NESWANGY

سجل عضوية او سجل الدخول للتصفح من دون إعلانات

مكتملة منقول المعلم (للكاتبة تسنيم المرشدي) | السلسلة الأولى |ـ ستة وثلاثون جزء 19/11/2023

٢١


اتسعت مقلتيها بدهشة ورمقته كثيراً غير مصدقة ما تفوه به ، تشنجت معدتها من خلف كلماته كما ازدادت خفقات قلبها بصورة قاسية ، لم تتوقع هذا الرد مطلقاً لم تتصور أنها تكون محور إجابته من الأساس ..
, _ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة ورفع رأسه يشاهد النجوم وأردف وهو يشير بيده نحو إحدي النجوم :-
, _ شايفة النجمة دي لوحدها وبعيدة عن باقي النجوم بس سبحان **** حجهما ونورها اكبر وأعلي من التانين ، هي بيهم كلهم رغم أنهم مجموعة حوالين بعض وهي واحدة ، انتي النجمة دي!
, _ بالتأكيد يمزح ألا يكفي ما قاله منذ قليل ، ما كان ذلك الأن ؟!
, _ أحتسي ريان اخر ما تبقي في الكوب ووضعه جانباً ثم اعتدل في جلسته ونظر إليها بجُرأة وواصل حديثه المسترسل قائلا بنبرة حنونة :-
, _ أنا كنت وسط ناس بيحبوني بس محدش قدر يعمل اللي انتي عملتيه ، خلتيني أحس بإحتياجي لكوني بني آدم زي ما عليه واجبات ليه حقوق ، يمكن كلامي يبان مأفور شوية بس انا قلبي اول مرة حد يتحكم فيه بالشكل ده
, _ ابتسم ريان وهو يتذكر حديث خالد عن ذاك الحوار وعدم تصديقه حينها وتابع من بين ضحكاته :-
, _ خالد صاحبي قالي هتقابل شخص يتحكم في دقات قلبك وانا وقتها خدت الموضوع بهزار ومصدقتوش لاني عمري ما حسيت أن عندي قلب زي اي بني آدم عادي ، بس معاكي الوضع اتغير وصدقت كلامه فعلاً ..
, _ شدت عنود جسدها وهي لازالت مُسلطة بصرها عليه بعدم تصديق ، بدأ صدرها يعلو ويهبط من هول المفاجأة ، حركت يدها بحركات عشوائية أمام وجهها لعلها تضبط أنفاسها التي لا تدري إلي أين ذهبت ,
, _ تعالت ضحكاته عليها فنظرت إليه بتعجب وقالت متذمرة :-
, _ ممكن افهم انت بتضحك علي إيه ؟
, _ توقف ريان من تلقاء نفسه واجابها بمزاح :-
, _ بضحك علي نفسي ، أنا بقول كلام غريب اوي لو حد قالي قبل شهر أني هقول الكلام ده لواحدة كنت هقول عليه مجنون ، تخيلي لو حد سمع المعلم ريان بجلالة قادره بيقول الكلام المايع ده هيحصلي ايه مش بعيد ابقي حديث الصباح والمساء بسببك !
, _ ازادات ضحكات ريان كلما تذكر ما تفوه به لتوه ، بينما رمقته عنود بغيظ ونهضت بإندفاع وتركته بمفرده وهرولت إلي الأسفل بخطي غير
, مستقيمة إلي أن وصلت إلي شقتها حيث غرفتها ، وقفت خلف بابها تتنفس الصعداء وهي تعيد تشبيهُ لها بالنجوم ، ظهرت إبتسامة علي ثغرها بلا وعي منها وسارت بالقُرب من الفراش وهي تتمايل يميناً ويساراً ، لا تدري بماذا تشعر لكنها ليست مزعوجة بل تشعر بأنها تحلق فوق السحاب ،
, _ هبط ريان خلفها وأغلق الباب ووقف متردداً هل يستمع لغريزته ويجعلها امرأته أم ينتظر قليلا حتي تتطور العلاقة بينهم وتؤلف أكثر أم ماذا يفعل ؟
, _ لأول مرة يحتار ريان بين أمرين متضادين لبعضهما ، الأول يحثه علي التودد إليها حتي يجعلها امرأته إسماً وفعلاً والآخر يأبي ويقاوم جوارحه لكي يتعمق في علاقتهم أكثر حتي يسهل عليه الأمر ..
, _ بالتأكيد إذا ولج داخل غرفتها الأن لن يخرج منها كما كانت حتماً سيتغير كل شئ ، إذا يجدر عليه البقاء بعيداً عنها تلك الليلة ..
, _ اقترب من الأريكة وأستلقي بجسده المتعب عليها ، فتح أزرار قميصه ثم ألقاه بعيداً عنه وبعد محاولات كثيرة ذهب في سٌبات عميق ، بينما ترددت عنود كثيراً في دلوفها للخارج لكن فضولها حول ما يفعله أجبرها علي الخروج بعد مدة وتفاجئت به نائم أعلي الأريكة ،
, _ اقتربت منه بخُطي متريثة حتي تتأكد من نومه ثم جلست القرفصاء أمامه تراقب ملامحه الرجولية التي بدت جذابة في نومه ، مدت أناملها تريد لمس ذقنه لكنها تراجعت مراراً خشية أن يستيقظ ويراها بهذا الوضع ، سحبت نفساً عميق وجمعت قواها ثم مدت أناملها برفق وتلمست وجهه برقة لم يشعر هو بها ،
, _ سرت رجفة قوية في أوصالها من خلف خُصلات ذقنه الخشنة ، مررت يدها علي جميع وجهه ثم توقفت أمام شفتاه الغليظة ، تلمست ملمسها الناعم عكس بشرته تماماً ، وقفت علي ركبتها لتعلو قليلا ثم وضعت قُبلة علي طرف شفتاه وتمتمت بنبرة خافتة :-
, _ شكلي حبيتك!
, _ أبتسمت بخجل عندما صرحت بحبها وحمدت **** أنه نائم ولم يسمع ما قالته ، تنهدت ثم وقفت لتتركه وشأنه لكن لم يطاوعها قلبها تركه بمفرده علي الأريكة ، عادت إليه مرة أخري وأجبرت جسدها علي النوم في الفراغ الصغير الذي تركه هو في الأريكة ، وضعت رأسها علي صدره العاري وتشبثت به بقوة حتي لا تقع أرضاً ، مرت دقائق معدودة ثم غفت هي بشعور من الأمان قد سكن قلبها كما بات فؤادها منشغلاً بحبه !!
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ سطع النهار سريعاً يحمل بين طياته الكثير والكثير من اليانصيب المختلفة فـ لكلاً منهم له نصيب خاص به سيلقاه ولو بعد حين ،
, _ في منزل منصور ، رحبت سعاد بشقيق زوجها قائلة بحفاوة :-
, _ يا اهلا وسهلا يا مؤنس الدنيا نورت يا امينة من زمان الواحد مشافكوش ولا شاف البنات ..
, _ أجابها مؤنس وهو يضبط وضعية نظارته الزجاجية بإصبعه :-
, _ ده نورك يا ام ياسر
, _ ابتسمت أمينة وقالت بنبرة حنونة :-
, _ ده نور صحاب البيت يا سعاد اخباركم ايه ؟
, _ أماءت سعاد رأسها بحزن وأردفت بآسي :-
, _ الحمد لله علي كل حال إحنا غلطنا ولازم نستحمل بقا يختي هنعمل ايه !
, _ تشنجنت عروق عنق مؤنس واردف بغضب :-
, _ وانتوا لما ترفضوا واحدة تربية اجانب والعياذ ب**** منعرفش عنها حاجة تبقي غلطتوا ده احسن قرار منصور أخويا أخده ،
, _ هزت سعاد رأسها بآسي شديد وقد انهمرت دموعها بألم علي حال فلذة كبدها :-
, _ مش مهم يا مؤنس فات أوانة الكلام خلاص بس ابني حاله يصعب علي الكافر ، قاعد في اوضته ولا بياكل ولا بيشرب الواد اللي حيلتي بيضيع مني وانا مش عارفة أعمله حاجة ، عشان كده كلمت أمينة تجيبك وتيجي انت مِتعلم ومتنور وأكيد عندك حل ينجد ابني من نكسته دي !
, _ هز مؤنس رأسه في إنكار وأردف بعد تفكير :-
, _ أنا أول حاجة هعملها هروح للي إسمه ريان ده أشوف بنفسي ازاي يوقف حال عمه هو فاكر نفسه هو اللي بيرزق ولا ايه **** قادر ياخد كل اللي في أيده ده ، وبعدين نشوف حكاية ياسر ده كمان ..
, _ استأذن مؤنس وغادر المنزل لكي يقابل ريان علي أتم استعداد لجدال حتمي سيقوم بينهما ، لن يتركه وشأنه قبل أن يعطيه درساً في القيم والأخلاق التي عليه التحلي بها وخصيصاً مع أقاربه ،
, _ وصل الي معرضه وجاب المكان بنظرة متفحصة سريعة ، ركض نحوه أحد عمال المعرض مُرحباً بنبرة عملية :-
, _ اتفضل يا محترم اي خدمة ؟
, _ رمقه مؤنس بتفحص واردف بجمود :-
, _ معلمك فين ؟
, _ أجابه العامل بتلقائية :-
, _ قصدك المعلم ريان هو مش موجود الصراحة بس معلم خالد موجود أقوله مين ؟
, _ إلتوي ثغر مؤنس بسخرية ثم وضع يده علي كتف العامل وأجبره علي التنحي جانباً وسار بخُطي متريثة نحو المكتب ، ركض خلفه العامل متمتماً بعتاب :-
, _ مينفعش كده يا أستاذ لازم أديله أنا خبر قبل ما تدخل ، يا استاذ ..
, _ ولا حياة لمن تنادي ، لم يصغي لهرائاته حتي ولج داخل المكتب دون استأذان ليتفاجئ خالد بدلوف أحدهم بأسلوب غير حضاري ، هب واقفاً بإندفاع وصاح به :-
, _ انت إزاي تدخل المكتب من غير استأ٤ نقطة
, _ صمت خالد من تلقاء نفسه عندما عرف هويته بينما قال العامل بتوجس :-
, _ و**** يا معلم هو اللي دخل لوحده ..
, _ أشار خالد إليه بالمغادرة ثم التف من حول المكتب قائلا بحفاوة :-
, _ اتفضل يا أستاذ مؤنس معلش هو ميعرفكش ..
, _ لم يكترث له مؤنس واقترب من المقعد وجلس عليه كما وضع قدمه فوق الأخري بتفاخر واردف بتعالي :-
, _ ريان فين ؟
, _ شعر خالد بالإهانة من خلف تصرفاته المتفاخرة ، سحب نفساً وعاد الي مقعده واجابه بفتور :-
, _ ريان في البيت وانا هنا مكانه حضرتك محتاج حاجة اقدر اساعدك فيها ؟
, _ جاب مؤنس غرفة المكتب ببصره واجابه وهو يتفحص أركان الغرفة بإهتمام :-
, _ كلمه يجي حالا عايز أتكلم معاه في موضوع خاص ..
, _ حاول خالد التحلي بالصبر حتي لا يثور علي ذاك المتعجرف ، تنهد بضجر بائن ثم جذب هاتفه من جيب بنطاله وهاتف ريان وكان يختلس النظر إليه من حين لآخر بتذمجر وهو قيد انتظار إجابة ريان ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ شعر بإهتزاز قوي لكنه لم يكترث وظن أنه يحلم ، لكن تكرار ذبذبات الهاتف في جيبه أجبرته علي النهوض ، فتح عينيه بكسل وفركهم حتي يعتاد الإضاءة ، مد يده يلتقط هاتفه من جيب بنطاله فتفاجئ بها غافية بين أحضانه ، مال برأسه لكي يتأكد وها قد تأكد !
, _ أبتسم بخبث ممزوج بالسعادة لكونها بادرت هي وغفت طيلة الليل في حضنه ، سحب هاتفه واجاب خالد بصوت ناعس :-
, _ الو..
, _ استيقظت عنود علي صوته وشعرت بالخجل الشديد ، لم تريد أن يشعر بها فقط كانت ستنهض قبل استيقاظه ، حاولت النهوض لكنه أبي وشد بيده علي خِصرها لكي لا يترك لها فرصة للهرب قبل أن يضع بصمته ويثير جدلها أولاً ..
, _ استمع لحديث خالد باهتمام وهو يقول :-
, _ أستاذ مؤنس هنا وعايز يتكلم معاك ..
, _ أجابه ريان بصوت متحشرج :-
, _ بس انا ورايا مشوار الأول هخلصه واجي ..
, _ تنهد خالد وهو يرمق مؤنس بضجر واجابه بفتور :-
, _ طيب متتأخرش ..
, _ أنهي ريان المكالمة وعاد ببصره الي قطته التي تجرأت وباتت بين أحضانه ، أوصدت عنود عينيها وهي تعض علي شفتاها بخجل
, _ انتي ايه اللي جابك تنامي هنا ؟
, _ أردف بهم ريان بخبث بينما تجمدت معالم وجهها كلياً لسؤاله ، فكرت لبعض الوقت ربما تأتي بحجة ما يصدقها ، فشلت في اختراع سبباً ما من فرط إرتباكها ، سحبت نفساً عميق ونهضت بإندفاع ونظرت إليه بحدة زائفة :-
, _ تقريباً بمشي وانا نايمة ..
, _ انفجر ريان ضاحكاً واعتدل في جلسته ورمقها بعدم تصديق وأردف بسخرية :-
, _ بتمشي وانتي نايمة وتيجي تنامي في حضني ؟!.
, _ ازدردت ريقها بصعوبة وحاولت التخلص من ذاك الحوار قائلة :-
, _ ما يمكن انت اللي استحليتها ولقيتني بمشي وانا نايمة ونيمتني في حضنك مش غريبة عليك يعني ..
, _ نهض ريان في حالة ذهول تامة لقد قلبت الآية عليه ، لكنه حتماً لن يصمت بل سيجعلها تجيد التفكير قبل أن ترميه بالباطل ، اقترب منها بخُطي ثابتة أرعبتها ، حاوط خصرها وضمها لحضنه برفق ، وضع إصبعيه علي ذقنها واجبرها علي النظر إليه وهتف وهو يتخلل خُصلاتها بأنامله :-
, _ بصراحة اه أنا اللي عملت كده أصل أنا قليل الأدب أوي وخصوصا مع مراتي ببقي٣ نقطة
, _ صمت ريان واقترب أكثر فأكثر من شفتاها فاسرعت هي متسائلة بنبرة خافتة :-
, _ بتبقي ايه ؟
, _ ابتسم ريان بمكر لسير خطته كما يريد وأردف بهمس :-
, _ تعالي لما اقولك جوا!
, _ اتسعت مقلتيها بصدمة ودفعته بكل ما أوتيت من قوة قائلة بنبرة صارمة :-
, _ انت كذاب علي فكرة عشان أنا اللي جيت نمت في حضنك برضايا و..
, _ سحقاً !! لقد تلاعب بها لكي تقع في براثينه وها قد وقعت بدون مجهود منه ، حقاً آرادت أن تصفق لدهائه ، لم تقف تنتظر لأكثر وركضت مهرولة داخل غرفتها ، وقفت خلف الباب تلعن ذلة لسانها التي أوقعت بها في فخه ، تنهدت بضجر ثم جابت بعينها الساعة المُعلقة علي الحائط وشهقت بصدمة عندما رأت كم من الوقت تأخرت علي جامعتها ،
, _ هرولت داخل مرحاض الغرفة ثم ارتدت سريعاً بعد أن أدت صلاتها ودلفت للخارج بخطوات غير مستقيمة ، تفاجئت به لم يبرح مكانه حيث اقتربت منه وصاحت به :-
, _ انت لسه قاعد قوم بسرعة ألبس أنا اتاخرت ..
, _ نهض ريان ورد عليها بنبرة جامدة :-
, _ صباح الخير !
, _ تأففت عنود بضجر وأردفت بحدة :-
, _ بقولك متأخرة يلا بسرعة
, _ اقترب منها ريان ووضع قبلة سريعة علي وجنتها وابتعد عنها مسرعاً ، بدل ثيابه بقميص أبيض اللون علي بنطال فحمي كما مشط خصلاته غير المعتاد فعلها ، بدي مظهره جذاب للغاية كأنه شاب في أوائل العشرين من عمره ..
, _ تهز قدميها بتوتر شديد كأنها تقف علي جمر ملتهب ، تتأفف تارة وتستغفر ربها تارة اخري إلي أن ظهر هو أمامها وألجم لسانها بمظهره الذي خطف عقلها وخفق له قلبها ، بربك ما كل تلك الجاذبية الآن ؟
, _ ابتلعت ريقها عندما لاحظ ريان نظراتها عليه وتراجعت للخلف عدة خطوات وهي تهرب ببصرها بعيداً عنه وأردفت بتلعثم :-
, _ ممم يلا ..
, _ إلتوي ثغره بإبتسامة إعجاب علي نظراتها التي أثبتت بها حُسن مظهره لطلاما لم يعبر له أحدهم من قبل عن جاذبيته التي شعر بها فقط من خلف نظراتها ، فقط هي من تستطيع قول الكثير دون أن تنبس بشئ نظراتها كافيه وكأن بها جميع كلمات الغزل ..
, _ دلفت عنود للخارج كما تبعها ريان ، هبط كليهما في المصعد الكهربائي ، تعمد ريان فتح باب السيارة لها مع إبتسامة زادت من وسامته واجبرتها علي الابتسام علي الرغم من تذمرها ..
, _ جلس ريان بمقعده وشرع في القيادة بسرعة عالية لكي يصل أسرع , لكن لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن توقف بين حشد ضخم من السيارات الواقفة خلف بعضهما بإهمال وعدم انتظام ،
, _ زفير وشهيق فعلت عنود ، الأمر يتكرر أمام مرأى عينيها دون رأفة ، السيارات ذاتها ، الأدخنة المتطايرة في الهواء التي تدل علي انقلاب أحد السيارات أو ربما انفجارها ، الموقف يُعاد بجميع تفاصيله ،
, _ وضعت يدها علي صدرها علها تهدئ من روعها ، تحاول إقناع عقلها بأن الأمر مختلف تلك المرة لا يوجد والديها لكي تشعر بألم شديد في قلبها للمرة الثانية ، لقد باتوا هم والتراب شيئاً واحد ، فكيف سيُعاد ما حدث ثانيةً !!
, _ ارتفع صدرها وهبط بعنف كما ازدادت خفقات قلبها ناهيك عن رجفة جسدها التي رادوتها حينها ، هل هذا الموت ؟ هل سيقتلع ملك الموت روحها تلك اللحظة ؟ لا تدري لكنها لا تشعر انها بخير ، لم تسمع أياً من كلمات ريان وتلك الضجة المحاوطة لهم كما تشوشت رؤيتها أيضاً ، مدت يديها بثقل تبحث عن يد ريان ، وضعت يدها مباشرة علي يده الموضوعة علي أحد محركات السيارة وشدت عليها بقسوة ربما يشعر بها ..
, _ استدار ريان نحوها وتفاجئ بشحوب وجهها المفاجئ ، ترجل من السيارة مهرولا نحوها ، فتح بابها وأمسك يدها قائلا بتوجس :-
, _ في ايه مالك ؟
, _ حاولت التحدث لكنها لم تستطيع ، فقدت القدرة علي النطق وعلي الرؤية وتوقفت جميع حواسها في تلك اللحظة ، تمايلت رأسها علي الجانب بإهمال فاقدة وعييها وباتت في ظلام حالك لا تشعر بندائات ريان لها ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ يجوب الغرفة ذهاباً وجيئا ويلقي ببصره عليها من حين لآخر بل من ثانية لاخري ، ينتظر استيقاظها كما أخبره الطبيب ، تمر الدقائق عليه كأنها أعوام ، يشعر بالاختناق الشديد كلما مرت دقيقة ولم تستيقظ بها ، دقيقة أخري وسيقلب المشفي رأساً علي عقب حتي يرون عملهم جيداً ، فقط يريد أن يطمئن عليها ، يريد أن يملئ فراغ قلبه الذي شعر به منذ أن فقدت وعييها بالسيارة ، جوفه خالي تماماً ويريد استعادته مرة أخري لكن لن يحصل إذا لم تستعيد وعييها في أقرب وقت ..
, _ فتحت عينيها ببطئ وشعرت بثقل شديد في أناملها ورأسها كما لو كانت مُخدرة ، قاومت ذاك الشعور اللعين وفتحت عينيها لكن سرعان ما أغلقتهم لشدة الإضاءة أعلاها ،
, _ ركض ريان نحوها بلهفة شديدة وانحني بجسده عليها مرددا :-
, _ انتي كويسة ، طمنيني عليكي!
, _ نهضت هاجر من جلستها واقتربت منهم وأردفت بحكمة :-
, _ اهدي يا ريان هي لسه مفاقتش وانت بتضغط عليها ، نسيت الدكتور قال ايه ؟
, _ زفر ريان أنفاسه بضجر وأردف بنبرة صارمة ممتلئة بالخوف والشجن :-
, _ أطمن عليها الأول وبعدين ههدي ..
, _ شعرت هاجر بالحرج وفضلت الصمت أمام حالته المزرية إلي أن يهدئ قليلاً ، بينما عاود ريان نظره إلي عنود متسائلا بإهتمام :-
, _ انتي سمعاني ؟
, _ أماءت عنود رأسها بالايجاب وأردفت بهمس :-
, _ أنا فين ؟
, _ صوتها المنخفض اجبر ريان علي الاقتراب من شفتاها لكي يسمع ما تقوله واجابها بهدوء لم يخلو من التوتر :-
, _ إحنا في المستشفي ، مش مهم الوقتي تسألي في حاجة طمنيني عليكي !
, _ ابتلعت عنود ريقها بصعوبة وقالت بتلعثم :-
, _ Iam fine
, ( أنا بخير )
, _ تنهد ريان براحة ثم سحب مقعد خشبي وجلس عليه بجوارها يلتقط أنفاسه التي هربت من رئتيه و أمسك يدها ومال برأسه علي يدها بإرهاق ، يريد أن يهدئ من روعه فلقد استنزفت طاقته في ساعات قليله بسبب خوفه عليها ، لم يدري انها باتت بمثابة خطر عليه ، بالتأكيد خطر ! لطلاما كانت هي بخير كان هو كذلك ، وعندما تمر بمكروه يقع أرضا من خلفها ، يشعر بالفقدان الحقيقي الذي لم يشعر به من قبل ، كما يشعر بفراغ قوي في جوفه كأنها سلبت روحه لفقدانها لوعييها ، الأمر ليس بهين إطلاقاً ، الأمر أصعب مما مرت عليه الصعاب من قبل بمراحل مضاعفة ، لن يسمح بحدوث مكروه لها وإن كانت ستظهر أنانية فـ ليكن انانياً في حبه وليحترق الجميع ..!
, _ دلفت هاجر إلي الخارج بعد أن اطمئنت علي صحة عنود ، ركض نحوها كلاً من علي زوجها وخالد صديق ريان ليطمئنا عليها ..
, _ ايه الإخبار ؟
, _ تسائل علي باهتمام فأجابته هاجر براحة :-
, _ الحمد لله فاقت بس ريان حالته صعبة اوي ..
, _ شعر خالد بالآسي حيال صديقه واردف بحزن :-
, _ طيب هنعمل ايه ؟
, _ هز علي رأسه لعدم قدرته علي فعل شئ بينما أردفت هاجر :-
, _ علي لو سمحت هات لهم آكل دول بقالهم اكتر من خمس ساعات في المستشفي ..
, _ أومأ علي رأسه بينما أسرع خالد في الحديث :-
, _ استني انت يا علي عشان لو احتاجوا حاجة وانا هروح اشتري الاكل واجي ..
, _ وافق علي علي اقتراحه بينما غادر خالد المشفي ، جلست هاجر علي مقعد الإنتظار فتبعها علي قائلا وهو يجلس بجوراها :-
, _ مش هتدخلي عشان لو محتاجين حاجة !
, _ مالت هاجر برأسها علي كتف علي واجابته بتريث :-
, _ حاسة اني عزول بينهم وبعدين احنا قاعدين قدام الاوضة يعني لو احتاجوا لحاجة اول ما ريان يفتح الباب هيلاقينا في وشه ..
, _ مرر علي يده من خلفها وضمها إليه وشكل علي ثغره إبتسامة واردف بحنو :-
, _ أول مرة أشوف ريان في الحالة دي ، خوفه مختلف عن أي خوف شوفته عليه قبل كده ٣ نقطة
, _ ابتسمت هاجر هي الأخري وأردفت من بين ضحكاتها :-
, _ هو خوفه بس اللي اختلف ريان نفسه اتحول من ساعة ماهي ظهرت في حياته
, _ تردد علي لبرهة لكنه جمع شجاعته وأردف بمزاح :-
, _ ما تيجي اتجوز الجوازة التانية وأشوف أنا هتحول ولا هفضل زي ما انا ..
, _ لقد جني علي نفسه ذاك الـ علي ، هبت هاجر واقفة بإندفاع ووضعت يديها في منتصف خِصرها وصاحت به :-
, _ نعم يا حبيبي جوازة تانية ! طيب هو حبها عشان كده اتحول إنما أنت ايه أسبابك ؟
, _ انفجر علي ضاحكا علي منظرها الطريف وهتف :-
, _ اقعدي يا مجنونة إحنا في المستشفي
, _ رمقته هاجر بغيظ ثم تركته وتوجهت نحو الغرفة فأسرع هو بحديثه :-
, _ استني راحة فين مش بتقولي حاسة أنك عزول بينهم !
, _ عزول عزول بس مش قاعدة معاك
, _ أردفت بهم بغضب ثم ولجت الي الداخل في تلك الأثناء كان ريان جالساً علي الفراش وعنود تغزو أحضانه ، تفاجئت هاجر بوضعهم ولعنت نفسها انها لم تنتظر بالخارج وأردفت بتلعثم :-
, _ اييه .. آه .. كنت جاية اشوفكم لو محتاجين حاجة بس شكلكم مش محتاجين حاجة .. عموما انا برا يعني ..
, _ أولتهم ظهرها وهرولت إلي الخارج مسرعة فتفاجئ علي بدلوفها السريع وتسائل بفضول :-
, _ خرجتي ليه ؟
, _ نظرت إليه بخجل وأردفت :-
, _ ها ، لا مفيش قولت متقعدش لوحدك انت مالكش أمان بعد كده ..
, _ قهقه علي علي مزاحها ثم أشار إليها بالجلوس وضمها بقوة إلي حضنه قائلا بنبرة حنونة :-
, _ده انتي اللي ساكنة القلب يا هجورة مينفعش ابص علي حد غيرك ..
, _ أبتسمت هاجر واستكانت في حضنه بشعور من الأمان والرضا قد تسللوا إلي قلبها ..
, _ تلمس ريان بشرة وجهها الناعمة وأردف معاتباً :-
, _ كده تخضيني عليكي ..
, _ ابتعدت عنه عنود وقالت بنبرة موجوعة :-
, _ أنا آسفة ، بس انا منظر العربيات والادخنة اللي في الهوى فكرتني بحادث عيلتي حاولت اقاوم اللي كنت حاسة بيه بس مقدرتش ..
, _ رفعت بندقيتاها عليه وتسائلت بفضول :-
, _ هو ايه اللي حصل بعدها أنا مش فاكرة حاجة
, _ سحب ريان نفساً عميق وجذبها من يدها لتستكين بين ذراعيه مرة أخري واجابها بنبرة تريد الخلاص من شعور الفقد الذي لا يرحل عنه قط :-
, _ ده حصل كتير اوي ، أنا طبعا فشلت اني اطلع بعربيتي وسط الزحمة اللي كانت هناك ، اضطريت اطلب خالد صاحبي يجي بالعربية بتاعته علي الطريق المعاكس عشان ميدخلش في الزحمة وجريت بيكي علي المستشفي وقلبت الدنيا وكسرتها عشان خاطرك !
, _ صعقت عنود مما سمعته لتوها ورفعت عينيها عليه بعدم تصديق وأردف بذهول :-
, _ انت عملت كده بجد ؟
, _ إلتوي ثغره بإبتسامة واجابها بثقة :-
, _ ده كان هيحصل فعلا لو كنتي قعدتي ساعة كمان نايمة ومش بتفوقي !
, _ إلتمعت عيناها بحب ورمقته بإمتنان شديد كما لم تخلوا نظراتها من الإعجاب به وبتصرفاته معها التي لم تفشل قط في لمس شئ ما في قلبها ..
, _ آرادت أن تبوح بما يدور في عقلها الآن ربما لن تتكرر تلك المشاعر التي تحثها علي الإعتراف بكونه جميل ولابد أن تصرح به الآن ، تنهدت وهمست وهي تتلمس وجهه :-
, _ انت جميل اوي
, _ دقت اسارير السعادة قلبه من خلف جُملتها الأخيرة كما ازداد تدفق الادرينالين المندفع في شرايينه ولم يستطع منع نفسه من الانجراف معها في عالمه المحبب إليه ..
, _ اقترب منها ووضع قُبلة رقيقة علي شفتاها فتفاجئ بها تعلق ذراعيها حول عُنقه بجرأة لم يخوضها معها من قبل كما بادلته قُبلاته التي تحولت تدريجياً إلي قبلات رغبة قوية ، مال بها علي الفراش فرفعت هي يدها وتخللت خُصلاته كما تَشُد بأناملها عليهم من حين لآخر إلي أن ذاب ريان بين لماستها علي الرغم من عدم تَمَكُنها إلا أنها نجحت في إغراقه في دوامتها ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ أبتعد عنها وعدل من حالته غير المهندمة عندما سمع طرقات الباب ، كما ساعدها أيضاً في ضبط ثيابها و**** رأسها ثم سمح للطارق بالدخول ..
, _ ولجت هاجر بحرج وأردفت متسائلة بإهتمام :-
, _ أخبارك ايه يا عنود الوقتي ؟
, _ أبتسمت عنود وأجابتها برقة :-
, _ الحمد لله Iam fine
, _ بادلتها هاجر ابتسامة صادقة ثم وجهت بصرها نحو ريان وأردفت :-
, _ علي وخالد عايزين يطمنوا عليك ..
, _ أماء ريان رأسه بتفهم وأردف :-
, _ دخليهم
, _ أشارت هاجر إلي زوجها بالولوج فتبعه خالد إلي الغرفة ،
, _ صاح خالد مازحاً :-
, _ايه يا عمنا ايه الاخبار ؟
, _ أبتسم ريان واجابه بنبرة مليئة بالحيوية عكس ما كان عليه منذ قليل :-
, _ تمام يابني مش عارف من غيرك كنت عملت ايه و**** ..
, _ قهقه خالد وواصل مازحاً :-
, _ لا أنا في الخدمة حتي جايب لك آكل اهو عـ **** يطمر فيك عارفك واطي
, _ بحث ريان بعيناه علي شئ ما يلقيه بوجهه لكنه لم يجد ، قهقه جميع من بالغرفة ثم أردف علي بود موجهاً حديثه لعنود :-
, _ حمدلله علي سلامتك
, _ أبتسمت عنود واجابته بإستحياء :-
, _ **** يسلمك Thinks ..
, _ أبتسم علي ثم وجه حديثه إلي ريان بجدية :-
, _ أنا همشي لأن عندي شغل متلتل ( كتير ) وفي ناس كده مبترحمش !
, _ ألقي علي آخر جُملته وهو يرمق خالد بغيظ فأسرع خالد بالحديث :-
, _ لا بقولك ايه انا مش نسيبك ، أنا في الشغل معرفش أبويا ..
, _ ضحك الجميع علي أسلوب خالد الذي يحاول خلق به الحدة لكنه فشل ، استأذن علي برفقة هاجر بينما رفض خالد المغادرة ومكث معهم يتبادل أطراف الحديث مع ريان ..
, _ فاكر يا ريان لما حبينا نركب خيل ونتسابق زي ما شوفنا سباق الخيول في التليفزيون !
, _ أردف بهم خالد متسائلاً بينما انفجر ريان ضاحكاً بهسيتريا ليشاركه خالد في ضحكاته ، ضحكاتهم المتعالية أجبرت عنود علي الابتسام وهي لا تعي ما خلف تلك الضحكات
, _ نظر ريان إلي عنود وتابع مضيفاً علي حديث خالد :-
, _ نزلنا ندور علي خيول وطبعاً مكنش في المنطقة بتاعتنا فجبنا حمارين وركبناهم وقعدنا نجري بيهم في الحتة ، والحمار اللي كنت راكبه مكنتش عارف اتعامل معاه ودخلني سوبر ماركت وانا من احراجي قولت لصاحب المكان عندك برسيم للحمار يا عم صلاح ..
, _ لم يستطيع ريان إكمال القصة من فرط الضحك ، بينما واصل خالد حديثه من بين ضحكاته :-
, _ الحمار اللي كنت راكب عليه دخل نفس السوبر ماركت ومش عارف هو عمل ايه لقيتني راكب ورا ريان وانا وهو ميتين من الضحك لحد ما جه عم ماهر **** يجازيه خير وضربنا حتة علقة وبعد ما خلص ضرب راح قال لابويا يقوم أبويا ماسكنا إحنا الاتنين ضاربنا ..
, _ صمت خالد فواصل ريان مضيفاً وقد انسدلت بعض الدموع من عيناه من فرط الضحك :-
, _ بقوله بتضربني ليه يا عم أحمد قالي هو أبوك احسن مني في الضرب لازم أعلي عليه ..
, _ أخفت عنود وجهها في صدر ريان عندما فشلت في السيطرة علي ضحكاتها ، مال ريان برأسه عليها ووضع قُبله علي حجابها ممتناً لكونها أدخلت السرور علي قلبه ..
, _ ابتسم خالد بسعادة ثم استأذن ودلف للخارج بينما طرق الطبيب الباب وولج داخل الغرفة عندما سمح له ريان ، وشكل ابتسامة عملية وردد :-
, _ حمد لله علي السلامة أخبارك ايه الوقتي ؟
, _ الحمد**** أفضل
, _ أردفتها عنود ليجييها الطبيب قائلا :-
, _ اللي حصلك ده نتيجة صدمة عقلك لسه مش قادر يتأقلم معاها للوقت الحالي وده غلط لازم تحاولي تتقبلي الصدمة عشان ميحصلش مضاعفات ويتحول خوفك البسيط لـ صدمة التعافي منها هيكون علي المدي البعيد ودي مش مستحبة لانك هتحسي بإهارق بدني ونفسي غير اضطرابات في القدرات الإدراكية وتركيزك هيقل وهيكون محدود وكتير من الأنواع دي ، يعني انتي بتإذي نفسك من غير ما تحسي لازم تساعدي نفسك بإنك تاخدي وقت كافي تتقبلي اللي حصل واهم حاجة الدعم النفسي والعاطفي والاهم ممنوع كتمان المشاعر اي شعور تحسي بيه لازم تتكلمي مع حد عنه مشكلتك بسيطة لو حاولتي انتي تحليها وانا موجود في أي وقت تقدري تتواصلي معايا علي الواتساب لو حصل حاجة ..
, _ أماءت رأسها بالايجاب فأسرع ريان بالحديث :-
, _ شكراً لحضرتك يا دكتور ..
, _ بادله الطبيب ابتسامة بشوشة ثم غادر بعد تمني لها التعافي العاجل ..
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
٢٢


تبع ريان الطبيب الي الخارج ومن ثم سئله بإهتمام :-
, _ يعني هي كويسة يا دكتور ؟
, _ ابتسم الطبيب علي اهتمامه وأردف موضحاً :-
, _ هي كويسة جدا وده الخطر
, _ عقد ريان ما بين حاجبيه بغرابة متمتاً بعدم فهم :-
, _ ازاي يعني ؟
, _ واصل الطبيب حديثه وهو يتوجه إلي مكتبه :-
, _ الصدمة اللي اتعرضت لها عقلها لسه مستوعبهاش بدليل أن حضرتك قولتلي أنها رجعت هنا بعد وفاتهم بيوم واحد هي كانت راجعة عشان تعيش حدادها مع أهلها وعن اللي انت حكيتهولي برده أن أهلها رفضوها فهي كانت قوية عشان متقعش لوحدها وكل اللي انت حكيتهولي كان بيقويها كل ما بتتعرض لخيبة أمل جديدة وللأن هي معاشتش فترة حزنها وحدادها وده خطر عليها لازم تعيط لازم تصرخ لازم تحس بوجع فراقهم وكل ده طبعاً لازم يكون بمساعدة دعم قوي من حد بيحبها عشان تقدر تتعافي ..
, _ جلس الطبيب علي مكتبه ورفع رأسه علي ريان الذي تحولت تقاسيم وجهه كلياً للخوف الشديد وحاول تهدئة روعه قائلا :-
, _ أنا شايف أن حضرتك اكبر داعم ليها ، اهتمامك وخوفك عليها كفيل أنهم يقوها ويساعدوها تخرج من صدمتها بكل سهولة بس اهم حاجة متتخلاش عنها لأن صدمتها فيك هتكون اكبر ووقتها ممكن تتعرض لانتكاسه تبقي صعب تخرج منها ..
, _ أسرع ريان بالحديث بتوجس :-
, _ بعد الشر عنها أكيد مش هتخلي عنها ..
, _ ابتسم الطبيب وواصل تعليماته بعناية :-
, _ آه ممكن تلاقي عندها خمول وبتنام كتير ده طبيعي لأنها وقت ما جت جسمها كان متشنج جامد وكان لازم تاخد مهدئات ..
, _ هز ريان رأسه بتفهم وشكره بإمتنان وغادر مكتبه وتوجه إلي غرفتها ، طرق الباب ثم ولج للداخل مُشكلاً ابتسامة علي ثغره لتبادله هي ابتسامة خجولة بينما أردف هو :-
, _ مش يلا بينا بقا كفاية الخمس ساعات اللي قضيناهم هنا ..
, _ اتسعت مقلتي عنود بصدمة وتمتمت بعدم تصديق :-
, _ اييه خمس ساعات !
, _ أماء رأسه مؤكداً حديثها واقترب منها قائلا بنبرة رخيمة :-
, _ مش بقولك كنت هكسر المستشفي دي لو فضلتي ساعة كمان علي وضعك ومفوقتيش ..
, _ تنهدت عنود مستاءة وأردفت بضجر :-
, _ تالت يوم جامعة ضاع اهو كمان ..
, _ ابتسم لها ريان عندما رادوته فكرة وردد :-
, _ عندي ليكي خبر هيعجبك بخصوص الجامعة بس مش هقولوا هنا هقولوا في بيتنا ..
, _ غمز اليها بعيناه وساعدها علي النهوض وغادرا المشفي ، حاوط ريان خِصرها بذراعه لتكون هي حبيسة ذراعه وضعت رأسها علي صدره لعدم قدرتها الكافية لرفع رأسها بسهولة كما سار خالد برفقتهم ،
, أردف ريان عندما وصلا إلي الإستقبال :-
, _ عايز أدفع الحساب
, _ التفت خالد إليه وغمز إليه بغرور :-
, _ خلصت كل حاجة
, _ ربت ريان علي كتفه بحب ليكملا سيرهم متجهين الي السيارة ، فتح خالد الابواب لهم ومن ثم جلست عنود بالمقعد الخلفي وريان جلس في المقعد الأمامي ، شرع خالد في القيادة بتهمل بينما لم يرفع ريان بصره عنها قط كان يتابعها من خلال المرآة الخارجية تارة وتارة يلتفت بنفسه ليطمئن عليها ،
, _ تبادل مع صديقه أطراف الحديث عن العمل وكيف يتعامل خالد فيه بسلاسة وعملية ، مرر ريان أنظاره سريعاً علي المرآة فتفاجئ بها ساكنة موصدة العينين تستند برأسها علي النافذة بإهمال ، خفق قلبه بشدة خشية أن يكون أصابها مكروه ،
, _ آمر خالد بالتوقف حيث صف السيارة جانباً وترجل ريان منها مسرعاً واستدار من الباب الآخر وجلس بجوارها يتأكد من نبضها لكن لم يكتفي بذلك ، اقترب من أذنها وهمس بهدوء :-
, _ عنود ..
, _ فتحت عينيها ببطئ واجابته بثقل :-
, _ مممم
, _ أبتسم لها ريان ثم جذبها بذراعه لتستكين هي بين أضلعه مستندة برأسها علي صدره ومحاوطة خِصره بيدها متشبثة به بكل قوتها ،
, _ عدل خالد المرآة علي وجه ريان وتسائل :-
, _ ها اكمل ولا أرجع المستشفي ؟
, _ هز ريان رأسه برفض وأردف بصوته الأجش :-
, _ لا كمل ..
, _ وصلا إلي المنطقة الشعبية القاطنين بها بعد ثلاثون دقيقة ، صف خالد سيارته أسفل بناية ريان ، ترجل منها أولاً فتبعه ريان وقد حملها بين ذراعيه بسبب غفوها ، حتماً لن تستطيع الصعود إلي الاعلي بتلك الحالة المزرية ،
, _ ابتسم خالد وأردف مازحاً :-
, _ **** يسهلوا
, _ بصق ريان علي الأرض واجابه بغيظ :-
, _ الحسد ده اللي جايبنا الأرض
, _ انفجر خالد ضاحكاً فتفاجئ كليهما بحضور مؤنس عم عنود ، تنهد خالد بضجر بائن بينما قال ريان مرحباً به :-
, _ أهلا أستاذ مؤنس
, _ كانت تقاسيم وجهه تعبر عما يخفيه بداخله ، تلك الحدة المشعة من عيناه تدل علي عدم الخير ، تبادلا ريان وخالد النظرات بغرابة من أمره ليهم مؤنس هاتفاً بإندفاع :-
, _ اظن قلة ذوق لما اطلب أشوف حضرتك وانت تطنش !
, _ احتدت ملامح ريان وسحق أسنانه بغضب وصاح به :-
, _ بنت أخوك تعبانة وكانت في المستشفي أكيد يعني مش هسيبها واجي اقابلك !
, _ رق قلب مؤنس ومرر بصره عليها وسأله بقلق :-
, _ هي مالها ؟
, _ ابتسم ريان بسخرية وأجابه بجمود :-
, _ واحدة اتعرضت لصدمة ولما لجئت لاقرب ناس ليها رفضوها وهانوها تفتكر هيكون مالها ؟
, _ هز مؤنس رأسه بإنكار وأردف بعدم اقتناع :-
, _ ايه الإهانة في أن اخويا يرفضها زوجة لابنه هو حر ..
, _ كز ريان علي أسنانه المتلاحمة بغضب عارم ورمقه بنظرات احتقارية مشتعلة ثم أردف مستاءً :-
, _ اللي بتتكلم عنها دي مراتي يعني تحاسب علي كلامك !
, _ لم يدع له فرصة التحدث ووجه حديثه لخالد مباشرةً :-
, _ أنا طالع ونازل تاني نشوف الحوار ده
, _ أماء خالد رأسه بالموافقة ثم صعد ريان إلي الاعلي حاملاً فتاته بين ذراعيه أسفل أنظار رنا ودينا الواقفتان في شرفة المنزل ، مشاعر قوية روادتهم في تلك الأثناء أولهم من هذا الرجل ؟ حتماً ليس ريان ذاته ، ريان ذو الطابع الحاد والنبرة الخشنة لقد تحول تماماً ..
, _ ولجت دينا الي الداخل واستلقت علي الفراش واجهشت في بكائها عكس رنا التي اقسمت ألا تتركهم وشأنهم ، سيري من الاهوال فواجع عدة لن يقدر علي تحملها أو حتي استيعابها ..
, _ وضعها ريان علي فراشها برفق ، ونزع عنها حجابها كما خلع سترتها السوداء وتركها غافية ببنطال جينز يعلوه كنزة بحملات رفيعة ، ألقي عليها نظرة سريعة ثم هبط الي الأسفل استعداداً لمواجهة المدعو مؤنس ..!
, _ ولج داخل معرضه بخطي متريثة إلي أن دلف مكتبه وكما أمر خالد لبي أمره ، مؤنس وخالد قيد انتظاره ، سار نحو مقعده وجلس بثقة ، استدار نحو مؤنس وأردف بشموخ :-
, _ أنت عندك بنتين مش كده يا أستاذ مؤنس ؟
, _ تعجب مؤنس من سؤاله فـ بناته ليسوا محور حديثهم لكنه أجابه بفخر وتعالي :-
, _ آه عندي ..
, _ واصل ريان حديثه أسفل أنظارهم المُسطلة عليه بإهتمام :-
, _ كنت سمعت قبل كده إن واحدة منهم بتشتغل في شركة كبيرة وكان من شروطهم إنها تقلع حاجبها هي صحيح قلعته ؟
, _ ازدرد مؤنس ريقه كما شعر بالحرج الشديد ولم يعلم بماذا يجيبه ، لكنه واصل بشموخ لكي لا يقلل من شأن فتاته وأردف بنبرة متعجرفة :-
, _ قلعته ، وارد أنها تحصل !
, _ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة ساخرة ناهيك عن نظرات خالد عليه لا يصدق كيفية التحدث هكذا دون خجل عن إبنته ، صمت ريان لبرهة وتابع مضيفاً :-
, _ شركة كبيرة عريضة فيها اسانسير يعني ممكن تكون بتطلع مع شباب ، لا مش ممكن ده أكيد مهو مش معقولة الاسانسير هيطلع بواحدة بس !
, _ نهض مؤنس بإندفاع وضرب علي المكتب بقبضته وأردف بغضب رافضاً لذاك الحوار :-
, _ أنا مسمحلكش تتكلم علي بنتي بالشكل ده !
, _ نهض ريان هو الآخر وصاح به :-
, _ وانا برده مسمحلكش تتكلم عن مراتي بأي شكل من الأشكال ، مراتي تربية الأجانب زي ما بتقولوا رفضت تسلم علي ابن عمها في أول مقابلة ليهم عشان حرام مع أني متاكد ان لو بنت من بناتك شافوه هياخدوه بالحضن ، بنتك رضيت تقلع حجابها ومراتي رفضت تطلع معايا الاسانسير لوحدنا قبل ما نكتب الكتاب ، بنتك بتسلم علي اي راجل في الشركة تحت مسمي زميلها أنا مراتي عطياني الحق الوحيد في لمسها محدش يتجرأ يقرب منها غيري!
, _ عاد ريان الي جلسته ورمق مؤنس بعجرفة وشموخ :-
, _ يا تري مين بقا اللي تربية الأجانب ؟
, _ نجح بجدارة أن يلجم لسانه وعدم قدرته علي مواصلة الحديث ، تنهد ريان وتابع مضيفاً بنبرة أكثر هدوئاً :-
, _ حتي لو مكنتش كويسة ده مش مبرر أن أخوك يرفضها كان ممكن ياخدها ويعلمها علي العُرف اللي كلنا عارفينه بس انا اكتشفت أن أخوك أصلا لا يعرف عُرف ولا تقاليد ، مفيش واحد محترم في عمره يجر بنت أخوه في الحارة كلها ويخليها فُرجة للرجالة من تحت والستات من شبابيك بيوتهم ، مفيش راجل محترم يمد أيده علي ست غريبة مابالك ببنت أخوه اللي لحمه ودمه ، مفيش راجل محترم يجي وقت كتب كتاب إبنه يقول للعروسة أنا عايز أعرف انتي بنت ولا لأ ؟
, _ صعق مؤنس مما يصغي إليه ، لم يكن علي علم بـ تلك الهرائات ، كيف يفعل أخيه هذا ؟ بأي وجه حق فعل ذلك ؟ لقد تعدي حدود الوقاحة ، بات مؤنس يتخبط في صدمته الذي تلقاها لتوه ولا يدري ما عليه فعله الآن ، لكن ما يعلمه جيداً أنه يريد الانسحاب سريعاً لقد تعري تماماً أمامهم ..
, _ قطع ريان حبال شرود مؤنس متسائلاً برزانة :-
, _ ترضي حد من بناتك اللي مش تربية اجانب يحصله كده ؟
, _ رفع مؤنس بصره علي ريان ولم ينبس بشئ ، فقط سحب نفساً عميق وأولاهم ظهره وانسحب من بينهم مطأطأ الرأس بحرج شديد قد اكتسبه في ذاك الحوار ..
, _ نهض خالد وصفق بإعجاب كبير قائلا :-
, _ ايه يابني اللي عملته ده ، انت خرست الراجل بشياكة أنا توقعت أنك هتقوم تخليه هو والأرض حاجة واحدة ، ايه الحكمة اللي نزلت عليك فجاءة دي ؟!
, _ أبتسم ريان بثقة وأردف :-
, _ مش عارف ..
, _ انفجرا كليهما ضاحكين ثم أردف خالد :-
, _ أنا خارج ورايا شغل كتير ..
, _ هب ريان واقفاً وأسرع بالحديث قبل أن يغادر قائلا :-
, _ استني عايزك
, _ التفت خالد إليه متسائلا بفضول :-
, _ في ايه ؟
, _ اقترب منه ريان بخُطي مهرولة ثم أجبره علي الجلوس أعلي الأريكة الجلدية وظل يجوب الغرفة ذهاباً وإياباً واضعاً كِلتي يديه خلف ظهره ،
, _ عقد خالد حاجبيه بغرابة من أمره وتسائل :-
, _ في ايه يابني وترتني ؟
, _ سحب ريان اكبر قدر من الأكسجين وجلس بجواره وأردف بتلعثم عله يأتي بحل منه :-
, _ ايه .. يعني أنا لو .. لو يعني ..
, _ في ايه يا ريان ما تنطق !
, _ قالها خالد لينهي سخافة ريان الذي بدي عليها ، بينما ألقي ريان الحديث دُفعة واحدة لينهي ذاك الحوار :-
, _ لو عايز اخد خطوة نحيتها اعمل ايه ؟
, _ ازادات غرابة خالد فهو لم يعي شئ مما قاله واردف متسائلا بإهتمام :-
, _ هي مين وخطوة ايه ؟
, _ أوصد ريان عيناه بعصبية وصاح به بحنق :-
, _ لا ركز معايا كده لإما هقوم أمشي
, _ ضحك خالد وأجبر جميع حواسه علي الإنتباه جيدا فواصل ريان حديثه قائلا :-
, _ عنود ، عايز أخد خطوة يعني زي اي راجل مع مراته ..
, _ فغر خالد فاهه ببلاهة كما اتسعت بؤبؤة عينيه بذهول لا يصدق ما يتحدث فيه ريان ، بينما نهض ريان بتذمر وقال :-
, _ ولا كأني سألتك في حاجة انسي ..
, _ أولاه ظهره وسار عدة خطوات فأسرع خالد نحوه وأجبره علي الوقوف قائلا :-
, _ اهدي عليا ياعم ريان أنا لسه مش مستوعب أنك بتتكلم معايا بالخصوصية دي أصلا ..
, _ تنهد ريان بضجر وعاد لجلسته وأردف بفتور :-
, _ أيوة يعني اعمل ايه برده ؟
, _ حاول خالد كتم ضحكاته حتي لا يثير غضبه وعاد هو الآخر الي جلسته وأردف :-
, _ ماهي مراتك يا ريان ايه المشكلة يعني ؟
, _ زفيراً وشهيق فعل ريان ثم مال بجسده للأمام ليكون أقرب إلي خالد واجابه موضحاً :-
, _ بحس اني عبيط اوي وانا واقف قدامها وبفكر في الحاجات دي ، واحد عنده ٣٤ سنة بيفكر كده في بنت عندها ١٨ سنة بيحسسني بالذنب ، الموضوع في أوله بيبقي طبيعي وحلو بس بعدها مبقدرش أكمل وأبعد ، وبلوم نفسي إزاي أفكر فيها كده الفرق بينا كبير اوي وانا دايما حاسس اني ظالمها معايا ، مش عارف يمكن محستش ده منها بس انا بجد مش عايز ألوم نفسي كده كتير ..
, _ تنهد خالد وقال بنبرة رزينة :-
, _ أتكلم معاها شوفها هي راضية ولا لأ وعلي فكرة هي لازم تبادلك المشاعر اللي انت محتاجها وقتها مش هتلوم نفسك لأن هي راضية فاهمني !
, _ أماء ريان رأسه بتفهم ثم استأذن خالد وغادر لكي ينهي أعماله المتراكمة عليه بينما عزم ريان علي التحدث معها أولاً وبعد ذلك يأتي كما هو مُقدر لهم ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ انتقت بعناية من إحدي قميصان نومها أكثرهم جرائة وارتدته ، وضعت بعض المساحيق التجميلية التي برزت جُرأة ملامحها الأنثوية ، كما ارتدت بعض الحلي وأخيراً وضعت قدراً كافي من العطر المفضل لزوجها ، وقفت أمام باب غرفتها وتعمدت أن تشد قميصها للاسفل قليلا لكي يبرز قوامها ،
, _ أدارت مقبض الباب وهي تسحب نفساً عميقا ثم سارت بدلال بالقرب من زوجها الجالس علي الأريكة بمفرده ، وصلت إليه وانحنت بجسدها بالقرب من شفتاه ووضعت قُبلة رغم رقتها إلا أنها هزت كيانه ، فتح عيناه الموصدة فتفاجئ بمظهرها هذا أمامه ،
, _ اعتدل هاني في جلسته وقال في إنكار لما تفعله :-
, _ انتي ازاي خارجة هنا بشكلك ده ؟
, _ تنهدت رنا وجلست علي قدميه وتعلقت في عنقه وأردفت بدلال :-
, _ عمي ماهر نايم ويحيي مش هنا مفيش غيرك !
, _ أبتسم هاني بسخرية وقال بتهكم :-
, _ رضيتي عني يعني ؟
, _ تصنعت رنا الحزن وهزت رأسها برفض لما يقوله وأردفت معاتبة :-
, _ وانا من امتي مكنتش راضية عنك ، بس العلاقة اللي بتزيد مشاكلها لازم يبقي فيه إستراحة في النص عشان نعرف نكمل تاني فهمت !
, _ تنهد هاني بحرارة وحاوط خِصرها بذراعيه ونهض وهي لازالت متشبثة به كما لفت هي قدميها خلف ظهره حتي يسهل عليه حملها ، ولج بها داخل غرفتهم وألقاها علي الفراش لكنها أسرعت بالقول :-
, _ استني بس عايزة أتكلم معاك في حاجة مهمة ..
, _ تنهد هاني بضجر ثم قال متسائلا :-
, _ في ايه ؟
, _ اعتدلت رنا في جلستها وقالت بميوعة :-
, _ قعدتك في البيت مش حلوة يا هاني
, _ رفع هاني حاجبيه بغرابة وأردف متعجباً :-
, _ قولتيلي امشي من الاوضة وسبتها وبنام برا كمان عايزاني أسيب البيت كله ..
, _ أسرعت رنا موضحة مقصدها :-
, _ لا لا مش قصدي اللي أنت فهمته ده خالص ، أنا بتكلم عن الشغل انت بقالك كتير قاعد ومعتمد علي أخوك لحد ماهو عمل توكيل لخالد وانت لأ وده لأنك مش موجود وعلي طول في البيت ، انت لازم تصلح اللي بوظته وتنزل الشغل وتقرف خالد تخليه يكره اليوم اللي اتعمله فيه توكيل وقتها بس هيتنازل لريان عن التوكيل وبعد كده ريان مش هيلاقي حد غيرك قدامه يعمله توكيل ماهو معتش فاضي للشغل بقا كفاية عليه مرتاته ..
, _ عقد هاني ما بين حاجبيه واردف متسائلا بحيرة :-
, _ وانتي مهتمة بالموضوع ده ليه يعني ؟
, _ أجابته رنا بتلقائية :-
, _ عشان نعيش بقا إحنا أولي من الغريب اللي مسكه أملاكه ده ..
, _ اقترب منها هاني وقال بين قُبلاته التي يلثمها علي ثغرها الصغير :-
, _ ركزي انتي معايا بس الوقتي ونشوف الموضوع ده بعدين ..
, ٣٧ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ مالك يا عم يا يحيي شايل طاجن ستك ليه ؟
, _ أردف بها شريف أحد رفاق يحيي ، بينما تنهد يحيي بضجر بائن عله يخرج اختناق صدره مع خروج الهواء لكنه فشل ..
, _ استدار إلي شريف وأردف بحنق :-
, _ هو ليه **** بيدي ناس كل حاجة وناس تانية لأ ؟
, _ تعجب شريف من حديثه المبهم وتسائل بحيرة :-
, _ وانت ناقصك ايه ؟
, _ كز يحيي علي أسنانه بغضب واردف بعصبية :-
, _ ناقصني كتير ، ناقصني ٤ نقطة
, _ توقف يحيي من تلقاء نفسه عندما لم يجد ما ينقصه ، انفجر شريف ضاحكاً بسخرية وأردف :-
, _ عشان انت مش ناقصك حاجة عندك اخ بيحقق لك اللي بتتمناه من قبل ما تطلب ، والدك راجل طيب محترم ، دخلت الكلية الل كان نفسك فيها انت نفسك صحتك كويسة لا ناقص أيد ولا رجل إحمد **** يا يحيي عشان النعم اللي عندك متزولش ووقتها تندم أنك محمدتش **** ..
, _ تأفف يحيي وأردف لإقناعه بنواقصه :-
, _ البنت اللي حبيتها وهموت عليها قصاد عيني في حضن واحد تاني ..
, _ ابتسم شريف لتلك الصراحة التي يصرح بها للمرة الأولي ثم قال برزانة :-
, _ لو كانت نصيبك كنت هتاخدها مش لازم كل حاجة تمشي زي ما انت عايز أكيد في حاجات **** مش مقدر أنها ليك كنت سمعت قبل كده خطبة للشيخ الشعراوي بيقول إن رضيت يا عبدي بما قسمته لك أرحت لك قلبك وبدنك ، يعني أرضي انت والخنقة اللي فيك هتختفي وبعدين يا يحيي إحنا لسه صغيرين أوي علي الحب والهبل ده انت لسه وراك خمس سنين جامعة وجيش يعني قدامك كتير اوي ركز في دراستك اللي حلمت بيها وبس ..
, _ زفر يحيي أنفاسه بضيق شديد وأردف بيآس :-
, _ مش عارف مش عارف طول ما هي قدام عيني مش هقدر اركز في حاجة حاسس ان حياتي وقفت عليها !
, _ اقترب منه شريف ولكزه بقوة في ذراعه وقال بمزاح :-
, _ ده انت وقعت ولا حد سمي عليك يا عراقي يا صغير
, _ نفخ يحيي بضجر بائن ونهض بتذمر :-
, _ أنا غلطان اني بتكلم معاك في حاجة انا ماشي سلام ..
, _ أسرع شريف خلفه بخُطي سريعة وأجبره علي الوقوف وردد بغرابة :-
, _ في ايه يا يحيي انت قافش كده ليه ما تروح تقولها أنك بتحبها وتخلص وهي لو عايزاك هتسيب اللي معاها وتجيلك بسيطة يسطا ..
, _ سحب يحيي ذراعه من قبضتي صديقه واجابه بفتور :-
, _ مينفعش اقولها كده وحتي لو سابت اللي معاها مينفعش أقرب منها الموضوع متقفل من جميع النواحي عشان كده انا مخنوق ولازم أنا اللي انساها بس مش عارف ..
, _ قطب شريف جبينه بغرابة من حديثه المبهم واردف بعدم فهم :-
, _ الموضوع شكله ملعبك ( معقد ) وعايزله قاعدة تعالي احكي لي علي رواقة وانا اشوف لك حل ..
, _ أماء يحيي رأسه برفض ثم أولاه ظهره وأردف بيأس :-
, _ أنا ماشي ، سلام
, _ وضع شريف كلتي يديه في منتصف خصره متعجباً من حالة صديقه الذي يراه عليها للمرة الأولى ، تنهد بإستياء وعاد بأدراجه الي المقهي الذي يعود إلي والده ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, فتح باب شقته وولج إلي الداخل بهدوء حتي لا يُسبب لها الازعاج ، أغلق الباب برفق ومن ثم ذهب إلي المطبخ ليضع الحقائب البلاستيكية علي الطاولة الرخامية ، لكنه تفاجئ بوقوفها في المطبخ بزيها النحاسي طويل القامة ذو أكتاف عريضة ( سلوبت ) ، رافعة شعرها للأعلي منسدل منه بعض الخصلات الشاردة ، ناهيك عن رائحة عطرها الرائع الذي تغلغل داخل أنفه ،
, _ وقف ريان مستند بمرفقه علي الباب يتفحص تقاسيمها المُهلكة التي تبرز خلف ذاك الثوب ، لقد فقد عقله قبل أن يري وجهها ، إذا ماذا سيحدث له ان استدارت إليه ؟!
, _ حمحم ريان ليعلن عن وصوله ، فزعت عنود من صوته الذي صدح فجاءة ، اعتدلت في وقفتها واستدارت إليه ليتفاجئ بالحُسن والدلال الذي يتحدث عن نفسه ، رقة مبالغة وخصيصاً عندما وضعت بعضاً من مساحيق التجميل ذات الألوان الفاتحة التي برزت معالمها عكس الوجه البرئ التي تتمتع به ،
, _ شكلت ابتسامة علي ثغرها واقتربت منه وفاجئته بقُبلة رقيقة كـرقتها علي وجنته ثم رحبت به :-
, _ حمد لله علي سلامتك !
, _ بالتأكيد يحلم ! أوصد عيناه وفركهم بشدة ثم فتحهم ليري الوضع كما هو عليه ، واقفة أمامه مُشكلة ابتسامة آذابت قلبه ،
, _ هز رأسه بعدم تصديق وأردف ببلاهة :-
, _ ايه ده ؟
, _ اتسع ثغرها بإبتسامة عريضة وأردفت وهي تشير بيدها إلي الصحون الموضوعة علي الطاولة الرخامية :-
, _ ممم هتاكل النهاردة من ايدي !
, _ أبدي ريان إعجابه الشديد لترتيب الصحون بصورة منظمة لم يسبق وأن رآها من قبل ، ناهيك عن عدم قدرته لمعرفة نوع الطعام ، هز رأسه بعدم إدراك وأردف :-
, _ هو شكله يفتح النفس بس ايه ده برده عبارة عن ايه يعني ؟
, _ إلتمعت عيناها بحيوية وأردفت بحماس :-
, _ دي باستا فوتشيني بالكريمة آكلتي المفضلة وواثقة أنك هتحبها !
, _ أجابها ريان بعفوية :-
, _ أنا حبيتها خلاص ، أقصد يعني أكيد حلوة عشان من ايدك !
, _ أبتسمت بسعادة وأردفت بحدة زائفة :-
, _ أنا مش بحب الـ Compliments ( المجاملات ) قولي رأيك الحقيقي ..
, _ أماء رأسه بالايجاب فتابعت هي مضيفة :-
, _ في طبق زيادة ممكن تنزله لـ Uncle ماهر
, _ ضيق ريان عينيه عليها وهتف بتردد :-
, _ ممم آنكل ماهر هيكون في سابع نومه الوقتي عموماً هاتي لو لقيته نايم يبقي الطبق من نصيب يحيي ..
, _ اومأت رأسها بالقبول بينا هم ريان بالهبوط للاسفل لكي يفعل ما قاله بينما وضعت هي الصحون علي المائدة وجلست قيد انتظار عودته ..
, _ كما توقع تماماً لقد غفي والده باكراً ، كما لم يجد يحيي أيضاً ، تنهد بضيق وعاد بأدراجه للخارج فتقابل مع يحيي علي الدرج ، ابتسم بحيوية وأردف :-
, _ كويس اني لقيتك أكيد مأكلتش حاجة !
, _ رمقه يحيي كثيراً بندم شديد ، يبادر ريان دوماً بالعطاء ولا ينتظر رده ، فقط يعطي ويبهره حتي في اقل أفعاله ، وهو ماذا فعل ؟! يفكر بزوجته ! يجدر عليه وضع حد لهذا الوضع السخيف فليس علي استعداد لخسارة أخيه من أجل امرأة أو غيرها ..
, _ ابتسم يحيي بتهكم واخذ الصحن منه وأردف ممتناً :-
, _ شكراً
, _ غمز ريان إليه ثم ركض إلي الاعلي ليتمتع قليلا بالاجواء التي فاجئته هي بها ، ولج الي الداخل وشاركها المائدة ، بدت الأجواء مليئة بالخجل والرغبة كما خُلق أمل في قلب ريان نحوها ..
, _ مر القليل ثم وجه ريان بصره عليها وقال وهو يستمتع بتذوق الطعام :-
, _ طعمها جميل تسلم ايدك
, _ دقت اسارير السعادة قلبها وارتسمت ابتسامة خجولة علي محياها وقالت ممتنة :-
, _ Thanks ..
, _ أنهي صحنه بالكامل وانتظر حتي أنهت هي طعامها ثم تسلل بيده إلي أن احتضن يدها الصغيرة الموضوعة علي المائدة ، ابتلع ريقه مراراً في محاولة منه أن يصرح بحبه لها لكنه لا يستطيع ،
, _ هدئ من روعك يا رجل الأمر ليس بتلك الصعوبة ، انها فقط كلمة ليس إلا !
, _ سحب نفساً عميق وفتح فاهه لينطقها ، لكن لا تريد الخروج وكأنها انحشرت بداخله ، استشفت عنود الصعوبة الذي يواجهها هو وأسرعت هي بالحديث مصرحة بمشاعرها :-
, _ ريان I love you ..
, _ اتسعت مقلتيه بذهول وشد علي يدها عله يصدق ما صرحت به لتوها ، سحب أكبر قدر من الأكسجين وأردف بعدم تصديق :-
, _ قولتي ايه ؟
, _ تحول لون وجهها الي الحُمرة الصريحة وأعادت ما أردفته الآن :-
, _ I love you ريان
, _ نهض ريان من علي مقعده وجذبها من ذراعها ومال برأسه أمام شفتاها قائلا بصوته الأجش :-
, _ قوليها تاني !
, _ اضطرت عنود علي محاوطة عنقه بذراعيها لكي لا تقع أثر تشبثه القوي بها كما وقفت علي قدمه وأعادت قول اعترافها الجرئ للمرة الثالثة لكن تلك المرة كانت بدلال مبالغ :-
, _ I love you
, _ لقد جن جنونه من خلف نبرتها الرقيقة التي تنطقها بدلال لم يخوضه معها من قبل ، تنهد وهمس أمام شفتاها :-
, _ قوليها عربي ..
, _ ابتلعت ريقها بخجل وخصيصاً عندما ضمها أكثر لحضنه شعرت حينها بنبضاته أمام قلبها ، جمعت قواها وأردفت بنبرة متحشرجة خجولة :-
, _ بحبك ريان !
, _ دقت طبول السعادة قلبه لإعترافها بحبه بل كانت تتراقص نبضاته علي سيفمونية ذاك الاعتراف ، ضمها لحضنه وعانقها بقوة يريد أن يدخلها بجوفه ،
, _ بعد برهة رفعها ريان قليلا عن قدمه ثم سار بها بتريث نحو الغرفة ، ركل الباب بقدمه وولج إلي الداخل وهي لازالت متشبثة به بقوة ،
, _ مال بها ريان علي الفراش ورمقها بنظرات تملئها الرغبة وحاول أن يصرح بحبه ، لكن الكلمة ثقيلة ولا تريد الخروج ، تنهد بضجر بائن فأسرعت هي في جذب وجهه نحوها لكي لا يُصعِب الأمر علي نفسه ،
, _ لقد كانت متفهمة لأبعد حد غيرها كان سيرفضن أي تودد في علاقتهم لطلاما لم يصرح الرجل بحبه ، لكنها تفهمت صعوبة الأمر الذي يقع به ، وها قد انجرف معها ريان في تيار حبهم الذي أخذ وضعه الآن ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ نهض من المقعد بعصبية وألقي الهاتف بإندفاع علي المكتب ، أوصد عينيه يحاول كبح غضبه ,
, _ شهيق وزفير فعل خالد ثم جذب الهاتف مرة أخري وهاتف ريان ..
, _ جاب الغرفة ذهاباً وجيئا للمرة العاشرة علي التوالي وهو لا يجيبه ، تنهد بضجر اكبر وأعاد مهاتفته مرة أخري عله يجيب تلك المرة ،
, _ بينما أجبرته عنود علي الابتعاد عنها قائلة :-
, _ موبايلك بيرن رد عليه أكيد في حاجة مهمة ..
, _ أزفر ريان أنفاسه بضيق ومن ثم نهض وهو يتأفف بعدم قبوله لإبتعاده عنها ، أجاب صديقه بصوت متحشرج :-
, _ في ايه يابني ؟
, _ توقف خالد مكانه وأردف بعدم صبر :-
, _ في مصيبة حصلت
, _ عقد ريان حاجبيه ومرر أنظاره سريعاً علي عنود ثم دلف للخارج ، وقف بمنتصف الردهة وتسائل بتوجس :-
, _ في ايه ؟
, _ المينا وقفت حاوية الخشب اللي جاية من ألمانيا ولقوا فيها مواد مخدرة ، عادل زميلي لسه قافل معايا ومبلغني وهو بيحاول يعطل الموضوع علي قد ما يقدر لما نروح إحنا نشوف حل ..
, _ وضع ريان إحدي يده خاف رأسه بذهول متمتاً بعدم تصديق :-
, _ مخدرات ايه انا ناقص مخدرات !
, _ أزفر كليهما أنفاسهم بعدم استيعاب لما يحدث ، ثم أردف ريان بقلة حيلة :-
, _ أنا جاي لك حالا ..
, _ أغلق الهاتف وقد تحولت تعابير وجهه إلي الضيق الشديد ، سحب نفساً عميق وعاد الي الغرفة مرة أخرى ، اعتدلت عنود من نومتها ورمقته بتوتر تحول تدريجياً إلي خجل صريح عندما رأته يغلق أزرار قميصه ،
, _ جلس ريان علي طرف الفراش بالقرب منها وأمسك يدها وهتف موضحاً :-
, _ أنا آسف بس مضطر أمشي في مشكلة حصلت في الشغل ولازم أسافر لها حالا ..
, _ اتسعت مقلتيها بصدمة وتمتمت بذهول :-
, _ تسافر !
, _ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة لم تتعدي شفتاه وشد علي يدها حتي يطمئنها :-
, _ مش سفر بمعني سفر يعني ساعتين رايح وساعتين جاي بس **** أعلم هقعد قد ايه هناك ، ادعيلي ..
, _ بادلته إبتسامة عكس ما تشعر بداخلها ، تريد أن تتشبث به وترفض سفره لأي مكان ، لن تتحمل خسارة أخري حتماً ستنهار تلك المرة ،
, _ نهضت برفقته إلي أن وصلا إلي الخارج ، مال ريان برأسه عليها ووضع قُبلة علي شفتاها وأردف :-
, _ خلي بالك من نفسك ..
, _ بينما بادلته هي عناق قوي وأماءت رأسها بطاعة وأردفت بنبرة متوترة :-
, _ استودعتك **** الذي لا تضيع ودائعه .
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44 و wagih
٢٣


