NESWANGY

سجل عضوية او سجل الدخول للتصفح من دون إعلانات

مكتملة منقول أحرقني عشقه | السلسلة الثانية | ـ أربعة عشر جزء 15/10/2023

ناقد بناء

مشرف قسم التعارف
طاقم الإدارة
مشرف
نسوانجي متفاعل
نسوانجي متميز
دكتور نسوانجي
أستاذ نسوانجي
عضو
ناشر قصص
نسوانجي قديم
إنضم
17 ديسمبر 2021
المشاركات
8,828
مستوى التفاعل
2,833
الإقامة
بلاد واسعة
نقاط
14,810
الجنس
ذكر
الدولة
كندا
توجه جنسي
أنجذب للإناث
➤السابقة




الحادي والعشرون


مرت ساعات الحفل عليهم كـ سبع سنوات مرت في غيابها بألم و اشتياق احتل كيان الجميع. تعلقت تلك الليلة المشؤمة بعقولهم كـ طابع قوي بقلم حبر رسم تفاصيلها بدقة علي ورقة بيضاء. كانوا معهم و لكن عيونهم عالقة بها و هي تقف جوار زوجها و ابنها شبح الماضي يعود من جديد.
, عادوا إلي القصر و جلسوا جميعاً بالصالون كلا منهم شارد. الحنين باوصاله لتلك الأيام السعيدة! و السعيد برؤياها رغم قلقه! و الحزين لذكراها الميتة بقلوبهم و عادت تحييها! و المضطرب خائف من عودتها لـ كشف ما خبأه الزمن وراء الجدران من اقاويل و أحاديث رممتها بالخدع و الخبث و الخداع!..
, كانت الجملة الحقيقية الغير مفهومة البتة "عـودة حورية".
, تبادلوا النظرات بينهم بترقب و قلق بتساؤل أهي حورية حقاً؟!. أم مجرد تشابه!. فكما يقال بالعامية" يخلق من الشبه اربعين " ولكن ليس بهذه الدقة و كأنهما نسختان تشاطرتا نفس الوجه معاً ليصبحا و كأنهم توأم من نفس رحم الأم.
, تبادلت كلا من روفيدة و والدتها مها النظرات المضطربة الخائفة تجزم ان حورية عادت من الموت كي تنتقم منها و تذيقها عذاب ما عاشته علي مدار سنوات طويلة.
, انتقل نديم ببصره تجاه قصي الذي بان عليه عدم صدمته برؤياها و كأنه يعلم بوجودها منذ فترة و لم يخبر أحد هذا ما فكر به لينهض نديم من مجلسه و يقف امام ابن عمه الأكبر بصلابة و قوة ابناء العائلة .
, نديم ببرود و سؤال ذا مغزي انتبه له الجميع: أنت كنت عارف إنها عايشة و خبيت علينا؟!.
, قلب قصي عينيه ببرود و دار ببصره نحو الجميع ليجدهم يحدقون به بلهفة إلي الإجابة لكنه لم يجيب بل استمر بالصمت. نهض فريد من مكانه ووقف امامه ابنه يترجاه بعينيه مكررا سؤال ابن اخيه.
, فريد متساءلا: جاوب يا قصي فعلا انت كنت عارف بوجودها و خبيت علينا؟! انت الوحيد اللي باين عليك مش مصدوم فينا.
, تنهد قصي و رد: مش بالظبط يا بابا!.
, قاطعه فريد يربط بين كل الأحداث الماضية: عشان كده كنت رافض ترجع القاهرة و عايش في إسكندرية و كنت فاكر إنك مش عايز ترجع القصر و قررت تاخد فترة بعيدة عننا.
, الاشتياق و الحنين يسبر أغواره إلي ناحية أخري!. كل ما يراه الآن امام عينيه صورة حفيدته مع زوجها و طفلها بابتسامة واسعة. كانت بسمتها شعاع النور أشعل وهج النور سرعان ما انطفأ عندما عاملته كـ غريب.
, ماذا كان ينتظر منها بعدما القوا بها خارج القصر بليلة شتاء عاصفة دون أي مأوي لها تستنجد به غيرهم. كان قاسياً عليها بل تحجر قلبه مغلفاً إياه بقسوة كانت توازي صلابة الحديد.
, هتف فاروق بنبرة مترقبة: آه و إلا لاء، هي؟!.
, الإجابة هي حل اللغز و دمار شامل ، قال قصي بهدوء متنهدا: لاء مش هي يا فاروق بيه. دي ريحانة مش حفيدتك حورية.
, أغمض فاروق عينيه يعتصر الما و ندماً علي ما اقترفه بحق حفيدته قديماً فلما لم ينتظر سماع الحقيقة منها؟! لما وافق علي إذلالها و إلقاءها خارج حياتهم لتعود ثاني يوم جثة هامدة مشوهة الملامح. بينما وقف محمد والد حورية و تقدم من قصي يسأله بدموع حقيقية: متأكد من كلامك يا قصي! قولي يا ابني و ريح قلبي هي فعلاً بنتي و الا لاء مجرد تشابه و بس.
, كور قصي قبضته بقوة يتمني قول نعم ، هي ، و لكن الحقيقة المؤكدة تخبره بـ. لا ، رد ببرود و صوت قوي: متأكد يا عمي انا اول ما شوفتها صدفة بتشتغل عندي في الشركة و انا خلتها تبقي السكرتيرة بتاعتي عشان اتأكد أذا كان مجرد تشابه و الا هي حورية بجد ، اللي اكتشفته طول الفترة الفاتت إن حورية ماتت و انها ريحانة شبه حورية في الشكل.
, أغلقت أبواب الأمل بداخلهم. صفعت بوجوه تترقب الحياة بعودتها بندم علي الماضي حتي لو مذنبة. لكن أمر واقع يجب تحمله حورية أسفل التراب و هذه ريحـانة.
, إنفض الجميع من حول الجد و اولهم قصي يستجمعون شتات أنفسهم لكمية الحقائق و الاكتشافات هذا اليوم. سالت دمعة من اعين الجد بألم و اشتياق بأن يضم حفيدته لصدره ابنته الروحية حورية.
, همس بانفاس متثاقلة يتكأ علي عصاه: هينفع الندم بإيه يا فاروق ، حورية في السما مش علي الأرض اتقبل ده و إن الميت مبيرجعش من الموت إلا و مكنش مات و عايش.
, ١٦ العلامة النجمية
, بالأعلي حيث غرفة روفيدة.
, قلق و اضطراب تغلغل بداخل الأم و ابنتها. شبح الماضي و ما سعت مها لإخفاءه سنوات طويلة كان سيُهدم علي يد حورية إلا ان استطاعت التخلص منها. عادت بابتسامة ثقة قوية كما عهدتها قديماً.
, خائفة تجزم بذلك فهي قاب قوسين بحرب بدأتها بعقلها و ليس لها صلة بالحقيقة. حورية تعلم السر الذي أخفته سنوات سيدمرها لا محالة نهاية مها علي يد حورية. ما اعتقدته قد مات مع الزمن صار حي يستنشق الهواء بحُرية.
, أما روفيدة كانت تغلي غضباً عادت اللعنة علي حياتها كما تسميها. ابنة العم زوجة الحبيب سابقاً و صاحبة القلب حالياً. شاركت والدتها بالماضي في لعبة رخيصة كي تتخلص منها لكن علي ما يبدو أن حورية هي من لعبت بهم و أوهمت الجميع بموتها. يالها من ماكـرة قادرة علي الخداع فـ الزمن علمها أن تصبح قاسية باردة تسعي وراء الانتقام ممن سبب لها الألم.
, استدارت إلي والدتها و صرخت بغضب جلي: طلعت عايشة حورية عااايشة يا ماما كل اللي عملناه زمان طلع لعبة و قدرت تخدعنا في موتها المزيف الحقيرة.
, فرکت مها رأسها من شدة الصداع قائلة: دا مجرد شبه يا روفيدة يخلق من الشبه اربعين و دي متجوزة و مخلفة كمان.
, تقوس فم روفيدة بسخرية مغمغمة بإستخفاف من تصديق والدتها لخدعة حورية: أنت مصدقة اللعبة دي يا ماما ، يخلق من الشبه اربعين دا اللي قدرتي تقوليه! دي فولة و انقسمت نصين . حورية عايشة و شكلها ناوية تهد المعبد علينا و ناوية علي شر حكاية جوازها و عندها ولد و اسمها ريحانة مش داخلة دماغي أنا واثقة إنها حورية و دي لعبة عملاها علينا.
, زفرت مها بتخبط تردف بقلة حيلة: اعمل ايه يا روفي! قصي بنفسه قال إنه اتأكد إنها ريحانة ، حورية خلاص ماتت و اندفنت من سنين شيلها من عقلك و ركزي إزاي تخلي قصي ملكك.
, ابتسمت روفيدة بسخرية تقول بفظاظة: لا ما قصي مستحيل يبصلي طول ما هي موجودة. زمان متأكدتش من موتها بس أنا المرة دي هتأكد من موتها بجد و لا هيفرق معايا حورية و لا ريحانة إنش**** تكون سلمي أنا همحي وش حورية من علي وش الأرض.1
, وقفت مها تواجه ابنتها وقالت بضيق: اعقلي يا روفيدة و بلاش جنان زمان أجبرنا قصي و خدعناه بخيانة حورية ليه و محدش كشفنا لكن دلوقتي معاها عيلة و ناس بتخاف عليها و اي اذي ليها مش هيسكتوا عنه و كفاية انها في عصمت راجل.
, عقل يابس تمتلكه روفيدة فقالت بعناد و إصرار: ريحانة و متجوزة شكلك كبرتي يا ماما و صدقتي لكن انا هثبتلك إنها حورية و ساعتها هخلص منها بإيدي المرة دي و مش هسمعلك تاني.
, أردفت بحديثها و استدارت تتجه نحو المرحاض تاركة مها تتخبط في نيران الحيرة و الاندهاش. جزء من كلام ابنتها مقنع و جزء آخر يكذبها فـ حورية ماتت و قد دفنت فـ من هذه الفتاة؟!.
, جلست هامسة بضياع: شكلك كبرتي يا مها زي ما بنتك قالت لازم تتأكدي هي حورية و إلا لاء.
, ١٤ العلامة النجمية
, صعدت رؤي الدرج و سارت نحو غرفة نديم.. إنه في أشد لحظات ضعفه بعد هذه السنوات.. رأته مختلف ليس نديم الشاب الحنون الطيب بعد تلك الليلة بل رجل اشتد عوده قوي غامض بارد لا يهتم لأحد.. رغم إهانته لها الفترة الماضية إلا أنها تغلبت علي عقلها و راحت تنفذ ما يمليه القلب الوقوف جوار الحبيب.
, طرقت باب غرفته عدة مرات لكن لم تستمع رد لتفتح الباب و تدخل تجوب بعيناها المكان بحثاً عنه!!
, لمحته يقف بالشرفة يمسك بيده صورة صغيرة لم تتبين لها و عيناه شاردة بها تقدمت نحوه بخطي هُلامية لتقف لجواره تشعر بما يشعر به نديم فـ هي تعتبر حورية شقيقة لها.
, رؤي بـ همس خافت: ندييم٦ علامة التعجب
, لم يستدير و يرد عليها اخذت نفس عميق ثم وضعت يدها علي كتفه تنادي مکررة: ندييييم.
, علي حين غفلـة استدار يحتضنها متشبثاً و إنهمرت دموعه ببكاء لأول مرة منذ سبعة أعوام علي فراق شقيقته ليغمغم بصوت ضعيف حزين: سنين و انا عايش بندم إني كنت السبب في موتها لو مكنتش طردتها وقتها مكنتش عملت حادثة و ماتت مصدقتش إن السبب في موت بنتي و أختي يا رؤي، أنا وقتها كنت هايج و متعصب عشان٣ نقطة لم يقدر علي النطق فتابع٣ نقطة عشان اللي عرفته و إن أختي اللي ربتها علي المبادئ ضيعتها بلحظة طيش و ضعف كنت زي أي راجل لما يعرف باللي عملته أخته مكنش قصدي تموت كنت عايز أربيها و لما اهدي هرجعها تاني و اعاقبها علي اللي عملته و أعرف مين اللي ضيعت نفسها معاه و بعدها أعيد تربيتها بس القدر كان اسرع مني و أخدها مني لكنها رجعت تاني يا رؤي حورية لسه عايشة.1
, ضمته رؤي لها أكثر و اغمضت عيناها قائلة: حورية ماتت يا نديم دي واحدة تانية ريحـانة.
, حرك رأسه بنفي وهو بين أحضانها نافيا: لاء يا رؤي أنا اخ و أقدر أميز اختي بين مليون بنت وواثق إن البنت دي حورية.
, العناد و الإصرار صفة متوارثة بالعائلة عند التشبث رأي ما، رؤي بهدوء و عقلانية: إزاي عايشة طب البنت اللي اندفنت تبقي مين يا نديم.. حورية اندفنت قصاد عنينا زمان و منقدرش نكدب الحقيقة.
, صمت برهة يفكر فيما قالته لكنه بقي علي رأيه أن ريحانة هي ذاتها حورية فقال: معرفش مين اللي اندفنت بس هرجع أدور علي الحقيقة من جديد و أصحح اللي غلطة زمان و أرجع حورية لحضني تاني.. أرجع بنت قلبـي و أختي.
, زاد من احتضانها لـ رؤي حبيبته يستمد القوة منها ليحدق في الصورة التي يمسكها تجمعه مع صغيرته و شقيقته حـورية.
, ١٤ العلامة النجمية
, في جنـاح قصـي.
, ممدد علي الفراش بجسده العريض عاري الجزع لا يرتدي سوي شوت جينز يصل للركبة يغمض عينيه من يراه بعيداً يظن أنه نائم لكن الحقيقة هو مستيقظ يفكر أن ذلك الشاب الوسيم هو "إياد السباعي" زوجها ليس عشيقها كما اعتقد هو.
, رؤيته لها جوار رجل آخر غيره ألمته٣ نقطة من امتلكها بالماضي قلباً و روحاً و جسدا لم تعد ملكه.. يدفع نتيجة تهوره و خطئه في حق حورية.. يستطيع تمييز حورية و هو يثق بأنها حورية و اضطر للكذب مرغماً بقول عكس الحقيقة كما كان مرغم علي فعلته لها بالماضي.
, بعد أول ليلة بينهما اكتشف براءتها و أنها فتاة فـ قرر إبعاد فكرة الانتقام للمرة الثانية الصور لم تكن سوي خدعة لإبعاده عنها لكنه أثبت ذلك بطريقة أخري.. ليأتيه إتصال من مجهول يهدده بأن يطلقها و إلا سيدفع الثمن غيرها.. من بحث عنها سنوات و لم يجد لها أثراً و للوصول إليها عليه أن يفعل ذلك..
, لا يعلم بهوية المجهول لكنه توصل إلي حقيقة أنه من العائلة و إذا حدث العكس سينقلب عليه و لن يعلم عنها شئ فإضطر لتنفيذ ذلك ريثما يحصل عليها المرأة التي سببت له معاناة في حياته لكنه وقع في خدعة و انطلت عليه لم يجدها و خسر حورية خسر حبه و عشقه حينما ماتت لينكشف الستار و لم يجدها إلي الآن.
, انقلبت حياته رأساً علي عقب بعد موت حبيبته أدمن الكحول و النساء يخرج بهم شحنته السلبية.. كل فتاة اقترب منها يراها بها.. يري حورية صغيرته "حبة التوت" خاصته و قد دفع الثمن سبع سنوات ليجدها زوجة و أُم لطفل صغير نسيته و نست ذكرياتهم..
, لم ينتبه أنه يبكي و هو نائم بعقل يسبح في الذكريات يبكي علي ضياع حبيبته منه.. كان مجبراً و لم يكن له الاختيار فإضطر مرغماً راسماً الخطط لاستعادتها ليسبقه الموت و يأخذها منه..
, فتح عينيه الحمراء من الدموع سيسترد حقه و حق حورية و حق الثالثة المجهولة ممن كانوا السبب وراء تدمير حياته و ضياع سنوات عمره بعيداً عن حبيبته.
, هذا وعد قطعه قصي الراوي؟؟؟؟؟؟؟!
, ١٤ العلامة النجمية
, صباح يوم جديد..
, كانت ليلة صعبة علي عائلة الراوي و لم يكن العكس علي الناحية الأخري فكان إياد يحاول إقناع حورية(ريحانة) بالعدول عن فكره الانتقام لكنه فشل بهذه المباراة و ربحت بها ريحانة.. انتقامها ليس لها فقط بل إلي حطام المرأة بداخلها و طفلها مجهول الأب و لم يكن غير "قصي" والده الحقيقي الأب بشهادة الميلاد و صلة الدم لكن أمام الجميع إياد هو أبيه.
, حينما حل الصباح لم يستطع الذهاب إلي الشركة و كان بحاجة إلي شخص يستمع له و يقص عليه ما يؤرقه و يؤلمه فلم يجد غيرها هي الوحيدة القادرة علي تحمله بجميع حالاته.. تالــــيا.
, بينما تاليا تشعر بأن قلبها سيقفز من مكانه بسعادة لوجودها جواره.. لم يلجأ لأحد غيرها و كان قراره صائب لن يجد أحد صبوراً يتحمله غيرها رغم شراسة تاليا و عنفوانها إلا إنها تتبدل إلي اخري رقيقة حانية معه.
, -ممكن بقي تتكلم و تحكيلي إيه اللي مضايقك يا إياد بقالك ساعة قاعد ساكت و سرحان٤ علامة التعجب.
, كان هذا حديث تاليا تسأل إياد عما حدث فهو صامت منذ ان أتي بها إلي هنا.. تطلع لها إياد بهدوء ليزفر بعمق يروي لها ما حدث حينما حاول إقناع ريحانة(حورية) ان تترك فكرة الانتقام.. استكمل بقية حديثه بإنهاك و تعب:
, مصممة تنتقم منهم يا تاليا خصوصاً قصي عايزاه يحبها و يعشقها بعدين تسيبه و تجرحه زي ما عمل زمان.، قصي مش صعبان عليا بالعكس عايز دلوقتي اروح اخنقه بإيدي و اقتله يمكن ارتاح من النار الي جوايا.. خايف عليها تتأذي في اللعبة دي و إن يحصل العكس هي تضرر و تنجرح تاني.
, ابتلعت تاليا ريقها ببطء ثم قالت بهدوء شارحة له وجه نظر الأخري: مينفعش نلومها يا إياد دا حقها.. حورية عاشت سنين بهوية و اسم غير اسمها عاشت بشخصية تانية اتدمرت بمعني الكلمة علي إيدهم.. مكنش في ثقة فيها حورية الملاك البرئ الطاهر دنثه قصي و هما ساعدوه في ده لما صدقوه و كذبوها دي بنتهم اللي ربوها و عارفين اخلاقها كويس رموها في نص الليل في الشتاء برا من غير رحمة و لا رأفة بيها انا لو شوفت حد بيعمل كده في حيوان هتمني اقتله بإيدي ما بالك إنسان.
, إياد بإنفعال طفيف: بس ده كان زمان هي لسه متعلقة بالماضي و مش قادرة تنساه لدلوقتي رافضة تكمل حياتها سايباها واقفة عند نقطة واحدة و هي قصي يا تاليا.
, تاليا بانفعال و غضب مماثل: انت اكتر واحد كنت شاهد علي اللي عانته زمان يا إياد لما اكتشفت الحمل و حالتها النفسية المتدهورة كانت سبب إنها تحاول تنتحر اكتر من مرة لولا ستر **** بنلحقها علي آخر لحظة دا غير إنها حاولت تنزل الجنين بس كان متمسك بالحياة و عاش.. كوابيس نص الليل و تقوم من النوم خايفة و متنامش غير علي مهدئات أيان اللي كان بعيد عنها أول شهور الولادة بسبب حالاتها كل ده تسميه إيه كلام الناس عنها و قالو كلام وحش جارح.. رد علياا حقها تنتفم منهم و الا لاء؟؟!.
, اخفض عينيه هو خير شاهد علي تلك المعاناة لكنه خائف عليها هذا الطريق وعر عليها ليهمس بألم: خايف تضعف و تحبه من جديد يا تاليا٣ نقطة حورية مش قادرة تنسي حب قصي و تشيله من قلبها لدرجة الهوس.
, ابتسمت تاليا بألم لهذا الحد قلق عليها.. قلبه الحجر لا يشعر بحبها له طوال هذه السنوات.. تحجرت دموع بداخل عينيها تود البكاء و الارتماء بحضنه تخبره انها تعشقه و تحبه. افاقت علي ملمس يده يمسك يدها مستطرداً بقية حديثه:
, أنا قلقان عليها ترجع تضعف قدام حبه من جديد.. سنين بنزرع فيها القوة و نجحنا في ده بصعوبة لحد ما رجعناها البنت القوية المرحة اللي نعرفها.. أنا أكتر واحد جرب نار الحب و الخيانة يا تاليا مش عايزها تنكوي منها من جديد خليكي جمبي أقدر أرجعها من طريق الانتقام.
, وضعت يدها الأخري فوق يده الممسكة بيدها تربت عليه تهمس بابتسامة شاحبة تثبت له بأنها لجواره: و أنا هفضل طول عمري معاك يا إياد و جمبك كل ما تحتاجني.
, ما كان منه ان يرد علي ما قالته سوي انه رفع كف يدها و لثمه بحب مغمغماً بود شاكرا: كنت واثق في جوابك يا تاليا و إنك دايماً جمبي.
, ابتسمت بتوتر انفاسها متسارعة ووجنتيها متوردة بقبلته البريئة علي يدها فاجئها بهذه الحركة لأول مرة يفعل هذا.. لماذا يُحييي حبه داخل قلبها بعفوية لا يقصد خبث وراءها.
, لم ينتبها إلي زوج من الأعين الخبيثة و الحاقدة راقبت ما حدث من بعيد بخبث فقد نالت ما أرادته و قد حان وقت لرد الصفعة لهما.. ابتسامة شر غزت شفتيها المطلية بأحمر شفاة ناري تغمغم بهمس لنفسها:
, مطلعتش علاقة شغل و بس طلع كان قصة حب بين الاتنين بس هردلك القلم مية.. هدفعك تمن طردي غالي أوي يا إياد السباعي مبقاش انا شهيرة الحناوي و بكره تشـووف.

الثاني والعشرون



اكتر اللي بيقرأ الرواية كره قصي و انا معاكم اللي عمله كان مدمر لحورية و قاسي جداً .. قصي واحد عاش طفولته بمدرسة داخلية في ألمانيا من غير لا أب و كمان اتحرم من حنية الأم سنين عمره.. والمفروض في الوقت ده كان يلاقي العيلة جمبه بس كان وحيد ابوه كان بيسافر مسافات عشان يشوفه ساعتين يشبع منه قبل ما يرجع تاني.. الجد حرمه من رجوع مصر حتي في العطلات فالولد زادت عقدته كل ما يكبر و لما رجع مصر بالفرمان اللي اصدره جده شاف حورية و كان اول لقاء بينهم دمار و ضربته بالقلم وهو ميعرفش هي مين؟!. لما اكتشف انها بنت عمه و لقي الفرق في تعامل جده معاها و إزاي بيدلعها حس بغيرة هي انحرمت من الأم و هو كمان محروم بس عوضها بمرات أب حنينة و عيلة كبيرة بس معاه كان قاسي.. كره جده اكتر ساعتها علي السنين اللي عاشها وحيد، كان مقرر ينتقم من جده عن طريق حورية بس مع الوقت حبها و قلبه اتعلق بيها لحد ما جده قرر يعوضه بعد ما حس بالندم علي اللي عمله فيه.. كان التعويض حورية و اتجوز قصي حوريه.. قصي حبها بجد منقدرش ننكر ده غيرته عليها و تعامله معاها. لحد ما في يوم انبعتله ظرف كان فيه صور لحورية مع شاب و هو فكر انها بتخونه فنحبش يتسرع وقال يكتشف ده بنفسه و لما بقت مراته و اكتشف براءتها و عاش معاها طول الشهر بسعادة لحد ما اللي بعتله الظرف هدده إنه يسيبها عشان يعرف طريق (الست المجهولة) هنعرفها مع الأحداث الجاية. عمل اللي قاله عليه و حورية انطردت. هو كان بيلعب عليهم لحد ما يعرف مكانها بس حورية عملت حادثة و ماتت.. عاش سبع سنين قهر و ندم علي اللي عمله و لسه بيدور ورا اللي بعت الظرف و شاكك انه حد من العيلة.. لحد ما ظهرت حورية بشخصية ريحانة السباعي و هنا تبدأ حكايتنا.
, اللي عايزه اقوله ان قصي عشق مش حب بس حورية دا عشقها بس الظروف كانت اقوي.. حورية راجعة تنتقم منه و مش معرفاه انه عند ابنه بمعني اصح كدبت في فقدان الذاكرة و إنها مش فكراه بس فهم العكس انها نسخة من حورية و عايز يثبت ده .
, قصي غلط و غلطه كبير و انا همرمطه عشان في بنات كتير شتمته و كرهته و انا معاكم دي ضربة قاضية قضت علي حورية..
, تنبيــــه: الأبطال هما ريحانة و قصي و أيان.
, الأبطال الثانوية: إياد و تاليا-نديم و رؤي-شمس و عاصي..
, دول ثنائيات الرواية و حورية مستحيل تسامح قصي بسهولة و انا معاكم بس قصي انظلم و اتجبر علي اللي عمله.. اما بخصوص مها و روفيدة محضرالهم نهاية هتعجبكم انشاءلله.
, لا تنسوا الفوت قبل القراءة ☆★. "نبدأ الفصل".
, ١٨ العلامة النجمية
, بسم **** الرحمن الرحيم
, في المول..
, سارت ريحانة (حورية) بجوار تاليا التي اجبرتها علي القدوم و التسوق من أجل الحفلة المدرسية التي ستقام بعد يومين بـ مدرسة الصغير "أيـان" وعليهم شراء هدايا و ملابس جديدة من اجل الحفل.. رفضت ريحانة الفكرة رفضا تاما لا ترغب بالخروج من المنزل متعللة بانها تريد الراحة بيوم العطلة.
, لكن الحقيقة لا تمت بما قالته بصلة.. هي تريد الانعزال عن الجميع بعدما داهمتها ذكريات قصتها مع قصي لتنعش بداخلها موجات الألم القديمة بعدما رممتها بنزاع قوي بين قلب مهووس به و عقل يشتعل برغبة الانتقام و كان الفائز في هذه الحرب هو العقل بعدما ازداد الحقد تجاه العائلة تحديدا "قصي" زوجها السابق و حبيبها أيضا.
, ذكريات كانت جميلة لكن تلك الندبات القاسية التي تركها بداخلها خطت بتوقيعها بقلم حبر عشقت قاسي متبلد لا يهتم بمشاعر الآخرين.. انتقامه يُعميه عن الحب و سير القلب فدائماً عقله يربح بجولات القلب و العقل.. رجل قضي حياته بلا قلب و لا رحمة ماذا تنتظر منه أن يبادل قلبها الحب..
, اخرجت تنهيدة عميقة من صدرها استمعت لها تاليا لتلتفت لها تقطب جبينها بدهشة هي أقرب لها من الجميع بئر أسرار لبعضهم البعض.. وقفت تاليا فجأة بينما تابعت ريحانة سيرها لتتوقف عندما لاحظت عدم وجود تاليا لتدور حول نفسها بحثاً عنها لتجدها واقفة تعقد ساعديها امام صدرها بملامح وجه واجمة.
, مطت ريحانة شفتيها و اتجهت نحو تاليا لتجدها تسير بلامبالاة اغتاظت ريحانة لتتبعها صارخة بضيق:
, - في إيه يا تاليـا؟. متغيرة معايا النهاردة
, لم تجيب تاليا عليها و سحبت مقعد بالكافتيريا ثم جلست عليه ببرود لتسحب ريحانة الكرسي المقابل صارخة بنفاذ صبر من برودها:
, -تاليـا أنا بكلمك علفكرة، تاليـا، اقسم ب**** يا تاليـا لو ما رديتي عليا هسيبك و أمشي وشوفي مين هيعمل شوبينج معاكي بعد كده.
, رفعت تاليا حاجبها باستنكار ثم هتفت باستخفاف غير خائفة بما قالته الأخري:
, -انت بتهدديني يا ريحانـة بلاش احسنلك و عشان راحتك لأني تاليا بتهدد بس إنما حد يهددها يبقي لعب في عداد عمره.
, ضيقت ريحانة عيناها تهتف باستنكار:
, -أنت بتقلبي بسرعة ليه يا تاليا انا ابتديت اخاف منك.
, ضحكت تاليا ضحكة باردة و قالت بجمود:
, -متخافيش يا حبيبتي لأني هطلع جناني بعد اللي عرفته من إياد.
, همهمت ريحانة بتهكم قائلة ببسمة ساخرة:
, -هو إياد قالك!! و اتلميتوا علي بعض إمتي دا الموضوع مش بقاله غير يومين بس.. و إلا فيه حاجة بتحصل من ورايا.
, رفرفت تاليا بعيناها تكبح حدة غضبها تحدجها بنظرات ساخطة ثم قالت بحدة:
, -بلاش استفزاز يا ريحانة إحنا مش صحاب من يوم و سنة إحنا مع بعض من ايام ما كنا في k. g 2 يعني نعرف نفهم بعض كويس.
, قاطعت ريحانة حديث تاليا وهي تکـور يدها وعيناها باتت كتلة من نيران ملتهبة:
, -بس أنـا مش هسيب حقي يا تاليا عشت سنين في عذاب بسببهم رموني بره كأني حشرة.. صدقوا إني ممكن اخون ثقتهم ميعرفوش إني عمري ما عملت حاجة غلط.. أنا سبع سنين من عمري قضتهم في قهر و حزن اتخلوا عني في أصعب وقت و اكتر لحظة كنت محتاجهم فيها.
, تنفست تاليا و قالت بتفهم تحاول إيصال ما يراه إياد و لكن هي الآن تائهة بين الاثنين قرار ريحانة بالابتعاد و رغبة إياد بالانتقام:2
, -بس احنا اتفقنا إننا نبعد و ننساهم. ننسي اللي فات من حياتنا و نعيش الجاي. انا معاكي إن حقك تنتقمي بس أخرة الانتقام إيه هتستحملي وجع جدك و اخوكي و باباكي و طنط شاهندة و شمس وكل اللي بيحبوكي. ريحانة قلبها كبير متقدرش تشوف حزنهـم.
, لمست كلمات تاليا وتر بقلب ريحانة و هو حُب العائلة لكن هم من ابتدوا بذلك و عليهم تحمل النتيجة:
, -هستحمل يا تاليا نظرات عيونهم و نظرة الكره محفورة جوايا اللي حصل ليلتها لسه معلم جوايا.. أنا مخططتش لمقابلتهم من البداية و كنت عايشة عادي مكملة بس القدر جمعني بيهم و اختفائي ملوش لزوم يبقي اعمـل إيه أسكت علي سنين الوجع وإلا انتقم منهم و اخد حقي و حق ابني اللي ميعرفش مين أبوه؟!. ابني عايش بإسم غير اسم ابوه بكنية مزيفة و متقبل ده *** سبع سنين عايش طفولته يتقبل حقائق إنسان كبير مش يستحملها.
, اغمضت تاليا عينيها تستجمع بعض قواها لكي تجيب عليها ثم قالت بعقلانية:
, - ارجوكي بلاش انت بتفتحي صفحة قفلناها من زمان و دمرتنا انا و أنت و إياد و لو اتفتحت هتفتح معاها جرح قديم يا ريحانة.. استقيلي من الشركة و أبعدي عنهم و خلينا نرجع لحياتنا القديمة
, توقفت تبتلع ريقها ثم استرسلت برجاء تتوسلها:
, -ريحـانة انت أكتر واحدة عارفة إني بحب إياد و مع ذلك استحملت تبقي زوجة ليه بالاسم عشان سمعتك و ايان ميحسش إنه اقل من أصحابه.. ابعدي عنهم اللي بيقرب من عيلة الراوي بيقرب من الجحيم و الحزن و أنت بدأتي بشيطانهم قصي و دول تعباين أنت مش قدهم خلينا بعيد عنهم.. الانتقام مش هيريحك بالعكس هيزيد من وجعك عشان مش هتستحملي تشوفي الحزن في عينهم عمرك ما كرهتي عيلتك لاء أنت لسه بتحبيهم و بتحبي قصي.
, القت بقنبلتها لتجد ريحانة تقف فجأة بملامح واجمة تغمغم بصلابة:
, -إحنا نسنيا لورين يا تاليا اخدنا هدايا ايان و نسينا لورين يلا بينا عشان مش نتأخر اكتر من كده عليهم.
, نهضت تاليا بضيق من النتيجة السيئة بالحوار و كانت الرابحة ريحانة ذات الرأس الصلب لتلتقط حقيبة يدها و سارت خلف ريحانة تحاول مجارات مشيها الأشبه بالركض.
, ٢٤ نقطة
, بمكان آخر بنفس المول.
, كانت كلا من رؤي و توأمها روفيدة و شمس و شاهندة و مها يتجولون بالمول لشراء فساتين من أجل الحفل الذي سيُقام بالقصر بعد عدة أيام لزفاف نديم و رؤي و خطوبة شمس و عاصي كانت مها تفرض رأيها علي الجميع هي و روفيدة يسخرون من ذوقهم و بساطة ما تختارهن كانت كل واحدة تحمل حقيبة بها الفستان الخاص بها و ذاهبين لاقتناء الأحذية.
, تأففت شمس بغيظ من روفيدة و استعلاءها قائلة بنفاذ صبر:
, -أنا زهقت مش عاطينا فرصة نختار علي ذوقنا و اللي عاجبنا أووف بيحشروا نفسهم في كل حاجة و احنا ملناش حق نختار اللي عايزينه.
, وكزتها شاهندة في كتفها هامسة بجدية تنظر إلي رؤي الواقفة معهم بينما كانت الأم و ابنتها ينتقون الاحذية :
, -شمس عييب ميصحش الكلام ده عن الأكبر منك.
, زمت شمس شفتيها بعبوس في حين هتفت رؤي بابتسامة باهتة تغمغم بغيظ:
, -سيبيها يا طنط إذا كان أنا بنتها و مش مستحملة تدخلاتها لدرجة إني هسيبكم و أرجع القصر و مش هشتري حاجة.
, ابتسمت شمس براحة كبيرة تتشدق بكبرياء:
, -مش رأيي لوحدي دي أراء الجمهور كمان.
, حركت شاهندة رأسها بنفي من تصرفات ابنتها المجنونة غير عاقلة البتة وكادت ان تتحدث ليقاطعها خروج روفيدة بجوار والدتها التي غمغمت بغرور و عنجهية بلا مبرر:
, - تمام اشترينا الفساتين باقي الإكسسوار خلينا نشتريهم بالمرة.
, نظرت الثلاثة لبعضهم بوجه باكي يسيروا بجوارها ناحية المحل و قد انهكوا من التعب المسيطر عليهم يتعجبن من صبرها و عدم تعبها كل هذا الوقت غمغمت شمس بسرها بسخط من مها و ابنتها:
, -حسبي **** ونعم الوكيل فيكي يا مها أنت و بنتك معتش قادرة فرهدتيني منك لله.
, ما أن أنهت حديثها حتي اصطدمت بأحد ما لتقع من حقائبها في حين تأوهت الأخري بألم لتغمغم شمس باعتذار و لهفة وهي ترفع عينيها لتري صاحب الصوت:
, -أنا أسفة مقصدتش علفكرة.
, صممت مع اتساع عينيها بصدمة و هي تري أنها اصطدمت بريحانة عذراً حورية شقيقتها بينما توقفن الاخريات و صدموا عندما رأوا حورية واقفة تتألم بكتفها و شمس تقف تتأملها بدموع أما ريحانة كانت تمعن نظراتها بوجه شقيقتها الصغيرة التي كبرت و صارت أنثي جميلة تشبه زوجة أبيها شاهندة المرأة الطيبة التي عاملتها كأنها ابنة لها و أكثر.
, تنحنحت حينما وكزتها تاليا الواقفة جوارها خفية لتردف بهدوء و صوت جاهدت ان يخرج طبيعياً و غير متأثر:
, -ولا يهمك حصل خير.
, انحنت ريحانة تلملم حقائبها التي وقعت من يدها لتنحني شمس مثلها و عيناها لا تبتعدان عنها تنظر لها كيف باتت اكثر جمالاً عن قبل و ازدادت فتنة.
, لمحت ريحانة الدموع بأعينها وهي تحملق بها فتساءلت باهتمام:
, -فيكي حاجة يا آنسة؟!!.
, ابتسمت لها شمس ابتسامة باهتة و هي تنهض بعدما لملمت حقائبها مثل ريحانة تجيب:
, -لا أبداً بس فيكي شبه من واحدة عزيزة علي قلبي و افتكرتها لما شوفتك.
, همهمت ريحانة بتفهم تردف بابتسامة صغيرة جذابة:
, -اممم **** يديمكم لبعض .
, استرسلت شمس بشرود كبير حديثها:
, -بس أنت فيكي شبه منها كبير و كأنك هي فولة و انقسمت نصين لدرجة إني حسيت إنك هي.
, انعقد حاجبي ريحانة مشدوهة تردف بتعجب:
, -أفندم تقصدي إيه بكلامك ده!!.
, هنا تدخلت شاهندة قبل أن تخطأ ابنتها بالكلام علي الرغم من اشتياقها لابنة قلبها فتاتها الأولي حورية:
, -إحم إعذريني أصلها متأثرة بيها جداً بعد وفاتها و أنت شبهها جداً عشان كده بتتكلم بالطريقة دي.
, هزت ريحانة رأسها بتفهم بينما مها و ابنتها كانتا تتابعا حركات ريحانة في محاولة لاستنباط تصرفاتها لمعرفة إذا كانت هي أم لا؟. تدخلت رؤي و قد سنحت لها الفرصة كي تشفي جروح حبيب القلب نديم.
, رؤي ببشاشة وهي تتقدم منهم: انا شوفتك في بارتي عيد ميلاد حفيدة عثمان بيه السيوفي مش أنتِ ريحانة صح.
, أومأت ريحانة تجيب ببرود:
, -أيوة انـا هي هو أنتم كنتم هناك في البارتي مأخدتش بالي خالص.
, اغتاظت روفيدة و ابنتها تتعمد إهانتهم بالكلام رغم أنهما دائما محط أنظار الجميع أجابتها شمس بضحكة هادئة:
, -أدينا بنتعرف يا ستي أنت اتعرفتي علي جدي فاروق بيه الراوي و مش انتبهتي ليينا.
, ابتسمت ريحانة بسعادة و هي تتذكر الجد تغمغم بسعادة متذكرة:
, -فاروق بييه.. أنتم من عيلة الراوي يااه انا جدو عثمان حكالي عنكم كتير و اتمنيت اشوفكم بس يوم البارتي مش قابلت غير فاروق بييه مكنتش اعرف إنه عنده حفيداته بالجمال ده.
, تاملت شاهندة ريحانة و قالت بداخلها بحزن تعقب علي ما قالته:
, -مش هيكون اجمل منك يا حورية العيلة كبرتي و بقيتي أجمل من الأول.
, مالت تاليا علي ريحانة هامسة بتبرم حانقة و غاضبة تصر علي أسنانها:
, -احنا اتأخرنا أوي و لازم نمشي و الا إيه؟!.
, ابتسمت ريحانة بتوتر حينما لمحت بأعينهم الدهشة و التعجب فلم ينتبهوا لوجود تاليا كان شاغلهم الأكبر حورية فقط تفوهت ريحانة بابتسامة مرتبكة تعرفهم ببعض:
, -إحم سوري نسيت اعرفكم دي تاليا السيوفي صاحبتي و اكتر من اخت ليا كمان و تبقا بنت خالة إياد جوزي.
, شهقت شاهندة بفرح وسعادة قائلة بعدم تصديق:
, -أنت بنت ناهد ما شاء **** كبرتي يا حبيبتي و بقيتي زي القمر.
, ابتسمت تاليا بود وقد ارتاحت لهذه السيدة:
, -ميرسي يا طنط دا من ذوقك.
, وزعـت نظراتها بين الفتيات تبتسم بتكلف لترحيبهم ثم قالت بحزن مصطنع:
, -سوري لازم نمشي ضروري اتأخرنا أوي و إياد قال لازم نرجع بدري فرصة سعيدة إن شوفتكم.
, بادلوها الترحيب لتجذب تاليا ريحانة و سارت بها امامهم بينما تابعتها اعين حاقدة تنذر بشر كبير تدبره لها بينما صرت تاليا علي أسنانها تغمغم بتوعد:
, -دا انت ليلتك طين يا ريحانة اما وريتك بقاا علي قلة سماعك الكلام و برضه عملتي اللي انت عايزاه.

