه بأناملها متوسلة إياه:
, عشان خاطري يا ريان قولها وريحني
, _ التفت برأسه إليها وطالعها بعيناه التي تتدفقت بهما الدماء وبعدم رغبة في استكمال الحديث معها ردد:
, أنتِ بتقولي إيه يا دينا؟
, بهدوءٍ أجابته:
, قولها يا ريان
, سكون حل للحظات كانت تحثه مراراً على قولها بإشارات من عينيها التى تجمدت حين هتف:
, أنتِ طالق!!
, طالعها للمرة الأخيرة قبل خروجه من تلك الغرفة التي لن تحل له بعد ذلك، أرخت هي من قبضتها على ذراعه فهرول ريان منسحباً من الغرفة وهو لا يرى أمامه، لا يصدق أنه بالفعل قد نطقها، لكن على ما يبدوا أنه عليه التضحية بشخص لكي يعيش بقية الأطراف في سلام حتى وإن لم يرضى ذلك..
, فرت دمعة من عيني دينا تلاها شلال من العبرات فور اختفائه من أمامها، شعرت بوخزة قوية في قلبها، لما البكاء ألم يكن هذا طلبها؟ ألم تصر عليه من أجلها وأجل بناتها؟ إذا ما معني بكائها ذاك؟
, سقطت على الأرض وجهشت في البكاء بقهرة كبيرة، ارتفعت وتيرة أنفاسها كما ارتفع نحيبها فتردد صوته في الغرفة، خرجت عنود من غرفتها راكضة إثره، لمحت طيفها الجالس أرضاً فلم تفكر كثيراً وهرولت بخُطاها إليها وقلبها ينبض رعباً.
, جست على ركبتيها أمامها وتسائلت بتوجس شديد:
, في ايه حصل حاجة لحد؟
, لم تجيبها دينا بل اكتفت بإيماءة من رأسها نافية حدوث مكروه لأحدهم، فتابعت عنود أسئلتها:
, طيب مالك بتعيطي كدا ليه، ريان زعلك؟
, ازدادت دينا في البكاء فلاحظت عنود ذلك وخمنت أنه حدث مشادة كلامية بينهما، لم تريد التدخل في الأمر ربما لا يعينها لكنها لن تستطيع تركها على تلك الحالة، فلم تراها بتلك الهشاشة من قبل، ترددت كثيراً في فعل ما يحتم عليها عقلها فعله خشية أن تصدها، بالتأكيد لن تصدها فهي في حالة لا يرثى لها، بهدوءٍ اقتربت منها وحاوطتها بذراعيها مرددة بحنان:
, طلعي كل اللي جواكي عشان تهدي
, _ وكأنها كانت في انتظار السماح لها بالإنهيار فهتفت عالياً بنبرة موجوعة:
, اااااه
, تلك "الأه" التي صاحت بها آلمت عنود كثيراً وشعرت بتهتك قلبها، لم يكن في مقدرتها سوى مرافقتها وعدم تركها قبل أن تتحسن حالتها ولو قليلاً.
, ٣٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, عاد ريان بعد بزوغ الفجر إلى الفيلا، فكان بحاجة إلي الانفراد بذاته بعض الوقت، انتبهت عنود لدخوله أثناء خروجها من غرفة دينا أن اطمئنت عليها وتأكدت أنها غفت.
, لم تستطيع التحدث حين رأت تعابيره الجامدة وتبدل أحواله بعد أن كانت متوعدة له كما أنها حضرت الكثير من الكلمات لكي تعاتبه بها بعد أن رأت حالة دينا، لكنه لم يكن أقل منها سوءاً، فكان في حالة مذرية أجبرت عنود على عدم إيلامه.
, ولجت خلفه لغرفتهما ثم جلست بجواره على الأريكة التي استلقى عليها وطالع سقف الغرفة في صمت، حمحمت وترددت كثيراً في سؤاله خشية أن تزيد الوضع سوءاً، لكنه فجائها حين أردف دون سابق إنذار:
, طلقت دينا
, شعرت وكأن دلو مليئ بالماء البارد الذي انسكب عليها فجاءة، خرجت من صدمتها على توسله:
, مش عايز كلام في الموضوع دا ولوم وعتاب لو سمحتي!