لا لا سيب عربيتك هنروح بعربية واحدة
, _ هتف بها ريان بنبرة تميل للاختناق بينما رحب خالد بإقتراحة ..
, _ حرك ريان السيارة بصُحبة صديقه وصاح غاضباً :-
, _ أنا عايز أفهم يعني ايه لقوا مخدرات ؟ دي عمرها ما حصلت مين اللي يتجرأ يعمل كده معايا ؟
, _ هز خالد رأسه في إنكار تام لما يحدث وأردف بصوت مختنق :-
, _ مش عارف ، عادل كلمني وقالي وقعوا في أيدي ومش عارف يعمل حاجة عشان كده كلمني ..
, _ ضرب ريان الطارة بعصبية شديدة وهتف من بين أسنانه المتلاحمة :-
, _ الموضوع ده وراه حاجة ، مبقاش ريان أن ماكان حد ورا اللي بيحصل ده ..
, _ استدار خالد إليه بأعين لامعة وأردف بتوجس :-
, _ ريان انت هيكون معاك كل الحق لو فكرت اني عملت كده مهو مش معقولة يحصل كده في الوقت الي أنا أكون مسكت فيه كل حاجة بس و**** العظيم أنا ماليا دخل في الحوار ده !
, _ رمقع ريان شزراً وصاح به مندفعاً :-
, _ ايه اللي انت بتقوله ده انت كمان مش ناقصاك و**** اسكت احسن ..
, _ اعتدل خالد في جلسته وتابع الطريق علي آحر من الجمر ، بينما كان يسحق ريان أسنانه بغضب وأقسم بألا يرحم من وراء تلك الحماقات ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ أنهت صلاتها ورفعت يديها للأعلي بنبرة متوسلة :-
, _ اللهم يا حنان يا منان استودعتك زوجي فاحفظه من كل شر وسوء ، اللهم بحق قدرتك وعظمة وجهك الكريم فك كربه وفرج همه وحل عقده ويسر امره وارجعه لي سالم معافي اللهم امين ..
, _ آمنت علي دعائها ثم نهضت وطوت سجادة صلاتها ووضعتها علي حافة الأريكة ومن ثم جلست عليها تستغفر ربها علي أصابها ،
, _ استغفر **** العظيم الذي لا اله الا هو الحي القيوم و اتوب اليه ..
, _ أستغفر **** العظيم عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
, _ استغفر **** العظيم عدد ما كان وعدد مايكون وعدد ما سيكون وعدد الحركات وعدد السكون
, _ أزفرت أنفاسها بحرارة ، ربما يطمئن قلبها إن سمعت صوته التي باتت تعشق نبرته ، تنهدت ومن ثم جذبت هاتفها وهاتفته علي الفور وهي تجوب الغرفة ذهاباً وجيئا بإرتباك ، تصلبت مكانها عندما أجابها بنبرة لم تعتادها من قبل :-
, _ الو ..
, _ ابتلعت ريقها بإرتباك خجل وأردفت بنبرة حنونة :-
, بطمن عليك انت كويس صح !
, _ أجابها بنبرة محتقنة هادئة :-
, _ أنا كويس
, _ تقوس ثغرها بإبتسامة باهتة وأردفت بتهكم :-
, _ طمني عليك علي طول ..
, _ أجابها ريان بنبرة سريعة مختصراً :-
, _ تمام ..
, _ أغلق الخط وتابع قيادته بتركيز بينما جلست عنود علي فراشها وهاتفت صديقها هالة التي تلقت منها مكالمات عديدة ولم تجيب علي أياً منهم ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ بس يا هلول دي الحكاية كلها
, _ أنهت عنود حديثها بتلك الجُملة لتسرع هالة في الحديث بعدما أصدرت شهقة قوية :-
, _ كل ده يحصلك وانا معرفش ، أنا كنت حاسة أن في حاجة بس متوقعتش أنك تكوني تعبانة كده
, _ أبتسمت عنود وأردفت ببعض الراحة :-
, _ الحمد لله Iam fine Now
, _ هزت هالة رأسها في إنكار شديد وأردفت بحدة زائفة :-
, _ هتيجي بكرة ؟
, _ تذكرت عنود ذهاب ريان ، هل ستذهب من دونه ؟ لا تدري ربما يعود قبل ميعاد ذهابها للجامعة ، تنهدت وهي تجيبها بتهكم :-
, _ أن شاء**** هاجي ..
, _ أغلقت هالة الخط بعدما اطمئنت علي صحة صديقتها ومن ثم شرعت في النوم بينما لم يغمض لعنود جفن قبل أن تطمئن علي ريان برؤيته أمامها بخير خالي من اي مكروه ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, بعد مرور ساعتين ..
, _ أنا عايز افهم الحاجة دي دخلت هنا ازاي ، مين اتجرأ إنه يحط حاجة زي دي عندي ؟ ده لإما حد قريب مني وعاملي فخ لإما يبقي عبيط ومش عارف انا مين!
, _ صاح بهم ريان مندفعاً وتكاد تنفجر عروق عنقه من فرط غضبه بينما أجابه عادل ( موظف الميناء ) بنبرة مهزوزة متوجسة خيفة منه :-
, _ يا ريان بيه أنا معرفش حاجة ، العمال كانت بتأمن علي الحاوية زي ما بنعمل لقو الحاجة دي موجودة فأنا خدتها من وراهم وكدرتهم ( أجبرهم علي السكوت ) بكلمتين علي لما حضرتك تيجي ونشوف حل في الموضوع ده !
, _ اقترب منه ريان وأردف محذراً :-
, _أنا مش بيه انا اسمي المعلم ريان ، ومش خايل عليا الحوار الفكسان ده ، أنا عايز اشوف كاميرات المكان
, _ ازدرد عادل ريقه بتوجس منه وتراجع للخلف بخُطي متهملة ، ابتلع ريقه في محاولة منه علي مواصلة الحديث وأردف بنبرة متلعثمة :-
, _ يا معلم ريان اللي انت هتعمله ده هيفتح عليك سين وجيم وممكن الحكومة تدخل أنا خايف عليك !.
, _ هز رأسه بإنكار وهو يضع يديه في منتصف خِصره مُشكلاً ابتسامة متهكمة :-
, _ هو هيتفتح سين وجيم عليا أنا ولا عليك , نفذ اللي بقولك عليه وانت ساكت ..
, _ مرر عادل بصره بينهم بإرتباك بينما اقترب خالد من ريان وهمس إليه محذراً بنية حسنة :-
, _ ريان الراجل ده معاه حق إحنا بدل ما هنحل المشكلة هنقع فيها يا ابن الناس اهدي وفكر بالعقل ، إحنا نراضي الراجل ده بقرشين ويا دار ما دخلك شر ..
, _ رمقه ريان شزراً وأردف بتجهم :-
, _ ماهو ده اللي هو عايزه ، بس ده بعينه أنا محدش يلعب عليا ..
, _ عقد خالد ما بين حاجبيه بغرابة وتسائل بعفوية :-
, _ يعني ايه ؟!
, _ سحب ريان نفساً عميق وقال يإختصار وهو يرمق عاد باحتقار :-
, _ تعالي معايا بس وانت هتعرف أنا قصدي ايه ..
, _ لم يخضع ريان لتوسلات عادل مبرراً سبب رفضه خوفاً علي مصلحته ، لا يدري عادل أن بتصرفاته التي يفعلها يزيد الشكوك حوله ، بينما هاتف ريان أحدهم ثم سار معهم في هدوء تام ..
, _ وصلا ثلاثتهم إلي غرفة المراقبة وافرغ ريان بنفسه الكاميرات وتفاجئ الجميع بعدم وجود مشاهد أثناء تفتيش الحاوية الخاصة بريان ، رفع ريان جسده عن الحاسوب وصفق بيده مُبدي إعجابه :-
, _ لا برافوا عليك عرفت تلعبها صح ..
, _ اتسعت حدقتي عادل بصدمة وتمتم بإرتباك :-
, _ ألعب ايه انت تقصد ايه ؟
, _ نفخ ريان بضجر بائن كما ضرب بقضبته علي الطاولة وصاح به هدراً :-
, _ لا بص بقا يا روح امك أنا ساكت وهادي عشان عارف ان ده ملعوب وياريته من واحد قذر لأ ده من واحد عبيط ومفكر أنه هيقدر يلوي دراعي بالحبتين اللي ميخيلوش علي عيل صغير ، بس انا همشي معاك للاخر وجبيلي العامل اللي لقي الشنطة دي حالا ..
, _ مرر عادل أنظاره بينهم بتوتر لكنه تماسك قدر المستطاع وأردف بعصبية حادة :-
, _ آه دا انتوا عايزين تلبسوهالي بقا ..
, _ أمره خالد بنبرة رزينة لكنها لم تخلوا من الحدة :-
, _ اسمع كلامه لإما هنلبسهالك بجد !
, _ ازدرد الرجل ريقه بصعوبة وشعر بغصة مريرة في حلقه واردف بتلعثم :-
, _ بس الراجل اللي انتوا عايزينه مشي , ورديته خلصت وجه مكانه راجل تاني ..
, _ لقد جني علي نفسه ذاك المختل الذي لا يدري مع من يتعامل ، لقد بلغ ريان ذروة تحمله ولم يشعر بيده الذي انقضت علي الرجل وامسكه من تلابيب قميصه وصاح به بنبرة اهتزت لها أرجاء الغرفة :-
, _ الساعة ٣ الفجر والورديات هنا من ١٢ لـ ١٢ وانت مكلم خالد من ساعتين بالظبط أنا مختش في الطريق ساعة ونص يعني الراجل لسه هنا ، هتطلع تجيبهولي يروح أمك ولا اتعامل ميري ؟
, _ دفع عادل ريان بكل ما أوتي من قوة وصاح به مستاء :-
, _ انت اللي هتروح في الكلابوش ( السجن ) أنا مجرد موظف كان بيشوف شغله ووقع في أيده مخدرات وعشاني موظف أمين بلغت صاحب الحاجة ولما تطاول عليا بلغت عنه ، يعني أنا في السليم وانت اللي هتلبسها يااا.. معلم ريان ..
, _ نطق آخر جُملته ساخراً من شأن ريان بينما ردد خالد بعدم تصديق :-
, _ يعني انت اللي عملت كده ؟
, _ تعالت ضحكات عادل بتهكم علي سذاجة خالد وأردف بثقة :-
, _ لو ثبتوني بفلوس من اللي انتوا غرقانين فيها الموظف الأمين اللي جوايا هيرمي الحاجة برا وترجعوا لحياتكم من غير شوشرة إنما بقا لو لوعتوني ( جدال ) هنسلم الحاجة للحكومة وهي تتصرف بمعرفتها
, _ صعق خالد مما يبوح به ذاك المختل وأردف بثقة :-
, _ وانت فاكر أن ممكن ريان العراقي بجلالة قدره يتسجن !
, _ قهقه عادل ساخراً واجابه بتمكن لدراسة ما نوي فعله جيدا :-
, _ الضربة اللي متصبش تدوش ، في الحالتين انتوا اللي هتطلعوا خسرانين !
, _ انفجر ريان ضاحكاً واقترب من خالد ولكزه في ذراعه مستاءً من سذاجة ذاك الرجل واردف بثقة وتعالي :-
, _ مش قولتلك الملعوب ده هيطلع من واحد عبيط مش عارف أنا مين ، عموماً Good luck يا دولا هتوحشني و**** ..
, _ قطب عادل جبينه بعدم فهم ، لكنه فهم ما رمي إليه ريان عندما داهمت شرطة المينا الغرفة بعد سمعاهم اعترافه الصريح بدس المخدرات في حاوية ريان كما يبتزه أيضا بكل وقاحة ، رمق عادل ريان ببغض شديد وأردف بحنق :-
, _ حسبي **** ونعم الوكيل فيك
, _ سحق ريان أسنانه بغضب ونظر الي خالد الذي تملكته الصدمة الممزوجة بالذهول ، وضع ريان يده علي كتفه وأردف :-
, _ يلا أكيد هيحتاجونا في القسم ..
, _ استدار إليه خالد متمتاً بعدم تصديق :-
, _ إزاي يعمل كده ؟ ازاي يخون ثقتي فيه ؟ هيقول ايه لمراته وعياله ؟ آخرته هيكون رد سجون !
, _ تقوس فم ريان بإبتسامة متهكمة وهتف بقلة حيلة :-
, _ هو اللي اختار كده هنعمله ايه يعني ؟
, _ هز خالد رأسه مراراً في إنكار شديد رافضاً لما حدث وأردف بعصبية :-
, _ ريان أكيد مش هتسجنه ، عنده عيال حرام يتشردوا ويتقال عن ابوهم رد سجون ، أنا عارف مراته شخصياً بجد ست محترمة جداً ليه تتعاير بجوزها ؟
, _ تجمد ريان في مكانه بعدما كان يسير خلف رجال الأمن ، استدار ونظر الي خالد بتعجب :-
, _ انا كان ممكن اكون مكانه ومسجون بتهمة تجارة المخدرات بسبب واحد انتهازي مفكرش في عياله ومراته وكان عايز يطلع مني بأي مصلحة علي سبيل حياتي وسُمعتي ، وانت عايزاني اتنازل عن حقي وابقي ملطشة للكل اي حد عايز يعمل حاجة يعملها وهو مطمن عشان ضامن اني مش هاخد حقي ، أنا آسف يا خالد بس هو غلط ولازم يدفع تمن غلطته ..
, _ أنهي ريان جملته بغضب شديد وهرول مسرعاً نحو سيارته ، تبعه خالد وركب معه في صمت طال إلي وصولهم لمركز الشرطة حتي ينيهان الإجراءات القانونية اللازمة ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ أشرقت الشمس معلنة عن بدء يوم جديد ، فركت عنود عينيها الذي تسلل إليها ضوء الشمس ، اعتدلت في جلستها فتفاجئت أنها غفت بلا وعي منها علي طرف الفراش ، نهضت مسرعة وجذبت هاتفها ربما تلقت مكالمة من ريان ولم تسمعها ، لكنه لم يتصل بها !
, _ مدت شفتاها السفلي للخارج بحزن ، وبادرت هي بالاتصال عليه ، تنهدت بضجر وانتظرت إجابته بفروغ الصبر ،
, _ لم يرد عليها ، حتماً حدث مكروه له ، ضربت رأسها رافضة ظنها السوء ب**** ، بالتأكيد هو بخير ومنشغل في حل مشاكله ليس إلا ..
, _ ولجت داخل مرحاض غرفتها وتوضأت لكي تؤدي **** الفجر ، ارتدت ثوب فضفاض مخصص للصلاة ثم تذكرت أنها أدت **** الفجر بالفعل ، ابتسمت ثم شرعت في أداء ركعتان لله حتي يطمئنها علي من باتت قلقه بشأنه ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ حطيتها تحت البيت زي ما قولتلك ؟
, _ قالها ريان بنبرة تريد إنهاء المكالمة ليجيبه الطرف الاخر بالايجاب بينما أردف ريان أمراً :-
, _ تمام سيب المفتاح وأوراقها مع البواب وانا لما هرجع من مشواري هظبطك ..
, _ أنهي المكالمة ومن ثم قام بمهاتفة يحيي ، انتظر لبرهة ثم استمع لصوته الناعس :-
, _ الو ..
, _ أسرع ريان في الحديث عندما نادي عليه أحد العساكر بصوت جهوري حيث أماء له بالطاعة وواصل حديثه المسترسل قائلا :-
, _ فوق كده وركز معايا هتلاقي عربية چيب تحت زي عربيتي ورقها ومفاتحها مع عم جلال ، عملتلك توكيل برخصتي علي لما تطلع الرخصة بتاعتك ، وصل عنود وانت رايح الكلية ومتخليهاش تمشي لوحدها ، سامعني يا يحيي اوعي تخليها تمشي لوحدها ، سلام ..
, _ أسرع يحيي بالحديث عله يفهم شئ مما قاله :-
, _ استني يا ريان مش فاهم حاجة !
, _ لكنه قد أغلق الخط قبل أن يصغي لحديث أخيه ، تنهد يحيي بإزدراء وولج داخل شرفة غرفته فتفاجئ بالسيارة ذاتها التي اخبره عنها مصفوفة بالاسفل ..
, _ سحب نفساً في محاولة منه علي استيعاب الأمر لكنه لم يجمع شتات الأمور وقرر الهبوط للاسفل لكي يفهم حقيقة الأمر ..
, _ جذب يحيي معطفه الصيفي وقام بإرتدائه وهو يهبط علي الدرج بخطوات معروفة ، وقف أمام البوابة الرئيسية للمنزل يستنشق أنفاسه المضطربة ..
, _ ركض نحو الحارس واردف من بنبرة متلعثمة :-
, _ عم جلال ريان قالي٣ نقطة
, _ ابتسم جلال ببشاشة وناوله الاوراق قائلا بنبرة مبهجة :-
, _ أيوة اهم يا بشمهندس اتفضل ..
, _اخذهم يحيي علي محمل السرعة وبدأ بقراءة الاوراق ورقة تلو الأخري ، لم يصدق بصره بالتأكيد يحلم ، أعاد قراءة الأوراق مراراً ربما يتأكد مما يقع أمام مرأى عينيه ، رفع بصره علي الحارس وقد إلتمعت عيناه بوميض الذهول الممزوج بالسعادة وأردف بعدم تصديق :-
, _ ده بجد!
, _ قطب الحارس جبينه في محاولة منه علي فهم ما يقول وأردف متسائلاً :-
, _ فرحني معاك يا بشمهندس ؟
, _ تقوس ثغر يحيي بإبتسامة عريضة وأردف بسعادة عارمة :
, _ افرحك بس ده انا هفرح الحتة كلها ، أنا بقيت صاحب عربية چيب آخر نوع نزل !
, _ أوصد يحيي عيناه وفتحهم وهو يبحث ببصره علي حبيبته التي سكنت فؤاده من قبل أن يراها إلي أن وقع بصره عليها ، اتسع ثغره بحماس جلي وركض مهرولاً نحوها كـالطفل الصغير ، تحسسها بإهتمام الي أن وصل إلي الباب المجاور لمقعد السائق ،
, _ سحب نفساً عميق وفتحه برفق بالمفتاح الموضوع بين الأوراق ثم ألقي نظرة سريعة علي الحارس مُشكلاً ابتسامة متعالية وكأنه أحد رجال الأعمال ، استقل في مقعده ولازال لا يصدق أنه بات مالكها الوحيد
, _ تنهد بحرارة ثم شغل محرك السيارة وقادها ببطئ ثم أعادها لوضعها مرة أخري ، ترجل منها وتوجه نحو الحارس والسعادة تعمي عينيه وأردف مازحاً بغرور :-
, _ ليك عندي فسحة انت والمدام في العربية الجديدة ياعم أبسط
, _ قهقه جلال عالياً واردف من بين ضحكاته :-
, _ مبروك عليك يا بشمهندس انت تستاهل كل خير **** يباركلكم في المعلم ريان اللي دايما مفرحكم ..
, _ اختفت ابتسامة يحيي تدريجياً وتحولت ملامحه الي الضيق الشديد ، رمقه بنظرات تحمله اللوم كأنه ارتكب جريمة ، ازدرد ريق يحيي وهو يحاول أن يبلل حلقه الذي جف فجاءة ؛!
, _ أولي يحيي ظهره للحارس وصعد للاعلي مطأمطأ الرأس هزيل ، ولج داخل المنزل ومن ثم إلي غرفته ، جلس علي فراشه يلوم ريان علي أفعاله الودودة معه ، كأنه يحثه علي تأنيب ضميره بطريقة غير مباشرة ،
, _ كيف سيعيش علي هذا الذنب الذي اقترفه في حق أخيه لطلاما لم يري منه سوء ، كيف سيقف أمامه وهو مخطئ ؟ بأي وجه سيتعامل معه بهذا النفاق الذي بداخله !
, _ لكن ليس ذنبه ، لم يقع في حبها بإرادته بل لعب الشيطان لعبته لكي يقع في براثينه ويخسر أخيه ، لكن لا سيرغم نفسه علي نسيانها حتي وان كلف الأمر حياته ، فليكلف ما يكلف لن يتحمل خسارة أخيه مطلقاً ..
, _ نهض عازماً أمره علي نسيانها بشتي الطرق ، اتجه نحو خزانته وجذب ثياب تليق مع جامعته وسيارته الفخمة الحديثة ومن ثم دلف خارج المنزل ،
, _ تأفف بضجر عندما تذكر أنه لم يحصل علي رقمها الي الآن إذا كيف سيتواصل معها ؟
, _ رفع بصره للاعلي ثم صعد بالمصعد رغماً عنه فقط من أجل ريان ، طرق بابها وتنحي جانباً قيد انتظار ظهور طيفها وهو يحارب شوقه الذي ينتظر طلتها بفروغ الصبر
, _ كانت قد انتهت هي من ارتداء ثيابها عازمة علي الذهاب الي جامعتها يكفي غيابها لهذا القدر وبالتأكيد سيتفهم ريان موقفها ، سمعت طرقات الباب وأسرعت للخارج بخطي مهرولة علي آمل عودة ريان ..
, _ أدرات مقبض الباب وتفاجئت بـ يحيي يقف أمامها ، ارتخت ملامح وجهها بيأس قد لاحظه يحيي لكنه لم يعلق علي الرغم من شعوره بالضيق حيال ملامحها التي انعكست عندما رأته بالتأكيد كانت تظنه شخص آخر شخص مثل ريان !!
, _ كز علي أسنانه بغضب ومن ثم أردف بنبرة حادة :-
, _ ريان قالي أوصلك ..
, _ غضبه أعمي عيناه تماماً أن يسأل عن أخيه ، فقط يريد أن يختفي من أمامها بأقصي سرعة ، بينما أماءت له عنود بالايجاب ومن ثم جذب حقيبتها وتبعته نحو المصعد ،
, _ رمقها يحيي بغرابة عندما لم ترافقه للداخل وتسائل علي مضضٍ :-
, _ ادخلي عشان منتأخرش !
, _ سحبت عنود نفساً مُشكلة إبتسامة متهكمة وأردفت بنبرة مرتبكة خجولة :-
, _ أنا هنزل لوحدي عشان مينفعش نكون في مكان واحد مع بعض ..
, _ انتبهت لصوته الذي تحول للجدية ، وحدقت به بإرتباك ، عمق نظراته المشتعله متابعاً بفظاظة :-
, _ لأ وعلي ايه انا اللي هنزل ..
, _ تجمدت عنود في مكانها واقفة ، لكن حركت رأسها عفوياً معه الي اختفي طيفه من أمامها وأردفت بصوت خافت :-
, _ what's wrong? ( ما خطبه ؟ )
, _ حمحمت بخجل ثم ولجت للداخل وضغطت علي زر الهبوط ..
, _ وصلت للاسفل باحثة ببندقيتاها علي يحيي فرأته يقف مستند بمرفقيه علي سيارة فخمة تشبه كثيرا سيارة ريان ، اقتربت منه بخطي مهرولة وأردفت متسائلة بإهتمام :-
, _ هو ريان رجع ؟
, _ استدار إليها وحك مؤخرة رأسه وهو يتسائل بإهتمام :-
, _ رجِع منين ؟
, _ توردت وجنتيها من خلف نظراته المُسطلة عليها واجابته بنبرة متلعثمة :-
, _ في مشكلة حصلت في شغله وسافر يحلها ..
, _ لم يكن يحيي علي دراية بكل ما قالته وأمرها بهدوء وهو يسحب هاتفه من جيب بنطاله :-
, _ إركبي دي عربيتي ..
, _ أزفرت عنود أنفاسها بحرارة وأردفت بإرتباك خجل :-
, _ هو .. يعني احنا هنكون لوحدنا ؟
, _ أبعد يحيي الهاتف عن أذنه ورمقها بنظرات متهكمة وأردف ساخراً :-
, _ تحبي اجيب معانا عم جلال ولا ايه مش فاهم ؟
, _ استحت عنود بسبب نبرته الغليظة التي يتحدث بها ، ومن ثم هرولت إلي المقعد الخلفي بتذمر وجلست علي مضضٍ ،
, أين ريان ؟ لما أجبرها علي الذهاب مع هذا المتعجرف البغيض ذاك ،
, _ لم يجيب ريان علي أياً من اتصالته الواردة فقط يشعر بإهتزاز الهاتف في جيبه لكن لا يمكنه الاجابه أثناء سير التحقيقات ,
, _ نفخ يحيي بضجر بائن ثم فتح الباب بعصبية وشرع في قيادة السيارة ببطئ وتريث إلي أن دلف خارج منطقتهم ومن ثم زاد من سرعته بتمكُن ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ أنهت الفتاتان ثاني محاضرة لهن ثم جلسن في المقهي الجامعي ، فتحت عنود ذراعيها في الهواء لترتخي عضلاتها المشدودة كما مالت برأسها علي الجانبين مُصدرة صوت طقطقة عُنقها ،
, _ أخرجت هالة العديد من الحقائب البلاستيكية ووضعتها أمامهم علي الطاولة وأردفت مستاءة :-
, _ شوفتي خلصت اكسسوارات قد ايه امبارح ؟
, _ تفحصتهم عنود بعناية وأبدت إعجابها بتصميمهم الرائع وسئلتها بعفوية :-
, _ هتبيعهم ازاي ؟
, _ لوت هالة شفاها بحزن كما رفعت كتفيها للاعلي بقلة حيلة وأردفت :-
, _ مش عارفة !
, _ تنفست عنود ببطئ وهي تفكر في طريقة ما لبيع جميع تلك الاكسسوارات المذهلة ، وقع بصرها علي بعض الاخشاب الموضوعة جانباً كـ قطعة خرده ،
, _ أبتسمت بسعادة عندما جاب عقلها فكرة جيدة بعض الشئ ونظرت إلي هالة بحماس قائلة :-
, _ Come with me
, ( تعالي معايا ) ..
, _ نهضت وسارت بإتجاه الاخشاب ، تبعتها هالة وهي لا تعي وِجهَتَهُم ، وقفت عنود أمام الاخشاب مُشكلة إبتسامة علي محياها ، هزت هالة رأسها بعدم فهم :-
, _ انتي بتضحكي علي إيه وجيبانا هنا ليه ؟
, _ غمزت إليها عنود بتحدي ومن ثم رددت :-
, _ ساعديني وانتي هتفهمي ؟
, _ بدأت عنود في رفع الاخشاب ووضعها بطريقة مُبتكرة إلي أن شكلت طاولة ، حكت كفوفها في بعضهم البعض لتنظف يدها من بقايا الاتربة
, _ رمقتها هالة بإعجاب عندما استشفت الأمر ، اقتربت منها وعانقتها بحب قائلة :-
, _ انتي عظيمة !.
, _ ابتسمت عنود وبادلتها العناق ، تذكرت ريان عندما نهاها عن احتضان أُخريات ، ابتعدت عن هالة لكن بلُطف وأردفت لتبعد هالة عن أي تفكير في تبادل عناق آخر :-
, _ يلا حطي حاجتك ..
, _ انتهت هالة من وضع آخر حُلي علي الطاولة بمساعدة عنود الذراع الأيمن لها ، استدارت هالة ورمقت عنود بإمتنان شديد وقد إلمتعت عيناها بحب لتبادلها عنود نظرة حب صادقة تحثها علي إنهاء ما بدأه لتوهم ، ثم سارت نحوها ووقفت بجوارها ، أمسكت بيدها وشدت عليها قيد إنتظار أحد المشترين ..
, _ جائت إحداهن وأبدت إعجابها الشديد بالتصميمات وقامت بشراء ما جذب انتباها ، رفعت الفتاتان كفوفهن وضربن بأيدهم بسعادة قد غمرت قلوبهم ،
, _ في تلك الأثناء وصل ريان الي الجامعة بصُحبة خالد الذي تبادل معه القيادة ، صف خالد السيارة داخل الجامعة ثم ترجل منها ريان بتعب جلي علي تعابير وجهه ،
, _ هاتف عنود مراراً ولكنها لم تجيبه ، أعاد الاتصال بها وهو يبحث سريعاً بسودتاه عليها لعله يقع ببصره عليها ، تجمدت عيناه عليها عندما وجدها امامه في هذا الوضع السخيف !!
, _ لم يشعر بقدميه التي قادته بسرعة قصوة إليها ، شعرت هي بظل ضخم وقف أمامها فجاءة ، رفعت بندقيتاها عليه لتعرف هويته لكنها علمت بهويته قبل أن تنظر إليه ، رائحة عطره قد تغلغلت داخل أنفها واخبرتها بوجوده ..
, _ أسبلت عينيها بشوق كبير عليه بينما رمقها هو بنظرات معاتبة ، بدت أنفاسه مضطربة وهو يتطلع إلي وجهها بأعين غريبة ، أرسل إليها إشارات موحية تلومها ، يُحَمِلها الذنب كأنها ارتبكت جُرماً في حقه ،
, _ بدت نظراته مريبة بالنسبة لها ، شعرت أنها اقترفت خطأ فادح من خلفها ، أهي تستحق تلك النظرات بعد قضاء ليلة كاملة بدونها ؟
, _ لم تدري ما عليها فعله الآن ، لكن حتماً ستقع مغشي عليها إن طالت نظراته لأكثر من ذلك ، تفاجئت به يجذبها من ذراعها ويجبرها علي السير خلفه ، توقف عن السير فجاءة واستدار بجسده إليها وأردف من بين أسنانه المتلاحمة بغضب :-
, _ ايه اللي انتي بتعمليه ده ؟
, _ خفق قلبها بشدة ، توجست خيفة منه ، جمعت قواها بصعوبة ورددت بتلعثم :-
, _ أنا ، أنا عملت ايه ؟
, _ سحق ريان أسنانه بغضب يحاول كبحه قدر الإمكان وصاح بها هدراً :-
, _ ازاي تسمحي لنفسك تقفي تبيعي حاجة في نص الجامعة ؟
, _ شعرت بسخونة أطرافها كما تأكدت من تورد وجنتيها خوفاً من نبرته ، أجابته بعدم فهم :-
, _ ايه المشكلة بساعد صحبتي !
, _ هز ريان رأسه في إنكار وهو يضع يديه في منتصف خِصره بإستهزاء ، اقترب منها بعينان ينطق منهم الشرار وهتف بصرامة وتعالي :-
, _ انتي شكلك متعرفيش وضع جوزك هنا ايه ؟
, _ تعالت أنفاسها المضطربة وهي ترمقه بعتاب غير مصدقة ما يتحدث فيه ، لأول مرة تتعامل مع نبرته الحادة تلك ، لكن لن تصمت فهي لم تقترف خطأ ، ما فعلته ليس إلا لمساعدة صديقتها ..
, _ شهيق وزفير فعلت هي ورفعت رأسها بشموخ وأردفت :-
, _ أنا معملتش حاجة عيب ولا حرام ، I helped my girlfriend
, _ قاطعها ريان بصوته الجهوري :-
, _ كلميني عربي !
, _ أسرعت هي موضحة ما تعنيه بنبرة مرتجفة :-
, _ أنا ساعدت صاحبتي مفيش حاجة تقلل من وضعك الا إذا كنت محروج مني انا !
, _ تفاجئ ريان بردها كأنه خنجر قد غرز في قلبه ، وقبل أن ينبس بشئ يبرر به ما يقصده كانت قد اختفت من أمامه ، عادت حيث تقف هالة وسحبت حقيبتها دون أن تنظر لها وتوجهت إلي للخارج ، لم تصمد طويلاً وانفجرت باكية..
, _ مسحت عبراتها بأناملها لكن دون جدوي ، تنهمر دموعها بغزارة ولا تريد التوقف !
, _ هرول ريان خلفها لكنه أضاعها بين ذاك الحشد الهائل من الطلبة ، أزفر أنفاسه بضجر بائن وعاد الي السيارة عندما فشل في إيجادها ، فتح الباب ونظر الي خالد وقال بنبرة محتقنة :-
, _ شوفت عنود ؟
, _ نفي خالد رؤيته لها بينما ضرب ريان بقبضته علي الباب ثم استدار بجسده يبحث بعنياه عنها لربما يراها ، لا يجدها ولا تجيب علي اتصالاته حتماً سـيفقد عقله ما لم يطمئن عليها ..
, _ جلس بداخل السيارة وهاتف يحيي ، انتظر قليلاً ثم أستمع لنبرته الرجولية لكنه قاطعه قائلا :-
, _ شوفت عنود
, _ ألقي ريان هاتفه أمامه بغضب عندما نفي يحيي أيضاً عدم رؤيته لها ، تسائل خالد بإهتمام :-
, _ في ايه ؟
, _ قص ريان عليه سريعاً مختصراً ما حدث بينهم ، فأسرع خالد بالقول معاتباً إياه :-
, _ بس انت غلطان يا ريان من أمتي وانت بتهتم بالشكليات دي ؟
, _ نفخ بغضب عارم وأردف وهو يجوب بعيناه المكان بتفحص شديد :-
, _ عارف اني اتنيلت ، الوقتي عايز أعرف هي راحت فين ؟
, _ فكر خالد قليلا ربما يأتي بفكرة تهدئ من روع صديقة ثم قال بتريث :-
, _ ما يمكن تكون روحت هي يعني ليها حد غيرك!
, _ رمقه ريان بندم شديد ، كم آلمته جُملة خالد للغاية ، بالفعل لا يوجد غيره ، لا تعرف سواه ، هو بات عائلتها التي حُرمت منها ، كيف له أن يُحزِن قلبها ويؤلمها دون رحمة ؟
, _ شعر بوخزة قوية في قلبه وهو يتخيل مشاهد عِدة وهي بمفردها ، هل تبكي ؟ هل تتألم ؟ هل تسبب في فتح جراح أُخري لها ؟ كيف ستعود أهي تعرف السبيل للعودة ؟ هل يوجد معها نقود ! ماذا وإن فقدت وعييها مثلما حدث بالأمس ولم يكن هو بجوارها !!
, _ لم يشعر بيده التي تسابقت في ضرب كل ما يأتي أمامه بعنف ، جن جنونه فقد عقله سُلبت روحه ، ماذا إن لم تعد إليه أو حدث لها أي مكروه ولم يشعر هو بها ؟!
, _ مال خالد بجسده بالقُرب من ريان وأمسك ذراعيه بكل ما أوتي من قوة ليجبره علي التوقف وأردف بحكمة :-
, _ أكيد رجعت للبيت ، تعالي نرجع وانت هتتأكد بنفسك ..
, _ رمقه ريان وكأنه يريد التعلق بأي أمل يطمئنه عليها ، اعتدل في جلسته وكان هذا بمثابة موافقة علي العودة الي الديار ، بينما دعي خالد داخله من قلبه بعودتها لكي لا ينهار صديقه ،
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
٢٤


ترجلت من السيارة ودفعت للسائق نقوده ثم توجهت إلي البناية بخطي هزيلة ، وقفت أمام المصعد قيد انتظار هبوطه من الاعلي ،
, _ ولجت بداخله ودموعها لا تتوقف قط ، لا تدري لما تعاملت بتلك الحساسية ربما الأمر لم يكن بحاجة لتلك المبالغة ، حسناً ستعترف بأنه آلام قلبها من نبرته الصارمة الحادة ،
, _ هو بمثابة جميع الأشياء اللطيفة في حياتها ، بات خاصاً للغاية ، ربما وقعت في حب عيناه التي تختفي حدتها أمامها ، أو ربما أحبت عنفوانه وجُرأته في امتلاكها فقط ليحمي كرامتها من المُدعين بعائلتها ،
, _ أم أحبت الأمان الذي نتج من ضلع عناق صادق في حين افتقادها لشعور الطمئنينة حينها ، لا تدري أيهما الصحيح لكن ما تعلمه جيداً أن قلبها لم ينبض سوي لحروف إسمه ..
, _ لم تشعر بتوقف المصعد ، فُتح الباب من قِبل دينا التي قامت بإيقافه ، رفعت عنود بندقيتاها عليها بحزن لا تدري لما شعرت بالضعف أمامها ،
, _ فرحانة أنك سرقتيه مني ؟
, _ صاحت بهم دينا بنبرة غاضبة بينما شعرت عنود بوخزة قوية في قلبها ، حاولت التماسك لكن لم تستطيع منع ازدراف قطراتها التي هطلت كحبات المطر ..
, _ ولجت دينا بداخل المصعد واقتربت منها وتابعت مضيفة :-
, _ بتعيطي ؟ اوعي تفكري أنك هتضحكي عليا بدور البت اليتيمة اللي أهلها رفضوها و واحدة واحدة دخلتي بيتي لحد ما اتمكنتي من جوزي يا خطافة الرجالة أنا فرحانة في اللي عمك عملوا فيكي انتي تستاهلي كل اللي جرالك واللي لسه هيجرالك مني ..
, _ اجهشت عنود في البكاء الشديد ولم تستطيع الرد عليها ، تشتت ذهنها هل هي علي حق ؟ هل هي سارقة إذا هل تنال عقابها الآن ؟!
, _ صمت حل فجاءة عندما سمعت كلتاهما صراخ رنا يأتي من الأسفل ، ركضت دينا مهرولة لتعلم ما الخطب ، تبعتها عنود بخُطي مهرولة ، وقفت كلتاهما أمام العم ماهر وهو مُلقي علي الأرض ..
, _ لم يصدر لهم صوت لبرهة ثم قطعت حبال ذاك الصمت دينا عندما تسائلت بتوجس :-
, _ عمي ماهر حصله ايه ؟
, _ هزت رنا رأسها بنفي لا تدري ما خطبه ، تنهدت وأردفت بنبرة مرتبكة :-
, _ مش عارفة ، أنا سمعت صوت جامد خرجت لقيته واقع !
, _ اقتربت منه دينا قائلة بقلق :-
, _ يالهوي ليكون حصله غيبوبة سكر ..
, _ ابتلعت رنا ريقها بصعوبة كما ازدادت رجفة جسدها من هول الصدمة ، حاولت دينا إيقاظه بمنادته لكنه لم يستجيب لها ، أزفرت أنفاسها بتوجس شديد وقالت :-
, _ حد يتصل بالاسعاف بسرعة ..
, _ هرولت رنا الي الداخل تبحث عن هاتفها وما إن وقع بين يديها أسرعت في الإتصال علي الإسعاف وطلبت مساعدتهم ،
, _ سحبت عنود نفساً ثم صعدت إلي الاعلي وجذبت قنينة عطر وعادت إليهم مرة أخري ، جلست الأرض بجواره ثم رفعت رأسه برفق ووضعتها علي قدميها ،
, _ وضعت قدراً كافياً من العطر علي يدها ثم وضعتها أمام أنفه وهي تدعي من قلبها بأن يعود لوعييه عاجلاً ، اقتربت منها دينا وصاحت بها هدراً :-
, _ انتي فاكرة نفسك دكتورة ، ابعدي عنه أصل تموتيه بعمايلك دي !
, _ لم تهتز خُصله من عنود ورمقتها بجمود ثم عاودت تكرار ما فعلته عدة مرات إلي أن شعرت بحركة طفيفة في أطرافه ، ألقت قنينة العطر جانباً واقتربت منه تتأكد من حدسها ،
, _ تقوس ثغرها بإبتسامة عندما عاد لوعيه وفتح عينيه حمدت **** بداخلها وأردفت قائلة بنبرة حنونة :-
, _ حمد لله علي سلامتك
, _ شعر ماهر بدوار طفيف يعتلي رأسه ، سحب نفساً وقال متسائلاً :-
, _ هو ايه اللي حصل ؟
, _ روت له عنود ما حدث مختصرة لكي لا ترهقه بالحديث ، شعر ماهر بجفاف شديد في حلقه أثر قلة المياه التي لا يتذكر منذ متي نزلت في جوفه ،
, _ ساعدته عنود علي النهوض برفقة دينا التي كانت تسير بجوارها علي مضضٍ ، استلقي ماهر علي فراشه ، ووضعت عنود وسادة خلف رأسه وأسفل قدميه وقالت متسائلة :-
, _ حضرتك محتاج حاجة يا Uncle ؟
, _ تنهد ماهر وقال بنبرة خافتة :-
, _ شوية مية بس يا بنتي أبل ريقي
, _ أسرعت عنود بجذب زجاجة مياه ، وساعدته في شربها ، تعجبت كثيراً من طريقة ارتشافه للمياه كأنه لم يروي ظمئه منذ قرن ،
, _ وضعت الزجاجة علي الكومود عندما انتهي منها ، بينما ولجت رنا الي الداخل بعدما تراجعت عن الإتصال بالاسعاف قائلة بإهتمام زائف :-
, _ حمد لله علي سلامتك يا عمي
, _ أجابها ماهر بإقتضاب :-
, _ الحمد لله علي كل حال
, _ لاحظت عنود نبرته الجافة التي أجاب بها رنا يا تُري ماذا اقترفت في حقه حتي يحدثها بهذا الجفاء؟
, _ لم تريد دينا التحدث في وجودها ، كم تمنت أن تطبق علي عنقها وتسلب روحها بوحشية ربما تهدئ حينها ،
, _ في تلك الأثناء وصل ريان وصعد الدرج سريعاً لكنه توقف أمام منزل والده حينما رأي حقيبة عنود ملقاه علي الأرض ، جذبها كما أمسك بقنينة العطر وولج إلي الداخل ليعلم ما الخطب !
, _ شعر بغصة في حلقه خشية أن يكون أصابها مكروه ، لن يسامح نفسه إذا حدث لها شئ ، سار بخُطي متمهلة نحو الصوت الصادر من غرفة والده ، حمحم قبل أن يولج الي الداخل ، تعمدت رنا الوقوف كأنها لم تسمع لصوته الذي أصدره قبل دخوله ،
, _ نظرت ثلاثتهم إليه بأعين مليئة بالحب والشغف وأخري بالعتاب واللوم وأخيرا خليط ما بين العتاب والافتقاد ..
, _ شهقت رنا بحرج زائف وركضت للخارج مسرعة وهي تبتسم بمكر ، بينما لم ترفع دينا بصرها عنه قط ، لقد افتقدت إليه كثيراً تريد إلقاء نفسها بين أحضانه لأول مرة تتمني خوض تجارب لم يسبق وأن عاشتها معه ،
, _ بينما أبعدت عنود بصرها بعيداً ونظرت في الفراغ أمامها ، علي الرغم من حبها الشديد له إلا أنها شعرت بشئ ما قد كسر بداخلها لا تدري هل يمكن إصلاحه أم ستعتادها مع مرور الأيام ..!
, _ شئ واحد فقط كان شاغله حينها ' هي ' ، اقترب منها وسئلها بتوجس :-
, _ انتي كويسة ؟
, _ أماءت رأسها بالايجاب بينما تدخلت دينا موجهة حديثها الي ماهر متعمدة قطع خلوتهم :-
, _ حمد لله علي سلامتك يا عمي خلي بالك من نفسك
, _ أجابها ماهر بنبرة متعبة :-
, _ **** يسلمك يا بنتي
, _ مرر ريان أنظاره علي الجميع متسائلا بإهتمام :-
, _ هو في ايه مالك يا حج ؟
, _ تنهد ماهر بتعب وأردف :-
, _ الحمد لله يا بني حاجة بسيطة ..
, _ تدخلت رنا تلك المرة بعودتها وقصت له ما حدث بدلال وميوعة بالغة ، بينما اقترب ريان من والده قائلا بإلحاح :-
, _ قوم نروح لـ دكتور نطمن عليك
, _ هز ماهر رأسه برفض تام قائلا :-
, _ أنا كويس يا ريان يا ابني لو مش عايز تتعبني بجد متضغطش عليا ..
, _ تأفف ريان بضجر ، سحب نفساً وقال باهتمام :-
, _ انت آكلت حاجة النهاردة ؟
, _ صمت ماهر ولم يجيبه ، سحق ريان أسنانه بغضب عارم وصاح بنبرة جهورية :-
, _ البهايم اللي هنا مش واخدين بالهم أنك إنسان زيهم ، سايبينك من غير اكل لحد الوقتي ليه ؟
, _ استدار ريان بجسده نحو رنا التي انكمشت في نفسها متوجسة خيفة منه ، رمقها ريان شزراً وواصل حديثه مضيفاً بحدة :-
, _ إكرمي الراجل اللي مقعدك في بيته بدل ما انتي مركزة مع الكل وسيباه ، فين جوزك اللي قاعد جنبك ومش بيشتغل مبيراعيش ابوه ليه ؟ بس الحق عليا أنا ، أنا اللي غلطان ..
, _ استدار ريان بجسده نحو والده وتابع حديثه :-
, _ من بكرة في واحدة هتيجي هنا لخدمتك انت و بس
, _ انحني ريان علي يده وقبلها بألم :-
, _ سامحني يا حج انشغلت عنك بس و**** غصب عني
, _ تقوس ثغر ماهر بإبتسامة راضية وربت ماهر علي يده بحب وأردف بحنو :-
, _ يابني أنا كويس و**** **** يبارك فيك وفي إخواتك ..
, _ نهض ريان ونظر الي حيث تقف عنود ، اقترب منها وأمسك بيدها قائلا :-
, _ تعالي عايزك ..
, _ سارت عنود معه ولم تصدر أي رفض ، ليس الوقت المناسب لمقاومته ، حركت دينا رأسها عفوياً معهم حتي اختفوا من أمامها ، كانت كمن يقف علي جمر متقدة ، لاعنة تلك التعيسة التي تحظي بأثمن اللحظات معه ، لا تصدق أنه بادر بالتحدث إلي زوجته الأخري وخرج معها ولم يلقي حتي ببصره عليها كأنها نكره لا يراها ولا يشعر بها ،
, _ وما أن دلف كليهما للخارج حتي حررت عنود يدها لكن بلطف ، اسرعت خطواتها وصعدت إلي الاعلي ومن ثم ولجت داخل غرفتها واوصدت الباب خلفها لكي لا يستطيع الوصول إليها ،
, _ قرع بابها عندما تأكد أنه موصد من الداخل ، لكنها لم تكترث له ، جلست علي الفراش ودفنت وجهها بين الوسادة لكي لا يصل صوته الي مسامعها ، تريد هدنة لبعض الوقت ربما تجمع شتات نفسها ..
, _ جن جنون ريان بسبب عدم ردها عليه ، بالتأكيد سيفقد عقله إن لم تجيبه سريعاً ، فشل وفشل في اقناعها للتحدث معه ، كاد أن يفتك بهذا الباب اللعين الذي يعد حاجز بينه وبينها يمنعه من الوصول إليها ،
, _ وقف في منتصف الردهة واضع إحدي ذراعيه في خصره والاخر خلف رأسه بقلة حيلة ، بالتأكيد أن مكث لـ دقيقة أخري سيحدث ما لا يُحمد عُقباه ،
, _ ألقي ببصره نظرة أخيرة علي الباب ثم دلف للخارج والغضب يتطاير من عينيه ، أجبر قدميه علي الوقوف حينما ظهرت دينا أمامه ، حاول جاهدا السيطرة علي غضبه لكي لا يكون من نصيبها قدراً منه ،
, _ تنهدت دينا بحزن وأردفت بنبرة تحمله اللوم لعدم سؤاله عليها :-
, _ مكنتش اعرف اني مهمكش للدرجة دي ، بصراحة متوقعتش أن العشرة اللي بينا تهون عليك بسهولة كده !
, _ جاب المكان بعيناه سريعاً وردد بفتور :-
, _ خلصتي ؟ بعد اذنك ..
, _ استشاطت غيظاً من جمود ردوده عليها ، لقد تعدت تصرفاته اللامعقول ، هل ستكمل بقية حياتها متورطة بين زوج جامد لا يعبأ لمشاعرها وفتاة صغيرة تفعل ما في وسعها لكي تحصل علي زوجها بشتي الطرق ،
, _ هل ستتحمل ؟ هل قدرتها كافية لتسير في حياة لا تعلم نهايتها ، هل ستتحسن علاقتها بريان ويعود زوجها كما كان في سابقاً ، أم لها نصيب في الإنفصال عنه ، يجدر عليها التحمل فقط من أجل صغيرتها وذاك الجنين الذي يسكن رحمها ، ستصمد فقط لبعض الوقت وان لم تتحمل الوضع ف**** غالب علي أمره والغني علي حياة كهذه ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ دخل معرضه بوجه لا يبشر بالخير ؛ ملامحه جامدة لدرجة أرعبت كل من يظهر أمامه واجبرتهم علي التنحي جانباً لكي لا يثيروا غضبه ،
, _ دخل مكتبه وركل الباب خلفه بعنف ، جاب الغرفة ذهاباً وجيئا وهو يفكر في طريقة ما لكي يصلح ما اقترفه بحقها ،
, _ حتماً لن يستطيع التفكير وذهنه مشتت للغاية ، عليه أن يهدئ من روعه اولاً ، توجه نحو مكتبه وجلس علي مقعده ، فتح أحد ادراج المكتب وسحب دفتره الذي يدون به خواطره حديثاً ،
, _ سحب نفساً عميق وأمسك بقلمه استعداداً لتدوين ما يدور في عقله ،
, { تائه كـمتشرد لا يعرف السبيل ، وأين السبيل لطلاما كنتي دوماً ملجئي الوحيد ؟ }
, _ دونها ثم أغلق دفتره وأعاد وضعه في درج مكتب ، عاد بجسده للخلف بإرهاق جلي عليه بسبب عدم نومه ليلة البارحة ، وضع يده خلف رأسه وأردف مستاءً :-
, _ ااااه
, _ تذكر شئ ما واعتدل في جلسته ، تحسس جيب بنطاله ثم دس يده فيه ، أخرج حبات اللؤلؤ الذي جمعه سابقاً ليعيد صناعة العقد من جديد ، آمر أحد عماله بإحضار خيط سميك مخصص للحُلي اليدوية وبدأ في إعادة صنعه بتلذذ ..
, _ أنتهي منه بعد مدة ليست بقصيرة ثم رمقه بإعجاب شديد وأعاد وضعه في جيبه ثانيةً ، سحب هاتفه وقام بإتصال أحد المطاعم الذي يتعامل معهم وطلب وجبات من الطعام لجميع أفراد عائلته ،
, _ ثم قام بإتصال آخر لإحدي مشاتل الزهور بعد أن تحري عن أشهر الأماكن الموجودة من الانترنت ، طلب باقة من زهور التوليب كما أوصي بعناية صنعها خصيصاً لفتاته !!
, _ أزفر أنفاسه ببعض الراحة وهو يرتب لـ خطته جيداً ، جذب هاتفه بعد أن وضعه علي طاولة المكتب وهاتف شقيقته هاجر الذي أجابته مرحبة :-
, _ حبيبي
, _ بعد ترحيب كليهما والسؤال عن أحوالهم ، فرك ريان يديه بإرتباك خجل ، لا يدري كيف يطالبها بشئ خصوصي كالذي يريده لكن لا يوجد أمامه سواها ، تنهد وعزم أمره أن يبوح عن طلبه وأمره لله ،
, _ حمحم بحرج بائن وأردف :-
, _ عايزك تشتري لي قميص حريمي
, _ لم تفهم هاجر معني حديثه وتسائلت بعدم استيعاب :-
, _ يعني ايه قميص حريمي ؟
, _ ازدرد ريقه ولا يدري كيفية توضيح معني حديثه ، تنهد بحرارة وألقي حديثه دفعة واحدة :-
, _ قميص يا هاجر من اللي الست بتلبسه للراجل !!
, _ وضعت هاجر كفيها أمام وجهها من فرط خجلها ، أحقا ريان يطالبها بشئ جرئ كهذا القميص أم أنها تحلم ؟!
, _ قطع ريان حبال شرودها وأردف بصوت مرتبك خجل :-
, _ انتي معايا ؟
, _ أماءت هاجر عفوياً منها ، ثم هزت رأسها مستنكرة ما تفعله فهو في الأساس ليس أمامها ، سحبت نفساً عميق واجابته بتعلثم :-
, _ أيوة ، أيوة معاك
, _ تابع ريان مضيفاً بنبرة رخيمة :-
, _ تمام ينفع في خلال ساعة تجيبهولي ؟
, _ حاولت هاجر جاهدة بأن تكتم ضحكاتها داخلها لكي لا تسبب له الحرج يكفي نبرته الخجلة التي يتحدث بها ، ضبطت نبرتها واجابته مختصرة :-
, _ تمام ..
, _ أغلق ريان الخط وقام بعمل إتصال أخير وهاتف خالد صديقه ، انتظر قليلا علي آحر من الجمر المتقد ليسرع في الحديث عند إجابة الطرف الآخر بنبرة متلهفة :-
, _ خالد عايز منك خدمة٦ نقطة
, _ أنهي مكالمته بعدما دبر الأمور مع صديقه ، إلتوي ثغره بإبتسامة مليئة بالحيوية ، نهض وتوجه نحو الأريكة وأستلقي بجسده المتهالك عليها وسرعان ما تغلب عليه النوم من فرط التعب والإرهاق ؛
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ مر ما يقارب الساعة والنصف ، استيقظ ريان علي صوت رنين هاتفه ، اعتدل من نومته واجاب علي اتصاله بصوت متحشرج :-
, _ أيوة أنا ريان العراقي ، تمام خارج حالاً
, _ أنهي ريان المكالمة وحاول ضبط نبرته التي بدت متحشرجة كمن انحشر بها شئ لكن دون جدوي ، شعر باحتقان شديد في حلقه ،
, _ لم يهتم كثيراً ولملم اشيائه ودلف للخارج بخُطي متريثة ، بحث بعيناه عن المندوب المُرسل بـ باقة الزهور ، شهق بصدمة عندما وقعت عيناه علي باقة الزهور المحررة دون ساتر كـ حقيبة أو غيرها ،
, _ أسرع نحوه بخطوات مهرولة وأردفت معاتباً :-
, _ يعني مش عارفين تحطوه في شنطة ؟
, _ رمقه الشاب بغرابة وأردف موضحاً :-
, _ مينفعش يا فندم الورد يدبل قبل ما يوصل لحضرتك !
, _ هز ريان رأسه في إنكار شديد واجابه بحدة :-
, _ ما يدبل ياعم أحسن من الفضيحة اللي انت عملتهالي دي
, _ لم يعقب الشاب علي حديثه المبهم بالنسبة إليه علي الرغم من شعوره بالغرابة حيال كلماته ، قام بتسليمه الزهور وأخذ نقوده وغادر ، بينما أمسك ريان بالباقة وهو يجوب بسودتاه المكان خشية أن يراه احد ما ..
, _ لا لا حتماً يمزح معه القدر ، خالد والآن !!
, _ ابتلع ريقه وأسرع بوضع باقة الزهور خلف ظهره واعتدل في وقفته حتي لا يُفضح أمره ، اقترب منه خالد وهو يفرك عينيه بتعب وأردف متسائلا بإهتمام :-
, _ امورك تمام مع المدام ؟
, _ أماء ريان رأسه بالايجاب مؤكداً حديثه ، تعجب خالد من حالته ، ماذا يخفي خلف ظهره ولا يريده أن يراه ؟
, _ غمز إليه خالد وتسائل بفضول :-
, _ انت مخبي ايه ورا ضهرك ؟
, _ ازدرد ريان ريقه بتوتر وارتباك جلي وأسرع بالقول بنبرة متلعثمة :-
, _ ها ، مش مخبي حاجة !
, _ ضيق خالد عيناه عليه بعدم تصديق ثم استدار حوله ليعلم حقيقة الأمر ، رواغه ريان بالتحرك مكانه يميناً ويساراً لكي لا يكشف ما يخفيه ،
, _ هيهيات لفضول الأصدقاء الذي لن يترك ريان وشأنه قبل أن يعلم بحقيقة ما يخفيه ، غرز خالد أظافر في ذراعي ريان وأجبره علي الوقوف ومال برأسه للخلف ..
, _ شهق بذهول وعاد برأسه ورمق ريان بنظرات ساخرة ، تقوس ثغره بإبتسامة عريضة وأردف بسخرية :-
, _ ورد يا ريان!
, _ لقد جائت الكره في ملعبه الآن ، لم يكن ليدع الفرصة تمر دون أن يضع بصمته الخاصة ، لذا تراجع خالد بضعة خطوات للخلف وهتف مستنكراً :-
, _ يا عيني علي الرجالة ، بقا ريان العراقي يهزق نفسه بالشكل ده ويمسك ورد !!
, _ انفجر خالد ضاحكاً من خلف نظرات ريان الجامدة التي تحثه علي التوقف ، لكن لا لن يمر الأمر بتلك السهولة فلن تتكرر تلك الأحداث النادرة ..
, _ سحب خالد هاتفه من جيبه وفتح الكاميرا ليأخذ صورة له ، لكن منعه ريان بنظراته الثاقبة التي خرقت خالد من حدتها ، أعاد وضع هاتفه في جيبه لكن لم يتوقف عن الضحك ورمي الكلمات الساخرة ..
, _ صاح ريان مستنكراً أسلوبه الساخر بفتور :-
, _ ها ، خلصت تريقة ؟ اتفضل بقا هات مفتاح عربيتك عشان سايب العربية تحت البيت
, _ أماء خالد رأسه بالرفض وأردف :-
, _ تؤتؤ روح كده خلي الحتة كلها تشوفك !
, _ نفخ ريان بضجر بائن ومن ثم أمره بصرامة :-
, _ هات المفتاح
, _ ناوله خالد المفتاح علي مضضٍ وأردف بقلة حيلة :-
, _ هتروح مني فين ..
, _ لم يكترث له ريان وتوجه نحو سيارته وقادها إلي منزله ، صفها أسفل البناية وترجل منها بعدما جاب المكان من حوله في نظرة متفحصة ،
, _ قابل نظرات مريبة من قِبل الحارس ، استدار ريان بجسده نحوه وهتف :-
, _ ايه اول مرة تشوف واحد ماسك ورد ؟
, _ حاول جلال إخفاء ضحكاته واجابه بهدوء :-
, _ لا يا بيه بشوف ..
, _ هز ريان رأسه مستنكراً لهجته الساخرة ثم أكمل طريقه إلي الداخل ، في تلك الأثناء عاد يحيي من جامعته وصف سيارته خلف سيارة ريان ، ترجل منها سريعاً عندما رأي طيف ريان في مدخل البناية ،
, _ ريان ، ريان
, _ نادي يحيي بصوته الرخيم ، أوصد ريان عينيه بعصبية ، ليس الآن لقد فُضح تماماً ، سحب نفساً والتفت إليه مختصراً حديثه :-
, _ نعم ؟
, _ وقف يحيي يلتقط أنفاسه وتسائل بإهتمام :-
, _ عنود ، أقصد يعني لقيتها ؟
, _ أماء ريان له بالايجاب بينما أخفض يحيي بصره علي باقة الزهور ورمقها بذهول ، تنهد ريان بضجر ومن ثم أولاه ظهره دون أن ينبس بشئ وصعد إلي الاعلي بالمصعد لكي لا يراه أحد آخر ..
, _ وردته مكالمه من هاجر ، قام بالرد عليها سريعاً :-
, _ ايه يا هجورة ؟
, _ ردت هاجر عليه بنبرة هادئة :-
, _ أنا عند بابا بطمن عليه ومعايا الحاجة ..
, _ شكرها ريان بإمتنان وأغلق الخط ، ثم وضع باقة الزهور أمام الباب وهبط الي الأسفل حيث طابق والده ، فتح الباب واطمئن علي صحة والده ثم دلف الي الخارج وتبعته هاجر أسفل أنظار رنا المُسلطة عليهم ..
, _ ناولته هاجر الحقيبة وأردفت بإبتسامة خجولة :-
, _ يارب ذوقي يعجبك !
, _ بادلها ريان ابتسامة خجولة وأردف :-
, _ أكيد هيعجبني ..
, _ استأذنت هاجر وهمت بالمغادرة ، ترك ريان الحقيبة علي الطاولة وولج إلي غرفة والده ربما يكون بحاجة إلي شئ ما ،
, _ لم تكن رنا لتدع الفرصة تفوتها دون أن تعلم ماذا يوجد في تلك الحقيبة ، تسللت بهدوء بعد أن تفحصت المكان بخضروتاها جيداً ثم ألقت نظرة سريعة في الحقيبة ..
, _ اتسعت مقلتيها بإعجاب شديد من جماله ، ألقت نظرة سريعة علي باب غرفة ماهر وقالت بغيظ :-
, _ خسارة فيها تلبس لك حاجة بالجمال ده ،
, _ أخفت القميص خلف ظهرها وأسرعت داخل غرفتها وبدلته بقميص آخر من بين قمصانها القديمة التالفة ، دلفت للخارج ووضعته في الحقيبة وعادت الي غرفتها كأنها لم تفعل شئ ..
, _ دلف ريان للخارج وأمسك بالحقيبة وهبط الي الأسفل وقام بوضعها في سيارته ثم صعد مرة أخري إلي طابقه ..
, _ فتح باب شقته وتمني أن تسير الأمور علي ما يرام كما خطط لها ، تفاجئ بها عائدة من المطبخ ، أسرع نحوها قبل أن توصد الباب خلفها وقال بنبرة متوسلة :-
, _ اسمعيني بقا ..
, _ لم تنظر إليه بل باتت علي وضعها كما هي مولياه ظهرها , سار ريان نحو أقرب أريكة وجلس عليها كما أجبرها علي الجلوس أمامه ..
, _ سحب نفساً وهو ينتفي كلماته بعناية ثم ردد معتذراً :-
, _ أنا آسف
, _ رفعت عنود بندقيتاها عليه ، حاملة بين طيات نظراتها العتاب ، كأنه اقترف خطأ فادح في حقها ،
, _ تنهد ريان مستاءً من نظراتها التي تلومه وهتف بندم :-
, _ أنا كنت مضغوط جدا في المشكلة اللي حصلت وساعات السفر طويلة ومانمتش و٤ نقطة
, _ قاطعته عنود بنبرة موجوعة :-
, _ مش مبرر!
, _ حك ذقنه براحة يده وأردف :-
, _ أنا كان ممكن اتسجن بسبب المشكلة اللي حصلت دي ، اعصابي مكنتش مستحمله ..
, _ شعرت بالخوف والشجن حياله ، لكن تماسكت وتابعت مضيفة :-
, _ بس انا مكنتش بعمل حاجة غلط أنا كنت بساعد صحبتي ودي حاجة متقللش منك وتخليك تتحرج مني !
, _ أمسك ريان يديها الصغيرة مشكلاً إبتسامة علي ثغره :-
, _ عارف ، بس انا معروف هناك جدا يمكن انتي لسه متعرفيش مين ريان العراقي بس انا أساس الجامعة دي ولو اتعرف أنك مراتي مش مستحب أبدا يتقال مراتي واقفة تبيع في الجامعة وجوزها مش محتاج أو هيفكروا اني مقصر معاكي وفي الحالتين أنا مش هكون راضي ..
, _ لم تقتنع كثيراً بحديثه ونظرت في الفراغ الذي أمامها ، واصل هو حديثه بنبرة متريثة :-
, _ انتي تشرفي أي حد بأخلاقك اللي عمري ما شوفت زيهم ، بس لو سمحتي متكرريهاش تاني ..
, _ رق قلبها من خلف كلماته التي لامست قلبها ونظرت إليه بأعين لامعة لا تدري ما عليها قوله في تلك الأثناء ، لكن لن تصفوا بتلك السهولة ما فعلته ليس خطأ ويجب عليه الاقتناع بذلك ،
, _ سحب ريان باقة الزهور من علي الطاولة ووضعها علي قدميها قائلا بنبرة حنونة :-
, _ يارب تعجبك ! ..
, _ يا **** ! ما تلك الباقة الرائعة لقد خطفت عينيها من فرط جمال ألوانها ، لقد أختار أسمي انواع الزهور ليقدمها إليها ، لطيف ذاك الرجل كثيراً ،
, _ تفاجئت به يطرب بصوته الأجش قائلاً :-
, _ شحات ومد ايديه وكسر خاطره حرام ، حدفه الهوا هنا ليه ، طالب تحنوا عليه يا محسنين الغرام ونِحِن قولي بإيه ارموا له نظرة ولا ابتسامة ، حسنة وتنفع يوم القيامة ..
, _ انفجرت عنود مقهقهه علي أسلوبه الطريف التي تتعامل معه لأول مرة بينما سرح ريان في ابتسامتها العذبة التي روت قلبه كأنه لم يرتوي منذ عام ..
, _ مال بجسده عليها وضمها الي حضنه بقوة ، بادلته عنود عناق رقيق كـرقتها ومن ثم ابتعد ريان وقال وهو يتلمس خصلاتها :-
, _ قومي جهزي نفسك هنتعشي برا وهعرفك علي مرات خالد صاحبي ..
, _ أماءت رأسها بطاعة ثم نهضت في هدوء لتبدل ثيابها ، بينما نهض ريان يُعِد مشروب ساخن ليهدئ من احتقان حلقه قليلاً ، أحتسي المشروب سريعاً ثم ولج داخل المرحاض الخارجي لكي يستحم ،
, _ وقف أسفل المياه الدافئة يعيد الحيوية لجسده المتهالك ثم أغلق صنبور المياه وبحث بعيناه علي ثيابه ، أوصد عيناه بعصبية فهو قد نسي تماماً أن يجلبها معه ،
, _ والآحر عدم وجود منشفة ايضاً بالداخل فقط توجد منشفة صغيرة للغاية لن تفي بالغرض ، تأفف بضجر وفتح الباب ووقف خلفه بعد أن وضع المنشفة حول خصره وأحكم إغلاقها ، نادي بصوت جهوري :-
, _ عنود ..
, _ هرولت إليه بعدما ارتدت ثيابها بالكامل وقالت متسائلة :-
, _ نعم ؟
, _ رمقها ريان بتفحص وقال وهو يمرر بصره علي جسدها الذي لا يري ملامحه ، شعر ببعض الراحة لكونه الوحيد الذي له الأحقية في رؤيتها..
, _ تقوس ثغره بإبتسامة واجابها :-
, _ ممكن تجبيلي هدوم نسيت أخد وانا داخل ..
, _ أماءت رأسها بطاعة ، عادت إليه بعد برهة وقد أحضرت بعض الثياب إليه ، مد ريان يده وأخذهم وشد علي يدها رافض تركها ، حاولت عنود أن تحرر يدها لكنه أبي وجذبها للداخل ،
, _ لكن سرعان ما أوصدت عينيها لكي تحجب رؤياها ، مال ريان بالقرب من أذنها وهمس :-
, _ فتحي عيونك
, _ سرت رجفة قوية في أوصالها شاعرة بحرارة أنفاسه تتخلل وجهها وأردفت متوسلة :-
, _ عايزة أخرج Please ( ارجوك )
, _ تابع ريان بنبرة خافتة داخل أذنها زادت من توترها :-
, _ فتحي عيونك وانا هسيبك تخرجي ..
, _ أماءت رأسها برفض تام وقالت بتعلثم :-
, _ I can't
, ( لا أستطيع )
, _ لأ تقدري
, _ قالها وهو يهمس أمام شفتاها تلك المرة ، اضطرت عنود علي فتح عينيها لتتخلص من ذاك الوضع سريعاً ، رفعت رأسها أولاً لكي تضمن عدم رؤية سوي وجهه ..
, _ قابلتها نظراته الثاقبة فتلاحقت ضربات فؤادها من ذلك التوتر المتدفق في الادرينالين المندفع في شرايينها ، ظلت أنظار ريان مثبتة عليها يطالعها بشغف وتمني ، اقترب خطوة منها الآن و غدا سيكون الاقرب إلي وجدانها ،
, _ تقوس ثغره بإبتسامة ماكرة لتسرع هي قائلة :-
, _ ممكن أخرج !
, _ أماء رأسه بالإيجاب ثم تراجع خطوة للخلف ، بينما أوصدت عينيها سريعاً واردفت غير مصدقة تصرفه الوقح :-
, _ Wait ، Wait ، Wait
, ( انتظر )
, _ أولته ظهرها وتلمست الباب إلي أن أمسكت بالمقبض وهرولت إلي الخارج بخُطي مضطربة ، ولجت داخل غرفتها و أوصدت الباب خلفها تتنفس الصعداء ،
, _ شعرت بتلك الحرارة المنبعثة من وجهها حتماً صار كالبندورة من فرط الخجل ،
, _ دلف ريان للخارج بعدما انتهي من ارتداء ثيابه باحثاً عنها ، طرق بابها ووقف قيد انتظار ظهور طيفها ، بينما سحبت هي نفساً عميق وفتحت الباب وتعمدت تجاهله وعدم النظر إليه ،
, _ لم يعقب ريان علي تصرفها وتبعها للخارج في هدوء طال إلي أن ركب كليهما السيارة ، لمحت عنود فتاة تنظر إليها من علي بُعد ، شعرت أنها رأت هذا الوجه من قبل لكن لا تدري أين ؟!
, _ حسناً ، لقد تذكرت انها اماني ابنة عمها ، حرك ريان السيارة فأسرعت عنود قائلة :-
, _ ريان Wait ..
, _ ألتفت إليها وأردف متسائلا :-
, _ في ايه ؟
, _ تنهدت هي ولازالت مثبتة أنظارها علي الفتاة ، نظر ريان إلي وجهتها ورأي اماني واقفة أسفل منزلهم ، فتحت عنود الباب وترجلت من السيارة ، لحقها ريان قائلا بنبرة رخيمة :-
, _ بلاش تروحي ..
, _ استدارت إليه وأردفت بإصرار :-
, _ عايزة أتكلم معاها ..
, _ تنهد ريان مستاءً وأمسك ذراعها قبل أن تخطو بدونه :-
, _ هاجي معاكي ..
, _ أماءت رأسها بالإيجاب وتوجهت نحوها برفقة ريان ، وقفت أمامها وشكلت إبتسامة علي محياها وأردفت :-
, _ How are you ?
, ( كيف حالك )
, _ ابتسمت اماني وأردفت :-
, _ أنا كويسة بس ياسر أخويا مش كويس !
, _ قاطعها ريان قائلا بصرامة :-
, _ يلا يا عنود كفاية كده !
, _ تنهدت ثم رفعت بندقيتاها عليه وأردفت برقة :-
, _ ريان !
, _ ريان ماذا ! لم يستطيع معارضتها بعد نطقها إسمه بتلك الرقة العابثة ، لكن لن يسمح بتجاوز حدود تلك الفتاة ..
, _ تابعت اماني حديثها مضيفة بحزن :-
, _ ياسر مش غلطان ، بابا وماما اللي غلطانين ، حبسوه في الاوضة ونزلوا من وراه أنا مش عارفة هما عملوا ايه بس ماما بتقولي أنهم بوظوا الفرح ، أنا عايزة ياسر يرجع يضحك ويهزر معايا تاني لو سمحتي يا آبلة كلميه وقوليله أنك مسمحاه هو زعلان عشانك ..
, _ بلغ ريان ذروة تحمله ، لقد تعدت تلك الفتاة حدود الوقاحة ، أمسك ذراع عنود وجذبها بجواره قائلا :-
, _ لا أنا بقول كفاية كده فعلا
, _ نظرت إليه عنود وكادت أن تتحدث لكنه أوقفها بإشارة من يده :-
, _ أمشي ..
, _ تنهدت عنود ومررت انظارها بينهم ثم سارت بجواره بتذمر إلي أن ركِبَ السيارة ، قطع ريان نصف المسافة دون ان ينبس كليهما بشئ ، اوقف السيارة جانباً والتفت بجسده إليها ،
, أمسك يدها واردف بنبرة حنونة :-
, _ أنا مش عايزك تتأذي بقربك من الناس دي !
, _ تنهدت عنود بحرارة ونظرت إليه بأعين لامعة وأردفت بحب :-
, _ مش هيحصلي حاجة وانت معايا ، انت هتحميني ..
, _ هز ريان رأسه مستنكراً حديثها وأضاف :-
, _ الدكتور قال لازم تبعدي عن أي ضغط وتوتر وانتي راحة برجليكي مينفعش أقف اتفرج عليكي واسكت ..
, _ سحبت عنود أكبر قدر من الأكسجين ، فهي متفهمة خوفه عليها وقالت موضحة :-
, _ أنا مش عايزة اكون سبب في أذي حد لو سمحت افهمني ، حتي لو انا اتأذيت منهم ، بس مش حابة أرد الشر بالشر ، رحم **** كل سهل هين لين القلب وانا عايزة لما اقف بين ايدين **** يرحمني ..
, _ تأثر ريان بعبارتها ورفع يدها عند فمه ثم وضع قُبلة داخل كفيها الصغير وأردف :-
, _ مشوفتش حد بالجمال ده قبل كده !
, _ توردت وجنتيها بالحُمرة الصريحة اثر جملته ، و تابعت متسائلة :-
, _ ها هروح له امتي ؟
, _ رمقها ريان شزراً وأردف بحنق :-
, _ نعم يختي تروحي لمين ؟
, _ تنهدت عنود ووضحت قصدها :-
, _ عايزاه يعرف اني مسمحاه ومتنساش إن اللي حصل كان لصالحنا ، يمكن لو محصلش اللي عمي عمله مكنتش بقيت مراتك يعني انت المفروض تشكرهم !
, _ قهقه ريان عالياً وتمتم بعدم تصديق :-
, _ اشكرهم ، يا حلاوة ، انتي ليكي عم اهبل ، لا هما كلهم هُبل بصراحة ..
, _ اتسعت مقلتيها بدهشة وعقدت ذراعيها بتذمر وأردفت بحنق :-
, _ لو سمحت متغلطش فيهم مهما كان دول أهلي ، ومتبعدش عن الموضوع هنروح امتي ؟
, _ ضرب ريان بخفة علي الطارة وقال :-
, _ أنا مستحيل ادخل البيت ده تاني ، وأنتي أصلا مش هتروحي في حتة ، بعدين نفكر في الموضوع مش وقته وياريت تقفليه الوقتي ..
, _ كادت أن تعارضه لكنه أشار إليها بالصمت ، ثم اشغل محرك السيارة وقادها بأقصي سرعة لكي يلحق ميعاده مع صديق وزوجته .
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
٢٥