الثالث والعشرون


بغرفة المكتب بقصر الراوي.
, يجلس قصي بمقعده يباشر أعماله ممسكاً بيده وريقات بيضاء خططت عليها بالألوان بينما افترش سطح المكتب بعدة ملفات سوداء يجاورها كوباً من القهوة يرتشف منه. كان ينصب تركيزه علي الاوراق كي لا يدع نفسه فرصة بالتفكير بها. تحمل علي ذاته الألم ليلة أمس بندم سيطر عليه.
, انقلبت اللعبة و انقلب السحر علي الساحر ليتحول الي حقيقة و أن ما خططته كي يستعيد المرأة بمقابل طلاقه من حورية كان لعنة حلت فوق رأسه!.
, أخرج تنهيدة عميقة ينصب فوق الأوراق بتركيز شديد يقرأ ما دون بها. فلكما شعر أنه سيفكر بها ينفض الافكار عن رأسه و يعمل لساعات طويلة حتي يتعب.
, انفتح الباب علي مصرعيه و ظهر من خلفه نديم الذي سار ناحية المكتب و جلس علي المقعد المقابل لـ ابن عمه "قصي".
, رفع قصي عيناه ينظر ببرود إلي نديم الذي بادله نفس النظرة الباردة. ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتيه فهو يعلم ما يخطط له ابن عمه يستطيع قراءة ذلك من عيناه. اعاد بصره إلي الاوراق أمامه يشغل نفسه بها ينتظر منه أن يبدأ الحديث باستفزازه و إثارة سخطه و غيظه.
, كان توقعه بمحله حيث تفـوه نديـم بنبرة صلف:
, -عايز أنـزل الشركة بتاعتك اشتغل فيهاا من بكره.
, تصنع قصي عدم الفهم يحدق بالأوراق أمامه ببرود متساءلاً بصلابة:
, -ليه؟!. علي حد علمـي أنت ماسك إدارة شركات العيلة هتسيب كل ده و تشتغل عندي.
, استشاط نديـم غيظاً منه وصاح بانفعال:
, -انـا حر و متنساش إني ليا 15٪من أسهم الشركة يعني أنا شريك فيهاا.
, ابتسم له قصي بجمود يلقي الأوراق علي المكتب مغمغماً بتوضيح له:
, -حر براحتك بس انا مالك باقي الأسهم و كان اتفاقنا زمان إنك شريك بالأسهم بس ملكش أي دخل بالإدارة و إن الشركة هتبقاا تحت إشرافي انـا والا نسيت.
, رد نديـم ببرود ظاهري:
, -منستش بس انا غيرت رأيي وحابب أنزل الشركة عندك!. و بابا و عمي فريد و فؤاد ومعاهم عاصي هيتهموا بالشركات العيلة.
, ضيق قصي عينيه مردفاً بنبرة ذات مغزي:
, -ما تتكلـم علي المكشوف و قولي إنك رايح عشانهاا. عشان. ريحانة و إلا أقـول حورية.
, جأر نديم بصوته عاليا مجيباً إياه بصراحة بداخله شك أن تلك الفتاة شقيقته هـو:
, -ايـوة عشانها!. عشان اتأكد إذا كانت هي حورية أختي و إلا لاء!.
, قصي بغمـوض:
, -طب لو طلعت مش حـورية هتعمل إيه؟!..
, رد عليه نديـم بصوت متألم:
, -هبعد بس هكـون فقدت الأمل أرجع أختي لحضني تاني و أعوضها عن اللي سببته ليهاا من زمان. يمكن آآآ. يمكـن ارتاح من عذاب الضمير وتأنيبه إني السبب في موتها زمـان.
, بنفس الوقت أغمض قصي عينيه بألـم لا أحد يعلم أنه السبب بكل ما يحدث لكنه حينها ظن انه وضع مؤقت سينتهي علي الفـور حينما يجد" زهرة" و يعلـم من يحاول تدمير علاقته بحورية لينتهي به المطـاف وحيدا بدونها.
, همس قصي من بين شفتيه بقـوة مصطنعة:
, -و أنـا موافق يا نديـم بس بشرط تكـون بعيد عنها عشان مش تشك في حاجة و نقدر نعرف الحقيقة.
, اومأ له نديـم بلهفة يشكره بسعادة ترفرف بعينيه كالعصافير:
, - وأنـا موافق أهـم حاجة تكـون قريبة مني و أقدر أشوفهاا. شكرا يا قصي بجد شكراً.
, حرك قصي رأسه بموافقة بينما وقف نديم بعدما شكره و غادر الغرفة ليستند قصي بذقنه علي كف يده متألماً هامساً بعذاب يراوده من سنين:
, -انـا السبب!. أنـا السبب. أنـا السبب.
, ١٦ العلامة النجمية
, وصلت كلا من ريحانة و تاليا إلي منزل ريحـانة.
, ولجت كلتا الفتاتان إحداهما بوجه محتد غاضب احمر من شدة كبت غيظها!.
, أما الثانية فلم يبدو عليها سوي البرود و القـوة تخطط للقادم.
, وجدوا إياد يجلس بانتظارهم يجلس علي اريكة بالصالون يضع قدم فوق الأخري بينما لا أثر لأيـان.
, ارتمت تاليا بجـوار إياد تتنهد بتعب بينما جلست ريحانة علي الأريكـة المقابلة.
, تطلع إياد إلي تاليا بنظرة تساؤل هل نجحت خططته لتخفض عيناها أرضا لم تستطع الإجابة في حين تكلمت ريحانة متسائلة بحاجبان معقودان:
, -فين إيـان يا إيـاد؟!. انا سبته معاك قبل ما اخرج.
, أجاب إياد ببرود عاقداً ساعديه امام صدره يرمقها بنظرات غاضبة:
, -أيـان نايم من بدري مرضتش اسيبه و أمشي قبل ما ترجعوا رغم إني عارف إنه راجل و يعتمد علييه؟!.
, تنفست ريحانة الصعداء تخلع عن قدميها حذائها الذي يؤلم قدميها بينما مالت تاليا علي إياد و همست له ببضعة كلمات تقص عليه باقتضاب ما حدث بينهما بالمول. انتفض إياد بجزع واقفاً رامياً بنظرات الغضب ريحانة:
, -هي عملـت كده!.
, انتبهت ريحانة له و زاغت عيناها بينهما لتعلم أن تاليا أخبرته بينما تحرك إياد ناحيتها هادراً باهتيـاج:
, -انا نبهتك يا ريحانة تبعدي عن العيلة دي!. لسه عايزة ترجعليهم تاني.إييه كل كلامنا و محاولتنا نقنعك تبعدي عنهم ملهاش أي قيمة عندك.
, وقفت ريحانة امامه قائلة بهدوء مبررة:
, -انا مش عايزة أرجعلهم يا إياد انا كنت في المول مع تاليا و لما قابلناهم صدفة وهما عارفين إني اسمي ريحانة ولو اتهربت منهم يبقاا اكيد هيشكوا فيا إن دا مش مجرد شبه و إني فعلاً حورية.
, صدقت بحديثها المقنع لكن هذا لن ينطلي عليه!!. ليس *** صغير يصدق ما تقوله والدته من كلمات حتي يهدأ؛ نطق بحدة مزمجراً:
, -متحاوليش تخدعيني يا ريحانة بكلامك. انا اكتر واحد فاهمك وعارف إيه اللي بيدور في دماغك كويس.
, عقدت ريحانة ساعديها يلتوي ثغرها ببسمة ساخرة متشدقة بتهكم:
, -وإيه اللي بيدور في دماغي يا استاذ إياد و عارفه؟!.
, نهضت تاليا ووقفت بين الاثنين مردفة بتوتر فالجو مشحون ومليئ بنظرات التحدي:
, -إياد، ريحـانة متقصدش حاجة. هي بس..
, قاطعها إياد بصوت جهوري يصرخ بها لأول مرة:
, -تااااليااااا متبرريش لحد انا فاهم كويس هي عايزة توصل لإيه باللي بتعمله.
, استرسل يتقدم منها يقف امامها حتي بات لا يفصل بينهما إلا خطوة واحدة يتصارعا بالاعين:
, -ريحـانة عايزة تنتقم منهم!. تنتقم من قصي اللي طلقها و رماها بعد ما آخد منها اللي عايزه. تنتقم من جدها اللي مصدقش حفيدته اللي رباها علي إيده و كان بيعتبرها بنته. أبوها اللي اتهمها بشرفها و نديـم أخوها اللي رماها زي أي كلب برا القصر و محدش راعي إنها بنت لوحدها في عز الشتا و البرد و في نص الليل اكمـل يا ريحانـة و إلا اقـول حورية.
, اغرورقت عيناها بالدموع تصيح بوجهه بألم اعتصر قلوب ثلاثتهم:
, -أيووة عايـزة انتقـم منهم مش من حقي أنتقم لسنين عمري اللي قضتها موجوعة. مش من حقي ولو لمرة انتقم من كل اللي كانوا السبب في عذابي. طـول عمري بسامح اخدت إيه قولي؟!. حوريـة اخدت إيه من ورا طيبة قلبها غير الذل و الاهانة و المرمطة افتكر لو مكنتش قابلتكم كان هيحصلي ايه كنت اتشردت انا و ابني. انا محدش حاسس باللي جوايا. محدش حاسس بالوجع و القهر اللي حسيته لما شوفت بعيونهم نظـرات الاتهام. محدش حاسس باللي عايشـاااااه.
, صرخ إياد بصوت عالي مماثل لها:
, -لاء حاسس كويس يعني ايه تحب و يخذلووك انا و أنت كنا لبعض دوا لجرح عمره ما هيطيب و اتفقنا نبعد عن سببه و نكمل من غير ما نلتفت لورا. ننسي اللي فات و نعيش اللي جااي. انا و أنت اتفقنا إن حورية ماتت و إن ريحانة اتولدت من جديد اتولدت لما قررت تعيش ليها و لأيان و إياد وتاليا وبابا وماما. ريحـااااانة اللي قدامي عايشة و حورية هي اللي ماتت.
, طفرت الدموع و قالت بنشيج مؤلم تشير بسبابتها تجاه نفسها:
, -بس حورية لسه عايشة جوايا يا إيـاد مش هقدر اقتلها و اموتها زي ما اتفقنا حورية موجودة جزء مني جزء من روحي حورية هي أنـاا.
, رجع إياد خطوة للخلف يغمغم بجمود كي لا يبكي امامها:
, -انـا معرفش حد اسمه حورية!.اللي قدامي واعرفها ريحانة السباعي بنت عمي و بس!.ولحد ما ترجع ريحـانة تاني و تعقلي كويس مش عايز أسمع صوتك و لا اكلمك فاهمة.
, اتسعت حدقتي تاليا بصدمة ماثلت صدمة ريحانة لم تشعر سوي و إياد يجذب يدها يسحبها خلفه مغادراً الشقة.بينما ارتمت ريحانة علي الأريكة بصدمة يتخلي عنها بهذه السهولة لا يمكن فقد اصبح إياد جزء كبير من حياتها لا تقوي علي العيش بدونه أبداً.
, بينما بالأسفل.
, وقف إياد امام سيارته يستند عليها مغمضاً عينيه كي لا تنساب الدموع منها. اقتربت منه تاليا بدموع تلتمع بمقلتيها هاتفة باسمه:
, -إيـــــاد!.
, التفت إياد علي حين غرة و احتضنها بقوة يترك لدموعه العنان في حين بكت تاليا علي ما حدث كلاهما يتألمان. ثلاثتهـم تألموا من العشق كأنه نار تحرق الجميع نار تلتهم قلوبهم بعذاب لا يشفي احرقها عشقـه.
, غمغم إياد بصوت باكي متأثر:
, -خايف عليها يا تاليا. مش هقدر أخسرها و اشوفها بعيني بترمي نفسها في جحر الشيطان تاني. قلقـان من طريق الانتقام اللي عمي عينها عن حاجات كتير خايف أووي يا تاليا.
, ربتت تاليا علي ظهره بألم قائلة بمواساة تدفع الأمل بداخله:
, -هنحـاول تاني يا إياد مش هنستسلم غير لما نقنعها تبعد انا و انت محتاجين شوية صبر بس.
, ابتعدو عنها يشعر بالخجل من نفسه بالتسرع بعناقها لكنه شعر بالراحة قربها تفهمه و تطيب من جرحه ليغمغم بغمـوض و نبرة ذات مغزي:
, -حورية عنيدة و محدش هيقدر يقف قصادها غير شخص واحد و انـا عارف هو مين؟٣ علامة التعجب
, انزوي ما بين حاجبي تاليا بدهشة لم تفهم مقصده همت بسؤاله لكنه التفت و ركب السيارة خلف المقود لتتنهد بضيق ثم فتخت الباب و ترجلت جواره. سار إياد بهم كلا منهما يشغله افكـاره إياد في كيفية حماية ريحانة من ثأر الماضي و تاليا بقلب ينزف الما ان إياد يحب ريحـانة لهفته و دموعـه عليها تاكلها من الداخل.
, تطلعت له بألم و لم تدري سوي وهي تسأله بقلب متألم:
, -أنت بتحب ريحـانة يا إيـاد؟!.
, ١٥ العلامة النجمية
, بقصر الراوي كان الجميع يلتف حول طاولة العشاء يستمعون إلي ما تقوله شمس عن مقابلتها لريحـانة بالمول "حورية" وكيف تحدثت معهم بهدوء و كأنها لأول مرة تراهم. شعروا بالحزن لنسيانهم عن اي نسيان يتحدثون فلم يشفي الزمن جرحها بل يتعمق يوما عن يوم و أنتم تتآكلون ندما لنسيانها.
, اي قسوة تمتلكون للومها علي نسيان من حقها بل و الانتقام من حقها. الثأر ممن سلبوها الحياة حقها. تنهد الجد فـاروق يستمع إلي شمس التي تابعت بسعادة فلقاؤها دب الأمل بقلبها:
, -بس مكنتش لوحدها كان معاها صاحبتها يا جدو تعرف تبقي مين تاليـا السيوفي حفيدة جدو عثمان بنت رقيقة و كيـوت كانت معاها في المول و شكلهم اصحاب جامد.
, جذب اسم تاليا انتبـاه قصي لينظر لها بغموض يسألها بغتة بنزق:
, -اسمها إييه صاحبتها دي يا شمس؟!.
, جاوبت شمس وهي تبتسم ابتسامة خطفت قلب عاصي:
, -تاليـا يا قصي!. تاليـا السيوفي بتسأل لييه في حاجة؟!.
, حرك رأسه بنفي مبتسما بهدوء لتتابع شمس بقية حديثها استقبله الجميع بلهفة عدا اثنتان كانتا تشتعلان غيظا و حقداً بينما سبح قصي بعقله نحو اسم "تاليـا " إنه استمع إلي هذا الاسم من قبل ولكن لا يعلم أين؟!!.
, ١٤ العلامة النجمية
, بالصباح الباكر.
, كانت ريحانة بحالة يرثي عليها لم تنم جيداً بل كانت ليلة مؤرقة مليئة بالدموع و الحـزن!. لم تجف دموعها لحظة بل ظلت تبكي دون توقف عندما تركها إياد مهددا إياها إما العدول عن الانتقام او إنها خارج حياته.
, الحياة لها عبارة عنه كان صديق و أخ و طبيب و كل شئ لكنه لا يريد الاستماع لها بامر الثأر ينهرها بحدة. يريدها ان تبتعد عن طريق عائلة الراوي كيف؟!. كيـييف؟!. وكان للقدر راي آخر حينما جمعها بهم مرة اخري كي تنتقم.
, نهضت من فوق الفراش و سارت بقدمين هلامتان نحو المرآة وتطلعت لانعكاسها بالمرآة، رأت شبح إمراة عيناها متورمتان وحمراء بلون الدم و شعرها مشعث حول وجهها و لا زالت ترتدي ملابس الامس كانت ليلة حزينة عليها بكت انهاراً من الدموع تفكر بالابتعاد كما يرغب لكن العقل يخبرها بالانتقام.
, لقد خططت كثيراً كي تنتقم و ياتي إياد ببساطة ملغياً إياه لكن لن تترك حقها و قد عزمت عليه حتي لو القربـاان نهاية علاقتها بإياد.
, خرجت من شرودها علي صوت جرس الباب لتهرع بسرعة ظنا منها انه إياد لكن خاب املها حينما رأت آخر ما تتوقعه. فغرت شفتيها هامسة بصدمة:
, -مامـا شاهندة٦ علامة التعجب
, ٢٠ العلامة النجمية
, علي الناحية الاخري.
, كان الحال يختلف عند تاليا فقد استيقظت بالصباح مبكراً ولم تستطع الذهاب للعمل لتذهب إلي مكانها المفضل و البحر تقف تتطلع إلي الامواج المتلاطمة بيأس!. متي سينتبه لها؟!. متي سينظر لها أنها حبيبة وليست صديقة له؟!. متي سيخبرها بكلمة أحبك التي تتمني سماعها منه؟!.
, تحقد علي ريحانة لحصولها علي كل هذا لكن تهود نادمة زاجرة نفسها أنه اخ و صديق بالنسبة لها ليس أكثر!.
, لكـن هل يعتبرها إياد شقيقة له أم قلبه اعلن تمرده و احبها؟!.
, سئمت من عشقه بالخفاء تألمت و لم تجد الطبيب الذي سيداوي جراح قلبهاا، سئمت لامبالته نحوها، سئمت و سئمت و سئمت الكثير من حياتها. إنها أرهقت كثيراً من عشق بالخفاء.
, تحببه منذ الطفولة ليعشق الكثير من الفتيات و لم ينظر لها يوماً علي أنها حبيبة له فقط نظرة اخوة و صداقة. تنهدت بتعب تبعد خصلات شعرها عن وجهها تقرر بداخلها ان تنزع حبه من داخل قلبها و ستبدأ من جديد.
, لكن هل ستقوي الفـراق أم ستقع بغرامه من جديد؟!..
, رن هاتفها لتخرجه من حقيبتها و نظرت وجدت والدتها فأجابت تاليا وهمت بالرد قاطعها صوت والدتها تخبرها بشئٍ مـا. جحظت اعين تاليا بصدمة قائلة:
, -إيييييييه؟٥ علامة التعجب

الرابع والعشرون



وصلت تاليا فيلا السيوفي و نزلت من السيارة ثم ولجت للداخل لتجد والدتها و جدها بانتظارها. قطبت جبينها بتعجب و هي تتقدم منهم فعندما هاتفتها والدتها لم تنتظر و اتت بسرعة. كان عثمان السيوفي يجلس علي الأريكة يمسك بعكازه و عيناه جامدة بينما ناهد زوجة ابنه تسير ذهاباً و إياباً بوجه مكفهر غاضب.
, وقفت تاليا مشدوهة تتساءل بتعجب:
, -خير يا ماما اتصلتي بياا و طلبتيني؟!. فيه إيه انا قلقت جداً.
, اتجهت ناهد ناحية ابنتها بوجه لا يُنذر بالخير و فجأة علي حين غُرة هوت بكفها صافعة ابنتهاا. اتسعت اعينها بصدمة تضع يدها علي وجنتها محل الصفعة غير مصدقة ان والدتها صفعتها للتو.
, تلك المرة الأولـي بحياتها التي تصفعها بها والدتها فلقد كانت دائماً حنون و عطوفة. كانت الأب و الأم بنفـس ذات الوقت لأبنائها فقد توفي زوجها والد تاليا و لا زالت زهرة لم تذبل.
, تفوهت تاليا بصدمة ترفض تصديق ذلك:
, -أول مـرة تضربيني يا ماما!. انا عملت إييه لكل ده. ما تقـول حاجة يا جدو.
, اشتعلت ناهد بنيران الغضب و الاحتقان:
, -هيرد يقول اييه يا قليلة الادب. طول عمري ماشية مرفوعة الراس و فخـورة بولادي و تربيتهم الناجحة لكن الظاهر كل ده طلع كدب.
, حتي الآن لم تفهم مغزي حديث والدتهاا بينما استأنفت ناهد وهي تقبض علي خصلات شعرها فتأوهت تاليا بألم:
, -كل ده يطللع منككك أنت٤ علامة التعجب عملتلك إيييه عشااان تفضحينااا بالشكل ده.
, حبست تاليا دموع عينيها تحاول نزع يد والدتها من شعرها تتساءل بعدم فهـم:
, -فهميني يا ماما انا عملت اييه!. انا عملت إييه يا جدو انا معرفش حااجة.
, زادت ناهد من قبضتها علي خصلات ابنتها و جاءت بالرد لكن سبقها عثمان بنبرة لا تحمل النقاش:
, -سيبها يا ناهـد.
, امتثلت ناهد علي الفـور لأمر والدها لتهرع تاليا نحـوه بدموع تتسابق علي وجنتيها تمسك بيد جدها تغمغم بنشيج:
, -ماما ضربتني يا جدوو.. انا اتهنت يا جدوو.. جدو أنت ساكت لييه انا عملت إييه عشان ماما ترفع إيدها لأول مرة و تضربني.
, كانت نظرات الجد تحمل لوم و عتاب و تنهد محتاراً يعلم جيداً ما زرعه بـ حفيدته و لكن ما رآه لا يقـول ذلك. أمسك بجريدة جواره ثم ألقاها علي الطاولة الصغيرة امامه قائلاً:
, - اقري المكتوب في الجرنال ده و أنتي تعرفي ناهد عملت كده لييه!!.
, بأيد مرتعشة أمسكت تاليا الجريدة و فتحتها باحثة عما يقوله جدها. جحظت عيناها بصدمة وهي تري عدة صورة التقطت لها هي و إياد بمواضع مختلفة. كانت الأولي و هما بالكافيه منذ يوماان و عندما أمسك بيدها تلقائياً يستمد منها الأمل. بينما الثانية كانت عندما هبطا من منزل ريحانة سوياً و الثالثة كانت وهو يحتضنها و يوصلها للمنزل. و الصدمة الحقيقية كانت المكتوب بالبنط العريض:
, "عـلاقة سريـة تجمع بيـن رجل الأعمال إيـاد السباعي و سكرتيرتـه تاليـا السيوفي".
, رفعت عيناها و غمغمت بصوت متهدج من الدموع:
, - دا كددب و **** كدب. مفيش حاجة بيني و بين إياد غير الشغل و صداقة بس!. كل المكتوب ده كدب.
, صاحت ناهد باهتياج:
, -حتي لو كدب ميين هيصدقنا هاااه احنااا خلااص اتفضحناا و البركة فيكي عادل اخوكي لو عرف ممكن يقتلك فيهاا.. وبعدين هينشروا خبر كدب من غير ما يتأكدو ازااي.
, وقفت تاليا امام والدتها ببكاء تنتظر منها ان ترأف بحالها ولكن ناهد لم تلين لنظراتها بل غلفت ذاتها بقناع القسوة و الجمود قائلة بنبرة لا تحمل النقاش:_من النهاردة مفيش شغل مع إياد تاني و انسي انك تخرجي من البيت غير علي بيت جوزك و يكون في علمك اول عريس هيتقدملك هنوافق عليه فوراً و أي حركة كده و الا كده منك يا تاليا هتشوفي الاسوأ من كده شكل دلعنا ليكي افسد اخلاقك و علي أوضتك فوق يـلا.
, بكت تاليا بقهر من تصديق والدتها لتلك التراهات لتنصاع لها و تصعد إلي غرفتها في حين جلست ناهد علي الأريكة بدموع حبستها داخل مقلتيها ليردف عثمان بهدوء:_قسيتي عليها أوي يا ناهـد وهي مش غلطانة!.
, رفعت ناهد عيناها إلي الجد و قالت بصوت مبحوح:_غصب عني يا بابا انا عارفـة إنه كله كذب بس تاليا متعلقة بإياد و دا احنا ساعدناها فيه و مش حاولنا نمنعه إياد متجوز و عنده ولد و بنتي لازم تفوق من وهم حبه عشان تقدر تكمل حياتها مع الانسان اللي يستحقها. تاليا لازم تنسي إيـاد و دا اللي هعمله ولو اضطريت للقسوة معاها.
, تنهد الجد بحيرة مما قالته هم لم يصدقوا ما قالته الصحف و تناقلته لكن يريد ان تعيش حفيدته مع انسان يحبها و لا تهرول وراء عشق مستحيل.
, ……………………
, بمنزل ريحـانة.
, صدمة زلزلت كيان ريحانة وهي تري أمام عينيها والدتها الثانية!. المرأة التي اغدقتها حنان و حُب ولم تبخل عليها يوماً به بل تعاملت معها و كـ أنها ابنتها من حملت بها تسعة اشهر برحِمها و كانت تعاملها بطيبة قلب زرعته بقلبها هي الأخري.
, ريحانة بصدمة:_ماما شاهنـدة.
, دفعتها شاهندة إلي الداخل وولجت خلفها تصيح في غضب:_بلا ماما بلا زفـت يا حوريـة؟!.
, استغربت ريحانة "حورية" من غضب شاهندة الغير مبرر:_مالك يا ماما في إيه؟!.
, التفتت شاهندة بسخرية:_في إيه بتسأليني السؤال ده؟!. ناويـة علي إيه حوريـة و مخبياه علينا و الا خلاص كبرتي و بقينا بنفكر ننتقم و نعمل خطط من ورا بعض.
, ريحانة بتنهيدة عميقة:_أهدي يا ماما و أنا هفهمك تعالي نقعد في التراس و نشرب فنجانين قهوة و انا هفهمك.
, شاهندة بغضب:_مش عايزة افهم حاجة غير إنك تشيلي فكرة الانتقام من دماغك احنا ما صدقنا بعدنا عن اللي حصل زمان و ارتحنا منه بـس لما إياد حكالي و قالي انك مش راضية تتنازلي عن فكرة الانتقام خلاني عايزة آجيلك وقتي و أكسر دماغك.
, ريحانة ببرود:_بس دا حقي و لازم آخده.
, شاهندة بانفعال:_حقك ازاي يا حوريـة احنا من يوم ما قررنا ان حورية ماتت مبقاش ليها وجـود و مفيش حاجة اسمها انتقام و لا عيلة اسمها الراوي كانت في حياتك و أنك ريحانة و بس و أنت وافقتي علي ده و اعتبرناه عهد علينا عايزه تخوني العهد.
, ريحانة بيأس:_بس يا ماما أنا تعبت لما شوفته عايش حياته عادي و أنا سنين بتعذب بسببه مقدرتش استحمل.
, اشفقت عليها شاهندة لكن عادت لسلاح الحدة و الصمود تربت علي كتفها قائلة:_لازم تنسي و تستحملي انت ملكيش أي علاقـة بالعيلة دي و انت بالنسبالهم واحدة شبه حورية وبس. مش عايزاكي تضعفي قصاد شوية مشاعر غضب غبية و تندفعي يا ريحـانة خليكي قوية قدامهم طول مانتي بتتعاملي برسمية بتقهريهم أوي انا شيفاهم بيتندموا قصاد عينيا كل ما يشوفوكي ودا لوحده انتقام عذاب الضمير كفيل انم تنتقمي منهم.. تقدمت منها بضعة خطوات تحتضن وجه ريحانة بين كفيها٣ نقطة بـلاش تضيعي من بين ايدك حياتك السعيدة دي عشان شوية اندفاع و أفكار متهورة أنت عندك عيلتك و ابنك و اياد و تاليا و أنا و كلنا بنحبك دا مش بيسعدك.
, حركت ريحانة رأسها بنفي قائلة بدموع:_لاء بيفرحني جداً و بيسعدني.
, ابتسمت شاهندة بحنان تمسد علي خصلات شعرها:_يبقي خلاص نكون بعيد عنهم ومهما حاولوا يقربوا منك تكوني بعيدة وتتعاملي برسمية يا قلبي عشان هيحاولوا يقربوا منك فاهمه.
, ريحانة بإيجاب:_فاهمة يا ماما هعمل اللي يسعدك و يريحك.
, امسكت شاهندة يدها وقادتها نحو الأريكة تغمغم بمرح:_تعالي احكيلي ايه اللي حصل معاكي الفترة الفاتت بما اني كنت مش موجودة.
, ريحانة بضحك:_ياااه فاتك كتير خصوصاً تاليا و اللي عملاه في إياد.
, مر الوقت سريعاً بين قص ريحانة الي والدتها ما حدث و ضحكاتهم السعيدة التي مر عليهم فترة لم يشعروا بها. غادرت شاهندة تاركة ريحانة تفكر فيما قالته لتقرر ان تنفذ رغبة والدتها فهي ضحت بالكثير لها و اذا علم الجميع انها تشترك معهم بتلك اللعبة ستكون العواقب وخيمة. افاقت علي صوت رنين هاتفها لتنهض وثم اتجهت الي غرفتها لتجد تاليا من تحاول الاتصال بها لتجيب.
, ريحانة:_آلووو
, تاليا ببكاء:_٩ نقطة
, ريحانة بصدمة:_أنت بتقولي ايه احكيلي بسرعة حصل ايه؟!..
, تاليا:_٧ نقطة
, ريحانة وهي تتسع عينيها علي وسعهما:_مستحيييل!..
, …………………
, في شركة السباعي.
, كان اياد يعمل بمكتبه و لكن بلا تركيز فكان عقله مشغولاً بغياب تاليا الغير مبرر و حينما حاول الاتصال وجد هاتفها مغلق تسرب اليه القلق ان يكون هناك ما أصابها عند تلك الفكرة انتفض قلبه بهلع نعـم فهي جزء من حياته لا يستطيع التخلي عنه!.
, حاول اقناع نفسه ان خوفه الغير مبرر بسبب عدم اعتياده علي غيابها و انها صديقته المقربة منه.
, فُتح الباب علي مصرعيه فجأة و ظهرت ريحانة بوجه غاضب يكاد يحرق الأخضر و اليابس.
, إياد بدهشة:_ريحـانة أنتِ بتعملي ايه هناا؟!.
, لم تجيبه بل ألقت علي المكتب الجريدة التي ابتاعتها:_شووف و أنت تعرف انا هنا لييه.
, امسك إياد الجريدة يقرأ ما دون بها لتتسع عينيه بصدمة هامساً:_مستحيل!. دا دا دا كذب مش حقيقة.
, عقدت ساعديها قائلة ببرود:_اثبت؟!.
, إياد بغباء:_أثبت ايه؟!.
, ريحانة بغضب:_اثبت انه مش حقيقة يا أستاذ دلوقتي سمعة تاليا بقت في الأرض بسببك و لازم تتصرف و تشوف حل.
, وقف إياد امامها قائلاً ببرود وقد علم سبب غياب تاليا:_عايزاني اعمل ايه يا ريحانة مفيش في إيدي حاجة اعملها و الخبر كذب مش صحيح و دي أشاعة مع الوقت هتروح.
, صاحت ريحانة بغضب مما قاله:_أنت مجنوووون هتتخلي عنها في أصعب وقت هي محتجاك جمبها. عايز تتخلي عنها يا إياد و ترميها تواجه الفضيحة لوحدها انت بتثبتلي إنكم يا رجالة صنف واحد غدار و خاين.
, إياد بحدة:_ريحااااانة!! متخلنيش اتعصب عليكي.
, ريحانى بتحدي:_اتعصب يا إياد ايه هتضربني عادي مش هتفاجئ ان ده يطلع منك أنا اتعودت علي الخذلان من اقرب الناس ليا لكن تاليا لاء و انا مش هستحمل اشوفها قصاد عينيا بتعاني لوحدها المفروض تكـون جمبها لأنك شريك معاها في اللي حصل ناهد هانم مامت تاليا رافضـة تكمل شغلها معاك دا غير انها هتجوزها لاول عريس يتقدملها و كله هيبقي بسببك انت يا إياد.
, إياد وقد اتسعت عينيه بهلع:_بتقولي ايه هتجوزها غصب عنها ازاي تاليا مش صغيرة و تقدر ترفض ده.
, ريحانة بابتسامة ساخرة:_مش هتقدر تمنع قرارهم لأنهم قرروا باقي ينفذوا حكم الاعدام عليها.
, إياد بغضب:_ انا همنعهم يعملوا فيها كده مستحيل اسيبهم يدمروها.
, ريحانة ببرود:_وهتمنعهم بصفتك ايـه يا إياد؟!.
, تطلع لها إياد بحيرة لتتابع ببرود:_يبقي مفيش غير حل واحد.
, إياد بلهفة:_إيه هـوو؟!.
, ريحانة وهي تلقي بقنبلتها بهدوء:_مقدمناش حل غير إنك تتجوزها.
, إياد ببلاهة:_إيييه!.
, اومأت ريحانة:_ايوة تتجوزها يا إياد و الصحافة لما يعرفوا انكم متجوزين هتمنع الفضيحة عنها.
, اعطاها ظهره قائلاً بتشتت:_مستحيل يا ريحانة مقدرش.
, ريحانة بغضب وهي تتقدم تقف امامه:_هو إيييه اللي مقدرش؟!. هتتجوزهااا يا إياد يعني هتتجوزهااا.
, إياد بصراخ مماثل:_مش هتجوزها يا ريحاانة.
, ريحانة:_و انا قولت انك هتتجوزها هتتجوزهااااا
, …….. ………………
, عند قصي كان يتصفح علي هاتفه مواقع التواصل الاجتماعي ليجد امامه تلك الاشاعة المنسوبة لاياد و تاليا لتتسع حدقتيه بغضب عاصف لايصدق انه خان ريحانة مع صديقتها ليهمس بعدم تصديق و غضب.
, قصي:_إزاي يعمل كـده و يخونها إزاااي؟!