, طالعته لوقتٍ وإلى الآن لا يستوعب عقلها ما أخبرها به، حاولت التخفيف عنه بقولها رغم عدم تقبلها للأمر:
, أكيد مش هقولك حاجة متقلقش، أنت بتفكر في الحاجة قبل ما تعملها كويس يعني قرار زي دا أكيد في خير ليكم
, _ التفت برأسه نحوها وردد متسائلاً:
, تفتكري خير فعلاً؟
, لأول مرة لا تدري ما عليها قوله لكنها فقط ستجيبه بما تقتنع به لربما يقتنع به هو الآخر:
, كل حاجة بتحصل لنا خير أكيد، يمكن مش بيظهر في الوقت الحالي بس بعدين بنعرف فين الخير من اللي حصل
, _ عاد ريان ينظر إلي السقف كما عاد إلى صمته، شعرت عنود بغصة مريرة في حلقها لا تعلم ما سببها لكنها تشعر بالذنب تجاهه، اقتربت منه ورفعت رأسه بيدها وسمحت لنفسها بالجلوس ثم أعادت وضع رأسه إلى قدميها.
, تخللت خصلاته بأناملها ثم بدأت تتلوا بعضً من آيات **** تساعده علي استرجاع ذاته سريعاً، شعر ريان بسكون مريب داخله بعد قرائتها للآيات ولم يشعر بالنعاس الذي تغلب عليه بعدما شعر بخلوا جوفه من أي صراعات.
, ٣٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, في الصباح، استيقظ ريان وتفاجئ بغوفه على قدمي عنود، أعدل من وضعيته ليراها فإذا بها مستندة على ذراع الأريكة وغارفة في نومها، لام نفسه على عدم انتباهه لها ثم اقترب منها وانحنى عليها وقام بحملها بين ذراعيه برفق لكي لا يزعجها.
, وضعها علي الفراش فأخذت هي وضعية أكثر راحة لها بينما قام هو بدسر الغطاء أعلاها ثم انسحب إلى الخارج بعدم رغبة في أي شيئ.
, أنتبه لخروج دينا من غرفتها تجر حقائبها خلفها، أصدر صوتاً لتنتبه هي له ثم توجه نحوها لكنه حافظ على مسافة كافية بينهما وحدثها دون أن ينظر إليها:
, خليكي أنتِ هنا كدا كدا كنا هنمشي إمبارح، الفيلا بقت بتاعتك من هنا ورايح، هبعت السواق يجيب البنات ويوم بعد يوم هاجي أشوفهم
, _ أنهى جملته ثم أولاها ظهره وهبط الأدراج لكي يأمر السائق بالذهاب لإعادة الفتيات إلى الفيلا، ثم حضر سيارته وقام بوضع كل ما أحضروه بالأمس إستعداداً لذهابهم فور استيقاظ عنود.
, ٣٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, ودع بناته بحرارة، لا يعرف كيف استطاع التماسك أمامهم ولم يبكي فلقد تأثر كثيراً بفكرة فراقهم وعزم على توطيد العلاقة بينهن أكثر لكي لا يؤثر انفصاله عن والدتهن.
, عاد إلى منطقته برفقة عنود وصغيره، أمر الحارس بنقل جميع ما معهم إلى الأعلى فامتثل الآخر لأمره ثم استأذن وعاد لعمله بعدما تأكد من عدم حاجة ريان له.
, وقفت عنود أمام الباب وطالعت المنزل بشوق كبير، لقد فاق اشتياقها الكون، أُعيد عقلها شريط ذكرياتها منذ أول خطوة قد خطتها داخله إلى آخر مرة ودعته بقلب يعتصر حزناً فلم ترضى يوماً الإبتعاد عنه وها هي تعود إليه من جديد.