قلبت عينها بتذمر وأردفت بحُنق :-
, _ مش عارفة يا خالد جايبني اتعرف علي مراته دي ليه ، حاسة اني بخون دينا ، وبصراحة القعدة هتبقي تقيلة علي قلبي ومش هعرف اكون علي طبيعتي عشان تبقي عارف يعني ،
, _ نفخ خالد بضجر بائن واستدار بجسده إليها قائلا بفتور :-
, _ انتي بتقولي كده عشان متعرفيهاش لكن لما تتكلمي معاها هتحبيها !
, _ شهقت دينا بصدمة جلية ورمقته بنظرات مشتعلة وأردفت بحدة :-
, _ وانت حبيتها ولا ايه مش فاهمة ؟
, _ رمقها خالد شزراً وصاح بها هدراً :-
, _ آية اعدلي كلامك اللي بتتكلمي عليها دي مرات صحبي ، وبعدين مش مطلوب منك تحبيها ، هي كلها ساعة زمن وكل واحد هيروح لحاله ..
, _ نظرت إليه بفتور ومن ثم ترجلت من السيارة ، تبعها خالد بعد أن أغلق السيارة جيداً وولج كليهما داخل المطعم متشابكين الأيدي ..
, _ مرت ما يقرب ثلاثون دقيقة ، تأففت آية بضجر بائن وتمتمت بتزمجر :-
, _ حتي مفيش احترام للمواعيد ..
, _ ضيق خالد عينيه عليها وقال مندفعاً :-
, _ آية عدي اليوم
, _ وما أن انتهي خالد من جُملته حتي تفاجئ بحضور ريان وصغيرته المتشبثة في ذراعه ، نهض من مكانه بينما لم تبرح آية مكانها ، أشار إليها خالد بعينيه واجبرها علي النهوض علي مضضٍ ,
, _ مد خالد وصافح ريان ثم مد يده ليصافح عنود ، رمقت ريان بحرج بينما أسرع هو بمصافحة خالد قائلا بمزاح :-
, _ اخبارك يا حبيب قلبي
, _ بادله خالد المزاح قائلا :-
, _ ليك شوقة يا راجل و**** !
, _ انفجرا كليهما ضاحكين بينما شعرت عنود بالحرج الشديد ، مدت أية يدها لمصافحة عنود وقالت بإقتضاب :-
, _ أهلا ، انا أية
, _ ابتسمت عنود بعفوية وصافحتها بود قائلا :-
, _ Iam عنود
, _ شكلت آية ابتسامة لم تتعدي شفاها ثم وجهت بصرها إلي ريان ومدت يدها لتصافحه ، بادر ريان بمد يده لكنه تفاجئ بيدها التي صافحت آية بدلاً عنه ،
, _ رفعت آية إحدي حاجبيها مستنكرة تصرفها وأردفت مستاءة :-
, _ إيه ده أنتي بتغيري عليه مني أنا زي أخته علي فكرة ، دي دينا عمرها ما منعتني أسلم عليه ..
, _ إلتوي ثغر عنود بإبتسامة متهكمة واجابتها بثقة :-
, _ مفيش شك طبعاً إنه بيعتبرك أخته بس في حديث بيقول
, "لأن يُطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمسّ امرأة لا تحلّ له" علي الأقل مياخدش ذنوب في وجودي ..
, _ أعجب ريان بردها الذي ألجم أية كما ألجم ألسنتهم أيضاً ، وفي تلك الاثناء عزم أمره بألا يصافح أُخريات من بعد تلك اللحظة ،
, _ تبادل خالد وريان النظرات واستشف كليهما توتر الأجواء ، حيث بادر خالد بالحديث قائلا :-
, _ أنا بقول نتعشي علي طول لأني واقع من الجوع ..
, _ أجابه ريان مؤكداً حديثه :-
, _ أنا بقول كده برده ، أنا مأكلتش حاجة من امبارح ولو قعدت أكتر من كده ممكن آكل٣ نقطة
, _ صمت ريان من تلقاء نفسه ، رفعت عنود عينيها عليه متسائلة بفضول :-
, _ ممكن تأكل ايه ؟
, _ غمز إليه واجابها بنبرة خافتة :-
, _ آكلك ..
, _ ابتلعت ريقها وهي تتحاشي النظر إليه ، اخفضت رأسها حرجاً منه رامشة بعينيها بحياء كبير ، ضم ذراعها بين قبضتي يده وتوجه نحو مقاعدهم ،
, _ سحب مقعداً لها وأشار إليها بالجلوس ثم جلس هو بالمقعد المجاور لها ، تعمد إلصاق مقعده بمقعدها لكي يمنع اي حواجز بينهم ..
, _ كانت تطالعهم أية بنظرات مشتعلة ممزوجة بالإشمئزاز ، لا تتحمل فكرة أن زوج صديقتها حتي وان لم تكون علاقتهم قريبة إلا أنها لا توافقه علي تصرفاته تلك ،
, _ لاحظ خالد نظراتها الثاقبة عليهم ولكزها في كتفها قائلا :-
, _ هتاكلي ايه يا يويو ؟
, _ نجح خالد في جذب انتباها إليه لكي تتركهم وشأنهم ، بينما طلب الجميع طعام متنوع وجلسٰ يتسايران لحين وصول الطعام ..
, _ بس انت صوتك عامل كده ليه من الصبح ؟
, _ تسائل خالد بإهتمام ، بينما أجابه ريان بعد أن ارتشف القليل من المياه لعله ينجح في ضبط حنجرته :-
, _ مش عارف ، تقريباً من السفر خدت دور برد
, _ هز خالد رأسه بتفهم وأردف :-
, _ اشرب يانسون بيهدي الاحتقان ..
, _ فرك ريان ذقنه براحتي يده بتوتر وقال :-
, _ شربت في البيت
, _ رمقه خالد بفتور ثم أشار بيده للنادل وطلب أعشاب ساخنة لريان ( يانسون )
, _ أسرع ريان بالحديث قبل أن يأتي النادل بالأعشاب قائلا :-
, _ مش عايز يانسون ، قولتلك شارب في البيت
, _ أصر خالد عليه بنبرة لحوحة :-
, _ اشرب تاني ، صوتك صعب
, _ رفع ريان يده بالقُرب من وجهه مشكلاً حاجز بها لكي لا تري عنود إشاراته الموحية الي خالد ، ظل يرمش بعيناه لعله يفهم لكن دون جدوي ، سحق ريان أسنانه بعصبية بسبب إصرار خالد عليه وهتف بحنق :-
, _ مش عايز يانسون يا عم خالد في ايه يخربيت دماغك !
, _ لوهلة استوعب خالد ما يرمي إليه ريان ولم يستطيع تمالك نفسه وانفجر ضاحكاً أسفل أنظار الجميع المُسلطة عليه ،
, _ كز ريان علي شفاه السفلية وهو يستشيط غيظاً ، ورمقه بتوعد بينما تسائلت آية بفضول :-
, _ انت بتضحك علي إيه ؟
, _ هز خالد رأسه بنفي وهتف من بين ضحكاته :-
, _ مفيش ، مفيش
, _ مال ريان برأسه نحو عنود بعد انتهاء نوبة الضحك التي شارك خالد بها وقال بصوته الأجش :-
, _ عندي ليكي مفاجأة !
, _ رمقته بحيوية وتسائلت بحماس :-
, _ ايه ؟
, _ سحب ريان نفساً عميق وأمسك بيدها وواصل حديثه المسترسل :-
, _ عارف ان حياتك اتلخبطت من يوم ما جيتي البلد هنا ، وأهملتي دراستك بسببي ، اوعدك أن هما ٢٤ ساعة بس وكل حاجة هتتصلح وهتكون زي ما بتتمني !
, _ رمقته عنود بغرابة وهتفت بعدم استيعاب :-
, _ أنا مش فاهمة حاجة
, _ ربت ريان علي يدها مُشكلاً ابتسامة عذبة علي ثغره وهو يطالعها بشغف ، نظر في ساعة يده ثم رفع بصره عليها ثانيةً وقال بتريث :-
, _ كلها ساعة وهتفهمي كل حاجة !
, _ بادلته نظرة شغوفة مليئة بالفضول حول ما حديثه المبهم ، ثم انتبهت لحديث خالد عن السيارات :-
, _ بس انت ليه جبت ليحيي نفس نوع عربيتك ؟
, _ اعتدل ريان في جلسته وهتف موضحاً :-
, _ الچيب الشيروكي هتريح يحيي في التعامل معاها وفيها خاصية حماية لو السرعة زادت عشان ابقي مطمن عليه ..
, _ هز خالد رأسه بإيماءة خفيفة متفهم توضيح ريان ، وتابع حديثه مضيفاً :-
, _ بفكر اغير عربيتي بس مش عارف اجيبها نوع ايه ؟
, _ بادرت عنود بالحديث الذي فاجئ الجميع :-
, _ أودي تحفة !!
, _ آثار حديثها نظراتهم عليها ، هتف خالد بإعجاب :-
, _ هي فعلا جبارة !
, _ تابعت عنود مضيفة بنبرة متحسمة أثارت غيرة ريان لأنها تحادث رجل غيره :-
, _ I prefer three types of cars !!
, _ صمت الجميع بحرج ولم يجيبها أحداً منهم بسبب عدم استيعابهم لما قالته ، شعرت عنود بالحرج وأردفت موضحة :-
, _ أنا بفضل تلت انواع من العربيات ، أودي ومرسيدس و BMW وخصوصاً لو كانوا low cars عربيات منخفضة يعني ، بحس أنهم شيك وذوقهم راقي !!
, _ انتبهت عنود لنظراتهم المثبتة عليها، لا يُبدُون اي ردة فعل تدل علي الاعجاب أو غيره ، حمحمت بحرج ورمقت ريان بغرابة من أمرهم وسألته بصوت خافت :-
, _ ريان هو في ايه انتوا بتبصولي كده ليه ؟
, _ اتسع ثغر ريان بإبتسامة مبدي إعجابه بها ، رفع بصره من عليها ورمق خالد بعجرفة وتعالي :-
, _ عندكوا حد جامد كده ؟
, _ قهقه خالد عالياً واجابه بثقة :-
, _ بصراحة لاً
, _ تبادل كليهما الضحك عكس أية التي تمكث علي نيران متقدة من فرط الغيظ ، لقد نجحت تلك الفتاة في لفت انتباهم بجدارة ، كما خشت كيدها علي زوجها فإن كيد النساء لعظيم !
, _ مالت علي خالد وهتفت بحنق :-
, _ أنا عايزة أمشي
, _ تنهد بضجر وهمس بالقرب من أذنها بصوت منخفض :-
, _ تمشي فين ده أنا محاضرلك مفاجأة عنب
, _ ابتعدت عنه ورمقته بتعجب وسألته بفضول أنثوي :-
, _ مفاجأة ايه ؟
, _ غمز خالد إليها وأردف بإبتسامة ماكرة :-
, _ هنجيب أخت لزياد واياد !
, _ قطبت أية جبينها بتذمر وأردفت بإقتضاب :-
, _ و**** ، دي المفاجأة !
, _ قهقه خالد عالياً بسبب تذمرها وأردف مازحاً :-
, _ اتقلي علي الرز يستوي
, _ قلبت أية عينيها بضجر وقالت بنبرة محتقنة :-
, _ رز ايه يا خالد انت جعان ؟
, _ تراجع خالد للخلف ووضع يده علي بطنه وحرك يده بحركات دائرية قائلا :-
, _ أنا واقع من الجوع ، هو العشا هيجي امتي ؟
, _ أجابه ريان عندما رأي النادل يسير باتجاههم :-
, _ العشا جه فك الحزام يابني ..
, _ قهقهت آية وردت عليه بعدم تصديق :-
, _ أقسم ب**** انتو هتفضحونا هنا ..
, _ نهض ريان وقام بمساعدة النادل في وضع الطعام علي الطاولة وقال موجهاً حديثه للنادل مازحاً :-
, _ جيت في وقتك إحنا كنا هنقوم ناكل الناس اللي هنا دي لو اتأخرتوا شوية ..
, _ انفجر النادل ضاحكاً ثم غادر عندما انتهي من وضع الطعام علي الطاولة ، شرع الجميع في إطعام نفسه عدا ريان الذي كان يتعمد أن يُطعم عنود بيديه من حين لآخر ،
, _ انتهي الجميع من الطعام ، وبدأت عنود في جمع الصحون فوق بعضهم بطريقة حضارية ، رمقها ريان بغرابة وقال :-
, _ سيبيهم في واحد مسؤول عن الحاجات دي
, _ وضحت عنود تصرفها المبهم بالنسبة للجميع :-
, _ مش بحبهم يلموا الحاجة من قدام الناس واللي قاعد قدامهم يبصلهم بتعالي ، أنا بعمل كده دايما عشان مسببش الإحراج لحد ..
, _ مد ريان يده وأمسك بيدها ووضع قبلة بداخل كفها قائلا بإعجاب شديد :-
, _ في حد بالجمال ده ؟
, _ توردت وجنتيها بالحُمرة الصريحة خجلاً من قُبلته التي وضعها بداخل كفها أمام الجميع ، تعمدت أن تتحاشي النظر إليهم لكي لا يزداد خجلها أضعافاً ،
, ١٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ جابت الغرفة ذهاباً وجيئا وهي تتحسر علي زهرة شباب فلذة كبدها قائلا بنبرة مغلولة :-
, _ ابني بيضيع مني يا ناس ومحدش حاسس بيا ،
, _ رمقت زوجها بنظرات مشتعلة وتوجهت إليه وهتفت بحنق :-
, _ ما تكلم أخوك تشوف ايه اللي حصل مع اللي إسمه ريان ده !
, _ رمقها منصور شزراً وهو يعيد الإتصال بأخيه :-
, _ مبيردش يا ولية مبيردش ..
, _ وضعت سعاد كلتي ذراعيها أعلي رأسها تندب سوء حظها مُهلِلة :-
, _ يا ميلت بختك يا سعاد في جوزك وعيلته ، جبت أخوك يعدل الحال المايل عقدها علينا منكم لله ابني هيروح مني ده حبة المية معدوش بينزلوا بطنه ..
, _ نفخ منصور مستاءً من ندبها المتواصل وصاح بها هدراً :-
, _ ما تسكتي بقا خليني اتلم علي أعصابي وأشوف مؤنس مبيردش ليه ؟
, _ هدأت سعاد من روعها أمامه لكن مازالت نيران قلبها متقدة لا تنطفئ بشتي الطرق ، بينما عاود منصور تكرار مهاتفة أخيه ولكن دون جدوي لا يتلقي منه إجابة ..
, _ تأفف بضجر ثم هب واقفاً وهتف بنبرة حادة :-
, _ مبدهاش بقا ، أنا رايح أشوف هو ايه اللي حصل بالظبط !
, _ نهضت سعاد ورددت بقلق :-
, _ هتروح له في ساعة زي دي ده الطريق من هنا لعنده فيه يجي ساعتين ..
, _ هتف منصور بنبرة تريد الخلاص :-
, _ أن ش**** يبقوا خمس ساعات أنا لازم اعرف ايه اللي حصل يخليه مبيردش علي اتصالات أخوه الكبير ..
, ١٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ مررت بصرها علي المكان بتفحص ثم عاودت النظر إلي ريان وأردفت متسائلة :-
, _ إحنا جايين هنا ليه ؟
, _ تقوس ثغر ريان بإبتسامة عذبة واجابها بلُطف :-
, _ هنبدأ حياتنا هنا ، ٢٤ ساعة خارج نطاق العالم ده كله مفيش غيرنا ، وبعد كده نقدر نرجع لحياتنا من تاني بس هتكون الحياة مختلفة !
, _ شعرت عنود بسخونة طفيفة في وجهها ، كما شعرت بتوتر يجتاحها من لا شئ ، شعور قوي سري في أوصالها قد اهابها منه ، ازدردت ريقها خشية مما هو آتٍ ، فاجئها هو بقراره لكن ربما هذا الافضل لهما ،
, _ دني منها ريان ولامس وجنتها بإبهامه قائلا :-
, _ لا لا بلاش نظرة الخوف دي
, _ اقترب منها وهتف متسائلاً :-
, _ انتي مش عايزاني زي ما أنا عايزك ؟
, _ طالعها ريان قيد انتظار إجابتها بتوجس خشية أن يلقي إجابة هزيلة عكس ما يتمناه قلبه ، طال صمتها فبادر هو بالحديث
, _ انتبهت لصوته الذي تحول للجدية ، وحدقت فيه بإرتباك ، عمق هو نظراته عليها وقال بثبات :-
, _ لو مش موافقة أنا مش هجبرك عل٤ نقطة
, _ استشعرت عنود من طريقته عدم رغبته في إجبارها علي شئ ، خفق قلبها خوفاً من أن يعاقبها **** إذا أبت ورفضته ، كما أنها لا تريد أن ترفضه كزوج لها هي فقط مرتبكة من هول المفاجأة لقد وضعها في أمر يصعب عليها استيعابه بتلك السهولة كما يتوقع ، وقبل أن يضيف حرفاً آخر قاطعته :-
, _ أنا موافقة !
, _ لم يصدق ما سمعه لتوه فسألها بعدم تصديق :-
, _ ايه ، قولتي ايه ؟
, _ ضغطت علي شفتاها بإرتباك خجل وأردفت مؤكدة ما قالته :-
, _ أنا موافقة
, _ إلتوي ثغره بإبتسامة عريضة ، دقت اسارير السعادة قلبه لموافقتها ، قاطع خلوتهم خالد بتدخله متسائلاً :-
, _ عجبك المكان ؟
, _ أجابه ريان وهو يجوب المكان بأنظاره :-
, _ عظيم !
, _ غمز إليه خالد وأشار بيده إلي الفيلا المجاورة للفيلا التي قام بأستأجارها له :-
, _ شايف المزة اللي جنبها دي أنا خدتها ليا وانا المدام !
, _ حدق به ريان بذهول ثم هتف بحنق :-
, _ قول أنك بتهزر !
, _ هز خالد رأسه بنفي واردف مؤكداً :-
, _ أجرتها ليا و**** ..
, _ ضيق ريان عينيه عليه ورمقه بنظرات مشتعلة وملامح مستاءة من تصرفه ، بادر خالد في الحديث قائلا :-
, _ في ايه انا هنام في حضنك ما دي فيلا ودي فيلا !
, _ اقترب منه ريان ولكزه بعنف في ذراعه وصاح به :-
, _ أيوة بس بمدخل واحد وبيسين مشترك !
, _ رفع خالد بصره للاعلي بتهكم وردد بعدم تصديق :-
, _ هنبقي نعمل دوريات عليه ، خلاص بقا متقفلهاش في وشي ، واه علي فكرة أنا دفعت ايجار الفيلتين من الفيزا بتاعتك !
, _ إلتوي ثغر ريان بتهكم وأردف وهو يضرب كفيه في بعضهم :-
, _ كمان !
, _ هز خالد رأسه بإيماءة خفيفة مشكلاً ابتسامة متهكمة علي ثغره :-
, _ كافئت نفسي علي سنين عمري اللي ضاعت معاك ..
, _ انفجرا الجميع ضاحكين علي دعابته ، سيطر ريان علي ضحكته وردد متعجباً من أمره :-
, _ حسستني اني متجوزك عرفي ، عموماً أنا مش ناوي أضيع بقيت اليوم معاك انت يلا سلام واه مش عايز اشوف خلقتك في الجنينة نهائي اتقي شري ،
, _ قهقه خالد ساخراً واردف :-
, _ أنت فارد ريشك علينا ليه ها ؟
, _ أمسك ريان بذراع عنود وشبكه بين ذراعه واجاب خالد مختصراً حديثه :-
, _ انت قاعد هنا بفلوسي يعني كلامي يتنفذ بالحرف !
, _ أنهي جُملته ثم توجه بخُطي ثابتة إلي باب الفيلا برفقة عنود ، وما إن تخطي الباب حتي حرر يداها من بين قبضتيه ، رمقته عنود بنظرات متعجبة من أمره لكنها سرعان ما فهمت ماذا ينوي فعله حينما انحني ريان بجسده ووضع احد ذراعيه أسفل ركبيتها والآخر حول خِصرها وبحركة سريعة منه حملها بين ذراعيه ..
, _ حاوطت عنقه بيدها ، تعمد ريان التباطئ في خطواته وهو يصعد الدرج لكي يستمتع بكل ثانية تمر عليه معها ، لا يريد تضيعة دقيقة في تلك الـ الأربع وعشرون ساعة ،
, _ فقط يريد أن يبدأ بحياة مختلفة تماماً عن ذي قبل ، لكي يستطيع مواصلة حياته بعقل أكثر حكمة ورزانة يحسن التصرف والتعامل ، بقلب لين يُسهل مجاراته ، شخص جديد تماماً عن ذاك الريان الحاد ذو الطابع القاسي والقلب الجامد ، بداية جديدة من كل شئ ، سيتشبث بأطراف احلامة إلي أن يصل الي مجدها ، سيزهران معاً جسدان بقلب وعقل واحد !
, _ سيواصل سبيله لطلاما لم يبدأه بعد ، فقط معها هي !
, _ خُلق ريان جديد من خلف عناقها الذي هز كيانه وانحطت قواه كرجل شرقي لا تليق به تلك التصرفات الشبابية ، لكن الآن لا يعبأ كثيراً لتلك الهرائات الحمقاء التي لم يسبق له تجربتها والشعور بلذتها القوية ،
, _ وصل بها إلي أحد الغرف بالطابق العلوي ، رمق الغرفة بإعجاب شديد ثم انحني بجسده ووضعها برفق علي الفراش ، تذكر أنه لم يُحضِر القميص معه ، استأذن منها وجلبه سريعاً وعاد اليها ،
, _ وضع الحقيبة أمامها علي الفراش وأردف بحرج ممزوج بشعور من الحماس :-
, _ البسي ده ، هستناكي برا!
, _ نهض ريان فأسرعت هي في التعلق في ذراعه قائلة :-
, _ ممكن نصلي الأول !
, _ عقد ريان ما بين حاجبيه بغرابة ، أي **** تتحدث عنها الأن ؟ فالفجر لم يأذن بعد إذا ما نوعية تلك الصلاة ؟ وكيف تفكر في أداء **** في تلك الاوقات ؟
, _ تنهد وسألها بنبرة رخيمة :-
, _ هنصلي ايه ؟
, _ تنهدت بحرارة وهتفت موضحة :-
, _ إحنا هنبدأ حياة جديدة مع بعض النهاردة ، لازم نبدأها بالصلاة زي بداية اي حاجة في حياتنا لازم نرضي **** الأول عشان يبارك لما في حياتنا !
, _ تقوس ثغر ريان بإبتسامة عذبة ، لم تفشل قط في نيل إعجابه ، سيعترف بأنه لما كان سيفكر بالصلاة مطلقاً في حين كهذا ، فقط تغلبت عليه غرائزه ونسي بأن **** له حق الحمد والشكر قبل أن يبدأ بأقل القليل ..
, _ شعر ريان بالخجل الشديد منها ، هي الانثي الصغيرة التي ذكرته بربه بينما هو الذكر الراشد لم يفكر به قط ، حسنا عليه الإعتراف أنها أعظم مما توقع بمراحل جمة!!
, _ هتف مرددا بأعين لامعة :-
, _ عندك حق !
, _ شرع كليهما في أداء ركعتان لله ومن ثم التفت ريان إليها ، أمسك بيدها ووضع قبلة داخل كفها ، داعب وجنتها بإبهامه بحركة ثابتة ، أبتسمت بحياء أثرها ، خجلت من نظراته المتطلعة بعشق إليها ، توتر شديد يعصف بخلاياها الساكنة ، خفق قلبه لحيائها التي يواجهه دوماً ،
, _ تسلل بيده من خلف ظهرها وفك حجابها بسلاسة ، أوصدت عنود عينيها بإرتباك قد تملك منها ، شاعرة بتلك الرجفة القوية في أوصالها ،
, _ رفع ريان وجهها بيده ففتحت هي عينيها التي تحول لونها إلي الحُمرة الصريحة من فرط الخجل الممزوج بالتوتر ، أسبل ريان عينيه عليها وهو يطالعها بشغف وتمني ، أردف بتنيهدة تحمل الاشواق والرغبة :-
, _ عنود أنا بحبك اوي
, _ لمعت عيناها ببريق مشرق غير مصدقة أنه صرح بحبه دون زيف أو تجميل ، خفق قلبها وتخبطت بين اضطراباتها التي اجتاحتها لتصريحه بحبها ،
, _ تنهد ريان مقاوماً شعور التودد إليها ، يجب عليه التأني وعدم العجلة فالأمر سيتم بالأخير ، اقترب من وجنتها ووضع قبلة عليها ، ابتسم لها بعذوبة وعشق وهتف مردداً بنبرة حنونة :-
, _ أنا هستني برا !
, _ هزت رأسها بإيماءة خفيفة خجلة ، نهض ريان ودلف للخارج ، لم يستطيع الجلوس فقد جاب الردهة ذهاباً وجيئا بخطي غير مستقيمة ، ينتظر هطولها علي آحر من الجمر ، يرسم عدة صور لها في عقله لكن فشل في تصورها بشتي الطرق ، إذاً كيف ستكون طلتها ؟
, _ تنهد بحرارة وأجبر نفسه علي الجلوس قيد انتظارها ، بينما نهضت عنود من علي الأرض وسارت بخطي خجولة نحو الحقيبة الموضوعة علي الفراش ، دست يدها فيها وجذبت ما بها ، أصاب حدسها الأنثوي فهي كانت متوقعة إيجاد ذلك القميص ،
, _ وضعته علي جسدها وتوجهت نحو المرآة تتوقع معالمه عليها قبل أن تشرع في ارتدائه ، لفت انتباها تلف صغير به ، اخفضت بصرها عليه لتتأكد مما رأته ، صعقت عندما رأته ثوب قديم ممزق به بعض الثغرات التالفة ،
, _ أيمزح معها ذاك الرجل أم ماذا ؟ بالتأكيد يمزح !
, _ تنهدت بضيق وتمتمت بنبرة محتقنة :-
, _ هلبسه ازاي ده ؟
, _ نفخت بضجر ثم قررت بألا ترتديه ستكتفي بتنورتها القصيرة وبنطالها الجينز التي ترتديهم أسفل ثوبها الفضفاض ، أعادت وضع ذاك القميص التالف في حقيبته و توجهت نحو المرآة وحررت خصلاتها ، لم يكن هناك فرشاه لتمشط شعرها ، تنهدت بضيق ثم تلاعبت بخصلاتها يميناً ويساراً الي أن بات مظهره مقبول بالنسبة إليها ، لا تعلم أنها ستعجبه بتلك الخصلات المبعثرة علي جانبها الأيمن ،
, _ توجهت نحو الباب بخطي متمهلة ، وقفت أمام الباب حائرة ماذا ستجيبه أن سألها عن عدم ارتدائها للقميص ، بالتأكيد لن تصارحه لكونه ممزق تالف..
, _ أدارت مقبض الباب بعد أن تنهدت بحرج اكبر ثم دلفت للخارج علي إستحياء شديد ، عيناه كانت مثبتة علي الباب وما إن شعر بفتحه حتي نهض مسرعاً قبل أن تظهر هي أمامه ،
, _ تقوس ثغره بإبتسامة شغوفة متحمسة لكنها سرعان ما اختفت من علي محياه ، بربك بنطال ماذا في هذا الوقت ؟
, _ تنهد بضيق واردف متسائلاً وهو يحك مؤخرة رأسه بإرتباك :-
, _ ايه ده ؟ انتي ملبستيش اللي أنا جيبتهولك ليه ؟
, _ اخفضت عنود رأسها بحياء وقد تلونت بشرتها خجلاً ، تابع ريان حديثه مضيفاً :-
, _ هو مش عاجبك ؟ أنا طلبت من هاجر تشتريه هي لاني مش بفهم اوي في الحاجات دي !
, _ رفعت بندقيتاها عليه وهتفت بإرتباك خجل :-
, _ كده كويس برده ..
, _ ضيق ريان عينيه عليها متعجباً منها وأسرع بالقول :-
, _ كده كويس ايه بس انتي شكلك مكسوفة ، تعالي أنا هساعدك ..
, _ وقبل أن تجيبه كان قد أمسك بيدها وولج داخل الغرفة متجهاً الي حيث الحقيبة ، دس يده بداخلها وأخرجه قائلا :-
, _ ماله بس مش فاه٤ نقطة
, _ صمت ريان من تلقاء نفسه عندما وقع أسفل أنظاره ذاك الثوب المتهالك ، ما هذا ؟
, _ رفع بصره عليها بحرج بائن استشفته هي وبادرت بالحديث متفهمة :-
, _ ريان عادي ، There is no problem with that ( لا توجد مشكلة في ذلك )
, _ رمقها ريان مستاءً من فعلة شقيقته التي لم تتقبل وجودها بعد ، كز علي أسنانه بغضب عارم ثم دلف الي الخارج بخطي غير مستقيمة ، جذب هاتفه من علي الأريكة وقام بالاتصال علي شقيقته ، تبعته عنود الي الخارج وأسرعت خطاها نحوه قائلة بتوسل :-
, _ ريان Please الموضوع مش متساهل بجد متكبرش الموضوع !
, _ رمقها ريان بأعين ينطقان منهم الشرار وأردف بحدة :-
, _ استني
, _ رمقته بنظرات تحثه علي التوقف لكنه لم يكترث لنظراتها وأعاد تكرار مهاتفة هاجر إلي أن أجابته بصوت ناعس :-
, _ ريان!
, _ صاح بها مندفعاً :-
, _ ايه اللي انتي حطهولي في الشنطة ده ، هو ده اللي أنا طلبته منك ؟
, _ اعتدلت هاجر من نومها شاعرة بالغرابة من نبرته فهي لم تستعيد وعيها بعد ، ألقت نظرة سريعة علي زوجها وصغيرها ثم تسللت إلي الخارج علي أطراف أصابعها لكي لا تسبب الازعاج لهم ..
, _ ابتعدت عن مسامع زوجها وصغيرها ورددت متسائلة بتوجس :-
, _ في ايه انا مش فاهمة حاجة ؟
, _ صاح بها ريان هدراً :-
, _ لو لسه مش متقبلاها دي حاجة ترجع لك انما اللي انتي عملتيه ده يزعلني أنا !
, _ هزت هاجر رأسها مستنكرة حديثه التي لا تعي منه شيئاً ، سحبت نفساً عميق لكي تواصل حديثها معه دون بكاء لكن فشلت في ضبط نبرتها التي خرجت متحشرجة :-
, _ ريان و**** العظيم مش فاهمة حاجة أنا عملت ايه ؟
, _ تنهد ريان بضجر بائن وهتف بتهكم :-
, _القميص القديم اللي انتي حطاه في الشنطة٣ نقطة
, _ تفاجئت بحديثه التي لا تعلم عنه شئ فقاطعته قائلة :-
, _ ثواني ، قميص قديم ايه اللي بتتكلم عنه ، أنا روحت بنفسي اشتريت واحد حتي أسأل علي هو اللي موصلني ..
, _ مرر ريان بصره علي القميص الذي بيده وهتف متسائلاً بغرابة :-
, _ اومال القميص ده جه ازاي ؟
, _ لم تستطيع هاجر تمالك قطراتها لأكثر وانفجرت باكية ، وأردفت من بين بكائها :-
, _ مش عارفة شوف انت حطيته فين يمكن حد بدله ..
, _ عاد ريان بذاكرته منذ لقائه بهاجر إلي أن ترك الحقيبة علي الطاولة وولج هو إلي غرفة والده في عدم وجود رنا ، رناااا٣ نقطة
, _ حتماً تلك اللعينة هي من بدلته ، كيف تتجرأ علي فعل ذلك ؟ لم تعلم بعد مع من تتعامل ، إذا فلتلقي نصييها من المصائب التي سيقحهما بها ..
, _ حاول ريان ضبط نبرته التي بدت حادة بعد الشئ واردف بندم :-
, _ أنا آسف يا هاجر حصل سوء تفاهم ..
, _ أغلق معها عندما تأكد من عدم حزنها ثم التفت الي حيث تقف عنود ، لن يسمح لتلك البغيضة في تعكير صفوه ،
, _ اقترب منها وهو يفك أزرار قميصه مشكلاً ابتسامة عذبة علي ثغره ، ألقي بقميصه جانباً أثناء وصوله إليها وأردف هامساً :-
, _ قولتلك قبل كده أنك حلوة وخطفتي قلبي !
, _ تلاحقت ضربات فؤادها بعنف وشكلت إبتسامة خجولة ، وأجابته بنبرة خافتة :-
, _ تؤ !
, _ دني منها ريان وهتف برغبة وتمني :-
, _ ممم طيب تعالي بقا ، ده فيه كلام كتير لسه متقالش ..
, _ أنهي جملته وكان قد حملها بين ذراعيه وولج بها داخل الغرفة ، أغلق الباب بركله قوية من قدمه ثم غاص كليهما في عالم آخر خاص بهم غير أبِيان لما يدور حولهم ،
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ تقف مستنده بمرفقيها علي سور الفيلا تستنشق الهواء العليل الممزوج بتلك البرودة التي تعشقها كثيراً ، سحبت نفساً ثم استدارت بجسدها ورمقت زوجها النائم بغيظ عارم ثم هرولت نحوه بخُطي غير مستقيمة ،
, _ جلست بجواره علي الفراش ولكزته بقوة لكي يستيقظ ، فتح خالد عينيه بثقل وأردف بحنق :-
, _ فيه ايه سيبيني انام !
, تأففت بضجر وهتفت مستاءة :-
, _ انت جايبنا هنا عشان تنام ؟
, _ أولاها خالد ظهره ولم يكترث لحديثها كثيراً ، بينما نهضت أية بتذمر وهي تجذبه من تلابيب قميصه بشراهة طفولية ،
, _ التفت خالد برأسه نحوها بنظرات مشتعلة :-
, _ حرام عليكي منتمش من امبارح سبيني انام ساعتين علي لما النهار يطلع وبعدين هقوم أعملك اللي انتي عايزاه !
, _ أماءت رأسها برفض وهتفت بإصرار :-
, _ تؤتؤ مش هسيبك قوم بقا عشان خاطري ..
, _ أزفر أنفاسه بضجر بائن وأردف بإقتضاب :-
, _ اقوم ازاي وانتي قاعدة كده ؟
, _ ابتعدت عنه أية قائلة بحماس :-
, _ قمت اهو يلا قوم انت كمان !
, _ اعتدل خالد من نومه ورمقها بغيظ وهتف بفتور :-
, _ ها هنعمل ايه ؟
, _ إلتوي ثغر أية بإبتسامة متحمسة وجلست أمامه وأردفت :-
, _ ننزل البيسين!
, _ زم خالد شفاه مستاءً منها كما هز رأسه مستنكراً فكرتها وردد بعدم تصديق :-
, _ انتي عبيطة يا أية ، بيسين ايه الساعة ٣ الفجر نامي يا حبيبتي وبكرة أن شاء**** ننزل البيسين ..
, _ تنهدت أية بضيق وقالت بنبرة محتقنة :-
, _خالد لو منزلتش معايا أنا هنزل لوحدي وانت كمل نومك ويجي واحد يشوف بنوتة حلوة في البيسين لوحدها وانت عارف بقا ايه اللي ممكن يحصل !
, _ رمقها خالد شزراً ووضع يده علي جبينها قائلا :-
, _ لأ مش سخنة اومال مالك في ايه ؟
, _ دفعت أية يده بعيداً عنها وعقدت ذراعيها بتذمر وهتفت بحنق :-
, _ مش عايزة حاجة خلاص كمل نوم ..
, _ أولاته ظهره وكادت أن تنهض لكنه أسرع بجذبها من ذراعها ، داعب وجنتها بإبهامه وردد بإرهاق :-
, _ هعملك كل اللي انتي عايزاه ولو عايزة تكملي الأسبوع كله هنا هقعدك هنا بس أنام ساعتين بس وبعد كده هعملك كل اللي تؤمري بيه ..
, _ تنهدت أية وقد اختفت تعقيد وجهه تدريجياً وعاد وجهها الي طبيعته ، أشفقت علي حالته ولابد من ترأف بحالته المذرية ولا تزيد من همه ، شكلت ابتسامة علي ثغرها وقالت :-
, _ خلاص ماشي صعبت عليا
, _ تقوس ثغر خالد بإبتسامة سعيدة ، جذبها من يدها واجبرها علي الاستلقاء علي الفراش ثم دفن وجهه في عنقها حتي بات في ثُبات عميق أثر مداعبتها لخصلاته كما غفت هي الأخري بعد مدة من الترتيب لما ستفعله بالغد ..
 
٢٦


يجلس على الفراش مستند علي وسادة اسفنجية ، تتوسط هي صدره محاوطة خصره بذراعها ، يعصف بخلاياها مشاعر عدة ، تتخبط بين حيائها الشديد منه بعد خوض خطوة جريئة معه وبين شعور الأمان التي شعرت به بين أحضانه ، ناهيك عن مشاعر الخوف والشجن وبين الشغف والعشق ، تتعسر وتتعسر في أفكارها التي لا نهاية لها ..
, _ لن تنكر أنه بات شاغلها الأساسي ، لا تريد سواه ، ياحبذا عناقه القوي الذي يصل الي اوتارها من فرط قوته ، وها هي تستكين بين أضلعه بشعور مختلف كلياً ، مشاعر عدة تتخبط بينهم ، ما بين شعورها بأنها باتت امرأته ملكه قولاً وفعلاً وبين خجلها الذي ازداد أضعافاً ولا تدري كيفية النظر إليه بعدما حدث ،
, _ قطع حبل أفكارها غنائه بصوت عذب يحمل بين طياته الشوق والعشق وهو يداعب خصلاتها بنعومة :-
, _ حُسنً تجلي ، أسرني خلي ، قلبي مُتيم وعقلي فيه ، سِحرُاً فتني خلاني أغني وخلي روحي يا روحي تروح إليك
, _ وضع أصابعه علي ذقنها ورفع وجهها إليه مشكلاً ابتسامة عذبة علي ثغره ، شعور غريب يراوده لم يشعر بكونه رجل له حقوقه كما عليه واجبات ، للمرة الأولي يشعر بالراحة الكلية ، عقل بذهن صافٍ لا يعكره سوء التفكير ، قلب هادئ لا يشعر بأي اضطرابات ، كما يتغلغل الشعور الاقوي من بينهم وهو السكينة!
, _ يشعر بأنها باتت مسكنه الوحيد الذي يتحلي بالهدوء والطمأنينة لطلاما افتقدهم كثيراً ، أعادت إليه شغفه وشعوره بالشجن حيال كل شئ ،
, _ اقترب من وجهها ومرر أنامله علي شفتاها برفق وهمس قائلا :-
, _ بحبك
, _ سرت رجفة قوية في أوصالها الساكنة ، تقوس ثغرها بإبتسامة خجولة مرتبكة وهمست بصوت رقيق منخفض :-
, _ وأنا كمان!
, _ داعب وجنتها بإبهامه بحركة ثابتة وهتف متسائلاً بخبث :-
, _ وانتي كمان ايه ؟
, _ ابتلعت ريقها مراراً لكي تضبط حنجرتها وهمست بصوت متحشرج :-
, _ وانا كمان .. بحبك
, _ جن عقله عندما صرحت بحبها بتلك النبرة الخافتة ، لم يستطيع مقاومة جوارحه أكثر من ذلك لكن يجدر عليه ألا يخفيها منه فهي لازالت محاصرة بين خجلها لهذا التحول الكبير الذي حدث لها منذ قليل ،
, _ تنهد بحرارة وأردف قائلا وهو يطالعها بشغف :-
, _ تحبي تعملي ايه ، اطلبي اي حاجة وانا اعملهالك!
, _ ضغطت علي شفتها السفلية بحياء وهي تفكر في شئ ما يفعلاه سوياً ، لم تأتي بفكرة جيدة فكل أفكارها بلهاء وهو سيرفض حتماً ،
, _ هز ريان رأسه في محاولة منه علي فهم ما يدور في ذهنها وعندما فشل سألها مباشرةً :-
, _ بتفكري في ايه قولي اي حاجة انتي عايزاها متتردديش!
, _ إلتوي ثغرها بإبتسامة خجولة وطالعته ببندقيتاها التي تنجح دائما في هز كيانه ، وهتفت بحماس :-
, _ عايزة أروح الملاهي!
, _ ضيق ريان عينيه بذهول شديد وهتف من بين ضحكاته :-
, _ اه عارف انك صغيرة بس معرفش أنك طفلة بالشكل ده ، ملاهي ايه اللي عايزاني اروحها؟
, _ زمت عنود شفتاها متصنعة الحزن كما عقدت ذراعيها بتذمر ، سحب ريان نفساً لكي يستطيع مواصلة الحديث معها وردد مازحاً :-
, _ بزمتك تخيلي واحد شحط زيي يروح الملاهي!
, _ تخيلت عنود صورته وهو يلهو ويمرح بين الألعاب ثم انفجرت ضاحكة ، لم تتوقف ضحكاتها بل ازدادت قهقهة ، شاركها ريان الضحك وأردف من بين ضحكاته :-
, _ كفاية ضحك أنا شكلي بقا وحش اوي!
, _ توقفت عن الضحك بصعوبة ثم طالعته مرة أخري وهتفت متسائلة :-
, _ هنعمل ايه ؟
, _ غمز ريان إليها وأردف بثقة :-
, _ هننزل البيسين!
, _ فغرت فاها بذهول وصاحت بعدم تصديق :-
, _ Now?
, _ قطب ريان جبينه واردت بتهكم :-
, _ يعني هي الملاهي اللي تنفع Now?
, _ إلتوي ثغرها بإبتسامة عريضة وهتفت :-
, _ عندك حق ، بس انا مش معايا مايو أنزل بيه!
, _ رفع ريان بصره للاعلي كأنه يفكر في شئ ما ، ثم أخفض بصره عليها وصاح بمكر :-
, _ ومين قال إننا هنحتاج لمايو أصلا؟
, _ اتسعت مقلتيها بدهشة وعقدت ما بين حاجبيها مستنكرة حديثه وصاحت به :-
, _ What?
, _ قهقه ريان علي تعابير وجهها المشدودة وهتف موضحاً :-
, _ البيسين في اوضة مغلقة يعني محدش يقدر يشوفك غيري أنا وبس!
, _ رفعت عنود أحد حاجبيها وتابعت مستاءة :-
, _ أنت قولت لصحبك أن البيسين مشترك يعني ممكن ينزل ويشو٣ نقطة
, _ قاطعها ريان بصوته الأجش :-
, _ حبيبتي انتي عارفة الساعة كام ؟
, _ تلاحقت ضربات فؤادها من خلف كنيته لها بـ حبيبتي ، تقوس ثغرها بإبتسامة شغوفة مليئة بالسعادة كما إلتمعت عيناها وازدادت إشراقاَ ، أخرجت تنهيدة تحمل من الاشواق والامتنان قدراً ،
, _ سألته بشجن فقط تريد سماعها لمرة أخري :-
, _ قولت ايه ؟
, _ عقد ريان ما بين حاجبيه متعجباً من سؤالها وهتف مردداً :-
, _ بقولك انتي عارفة الساعة كام ؟
, _ أماءت رأسها برفض لحديثه ، لا تريد سماع ذلك ، تنهدت وأردفت بنبرة خجولة :-
, _ مش دي انت قولت حاجة قبلها!
, _ هز ريان رأسه متصنع عدم الفهم وهتف متسائلاً :-
, _ حاجة اي؟
, _ أسرعت عنود في الحديث بتذمر :-
, _ انت قولت حبيبتي!
, _ انفجر ريان ضاحكاً وهتف ساخراً :-
, _ طيب ما انتي سمعتي اهو عايزة تسمعيها تاني ليه ؟
, _ ضيقت عيناها عليه مبدية تذمرها ثم نهضت من علي الفراش وسحبت الغطاء حول جسدها والتقطت أول ما جاء بيدها واردته سريعاً ، هرول ريان إليها ولازال يقهقه علي تذمرها الطفولي ، لحق بها واجبرها علي الوقوف أمامه وأردف بنبرة حنونة :-
, _ انتي راحة فين يا روح قلبي
, _ رفعت عنود بندقيتاها عليه بذهول شديد ، لن تنكر أنه يعلم كيفية الدخول لها من ثغراتها كما يعلم كيفية معالجة الأمور بتمكُن ، حاولت الصمود أمامه وعدم إبداء أي معالم لرضاها ، فقط تريد سماع المزيد من كلماته التي تملئ غريزة أنوثتها ويخفق لها قلبها ، فهم ريان لُعبتها وقرر مجراتها فيما تفعله ،
, _ ابتسم ثم انحني بجسده وبحركة سريعة منه لم تستوعبها بعد كان قد حملها بين ذراعيه ، حاوطت عنقه بيدها سريعاً من هول المفاجأة ، رمقته معاتبة تصرفاته المتهورة وأردفت بدلال :-
, _ ينفع تخضني كده ؟
, _ خفق قلب ريان لنبرتها التي آذابت قلبه من فرط رقتها ، ابتسم بشغف وهمس بنبرة عذبة :-
, _ ده انا لو أعرف أن بعد الخضة دي هقابل الرقة دي كنت خضيتك من زمان!
, _ ابتلعت ريقها بخجل بالغ ثم دفنت رأسها في عنقه حتي لا يتقابلا في نظرة تثير الجدل بداخلها من خلف نظراته عليها ،
, _ سار ريان بالقرب من الباب فشهقت هي بذعر وهتفت متسائلا :-
, _ إحنا رايحين فين ؟
, _ غمز إليها واجابها وهو يهبط إلي الأسفل :-
, _ هننزل البيسين !
, _ رفعت رأسها قائلة ورمقته بعدم تصديق وأردفت بنبرة متلعثمة :-
, _ لا مينفعش هنزل كده ازاي ، ريان Please
, _ لم يعُقب علي كلماتها المتوسلة التي تحثه علي التوقف ، وتابع سيره إلي الطابق الأرضي حيث يوجد به حمام السباحة ، وقف أمامه ثم اخفض بصره عليها قائلا بإبتسامة ماكرة :-
, _ هعمل فيكي حركة وحشة اوي!
, _ هزت رأسها بعدم فهم وقبل تسأله عن تفسير حديثه المبهم كان قد ألقي بها في المسبح ، وضع يديه في منتصف خصره يطلق قهقهاته عالياً ، بدأت ضحكاته تدريجياً في الاختفاء حينما لم تطفو علي سطح المياه ،
, _ جلس القرفصاء يبحث ببصره عليها بشعور من القلق قد تغلغل بداخله ، سحب نفساً وهتف منادياً إياها بتوجس :-
, _ عنود..
, _ تملك منه القلق حينما لم تجيبه ، ألقي بنفسه سريعاً باحثاً عنها ، تلاحقت نبضاته بصورة قاسية عندما وقع بصره عليه ملقاه علي الأرض لا يصدر منها أي حركة ، سبح نحوها بتوجس عارم ثم أمسك بذراعها وارتفع بجسده إلي الاعلي مسرعاً ،
, _ وما أن أخرج رأسها من المياه حتي انفجرت ضاحكة بصوت عالٍ ، رمقها ريان بنظرات مبهمة ، لا يدري ماذا يحدث ، لماذا تضحك ؟ أهي بخير أم أن بها سوء ، لا يدري! ظل مثبت بصره عليها يتفحص ملامحها لكي يتأكد من عدم وجود أي مكروه قد مسها ،
, _ ابتلع ريقه وهتف متسائلاً :-
, _ انتي كويسة؟
, _ لوهلة شعرت عنود بالندم الشديد حياله ، تلاحقت ضربات فؤادها من خلف خوفه البائن ، تنهدت واحتضنت وجهه بين يديها الصغيرة وهتفت بنبرة نادمة :-
, _ Iam fine أنا تمام!
, _ رمقها ريان بعدم استيعاب لما حدث وردد قائلا :-
, _ يعني ايه اللي حصل ده؟
, _ تقوس ثغرها بإبتسامة لم تتعدي شفاها وأجابته وهي تتحسس وجنته بنعومة :-
, _ It's a prank مقلب!
, _ شهيق وزفير فعل ريان ثم احتدت ملامحه عليها ، تنهد بضجر وأردف محذراً :-
, _ آخر مرة تعملي فيا كده تاني..
, _ أماءت رأسها بالإيجاب نادمة علي تصرفها ، اقتربت منه وهمست أمام شفتاه :-
, _ قلقت عليا ؟
, _ أمسك ريان يدها ووضعها علي قلبه وهتف بحدة :-
, _ تقريباً دي إجابة كافية علي سؤالك!
, _ شعرت عنود بنبضات قلبه تكاد تخترق ثيابه من شدتها ، ارتخت ملامحها تأثراً بخوفه ، ثم اقتربت من شفتاه ووضعت قُبلة رقيقة عليهم وهمست نادمة :-
, _ Iam sorry ..
, _ ابتعد عنها وصاح متسائلاً بعدم استيعاب بعد لما حدث :-
, _ انتي عملتي كده إزاي ؟
, _ إلتوي ثغرها بإبتسامة متعجرفة مليئة بالثقة وهتفت بتعالي :-
, _ ممم يمكن لأني كنت بطل لوس أنجلوس في السباحة والغوص لمدة ٣ سنين!
, _ صدح صفير ريان بإعجاب شديد ، وحاوط خصرها بذراعه لتكون هي حبيسة ذراعيه ، مال برأسه بالقرب من وجهها وهمس بفخر :-
, _ ده انتي طلعتي جامدة اوي!
, _ ابتعدت قليلا عنه ورفعت إحدي حاجبيها قائلة بثقة مبالغة :-
, _ it's me ( إنها أنا )
, _ ضيق ريان عيناه عليه وهتف بحنق زائف :-
, _ بقا انتي تخضيني !
, _ تعالت قهقهات عنود عالياً ، وتفاجئت به يحاوطها بيده ورفعها للأعلي ثم ألقي بها مرة في المياه ، سبحت بعيداً عنه كما تبعها هو وظل يسكب المياه أعلاها ، بادلته عنود اللعب والمرح لوقت طال لساعات
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ داعبت وجنتاه بخفة واقتربت من أذنه وهمست قائلة :-
, _ خلودي قوم يلا
, _ بعد محاولات لإيقاظه ، فتح عيناه بإرهاق بادي علي ملامحه واردف بصوت ناعس :-
, _ إيه ؟
, _ تنهدت بضجر وهي تحاول مواصلة الحديث معه بنبرة هادئة :-
, _ قوم يلا انت نايم بقالك ساعتين وأنا عايزة انزل البيسين ، اتفضل قوم بالذوق عشان مضطرش اني اقومك بالعافية!
, _ فتح خالد عيناه بثقل وهتف بحنق :-
, _ يعني أنا لما اقولك انام ساعتين يبقوا ساعتين بالظبط!
, _ نفخت أية بتذمر ونهضت من علي الفراش ثم وقفت أمامه واضعة يديها في منتصف خِصرها وصاحت بتذمر :-
, _ خليك نايم أنا نازلة ..
, _ تأفف خالد بضجر واعتدل من نومته ، تثائب بكسل وفرد ذراعيه ربما يشعر ببعض النشاط والحيوية ، رفع بصره عليها وهتف بإقتضاب :-
, _ استني
, _ نهض وسكب بعض المياه علي وجهه سريعاً ثم خلع سترته وألقاها علي الفراش ، أقترب منها بخطي متمهلة وهتف بإقتضاب :-
, _ اتفضلي لما نشوف اخرتها معاكي ايه؟
, _ اتسعي ثغر أية بإبتسامة عريضة واجابته بنبرة مليئة بالحيوية عكس نبرتها الغاضبة منذ قليل :-
, _ اخرتها دلع يا بيبي
, _ تشبثت في ذراعه كالطفلة وظلت تتراقص وتتغنج بجسدها بسعادة غامرة ، وصلٰا إلي الطابق السفلي حيث المسبح ، كانت تسرع آية في خطاها لكي تصل أسرع فهي لا تطيق الانتظار ،
, _ تصلبت قدماها عندما رأت ريان نائم علي حافة المسبح وتتوسط عنود صدره العاري بثيابها المنزلية المبللة ، تراجعت إلي الخلف حتي تلحق بخالد قبل أن يولج الي الداخل ويشاهد ذلك الوضع ، وخصيصاً بأن عنود لا ترتدي حجابها ،
, _ اصطدمت به وهي تستدير بجسدها ، خفق قلبها فزعا منه وكادت أن تصرخ عالياً لكنها وضعت يدها علي فمها سريعاً حتي لا تسبب ضجة للأخرين ،
, _ سحبت نفساً وعدلت من وتيرة أنفاسها المتسارعة وأمسكت بيد خالد قائلة :-
, _ تعالي نطلع أنا غيرت رأيي
, _ قطب خالد جبينه بغرابة من أمرها وهتف بحنق :-
, _ أنتي مجنونة صح ، انتي مش بتزني من وقت ما جينا ودلوقتي مش عايزة!
, _ أسرعت أية بالحديث قائلة بتعلثم :-
, _ حسيت اني تعبانة ومش هقدر أنزل المية هننزل وقت تاني ..
, _ أخرج خالد تنهيدة بطيئة مليئة بالضجر وهتف بإصرار :-
, _ وانا مش هنزل غير الوقتي
, _ أجبرها علي التنحي جانباً ثم مر بجانبها دون أن يعبأ لندائتها عليه ، تجمد في مكانه حينما رأي صديقه في ذاك الوضع ، استدار بجسده سريعاً ورمق أية بنظرات مشتعلة وصاح بها هدراً :-
, _ مش تقولي أنهم جوة!
, _ عقدت آية ما بين حاجبيها بغضب وأردفت بإقتضاب :-
, _ و****! ما انا حاولت امنعك وانت اللي اصريت دي غلطتي يعني ؟
, _ نفخ خالد بضجر بائن ثم صاح بنبرة صارمة :-
, _ أنا كنت غلطان أصلا لما خدت فيلا مشتركة ، اطلعي حضري حاجتك خلينا نمشي من هنا
, _ اتسعت حدقتي أية بذهول وأسرعت في الحديث بنبرة متوسلة :-
, _ إحنا ملحقناش نعمل اي حاجة!
, _ رد عليه خالد بحنق وهو يصعد إلي الاعلي :-
, _ مش مهم نعمل حاجة ما إحنا ياما عملنا ..
, _ مررت أية بصرها علي الاخرين ثم صعدت خلفه بتذمر ، ولجت داخل الغرفة وشرعت في ارتداء ثيابها متعمدة تجاهله لكي يشعر بالندم حيالها ، لكن غضب خالد كان أكبر من أن يلاحظ حزنها السخيف ،
, _ أنهي ارتداء ثيابه ثم هبط الي الأسفل برفقتها وهم بمغادرة المكان سريعاً ..
, ٣٥ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ وضع فنجان القهوة علي الطاولة بعدما أنهي احتسائه ، سحب نفساً عميق ورفع بصره الي أخيه وزوجته وقال متسائلا :-
, _ انت مش بترد علي مكالماتي ليه ؟
, _ تنهد مؤنس بضجر واجاب أخيه بإقتضاب :-
, _ مفيش
, _ انحني منصور بجسده الي الأمام قليلا وهتف بحدة :-
, _ يعني انت جيت من عند ريان أخدت مراتك ومشيت من غير ما تفهمنا اي حاجة وبعدين متردش علي مكالماتي وتيجي الوقتي تقول مفيش ، أصدقها أنا ازاي ؟
, _ تأفف مؤنس بضيق ثم رمق زوجته الجالسة مقابلة وأمرها بالنهوض ، لبت زوجته أمره وولجت داخل غرفتها في هدوء تام، بينما اعتدل مؤنس هو الآخر في جلسته وأردف بنبرة معاتبة :-
, _ انتوا ضحكتوا عليا يا منصور فهمتوني أن البت هي اللي وحشة وعايزة تخطف إبنك ومحدش قالي علي المصيبة اللي انتوا عملتوها اللي فضحتوا بيها نفسكم قبل ما تفضحوها ، ازاي قدرت تعمل في بنت أخوك كده ؟
, _ شعر منصور بالندم لكنه لا يريد الإعتراف بخطئه وهتف معترضاً :-
, _ من حقي أخاف علي ابني ومكنش قدامي طريقة أطفشها بيها غير الطريقة دي واهي نفعت والزفت اللي إسمه ريان اللي لبسها مش ابني!
, _ إلتوي ثغر مؤنس بسخرية وهتف مستاءً بفتور :-
, _ انت لو سمعت هو بيتكلم عنها ازاي هتندم أنك ضيعتها من ايدك ، ده خلاني أنا اندم علي تربية بناتي اللي كنت فاكر اللي اني لما أسيب لهم مساحة في حياتهم ده قمة التحرر والديمقراطية ، يا اخي أنا من وقت ما رجعت من عنده وأنا محروج أبص لبناتي ، مش عارف ارفع عيني في عينهم بعد ما وافقت علي أنهم يكونوا بنات متحررين أكتشف إن ده قمة الانحدار والجهل ، أنا طلعت جاهل عن ديني يا منصور ومش عارف اصلح اللي بوظتوا وكنت فاكر إن ده رُقي وان ده الصح !
, _ صمت مؤنس من تلقاء نفسه ليضبط وتيرة أنفاسه ثم تابع حديثه مضيفاً :-
, _ انت خسرت بنت علي خُلق يا منصور ده اللي أقدر اقولهولك ، أتمني تصلح علاقتك معاها عشان متبقاش خسرت مرات ابنك وبنت أخوك !
, _ لوهلة شعر منصور بالندم حيال تصرفه مع تلك الفتاة ، لا يشعر لما شعر بالندم الأن ؟ ما الذي تغير حتي يشعر بذلك!
, _ أخرج تنهيدة مليئة بالهموم والحزن ثم نهض ورمق أخيه بندم :-
, _ أنا همشي يا مؤنس متزعلش مني اني حطيتك في موقف محرج زي ده
, _ نهض مؤنس هو الآخر وأردف قائلا :-
, _ يمكن ده تدبير **** اني افوق قبل ما بناتي تضيع مني ..
, _ شكل منصور إبتسامة متهكمة لم تتعدي شفاه ثم استأذن وهم بالمغادرة ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ استيقظت علي ألم طفيف أسفل ظهرها ، فتحت عينيها ببطئ تستشف المكان التي تجهل معالمه ، نهضت بذعر وهي تجوب المكان بأنظارها ثم هدأت عندما تذكرت أنهما قد غفيا علي حافة المسبح ،
, _ أخفضت بصرها علي ريان وشكلت إبتسامة سعيدة علي محياها ، كم هو وسيم في نومه! حتي وعينيه موصدتان لم يفشل في جعل نبضاتها تتسارع ، ماذا فعلت بي أيها الرجل الثلاثيني؟
, _ أسندت بمرفقها علي الأرض لكي تكون أقرب إلي وجهه ، طالعته بعشق كما روادها شعور من الرضاء لكونه في حياتها ، سمحت لأناملها أن تتخلل خصلات شعره الناعمة ، جذب انتباها لون بعض الخصلات التي تميل إلي البني الفاتح ،
, _ اقتربت منه أكثر لتتأكد مما رأته ، ابتسمت متعجبة من أمر تلك الخصلات الملونة دوناً عن غيرها ، لأول مرة تري بضعة خصلات فقط مختلفة اللون عن بقيتها ، حسناً ستعلم حقيقتهم لاحقاً حتماً ،
, _ أخفضت بصرها علي وجهه وتفاجئت بعيناه تطالعها في صمت ، ذعرت عنود وتعالت صراختها بخوف عارم من خلف نظراته عليها ، أسرع ريان بوضع يده علي فمها لكي يمنع صرخاتها التي دوت في المكان بصوت مرتفع ،
, _ حاولت عنود أن تهدئ من روعها لكنها فشلت كأنها حُشرت بين خوفها ولا تعلم الخروج منه ، نهض ريان واعتدل من نومته وجذبها برفق الي حضنه لكي يهدئ من روعها ، مالت عنود برأسها علي كتفه وحاوطته بذراعها إلي أن استكانت بين أحضانه
, _ شعر ريان بهدوء نبضاتها عكس ما كانت عليه منذ قليل ، نهض لازالت هي متشبثة به بقوة وهتف بصوته الأجش :-
, _ لفي رجلك عليا..
, _ فعلت ما أمرها به ثم صعد بها الي الطابق العلوي ووضعها علي الفراش برفق ، نزع عنها سترتها التي لم تجف بعد ولازال بها آثار للمياه ، كما نزع ثيابه هو الآخر واقترب منها برغبة وتمني ، فهو يريد التودد معها أكثر ولا يستطيع منع نفسه تلك المرة ، بينما تاهت هي معه إلي أن انجرفا معاً في تيار حبهم ٣ نقطة
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ نفخت بضيق شديد عندما فشلت في الوصول إليها ، حتماً حدث لها مكروه من خلفها ، هي من تسببت في ذلك وعليها إصلاحه لكن كيف فهي لا تعرف عنوان منزلها الي الآن ولا تملك سوي رقم الهاتف الخاص بعنود التي لا تجيب من الأساس ، إذا ماءا تفعل الآن لكي تطمئن عليها ؟
, _ خرجت من شرودها علي ولوج يحيي من باب الجامعة ، تراجعت إلي الخلف ورددت برفض تام :-
, _ لا أكيد مش هسأله عليها يعني !
, _ تنهدت وهي تحاول إقناع نفسها بأن تتراجع عن ما يدور في عقلها ، لكن غلبها قلقها حيال صديقتها وسارت بإتجاه يحيي بخطي متريثة ،
, _ ابتلعت ريقها مراراً ثم نادت عليه بصوتها الناعم :-
, _ باشمهندس يحيي ..
, _ توقف يحيي عن السير حينما سمع إسمه ، استدار بجسده باحثاً عن مصدر الصوت ، اقتربت هالة منه بخطي متمهلة خجولة ، حمحمت بحرج وأردفت بنبرة متلعثمة :-
, _ احم ، عنود .. أقصد يعني هي فين ؟
, _ رفع يحيي كتفيه لعدم معرفته بمكانها الآن ، ورد عليها بإقتضاب :-
, _ معرفش ، حاجة تانية؟
, _ شعرت هالة بالخجل من خلف اسلوبه الجاف معها ، أجبرت نفسها علي التحلي بالصبر لكي تطمئن فقط علي صديقتها ومن ثم ستفر هاربة من أمامه ،
, _ تنهدت بحرج اكبر وأردفت متسائلة :-
, _ يعني هي كويسة اصل أخوك خدها فجاءة و٣ نقطة
, _ قاطعها يحيي وأردف بنبرة محتقنة :-
, _ لما تشوفيها ابقي اسأليها اللي انتي عايزة تسأليه ، تمام!
, _ أنهي جملته ثم أولاها ظهره وغادر ، رمقته هالة بنظرات مشتعلة ممزوجة بالذهول لإسلوبه الفاظ معها ثم قلدت نبرته قائلة بسخرية :-
, _ لما تشوفيها ابقي اسأليها اللي عايزة تسأليه تمام! بارد ومستفز ..
, _ هزت رأسها مستنكرة عجرفته ثم سارت بإتجاه مدرجها وهي تعيد تقليده بحنق وتذمر شديد ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة أمسك بيدها قبل أن تبتعد عنه وأردف متسائلاً :-
, _ لسه بتتكسفي مني ؟
, _ شدت بأناملها علي الغطاء الملفوف حول جسدها لكي لا يسقط أثر تشبثه بها ، شعرت بالحرارة المنبعثة من وجهها حتماً صار كالبندورة ، التفتت إليه وطالعته بحياء ، جذبها ريان لحضنه وكاد أن يتحدث لكن رنين هاتفها أجبره علي الصمت ،
, _ أخرج تنهيدة بطيئة وهتف بحنق :-
, _ مين اللي بيكلمك من امبارح؟
, _ أجابته عنود بعفوية :-
, _ دي أكيد هالة عايزة تطمن عليا!
, _ وقبل أن ينبس ريان بشئ آخر كانت قد جذبت هاتفها سريعاً واجابتها بنبرة خجولة :-
, _ هالة ..
, _ تفاجئت عنود بإنفجار هالة فيها قائلة بإندفاع :-
, _ انتي مش بتردي عليا ليه ، طمنيني عليكي انتي كويسة هو ضايقك ؟ اوعي يكون ضربك انطقي قولي عمل فيكي ايه ؟
, _ صعق ريان مما سمعه منها وهتف مازحاً :-
, _ وجلدتها كمان!
, _ انفجرت عنود ضاحكة بينما وضعت هالة يدها علي فمها بحرج شديد كما التزمت الصمت لبرهة ، حاولت عنود السيطرة علي ضحكاتها وهتفت بصوت ناعم :-
, _ أنا كويسة متقلقيش عليا بس مش هعرف اجي النهاردة الجامعة ..
, _ سحبت هالة نفساً عميق لكي تستطيع مواصلة المكالمة ، وقالت بنبرة متلعثمة :-
, _ متتأخريش عشان وحشتيني
, _ ضيق ريان عيناه علي عنود بتذمر وأسرع بالحديث قائلا بحنق :-
, _ ايه وحشتيني دي محدش يقولها وحشتيني غيري !
, _ اتسعت حدقتي عنود بدهشة ورمقته شزراً لوقاحته مع صديقتها وكادت أن تتحدث لكن كانت قد أغلقت هالة الخط من فرط خجلها ..
, _ رفعت عنود أحد حاجبيها مستنكرة تصرفه وأردفت معاتبة :-
, _ ايه الرخامة دي ؟
, _ اتسعت حدقتي ريان بذهول وأعاد تكرار ما تفوهت به :-
, _ أنا رخم ؟
, _ أماءت رأسها بالايجاب مؤكدة ما قالته ثم نهضت سريعاً قبل أن يصل إليها ، توقف ريان عن السير عندما سمع رنين هاتفه ، رمقها بتوعد ثم اتجه نحو هاتفه واجاب صديقه بنبرة حماسية :-
, _ محدش شافك يعني شاطر بتسمع الكلام
, _ قهقه خالد عالياً وردد بتريث :-
, _ أنا رجعت أصلا ..
, _ أبتسمت عنود عندما روادتها فكرة ما لكي تنتقم منه علي تصرفه الوقح مع صديقتها ، اقتربت منه بدلال وهي تتغنج وتتمايل إلي أن وصلت إليه ، جلست علي قدمه فحاوط ريان خصرها بذراعه لكي لا تقع ،
, _ اقتربت من شفتاه ووضعت قبلة عليها متعمدة تكرار فعلتها لكي لا يستطيع مواصلة حديثه مع صديقه ، رمقها ريان بنظراته التي تحثها علي التوقف لكن دون جدوي ..
, _ أبعدها عنه وواصل حديثه متسائلاً بإهتمام :-
, _ مشيت لي..
, _ لم ينهي جملته بعد وقد قبلته ثانيةً ، تراجع برأسه الي الخلف وهتف :-
, _ مشيت ليه ؟
, _ تنهد خالد وأردف بنبرة محتقنة وهو يفرك ذقنه بعصبية :-
, _ جه شغل مستعجل ، فكك انت مني المهم اتبسط أنا قولت اعرفك
, _ كاد أن يجيبه لكنها عاودت تكرار فعلتها ولم تدع له الفرصة في التحدث ، شعر خالد بحدوث شئ ما خاطئ وهتف مازحاً :-
, _ هكلمك بعدين شكلك مش فاضي الوقتي ..
, _ ألقي ريان بهاتفه جانباً فتعالت ضحكات عنود قائلة بإنتصار :-
, _ عرفت الرخامة بتكون ازاي ؟
, _ ضيق ريان بصره عليها ثم ألقاها علي الفراش فتعالت ضحكاتها بينما هتف هو بمكر :-
, _ انتي اللي بدأتي استحملي بقا ..
, _ ظهرت إبتسامة عريضة علي ثغر خالد عندما صغي لاصواتهم وأسرع بإغلاق الهاتف بينما حاولت عنود إيقافه عن دغدغتها وهتفت متسائلة :-
, _ هنروح لياسر أمتي ؟
, _ احتدت ملامح ريان بغضب ثم نهض بتذمر وهتف بحنق :-
, _ هو ده وقت يتقالي فيه ياسر ؟
, _ شعرت عنود بالندم لكنها لن تترك له المجال حتي يقلب الطاولة عليها ، نهضت وسارت خلفه واجابته بنبرة ناعمة :-
, _ ده أحسن وقت نقرر فيه هنعمل ايه في اللي جاي ..
, _ استدار إليها ريان عاقداً حاجبيه بغرابة بينما تابعت هي حديثها مضيفة :-
, _ انت قولتلي ان اللي بعد كده حياة تانية مختلفة يعني إحنا لازم نصلح كل حاجة عشان نعرف نعيش الحياة اللي إحنا عايزينها ، أولهم نعرف ياسر اننا مش زعلانين منه ، وتاني حاجة تحط حد لرنا معاك!
, _ اتسعت حدقتي ريان بذهول فهي لم يسبق لها وصرحت بعلمها بما يحدث من قبل رنا ، سحبت عنود نفساً عميق لكي تستطيع مواصلة حديثها ، عادت وجلست علي طرف الفراش ورفعت بصرها علي ريان ثم هتفت بنبرة محتقنة :-
, _ أنا عارفة كل حاجة ، سمعتها وشوفتها بعيني يمكن تصرفاتها معاك اللي خلتني أخد خطوة من نحيتك ، كنت خايفة تتأثر بيها أوي وخصوصاً أنك كنت ضعيف ومضغوط في الوقت ده ، أنا مش ندمانة اني حضنتك يومها أنا كنت فاكرة اني هدواي حزنك وقتها بس انا اللي كنت محتاجة الحضن ده ، انا اللي كنت ضعيفة ومحتاجة أقوي ووقتها كنت قوية بيك انت ..
, _ كان يصغي لها بإهتمام بالغ ناهيك عن تأثره بحديثها ، سحب نفساً عميق وسار نحوها بخطي متمهلة ، جلس بجوارها واحتضن يدها بين قبضتيه وهتف متسائلاً :-
, _ ليه بتقوليلي الكلام ده الوقتي ؟
, _ أخرجت عنود تنهيدة بطيئة ورمقته بشغف :-
, _ ريان أنا بحبك اوي ومش عايزة اي حاجة تاثر علي حياتنا ، أنا متفهمة أن ظروف جوزانا كانت غريبة ويمكن كان غلط أصلا اننا نت..
, _ قاطعها ريان بوضع إصبعيه علي فمها وتابع هو مستاءً من حديثها :-
, _ متكمليش ، انتي أحلي حاجة حصلتلي كفاية إني لقيت نفسي معاكي ، عنود أنا كنت واحد فاضي كل اللي بيعمله أنه بيرضي غيره وبس أنا نفسي مكنتش بهتم أنا محتاج ايه وحقوقي ايه عليا ، تخيلي ١٦ سنة كان الحل بسيط جداً ومحدش قدر يوفرهولي ، انتي جيتي في لحظة وفرتيلي احتياجاتي ، انتي يومها محضنتنيش حضن عادي انتي داويتي وعالجتي ورجعتيلي الأمان اللي عمري ما حسيت بيه ، خلتيني اثق بنفسي وبرجولتي واعيش احتياجي مع مراتي حلالي ، وفرتيلي كل حاجة عشان كده انا مرعوب أنك في يوم متتقبليش الوضع اللي اتحطيتي فيه وتمشي ، أنا خايف تسبيني وتمشي بجد !
, _ تفاجئت عنود بتصريحاته التي تصغي إليها لأول مرة ، فتلاحقت ضربات فؤادها المتدفق في الادرينالين المندفع في شرايينها ، خفق قلبها بشدة تأثراً بخوفه ، لم يكن أمامها سوي معانقته بكل ما اوتيت من قوة وهتفت بثقة :-
, _ أنا عمري ما هسيبك أنا هستحمل اي حاجة عشانك!
 