الخامس والعشرون


فيلا السيوفي
, كـان يجلس إيـاد و جواره علي الأريكة تجلس ريحانة، اما علي الأريكة المجاورة جلست إيمان بجوار زوجها، تبادل الجميـع النظرات الحادة تحديداً نادية ترمـق ابن شقيقتهـا بحنق كبير.. باعتقادها أنه السبب لما حدث لتاليا!..
, أما إيـاد كان يجلس ببرود ظاهري، ولكن، يتآكل من داخله لا يصدق ان ريحانة استطاعت إجباره علي المجئ و الموافقـة علي الارتباط بـ تاليا، لن ينكر ان تاليا فتاة جيدة و رقيقة و طيبة القلـب و فاتنـة..
, توقف عقله عند كلمة فاتنة!.. أيعقل أنه يراها فاتنة؟!.. كيف و متي؟!.. ماذا يحدث لك إيـاد أنسيت عهدك لحبيبة قلبـك أنه لن ينبض لغيرها..
, كانت الأجواء متوترة كـ الكهرباء ليبادر الحديث الجد عثمان السيـوفي بنبرة هادئة:-طبعاً كلنـا عارفين سبب الجلسة المفاجئة دي إييه و إلا إيه يا عـزت.
, تنحنح عزت حينما وجه له عثمان الحديث و قال بتوتر:-طبعاً يا عثمـان بيـه، إياد و تاليا متربيين مع بعـض من وهما صغيرين و أي كلمة اتقالت عنهم كـذب و إشاعة و أنا عمري ما أقبل ان اي كلمة تضر سمعة تاليا اللي بعتبرها بنتـي عشان كده احنا جينا طالبين إيد تاليا لإياد ابني.
, شخصت اعين الجميع بصدمة من قرارهم المفاجئ بينما راقب عزت و زوجته الجميـع فهـم كانوا هكذا منذ ساعات قليلة و لكن استطاعت ريحانة اقناعهم ان إياد بحاجة لنسيان الماضي و البدء من جديد و أن تاليا هي الأفضل له.. و ستكـون الإشاعة فرصة للارتباط و تكوين أسرة و اوضحت لهم حب تاليا الخفي لإياد فكان قرارهم الموافقة.
, كانت أول من افاقت من الصدمة هي نادية و التي هبت واقفة تتسع عيناها بصدمة ممزوجة بغضب و لهيب مشتعل قائلة بغضـب:-أنتم بتقولوووا إيييه؟!.. عايزيين تجوزوا بنتي لإياد اللي هـو أساساً متجوز و مخلف، معقـول يا إيمان شايفة بنتي سلعة رخيصة للدرجة دي انها تبقي زوجة تانية لابنـك.
, حركت إيمان رأسها بنفي و قد التمعت عيناها بالدموع وقالت بتبرير:-عمري ما فكرت في تاليـا كده يا نادية، دي بعتبرهـا بنتي التانيـة أقسم ب**** و غالية علي قلبي عشـان كده متمنـاش ليها السوء و لا يتقال عنها كلام وحش.
, لم تهدأ نادية من كلماتها بل زادت من وتيرة غضبها و التفتت إلي ريحانة تغمغم باهتياج سافر:-و أنت ازاي مستحملة إنـك تبقي موجودة و هما بيخطبوا لجووزك هااا، معندكيش كرامـة، ما تتكلمي ردي عليااا، قابلة علي نفسك يبقالك ضرة، بس انا عمري ما اقبل ان يكون في حياة بنتي شريكة لجوزها غيرهاا، من الآخر طلبكم مرفوض.
, نهضت ريحانة بهـدوء ووقفت قبالتها ثم تناولت نفـس عمـيق و قالت:- ايـه اللي في كلامنـا غلط يا مدام نـادية؟!.. انـا موافقـة إنه يتجـوز من تاليـا.
, ابتسم ناديـة بسخرية و قالت باستخفاف:-لاء بجد!.. برافوو.. إزاي اقنعك بقراره كده؟!.. واحـدة مكانك كانت طربقت الدنيا علي دمـاغ جوزها.
, ابتسمت لها ريحانة نفـس الابتسامة ببرود و أجابت:-أنـا غير يا مـدام نادية، انا و إياد مفيش حاجة تربطنا ببعـض غير أيان و بس يعتبر جوزانا فاشـل من البداية و كان غلـط، و الحقيقة إننا قررنا ننفصـل بهدوء و دا ميمنعش الاحترام و الهدوء يفضل بينا عشان ايان و كده كده هيجي اليـوم اللي هيتجـوز فيـه فـ مش هيلاقي أفضـل من تاليا زوجة ليه خصوصاً إن عارفة قد إيه هي انسانة جميلة و تناسبه.
, ستجـن حقاً عن قريب من هذه الفتـاة لتردف باستهجـان:-نفسي اعرف انت جايبة كميـة البرود و اللامبالاة دي منين؟!..
, ردت ريحانة بانفعـال و دموع تلتمـع بعيناها:-عشـان انا مريضة قلب و خـلاص كلهـا أيام و هموت.
, صدم الجميع مما سمعوه حتي إيـاد لتلتفت توليها ظهرها و تابعت بصـوت متهدج من الحزن:-انا كلهـا أيام و هموت قلبي ضعيف جداً ودا اللي كنت مخبياه عن الكل، قوليلي اعمل إيه، ايان مين هيهتم بيـه بعدي و انا عارفة إن إياد هيتجـوز اكيد دلوقتي او بعدين، فكان احسن قرار اخدته إنه يتجوز تاليا، تاليا بتحب ايان زي ابنها و عمرها ما هتفرق بينهم و بين اولادها لما تخلف و انا واثقة فيها.
, همست نادية بعدم تصديق:-مريـضة بالقلب.
, تقدمت منهـا ريحانة و تابعت بدموع:-وافقي ارجوكي انت بكده هتنقذي سمعـة بنتك و كمان هتحمي ابني من عذاب مرات اب لو إياد هيتجوز.. انت كده هتدمري حياة شخصين لو رفضتي.
, سكتت ناديـة بتفكيـر و وزعت نظراتها بين حماها و ابنها عادل بتفكيـر ليقطعه قرار الجـد عثمان بحل مرضياً جميع الأطراف:-انـا موافـق علي طلبكـم.
, تطلعت نادية إلي حماها عثمان بصدمة ليرمقها بهدوء مسترسلاً:-إياد شخـص عملي و كمان اخلاقه عالية و محترم مش هلاقي احسن منه لتاليـا.
, ابتسمت ريحـانة بسعادة تغمغم بعدم تصديق:-بجـد!..
, لتستكمل بجديـة:-يبقي نكتب الكتـاب بكـره عشان الصحافة تعرف انهم متجوزين و ننقذ سمعـة تاليا.
, وافق الجـد بهدوء مقتنعاً نوعاً ما بما قالته لتلتفت ريحانة تتقدم كي تجلس علي الأريكة تمسح دموع عينيها المزيفة بابتسامة واسعة ثم غمزت بعينيها إلي كلا من عزت و إيمـان سعداء بنجاح خطتهم.
, ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
, في سيـارة إياد
, كان يقود السيارة بغضب جم، زواجه من تاليا بات امراً واقعياً، كان يجلس بالمقعد الأمامي جواره والده و بالخلف كلاً من والدته و ريحانة يخططان لليلة غد.. كان عزت يكتم ضحكاته علي تعابير وجه ابنه الغاضبـة.
, صاح إياد بغضب حاد بريحانة:-أنت ازاي تقوليلهم ان نكتب الكتاب بكره إيه ملييش اي لازمة و لا قرار حضرتك.
, مطت ريحانة شفتيها في حزن مصطنع و قالت:-عايزة افرح بيك يا إياد قبل ما امووت و اطمن علي ابني و إن مرات ابوه ست حونينة.
, إيـاد بغضب سافر:-متجبييش سيرة المووت علي لساانك، فاكراني مش عارف المسرحية اللي عملتيها هناك و اني هصدقها.
, إيمان بدهشة مصطنعة:-مسرحية إييه يا إيـاد!؟..
, إياد بنبرة متهكمة:-علي اساس انكم مش عارفين، فاكرني ماخدتش بالي وهي بتغمزلكم بعنيها، مغفـل انا صح.
, عـزت ببرود مصطنع يجاهد كتم ضحكاته:-متقولش علي نفسك كده يا إياد يا ابني انت غبي مش مغفل.
, تعالت ضحكاتهم باستفزاز ليصرخ إياد بغضب قائلاً:-اسكتـوو بقي مش عايـز اسمع صوت حد فيكم.
, ــــــــــــــــــــــــــ
, تفاجئت عائلة الرواي من دعوة عثمان السيـوفي لهم لحضور عقد قران تاليا و إياد، لتلجمهم الصدمة، و تسائلوا بقلق عن رد فعل ريحانة من تلك الزيجة، ولكن كان هناك من سعد بذلك الخبر ولم يكن غير شاهندة فإياد يستحق العيـش بسعادة، أليس من حقه الذهاب إلي سفينة الحب ليسافر بها في رحلة حب ابدية.. يكفي انه تقبل ان يكتب اسم ايان علي اسمه و يصبح والده، حقاً هو رجل بمعني الكلمة تتمني مثلـه لابنتها و لكن عاصي لا يشبه والدته فـ هو ورث عنها جمال الشكل و اخذ من حورية جمال الروح، ولا ننسي عزيزي القارئ هناك من يود الذهاب كي تسنح له الفرصة بـ الشماتة بها.
, ولكـن هل سيكشف زواج تاليا و إياد حقائق قد دفنت منذ أعوام و يعيد فتح الأبواب المغلقة؟!..
, ١٧ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, ليلة عقد قران تاليـا و إيـاد.
, جلست تاليا علي الفراش تتأمل الفستان بشرود و دموعها تنساب علي وجنتيها كـ الشلالات، أكتب علي قلبها العذاب؟!.. لما ليس مقدر عليها السعادة؟!.. أتفرح انها ستتزوج من أحبته؟!.. أم تحزن أنها ارغمت علي الزواج منه مثلما فعله معه.. تمنته زوجاً لها، هي ولدت علي عشقه هو و لم ينبض قلبه لغيره قط، اتراها عائلتها سلعة رخيصة كي يزوجوها منه لتكتم علي تلك الإشاعة، و ريحانة كيف تقبل بهذا بل هي من اقنعتهم بالموافقة.. تري نفسها دمية يمسكون خيوطها و يحركونها علي أهوائهم.. ألتلك الدرجة كانت هي لا تسوي فلساً واحداً في مقابل سمعة العائلة.. يألله ارحمني من هذا العذاب..
, ولجت ريحـانة إلي الغرفة دون ان تطرق الباب بابتسامة واسعة علي ثغرها من اجل هذا الثنائي التعيس و المظلوم بنظرها..
, كانت تغني اغنية حسين الجسمي "حتة من قلبي" فـ هي التريند:-يا حتة يا حتة يا حتة من قلبييي.. لقيت نصيي.. ولقيت جوي.. وعندي أنتي في حتة ولييه أخبيي.. تعالي بصيي.. بتحلوووي.
, توقفت عن الغناء عندما وجدت تاليا بتلك الحالة المذرية فقد اتوا منذ قليل و اخبرتها نادية انها بالاعلي تتجهز لتهرع إلي اعلي بفرحة و كـ انها شقيقة العروس.. هرولت ريحانة بهلع تغمغم بفزع من بكاء تاليا:
, -يلهوووي انت بتبكي يا تاليااا في ليلة زي دي؟!..
, بكت تاليا بشهقات عالية و ارتمت بأحضان ريحانة تجيبها بصـوت متحشرج من البكاء:-و معيطش لييه يا ريحانة و انـا شيفاهم بيجوزوني إياد من غير ما يأخدو رأي حتي، كأني لعبة مش إنسانة لحم و ددمم.
, تنهدت ريحانة وربتت علي ظهرها قائله بهدوء و مواسااه:-اهدي يا حبيبتي، هما بيحبوكي و عايزين مصلحتك و شايفين في جوازك من إياد راحة ليكي و بعدين مش دا إياد اللي بتحبييه.
, أومأت تاليا و ابتعدت عن أحضانها قائلة:-ايوة بحبـه بس عمري ما اتمنيت اكون معاه بالغصب و بالطريقة دي.
, كوبـت ريحانـة وجه تاليا و نطقت بهدوء:-إيـاد مش عيل عشان نغصبه علي حااجة، إياد راجل يا تاليا و انا حاسـة بحاجة في قلبه ناحيتك و دي فرصتـك تقربي منه عشان يحبك و يحس بيكي.. انسي يا تاليـاا اي حاجة قديمة و فكري في اللي جـااي، حياتك مع إياد هتبدأ من النهاردة.
, تاليا ببكاء:-انا مش عايزة إياد انانية انا عايزاه يحبني زي ما بحبه، عايزة قلبه، هيفرق إيه جوازي منه من غير قلبه يبقي أحسـن اكون مع إنسان غيره بدل ما يكون حبيبي قدامي و مش بيحبني.
, ريحانة بابتسامة امل:-هيحبك بـس تبينيله انك بتحبيه طول الوقت بتتعاملي كأنك واحد صاحبه مش بنوتة رقيقة إياد لازم يشوفك متفجـرة الأنوثة.
, ضربتها تاليا علي كتفها بخجل متشدقة بحدة:-بطلي قلة أدب يا ريحانة و بعدين إييه صاحبه دي.
, ضحكت ريحانة بصخب:-سبيلي روحـك و انا هخليه مش يشـوف غيرك و ينسي نفسـه يا عرووسة.
, ضحكت تاليا واحتضنتها و تسللت إليها بعض الراحة من القادم بينما شعرت ريحانة بالسعادة بانها جمعت تاليـا مع حبيبها.. و ما اجمل من ان توحد قلبيين.

السادس والعشرون


حضرت عائلة الراوي فـ كان المدعوين هم عائلة السيوفي، عائلة الراوي، عائلة السباعي، فلم يشأ الجد عثمان ان يقيم حفلاً اكتفي فقط بدعوة صديقه و عائلته فاروق الراوي.
, وقفت نادية ترحب بسيدات العائلة بهدوء و ابتسامة مزيفة بينما كانت مها و ابنتهـا مصدر غيظ و غضب نادية و شقيقتها إيمان من تلك الملابس الفاضحة، تلتصق بجسدهن كـ جلد ثاني، هناك من كانت سعادته نابعة من قلبه و هناك خبايا النوايا من أتي شامتاً بـ ريحانة كي يروا الحـزن و الغضب بها فـ هذه الفرصة لا تعوض بالنسبة لهم!؟..
, مالت روفيدة برأسها هامسة بفرحة و شماتة لوالدتها قائلة:-نفسي أشوف وش الحرباية ريحانة و جوزها بيتجوز غيرها متتخيليش ناري هتطفي قد إيه؟!.
, ابتسمت مها تتخيل حالة ريحانة "حورية" المذرية وعيناها تنتفخ من الدموع و الحزن علي قسمات وجهها لترد بخبث و مكر:-أصبري يا قلبي دلوقتي تظهر و نشوف و السهرة تحلو.
, ضحكت روفيدة ضحكة رقيعة جذبت انتباه الجميع ليرمقها والدها بنظرة نارية لتبتلع ريقها بخوف من تلك النظرة، بينما رمتها كلا من شمس و رؤي بنظرات مشمئزة و حنق بآنٍ واحد.
, بينما إياد يرتدي بدلة كلاسيكية من اللون الرمادي و لا يظهر علي وجهه أي مظاهر السعادة، كان صلباً و بارداً كـ اللعنة، أما قصي فقد وقف ينظر له بضيق و حقد منه، لقد اخذ منه حبيبته و الآن يعذبها معه و يتزوج من أخري، رغبة ملحة بداخله أن يلكمه و يضربه حتي تتهشم عظامه حينئذ يهدأ غضبه قليلاً.
, تلاقت اعين كلاهما في تحدي و غضب و غل بان جيداً كـ بزوغ الشمس، كلاهما لا يطيق الآخر، كلاهما يكره الآخر، كلاهما يودان بالفتك بالآخر، فـ إن قارنت بين شعورهما لوجدته مماثلاً تماماً.
, ابعد قصي عيناه عنه بنفـور و اتجه ناحية الحديقة يدخن سيجارته ينفث به غضبه و ضيقه، ليجذب انتباهه شيئاً ما ليسير مسلوب الإرادة نحوه.
, ٢٦ نقطة
, بالأعلي.. غرفة تاليا..
, انتهت ريحانة من وضع اللمسات الأخيرة من مستحضرات التجميل و ابتعدت عنها تنظر لها بانبهـار واضح، صفرت ريحانة بإعجاب واضح قائلة:
, - طالعة زي القمر يا حبيبتي هتجنني الواد يا تاليا.
, تاليا بتوتر:-بجد يا ريحانة شكلي حلو.
, ريحانة وهي تدير رأسها ناحية المرآة و قالت:-بصي كده في المراية و انت تصدقي.
, نظرت تاليا إلي صورتها بالمرآة و اتسعت عيناها إعجاب و صدمة لا تصدق أنها هي من بالمرآة.. نهضت واقفة تنظر إلي صورتها بالفستان و تصفيفة الشعر الجذابة و المكياج الهادئ.. همست بذهول:
, -معقـوول دي أنـاا.
, استدارت الي ريحانة التي تراقبها بابتسامة عذبة صادقة سعيدة الي رفيقتها، ارتمت تاليا بأحضانها تشكرها وهي تضحك:-شكرا شكرا.
, ضحكت ريحانة وقالت:-انت هبلة يا بت بتشكريني علي إييه احنا إخوات يا تاليا و دا واجبي كفاية واقفتك جمبي زماان دي اقل حاجة اردهالك و انت جمايلك مغرقاني.
, ابتعدت تاليا عن احضانها و ضربتها علي ذراعها مزمجرة بحدة:-بس يا بت جمايل ايه؟! احنا فييه بينا الكلام ده.. مش عايزة اسمع منك الهبل ده تاني فاهمة.
, اومأت ريحانة بضحك علي عبوس تاليا المضحك:-حاضر حاضر.. يلا بينا بقي اتاخرنا عليهم.
, اومات تاليا وسارت الفتاتان بينما توترت تاليا لتقف فجاة قائلة بخوف:-لاء مش نازلة انا خايفة أووي يا ريحانة، خلاص مش عايزة اتجوز.
, جذبتها ريحانة بحدة تمسك بذراعها قائلة:-هما اخدوا برأيك و موافقتك عشان ياخدوا برفضك دلوقتي قدامي يا شابة ورانا كتب كتاب و لمة و زيطة.
, سحقت تاليا شفتيها بضيق قائلة:-بارردة.
, أومات ريحانة مؤكدة ببرود:-عارفة خلينا ننزل بقي.
, ١٧ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, هبطت الفتاتان الدرج ليخطفن الأنظار بجمالهن، وقعـت اعين إياد علي تاليا لتجحظ عينيه بصدمة فغر فاهه مشدوها أيعقل ان هذه تاليا؟.، لالالالا سيجن حقاً و يفقد صوابه، كيف له لم ينتبه لكتلة الجمال هذه طوال حياته..
, حرك راسه بنفي عدة مرات، استيقظ يا إياد من غفوة الحب فـ قلبك لن ينبـض لأخري من جديد، حاول إزاحة عينيه بعيداً عنها ولكـن كانت كالمغناطيس يجذبه نحوه و هو مسلوباً له..
, أما تاليا فتأنقت بفستان من اللون الأحمري النبيذي عكس بياض بشرتها و شعرها المصفف بعناية رائعة، زادت جمالاً بالميكب الذي وضعته ريحانة بدقة و عناية لتسلب حواس و أنظار حبيب الروح.
, أما ريحانة فقد ارتدت فستان من اللون الأزرق القاتم يفصل منحنيات جسدها الممشوق و تركت لشعرها العنان تجمعه علي كتف واحد و اكتفت بوضع كحل أسود اللون ابرز عسلياتها و ملمع شفاة وردي اللون و كانت اجمل و أبرئ ابتسامة رسمت علي شفتيها و التي اشعلت فتيل الغضب للأم الحاقد و الخبيثة و النسخة المصغرة منها.
, جلست تاليا علي الاريكة باستحياء و خجل بينما وقفت خلفها ريحانة تميل عليها و تهمس لها ببضعة كلمات فتغتاظ تاليا و ترمقها بتحذير ووعيد لتتعالي ضحكات ريحانة عليها.
, اقتربت رؤي تمسك بيد نديم من ريحانة و قالت بابتسامة ناعمة علي ثغرها:
, -ريحـاانة، إزيـك عاملة إيه؟!.
, ابتسمت ريحانة بود و هي تخطف بعض النظرات إلي اخيها:
, -أنا كويسة يا حبيبتي..
, ثم تسائلت بمكر و عيناها علي أيديهم المتشابكة:
, -مش تعرفينا يا رؤي؟..
, اجابت رؤي بابتسامة:
, -دا نديم خطيبي و مكتوب كتابنا و فرحنا قريـب جداً.
, مد نديم يده ليسلم عليها ينظر لها باشتياق و ندم قائلاً:
, -اتشرفت بمعرفتك رؤي من يوم ما شافتك في المول ومش مبطلة كلام عليكي حبيتك جداً رؤي.
, سلمت عليه ريحانة لتلمس يديها يده كما لمست اوتار قلبه يستشعر بلمسة كف شقيقته الصغيرة بيده لتغمغم بهدوء وهي تراودها مشاعر الحنين ناحية اخيها:
, -و انا اتشرفت بيك أكتر.
, ظل ممسكاً بيدها لا يريد تركها، وعادت لذاكرة الاثنين أيام الطفولة وهما يلعبان سوياً، وهو يطعمها و ينام لجوارها بعدما يحكي لها قصة و عندما تخاف كانت تذهب له، عندما يمشط لها شعرها وهي ذاهبة إلي المدرسة لتعطيه قبلة علي وجنته فيبتسم عندها، داهمت ذاكرتها ذكريات الطفولة لتفيق من دوامة المشاعر و التي ستكشفها..
, جذبت يدها و حمحمت بتوتر قائلة كي تهرب من مشاعر الحنين لأخيها:
, -طب عنئذنكم هشوف أيان راح فين.
, انصرفت ريحانة تاركـة خلفها اخيها الذي شعر بها لينظر إلي رؤي ممسكاً بيدها و قال بفرحة:
, -أنا حاسس إنها حورية اختي يا رؤي، هي حورية صدقيني اقدر افرق إيدها عن مليون إيد عيونها فيها نفس نظرة الحب و اللهفة اللي كنت بشوفها في عيونها.
, ابتسمت رؤي بتفهم و قالت وهي تربت علي كف يده و كم تمنت ان تري بعينيه تلك النظرة الملهوفة لها:
, -هنتأكد إنها هي صدقني و بعدها تقدر تعوضها عن السنين اللي ضاعت من عمركم و تخليها تسامحـك.
, احاط كتفيها بذراعه و قال بحب هامساً:
, -مش عارف من غيرك كنت هعمل إيه، أنا بحبـك أووي يا رؤي.
, تطلعت له بعدم تصديق لقد نطق بحبه لها أخيرا بعد تلك السنوات الطويلة من حرمانها لسماع كلمة "أُحبك" اشتاقت اذناها لتلك الكلمة فتقاذفت دقات قلبها بين ضلوعها بنبضات الحب.
, ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
, بالحديـقة الخاصة بالفيلا.
, كان قصي يقف يدخن سيجارته و ينفث الدخان بغضب من الوضع الذي وضعت نفسها به، لما لم تطلب الطلاق من زوجها هناك من يستحقها، يعلم خطئه بالماضي لكنه كان مجبراً عليه و سيضطر إلي معرفة من المجهول و سيريه اسوأ عذاب علي ما فعله به من عذاب و تأنيب ضمير طوال هذه السنوات.
, استمـع إلي صوت خشخشة يأتـي من بعيد ليقطب جبينه بتعجب و ليتحرك ناحيته و لكن توقف الصوت ليعود أدراجه بغضب هز رأسه بنفي يبدو أنه يتوهـم.
, عاد الصوت من الجـديد ليسير متبعاً الصوت، حتي وصل إلي ناحية بركـة الزهور ليتطلع جيداً فوجد جسـد ضئيل يختبأ به.
, انزوي ما بيـن حاجبيـه بعدم فهـم وانحني ألي مستوي جسد الطفل و هتف بصوت عالي:
, -بتعمـل إيه عنـدك؟!.
, شهقـة مصدومة صدرت عنه ليخرج رأسـه هاتفاً:
, -هشششششش، وطي صوتـك لتسمعنـا.
, قصي بتساؤل و عـدم فهم و لم يري وجـه الصغير جيداً:
, -هي ميـن؟!..
, أجـاب الصغير ببراءة:
, -لوريـن، أصلنـا بنلعب مع بعض و خايف تمسكني فـ أخسر التـحدي.
, ابتسم قصي ابتسامة نابعة من قلبه و مد كفه له قائلاً:
, -طب تعالـي اخرج و استخبي في مكان تـاني.
, حرك الصغير رأسـه نافيـاً وقال:
, -لاء هنا أحسن عشان مهما دورت عليا مش هتـلاقيني غير لما تزهـق و أنا اللي أخرج بنفسي.
, قصي بإعجـاب:
, -اممممم، واضح انك مش سهـل.
, اومأ الصغير و عدل من ياقة بدلته الصغير بغرور مصطنـع:
, -طبعـاً، مش سهل، أيـ٤ نقطة
, بتر بقية حديثه عندمـا استمع إلي صـوت والدته تنادي بصوت عالي:
, -أيـــااااااااااان.
, عبس وجهه و قال بصوت باكي:
, -مش محتـاج استخبي أكتـر، إدارة مكافحـة الإرهاب جات.
, علم قصي أن الصغير هو ابن ريحـانة، تألـم بداخله أن والـده رجل آخر، ولكـن ذلك الصغير أحبـه من قلبـه، مد كف يده قائلاً:
, -خليني أساعدك تطلـع.
, وضع أيـان يده بكف قصي الكبيرة ثم ساعده علي الخروج ليخرج الصغير من جحره ثم وقف قصي و حملـه بين ذراعيه ليظهر له الشبه بينهما و الذي صدمه و لكن الفرق هو خصلات الصغير الطويلة.
, استدار قصي علي صوت ريحانة الحـاد:
, -أيـااان أنت بتعمـل إيه عندك، و مين ده اللي شايلك كده.
, شهقت بخفـة حينما تبين وجـه قصي لها و قالت مشدوهة:
, -مستر قصـي٣ علامة التعجب.
, تفاقـمت دهشتهـا حينما وجدت أيان ساكناً بين يدي قصي و هـو دائماً لم يتحمل أن يحمله أحد، و زاد غضبها و رعبهـا ان يلاحظ قصي الشبه بينهما، ابتلعت ريقها و خـوف.
, امتدت يدها تمسك ابنهـا قائلـة:
, -تعالي يا أيـان و سيب مستر قصي في حالـه عيب لما تكـون كبير و تتعبه.
, منعهـا قصي قائلاً ببرود:
, -علفكرة احنا في مناسبـة و خارج إطار الشغل تقدري تناديني باسمي عادي.
, لم تهتم ريحـانة و غمغمت مزمجرة بغضب:
, -أيـاااان انـزل يا ولد.
, أيـان بتذمر:-
, -في إيـه يا ريحـانة مالك داخلة علينا بقفش كده، وبعدين عمو قصي مش مضايق، مضايقة انتي لييه؟!.
, ريحانة بصدمة:
, -ريحـانة كده حاف يا قليل الأدب.
, أيـان ببرود مقلباً عينيه بملل:
, -يعني احطها في ساندوتش و الا ايـه مانا دايما بقولك يا ريحانة.
, ذمت ريحـانة شفتيها بضيق و توعد بينما ارتفعت ضحكات قصي و هو يشاهـد ذلك العرض المرح بين الأم و ابنهـا و كم تمني أن يبقي هذا العرض دائماً،
, استرسـل الصغير حديثه إلي قصي:
, - ما تقـول حاجة يا عموو؟!.. مش هي صغيرة علي كلمة ماما صح.
, أومأ قصي ضاحكاً و أجاب:
, -أيوة صح ماما صغيرة، ماما عيلـة يا حبيبي.
, ضحك قصي و شاركه أيـان الضحك حينما تذكر ذلك الفيلم"درس خصوصي" وكان الأبناء يلقبـون والدهم بـ بابا عيـل، لتزمجر ريحـانة بغيـظ و غضب:
, -حسابنـا لما نروح يا أيـان دلوقتي خلينـا ندخل جوا يلا.
, ايـان برفض وهو يحتضن قصي:
, -لاء مش عايز أدخل خليني هنا مع عموو.
, قصي مؤيداً:
, -أيوة سيبيه مع عموو احنا خلاص بقينا أصحاب.
, ريحانة برفع حاجب:
, -واللهي عمو و اصحاب و دا من امتي ده ان شاء ****.
, الاثنان معاً:- من دلوقتـي.
, امسكت ريحـانة برأسها قائلة:
, -هتجنن، هتجنن منـك يا أيـان الكلب.
, تابعـت بحدة وهي تشير ناحيـة الداخل:
, -قدامي يا صاحب عموو نحضـر كتب الكتاب و نشوف صاحب عموو حكايتها إيه بعدين؟!..
, ساروا سوياً إلي الداخـل و كان قصي يتمني ان يبقوا ثلاثتهم في الحديقة، لقد أحب الصغير من قلبـه لا يعلم السـر ولكن شعور تحرك بداخله إلي ذلك الصغير.
, استمعوا إلي صوت المأذون يردف بكلمته الشهيرة:
, -بارك **** لكما و بارك عليكما و جمعا بينكما في خير .
, توالـت التهنئات علي تاليا و إيـاد بينما هناك من نظر إلي الثلاثة بدهشة و لاحـظ الشبه بين قصي و أيـان ليصدم مما راته عيناه و كأنهم عائلة واحـدة من أب و أم و ابن.