, _ استنشقت رائحة عبقه التي تسللت داخل أنفها ثم خطت أولى خطواتها وهي تسمي ****، عادت إلى وطنها وسكنها لطالما افتقدتهم في حياتها السابقة، تشكلت علي محياها إبتسامة سعيدة لتلك العودة المحببة إليها لوهلة شعرت بأن المنزل يرحب بها من فرط سعادتها.
, توجهت نحو تميم وحملته أعلى كتفها وأخذته في جولة سريعة في المنزل حتى يعتاده، عادت إلى الردهة فرأت غاليها جالس منهمراً بين أفكاره أو ربما همومه لا تدري، توجهت إليه ثم جلست على قدمه وتشبثت في عنقه جاذبة انتباهه بقولها:
, تعرف عايزة أعمل ايه؟
, حرك رأسه لعدم معرفته لما تريد وسألها باهتمام:
, ايه؟
, غمزت إليه ثم هتفت بحماس:
, بليل هتعرف
, _ حل الليل التي انتظرت عنود حلوله بفروغ صبر، نبه ريان على الجميع عدم إخبار هاني ويحيى بخبر انفصاله فلا يريد لهم الحزن في تلك الأوقات.
, أعدت عنود القهوة ثم دعته إلى سطح البناية بعدما ساعدت تميم على النوم، وصلا إلى مرادها المقصود فأشارت له بعينيها على مكانِ ما تريد تجربتة أخرى.
, ابتسم لها ريان وردد متسائلاً:
, ياااه لسه فاكرة؟
, مالت برأسها للجانب وبنبرة رقيقة مُتيمة أجابته:
, ودي حاجة تتنسي؟
, سحب ريان نفساً ثم بحث بعينه على الدرج الخشبي لكي يصعدا عليه، أحكم من وقوفه جيداً ثم صعدت أولاً وجلس في أعلى نقطة في عُش الحمام، مد يده لها وساعدها على الصعود، لن تنكر أنها تهاب ذلك المرتفع لكن ذِكرتها معه هنا تجعلها تتغاضى عن خوفها والاستمتاع بتلك التجربة المختلفة.
, سكبت لهما فنجانين من القهوة وشرع في ارتشافها، لمح ريان تلك النجمة من جديد فابتسم وهتف:
, أنتِ اهو
, _ قطبت جبتيها بغرابة من كلماته المبهمة ووجهت بصرها عليه فرأته ينظر إلى جهة ما، صوبت بصرها علي نفس وجهته فتفاجئت بالنجمة التي سبق وشبهها بها قبل أعوام كثيرة، شاركته الإبتسام ثم مالت برأسها علي كتفه فحاوطها هو بذراعه وشعور السكينة قد تمكن منه وسكن السلام روحه كما أجتاحت الراحة قلبه بوجودها معه في جميع الأزمات.
, حمحم وسألها بلهفة سماع إجابتها:
, هنسمي الواد ايه؟
, قهقهت على تلقيبه للجنين وحاولت التفكير بصوت عالٍ:
, ممم مش عارفة مفكرتش الموضوع جه فجاءة تفتكر أنت نسميه إيه؟
, لم يطيل ريان التفكير فقد حسم أمر ذاك الإسم وأخبرها به:
, سيف الدين
, _ طالعته عنود بأعين جاحظة حين نطق إسم والدها، بإمتنان شديد عانقته ثم تراجعت لتنظر في عينيه وهتفت بحب ظاهر:
, مش بقولك أنت جميل
, بادلها ريان إبتسامة ثم أعادها إلى حضنه مرة أخرى، شكر **** على وجودها وتمنى عدم زوالها فلا يستطيع بدونها، هي دوماً تقوي نفسه حين تضعف، وتسانده حين يسقط، وتعيد إليه روحه حين تلحق بعيداً عن موطنها، حمداً لله على وجودها معه فمهما شكر **** على نعمته لن يشعر بالكفاية
,
,
, انتهى ،،،،
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44 و wagih

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى أسفل
0%