٢٧


جابت المكان ببصرها سريعاً ثم التفتت إليه وسألته بعدم فهم :-
, _ إحنا جاين هنا ليه ؟
, _ صف ريان سيارته والتفت إليها مُشكلاً ابتسامة عذبة علي محياه وأردف موضحاً :-
, _ هنشتري هدوم ليا وليكي !
, _ عقدت عنود ما بين حاجبيها بغرابة وأسرعت بالحديث :-
, _ بس انا عندي هدومي مش محتاجة هدوم جديدة
, _ هز ريان رأسه بإيماءة خفيفة وهتف مازحاً :-
, _ لا هدومك اللي هناك دي متنفعش واحدة ست متجوزة تنفع بنوتة وانت خلاص كبرتي وبقيتي ست قد الدنيا
, _ احتدت ملامح عنود عليه وهتفت بغيظ عارم :-
, _ متقولش ست تاني أنا لسه زي ما أنا بنوتة صغيرة !
, _ شهق ريان بذهول وردد بتهكم :-
, _ بنوتة! علي كده بقا أنا كيس جوافة ..
, _ هزت عنود رأسها مستنكرة حديثه وسألته بعدم فهم :-
, _ ليه يعني ؟
, _ اعتدل ريان في جلسته وسحب مفتاح السيارة ودسه في جيبه واجابها موضحاً :-
, _ لما تبقي انتي بنوتة يبقي أنا كيس جوافة مليش لازمة يعني ..
, _ تعالت ضحكات عنود حيث قابلتها نظراته الثاقبة ، لكنها لم تستطيع التوقف ، ترجل ريان من السيارة وتوجه نحوها ، فتح بابها بملامح جامدة وهتف بحنق :-
, _ انزلي ..
, _ انتبهت عنود الي نبرته التي تحولت إلي الجدية و ترجلت هي الأخري وهي تطالعه بغرابة وسألته باهتمام :-
, _ انت زعلت ؟
, _ إلتوي ثغره بإبتسامة وهتف مازحاً :-
, _ حد يكره يكون جوافة دي حتي بطري علي القلب كده في الحر
, _ انفجرت ضاحكة علي داعبته ثم تشبثت بيده وتوجها الي أحد المولات التجارية لكي يتسوقا سوياً ، وقفت عنود أمام الثياب المنزلية المرسوم عليها شخصيات كرتونية وكادت أن تجذب أحدهم لكنها تفاجئت بقبضتيه تمنعها من أخذه ،
, _ استدارت إليه وقد عقدت حاجبيها بتذمر قائلة :-
, _ حلوين اوي
, _ أعاد ريان وضع ما جذبته وهتف بفتور :-
, _ دول اجيبهم لجني بنتي مش لمراتي
, _ سارت بجواره بتذمر فتابع ريان حديثه مضيفاً :-
, _ ايه رأيك أنا أختار لك هدومك وانتي تختاريلي هدومي ؟
, _ إلتمعت عينيها بوميض مختلف كلياً واقتنعت بفكرته ورمقته مبدية إعجابها وهتفت بسعادة :-
, _ that's good idea
, _ أسبل ريان عينيه عليها بعشق ، اكتشف ان ابتسامتها ليست مجرد ابتسامة عابرة ، بل قوي تحرك كيانه وتهز مشاعره ، لقد تحكمت بكل انش به وليس فقط بنبضاته ،
, _ أشارت بيدها أمام وجهه متسائلة بحيرة :-
, _ Hey what's wrong?
, _ أسرع ريان بجذب يدها عفوياً منه وقبل كفيها برقة ، تفاجئت عنود بتصرفه أمام الجميع فتوردت وجنتيها بالحُمرة الصريحة خجلاً منه ، لكنها لم تستطيع منع نظراتها التي كانت تطالعه بشغف شديد ، شعور قوي قد هز كيانها وعلمت بأن **** وضعها في المكانة التي تستحقها ،
, _ خرجت من حبال شرودها علي صوته العذب :-
, _ أنا بقول نمشي من هنا عشان المول كله بيتفرج علينا !
, _ جابت عنود المكان سريعاً بأنظارها وتفاجئت بأعين الجميع مُسلطة عليهم ناهيك عن ابتسامتهم التي تغزو شفاهم ، حمحمت بحرج وأردفت بصوت متحشرج :-
, _ أنا برده بقول كده ..
, _ تابعوا كليهما السير بخطي مهرولة لكي يفرا من أنظار الجميع المُسلطة عليهم ، بعد ساعات عدة قد مرت عليهم ركبت عنود السيارة ب إرهاق قد انهال منها وتمتمت بنبرة متعبة :-
, _ ياه اخيراً خلصنا ..
, _ أسند ريان رأسه علي الطارة بتعب شديد قد تملك من جسده كما شعر بألم قوي يعتلي رأسه ، تنهد بإرهاق والتفتت الي عنود قائلا بنبرة متعبة :-
, _ أنا مش قادر اسوق تعالي مكاني ..
, _ اتسعي ثغرها بإبتسامة عريضة مرحبة بفكرته ثم ترجلت سريعاً وبدلا كليهما الأماكن ، وما إن وضع ريان رأسه علي نافذة السيارة حتي غفي سريعاً ، رمقته عنود بنظرات تحمل بين طياتها الشفقة علي حالته والحب لكونه ولاها القيادة علي الرغم من أنه تصرف غير محبب به في عُرفهم ويعتبر شئ مهين للرجال ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ زمت شفاها بحزن كما عقدت ذراعيها بتذمر ، لا تريد أن تصغي لهرائاته السخيفة ، لا تريد رؤيته الآن فهي غاضبة منه بشدة ،
, _ تنهد بضجر لعدم ردها عليه ثم جلس مقابلها وهتف بحنق :-
, _ ينفع تردي عليا بعد اذنك يعني !
, _ التفتت إليه وصاحت بغضب شديد :-
, _ نعم ؟
, _ ألقت بكلمتها ثم عادت لوضعها مرة أخري ، تأفف خالد بضجر وصاح بها بنبرة محتقنة :-
, _ زي ما أنا محبش حد يشوفك في الوضع ده انا برده مرداش اني اشوف غيري علي وضع مليش حق اني اشوفه فيه !
, _ التفتت إليه أية وأردفت بنبرة سريعة غير مفهومة :-
, _ أنا قولتك غيرت رأيي ، أنا ذنبي ايه انت اللي عاندت معايا
, _ نهض خالد بغضب وصاح بها هدراً :-
, _ عاندت معاكي لانك مش هتمشيني علي مزاجك يا أية قوم ننزل يبقي ننزل حالا وفجاءة خلاص مش عايزة انزل خليها وقت تاني مش لعبة في ايدك أنا
, _ ترقرقت الدموع في عيناي أية وزمت شفاها بحزن تحاول التماسك أمامه ، سحبت نفساً بطئ لكي تستطيع مواصلة الحديث معه دون أن تزفر دموعها وأردفت بنبرة حزينة :-
, _ أنا قولت كده عشان متدخلش وتشوفهم انت اللي ما صدقت عشان نمشي ، انت اصلا معتش بتحبني كل اهتمامك وأولوياتك بقت لصاحبك ومراته!
, _ اقترب منها خالد بخطي متهملة كما اتسعت حدقتيه وحذرها بحدة من بين أسنانه المتلاحمة :-
, _ أية ، ريان خط أحمر متحاوليش توقعي بيني وبينه بكلامك السخيف ده ، وبعدين ما انتي طول عمرك متأقلمة علي الوضع وعمرك ما اشتكيتي اشمعنا الوقتي ، عارفة ليه عشان مراته! مش عارف انتي مالك يتجوز ولا لا أصلا ، هو حر يعمل اللي هو عايزه انتي هتحاسبيه؟
, _ أتسعت مقلتي أية بذهول لحديثه اللاذع معها ، وتمتمت بحنق :-
, _ أحاسبه! ايه الكلام الغريب ده ؟
, _ هز خالد ريان رأسه مستنكراً تصرفاتها وتابع حديثه مضيفاً :-
, _ حاجتين ملهمش تالت إما انتي غيرانة منها إما انتي خايفة اني اعمل زيه وبلاش بقا جو زعلانة علي صحبتي ده عشان مش آكل معايا ..
, _ صعقت آية من حديثه الذي يفاجئها به كلما تحدث ، أشارت علي نفسها ورددت بعدم تصديق :-
, _ غيرانة منها! أنا هغير منها ليه وانا من امتي غيرت من حد أصلا ؟
, _ رمقها خالد بنظراته الحادة وأردف بإقتضاب :-
, _ يبقي انتي خايفة اتجوز عليكي!
, _ لقد بلغت ذروة تحملها وقد انحطت قدرتها علي مواصلة الحديث معه ، جهشت في البكاء وجلست علي الأرض بإهمال وهتفت من بين بكائها بنبرة غير مفهومة :-
, _ أيوة خايفة وايه اللي يطمن يعني ؟ ريان ومستقر مادياً وعنده بنت ومراته طيبة ومش ناقصه اي حاجة وفي الآخر اتجوز ، انت ايه اللي هيمنعك بقا مش يمكن تعمل زيه!
, _ ارتخت ملامح خالد علي تفكيرها الساذج ، وهز رأسه مستنكراً تفكيرها الذي ليس له أساس من الصحة ، سحب نفساً عميق وجلس القرفصاء مقابلها واحتضن يدها بين قبضتيه كما رفع وجهها نحوه بيده الاخري وهتف بثقة :-
, _ أنا عندي أكبر مانع ، اني بحبك بس انتي اللي معتيش بتثقي في حبي..
, _ اتسعت حدقتي أية بذهول ورددت بدهشة :-
, _ أنا مش بثق فيك ! خالد حط نفسك مكاني لو سمحت ، واحد معندوش أي أسباب لأنه يتجوز تاني واتجوز والشخص ده أقرب واحد لجوزي وتقريبا وقتك وحياتك كلها معاه تفتكر انا وقتها هفكر في حب ولا ثقة!
, _ إلتوي ثغر خالد بإبتسامة سعيدة وضمها برفق الي حضنه ، ملس علي خصلاتها بنعومة وأردف بنبرة حنونة مازحاً :-
, _ معنديش بنت عم ولا بنت خال عشان اتحط في ظروف زي اللي ريان اتحط فيها متخافيش ، هو نصيبه كده مينفعش نعترض ده ترتيب **** !
, _ انسحبت أية من بين قبضتيه ورمقته لبرهة وأردفت :-
, _ ولو نصيبك انت كمان كده انا وقتها هعمل ايه ؟
, _ انفجر خالد ضاحكاً ، لم يستطيع السيطرة علي ضحكاته التي زادت الأمر سوءاً ، عقدت آية ذراعيها بتذمر قائلة بفتور :-
, _ الموضوع شكله جه علي هواك !
, _ ازدادت قهقهاته بصورة شديدة وأردف بصعوبة بالغة من بين ضحكاته :-
, _ دي تبقي عال اوي ، الواحد هيلاقي الدلع نازل نار ..
, _ أتسعت حدقتي أية بصدمة ولكزته بقوة في صدره هاتفة بحنق :-
, _ بجد و**** !
, _ أدمعت عيناي خالد من فرط الضحك ثم حاول جذبها إليه مراراً لكنها أبت ، جمع هو قوته وضمها الي حضنه بعدما سيطر على ضحكاته وردد مازحاً :-
, _ أن شاء **** ميكنش نصيبي كده اهدي بقا ..
, _ كانت تشعر بالخوف الشديد في مشاركة امرأة أخري فيه ، تحاول جاهدة بأن تطرد أفكارها التي لا تسبب سوي ألم قلبها لكنها تفشل دوماً حتي وان كانت بين أحضانه يطمئنها بنفسه ، ماذا وإن كان القدر يخبئ لها ما تخشاه ؟
, _ تنهدت بضجر عارم ودفنت راسها في صدره ربما تنجح في إزالة ذاك الشعور المريب التي يجتاحها من لا شئ ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ صفت السيارة أسفل البناية والتفتت إلي ريان وهمست له بصوت خافت لكي يستيقظ :-
, _ ريان
, _ أعادت تكرار منادته بهدوء حتي فتح عيناه بثقل ورمقها بغرابة وسألها بصوت ناعس :-
, _ في ايه ؟
, _ شكلت ابتسامة عذبة علي محياها وأردفت بنبرة رقيقة :-
, _ وصلنا !
, _ اعتدل ريان في جلسته وجاب المكان بانظاره سريعاً وهتف بصوت متحشرج :-
, _ أنا محستش بنفسي ونمت كل ده !
, _ هزت رأسها بإيماءة خفيفة مؤكدة حديثه ، كاد أن يترجل ريان من السيارة لكنها أوقفته ووجهت بصرها مباشرة علي ذاك المنزل القديم التي ترك عليه الزمان بصماته ، نظر ريان إلي حيث تنظر ، وقع بصره علي منزل ابن عم والده بالتأكيد تريد التحدث مع ياسر ،
, _ تنهد بضيق ثم التفت إليها وهتف بحنق :-
, _ مش وقته ..
, _ قطبت عنود جبينها وأردفت بنبرة متسولة ناعمة :-
, _ لُطفاً!
, _ عقد ريان ما بين حاجبيه بغرابة فهو لم يفهم ما قالته لتوها وسألها بعفوية :-
, _ ايه؟ لُطفاً!
, _ أماءت رأسها مشكلة ابتسامة عريضة علي ثغرها وأردفت برقة :-
, آه يعني ارجوك بالتركي ، و Please بالاجنبي تحب اقولها لك بأي لغة انت عايزها عشان توافق ؟
, _ تأفف ريان بتذمجر ورمقها بنظرات متهكمة وصاح بها بتجهم :-
, _ عنود قولت مش وقته احترمي كلامي !
, _ رمقته بنظرات مشتعلة ثم التفتت برأسها مبدية تذمرها ، فتحت الباب لكنه أسرع بمسك يدها واردف بنبرة حنونة :-
, _ طلاما قولتلك هتقابليه يبقي هتقابليه احترمي كلامي وانا هعملك اللي انتي عايزاه
, _ ضغطت هي علي شفاها السُفلية بحرج ، طالعته بندقيتاها اللامعة وأردفت نادمة :-
, _ Sorry ..
, _ إلتوي ثغره بإبتسامة وأردف مازحاً :-
, _ بلاش الكلام المايع ده ، انشفي كده بدل ما انتي جيباني الأرض بمياعتك دي ..
, _ ضغطت علي شفاها مُشكلة ابتسامة سعيدة ممزوجة بالخجل ، بينما أسرع ريان بالحديث :-
, _ بطلي تعملي الحركة دي قدامي بتخليني عايز اا٣ نقطة
, _ ضيقت عيناها عليه وسألته بفضول :-
, _ بتخليك عايز ايه ؟
, _ هز ريان رأسه مستنكراً اسئلتها وردد :-
, _ اللهم اغزيك يا شيطان انزلي يابت
, _ ترجلت عنود من السيارة واقتربت منه فاغرة فاهها بذهول وأردفت بعدم تصديق :-
, _ بت! أنا بت ؟
, _ لم يعقب ريان الي حديثها وتوجه نحو صندوق السيارة وجذب جميع الحقائب ثم سار بإتجاه المصعد وتبعته هي بخطي سريعة ، وضع ريان الحقائب أرضاً لثقلهم واقترب منها ، وضع يديه علي الحائط محاوطاً إياها لتكون هي حبيسة ذراعيه وأردف بحنق :-
, _ بقا أنا كيس جوافة ؟
, _ تقوس ثغرها بإبتسامة عريضة وأماءت رأسها مؤكدة ما قاله بمزاح ، بينما تفاجئ هو بإيماءة رأسها وهمس أمام شفاها :-
, _ ممم نشوف الموضوع ده في بيتنا ..
, _ فتح باب المصعد عندما وصلا إلي الطابق المقصود ، انحني ريان بجسده وحمل الحقائب مرة أخري ووضعها داخل المنزل ثم استدار بجسده الي عنود ، اقترب منها بضعة خطوات ووضع يده علي وجنتيها يتحسسها بنعومة وأردف مختصراً :-
, _ هنزل أخلص كام حاجة ضرورية وأرجعلك تاني متناميش ..
, _ أماءت رأسها بطاعة بينما وضع هو قبلة علي طرفي شفاها ، كاد أن يغادر لكنه توقف واستدار نحوها من جديد ، سحب العقد من جيب بنطاله واقترب منها آسفل نظراتها عليه ، أجبرها علي الالتفاف ليكون ظهرها ملاصق لصدره ، شعرت عنود بشئ ما يُحاوط عقنها ، تفاجئت بالعقد ذاته التي تناثرت حباته من قبل ، تقوس ثغرها ببسمة عذبة ثم عانقته بكل قوتها ممتنة :-
, _ بحبك قد جنة ****
, _ تفاجئ ريان بما قالته وضمها بقوة ربما يكتفي منها وعندما فشل أبتعد عنها مردداً :-
, _ ابعدي عني عشان ثانية كمان ومش نازل لمدة شهر
, _ قهقهت عنود علي حديثه بينما ارسل لها قبلة في الهواء وهو يقترب من الباب وما أن أغلق الباب خلفه حتي تحولت تعابير وجهه الي الحدة والتجهم وهبط الدرج وهو يسحق أسنانه بغضب شديد ٣ نقطة
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ نفخ خالد بضجر بائن وهتف بنبرة غاضبة :-
, _ فهمني بس انت عايز ايه وانا هساعدك !
, _ تأفف هاني بضجر ثم وضع قدم علي الأخري بتعالي وأردف بجمود :-
, _ انا صاحب المكان واعمل فيه اللي أنا عايزه متدخلش انت وروح شوف شغلك
, _ ضرب خالد بيده علي المكتب بكل ما أوتي من قوة مستنكراً تصرفاته ذاك البغيض التي يحاول جاهداً أن يخلق شجاراً معه ، صاح به هدراً بعد أن رمقه بنظرات مشتعلة :-
, _ هاني أنا مش عايز اتعصب لأنك في مقام أخويا الكبير بس انا مش فاضي أنا ورايا شغل كتير ومحتاج المكتب عشان اخلصه ..
, _ نهض هاني وأستند بيديه علي المكتب ورمق خالد بتحدي وأردف بنبرة محتقنة :-
, _ روح خلص شغلك بعيد عني أنا عجباني القعدة هنا ..
, _ عاد هاني لجلسته وأولي خالد ظهره ، بينما تأفف خالد بضجر بائن ودلف للخارج وهو في أعلي مراتب غضبه ولا يدري ما عليه فعله ، لقد رفض تلك الوكالة مراراً من أجل تلك السخافات التي كان علي علم بحدوثها ، لكن هيهات لريان الذي لا يستمع إليه مطلقاً ويفعل فقط ما يريد ويحلو له ..!
, _ أطلق هاني ضحكاته عالياً فلقد نجحت أول خطوة في مخططاته ..
, ١٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ طرق الباب علي عجالة وكما تمني تماماً ، هي من فتحت له الباب ، إلتوي ثغره بإبتسامة لم تستطيع هي استيعابها بعد ، بينما أردف هو بنبرة شغوفة :-
, _ حد موجود غيرك هنا ؟
, _ أتسعت مقلتي رنا بذهول وتمتمت بعدم تصديق :-
, _ انت بتكلمني أنا !
, _ أماء ريان رأسه بالايجاب ولازالت ابتسامته تغزو شفاه بينما بادلته هي ابتسامة سعيدة غير مصدقة أنه يحادثها بتلك النبرة وأسرعت بالحديث :-
, _ مفيش غير عمي ماهر !
, _ ازدادت ابتسامة ريان وهتف بسعادة :-
, _ عال اوي عشان نعرف ناخد راحتنا !
, _ فغرت رنا فاها بدهشة معانقة للصدمة ، أوصدت عينيها مراراً لكي تتأكد بحقيقة ما يحدث وأنه ليس حلم ، أخرجت تنهيدة بطيئة مليئة بالأشواق والافتقاد وهتفت :-
, _ أنا مش مصدقة عنيا أنا حاسة إني بحلم !
, _ هز ريان رأسه بنفي واردف مؤكداً ما يحدث :-
, _ مش بتحلمي يا رنا أنا اهو واقف قدامك بشحمي ولحمي جاي اقولك اني موافق أديكي فرصة !
, _ لقد هرب الأكسجين من رئتيها حتماً سيقضي عليها ذاك الرجل بكلماته ، تود أن تصرخ عالياً لكي تصدق ما يحدث ، ظلت ترمقه كثيراً في محاولة منها علي استيعاب الأمر لطلاما تمنت حدوثه منذ زمنٍ بعيد ،
, _ أمسكت بيده وجذبته إلي الداخل مُشكلة إبتسامة عريضة علي ثغرها ، فلقد دقت اسارير السعادة قلبها في ذلك الحين ، لا تريد رؤية غيره كما لا تريد سماع شئ سوي نبرته التي تعشقها وتخفق نبضاتها لها ،
, _ وقفت أمامه تطالعه بخضروتاها بشغف وتمني وأردفت مُصرِحة :-
, _ يااه انت عارف بقالي قد إيه بتمني اللحظة دي انا اتجوزت هاني بس عشان اكون قريبة منك لما فشلت أنك تبصلي ، ريان أنا بحبك اوي قلبي أتوجع كتير اوي في غيابك وكان بيتوجع أكتر لما كنت بترفضني ، أنا عارفة إن الوضع غلط بس مش قادرة استحمل بعدك عني ، أنا هعيش لك خدامة طول عمري بس انت تكون ليا ..
, _ إلتوي ثغره بإبتسامة عريضة فهذا ما يريد الحصول عليه لكن ابتسامته اختفت وتحولت تدريجياً إلي الذعر الشديد عندما صغي الي نبرة والده الجهورية :-
, _ رياااان !
, _ صعق كلاً من ريان ورنا التي انكمشت في نفسها بخوف شديد ورمقت ريان بنظرات متوجسة بينما لم يعيرها ريان اي إهتمام بل كان شاغله الوحيد في تلك اللحظة هو والده ،
, _ سحب ريان نفساً عميق واقترب منه بخطي متمهلة وأردف بتوجس :-
, _ نعم يا حج ؟
, _ شعر ريان بحرارة تلك الصفعة التي دوت علي وجهه من فرط شدتها ، أوصد عيناه بعصبية ووقف أمام والده كأنه مُجرد من الثياب ، صعد صدره وهبط بصورة عنيفة وظل موصد العينين لا يريد مواجهة والده ..
, _ إلتوي ثغر ماهر بتهكم شديد وأردف بآسي :-
, _يا خسارة تربيتي فيك..
, _ وقبل أن ينهي ماهر جملته كان قد سقط أرضاً فاقد وعييه ، فتح ريان عينيه علي صوت ارتطام جسد والده وأسرع نحوه بتوجس :-
, _ يا حج..
, _ أعاد تكرار منادته لكن دون جدوي ، لقد بات والده في عالم آخر لا يدري ان كان سيعود منه أم لا ، لكن ما يعلمه جيداً بأنه لن يسامح نفسه إذا حدث مكروه لأبيه من خلفه ،
, _ انسحبت رنا بهدوء الي غرفتها ثم استلقت علي الفراش ودست الغطاء أعلاها متصنعة النوم ، شعر ريان وكأنما بات الكون خالياً الا منه ، فقط يستمع لوتيرة أنفاسه التي تزداد كلما أطال النظر إلي والده ولا يعلم ما عليه فعله ..
, ١٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ الأجواء مشحونة بطاقة سلبية مليئة بالخوف والتوتر ، تجلس هاجر علي مقعد الإنتظار مستندة برأسها علي كتف علي الذي يواسيها ويأزرها ، كما يقف كلاً من خالد ويحيي بجوار بعضهما مستندين علي حائط المشفي ،
, _ بينما تجلس دينا علي المقعد المقابل لهاجر وزوجها واضعة يدها أعلي بطنها تحاولة جاهدة منع ألم ذاك المغص الي يراودها من هول الصدمة التي تلقتها من خلف وقوع العم ماهر من التسلل الي تعابيرها فليس بحين ينشغل أحدهم بها ..
, _ كما تجلس رنا علي أبعد مقعد لكي تكون بعيدة عن أنظار الجميع ، منكمشة في نفسها بخوف عارم تفرك أصابعها بإرتباك شديد وتدعي ربها بألا يكشف أمرها ،
, _ وأخيراً يقف ريان أمام باب غرفة الطوارئ قيد إنتظار ولوج أحد الأطباء من الداخل لكي يطمئن علي والده ، فقط يريد الاطمئنان عليه وليحدث ما يحدث بعد ذلك ، تقف عنود علي الجهة المقابلة له من الباب تريد الإقتراب منه ومواسته لكنه يرفض اي تدخل من الجميع
, _ ظلت تطالعه بحزن جلي ، لا تملك سوي الدعاء لوالده وأن **** يربت علي قلب ريان لأنها لا تتحمل رؤيته حزين هكذا ، كان الجميع ينتظر في حالة لا يرثي لها ، مشاعر مختلطة تجتاحهم ، شعور من الخوف لفقدانه وشعور من الخوف الممزوج بتأنيب الضمير ، وشعور الخوف من المواجهة ..
, _ ركض الجميع نحو الطبيب عندما دلف الي الخارج ، ابتلع ريان ريقه وسأله بخوف عارم :-
, _ أبويا حصله ايه يا دكتور ؟
, _ أجابه الطبيب بنبرة عملية :-
, _ المريض كان جاي في شبه جلطة علي المخ لكن الحمد لله قدرنا نسيطر علي الوضع وحالته في تحسن حالياً بس مش عايز إجهاد نهائي
, _ أسرع ريان بالحديث بنبرة متوسلة :-
, _ ينفع اشوفه ؟
, _ مرر الطبيب أنظاره بينهم واردف بجدية :-
, _ هو طالب يشوف واحدة اسمها عنود ..
, _ وقع بصر الجميع علي عنود متعجبين من طلب والدهم ، لماذا عنود ؟
, _ سارت بخطي متمهلة بالقرب من الطبيب وسألته بعدم تصديق :-
, _ طلب يشوفني أنا !
, _ أماء الطبيب رأسه مؤكداً حديثها وأردف محذراً :-
, _ لو سمحتي خمس دقايق بس عشان الكلام غلط عليه ..
, _ أماءت عنود رأسها بالايجاب ثم رفعت بصرها علي ريان الذي لم يخفض بصره قط من عليها وقال :-
, _ قوليلوا اني عايز أتكلم معاه ضروري..
, _ شدت عنود علي يده ثم أزفرت أنفاسها وولجت داخل الغرفة سريعاً ، خفق قلبها بألم عندما رأته يتوسط الفراش الطبي منهمك بين تعبه ،
, _ تنهدت بحرارة ثم سارت نحوه بخطي خجولة إلي أن وصلت إليه ، انتبه ماهر لخطوات أحدهم وفتح عينيه ثم شكل إبتسامة لم تتعدي شفاه وأشار إليها بالجلوس ، سحبت عنود مقعد وجلست أمامه وانحنت بجسدها إلي الأمام قليلاً حتي تصغي بعناية الي حديثه الخافت ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ دلفت خارج الغرفة حيث ركض الجميع نحوها وتلقت العديد من الأسئلة :-
, _ بابا كويس ، هو مسألش عليا ، كان عايزك في ايه ، ينفع ندخله ، وغيرهم من ذلك القبيل٣ نقطة
, _ تنهدت عنود ورفعت بصرها علي ريان وأردفت بملامح خالية من المشاعر :-
, _ هو كويس ..
, _ شعر ريان بوخزة قوية في قلبه اثر نظراتها التي لا يفهم معناها ، هل والده قص عليها ما سمعه لذا تقابله بتلك الملامح الجامدة أم في الأمر خبايا أخري لا يعلمها !
, _ أمسك بذراعها وهتف بإقتضاب :-
, _ تعالي معايا ..
, _ حررت عنود يديها من بين قبضتيه ثم توجهت إلي أبعد مقعد وجلست عليه بمفردها ، تريد إعادة التفكير بكل شئ ، فالأن بات علي عاتقها حمول ثقيلة يجب تنفيذها ، أخرجت تنهيدة بطيئة مليئة بالهموم ثم نهضت لكي تصلي ركعتين لله ربما يلهمها الصواب ..
, _ تبعها يحيي دون أن يشعر به أحدهم ، سار خلفها ببطئ ثم انتظر مكان خالي من الجميع ونادي عليها بصوته الأجش :-
, _ عنود!
, _ توقفت عن السير واستدارت إليه بينما اقترب هو منها وواصل حديثه :-
, _ شكل الحج زعلك ، ينفع اساعدك ؟
, _ هزت عنود رأسها مستنكرة حديثه لطلاما حادثها بتلك النبرة عدة مرات ، أزفرت أنفاسها بضجر وهتفت بحنق :-
, _ تساعدني بصفتك إيه ؟
, _ كاد يحيي أن يبوح بما يسكن في قلبه لكن صمت عندما تدخل ريان مقاطعاً حديثهم بصوته الأجش :-
, _ واقفين بتعملوا ايه ؟
, _ التفت يحيي إليه واجابه بإقتضاب :-
, _ كنت بطمن علي الحج منها ..
, _ أماء ريان رأسه بتفهم ثم وجه بصره علي عنود التي كانت تطالعه بعتاب شديد ، شعر بخنقة شديدة قد اجتاحته من خلف نظراتها عليه ، هم يحيي بمغادرة المكان علي مضضٍ وتركهم بمفردهم ،
, _ اقترب منها ريان لكنها تراجعت للخلف سريعاً مبدية تذمرها من قربه وأردفت بحنق :-
, _ لو سمحت متقربش!
, _ تفاجئ ريان بطلبها ، ثبت أنظاره عليها بذهول قد تملك منه ، إلي أين يذهب إذا لم تسمح بقربه منها ، فهي مسكنه الوحيد الذي يلجئ إليه في أضعف حالاته ، طالعها بنظرات موحية تحمل بين طياتها العتاب كأنها اقترفت أمر عظيم
, _ وضع يده علي يسار صدره عندما شعر بوخزة قوية في قلبه ، أوصد عينيه لبرهة في محاولة منه علي ضبط وتيرة أنفاسه المضطربة ثم فتح عينيه وأردف معاتباً إياها :-
, _ انتي بتعملي معايا كده ليه ، لما انتي تمنعني عنك هروح لمين ؟
, _ شعرت بغصة مريرة في حلقها ، كلماته أثرت بها للغاية ، نظراته المتخاذلة تؤلم قلبها بشدة ، تريد أن تضمه بكل ما أوتيت من قوة فقط لكي يتحسن ويعود ريان كما تعرفه وتشعر هي ببعض الراحة ، لكن ليس قبل أن تعاتبه علي ما اقترفه ..
, _ أخرجت تنهيدة مهمومة وهتفت بآسي :-
, _ ليه قربت منها وقولتلها الكلام ده ؟
, _ زم ريان شفاه بحزن واردف موضحاً :-
, _ أنا كنت بسجلها كنت عايز أخلص منها قرفت من كل الي بتعمله ..
, _ هزت عنود راسها مستنكرة فعلته وأسرعت بالحديث بنبرة ساخرة :-
, _ تسجلها! مفيش طريقة أقذر من كده ؟
, _ فغر ريان فاهه ببلاهة وألقي حديثه مضيفاً :-
, _ مش انتي اللي قولتيلي حط حدود بينكم!
, _ سحبت عنود أكبر قدر من الأكسجين لكي تواصل حديثها معه علي الرغم من إنهاك عقلها الذي يأبي اي تحدث في ذاك الحوار لكن عليها مواصلة حديثها فقط من أجل إنهائه ، رمقته لبرهة وقالت مستاءة :-
, _ أنا قولت حط لها حدود آه بس مش بالطريقة دي أبدا ، كان ممكن تخوفها ، تهددها ، اي طريقة غير دي انت عارف انت عملت ايه ؟
, _ صمتت وطالعته بآسي بينما ظل هو مثبت بصره عليها تماماً كـطفل صغير لا يعلم مآواه ، فقط يريدها أن تنهي حديثها الذي يؤلم قلبه لكي يسرع ويلقي بنفسه بين أحضانها ، لا يهم ماذا تقول وماذا اقترف هو يريد الاطمئنان لا يريد غيره في ذاك الحين ..
, _ تابعت عنود حديثها مضيفة بنبرة صارمة حادة :-
, _ والدك كان ممكن يموت بسبب تصرفك ده ..
, _ هزت رأسها مرارا مستاءة من تصرفه ثم أولاته ظهرها وسارت إلي الأمام بخطي سريعة ، بينما تبعها هو متسائلا باهتمام :-
, _ أنتي راحة فين ؟
, _ أجابته بحنق وهي علي نفس وجهتها :-
, _ هصلي ..
, _ للمرة الذي لا يعلم كم ، يتعجب من صلاتها التي تظهر في أوقات ليست بوقتها ، فلقد أدت فروضها الخمس إذا ماذا ستصلي إذا ؟
, _ سحب نفساً عميق وهتف متسائلا :-
, _هتصلي ايه ده وقت ****!
, _ تصلبت عنود مكانها في ذهول شديد ، حاولت استيعاب ما قاله لكن أبي عقلها هضمه بشتي الطرق ، استدارت بجسدها نحوه وكادت أن تنفجر به لكنها تحلت بالصبر لكي لا يقع علي عاتقها وزر من خلفه ،
, _ سحبت نفساً عميق لكي تواصل حديثها بهدوء واردفت موضحة :-
, _ **** أحق من كل حاجة ممكن تشغلنا في حياتنا ، النعم اللي انت فيها دي بفضل **** والدك قام من جلطة وده برده بفضل **** ، كونك واقف قادر تتكلم معايا من غير صعوبة فضل من **** ، وانا اتعودت ألجئ لربنا في كل وقت عشان يدبرلي امري و أعرف أنا عايزة إيه من غير ما اكون واقفة تايهة زيك كدا ، انت مستنيني اخدك في حضني بس مش ده اللي انت محتاجه يا ريان انت محتاج توقف بين ايدين **** وتتكلم معاه وانت هتلاقي نفسك وحيرتك هتتحل بفضله برده ، ياريت تروح تصلي انت كمان ..
, _ أنهت عنود حديثها ثم غادرت سريعاً قاصدة بخطاها **** المشفي ، بينما وقف ريان يتابع طيفها إلي أن اختفت هي من أمامه ، شعور غريب قد تغلغل داخل قلبه ، كأنه عاري تماماً ويريد الاختباء بين يدي **** لعله يجد نفسه من جديد..
, _ جاب المكان بأنظاره وهو يشعر بخلو جوفه ، كأنما بات خالياً من المشاعر والإحساس ، يصغي لوتيرة أنفاسه المتعالية كما يشعر بنبضاته التي ازدادت اضطراباً ، ربما قد حان الوقت لأن يسجد لله لكي يشعر بما أخبرته عنه عنود ، جر قديمه أمامه بثقل وتوجه الي **** المشفي الخاص بالرجال ..
, _ توضأ ثم جدد نواياه علي أداء ركعتان ، أدي ركعة تلو الأخري الي أنهي الأربع ركعات ، سلم من الصلاة ويريد أداء المزيد ، انهمر ريان في أداء المزيد والمزيد من الركعات الي أن شعر بسكون قلبه ، وخلو عقله من تعقيدات أفكاره الذي كان يتخبط بينهم منذ قليل ، هو الآن يشعر براحة قوية اجتاحته من خلف صلاته لله ..
, _ رباه! أكان المهرب الوحيد من جميع همومه بين يديه ولم يفعله!
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
٢٨


تقابل كليهما في الممر المشترك لمسجد الرجال والنساء ، أزفرت أنفاسها بحرارة لا تعلم حقاً ما عليها فعله ، فلقد وضع العم ماهر عبئ ثقيل للغاية علي أكتافها ، لا تدري أين وجهتها الأن ، ما عليها فعله أولاً ، لماذا هي فالجديرين بحمل تلك المسؤلية كُثر ، لماذا هي بالتحديد ؟
, _ أخرجت تنهيدة بطيئة تحمل بين طياتها التشتت الشديد ، رمقته كثيراً ثم اقتربت منه بخطي متمهلة ، ابتلعت ريقها وهتفت دون أن ترفع بصرها عليه :-
, _ محتاجة أتكلم معاك
, _ أماء رأسه بالايجاب وكاد أن يسير معها للخارج لكن صوت يحيي قد دوي في أرجاء المكان من شدته :-
, _ ريان..
, _ خفق قلب ريان بتوجس عارم خشية أن يتلقي خبر مصرع والده ، لا يريد الالتفات إليه ، فقط يريد الهروب قبل أن يصغي لما يخشاه ويأباه عقله ، لكن ما باليد حيله مُجبر هو الإصغاء ، سحب أكبر قدر من الأكسجين ثم استدار إليه بخوف
, _ وقف يحيي يلتقط أنفاسه التي هربت من رئتيه ثم هتف بنبرة متلهفة سريعة :-
, _ دينا ، دينا تعبانة اوي
, _ أزفر ريان أنفاسه التي كان يكتمها داخله ، ثم ركض خلفه بخطي مهرولة غير مستقيمة إلي أن وصل إلي الغرفة الموجودة بها ، ركض نحوها بخوف وتسائل بإهتمام :-
, _ في ايه حاسة بإيه ؟
, _ تشبثت دينا في ذراعه بقوة وأردفت وهي تبكي بألم شديد :-
, _ ريان انا بموت مش قادرة استحمل الوجع ..
, _ شد ريان علي يدها وقد خفق قلبه بخوف شديد عليها وأسرع بالحديث هاتفاً :-
, _ متقوليش كده هتكوني كويسة أن شاء**** ..
, _ التفتت ريان الى حيث يقف يحيي وصاح به مندفعاً :-
, _ انت واقف ليه روح جيب دكتور بسرعة
, _ وما أنهي ريان جملته حتي حضر علي بالطبيب الذي ركض لمنادته ، ولج الطبيب نحو دينا بخطي سريعة وسألها بعملية :-
, _ حضرتك حاسة بإيه؟
, _ سحبت دينا قدر من الأكسجين لكي تستطيع محادثته وأردفت بنبرة متلعثمة :-
, _ مغص جامد و٣ نقطة
, _ صمتت دينا من تلقاء نفسها عندما شعرت بتسلل سائل أسفلها ، مررت بصرها بين ريان والطبيب بخوف عارم ، تشوشت رؤيتها وبالكاد تستطيع رؤية صور باهتة مغشوشة ، ظلت تقاوم إلي أن تغلب عليها مرضها وأجبر كامل قواها علي الارتخاء إلي أن باتت في ظلام حالك لا تشعر بما يدور حولها ..
, _ كثرت منادته التي تحثها علي الاستيقاظ لكن دون جدوي ، أبعده الطبيب بعيداً عنها قائلا بنبرة آمرة :-
, _ لو سمحت سيبنا نتصرف
, _ أبتعد ريان علي مضضٍ ووقف بجوار الجدار يتابع ما يحدث في صمت كما رافقته هاجر ووالدة دينا وشقيقتها وآية زوجة خالد اللواتي جئنَ علي عجالة لكي يطمئنوا علي حالة العم ماهر وقد لقيا مصرعهم مع تدهور صحة دينا ..
, _ وقفت عنود تراقب ما يحدث من الخارج ، مشاعر عدة تجتاحها وتتخبط بينهم لا تدري أيهما الصحيح ، تريد أن تشدد من أزر ريان لكن شعور قوي بداخلها يأبي الاقتراب منه ، تشعر أنها المتسببة فيما يحدث للجميع ، ناهيك عن تأنيب ضميرها الذي لا يكف عن لومها ..
, _ كم هي بحاجة إلي حضن والدتها وحكمة والدها في ذلك الموقف التي لا تحسد عليه ، لا تشعر بنظرات يحيي التي تطالعها بشفقة ، هو وحده من يشعر بها فهي واقعة في الأمر ذاته الذي وقع هو فيه ولا يعلم كيفية الخروج منه بطريقة صحيحة دون خسارة أحدهم ..
, _ استطاع الطبيب السيطرة علي النزيف لكنه لم يتكمن من إيفاقتها ، أنها مسألة وقت لا أكثر ، تنهد الطبيب والتفت الي ريان وأردف بعملية :-
, _ قدرت اسيطر علي النزيف بس هي لسه في خطر ، لو عدي ٢٤ ساعة من غير ما يحصل مضاعفات الخطر هيعدي ، لكن لو النزيف اتكرر تاني هنضطر نجهد الجنين ..
, _ شهقت والدة دينا بصدمة ورددت بتوجس :-
, _ اللهم لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه ..
, _ ظلت تُتمتم بتلك العبارة وهي تملس بيدها علي **** دينا بخوف شديد ، بينما تصلب ريان في مكانه من هول الصدمة ، اقتربت منه هاجر تأزره وربتت علي ذارعه بحنو وهتفت :-
, _ أن شاء **** خير اطمن
, _ مال ريان برأسه عليها في حالة لا يرثي لها ، ثم أقترب بخطاه نحوها بتهمل جلس بجوارها وشد علي يدها بحزن شديد ، بينما شعرت عنود بغصة مريرة لما يحدث أمام مرأى عينيها ، شعرت بعدم انتمائها لذاك المكان كأنها عزول احمق ويجدر عليه الانسحاب من بينهم ،
, _ ماذا فعلت هي لقد خربت كل شئ ، اقتحمت حياته وهدمتها بحماقتها وغبائها مدعية بأن **** قد وضعها في تلك المكانة ، لكن **** لا يقبل بهدم حياة الآخرين ، حتماً ستنال أشد العقاب لهذا الأمر الفادح التي اقترفته ..
, _ أدمعت عيناي عنود وفرت هاربة الي الخارج ، دلفت خارج المشفي وانحنت بجسدها مستندة بكفيها علي ركبيتها في محاولة منها علي استيعاب الأمور ، لكن دون جدوي فما تفعله لا يقلل من فرط ما تشعر به
, _ وقفت كمن انحشرت أنفاسها بداخلها ولا تستطيع إخراجها ، صعد صدرها وهبط بصورة أشد عنفاً ، جرت قدميها بثقل إلي أن وصلت إلي أقرب مقعد إنتظار ظهر أمامها ، جلست عليه بإهمال ونظرت إلي الاعلي منادية ربها :-
, _ يارب
, _ لا تشعر انها بخير ، فقط صورة ريان وهو ممسك بيد زوجته لا تريد الاقتلاع من عقلها ، غيرة شديدة قد اجتاحتها من خلف تصرفاته التي تدل علي خوفه الشديد عليها ، لكن هل عليها حقاً أن تغار ؟ وهي من شاركتها في زوجها لطلاما اكتفت هي به لأعوام عدة ، هل عليها أن تحزن لتقربه من امرأة أخري وهي من سرقته من بين عائلته ..
, _ تخبط شديد قد وقعت في براثينه وازداد الأمر سوءاً ، فلقد فاق حزنها تلك المرة الأرضية بمن عليها ، فقط تريد العودة إلي عائلتها ومحاوطة أمانهم وحبهم لها ،
, _ شعرت بحرارة دموعها التي انسدلت علي وجنتيها دون وعي منها ، كفكفت عبراتها بأناملها لكن دموعها تنسدل بغزارة ولا تريد التوقف ، ولم تكفي أناملها لتسمحهم ..
, _ اتفضلي
, _ هتف يحيي بآسي لحالتها المذرية وهو يناولها مناشف ورقية ، التفتت عنود برأسها ورمقته لبرهة ثم سحبت منه المناشف وأسرعت بمسح عبراتها ، اعتدل يحيي في جلسته وطالع الفراغ أمامه في هدوء من قبل العاصفة ..
, _ سحب قدراً من الأكسجين وهتف :-
, _ الموضوع صعب مش كده؟
, _ التفت كليهما وطالعة بعضهما البعض بنظرات مؤلمة وأخري لا تعي شئ من خلف كلماتهه التي بدت مبهمة لها ، أخرج يحيي تنهيدة بطيئة مليئة بالأشواق وتابع حديثه مضيفاً :-
, _ صعب انك تقفي تشوفي اللي بتحبيه مع شخص تاني ، وقتها بتحسي أنك عزول بينهم والمفترض تنسحبي وفي نفس الوقت مش عارفة ، الموضوع صعب فعلا!
, _ انسدلت قطرات عينيها رغماً عنها فلقد وصف كل ما تشعر به بسهولة ، مسحت عبراتها سريعاً وقالت بنبرة موجوعة :-
, _ يحيي ممكن توصلني للبيت ..
, _ تقوس ثغره بإبتسامة لم تتعدي شفاه ثم نهض ومد يده إليها كعون لها في تلك الأثناء ، رمقته عنود شزراً ثم نهضت ولازالت تبكي لكن في صمت ، سارت خلفه الي أن وصلا الي السيارة ، تعمدت عنود الجلوس في الخلف بمفردها بينما لم يعقب يحيى علي تصرفها والتزم الصمت ..
, _ عندما شعرت عنود بقرب وصولهم رمقت يحيي في المرآة وأردفت بنبرة حزينة :-
, _ يحيي ممكن نروح معرض ريان
, _ عدل يحيي من وضعية المرآة علي وجهها وسألها بغرابة :-
, _ المعرض! ليه ؟
, _ أزفرت عنود أنفاسها بحزن وهي تتذكر بعض الذكريات لها هناك ، أخرجت تنهيدة بطيئة مليئة بالهموم وأردفت :-
, _ محتاجة أكون لوحدي هناك ..
, _ أماء يحيي رأسه بالإيجاب وفعل ما أمرته به ، صف سيارته أمام المعرض وفتح لها بابها ثم استدارت عنود إليه مانعة إياه من الدخول :-
, _ ينفع اكون لوحدي ، مش هتأخر
, _ علي الرغم بعدم ترحيبه لفكرتها إلا أنه لا يملك سوي الموافقة دون اعتراض ، سحب نفساً عميق وعاد بأدراجه الي سيارته قيد انتظار خروجها ، بينما ولجت هي الي الداخل واتجهت إلي مكتب ريان مباشرةً بخطي متمهلة ..
, _ ولجت داخل المكتب وهي تتفحص معالمه جيداً ، ثم سارت للامام وتذكرت أول عناق بينهم ، لم يكن بمثابة عناق حينها لكن كان تقربه لذيذ للغاية حيث اجتحاتها مشاعر عدة حينها ، خليط من الخجل والتوتر صانعين مزيج قوي من اللذة ..
, _ إلتوي ثغرها بإبتسامة باهتة ثم اتجهت نحو مكتبه ، تحسسته كما لو كانت ستفارقه ، فلقد فعلت هذا عند وفاة والديها ، هل هي من ستفارق الآن ؟
, _ انسدلت دموعها بغزارة فهي تتمني الموت ولا تريد الافتراق عنه ، جلست علي مكتبه وظلت تتفحص كل انش به ، إلي أن وصلت إلي دفتر موضوع في أحد الادراج التي قامت بفتحهم ، جذبته واستكانت في جلستها وفتحت أولي صفحاته المدونة بها كلمة ( عناق )
, _ لم تفهم كثيراً إلي ماذا ترمز تلك الكلمة لكنها أثارت فضولها حول البقية ، نهضت وسارت إلي الأريكة الجلدية وجلست عليها ثم بدأت في قراءة ما دونه بيده ..
, _ والجدير بالذكر أن الأمان قد خلق من ضلع عناق فقط
, ' عناق ' ..
, _ كنت شخصاً جامداً إلي أن مزقت قويا بعناقها لطلاما افتقدته كثيراً ..
, _ { تائه كـمتشرد لا يعرف السبيل ، وأين السبيل لطلاما كنتي دوماً ملجئي الوحيد ؟ }
, _ تشرق شمس أيامي عندما يتقوس ثغرها الصغير بإبتسامة تهز كياني ..
, _ سطع قمر لياليَٰ بؤنسها! ..
, _ يتعافي المرأ بطرق عدة بينما تعافيت أنا بها ..
, _ الجميع يخشي الحب وانا اخشي فراقها ..
, _ فغرت فاها بذهول شديد وهي تقرأ ما دونه من أجلها ، تلاحقت ضربات فؤادها المتدفق في الادرينالين المندفع في شرايينها من فرط السعادة التي دقت طبول قلبها ، أعادت قراءة كلماته وهي تتحسسها بيدها بلطف ثم نهضت ووضعت الدفتر مكانه ودلفت الي الخارج مسرعة
, _ اقتربت من باب يحيي وقامت بفتحه بتلهف شديد وأردفت بنبرة مليئة بالحيوية عكس نبرتها منذ قليل :-
, _ يحيي رجعني المستشفي تاني
, _ رمقها يحيي بنظرات متعجبة ، ما سبب ذلك التحول الكبير في أسلوبها ، تنهد مستاءً لأنه لا يفهم شئ مما يحدث وهتف بإقتضاب :-
, _ تمام
, _ أسرعت نحو الباب الخلفي وجلست تراقب الطريق وهي تعد الثواني التي تمر عليها بفروغ الصبر ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ ولجت اماني إلي المنزل ، أوصدت الباب خلفها ثم ركضت مهرولة الي حيث يجلس والدايها وأردفت بنبرة متلهفة :-
, _ إلحق يا بابا عمو ماهر تعب والاسعاف خدته من شوية ..
, _ أنتبه منصور الي حديث أبنته وقام بإغلاق صوت التلفاز ثم عدل وضعية جسده لكي يكون مقابلها واردف متسائلاً :-
, _ يا ساتر يارب ايه اللي حصل ؟
, _ رفعت اماني كتفيها اللي الاعلي مبدية عدم علمها بحقيقة الأمر بينما رمق منصور سعاد وأردف :-
, _ واجب نروح نطمن عليه
, _ أماءت سعاد رأسها بالايجاب كما وافقته رأيه وهتفت :-
, _ ياريت يا منصور حتي تزيح العداوة ياخويا من بينكم وابنك يخرج من حالته دي ..
, _ أخرج منصور تنهيدة بطيئة مليئة بالهموم وهو يطالع غرفة والده الذي لم يري نور الشمس منذ أكثر من شهر ، نهض بتعب وتوجه الي غرفة ياسر ، طرق بابه برفق ثم ولج الي الداخل ،
, _ وقف أمامه وأردف بحنق :-
, _ انت هتفضل قاعد في البيت كده كتير قوم انزل شوف مصلحتك !
, _ رفع ياسر بصره عليه وقد تفاجئ منصور بحالته المذرية التي آلمت قلبه ، شحوب قاسي بادي علي ملامحه ناهيك عن تدهور حالته كما خسر الكثير من الوزن وبات نحيفاً ولا يوجد به اي ملامح لياسر الذي يحفظ ملامحه جيداً ..
, _ إلتوي ثغر ياسر بإبتسامة باهتة وأردف بنبرة ثقيلة لعدم قدرته علي النطق :-
, _ ااا انزل ؟
, _ صعق منصور من عدم قدرته علي التحدث ، فغر فاهه بصدمة جلية وهتف بنبرة موجوعة :-
, _ انت بتتكلم كده ليه ؟
, _ سحب ياسر نفساً عميق لكي يستطيع مواصلة الحديث مع والده وأردف بحنق :-
, _ ياااا رب تـ كون ممـ بسوط !
, _ خفق قلب منصور بألم شديد بسبب تدهور حالته الصحية ، ترقرت العبرات في عينيه حزناً علي ما تسبب فيه ، لم يستطيع مواصلة الحديث معه حتماً سينهار باكياً إن تابع حديثه معه علي تلك النبرة الثقيلة ، نهض ودلف الي الخارج وشعور الندم يتغلغل داخله ..
, _ لكن ماذا سيفعل ندمه الآن لقد بات كل شئ رماد ، أوصد باب المنزل وحزم أمره علي الذهاب الي إبن عمه ربما يوطد العلاقات مرة أخري ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ ترجلت عنود من السيارة وكادت أن تسير مهرولة داخل المشفي لكن رنين هاتفها الذي صدح اوقفها مكانها ، جذبت هاتفها من حقيبتها وإذا بها هالة صديقتها التي تهاتفها منذ الصباح ولا تجيب عليها لابد أن تجيبها ويكفي وقاحة إلي هذا الحد
, _ سحبت نفساً واستدارت بجسدها إلي حيث يقف يحيي ، كان قد أغلق السيارة لتوه ، حمحمت بحرج وأردفت :-
, _ أنا هكلم واحدة صحبتي الأول
, _ تفهم يحيي ما ترمي إليه وتركها بمفردها علي مضضٍ فهو لا يريد تضيعة اي فرصة في التقرب منها ، حسناً سيقف بعيداً لكنه لن يغادر خشية عليها من متطفلي السبيل ، سار علي بعد منها وجلس علي مقعد إنتظار آخر لا تراه من خلاله لكنه يراها بوضوح ..
, _ جلست عنود علي مقعد خشبي وقامت بالاتصال علي صديقتها ، لم تنتظر لثانية بل اجابتها هالة هاتفة بحنق :-
, _ مش بتردي عليا ليه يا هانم ؟
, _ أزفرت عنود أنفاسها في ضيق وهتفت بنبرة محتقنة :-
, _ محتاجلك اوي يا هالة ..
, _ هبت هالة واقفة في ذعر لنبرة صوتها الحزينة ناهيك عن جملتها التي آلمت قلبها ، سحبت نفساً وتسائلت بإهتمام :-
, _ في إيه يا روحي مالك ؟
, _ استكانت عنود في جلستها وجابت حولها بنظرة سريعة لكي تتأكد من عدم وجود أحدهم وبدأت تقص عليها ما حدث منذ بداية عودتهم من الجامعة بصورة غير لائقة إلي المنزل ثم إلي ذلك الحين كما حرصت عنود علي عدم ذكر سبب الجدل الذي خلق بينهم لكي لا تشعرها بالحرج ..
, _ طالت المكالمة ما يقرب الاربعون دقيقة تبكي كلتهما معاً متشاركين آلامهم سوياً ، شعرت عنود بظل أحدهم ظهر فجأة أمامها ، رفعت رأسها للاعلي وتفاجئت بها تقف أمامها..
, _ هالة!
, _ هتفت بها عنود بصياح غير مصدقة أنها تقف أمامها حقاً ، نهضت وألقت بنفسها بين أحضانها واطلقت العنان لدموعها في النزول بمرارة ما تشعر به
, _ بعد مدة ليست بقصيرة جلسن الفتيات بجوار بعضهما البعض ، تحتضن هالة يد عنود بين قبضتها وأردفت :-
, _ موقفك صعب اوي حماكي حطك في وضع تقيل جدا اشمعنا انتي ؟
, _ هزت عنود رأسها بإيماءة خفيفة ، ابتلعت ريقها وهي تنظر في الفراغ أمامها وهتفت بحزن :-
, _ I don't know
, ( لا أعلم )
, _ تركت هالة يد عنود واقتربت منها ثم وضعت راس عنود علي كتفها وأردفت :-
, _ مش فاهمة ازاي هو عايزك تكوني جنب ابنه وفي نفس الوقت تصلحي علاقته بمراته الأولي!
, _ انسدلت بعض القطرات علي مقلتي عنود بقلة حيلة ورددت بمزاج غير سوي :-
, _ أنا مش عايزة علاقته تتوتر مع مراته بالعكس أنا ضميري بيأنبني ودايما حاسة بالذنب ، بس مش لدرجة أن أنا اللي أصلح علاقتهم ..
, _ اعتدلت عنود في جلستها ورمقت هالة لبرهة وتابعت حديثها مضيفة بنبرة متعلمثة :-
, _ تخيلي كده بقول لجوزي سيبني عشان واحدة تانية ، أنا متفهمة أنها مراته وهو من حقها زيي بس ريان اللي يصلح علاقتهم بنفسه مش انا اللي اعمل كده !
, _ جهشت باكياً ووضعت يديها أمام وجهها ، تشعر بالضياع لا تدري أهي ستصمد للأخير أم ستنهار قواها قبل أن تبدأ في شئ ، لم يكن في استطاعة هالة سوي احتوائها بين أحضانها وتهدئة روعها بكلماتها الحنونة ..
, _ نهض ريان من مقعده ووجه بصره علي الجميع وهتف بنبرة جامدة :-
, _ قومي يا حجة فاطمة روحي بيتك شكلك تعبانة
, _ أماءت فاطمة والدة دينا بالرفض وأسرعت بالقول :-
, _ لا يابني ومين اللي هيقعد بيها ؟
, _ أزفر ريان أنفاسه بضجر بائن وأردف مختصراً :-
, _ أنا
, _ إلتوي ثغرها علي الجانب مُشكلة حركة بشفاها مبدية سخريتها منه وهتفت بحنق :-
, _ زي ما وعدتني أنك هتكون جنبها الفترة اللي فاتت دي ومن وقتها وانت معتبتش البيت ولا تعرف عن بنتي حاجة..
, _ رمقها ريان بفتور وهتف بإقتضاب وهو يتوجه بخطي مهرولة الي الخارج :-
, _ اعملوا اللي انتوا عايزينه
, _ أوصد الباب خلفه وجاب المكان بنظرة متفحصة باحثاً عن صغيرته ، لم يراها منذ انشغاله بمرض دينا ، سأل الجميع عنها لكنهم أجمعوا بعدم رؤيتهم لها ، سار متجهاً الي الخارج وقد رأي يحيي جالساً علي أحد المقاعد منهمرا في تفكيره ، اقترب منه علي عجالة من أمره وسأله بقلق :-
, _ شوفت عنود ؟
, _ أماء يحيي بالايجاب وأشار بيده إلي حيث تجلس ، لم ينتظر ريان لأكثر وسار نحوها ، تعجب من تلك الفتاة التي تحاوطها بذراعيها بحميمية ، أسرع خطاه إليهم ووقف مقابلهم بحنق لذلك الوضع الذي نهاها عنه ..
, _ ارتخت ملامحه عندما رأي ملامحها شاحبة ناهيك عن دموعها التي لا تتوقف عن النزول ، خفق قلبه بألم لحالتها التي حتماً هو المتسبب بها ، جلس القرفصاء أمامها وأمسك بيدها وأردف بتوجس :-
, _ في ايه مالك ؟
, _ لم تبرح عنود مكانها وظلت مستكينة علي كتف هالة ويدها بين قبضتي ريان ، سحبت نفساً وهتفت بصوت متحشرج :-
, _ أنا تمام ، اخبار دينا ايه ؟
, _ حسناً لقد فهم الأمر الآن ، نهض ثم جلس بجوارها وجذبها برفق الي حضنه ثم طبع قُبلة علي جبينها وأخري داخل كفيها ، تنهد وأردف بنبرة حنونة :-
, _ أنا بستقوي بيكي فلما تكوني انتي بالضعف ده انا اعمل ايه ؟
, _ صمت كليهما ثم تابع ريان حديثه مضيفاً بنبرة رخيمة :-
, _ عارف ان الوضع صعب عليكي بس مش بإيدي دي مرا٣ نقطة
, _ اعتدلت عنود في جلستها ورفعت بصرها عليه وقاطعته هاتفة بتفهم :-
, _ خليك جنبها!
, _ قطب ريان جبينه بغرابة وردد :-
, _ انتي اللي بتقولي خليك جنبها!
, _ هزت رأسها بإيماءة خفيفة واضافت بنبرة تبدو طبيعية عكس ما تشعر به داخلها :-
, _ هي أحق مني بيك في الوقت ده هي محتجاك اكتر مني ومش الوقت ده بس ، واحدة فجاءة لقت جوزها في واحدة مشاركاها فيه وانت طول المدة اللي فاتت كنت معايا في اكتر وقت كانت محتاجة تطمن منك وتتعافي بوجودك جنبها ، ده مش فضل مني علي فكرة **** سبحانه وتعالى قال
, ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم، ذلك أدنى ألا تعولوا).. يعني واجب عليك تعدل بينا !
, _ لن ينكر أن نبرتها التي تحاول جاهدة في إخفاء حزنها آلمته كثيراً ، لكن تفكيرها المتفهم الذي يبدو اكبر من عمرها يعجبه ويروق له ، تحسس وجهها بنعومة وهتف بحب :-
, _ بحبك وبحب قلبك وبحب عيونك وبحب شف٣ نقطة
, _ صمت ريان من تلقاء نفسه عندما شعر بفداحة ما كاد أن يتفوه به ، بينما حمحت هالة بحرج ثم أولاتهم ظهرها وقد توردت وجنتيها بالحُمرة خجلاً منهم ..
, _ اعتدل ريان في جلسته ورمق هالة سريعاً وردد بحرج :-
, _ أنا آسف يا آنسة هالة علي آخر موقف بينا بس انا..
, _ قاطعته هالة بتفهم وأردفت بحرج :-
, _ مفيش حاجة يا باشمهندس عنود فهمتني مشكلة حضرتك في الشغل ..
, _ تقوس ثغر ريان بإبتسامة عندما استشف عدم علمها لسبب تذمره حينها ، شعر ببعض الراحة لكون فتاته لم تخبرها حتماً كان سيشعر بالحرج حيالها ، حمحم وهتف بصوته الأجش :-
, _ تعالوا ندخل جوة الجو برد هنا
, _ أسرعت هالة بالحديث مبدية رفضها لما قاله وأردفت موضحة :-
, _ أنا لازم أمشي أنا خرجت من غير ما أعرف والدي ولازم أرجع البيت قبل ما يصحي ويحس اني مش موجودة
, _ التفتت إليها عنود مندهشة من تصرفها وهتفت معاتبة إياها :-
, _ ليه عملتي كده ؟
, _ زمت هالة شفاها بحزن وأردفت موضحة بنبرة حنونة :-
, _ مقدرتش أسمعك وانتي بتعيطي ومكنش جنبك!
, _ اتسعت مقلتي عنود بذهول وعانقتها بقوة متأثرة من حديثها ، شعر ريان بالغيرة الشديدة نحو هالة لكونها تحظي بحضن فتاته الصغيرة ، لم يستطيع التحمل لأكثر وحمحم مصدراً نبرة تحثها علي الابتعاد عن صديقتها ،
, _ استشفت عنود ما يرمي إليه وابتعدت عن هالة لكن بلُطف لكي لا تشعرها بالحرج ، نهض ثلاثتهم وهمت عنود قائلة :-
, _ ريان لو سمحت ممكن يحيي يوصل هالة؟
, _ أسرعت هالة بالحديث مبدية رفضها التام لفكرة عنود :-
, _ لا لا بيتي قريب من هنا و..
, _ قاطعتها عنود بنبرة صارمة :-
, _ لا مش هسيبك تمشي في وقت متأخر زي ده لوحدك
, _ تنهد ريان وأردف موافقا علي حديث عنود :-
, _ عنودك معاها حق مينفعش تمشي لوحدك في وقت زي ده!
, _ وما أن أنهي جملته حتي سحب هاتفه من جيب بنطاله وقام بالاتصال علي يحيي بينما ظلت هالة تطالع عنود بنظراتها التي تحثها علي التوقف عما ينويان فعله ، وعندما فشلت في إيقافهم وقفت تبحث ببصرها علي ذاك المدعو يحيي ، لا تريد الاختلاط به بعد آخر موقف بينهم ..
, _ رأته يقترب منهم بخطي مهرولة فتلاحقت ضربات فؤادها وازدادت نبضات قلبها ، كيف لها أن ترافقه في السيارة ذاتها بمفردهم؟ نفخت بضجر بائن استشفته عنود من نظراتها علي يحيي وهتفت متسائلة بفضول :-
, _ مالك مضايقة ليه كده ؟
, _ سحبت عنود نفساً عميق وهمست بحنق :-
, _ انتي مشوفتيش كان بيتعامل معايا ازاي وانا بسأله عليكي، بني أدم مستفز ..
, _ انفجرت عنود ضاحكة كما شاركتها هالة الضحك ، في تلك الأثناء قد أمر ريان يحيي بتوصيل هالة إلي منزلها ، أبدي يحيي موافقته علي مضضٍ فهي لم تروق له تلك الفتاة ولا يريد الاحتكاك بها لكن ما باليد حيلة أنه أمر وواجب التنفيذ ..
, _ ولج ريان برفقة عنود التي تشبثت في ذراعه بعدما تحرك يحيي بالسيارة خارج المشفي ، عادوا الي حيث غرف ماهر ودينا ، وقف ريان بمنتصف المرر بشموخ وأردف بنبرة صارمة :-
, _ أنا شايف إننا عاملين زحمة في المكان علي الفاضي ، ياريت كله يروح وانا قاعد هنا معاهم ..
, _ نهضت هاجر وأبدت رفضها التام وهتفت بحنق :-
, _ لا مش هقدر أمشي واسيب بابا في الحالة دي ؟
, _ التفت اليها ريان وأردف وهو يحك مؤخرة رأسه :-
, _ ابوكي في العناية يا هاجر يعني محدش هيقدر يدخل له غير في أوقات الزيارة روحي شوفي ابنك بدل القاعدة هنا ..
, _ لم تقتنع هاجر بحديث ريان وكادت أن تعارضه لكن تدخل علي قائلا :-
, _ ريان عنده حق يا هاجر هنروح الوقتي ونيجي بكرة بدري قبل معاد الزيارة ..
, _ وافقت هاجر تحت إصرار كبير من ريان وعلي عليها ، بدأ الجميع في الانسحاب واحد تلو الآخر الي أن بات المرر خالياً الا من ريان وعنود ، استدار ريان بجسده ورمق باب غرفة دينا بإقتضاب فهو ليس علي استعداد بمجادلة والدتها الآن ، نفخ بضيق ثم شعر بيدها تربت علي ذراعه وأردفت بنبرة حنونة :-
, _ خليك جنبها النهاردة وانا هقعد هنا ..
, _ سحب ريان نفساً عميق واجابها مختصراً :-
, _ مش عارف ليه رفضتي ترجعي البيت ؟
, _ أجابته عنود مختصرة حديثها :-
, _ مش عايزة ابعد عنك!
, _ تقوس ثغره بإبتسامة عذبة ، جاب المكان ببصره وعندما تأكد من خلوه اقترب منها وطبع قُبلة علي طرف شفاها ، سرت رجفة قوية في أوصالها الساكنة من خلف قبلته التي يتعمد الإطالة بها فقط ليثير الجدل في نبضاتها كما أنها لم تعتاد تصرفاته بعد ..
, _ شعرت بالحرارة المنبعثة من وجهها حتماً من فرط خجلها ، تنهد ريان بحرارة وأردف :-
, _ هرجع لك تاني
, _ أماءت رأسها بخفة ثم أولاها ريان ظهره وكاد أن يولج الي الداخل لكنها لحقت به وأمسكت بيده ، استدار إليها ريان وتفاجئ بها تلقي بنفسها بين أحضانه ، تشبثت بعنقه بقوة فانحني هو بجسده وحاوط خصرها بيده ورفعها عن الأرضية وضمها بكل ما أوتي من قوة
, _ وكأن كليهما يستمد القوي من الآخر ، مرت مدة ليست بقصيرة ثم انزلها ريان وأردف :-
, _ هتروحي مع يحيي لما يرجع أنا مش هقدر اسيبك قاعدة برا لوحدك!
, _ أماءت رأسها بالايجاب علي الرغم من رفضها التام لذهابها لكن لا تريد أن تكون حمل عليه يكفي هذا القدر من الأعباء يتحمله ، ابتسم لها ريان ثم ولج الي الداخل بعد أن طرق الباب ..
, _ مرر أنظاره علي من بالغرفة في نظرة سريعة واردف موجهاً حديثه إلي والدة دينا :-
, _ مش هسييها لوحدها متقلقيش عليها قومي روحي ..
, _ أخرجت فاطمة تنهيدة بطيئة مليئة بالهموم وهتفت بحنق :-
, _ مش عايزة بنتي تتعرض لاذي يابني وانت مش بتعمل حاجة غير انك بتإذيها بتصرفاتك مرة تتجوز ومرة تسيبها وتهملها كأنها مش مراتك وليها حق عليك وفي الآخر اهي نايمة مش عارفين هتقوم كويسة بلي في بطنها ولا لأ وده كله من زعلها منك ، عايزني اسيبها معاك بعد كل ده ؟
, _ أخفض ريان بصره بحرج ممزوج بالندم الشديد ، لم يعقب علي حديثها لأن معها كل الحق ، أزفر أنفاسه بضيق قد اعتلاه ثم ردد :-
, _ أنا مش هبرر لنفسي حاجة عشان معاكي حق في كل اللي قولتيه بس انا هكون جنبها ومش هسيبها أبدا صدقيني أنا مش هعمل اي حاجة تزعلها ، أنا ريان يا حجة فاطمة انتي لسه هتعرفيني ولا ايه لما بقول كلمة بكون قدها ..
, _ نهضت فاطمة من مقعدها ووقفت مقابله وأضافت :-
, _ مش هنكر أني بحبك واعتبرتك ابني من اليوم اللي دخلت فيه بيتنا وحبيت فيك شهامتك وجدعنتك بس انت طول عمرك جامد وانا مكنتش شايفة إن ده عيب بالعكس كنت فرحانة أن جوز بنتي راجل حمش والكل بيعمله ألف حساب ، بس انت اتغيرت من بعد جوزاتك ، اتحولت لريان تاني مش قد كلمته وبيهرب علي طول وبقيت بتفكر في نفسك اكتر من اللي حواليك وانا عمري ما هطمن علي بنتي تاني معاك ..
, _ تنهدت اسراء مستاءة من حديث والدتها فهي علي علم بتقصير شقيقتها ولابد من التدخل لكي تكف والدتها عن لوم ريان وحده ، فهو ليس العامل الأساسي فيما يحدث ،
, _ سحبت نفساً عميق وأسرعت بالحديث قائلة :-
, _ ماما لو سمحتي خلينا نمشي دينا أكيد محتاجة اكل وهدوم وريان مش هيعرف يتعامل لوحده وكمان جني اللي احنا سايبنها مع جارتنا لازم نمشي عشانها وبكرة هنيجي بدري ..
, _ رمقتها فاطمة مستاءة من تصرفها فهي لا تريد الذهاب وترك ابنتها الكبري مع ذلك الرجل الذي فقدت الثقة به ، لكن ما باليد حيلة حديث اسراء صحيح ولابد من فعله ، مررت بصرها بين دينا النائمة علي الفراش والتعب منهمك منها وبين ريان وأردفت :-
, _ بنتي أمانة عندك علي لما أرجع بس وبعد كده هتكون في امانتي أنا ..
, _ لم يعقب ريان علي حديثها هو فقط يريد مغادرتها سريعاً ، وجه بصره علي إسراء ورمش بعيناه ممتناً لها كما بادلته هي أيضا إبتسامة لم تتعدي شفاها ثم هما بالمغادرة بعدما أمر ريان يحيي بعودته إليه لكي يرافقهم الي وجهتهم .
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
٢٩