السابع والعشرون


قصر الراوي تحديداً المكتب
, جلس الجد فاروق علي الأريكة الموضوعة بمكتبه يتطلع إلي الفراغ بشرود، عقله يطرح الأسئلة نتيجة لما رأته عيناه.
, اسرة صغيرة متكاملة من زوج و زوجة و إبن وثق الروابط بينهما.. أيان ذلك الصغير يشبه قصي لدرجة كبيرة حد اللعنة.
, كأنه والده الحقيقي و ليس ابن رجل آخر.. عند تلك النقطة انصب تركيز فاروق متمعناً من ذلك الشبه الغريب بينهما و الفرق الوحيد هو أن الصغير خصلات شعره تصل إلي اسفل عنقه بكثير.
, حورية «ريحانة» كانت زوجة قصي حينما اكتشفوا تلك الحقيقة المرة!
, لما لا يكون الصغير ابن قصي الراوي و ليس إياد السباعي!
, من هو والده الحقيقي قصي أم إياد عليه التأكد من ذلك!
, في نفس الوقت يلج فريد ابنه الأكبر ووالد قصي ليجد والده جالساً علي الأريكة بشرود ليجلس بجواره بهدوء و تنحنح بهدوء ليستدير فاروق برأسه و سأل بوجه خالي من التعابير.
, فاروق:-
, عملت إيه يا فريد وصلت لحاجة؟.
, فريد بتنهيدة حارة:-
, لسه يا بابا مفيش اي حاجة توصلنا لزهرة كأنها فص ملح و داب.
, فاروق باهتمام:-
, لازم نوصلها. احنا بقالنا سبع سنين بندور عليها و ملهاش اي أثر.
, فريد بتشتت:-
, زهرة كانت في المستشفي بتتعالج و بعدين نتفاجئ إن عيلتها اخدتها و زهرة ملهاش اي قرايب.
, فاروق:-
, دا اللي محيرني انا شخصياً. قصي لسه بيدور عليها و هو متأكد و عارف إننا عارفين مكانها بس هي اختفت فجأة.
, فريد بتفكير:-
, مش يمكن حالتها اتحسنت و بقت احسن و هربت مننا.
, فاروق برفض:-
, لاء طبعاً زهرة مؤشراتها الحيوية بتقول إنها مش بتتحسن خالص انا معينلها دكاترة متخصصة تبعي يعني محدش يقدر يكذب عليا.
, فريد:-
, زهرة يا بابا سر اللي عملناه زمان و دي وحدها دمرت ابني و ظهورها لو كشف الحقيقه هينهيه علي الآخر.
, فاروق:-
, قصي بقي راجل يا فريد خوفك عليه دايما من اقل حاجة بطله لانه خلاص معتش في حاجة تقدر توقفه عن اللي عايزه.
, كاد فريد بالتحدث ليقاطعه فاروق بحدة:-
, اسمعني يا فريد دلوقتي عايزك تصفي ذهنك من قصي و زهرة و تركز معايا في موضوع تاني اهم منهم.
, فريد باهتمام معطياً إياه تركيزه:-
, موضوع ايه يا بابا؟.
, فاروق:-
, عايزك١٠ نقطة
, فريد بصدمة:-
, بتقول ايه يا بابا. اللي بتقوله ده مش معقول. إزاي؟.
, فاروق ببرود:-
, مش وقت صدمات يا فريد اللي قولته يتنفذ وقت ما اديلك إشارة فاهم.
, فريد بقلة حيلة لوالده:-
, حاضر يا بابا. رغم إن اللي بتقوله مش داخل دماغي بس ماشي.
, وقف فريد وخرج من الغرفة ليتبقي فاروق يفكر في شكه المريب تجاه ذلك الامر. كل الامور العصيبة تجمعت عليه الآن.
, ١٢ العلامة النجمية
, كان قصي يقف بالشرفة يتحدث بالهاتف مع احدٍ ما ليلمح ابنة عمه روفيدة تسير ناحية البوابة وهي تتلفت حولها كـ اللص.
, تعجب من الخوف البادي علي وجهها ليسرع بإنهاء المكالمة و قد ساوره الشك تجاهها.
, هناك ما تخفيه حتي تخرج بهذا الوقت. لمح ظل رجولي عند البوابة ليشتعل فتيل الغضب و لم يفكر لحظة إلا و هو يخرج خلفها لينزل للأسفل و يقف وراء الشجرة يستمع إلي ذبذبات الغضب التي تلقيها عليه روفيدة و هو يحاول بصعوبة رؤية وجه الشاب.
, بنفس الوقت
, وقفت روفيدة بملامح منزعجة و عابسة امام الشاب الذي ملابس سوداء ويضع كاب علي رأسه يخفي به وجهه.
, عقدت روفيدة ساعديها بغضب و انفعال جم لتتنهد و قالت.
, روفيدة بغضب تكز علي أسنانها:-
, أنت ايه اللي جابك هنا يا حيوان أنتَ في وقت زي ده و بكل بجاحة بتهددني يا إما أنزلك يا هتحكيلهم علي كل حاجة؟.
, الشاب بغضب:-
, صوتك ميعلاش عليا تاني يا حلوة. انا محتاج فلوس و مش معايا انا مدفعتش إيجار الشقة بقالي شهرين و هطرد ملقتش غيرك هيديني فلوس بعد الخدمة القديمة إياها و إلا إيه؟.
, روفيدة بشهقة:-
, انت هتستعبط انا أديتك تمن اللي عملته اكتر من اللي تستحقه يعني كده خالصين.
, نزع الشاب الكاب من علي وجهه و نطق
, بهدوء مستفز:-
, لاء مش خالصين يا حلوة!. تخيلي كده لما ادخل جوة و احكي للعيلة الكريمة اللي خطتنا زمان و احنا بنوقع بنت عمك في فخ هيكون رد فعلهم إيه؟.
, لا تنكر خوفها من تهديده لتبتلع ريقها
, ثم قالت بشجاعة مزيفة:-
, مفيش أي دليل علي اتفاقنا و تهديدك تبله و تشرب مايته.
, تقدم الشاب منها و علي وجهه ابتسامة عابثة
, ثم غمغم بمكر:-
, تؤتؤتؤ، نسيت اقولك إني كنت بسجلك كل كلامك معايا لوقت عوزة و أديني اتزنقت في فلوس و حضرتك مش راضية فاحسن حل آخد التسجيل ده و اطلع بيه علي قصي الراوي و خليه يعرف الحقيقه.
, اتسعت اعين روفيدة بهلع
, لتصيح بغضب:-
, بتسجلي يا حيووان دانا هشرب من دمك.
, رفعت يدها كي تصفعه ليقوم بإمساكها
, و لواها وراء ظهرها يتشدق بحدة لا تسمح بالرفض وضعت القلق بقلبها:-
, اسمعي يا شاطرة انا هديكي فرصة يومين تحضريلي فيهم مليون جنيه و إلا وقسماً بربي للتسجيلات توصل لـ قصي و باقي العيلة خليهم يعرفوا حقيقة بنت عمهم الو**خـة.
, روفيدة بدموع التمعت بمقلتيها قالت
, بصوت متهدج:-
, مش معايا المبلغ ده مش هعرف اجيبهولك.
, الشاب ببرود:-
, معرفش اتصرفي يا بنت الذوات.
, استرسل ينظر إلي القصر خلفه بطمع و جشع:-
, اظن إنك مش من عيلة فقيرة عشان متعرفيش تتصرفي يومين بس و هتصل بيك اقولك علي العنوان اللي هقابلك فيه تيجي ومعاك الفلوس.
, ترك يدها يدفعها بعيداً عنه
, ثم اخفي وجهه بالكاب من جديد و سار بهدوء ثم قال باشمئزاز:-
, سـلام يا حلوة.
, غادر الشاب لتقف روفيدة تتطلع لأثره ببكاء وهي لا تعلم كيف تتصرف بتلك المعضلة و الكارثة التي ظهرت من العدم لتدخل وهي تتلفت حولها كـ اللصوص تخشي ان يراها أحد. بينما خرج قصي من خلف الشجرة بعدما استمع إلي ما قالته مع هذا الشاب يبدو ان الماضي يعيد فتح خبايا الأوراق من جديد و صدمة كبيرة زلزلت كيانه من اكتشافه جزء من حقيقة ابنة عمه الحقودة ليخرج هاتفه يبعث بالصورة التي التقطها للشاب ثم وضع الهاتف علي اذنه يغمغم للطرف الآخر بغموض؟.
, قصي بغموض:-
, عايز كل المعلومات عن الشاب اللي بعتلك صورته دلوقتي٣ نقطة في اقرب فرصة عايزه عندي.. محدش غيرك في إسكندرية هيقدر يساعدني..
, اغلق الهاتف معه ليغمض عينيه و يفتحهما علي مصرعيها من جديد و قد تلونت باللون الاحمر القاتم يتوعد لـ روفيدة بالهلاك إذا كان ما توصل إليه كما ظن هو وقتها سيقلب الطاولة علي رؤوس الجميع.
, ١٤ العلامة النجمية
, بـ _صباح اليوم التالي:
, جلست تاليا علي مكتبها بالشركة تطالع الخاتم الذي زين بنصر يدها اليسري.. اصبحت زوجته و توجت ملكة علي اسمه.. ما تمنته صار.. لكن ينقصه الحُب.. ارتبكت و زحفت الحمرة لوجنتيها وهي تلتقط الملف من علي المكتب كي تعطيه له.. وقفت أمام الباب بارتباك.. اطرقت الباب لتسمعه يأذن للطارق بالدخول..
, دلفت تاليا و رسمت علي وجهها ملامح الجدية الصارمة كي تتفادي أي مناوشات للخجل أمامه.. رفع إياد عينيه لها.. الآن علاقتهما ليست مرتبطة بالعمل فقط٣ علامة التعجب لااا أصبحت امرأته.. تذوق معني الكلمة بسره لتندفع ضربات القلب تقرع كالطبول.. وضعت تاليا الملف علي المكتب قائلة بجدية كبيرة:
, -الملف يا فندم، أي أوامر تانية.
, حرك إياد رأسه بنفي، لتلتفت تاليا كي تذهب لكن القلب له رأي آخر، وهي أن تبقي بجواره أطول فترة ممكنة، استدارت تحدجه بنظرات مليئة بالحب ليلاحظها إياد وعقد حاجبيه بدهشة ليردف متسائلاً:
, -في حاجة يا تاليا؟
, انتفضت تاليا محلها و توردت وجنتيها بخجل، لا مهرب منه، أجابت بتلعثم:
, -إياد، احم، ك كنت عايزة أسئلك علي حاجة يعني.
, اعتدل إياد بجلسته و استرخي علي الكرسي و قال:
, -حاجة إيه؟!
, تاليا بهدوء مزيف:-
, -هو أنت معرفتش مين اللي نشر الصور في الجرنال؟؟ لسه موصلتلوش و الا لاء.
, تجهم وجهه بغضب كلما تذكر تلك الفضيحة التي قيدته بعلاقة مع تاليا، لم يهمل البحث عن الفاعل الأيام الماضية، بل ضاعف و أكثر منه، ليعلم من فاعله، لكن تاليا من حقها ان تعلم فلم تمسه الفضيحة وحده بل كانت هي أكثر منه، ليرد بجدية:
, -أيوة عرفت مين اللي عمل كده، و اخدت حقك منه كمان، عشان كده متشغليش بالك طول ما انا جمبك.
, دق القلب عند جملته الأخيرة، إلا أن الفضول كان أقوي منها فتساءلت:-
, -طب مين اللي عمل كده، و استفاد إييه من كل ده، انا مأذتش حد عشان يمس سمعتي و يفضحني بالطريقة المهينة دي، إياد زي ما أنت عرفت مين اللي سببلك المشاكل دي وورطك معايا و خلانا نتورط في جواز فأنا كمان كنت معاك.
, كانت إجابة إياد الاغرب علي الإطلاق:
, -بس ما انا متورطش بيكي يا تاليا؟؟؟
, حملقت تاليا به، غير مصدقة ما قاله، ما به هذه الأيام تتوهم بأنه يميل إليها تارة و يبتعد عنها تارة، إلا أن قلبها يعنفها بأنها لا تتوهم، فغر فاهها بدهشة قائلة:
, -إيه؟ قولت إيه؟
, وعي إياد إلي ما قاله، ليتنحنح بحرج مردفاً بجدية بحتة:
, -ممكن تعمليلي فنجان قهوة يا تاليا.
, اومأت تاليا بهدوء و خرجت لتصنع له قدح من القهوة، اما إياد فتنفس الصعداء مبتسماً انه أبعد عقلها عن التفكير بمعرفة من فعل ذلك، لأنه قرر أن يحتفظ بالسر وحده.
, ٢٠ نقطة
, وقف نديم بعيداً يشاهد صغيرته كيف اصبحت امرأة ناضجة و عاملة تتقن عملها بدقة، كانت تركز بما تقوم به كطفلة صغيرة تحاول الإجابة علي أسئلة الامتحان، نجح بأن يأتي إلي الشركة التي يمتلك بها نسبة كبيرة، فـ حينما أسسها قصي ساهم نديم بنسبة له بالشركة، و قد افادته الآن بانه يستطيع أن يصل إلي شقيقته و معرفة ما حدث لها بالماضي.
, سار صوب مكتبها و لم يعطي بالاً إلي نجوي الجالسة هي الأخري تعمل، وقف امام مكتبها و قال بابتسامة جذابة:
, -صباح الخير.
, رفعت ريحانة عيناها من علي الأوراق لتتسع حدقتيها علي الآخر تتفاجئ بوجود نديم بالشركة لترد التحية بعدما جاهدت برسم ابتسامة عملية علي ثغرها:
, -صباح النور يا نديم بيه.
, اكفهر وجه نديم حينما اتبعت اسمه بلقب "بيه" ليردف بحدة ممزوجة بالغضب الطفيف:
, -بـلاش بيـه دي، أنت ممكن تناديني بإسمي عادي.
, هزت ريحانة رأسها نافية وقالت:
, -مينفعش يا فندم، قصي بيه إدانا خبر إنك هتكون هنا مكانه دا غير ان حضرتك ليك نسبة مش قليلة في الشركة يعني من اصحابها و أنا هنا موظفة عندكم.
, نديم بإصرار:-
, -برضه عايزك تشيلي كل الالقاب بينا، أنت في مقام اختي الصغيرة و لو بتعتبريني اخوكي الكبير هتناديني باسمي.
, مواجهة صعبة، ان تقبل مناداته باسمه كارثة بالنسبة لها، لا تريد ان تضعف عزيمتها امام إصراره، لكن الجدية و الصرامة التي وجدتهما بعينيه جعلتها تستسلم للامر الواقع.
, ريحانة باستسلام:-
, -أوكيه يا نديم بي.. نديم وبس.
, ابتسم نديم بسعادة و قال بعملية مرحة:-
, -و انا طالب من اختي الصغيرة تجبلي ملفات الصفقات اللي شغالين عليها و تعملي فنجان قهوة مظبوط.
, ضحكت ريحانة بخفة عليه و نهضت تنفذ ما طلبه منها كل هذا تحت نظرات نجوي المحتقنة و التي ترمقها بغل و حقد، فمنذ ان اتت ريحانة الشركة و هي لم يعد لها أي قيمة، ليلعب الشيطان بعقلها لتغمغم بشر:
, -انا محدش يقدر ياخد مكاني، دا انا اللي بقالي سنين شغالة هنا معرفتش اوقع قصي بيه تقومي انت توقعيه هو ابن عمه، اما وريتك يا حرباية يا خطافة الرجالة.
, ١٦ العلامة النجمية
, _بمكان آخر:
, بمستودع قديم كان يجلس علي كرسي قديم مربوط بالحبال من يديه و قدميه، لا يعلم لما هو هنا، ليلة أمس خرج من البار فظهر امامه بضعة رجال ملثمين رشوا علي وجهه المخدر ليقع مغشياً عليه، استفاق بعد بضعة ساعات ليجدهم ربطوه بالحبال و غموا عينيه، صرخ بهم حتي كادت أن تنقطع احباله الصوتية، يأس من محاولاته الفاشلة ليصمت مرغماً حتي يأتي أحد منهم، من لديه عداوة معه، لا يوجد، ليتوصل إلي حل واحد و أن من اختطفه لم يكن غير شخص واحد "رفيدة الراوي".
, انفتح الباب و دلف رجال الحراسة ليدخل قصي المكان، تطلع إلي الشاب بغموض، ثم اشار بيده إلي الحارس ليزيح عصبة العين عنه، اغمض الشاب عينيه ثواني حتي اعتاد علي الضوء، وجد امام عينيه رجال يرتدون بذلة سوداء و هناك رجل واحد وقعت عينيه عليه لديه هيبة خاصة، تعرف عليه منذ الوهلة الأولي ليبتلع الشاب ريقه مردفاً بخوف:
, -قصي الراوي٣ علامة التعجب
, ابتسم قصي ابتسامة مرعبة و قد دار بذهنه عدة امور غامضة ليغمغم بغموض:
, -قدرك إنك وقعت معايا، مع الشيطان اللي مش بيرحم.

الثامن والعشرون


وقفت أمام باب الفيلا تفرك يدها بتوتر بالغ ! لقد أخبرتها خالتها بأن تذهب إلي منزلها كي تساعد إياد و الاهتمام بأمور المنزل بغيابها .. فـ هي الآن أصبحت زوجة إياد و تستطيع التواجد معه في مكان واحد ٣ نقطة باتت زوجته بالقانون حلاله من عشقه القلب أصبحت تحمل إسمه تاليا زوجة إياد السباعي٣ نقطة
, إياد السباعي رجل الأعمال الشاب الوسيم يمتلك هيبة و إسماً ساطعاً في عالم الاعمال و بين الطبقة المخملية ، عشق الطفولة و المراهقة و الشباب ، كان حُلماً بعيداً كـ نجم بالسماء و هي علي الأرض بينهما المسافات البعيدة.
, عشقته عشقاً جارفاً حد الهوس و الجنون لينفطر قلبها علي عشقها حينما اكتشفت أنه عاشقاً لأُخري إمتلكت قلبه غيرها ،تمنت وقتها أن تكون هي تلك الفتاة لكنها كانت الصديقة و ليست الحبيبة كما تمنت يوماً.
, تنهدت بعمق ثم رفعت أناملها وقرعت الجرس عدة مرات ، مرت الدقائق ليفتح إياد الباب و شعره المشعث علي جبينه ينظر بنصف عين مفتوحة و الأخري مُغمضة ليغمغم مندهشاً فإتسعت عيناه علي وسعيهما:
, -تاليـــــا!! إيه اللي جابك؟!. أقصد بتعملي إيه هنا؟!
, إبتسمت تاليا له بهدوء و أجابت:
, -هتسيبني واقفة علي الباب كده ، سيبني أدخل الاول و أنا هجاوبك علي الاسئلة دي كلها.
, افسح لها الطريق لتدلف و داخله المزيد من الأسئلة .. تاليا تتحدث معه بأريحية و نبرتها طبيعية كثيراً .. أما تاليا فـ ابتلعت ريقها بتوتر و إضطراب يذبذب كيانها هي وحدها مع زوجها حبيبها ليس كـ السابق مجرد أصدقاء ..
, نظرت بعينيها الخضراء كـ العشب تتساقط عليه قطرات الندي بالصباح تُضيفيه جمالاً ، تأملت البيت بعينيها بـ شئ من الارتباك الأنثوي الفطري و الخجل العفيف ، قطع صمتها إياد من الخلف:
, -هتفضلي واقفة كده ساكتة ، إتكلمي ٣ نقطة
, إنزعجت تاليا من نبرته الحادة فاستدارت بجسدها له و هتفت بهدوء يشوبه بعض الغضب و الغيظ:
, -لو وجودي غير مرغوب فيه همشي بكرامتي أحسن ..
, همت بالذهاب ليمسكها إياد من ذراعها متشدقاً باعتذار وقد ندم علي ما تفوه به:
, -إستني يا تاليا ، إعذريني لسه صاحي من النوم و مش مركز انا بقول إيه ..
, تهدجت انفاسها و تخضبت وجنتيها بحمرة طفيفة كـ ثمرة طماطم طازجة حمراء شهية ، كان قريباً.. قريباً للغاية ، و قربه مهلك لقلبها النابض بعشقه ، اما إياد فـ تسللت إليه مشاعر جديدة تستولي علي تفكيره بـ سؤال ، لماذا يخفق القلب هكذا بالغرام لخضرة العشب بعينيها؟!.
, تنحنحت تاليا تجتذب ذراعها من يده مغمغمة بهدوء ظاهري كي لا تكشف مشاعرها الهوجاء:
, - ماشي يا أستاذ إياد بس اي كلمة تانية منك همشي آه و **** همشي ..
, ابتسم إياد يداعب ارنبة انفها بمشاكسة:
, - ماشي يا مس تاليا مش هتمشي آه و **** مش هتمشي ..
, ضحكت تاليا لتلتمع عينيها بلمعة الفرحة الصادقة ثم قالت بعدما هدأت ضحكاتها بلهجة صارمة مُصطنعة:
, - طب يا سيدي أنا هنا بأوامر من جهات عليا السيدة الوالدة إيمان إتصلت بيا وطلبت مني إني أجيلك هنا و أصحيك من النوم ، عشان نومك تقيل و مش بتصحي غير بالطبل البلدي زي ما بيقولوا ، و احضرلك الفطار عشان الباشا مش بياكل غير من إيد مامته ، ننوس عين مامته متدلع خالص ..
, كانت تعابير وجه إياد تدعو إلي الضحك ، كان يذم شفتيه كـ الأطفال الصغار ، ليتمتم بعبوس طفولي:
, -هي ماما كده مش بتستر أي حاجة خالص!!
, حركت تاليا رأسها نافية ، تكبت ضحكاتها التي كادت تنفلت منها و هتفت بحدة مزيفة:
, -يـلا إطلع أجهز و خدلك شاور و إلبس هدومك عقبال ما أحضرلك الفطار عشان تلحق الاجتماع اللي بعد ساعتين من دلوقتي ٣ نقطة
, أومأ إياد بخنوع *** صغير مُطيع ثم صعد إلي أعلي بينما استدارت تاليا بجسدها و ابتسامة صادقة شقت وجهها ، سعادة تطرق باب حياتها القادمة ، فـ كانت طفلة حصلت علي لُعبة صغيرة أرادتها كثيراً ..
, استطاعت أن تدلف إلي ما بـ أعماق إياد التي اكتشفت أنه طفلاً ، و رجلاً و حبيباً و صديقاً لها ، اكتشفت أن صدق المشاعر الحقيقية ينسل إلي القلوب بدون أي استئذان ..
, ٦ العلامة النجمية
, أما علي الناحية الأخري من الحكاية كانت بطلتنا ريحانة تجلس مع ابن قلبها و طفلها أيـان بالمنزل ، كان الصغير يستذكر دروسه و يقوم بعمل واجبـاته المنزلية بينما ريحانة فـ كانت اعمال المنزل الشاقة من نصيبها ، كانت تنظف الأريكة بهيئتها المُبعثرة ، فـ كانت ترتدي بيجامة منزلية من اللون النبيتي و علي جانبي البنطال كان هناك خطين من اللون الأبيض ، اما شعرها فـ رفعته لأعلي بمشبك الشعر بطريقة عشوائية أضافت إليها جمالاً..
, نظرت ريحانة إلي طفلها الصغير و غمغمت بغيظ:
, -ما تيجي تساعدني شوية يا حضرة البشمهندس أيان العبقرينوو ، بدل ما أنا متبهدلة لوحدي كده ..
, استدار أيان بوجهه و قال ببرود يُحسد عليه:
, -سوري يا ريحانة بعمل الـ Home Work بتاعي مش فاضي..
, ضمت شفتيها بعبوس و غيظ و إحتقنت ملامحها بغيظ و الضيق مما قاله الصغير ، أكملت عملها وهي تتمتم ببضعة كلمات غير مفهومة البتة ، فـ القيام بأعمال المنزل شاقة وحدها ، و ريحانة لا تقبل بأن تُشاركها إمرأة أخري أياً كانت بأعمال منزلها فـ هذا عالمها الآخر وحدها ، شيدته كاملاً مع كل أمل جديد و كل سطر خطته يدها ببداية جديدة ستحياها ..
, إنقطعت احبال افكارها علي رنين هاتفها فـ تركت القماشة التي كانت تنظف بها البيت ، التقطت الهاتف الموضوع علي الكومود بأحد الأركان لتجد إسم "قُصي" يزين شاشة الهاتف ..
, التقطت نفساً عميقاً و ملئت رأتيها بالهواء و عقلها يتساءل لماذا يتصل؟!. ضغطت علي زر الإجابة ثم وضعت الهاتف علي أذنها ليأتيها صوته من الناحية الأخري يغمغم ببروده المُعتاد:
, -ملف صفقة ٤ العلامة النجمية نجوي مش لاقياه وقالت إنه كان معاكي أنت آخر مرة ..
, وضعت يدها علي رأسها بتذكر لتعض شفتيها السُفلي و هي تستحضر ذاكرتها لذلك الملف و أجابت:
, -الملف ده كان مليان اخطاء و محتاج يتراجع فأخدته معايا البيت عشان يتراجع مش باقي غير حاجة بسيطة و اخلصه ..
, هتف قصي ببرود علي الناحية الأخري:
, -مش ذنبي يا مدام الملف يكون عندي في البيت بعد نص ساعة من دلوقتي ..
, فغر فاهها بدهشة لا تصدق ما قاله ، ادرفت ريحانة بغضب تعترض ما قاله:
, -قصي بيه النهاردة طلبت أجازة عشان أقضي اليوم مع عيلتي مش تيجي حضرتك تهدلي اللي خططتله ، و بعدين الملف هيكون علي مكتبك بكره قبل ما توصل الشركة كمان.
, كأنها تحدث صخراً جماداً لا يتأثر بـ شئ فأجاب ببرود و عناد كبير:
, -انا هنا المدير و اللي يؤمر مش أنتِ ، أنت بتشتغلي عندي و المفروض تسمعي كلامي و تيجيبي ملف الصفقة اللي قولتلك عليه..
, أردفت ريحانة بالضياع و باءت محاولاتها بالفشل الذريع:
, -طب هسيب أيان مع مين دلوقتي انا مينفعش اسيبه في البيت لوحده ..
, إسم الصغير حرك جزءاً بقلبه بلهفة و اشتياق للُقياه و رؤيته ، فقد اشتاقته الاعين لرؤيته:
, -خليه يجي معاكي لو اضطريتي لده ، المهم الملف يكون عندي في قصر الراوي مفهـوم.
, ردت ريحانة بإحباط و يأس:
, -اللي تشوفه يا فندم ..
, اغلقت الهاتف و تطلعت إلي صغيرها كيف ستذهب و تتركه و الأهم من هذا مع من؟! فـ كانت قديماً تتركه مع جدته إيمان اما الآن فـ هي ليست هنا بل سافرت ..
, لا يوجد خيار آخر غير ذلك فإتجهت نحو الصغير و قالت:
, -أيان قوم غير هدومك عشان خارجين..
, رفع الصغير حاجبه بدهشة و ترك ما بيده ينظر إلي والدته و قال:
, -إيه دا بجد هنخرج!!
, حمحمت ريحانة بتوتر و اجابت بعينان تتهرب منه:
, -مش بالظبط يعني!! المدير طلب مني ملف الصفقة و لازم اروحله حالاً و مينفعش أسيبك لوحدك هنا ..
, نطق أيان بحزن:
, -طب و اليوم اللي وعدتيني إنك هتقضيه معايا بدل الايام اللي فاتت لما كنتي مشغولة ..
, اقتربت منه و إحتضنت صغيرها بغضب من نفسها و من قصي لإغضابه الصغير ، ضمته إليها بحنان و قالت بعزم علي تعويضه الذي فاته:
, -هعوضك بيوم احسن من ده و محدش هيمنعنا..
, غمغم الصغير بأمر:
, -هتقفلي فونك عشان الإزعاج..
, اومأت برأسها و اجابت:
, -هقفل فوني عشان الإزعاج..
, ابتعد ايان و هب واقفاً ثم قال بحماس:
, -طالما كده انا هقوم ألبس يوووهو!!
, غادر الصغير لتتبدل ابتسامة ريحانة له إلي غضب شديد ، تود الانتقام لكنها أقسمت لوالدتها أنها ابتعدت و لن تنتقم بل ستنهي عقدها بالعمل بالشركة عند قصي ، و تذهب إلي أي مكان لا يجدها به٣ نقطة لعنة قصي لا يجب ان تطول حياتها الهادئة بعد الآن ..
, -اما علي الناحية الأخري-
, فـ إلتف قصي بعدما أنهي مكالمته ليجد فاروق الراوي خلفه ، زفر بضيق و غمغم ببرود:
, -أنا عملت زي ما طلبت مني بالظبط و إتحججت بالملف عشان نفسك تشوفها يا ريت أنتَ كمان تنفذ وعدك ليا ..
, شرد الجد بعيناه بعيداً و قال:
, -وعد الحر دين يا قصي و أنا وعدتك و هكون أد الوعد ده ..
, ٥ العلامة النجمية
, هبطت ريحانة مع صغيرها أمام قصر الراوي ، تعلقت عيناها بالمكان تتذكر كيف قضت طفولتها هنا مع العائلة ، و أيضاً العطلات كانت تقضيها بهذا البيت ، لم تنسي شيئاً حينما كانت مدللة العائلة و ابنة للإخوة الثلاثة و الأب الكبير ، لم تنسي قط حنان الجد الذي تبدل بلحظة واحدة إلي ثورة من الغضب و الشك لتحرقها نيرانهم ..
, ضحية الأمس و ملكة هذا اليوم ، اليوم ملك يديها بأن تذيق الجميع ما عانته خلال تلك السنوات الماضية ، لكنها مُكبلة بالقسم و الوعد لـ والدتها "شاهندا الراوي" لتصبح بين نارين نار الانتقام و الثأر و نار القسم و الوعد؟!!
, استفاقت من دوامة الأفكار علي صوت الصغير يغمغم بتذمر:
, -ماما.. ماما
, انتبهت ريحانة له و قالت:
, -أيوة يا حبيبي
, مط أيان شفته السُفلي بضيق و قال:
, -أنت مش معايا خالص بنادي عليكي و مش بتردي..
, ريحانة بهدوء:
, -كنت بتقول حاجة يا ايان؟!
, التمعت أعين الصغير وهو ينظر إلي البيت الكبير الواسع بل القصر و غمغم:
, -البيت كبير أووي يا ماما و شكله حلو ياريت لو يكون عندنا بيت زيه.
, استكمل الصغير بحالمية و براءة الطفولة تستولي عليه:
, -أنا لما أكبر و أبقي مهندس كبيير هشتغل و أبنيلك بيت زيه نعيش فيه انا و أنتِ و إياد و تاليا و جدو و تيتة ..
, إبتسمت ريحانة رغماً عنها لأحلامه الصغيرة لا يدرك الصغير أن هذا البيت بيته ، و أن له جزءاً كبيراً به ، هو حفيد هذه العائلة و القصر هذا كان من المفترض أن يتربي به عوضاً عن ذلك البيت ، وهذه العائلة هي عائلته هو كان يجب أن يحظي بحنانها و ليس ان تحتضنه عائلة السباعي بحنانها كل شئ تدمر بتدبير القدر فـ ماذا خبأت لها الأيام من تعاسة و حزن كبير ..
, امسكت يد صغيرها و شبكت أصابعهما معاً لتدلف إلي القصر بقدمان هلامتان تكاد تقع ، كادت بالضعف لكنها تمالكت نفسها بأن تقنع ذاتها أنها ليست فرداً من هذه العائلة و أنها مجرد مرسال ستعطي الملف للمدير و بعدها تغادر ..
, فتحت لها الخادمة الباب لينفتح علي مصرعيه مرحباً بقدوم أبنائه ، كان القصر كبيراً للغاية يضم حوالي ثلاثون غرفة مكون من اربع طوابق ، القصر أشبه بالقصور الملكية القديمة "إتخيلوا أنتم لأن شرح القصور ده اتكررت كتير و احنا عايزين نخلص الرواية اللي معلقة معايا دي😹😹" ..
, ارشدتها الخادمة إلي حديقة القصر الواسعة ، وجدت الجميع هناك و كأنهم بانتظارها لتأتي ، إتجهت نحوهم بخطي هادئة و رسمت ملامح عادية لوجهها لتقترب بهدوء ، أما الجد ليس وحده من التمعت عيونه برؤيتها بل الجميع لرؤية حورية العائلة ..
, كان الجميع موجوداً عداه "قصي الراوي" لتتنهد براحة ثم ابتسمت بتكلف و قالت:
, -صباح الخير ..
, رد الجميع لكن الجد استقبلها بحفاوة شديدة:
, -صباح الورد و الياسمين علي اجمل اتنين نورونا..
, ابتسمت ريحانة و اجابت:
, -شكراً لحضرتك جداً ، و بعتذر إن ازعجتكم بس قصي بيه طلب مني ملف الصفقة ضروري فإضطريت أجيبه و اقطع عليكم الجو العائلي ..
, هتف محمد الراوي لها و عيونه تحكي الكثير من الندم و الحزن و الفرحة لرؤيتها:
, -اعتذار و شكر في جملة واحدة ، أنت جزء من عيلتنا..
, تدارك نفسه سريعاً و قال:
, -اقصد إننا بنعتبرك جزء من العيلة بتاعتنا فمفيش داعي إنك تعتذري مننا ..
, تنحنحت ريحانة و قالت بهدوء إلي الجد مباشرة:
, -أومال قصي بيه فين المفروض أسلمله الملف دلوقتي ..
, إبتسمت شاهندا لها لتتقابل أعينهما معاً بتوعد شديد لـ ريحانة و قالت:
, -قصي مش عارفين راح فين ، أنت شكلك مستعجلة فـ تقدري تسيبي الملف معايا و لما يجي قصي يبقي ياخده..
, فهمت ريحانة الرسالة منها و قالت إليها:
, -فكرة حلو تقدري تاخدي الملف ولما يوصل قصي بيه يبقي ياخده..
, كادت ريحانة بإعطائها الملف ليقطعها الجد بحدة موجهاً حديثه إلي زوجة ابنه:
, -ايه اللي بتقوليه دا يا شاهندا انت عايزاها تقول علينا إننا مش حابين وجودها ، هي لسه جات عشان تمشي لازم تقعد معانا و كمان تتغدا هنا معانا ..
, ارتبكت شاهندا و أخفضت عينيها قائلة:
, -العفو يا بابا مكنش قصدي اللي حضرتك بتقوله ..
, احست بها ريحانة فقالت بابتسامة هادئة إلي الجد:
, -فعلاً أنا مستعجلة و لازم أمشي ..
, _تمشي تروحي فيين؟!..
, كان صوت قصي جاء يقطع حديثها ، استدارت ريحانة لتجده خلفها يقف بهيبة لم يفقدها أبداً ، فـ كان تلقي اتصالاً ليضطر للإجابة ليأخذ الحديث وقتاً طويلاً اضطر اسفاً أن يستكمل المحادثة ، لكنه استطاع إنهائها ليأتي بعدما علم بقدومها فـ وجدها تود الذهاب لكنه لن يسمح لها بذلك ، تقدم قصي بعيونه السوداء الحادة يستكمل حديثه:
, -انتِ هتقعدي تكملي معايا بقية الملفات الناقصة و عايزة تتراجع في شغل كتير ناقص و لازم يكمل ضروري.
, عقدت ريحانة حاجبيها مشدوهة من الورطة التي وقعت بها بسبب قصي لتغمغم باعتراض:
, -إزاي؟! قصي بيه انت طلبت الملف و دا اللي عملته بس مقولتليش إن في شغل كتير لازم يكمل.. حضرتك انا اخدت اليوم إجازة عشان اقضيه مع عيلتي مش عشان أقضيه في شغل برضو..
, رفع كتفيه بلامبالاة و أجاب:
, -دا اللي عندي و انا مش مضطر اعطل شغلي عشانك..
, هتفت بحدة:
, -ما في سكرتيرة تانية هناك في الشركة اسمها نجوي كانت جات و كملت هي الشغل..
, دس يده بجيب بنطاله و قد احتدت عيناه بغضب مردفا:
, -أولاً صوتك ميعلاش تاني ، تاني حاجة نجوي هناك في الشركة ماسكة الشغل مكاني مينفعش أسيب الشركة من غير ما يكون هناك حد مكاني ، فـ أنت اللي هتساعديني في الملفات هنا ..
, إشتعل فتيل غضبها و قالت بغضب:
, -و الملفات دي مينفعش تكمل غير في يوم إجازتي و إلا إيه؟!..
, إنفعل قصي كثيراً و هم بالرد ليقطعه الجد بهدوء امتزج بالحدة:
, -في إيه مش عاملين إعتبار ليا إني موجود و الا ايه..
, اعتدل الاثنان إلا من نظرات الغضب لـ تهتف ريحانة بسرعة تدافع عن نفسها:
, -أنا آسفة لحضرتك بس حفيدك هو اللي عصبني انا جاية هنا عشان الملف بس مش للشغـ..
, قاطعها الجد بحدته و صرامته المعتادة:
, -دلوقتي حفيدي غلط لما مقالش إنك هتراجعي معاه الملفات..
, ابتسمت ريحانة بانتصار و شماتة لقصي لتنمحي ابتسامتها حينما استطرد الجد قائلاً:
, -بس دا مينمعش إن للضرورة أحكام و إنه مكنش عامل حسابه علي دا ..
, هتفت باعتراض:
, -بـس..
, غمغم الجد بصرامة:
, -مفيش بس!! انت هتكملي معاه الشغل اللي ناقص و وعد مني إنك تقضي اليوم مع عيلتك زي ما كنتي عايزة..
, كادت الاعتراض ليقطعها صوت قصي الهادر ببرود:
, -تعالي ورايا..
, نظرت ريحانة إلي أيان بقلة حيلة و هتفت بـ:
, -طب أيان هسيبه مع مين دلوقتي؟!..
, اجابها الجد بابتسامة:
, -أيان متخافيش عليه هو مع جده ..
, أرفق حديثه يفتح زراعيه للصغير الذي ترك يد والدته و هرول ناحية الجد الذي تلقفه بحضنه يزرع القبلات علي وجنة الصغير بحنان ، اطمئنت ريحانة علي صغيرها فـ الجد مهما كان قاسياً فـ حنانه يغلب قسوته..
, استدارت تتبع قصي إلي المكتب كي تنهي العمل و بعدها تذهب بطفلها إلي خارج هذا القصر ..
, ٦ العلامة النجمية
, بالأعلي كانت هناك فتيل مشتعل من النيران اشعلت ثناياها بـ هياج.. كيف استطاع ذلك الوغد أن يهددها ، لم يقوي أحد علي التحكم بـ روفيدا الراوي كما فعل الشاب ، استدارت روفيدا بجسدها و صاحت بغضب إلي والدتها:
, -الحيوان بيهددني إن لو مدفعتش ليه الفلوس هيفضحني قدام العيلة يا ماما..
, هتفت سهام بهدوء لإبنتها كي تطمئنها:
, -إهدي يا روفيدا لو حد سمعك من العيلة دلوقتي كل اللي عملناه هيضيع و الولد ده امره سهل نقدر ندفعله اللي عايزه و يسكت..
, لم تهدأ روفيدا بل أردفت بغضب:
, -دا اتجرأ و جالي القصر طالب مليون جنيه دلوقتي بيكلمني إنه عايزه خمسة مليون ، انا مش عارفة أعمل في الورطة دي ..
, اتسعت حدقتي سيهام بصدمة واضحة مرددة:
, -خمسة مليون دا اتجنن شكله دا..
, ابتسمت روفيدا بسخرية قائلة:
, -فعلاً اتجنن و انا هتجنن وراه دا عايزهم نهاية الأسبوع ده و بيقولي إتصرفي ..
, جلست سهام علي الفراش و صمتت تفكر قليلاً لتلتمع فكرة برأسها و قالت:
, -أنت هتقابليه زي ما قالك ، بس احنا اللي هنكون اللي ماسكين خيوط اللعبة مش هو..
, قطبت روفيدا حاجبيها بعدم فهم تتساءل:
, -قصدك إيه؟!.
, اجابت سهام بغموض:
, -هقولك بعدين لما اللي بفكر فيه يكتمل و ساعتها هنخلص من القلق ده..
, هزت روفيدا رأسها بفهم لتنظر من النافذة علي ريحانة التي تتبع قصي إلي الداخل لتتمتم بداخلها بـ شر:
, -أخلص من الورطة دي و ساعتها هخلص منك أنت كمان إصبري عليا ..