أغلق محرك السيارة أمام المنزل والتفت إليها علي مضضٍ وهتف بإقتضاب :-
, _ يارب الخدمة تكون عجبت حضرتك
, _ لم تروق لهالة نبرته الوقحة معها والتفتت إليه عاقدة حاجبيها مستنكرة حديثه وأردفت بإقتضاب :-
, _ أنت بتكلمني أنا ؟
, _ هز يحيي رأسه ساخراً من سذاجة سؤالها وهتف مازحاً :-
, _ لا بكلم أبويا ؟
, _ ضيقت هالة عينيها عليه بتذمجر وصاحت به بنبرة محتقنة :-
, _ و أنا يعني اللي كنت هموت علي توصيلة منك هما اللي أجبروني عليك!
, _ شهق يحيي بصدمة ورمقها بنظرات مشتعلة ممزوجة بالغيظ الشديد وصاح بها :-
, _ انتي تطولي أصلا اوصلك يابت انتي ؟
, _ شهقت هالة بذهول وتمتمت غير مصدقة وقاحته :-
, _ بت! أنا بت
, _ رفع يحيي بصره للاعلي بتهكم وأردف بفتور :-
, _ مع إني أشك!
, _ ارتفعت وتيرة أنفاسها من فرط الصدمة وكادت أن تجيبه لكنها فوجئت بأحدهم يفتح الباب المجاور لها وجذبها من ذراعها بقوة ، استدارت إليه بعد أن وقع قلبها بين قدميها من فرط الخوف وهتفت بصدمة :-
, _ عمر!
, _ صاح بها مندفعاً من بين أسنانه المتلاحمة بغضب عارم :-
, _ انتي كنتي فين الساعة دي ومين اللي راجعة معاه ده ؟
, _ ارتجف جسد هالة بشدة متوجسة خيفة منه وأردفت بتلعثم :-
, _ انا .. أنا كنت عند واحدة صاحبتي
, _ رفع عمر حاجبيه مستنكراً حديثها الذي لم يروق له وأكمل بصياح :-
, _ صاحبتك! وعمي يعرف بالكلام ده ؟
, _ اتسعت حدقتي هالة بخوف شديد وأسرعت بالحديث بتوجس :-
, _ لا لا بابا ميعرفش حاجة ، اهدي وانا هفهمك كل حاجة ..
, _ ترجل يحيي من السيارة لكي يعرف حقيقة الأمر ، اقترب منهم وكل خطوة يسيرها نحوهم تتسع مقلتي هالة بصدمة تحثه علي الرجوع من حيث آتي من خلف نظراتها الموحية إليه ، لكن هيهات له لن يبرح مكانه قبل ان يعلم حقيقة الأمر ربما يمد يد العون لها إن تطلب الأمر ..
, _ مين ده وعايز منك إيه ؟
, _ هتف بهم يحيي متسائلا بنبرة حادة بينما التفت إليه عمر ورمقه من أعلي لاسفل شزراً واجابه بنبرة صارمة :-
, _ انت اللي مين يا كتكوت وبتعمل ايه مع بنت عمي ؟
, _ أسرعت هالة بالحديث قائلة بخوف :-
, _ عمر سيبه يمشي وبلاش فضايح في الشارع وانا هفهمك علي كل حاجة
, _ أطلق عمر ضحكات ساخرة ثم اقترب من يحيي وأمسكه من تلابيب قميصه وصاح مندفعاً :-
, _ ده لو خرج من هنا علي رجليه يبقي **** بيحبه ..
, _ شعر يحيي بالخوف حيال كلماته بينما صرخت هالة بخوف عارم واقتربت من عمر وأردفت بتوسل :-
, _ و**** هو كان بيوصلني مش اكتر ..
, _ نفخ عمر بغضب شديد ورفع يده للأعلي قاصداً صفعها لكن يد أحدهم كانت أسرع في الوصول إليه ومنعه من صفعها ، التفت عمر برأسه للخلف وتفاجئ بوجود عمه ، ازدرد ريقه بخوف وهتف بتلعثم :-
, _ عمي أنا ، انا لقيتها في عربية واحد غريب و٣ نقطة
, _ قاطعه عبد**** ( والد هالة ) بحدة وصاح به مندفعاً :-
, _ متسمحش لنفسك تمد ايدك علي بنتي تاني مرة طول ما انا عايش انت فاهم ؟
, _ اتسعت حدقتي عمر بذهول ، اهو حقاً يوبخه هو وترك ابنته المنفلتة دون أن يقتلها ، أخفض بصره في حرج وأردف :-
, _ أنا آسف يا عمي
, _ رمقه عبد **** بنظرات مشتعلة وهتف :-
, _ والوقتي اتفضل شوف انت كنت رايح علي فين
, _ رفع عمر بصره عليه بذهول اكبر ثم غادر علي مضض ، بينما استدار عبد**** إلي هالة ورمقها بنظرات تحمل من العتاب قدراً وهتف بنبرة محتقنة :-
, _ ممكن افهم ايه اللي بيحصل؟
, _ سحبت هالة نفساً عميق وهي لازالت أسفل ثأثير صدمتها مما يحدث ، تنهدت بحرارة ثم قصت لوالدها منذ مكالمة عنود بها الي ذلك الحين مختصرة حديثها ، أزفرت أنفاسها بضيق وقد ترقرت بعض العبرات علي مقلتيها وأنهت جملتها قائلة :-
, _ و**** هو ده اللي حصل لو مش مصدق هكلم عنود تسألها بنفسك!
, _ أماء عبد **** رأسه مبدي تفهمه للوضع عكس النيران المتقدة بداخله ، التفت الي حيث يقف يحيي وأردف بنبرة متريثة :-
, _ شكراً يابني
, _ وما إن أنهي جملته حتي حث هالة علي السير بإشاراته الموحية من قبل عينيه , أسرعت هالة في خطاها إلي الأمام قاصدة منزلها كما تبعها والدها بينما رفع يحيي حاجبيه بغرابة لما يحدث ثم هم بمغادرة المكان سريعاً ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ قام ريان بتوصليهم خارج المشفي لكي يضمن عدم تعرض أحدهم لفتاته ، مرت مدة ليست بقصيرة ثم ظهر يحيي بسيارته التي صفها أمامهم وترجل منها وعلامات الضجر جلية علي تعابير وجهه ،
, _ آثار فضول ريان حوله وسأله بإهتمام ممزوج بالقلق :-
, _ في ايه يا يحيي قالب وشك ليه ؟
, _ ازفر يحيي أنفاسه بضجر وقص ما حدث مختصراً ثم أنهي جملته قائلا بإقتضاب :-
, _ ابقي وصلها انت ياعم أنا مليش دعوة بعد كده
, _ أسرعت عنود بالحديث هاتفة بذعر :-
, _ أكيد باباها هيضايق جدا
, _ انفجر يحيي ضاحكاً بسخرية وأردف من بين ضحكاته :-
, _ يضايق! ده انا لو منه كنت قتلتها ، واحدة راجعة وش الفجر مع شاب ويضايق بس!
, _ شعرت عنود بالخوف الشديد حيال صديقتها وشدت علي يد ريان التي تمسك بها ، جذبت هاتفها وقامت بالاتصال عليها عدة مرات لكن دون جدوي لا توجد إجابة منها تطمئن قلب عنود عليها ،
, _ تأففت بضجر بائن استشفه ريان وأردف بنبرة حنونة :-
, _ متقلقيش أكيد مش هيعمل لها حاجة ولو مردتش عليكي هنروح بكرة نطمن عليها ونفهمه الوضع ..
, _ إلتمعت عيناي عنود بحب كما اطالت نظراتها عليه ممتنة له وأردفت بهُيام :-
, _ Thanks ريان ..
, _ ويحك يا فتاة! ليس بوقت نبرتك الرقيقة تلك ، لقد نسي تماماً من هم حوله أثر عينيها التي تطالعه بشغف ونبرتها التي ود لو تعيد شكره لكن وهي بين أحضانه لكن المكان لا يسمح ، إذا عليه الإبتعاد سريعاً قبل أن تنحط قواه بين يديها ..
, _ حمحم ريان بحرج وأبعد نظره عنها وأردف بصوت متحشرج موجهاً حديثه إلي يحيي :-
, _ يحيي وصل الجماعة وعنود هتكون معاك وبكرة توديها الكلية معاك متخليهاش تيجي هنا وانت كمان مضيعش يوم منك ومش عايز كلام كتير ..
, _ أصر ريان علي حديثه لم يتكمن يحيي من معارضته بينما رفعت عنود بصرها عليه وأبت فكرته وأردفت بحنق :-
, _ ريان أنا مش هروح الكلية أنا عايزة اكون جنبك
, _ سحب ريان نفساً عميق وهتف موضحاً :-
, _ أنا وعدتك إن بعد الي ٢٤ ساعة ترجعي لحياتك وتكملي تعليمك من غير إهمال لو سمحتي متعارضنيش ويلا عشان الوقت اتاخر وتلحقي تنامي قبل معاد جامعتك
, _ هزت عنود راسها برفض تام ، حسناً سيصرح لها بذاك السر لطلاما أخفاه عنها لحين ميعاده المناسب ، لكن عليه أن يعترف لها فقط لكي توافق علي ذهابها الي الجامعة ..
, _ انحني ريان واقترب من أذنها وهمس بحماس :-
, _ روحي عشان ترجعي تذاكرلي اللي اخدتيه!
, _ تراجعت للخلف قليلا ورفعت بصرها عليه في عدم استيعاب لما تفوه به بينما أسرع ريان بالإجابة علي سؤالها التي لم تساله بعد :-
, _أنا قدمت في الكلية عشان اشاركك حتي في مذاكرتك!
, _ اتسعت مقلتي عنود بذهول شديد وتعالت صراختها بفرحة عارمة قد تسللت إلي قلبها ، حقاً دقت الطبول قلبها وعقلها ومشاعرها وكل انش بها ، أسرع ريان بوضع يده علي فمها يمنع صراختها التي دوت في المكان وأثارت أنظار الجميع عليهم
, _ أشار ريان بنظراته الثاقبة يحثها علي التوقف بينما توقفت هي وأردفت معتذرة :-
, _ Iam sorry بس أنا٣ نقطة
, _ قاطعها ريان وهو يهمس أمام أذنها محذراً إياها :-
, _ ششش مش عايز حد يعرف
, _ أماءت رأسها بطاعة وحماس شديد قد تغلغل بداخلها فتلاحقت ضربات فؤادها المتدفق في الادرينالين المندفع في شرايينها من فرط الحماس ، جذبها ريان من ذراعها وفتح الباب الامامي لسيارة يحيي بينما ركبت هي وتبعتها والدة دينا وشقيقتها وركبَ في الخلف علي مضضٍ من حوار ريان وزوجته الذي أثار غضبهم حوله ..
, _ عاد ريان بأدراجه الي غرفة والده لكي يطمئن عليه لكنه مُنع من قِبل أحد الممرضات ، عاد الي غرفة دينا وجذب مقعد خشبي متوسط الحجم وجلس عليه مقابلها ، شعر بحركة طفيفة في أناملها ، رفع بصره عليه وتفاجئ بها تستعيد وعييها تدريجياً ..
, _ انتظر قليلا إلي أن استعادت وعييها بالكامل ، جابت دينا الغرفة بعينيها تستشف أين تمكث ثم أخفضت بصرها علي ريان وسألته بغرابة :-
, _ أنا فين أنا مش فاكرة حاجة!
, _ اعتدل ريان في جلسته واجابها بهدوء لم تعتاده هي منذ فترة :-
, _ إحنا في المستشفي انتي تعبتي و٣ نقطة
, _ قاطعته دينا حينما تذكرت آخر ماشعرت به وأسرعت بالحديث هاتفة بذعر :-
, _ الحمل حصله حاجة ؟
, _ أماء ريان رأسه بنفي ثم جاب بعنياه الغرفة علي شئ ما تاكله لكن لم يجد ، نهض ونظر إليها وقال بنبرة رخيمة :-
, _ هجبلك آكل وارجع
, _ أسرعت دينا بمسك يده وقد إلتمعت عينيها بحزن وأردفت بآسي :-
, _ خايف عليا ولا علي اللي في بطني ؟
, _ أخرج ريان تنهيدة بطيئة تحمل بين طياتها العتاب واللوم لكونها تبادر دوماً في سوء ظنها به ، رمقها لبرهة بنظرات متهكمة وهتف :-
, _ اللي في بطنك لسه مشوفتوش عشان اخاف عليه!
, _ ابتلعت دينا ريقها وسألته مرة أخري ، هي في أشد الحاجة لشئ ما يداوي جروح قلبها التي من المفترض أن يبادر هو في مدواتها :-
, _ مش ناوي تطلقها ؟
, _ هز رأسه مستنكراً حديثها وأسرع بالقول بتهكم :-
, _ اطلقها! انتي عارفة أنها هي اللي قالتلي أفضل جنبك عشان هتكوني محتجاني اكتر منها مع أن والدتك واختك موجودين لكن هي ملهاش غيري!
, _ شعرت دينا بالغيرة الشديدة التي اشتعلت بداخلها ، خفق قلبها بشدة من خلف حديثه الفاظ معها ، اهو يريدها أن تمتن لتلك السارقة أم يريدها أن تقدم شكر خاص لأنها أعادت ما سرقته؟
, _ لكنها ستقتلع عينيها بدلاً أن تنطق بحرف يدل علي امتنانها لها ، أدارت راسها للجانب مبدية تذمرها بينما هز ريان رأسه مستنكراً تصرفاتها التي ليس في محلها الآن ، أزفر أنفاسه بضيق ودلف الي الخارج مستنفراً منها ..
, _ وقف خلف الباب يأنب ذاته لأنه لم يتحلي بالصبر معها فهي بالاخير مريضة ولا يجدر عليه حزنها ، عزم أن يراضيها بعدما يعود إليها بالطعام ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ صف يحيي سيارته أسفل البناية الخاصة بهم وترجل منها برفقة عنود بعدما قام بتوصيل عائلة دينا الي منزلهم ، وقف كليهما عندما صدح صوت جهوري من خلفهم ، استدار يحيي بجسده أولاً ورمق ذاك الجسد الضخم شزراً وهتف عالياً :-
, _ بتقول حاجة ؟
, _ تعالت ضحكات الشخص الآخر ساخراً منه وأردف بنبرة مستاءة :-
, _ هي القطة ماشية علي شباب العيلة كلها ولا ايه طب وانا مش هينوبني من الحب جانب ؟
, _ صعقت عنود مما سمعته وفغرت فاها بصدمة جلية بينما احتدت ملامح يحيي علي ذلك المتعجرف التي يتباهي ببدنه ذو البنيان العضلي القوي ، اقترب منه بخطي مهرولة وصاح به هدراً :-
, _ لا ده انت عضلاتك مقوية قلبك وخليتك تتكلم عن عيلة العراقي كده!
, _ تقوس ثغره بإبتسامة متهكمة ثم وضع يده علي كتف يحيي وشد بقبضته عليه حتي وقع يحيي أرضاً من فرط قوته ، تعالت قهقهاته عالياً واردف مستاءً :-
, _ ياعيني علي عيلة العراقي اللي بتقع من قبل ما تاخد القلم ..
, _ رفع البدين بصره علي عنود التي تقف متوجسة خيفة من هيئته الضخمة تود أن تصرخ عالياً لعل أحدهم يمد يد العون لهم ، لكنها بدت كمن انحشرت كلماتها داخلها من فرط الخوف ، تراجعت إلي الخلف بخطي متمهلة مرتعبة وهي تراه يقترب منها مُشكلاً ابتسامة خبيثة علي محياه
, _ وقف أمامها واردف :-
, _ لا بس انتي نينجا وجامدة اوي ليهم حق يحدفوكي لبعض ..
, _ شهقت عنود بصدمة كبيرة قد اعتلتها ووضعت يدها علي فمها بذهول من كلماته المثيرة للاشمئزاز ، تريد أن تفر هاربة من أمامه لكن قدميها قد تصلبت من فرط خوفها منه ، نهض يحيي وأسرع بخطاه إليه وهتف بنبرة جهورية :-
, _ هيثم!
, _ استدار هيثم بجسده الذي غطي علي جسد عنود بالكامل وحجب الرؤية لكلاً من عنود ويحيي واجابه بنبرة متهكمة :-
, _ نعم يا ننوس عين أبوك؟
, _ تحول لون بشرة يحيي الي الحمرة من فرط غضبه كما برزت عروق عنقه ولم يشعر بيده التي لكمته بقوة علي وجهه ، اتسعت حدقتي هيثم بذهول علي تصرف يحيي الذي لم يتوقعه قط ثم بادر هو بلكمه بعنف وقسوة إلي أن سالت الدماء من وجه يحيي بغزارة ، أطلقت عنود صراختها تحثه علي التوقف لكن دون جدوي ،
, _ لا احد يشعر بهم فالوقت قد تعدي الثالثة فجراً وبالتأكيد الجميع نيام في تلك الأثناء ، بعد مدة ليست بقصيرة قد أفرغ هيثم شحنه غضبه علي يحيي ومن ثم بصق عليه بتقزز والتفت برأسه الي عنود واردف بخبث :-
, _ لينا معاد ندوق الشهد في يوم يا جميل
, _ غمز إليه بعيناه ثم غادر المكان سريعاً ، حركت رأسها مع خطواته عفوياً منها بخوف شديد ، وما إن اختفي طيفه من أمامها حتي أسرعت مهرولة إلي يحيي ، جلست القرفصاء مقابله وسألته بقلق :-
, _ يحيي انت كويس ؟
, _ تحسس يحيي وجهه بألم شديد يشعر به ، حاول مسح الدماء بانامله لكنه فشل لغزارته ، نهض وهو يتآوة بتعب بينما نهضت عنود معه وأردفت بحزن :-
, _ Iam sorry كل ده بسببي أنا ..
, _ رمقها يحيي بنظرات معاتبة وهتف بصوت متحشرج :-
, _ بدل الكلام اللي ملوش لازمة ده ساعديني
, _ رمقته عنود بغرابة فهي لا تعي حقيقة تلك المساعدة بعد ، أزفرت أنفاسها وسألته بتوجس :-
, _ أساعدك ازاي ؟
, _ أخرج يحيي تنهيدة بطيئة وأردف موضحاً بنبرة متعبة للغاية :-
, _ امسحي لي الدم ده انا مش شايف قدامي وتعملي اي حاجة تشيل الوجع ده مش قادر منه!
, _ تعمد يحيي إلقاء حديثه لكي يحظي وجهه بلمساتها عليه ، بينما رمقته عنود لبرهة ثم أسرعت بخطاها الي الداخل كما تبعها يحيي ، رفضت أن تصعد معه في المصعد بمفردهم وصعدت هي الادراج وحدها لعدم قدرة يحيي علي الصعود ، لما كان سيمرق تلك الدقائق دون أن يتحلي بقربها لكن آلام جسده قد أجبرته علي قبول ذلك الوضع
, _ ولجت هي داخل منزلها وجذبت علبة الاسعافات لكي تضمد له جروحه ، تعمدت عنود ترك الباب مفتوحاً لكي لا يقع علي عاتقها وزر لن تتحمل عقابه ، عادت بأدراجه إليه أسفل نظراته المسلطة عليها بصورة غريبة لم تستطيع هي تفسير ما يوجد خلفها
, _ جلست مقابله علي الأريكة ذاتها تاركة بعض المسافة بينهم ثم بدأت تمسح الدماء التي تملئ وجهه برفق لكي لا تؤلمه كما حرصت علي عدم لمسه ، كانت هي تنهمر في تضميد جروحه بينما تاه هو في ملامحها الهادئة التي بدت خائفة بعض الشئ ، خفق قلبه بشدة لهذا التقرب الذي يتحلي بلذته للمرة الأولي ..
, _ أخرج تنهيدة حارة وهو يتمناها له ، كم تمني أن يجذب يدها ويضعها علي قلبه ربما ترأف بحالته قليلاً وتشعر بما يتعايش معه في صمت ، انتهت عنود مما تفعله سريعاً ثم هبت واقفة وأردفت بفتور :-
, _ أنا خلصت
, _ خرج يحيي من شروده بها عندما أبتعدت عنه ونهض هو الآخر وهتف ممتناً :-
, _ شكراً
, _ تقوس ثغرها بإبتسامة لم تتعدي شفاها فأكمل هو :-
, _ تصحبي علي خير
, _ أجابته بإقتصاب مختصرة الحديث معه :-
, _ وانت من أهله
, _ غادر يحيي علي مضض فهو يريد التودد إليها أكثر في الحديث لكم لم تسنح له الفرصة ، أوصدت عنود الباب خلفه واستنشفت الصعداء ثم توجهت داخل غرفتها واستلقت بجسدها علي الفراش بإهمال ورمقت سقف الغرفة قليلا ثم تذكرت هالة صديقتها ، نهضت بذعر وقامت بالاتصال عليها مرات عديدة لكن دون جدوي لا يوجد إجابة منها ..
, _ أزفرت أنفاسها بضجر ثم هاتفت ريان ربما يطمئن قلبها عندما تصغي الي نبرته التي باتت تعشقها لكن هاتفه مغلق هو الآخر ، ألقت بهاتفها جانباً ثم أطلقت العنان لجفونها أن تذهب في النوم لكي تسعتد الي يوم جديد ملئ بالاقدار لهم ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ عاد ريان الي غرفة دينا حاملاً لها الطعام لكنه فوجئ بها غافية والإرهاق بادي علي ملامحها لم يريد إيقاظها حتماً هي متعبة وتريد بعض الراحة
, _ وضع الطعام علي الطاولة ثم استلقي بجسده علي الأريكة الموضوعة أسفل النافذة الزجاجية التي يظهر من خلفها النجوم ، حملق بعنياه علي النجوم وبحث علي نجمة منفرده إلي أن وقع بصره إليها ..
, _ تقوس ثغره بإبتسامة عذبة وهو يتذكر صغيرته التي تشبهها تماماً ، أخرج تنهيدة حارة وهو يتذكر ليلتهم التي حظي بلذتها معها ، شعور مختلف كلياً عن علاقته السابقة ، شعر بكونه رجل أمامها أسفل خجلها الذي يمتزج ببعض الجرأة
, _ شعور رائع أن يملك امرأة لا تبادر بالرفض دوماً علي الرغم من خجلها ، ولها كل الحق فهي أول تجربة تخضوها ، لكن الغريب في الأمر أنه لا ينزعج من خجلها بل يزيده تلهفاً للتودد إليها أكثر ..
, _ انعكست تعابير وجهه كلياً عندما تذكر ما حدث لوالده من خلف تلك اللعينة رنا ، هي المتسببة في ذلك، هو فقط آراد أن يثبت الحقيقة لشقيقه لكي يتخلص منها لكن الامور لم تجري كما خطط ، حسناً عليه فقط التحلي بالصبر إلي أن يطمئن علي صحة والده ودينا وخروجهم من المشفي ثم يفكر في هدوء ما عليه فعلا ..
, _ جذب هاتفه لكي يرضي غريزته التي تحثه علي سماع نبرتها الرقيقة لكنه تفاجئ ببطارية الهاتف فارغة ، ألقاه علي الطاولة بتذمر ثم ظل يرمق النجمة إلي أن بات في ثُبات عميق ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ أصدرت العصافير انغامها مع شروق الشمس ، استيقظ ريان علي صوت رنين هاتف دينا ، اسرع نحوه قبل أن تستيقظ هي وإذا بها والدة دينا ، أجابها ريان بنبرة متحشرجة واخبرها بعدم استيقاظ دينا بعد وانهي المكالمة سريعاً ،
, _ رمق الهاتف لبرهة ثم قرر أن يهاتف عنود منه ، فقط يريد أن يطمئن عليها ، هاتفها ودلف الي الخارج لكي لا يسبب الازعاج لدينا ، وقف مستند بقدمه علي الحائط إلي أن أجابته هي بعد برهة :-
, _ السلام عليكم ورحمة **** وبركاته
, _ رد عليها التحية وأكمل بنبرة رخيمة :-
, _ وحشتيني
, _ إلتوي ثغرها بإبتسامة خجولة واجابته مفتقدة الي حضنه لطلاما اعتادته مؤخراً :-
, _ I miss you too
, _ تشكلت ابتسامة سعيدة علي محياه وأردف :-
, _ قومي يلا عشان متتأخريش علي الكلية
, _ ترددت عنود في إخباره بما حدث أمس ، لكن حتماً سيعلم فبالتاكيد لن يستطيع يحيي الدلوف من المنزل بتلك الكدمات التي في وجهه ، تنهدت بحرارة ثم نهضت وهتفت بتردد :-
, _ ريان ، فيه حاجة حصلت امبارح عايزة أقولك عليها!
, _ لم تروق له نبرتها المترددة وأسرع بالحديث متسائلاً بتوجس :-
, _ حصل ايه ؟
, _ حمحمت عنود وهي تنتقي كلماتها بعناية لكي لا تثير ذعره ثم قصت عليه ما حدث بإختصار شديد ، حسناً لقد توقعت ثورته لكن لم تتوقع بأنه قد ينهي المكالمة قبل أن تنهي هي حديثها
, _ أبعدت الهاتف عن أذنها ورمقته بغرابة ، اخر شئ توقعته ما فعله ريان ، أعادت تكرار مهاتفته ربما حدث سوء فهم لكنه لم يجيبها ، شعرت بالقلق يتسلل داخلها لا تدري لما لكن إنهائه للمكالمة مثير للقلق ، سحبت نفساً عميق ودعت **** بحسن عاقبة الأمور ..
, ١٤ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ انزل استناني تحت!
, _ صاح بهم ريان بنبرة آمرة بينما أجابه يحيي بتوجس من نبرته الحادة :-
, _ في ايه يا ريان ؟
, _صاح به ريان بغضب شديد :-
, _ بقولك استناني تحت ايه اللي مش مفهوم في كلامي ؟
, _ أنهي ريان المكالمة علي الفور وتابع قيادة السيارة التي تعدت سرعتها المائة وعشرون ناهيك عن صوت بوق السيارة التي لا يتوقف قط من قِبل يده لكي يزيح تلك السيارات اللعينة من أمامه ، بينما هاتف يحيي خالد لكي يرافقه فنبرة ريان لا تبشر بالخير ولا يستطيع السيطرة علي غضبه بمفرده
, _ وصل إلي منطقته بعد حوالي خمسة عشر دقيقة ، ترك السيارة في منتصف الطريق دون أن يصفها بطريقة صحيحة ، ترجل منها علي عجالة بخطي مهرولة غير مستقيمة ،
, _ رآهُ يحيي وخالد وهو يركض عكس اتجاههم فركض كليهما مهرولين خلفه ، دخل ريان أحد مقاهي المنقطة وبحث بعيناه سريعاً علي ذاك الذي تعدي علي من هم في منطقة محظورة بالنسبة إليه ، لمحه يجلس علي طاولة في منتصف المقهي يحتسي مشروب ساخن وينفث سيجارته بتلذذ ..
, _ ركل ريان أحد الطاولات التي أمامه بقدمه من فرط غضبه وسار نحوه وعيناه ينطقان منهم الشرار ، نهض هيثم بذعر عندما رآه يولج نحوه وقبل أن يبرر تصرفه كان قد تلقي لكمات متعددة دوت علي وجهه ،
, _ لم يكتفي ريان بصفعه بل وامسكه من تلابيب ثوبه وجره خلفه كالحيوان ..
, _ دلف الي الخارج ولا يصغي لندائات الجميع التي ثحثه علي التوقف لكن دون جدوي فقط غضبه يفوق الوصف ويريد أن يفرغه لكي يهدأ ، إذاً لن يرحم ذاك المتعجرف الذي جني علي نفسه بعد أن يشعر ببعض الراحة اولاً ..
, _ جره ريان خلفه الي أن وصل به إلي البناية الخاصة به وقام بتعليقه أعلي بوابة المنزل لم يستطيع شريف لمس الارض بقدمه ، تجمع خالد ويحيي وجميع من بالمنطقة يشاهدون ما يحدث في صمت ،
, _ لم يتجرأ أحدهم التدخل فهم علي علم بغضب ريان الذي لو ثار عليهم لحرقهم جميعاً ، كما أن خالد ويحيي يريدان رؤية هيثم يتأدب لكي يفكر جيداً قبل أن ينظر مجرد نظرة إلي عائلة العراقي
, _ سحب ريان حزامه بحركة سريعة من بنطاله ثم انسدل به علي جسد شريف بقسوة وعنف وهو يصيح عالياً بغضب عارم :-
, _ لو كنت شارب حاجة خليتك تتجرأ علي حد من عيلتي فأنا هخليك تبطل يروح أمك ، ولو كنت بعقلك وانت بتعمل كده فأنا هخليك تنسي أن ليك عقل أصلا
, _ ازداد ضربه المبرح علي ثائر جسد هيثم بكل ما أوتي من قوة كما تزداد أيضاً صرخات هيثم المتألمة إلي أن انشق الحزام نصفين من فرط القوة التي يتعامل بها ريان ، اقترب منه خالد واردف :-
, _ ريان الواد هيموت في ايدك كفاية كده!
, _ استدار ريان بجسده إليه وملامحه جامدة لا يظهر بها أي تعابير ثم دني منه إلي أن التصق بخالد وسحب حزام بنطاله بسلاسة وعاد ليكمل ضربه دون رحمة ، توقف وسحب نفساً وهو يرمقه بغضب شديد لا يقل بل يزداد أكثر ، التفت برأسه الي حيث يقف يحيي وهتف بحنق :-
, _ تعالي
, _ اقترب منه يحيي بتوجس فأكمل ريان حديثه أمراً إياه :-
, _ اضربه زي ما ضربك
, _ هز يحيي رأسه برفض تام وأردف :-
, _ خلاص يا ريان هو..
, _ قاطعه ريان عندما صاح به بصوته الجهوري :-
, _ بقولك اضربه زي ما ضربك
, _ تلاحقت خفقات قلب يحيي متوجس خيفة من ريان ثم اقترب من هيثم وقام بلكمه عدة لكمات قوية ثم تراجع للخلف بينما عاد ريان ليواصل ضربه لكن يد خالد منعته قائلا :-
, _ سيب الواد يمشي كفاية كده
, _ رمقه ريان لبرهة فأسرع خالد مشجعاً إياه علي تركه بإيماءة خفيفة من رأسه يحثه علي التوقف ، ناوله ريان حزامه ورمق هيثم شزراً ثم عاد ببصره علي جميع الواقفين وهتف عالياً :-
, _ ده جزاء اي حد يفكر مجرد تفكير أنه يجي علي حد يخص ريان العراقي
, _ أنهي ريان جملته ثم أمر الحارس قائلا بنبرة غاضبة :-
, _ الحيوان ده يفضل متعلق كده مينزلش الا ما يجيلي مزاج وانزله بنفسي ..
, _ ولج الي الداخل دون أن يعبأ لندائات الآخرين له ، صعد سريعاً الادراج لعله يخفف من غضبه الذي يشعر به مع صعوده للادراج المرتفعة لكن دون جدوي تفشل محاولاته في تهدئة روعه ،
, _ قابلته عنود بوجه جامد بعد أن رأت ما حدث في الأسفل وأردفت بحنق :-
, _ انت إزاي تعمل فيه كده انت٣ نقطة
, _ لم تكمل جملتها عندما قاطعها هو بقبلته القاسية ، ركل الباب بقدمه وشد علي خصرها بعنف لم تتحمله هي وأطلقت آنة موجوعة من خلف ضغطه علي خصرها وهمست معاتبة :-
, _ ريان انت بتوجعني
, _ همس هو بحدة وغضب عارم أمام شفاها :-
, _ أنا مش شايف قدامي فحاولي تستحملي ..
, _ سرت رجفة قوية في أوصالها الساكنة من فرط خوفها من نبرته وتصرفاته الغريبة معها ، أجبرها ريان علي السير داخل الغرفة وبادر بتفريغ غضبه بطريقته الخاصة التي لأول مرة يفرغه بذلك الاسلوب ..
, ١٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ نهض خالد من مقعده وهتف بحنق :-
, _ أخوك طول فوق أوي شكله قالب الدنيا
, _ وضع يحيي راحتي يده علي وجهه وقام بفرك وجهه بحركات دائرية ثابتة وأردف بإقتضاب :-
, _ ده مش بعيد يكون ولع البيت بلي فيه
, _ هز خالد رأسه مستنكراً ما يحدث وردد بفتور :-
, _ وبعدين هنفضل قاعدين هنا ومش عارفين هو بيعمل ايه ؟
, _ رفع يحيي بصره علي هيثم المتعلق أمامه وأردف بنبرة محتقنة :-
, _ كله من الحيوان ده
, _ رمقه خالد شزراً هو الآخر وهتف بتجهم :-
, _ اهو خد نصيبه يستاهل
, _ نهض يحيي وهتف بقلق شديد حيال عنود ، يا تري ماذا فعل بها ؟ أزفر أنفاسه بضجر بائن وهتف :-
, _ لا مش قادر ، أنا طالع اطمن عليه
, _ نهض خالد كما وافقه الرأي قائلا :-
, _ خدني معاك
, _ هز يحيي رأسه بالايجاب ثم صعد كليهما الي الاعلي ، طرق يحيي بابه بتردد كبير لكن ما باليد حيلة ، يريد الاطمئنان عليهم وخصيصاً علي تلك الفتاة الصغيرة ، انتظرا كليهما مدة ليست بقصيرة متعجبين من عدم إجابة أحدهم ..
, _ بعد عدة دقائق من تكرار قرع الباب فتح لهم ريان الباب عاري الصدر ، فقط يرتدي بنطال وحالته غير المهندمة كانت بمثابة دليل قوي علي ما كان يفعله ، سحق يحيي أسنانه بغضب ثم هبط للاسفل سريعاً دون أن ينبس بشئ ،
, بينما حاول خالد كتم ضحكاته لكنه لم يستطيع وانفجر ضاحكاً بصوت عالٍ أسفل نظرات ريان المتعجبة من أمره
, _ حاول خالد السيطرة علي ضحكاته لكنه لم يستطيع ، وضع ريان يديه في منتصف خصره وهتف بحنق :-
, _ لا ماهي مش ناقصاك!
, _ عدل خالد من نبرته واردف وهو يريد أن ينفجر ضاحكاً :-
, _ مش ممكن تكون ريان لا ، ريان اللي أنا اعرفه مش هيقف قدامي بمنظره ده!!
, _ استشاط ريان غيظاً ثم رمق نفسه في نظره متفحصه وتفاجئ علي حالته التي يقف عليها ، اتسعت حدقتاه بصده ثم رفع بصره علي خالد وهو يتخلل خصلاته قائلا بثبات :-
, _ ماله شكلي ؟
, _ تعالت قهقات خالد مبدي سخريته من ذاك الموقف الطريف واجابه مازحاً :-
, _ مفيش حد يبقي مضايق برده ويـ٣ نقطة
, _ صمت خالد من تلقاء نفسه وهو يغمز لريان الذي أسرع في إغلاق الباب في وجهه من فرط غيظه وعاد الي صغيرته مرة أخري بينما هبط خالد ولا يدري كيفية السيطرة علي نوبة ضحكه التي لا تتوقف قط ..
 
٣٠


وقف يراقبها لبرهة وهي جالسة علي الفراش ضامة ركبتيها بذراعيها أمام صدرها تترقرق الدموع من مقلتيها بألم متناثر في أنحاء جسدها ، شعر بالندم الشديد حيالها ، لم يكن بتلك الهمجية من قبل فلماذا إذا الآن ؟
, _ سحب نفساً عميق وتوجه نحوها بخطي متريثة ، جلس أمامها علي الفراش ومسح بأنامله عبراتها التي تنسدل دون توقف وأردف بنبرة نادمة :-
, _ أنا آسف ، بس انا كنت مضايق جدا
, _ رفعت بندقيتاها عليه فتابع هو حديثه مضيفاً :-
, _ عارف أنه مش مبرر وانا اصلا مش فاهم عملت كده ازاي أنا عمري ما كنت كده مع دين٣ نقطة
, _ توقف ريان من تلقاء نفسه عندما أدرك الخطأ الذي كاد أن يقع في براثينه ، لكن هيهات لذكائها لقد استشفت الأمر كاملاً ، شعرت بغصة مريرة في حلقها ، شعور مؤلم أن يتحلي غيرك بشئ ما خاص للغاية من المفترض أن تتحلي به وحدك
, _ أعد عقل عنود عدة مشاهدة لرفيق دربها مع امرأة أخري غيرها ولم يزيدها الا سوءاً لحالتها ، جهشت باكية بمرارة نادمة علي عودتها لتلك البلدة التي تريد الفرار منها الآن ، لكن لا تجرأ الآن ، لا تمتلك القدرة الكافية لترك من خفق قلبها تيمناً بحبه ،
, _ أخرجت تنهيدة بطيئة مليئة بالحزن وهي تفكر في تبرير ما لكي تسامحه علي ما اقترفه معها ، حسناً ربما يريد إفراغ غضبه معها وحدها كما يشاركها كل شئ ولم يستطيع فعل شئ سوي تلك الطريقة ، تشبه كثيراً طريقته في تصريحه بحبه ..
, _ أقنعت عقلها بذاك التبرير لكي تمرق الأمر مرار الكرام ، رفعت بصرها عليه وأردفت :-
, _ أنا تمام ، ممكن بقا تروح تطمن علي عمي ماهر ودينا وتسيب الشاب اللي تحت ده يمشي!
, _ اقترب منها أكثر وطال بنظراته عليها واردف بعدم تصديق :-
, _ انتي اللي بتقوليلي روح لها انتي عارفة كانت بتقولي عليكي ايه ، دي قالتلي هت..
, _ قاطعته عنود بوضع يدها علي فمه وتابعت هي مبدية انزعاجها من الأمر :-
, _ مش عايزة اعرف قالت ايه ، ومهما قالت هي معاها حق
, _ أزفرت أنفاسها بضيق فهي تردف كلماتها علي مضض لكن بالأخير هذا ما اوصاها به العم ماهر بفعله ، تابعت حديثها بمزاج غير سوي :-
, _ ريان انت بتحبني؟
, _ فغر فاهه ببلاهة غير مصدق سؤالها وأسرع بالحديث بنبرة مليئة بالشغف :-
, _ انتي بتسألي؟ ده انا حاسس اني عايش بروحك انتي من كتر حبي ليكي
, _ رباه! لقد سببت كلماته خفقان قلبها كما زادته عنفواناً ، إلتمعت عيناها بوميض العشق ، لم تستطيع منع ابتسامتها التي غزت شفاها بالكامل وهتفت بنبرة هادئة عن ذي قبل :-
, _ تخيل ان حد ياخدني منك و٣ نقطة
, _ قاطعها هو بقبلته التي طالت لدقائق عدة ناهيك عن قسوتها التي تتذوقها عنود للمرة الأولي ، أبتعد عنها وأردف من بين أنفاسه المتلاحقة :-
, _ انتي ملكي أنا وبس ، متحاوليش مجرد تفكير بس انك تقولي كده تاني ولا حتي بينك وبين نفسك ، مفهوم!
, _ أماءت رأسها بالايجاب بينما نهض هو وقال بنبرة أمره :-
, _ البسي عشان اوصلك الكلية في طريقي ..
, _ أنهي جملته ثم دلف الي الخارج لكي ينعم باستحمام سريع ، بينما أنهت هي ما عليها إنهائه ثم جلست علي الأريكة في انتظاره ، ظهر طيفه وهو يغلق أزرار قميصه ، رفع بصره عليها واردف بحنق :-
, _ أنا مش عارف ايه الألوان المايعة اللي انتي مختارها دي !
, _ رمقته عنود بإعجاب شديد لتلك الثياب الشبابية ذات الالوان المبهجة ، يرتدي قميص سماوي اللون علي بنطال ابيض وحذاء هافان كلاسيكي ، اقتربت منه بخطي متمهلة ثم أزاحت يده عن القميص واكملت هي إغلاق الأزرار وأردفت :-
, _ شكلك حلو اوي
, _ انحني برأسه ووضع قبلة رقيقة علي وجنتها وهتف :-
, _ مش أحلي منك
, _ أماءت رأسها بثقة وأردفت بتعالي :-
, _ ده اكيد !
, _ ألقت كلماتها ثم أولاته ظهرها وهي تكاد تنفجر ضاحكة ، أسرع ريان خلفها وحاوطها بيده إلي أن ألصق ظهرها بصدره ، وانحني علي عنقها وهمس قائلا :-
, _ جايبة الثقة دي منين ؟
, _ التفتت إليه وتعلقت بعنقه وأردفت بدلال :-
, _ طبيعي حد حلو زيك مش هيحب غير واحدة حلوة زيه ولا ايه ؟
, _ أسبل ريان عينيه لبرهة وظل يطالعها بشغف وهتف مازحاً :-
, _ لا عرفتي تثبتيني
, _ انفجرت ضاحكة وشاركها هو ضحكاتها ، لمحت عنود بعض الخصلات التي تحولت الي اللون البني كما ازداد عددها عن ذي قبل ، لاحظ ريان نظراته المذهولة عليه لكنه لم يعي سببها
, _ أبتعد قليلا لكي يجبرها علي النظر إليه وسألها بغرابة من أمرها :-
, _ بتبصي علي إيه ؟
, _ ضاقت عنود ببصرها عليه بتعجب شديد وأردفت بعفوية :-
, _ شعرك!
, _ هز ريان رأسه بعدم فهم وهتف متسائلا :-
, _ ماله؟
, _ تابعت هي ولازالت علامات التعجب جلية علي وجهها :-
, _ شعرك بيقلب بني!
, _ فغر ريان فاهه بصدمة كما اتسعت حدقتيه بذهول ثم ركض مهرولا داخل الغرفة ، وقف أمام المرآة يتفحص خصلاته جيداً ، شهق بصدمة عندما وقع بصره علي بعض الخصلات بنية اللون ،
, _ وقفت عنود خلفه تطالع صورته المنعكسة في المرآة بغرابة من أمره وعندما فشلت أن تستشف ما خلفه سألته بعفوية :-
, _ في ايه ؟
, _ استدار ريان بجسده نحوها ووضع يده علي رأسه ربما يخفي تلك الخصلات ، جاب الغرفة بسودتاه يبحث عن شئ ما يخفي خصلاته أسفلها ، ركض إلي الخزانة ما إن وقع بصره عليه وجذب قبعة ثم ارتداها أسفل أنظار عنود المثبتة عليه
, _ هزت رأسها مستنكرة تصرفاته المبهمة واعادت سؤالها قائلا :-
, _ ريان في ايه ؟
, _ أزفر أنفاسه وقال مختصراً :-
, _ أنا أصلا شعري بني مش أسود بس وانا صغير دايما كنت بقابل هزار سخيف علي لون شعري وازاي لما اكبر واكون راجل يكون شعري بني وهما معاهم حق بصراحة تخيلي الإمبراطورية دي كلها صاحبها شعره بني زي العيال التوتو!
, _ رفعت عنود أحد حاجبيها بدهشة وتمتمت بعدم فهم :-
, _ توتو!
, _ هز ريان رأسه بضجر لأنه لم يفصح بذاك السر لأحد ومن يعلم به فقط بضعة أشخاص معدودة ، تنهد مستاءً وجذبها من ذراعها قائلا بنبرة تريد الخلاص :-
, _ مش وقت تتنيح في مستقبل بيضيع
, _ توقف ريان عن سيره وأعاد ما تفوه لتوه بإعجاب :-
, _ مش وقت تتنيح في مستقبل بيضيع ، ده أنا عليا جمل إنما ايه عنب
, _ قطبت عنود جبينها بغرابة شديدة وسألته بعدم فهم :-
, _ أنا مش فاهمة حاجة
, _ أجابها وهو يتجه نحو باب منزلهم :-
, _ مش مهم تفهمي يلا عشان متتأخريش ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ أشعل سيجارة وظل ينفثها بغضب عارم ، لا يكتفي من النيكوتين الذي يوجد بداخلها يريد شئ اقوي لكي يستطيع مسح مشهد أخيه وهو يقف أمامه بحالة غير مهندمة تدل علي التودد الي فتاته التي يزداد حبها في قلبه كلما مرت الدقائق ..
, _ عزم أن ينسحب مراراً لكنه لا يستطيع ، يفشل كلما حاول الابتعاد ، لا يدري كيف عليه أن ينساها ؟
, _ اهدي يا يحيي وبلاش اللي انت بتعمله ده هيوديك لسكة غلط
, _ هتف بهم شريف صديقه بنبرة ملحة تحثه علي التوقف عما يقترفه في حق نفسه بينما لم يعيره يحيي اي اهتمام وظل ينفث السيجارة بعصبية بالغة
, _ في تلك الأثناء كان قد استقل ريان علي مقعده أمام طارة سيارته برفقة عنود ، حرك السيارة ثم لمح طيف شقيقه الأصغر من علي بعد ينفث دخان السجائر ، دعس علي مكبح الفرامل بكل ما أوتي من قوة حتي صدح صرير قوي من أثر توقفه المفاجئ
, _ تفاجئت عنود بتصرفه وقبل أن تردف متسائلة عن سبب توقفه بتلك الطريقة التي أخافتها كان قد ترجل من السيارة وأسرع خطاه نحو يحيي ، وصل إليه وجذب السيجارة من بين أصابعه بغضب عارم ، استدار يحيي بجسده لكي يري من الذي جني علي نفسه وتجرأ علي فعل ذلك ..
, _ تفاجئ بريان أمامه وقبل أن ينبس بشئ كان قد تلقي صفعة دوت علي وجهه ، كز ريان علي اسنانه بغضب عارم وهتف قائلا :-
, _ القرف ده لو شوفتك ماسكه تاني مش هكتفي بقلم انت فاهم!
, _ رمقه يحيي شزراً لا يصدق تصرفه أمام مرأى الجميع ، تعالت وتيرة أنفاسه بصورة قاسية ، ضغط علي أسنانه بغضب ممزوج بالذهول الشديد ، أخفض بصره في خجل بينما جذبه ريان من ذراعه وسار بإتجاه المنزل وأردف بإندفاع :-
, _ اتفضل روح علي كليتك
, _ أخرج يحيي تنهيدة بطيئة مليئة باللوم والغضب منه ، حرر يده من بين قبضتي ريان وسار للامام بضعة خطوات لكن صوت ريان أجبره علي التوقف :-
, _ استني
, _ توقف لكنه لم يستدير إليه ، وقف ريان أمامه ومد يده إليه قائلا :-
, _ هات مفتاح العربية كنت غلطان لما افتكرت انك راجل يعتمد عليه بس طلعت لسه عيل مراهق ..
, _ صعق يحيي من حديث ريان اللاذع ، طالعه بنظراته لبرهة ثم دس يده داخل جيب بنطاله وجذب مفتاح سيارته وناوله لريان ثم أولاه ظهره وهرول مسرعاً من أمامه ..
, _ عاد ريان بأدراجه الي سيارته وحركها دون أن ينبس بشئ ، التفتت إليه عنود وأردفت معاتبة :-
, _ ريان م..
, _ قاطعها هو بنظراته الثاقبة التي اخترقتها من حدتها وهتف بحنق :-
, _ مش عايز كلام
, _ ابتلعت ريقها ثم نظرت أمامها وهي تشعر بالضجر حيال طريقته الهمجية التي يتعامل بها مع الجميع ، وصلا إلي الجامعة في وقت قياسي لسرعة ريان الذي كان يقود بها ، كادت عنود أن تترجل من السيارة لكنه اوقفها بنبرته الحادة متسائلا :-
, _ صاحبتك اسمها هالة ايه ؟
, _ تعجبت من سؤاله المبهم لكنها لم تعقب واكتفت بذكر إسمها كاملاً ثم ترجلت من السيارة سريعاً دون أن تنبس بشئ ..
, ١٨ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ سار في ذاك الممر الطويل متوجهاً الي غرفة والده لكي يطمئن علي حالته ، تفاجئ بمنصور يهرول نحوه إلي أن وقف أمامه ، أسرع ريان بالحديث قائلا بإقتضاب :-
, _ أنت ايه اللي جابك هنا ؟
, _ ضبط منصور من وتيرة أنفاسه المضطربة واجابه بهدوء :-
, _ أنا بحاول من امبارح ادخل اطمن علي ماهر وهما مش راضيين قولي انت اخبار صحته ايه ؟
, _ هز ريان رأسه مستنكراً حديثه وهتف ساخراً :-
, _ ايه البجاحة دي ، أنا مش قولتلك مش عايز اشوف خلقتك تاني!
, _ وقف منصور أمامه هزيل الجسد مطأطأ الرأس وردد بندم شديد :-
, _ أنا عايز أصلح اللي عملته ، أنت متعرفش حالة ابني عاملة ازاي!
, _ رمقه ريان شزراً وهتف بحنق :-
, _ ده جزاء اللي عملته في بنت أخوك اليتيمة ولا نسيت؟
, _ شعر منصور بوخزة قوية في قلبه ، جلس علي أقرب مقعد ووضع يديه حول رأسه بقلة حيلة وهتف بحسرة :-
, _ منستش ، أنا ضميري بينأنبني كل دقيقة بتعدي عليا وكنت بقاوح واقول لا اللي أنا عملته هو عين العقل ، بس ابني بيروح مني وانا مش هستحمل خسارته ..
, _ نهض منصور ووقف مقابل ريان وقد ترقرت العبرات في عينيه واردف بنبرة متوسلة :-
, _أنا جاي برجلي أصلح اللي عملته وارجع حبال القرابة تاني لعل وعسى **** يرضي عني وابني يرجع ياسر اللي أنا أعرفه من تاني
, _ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة باهتة وأردف :-
, _ لما تبقي تشوف بنت أخوك ابقي قولها الكلمتين دول
, _ أنهي ريان جملته ثم تابع سيره متجهاً نحو غرفة والده ، تبعه منصور وهو عازم أن يوطد العلاقات مرة أخري لكن منعه ريان من الدخول ، أزفر ريان أنفاسه بضجر بائن وهتف في احدي الممرضات :-
, _ هو ايه اللي ممنوع الزيارة ، من امبارح مش عارف اشوفه ناديلي مدير المخروبة دي يجي يفهمني في ايه اللي بيحصل!
, _ أسرعت الممرضة في الحديث بنبرة مرتجفة :- لا لو سمحت بلاش المدير يعرف حاجة والد حضرتك اللي رافض اي زيارة
, _ اتسعت مقلتي ريان بذهول ثم سحب نفساً عميق وتابع سيره إلي غرفة والده دون أن يعبأ لندائات الممرضة له :-
, _ لو سمحت مينفعش كده المريض ممكن يتعب .. يا فندم!
, _ لم يصغي لهرائاتها لأنه قد ولج داخل غرفة والده ووقف يطالعه لبرهة إلي أن شعر بحركة طفيفة في أطرافة ، ظل يطالعه بندم دون أن ينبس بشئ وكأنما انحشرت الكلمات بداخله ولا تعرف للخروج سبيل
, _ ساكت ليه؟ هتف بهم ماهر بنبرة متعبة بينما أجابه ريان قائلا :-
, _ انت عرفت منين اني هنا ؟
, _ إلتوي ثغر ماهر بتهكم وأردف :-
, _ مش هعرف ريحة ابني يعني؟
, _ أخرج ريان تنهيدة بطيئة مليئة بالهموم والحزن وهتف بنبرة محتقنة :-
, _ انت مانع زيارتي ليك ليه مش عايز تشوفني! ، معاك حق بس انت فاهم غلط ، أنا٥ نقطة
, _ قاطعه ماهر بجملة مختصرة :-
, _ انت **** بيحبك يا ريان!
, _ رفع ريان بصره علي والده بذهول مما سمعه وردد بعدم استيعاب :-
, _ أنا!
, _ هز ماهر رأسه موكداً حديثه واردف بحنو :-
, _ امبارح كان نفسي اموتك بإيدي علي اللي أنا سمعته واشتكيتك لمراتك هي آه صغيرة بس عقلها بيكم كلكم وزي ما عرفت تغيرك هتعرف تصلح حالك المايل اللي كل يوم مع ست ، بس ردها كان غريب وخلاني أرجع اعيد حساباتي من تاني قالتلي يا عمي أنا واثقة أن ريان عمره ما يعمل كده وزي ما انا ما واثقة لازم حضرتك تثق فيه وتعرف أن ملوش ذنب وانا مش هقدر اقول غير كده!
, رفضت تتكلم وتفهمني اي حاجة بس كلامها وطريقتها خلوني أعيد اللي سمعته من٣ نقطة
, _ لم يريد نطق إسمها عن لسانه وتابع حديثه دون ذكرها :-
, _ جمعت ليه حياة أخوك بايظة علي كام موقف حصلوا قدامي وعرفت انها هي اللي بترمي نفسها عليك ، سامحني يابني أنا ظلمتك
, _ تفاجئ ريان بحديث والده وطال نظراته عليه بعدم استيعاب الأمر بعد ، جذب مقعد وجلس مقابله وهتف :-
, _ يعني انت مسامحني؟
, _ هز ماهر رأسه بالإيجاب مؤكداً حديثه فأسرع ريان بتقبيل يده بحب وأردف :-
, _ **** يبارك في عمرك يارب
, _ تفاجئ ريان بدخول جميع أفراد عائلته ، هاجر وزوجها وشقيقه الأكبر وزوجته اللعينة ، أيضاً صديقه وزوجته ، نهض من مقعده ورحب بهم ثم استأذن ودلف الي الخارج لكي يطمئن علي صحة دينا ،
, _ جابت الغرفة ببصرها سريعاً واستغلت الفرصة وانسحبت من بينهم دون أن يشعر بها أحدهم ودلفت خلفه بخطي مهرولة لكي تلحق به ، نادته بصوتها الذي حثه علي التوقف :-
, _ ريان
, _ تصلب ريان مكانه وهو يكز أسنانه بغضب شديد ثم استدار بجسده إليها ، اقتربت هي منه علي عجالة واردفت :-
, _ أنا عارفة أن مش وقته بس احنا هنعمل ايه ؟
, _ رمقها ريان شزراً وأردف بحنق :-
, _ إحنا مين ؟
, _ اتسعت مقلتي رنا بدهشة ورددت بتلقائية :-
, _ إحنا ، أنا وأنت!
, _ إلتوي ثغر ريان بتهكم وأردف بشعور يحمل بين طياته التقزز اتجاهها :-
, _ أنا وانتي ايه يا قذرة انتي ، وانا هبص لواحدة زيك برده! ده كمين بس عشان اوقعك إنما أنا مبصش علي واحدة منحلة زيك
, _ ألقي جملته ثم أولاها ظهره وغادر ، حركت رنا رأسها عفوياً منها مع تحركاته إلي أن اختفي من أمامها ، استشاطت غيظاً كما اتقدت النيران بداخلها وتملكها الغضب الشديد ، احتدت ملامحها كما كورت قبضة يدها وعزمت ألا تمرق الأمر دون أن تضع بصمتها التي سيشهدها الجميع ..
, _ ولجت داخل الغرفة وجذبت هاني من ذراعه واجبرته علي السير معها الي الخارج ، وقفت مقابله وصاحت به بغضب عارم :-
, _ ممكن افهم اللي أنا قولته مبيتنفذش ليه ؟
, _ هز هاني رأسه في عدم استيعاب لحديثها وسألها بغرابة :-
, _ قولتي ايه ؟
, _ تأففت بضجر بائن وصاحت عالياً :-
, _ مش قولتلك تزهق الزفت اللي إسمه خالد عشان يغور ويمشي وانت اللي تكون مكانه!
, _ وضع هاني يده علي فمها وأردف محذراً :-
, _ ششش وطي صوتك يسمعونا ..
, _ دفعت بيده بعيداً عنها وهتفت بنبرة حادة :- انت لو متصرفتش بأي طريقة وبقيت مكان خالد انسي اني مراتك ..
, _ تركته ودلفت خارج المشفي لكي تفرغ شحنة غضبها التي يزداد أكثر ، عاد ريان الي غرفة دينا حاملاً الفطور بيده ، فتح الباب بعد أن طرق بخفة عليه ثم ولج الي الداخل ، تفاجئ بوجود والدة دينا وشقيقتها ، شكل إبتسامة علي محياه ورحب بيهم بحفاوة :-
, _ مش تقولوا انكم هنا أعمل حسابكم في الفطار ؟
, _ رمقته والدة دينا بغضب وصاحت به مندفعة :-
, _ مش قادر تستحمل لما بنتي تخرج من هنا وتروح لمراتك التانية!
, _ تجمدت تعابير ريان وحاول أن يتحلي بالصبر قدر المستطاع فهو ليس بمزاج يسمح له بالتشابك معها الان ، تنهد بحرارة ثم توجه بخطاه نحوه دينا ووضع الصينية علي قدميها وجلس مقابلها واردف بنبرة أمره :-
, _ افطري انتي مآكلتيش حاجة من امبارح
, _ شعرت دينا بشعور مختلف لم تحظي به منذ خمس أعوام ، نبرته الحنونة وخوفه البادي علي ملامحه يشعرها بأنها امتلكت الأرض بمن عليها ، بينما اعتدل ريان في جلسته وحمحم قبل أن يردف بنبرة هادئة :-
, _ لازم اطمن علي الاتنين يا حجة مينفعش اقعد مع واحدة واسيب التانية!
, _ وضعت فاطمة يديها في منتصف خصرها وصاحت به بنبرة محتقنة :-
, _ ما انت سايب بنتي من يوم ما اتجوزت عليها ولا هي الهانم التانية علي راسها ريشة!
, _ نهض ريان بعصبية ، لقد بلغ ذروة تحمله ولم يستطيع الصمود لأكثر من ذلك وصاح بها هدراً :-
, _ بنتك هي اللي رفضت الوضع ومع ذلك مقصرتش معاها في حاجة وجايب لها واحدة تخدمها وتشوف كل طلباتها فلو سمحتي قبل ما تتكلمي معايا بالطريقة دي شوفي مين فينا اللي غل٣ نقطة
, _ صمت ريان ولن يكمل حديثه تذكر حديث عن والده عن رفض عنود لأن تصرح بحقيقة رنا كأنها لا تريد أن في الخوض سيرة غيرها ، لذا توقف هو الآخر عن الحديث ربما عليه عدم التصريح بأخطائها التي اقترفتها في حقه ..
, _ التفت الي حيث دينا واردف :-
, _ خلصي فطارك عشان نمشي ، الدكتور قال وضعك تمام وتقدري تروحي
, _ أسرعت فاطمة بالحديث بنبرة مشحونة بالغضب :-
, _ بنتي هترجع معايا أنا لا يمكن أسيبها معاك
, _ التفت اليها وهتف مختصراً حديثه بحنق :-
, _ مراتي هتروح معايا مش هتروح مع حد!
, _ اقتربت اسراء من والدتها وهمست قائلة :-
, _ ماما الجو مش ناقص توتر سبيها تروح مع جوزها ، هي لو مش موافقة كان اعترضت وقالتله لأ ..
, _ التزمت فاطمة الصمت وهي تجوب الغرفة ببصرها غير راضية عما يحدث لكن ما باليد حيله ، بينما عاد ريان لجلسته وتخلل خصلاته من أسفل القبعة بعصبية ، كانت تطالعه دينا بوميض غريب تريد معانقته ممتنة له لأنه تمسك بها ، مشاعر عدة اجتاحتها في تلك اللحظة لكن لا تستطيع فعل أياً منهم فالمكان لا يسمح ، حسناً ستتحلي للصبر قليلا إلي أن يعودا الي منزلهم وتحظي معه بأثمن اللحظات ..
, ١٦ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ مرت المحاضرة الأولي علي مضضٍ ، فهي لأول مرة تشعر بتلك الوحدة منذ دخولها تلك الجامعة ، تريد رؤية هالة والاطمئنان عليها كما تريدها أن تؤنسها بثرثرتها التي لا تنتهي قط ،
, _ جلست علي طاولة المقهي و سحبت نفساً عميق وأردفت بحزن :-
, _ انتي فين يا هالة ؟
, _ أنا أهو..
, _ هل ما سمعته صحيح! هل هذا صوتها أم هذا من تصور من عقلها الباطن لفرط افتقادها إليها ، لكن ليس لتلك الدرجة ، التفتت عنود الي مصدر الصوت وتفاجئت بها أمامها ، صرخت مهللة بسعادة عارمة وألقت نفسها بين أحضانها وأردفت :-
, _ وحشتيني اوي
, _ شدت هالة علي ظهرها بقوة وأجابتها بنبرة حنونة :-
, _ وانتي كمان وحشتيني جدا
, _ تراجعت عنود قليلا وأردفت قائلة :-
, _ يحيي حكي لي اللي حصل وانا من وقتها عايزة اجيلك حتي ريان وعدني أننا هنجيلك نفهم والدك الموضوع
, _ إلتوي ثغر هالة بإبتسامة عريضة وهتفت ممتنة :-
, _آه ماهو جه ولولاه مكنتش قدرت أقنع بابا اني انزل الجامعة!
, _ قطبت عنود جبينها بغرابة فهي لم تستشف الأمر بعد وأردفت متسائلة :-
, _ ريان جالك!
, _ أماءت هالة رأسها مُشكلة ابتسامة عريضة علي ثغرها وهتفت بحيوية :-
, _ جه وفهم بابا اني كنت معاكي عشان كنتي محتجاني وعشان يطمنه أكتر قاله اكتر قاله أنه مش بيثق في حد غيري يكون قريب منك ، بس اللي مفهمتوش أنه ليه شغل بابا في معرضه؟
, _ كانت تصغي لها غير مصدقة تصرفه النبيل تجاه صديقتها ، كانت علي علم بسبب توظيف والد هالة حتماً لكي يكفي الرجل منزله ولا تحتاج هالة إلي بيع الحُلي مرة أخري ، تشكلت ابتسامة عذبة علي محياها كما تنهدت بحرارة وهي تتذكر ملامحه التي افتقدت إليهم فجاءة ..
, _ أشارت هالة بيدها أمام وجه عنود لكي تجذب انتباها وأردفت مازحة :-
, _ الحب ولع في الدرة
, _ رفعت عنود بصرها عليها وردات بعدم فهم :-
, _ يعني ايه ؟
, _ تعالت ضحكات هالة ثم جلست علي المقعد وقالت بثقة :-
, _ اقعدي وانا هحفظك كل الافيهات المصرية
, _ جلست عنود مقابلها وأجبرت جميع حواسها علي الاصغاء جيداً بينما بدأت تخبرها هالة ببعض الطرائف المصرية التي سببت نوبة ضحك لعنود ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ يقف هاني أمام نافذة المكتب يضع يديه في جيبه قيد إنتظار وصولهم ، وما إن وقع بصره عليهم حتي ركض نحو المكتب وجلس عليه يحاول التحلي بالهدوء لكي يحظي بمشاهدة ممتعة لما سيحدث ..
, _ ولج خالد داخل المكتب مرحباً بموظفي مصلحة الضرائب وشعور من القلق قد تغلغل داخله من زيارتهم المفاجئة لهم ، رمق هاني الجالس علي المكتب بضجر ثم دعي الموظفين للجلوس وبعد حديث طال لخمسة عشر دقيقة أردف أحد الموظفين قائلا :-
, _ ممكن نشوف التوكيل بعد اذنك ؟
, _ أماء خالد رأسه مرحباً بطلبه وذهب لكي يحضر التوكيل ، عاد بعد دقائق معدودة لكي يثبت صحة كلامه ، بينما انصرف موظفي الضرائب بعدما تأكدوا من خلو المكان من الضرائب المتراكمة كما أخبرهم أحدهم
, _ دلف خالد إلي الخارج برفقتهم بينما اقترب هاني من التوكيل الموضوع علي الطاولة وطالعه بذهول ، ثم انحني بجسده ومد أنامله يتحسسه برغبة قوية ، هو فقط آراد حدوث ضجة لكي يزعج بها خالد حتي يتنازل عن الوكالة ، لم يكن يدري بأنه سيحدث أمر عظيم كهذا ، جذبه بحركة سريعة وخبئه داخل سترته وغادر قبل أن يكشف أمره من قبل خالد ، بينما انهمر خالد في أعماله ولم يتذكر تلك الوكالة قط ..
, ١٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ ساعدها ريان علي ركوب السيارة في المقعد الأمامي بينما جلسن والدتها وشقيقتها في المقعد الخلفي لهم ، كما ركب العم ماهر سيارة علي برفقة ابنته هاجر ،
, _ التزم الجميع الصمت مدة عودتهم ، لكن تفاجئن بسيرهم في طريق معاكس لطريق عودتهم فأسرعت دينا متسائلة بفضول :-
, _ ريان إحنا رايحين فين ؟
, _ أجابها ريان مختصراً حديثه بإقتضاب :-
, _ هجيب عنود من الكلية
, _ صعقت دينا من إجابته وطالعته بآسي شديد ثم أدارت رأسها واسندتها علي النافذة وقد عم الحزن قلبها كلما تذكرت أنه بات ملكها وحدها يحاول هو إثبات العكس بتصرفاته ، وصل إلي الجامعة بعد دقائق قليلة صف سيارته علي الجانب وترجل منها يبحث بعيناه علي صغيرته ..
, _ قابله يحيي في طريقه إلي الداخل ، توقف ريان مجبراً علي النظر إليه وأردف بلوم :-
, _ البيه مبسوط بعملِتُه ؟
, _ أخفض يحيي رأسه بحرج بينما هتف ريان بحنق :-
, _ حسابنا بعدين مش الوقتي ، اتفضل روح علي طول ولا تروح يمين ولا شمال عشان أنا عايزك
, _ أماء يحيي رأسه بالايجاب ثم غادر سريعاً وهو يكظم غضبه بداخله ، بينما تابع ريان سيره إلي الداخل وعندما فشل في البحث عنها بعيناه استعان بهاتفه وقام بالاتصال عليها لكنها لا تجيب ..
, _ أزفر أنفاسه بضجر بائن واضطر الدخول الي المبني ربما يعثر عليها ، اقترب من المدرج الخاص بها وتفاجئ بدلوفها خارجه برفقة أحد الشباب ، وقفت تتساير معه وابتسامتها لا تختفي من علي ثغرها قط
, _ كز ريان علي أسنانه المتلاحمة بغضب شديد ولم يشعر بقدميه التي قادته بخطي غير مستقيمة نحوهم ، وقف مقابلها وهتف بحدة :-
, _ عنود!
, _ رجف جسدها من فرط الخوف لنبرته التي أرعبتها ، استدرات نحوه متوجسة خيفة منه ورددت بتلعثم :-
, _ ريان!
, _ رمق ريان الشاب التي تقف معه بتفحص وردد وهو لازال يطالعه بغيظ :-
, _ واقفة عندك بتعملي ايه ؟
, _ ازدردت عنود ريقها بصعوبة بالغة من هول المفاجأة ثم أجابته وهي تمرر بصرها بينهم :-
, _ ريان ده دكتور أنس دكتور ال٣ نقطة
, _ قاطعها ريان بحدة وهتف بصرامة :-
, _ مسألتش مين الاستاذ أنا بقولك واقفة عندك بتعملي ايه ؟
, _ رمقه انس بتهكم وردد بسخرية :-
, _ أنا دكتور مش استاذ!
, _ اقترب منه ريان عدة خطوات واردف بصرامة :- _ أنا وجهت لك كلام؟
, _ تلونت بشرة انس بالحمرة الصريحة غضباً من نبرة ريان الحادة معه وهتف بنبرة متجهمة :-
, _ انت قولت استاذ وانا مش..
, _ قاطعه ريان وهتف عالياً :-
, _ أن ش**** تكون مدير الجامعة نفسه أنا أقول اللي أنا عايز اقوله عندك اعتراض؟
, _ شعرت عنود بتوتر الأجواء وأسرعت هي بالحديث قائلة :-
, _ ريان ، دكتور أنس اا٣ نقطة
, _ قاطعها هو بنظراته الثاقبة هاتفاً بحنق :-
, _ واقفة عندك بتعملي ايه ؟
, _ ابتلعت ريقها ولم تستطيع إعطائه إجابة صريحة لكنها جمعت شجاعتها وأردفت :-
, _ كنت باخد منه المحاضرات اللي نقصاني لاني محضرتش أغلبية الأيام
, _ ها قد هدئ روعه الآن ، سحب نفساً عميق وفرك مؤخرة رأسه بعصبية ثم رفع بصره علي انس وقال معتذراً :-
, _ اسفين يا دكتور
, _ أنهي جملته سريعاً وكان قد اختفي من أمام انس برفقة عنود التي أجبرها علي السير بجوراه بخطي مهرولة ، انتظرت عنود ابتعادهم عن المكان ثم حررت يدها من بين قبضتيه وهتفت بحنق :-
, _ ممكن افهم ايه اللي انت عملته ده ؟
, _ أخرج ريان تنهيدة بطيئة وأجابها مختصراً :-
, _ عايزاني اعمل ايه وانا بدور عليكي ومش عارف انتي فين ولا بتردي علي موبايلك وفي الآخر اشوفك واقفة مع واحد وضحكتك واسعة معاه!
, _ أوصدت عنود عينيها بعصبية شديدة ثم هزت رأسها مستنكرة تصرفه وتركته ودلفت خارج الجامعة كما تبعها هو ، بحثت عن سيارته وما إن وقع بصرها عليها حتي أسرعت نحوها بخطي متريثة ، فتحت الباب الامامي وتفاجئت بجلوس دينا في السيارة ..
, _ ابتلعت ريقها في حرج ممزوج بالغيظ لكونها جالسه بجوار ريان ، وصل إليها ريان وأسرع بالحديث :-
, _ تعالي إركبي هنا
, _ جذبها من ذراعها وفتح الباب الخلفي واردف :-
, _ دي اسراء اخت دينا والحجة فاطمة مامتها مش حد غريب
, _ أجبرت عنود ثغرها علي الابتسام ورحبت بهم ثم جلست بجوار اسراء التي كانت تأفف بضجر مبدية تذمرها من تلك البغضية التي سرقت زوج شقيقتها ..
, _ تنهدت عنود بآسي مما يحدث ، ظلت تطالع ريان تارة ودينا تارة أخري ناهيك عن تذمر الجالسين بجوارها ، لم تتحمل ذاك الوضع السخيف الذي أجبرها عليه ريان ، وأسندت رأسها علي النافذة بقلة حيلة إلي أن باتت في ثُبات عميق ٣ نقطة
, _ وصلا ريان الي المنطقة الشعبية خاصتهم ، صف سيارته أسفل البناية وترجل منها بعد أن رمق عنود في المرآة وتفاجئ بها غافية لا تشعر بما يدور حولها ، أسرع خطاه نحو بابها وفتحه برفق وقام بحملها بحذر خشية أن يزعجها ..
, _ ترجلت اسراء ووالدتها وانظارهم مثبتة علي ريان الذي حمل زوجته وغادر دون أن يكترث لامرهم ، في تلك الأثناء وصلت سيارة علي وصفها بجوار سيارة ريان كذلك وصل خالد وصف سيارته في الجانب الآخر لسيارة ريان وترجل الجميع من سياراتهم قيد انتظار نزول ريان ..
, _ وضعها علي فراشها برفق ونزع عنها حجابها ثم طبع قبلة سريعة بجانب شفاها مبدي غضبه لكونه أحزنها ، حسناً سينهي ما خلفه سريعاً ويعود إليها طالباً العفو!
, _ ابتسم ساخراً من تفكيره ثم غادر المنزل ، هبط الي الجميع وبحث ببصره علي دينا ولم يراها من بينهم ، أسرع بسؤاله عليها قائلا :-
, _ دينا فين ؟
, _ تفاجئ بها فتحت باب سيارتها واردفت بتعب زائف :-
, _ أنا مش قادرة امشي ينفع تشيلني!
, _ صعق ريان من طلبها وكاد أن ينفجر ضاحكاً إلا لانه تمالك أمامها لكي لا يثير غضبها ، توجه نحوها وحملها بصعوبة بالغة لزيادة وزنها بينما لم يتمالك خالد وعلي السيطرة علي ضحكاتهم وانفجرا ضاحكين ،
, _ رمقهم ريان بغيظ عارم ثم أسرع إلي الداخل قبل أن يشاركهم الضحك هو الآخر ، وصل إلي الطابق القانط به ولم يتحمل لأكثر لكن عليه الصبر لم يعد هناك إلا القليل ، ولج داخل غرفتهم ووضعها علي الفراش وكاد أن يعدل من وقفته لكنها أسرعت وتشبثت في عنقه وطالعته بنظراتها التي تحمل بين طياتها الأشواق والافتقاد إليه ..
, _ همست أمام شفاه قائلة بشغف تحثه علي التودد معها أكثر :-
, _ وحشتني اوي
, _ استشف ريان ما خلف تصرفاتها الجريئة ، يشعر بالنفور منها لكنه لا يملك الفرار ولابد أن يسايراها لكي لا يقع وزر علي عاتقه ، حمحم وأردف :-
, _ مش عايز اتعبك!
, _ هزت دينا رأسها برفض وهتفت بإصرار :-
, _ أنا كويسة!
, _ أجبرته علي الاقتراب منها والتودد معها الي أن تاهت معه في بحورها الخاصة
 
٣١


وقف أسفل صنبور المياه الدافئة التي تنسدل أعلاه بغزراة ، يحاول جاهداً أن يتناسي ما حدث قبل قليل ، يشعر بأنه قد خان صغيرته بقربه من دينا ، استنكر تفكيره الساذج فهي بالاخير زوجته لكن شعور خيانته لعنود يزداد أكثر ..
, _ أغلق المياه وولج سريعاً الي الخارج وارتدي ثيابه قبل أن تدلف دنيا من المرحاض الآخر وهم بالصعود إلي الاعلي ، فتح الباب برفق وتوجه مباشرةً إلي غرفتهما ، كانت لازالت هي علي وضعها كما تركها ، غافية لا تشعر بما يدور حولها
, _ تنهد مستاءً من ذاته وسار نحوها بخطي متمهلة يريد أن يعتذر منها علي ما اقترفه لكن ليس للإعتذار صحة من الأساس فالديه حقوق نحو الأخري كما عليه حقوق اتجاه عنود ..
, _ أزفر أنفاسه بضيق شديد ثم اقترب منها لن يستطيع الصبر لأكثر وحاول إيقاظها بهدوء بتمرير أنامله علي وجنتها قائلا بنبرة حنونة :-
, _ حبيبي اصحي
, _ سرت رجفة قوية في أوصالها الساكنة اثر لماسته علي وجهها ، استيقظت وهي تتثائب بكسل ، شكلت ابتسامة علي ثغرها عندما رأته أمامه ، طبع ريان قبلة رقيقة علي طرف شفاها وهتف بإفتقاد :-
, _ مش عايزك تزعلي مني بس انا كنت هتجنن أنك واقفة مع واحد غيري!
, _ إلتوي ثغرها بإبتسامة خجولة وأردفت متسائلة بفضول أنثوي :-
, _ بتغير عليا ؟
, _ خفق قلبه بشدة اثر سؤالها ثم ضمها بكل قوته إلي حضنه ، دفن رأسه في عنقه و سحب نفساً عميق وهتف بثقة :-
, _ ده انا بموت عليكي من الهوي الطاير
, _ أخرجت عنود تنهيدة حارة ثم عانقته بقوة ، جذب انتباهها ما في عنقه تراجعت قليلا لكي تتأكد مما رأته ، صعقت عندما رأت ما يغزو عنقه ، تعالت وتيرة أنفاسها ولم تستطيع السيطرة علي وضعها ،
, _ خفق قلبها بحزن عارم وشعرت بالنفور الشديد منه ، دفعته بعيداً عنها ثم انتفضت من مكانها وولجت داخل المرحاض تحاول السيطرة علي دموعها التي تترقرق في عينيها وتهدد بالنزول
, _ لم تتمالك دموعها لأكثر وانفجرت باكية عندما أوصدت الباب خلفها ، وضعت يديها علي فمها لكي تمنع تسلل نبرتها إليه ، لكن هيهات لنبرتها التي دوت في المكان بألم شديد ، تفاجئ ريان من نفورها المفاجئ منه وركض خلفها لكي يفهم حقيقة الأمر
, _ طرق الباب بخفة ثم توقف عندما صغي لبكائها ، دني من الباب ووضع أذنه عليه لكي يتأكد من حدسه وتفاجئ بصوتها التي تحاول منعه من الخروج ، ازدادت طرقاته بعنف وهتف بنبرة متوجسة :-
, _ عنود افتحي الباب ده!
, _ بعد إلحاح كبير منه فتحت هي علي مضض وأبت أن يقترب منها ، تراجعت للخلف عدة خطوات وأردفت من بين بكائها :-
, _ خليك عندك!
, _ سحب ريان نفساً عميق لكي يستطيع مواصلة الحديث معها دون أن يظهر غضبه من نفورها منه وردد بحدة :-
, _ انتي بتهربي مني ليه ؟
, _ رمقته هي لبرهة وأردفت بفتور :-
, _ لما انت كنت معاها جاي تترمي في حضني ليه ؟
, _ حسناً! لقد استشف الأمر كاملاً ، أخرج تنهيدة بطيئة مليئة بالضجر ثم اقترب منها بخطي متريثة ولم يصغي لهرائاتها السخيفة التي تحثه علي التوقف وعدم تقربه منها ، انحني بجسده ومد ذراعه أسفل ركبتيها والآخر خلف خصرها وحملها بين ذراعيها
, _ وضعها في المغطس الرخامي وقام بفتح صنبور المياه أعلاها ، شهقت عنود بصدمة كبيرة ورددت بعدم استيعاب لما يفعله :-
, _ انت بتعمل ايه ؟
, _ وقف هو الآخر في منتصف المغطس وفك أزرار قميصه سريعاً أسفل أنظارها المثبتة عليه بغرابة من تصرفاته المبهمة ، بينما لم يعبأ ريان لنظراتها وواصل ما يفعله في صمت ، ألقي القميص بعيداً عنه ثم اقترب منها وازاح عنها ثيابها المبللة
, _ حاولت هي مقاومته لكن قوته مضاعفة لها وفشلت هي بإبعاده عنها ، حاوطها هو وباتت هي حبيسة ذراعيه وأردفت بحنق :-
, _ ممكن افهم انت بتعمل ايه ؟
, _ انحني برأسه علي عنقها يلثمها بقبلاته التي سببت لها رجفة في جسدها واجابها بنبرة تائهة :-
, _ عايز اشيل اي أثر عليا لواحدة تانية غيرك! ..
, _ رفعت بصرها عليه وابتلعت ريقها بإرتباك خجل وهتفت بعتاب :-
, _ بس انت كنت معاها و..
, _ وضع ريان إصبعه علي فمها وتابع هو حديثه بنبرة متحشرجة :-
, _ ششش مش عايز اكون غير معاكي انتي وبس
, _ لقد تبخرت مقاومتها له تماماً ، حبها له قد غلب ألمها التي شعرت به منذ قليل وتاهت هي بين لمساته وكلماته التي يردفها من حين لآخر كدليل قاطع علي عشقه لها وحدها ٣ نقطة
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ حل الليل سريعاً ، جلست عنود علي قدمه تضع الطعام في فمه بيدها ، رفض ريان أن يأكل بيده لكي يتلذذ بالطعام داخل فمه من يدها الناعمة ،
, _ طرق الباب فنهضت عنود وولجت داخل الغرفة بينما توجه ريان نحو الباب وفتحه وتفاجئ بتلك اللعينة واقفة أمامه وخلفها زوجها ، رمقهم بجمود بينما استشاطت رنا من مظهره ، لأول مرة تراه علي هذا الوضع لم يكن يرتدي سوي شورت قصير وعاري الصدر ،
, _ بربك أيها الرجل أليس من حقي التمتع بهذا المظهر قليلاً ، حاولت السيطرة علي نبضات قلبها التي ازدادت عن معدلها الطبيعي وهتفت بنبرة جهورية :-
, _ البيت ده بيتي وانا مش عايزة ناس حثالة زيكم موجودين فيه
, _ اتسعت حدقتي ريان بصدمة لنبرتها الوقحة معه وصاح بها هدراً :-
, _ ما انتي لو معاكي راجل كان عرف يلمك
, _ أجبرها هاني علي التنحي جانباً ووقف عن مقابل ريان يطالعه بنظرات متشفية وأردف بجمود :-
, _ أهدي علي نفسك لما نشوف في الآخر مين فينا اللي راجل!
, _ رفع هاني أوراق عديدة أسفل أنظار ريان المصدومة ، لم يستوعب بعد ما قرأه لتوه ، تعالت وتيرة أنفاسه بغضب وصاح مندفعاً :-
, _ الورق ده مزور انت متعرفش تعمل كده!
, _ إلتوي ثغر هاني بإبتسامة متهكمة وهتف بتشفي :-
, _ أثبت أنه مزور وعلي لما تثبت مش عايز اشوفك جوة بيتي!
, _ أنقض عليه ريان وامسكه من تلابيب قميصه ثم لكمه بقوة وهو يشعر بأنه يحلم ، حتماً أنه كابوس وليس حقيقة ، ارتفع صوت ضجيجهم ، لم يستطيع ريان السيطرة علي غضبه الذي تحول الي صراخ دوي في السُلم من شدته ،
, _ تجمع من في المنزل أثر صوتهم ، حاول يحيي فض اشتباكهم لكنه فشل فريان كان اقوي مما رآه من قبل ، صراخه ألم قلوب الجميع وهم غير أبين بحقيقة الأمر ، دوت صرخات عنود ودينا وهن يحاولن مع ريان أن يترك أخيه لكنه يدفعهم بكل قوته ويعود إليه مرة أخري ، لا يكتفي من لكمه ..
, _ يشعر بغضب عارم لو خرج منه لحرق الأرض بمن عليها ، لا يصغي إلي أصوات الجميع التي تحثه علي التوقف والابتعاد ، فقط يزداد عنفاً وقسوة ربما يستيقظ من ذاك الكابوس السخيف ، لكنه لا يستيقظ لأنه بالفعل في أمر حقيقي وليس حلماً ..
, _ توقف فجاءة ووضع يده علي قلبه الذي آلمه بشدة ، مرر أنظاره علي الجميع لا يري أي ملامح أمامه فلقد تشوشت رؤيته تماماً إلي أن ارتطم جسده بالأرض وبات في عالم آخر لا يشعر بما يدور حوله ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ يركض به فريق من الممرضين مع بعض الأطباء وهو موضوع علي النقالة الطبية ، كما يركض خلفه يحيي وخالد وعلي من جانب ومن الجانب الآخر تركضن دينا وهاجر وعنود
, _ صوت بكائهم يدوي في المكان وجذب الأنظار المشفقة عليهم ، أغلق أحد الممرضين الباب بعدما ولجوا داخل غرفة الطوارئ بينما وقف الجميع في حالة مزرية غير مصدقين ما يحدث ،
, _ وقفت عنود أمام الباب قيد انتظار دلوف أحدهم فقط لتطمئن عليه ، لن تتحمل خسارة أخري ستنهار خلفه ، لن يسيع قلبها كل تلك الآلام التي تأتي خلف بعضها ،
, _ وضعت يدها علي قلبها عندما شعرت بوخزة قوية فيه ، عليها الصمود إلي أن تطمئن عليه تشعر بأنها ستنهار من الآن خشية أن تلقي مصرعها ، هزت رأسها مستنكرة تفكيرها ولم تستطيع الصمود خلف ذلك الباب اللعين لأكثر ..
, _ فتحته بكل قوتها وولجت الي الداخل ، ركض نحوها أحد الممرضين واردف بحدة :-
, _ لو سمحتي مينفعش كده اتفضلي برة
, _ دفعته عنود بعيداً عنها وتابعت سيرها بالقرب من ريان وهي تجهش باكية ، هرول خلفها معترضا طريقها وردد بنبرة صارمة :-
, _ اتفضلي برا!
, _ صاحت به عنود وهي ترمقه بغضب :-
, _ مش خارجة
, _ أنتبه الطبيب لصراخها وأشار إلي الممرض أن يتركها وهتف :-
, _ مدخلش حد تاني ..
, _ أماء الممرض رأسه بطاعة ثم توجه نحو الباب ورفض دخول اشخاص أخرين واغلق الباب ثم أوصده لكي يضمن عدم ولوج أحدهم كما فعلت تلك الفتاة ، توجهت عنود نحو ريان وامسكت بيده وظلت تبكي بمرارة ،
, _ لقد توقف نبض قلبه! ٣ نقطة
, _ الفتت عنود الي الجهاز الطبي الذي يظهر مؤشر نبضات القلب بصدمة عندما صغي الي صوته اللعين الذي يدل علي توقف نبضات قلبه ، واقتربت منه وظلت تلكمه بيدها هاتفة :-
, _ لا لا لا اشتغل تاني عشان خاطري اشتغل تاني
, _ أسرع الطبيب بوضع جهاز صدمات القلب وقام بأول صدمة لإعادة نبضات قلبه لكن دون جدوي ، ازداد نحيب عنود وسقطت علي الأرض بإهمال فاقدة الامل في عودته للحياة مرة أخري
, _ ركضت نحوها ممرضة وتسائلت بإهتمام :-
, _ انتي كويسة !
, _ رفعت عنود بندقيتاها عليها وهتفت بنبرة موجوعة :-
, _ قوليله يصحي عشان خاطري!
, _ ترقرقت العبرات في عيناي الممرضة وانحنت بجسدها نحوها تربت علي ذراعها بقلة حيلة ، بينما أزاد الطبيب من معدل الجهاز وقام بصدمه مرة ثانية ..
, _ هتف أحد الممرضين قائلا :-
, _ النبض رجع يا دكتور
, _ أزفر الطبيب أنفاسه براحة ثم أعاد الجهاز مكانه ومسح حبات العرق التي انسدلت من جبينه حامدا **** علي عودة نبضات ريان للحياة ..
, _ نهضت عنود بصعوبة بالغة ، تعثرت قدميها وسقطت أرضاً لم تعد لديها القدرة علي الوقوف بمفردها من فرط الخوف ، ساعدتها الممرضة في الوقوف والتوجه إلي ريان ، ثم انحنت هي عليه برفق وقد انسدلت دموعها علي صدره العاري وأردفت بألم :-
, _ عشان خاطري متسبنيش ..
, _ انسحب الجميع واحد تلو الآخر الي أن باتت الغرفة خالية الا من ريان وعنود ، سحبت مقعداً وجلست أعلاه وظلت تطالعه قيد انتظار عودته إليها بفروغ الصبر
, _ ولج الجميع داخل الغرفة لكي يطمئنوا عليه ، جلس كلا منهما في مكان قيد انتظار عودته إليهم ، مر ما يقرب من الساعة ثم استعاد ريان وعيه ، اول من لاحظت كانت عنود لأنها لم تبعد بصرها عنه قط ، نهضت مسرعة وابتسمت بسعادة غامرة وانحنت علي يده ووضعت قبلات عديدة عليها وهي تنهمر في البكاء
, _ اقتربت من وجهه وتحسسته بأناملها وهتفت متسائلة باهتمام :-
, _ انت كويس ؟ في حاجة بتوجعك ؟ حاسس بإيه ؟
, _ لم ينبس ريان بشئ فقط كان يطالعها بنظراته لا اكثر ، كما انسدلت أسئلة الجميع عليه :-
, _ ريان انت كويس ؟ حمد**** علي سلامتك ، خضيتنا عليك وغيرهم من ذاك القبيل ..
, _ مال برأسه الي الجانب وأوصد عيناه لا يريد التحدث فقط يريد البقاء بمفرده يتحسر علي مصيبته التي تسبب بها شقيقه الأكبر ، حضر الطبيب عندما قام خالد بندائه لكي يطمئنهم علي حالة ريان ، طلب الطبيب من الجميع أن يخلوا الغرفة لكي يجيد عمله بإتقان ..
, _ أبت عنود ترك يده و وافق الطبيب علي مرافقتها لهم دون غيرها ، فحص ريان ثم حاول التحدث معه لكن دون جدوي ، رفض ريان أن ينبس بشئ ، تنهد الطبيب بحزن ودلف الي الخارج لكي يعلم سبب ما تعرض إليه ريان ..
, _ قصي يحيي مختصراً ما حدث سريعاً ، هز الطبيب رأسه بإيماءة خفيفة عندما استشف الأمر وأردف موضحاً حالة ريان :-
, _ المريض اتعرض لصدمة شديدة أدت لوقوف قلبه ومن لطف **** أننا قدرنا نسيطر علي الوضع لكن طبيعي أنه يرفض يتكلم في الفترة دي لأن عقله لسه مستوعبش الصدمة اللي اتعرض لها ، طبعاً لازم نوفرله بيئة خالية من التوتر وشد الأعصاب ونحاول نتجنب اي ذكر للموقف اللي حصل ، ضروري هو يتأقلم مع الوضع من نفسه ، هياخد فترة علي لما عقله يستوعب اللي حصل ويبدأ يتأقلم ويرجع طبيعي تاني
, _ أسرع خالد بالحديث متسائلاً بشفقة :-
, _ الحالة دي ممكن تطول يا دكتور ؟
, _ أجابه الطبيب بعملية :-
, _ حسب البيئة اللي هيكون فيها والدعم اللي هيقابلوه من اللي حواليه ضروري يكون موجود وسط ناس بيحبهم وبيحبوه ويخاوفوا عليه ويحاولوا يحسنوا من حالته بكل الطرق الممكنة بس طبعا بطريقة غير مباشرة ..
, _ أماء خالد رأسه بتفهم بينما تابع الطبيب حديثه متسائلاً :-
, _ هي مين البنت اللي معاه جوه دي ؟
, _ أجابه خالد بتلقائية :-
, _ دي مراته!
, _ هز الطبيب رأسه متفهما وأردف بجدية :-
, _ أنا لاحظت أنه مش بيرفض قربها زي ما رفضني ياريت هي اللي تكون جنبه الفترة دي وأي حد محتاج يوصله حاجة يكون عن طريقها عشان يتقبلها ..
, _ غادر الطبيب بعد أن ألقي بتعليماته ، جلست دينا علي أقرب مقعد قادتها قدميها إليه ، شعرت بخيبة أمل كبيرة هي من يجدر بها العناية به وليست تلك الفتاة هي أحق منها بمرافقته وليست هي ، لم تشعر بعبراتها التي انسدلت رغماً عنها ألماً علي حالها ..
, _ ولجت هاجر برفقة يحيي ثم تبعها خالد وعلي الي الداخل ، تفاجئ الجميع بجلوس عنود علي الفراش واضعة رأسه علي صدرها وتبكي في صمت ، تضع قبلاتها الرقيقة علي كف يده من حين لآخر ..
, _ حمحمت هاجر بحرج واقتربت من ريان ثم قالت بحزن جلي علي ملامح وجهها :-
, _ حبيبي انت كويس طمني عليك يا ريان!
, _ لم يكترث لها ريان فهو لا يري سوي الأوراق التي رفعها هاني أمام بصره ، أخرجت هاجر تنهيدة بطيئة مليئة بالحزن الشديد وأردفت :-
, _ اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسالك اللطف به ايه يارب اللي بيحصل ده؟!
, _ جهشت هاجر باكية بمرارة بينما أسرع علي نحوها وأخرجها الي الخارج وقال :-
, _ هاجر أنا مقدر زعلك بس انتي سمعتي الدكتور قال ايه لازم نبعده عن توتر امسكي نفسك شوية
, _ ازداد نحيب هاجر بشدة وهتفت بألم :-
, _ غصب عني و**** منظره وجع قلبي
, _ اقترب منها علي وضمها برفق الي حضنه وربت علي ظهرها بقوة ربما يقلل من حزنها قليلاً ، بينما فر يحيي هارباً الي الخارج لأنه لم يتحمل رؤية شقيقه علي تلك الحالة ..
, _ وقف خالد يطالع ريان بآسي شديد ثم دلف الي الخارج بخطي مهرولة قاصد الذهاب الي ذاك اللعين الذي تسبب في فعل ذلك ، لابد أن يعلم حقيقة الأمر حتي ان كلف الأمر قتله فلن يتردد ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ صف سيارته في منتصف الطريق بإهمال وترجل منها بغضب شديد لدرجة أنه ترك الباب دون أن يغلقه ، ولج داخل المعرض مهرولا بخطي غير مستقيمة ، ينطق الغضب من عيناه ولا يريد سوي أن يفتك برأس ذاك المختل ..
, _ فتح باب المكتب بعنف واقترب منه وقبل أن يردف هاني بشئ كان قد لكمه خالد بكل ما أوتي من قوة ، ظل يلكمه حتي أوسعه ضرباً وسالت الدماء من وجهه بغزراة ..
, _ امسكه خالد من تلابيب ثوبه وصاح به هدراً :-
, _ انت عملت كده ازاي ؟
, _ رمقه هاني مستاءً من سذاجته وأردف وهو يبتسم بتهكم :-
, _ انت اللي ساعدتني ، متشكر أنك نسيت التوكيل في المكتب!
, _ صعق خالد مما وقع علي مسامعه وطالعه لبرهة غير مصدق ما سمعه لتوه ، تركه ثم نهض وهو يتخبط بين أفكاره ، دلف الي الخارج بخطي هزيلة يجر قدمه بثقل ، لم يستمع لأي من أسألة العمال علي صحة ريان ، دلف الي الخارج مطأطأ الرأس إلي أن وصلا الي منزله سيراً دون سيارته ..
, _ تفاجئت آية بحالته المذرية وركضت نحوه بتوجس شديد وهتفت متسائلة :-
, _ ريان حصله حاجة ؟
, _ ألقي خالد بجسده علي أقرب أريكة قادته قدمه إليها ، وضع كلتي يديه أمام وجهه وهتف من بين بكائه :-
, _ أنا السبب في اللي حصل!
, _ قطبت أية جبينها واقتربت منه بخطي متمهلة وجلست القرفصاء مقابله وأردفت بتوجس :-
, _ انت السبب ازاي ؟
, _ بدأ يقص عليها ما أخبره به هاني ، يزداد نحيبه كلما تعمق في الحديث أكثر ، ناهيك عن شعوره القوي بأنه المتسبب الأساسي في حالة صديقه ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ نهضت دينا عندما رأت العم ماهر يقترب منهم برفقة أحد جيرانهم ، أمسكت بيده وأردفت :-
, _ انت جيت ليه يا عمي حضرتك لسه تعبان
, _ لم يعبأ ماهر لحديثها وأردف بنبرة حزينة :-
, _ ريان فين أنا عايز اطمن عليه
, _ معز ( جارهم بالمنطقة وأحد عمال ريان ) سألها بإهتمام :-
, _ المعلم ريان أخباره ايه ؟
, _ جهشت دينا باكية وقالت بآسي :-
, _ حالته صعبة جدا رافض يتكلم مع اي حد فينا **** يعديها علي خير ..
, _ هز معز رأسه بآسي وحزن وهتف :-
, _ حسبي **** ونعم الوكيل
, _ غادر معز بينما ولج ماهر إلي غرفة ريان برفقة دينا التي تسانده ، صعقت دينا من منظرهم الحميمي ووقفت تطالعهم لبرهة ، ابتلعت ريقها مراراً ثم أجبرت نفسها علي السير فقط من أجل ماهر ،
, _ ريان يا بني انت كويس ؟
, _ هتف بهم ماهر متسائلاً بشجن وهو يتحسس وجهه وذراعه بإهتمام كبير ، بينما لم يعيره ريان اي إهتمام هو لا يشعر بهم من الأساس ، أخرج ماهر تنهيده بطيئة تحمل بين طياتها الآسي علي حال والديه ، فالكبير قد سرق الصغير والصغير في حالة لا يرثي لها من خلف تصرفاته الكبير ، يا ويلتاه كيف سيصمد أمام تلك المصائب؟!
, _ جلست دينا علي طرف الأريكة الجلدية تطالع عنود التي تبكي بمرارة ولا تكف عن تقبيل يد ريان تارة وتارة تحتضنها ، كما لاحظت تحريك ثغرها كأنها تتلوا آيات من القرآن ، لماذا لم تفعل هي ذلك ؟ لقد رفضت تقربه منها كلما كان يحاول معها ، كان تنفر منه دوماً بحجة حيائها ، تباً لها ولحيائها الذي ألقي بها علي تلك الأريكة وامرأة أخري هي من تحظي بقرب زوجها ..
, _ عادت هاجر إلي الغرفة عندما شعرت بتحسن قليل بعد سيرها في حديقة المشفي برفقة علي لكي يخفف من حزنها ، تفاجئت بوجود والدها وأسرعت نحوه وألقت نفسها بين أحضانه وجهشت باكية وتناست تماماً كلمات علي التي كان يحثها علي الصمود ، كما شاركها ماهر البكاء متحسراً علي والديه وكونه لا يملك إصلاح ما حدث ..
, _ عاد يحيي هو الآخر حاملاً زجاجات مياه ربما يحتاج أحدهم الي مياه ، ظل الجميع يطالع ريان الهزيل الذي لا يقوي علي فعل شئ وهو بين احضان زوجته التي تبكي وتقبل يديه وجبينه من حين لآخر ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ جلس علي الأريكة بإهمال وهتف بنبرة محتقنة ممزوجة بالندم :-
, _ انا حاسس أن اللي عملناه غلط أخويا بسببي في المستشفي الوقتي
, _ أجابته رنا بجمود وهي مسطحة علي الأريكة موصدة العينين تتلذذ بتلك اللحظات الثمينة :-
, _ دي احلي حاجة عملتها من يوم ما عرفتك حسيت النهاردة أنك راجل يعتمد عليه ..
, _ رمقها هاني بغيظ عارم وهتف بحنق :-
, _ يعني أنا قبل كده مكنتش راجل مكنتش مالي عينك!
, _ فتحت عينيها ورمقته بطرفهم واردفت بفتور :-
, _ لا مكنتش شيفاك راجل
, _ صعق هاني لتصربحها الوقح واندفع بها هدراً :-
, _ اتعدلي يا رنا بدل ما اعدلك
, _ نهضت وسارت إليه وهي تتغنج ، مالت عليه وحاوطت الأريكة بيدها وبات هو حبيس ذراعيها وهتفت بثقة :-
, _ متقدرش يا هاني
, _ إلتوي ثغرها علي الجانب مُشكلاً إبتسامة متهكمة ثم نهضت وأولاته ظهرها لكنه لحق بها وجذبها من ذراعها قائلا :-
, _ أنا هروح أرجع له حقه و٤ نقطة
, _ صمت هاني عندما قاطعته هي بصراخها في وجهه :-
, _ ده يبقي اخر يوم بيني وبينك لو رجعت له حاجة ، مش بقولك مش راجل!
, _ أزفر هاني أنفاسه بضجر بائن وهتف بحنق :-
, _ أنا هوريكي الراجل اللي مش عاجبك ده هيعمل ايه وأولهم مش هرجع له حاجة عشان بس تعرفي اني راجل اوي
, _ وقفت في منتصف الردهة وصفقت بيدها ساخرة منه ثم ولجت داخل غرفتها لأنها بلغت ذروة تحملها من ذاك البغيض ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ بزغ نور الفجر وارتفعت أصوات تغريد العصافير علي الأشجار المحاوطة للمشفي ، كانت الغرفة خالية الا من كليهما بعد أن أمرهم الطبيب بالمغادرة وترك مرافق واحد لريان ، استيقظت عنود علي ألم شديد في ثائر جسدها بسبب غفوها علي وضع غير ملائم ، أخفضت رأسها لكي تطمئن علي ريان وتفاجئت بعيناه تطالعها بإهتمام
, _ تقوس ثغرها بإبتسامة عذبة وأردفت :-
, _ انت كويس يا حبيبي ؟
, _ أشار ريان إليها بأهداب عينيه مؤكدا سؤالها ثم أشار إليها برأسه نحو الأريكة ، نظرت إلي حيث ينظر واستشفت أنه يريدها أن تغفو عليها ، عادت ببصرها عليه وأبت أن تنهض من مكانها قائلة :-
, _ أنا مرتاحة كده المهم انت مرتاح ؟
, _ طالت نظراته عليها وقد لاحظت هي اعوجاج في فمه كما لا يستطيع فتح عينيه اليسري أيضاً ، اقتربت منه قليلاً وأردفت متسائلة :-
, _ ايه ده ؟
, _ خفق قلبها آلماً علي حالته ثم وضعت رأسه برفق علي الوسادة ودلفت الي الخارج لكي تحضر طبيباً ، عادت إليه بعد دقائق معدودة وبدأ الطبيب بفحص ريان وحاول أن يتحدث معه لكنه واجه صعوبة بالغة معه ، تنهد مستاءً ثم دلف الي الخارج ، تبعته عنود لم يكن لديها القدرة حتي تسأله عن وضعه لكن يكفي نظراتها التي تحثه أن يطمئنها علي حالته ..
, _ حمحم الطبيب وتحدث بجدية :-
, _ للاسف المريض عنده العصب السابع أو بمعني أدق شلل نصفي في الوجه وده لأنه اتعرض لصدمة شديدة ..
, _ فغرت عنود فاها بصدمة كما انقبض قلبها بتوجس شديد حيال ريان وأسرعت بالحديث متسائلة :-
, _ يعني هو هيفضل كده علي طول ؟
, _ أماء الطبيب رأسه نافياً حديثها وأردف موضحاً :-
, _ لا طبعاً بالادوية والتمارين اللي هيواظب عليها هتروح هي مسألة وقت مش اكتر بس طبعاً لازم حالته النفسية تتحسن عشان يرجع طبيعي تاني ..
, _ أماءت عنود رأسها متفهمة ثم ولجت داخل الغرفة بخطي هزيلة حزينة علي حالته التي تسوء عن ذي قبل ، سحبت نفساً عميق وسارت نحوه ، جلست بجواره علي الفراش وأحتضنت وجهه بكلتي يديها وهتفت بنبرة متوسلة :-
, _ اتحسن بسرعة عشاني ، أنا مليش حد غيرك please ريان !
, _ انسدلت دموعها بغزارة ألماً علي حالته ، رفع ريان يده وكفكف عبراتها بأنامله كما انكمشت ملامحه بغضب ، فأسرعت عنود في التوقف عن البكاء ، استنشقت أكبر قدر من الأكسجين ثم مالت برأسها بحب علي يده الموضوعة علي وجنتها واوصدت عينيها تستمتع بدفئ يده ..
, _ في تلك الأثناء صدح آذان الفجر ، أبتسمت له عنود وعدلت رأسها ثم طبعت قُبلة رقيقة داخل كفه وأردفت :-
, _ يلا نصلي ، أنا عارفة إنك مش قادر تقوم هساعدك تتوضي وصلي وانت قاعد تمام !
, _ عقد ريان حاجبيه بغرابة فاستشفت هي قصده وهتفت موضحة :-
, _ في حديث عن الرسول بيقول ( صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنبٍ )
, _ رمش ريان بعينيه متفهماً ثم ولجت هي داخل مرحاض الغرفة وتوضأت ثم جذبت مياه في زجاجة بلاستيكية كانت موضوعة بالداخل وساعدته أن يتوضأ ويرتدي ثيابه لكي يخفي عورته ثم شرع كليهما في الصلاة بخشوع ..
, _ أنهت صلاتها ثم انتظرت أن ينهي هو الآخر صلاته واقتربت منه وامسكت يديه وأردفت بنبرة حنونة :-
, _ لعل الخير يكمُن في الشر!
, _ لم يعي ريان تفسير جملتها فتابعت هي حديثها بتوضيح :-
, _ **** أعلم يمكن اللي حصل ده وراه خير ، اهم حاجة عندي انك تكون كويس مش عايزة غير كده و**** ..
, _ انسدلت قطرة من عين ريان رغماً عنه فأسرعت هي بمسحها وهتفت متوسلة :-
, _ لا لا عشان خاطري بلاش كده
, _ يشعر ريان بآسي وحزن شديد لم يسبق له وشعر بهم ، تسطح علي الفراش ثم أولاها ظهره لكي يعيش حزنه بمفرده ، لم تعقب عنود علي تصرفه **** عليها تركه يتعايش مع حزنه قليلاً لكي يخرج من صدمته التي انحشر داخلها ..
, _ جلست عنود علي الأريكة المقابلة الفراش وقد شعرت بتشنج شديد في رأسها ، حاولت التحمل فليس بوقت تعبها الأن ، لكن الألم يزداد قسوة لدرجة أنها شعرت وكأنها صعقت بالكهرباء ، ضغطت علي رأسها بقوة لكي تمنع ذلك الألم إلي أن شعرت بتحسن قليل ، أعادت رأسها إلي الخلف وأسندت علي حافة الأريكة واوصدت عينيها بتعب جلي تدعو **** بداخلها بمرور الشدائد عاجلاً ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ استيقظت أية علي رنين المنبه التي فعلته لكي توقظ خالد ويذهب الي المشفي كما طلب منها ، تفاجئت بعدم وجوده بجوارها ، نهضت بذعر وبحثت عنه في المنزل ، أزفرت أنفاسها براحة عندما وقع بصرها عليه جالس في الشرفة ..
, _ اقتربت منه بخطي متمهلة وأردفت متسائلة :-
, _ انت منمتش يا خالد ؟
, _ أجابها بحزن في نبرته دون أن يرفع بصره عليها :-
, _ لأ هنام ازاي وانا صاحبي نايم في المستشفي بسببي!
, _ أخرجت أية تنهيدة بطيئة واقتربت منه ، جلست القرفصاء أمامه وهتفت :-
, _ انت ملكش ذنب يا خالد أخوه هو اللي غدر بيه انت كنت بتشوف شغلك وسيبت التوكيل في المكتب بحسن نية وانت هتعرف منين انه هيسرقه!
, _ رمقها خالد شزراً وصاح مندفعاً :-
, _ أنا استهترت وسيبته في المكتب كان لازم اكون حريص اكتر من كده دي مش املاكي عشان اكون مطمن للدرجة دي أنا غبي ومستاهلش ربع صحوبيته ليا
, _ ربتت أية علي فخذه وأردفت بحنو :-
, _ بدل ما انت قاعد تلوم نفسك كده قوم روح اطمن عليه وخليك جنبه هو محتاج لك الفترة دي اكتر من اي وقت تاني
, _ إلتوي ثغر خالد بإبتسامة متهكمة :-
, _ اكون جنبه بأي وش أقوله أنا السبب في اللي حصلك بس جاي اقف جنبك!
, _ تأففت أية بضجر بائن وهتفت بحنق :-
, _ ريان عمره ما هيلومك علي اللي حصل لكن هيزعل منك فعلا لو موقفتش جنبه في محنته دي!
, _ نهض خالد من مقعده وأسند مرفقيه علي حافة سور الشرفة وهتف بنبرة محتقنة :-
, _ عارف أنه مش هيلومني وده اللي مضايقني اني هكون قاعد قدامه وشايف كل اللي حصله وبيحصله ومش قادر أعمله اي حاجة وانا كنت السبب في٣ نقطة
, _ صمت من تلقاء نفسه وصاح عالياً بغضب :-
, _ أووووف
, _ اقتربت منه آية واحتضنته من ظهره ربما تخفف الهموم من علي عاتقه قليلاً وأردفت :-
, _ اهدي يا حبيبي أن شاء**** خير
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44 و wagih
٣٢