التاسع والعشرون


دلفت وراءه إلي المكتب بينما وقف قصي يغلق صاقفاً إياه بعنف ، انتفضت ريحانة بهلع فازدردت ريقها بتوتر حينما تلاقت نظراتهما سوياً فـ رأته يحدجها بنظرات مشتعلة .. تقدم منها بخطي ثابتة فـ عادت مثلها إلي الخلف بتوتر حتي سقطت فوق الأريكة لـ يحاصرها قصي بذراعيه الفولاذية قبل أن تفر .. جاهدت إلي إخراج صوتها قائلة بتلعثم:
, -إ ابب ابعد لو سمحت ..
, لم يعطي لحديثها أهمية بل ظل ينظر إليها بعسليتاه الغاضبة فـ خرج صوته حاداً غاضباً:
, -اللي عملتيه برا دا ، أنتِ عارفة إن محدش إتجرأ و عمل كده قبلك ..
, ابتلعت ريقها بتوتر تشيح بعينيها بعيداً ثم أجابت:
, -أنا م معملتش حاجة ..
, ابتسم بسخرية ثم مد أنامله يمسك ذقنها و أداره إليها فـ تلاقت عينيهما ليغمغم بسخرية:
, -لاء عملتي و أنت عارفة عملتي إيه كويس بدليل إنك مش قادرة تبصي في عيني ..
, ردت عليه وقد تناست وضعهما قائلة بغضب:
, -ما هو حضرتك اللي غلطان ، قولتلي هاتي الملف يا ريحانة جبت الملف بس مقولتليش إنك هتقعدني نكمل شغل أومال أنا واخدة إجازة ليه ..
, زفر بضيق من تمردها الذي لا يبدد أبداً فأغمضت ريحانة عينيها حينما لفحتها أنفاسه برائحة النعناع المنعشة و السجائر ، نظر لها قصي يعلم أنه يؤثر بها بدليل ارتعاشة جسدها ، مال عليها هامساً أمام وجهها:
, -مكنتش اعرف إني بأثر فيكي أوي للدرجادي ..
, تسارعت نبضات قلبها وفتحت عيناها ونظرت له بارتباك ، هتفت بشجاعة وحدة مزيفة خائفة من أن تضعف مقاومتها امام جاذبيته و همسه المذيب للقلب:
, -مش بتأثر فيا ولا حاجة ، اللي بتعمله دا غلط إنك تقرب مني بالشكل دا ، لو سمحت إبعد أنا ست متجوزة مينفعش كدا..
, كم أغاظته كلمة متزوجة ، أن تكون علي اسم رجل آخر غيره هذا ما أغضبه حقاً ، هتف بعناد:
, -لو مبعدتش هتعملي إيه؟!.
, أجابته بثقة علي الفور:_هصوت و ألم عليك البيت كله و أقولهم بيتحرش بيا ..
, اتسعت عيناه بصدمة قائلاً مشدوهاً من تلك المتمردة التي لازالت تتمرد علي قوانينه حتي بعد هذه السنوات الطويلة لم يلتقيا بها ، لازالت كما هي:
, -بتحــــرش بيكي!! يا جبروتك يا شيخة كل دا عشان قربت منك سنتي واحد أمال لو بوستك كنت عملتي فيا إيه؟!
, ردت عليه بشراسة القطط وهي تدفعه بقبضتها:
, -كنت موتك فيها أنا محدش يقربلي أبداً غير بـ مزاجي ، مش هسمحلك تعمل حركة كده والا كده فيا لأني عمري ما هخـون ثقة جوزي فيا أبداً ..
, لم تؤثر قبضتها به لكنه استقام واقفاً بإرادته ، دس يده بجيب بنطاله يرمقها بنظرات غاضبة و قال:
, -و إزاي هو خان ثقتك و راح إتجوز عليكي ، قبلتي بالوضع دا ليه أنت مش مجبرة علفكرة ..
, ابتلعت ريقها بتوتر يحاصرها من كل الزوايا ، يريد إرباكها أكثر لكنها ردت بثقة:
, -هو حر في اللي بيعمله ، أنا مقدرش أمنعه عن حاجة حاببها ، إياد الشرع محلله أربعة و أنا مش هعترض أبداً ، و بعدين تاليا صديقتي و احنا متفاهمين جداً و إنه يميل ليها فـ القلب محدش يقدر يتحكم فيه يحب مين و يكره مين؟!.
, كز علي أسنانه مما تتفوه به هذه الحمقاء فـ صاح بغضب:
, -أنتِ إزاي بالبرود دا؟!. مستحيل واحدة تبقي بالبرود دا لما جوزها يروح يتجوز عليها و اللي اتجوزها تبقي صاحبتها ، إلا لو كان فيه حاجة في علاقتكم او تكونوا مثلاً مش متجوزين و بتمثلوا علينا التمثيلية دي..
, سعلت ريحانة و شحب وجهها بارتباك ، حتماً إنه داهية قصي الراوي ، إذا استمر معها هكذا يحاصرها بالأسئلة حتماً سيكتشف كل شئ و تنقشع الأتربة المخبئة خلفها الحقائق ، رسمت البرود علي تقاسيم وجهها قائلة:
, -قصي بيه مش ملاحظ إنك عمال تسألني عن حياتي الشخصية زي المحققين ، حضرتك هنا عشان نشتغل مش عشان نتكلم عن جوزي و مراته ..
, ابتسم بتهكم لقد استطاعت أن تغير دفة الإجابة ببراعة ، نطق ببرود ممتزج بالاستهزاء يجلس فوق الأريكة جوارها وقال:
, -لا طبعاً إزاي احنا نشتغل وبس ، بس اوعي تفتكري إننا خلصنا كلام ، أنا مش هسيبك غير لما أعرف إيه اللي مخبياه يا حورية أقصد ريحانة ..
, بدأ الاثنان بالعمل بينما ريحانة احست بالخطر بعدما ناداها قصي بإسمها الحقيقي ، اقنعت ذاتها أنه نطقه بالغلط لكنها لا تعلم أنه تعمد ذلك كي يري رد فعلها ، وقد كان وصل إلي مبتغاه و استطاع كسر حاجز من حواجز الغموض و سيعمل علي ذلك كي تنكشف حقيقة الماضي .. بأكمله و ينقذ حبيبته من خطأ غير مقصود دمر قلبيهما ..
, ٧ العلامة النجمية
,
, مرت ساعات يعمل بها الاثنان سوياً و لم ينتبها إلي الوقت الذي مر هكذا .. بالخارج كان ضحكات الجد فاروق و أيان مجلجلة القصر بأكمله ، دهشة أصابت أصحاب البيت بأكمله و الخدم أيضاً ، فاروق الراوي لم يضحك هكذا من بعد وفاة ابنة قلبه و حفيدته حورية ، كانت الصدمة كفيلة بضياعه و تفاقم القسوة بقلبه أكثر من قبل ، وقفت شاهندا زوجة محمد تتابع ما يحدث من بعيد و هي تتحدث بالهاتف مع إيمان السباعي والدة إياد ..
, هتفت شاهندا بحدة و هي تتلفت حولها كي لا يسمعها أحد من العائلة:
, -حاولي متتأخريش يا إيمان في سفرك ، أنتِ عارفة إن وجود حورية هنا في القصر أكبر غلطة ممكن نعملها ، أنتِ مش شايفة إنها واحدة واحدة ممكن الحقيقة تنكشف و إن دي حورية مش ريحانة ..
, صمتت تستمع إلي الأخري فـ تنهدت بضيق وقالت:
, -أنا خايفة عليها خصوصاً إن قصي مش سهل ، سكوته دا ميطمنش أكيد بيدبر لحاجة إحنا مش متوقعينها ، قصي دا شيطان متنسيش اللي عمله فيها زمان و إزاي أذاها ، أنا مش هستحمل يحصلها حاجة و تكتئب زي زمان .. دي كانت هتروح مني فيها ..
, استمعت إليها بتركيز شديد ، وعيناها علي أيان و الجد الذي يضحك بسعادة ، فقالت بحزن يتدفق بكلماتها:
, -أنا مش خايفة من حد في العيلة قد من قصي نفسه ، أنتِ عارفة بابا أول مرة الاقيه بيضحك كده بعد سنين طويلة ، أيان ملاك ميستاهلش إنه يكون أبوه شيطان زي قصي ، إيمان ب**** عليكي متتأخريش في سفريتك أنا هحاول أنقذ الموقف علي قد ما أقدر هنا ، الباقي عليكي لما ترجعي إقنعيها تبعد عن هنا أنا قلبي مش مطمن للجـاي ..
, أنهت المكالمة بعد عدة كلمات مقتضبة ممتلئة بالدعاء و الصداقة القوية ، استدارت تتطلع إلي الجد و لكن لم تنتبه إلي تلك العيون التي استمعت إلي حديثها بصدمة شديدة لتذهب و عقلها لا يصدق ما سمعته الآن ، لا إرادياً ابتسمت شاهندا لضحكات الاثنين فـ كان الاثنان يلعبان سوياً بالحديقة ، و البهجة علي وجه كليهما بلا أي زيف او اصطناع ، أتت الخادمة و اخبرتها أن الغداء جاهز فـ طلبت منها شاهندا أن تضع الطعام علي السفرة ريثما تخبر الجميع ..
, اتجهت شاهندا إلي الحديقة حيث تجتمع العائلة ، ابتسمت بحب قائلة إلي الجد الذي يلاعب أيان السعيد بشدة:
, -الغداء جاهز يا بابا ..
, ضحك الجد ينظر إلي الصغير قائلاً بنبرة طفولية كـ الأطفال:
, -إيه رأيك نكمل لعب بعد الغداء يا بطل؟!.
, رد الصغير بضحكات طفولية مردفاً:_ماشي يا جدوو ..
, نهض الجد حاملاً إياه و كأنه استطرد صحته ولا يميزه سنوات عمره الطويلة .. تأملهما الجميع منها النظرات السعيدة المتمنية ببقاء هذه البهجة و منها الحاقدة التي تتمني الخلاص من هذا الإزعاج ..
, جلس الجميع حول طاولة الطعام بينما ذهبت الخادمة كي تُعلم قصي و ريحانة كما أخبرها الجد ، في نفس الوقت حضر نديم من العمل وجلس علي كرسيه ، تعجب من وجود أيان هنا فـ مالت عليه رؤي تخبره بـ وجود ريحانة هنا تعمل مع قصي بالمكتب علي بعض الصفقات ، أومأ نديم بتفهم و عيناه تطوقان لـ رؤية شقيقته الصغيرة ، هو ليس متأكداً أنها هي علي الرغم من أنهما نسخة مطابقة ، لكن إحساسه الأخوي يخبره أنها هي!!..
, جاء كلا من قصي و ريحانة فـ لم يكن هناك سوي مقعدين متجاورين لهما ، جلس جوار بعضهما كـ حال كل ثنائي بالعائلة ، نظرت ريحانة إلي الصغير الذي يجلس فوق قدم الجد فقالت بابتسامة هادئة:
, -أيان تعالي يا حبيبي هنا بلاش تتعب جدو ..
, رد الجد فاروق عليها بابتسامة ، وهو يطعم الصغير بحب و حنان كما كان يفعل مع حورية الصغيرة:
, -لاء سيبيه ، أيان ميتشبعش منه أبداً أنا مرتاح و هو كده .
, صمتت ريحانة و تركته علي راحته بينما طالعتها اعين تود قتلها .. عينان محملتان بالحقد لها و إلي صغيرها الذي يتوسد قدم الجد ، توعدت روفيدا لها كثيراً لكن ما أن تنتهي من تلك المشكلة فوق عاتقيها و تتخلص من ذاك الشاب ..
, كانت الساعات التالية قضاها الجميع في جو أسري افتقرته بقدوم أيان وريحانة ، التهي الجد باللعب مع الصغير بينما ذهب كلا من ريحانة و قصي لإكمال العمل و هذه المرة شاركهم نديم فانتهوا سريعاً منه ..
, انقضي اليوم سريعاً فـ ساعات السعادة أحياناً تنقضي كـ أنها ثواني لا تحسب ، رفضت ريحانة أن يوصلها قصي لكن بعد إصرار منه و من الجد كي يطمئن عليهما .. وصلهما قصي إلي المنزل و اطمئن عليهما ثم غادر عائداً إلي القصر بملامح متجهمة فـ هناك ما يخطط له بالوعيد لمن سببوا جرحاً بقلبه هو و حوريته ٣ نقطة
, ٧ العلامة النجمية
, تخفي القمر برادئه الأسود منقوشاً بنقط بيضاء لامعة كاللؤلؤ ، ليلة اشتدت بها الرياح عكس الليالي الماضية ، انتصف الليل و اصبحت الساعة الثانية عشر صباحاً ، السكون يملأ المكان بصمت الليل و الناس نيام ..
, خرجت تمشي علي أطراف أصابع قدميها .. تلفتت برأسها يميناً و يساراً خشية أن يراها أحد من العائلة .. هبطت درجات السلم بعدما خلعت حذائها و تمسكه بيدها ، نزلت الدرج بأكمله لـ تذهب ناحية الباب بـ بطء فتحته و لازالت تلتفت حولها .. اغلقت الباب خلفها لترتدي حذائها بسرعة تركض نحو الخارج فوجدته ينتظرها بالموتور خاصته يرتدي الخوذة مخفياً وجهه ..
, ركبت بسرعة خلفه الموتور و ارتدت الخوذة التي ناولها إياها ، ثم قالت وهي تلهث من الركض:_إطلع يلا بسرعة!!
, امتثل لها الشاب محركاً رأسه بإيماءة خفيفة ، سار بهما بسرعة عالية تشق الرياح ، وصل بها إلي منطقة نائية لا يوجد بها أحد ، نزل الاثنان من فوق الموتور ووقفا علي الرمال .. اقترب الشاب منها و يدعي "بـلال" مغمغماً:
, - إيه اللي خلاكي تطلبي مني إننا نتقابل هنا بدل ما كنا نهينا كل حاجة هناك ..
, ابتسمت روفيدا بشدة و قالت بخبث:_انا مش غبية عشان نتقابل هناك و حد من العيلة يشوفني و نتفضح أكتر ..
, ابتسم بلال بغموض و قال:
, -أنا ميهمنيش كل الكلام دا فين فلوسي ..
, إكفهر وجهها بغضب ترمقه بإشمئزاز لتفتح حقيبتها بعنف تخرج كيساً أسود اللون و ناولته إياه فالتقطه منها بلهفة يتفحص محتويات الكيس .. أردف متشدقاً بغضب:
, -بس دا مش كل المبلغ اللي اتفقنا عليه!!
, ردت روفيدا ببرود:_ دا اللي قدرت اتصرف فيه مش معايا اكتر من المبلغ دا ، لو اطربقت السما علي الأرض مش هتاخد اكتر من دوول مليون جنيه اظن مبلغ كويس أووي ..
, ابتسم بلال و قال بطمع:_ مليون جنيه رغم إني كنت عايز اكتر من كده بس مش مشكلة حلوين ..
, تأففت روفيدا بغضب:_من النهاردة مش عايزة أشوف وشك تاني..
, بلال بابتسامة طامعة:_اللي تؤمري بيه يا ست البنات بس فيه سؤال كده محيرني ، هو أنت بتكرهيها ليه دي بنت عمك يعني نفس الدم تإذيها بالشكل دا .
, طافت عيناها بالغضب و الحقد الدفين لها ، روفيدا كانت ستصبح أفضل من ذلك لو كانت حورية ليست موجودة لكنها انتزعت منها كل شئ ، ردت بصوت مليئ بالحقد و الكره:
, -سرقت مني كل حاجة ، مفيش حاجة اتمنتها إلا و اخدتها مني ، سرقت مني اهتمام الجميع بابا و جدو حتي اختي بتحبها أكتر مني ، أخدت مني حب حياتي ، قصي أنا شوفته قبليها و حبيته قبل منها بس إزاي لازم تخطفه مني!! هي احلي مني في إيه ما انا كمان حلوة و أجمل منها بكتير بس الكل شايفني أنا الوحشة و هي الملاك ، كرهتها اوي وكان لازم انتقم منها بطريقة متتنساش .. حطتلها منوم في العصير في الجامعة عشان تبان تعبانة .. خليتك تشيلها و صورتك معاها صور تبين إنكم علي علاقة ببعض و إنها في حضنك بجد .. بعت الصور لـ قصي عشان يسيبها و فعلاً فضحها قدام العيلة بس اللي استغربتله إنها مش بنت بنوت .. مكنتش متوقعة إنها مش الملاك اللي كل شايفها بيه .. ليلتها عشان اخلص منها لما لقيت الكل ابتدي يتعاطف معاها و إنها اكيد معملتش كده فـ كلمتك تقتلها و فعلاً عملت اللي قولته و ضربتها بعربيتك .. قولت ماتت و الجو بقي فاضيلي بس لسه الكل بيحبها و مشغول بيها حتي بعد ماتت ، بس إزاي رجعت بعد السنين دي كلها .. إزاي عايشة بعد السنين دي كلها ..
, هتف بلال بتهكم:_ هي حرقاكي اووي كده ..
, نظرت له بغضب فابتسم بلال و قال رافعاً يده كعلامة استسلام:
, -خلاص براحتك انا كل اللي كنت عاوزه اخدته ، و الفلوس بقت معايا ٣ نقطة
, رفعت سبابتها بوجهه قائلة بتهديد ووعيد:_الفلوس اخدتها مشفش وشك بعد كدا أنتَ فاهم ..
, هز رأسه بموافقة فاسترسلت روفيدا بخبث و هي تقترب منه بغنج أنثوي صارخ:
, -بما اننا مش هنتقابل فـ خلينا نحضن بعض لنهاية العلاقة الزبالة دي ..
, لم تعطيه الفرصة للإجابة لـ تلقي بجسدها داخل أحضانه ، تفاجئ بلال بفعلتها ليبادلها العناق ، ابتسمت روفيدا بخبث وهي تمد يدها إلي ظهرها تخرج الخنجر الصغير من خلف ملابسها ، ثم طعنته بـ جانبه بقوة ..
, شهق بلال بصدمة يبتعد عنها ينظر إلي الدماء التي لطخت يده ، تقهقر إلي الخلف بصدمة وشحب وجهه سقط ارضاً ينزف من الدماء ، جاهد للحديث يتطلع إليها غير مصدقاً ما فعلته ، نطق بصعوبة قائلاً:
, -أ أنتِ ع عملتي إ إيه؟!.
, ابتسمت روفيدا بشر تجلس علي ركبتيها تنظر له بتشفي و قالت بضحكات عالية كـ المجانين:
, -تؤتؤ بقي أنت عايزني أسيبك كده من غير ما اخد حقي ، محدش قدر يكلمني و يهددني قبلك لازم تتأدب يا حلو ، إذا كان اللي من دمي عشان اخدت مني اللي بحبه ، قـ ـتـ ـلـتـ ـهـا ، قتلتها و دمرت حياتها ، أنا مش بسيب حقي و لازم أخده باي باي يا روحي ، إلي الجحيم ..
, نزعت الخنجر ووضعته بحقيبتها ، ثم التقطت المال من الأرض ووضعته بحقيبتها ثم استقامت واقفة ، نظرت له ثم بصقت عليه و تركته ينزف و يصارع الموت و رحلت بابتسامة سعيدة كأنها لم تقتل إنسان منذ دقائق..
, سارت تجاه سيارة سوداء كانت تقف بعيداً استقلت روفيدا السيارة و استدارت تنظر إلي والدتها لتغمغم بثقة:
, -كله تمام زي ما اتفقنا ..
, ابتسمت سيهام والدتها و هي تشغل السيارة تقودها ثم قالت بسعادة:
, -برافوو عليكي ، أثبتيلي إنك بنتي بجد ..
, ٧ العلامة النجمية
, أشرقت شمس يوم جديد تاركاً آثام ليلة أمس راسخة بتلك الليلة .. بالشركة عند قصي كان يجلس بمكتبه ، شارداً بأفكاره غير واعياً لريحانة الواقفة بجواره تخبره مواعيد العمل اليوم ، تأففت ريحانة بغضب بعدما لاحظت شروده الذي طال ، نطقت بضيق:
, -قصي بيه حضرتك معايا!!
, قصي بانتباه:_أيوا معاكي..
, ريحانة بضيق:_ لاء مش معايا حضرتك ، لو حضرتك مش مركز معايا أبقي اجيلك وقت تاني بدل ما أنا عاملة زي البغبغان وخلاص..
, قصي بهدوء مشيراً لها بالذهاب:_تمام تقدري تروحي ..
, انصرفت ريحانة من امامه فتحت الباب و كادت ان تخرج ليستوقفها صوت قصي يغمغم متذكراً:
, -أنتم معزومين علي العشاء بكرا .. عندنا في القصر أنت و جوزك يا ريحـانة ..
, عقدت ريحانة حاجبيها باعتراض:_بس حضرتك مينفعش..
, قاطعها قصي بحدة طفيفة:_مفيش لاء دا أوامر فاروق الراوي يا ريحانة ..
, اومأت ريحانة برأسها ثم انصرفت من أمامه ، اما قصي فـ نهض يتجه إلي النافذة يدس يده بجيب بنطاله يتطلع إلي السحاب ثم زفر بحدة يُعد نفسه للغد لما سيكشفه من حقائق غامضة و الظالم سيُعاقب علي ما فعله .