مر اسبوع علي مكوث ريان في المشفي وقد حان ميعاد خروجه ، لم يتغير وضعه كثيراً لا يريد التحدث مع أحدهم ولا يسمح إليهم بالاقتراب منه عدا عنود ، حالته الصحية تزداد سوءاً عن ذي قبل ويرفض اي تدخل طبي ناهيك عن رفضه لأي طعام ، فقط يرتشف القليل من المياه إن شعر بجفاف حلقه ، خسر الكثير من الوزن وبات نحيفاً هذيل الجسد
, _ ساءت حالة عنود للغاية لعدم استجابته لأي مساعدة من الجميع حتي طبيبه النفسي ، كما أزدادت تشنجات رأسها أضعافاً عن ذي قبل ، فالبداية كانت تتألم لثواني معدودة لكن الآن طالت المدة إلي أكثر من خمس دقائق تتمني فيهم الموت من فرط الألم التي لا تتحمله ..
, _ لا يوجد لديها وقت لكي تعلم سبب تلك التشنجات فلقد بات ريان شاغلها الأساسي ولا تريد سوي رؤيته يتحسن ..
, _ عم الحزن قلوب الجميع من خلف صحة ريان المتدهورة ، لا أحد يأكل لا احد يشرب فقط يصلون لله لكي يعود إليهم معافي كما كان ، لكن تلك اللعينة لا يوقفها شئ الأن تزداد حقداً وبغضاً كلما مرت عليها الأيام ، تلدغ زوجها بـ سُمها في كل آنٍ لكي لا يتنازل لشقيقه عن حقوقه ..
, _ مكثت دينا طيلة الأسبوع عند عائلتها لعدم قدرتها علي الرجوع الي منزلها ، لقد طردتها رنا عندما عادت إليه وألقت أشيائهم خارج المنزل كما جلس ماهر عند أبنته هاجر غاضب من تصرف والدهُ ولا يريد الاحتكاك به بشتي الطرق ..
, _ لا يكف خالد عن تأنيب نفسه ، يحمل ذاته جميع ما حدث ، لم يعد يعمل عند ذاك البغيض لكي لا يقوم بقتله كلما رآه يسير أمامه بكل وقاحة كما ظلت آية تأزره وترفع من معنوياته التي تنخفض كلما رأي تدهور صحه صديقه
, _ طرق باب الغرفة ثم ولج خالد إلي الداخل مشكلاً إبتسامة متهكمة علي ثغره وأردف بنبرة ضعيفة :-
, _السلام عليكم ، اخبار المعلم بتاعنا ايه ؟
, _ تقوس ثغر عنود بإبتسامة لم تتعدي شفاها واجابته بنبرة راضية :-
, _ الحمد**** علي كل حال
, _ اقترب خالد من الطاولة ووضع الحقائب البلاستيكية عليها وردد :-
, _ جايبلك كباب عارفك بتحبه!
, _ شعرت عنود بالحماس وركضت نحو الحقائب وقامت بتفريغ الطعام ثم عادت إلي ريان وجلست أمامه مُشكلة إبتسامة عذبة علي محياها وأردفت بنبرة حنونة :-
, _ ريحة الاكل حلوة اوي يلا بقا كُل عشاني
, _ أدار ريان رأسه بتهكم بينما تصنعت عنود الحزن وهي تنهض :-
, _ عرفت ان مليش خاطر عندك!
, _ سرت رجفة مفاجأة في يديها اثر تشنجات رأسها التي تحدث لها مؤخراً وووقع الطعام أرضا رغماً عنها ، وضعت كلتي يديها محاوطة رأسها وظلت تضغط عليهم بشدة لكي توقف الألم لكن دون جدوي
, _ ركض خالد نحوها كما اعتدل ريان في جلسته لكن لم يستطع التحدث وظل يرمقها بتوجس عارم ،
, _ انتي كويسة ؟ هتف بهم خالد متسائلاً وهو يراها تشد علي رأسها بقوة بينما لم تعبأ عنود لسؤاله فهي لم تصغي له من الأساس ، ركضت إلي خارج الغرفة عندما فشلت في إيقاف ذلك الألم
, _ نهض ريان خلفها بصعوبة في سيره ، اقترب منه خالد يريد معاونته لكنه رفض ودلف الي الخارج بمفرده ، تبعه خالد ربما يحتاج أحدهم إلي مساعدة ، وقف أمامها وهي جالسة علي مقعد الإنتظار واضعة يديها أمام وجهها وتبكي بألم ..
, _ جلس بجوارها وأبعد يديها عن وجهها ، هز رأسه متعجباً من حالتها بينما أردفت هي :-
, _ أنا كويسة وهكون كويسة اكتر لو أكلت
, _ هز رأسه بالإيجاب فتقوس ثغرها بإبتسامة ثم نهضت وساعدته علي دخول الغرفة ، واحضرت طعام آخر له وبدأت تطعمه في فمه قِطعً صغيرة للغاية لكي يسهل عليه مضغها ، بينما جلس خالد يراقب ما يحدث في صمت عكس البركان الذي يثور داخله ..
, _ أنهت طعامه وابتسمت بسعادة غامرة دقت طبول قلبها وأردفت :-
, _ الحمد لله ، يلا بقا نجهز عشان نمشي
, _ خفق قلب ريان خوفاً من مواجهة الحياة بعد ما حدث ، كيف لا يخاف وشقيقه قد سرق جميع ثروته واستحل ماله ، فكيف للآخرين أن يفعلوا به ؟
, _ لاحظت عنود تشنج ملامحه وربتت علي يده تأزره بينما نهض خالد واقترب منهم واردف :-
, _ هتيجي تقعد عندي
, _ رفع ريان بصره عليه بأسي ثم اخفض رأسه بحزن قد عم قلبه ، شعور مبهم يشعر به لا يستطيع وصفه لكن يسبب له الشفقة علي ما حاله ، أسرعت عنود قائلة :-
, _ لا إحنا هنروح بيتنا ..
, _ رمقها خالد بغرابة وردد متعجباً :-
, _ بيتكم!
, _ أماءت عنود رأسها وأردفت موضحة :-
, _ علي أجر لنا بيت..
, _ رفع ريان بصره عليها ويريد الصراخ ، لا يتقبل مايحدث ويأبي عقله تصديق حديثهم الذي يردفونه بسهولة دون رأفة لمشاعره
, _ استشفت عنود ضيقه وتابعت حديثها مضيفة :-
, _ دي فلوس بيتنا في امريكا طول الفترة اللي فاتت مكنتش محتاجة اصرف منهم ووقتهم جه خلاص بس طبعاً حضرتك هترجعهم لي بعدين مش هستني عليهم كتير
, _ أردفت جملتها الأخيرة بمزاح لعلها تحسن من صفوه قليلاً ، تنهد ريان ببعض الراحة لكون المال عائد لزوجته وليس لأحد اخر علي الرغم من عدم استيعابه لخسارة ثروته بعد ، أوصد عينه لا يريد النظر إليهم بتلك الحالة التي هو عليها ..
, _ انتظر خالد بقية اليوم معهم ، بينما استأذنت عنود للخروج من الغرفة وعزمت أن تعرض نفسها علي الطبيب لكي تعلم ما خلف تلك التشجنات اللعينة
, _ طلب منها الطبيب عمل بعض الفحوصات لكي يطمئن علي حالتها الصحية بصورة واضحة ، شكرته عنود وذهبت إلي الطبيب النفسي الذي يتابع حالة ريان ، جلست أمامه وهي تفرك أصابعها بتوتر شديد وأردفت متسائلة :-
, _ النهاردة هنخرج وانا مش عارفة هتعامل مع ريان ازاي في حالته دي ده مش رافض اكل وشرب بس ده رافض الحياة كلها ، أنا خايفة أفشل اتعامل معاه وحالته تسوء اكتر بسببي
, _ تنهد الطبيب ثم ارتشف القليل من القهوة واجابها بنبرة عملية :-
, _عقله لسه مش مستوعب التحول الكبير اللي حصله وهياخد فترة علي لما يتأقلم علي الوضع ، الفترة ممكن تطول وممكن لأ وده هيرجع للبيئة المحاوطة ليه
, _ صمت الطبيب ثم سألها بخجل :-
, _ هو حضرتك عندك كام سنة ؟
, _ أجابته عنود بإرتباك خجل :-
, _ ١٨
, _ ظهرت علامات الذهول علي تعابير الطبيب لكنه حاول قدر المستطاع أن يبدو طبيعي ، أزفر أنفاسه وانهي قهوته لكي يفصل عقله قليلا ويعود لحديثه بطبيعته التي كان عليها ، استشفت عنود صدمته من عمرها الصغير ولم تستطيع تفسير إلي ماذا تعود تلك الصدمة ، خرجت من شرودها من صوته وهو يتابع حديثه مضيفاً :-
, _ أكيد بتدرسي ؟
, _ ردت عليه عنود بحماس :-
, _ أيوة بدرس وقبل اللي ما يحصل اللي حصل ريان قالي أنه قدم معايا في نفس الكلية لأنها كانت حلمه ولظروف معينة مقدرش يدخلها ..
, _ تقوس ثغر الطبيب بإبتسامة عريضة وردد بحماس :-
, _ تمام اوي إحنا هنلعب علي الوتر ده ، طلاما حلمه يبقي انتي كل اللي عليكي تشجعيه أنه يكمل فيه أكيد هتلاقي صعوبة في الأول بس مع الضغط الغير مباشر عليه هيبدأ يركز مع حلمه ويتأقلم علي الوضع الجديد اللي حصله ، وحاجات كتير غير التعليم تحاولي توفريهاله ، أكيد انتي عارفة هو بيحب إيه وايه هوياته حاولي علي قد ما تقدري تخليه يركز مع كل اللي بيحبه وانا هتابع معاكي كل فترة نشوف اتحسن كام ٪
, _ هزت عنود راسها ونظرت إليه بإمتنان :-
, _ Thanks you دكتور
, _ دلفت عنود الي الخارج مطأطأ الرأس تشعر بخيبة أمل كبيرة ناهيك عن طاقتها التي لم يعد لها أثر ، فكيف لها علي مواصلة الحياة القادمة و اعطاء ريان كل الدعم وهي من بحاجة إلي من يدعمها أولاً ..
, _ تفاجئت بوجود هالة أمامها تبتسم كعادتها في تلك الأيام التي لم تتركها بمفردها قط ، تأتي كل يوم بعدما تنهي يومها الدراسي لكي تطمئن علي حالتها وتكون عوناً لها إن أردات أن تنهار ، فلتنهار بين أحضانها وتعود لزوجها اقوي مما كانت عليه بسبب عناق هالة لها ..
, _ تنهدت عنود بآسي وبدون بذل مجهود سارت ببطئ نحو هالة وألقت بنفسها بين أحضانها التي هي بمثابة الجدار الخرساني التي تستند عليه ، حاوطتها هالة بحب وملست علي حجابها ورددت هاتفة :-
, { وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ}
, _ ابتعدت عنها عنود وظلت ترمقها بإمتنان شديد ثم سارت بجوارها وأردفت :-
, _ اللي جاي صعب اوي وحاسة أني مش هقدر انجح لوحدي!
, _ شدت هالة علي يد عنود وهتفت قائلة :-
, _ ومين قالك أنك هتكوني لوحدك وانا روحت فين ؟
, _ انسدلت بعض القطرات من عيناي عنود وأردفت بحزن :-
, _ عارفة انك جنبي ، بس مش هتكوني جنبي وانا بعافر مع ريان عشان ياكل ويشرب ويرجع لحياته ، مش هتكوني جنبي وانا بحاول أرجع له ثقته بنفسه وبلي حواليه حاجات كتير اوي هترهقني مش عارفة هكون قدها ولا لأ ، خايفة أضعف وبدل ما أكون سبب في تحسن حالته ازيدها سوء ..
, _ توقفت عنود عن السير واستنشقت بعض الهواء ورددت :-
, _ أنا خايفة ومش مستعدة
, _ طالعتها هالة لبرهة وأردفت بثقة :-
, _ انتي قدها واعتبريه اختبار من **** عشان يشوف قوة إيمانك بيه قد ايه!
, _ إلتوي ثغر عنود بإبتسامة ثم عانقت هالة بشدة كأنها تستمد منها القوة والدعم النفسي ثم ابتعدت عنها ونظرت إلي باب غرفة ريان بينما رددت هالة :-
, _ أنا هنا لو احتجتيني ..
, _ هزت عنود راسها بإيماءة خفيفة ثم ولجت الي الداخل ، تفاجئت بوقوف ريان في شرفة الغرفة ، أبتسمت بسعادة وسارت نحوه بخطي مهرولة ، عانقته بقوة من ظهره ، تفاجئ خالد من تصرفها العفوي وأدار رأسه للجانب يشاهد ما يحدث إلي الأسفل بينما انتبهت عنود لوجود خالد وابتعدت عن ريان بخجل شديد ..
, _ حاوط ريان كتفها بذراعه وضمها لحضنه برفق لكي يقلل من خجلها ويشعرها بأن الأمر طبيعي ليس إلا ، تنهدت عنود ببعض الراحة لكن لم يخلو جوفها من الخجل ، رفعت رأسها علي ريان ورددت متسائلة :-
, _ نمشي؟
, _ هز ريان رأسه بموافقة ثم توجه إلي الداخل كما تبعاه عنود وخالد ، انتهت عنود من تجهيز أشيائهم ثم نظرت إلي الغرفة بنظرة متفحصة وعادت ببصرها نحو ريان وهتفت :-
, _ يلا نمشي
, _ حمل خالد الحقائب بدلاً عنها بينما سارت هي بجوار ريان ممسكة بيده ، نهضت هالة من جلستها ما أن رأتهم وشكلت إبتسامة خجولة علي ثغرها وأردفت :-
, _ حمدلله علي سلامة حضرتك
, _ كم أراد ريان البكاء في تلك اللحظة ، يشعر بالشفقة الشديدة حياله ، كأنه يقف عاري أمام الجميع كيف سيصمد مع الكم الهائل الذي سيواجهه مستقبلاً ؟
, _ اكتفي ريان بهز رأسه كما لاحظت عنود سرعة سيره التي ازدادت كما لو أنه يهرب من شئ ما ، تفهمت وضعه وسارت خلفه بخطي مهرولة لكي تلحق به ، ركب ريان سيارة خالد ما أن وصل إليها دون أن ينظر خلفه ، أستدارت عنود بجسدها نحو هالة وأردفت :-
, _ تعالي نوصلك في طريقنا
, _ هزت هالة رأسها برفض بينما أصرت عنود عليها إلي أن وافقت هالة ، ركبت كلتاهما السيارة في هدوء طال إلي وصولهم لمنزل هالة ، تفاجئ ريان بنزول عنود هي الأخري معها وفتحت بابه وأردفت :-
, _ البيت هنا!
, _ ترجل ريان من السيارة مطأطأ الرأس ، شعرت عنود بالألم حياله لا تريد أن تري تلك النظرة في عينيه تريده أن يتحسن فقط ، يبدو أن الطريق صعب للغاية لكن عليها الإستمرار بكل قوتها إلي أن يتحسن ويعود كما كان أو ربما يفوق حالته السابقة وتجعل منه إنساناً آخر أفضل عن ذي قبل ..
, _ ولج الجميع داخل منزل ريان وعنود الجديد وتفاجئ ريان بفرشه بالكامل بفرش منزلهم السابق ، استدار بجسده نحو عنود التي أبتسمت بسعادة وأردفت موضحة :-
, _ كنت بخطف كل يوم ساعتين وانت نايم واجي افرش البيت مع هالة أنا عملت فيه حاجات حلوة اوي أكيد هتعجبك!
, _ تنهد ريان بآسي وتوجه الي أقرب أريكة وألقي بجسده المنهمك عليها بارهاق ، بينما استأذنت هالة وهمت بالمغادرة وهي متحمسة بشدة لكون صديقتها المقربة انتقلت إلي المنطقة ذاتها التي تقطن بها وسيسهل عليها رؤيتها كلما أردات دون عائق امامها ، ودعتها عنود كما غادر خالد هو الآخر لكي يُحضر بعض المستلزمات إليهم ..
, _ أغلقت عنود الباب ونظرت إلي ريان بحماس شديد ، اقتربت منه بخطي متمهلة ثم وقفت أمامه وامسكت بيده وأردفت :-
, _ اتفضل قوم عشان ورانا حاجات كتير هنعملها
, _ هز ريان رأسه بعدم فهم فتابعت موضحة :-
, _ أول حاجة هنصلي شكر لربنا أنك كويس ورجعت البيت ، تاني حاجة هنبدأ نعمل التمارين اللي الدكتور قالنا عليها ، تالت حاجة ها٤ نقطة
, _ صمتت عندما لم تجد ما تردفه ، رفعت بصرها عليه وانفجرت ضاحكة وهتفت :-
, _ التالت يجي بظروفه
, _ شدت يده بالقرب منها لكي ينهض لكنه جذبها نحوه فتعرقلت قدميها ووقعت علي قدمه ، أجبرت يدها علي محاوطة عنقه لكي تثبت حركتها ، شعرت بأنفاسه تضرب وجهها فشعرت بالارتباك القوي يعصف بخلاياها كأنها تجرب شعورهما الأول ثانيةً
, _ تسارعت ضربات فؤادها بعنف كما ازدردت ريقها بتوتر ، شعر ريان لوهلة بأنه يعيش لحظاتهم الأولي مرة أخري ولا يدري لما تسلل شعور السعادة داخله ، شعور غريب قد تغلغل بداخله عندما استشف خجلها منه ، هو يريدها دائما بريئة عفوية هكذا معه ، يشعر بالإستمتاع كمراهق يخوض تجاربه الأولي مع فتاتة!
, _ نهض بصعوبة قد واجهته لكنه صمد الي أن نهض وهي لازالت بين أحضانه متشبثة في عنقه ، حاوطت خصره بينما سار هو بها الي الأمام قليلاً ولم يستطيع الصمود لأكثر وأنزلها ثم أشار إليها بالبدء فيما تود فعله ، أبتسمت هي وشرعت في الوضوء كما فعل هو الآخر وبدأ كليهما في الصلاة ..
, _ تفاجئ ريان بزواية صغيرة خصصتها هي للصلاة ، واضعة سجادتين خلف بعضهما ليكون هو إمامها دوماً في كل **** ،
, _ أنهي صلاته أولاً ثم ظل يطالعها بنظراته المتعجبة من إطالة مدة صلاتها بالأخير هم الركعتان ذاتهم الذي قام بأدائهما ، أنهت هي صلاتها ونظرات إليه وبادلته ابتسامة عريضة لكونه يطالعها بعذوبة ، اقتربت منه بعد أن خلعت ثوبها وبدأت تحرك فمها بحركات معينة لحالته كما فعل الطبيب أمامها من قبل ..
, _ واجه ريان صعوبة بالغة في الحركة لكنه لم ييأس وتابع بكل جهده لكي يعود لطبيعته في اسرع فرصة ، فقط يريد إستعادة حقوقه فهو لن يصمت طويلاً ..
, _ توقفت عنود عما تفعله عندما رأت الصعوبة البالغة الذي يواجهها وأردفت بنبرة أنثوية رقيقة :-
, _ كفاية كده النهاردة
, _ نهضت هي وبدلت ثيابها كما تعمدت اختيار ثوب متحرر ربما يساعده في تحسن حالته ، للمرة الأولي بدلت ثيابها أمامه ، كم تبدو هادئة وطبيعية علي عكس ما تشعر به داخلها ، يزداد خجلها أضعافاً كلما وقع بصرها عليه ورأته يتابعها باهتمام
, _ أوصدت عينيها وابتلعت ريقها في محاولة منها علي الارتخاء ، أنه أمر طبيعي بين رجل وامرأته ، ظلت تردد تلك الكلمات في عقلها ربما تهدئ من روعها لكن دون جدوي ، وها قد أجبرت قدميها علي التحرك نحو المرآة وحررت خصلاتها ، تلاعبت بهم قليلا إلي أن بات وضعهم مثير بعض الشئ ، أمسكت من انينة عطرها التي تحبه ووضعت قدراً علي ثائر جسدها ثم استنشقت أكبر قدر من الهواء واستدارت بجسدها نحوه ،
, _ سارت بالقرب منه بخطي متمهلة خجولة ، انحنت بجسدها لتكون في نفس مستواه فهو لازال يجلس أرضاً ، إلتوت شفاها علي الجانب مُشكلة إبتسامة متعجبة من أمره واردفت بدلال :-
, _ أنت حبيت القاعدة عندك ولا إيه ؟
, _ هز ريان رأسه مؤكداً حديثها بينما اقتربت هي أكثر وبدأت في فك أزرار قميصه ذات اللون الأسود ، رفض أن يرتدي شئ سوي بنطال قطني ونهض معها ، جلس علي الفراش وجذبها من يدها وأجبرها علي الجلوس علي قدمه ، أسند جبينه علي جبينه وهو ممسك بعنقها ، أخرج تنهيدة بطيئة مليئة بالهموم والحزن استشفتها هي من فرط حرارتها ..
, _ ابتلعت ريقها وهتفت بدعم :-
, _ لعل الخير يكمن في الشر !
, _ للمرة الثانية على التوالي تهتف بتلك الجملة التي لم يفهم أي خير فيها ؟ لقد خسر الشئ الوحيد الذي اكتسبه من خسارة جميع أمنياته وأحلامه ، أين الخير التي تتحدث عنه ؟
, _ تنهدت عنود وابتعدت قليلا وأردفت بخجل :-
, _ { وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } أكيد في خير ورا اللي حصل انت مش عارفه
, _ أبعد نظره بعيداً عنها فاجبرته هي علي الالتفاف إليها مرة أخري وهمست أمام شفاه :-
, _ بحبك
, _ رمش بعيناه يبادلها الكلمة لكنها أبت وعقدت حاجبيها بتذمر :-
, _ عايزة اسمعها!
, _ هز ريان رأسه مستنكراً طلبها ، فأسرعت هي بالحديث وقالت متفهمة :-
, _ خلاص متتعصبش عليا!
, _ سحبت نفساً عميق واقتربت منه بحميمية ، توقفت حينما سمعت قرع الباب ، أوصدت عينيها في محاولة منها علي التأقلم ثم ابتسمت له ونهضت ، لكنه سرعان ما أمسك بيدها ودلف هو الي الخارج ، فتح الباب وإذا بها دينا تقف أمامه بآسي كبير ، رأي وميض غريب في عينيها كأنها تلومه علي شئ ما لكن ما هو ؟
, _ سمح لها بالدخول فتبعته هي الي الداخل وهي ترمق المنزل باهتمام ، التفتت ريان إليها ولم يصدر أي تصرف يدل علي رفضه لها كما كان يفعل مسبقاً ، أخرجت دينا تنهيدة بطيئة مليئة بالشوق والافتقاد إليه ، تقوس ثغرها بإبتسامة ثم سارت نحوه وعانقته بكل ما أوتيت من قوة !
, _ حاوطها ريان بذراعيه يبادلها العناق فهو كان قاسِ بعض الشئ في الأيام الأخيرة ولابد أن يصلح ما اقترفه حتي وان لا يروق له ما يحدث ، لا يريد تعكير عناق صغيرته بعناق آخر ، يريد لمساتها فقط دون غيرها لكن هيهات للاقدار لا تأتي دائما كما نتمني ..
, _ أغلقت عنود الباب ما إن وقع بصرها علي وضعهم الحميمي للغاية بالنسبة لها ، تريد الخروج وأخذ مستحقاتها ، نعم هو ملكيتها وحدها ولا تريد ملامسة غيره له ، هو لها فقط ليس من حق أي شخص آخر !!
, _ ازدادت غيرتها أضعافاً كلما فشلت في استعادته إليها ، كلما تتذكر أنها ليست وحدها من لها الحق فيه تزداد غضباً ، تود أن تثور بكل قوتها لكن لا تستطيع ، ليس لديها القدرة ولا الأحقية في فعل أي شئ سوي البكاء ..
, _ بكاء ماذا؟ البكاء قليل في تلك الأثناء ، البكاء فعل بسيط عكس ما تشعر به داخلها ، حسناً تريد أن تنفجر وليس فقط ازدراف بعض الدموع السخيفة ..
, _ ارتفع أنينها لكن ليس من الغضب بل من فرط الألم التي تشعر به ، يكاد يفتك برأسها من شدته ، تتمني الموت أهون من تلك التشنجات التي تزداد وتزداد ، ولج ريان داخل الغرفة اثر صراخها الذي لا يتوقف قط ، ركض نحوها بذعر ولعن مرضه الذي يمنعه عن التحدث معها ..
, _ أمسك بذراعيها يجبرها علي التوقف لكنها ابتعدت عنه لا تتحمل ذاك الألم اللعين ، لا تتحمل قبضته عليها يكفي ألم رأسها ..
, _ هدوء حل فجاءة في الغرفة ، وقعت عنود أرضاً تبكي في صمت ، لا تدري ما الذي يحدث لها ، لا تريد أن يتكرر ثانيةً ، تريد فقط بعض الراحة ..
, _ لم يقدر ريان علي التحرك من مكانه ، تجمدت قدميه في الأرض من شدة خوفه عليها ، شعر بالخذلان الشديد لكونه لم يستطيع إنقاذها ولا حتي تقديم المساعدة لها ، كما أنه لم يكن لديه القدرة أن يسألها مابها !
, _ ظل يطالعها من علي بعد ثم سار بالقرب منها بخطي متمهلة ، جلس أمامها وأزاح يديها من أمام وجهها ووضع قبلاته داخل كفوفها ، رفع وجهها بيده ليكون في مستوي وجهه ، عقد حاجبيه يحثها علي التحدث لكنها رفضت ورفعت بصرها علي دينا الواقفة خلفه
, _ ربما استشف حالتها الان ، تنهد وجذبها الي حضنه بحذر ، لم تقاومه هي بل استكانت بين أضلعه ربما شعور الغيرة يهدأ قليلاً ، لم تتحمل دينا ما يحدث ودلفت الي الخارج سريعاً ، قرع الباب وقامت هي بفتحه وإذا بها هاجر وزوجها وخلفهم العم ماهر و يحيي ،
, _ جلس الجميع في ردهة المنزل الصغيرة يتناولان أطراف الحديث لحين ظهور ريان ، نهض ريان وارتدي بقية ثيابه ودلف الي الخارج ، رحب به الجميع وتمنوا له الشفاء العاجل ، جلس ريان في منتصف علي أريكة لفردان ، ركضت دينا نحوه وجلست بجواره قبل أن تأتي تلك التعيسة وتحظي بقربه ، يكفي سخافة لهذا الحد فهو ملكها أيضاً ..
, _ دلفت عنود الي الخارج ورحبت بالجميع وكذلك فعلو هم ، تفاجئت بعدم وجود مكان لها بينهم ، أطالت النظر نحو ريان وزوجته التي انتهزت الفرصة وجلست بجواره ، سحبت نفساً عميق ثم انسحبت من بينهم بهدوء وولجت داخل المطبخ تبحث عن شئ تقدمه لهم لكن لا يوجد ، تأففت بضجر بائن واوصدت عينيها بعصبية ، خرجت من حالتها علي قرع الباب ،
, _ كادت أن تدلف للخارج لكن يحيي قام بفتح الباب ، وقفت مكانها وإذ به خالد وزوجته ، ألقي عليهم التحية ثم رمق المنزل سريعاً إلي انا وقع بصره علي عنود ، توجه نحوها ووضع الحقائب التي يحملها أرضاً ثم اعتدل في وقفته يلتقط أنفاسه ..
, _ تقوس ثغر عنود بإبتسامة خجولة وأردفت بحرج بائن :-
, _ أنا مش عارفة اقولك ايه ، أنا ملقتش حاجة اقدمها بجد Thank you
, _ تقوس ثغر خالد بإبتسامة متهكمة وأردف بخجل :-
, _ ده من بعد خير ريان
, _ ظهرت أية من خلفه مُشكلة إبتسامة علي محياها علي عكس عادتها ، تنهدت وهتفت بنبرة عفوية :-
, _ حمد لله علي سلامة ريان يا **** يعدي الأزمة دي علي خير
, _ بادلتها عنود ابتسامة عذبة ومن ثم دلف خالد إلي الخارج بينما رافقت أية عنود وأصرت أن تساعدها في تحضير الحلوي والعصائر للجميع ، انتهوا من التحضيرات ودلفت كلتاهما الي الخارج وقامتَ بضيافة الجميع
, _ جلست أية بجوار زوجها بينما لم تجد عنود مآوي لها ، سحبت نفساً وهي تطالع الجميع في حرج ومن ثم انسحبت إلي داخل غرفتها في هدوء ، كانت تتابعها أية بشفقة من بينهم فكان الجميع مشغولون في إعطاء آرائهم السخيفة بالنسبة لريان فأول من تحدث كان يحيي وهو يضع مفتاح سيارته علي الطاولة أمام ريان :-
, _ خد العربية أنا مش محتاجها
, _ أضاف علي علي حديث يحيي :-
, _ الفيزا بتاعتي أهي أنا مش محتاجها معايا فلوس في البيت اقدر امشي بيهم !
, _ أسرعت هاجر بالحديث قائلة وهي تضع حزمة من النقود علي الطاولة :-
, _ الفلوس اللي كنت بتديهالي مكنتش بعمل بيها اي حاجة لاني مكنتش محتجاها يمكن ده تدبير **** عشان يرجعوا ليك تاني
, _ تنهد خالد مستاءً من هرائتهم ، بالتأكيد سينفجر ريان بهم في أي لحظة ، فليس من السهل بعد أن كان هو عائلهم تنقلب الآية ويريدون هم أن يعولوه ، الأمر ليس بهين عليه ولا علي بشر ..
, _ إلتوي ثغر ريان الي الجانب مُشكلاً ابتسامة ساخرة مما يحدث ، سحب نفساً عميق ثم نهض دون أن يردف بشئ يدل حتي علي غضبه وولج داخل غرفته الجديدة ، وما إن أوصد الباب خلفه حتي انهال علي جميع ما في الغرفة حتي باتت حُطاماً ..
, _ كانت تجلس عنود علي الفراش واضعة يديها علي وجهها متوجسة خيفة من غضبه المفاجئ ، لم تتوقع ثورته الآن وليست أي ثورة لقد شعرت لوهلة أنها لا تعرف من يكون هو ، ابتلعت ريقها مراراً عندما توقف عن تحطيم الأشياء ، أبعدت يديها بتهمل عن وجهها ورمقته بتوجس ، أتسعت مقلتيها بصدمة عندما رأت الدماء تنسدل من يديه
, _ لم تنتظر مكانها وركضت مهرولة نحوه ، أمسكت بيده وهتفت بخوف شديد :-
, _ ليه كده ليه ؟
, _ رفعت بصرها عليه وقد ترقرت العبرات من عينيها وصاحت معاتبة :-
, _ مش هقدر اشيل الازاز ده هنادي حد يجي يشيله!
, _ هز رأسه رافضاً فكرتها وسحب يده وابتعد عنها ، جلس علي الفراش يطالع يده بعدم شفقة علي حاله ، تنهدت مستاءة هي من تصرفه ورفضه الذي ليس في محله الآن ، استشنفت اكبر قدر من الهواء ثم اقتربت منه ، جلس بجوارها وأمسكت يده وبدأت تزيل قطع الزجاج المحطم المتناثر في يده ، كان يخفق قلبها بشدة كلما أزالت قطعة زجاج وشعرت بألمه وكأن الزجاج بيدها هي وليس هو ..
, _ انتهت مما تفعله ولن تشعر بدموعها التي انسدلت رغماً عنها ، لا تدري حقيقتها هل لأنها انتهت مما تفعله بسلام أم لرؤيته يتألم أم لانها تشعر بضعفها الذي يزداد كلما مر الوقت عليها بجواره ؟!
, _ في الخارج ، كانت أنظار الجميع مُعلقة علي باب الغرفة الذي اختفي خلفها ريان ، نهض خالد ونظر إليهم وهتف عالياً معاتباً إياهم :-
, _ بصراحة اللي حصل غلط وملوش لزوم ، الراجل طول عمره بيعطي من غير مقابل ليه بس تعملوا كده ، عارف ان نيتكم كويسة وقاصدين المساعدة بس انتوا لسه متعرفوش ريان نفسه عزيزة قد ايه ، لسه متعرفوش أنه عمره ما هياخد حاجة من حد حتي لو هياكل عيش حاف ، لسه معرفتوش أنه اتعود يكسب من عرق جبينه وياكل من تعب ايده وبس!
, _ أخفض خالد رأسه بحزن شديد كما لم يستطيع أحد النظر في أعين الآخر خجلاً مما فعلوه ، ربما نواياهم حسنة لكن الطريقة حتماً خاطئة ، خالد محق فيما قاله لكن كيف سيصلحوا ما اقترفوه ؟
, _ غادر الجميع المنزل عندما تأكدوا من عدم خروج ريان لهم مرة أخري ، بات المنزل خالياً الا من ريان وعنود ، وضع ريان رأسه علي قدميها بينما بدأت هي تتلوا آيات عديدة من القرآن لكي تكن له دعماً
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44 و wagih
٣٣


استيقظ ريان علي صوتها الأنثوي الرقيق الذي يحثه علي النهوض ، فتح عينيه بكسل ثم ابتسم بتكلف ، عدل من نومته وطالعها بتفحص ، لقد كانت واقفة أمامه بكامل ثيابها الخارجية ، عقد ما بين حاجبيه بغرابة وهز رأسه مشيراً بيده إليها فاستشفت قصده وأسرعت بالحديث موضحة :-
, _ هروح الكلية كفاية غياب طول الوقت اللي فات وبعدين حضرتك مش ناوي تيجي معايا ولا ايه ؟
, _ هز ريان رأسه برفض كما أشار إليها بأنه قد حول جامعته منزلية لكي لا ينشغل بها في منتصف مشاغله ، تنهد بحرارة وهو يتذكر أنه بات خالياً من المشاغل والمسؤوليات ، أخفض رأسه وأخرج تنهيدة بطيئة مليئة بالحزن الشديد بينما أضافت هي بنبرة عفوية :-
, _ عملت لك فطار يجنن يارب يعجبك
, _ نهض وسار خلفها وتفاجئ بالطعام المتنوع علي الطاولة ، ابدعت في تحضيره كأنها ترسم لوحة وليس طعام سوف يُأكل ، كانت تتابعه عنود باهتمام لكي تري تعابير وجهه وعندما رأت اندهاشه تشكلت ابتسامة سعيدة علي محياها دون وعي منها ،
, _ حمحمت ثم جلست بينما ترأس ريان الطاولة وبدأت هي في بالحديث :-
, _ طبعاً كل اللي انت شايفه ده يرجع لهاجر هي اللي قالتلي بيطبخ ازاي !
, _ أمسك ريان يديها الموضوعة علي الطاولة ورفعها الي فمه ووضع قبلة رقيقة عليها وطالعها بعشق كما بادلته هي نظرات خجولة ثم شرع كليهما في تناول الفطور ، كانت تقطع عنود ذاك الصمت من حين إلي آخر بإخباره عن حماسها لأول مشاركة لهم في المذاكرة ، كان ينصت لها بحزن وعدم رغبة لكن حماسها المنعكس علي نبرتها يرغمه علي السعادة ومشاركتها الحديث حتي لو بنظرة منه ..
, _ انتهت من تناول الفطور ثم وضعت الصحون في المطبخ وقامت بتنظيفهم سريعاً ركضت نحو الباب عندما سمعت رنين الجرس ، أنها هالة كما توقعت تماماً ، تبادلن الفتيات بسمة سعيدة لكونهم سيتشاركن السير والمواصلات وأيضاً العودة معاً ، اقترب ريان من عنود ووضع قُبلة علي وجنتها فاثار خجل الفتاتان ، توردت وجنتي عنود بالحمرة الصريحة لكنها حاولت أن تبدو طبيعية قدر المستطاع ثم ودعته وغادرت ..
, _ توقفن حينما صف يحيي سيارته امامهن ، ترجل منها وأخذ نفساً وابتسم حينما رأي إشراقة وجه عنود قد عادت من جديد ، اقترب منهم بخطي متمهلة وأردف بصوته الأجش :-
, _ صباح الخير ايه النشاط ده كله ؟
, _ كان يتحدث وعيناه تطالع عنود ولا تري سواها بينما كانت هالة تختلس النظر إليه بحياء شديد لا تدري ما الذي أصابها عندما رأت سيارته وشعرت بقربه منها ، ازدردت ريقها بخجل وتعجبت من نظراته علي عنود كأنه لا يري سواها ، تنهدت ثم طردت أفكارها الشيطانية وحمحمت بخفة مصدرة صوت لكي تجذب انتباهه إليها بينما أجابته عنود بإختصار :-
, _ صباح النور جاي لريان ؟
, _ أجابها يحيي بعفوية :-
, _ لأ جايلك احم.. اقصد جاي اطمن علي ريان واخدك في طريقي للكلية
, _ تقوس ثغرها بتهكم وأردفت مسرعة :-
, _ لا إحنا هنروح مواصلات
, _ أسرعت هالة بالحديث قائلة وهي تطالع يحيي بشدة :-
, _ وليه نتمرمط في المواصلات لما في مواصلة محترمة قدامنا
, _ انتبه يحيي بالاخير لوجود هالة بينهم ورفع بصره عليها وهتف مؤكداً :-
, _ ده الكلام!
, _ لم تشعر بإلبسمة التي تشكلت علي محياها أثر كلماته كأنه يغازلها ، تعجب يحيي من ابتسامتها البلهاء وأبعد بصره عنها وصاح مهللاً :-
, _ يلا عشان منتأخرش
, _ ركبت الفتاتان في المقعد الخلفي ، انهمرت عنود في ضبط منبه هاتفها علي مواعيد أودية ريان لكي تذكره بهم ، بينما لم ترفع هالة بصرها عن يحيي الذي يختلس النظر إلي عنود من حين لآخر في المرآة ، لماذا ينظر إليها بذاك الوميض اللامع الذي يشع من عينيه ؛ هل يشفق علي أحوالها مع شقيقه ام أن هناك أمور أخري تجهلها ..
, _ أنهيي الجميع يومهم الدراسي سريعاً وحرصت عنود علي إرسال تذكير لريان بمواعيد الدواء كما ترسل ملصقات إلكترونية تعبر عن مدي اشتياقها له ،
, _ دلفت كلتهما خارج الجامعة يبحثن علي وسيلة مواصلات قبل أن يقابلن يحيي ويصر عليهن بالركوب معه ، كاد أن يتجاوزن الطريق لكن سيارة أحدهم أجبرتهم علي التنحي جانباً قبل أن تصطدم بهم ،
, _ فُتح بابها وترجلت منها رنا بثياب فاخرة ، اقتربت منهم وخلعت نظراتها الشمسية وطالعت عنود بغرور وتعالي ، أطلقت ابتسامة متعجرفة وأردفت بنبرة أكثر هدوءاً وهي تلوح بيدها في الهواء :-
, _ هاي!
, _ تشنجت تعابير عنود لكنها تحلت بالصمود قدر المستطاع لكي لا تكون فريسة لغريمتها بينما اقتربت رنا من عنود أكثر فأكثر إلي أن التصقت بها وهمست بجانب أذنها :-
, _ متفرحيش كتير ريان اتعود علي حياة الرفاهية ومش هيستحمل الفقر معاكي!
, _ ابتعدت عنها ورمقتها بتشفي وتابعت حديثها مضيفة :-
, _ وانا اللي هكون الحل الوحيد عشان يرجع فلوسه وهيسيبك ويجيلي أنا ، يجي ينام في حضني أنا وانتي هتكوني لوحدك انتي والتخينة التانية اللي محسوبة علي الستات ..
, _ أطلقت رنا ضحكات سمجة ثم أولتها ظهرها وعادت الي حيث سيارتها ، في تلك الأثناء رأي يحيي رنا وأسرع نحو عنود التي كانت تقف جامدة لا تبدي أي مشاعر ، تنهد وصاح متسائلاً :-
, _ كانت عايزة منك ايه ؟
, _ لم تهتز خصلة من عنود ، صمتها يثير قلقهم فأسرعت هالة بالنداء عليها :-
, _ ايه يا بنتي قالتلك ايه خلاكي في الحالة دي؟
, _ سحبت عنود أكبر قدر من الهواء ثم أسرعت خطاها بعيد عنهم ، تريد الاختفاء من أمامهم بأي وسيلة ، أسرع يحيي خلفها لكنها كانت اختفت بين الطرق الجانبية ، وقف مكانه يتمتم بالسُباب ويلعن تلك الرنا البغضية
, _ بتحبها؟
, _ هتفت بها هالة متسائلة والغيرة تتملكها ، التفت إليها يحيي وعيناه تشع منهم الشرار وهتف بغضب :-
, _ بحب مين ؟
, _ سارت هالة بالقرب منه وأردفت بحزن :-
, _ عنود!
, _ طالعها يحيي لبرهة ولم يستطيع إنكار حديثها ، إلتوت شفاها مُشكلة ابتسامة متهكمة وأخفضت رأسها بحزن جلي سكن فؤادها وأردفت :-
, _ دي مرات أخوك بتحبها ازاي ؟
, _ هز يحيي رأسه في إنكار شديد لسؤالها الذي ليس في أوانه وفر هارباً من أمامها ، ركب سيارته وغادر سريعاً ، حركت هالة رأسها عفوياً مع حركة سيارته إلي أن اختفت ، أخرجت تنهيدة بطيئة ثم أخرجت هاتفها من حقيبتها وقامت بالاتصال علي عنود التي لم تجيبها قط ،
, _ أزفرت هالة أنفاسها بضجر ثم قررت العودة الي منزلها ، وصلت عنود الي منزلها سيراً علي الأقدام ، طرقت الباب خلفها بعنف وتوجهت إلي المطبخ مباشرةً لكي لا تري ريان وتنفجر به ،
, _ نهض من علي الفراش اثر طرقها للباب وتوجه الي خارج الغرفة باحثاً عنها إلي أن وقع بصره عليها وهي تقف في منتصف المبطخ تزفر أنفاسها بصوت عالٍ وقع علي مسامعه ، اقترب منها ووضع يده علي كتفها فنفرت منه وتراجعت الي الخلف خطوة
, _ عقد ما بين حاجبيها بغرابة من أمرها وهز رأسه بتعجب لكي تخبره حقيقة تذمرها منه ، تذكرت عنود حديث رنا الذي لم يفارق عقلها فتشنجنت تعابيرها وتحولت إلي الغضب ، اقتربت من الطاولة الرخامية وحطمت جميع ما عليها
, _ أسرع ريان نحوها يحاول تهدئتها لكنها أبت وابتعدت عنه وصرخت عالياً :-
, _ انت ممكن تسيبني وتروح لرنا؟
, _ عقد ريان حاجبيه مستنكراً حديثها وهز رأسه وحاول الاقتراب منها مرة أخري لكنها دلفت إلي الخارج و ولجت داخل الغرفة وأفرغت غضبها في كل ما يظهر أمامها
, _ اقترب منها ريان وأحكم قبضتيه علي ذراعيها لكي يجبرها علي التوقف لكنها كانت تلوح بجميع جسدها لكي تتحرر من قبضتيه ، سار بها ريان نحو الفراش واجبرها علي النوم وحاصرها و مازال مقيد حركتها وأردف بنبرة منخفضة :-
, _ اهدي
, _ لم تبالي له ولا حتي لكونه تحدث ، لازالت تعافر من أجل أن تتخلص منه فغضبها يفوق الوصف كلما تذكرت حديث رنا ،
, _ بقولك اهدي ، اهدي بقا!
, _ هتف بهم ريان بنبرة غاضبة ، شعر باستكانتها فطال النظر إليها وتفاجئ بدموعها تنسدل بغزارة ، انخفض إلي مستواها وأوصد عينيه يشعر بأنفاسها الحارة من شدة غضبها ، وسمح لنفسه بالخوض مع شفاها وأردف من بين قبلته :-
, _ أنا مش هروح غير ليكي انتي وبس!
, _ إلتمعت عينيها بشغف وعادت دموية وجهها كما كانت سابقاً وقالت بنبرة متحشرجة :-
, _ يعني انت م٣ نقطة
, _ قاطعها ريان حينما إلتهم شفاها مرة أخري بين شفتيه ، مرت مدة ليست بقصيرة أبتعد عنها حينما خفق قلبه بشده ولم يعد يستطيع التحمل لأكثر ، ماذا تفعل به تلك الفتاة ؟ لماذا تربكه وتوتره ؟ لماذا كلما تقرب منها تعود له مشاعره الأولي معها من جديد ؟
, _ أستلقي بجسده علي الفراش واجبرها أن تنام على صدره هي ، فرد ذراعيه علي الفراش فنظرت هي إليه بحياء وأردفت متسائلة بنبرة خجولة :-
, _ ايه ؟
, _ ظهرت شبح ابتسامة علي محياه وهتف بثقة :-
, _ اعملي اللي يثبتلك اني ملكك انتي!
, _ ابتلعت عنود ريقها بصعوبة كما توردت وجنتيها بالحُمرة الصريحة وسرت رجفة قوية في أوصالها الساكنة ، ازدادت نبضاتها عنفواناً بسبب ما قاله وما يريده ، بالتأكيد ستفشل ولن تفعل اي شئ فهي مازالت تخجل منه ولا تستطيع!
, _ أخذ ريان يدها ووضع قبلة في كفها ثم وضعها علي صدره أعلي قلبه وهتف :-
, _ ايه مفيش اي حاجة تثبت اني ملكك؟
, _ ساعدها هو علي اخفاء خجلها تدريجياً إلي أن باتت هي في عالم آخر يُسمي ريان ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ مساءاً ٣ نقطة
, _ خرجت عنود من شرودها حينما عانقها ريان من الخلف ، وضع كوبان من النسكافيه علي سور البناية ودفن رأسه في عنقها فأثار رجفتها ، أمسكت هي بالكوب خاصتها وارتشفت منه القليل ، شعور لا يضاهي بثمن ، مشروب ساخن أسفل النجوم وبين أحضان حبيبها ، كما تتغلغل البرودة ثيابها لا تستطيع وصف ذاك الشعور سوي بأنه السُكنة!
, _ استدارت عنود بجسدها ورفعت بصرها عليه مُشكلة إبتسامة عريضة علي ثغرها وأردفت :-
, _ في آية جميلة جدا مكنتش فاهمة معناها بس فهمتها حالا!
, _ هز ريان رأسه وسألها بفضول :-
, _ آية ايه ؟
, _ وضعت عنود الكوب علي السور وأردفت :-
, _ { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }
, _ حاوط ريان خِصرها بيده حينما انتهت من تلاوة الآية وهتف متسائلاً :-
, _ معناها إيه ؟
, _ ابتسمت عنود وأسرعت في شرحها بسلاسة :-
, _ نفوسنا تكون مطمنة بالطرف التاني وتسكن ، وانا مطمنة أوي يا ريان انت معني الآية انتي سكني!
, _ ضمها ريان بكل ما أوتي من قوة الي صدره وظل يستنشق عبير رائحتها الزكية كما أوصد عينيه مستمتعاً بتلك اللحظة الثمينة ..
, _ نفخ بضجر حينما سمع قرع الباب ، أبتعد عنها ودلف الي الخارج ، تبعته هي لكن لم تخرج من الغرفة بل وقفت خلف الباب لكي تعلم هوية الطارق ، فتح ريان الباب وتفاجئ بوقوف دينا أمامه ، هادمة اللذات تلك الدينا ..
, _ أجبر شفاه علي الابتسام واردف بحفاوة :-
, _ اتفضلي
, _ تقوس ثغر دينا بإبتسامة عريضة عندما استمعت إلي نبرته التي افتقدتها كثيرا وهتفت بسعادة :-
, _ اتكلمت!
, _ هز ريان رأسه مؤكداً حديثها ، تنحي جانباً لكي يترك لها مجال للدخول ، أغلق الباب ونظر إليها كانت قد جلست في إنتظار جلوسه بجوارها ، جلس ريان مقابلها فاثار ضجرها منه ، ألا يفتقدها ؟
, _ حمحمت هي وألقت الحديث دفعة واحدة :-
, _ ريان انا محتاجاك ، عايزة اكون جنبك ، انت في بيت وانا في بيت وكل واحد عنده حياة مختلفة عن التاني وأحنا المفروض شخص واحد وده مضايقني وخانقني..
, _ أخفضت دينا رأسها بعصبية تحاول تهدئة روعها لكي لا تعقد الأمور ، تفاجئ ريان بحديثها وبعد تفكير طال لعدة دقائق أردف :-
, _ أنا لو واثق انكم هتتفاهموا مع بعض مش هتردد لحظة وهجيبك هنا ، مستعدة تعيشي معاها في نفس البيت ؟
, _ رفعت دينا عينيها عليه بدهشة وأسرعت في الحديث :-
, _ أكيد لأ بس ممكن تيجي يوم عندي ويوم هنا!
, _ إلتوي ثغر ريان بتهكم وأردف بنبرة حادة :-
, _ انتي عايزاني اعيش مع مراتي عند اهلها ؟
, _ تنهدت دينا مستاءة لعدم وجود حل وتابعت حديثها مضيفة :-
, _ ده ذنبي اني قاعدة عند أهلي يا ريان ؟
, _ فرك ريان وجهه بعصبية وحاول التحلي بالهدوء وواصل حديثه :-
, _ مش ذنبك بس مش بإيدي حل تاني اقدمه لو عندي حل مش هتردد وهعمله
, _ عدلت دينا من جلستها لتكون أقرب له وصاحت به :-
, _ يعني واحدة نايمة قايمة جنبك والتانية مش طايلة حتي نظرة منك ده عادي بالنسبة لك يعني مش شايف انك ظالمني ؟
, _ سحب ريان نفساً عميق واجابها مختصراً :-
, _ البيت اللي احنا قاعدين بنتكلم تحت سقفه ده متأجر بفلوسها وإيجاره هيدفع بفلوسها برده يعني أنا مليش اي تلاتين لازمة لا في حياتك ولا في حياتها يدوب اسم علي الفاضي مش قادر اقدم أي حاجة ويارب تكوني مبسوطة انك خلتيني اقول الكلام ده !
, _ لم تستطيع دينا الرد عليه وفضلت الصمت ، بينما داخل الغرفة كانت تقف عنود علي احر من الجمر وهي تري دينا منفرده مع ريان وتطالبه بحقوقها ، نفخت بضجر بائن وتمتمت بغضب :-
, _ الصبح رنا وبليل دينا!
, _ عدلت من هيئتها ودلفت الي الخارج وأردفت علي مضضٍ :-
, _ ريان أنا موافقة أنها تقعد هنا معنديش مانع
, _ تفاجئ ريان من حديثها ، أيضاً لم تكن دينا أقل دهشة من ريان لكنها أسرعت بالقول :-
, _ ومين قالك اني عايزة أقعد معاكي في نفس البيت أنا عايزة اقعد مع جوزي مش معاكي!
, _ تعالت أنفاس عنود باضطراب وكادت أن تجهش باكية فهي بالأساس أدلت بإقتراحها علي مضضٍ ، لم تكن راضية عن ما قالته لكن حبها لريان أجبرها علي الموافقة لكي لا تكون عائق بينه وبين زوجته التي اوصاها العم ماهر بها ..
, _ صاح ريان بصوت مرتفع :-
, _ دينا ، كفاية لحد كده!.
, _ اقتربت منه دينا وتعلقت في ذراعه وازفرت دموعها متحسرة علي حالها وأردفت متوسلة :-
, _ ريان طلقها وارجعي لي ، أرجع لمراتك وبنتك ، تعالي نرجع بيتنا ونعيش زي الأول..
, _ سحب ريان ذراعيه من بين يديها ورمقها بنظرات متهكمة وصاح بها هدراً :-
, _ بيتنا! هو فين بيتنا هو انتي مش حاسة أنا في ايه ؟ مش شايفة أنا مرمي فين ؟ ولا انتي مبقتيش تشوفي غير نفسك وبس ، مش عايزة غير اني ارجع لك وبس مش مهم الظروف اللي اتحطيت فيها اللي لسه متقبلتهاش دي مش مهم اي حاجة المهم الهانم ترجع جوزها وتطلقه من مراته التانية اللي محاولتش مرة تقولي اطلقك زي ما انتي بتستغلي كل الفرص وتقوليلي طلقها ، مش هطلقها يا دينا عارفة ليه لاني مقدرش أستغني عنها يارب تفهمي كده ونخلص من الموال اللي كل مرة تعمليه ده!
, _ طالعته دينا بأعين لامعة تترقرق منها الدموع ثم ركضت إلي الخارج وغادرت المنزل ، وضع ريان إحدي يديه في منتصف خصره والاخري خلف رأسه يفركها بشدة ،
, _ سارت عنود ببطئ الي أن وصلت إليه وسرقت عناق منفرد لم يشارك هو فيه لكن يكفي انها تصغي الي نبضات قلبه أسفل أذنها كما تشعر بصعود وهبوط صدره كدليل علي غضبه الذي يحاول كبحه
, _ عايز أنام ..
, _ هتف بهم ريان ثم ابتعد عنها دون أن ينظر إليها وولج داخل غرفته ، بينما طالعته هي الي أن اختفي خلف باب الغرفة ، لم تبرح مكانها بل مكثت مدة طويلة علي وضعها ثم جرت قدميها الي أقرب أريكة وألقت بجسدها عليها بارهاق ..
, ٤٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ صباحاً ..
, _ استيقظت عنود وفركت عينيها بكسل ثم رمقت المكان التي تمكث فيه لقد غفت في الردهة ، إذاً أين ريان ؟
, _ نهضت بذعر وولجت داخل الغرفة تبحث عنه لكنها لم تجده ، خفق قلبها متوجسة خيفة من أن يكون قد أصابه مكروه ، جذبت هاتفها وقامت بالاتصال عليه ، صغت إلي رنين هاتفه خلفها ، استدارت بجسدها وأغلقت عينيها بعصبية عندما وجدت هاتفه في المنزل ، رباه أين انت الآن ؟
, _ هرولت إلي الخارج مسرعة ما إن وقع رنين الجرس علي مسامعها ، فتحت الباب وإذا به يقف أمامها ، وقفت تستنشق الصعداء ما إن رأته سليم لا يوجد به سوء ،
, _ ابتعلت ريقها وسألته بقلق :-
, _ كنت فين ؟
, _ ولج ريان الي الداخل واجابها مختصراً :-
, _ بدور علي شغل!
, _ تنهدت عنود مستاءة من ذاك الوضع الذي بات عليه ، اقتربت منه وعانقته من ظهره وأردفت بحنو :-
, _ ولقيت ؟
, _ هز رأسه بانكار ثم ألقي بجسده علي الأريكة وهتف بتهكم :-
, _ مش هتروحي الكلية ؟
, _ جلست علي قدميه وقالت بنبرة حنونة :-
, _ أكيد هروح ، مش ناوي تيجي معايا ؟
, _ إلتوي ثغر ريان مستاءً من إصرارها الدائم عليه ، وهتف بنبرة حادة :-
, _ الظاهر اني كنت غلطان لما قدمت فيها كان لازم افهم أن نصيبي اكون معلم طول عمري
, _ صمت وابتسم بسخرية وتابع حديثه مضيفاً :-
, _ حتي دي كمان راحت وبقيت ريان العاطل اللي عايش عالة (عائل) علي مراته!
, _ علي الرغم من حزنها علي حالتها إلا أنها استنكرت حديثه الذي يردده دوماً وأسرعت بالحديث معاتبة إياه :-
, _ انت ليه عامل فرق بينا ، ليه علي طول بتتكلم علي اني شخص وانت شخص تاني مش المفروض اننا شخص واحد من يوم ما اسمي اتكتب علي إسمك ؟
, _ لم يعرف ريان للحديث سبيل فهي بالاخير لن تفهم ما يقصده ، أنه رجل شرقي لا يعترف بأن تعوله امرأته وهو يجلس في المنزل دون عمل بعد أن كان سبباً في فتح منازل عدة ، اكتفي بإخراج تنهيدة بطيئة مليئة بالهموم والآسي علي حاله ، لم تعلق عنود علي صمته المبهم بالنسبة إليها واقتربت منه ثم وضعت قبلة رقيقة علي وجنته وصاحت بثقة :-
, _ Iam sure أن ده تدبير **** لحاجة إحنا لسه مش عارفينها..
, _ أنهت جملتها وولجت داخل غرفتها لكي ترتدي ثيابها وتهم بالذهاب إلي الجامعة ، لم يهتم ريان كثيرا لكلماتها التي ترددها من حين لآخر فبالاخير هي فقط تواسيه ليس إلا !
, _ اصطحبت عنود هالة إلي الجامعة ، تعجبت هالة من عدم ظهور يحيي إلي الآن وعدم نفيه لحديثها ، عقلها كله معه ومع تصرفاته نحو عنود ، هل يحبها فعلاً ؟ أم تلك أفكار من محض خيالها لا اصل لها ؟ كم تتمني أن يظهر وينكر حبه لعنود ، لا تدري لماذا تتمني ذلك لكن حتماً سيُحَطم قلبها إن أكد لها حدسها
, _ لوحت عنود بيديها أمام وجه هالة لكي تجذب انتابها ، خرجت هالة من شرودها علي تلويح عنود إليها وتسائلت :-
, _ في حاجة ؟
, _ ابتسمت عنود بتهكم وأردفت :-
, _ اعترفي وقولي بتفكري في مين ؟
, _ تفاجئت هالة من سؤال عنود كما أتسعت مقلتيها بخوف لم تدركه هي وتمتمت :-
, _ قصدك ايه ؟ مش بفكر في حد!
, _ انفجرت عنود ضاحكة علي حالتها المبهمة وهتفت من بين ضحكاتها :-
, _ خلاص اهدي هعمل نفسي مصدقاكي بس هزعل لو طلع فيه ومقولتيش!
, _ طالعتها هالة لبرهة ثم انتبهت لصوت مُعلم مادتهم ونظرت إليه بإمتنان لكونه أنقذها من هجوم عنود عليها ،
, _ أنهت كلتاهما جميع محاضرتهن ووقفن خارج الجامعة قيد انتظار مرور إحدي وسيلة مواصلات ، تفاجئت هالة بوقوف يحيي علي بُعد منهم ، شعرت بأنه بحاجة إليها من نظراته عليها ، سحبت نفساً عميق ونظرت حيث تقف عنود وأردفت :-
, _ أنا افتكرت حاجة بابا طلبها مني من السوق هجيبها قبل ما اروح
, _ أجابتها عنود بعفوية :-
, _ تمام انا معاكي
, _ أسرعت هالة بالحديث :-
, _ لا لا خليكي انتي عشان متتأخريش علي ريان أنا يمكن أتأخر
, _ هزت عنود رأسها متفهمة ثم ودعتها وغادرت في الطريق المعاكس لجهة هالة ، انتظرت هالة حينما تأكدت من مغادرتها في احدي السيارات ثم اقتربت من يحيي علي حياء شديد فقط تريد أن تُطمئِن قلبها ..
, _ وقفت أمامه وهي تطالعه بنظراتها المليئة بالأسئلة التي تتمني أن يجيبها عليهم ..
, _ أنا بحبها فعلا ..
, _ خفق قلبها بشدة من بعد جملته تلك ، كاد قلبها أن يخترق جسدها من هول المفاجأة ، أزدردت ريقها بتوتر ورمقته لبرهة ثم هربت بعينيها بعيداً عنه ، كم شعرت بالإهانة علي الرغم من أنه لم يصرح لها يوماً عن إعجابه بها بل هي من باردت بالاعجاب به الي أن وقعت في حبه ، أياً يكن لا يجدر عليه أن يحب عنود إنها زوجة أخيه فكيف يسمح لنفسه أن يقع في حبها كيف ؟
, _ تشنجت تعابير وجهها ولم تشعر بنفسها سوي وهي تندفع به بغضب عارم :-
, _ بتحبها ؟ انت عارف انت بتقول ايه ؟ بتحب مرات أخوك ومش مكسوف كمان وبتقولها في وشي! في وشي أنا يا يحيي ملقتش غيري تقوله كده!
, _ أخفض يحيي رأسه في حرج كم شعر بالندم لكونه أفصح عن حبه لعنود ، لكن هو يريد المساعدة يريد أن يدله أحدهم علي الصواب هو يقع في حبها أكثر كلما حاول الإبتعاد عنها ولا يعلم ما عليه فعله ؟
, _ انتبهت هالة هي الأخري لكلماتها ولعنت غبائها علي ما قالته ، كانت علي وشك الاعتراف بحبها له يا لك من فتاة غبية !
, _ قطبت جبينها بعصبية وانتبهت لكلماته عندما قال :-
, _ عايزك تساعديني!
, _ رفعت بصرها عليه وصاحت به هدراً :-
, _ أساعدك! اروح اقولها اطلقي من جوزك واتجوزي أخوه عشان بيحبك ولا ايه مش فاهمة ؟
, _ تنهد يحيي مستاءً من أسلوبها الفظ معه واجابها بنبرة حادة :-
, _ لا طبعاً أنا محتاج حد يقولي اعمل ايه ومتقوليش أبعد عنها وانساها عشان حاولت وفشلت لدرجة اني نسيت أنها مرات اخويا أنا عايزة حل ومش لاقي حد يساعدني ، لما واجهتيني امبارح حسيت قد ايه انا بني آدم قذر واللي بعمله غلط بس مش عارف ، هتساعديني ؟
, _ أبعدت هالة بصرها عنه فهي تريد أن تجهش في البكاء لقد حطم قلبها الي أشلاء تكاد تُري بالعين المجردة لاعترافه بكل وقاحة بحبه لصديقتها المقربة ،
, _ شهيق وزفير فعلت هالة ثم هتفت دون أن تنظر إليه :-
, _ هساعدك..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ تلقت عنود مكالمة هاتفية من رقم مجهول الهوية أثناء عودتها إلي المنزل فأجابت بهدوء :-
, _ السلام عليكم ورحمه **** وبركاته
, _ أجابها الطرف الآخر متسائلاً :-
, _ مدام عنود العراقي ؟
, _ هزت عنود رأسها بعفوية وأردفت بتوتر :-
, _ أيوة أنا مين حضرتك
, _ أجابها بنبرة عملية :-
, _ أنا سامح من معمل التحاليل ببلغ حضرتك أن تحاليل حضرتك طلعت ياريت تيجي تستلميها ..
, _ لا تدري لما خفق قلبها بتوجس ، شعرت بتلاحق انفاسها التي ازدادت لدرجة أنها وقعت علي مسامعها ، لا تصغي لشئ سوي أنفاسها ،ابتعلت ريقها وأردفت بخوف :-
, _ تمام أنا جاية حالا ..
, _ طلبت من السائق تغير مساره والذهاب الي المشفي ، ظلت طيلة الطريق تهدئ من روعها فالأمر لا يحتاج كل ذلك الخوف ، ربما ارتفاع في ضغط الدم لا اكثر او ربما إرهاق أو ربما..
, _ أمسكت برأسها ربما توقف أفكارها اللعينة التي تزيد من خوفها ، وباتت تردد بعض الآيات لكي يطمئن قلبها ، وصلت إلي المشفي وترجلت من السيارة ببطئ مبالغ ، تقدم قدم وتؤخر الأخري ، وقفت أمام الباب الرئيسي للمشفي وسحبت نفساً عميق ثم سارت الي الداخل بخطي سريعة كما تعمدت إلغاء عقلها في تلك الأثناء لكي لا تفكر في الاسوء ..
, _ استلمت التحاليل وقرأت تشخيص حالتها الصحية ، رفعت عينيها عن الأوراق التي بيدها وطالعت المكان بأعين لامعة وعقل يأبي تصديق ما قرأته لتوها ، أعادت ما قرأته مراراً ربما أخطأت لكن لا القراءة صحيحة ، وضعت يدها علي قلبها عندما شعرت بالحرارة المتدفقة في جسدها فسببت خفقان نبضات قلبها بصورة قاسية
, _ بعد برهة ، انتبهت لصوت إحدي الممرضات :-
, _ انتي كويسة ؟
, _ رمقتها عنود ثم أولتها ظهرها وجرت قدميها أمامها بثقل ، وما إن دلفت خارج المشفي حتي جشهت في البكاء ، ازداد نحيبها بمعدل مضاعف ، تجمع جميع من حولها أثر حالتها المذرية ، لم تنصت لأي من أسئلتهم بل ركضت إلي الأمام ولم تتوقف قط إلي أن قادتها قدميها الي منزلها ..
, _ وقفت أمام باب المنزل وطرقت عليه بخفة ، فتح لها ريان وفزع من الحالة التي تبدو عليها ، شحوب قاسٍ في وجهها ناهيك عن تورم جفنيها وشفاها حتماً من البكاء ، دني منها وحاوط ذراعيها بكلتي يديه وهتف متسائلاً بتوجس :-
, _ في ايه مالك ؟
, _ رفعت بندقيتاها عليه وبعد بكاء طال لدقائق سبب في فزع ريان أكثر لكنه تحلي بالهدوء لكي لا يخيفها من عصبيته أن أفرغها عليها لكنه كان يموت في كل ثانية تمر دون أن تُصرح عن سبب بكائها ، جمعت قواها وهتفت بنبرة مهزوزة :-
, _ أنا عندي كانسر!
, _ كانسر ماذا! لوهلة لم يستوعب عقله ما تفوهت به لتوها ، استوعب عقله جملتها بعد مدة ، سرت رجفة قوية في أوصاله ، بالتأكيد تمزح معه لكي تعلم مدي حبه لها ،
, _ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة وأردف :-
, _ عنود بلاش الحركات دي متقوليش كده علي نفسك
, _ توقفت عنود عن البكاء وولجت الي الداخل أسفل أنظاره المُسلطة عليها ، أغلق الباب وتبعها الي الغرفة في صمت عم المكان ، أزاحت عنود حجابها ووقفت أمام المرآة تطالع صورتها المنعسكة ، حررت خصلاتها وتلاعبت بهم بحركات هادئة للغاية ، انسدلت بعض القطرات من عينيها ورددت بعدم استيعاب :-
, _ شعري هيقع!
, _ خفق قلب ريان عندما أردفت جملتها ، لم يكن لديه القدرة علي التحرك فلقد تصلبت قدميه بالأرض وظل يتابعها في صمت ، ارتفع صوت بكاء عنود عن ذي قبل وهي تطالع صورتها بتحسر وألم شديد ، استدرات بجسدها ونظرت إلي حيث يقف ريان وأردفت :-
, _ أنا مش عايزة أموت
, _ بربك ما هذا الهراء ؟ لن يأخذك الموت مني انتي ملكي ولن أسمح لأحد غيري أن يمتلكك ، هز ريان رأسه مستنكراً تفكيره واستغفر ربه سريعاً ، ركض نحوها وضمها بكل ما أوتي من قوة الي حضنه وقال :-
, _ مفيش موت متقوليش كده تاني
, _ ابتعدت عنه عنود وجذبت التحاليل وناولته إياها وأردفت من بين بكائها :-
, _ شوف بيقول كانسر من الدرجة الأخيرة يعني مفيش امل حتي اني اتعالج!
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44
٣٤