الثلاثون


يجب أن تذهب إلى الحقيقة بكل روحكافلاطون
, بإحدي الأُمسيات اجتمعت عائلة السباعي في ضيافة عائلة الراوي ، امتلأ القصر بـ العائلتين تحت رغبة الجد فاروق الراوي مما أثار دهشة و حيرة الجميع ، فقد فاجأهم الجد برغبته بـ عزيمة عائلة السباعي و لم يختلف حال عائلة السباعي عنهم ، بل حينما أطلعتهم ريحانة عن تلك الرغبة قرر إياد الذهاب فـ هناك شيئاً خفياً سيعلمه حتماً .
, حضرت العائلة بما فيهم السيد عزت و زوجته و إياد برفقة ريحانة و طفلها الصغير و زوجته تاليا السيوفي ..
, جلست العائلة بعد وجبة العشاء بغرفة الصالون في حالة بهجة مصطنعة ، فـ هناك سؤال يُطرح بـ ذهن كل فرد فيها ..
, ما سبب هذه العزيمة المُفاجئة؟!.
, تبادل الجد النظرات الغامضة مع قصي الشبيه له بكل شئ حتي قسوة عيناه ، اومأ قصي رأسه بخفة لينهض بهدوء حتي تخفي من انظار الجميع ، التفتت الجد إلي ريحانة يمعن النظر إليها بابتسامة كبيرة علي وجهه ، عقدت حاجبيها بدهشة سرعان ما تبددت حينما نطق الجد بهدوء ..
, الجد فاروق بابتسامة:_عارفة أنتِ بتفكريني بـ شخص عزيز عليا و بحبه جدا يا ريحانة!!
, ابتلعت ريحانة ريقها بتوتر و قالت:_م مين؟!
, الجد فاروق:_حورية حفيدتي بتفكريني بيها شبهها أوي كأنكم نفس الشخص مش اتنين مختلفين ..
, ابتسمت له بتوتر و قالت:_ربنا يرحمها!!
, الجد بنبرة ذات مغزي:_بس هي عايشة؟!.
, سعلت ريحانة بقوة حينما نطق الجد تلك الكلمات ، تبادلت النظرات المتوترة مع إياد و تاليا اللذان لم يكن حالهما يختلف عنها ، أما شاهندا فـ أرادت تغيير دفة الحديث قبل ان تنجرف ببئر ليس له نهاية..
, شاهندا بابتسامة:_يخلق من الشبه أربعين يا بابا ..
, الجد بغموض:_معاكي حق يا مرات ابني ، يخلق من الشبه أربعين ..
, توتر الجو خاصة من غموض الجد الغير متوقع ، أتي قصي يمسك ميموري صغير بيده ووضعه ليضعه بالجهاز الموصل بالتلفاز ، هتف الجد متابعاً ما يفعله قصي بهدوء ثم قال:
, -خلينا نتفرج علي الفيديو دا ، أنا خليت قصي يحضره مخصوص عشان السهرة الحلوة دي ..
, اقترب قصي من الجد و مد يده بـ الريموت الخاص بالتلفاز فـ اخذه الجد منه و قال موجهاً حديثه للجميع:
, -هحكيلكم حدوتة صغيرة كدا ..
, لم يُمهل العائلة بالسؤال عنها ليبادرهم باسترساله الحديث بينما غامت عيناه بلمعة الحنين إلي الماضي:
, _كان يا مكان ، من سبع سنين كان فيه بنت جميلة أووي وطيبة زي سندريلا بالظبط بس هي أحلي بكتير زي حوريات البحر ، و كان فيه الجد القاسي و الصارم مع كل ما عدا هي .. كانت بالنسباله الدنيا كلها ميقدرش علي زعلها ، و في يوم من الايام رجع ابن عمها الكبير من السفر بعد سنين مش شافته فيها أبداً غير مرة واحدة ، اول مقابلتهم كانت خناقة بينهم ، ابن عمها كان دايماً علي خلاف مع جده بس هي معجبهاش الخلاف دا فـ قررت تصلح بينهم ، بس مع الوقت اتقربوا من بعض و الجد لاحظ التغير دا ، بس سكت لحد ما جيه في يوم عيد ميلاد أميرته و فاجأ الكل بخطوبتهم و الاتنين عقد قرانهم ، عاشوا فترة شهور و ليالي في فرح هما الاتنين ، لحد ما جيه ابن عم الأميرة في يوم وطلقها ، الأميرة من صدمتها أغمي عليها ، الكل هجم عليه بالكلام و الضرب بس هو وضحلهم كل دا لما طلع صور ليها في حضن راجل تاني ، الدم غلي في عروق الكل و شكوا فيها الأميرة طلبت منهم يصدقوا انها مش هي و معملتش كدا بس محدش صدق و طردوها برا القصر ، في نفس الليلة حاسوا انهم اتسرعوا في الحكم عليها و قرروا يسألوها بس اكتشفوا انها ماتت عملت حادثة و ماتت ..
, صمت الجد يأخذ نفساً طويلاً بعد ما نطق به من حديث طويل ، ثم تطلع إلي الجميع بـ نظراتهم المحملة بالدهشة ، البعض طاف الألم تقاسيم وجهه و البقية تبدلت ملامحهم إلي الشحوب و القلق ، ابتسم الجد بغموض و تابع:
, - طبعاً بتسألوا عن الحلقة المفقودة في الحكاية ، هوضحها ليكم بس الأول خلينا نتفرج علي الفيلم دا ..
, ضغط الجد علي جهاز التحكم و أشغل التلفاز ، علت الدهشة وجوه الجميع و هم ينظرون إلي التلفاز بترقب فيما يحدث فيه ، خاصةً روفيدا التي استمعت إلي صوتها ، برزت عيناها بصدمة تحملق بشاشة التلفاز لتشاهد ما حدث بتلك الليلة.
, عودة إلي وقت سابق
, طافت عيناها بالغضب و الحقد الدفين لها ، روفيدا كانت ستصبح أفضل من ذلك لو كانت حورية ليست موجودة لكنها انتزعت منها كل شئ ، ردت بصوت مليئ بالحقد و الكره:
, -سرقت مني كل حاجة ، مفيش حاجة اتمنتها إلا و اخدتها مني ، سرقت مني اهتمام الجميع بابا و جدو حتي اختي بتحبها أكتر مني ، أخدت مني حب حياتي ، قصي أنا شوفته قبليها و حبيته قبل منها بس إزاي لازم تخطفه مني!! هي احلي مني في إيه ما انا كمان حلوة و أجمل منها بكتير بس الكل شايفني أنا الوحشة و هي الملاك ، كرهتها اوي وكان لازم انتقم منها بطريقة متتنساش .. حطتلها منوم في العصير في الجامعة عشان تبان تعبانة .. خليتك تشيلها و صورتك معاها صور تبين إنكم علي علاقة ببعض و إنها في حضنك بجد .. بعت الصور لـ قصي عشان يسيبها و فعلاً فضحها قدام العيلة بس اللي استغربتله إنها مش بنت بنوت .. مكنتش متوقعة إنها مش الملاك اللي كل شايفها بيه .. ليلتها عشان اخلص منها لما لقيت الكل ابتدي يتعاطف معاها و إنها اكيد معملتش كده فـ كلمتك تقتلها و فعلاً عملت اللي قولته و ضربتها بعربيتك .. قولت ماتت و الجو بقي فاضيلي بس لسه الكل بيحبها و مشغول بيها حتي بعد ماتت ، بس إزاي رجعت بعد السنين دي كلها .. إزاي عايشة بعد السنين دي كلها ..
, الوقت الحالي
, شحب وجه روفيدا بصدمة تتلقف أقوي صفعة بحياتها الآن ، ابتلعت ريقها تنظر إلي الجميع الذي نظروا لها بغضب عارم ، فـ كان الفيديو مصوراً لما حدث بالتفصيل تلك الليلة و كيف قتلت ذلك الشاب بطنعة بخنجرها الثمين ، أما ريحانة أم نقول "حورية" أنا تأتيها الطعنة من أقرب شخص إليها ، لماذا كل هذا الحقد من ابنة عمها ، هي لم تؤذها قط بالعكس كانت تحببها جداً ، ولم تشعر بالحقد تجاهها يوماً ..
, أما فؤاد والد روفيدا فقد نكس رأسه بخزي مما فعلته ابنته ، دمرت حياة ابنة عمها و لم تكتفي بذلك بل و قادها تفكيرها الشيطاني إلي تأجير الشاب نفسه لقتلها ، لقد ارتكبت أفعال مشينة للغاية بحقها و حق الجميع و أولهم حورية..
, اقترب فؤاد من ابنته بملامح لا تبشر بالخير أبداً ، شعر بأنه أنجب شيطانة بجسد إنسان ، كز علي أسنانه و إحمرت عيونه بغضي يهدر متسائلاً:
, -أنتِ عملتي كدا بجد؟!.
, تلعثمت و حاولت اختراق الكذبات لكن توقفت الحروف علي شفتيها بتلعثم قائلة:
, -بب بابا كل دا ك كذب ص صدقني..
, كان رد والدها صفعة قوية رنت الارجاء و انفلتت شهقات الفتيات بصدمة مروعة ، وضعت يدها مكان الصفعة و تدفقت العبرات إلي مقلتيها تنظر إلي هياج والدها يصيح بانفعال جم:
, -إخرسي خالص ، لسه عايزة تكدبي و تقولي ايه تاني مش كفاية بقاا ، آدي أخرة دلع أمك فيكي ، طلعتك شيطانة مجرمة بتقتل في الناس ..
, جلس علي الأريكة بهمدان ينكس رأسه أرضاً اقترب قصي منه مربتاً علي كتفيه متشدقاً:
, -إهدي يا عمي ..
, رد فؤاد بنحيب كالنساء مما افتعلته ابنته من أفعال مشينة:
, -أهدي ايه يا قصي دي قتلت ، وصل بيها الحقد إنها تقتل ..
, زفر قصي بغبطة و قال ببرود ينافي اشتعال الغضب بداخله:
, -متقلقش يا عمي الشاب بخير ، لحقناه علي آخر لحظة ، كان مصمم يقدم بلاغ و يسجنها رغم انه معاه حق بس اللي زيه بيعبد الفلوس ، سكت مقابل إنه ياخد فلوس و طبعاً مش يرضيني إن بنت عمي مهما كان يحصلها دا ..
, شعر نديم بالحيرة و عقله لا يستعب ما يحدث ليتشدق بـ حِيرة:
, -أنا مبقتش فاهم حاجة من اللي بيحصل ، إزاي روفيدا ليها يد في اللي حصل لـ حورية أختي ، و كمان عملت كل دا عشان بتحب قصي ..
, تطوع قصي بدلاً من الجد بإيضاح الحقيقة و الاجابة علي أسئلته:
, -روفيدا ليها يد في اللي حصل ، يمكن كانت أداة لتنفيذ كل اللي بيتقالها استحالة تعمل كده من دماغها ، محدش بيمشي في الشر من غير ما حد يدفعه ليه ، أوهمتني إن حورية خانتني بالصور اللي بعتتها هي و الحيوان التاني لعبوا في الصور عشان تطلع بالوقاحة دي ، دا غير انها طلبت منه يجبلها واحد من المجرمين و جابه ليها فـ طلبت منه يقتل حورية و بلال هو و الراجل معرفة فعرف منه هي ناوية علي ايه و لما اللسواق اتحبس بلال كان برا معاه السر ، اللي متأكد منه روفيدا متعملش كدا لوحدها اكيد فيه اللي كان بيدفعها لكل ده..
, ارتبكت سهام مما يقوله قصي بعدما ألقي نظرة أخيرة عليها ، اصطنعت الحزن و الغضب تنظر إلي ابنتها فاقتربت منها و صاحت بها بغضب مصطنع:
, -أنا مش مصدقة إني بنتي بكل الشر دا يا خسارة تربيتي فيكي ، أودي وشي فين من العيلة باللي عملتيها حصلت تإذي بنت عمك يا روفيدا دا أنتم إخوات يا بنتي..
, أدمعت عين روفيدا بصدمة مما تقوله والدتها و هي من أرغمتها علي فعل ذلك ، كانت تفعل ما تقوله لها والدتها بأعين مغمضة و ثقة عمياء ..
, صفق الجد محيياً إياها قائلاً بإعجاب من اتقانها الدور ببراعة:
, -لاء برافوو بجد ، شابووه ليكي أنا صدقتك بجد ،ولما أنت ليكي في التمثيل كده مشتغلتيش فيه ليه يا مرات ابني ..
, ارتبكت سهام و تسائلت بعدم فهم:_قصدك ايه يا عمي؟! .
, رد الجد بقوة و صرامة:
, -قصدي إن الشيطان أكيد لازم يخلف شيطان زيه ، أنتِ حرباية دخلت بيتي زمان و كانت عايزة توقع بين ولادي التلاتة ، قصي مصدقش الصور اللي انبعتت و مقدرش يإذيها لحد ما جاله تهديد إنه يا إما ينفذ اللي بيقولوه و يطلق ريحانة يا إما هيقتلوا زهرة ..
, كررت ريحانة الاسم مشدوهة منه:_زهرة ..
, نظر لها الجد و قال بهدوء متذكراً ما حدث بالماضي:
, -زهرة أم قصي اللي اختفت زمان فجأة و افتكرنا إنها هربت بسبب الجواب اللي لقيناه في أوضتها بس اكتشفنا مع الوقت إنها انخطفت و انحطت في مستشفي الأمراض العقلية بالإجبار ، لحد ما اتدهورت صحتها و لما كنا خلاص هنرجعها لقيناها اختفت فجأة و محدش قدر يوصلها و الا ايه يا سهام..
, اندفعت سهام بالحديث قائلة بغضب:
, -تقصد ايه يا عمي بكلامك دا؟!. قصدك اننا ورا اللي حصل لزهرة و خطفها و ان انا كمان ورا اللي حصل لـ حورية ..
, ارتسمت ابتسامة تهكم علي شفتي الجد يغمغم بنبرة ذات مغزي:
, -أنا مقولتش حاجة أنتِ اللي اعترفتي بـ لسانك يا سهام ، بلال اللي خلتيه يتصل بقصي و يهدده يا اما يطلق حورية و يفضحها قدام العيلة يا اما هيقتله امه و مش هيشوفها تاني ، بلال اعترف بكل اللي اوامرك ليه ، مكنش قدامه مفر لما طابقنا صوته بصوت المكالمة المتسجلة علي تليفون قصي ..
, ابتلعت سهام ريقها بتوتر في حين اقترب منها فريد و نيران الغضب لما فعلته بحبيبته تشتعل بصدره ، هدر بغضب مستعر يشبه الليث الذبيح:
, -زهرة عملتلك ايه عشان تإذيها كده ، قعدت سنين فاكر انها خانتني و هربت مع راجل تاني ، دي كانت صاحبة عمرك و كانت بتحبك و كل أسراركم سوا ، إزاي كانت شيفاكي ملاك و أنت جواكي شيطان و حورية بنت أخويا أذيتك في ايه عشان تدمريلها حياتها هي التانية ، أنتِ الشيطان اللي كان بيدمر فينا و احنا مش حاسين ..
, تفاقمت نيران الحقد لتتدفق لألسنتها بداخل عينان سهام التي أجابت بحقد و غضب شديد:
, -أذيتها عشان خطفتك مني ، أنا اللي حبيتك قبلها و المفروض تكون ليا انا مش هي ، إتجوزتها حتي بعد ما حاولت أفرقكم زمان بس معرفتش فـ مكنش قدامي غير اني اتجوز اخوك الصغير فؤاد ، دخلت البيت دا و نجحت أفرقكم بس لقيتك لسه متعلق بيها قولت خلاص المهم إني جمبك و معاك ، قولت أشوف فؤاد اللي بالصدفة اكتشفت انه دايب في هوا مرات اخوه و بيعشقها ، فؤاد كان بيحب حورية مرات محمد من قبل ما تبقي مرات أخوه ، مقدرتش أنسي انه جرحني فـ كان لازم انتقم منها عشان حطت عنيها علي جوزي فـ انتقمت من بنتها حورية ..
, حقائق تنكشف الواحدة تلو الاخري ، قصي الذي علم من السبب بما حدث لوالدته ، و ريحانة التي تابعت ما يحدث و هي لا تصدق انها كانت لعبة للانتقام من شئ ليس حقيقياً ، اقترب فؤاد من زوجته و صفعها بقوة هادراً بعنف:
, -أنتِ كدابة انا من يوم ما اتجوزتك و انا بحاول أخلي جوازنا الفاشل ناجح ، بس أنتِ مكنتيش شايفة قدامك غير حبي القديم لـ حورية اللي دعيت **** انه يشيل حبها من قلبي و حاولت معاكي كتير تنتبهي لبيتك و جوزك بس انت مكنتيش شايفة قدامك من كتر الغل و الحقد غير انك تدمري سعادة إخواتي و فرحتهم ، أنتِ طالق يا سهام طالق بالتلاتة هتخرجي من البيت دا و مش هترجعيله تاني ، أما بنتي فـ أنا هربيها من أول و جديد ..
, صُعقت سهام مما قاله ، اتسعت عيناها علي وسعيهما لا تصدق أنها طلقها هكذا بكل سهولة ضحكت سهام بكل سعادة كالمجانين و قالت:
, -أحسن برضو أنت العيشة معاك لا تطاق ، مفيش ست تستحملها أبداً ..
, اغتاظ فؤاد من فرحتها و برودها فـ جذبها من ذراعها و ألقاها خارج القصر ، نهض الجد يستند علي عكازيه و اقترب من حفيدته مردفاً بندم و التمع الدمع بعيونه:
, -سامحيني يا حورية علي ظلمي ليكي يا بنتي ، أنا صدقت اللي عيوني و مصدقتش قلبي اللي قال ان الصور كدب ، حقك عليا يا بنتي ، سامحيني و هعوضك عن كل السنين اللي عشتيها في ظلم بسببنا ..
, نظرت له بحزن و ألم لرؤيتها دموعه و انكساره ، مهما حدث سيبقي والدها الروحي ، ضغطت علي نواجزها و قلبها تقف لتقترب من روفيدا التي طالعتها بحقد من بين دموعها و تسائلت بحزن:
, -ليـه عملتي كده أذيتك في إيه؟!.
, اقتربت منها روفيدا بحقد و التمع عقلها بالجنون وهي تجيبها وودت لو تقتلع عنقها:
, -بعد كل دا مفهمتيش أقصد ايه؟!. أنا بكرهك و مكرهتش في حياتي حد أدك ، سرقتي مني كل حاجة ، سرقتي مني اهتمام الكل بيكي ، أنت السبب إني قصي يحبك أنتِ و ميحبنيش ، اشمعنا انت تلاقي الحب من الكل و انا علي الهامش محدش جنبي غير ماما ، مفيش حد هنا بيحبني غيرها حتي أنت يا بابا طول الوقت بتعاملها وحش و بتعاملني نفس المعاملة كأني بنتك ، و رؤي طول الوقت معاها و نسيت ان انا توأمها مش حورية ، حتي جدو كان بيعاملها و بيدللها أكتر مننا ، كل حاجة كانت ماشية في البيت دا عشان حورية حورية حورية حورية إيـــــــــه مفيش غيرها و انـــــــا فييين من كل دا أنـــا فيين؟!.
, هطلت عبراتها و هي تغمغم بدفاع عن نفسها:
, -انا مأجبرتش حد يحبني ، قصي لو بيحبني زي ما بتقولي فأنا مليش ذنب إنه يحبني و يتجوزني ، ليه بتلوميني إن لقيت الكل بيعوضني عن حرماني لأمي اللي ماتت و انا طفلة عمرها أيام ، متعرفيش أنا قلبي بيوجعني إزاي و انا شايفاكي بتحضني مامتك و انا لاء ، مكرهتكيش ليه و لا حقدت عليكي زي ما عملتي ..
, تعالت ضحكات روفيدا بصخب تردف:
, -أنا مقدرتش أقتلك و أخلص منك زمان يا حورية ، أنا هقتلك و أخلص منك للأبد يا حـــــورية..
, بكت حورية علي ما تقوله ابنة عمها لكرهها لها ، أما فؤاد فقال إلي عاصي ابنه:
, -عاصي خد أختك فوق علي أوضتها شكلها اتجننت و محتاجة لدكتور ..
, تملصت روفيدا بين يدي عاصي الذي جذبها لأعلي تصيح بكل صوتها الذي رن أرجاء القصر:
, -هقتـــــلك يا حورية .. هقتـــــــــــلك ..
, اقتربت تاليا منها و احتضنتها بدموع هي الأخري ، هتف إياد ببرود بعد ما حدث هذه الليلة:
, -إحنا لازم نمشي من هنا كفاية اننا شوفنا المهزلة اللي حصلت من شوية دي ..
, أيده والده عزت قائلاً:_معاك حق يا إياد ، احنا اتطفلنا علي خصوصيتكم مكنش ينفع نستني اكتر من كده.
, صاح نديم باندفاع من فكرة ابتعاد شقيقته عنه:_محدش هياخدها مني تاني حورية هتفضل هنا كل حاجة انكشفت خلاص..
, رد عليه إياد ببرود:_مراتي و من حقي أخدها معايا و مقدرش أسيبها في مكان اللي عايشين فيه بيكرهو بعض..
, نطقت شاهندا مؤيدة اياه:_معاه حق يا نديم حورية تبقي مرات إياد حالياً
, ردت تاليا باندفاع ستندم عليه و قد تناست حضور العائلة و هي تنطق:
, -بس إياد و ريحانة مش متجوزين يا طنط ..
, صدمة زلزلت القصر بأكمله بعدما نطقت بها تاليا التي شهقت بصدمة علاما تفوهت به الآن لتتسع مقلتيها و هي تعي انها وقعت بلسانها أمام الجميع ، تجهم وجه اياد بغضب و ضيق مما قالته ، أما قصي فقد سعد كثيراً بهذه الحقيقة ، أردفت شمس متسائلة وهي تعي بنقطةٍ ما لم ينتبه لها الجميع:
, -طالما مش متجـوزين أيان يبقي ابن مين؟!.
, اندفعت مئات الأسئلة تطرح بعقول الجميع ، بينما طالعتهم ريحانة بتأهب لما سيحدث ، تبادل الجميع النظرات و الدهشة علت تقاسيم ملامحهم ، وقف قصي أمام الجميع مجيباً بثقة متحدياً العائلة:
, -أيـان يبقي ابني ..
, اعتراف قوي نطق به قصي فـ انصعق الجميع ، أولهم حورية التي صدمت مما تفوه به ، هو لا يعلم ان أيان ابنه من أخبره بهذه الحقيقةالتي طمستها مع حقائق من الماضي كشفت أمام الجميع ، شعر نديم بالغضب بأن هذا الحقير سلب براءة شقيقته و أنجب منها أيضاً ، اندفع نحوه يمسكه من تلابيب ملابسه قائلاً باهتياج:
, -بقي أناَ يا كلب اللي لوثت أختي ، أنتَ لمستها من قبل ما تتجوزوا كمان هقتلك يا قصي علي اللي عملته هقتلك..
, قبض قصي علي يد نديم هاتفاً بحدة:
, -حورية كانت مراتي ساعتها متنساش ده ..
, لكمه نديم بقوة ليترنح جسد قصي للخلف يضع يده موضع اللكمة ، بينما اقترب نديم منه قائلاً:
, -هندمك علي اليوم اللي فكرت بس تبصلها فيه ..
, وقفت العائلة تشاهد ما يحدث و لم يتجرأ أحد علي التدخل فـ بوجهة نظرهم أن قصي يستحق هذا العقاب و أكثر ، قطع الجد اقتراب نديم من قصي يجأر عالياً بصرامة:
, -نديــــــــم اقف عندك ، ايه مش محترم وجودي خالص و لا عاملي أي اعتبار..
, وقف نديم مكانه فجأة و نكس رأسه ليتابع الجد حديثه إلي قصي مردفاً بحدة:
, -و أنتَ جيه دورك تتحاسب علي اللي عملته يا قصي ، اوعي تفتكر انك لما تيجي و تحكيلي الحقيقة يبقي أنت كدا مش هتتحاسب زيهم تبقي غلطان..
, تريث الجد ثواني التقط بها أنفاسه ليغمغم بعدها بصلابة:
, -اطلع برا بيتي يا قصي..

الحادي والثلاثون


كانت الليلة مليئة بالأحداث الغير متوقعة .. كُشفت حقائق كانت مُخبأة في أعماق التراب ، دثرها التراب بعبق الزمن الذي لا يخلو من رائحة الذكريات .
, خيم الصمت علي الأجواء و جلس الجميع يتبادلون نظرات الصدمة ، لا يصدقوا ما حدث قبل قليل من نزاعات و كشف حقائق مؤلمة علي البعض و أراحت البعض لـ تندلع شرارة أمل بين الثنايا .
, لم تكف رؤي عن البكاء طيلة الوقت ، لا تصدق ما فعلته والدتها و توأمها بـ حورية ، أيفعل الحقد بالقلوب هكذا؟!.
, أيصل الحقد إلي تدمير حياتهم؟!.
, يجرفهم كـ التيار العالي إلي القتل؟!.
, ماذا فعلت حورية كي يحدث بها كل هذا؟!.
, أبسبب الحُب؟!
, هنا توقف عقلها عن طرح المزيد من الأسئلة و اختلست النظر إلي نديم .
, كان يبدو علي ملامحه الغضب و الضيق ؛ تُري إلي أي منحدر ستنجرف علاقتهم ، سيتركها أكيد بعدما اكتشف أن والدتها السبب فيما حدث لـ شقيقته ، لقد تألم قلبه لسنوات طويلة علي ظُلمه لشقيقته . سيلفظها خارج حياته بعيداً كـ الجرذان ، فـ لا سيقبل بها كـ حبيبة و زوجة بعد الآن ..
, ابتلعت ريقها بتوتر و هي تيقن أن والدتها و شقيقتها وضعا لعلاقتها بـ نديم أسوار عالية ، هدمت كل شئ بلحظة واحدة ، و أنه سيتركها لا محالة ٣ علامة التعجب
, إذاً عليها الابتعاد قبل أن يبتعد عنها و يلفظها خارج حياته كـ الحثالة .. أفيقي رؤي فـ علاقتكما معاً وصلت إلي النهاية الحقيقية و هي الفراق .
, الانسحاب أولاً قبل أن تنجرح منه وقتها لن تسامحه أبداً ..
, أفاقت من شرودها علي صوت عمها يغمغم بسخط و استولي الحنق علي تقاسيم وجهه:
, -إزاي سيبتها تمشي يا بابا كده ، خلاص كل حاجة بانت و انكشفت و دا بيتها و تملك فيه أكتر مننا .
, تجهم وجه الجد يتذكر ما حدث من ساعتان ، اعتراضها علي البقاء و الذهاب إلي بيتها ، كلماتها رنت بأذنه و هي تخبره أن هذا ليس بيتها ، معها كامل الحق فيما فعلته ، ما يحدث ما إلا ثمار ما زرعوه منذ سنين طويلة ..
, ـ تطلعت له حورية ببرود قاسي تغمغم بحزم و نبرة القسوة بصوتها:
, _القصر دا مش بيتي يا جدو ، من سبع سنين طردتوني برا حياتكم و برا القصر ، صعب نرجع زي زمان ، صعب إني أرجع مكان حياتي اتدمرت فيه و اتهانت و تهمتوني أبشع اتهام ، كل اللي بيربطني بيكم دلوقتي هو شغلي و أيان مقدرش احرمك منه في النهاية هو ابن العيلة دي ..
, أغمض عينيه بألم ، شعر بألم رهيب بصدره ، تحامل علي نفسه يفتح عينيه يُردف بهدوء:
, -سيبها علي راحتها يا نديم ، اللي شافته مهما كان مش سهل علي حد يستحمله .
, رد نديم بضيق:
, -بس دي اختي مقدرش اسيبها كده لوحدها ، احنا عيلتها في النهاية ، هي حورية محمد الراوي مش ريحانة السباعي ..
, زفر الجد بقوة فـ حفيدته اصبحت بأسم آخر و هوية أخري و تعيش مع عائلة أخري ، أدمعت عيناه يجيب بحزن:
, -هي اللي اختارت تمشي و تبقي معاهم ، دول كانوا أمانها و راحتها السنين اللي فاتت ..
, صمت نديم مُجبراً بينما هتفت شمس بسعادة غَلفها جذوة من الحزن:
, -انا مبسوطة إن ريحانة هي حورية ، مبسوطة إني أختي عايشة و خلاص محدش هيمنعني عنها ، بس ..
, انتبه لها الجميع فتابعت بتعجب:
, -السؤال هنا إزاي حورية بقت ريحانة؟!.
, تطلع لها الجميع بانتباه شديد و تركيز فـ تابعت بتلعثم:
, -أقصد ريحانة الحقيقية فين؟!. طب حورية انتحلت شخصيتها إزاي و عاشت السنين اللي فاتت بـ هوية ريحانة ، طب اللي دفناها تبقي مين ..
, حلق هذا السؤال بعقل الجميع ، لماذا لم ينتبه أحد إلي هذا السؤال ، نظر نديم بغموض إلي زوجة أبيه و قال:
, - أكيد في حد ساعدها في كل حاجة ..
, اندهشت شاهندا من نظرته فقالت مجعدة حاجبيها:
, -مالك بتبصلي كده ليه يا نديم؟!.
, ابتسم نديم بسخرية قائلاً بسخرية:_هتجاوبيها و الا أجاوبها أنا ..
, سأل محمد بانفعال طفيف لا يفهم ما يحدث من طلاسيم بالحديث:
, -ما حد يتكلم و يفهمنا في إيه؟!.
, رفعت شاهندا كتفيها بعدم فهم و قالت:
, -معرفش هو يقصد إيه؟!.
, اتسعت ابتسامته الغامضة المريبة ، جاب بعيناه الجميع و رد ببرود:
, -طول السنين اللي فاتت عارفة إني أختي عايشة و ساكتة يا مرات أبويا ، سيبتينا نتقطع علي فراقها و الذنب بيقتلنا كل يوم و ساكتة ليــه!!
, ابتلعت لعابها و قالت بخوف:
, -أنتَ جبت الكلام دا منين؟!.
, رد عليها بتهكم:_سمعتك و أنت بتتكلمي مع صاحبتك إيمان هانم بتقوليلها ترجع بسرعة عشان تبعد حورية عننا ، عايزاها تبعدها بعد ما صدقنا انها بقت وسطينا و هنقدر نصلح غلطتنا معاها بإيدينا ..
, اعتصر محمد ذراعها بقوة هادراً بغضب جحيمي:
, -كنت عارفة إن بنتي عايشة كل السنين اللي فاتت دي و منطقتيش بـ ولا كلمة ، كنت بتستغفليني يا شاهندا ..
, هطلت دموعها تحرك رأسها بنفي و قالت:
, -لا أبداً ..
, قاطعها فريد ناطقاً بإتهام:
, -أمال إنك عارفة الحقيقة دا معناه إيه يا بنت عمي ..
, تألمت شاهندا من اتهام الجميع لها ، تطلعت إلي عمها و والد زوجها منتظرة اتهامه أيضاً لكنه خالف توقعها حينما نطق بحدة:
, -سيبها يا محمد ، بنت أخويا محدش يقدر يمسها بكلمة طول ما أنا عايش و لا حتي و انا ميت..
, تركها محمد شاعراً بالضيق من ذاته ، فـ بحياته لم يجرح زوجته و ابنة عمه قط ، اشاح بوجهه بعيداً علي مضض في حين انهمرت دموع شاهندا بألم علي قسوة زوجها معها ، بعد هذه السنوات الطويلة لا يزال لم يحبها مثلما أحببته ..
, تطلع إليها فاروق الراوي و قال بتريث:_أنتِ كنت عارفة بجد إنها عايشة يا شاهندا..
, أومأت برأسها بـ نعم وهي تخفض نظرها إلي الأرض ، أغمض الجد عيناه بألم و تساءل بهدوء مزيف:
, _ليه داريتي عننا الحقيقة دي لما أنتِ عارفة؟!.
, رفعت عيناها الممتلئة بالدموع ، و أجابت بصوت مختنق بالبكاء:
, -كان لازم أعمل كدا عشان مصلحتها يا بابا..
, هتف نديم بسخرية:_مصلحتها!!
, استشعرت السخرية بنبرته فـ اغتاظت منه ، لم تتحمل أبداً ما قاله فـ وقفت علي قدميها و صاحت بغضب جام:
, -ايوة عشان مصلحتها ، محدش فيكم كان عارف حورية هي كانت عاملة إزاي ساعتها ، حورية كانت متدمرة حرفياً ، بتموت بالبطئ بعد اللي عملتوه فيها ، تفتكروا هتكون طبيعية بعد ما اتكسرت بسببكم ، أنا عمري ما شوفتها مكسورة غير بسببكم ، بتتألم و ساكتة ، عاشت أسوأ أيام في حياتها بعد ما ولدت ابنها اللي مكنتش عارفة هيتكتب باسم مين؟! الطفل هيبقي في نظر المجتمع ابن حرام بس إياد اتطوع و عطاله اسمه عشان أبوه الحقيقي كان السبب في اللي حصل لمامته ، عايزني اجرحها و هي استأنمتني علي سرها لما افتكرتوها ماتت وقتها ابتدت من جديد ، اسم جديد و عيلة جديدة و ابن عايز يتربي ، لقيتها بتقف من جديد أقولكم علشان تدمروها تاني استحالة أعمل كده في بنتي ايوة بنتي ، أنا اللي اهتميت بيها و ربيتها من وقت لما كانت لسه طفلة و كل ده و بتلوموني إني كنت بحمي بنتي منكم ..
, وثب نديم واقفاً قبالتها يصيح بغضب:
, -علشان تباني ملاك تحرمينا إننا نعرف مكان أختي ، توهمينا إن اللي دفناها هي حورية اللي **** واعلم مين اللي دفناها دي ، تبقي مين؟!. عيلتها مين؟!.أهلها حالتهم إزاي و هما مش عارفين بنتهم فين و الا ايه حصلها ..
, اقتربت منه شاهندا بدموع و هي تري ان كل ما أفنته بعمرها ما هو إلا وهماً ، هتفت بحدة و تهكم مرير:
, -اللي اندفنت دي تبقي ريحانة السباعي خطيبة إياد ، ريحانة اللي خبطت في حورية و الاتنين عملوا حادثة اللي ماتت ريحانة و عاشت حورية بس للأسف ريحانة كان معاها الباسبور فـ البوليس افتكر إنها لـ حورية لأن الصورة في الباسبور كانت مش واضحة و اتصلوا بـ إيمان و عزت اللي بالصدفة كانت معاهم تاليا ، تاليا و حورية أصحاب من سنين و دا اللي محدش يعرفه وقتها هي اللي عرفتها و اتصلت بيا ودلتني علي مكانها ..
, قابلت ايمان و حكتلها كل حاجة و طلبت منها تبعدها عنكم لأحسن تؤذوها مرة تانية ، إيمان من حزنها علي حبيبة ابنها اللي ماتت و اللي زاد حكاية حورية و اللي حصلها قررنا نبعدها عنكم ، مكنش قدامنا غير حل واحد و هو إن حورية الراوي ماتت و ريحانة السباعي عايشة و من يومها دا اللي حصل ، أخدوها و سافروا لإسكندرية و عيلة السيوفي رحبت بـ حورية كان من حظنا إن ريحانة كانت عايشة برا مصر و رجعت بعد ما أهلها اتوفوا و محدش قدر يكشف السر اللي كان بينا احنا الستة ..
, كان لازم اسكت و انا شايفاها بتتحسن و سعيدة أنغص عليها عيشتها ليه ، أنا بحمد **** كل يوم انها كانت بعيدة عنكم السنين اللي فاتت و الا كانت حياتها اتدمرت أكتر ، ارتحتوا دلوقتي لما عرفتوا الحقيقة ، حورية دي بنتي أنا و محدش ليه حق يحاسبني علي اللي عملته لأن لو رجع بيا الزمن ألف مرة كنت هعمل كده متجووش تلوموني إن دافعت عن بنتي و مصلحتها ..
, كانت دموعها تتدفق كالسيول لم تتحمل البقاء أكثر لتندفع إلي أعلي تتركهم يستعبوا حجم ما فعلوه بابنتهم بالماضي من ظلم فاق العنان ليتذوقوا طعم الألم الذي عانت منه ابنتها فـ المساواة في الظلم عدل ..
, ٧ العلامة النجمية
, بالسيارة التي يقودها إياد كان غاضباً حد اللعنة ، تحرك والديه بالسيارة الأخري ليستقل هو هذه السيارة و معه زوجته و حورية ، كانت الاثنتان تجلسان بالمقعد الخلفي لتستقل معها تاليا بالخلف فـ بعد ما حدث تبدلت حورية إلي حالة الهدوء و الصمت المبالغ به ..
, نظرت تاليا إلي المرآة فـ قابلتها نظرات إياد الحادة ابتلعت ريقها بتوتر تشيح بنظراتها بعيداً ، همست تاليا إلي حورية بهدوء:
, -كل اللي حصل أكيد كان خير ليكي يا حورية ..
, لم تجيبها حورية بل استدارت برأسها إلي النافذة تستند عليها ببكاء لم يتوقف حتي الآن ، في حين نطق إياد بغضب من غباء تاليا فـ هو لم ينسي قط ما فعلته هناك:
, -عايز ايه اللي هببتيه هناك دا يتسمي إيه يا تاليا؟!.
, اغتاظت تاليا من صوته و قالت بحدة:
, -عملت إيه يا إياد؟!. ذلة لسان وقعت فيها غصب عني اعمل ايه؟!
, ضرب علي المقود يزفر بضيق وقال:
, -غصب عنك!! أنت مش متخيلة حجم الكارثة اللي وقعتينا فيها قد إيه ، دا أنت غبية بجد ..
, صرخت تاليا بحنق و قد طفح الكيل مما يهدر به من تقليل كرامتها:
, -احترم نفسك يا إياد مش معني إني سكتلك أبقي ضعيفة ، اوعي تنسي إني تاليا السيوفي اللي محدش يقدر يدوس علي كرامتها ولو بكلمة لأنها مش بتسيب حقها أبداً..
, كاد بالرد عليها لكن أوقفه صوت حورية المتوسل لكليهما:
, -كفاية أرجوكم ، و أنت يا إياد تاليا مكنتش تقصد اللي قالته هناك ، هي اندفعت في كلامها من غير حساب محدش يلومها بقي أرجوكم كفاية خناق لأني اتخنقت و زهقت بجد..
, صمت كليهما عنوة لأجلها و توسلها لكليهما ، لكن شرارة الالم و الغضب تسكن عيناي كليهما..
, ٧ العلامة النجمية
, سطعت شمس يوم جديد محملة بداخلها بالدفء و الطمأنينة لقلوب أرهقها العشق ليالي و سنين ..
, بـ شقة قصي الراوي ..
, لم ينم ليلته قط بل صب تفكيره علي ألم قلبه و ما عاناه ليلة أمس من سيل الذكريات المتدفقة علي قلبه فـ تؤلمه بحقيقة أنه المذنب فيما حدث بحياتهما ..
, بعدما ترك القصر ليلة أمس أو بالمعني الأدق انه طُرد منه عقاباً لما فعله ، لكنه كان كالدمية تحركها أيادي الأفاعي لتُطاله سُمها ، انكوي من نار العشق و شعر بأنه لا يملك شيئاً بعد الآن بالحياة سوي ابنه أيان الذي اكتشف مؤخراً أنه والده ..
, خسر حبيبته ، خسر عائلته ، خسر نفسه ، اكتشف أنه لم يربح شيئاً بالحياة سوي الألم و الخسارة و الفقد.
, بقي مستيقظاً جفاه النوم الليلة الماضية متذكراً دموع حبيبته و صدقها ، لم يهنأ و يشعر بالراحة إلي الآن بل إنه شعر بالنيران تأجج بصدره بلهبها الحارق لثناياه..
, أخرجه من شروده رنين جرس الباب فـ وقف قصي و إتجه نحوه بخطي هادئة ليفتحه بهدوء ظناً منه أنه أحد أفراد العائلة جاء ليُكمل معه الحديث المتبقي بليلة أمس ، تأفف علي مضض يمسك بالمقبض يفتح الباب علي وسعه ..
, جحظت عيناه بقوة و علقت الكلمات علي لسانه ، حرك رأسه بعدم تصديق قائلاً:
, -حـورية..
, ابتسمت له حورية بتهكم و لم تجيبه ، رفعت حاجبيها دلالة علي استنكارها له بأنه يتركها تقف هكذا أمام الباب ، حمحم قصي بـ هدوء مفسحاً لها الطريق فدلفت للداخل ..
, تأملت الشقة بهدوء لتجد ألوان الحائط جميعها باللون المميز لها و الذي تعشقه ، ألوانها التي تعشقها الأزرق و الأرجواني ، لكنه اختار الأزرق فـ كليهما يفضلان الأزرق عشقاً للبحر ..
, جلست علي الأريكة ليقف أمامها قصي مردفاً بهدوء و لازال متعجباً من مجيئها:
, -تحبي تشربي ايه؟!.
, ردت عليه بفتور:_شكراً مش عايزة اشرب حاجة ، أنا جاية أسئلك سؤال محيرني و همشي علطول ..
, جلس قصي علي المقعد قبالتها بهدوء متسائلاً بفضول لم يخفيه:
, -سؤال إيه؟!.
, هتفت بنبرة باردة جافة اجادتها مما لاقته من قسوة الأيام فسألته بما حيرها و لم تستطع النوم بسببه:
, -أنتَ عرفت منين إن أيان ابنك أنتَ ، مفيش حد يعرف بده غيري أنا و إياد و اللي عارفين إن انا حورية مش ريحانة ، السؤال دا شاغل تفكيري من امبارح و مقدرتش استني اكتر من كدا عشان اعرف اجابته ..
, إجابته كانت ابتسامة صغير علي ثغره ، لا يجب أن يبتسم لهل هكذا ، ابتسامته الجذابة اللعينة ، كان رده بعيداً عن السؤال:
, -لسه زي ما أنتِ يا حورية مبتقدريش تمسكي فضولك و دا اللي خلاكي تيجلي لحد هنا الصبح بدري..
, حركت رأسها بانزعاج تتشدق بضيق و تأفف:
, -ياريت متغيرش الموضوع و تجاوبني علي قد السؤال..
, مط شفتيه بعدم رضا ، ثم اخرج تنهيدة قوية من صدره و أجاب:
, -دورت كتير ورا الحقيقة ، كنت عايز اعرف أنت ريحانة و الا حورية رغم إن مفيش شك إنك حورية ، دعبست ورا حكاية جوازك من إياد السباعي في السجلات ملقتش ليكم أي قسيمة متسجلة ليكم ، استغربت إزاي متجوزك و عندكم أيان ، راح تفكيري للي حصل بينا زمان ..
, تورد وجهها بغضب و خجل عند ذكره للماضي فـ ابتسم قصي عليها سرعان ما أخفاها كي لا تغضب ، استكمل حديثه موضحاً:
, -اقصد إن جوازنا مكنش علي الورق بس ، تؤ إحنا كنا زوجين فعلاً فكرت ليه ميكنش أيان ابني و فعلاً عملت ده ، لما جيتي عندي القصر اليوم إياه بحجة الملف استغليت الفرصة و أخدت الكوباية اللي كان ماسكها أيان و عملت تحليل DNA ليا و ليه و اكتشفت إنه ابني ، مقدرتش أصبر كل ده و إن ابني ينكتب علي اسم راجل تاني و انا موجود فـ قررت أكشف الحقيقة بدري كان لازم أردلك اعتبارك و كرامتك قدام الكل ..
, عبست ملامحها بتهكم تغمغم بمرارة:
, -متنساش إنك اللي وصلتنا لدا يا قصي ، أنا عمري ما اذيتك في يوم بالعكس حبيتك بجد و كانت النتيجة جرح عمر ما هنساه أبداً .
, اغمض عيناه بألم وقد بدأت تنقشع غشاوة القوة التي يتصنع بها أمام الجميع ، هتف بألم:
, -كان غصب عني صدقيني يا حورية الاختيار كان صعب عليا و كان لازم اختار ..
, إكفهر وجهها بغضب تصيح بانفعال:
, -غصب عنك!! طول عمرك جبروت يا قصي و محدش يقدر يجبرك علي حاجة أنت مش عايزها ، لعبت بحياتي و دمرتها و تقولي الاختيار كان صعب ، إنك تقضي علي بني آدم يبقي إيه يا أستاذ ، أنت بكل جبروت خليت الكل يشك فيا و يتخلوا عني ، جدي شافني خاينة للثقة و إني مستاهلش العمر اللي قضاه يربيني فيه ، أخويا اللي كنت رقم واحد في حياته قبل حبيبته يعمل ايه؟!. للأسف بسببك دمرت حياتنا وتقولي الاختيار كان صعب..
, رد عليها بغضب تملك منها:
, -أيوة الاختيار كان صعب عليا ، لما يخيروك بين حبيبتك و بين أمك اللي مشوفتهاش بقالك سنين تعملي ايه ..
, تمتمت حورية بصدمة:_مامتك ، طنط زهرة ..
, أومأ برأسه و قال بحزن يختلج صدره:
, - أول ما وصلتني صورك أنت و ــــــ مصدقتش و قررت أكمل معاكي حياتي ، بس بعدها هددوني إنهم هيقتلوا أمي لو مطلقتكيش و فضحتك قدام العيلة ، معرفتش أعمل ايه لقيت نفسي بنفذ اللي بيقولولي عليه مؤقتاً لحد ما أوصلها بس اللي حصل خالف توقعاتي و انك تطردتي برا القصر ، حاولت ألحقك بس اختفيتي و لما لقيتك كنت ميتة ، مصدقتش إن اللي بحبها ضاعت بسبب غبائي ، قعدت فترة لحد ما فوقت من الصدمة و قررت ألاقيها ، أنا ضيعتك عشان أوصل لأمي و كان لازم الاقيها و الا هيكون تضحيتي بيكي علي الفاضي..
, سألته بترقب و كل شئ يتضح أمام عينيها:_ولقيتها؟!
, حرك رأسه بإيماءة خفيفة هاتفاً وهو ينهض بهدوء:
, -أيوة ، لقيتها بس مش بكامل وعيها ، لقيتها جسد من غير روح ، لقيتها ميتة بس لسه بتتنفس ، عاجزة متقدرش تتحرك ..
, عقدت حاجبيها بعدم فهم قطعه حينما هتف:_تعالي ورايا..
, ترددت ببادئ الأمر إلا أن نظراته الحازمة و القوية لا توحي بأنه سيفعل بها شيئاً ، سارت وراءه حتي وصلت معه إلي إحدي الغرف ، فتح الباب بهدوء و اشار بيده أن تدلف إلي الداخل ، ابتلعت ريقها بتوتر وهي تمرر عيناها بين يده و الغرفة ، سمعت همسه يتشدق بـ:
, -متخافيش..
, طمأنت نفسها بأنها قوية و لن يفعل لها شئ ، دلفت إلي الداخل لتعجز عيناها علي التصديق تحملق بالمرأة التي تجلس فوق المقعد المتحرك و توليها ظهرها بالقرب من النافذة ، نظرت إلي قصي الواقف بقلة حيلة و طافت نظراته الألم ، حثها بعيناه علي التقدم للأمام منها فامتلثت لما قاله ، واقتربت من السيدة ، حتي وقفت أمامها ، اتسعت عيناها رعباً حينما التقت بأعين المرأة "زهرة" التي نظرت لها بهدوء ، أشرقت ملامح السيدة بسعادة تحاول الحديث ، فتحت فمها تحاول الكلام لكن لسانها يعجز عن الحديث ، اقتربت منها حورية و جلست أمامها علي ركبتيها تمسك كفها بين يديها ، حثتها بعيناها علي الحديث ، تأملهما قصي عن كثب و تسارعت ضربات قلبه ، نطقت زهرة بصعوبة و كأنها وجدت ملاذها اخيراً:
, -ح حـو ر ية ..

الثاني والثلاثون


تأملت حورية تلك المرأة الجالسة فوق الكرسي المتحرك بفاه مفتوحة و صدمة زلزلت كيانها ..
, كانت المرأة تشبه قصي كثيراً بل يبدو و كأنهما نسخة واحدة ، وجهها الأبيض الشاحب كـ شحوب الأموات ، عيناها العسلية تشع حزناً عميقاً منذ سنين ، و خصلات شعرها البنية الحريرية تشبه شعر قصي ..
, زهــــــرة!!
, نعم زهرة تهدلت أوراقها الجميلة في منظر الحزن ، لقد أضاعها الزمن معه بسبب حقد طال الجميع منذ سنين طويلة ، ليت السنين لم تكن قاسية عليها هكذا لتجعلها فاقدة للحياة فـ صارت جسد بلا روح .
, كانت الصدمة الأكبر عليها حينما حركت زهرة شفتيها بصعوبة فـ منذ سنين لم تنطق بكلمة واحدة ، أدمعت عيناها تجاهد بإخراج الحروف لتحُثها حورية بعيناها بتشجيع ، نطقت بتلعثم تجاهد الحديث:
, _ح حـو ر يـة
, صدمة زلزلت كلاً من قصي و حورية فنظروا إلي بعض بصدمة قوية ، هرع قصي إلي والدته بدمع التمع بعيناه لأول مرة فـ جثي علي ركبته بجوار حورية يمسك بيدها بين كفيه هاتفاً إلي حورية بسعادة انبثقت بين حروفه:
, -ماما اتكلمت يا حورية ، هي قالت اسمك انا سمعتها ..
, انهمرت دموعها هي الأخري لرؤيتها لهفته علي والدته كـ الطفل الصغير الضائع من والديه ، استدار إلي والدته يقبض علي كفها قائلاً بصوت مُتحشرج:
, -ماما ، ماما اتكلمي تاني ، أنا سمعت صوتك و أنت بتقولي حورية ، أنا قصي ابنك يا ماما ، اتكلمي قولي أي حاجة ، أنا بقالي سنين بتعذب عشانك ، متسبنيش كده قولي أي حاجة..
, رمقته زهرة بدموع حبيسة بعينيها ثم أشاحت بعيناها إلي النافذة و قد عادت إليها حالة الصمت العجيب ، صرخ قصي بقهر مما يحدث له من عذاب:
, -أنت ليه بتعذبيني ، بقالي سنين بتعذب في بُعدك عني ، حاولي عشاني ولو لمرة واحدة أنا بقالي سنين محروم من حضنك ، عُمر قضيته و أنتي بعيدة عني ، زمان وعدتيني إنك مش هتسيبيني أبداً و هتفضلي جمبي طول العمر ، بس أنت منفذتيش الوعد دا ، مقدرتيش تبقي قد الوعد يا ماما مكنتيش قده ..
, كلماته نابعة من صميم قلبه ، يتألم لها ، كفكفت حورية دموعها بيدها و أمسكته من ذراعه لينهض بصعوبة كـ الآلة المتحركة ، خرجت من الغرفة و اغلقت الباب خلفها فـ أغمضت زهرة عينيها تبكي علي حـال صغيرها ..
, ظلت تجذبه حتي وصلت به إلي الصالة ، تركت ذراعه ووقفت أمامه تغمغم بهدوء:
, -كفاية دموع ، أنا مقدرة حالتك كويس بس مامتك محتاجاك جمبها قوي أنت ابنها الوحيد..
, تطلع لها بدموع لم يخجل منها بل أردف بحدة و قهراً:
, -أنا محدش حاسس بيا ، من صُغري و أنا لوحدي مفيش حد معايا ، كنت تايه في بعدها و لحد النهاردة تايه ، أنتِ عيلتك كانت معاكي أما أنا فـ زي ما يكون صدقوا يرموني برا حياتهم..
, لم يعجبها دور الضحية الذي يتقمسه الآن فقالت بتهكم:
, -متعيش دور المظلوم لأني انظلمت أكتر منك يا قصي..
, جأر قصي بصوته عالياً يفرغ شحنة الغضب المختزنة بصدره أخيراً:
, -لاء محدش انظلم اكتر مني ، أنت لما مامتك ماتت **** عوضك بمرات أب حنينة و جدك كان معاكي و بيحبك ، كلهم عوضوكي فراقها عشان متحسيش باليُتم ، اما أنا فـ جدك ما صدق يرميني في مدرسة داخلية برا البلد سنين طويلة ، محدش حاسس بيا ، كنت بشوف أصحابي هناك مع عيلتهم و اهلهم بيقضوا معاهم الإجازة و أنا محبوس هناك في المدرسة ، جدك مفكرش يسأل عني غير لما اتخرجت عشان اشتغل في شركته ، شركات الراوي بتعبي خلتها امبراطورية كبيرة ، رجعت مصر بعد اكتر من خمستاشر سنة لقيت الكل بيهتم بيكي ، جدك باباكي أخوكي و مبسوطة ، حسيت بنار قايدة جوايا لما كلهم كانوا حواليكي بيعوضوكي و أنا برا عايش حياة زي اليتيم بالظبط ، بس حبيتك بجد ساعتها و مكنتش هأذيكي بس لما يبقي قدامك فرصة إنك تشوف مامتك اللي اتحرمت منها و تحضنك و تبقي معاك ، كان لازم تضحي بحاجة يا بـ حبيبتك يا إما مش هتشوفها تاني ، اضطريت انفذ اللي سهام عايزله لحد ما أوصلها و بعدها أرجعلك و تبقي معايا و هحكيلك كل حاجة بس أضمن إن أمي معايا ، اللي حصل بعدها كان خارج إرادتي و ارادتك ..
, استمعت له بألم يعتصر قلبها علي ما عاناه لكنها ذاقت الويلات مثله و أكثر ، لم تدري أنها كانت تبكي وهو يتحدث فـ مسحت عبراتها بهدوء و جذبت حقيبتها الموضوعة علي الأريكة قائلة ببرود:
, -أنا همشي اللي جيت عشان اعرفه خلاص عرفته مبقاش فيه لازمة اقعد هنا أكتر من كده..
, قبض علي معصمها قائلاً بشوق لها:_فيه أنا يا حورية ، خلينا ننسي اللي فات و نبدأ صفحة جديدة عشان خاطر ابننا ..
, جذبت يدها بعنف من قبضته و ردت بقسوة:
, -مستحيل يا قصي ، أنت مضربتنيش كده عشان أسامحك أنت طعنتني في قلبي بخنجر الغدر ، اللي يربطني بيك أيان و بس و لحد ما أحكيله الحقيقة تقدر تشوفه قبل كده إياك تقرب منه ..
, ضغط علي شفتيه بأسنانه يكبح غضبه من قسوتها و برودها ، اعتصر قبضة يده المكورة يغمغم بهدوء مصطنع:
, -أنا وضحتلك كل أسبابي اللي اجبرتني علي كده ، متبقيش قاسية عليا زي الأيام يا حورية أنا خلاص تعبت من كل حاجة بتحصلي مبقاش غيرك بتمناه ..
, التوي شدقها بتهكم و قالت:_القسوة دي أنت السبب فيها يا قصي مش أنا ياريت لما أقدم استقالتي تقبلها و كفاية لحد كده و سيبني في حالي يمكن أرتاح ..
, تهدلت اكتافه بتخاذل ناطقاً:
, -هتسيبيني تاني!!
, ابتسمت بمرارة وهي تستدير له بجسدها وقالت:
, -أنت اللي سيبتني أول مرة مش أنا ، رمتني في النار بإيدك و كأنه مكتوب عليا انحرق بنار عشقك سنين لحد ما قلبي انكوي بنار كُرهك يا قصي..
, تحطم قلبه و اصبح فتات صغيرة ، استدرات تمشي نحو الباب كاد يمنعها ليقطعه رنين هاتفه فـ اخرجه من جيب سرواله و ضغط علي زر الاجابة و عيناه تتابعها ، استمع إلي الطرف الآخر ليهتف بدهشة:
, -إيه؟!. مستحيـــل!!
, تخشبت حورية مكانها بقلق قبل انا تفتح الباب متسائلة بتوتر:
, -في إيه حصل طمني؟!.
, اغلق الهاتف و نظر إليها غير مستوعباً مع سمعه ، رد قصي عليها ولا زالت بوادر الصدمة متمكنة منه:
, -سهام عربية نقل خبطت في عربيتها بعد ما خرجت من القصر امبارح ، بيقولوا جسمها اتشوه كله لما العربية انفجرت و ماتت..
, أغمضت حورية عينيها بألم ، ها هي عدالة السماء و حكمة **** أن تسترد حقها ممن ظلمتها دون أن تتدخل .
, ٧ العلامة النجمية
, مرء شهر علي الجميع كأنه عاماً .
, تبدلت حالة الجميع إلي التوهان و الحزن المتملك منهم مما حدث تلك الليلة المشؤومة .
, كانت صدمة قوية تلاقاها عاصي و رؤي و روفيدا مما حدث لوالدتهم .
, أثرت الصدمة علي روفيدا التي فقدت عقلها لافتقادها والدتها و إنهارت أعصابها لتفقد توازنها العقلي مما جعل والدها يتخذ قراراً بإدخالها المصحة النفسية ..
, دلفت رؤي بنوبة حزن مما جعلها تبتعد عن نديم و لا تتحدث معه ، اندهش نديم من تصرفها و برر لها أنها حزينة لوفاة والدتها ..
, أما عاصي فـ علاقته بـ شمس إتخذت مجري القوة بعدما صارحته شمس بأنها ليست حزينة منه و أنها لن تحمله السبب لما حدث لـ شقيقتها فـ هم ضحايا الحقد و الكره الممتلئ بالقلب ..
, كان شهراً مُملاً علي البعض خاصة تاليا التي وجدت إياد يعاملها بجفاء و برود لا متناهي كأنها عدوته ، لذلك اتخذت قراراً بالمواجهة ..
, اما أبطالنا فـ حورية بدأت تتقبل عائلتها و تسامحهم ، بدأت تغفر لهم ما حدث ، تحسنت العلاقة بينهم ، اتخذت منحدر الحب و التسامح بعد وفاة سهام ، كانت وفاة تلك المرأة الشيطانة اعطاها القوة و الراحة بأن **** سينتقم ممن أذوها أشد انتقام ، لكنها غفرت لها لأجل رؤي فـ يكفيها ضياعها و شعورها بالصدمة و قررت تناسي ما فعلته بحقها خاصة روفيدا التي حُبست بـ مصحة نفسية للعلاج ، إنها عدالة السماء ..
, أما قصي فـ نفذت قواه في طلب مغفرة خطيئته الشنعاء ، حبيبته اصبحت قاسية بفضله ..
, انتهت حياته بفقدانه حبه الوحيد و والدته التي لا تتحدث ولا تتفاعل معه ، إنما شاردة طوال الوقت ..
, انقلبت حياته رأساً علي عقب بعد تلك الليلة ، يشتاق إلي صغيره كل ليلة لكنه عاجزاً عن الذهاب له كي لا يُفاجئه ..
, صمت مجبراً لأجل الصغير و كي لا تتدهور حالته الصحية إلي الأسوأ ..
, ٧ العلامة النجمية
, _بـ شركة السباعي:
, تملك الغضب من تاليا حد اللعنة ، تخاذلت قواها إلي الانفعال و الضيق ..
, إياد ليس كما هو!! إنما تبدلت حالته إلي أخري بعد انكشاف الحقيقة فـ عاد إلي قوقعة الحزن متذكراً أحداث تلك الليلة المشؤومة ..
, وضعت إصبعها بين أسنانها بتفكير تهز ساقيها بضيق مما تفكر به ، حياتها مع إياد علي المِحك ..
, إياد يرفض أن يخطو إلي الأمام حابساً نفسه بين زنزانة الماضي ، يسجن نفسه بين أسوار الحب الأليم العالية ..
, لن تتركه هكذا و ستحاول ردعه عما يفعله بكليهما ، لن تصمت بعد اليوم علي تصنعه الغباء و عدم الفهم جيداً ، و إن كان ذلك حقاً لا يصطنعه فـ ستضع النقط علي الحروف لـ يقرءها جيداً ..
, هبت واقفة تتجه إلي مكتبه فتحت الباب دون سابق إنذار فجأة ، انتفض إياد بصدمة حينما ولجت تاليا فجأة ، شعر بالغضب من تطفلها قائلاً:
, -أنتِ إزاي تدخلي كده من غير ما تستأذني؟
, كادت بالاعتذار منه ، لكنها لمحت شيئاً بين يديه ، كان مُمسكاً بصورة صغيرة يتأملها بصمت و عشق جارف ، لذلك هو غاضب لأنها قطعت عليه اللحظة بتأملها ، أحست بغصة مريرة بحلقها تكبت نوبة بكاء ..
, اقتربت منه بهدوء و علي حين غرة انتشلت من بين يديه الصورة و التي لم تكن سوي صورة "ريحانة السباعي" ..
, امتلئت خضراويتيها بالدموع ، اضطرت دقات قلبها بين قفصها الصدري ، أحست أنها تلقت أقوي صفعة للتو منه ، تمتمت بألم وهي ترفع الصورة أمام عينيه تسأله:
, _ليـــــــه؟!
, ازدرد لعابه بتوتر ينقل نظراته بين تاليا و الصورة ثم أجاب بتلعثم:
, -أنتِ عارفة إنها حبيبتي يا تاليا و مقدرش أنساها !
, تدفقت عبراتها علي وجنتيها ناطقة بالحقيقة المؤلمة التي لم يتقبلها إياد حتي اليوم:
, -بس هي ماتت يا إياد؟
, انتفض إياد يقف علي قدميه يصرخ بحدة:
, -متقوليش ماتت ، ريحانة عايشة جوايا و مقدرش انساها و لا أنسي حبها ، قلبي لسه متعلق بيها طول السنين اللي فاتت ، عايش علي ذكرياتها معايا مستني الموت في كل لحظة عشان اتجمع بيها في الأخري ، هي حبيبتي يا تاليا ..
, همست له بنحيب تشير بإصبعها إلي نفسها:
, -طب و أنا؟
, احس بغصة تشكلت بحلقه يشيح بعيناه بعيداً و اجاب:
, -أنتِ صديقتي اللي مقدرش استغني عنها يا تاليا..
, ارتدت خطوة إلي الخلف تحملق به بنظرات مصدومة ، يا له من قاسي المشاعر حبيبها ، همست بنشيج:
, -يــــااه انا بالنسبالك صديقة و بس يا إياد ، مستخسر فيا تقول مراتك للدرجادي أنا بالنسبالك ولا حاجة .
, هتف إياد بتبرير:
, -تاليـا أنا !
, قاطعته تاليا بصراخ و دموعها تنهمر كالسيول علي وجنتيها بقهر علي سنوات عمرها التي ضاعت في عشق مستحيل:
, -أنت إيه يا إياد؟ أنت بقالك سنين بتجرح فيا و أنا ساكتة و مستحملة ، بقول أكيد هيجي اليوم و اللي هيفهم فيه تاليا ، كنت فاكرة إنك عارف حقيقة مشاعري ناحيتك اللي بتتعمد تتجاهلها يا إياد ، بس أنا خلاص تعبت من السكوت و جيه الوقت اللي اتكلم فيه ، أنا بحبك يا إياد بحبك و من واحنا عيال صغيرين ..
, اتسعت مقلتيه بصدمة لم يتخيل أن تكون هذه مشاعرها ، لقد كان يبرهن لها بأنها مشاعر حب الإخوة و الصداقة ، ليتأكد شكوكه نحوها الآن فـ تلفظ كلماتها له ، عُلقت الكلمات علي شفتيه فـ استرسلت تاليا بصريخ و بكاء:
, -بحبك من واحنا عيال صغيرين ، حبيتك قبلها ، انا اللي كنت واقفة جمبك في كل خطوة في حياتك ، اول ما ظهرت ريحانة في حياتنا و أنت اتجاهلتني ، بتعاملني ببرود و اهملتني ، كنت حاسة بنار قايدة جوايا و أنت جاي تقولي بحبها يا تاليا بحبها متتخيلش أنا قلبي إنكسر ساعتها إزاي؟
, كنت بموت كل لحظة و انا شايفاك بتخطبها و هترتبط بيها ، سكت و متكلمتش و قولت كفاية إنك مبسوط ..
, بس أنا فين؟ كنت علي الهامش ساعتها و ابتديت تبعد عني ، كتمت مشاعري و زعلي اللي عاش سنين بس عمري ما كرهتها بالعكس ريحانة هتفضل صديقتي ، قولت قلوبنا مش بإيدينا و لا نقدر نتحكم في مشاعرنا، و فضلت بكتم جوايا حتي بعد موتها لسه بتحبها يا إياد ..
, أنا خلاص فاض بيا الكيل ، مبقتش قادرة اسكت اكتر علي وجع قلبي ، لو البُعد هيبقالي الراحة ياريت نبعد يا إياد ، أنا همشي من حياتك اللي أنا مش موجودة فيها أصلاً و هسيبك مع ذكرياتك مع حبيبتك ..
, اقتربت منه و أمسكت يده تضع بها الصورة بقوة هادرة بقسوة و ألم:
, -مش هقف في وش راحتك يا إياد ، اعتبرني من النهاردة مستقيلة و ورقة طلاقي تبعتهالي أنت عارف العنوان كويس..
, ختمت حديثها تلقي نظرة أخيرة عليه ثم استدارت تغادر المكتب بل الشركة بأكملها ..
, ألجمت الصدمة لسانه فـ عُقد غير قادراً علي الحديث ، أغلق يده علي الصورة يستوعب خسارته الفادحة ، لقد خسر الاثنتين تاليـا و ريحانة ، بات الخاسر الوحيد بالحكايـــــــة !
, ٧ العلامة النجمية
, جلست فوق مقعدها بمقر عملها ، شردت فيما يحدث بحياتها !
, انقضت سنوات عمرها الماضية تحقد عليه و لم تصل إلي نتيجة بل بات أمام الجميع الضحية و ليس الجاني ..
, لكنها ضحية هي الأخري و صعب نسيان ما حدث ، كيف تنسي و هي تتذكره بكل لحظة .. يُريدونها أن تغفر و كيف تغفر و لا زال القلب يحترق ألماً ، لا زالت النيران تنهش ثناياها ..
, لكن طفلها ما ذنبه ان يعيش دون أن يعلم من والده؟ ما ذنبه أن يُحرم من حنان والده بينما أصدقائه طوال الوقت مع عائلاتهم؟ ماذا ستخبره حينما يكبر و يسألها عن إخفائها وجود والده علي قيد الحياة؟
, بالطبع سيقع اللوم عليها وحدها !
, تراءت امام عينيها صغيرها يتركها وحدها بعدما حدجها بنظرات الحقد و اللوم يذهب إلي والده الذي نظر لها بتشفي و شماتة ..
, هزت رأسها نافية لن تدعه يأخذ منها صغيرها مهما حدث ستاخذه و تهرب بعيداً عنه !
, أفاقت من شرودها علي صوت نجوي المتذمرة طوال الوقت:
, -حضرتها جاية تقعد تتسرمح طول الوقت و أنا لوحدي اللي شايلة الشغل علي دماغي ..
, تساءلت حورية بحدة و غيظ:
, -بتقولي حاجة؟
, ألقت نجوي الذي بيدها أمام حورية تغمغم بغضب:
, -أيوة بقول ، الهانم قاعدة و حاطة رجل علي رجل و أنا لوحدي اللي شايلة الشغل علي دماغي ، ما انت اللي علي القلب ..
, عقدت حورية حاجبيها بدهشة متسائلة:
, -تقصدي إيه؟
, ردت عليها نجوي باستفزاز و هي ترمقها بحقد:
, -قصدي فهماه كويس ، عمالالي الشريفة و انت واحدة شمال ، قدرتي توقعي قصي بيه لحد مبقاش شايف غيرك ، دا أنتِ ماية من تحت تبن ..
, نهضت حورية تصيح بغضب:
, -أنتِ بتخرفي بتقولي ايه يا حيوانة أنتِ؟
, شهقت نجوي بصدمة ثم تخصرت قائلة بغضب:
, -انا حيوانة يا زبالة أنتِ ، مدوراها مع كل واحد شوية ، مرة قصي بيه و مرة ابن عمه أنت واحدة شمال يا بت ..
, اقتربت منها حورية تصفعها بقوة صارخة باهتياج:
, -مفيش حد شمال غيرك هنا يا حقيرة يا زبالة ..
, وضعت يدها علي خدها تحملق بها بصدمة لقد صفعتها للتو ، اندلعت نيران الغضب بعيناها تغمغم بصراخ:
, -أنت بتمدي إيدك عليا يا جربوعة ، طب و**** مانا سيباكي غير لما تتربي ..
, همت بها نجوي وكادت تكيل لها الضربات حتي قطعها خروج قصي من مكتبه هادراً بكليهما بغضب:
, -إيه اللي بيحصل هنا؟
, رسمت نجوي ملامح البكاء علي وجهها و اقتربت من قصي تغمغم بشهقات متقطعة:
, -يرضيك يا قصي بيه انضرب و اتشتم .. و أنا بقالي سنين شغالة في شركتك عمرك شوفت مني حاجة وحشة .
, حرك قصي رأسه نافياً و نظراته مثبتة علي حبيبته المُشتعلة ، استطردت نجوي بخبث أنثوي الحديث:
, -الأستاذة كل يوم تيجي المكتب و تشيلني الشغب لوحدي ولما جيت اتكلم معاها شتمتني و قالتلي يا "زبالة و حقيرة" وضربتي بالقلم ، دي بتلف زي الحرباية حولين نديم بيه ، انا اتهانت يا قصي بيه إهئ إهئ ..
, فغر فاه حورية بصدمة ، قائلة بعد استيعاب من مهارتها بالتمثيل قائلة:
, -يخربيتك ! دا أنا صدقتك و انا واقفة مكاني ، دا نجوي فؤاد تعتزل الفن و تبقي مكانها ، دا أنت كمان كدابة ..
, هتف قصي غاضباً إلي حورية:
, -اسكتي خالص ..
, ابتسمت نجوي بقوة بداخلها لكنها لم تستطع إخفائها ، تطلعت إليهما حورية بغضب من عدم استماعه لها ، اعتصرت قبضتها بغضب من ظلمه لها ، استدار قصي إلي نجوي الواقفة جواره هاتفاً بصرامة:
, -أطلعي برا ..
, جحظت عيناها بصدمة:_هـــااه
, اعاد قصي جملته بسخرية مضيفاً:_إيه مسمعتيش قولت إيه؟ إطلعي برا الشركة فوراً .
, تأتأت نجوي بحديثها مصدومة مما استمعت له الآن:
, -حضرتك بتقول إيه يا قصي بيه؟ أنا شغالة هنا بقالي سنين و بتطردني عشانها..
, ابتسم لها قصي بسخرية يدس يده بجيوب بنطاله مغمغماً بتهكم:
, -لاء مش عشانها ، و احمدي ربك إني مجبتلكيش الأمن يرموكي برا اللي شفعلك عندي إنك شغالة معايا بقالي سنين ، قصي الراوي مش بيشغل عنده حرامية و كدابين ، محدش يقدر يستغفلني أبداً ، ولما فكرتي تستغفليني بسرقتك فلوس من الحسابات أنت و الجربوع شوقي لعبتكم انكشفت من البداية بس أنا سايبكم بمزاجي ..
, اقترب منها و أضاف بحدة:
, -أما اللي بتتكلمي عنها دي أشرف منك و مستحيل تعمل الحركات الزبالة اللي بتلفقيها ليها ، اللي تتكلمي عنها دي تبقي أخت نديم الراوي ستك و تاج راسك حورية الراوي ..
, شهقت نجوي بصدمة لقد أوقعت بنفسها بين براثن الذئب ، لم تجد ما تقوله فحملت حقيبتها بسرعة تغادر الشركة قبل أن ينالها جحيم قصي الراوي ..
, اما حورية فتطلعت له قائلة بارتباك:
, -أنا اممم الحقيقة ، أقصد يعني مكنش ليه لزوم تطردها يعني علشاني..
, زفر قصي بغبطة مردفاً:
, -انا معملتش كده علشانك أولاً ، نجوي متفقة مع شوقي الكلب و بيلعبوا في الحسابات و بيسرقوني ، بس انا سايبهم يلعبوا من ورايا بمزاجي لحد ما أجيب أخرهم ، و دلوقتي أول ما تخرج هتلاقي البوليس منتظرها برا هي و الكلب التاني ، انا في شغلي بنسي أي علاقة تجمعني بأي شخص و بتعامل معاه في إطار الشغل بس أنت غير ..
, حركت رأسها بتفهم ثم أولته ظهرها ، بدأت بترتيب الملفات بارتباك ليقاطعها قصي بقنبلته المفاجئة:
, -حورية ! كل اللي أذوكي أخدوا جزاءهم ، مبقاش غيري ، تحبي تعاقبيني إزاي عشان تسامحيني و أنا مستعد لأي عقاب .

الثالث والثلاثون


ألم يحن الوقت بأن يستكين القلب؟.
, أليس الوقت الآن هو للحب فقط؟.
, زال البأس و زال الألم و زال الهم .. الوقت الآن للعشق فقط يا مليحة ، سأسعي إليك لو بيننا البحار السبع .
, أنتِ الفؤاد الذي خفق لها غاوياً إياكِ .
, لا تبكي فـ أنا جئتُ كي امنع عيناك من البُكاء يا مليحة .
, وضع لها مائة عُذرٍ لتجاهلها له ، لا زال جاهلاً السبب لابتعادها عنه هكذا فجأة؟.
, لا يُعقل أن يكون وفاة والدتها تؤثر بها حتي الآن؟.
, فـ ما كُشف عن مصائب والدتها و شقيقتها يجعلهم لا يحزنون عليها ، لكن مهما حدث ستبقي والدتها و هذا واجب عليها .
, هو احس بأن **** انتقم لشقيقته مما فعلته تلك الشيطانة بها لذلك لم يهتم بها ..
, لم ولن يغفر لتلك المرأة أبداً .
, ما أدهشه انها كلما رأته تبتعد عنه و تتهرب منه كأنها مُتهمة بإحدي القضايا و خائفة من عقابه لها .
, زفر بغضب مما تفعله به ، تطلع لها بضيق حينما رآها تجلس بالتراس علي المقعد تضم ساقيها إلي صدرها و تستند عليها بذقنها ..
, اقترب منها بهدوء يقف لجوارها يضع يده بجيوب سرواله يغمغم ببرود:
, ــ سرحانة في إيه؟.
, انتفضت رؤي بهلع حينما وجدته يقف جوارها نهضت من فوق المقعد تُجيب باقتضاب:
, ــ ولا حاجة عن إذنك.
, لم يتركها تذهب بل قبض علي ذراعها ووقف امامها قائلاً بـ هسيس:
, ــ أنا مش هسيبك تمشي قبل ما اعرف مالك متغيرة ليه معايا..
, حاولت جذب يدها تُردف باستنكار ما يقوله لها:
, ــ انا مش متغيرة مع حد ، أنا زي ما أنا يا نديم ..
, زاد من قوة قبضته علي ذراعها هادراً بعنف:
, ــ بطلي كذب بقا يا رؤي أنت مبتعرفيش تكدبي ، انا حافظك أكتر من نفسي و عارف إن في حاجة مخبياها عني و هي اللي مغيراكي من ناحيتي و مخلياكي تتجاهليني..
, صاحت بإنفعال بوجهه وقالت:
, ــ قولتلك مفيش حاجة يا نديم و سيبني بقا .
, رد نديم بعناد:
, ــ و أنا مش هسيبك غير لما اعرف مالك يا رؤي؟.
, ابتسمت بتهكم و رددت:
, ــ مالي؟!.
, تطلع لها بتعجب من سخريتها ، فـ استرسلت بدموع تدفقت كالشلالات علي وجنتيها تجيش بما يكمنه القلب:
, ــ بجد بتسألني مالي؟. أنا تعبت و زهقت من كل حاجة يا نديم ، تعبت من إني اجري وراك السنين اللي فاتت لما كنا فاكرين إن حورية ماتت و أنت عايش في دوامة تأنيب الضمير و انا مستحمله ، كنت بتتجاهلني و بتعاملني بفتور و برود خلاني زهقت بجد ، بعدها اكتشفت إن أمي هي السبب في اللي حصل لأختك ساعتها عرفت و إتأكدت إن دي هتكون نهاية علاقتنا بجد ، قررت إني أبعد عنك قبل ما تجرحني تاني و انا خلاص استكفيت وجع و حزن ، بعفيك من اي كلام و بقولك طلقني يا نديم ..
, جحظت عيناه بصدمة مما تفوهت به الحمقاء ، جذبها أكثر لتلتصق بجسده قائلاً بذهول:
, ــ أنتِ مُتخيلة بجد إني هسيبك تبعدي عني لحظة واحدة يا رؤي مستحيل ، أنا كنت غبي زمان لما فكرت إني لما أبعد عنك وقتها مش هعذبك معايا بس كان تفكيري غلط ، و قررت أصلحه قبل ما تبعدي عني ..
, هتفت ببكاء: ــ بس ماما و روفيدا ..
, وضع يده علي فمها يمنعها من التكملة و قال:
, ــ أنتِ ملكيش ذنب يا رؤي ، اللي ظلم **** عاقبه علي ظُلمه ، و أكبر دليل إن شمس كملت مع عاصي و محملتوش ذنب أختها ، بالعكس دا جدو حدد فرحهم بعد شهرين من دلوقتي ، و هيكون فرحنا معاهم..
, نظرت له بعدم تصديق و قالت:
, ــ يعني انتَ مش هتسيبني؟.
, ضرب بأنامله مقدمة رأسها بخفة متشدقاً بتهكم:
, ــ يباي علي الغباء بقولها فرحنا بعد شهرين بتقولي مش هتسيبني ، أنتِ متخيلة إني اسيبك دا أنتِ العشق يا رؤي ..
, احتضنته رؤي بسعادة قائله:
, ــ أنا بحبك أوي يا نديم ..
, ضمها نديم بتملك مردفاً بحب هو الآخر:
, ــ و أنا كمان بحبك بس نبطل غباء شوية بقي ..
, ضربته بخفة علي ظهره وتعالت ضحكاتها فشاركها الضحك أيضاً لإصلاح علاقتهم المتذبذبة إلي الأحسن ..
, ٧ العلامة النجمية
, خيم الليل علي مدينة الإسكندرية فـ أطل القمر بالسماء مُتزيناً بنقاط النجوم ..
, وضعت حورية صنية محملة بـ كوبان من القهوة علي الطاولة المستطيلة بمنتصف الصالة ، التقطت كوباً لها و ارتشفت منه قائلة بهدوء إلي الشخص الذي يقبع امامها:
, ــ علفكرة أنت غبي ، إزاي بعد السنين دي كلها مش قادر تفهم إن تاليا بتحبك و الا لاء ..
, تنهد إياد بضجر مغمغماً بضيق:
, ــ و انا هعرف منين يا حور أنا قلبي كان متعلق بـ ريحانة و مش قادر ينساها..
, وضعت الكوب علي الطاولة قائلة بعقلانية:
, ــ و أديك قولت كان ، يعني حدث بالماضي و معناها إنك دلوقتي قادر إنك تحبها .
, تطلع لها بضيق ماسحاً وجهه بنفاذ صبر و هتف بضيق:
, ــ مقدرش يا حورية ، خايف أظلمها معايا فـ أنا بفكر إن أنسب حل لينا إحنا الاتنين إننا نتطلق ، تاليا تستاهل كل خير و تستاهل حد يحبها بجد و يكون أحسن مني ..
, إنزعجت حورية من تصرفه فصاحت بغيظ:
, ــ أنت أغبي إنسان شوفته في حياتي ، تاليا بتحبك أنت و عايزاك ، طلاق إيه متخلف اللي بتفكر فيه ..
, إياد ببرود:ــ دا قراري و أنا اخدته و مفيش نقاش فيه ..
, أمسكت الكتاب الموضوع علي الأريكة جوارها ، و قذفته بوجهه مدمدمة بانفعال:
, ــ أنت متخلف بجد ، معلق نفسك في حبال دابت من زمن علي إنسانة ماتت ، إياد انت لسه شاب و هيجي اليوم اللي هتنسي فيه الحب دا و هتبدأ من جديد ، متظلمش تاليا معاك و فكر في مشاعرك ناحيتها ، إياد لما تاليا بتغيب عنك يوم بتعمل عامل إزاي؟.
, اجابها باستغراب:
, ــ ببقي تايه من غيرها ، زي الطفل اللي ضاع من أمه ..
, ابتسمت حورية بإشراق و قالت:
, ــ دا بالظبط اللي بقول عليه ، قلبك متعلق بتاليا و بيحبها بس أنتَ مش واخد بالك ، إياد حبك لـ ريحانة كان مجرد إعجاب مش أكتر إنما تاليا هي الانسانة اللي حبيتها بجد ..
, انزعج إياد من قولها ليغمغم مُحتجاً بتبرير:
, ــ حورية بلاش فلسفة فارغة ، أنا و تاليا مستحيل نبقي مع بعض في يوم ، عمري ما شوفتها غير صديقتي و بنت خالتي و بس ..
, تأفأفت حورية بغضب تضرب قدميها بيدها ثم نهضت قائلة بفظاظة و الغيظ تملك منها:
, ــ انا هدخل أنا أحسنلي الكلام معاك مفيش منه فايدة ، اللي جوا رأسك دا مش عقل دا فردة شراب قديمة و نتنة عن إذنك داخلة أنام ..
, تركته و دلفت لغرفتها بعدما ضاقت ذرعاً بإقناعه أنه عاشق لتاليا لكن الأحمق لا يعي حقيقة مشاعره تجاهها .. التقط مداية مفاتيحه و نهض مغادراً المنزل بأكمله ، استمعت حورية إلي صوت الباب فـ علمت أنه غادر المنزل تنهدت بسأم مما يحدث لتشعر بالسخط من الرجال جميعاً ، اللعنة علي قصي و إياد و الرجال ..
, ٧ العلامة النجمية
, بـ ظهيرة اليوم التالي
, وقفت حورية امام مدرسة صغيرها تنتظره تحملق بأوجه الصغار تنتظر ابنها بشوق ..
, ظلت تنتظره علي أحر من الجمر بمكانها لكنه لم يأتي ، رحل الطلاب و عائلتهم عدا هي و بعض الامهات التي تقف و تتساير معاً بصحبة أبنائهم ، انخلع قلبها بخوف لتقترب من الحارس تسأله عن صغيرها لكنه يجهل مكانه مخبراً إياها بأن المدرسة خالية و لا يوجد بها أحد ..
, وقفت حورية مكانها تشعر بالضياع من اختفاء ابنها المُفاجئ ، أين صغيرها؟. التمعت الدمعات بعينيها و هي لا تعلم كيف تتصرف فـ الحارس أغلق بوابة المدرسة مؤكداً عليها بأنه لا أحد بداخلها ..
, رن هاتفها فجأة لتنظر إلي شاشة الهاتف فـ وجدت اسم قصي يزينها ، لم تُجيبه بضيق فـ هي لا تريد مقابلته ، استمر باتصاله مرة أخري حتي ضغطت علي زر الإجابة ثم وضعت الهاتف علي اذنها هاتفة بحدة فـ لا وقت لها للنقاش معه ..
, ــ آلو ، عايز إيــه؟.
, هتف قصي من الجهة الأخري بنبرة مُستنكرة إجابتها:
, ــ آلو عايز إيــه؟. إيه الرد اللي من غير ملامح ده ..
, نطقت بانزعاج من بروده:
, ــ لو متصل بيا عشان تستفزني و تبدأ أسطوانتك بتاعة كل يوم فـ أنا بقولك أنا مش ناقصاك ..
, تنهد قصي مغمغماً:
, ــ لاء مش بكلمك عشان استظرف يا حورية ، أنا بكلمك عشان أقولك إن في حاجة ضايعة منك و معايا ..
, عقدت حاجبيها بدهشة فـ ما هو الشئ الذي ضاع منها و بحوذته ، استمرت دقائق تفكر لكنه يبدو أنه يمزح بالتأكيد حتي اتسعت عيناها فجأة تغمغم بلهفة:
, ــ أيــان ، قولي إن أيــان معاك .
, ابتسم قصي بقوة لنجاحها بفك الشفرة و قال:
, ــ أيوة أيــان معايا ، ابني وحشني قولت أشوفه بدل ما أنتي حرماني منه و رافضة تقوليله الحقيقة فأنا عفيتك من الحرج و قولتله و الصراحة كان رد فعله غير متوقع ..
, صاحت بوجهه من الناحية الأخري بغضب:
, ــ أنتَ حيـوان بجد ، قولتلك سيبني أمهدله الموضوع لحد ما يتقبله ، إديني أيــان أكلمه ..
, تغاضي عن شتمها له ، و تطلع إلي الصغير بجواره هاتفاً بابتسامة واسعة بادله إياها الصغير:
, ــ أيــان ماما عايزة تكلمك؟!
, اخذ الصغير الهاتف منه ووضعه علي أذنه مُتشدقاً بهدوء:
, ــ أيوة يا مامي ..
, هتفت حورية بلهفة و قلق بعدما استمعت إلي صوت صغيرها علي الهاتف:
, ــ آلو يا حبيبي ، كده يا أيــان آجي عشان أخدك من المدرسة و نقضي اليوم مع بعض ألاقيك مش موجود ، طمني هو عملك حاجة غصبك تروح معاه ، متخافش منه يا حبيبي أنا هقفله لو عملك حاجة ..
, هتف الصغير مُطمئناً إياها:
, ــ متقلقيش يا ماما ، بابا قصي بيعاملني كويس دا طلع طيب و بيحبني أوي ، ليه مقولتيش إن هو البابا بتاعي دا بيحبك أوي ..
, إنزعجب حورية مما يقوله الصغير ، قصي استطاع أن يملأ عقل الصغير بأوهام غير حقيقية و كذبات اخترعها ، صرت علي أسنانها كاملة و قالت:
, ــ لما تيجي هقولك علي كل حاجة و افهمك يا روحي ، خلي بالك من نفسك يا حبيب ماما ، خليني اكلم قصي ..
, اعطي الصغير الهاتف إلي والده فـ استمع قصي إلي صوتها الجاف و الغاضب:
, ــ أنتم فين بالظبط عشان آجيلك؟.
, أملاها العنوان لتغلق الهاتف بوجهه ، قبض بيده علي الهاتف بغيظ من عنادها ، أما حورية فـ استقلت سيارة الأجري و أملت السائق العنوان ليتحرك بها ، بعد ربع ساعة وصلت إلي العنوان فلم يكن بعيداً عن مدرسة الصغير ..
, أعطت السائق أمواله ثم شكرته بلطف و غادرت ، فتشت بعيناها عنهما لكن لم تجدها ، استرعاها الغضب من عدم وجوده و أمسكت بالهاتف تهم بالاتصال به لتستمع إلي صوت من الخلف يغمغم بهدوء:
, ــ احنا هنا يا روحي ..
, التفتت حورية بجسدها و برقت بعيناها بصدمة حينما ابصرت الاثنين امامها يتناولان المُثلجات بشراهة ، نظرت إلي قصي الذي كان يرتدي تيشرت ابيض بنصف كم و بنطال جينز أزرق و حذاء رياضي ابيض اللون ، انزعجت حورية من قصي و لم تلقي له بالاً ثم جثت علي ركبتيها امام صغيرها تغمغم بعتاب و لوم:
, ــ مش أنا قولتلك قبل كده متخرجش مع حد غيري ، أنت خرجت من مدرستك معاه من غير ما اعرف و انا محذراك إنك تمشي مع حد غريب ..
, نظر لها أيــان و رد ببراءة:
, ــ بس هو مش حد غريب دا بابا ..
, زفرت حورية بقوة و قد تفاقم غضبها من قصي ، رمته بنظرة قاسية غاضبة ثم عاودت الحديث مع الصغير:
, ــ حتي لو بابا يا روحي مش أنا عطتيك فون عشان لما ترجع البيت تكلمني و تقولي..
, مط شفتيه السفلي بعدم رضا و قال:
, ــ فوني فصل شحن يا مامي ، و انا نسيت رقمك فقولت لبابا إنه يكلمك و يقولك عشان متزعليش..
, تنهدت براحة فقد اطمأنت عليه ثم طبعت قُبلة حانية علي وجنة الصغير ثم استمعت إلي صوت قصي يغمغم باستنكار:
, ــ هنقضيها س و جيم كده انا عايز اقضي شوية وقت مع ابني كفاية إني كنت محروم منه ..
, استقامت واقفة ثم نطقت باعتراض:
, ــ أجلها يوم تاني أيــان هيرجع البيت عشان وراه واجبات كتير..
, أكفهر وجهه يغمغم بغضب من اعتراضها المبالغ:
, ــ أيــان مش هيمشي معاكي انا هقضي اليوم معاه هنا ، لو حابة تمشي امشي إنما أنا مش هضيع الفرصة أبداً و آخر اليوم هرجعهولك ..
, انتبهت حورية انهما بمدينة الألعاب الكبيرة فـ انشغالها و قلقها المنصب علي صغيرها أنساها ما حولها ، امسك الصغير يدها يغمغم بإلحاح طفولي:
, ــ بلييز يا مامي خلينا نقضي اليوم هنا في الملاهي أنا و أنت و بابا ، بليييز أنا عايز ادخلها و نلعب كل الألعاب سوا مع بعض زي ما اصحابي بيخرجوا مع باباهم و ماماتهم بلييز .
, رق قلبها لتوسلات الصغير فـ شعرت بالتخبط و التيه للحظات بين الرفض و الخنوع ، أومأت حورية موافقة من أجل صغيرها و ليس شيئاً آخر لا تريد الاعتراف به ، قضت يوماً ممتعاً بصبحة قصي و أيـان الذي كان سعيداً لوجودهما سوياً و أن لديه عائلة أب و أم مثل رفاقه ، لَعب الصغير جميع انواع اللُعبات عدا الخطرة فقد رفض والديه تجربتها ، انهوا اللعب و تناولوا عشائهم بأحد المطاعم الفاخرة ثم أوصلها قصي للمنزل ..
, هبط الصغير من السيارة و كادت حورية أن تتبعه لكنها توقفت بجوار الباب المفتوح قائلة بقسوة إلي قصي:
, ــ اللي حصل النهاردة ميتتكررش تاني عشان أنتَ مش هتاخد ابني مني مهما حصل ..
, أغلقت الباب بعنف و دلفت المنزل بصحبة صغيرها بعدما ابتسمت له ابتسامة كبيرة ، اما قصي فضرب المقود بيده بعنف علي ما يبدو أنه مُهمته صعبة للغاية و لن ينجح بها ، لكنه لن يستسلم أبداً إلا أن يُلين قلب هذه القاسية ..
, ٧ العلامة النجمية
, كانت الأيام المتتالية مليئة بالأحداث ، قصي دائماً يظهر لها بأي مكان يخترع حججاً للتقرب منها ..
, منذ ذلك اليوم و لم تهنأ حورية بيوماً راحة فـ قصي يزعجها أينما ذهبت ، يهاتفها يومياً بمنتصف الليل متحججاً بأنه يريد الاطمئنان علي صغيره ، و احياناً يأتي إلي المنزل بمعني أدق تعود من الشركة تجده بالمنزل مع صغيرها ..
, يألله اصبحت حياتها فوضي و كل ذلك بسبب شخصاً واحد 'قصي الراوي'.
, وفي إحدي هذه الليالي ، جاء قصي حاملاً معه عُلب البيتزا مخبراً إياها بأنه يريد تناول العشاء مع صغيره و قضاء بعض الوقت ، يُهاجمها من ناحية صغيرها فـ أيان نقطة ضعفها و لن ترفض ما يقوله مهما حدث ..
, وقفت عند باب الغرفة تطالع الاثنان و هما يُشاهدان إحدي المُبارايات و يشجعان الفريق بحماس ، تفاقم غضبها من هذا الوضع و سئمت الحديث معه ، اقتربت منهم لتقف امامه عاقدة ساعديها تغمغم بغضب:
, ــ عايـزاك؟.
, كانت عيناه علي شاشة التلفاز و المُباراة يجيبها:
, ــ استني لما الماتش يخلص علي العموم باقي خمس دقايق و الشوط الأخير يخلص ..
, نطقت حورية من بين أسنانها بغلظة:
, ــ و انا بقولك عايزاك ضروري دلوقتي حالاً..
, تأفف قصي بضيق يغمغم بضجر إلي أيـان المنشغل بمشاهدة المباراة:
, ــ هشوف ملكة النكد أُمك دي عايزة إيه و راجعلك ..
, تحرك معها حتي وصل إلي رُكناً بعيداً بالصالة لن يستمع أيــان صوتهما و حديثهما مهما قالوا ، حملقت حورية بـ قصي بغضب و قالت:
, ــ واضح إن الإقامة هنا عجبتك؟!.
, أومأ قصي قائلاً ببرود:ــ جداً ، عجبتني جداً ولا فندق خمس نجوم ..
, صاحت حورية بانفعال من استفزازه لها:
, ــ أنا بيتي مش فندق لسيادتك ، انا مش عارفة آخد راحتي في بيتي طول الوقت مقيدة بيك و مش عارفة اعمل اللي انا عايزاه ..
, حرك كتفيه للأعلي و الأسفل بلامبالاة و قال:
, ــ انا مش مانعك أساساً ، انا باجي أقضي شوية وقت مع ابني و بمشي بعدها ..
, طالعته بنظرات متهكمة ثم التوي شدقها بسخرية و قالت:
, ــ مش مانعني ، انت ناسي يا أستاذ إنك راجل غريب ووجودك هنا بيضر سمعتي و هيجبلي مشاكل ..
, اقترب منها بضعة خطوات و قال بشغف:
, ــ قولتلك سيبني أبقي قريب منك و اصلح اللي فات أنتِ اللي مش راضية ..
, رفعت سبابتها بوجهها بتحذير و قالت بحزم:
, ــ مستحيل ارجعلك يا قصي ، لو آخر راجل علي الأرض مش هبقي ليك مرة تانية ، أنتَ آذتني و أنا اتعلمت الدرس كويس خلاص ..
, ابتلع غصة بحلقه هاتفاً بعذاب:
, ــ قولتلك عاقبيني و انا مستعد لأي عقاب منك ..
, أشاحت بوجهها تغمغم بتهكم:
, ــ مهما عملت مش هغفرلك أبداً ، لسه النار قايدة جوايا و بتحرقني كأنها جرح جديد ، صعب أسامحك و اتقبلك في حياتي من جديد ياريت تخرج منها و تسيبني اكملها مع ابني زي ما كنا عايشين زمان مرتاحين ، أنت دلوقتي أبو ابني و أيـان مش هقدر احرمه من باباه تاني ، دا اللي هيكون بينا أيـان وبس ..
, لفظته خارج حياتها و لم يعد له وجود ، قطعت آخر حبل كاد سيجمعها مُكتفية بخيطٍ رفيع بينهما و هو الصغير ، لم ينطق بحرف و اكتفي بأن يرمقها بنظرة أخيرة قبل أن يترك لها المنزل و يغادر ، ابتلعت حورية ريقها تشعر بألم قلبها لقسوتها عليه ، لكن ماذا تفعل جرحها غائر و صعب الغُفران له ..
, ٧ العلامة النجمية
, يتألم و يود الصراخ عالياً ..
, لا تريده بحياتها بعد اليوم ..
, نافرة قربه من مُحيطها و عالمها
, صعب مسامحتها له وهو من قسي عليها..
, إلي من يلجأ وهو بهذه الحالة؟.
, فـ لا أحد إلي جواره يتخذه ملجأ..
, دلف إلي الغرفة و إتجه ناحية الفراش ثم تمدد عليه يضع رأسه علي قدم والدته يبكي ، نعم انهمرت دموعه لأجلها ، كلماتها القاسية ترن بأذنه ، تبغضه و رافضة وجوده ، دفن وجهها ببطنها يبكي بقوة كالطفل الصغير بينما والدته تنظر له بصمت كبير و لا تتحرك ، لكن قلبها يصرخ بأن صغيرها يحترق من العشق فـ يُجيب العقل بقسوة ..
, من منا لم تحرقه نيران العشق ..

الرابع والثثلاثون الاخير



جميعنا نخطأ بحياتنا ..
, فـ من منا لم يرتكب خطأً و لو بصغير ..
, الاخطاء لا تقاس بعقلة الإصبع ..
, إنما مقياسها الضرر الذي يقع علي عاتقنا ..
, لماذا لا نغفر و ننسي؟.
, أكان خطئنا قوياً ، قاسياً ، كبيراً علينا؟.
, لا تظلميني و سامحيني فـ نحن لم نكن سوي ضحايا للشياطين ..
, ــ ليلة عقد قران أبناء الراوي ــ
, مرء شهر علي أبطالنا ، الليلة اجتمعت الثلاث عائلات احتفالاً بعقد قران العاشقان الصغيران 'عاصي' و 'رؤي' ..
, كان الحفل عائلياً مُقتصراً علي الثلاث عائلات فقط ؛ كان يقف كلاً من محمد الراوي يحاوط كتف زوجته بذراعه ، و لجواره يقف نديم محتضناً كف معشوقته رؤي بابتسامة واسعة تزين ثُغر كليهما ، تلاشت العقبات و بقي الحب فقط ..
, أما الجد فاروق فـ كان يجلس مع صديقه عثمان السيوفي جد تاليا ، اما الصغير أيـان فـ كان يركض و يلعب مع لورين ابنة شقيق تاليا ..
, كانت العائلتان مجتمعتان ببهجة أخيراً زال البأس عنهم .. بينما النساء جلست معاً يتسامرن بحديث السيدات ، اما عزت السباعي فـ كان يقف مع كلا من فريد و فؤاد الراوي يتحدثون عن العمل ..
, بالأعلي كانت حورية تساعد تاليا في تمشيط شعرها الذي إنفكت عقدته ، نظرت حورية إلي تاليا بابتسامة رضا بعدما انهت تعديل تصفيفة شعرها قائلة بفخر:
, ــ **** عليا إيدي تتلف لفة جاتوهات شوفي الفرق ما بين شعرك قبل عشر دقايق وبعد عشر دقايق حاجة عظمة كده ..
, تقوس فم الأخري تحدجها بنظرات ساخطة و قالت:
, ــ بقولك إيه بلاش كذب أنتِ يا دوبك حطتيلي الدبوس تاني و نزلتي قُصة صغيرة يعني معملتش حاجة ..
, حمحمت حورية بحرج تغمغم بارتباك:
, ــ احم إيه الإحراج دا ، أنا هروح أشرب و رجعالك ..
, لم تُمهلها فرصة للرد عليها لترحل فوراً ، تأملت تاليا إنعكاس صورتها بالمرآة بابتسامة واسعة ، إنها فاتنة للغاية لكنها لم تتعود التبرج امام أحد ، اعتادت أن تخفي جمالها وراء المرأة العملية و بدلات النساء العملية ..
, ضحكت بملء فاهها و هي تتخيل صدمة إياد إذا رآها الآن ، سيُصدم بالتأكيد ، لكنها نفضت تلك الهواجس عن عقلها فـ هي و إياد انقطعت علاقتهما معاً منذ شهر لم يحدثها و لم تذهب إلي عملها معه بالشركة ..+
, تلاشت ابتسامتها تدريجياً حينما أبصرت صورته بالمرآة يستند بجسده علي الباب عاقداً ساعديه معاً ، استدارت بجسدها تحملق به بصدمة منذ متي و هو هنا؟.
, نظرت له بخضراويتيها إلي عدستياه الزرقاء ، الغريب أنه رأت بين نظراته المُعجبة و الغاضبة و اللهفة و الاشتياق و الحب ..
, إنها تتوهم نظرات الحب بعيناه ، أيعقل أن اشتياقها للعشق منه يصل بها إلي هذا الحد؟ ..
, ابتلعت لُعابها بتوتر لـ تتحرك كي تخرج من الغرفة دون ان تنطق بكلمة ، لا زالت غاضبة منه ، قلبها ينزف من يومها و هو لم يكلف عناء بأن يعتذر و يقول 'آسف' ..
, وجدته يقف حاجزاً بينها و بين الباب يمنعها من الخروج ، عادت خطوة إلي الخلف تنظر له بحاجب مرفوع ..
, اخفضت عيناها غير راغبة بالنظر له كي لا تقع بـ فريسة من سحر عيناه ، نطقت تاليا بنبرة غاضبة:
, ــ لو سمحت عايزة اخرج !
, كان جوابه مُستفزاً لها: ــ لاء .
, رفعت تاليا عيناها بغضب و قالت:
, ــ هو إيه اللي لاء؟. قولتلك عايزة اخرج وسعلي الباب ..
, هتف إياد ببرود يدفعها للداخل:
, ــ و أنا مش هسيبك تمشي قبل ما اصالحك يا نن العين ..
, التوي شدقها قائلة بتهكم:
, ــ هو أنتَ كنت زعلتني عشان تصالحني ، أنتَ ولا حاجة بالنسبالي عشان ازعل عليها ..
, تألم مما قالته الآن ، إحساس مؤلم أن يلفظك الحبيب من عالمه ، حرك رأسه لليمين و اليسار مغمغماً بنفي:
, ــ لاء انا حبيبك يا تاليا ..
, تفاجئت تاليا مما قاله لكنها تماسكت قائلة بعناد:
, ــ كُنت ! كُنت حبيبي إنما دلوقتي لاء .
, اقترب منها فعادت تاليا إلي الخلف كـ رد فعل علي ما يفعله ، امسك رسغها يجذبها إلي صدره مغمغماً بصوته الرخيم:
, ــ تؤ ، أنا حبيبك و هفضل حبيبك لحد ما نعجز و نموت سوا يا تاليا ..
, تملصت تاليا من بين يديه بمحاولة فاشلة تزمجر غاضبة:
, ــ إيه الهطل اللي أنتَ بتقوله دا يا إياد؟. أنت شارب حاجة قبل ما تيجي يا بابا ..
, حرك رأسه نافياً و أجاب ببراءة:
, ــ لاء مش شارب حاجة ، بس إكتشفت إن أنا بحبك يا تاليا ..
, توقفت تاليا عما تفعله و تصنمت محلها ، نظرت له بأعين مصدومة مما هتف به الآن ، حركت رأسه تنفي ما قاله متشدقة بعدم تصديق:
, ــ لاء دا شكل الصنف نوعه عالي يا إياد و خلاك مش في وعيك ..
, ابتسم لها إياد ناطقاً بشغف:
, ــ بالعكس دا أكتر وقت انا واعي فيه للي بقوله ، انا بعشقك يا تاليا ..
, مئات الأسئلة تتزاحم داخل عقلها ، لماذا اعترف لها الآن؟. هي لم تنسي ما قاله يومها عن عشقه لـ ريحانة إذاً ماذا حدث لـ يجعله يُغير رأيه ، همست له بهدوء ضاربة بعشقها عرض الحائط:
, ــ و إيه اللي خلاك تتأكد من مشاعرك ناحيتي فجأة كده ، بقالي سنين مستنياك و فجأة كده تقولي بحبك يكون اعترافك شفقة علي البنت اللي بتحبك و قولت اشفق عليها بحُبي عشان متتوجعش من حبها ليا ..
, رد إياد سريعاً: ــ بالعكس إكتشفت إني غبي و أكبر مُغفل في العالم دا كله يا تاليا ..
, طالعته مشدوهة فـ استرسل إياد موضحاً حقيقة مشاعره تجاهها:
, ــ بعد ما اعترفتيلي بحبك ليا و مشيتي ، كنت تايه و محتاج حد أحكيله اللي جوايا ، روحت لحورية البيت و قولتلها اللي حصل بينا ، قالت عني غبي و إني مستاهلش حبك النقي ليا قالتلي إن الحب اللي جوايا ليكي مش لـ ريحانة **** يرحمها ، إضايقت من كلامها طبعاً و رجعت البيت من ساعتها بدأت كوابيس تهاجمني إنك سيبتيني و بقيتي تكرهيني و اللي خلي الكوابيس دي بالنسبالي واقع إنك مبقتيش تيجي الشركة ، اترددت اكلمك ليكون كلامها صح فـ حاولت اثبت لنفسي إنك مجرد بنت خالتي و بس ، لكني مقدرتش استحمل بعدك عني و إنك تبقي لحد غيري يا تاليا ، افتكرت زمان قد إيه كُنتِ قريبة مني و لما ظهرت ريحانة انبهرت بشخصيتها و جمالها و أُعجبت بيها ، قررت أبقي وفي لحبي ليها بس حُبي ليكي كان أقوي و اتمرد عليا و خلاني اجيلك دلوقتي و اقولهالك و انا مش متردد ولا خايف انا بعشقك يا تاليا ..
, مع كل كلمة نطق بها هطلت عبراتها غير مُصدقة أنه جاء يخبرها بعشقه ، لقد تحقق حُلمها و ها هي تكتمل قصة حُبها من الطرف الواحد بحبه لها ، غمغمت بصوت محتقن بالبكاء:
, ــ ولما انتَ إكتشفت إنك بتحبني ، عذبتني جمبك شهر بحاله ليه عمالة ابكي علي الأطلال ليه؟.
, جذبها إلي احضانه مُجيباً: ــ كنت غبي يا قلبي .. أنا بحبك يا تاليا..
, ردت عليه ببكاء و قد تمرد عنادها علي اللحظة الرومانسية: ــ و أنا بكرهك يا إياد ..
, ثم عادت سريعاً و قالت: لالا انا بحبك يا إياد و بعشقك ..
, ارتوت القلوب بالعشق بعد ظمأ اعوام عجاف عليهم ، تهلل القلب طرباً لاكتمال النصف الآخر من القلب و عودة الروح إلي الجسد .
, هبط الاثنان معاً إلي حديقة القصر فـ قابلتها حورية و هي تجذب أيـان معها إلي الحديقة فـ غمزت لها بطرف عيناها لتبتسم لها تاليا بامتنان و شكر لها ..
, حضر المأذون الذي سيعقد القران ليقف الجميع معاً بابتسامة و فرحة عارمة ، طلب المأذون أن يأتي الشهود علي العقد فـ تفاجئ بوجود شاهد واحد فتساءل عن الآخر لتجاوبه شمس و عيناها متعلقة بالباب بانتظار أحدهم:
, ــ الشاهد التاني زمانه علي وصول يا شيخنا ..
, تعجب الجميع من رفضها كتابة عقد القران إلا بحضور الشاهد الثاني المجهول ، هتف الجد بهدوء موجهاً حديثه إلي شمس:
, ــ يا بنتي المأذون وراه ناس تانية وبعدين عندك هنا بداله عشرة مش ضروري الشاهد التاني اللي مستنياه..
, حركت شمس رأسها نافية و قالت:
, ــ مقدرش يا جدو هو وعدني إنه هيكون الشاهد التاني لازم يكون قد وعده ..
, ــ و انا قد الوعد ده و جيتلك يا شمس ..
, التفتت الجميع إلي مصدر الصوت ليجدوه قصي و معه زهرة ، صُددمم الجميع خاصة فريد الذي بقيت عيناه متعلقة بزوجته يريد التأكد أنها زهرته حبيبته ، ترقرقت الدموع بعيناه يهرول ناحيتها ، وقف علي بُعد خطوة واحدة منها غير مصدقاً انها هي ، لقد عادت حبيبته إليه أخيراً ..
, نظرت له زهرة بدموع اللهفة و الاشتياق و الحب ثم قالت:
, ــ مش مصدق إني قدامك لسه يا فريد؟.
, أغمض عيناه يستمع إلي صوتها بتلذذ ، اشتاق لها و إلي كل تفصيلة صغيرة بها ، اقترب منها محتضناً إياها باشتياق:
, ــ يااه وحشتيني يا زهرة قلبي ..
, انخرطت زهرة في بكاء مرير اشتاقت لزوجها و حبيبها بعد فراق أكثر من عشرون عاماً ، تركهما قصي و اقترب من حبيبته التي تطالع والدته بصدمة و ما أن وقف أمامها حتي هتفت بصدمة:
, ــ إزاي؟.
, استدار بجسده نصف استدارة مُلقياً نظرة علي والديه اللذان اجتمعا بعد عناء ، نظر إلي حوريته المصدومة بأن والدته سليمة ، أجابها قصي بابتسامة عذبة:
, ــ اللي كان عندها سببه صدمة نفسية و خلال الشهر اللي فات فضلت جمبها لحد ما قدرت تتعافي و تقف علي رجليها بجلسات العلاج الطبيعي و الجلسات النفسية لحد ما أنتِ شايفة كده ..
, ظلت تتأملها حورية بصدمة أما صغير فقد ترك يد والدته و قفز مُحتضناً والده مغمغماً باشتياق:
, ــ بابـاااا
, تلقفه قصي بين أحضانه هاتفاً:
, ــ حبيب بابا أنتَ ..
, كانت عينان نديم معلقة بشقيقته و ذاك ال٣ العلامة النجمية بالنسبة له ، مالت رؤي هامسة بهدوء له تردعه عما يفكر من أفكار وسواسية:
, ــ قصي بيحبها بجد يا نديم ، واللي حصلهم زمان كان سببه إحنا عارفينه خلاص ، سيبهم يتجمعوا مع بعض تاني كفاية جفاء و فراق ..
, ضيق نديم عيناه بتفكير ، ليتلاشي عبوسه بابتسامة كبيرة قائلاً:
, ــ كفاية إنه بيحبها دا المهم بالنسبالي يا رؤي ، بس لو فكر يجرحها في يوم هيلاقيني بتصدرله و ساعتها مش هترجعله مهما حصل ..
, ابتسمت رؤي تقرص وجنته بخفة قائلة:
, ــ حبيبي أبو قلب طيب يا ناس ..
, انفجر نديم ضاحكاً يزيد من احتضانه لها بحب وشغف كبير ، عادت السعادة تملأ حياتهما بعد سنوات ضياع بين البرود و تأنيب الضمير علي خطأ غير مقصود ..
, أما قصي اقترب من حوريته حاملاً ابنهما ليقف أمامها ، نظرت له حورية بهدوء و قد اختفت بسمتها ، أخذ نفس عميق و زفره علي مهل ثم حمحم منظفاً حلقه و قال:
, ــ الكل فرحانين و مبسوطين باللمة ، خلينا نلم عيلتنا الصغيرة انا و أنتي يا حورية ، كفاية اللي فاتنا في فراق و ندم خلينا نبتدي من جديد ، اللي فرقنا زمان هو اللي جمعنا النهاردة بس الفرق إننا بقي عندنا أيان ابننا بلاش نخليه نسخة مني عشان أهله متفرقين و بُعاد عن بعض ، خليه يطلع *** طبيعي طفولته مش مدمرة و خلته مريض نفسي ، أديني الفرصة و صدقيني مش هتندي أنا بحبك أقسم ب**** و قلبي عمره ما دق لغيرك ..
, استمعت له بصمت و هدوء ، ليهتف أيان الصغير محاولاً استمالة والدته كي تغفر لوالده قائلاً بنبرة طفولية:
, ــ سامحيه يا ماما أنا مش عايز يبقي عندنا بيت واحد زي أصحابي في المدرسة وبابا و ماما يكونوا بيحبوا بعض ، انا بحب بابا و بحبك يا ماما و نفسي نبقي كلنا في بيت واحد ..
, لم تجيب حورية او تُبدي أي رد فعل لتبقي تنظر لهم بهدوء ، تطلع أيان إلي والده و تبادلا نظرات اليأس و الاحباط ، هتفت زهرة التي اقتربت مستندة علي زوجها قائلة بحنان فطري:
, ــ سامحيه يا بنتي و كفاية وجع لحد كده ، ابني بيحبك بجد ، كان كُل ليلة يبكي عشان رافضة تسامحيه ، اللي ضاع من عمركم إنسوه و أنسوا أي حاجة حصلت زمان ، خلوا ابنكم يتربي بينكم و عيشوا اللي فاتكم ، صدقيني هتندمي لو رفضتي لأنك هتكسري قلبك و قلبه و قلب ابنكم اللي هيبقي محتار بينكم أنتم الاتنين ..
, صمتها مُبالغ به و زاد عن حده ، زاد يأس الاب و ابنه فاستدار قصي حاملاً ابنه و كاد ان يخطو خطوة حتي استمع إلي صوتها من الخلف تسأله بحدة:
, ــ هتزعلني في يوم؟.
, استدار قصي بلهفة فـ ابتسم الصغير و أجابها:
, ــ عمري ما ازعلك في يوم ، لو زعلتك أبقي إعملي اللي أنت عايزاه ..
, اقتربت منه خطوة وقالت بهدوء أشد:
, ــ هتخبي عليا أسرارك بعد كده؟.
, أجابها بابتسامة ارتسمت علي ثغره:
, ــ سري و مشاعري هتبقي معاكي ، مفيش غيرك هلجأله لما أبقي تايه و محتاجلك ..
, ابتسمت بهدوء لتخطو معها خطوة أخري لتقف أمامه ولم يفصل بينهما سوي سنتيمترات هامسة:
, ــ هتفضل تحبني لحد ما أكبر و اعجز ..
, أجابها قصي بعشق يتواري بالقلب الذي خفق عاشقاً لها:
, ــ هفضل احبك لحد ما اموت و بعد ما اموت ، هفضل أحبك لحد ما نكبر و يبقي عندنا احفاد و نحكيلهم حكايتنا و قد إيه بحبك ، هفضل أحبك حتي لما وشك يملاه التجاعيد و سنانك تقع و شعرك يبقي أبيض و أبقي سندك لما تمشي ، هفضل أحبك لو قولت لحد ما اموت بحبك مش هتوصف اللي في قلبي ناحيتك .
, امتلئت عيناها بعبرات التأثر الشديد ، قطعت الخطوة الفاصلة بينهما و قالت:
, ــ و أنا كمان بحبك ، قلبي مش قادر يكرهك أنت ساكن فيه يا قصي ..
, احتضنها قصي بسعادة لاكتمال أسرته الصغيرة: ــ بعشقك يا حورية البحر ..
, ابتسم الجميع بسعادة بينما احتضنت كل فتاة حبيبها بتأثر لما شاهدن الآن ، استدار قصي وهو يحتضن حوريته و صغيره قائلاً للمأذون:
, ــ متقفلش دفترك يا شيخ عشان هتكتب كتاب 'قصي فريد الراوي' و 'حورية محمد الراوي' و الفرح مع شمس و عاصي ..
, نديم بابتسامة عاشقة: ــ و انا كمان هحجزلي كوشة جمب قصي و عاصي ..
, إياد ببهجة و عيناه علي حبيبته: ــ هي جات عليا انا كمان إحجزلي واحدة ليا انا و تاليا جمبكم ..
, تعالت ضحكات الجميع عليهم ليجذب أيان والده من قميص بدلته قائلاً:
, ــ بابا ، بابا ، بابا
, نظر له قصي مغمغماً: ــ أيوة يا حبيبي ..
, تطلع له الصغير بنظرات كـ القطط:
, ــ أنا كمان عايز أحجز كوشة ليا جمبك ..
, تعجب قصي و تساءل: ــ ليه؟.
, أجابه الصغير ببراءة: ــ عشان هتجوز انا و لورين معاكم يا بابا ..
, انفجر الجميع ضاحكاً أولهم قصي و حورية التي اخمدت نيران العشق الثائرة بالقلب ، كانت البداية انتقام لتأسره بقلبها النقي و براءتها ، ثم ضحايا لمؤامرة نتجت عنها عشق تولد بالقلوب و خُلد به للأبد ، و كان عشق قصي لـ حوريته فاق العنان لـ يعشقها عشقاً نشبت لأجله النيران ..+
, ــ أحرقني عشقه ــ
, ــ تمت الحمد**** ــ
 
  • عجبني
التفاعلات: النسر المحلق، meedo32 و ☠️ B̷A̷D̷ M̷A̷N̷ ☠️
نسوانجي كام أول موقع عربي يتيح لايف كام مع شراميط من أنحاء الوطن العربي
تمت الإضافة
 
  • عجبني
التفاعلات: ناقد بناء
  • أتفق
التفاعلات: BASM17 اسطورة القصص

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى أسفل
0%