حل الليل سريعاً ..
, _ أخفض رأسه لكي يختلس النظر إليها حينما شعر باستكانتها بين ذراعيه ، وضع رأسها برفق علي الوسادة حينما تأكد من غفوها ، دسر الغطاء أعلاها ثم حمل صينية الطعام الذي أعده لها خصيصاً ودلف خارج المنزل دون أن يبدل ثيابه المنزلية
, _ لا يعلم أين وجهته لكن حتماً يريد الهروب من كل شئ ، قادته قدماه الي منزل صديقه الذي قرع بابه ووقف امامه في إنتظار ظهوره ، فتح خالد الباب وجاب ريان من أسفل إلي أعلي بنظرة متفحصة ، خفق قلبه بتوجس شديد وأسرع في سؤاله :-
, _ ريان في ايه ؟
, _ ألقي ريان نفسه بين ذراعي خالد الذي خفق قلبه من فرط الخوف ، جمع قواه وأعاد تكرار سؤاله بقلق اكبر :-
, _ حد حصله حاجة يا ريان ؟
, _ صغي خالد إلي نحيب ريان ، ريان يبكي! أم أنه يهذي ؟
, _ أجبر خالد ريان علي الابتعاد عنه وصاح فيه :-
, _ انطق وقول مالك في ايه ؟
, _ لم يتحلي ريان بالشجاعة الكافية في تلك اللحظة لقد انهار تماماً ، انحطت قواه ويكاد يستطيع أن يقف علي قدميه ، يتنفس بصعوبة شديدة ناهيك عن تشوش رؤياه بسبب بكائه الغزير ،
, _ علي الرغم من الخوف الذي تملك من خالد إلا أنه هدئ من روعه عندما رأي حالة صديقه التي لا يرثي لها ، ساعده علي الجلوس علي الأريكة وجلس بجواره واردف :-
, _ طيب اهدي الاول واحكي لي في ايه ؟
, _ مر ما يقرب من ثلاثون دقيقة دون جدوي ، بكاء ريان يدوي في المكان ، يبكي كمن انفرط قلبه علي شئ غالي ، يأزره خالد من حين لآخر بكلماته بينما تقف أية خلف باب غرفتها تتابع ما يحدث بتوجس شديد ،
, _ عنود عندها كانسر من الدرجة الأخيرة!
, ألقي بهم ريان دفعة واحدة بنبرة مهزوزة لا يأباها عقله ولا قلبه ، صعق خالد مما سمعه لتوه وعدل من وضعية جلسته وردد بعدم استيعاب :-
, _ ايه ؟
, _ سحب خالد نفساً عميق يحاول استيعاب الأمر ، تفاجئ بانحناء ريان علي كتفه ، لم يكن لديه القدرة لنطق حرف واحد ، ألجمت الصدمة ألسنة الجميع ، أغلقت أية الباب حينما علمت السبب الحقيقي لحالة ريان التي تراه عليها للمرة الأولي ، وضعت يدها علي فمها في محاولة منها علي تصديق ما سمعته بينما رفع خالد يده وربت علي كتف ريان وأردف بنبرة مهزوزة :-
, _ هو حصل ازاي اقصد يعني عرفت ازاي ولا ايه اللي حصل ؟
, _ أجابه ريان بنبرة موجوعة :-
, _ مش عايزها تمشي!
, _ لم يستطيع خالد تمالك دموعه التي انسدلت رغماً عنه ، أسرع هو بمسحها لكنها تأبي التوقف ، بينما واصل ريان حديثه من بين بكائه الموجوع :-
, _ كنت فاكر أن الدنيا خدت مني كل حاجة بس طلعت مخبيالي حاجات تانية ، لسه هتاخد مني وهتاخد مين ، هتاخدني المرة دي هتاخد روحي وتسيب جسمي عايش لوحده ليه بس يارب ليه ؟
, _ رد خالد بنبرة سريعة :-
, _ أستغفر **** يا ريان متقولش كده انا عارف ان الموضوع صعب بس بلاش قلة الإيمان دي والدنيا اتطورت عن الأول يعني فيه أمل يا صاحبي!
, _ رفع ريان ذراعيه للأعلي بقلة حيلة وهتف متحسراً :-
, _ أمل! هعالجها بإيه ؟ هجيب فلوس منين عشان أخلق لها امل أعيش أنا عليه قبل منها ..
, _ أوصد خالد عينيه وسحق أسنانه بغضب شديد فهو المتسبب الرئيسي فيما حدث له ، لازال يلوم نفسه علي ما اقترفه ، لم يستطيع الصمود لأكثر وهب واقفاً وهتف بحنق :-
, _ ياريتك ما عملتلي توكيل يارتيني رفضت زي كل مرة ، أنا السبب في كل حاجة حصلتلك ولسه هتحصلك ياريتك ما وثقت فيا ولا عرفتني ..
, _ أستلقي ريان علي الأريكة وطالع سقف المنزل بحزن عارم وردد :-
, _ ألوم عليك ولا علي أخويا اللي هان عليه اخوه ورماه في الشارع ، ألوم عليك ولا علي اللي خد شقي عمري من غير ما يفكر أنا ممكن يجرالي ايه من ورا اللي عمله ، يا اخي ياريتني ما اتولدت من الأساس ولا عشت الحياة دي كلها ..
, _ كز خالد علي أسنانه بعنف واقترب من ريان رفع رأسه وجلس هو ثم وضع راسه علي قدميه ، انحني عليه ووضع قبله علي جبينه وأردف بندم :-
, _ حقك عليا يا صاحبي امسح كل اللي حصلك فيا أنا ، طلع كل زعلك وضيقتك عليا أنا هستحمل بس بلاش اشوفك كده انت اقوي من كده يا ريان ..
, _ أخرج ريان تنهيدة بطيئة مليئة بالهموم وهتف بتجهم :-
, _ مش قادر ، أنا عايز أمشي
, _ أسرع خالد في الحديث وأردف موضحاً :-
, _ لا لا ، مش بقولك كده عشان تمشي اقعد هنا لحد ما تكون كويس وبعدها أمشي براحتك
, _ هز ريان رأسه برفض ونهض من مكانه وأردف مختصراً :-
, _ مش عايز أسيبها لوحدها!
, _ ابتلع خالد ريقه وردد :-
, _ طيب تعالي هوصلك
, _ لم يرفض ريان طلبه وغادر المنزل بخطي مهرولة غير مستقيمة تبعه خالد إلي الخارج دون أن يخبر أية بوجهته بالتأكيد استمعت إلي حديثهم ، مرت بضعة دقائق حتي وصل كليهما الي منزل ريان ، صف خالد سيارته أمام المنزل وترجل منها ، وقف أمام ريان وربت علي كتفه يأزره بحنو :-
, _ إن شاء **** خير خليك واثق في **** وهو هيجبر بخاطرك بس انت قول يارب
, _ ردد ريان بنبرة متعبة حديثه مختصراً :-
, _ يارب
, _ واصل خالد حديثه مضيفاً :-
, _ لو احتجت أي حاجة كلمني علي طول ب**** عليك اوعي تعمل حاجة لوحدك خليني اعمل اي حاجة تريح ضميري من نحيتك يا ريان
, _ اكتفي ريان بإيماءة خفيفة من رأسه ثم أولاه ظهره وولج داخل المنزل ، أسند مرفقه علي باب الغرفة وهو يطالعها بأسي شديد ، تنهد بحرارة وعزم أن يصلي لله حتماً سَيُطمئنه **** كما يطمئن عنود دائماً
, _ خرج من المرحاض بعدما توضأ وشرع في الصلاة في الجزء المخصص الذي صنعته عنود بكل حب ، أنهي صلاته بشعور مختلف كلياً ، شعور من الإيمان الذي يحثه علي الرضاء لكن لم يتقبل الأمر بعد ٣ نقطة
, _ نهض وأحضر وجبة عشاء خفيفة ثم توجه نحو غرفة صغيرته ، جلس بجوارها وتأمل ملامحها الشاحبة وكأنها مريضة منذ أعوام ، خرج من شروده علي صوتها الخافت وهي تتمتم بلا وعي :-
, _ ماما
, _ اقترب اكثر منها لكي ينصت لما تردفه باهتمام فتابعت هي حديثها :-
, _ بابا شعري هيقع ، متزعلش عارفة انك بتحبه وانا كمان بحبه
, _ صعق ريان مما سمعه ولم يشعر بيده التي هزتها بعنف ، انتفضت عنود بذعر ورمقته بعتاب فأسرع هو بالحديث :-
, _ كلي عملت لك عشا
, _ سحبت عنود نفساً ببطئ لكي تهدئ من روعها ثم عاودت النظر إليه وأردفت :-
, _ أنا شوفت اهلي
, _ قاطعها ريان بنبرة صارمة :-
, _ كلي يا عنود!
, _ تعجبت من كونه لم يجييها كأنه لم ينصت الي ما قالته ، تنهدت وأردفت :-
, _ بقولك شوفت اهلي..
, _ سحب ريان شطيرة من أمامه واجبرها علي قضم قطعة منها وهتف :-
, _ وانا بقولك كلي
, _ ترقرقت العبرات من عينيها فأسرع ريان بتقبيل يديها ووضع رأسها علي صدره وأطلق العنان لعبراته في الانسدال دون رأفة :-
, _ أنا آسف مش قصدي اضايقك بس عشان خاطري بلاش تتكلمي عن اي حاجة ليها علاقة بالموت!
, _ شارك كليهما البكاء وكلما مر الوقت عليهم يشد ريان بقبضته عليها كأنه يريد تخبئتها داخله لكي لا يأخذها الموت منه ، شعرت عنود برجفة جسده أسفل رأسها فابتعدت عنه وتفاجئت بتحول لون عينيه وكأنما انفجرت عروقهم ، ابتلعت ريقها بتوجس وتسائلت بقلق :-
, _ ريان انت٣ نقطة
, _ صمتت عنود من تلقاء نفسها حينما هرول ريان الي الخارج ، فتح باب المنزل وتفاجئ بوقوف هالة خلفه كادت أن تطرقه لكنه كان أسرع وفتحه هو ، خفق قلب هالة بتوجس شديد حينما رأت دموع ريان ناهيك عن حالته المذرية التي تراه عليها لأول مرة وقبل أن تدلي بسؤالها عن عنود كان قد اختفي من أمامها وواصل ركضه بعيداً عن المنزل ..
, _ ازدادت نبضات قلبها متوجسة خيفة من تلك الدموع التي تنهمر بغزارة من عنياي ريان ، سحبت نفساً ونظرت أمامها ثم قرعت الجرس وولجت الي الداخل باحثة عن صديقتها ، قابلتها عنود في منتصف الردهة ولم تترك أي مجال لسؤال هالة فقد عانقتها بقوة هذيلة عكس عناقها المعتاد عليه
, _ لم يكن هناك داعي للسؤال فلقد تأكدت هالة من وجود خطب ما بينهم حتماً خطب كارثي حتي يكون كليهما علي تلك الحالة المذعورة
, _ هدأت هالة من روع صديقتها وجلسن علي الأريكة وتعمدت هالة ألا تترك يد عنود لكي تكون عون لها فيما تجهله ، تنهدت ببطئ وأردفت متسائلة بقلق :-
, _ اهدي وفهميني حصل ايه لكل العياط ده ؟
, _ رفعت عنود عينيها علي هالة ولازالت تنسدل القطرات منها ورددت بصوت خافت موجوع :-
, _ أنا عندي كانسر ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ توقف ريان عن السير عندما عارضت طريقه سيارة أحدهم ، رفع بصره عليها ونفخ بضجر بائن حينما وقع بصره علي هاجر وزوجها ، اقترب كليهما منه وأسرعت هاجر بالقول :-
, _ قلبي عندك يا حبيبي
, _ رمقها ريان بغضب شديد لو كان شخصاً لحرق الأرض بمن عليها ، استشفت هاجر غضبه وأسرعت مبررة :-
, _ أن شاء**** نلاقي حل
, _ أضاف علي علي حديث هاجر قائلا بنبرته الهادئة :-
, _ واحد صاحبي دكتور ممتاز في معهد الاورام كلمته وقالي هات لي التحاليل اشوفها وهيقولنا نعمل ايه بالظبط ..
, _ طالعه ريان لبرهة وكأنه يريد التعلق بأضعف الحبال ربما يوجد بها الشفاء ، اكتفي بهز رأسه بإيماءة خفيفة ثم أولاهم ظهره وعاد الي المنزل بينما عادت هاجر وزوجها الي السيارة فأسبق ماهر بالسؤال :-
, _ وافق يا علي ؟
, _ أجابه علي وهو يدعس علي محرك السيارة :-
, _ وافق يا حج أن شاء**** خير
, _ عاد ريان إلي المنزل وولج داخله ، سمع بكائها الذي يؤلم قلبه بل وكل انش به يتقطع إرباً كلما تخيل عدم وجودها في حياته ، اقترب منها بخطي متمهلة ثم جلس القرفصاء أمامها وأمسك يدها ووضع قبلة داخل كفها وأردف وهو يطالع بندقيتاها اللامعة :-
, _ لعل الخير يكمن في الشر
, _ تفاجئت عنود بجملته وأعادت تفكيرها في كل شئ من بينهما حزنها بدون سبب ، هذا قدر **** وقدره لا عليها سوي تقبل الأمر بل وتستقبله بصدر رحب لكي تغادر الدنيا دون تحمل ذنب عدم رضاها عن مرضها ، الأمر صعب لا نقاش لكن ربما الخير يكمن في الشر كما سبق واخبرت ريان ..
, _ ابتعدت عن حضن هالة التي التزمت الصمت منذ علمها بمرض صديقتها ، فقط تربط علي يدها بقوة كأنها تقول لا ترحلي فالوقت باكرا لازلت أريد خوض المزيد من التجارب معكِ ، بينما عانقت عنود ريان وأردفت بنبرة حنونة :-
, _ عندك حق
, _ قبلها ريان من وجنتها ونهض لكي يجلب التحاليل الخاصة بها كما تعمد إخفائها عن مرأي عينيها واردف قبل أن يغادر :-
, _ هروح مع علي مشوار سريع وهرجع علي طول
, _ هزت عنود راسها بينما وجه ريان بصره علي هالو وهتف :-
, _ ممكن تفضلي جنبها علي لما أرجع!
, _ اكتفت هالة بإيماءة خفيفة من رأسها فغادر حينها ريان وركب مع علي سيارته بينما فضلت هاجر انتظار عودتهم بصحبة عنود ..
, _ عند الطبيب ، بعدما فحص التحاليل بعناية واعاد تكرار قرائتها لأكثر من مرة بأمر من ريان ، وضع الأوراق أمامه علي طاولة المكتب واردف بعمليه :-
, _ أنا متفاجئ يجماعة أن الحالة دي لسه علي قيد الحياة التحاليل بتأكد أن الكانسر اتمكن من خلايا المخ والمفروض حياتها تكون أنته٤ نقطة
, _ هب ريان واقفاً وصاح به هدراً وهو يضرب المكتب بكل ما أوتي من قوة :-
, _ اخرس! انت بتقول ايه ؟ ايه اللي انت بتقوله ده انت دكتور متخلف وظلمك اللي دخلك طب
, _ تفاجئ الطبيب من هجومه ناهيك عن إهانته التي تعدت حدود الوقاحة ونهض هو الآخر وهتف بعصبية :-
, _ مسمحلكش تتكلم معايا بالاسلوب ده انت فاهم واحترم نفسك انت مش بتكلم بلطجي أنا دكتور محترم وليا اسمي!
, _ ربت علي علي كتف ريان وردد بنبرة خافتة :- استهدي ب**** يا ريان إحنا عارفين الكلام اللي هو قاله ده احنا هنا عشان نشوف لو في حل نعمله ..
, _ أسرع الطبيب بالحديث وهو يطالع علي بغيظ :-
, _ مفيش حل للحالة دي ، دي خلصانة خالص
, _ أوصد علي عينيه بعصبية عندما هتف الطبيب بتلك الكلمات وحاول أن يشد علي ذراع ريان لكنه تحرر من بين قبضتيه وأسرع نحو الطبيب ، جذبه من تلابيب ثوبه وصاح به بصوت مرتفع ملئ بالغضب الممزوج بالألم :-
, _ انا اللي هنهي حياتك عشان الناس تعرف انك دكتور غبي ومش فاهم شغله
, _ حاول الطبيب أن يحرر نفسه لكنه فشل ، حاول علي اختراق يد ريان الي أن نجح وشكل حاجز بينهم ودفع ريان بعيد عن الطبيب واردف :-
, _ يلا نمشي هنشوف دكتور تاني
, _ رد عليه الطبيب بعصبية :-
, _ هتروحوا لأي دكتور هيقول نفس الكلام الحالة منتهية!
, _ فغر علي فاهه بصدمة لوقاحته ، استدار بجسده إليه وهو يسحق أسنانه بغضب شديد وانقض عليه ولم يشعر بيده التي تتسابق في لكمه بكل قوته وهتف :-
, _ لا ده انت تستاهل اللي يجرالك بقا ..
, _ كفاية..
, صدح صوت ماهر في أرجاء الغرفة فتوقف اثرها علي وطالعه بندم بينما واصل ماهر حديثه حينما شعر بالهدوء قد عم المكان :-
, _ إحنا جاين نضرب الراجل في عيادته يلا نمشي فضحتونا
, _ رمق علي الطبيب بنظرة احتقارية مشتعلة ثم بصق علي الأرض لعله يفرغ شحنة غضبه التي لازالت تحثه علي مواصلة لكمه لكن حسناً ليس الآن ، التفت بجسده باحثاً عن ريان الذي اختفي صوته وتفاجئ بجلوسه علي الأريكة الجلدية واضعاً كفوقه أمام وجهه ويبكي في صمت ، أسرع نحوه وجلس بجواره وربت علي كتفه ، حاول أن يهون عليه لكن هربت الكلمات من علي لسانه فأي كلمات ستهون عليه مصيبته؟
, _ يعني مفيش اي أمل خالص ؟
, هتف بهم ريان بنبرة تتشبث بأي بأمل يزهر قلبه من جديد ، اشفق الطبيب علي حالته واجابه مختصراً كما حاول انتقاء كلماته بعناية حتي لا يزيد من ألمه :-
, _ في الطب للأسف مفيش ، لكن عند **** فيه امل ادعي لها تحصل معجزة!
, _ رفع ريان رأسه ورمق الطبيب لبرهة ثم نهض ودلف الي الخارج بخطي غير مستقيمة ، السير يصبح أثقل وأثقل في كل خطوة يخطوها ، ماذا يحدث لك أيها الرجل ؟
, _ لم يستطيع السير لأكثر واستلقي بجسده علي الدرج ، كاد علي أن يجلس بجواره لكن أسرع ماهر بمسك يده فاستشف علي ما يرمي إليه العم ماهر ، ساعده علي الجلوس بجانب ريان ووقف هو في الخلف ..
, _ ربت ماهر علي قدم ريان يأزره في محنته واردف :-
, _ مفيش حاجة هتهون عليك أنا عارف بس الدكتور قال حاجة حلوة اوي يمكن انت مركزتش فيها ' ادعي لها ' ، الامل دايما موجود لان **** موجود ، سبحان من أمن موسي في التابوت ونجي يونس في بطن الحوت ورفع السموات بغير عمدٍ قادر أن يشفي لك مراتك بس انت قول يارب
, _ وضع ريان رأسه علي كتف والده وردد بنبرة منكسرة :-
, _ يارب
, _ رفع ماهر يده وملس علي وجه ريان بحنو واردف :-
, _ قول يارب وخليك واثق من جواك أن **** قادر علي كل شئ ظن في **** خير وهو هيراضيك بإذن لله
, _ سحب ريان نفساً عميق ثم قبل جبين والده أسفل نظرات علي المشفقة علي حالته ثم غادر كلاهما المكان عائدين الي منزل ريان المستأجر ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ دلف الي منزله مهرولاً يبحث عن زوجته لكي يخبرها بما علمه منذ قليل ، وقف أمامها وهي مستلقية علي الأريكة تمعن النظر في هاتفها ، التقط هاني أنفاسه وألقي حديثه دفعة واحدة :-
, _ مرات ريان عندها سرطان!
, _ لم تبدي رنا اي تأثر لحديثه كأنها لم تنصت لما قاله ، واصل هاني حديثه قائلا بنبرة نادمة :-
, _ بيقولوا حالتها صعبة اوي أنا لازم أرجع لريان حقه لازم يلحق يعالجها و..
, _ صمت هاني حينما اندفعت رنا به وهي تنهض من مكانها :-
, _ فكر مجرد تفكير أنك ترجع له اي حاجة وصدقني هتشوف وش عمرك ما شوفته أولها أنا هختفي من حياتك وآخرها هلبسك أي تهمة تقضي بيها بقيت عمرك في السجن واخوك يبقي برا بيتمتع بالفلوس وانت جوا بتتقهر علي تفكيرك الغبي ده!
, _ لوهلة شعر هاني بالخوف يتسلل داخله ، لكن شعور قوي يحثه علي مواصلة ما نوي فعله فأردف بنبرة متوسلة :-
, _ بس دي ممكن تموت لو معرفش يعالجها ممكن تـ٣ نقطة
, _ قاطعته رنا بحدة وصاحت به هدراً :-
, _ ما تموت انت مالك بيها كنت انت اللي جبت لها المرض **** كاتب لها كده انت مالك ، هاني دي اخر تتكلم في الموضوع ده واه تعملي توكيل عشان مش كل ما هطلب حاجة لازم أرجع لك الاول !
, _ أنهت كلماتها الآمرة وتركته يقف بمفرده وولجت داخل غرفتها تلعن سذاجته المفرطة ، جلست علي طرف الفراش وسحبت نفساً عميق لكي تهدئ من روعها ثم فتحت هاتفها وابتسمت بخبث حينما راودتها فكرة شيطانية وبدأت في تنفيذها علي الفور ..
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ اهتز هاتفا معلناً عن وصول رسالة ما ، أمسكت عنود بالهاتف بفتور شديد ، جحظت عينيها عندما وقع بصرها علي الكلمات الفظة المدونة داخلها
, [ انتي اللي هتموتي وانا اللي بقياله متقلقيش هاخد بالي عليه كويس جدا موتي وانتي مرتاحة ]
, _ شعرت عنود بغصة مريرة في حلقها فتسببت في سعالها ، أسرعت هالة بجذب المياه وساعدتها في ارتشافها إلي أن هدأت قليلاً ، لكن لازالت نبضاتها تخفق بشدة كما لم يتوقف صدرها علي الصعود والهبوط بصورة واضحة للجميع
, _ ضمتها هالة إلي حضنها برفق وظلت تمتم ببعض الكلمات الطيبة :-
, _ اهدي كل حاجة هتكون كويسة بإذن **** ..
, _ طرق ريان الباب ثم ولج الي الداخل مباشرةً لم يطيق الإنتظار لرؤيتها ، تفاجئ بوضعها الذي لم يفهم سببه ، أسرع خطاه نحوها وأردف سؤاله باهتمام :-
, _ ايه اللي حصل ؟
, _ أسرعت عنود بالإجابة عليه لكي لا تخبره هالة عن الرسالة وأردفت :-
, _ أنا كويسة مفيش حاجة بس محتاجة انام ..
, _ أماء ريان رأسه علي الرغم من عدم اقتناعه بالأمر ، ساعدها علي النهوض ودخول الغرفة ، استلقت هي علي الفراش بتعب فدسر ريان الغطاء أعلاها ثم أغلق الإضاءة ودلف الي الخارج ، طلب منه والده أن يتحدث معه علي انفراد فلبي طلبه وأخذه الي غرفة الضيافة وجلس سوياً ..
, _ حمحم ماهر بحرج بائن اسشتفه ريان فتسائل ريان بحرج خشية أن يطلب منه شيئاً ليس في مقدرته فعله :-
, _ محتاج حاجة يا حج ؟
, _ هز ماهر رأسه وأردف :-
, _ أنا عارف إن مش وقته الكلام ده بس انا عايز اقعد معاك هنا وقبل ما تسأل محصلش حاجة وعلي شايلني من الأرض شيل **** يكرمه ، بس انا مش مرتاح وحاسس اني ضيف تقيل وجوز بنتي مش ملزوم بيا و..
, _ قاطعه ريان وردد بحزن رُسم علي تعابيره :-
, _ أنا فاهمك يا حج بس انا مش هقدر اوفرلك لا آكل ولا شرب والاهم منهم العلاج!
, _ أجابه ماهر بنبرة حزينه :-
, _ ولا يفرق لي كل دول قصاد اني اكون مرتاح ومش عايش عالة علي حد وبعدين يابني لو مش عايزني خلاص ..
, _ أسرع ريان في الرد عليه موضحاً طيب نواياه :-
, _ لو مشالتكش الأرض أشيلك فوق راسي يا حج بس انا بتكلم في وضع هيتعبني أنا ، لما مقدرش اوفر لك علاجك واقعد اتفرج عليك وانت تعبان يبقي انت كده بتموتني بالبطئ
, _ أخرج ماهر تنهيدة بطيئة تحمل الهموم بين طياتها واردف :-
, _ ربك يدبرها يابني بس انت وافق وشيل الحِمل ده من علي قلبي ..
, _ ربت ريان علي فخذ والده واردف بحنو :-
, _ البيت ينور بوجودك يا حج!
, _ إلتوي ثغر ماهر بإبتسامة عريضة تعبر عن مدي راحته التي شعر بها لتوه علي عكس ريان الذي تنهد بعدم راحة لتلك المسؤلية التي وقعت علي عاتقه ، فلم يحين وقتها بعد ؟
, ٤٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ صباحاً ، استيقظت عنود وهي تتثائب بكسل ، بحثت بعينيها عن ريان في الغرفة لكنها لم تجده ، كادت أن تدلف الي الخارج لكن توقفت حينما رأت طيف صورتها في المرآة ، توجهت نحوها بخطي متمهلة ووقفت أمامها تطالع خصلاتها بحزن ، هل ستقع ؟ أم سترحل قبل أن تتحسر حزناً علي خصلاتها التي ستتساقط من رأسها رغماً عنها ؟
, _ كفكفت عبراتها التي انسدلت واستدارت بجسدها حينما شعرت بدخول ريان ، شهقت بصدمة حينما رأته علي تلك الحالة ، خفق قلبها بحزن عارم لفعتله التي صدمتها ، اقترب منها ريان وانحني ليكون في نفس مستوي طولها ووضع قُبلة علي طرف شفاها وأردف مُشكلاً ابتسامة :-
, _ صباح الخير
, _ تنهدت بحرارة ورددت معاتبة إياه وهي تطالع رأسه الحليق :-
, _ ليه عملت كده ؟
, _ أجابها ريان مختصراً :-
, _ أقل حاجة ممكن اقدمها ليكي!
, _ وضعت عنود كفها علي فمها وجهشت في البكاء ، أسند ريان جبينه علي جبينها واردف :-
, _ بلاش عياط عشان خاطري!
, _ رفع يدها الموضوعة علي فمها ووضع قبلاته عليها وهو يردد :-
, _ هنعدي كل حاجة مع بعض!
, _ تعلقت عنود في عنقه وعانقته بكل ما اوتيت من قوة كما حاوط ريان خصرها وشد عليه يريد فقط تخبئتها داخله ، سحب نفساً واردف بنبرة متحمسة :-
, _ يلا عشان نفطر ونروح الكلية مع بعض!
, _ ابتعدت عنه وطالعته بغرابة ورددت حديثه بعدم فهم :-
, _ مع بعض!
, _ أماء رأسه وأردف :-
, _ كفاية دلع لحد كده ونشوف مستقبلنا بقا ..
, _ كادت أن تعارضه لكنه وضع إبهامه علي فمها وقال :-
, _ مش عايز اي اعتراض يا باشمهندسة اتفضلي يلا عشان منتأخرش ..
, _ تركها ودلف الي الخارج يلتقط أنفاسه التي انحشرت داخله لكي يقف أمامها صامداً لا يعبأ لمرضها ، أوصد عينيه يحاول جاهداً الصمود كما كان يلبس ثوبه منذ قليل ، ابتلع ريقه وأحضر فطور سريعاً ثم أيقظ والده الذي ترأس الطاولة بينما جلس ريان بجواره بعدما وضع المقعد استعداداً لجلوس صغيرته عليه مباشرةً لكي لا تتعب حتي وان كان التعب بسيط ،
, _ دلفت عنود وتفاجئت بوجود العم ماهر ، تقوس ثغرها بإبتسامة عندما رأته واقتربت منه مرحبة به بحفاوة لم يتوقعها ريان بل ظن أنها ستعترض وجوده أو ربما تبدي انزعجاها من عدم إخبارها بمكوثه في منزلهم كما كانت ستفعل أي امرأة غيرها ..
, _ تنهد ماهر براحة حينما رحبت به عنود وكأن المنزل يعود إليه ، شاركتهم تناول الطعام مع بعض الحديث ثم استأذن ريان من والده وهم بمغادرة المنزل لكي يلحق ميعاد جامعتهم ..
, _ فتح باب المنزل وتفاجئ بوجود دينا وصغيرته جني مع بعض الحقائب الضخمة ، ألقي ريان نظرة سريعة عليهم ثم ردد بتعجب :-
, _ دينا!
, _ سحبت دينا نفساً عميق وألقت بالحديث دفعة واحدة قبل أن تتراجع عن ما نوت فعله :-
, _ أنا موافقة اقعد معاك هنا ..
, _ لم يدري ريان اي مشاعر عليه أن يشعر بها الآن ، أعليه ان يشعر بالسعادة لكون عائلته قد تجمع شملها أم عليه الضجر لأنه ليس بحين تجمعهم الآن!
, _ تقوس ثغره بإبتسامة لم تتعدي شفاه وقبل أن يبدي رأيه وجه بصره نحو عنود التي لم تدري ما عليها فعله في تلك الأثناء ، هل عليها إبداء موافقتها علي مشاركة امرأة أخري بزوجها التي سبق واقترحت هي مشاركتها فيه فعلياً ، أم ترفض وليحدث ما يحدث ، تريد التراجع عن اقتراحها تريد سحبه وعدم قوله من الأساس ،
, _ فقط يجدر عليها الترحيب بها لا تملك سوي ذلك ، هزت راسها مبدية موافقتها فقال ريان وهو يحك مؤخرة رأسه :-
, _ ادخلي انا هوصل عنود الجامعة ولما أرجع نشوف الحياة هتمشي ازاي!
, _ اكتفت دينا بإيماءة خفيفة من رأسها ، ساعدها ريان علي إدخال الحقائب ثم ودع صغيرته جني واغلق الباب ، ولم يخطو خطوة بعد الا ورأي طيف هالة تأتي علي مسافة قريبة منهم ، أزفر أنفاسه بضجر فهو يريد ان ينفرد بحبيبته قليلاً دون دخلاء ، استشفت عنود أن هناك أمراً يزعجه لكن لم تستطيع سؤاله فكان وصول هالة أسرع منها
, _ صباح الخير
, ألقت هالة عليهم التحية فأجاباها معاً ثم واصل ريان مضيفاً بضجر بائن عندما رأي سيارة يحيي تقترب منهم :-
, _ يا ****! كملت ..
, _ ترجل يحيي وتوجه نحوهم بخطي ثابتة وهو يتعمد عدم النظر إلي عنود فالأمر قد كشف لهالة ويصعب عليه الآن النظر إلي ماكان يستمتع به ..
, _ كانت تتابعه هالة بتفحص واهتمام شديد ، وعندما رأته يتجاهل عنود قد طرب قلبها فرحاً ، تلك بداية الطريق الي مساعدته في نسيانها أو ربما بداية الطريق للإنتباه إليها ..
, _ قطع ذاك الصمت صوت ريان عندما أردف بنبرة هادئة لكنها صارمة ويكاد تكون أمرة :-
, _ وصل هالة يا يحيي في طريقك أنا هتمشي مع عنود ..
, _ وقبل أن يعترض أحدهم أمسك ريان بيد عنود وغادرهم ، رفعت هالة بصرها علي يحيي بحياء عندما لم يعود هناك سوي كليهما فتفاجئت به يطالعها ، خفق قلبها بشدة وازدردت ريقها بتوتر وهربت بعينيها بعيداً عنه ، تنهد يحيي وردد مختصراً :-
, _ إركبي ..
, _ تركها وركب سيارته أولاً فتبعته هي وركبت بجواره ثم انطلق بسيارته متجهاً الي الجامعة ،
, _ إحنا هنعيش ازاي في بيت واحد ؟
, تسائلت عنود باهتمام فأجابها ريان بعد مدة :-
, _ مش عارف!
, _ توقفت عنود عن سيرها واستدارت بجسدها ورفعت رأسها نحوه وأردفت بنبرة مهزوزة :-
, _ دينا لما اتاكدت أنها هترجع تكون الوحيدة اتنازلت وجت تعيش معاك..
, _ حمقاء! لا تعلم ماذا فعلت هي بجملتها تلك ، لا تدري انها حطمت قلبه الذي يحاول هو جاهداً بألا يتبعثر الي أشلاء ، أوصد ريان عينيه بغضب معانق للألم الذي لم يشعر به من قبل ، أخرج تنيهدة بطيئة ثم فتح عينيه واقترب منها ضمها برفق الي حضنه ولم يمنع عبراته التي انسدلت رغماً عنه ..
, _ اهتزت عنود بشدة حينما شعرت برجفة جسده المحاوط لجسدها ناهيك عن شعورها بالندم لكونها تبادر دوماً في إلقاء الكلمات التي تؤلمه لكن حقاً لا تقصد ، إنها فقط تفكر بما يدور في رأسها بصوت عالٍ ..
, _ لكن حسناً ربما يجب عليها عدم إدلاء كل ما يخطر ببالها فقط من أجله!
, _ ابتعدت عنه وأردفت بنبرة نادمة :-
, _ sorry مش هتكلم كده تاني..
, _ رمقها ريان بنظرات معاتبة يلومها علي ما قالته لكن لا يملك حتي معاتبتها الآن سيتحلي بالصبر إلي أن يربط **** علي قلبه ، سمح لاصابعه أن تتخلل بين فراغ يدها وتملئها ثم واصل سيره في صمت طال إلي وصولهم إلي الجامعة .
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44 و wagih
نسوانجي كام أول موقع عربي يتيح لايف كام مع شراميط من أنحاء الوطن العربي
٣٥


دلف ريان خارج المدرج لكي يقوم بتغير وضع دراسته ويقوم بالبدء علي الفور ، قابل صديقه ايهاب في منتصف أحد الممرات ، تقوس ثغره بإبتسامة متهكمة حينما لم يعلم صديقه بهويته وأردف :-
, _ انت مش عارفني؟
, _ فغر ايهاب فاهه بدهشة وردد بعدم استيعاب :-
, _ ريان! ايه ده يابني انت عملت في نفسك ايه ؟
, _ ازدادت ابتسامة ريان ورفع يداه للأعلي كما رفع كتفيه وردد :-
, _ حال الدنيا يا صاحبي..
, _ وجه ايهاب بصره علي الفتاة الواقفة بجواره واردف وهو يشير بيده نحوها :-
, _ سلمي خطيبتي ، ريان صاحبي
, _ رحب ريان بها ثم استأذنت هي وغادرت بينما قال ريان :-
, _ أخيراً خطبت!
, _ ارتفعت ضحكات ايهاب وأجابه بمزاح :-
, _ لو حضرتك كنت بتسأل كنت عرفت وجيت كمان ، الموضوع من فترة بسيطة هي طالبة عندي في الجامعة آخر سنة ليها هندسة ، إوعي تقولي صغيرة عليك والكلام اللي مش بسمع غيره ده!
, _ قهقه ريان عالياً وأجابه عندما اقتحمت صغيرته تفكيره :-
, _ مراتي أصغر منها عادي!
, _ ضيق ايهاب عينيه علي ريان وردد بعدم استيعاب :-
, _ مراتك أصغر منها ازاي ؟
, _ رفع ريان حاجبيه وأردف بتهكم وهو يشير إصبعيه :-
, _ الجوازة التانية..
, _ بالتأكيد يمزح ، طالعه إيهاب لبرهة في محاولة منه علي تصديق الأمر وهتف :-
, _ انت تغيب عننا سنة وترجع لنا بجوازة تانية ، بتهزر صح؟
, _ ريان!
, _ نادت عنود بصوتها الأنثوي الرقيق ، استدار ريان إليها واردف بقلق :-
, _ انتي كويسة ؟
, _ أماءت عنود رأسها وأردفت بحرج بائن بسبب نظرات إيهاب المعلقة عليها :-
, _ قلقت لما لقيتك واقف مكانك مش بتتحرك
, _ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة وعاد ببصره علي إيهاب واردف :-
, _ إيهاب صاحبي ودكتور هنا في الجامعة ، عنود مراتي!
, _ لم يعقب إيهاب علي حديث ريان وظل يطالعهم بدهشة فأطلق ريان قهقهته علي حالته وأردف موجهاً حديثه الي عنود التي استشف خجلها بسبب نظرات إيهاب :-
, _ ارجعي انتي مدرجك عشان متتأخريش علي محضرتك
, _ أماءت رأسها بطاعة ثم عادت إلي مدرجها بينما صاح إيهاب :-
, _ لا انت تيجي تحكيلي كل اللي فاتني في السنة اللي اختفيت فيها عشان في حوارات كتير عليا استوعبها
, _ ارتفعت ضحكات ريان واصطحبه إلي الخارج ومكث كليهما في مقهي الجامعة وبدأ ريان يروي سبب اختفائه عن جميع أصدقائه وكم من الأعباء وقعت علي عاتقه إلي يومنا هذا ..
, _ أنهي ريان حديثه قائلا :-
, _ دي كل الحكاية ، ها هتساعدني أكمل هنا ولا اروح للمدير لوحدي؟
, _ أجابه إيهاب بصدر رحب :-
, _ أكيد هاجي معاك
, _ ابتسم له ريان بإمتنان ونهض كليهما قاصدين مكتب مدير الجامعة ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, سحبت نفساً عميقاً وأردفت وهي ترمقه بغرابة من أمر صمته الذي طال لمدة وصولهم إلي الجامعة :-
, _ الزعل ده عشان عنود ؟
, _ التفت يحيي إليها واردف بنبرة سريعة :-
, _ أكيد لأ
, _ ضاقت عيناي هالة عليه متعجبة من إجابته فتابع هو حديثه مبرراً :-
, _ أكيد يعني زعلان عليها ومش هزعل ليه ؟
, _ هزت هالة رأسها ثم ترجلت من السيارة دون أن تردف حرف آخر كما ترجل يحيي بعدما صف سيارته واقترب من أصدقائه ورحب بهم بحفاوة ناهيك عن مزاحه الذي وقه علي مسامع هالة التي كانت تقف علي بعد منه تراقب تصرفاته المبهمة اليوم ..
, _ تنهدت بضجر لكونها لم تستطيع تفسير أمره وعندما لم تجد هناك امل لفهمه غادرت لكي تلتحق بمحاضراتها ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ انتهي اليوم الأول لريان بحماس كبير قد شعرت به عنود ، بادلته ابتسامة صافية مبدية سعادتها بأول خطوة في مستقبله لطلاما حلم به وتمناه كثيراً ، تفاجئ كليهما بهطول الأمطار التي أشتدت في النزول تدريجياً إلي أن امتلئت الشوارع بالمياه ،
, _ شد ريان علي ذراعها لكي يختبئَ بعيداً لكنها أبت ووقفت في منتصف الطريق فاتحة ذراعيها في الهواء وأردفت بسعادة غامرة :-
, _ المطر ده بركة ، ادعي بأي حاجة نفسك فيها ..
, _ لم يستطيع ريان التحدث فقط ظل يطالعها بنظرات تحمل من الألم قدراً كبيراً ، خرج من شروده علي صوتها وهي تنادي ربها قائلة :-
, _ يارب عايزة أعيش يارب..
, _ ترقرقت العبرات من عيناي ريان واقترب منها ورفع يديه الي الاعلي وهتف بصوت مرتفع :-
, _ يارب عايزها تعيش ، عايزها جنبي ومتسبنيش!
, _ جهشت عنود في البكاء وألقت بجسدها بين أحضانه ، شاركها ريان البكاء وهو يربت علي ظهرها بقوة وهمس قائلا بنبرة خافتة حنونة :-
, _ بحبك
, _ ابتعدت هي عنه وطالعته بأعين لامعة وأردفت وهي تتلمس شفتاه :-
, _ أنا بحبك قد كل نِعم ****!
, _ إلتوي ثغره بإبتسامة عذبة وأردف :-
, _ هنبدأ كيمياوي من النهاردة
, _ أخفضت رأسها في حزن وأردفت :-
, _ الدكتور قال مفيش فايدة ..
, _ وضع ريان يده علي ذقنها ورفع وجهها نحوه وتابع حديثه بإصرار :-
, _ لو في امل ولو ١٪ بأنك تكوني كويسه هجبرك تاخديه!
, _ مالت عنود برأسها علي يده الموضوعة علي وجنتها واوصدت عينيها مستكينة بلمسته الخشنة أسفل وجهها إلي أن توقفت الأمطار عن الهطول ، مرر ريان بصره علي الطريق وعندما رأي ظهور البعض أبتعد عن عنود وهتف :-
, _ يلا نرجع نغير هدومنا اللي غرقت دي ونروح المستشفي ..
, _ تعلقت عنود في ذراعيه كالطفلة وعادا إلي المنزل سيراً مستمتعين بتلك البرودة التي تغلغل ثيابهم المبتلة ، بينما وقفت هالة تراقب يحيي بعدما ودعت عنود ، عزمت أمرها ان تتحدث معه وتعلم حقيقة اللامبالاة التي يتعامل بها منذ الصباح ، أليس عليه الحزن علي من زعم بحبه لها ، إذاً ما الذي يحدث له ؟
, _ سارت نحوه بخطي مهرولة والغضب يتملك منها ، وقفت أمامه وصاحت به بنبرة محتقنة :-
, _ ممكن افهم ايه البرود ده ، البنت حالتها صعبة وكلنا مهمومين عشانها وانت قاعد تضحك مع ده وتهزر مع ده كأن مش فارق معاك!
, _ أزفر أنفاسه بضيق شديد واجابها بفتور :-
, _ المفروض أكون كده فعلاً بس حاسس اني عادي يعني هو اكيد زعلان بس عادي فاهمة حاجة؟
, _ بعد خمس دقائق من تحديق هالة له أردفت أفكارها بصوت عالٍ :-
, _ ده مش حب يا يحيي ده تملُك!
, _ إلتوي ثغر يحيي علي الجانب مبدي عدم فهمه لحديثه وردد :-
, _ تملُك!
, _ أماءت هالة برأسها مؤكدة ما قالته وأضافت :-
, _ أنت حبيت تتملكها مش اكتر ، من الاخر استكرتها علي أخوك..
, _ عقد يحيي حاجبيه بغرابة مستنكراً حديثها وأسرع بالحديث :-
, _ انتي عبيطة صح! ده أخويا مينفعش استكتر حاجة عليه
, _ أطلقت هالة ضحكات ساخرة وهي تجوب المكان ببصرها ثم رمقته بازدراء :-
, _ لكن تحبها عادي!
, _ أزفرت أنفاسها بضجر بائن ، ابتعلت ريقها وهتفت بحنق :-
, _ انت عشان تعرف الفرق بينهم لازم تشغل نفسك ، وهما حاجتين مفيش ليهم تالت يا هتكمل في حياتك ومش هتفرق لك او هتتأكد من مشاعرك وفي الحالتين لازم تنساها وتبعد عشان دي ملك راجل..
, _ صمتت هالة وهي تطالعة بنظرات تحمل من العتاب واللوم قدراً واقتربت بخطاها منه وواصلت حديثها قائلة :-
, _ والراجل ده أخوك!
, _ ابتلع يحيي ريقه بصعوبة ، شعر بحبات عرقه تغزو جبينه علي الرغم من برودة الطقس ، حسناً سيعترف بأنها نجحت في إحراجه بل في دفنه تحت الرمال ، كم يشعر بعُري أخلاقه الآن ، هل يكِن فعلاً مشاعر لإمراة أخيه ؟
, _ لم يعقب أحدهم للحظات ، استدرات هالة وأولاته ظهرها وسارت بضعة خطوات فأسرع يحيي في منادتها بنبرة مهزوزة :-
, _ هالة
, _ خفق قلبها بشدة وكأنه قال بيتاً من الشعر وليس فقط نطق حروف إسمها ، سحبت نفساً عميق واستدارت إليه في انتظار سماع ما يريد إخبارها عنه ، اقترب منها يحيي واردف :-
, _ ينفع اشغل نفسي معاكي؟
, _ وقعت كلماته علي مسامعها فتسببت في حدوث ضجة قوية في ضربات فؤادها من تلك السعادة المتدفقة في الادرينالين المندفع في شرايينها ، صمت ساد للحظات ولم تعقب ، ثم رفعت بصرها عليه وابتسمت بعذوبة لطيفة ، أراحه تلك الابتسامة ، فقط تكفيه وإن لم تفعل سواها ٣ نقطة
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ توقفوا عن السير عندما وقع بصرها علي منصور وياسر الواقفين أمام منزلهم ، التفتت عنود ونظرت إلي ريان تأخذ إذناً صريح منه علي محادثتهم ، أبدي ريان موافقته بإيماءة خفيفة من رأسه فعادت هي تنظر إليهم ثم سحبت أكبر قدر من الأكسجين وسارت نحوهم بخطي متمهلة ..
, _ لا يوجد شعور أقوي من الارتباك والتوتر الذي تملك منها في تلك الأثناء ، أزدادت نبضات قلبها من المجهول الذي ينتظرها من تلك الزيارة المفاجئة ، وقفت أمامهم دون أن تردف شيئاً ، شعرت بيد ريان تتخلل أصابعها كما يفعل دائما ، أراحها قربه بعض الشئ لكن لازال هناك شعور ضئيل من الخوف ..
, _ اقترب منها منصور وانسدلت منه بعض القطرات واردف بندم :-
, _ سامحيني يا بنتي ، حقك عليا
, _ أخفض رأسه بحزن شديد وواصل حديثه بنبرة متحشرجة :-
, _ عارف ان غلطي ميتغفرش بس **** غفور رحيم ، ارحميني انتي كمان وسامحيني
, _ شعر ريان باهتزار جسدها تأثراً ببكاء منصور ، لم تصمد طويلاً وجهشت باكية هي الاخري وقالت :-
, _ عرفت اني هموت فجيتلي!.
, _ رفع منصور رأسه وقد چحظت عينيه بصدمة وردد :-
, _ لا أبداً انا ناوي أجيلك من مدة بس ياسر كان تعبان وكنت مشغول معاه وحلفت أن أول ما يكون كويس وقادر يصلب طوله هجيبه واجي نستسمحك ، ابني طيب وملوش يد في اللي حصل كله بسببي أنا لو مش هتقدري تسامحيني علي الاقل سامحيه هو ، هو تعبان بسبب تأنيب ضميره من نحيتك ، خليكي أحسن مننا يا بنتي!.
, _ كفكفت عنود عبراتها بأناملها وسحبت نفساً لكي تستطيع التحدث دون عرقلة في نبرتها ، تقوس ثغرها بإبتسامة لطيفة وقالت :-
, _ محدش أحسن من حد يا عمي ، وبعدين أنا مش زعلانة منكم اللي حصل ده كان سبب اني أرجع ألاقي أماني من جديد ، كان سبب اني اعرف اضحك تاني ، كان سبب اني الاقي نفسي ، أحلي حاجة عملتها من غير ما تاخد بالك ، بسببك انت لقيت مصدر سعادتي ، لقيت ريان!
, _ لم يكن هين علي الجميع ما ألقته عليهم ، مشاعر عديدة عصفت بهم لكنها تختلف من شخص لآخر ، فريان خفق قلبه من هول المفاجأة الممزوجة بالحماس ، حقاً دقت السعادة اسارير قلبه وشعر بالامتنان لها ، أنه يريد معانقتها الآن!
, _ علي عكس شعور ياسر تماماً لقد اهتز كيانه بعدما صغي لاعترافها الصريح بحبها لريان ، ربما لم يبلغ ذروة حبه بالنسبة لها لكن مازال يوجد جزء صغير داخله يردد بإسمها وكل حلم قد بناه علي أمل ان تكون زوجته ، لقد تبخر ذاك الجزء الآن..
, _ مزيج من المشاعر داخل منصور ، فالشعور الأول والاقوي من بينهم هو الراحة لكونها لم تبغضه وترفض مسامحته ، وشعور آخر يجبره علي السعادة لكونه يراها سعيدة في حياتها التي هو سبباً فيها ، لكن الشعور الأهم هو حزنه وحسرته علي الأمل الذي يشع من بؤبؤتي والده فلذة كبده طيلة الأيام الماضية ، حتماً تحطم قلبه بعد اعترافها ذاك ، لكن ما باليد حيلة أنه قدر محتوم ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ ولج ريان داخل منزله بصحبة عنود بعدما غادر منصور وياسر ، استقبلتهم دينا بإبتسامة لم يستطيع ريان تفسيرها علي عكس عنود التي استشفت ما يوجد خلفها دون تكلف ، ابتسمت بتهكم وأسرعت داخل غرفتها ، أوصدت الباب خلفها وحاولت التماسك ، لقد وعدت ريان داخلها بألا تؤلمه بحزنها حتي وان كلف الأمر معاناتها ..
, _ تنهدت بحرارة ثم بدلت ثيابها ، نظرت إلي باب الغرفة عندما سمعت قرع أحدهم عليه ، سمحت له بالدخول فتفاجئت بولوج دينا ، كانت اخر شخص قد يخطر علي بالها في تلك الأثناء ، اقتربت منها دينا وأردفت بنبرة حنونة :-
, _ أنا جهزت اكل و٤ نقطة
, _ قاطعتها عنود بسؤالها :-
, _ انتي بتعملي كده ليه ؟
, _ هزت دينا رأسها متصنعة عدم الفهم ورددت :-
, _ بعمل ايه ؟
, _ إلتوي ثغر عنود بإبتسامة باهتة وهزت رأسها مستنكرة تصرفاتها ، أخفضت رأسها وأردفت بأسي شديد :-
, _ لما عرفتي أنك هترجعي لوحدك في حياة ريان قبلتي تعيشي معايا صح!
, _ اتسعت مقلتي دينا بصدمة ، ربما لأن ما قالته صحيح ، تنهدت بضجر وقالت بنبرة متلعثمة :-
, _ لا مش كده بس انا اا٣ نقطة
, _لم تنجح في مجراتها في الحديث وخلق سبباً تقنعها به ، أنها أذكي مما تصورت ، بعد صمت للحظات لم تعقب كلتاهما قطعته عنود بقولها :-
, _ أنا آسفة علي اي وجع انتي عشتيه بسببي يمكن أوقات قدرنا بيكون أصعب من أننا حتي نحاول نستوعبه أو نتعايش معاه ، بس انا كنت لوحدي ريان قدر يملي كل فراغ كان جوايا من بعد وفاة عيلتي المفاجئ ومن بعد رفض عمي ليا ، مكنتش حابة أكون سبب في وجع حد في يوم بس ريان دنيتي كلها ، يمكن الفترة اللي قضيناها مع بعض ضعفية مدة وحجماً بالنسبة للفترة اللي بينكم بس كفيلة تعلقني بيه ، أنا حبيته جدا من قبل ما يقدم لي أي حاجة ، أنا بقولك كده عشان تعرفي علي قد ما انتي موجوعة بسبب جوازه مني علي قد ما انا موجوعة أكتر علي فراقي عنه ، فكرة أنه يكون زعلان عليا وجعاني اوي حبيته لدرجة اني بتمني اعيش بس عشان ميتوجعش لحظة!
, _ جهشت عنود في البكاء ولم تعرف طريق للتوقف ، لم يكن الأمر هين تلك المرة ، لقد أدلت بما تخفيه داخلها ، ازداد ألمها أضعافاً عن ذي قبل ، الآن هي صرحت بكامل قواها عن رفضها لمغادرة الحياة فقط من أجل ريان ..
, _ كانت تطالعها دينا بشفقة كبيرة ، تمنت كذلك أن لا تغادر الحياة حتي وإن لم تحبها يوماً ، لكنها لم تكن سيئة من قبل ولا يجدر بها أن تكون سيئة الآن ، تريد مداوتها لكن لا تملك سوي أن تأزراها بمشاعرها فقط ، فإنها ليست بتلك الشجاعة حتي تحطم الحاجز الذي بينهم فهي بالأخير ضُرتها ليست إلا ..
, _ ولج ريان داخل غرفته وتفاجئ بوجود دينا ونحيب عنود ، كاد أن يفرغ غضبه علي دينا بالتأكيد هي من تسبب في حزنها لكن خطوات عنود كانت أسرع منه ولم يشعر بها إلا وهي تحطم اضلاعه بعناقها القوي الذي لم يدري من أين جائت بتلك القوة ..
, _ حاوط خصرها بذراعه وبالاخر ملس بنعومة علي خصلاتها وردد :-
, _ في ايه يا حبيبي بتعيطي ليه ؟
, _ تراجعت عنود للخلف قليلا وهي لازالت في حضنه وقالت :-
, _ مش عايزة أسيبك أنا عايزة اكون جنبك ..
, _ صعق ريان من جملتها التي ألقتها وطالعها بحزن لا يسعه الكون بأكمله ، أعادها في حضنه واجهش هو الآخر في البكاء دون توقف ، رأت دينا ما لم تراه من قبل ، رأت دموع ريان وأي دموع أنه ألم ينسدل من عينيه وليست فقط دموع عادية ، رأته ضعيفاً لا يرتدي قناع الحدة التي حفظته ، رأت صدق عناقه ومشاعره التي لم تتذوق لذتهم يوماً ، أهذا هو الحب إذا ما الذي كانت تعيش بين جدرانه الأعوام الماضية ؟
, ١٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ داخل المشفي ..
, _ أصر خالد علي إيصال ريان والانتظار معه لحين انتهائهم من أولي جرعات العلاج الكيميائي ، كانت الغرفة مليئة بمحبي عنود وريان ، هاجر من جانب ريان وهالة إلي جانب عنود وآية الي جانب زوجها وأخيراً منصور الذي حرص علي حضوره بجانب ابنة أخيه لكي يشعرها بأنها ليست بمفردها ، هو يمثل جميع أفراد عائلتها الان ولابد من وجوده ..
, _ ولج الطبيب داخل الغرفة بصحبة إحدي الممرضات ، تفاجئ بهذا الكم الهائل الذي يملئ الغرفة ، صاح بهم بنبرة عملية :-
, _ لو سمحتوا مش عايز غير المريضة وبس!
, _ دلف الجميع الي الخارج واحد تلو الأخر إلي أن باتت الغرفة خالية الا من الطبيب وممرضته المساعدة وريان الذي رفض أن يتركها بمفردها ، وافق الطبيب بصحبته فقط بشرط أن يتحلي بالهدوء ..
, _ بدأت الممرضة في تركيب القُنية الطبية في يد عنود ، طُرق الباب ثم ولج طبيب آخر قائلا بمزاح :-
, _ حسام أنا فاضي محتاجني في حاجة ؟
, _ أجابه الطبيب ( حسام ) المتابع لعلاج عنود قائلا بإمتنان :-
, _ لا يا حبيبي شكراً أنا تمام
, _ أماء الآخر رأسه بتفهم وألقي نظرة سريعة علي عنود وتفاجئ بوجودها ، تراجع للخلف عدة خطوات لكن لم يستطيع الهروب وتركها ، عليه أن يدلي بما يعرفه ..
, _ اقترب من عنود وأردف متسائلاً :-
, _ انتي البنت اللي كنتي عندي من كان يوم وقولتلك عندك كانسر من الدرجة الاخيرة صح ؟
, _ اعتدلت عنود في جلستها وأجابته بآسي :-
, _ أيوة أنا
, _ تردد الطبيب كثيراً قبل أن يخبرها بما يخفيه ، لكن ضميره يحتم عليه الاعتراف بذلك المخطط الدنئ ، سحب نفساً وأردف :-
, _ بس انتي كويسة ومش بتعاني من اي حاجة!
, _ ضيقت عنود عينيها عليه بعدم استيعاب بعد بينما قال ريان متسائلاً وهو يتعلق بحبال الامل :-
, _ يعني هي مش عندها كانسر!
, _ أماء الطبيب رأسه نافياً واضاف :-
, _ هي كانت بتعاني من تشنجات عصبية بس في مراحلها الأولي وتتعالج بالعلاج وهتختفي مع الوقت بس..
, _ صمت الطبيب وأخفض رأسه بندم شديد فأسرع ريان نحوه وأمسكه من تلابيب ثوبه وصاح به هدراً :-
, _ انطق بس ايه ؟
, _ آخرج الطبيب تنهيدة بطيئة ثم أردف وهو يبعد يدي ريان عنه :-
, _ في واحدة اسمها رنا جت لي وقالتلي أنها صاحبتها جدا ودايما بيعملوا مقالب في بعض وقالتلي اكتب التحاليل زي ما عرفت المدام ، أنا طبعا رفضت بس هي اتحايلت عليا كتير ، أنا شكيت أن وراها حاجة بس لما فكرت في الموضوع بسبب إصرارها قولت دي حتة ورقة يعني مش هتأذي حد وفعلا عملت التحليل زي ما هي طلبت بس انا لما شوفتها حالياً اتاكدت أنه مكنش مقلب وكان لازم اعرفكم الحقيقة ..
, _ أوصد ريان عيناه في محاولة منه علي استيعاب الأمر ، حقاً أن لطف **** كبير وليس له نهاية ، حمداً لله ..
, _ تفاجئ جميع من بالغرفة بسجود ريان وعنود دون اتفاق مسبق ، ارتفعت أصوات نحيبهم الذي يكسره حمدهم لله ، وقف ريان ولم يستطيع الصمود لأكثر وألقي بنفسه بين يدي عنود بسعادة غامرة لا تسعه ، هو من يحتاج الي المداوة وليست هي ..
, _ ازداد بكاء عنود بسعادة دقت طبول قلبها ، سوف تعيش أكبر وقت الان ، ستفعل كل ما في وسعها لكي ترضي **** ، ستنعم بدفئ عائلة ريان كذلك بصحبة هالة صديقتها ، سوف تستغل جميع الفرص فقط لكي تعيش حياة مليئة بالطمأنينة بين أناس اكتشفت مؤخراً كم هم رائعون!.
, _ أمسك ريان بيدها وشد عليها ونظر الي الطبيب ، تحولت نظراته الحنونة الي غضب يشع من عيناه ارتعب الطبيب منها ، سحق ريان أسنانه المتلاحمة بغضب وصاح به :-
, _ انت إذيت ريان العراقي عارف مين ريان العراقي ، بس اشكر **** ان الوقت ده مش عايز افتكر مين ريان العراقي والا كنت دفنتك مكانك ..
, _ ألقي ريان تهديده ثم دلف الي الخارج بخطي مهرولة غير مستقيمة ، لا يطيق الإنتظار حتي يخبر الجميع بهذا الخبر السعيد ، تعجب الجميع من خروجهم بتلك السرعة كما ازدادت حيرتهم من نظرات ريان وعنود عليهم ناهيك عن الإبتسامة التي تغزو شفاهم ..
, _ اقتربت هالة من عنود وتسائلت بإهتمام :-
, _ في ايه مالكوا ؟
, _ سحب كلاً من ريان وعنود نفساً عميقاً ثم ألقيَٰ بحديثهم دفعة واحدة :-
, _ مفيش كانسر ..
, _ تبادل الجميع النظرات المبهمة فهم لم يستشفوا الأمر بعد ، اتي صوت من خلفهم متسائلا :-
, _ قصدكم ايه ؟
, _ توجهت أنظارهم مباشرة الي صوت يحيي الذي يحفظون نبرته فأجابه ريان بسعادة بائنة :-
, _ الموضوع كان سوء فهم
, _ دهشة جلية تشكلت علي تعابيرهم ، ألجمت المفاجأة ألسنة الجميع لكن قلوبهم تخفق بقوة من فرط السعادة ، ركض الجميع نحو ريان وعنود وتبادلا التهنئة التي أسعدت عنود كثيراً وتأكدت أن عوض **** لها كبير وعظيم ، حمدت **** بداخلها ، تريد البكاء بين يديه لكن لا يسمح لها المكان ، رفعت بصرها علي ريان وهمست قائلة :-
, _ ريان عايزة أرجع البيت
, _ أماء ريان رأسه بموافقة ولازالت ابتسامته مُشكلة علي ثغره ، تفاجئت عنود بانحناءه لم تستشف ما ينوي فعله ، لكنها علمت حينما سبحت قدميها في الهواء ، لم تعترض تلك المرة وابتسمت له بعذوبة بالغة اذابت قلبه تريد فقط أن تتدلل لا اكثر ، حاوطت عنقه بيديها ولم تبعد بندقيتاها عنه أنه فارسها العظيم الذي لم يأتي علي حصان بل جاء بقلب عاشق ..
, _ عاد ريان الي منزله وأخبر والده الذي عانق عنود للمرة الأولي وشد علي ظهرها بقوة قائلا بحنو :-
, _ **** اكبر ، الحمد**** يا بنتي **** يبعد عنك أن سوء
, _ شعرت عنود بحنانه الذي يشبه حنان والدها ، لم تستطيع تمالك عبراتها التي انسدلت رغماً عنها ، بعد لحظات استعادة قوتها وركضت الي المرحاض وتوضأت وشرعت في الصلاة مباشرةً قبل أن تنشغل مرة أخري مع أحدهم ..
, _ استغل ريان فرصة أداء عنود للصلاة ودلف الي خارج المنزل ، انعكست ملامحه إلي الغضب الذي سيحرق الجميع تلك المرة ، لن يكظمه داخله اليوم ، سوف يستعيد كل حقوقه ويُلقن كل من تجرأ وتعدي عليه درساً لن ينساه بحياته ،
, _ لحق به يحيي واردف متسائلا :-
, _ ايه حوار سوء الفهم اللي في التحاليل دا لاني مقتنعتش اوي
, _ كز ريان علي أسنانه بغضب كما برزت عروق عنقه بشدة ونظر إليه وعيناه تنطق منهم الشرار :-
, _ أنا هقلب الدنيا عليهم ، هخليهم يندموا علي اليوم اللي استقلوا بريان العراقي ، هندمها علي اللحظة اللي فكرت فيها تإذيني في مراتي ..
, _ حسناً استشف يحيي الأمر كاملاً وهتف :-
, _ وانا معاك في اللي هتعمله كفاية لحد كده ..
, _ ركب يحيي سيارته ، جلس ريان بجواره وأفكار عديدة مختلفة تخطر على باله ، يرتب انتقامه علي طريقته وأسلوبه ، لا رأفة بعد الآن حتي وان لم يستعيد أمواله فقط يكفيه أنه يأخذ بثأره لكي يفكروا قبل أن يؤذوه في عنود ..
, _ وصلا إلي منطقتهم ، صف يحيي سيارته بإهمال أمام البناية ، ترجل كليهما وكلً منهم ذهب في جهة معاكسة ، نهض حارس البناية ورحب بريان بحفاوة :-
, _ مرحب يا معلم ريان دي الحارة نو٥ نقطة
, _ لم يُكمل جلال حديثه حينما لم يكترث له ريان وواصل صعوده الي الاعلي بخطي مهرولة ، وقف أمام منزل والده الذي يعود لشقيقه الان ، ركل الباب بكل ما أوتي من قوة ، دفع به وكأنما قامت القيامة , لم يتحمل لأن يُفتح له الباب ودفع بقوة غضبه الذي يسيطر عليه إلي أن أوقعه أرضاً
, _ ذعرت رنا من هيئتة التي تؤكد سوء نواياه ، ناهيك عن طريقة دخوله المنزل التي أرعبتها ، وقفت أمامه تطالعه بخضروتاها التي اختفي لونهما تماماً من فرط خوفها ، اقترب منها وصفعها بكل ما أوتي من قوة وصاح بها :-
, _ انتي تعيشيني كل الوجع ده ، لأ عرفتي تدخلي صح عرفتي تعلمي عليا ، بس لا عاش ولا كان اللي يفكر مجرد تفكير أنه علم عليا يا ٥ العلامة النجمية
, _ تراجعت رنا الي الخلف بتوجس ، انسدلت دموعها بغزارة وأردفت بنبرة متلعثمة :-
, _ كل ده عشان بحبك ، عايزاك ترجع لي انا ، مش قادر تفهم من كل اللي بعمله اني عايزاك ، جاي تلومني عشان وجعتك ما انا بتوجع كل يوم وانا جنب راجل مش بحبه ، بتعذب في كل لحظة بشوفك فيها مع واحدة غيري ، بموت بالبطئ وانت مش شايفني وبتتعمد تقلل مني في كل فرصة تقابلك ، لو حد السبب في اللي انت وصلتله يبقي انت مش انا ، انا بحارب عشان حبي ليك لكن انت اناني ومش بتحب غير نفسك ومش مهم الباقي أنا بكرهك ، بكرهك
, _ رنااا
, _ صدح صوته الغاضب الذي هز أرجاء المنزل من شدته ، صعقت رنا حينما رأته يقترب منها بصياحه الذي لا يبشر بالخير ، أسرعت هي بالقول وهي تخفي ذراعيها الظهرتان متصنعة الخجل علي جسدها :-
, _ هاني ، ريان اتهجم عليا ، شوف كسر الباب ازاي شوف٣ نقطة
, _ تلقت رنا صفعة قوية دوت علي وجهها صمتت على أثرها ، رفعت بصرها علي هاني بصدمة جلية ورددت :-
, _ انت بتضربني يا هاني ، بقولك أخوك اتهجم عليا تقوم تضربني أنا!
, _ صرخ هاني بكل قوته فهو لا يتحمل سماع نبرتها التي كان يلهث خلفها سابقاً :-
, _ شششش اخرسي يا قذرة أنا سمعت كل حاجة
, _ عودة قبل قليل _
, _ توجه يحيي الي معرض أخيه ، جذبه من بين عماله وولج داخل المكتب ثم سحب يده ورمقه شزراً :-
, _ قذارتك انت ومراتك زادت اوي وكفاية كل اللي حصل لريان بسببكم
, _ ضيق هاني عينيه عليه وصاح به هدراً :-
, _ يحيي احترم نفسك وانت بتتكلم معايا وسيرة مراتي متجيش تاني مرة علي لسانك انت فاهم!
, _ أطلق يحيي ضحكات ساخرة ثم أردف وهو يطالعه بشفقة :-
, _ مراتك اللي سمعتها وهي بتعترف لريان بحبها ؟
, _ صُددمم هاني مما وقع علي مسامعه ولم يتحمل تلك السخافات ، أسرع نحو يحيي ولكمه بقوة وهو يصيح به :-
, _ انت بتقول ايه يا حيوان انت
, _ حرر يحيي نفسه من بين قبضتيه وأردف بنبرة حادة :-
, _ مش مصدقني عشان انت دلدول الست ، تعالي معايا وانت هتشوف بنفسك أن اللي انت ماشي وراها قذرة ..
, _ صفعه هاني لكن تلك المرة كانت أعنف عن قبلها ، لا يستوعب ما تفوهه يحيي ودلف الي الخارج كالثور الهائج لكي يتحقق من حديث ذاك الشيطان الذي لعب في عقله ، عاد إلي المنزل وصعق حينما وقع علي مسامعه اعترافات زوجته بحبها الي شقيقه والآحر أنها تكرهه وتتمني الموت بدلاً من قربه ..
, _ فارت دمائه ولم يشعر بيده التي تسابقت في صفعها الي أن انسدلت الدماء من شفاها وردد من بين صفعاته المدوية علي وجهها دون رأفة :-
, _ بقا انتي مستغفلاني طول السنين اللي فاتت دي ، بتتمني الموت عشان هو بيتجاهلك يا قذرة ، بتحبي أخويا يا بنت الـ.٣ العلامة النجمية
, _ نجحت رنا في الهروب من بين يديه ورمقته بازدراء وهتفت :-
, _ بقرف منك ومش بحبك ده انا أطيق العمي ولا أطيقك استحملت بس كل السنين دي عشانه هو مش عشانك انت ، عمرك ما كنت راجل في نظري يا هاني
, _ صمتت تلتقط أنفاسها ثم أضافت بحنق :-
, _ أيوة أنا منعتك من الخلفة أنا اللي حرمتك منها عشان مش عايزة حاجة تربطني بيك مش ناقصة اجيب عيال شبهك ونفس ضعفك ، أنا بكرهك
, _ مررت رنا بصرها علي هاني ومن ثم ريان ويحيي وصاحت بكراهية :-
, _ بكرهكم كلكم
 
  • عجبني
التفاعلات: pop44 و wagih
٣٦
الاخير


بالتأكيد أنه كابوس بشع ليس إلا ، لابد وأن يكون كابوساً والا قتلها بين يديه ، لا يستوعب عقله ما يحدث ، يأبي قلبه تصديق شعوره بأنه منبوذ من قبل من عشقها وفعل العديد من المصائب لكي يرضيها ، لقد خسر شقيقه مقابل أن يسعدها هي حتي وان كان الأمر ليس بهين عليه
, _ كان يتألم طيلة الليل بسبب ما فعله اتجاه أخيه من اجلها وهي لا تراه رجلاً من الأساس ، فسرت حبه الذي لا حد له بضعف ، حسناً سيبذل قصارى جهده لكي يذيقها مدي قوته التي لا حد لها ، سيلقنها درساً ستظل من بعده تناديه بـ سيد الرجال ؛
, _ هرول هاني نحوها وجذبها من خصلاتها المتحررة وغرز أظافره في ذراعها ثم دلف بها الي الخارج وهو يتمتم بالسُباب ، لم يكترث تلك المرة بصراخها بل كان يتلذذ ويستمتع كلما ازدادت صرخاتها ، يهلل قلبه ألماً لكن ليس تلك المرة لن يتراجع بل سيكون رجلاً لمرة واحدة فقط ..
, _ هبط ريان بصحبة يحيي ولم يعقب علي ما يحدث بل كان يتابع ريان كأنه يشاهد فيلماً كوميدياً ، يريد أن يشفي غليله من تلك البغضية التي قلبت حياته رأساً علي عقب تحت مُسمي الحب ، فلتأخذ قليلاً مما تستحق ..
, _ جرها هاني علي الدرج إلي أن سالت الدماء من ثائر جسدها أثر ارتطامها بالرخام تارة والجدران تارة أخري ، وصل بها إلي مدخل البناية ، توقفت قدميه عن الحركة ، تجمدت أرضاً وهو يجوب ذاك الحي الشعبي بعيناه ، أنها مازالت امرأته وإن خرج بها فسيتلقي من اللوم والعتاب قدراً
, _ قلبه يريد التراجع وعدم فضحها وعقله يريد أن ينتقم منها أشد انتقام ، خرج من شروده علي صوتها وهي تقهقه ساخرة وأردفت :-
, _ شوفت إنك مش هتقدر تكمل اللي بدأته دي الحريم أرجل منك
, _ بصقت عليه بتقزز فأشعلت النيران داخله ولم يشعر بقدمه التي تتسارع في ركلها بعنف دون رحمة ، انحني بجسده نحوها وأردف :-
, _ انتي طالق
, _ عاد لوضعه ودس أصابعه في خصلاتها فأطلقت هي صرخاتها التي دوت في البناية ، لم يفكر كثيراً ودلف بها الي الخارج أسفل أنظار ريان ويحيي عليهم ، وقف في منتصف الطريق وألقي بها كالقمامه التي يلقيها كل يوم وصاح بها :-
, _ أنا جايبك من الشارع ورجعتي في الآخر ليه ، ده مكانك يا ٥ العلامة النجمية
, _ بصق عليها بإحتقار ثم أولاها ظهره وما إن أبتعد عنها حتي انسدلت دموعه بغزارة تحسراً علي حياته التي لم يتبقي منها سوي ذكريات ستؤلمه كلما تذكرها ..
, _ عاد الي منزله وألقي بجسده علي أقرب أريكة وأطلق العنان لعبراته في النزول دون توقف ، بينما عاد ريان الي منزله بسيارة يحيي وطلب منه أن يمكث بجانب هاني أنه بحاجة إلي أحدهم لكي يأزره ، كان يتمني أن يدوايه هو لكن لا يستطيع فما فعله يصعب عليه مسامحته بتلك السهولة ..
, _ ربت يحيي علي فخذ هاني وأردف بعد تردد :-
, _ آن الأوان ترجع الحق لصحابه كفاية كده ..
, _ أماء هاني مراراً دون أن يردف بشئ ، يشعر بأن شيئاً ثقيل يطبق علي صدره ، وضع كف يده علي يساره أعلي قلبه وجاب المكان ببصره ، أين هو تحديداً ؟ لا يعلم لا يدري حتي هويته يشعر فقط بالنيران المتقدة داخله ، تحرق جوفه من فرط شدتها ..
, _ عقد يحيي حاجبيه عندما رأي ما أصابه وأسرع بالسؤال عليه :-
, _ انت كويس ؟
, _ لم يعقب هاني بل نهض بصعوبة وتوجه نحوه غرفته بخطي متعرقلة ، يتمايل يساراً ويميناً ، رؤيته أصبحت مشوشة ولم تقوي قدميه علي حمله وانزلقت رغماً عنه ، أسرع نحوه يحيي وجلس القرفصاء أمامه واردف بتوجس :-
, _ هاني ، انت كويس ؟
, _ أشار هاني الي عنقه فاستشف يحيي عدم قدرته علي التنفس ، رفع رأسه للأعلي قليلاً ثم فك أزرار قميصه ربما يساعده علي التنفس ، مرت مدة ليست بقصيرة استعاد هاني تنفسه الطبيعي ، نهض بمساعدة يحيي وولج داخل الغرفة متكأ علي كتف يحيي
, _ وضعه يحيي علي الفراش ووقف امامه يطالعه بشفقة كبيرة وردد متسائلا بحنو :-
, _ بقيت أحسن ؟
, _ هز هاني رأسه وأردف بنبرة خافتة محتقنة :-
, _ سيبني لوحدي ..
, _ فتح يحيي فاهه لكي يعارض طلبه فأسرع هاني بالحديث :-
, _ سيبني لوحدي يا يحيي
, _ تنهد يحيي مستاءً ثم ألقي نظرة أخيرة علي أخيه وقال قبل أن يدلف خارج الغرفة :-
, _ لو احتجت حاجة كلمني
, _ أوصد يحيي باب الغرفة خلفه ثم أزفر أنفاسه بضجر وأسرع خطاه خارج المنزل لعله يهرب من تلك السخافات المرهقة التي لا تنتهي ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ جلس ريان علي مقعد خشبي في منتصف حديقة منزله ، أعاد رأسه للخلف ووضع كلتي ذراعيه خلف رأسه ، أخرج تنهيدة تحمل بين طياتها صبره علي ابتلاء **** له في الأيام الماضية ، اعتدل في جلسته حينما فُتح الباب من قِبل أحدهم ، استدار برأسه لكي يعلم هويته
, _ تفاجئ باقتراب عنود نحوه حاملة كعكة مزينة تتوسطها شمعتان متقدتان برقمي خمس وثلاثون ، بدأت تغرد بصوت ناعم رقيق :-
, Happy birthday to you
, Happy birthday ريان
, Happy birthday to you..
, _ وقفت أمامه مُشكلة إبتسامة عذبة علي محياها وأردفت بحب :-
, _ أول عيد ميلاد ليك معايا
, _ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة عريضة ، وأسبل عينيه عليها بعشق فكانت المرة الأولي لأحدهم يحتفل بعيد مولده ، انحني بقرب وجهها وهمس أمام شفاها :-
, _ أنا حبيت عمري اللي بيكبر عشان انتي معايا!
, _ إلتمعت عينيها بوميض مختلف الان ، شعور ملئ حيوية واشراقة ، تنهدت بسعادة وأردفت :-
, _ بحبك
, _ تراجع ريان عدة خطوات للخلف وجاب المكان سريعاً ببصره باحثاً عن تلك الزهرة التي رآها سابقاً ، ها هي نابعة من جدار المنزل ، سار نحوها وقطفها ثم عاد إلي صغيرته ووضعها بين رأسها وحجابها ، ألقي نظرة متفحصة عليها وقال بإبتسامة بشوشة :-
, _ حليتي الوردة
, _ لم تمنع ابتسامتها من الظهور بسعادة ، أنه ينجح دائماً في سرقة قلبها وهو يتغزل فيها بكلماته التي لا تعلم من أين يأتي بها ، لكن ما تعرفه حق المعرفة هو أنها المصدر المُلهم لتلك الكلمات٣ نقطة
, _ طالعها ريان برغبة قوية شعر بها في تلك الأثناء، سمح ليده بمحاوطة خصرها وجذبها الي حضنه ثم انحني وهو لا يري سوي شفاها أمامه :-
, _ وحشتيني اوي
, _ وقبل أن تجييه هي فُتح باب المنزل فابتعدت عنود سريعاً عنه ، نظرا كليهما الي من اقتحم تلك الخلوة الليلية ، بالتأكيد دينا هادمة اللذات كما يطلق عليها ريان ، تفاجئ كليهما بحضورها كعكة مزينة تتوسطها شمعتان متقدتان برقمي خمس وثلاثون ، تبادل الجميع النظرات حينما كُشف الأمر كاملاً ثم انفجرا ثلاثتهم ضاحكين ..
, ٢٠ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ بعد مرور خمسة أعوام ..
, _ في صالة التخرج تقف عنود تجوب المكان ببصرها علي عكس زملائها الجالسين علي مقاعدهم قيد انتظار نُطق أسمائهم لكي يتم تخرجهم من الجامعة
, _ انت فين يا ريان كل ده تأخير
, _ هتفت بهم عنود بحنق وعينيها معلقة علي باب الصالة علي أمل عودته عاجلاً ، أزفرت أنفاسها بضجر بائن حينما انتظرت ما يقرب من خمسة عشر دقيقة ،
, _ اقتربت منها هالة ووضعت ذراعيها علي كتفها وأردفت متسائلة :-
, _ لسه مرجعش ؟
, _ أماءت عنود رأسها نافية ورددت بنبرة متجهمة :-
, _ أتأخر اوي كل ده بيجيب الروب بتاعه من العربية ، أووف منك يا ريان بجد!
, _ انتبهتَ الفتاتان الي صوت مدير الجامعة فاستدرن بجسدهم وتابعوا حديثه باهتمام ، جلست عنود مكانها داعية **** بأن يعود ريان سريعاً ، بدأ المدير في نداء أوائل الصف
, _ عنود سيف الدين العراقي
, _ صدح إسمها عالياً في المكان بأنها حاصلة علي المركز الأول علي الجامعة ، لم تستطيع عنود الصمود وجهشت باكية بسعادة قد ملئت قلبها ، ألقت نظرة أخيرة علي الباب قبل صعودها الي المنصة ، وعندما لم تجد له طيف تابعت صعودها الي الاعلي واستلمت شهادة تقديرها بكل فخر وسعادة لا تكفي الكون ..
, _ وقفت مع زملائها الآخرين ثم نُطق إسم ريان بأنه حاصل علي المركز الثاني علي الجامعة ، حضر ريان في تلك اللحظة حاملاً تميم صغيره ذو العامين ، تشكلت ابتسامة عريضة حينما وقع بصر عنود عليهم ، ركضت مهرولة في اتجاههم وعانقتهم بكل حب ..
, _ كان يرتدي الصغير روب تخرج وأيضاً قبعة مثلهم ، كانت عنود سعيدة بمظهره البرئ للغاية ، حملته لكي يستطيع ريان استلام شهاداته ..
, _ انتهوا من تسليم الشهادات ثم دلف كليهما الي الخارج وتفاجئ بهذا الحشد الهائل الذي يشكل ممراً أمامهم من قِبل زملائهم وبعضاً من الصفوف المختلفة الذي قاما ريان وعنود بمساعدتهم في تسهيل الدراسة لهم عبر محاضرات إلكرتونية مجانية ..
, _ تبادلا ريان وعنود النظرات بسعادة غامرة وسارا في ذلك المرر الذي لا نهاية له ، يتسارعون في إلقاء الزهور مختلفة الألوان عليهم ناهيك عن تصفيقهم الذي عم الجامعة بأكملها وبعضاً منهم يُبرع في إطلاق صافرة من فمه مبدي بها مدي فخره بهم ، بكت عنود وهي تسير بينهم وشعور مختلف كلياً يسيطر عليها وهو القيمة ، تشعر بأنها في أعلي مراتب مجدها وتفوقها بسبب هذا التصرف المذهل ..
, _ وأخيراً وصلا إلي نهاية الممر ، استقبلهم أحد زملائهم بصندوق هائل يكاد يستطيع حمله بسبب كبر حجمه وثقل وزنه ، وضعه أرضاً واردف بإمتنان :-
, _ شكراً لكل اللي قدمتوه عشانا ، إحنا فخورين بوجودكم جدا
, _ تبادلا ريان وعنود النظرات وشكرا الجميع علي مجهوداتهم وبعد مرور بعض الوقت غادرا من الجامعة والسعادة كانت مصاحبة لهم ..
, _ وصل ريان الي فيلته التي انتقل فيها قبل عدة أعوام بعدما أعاد له هاني جميع حقوقه وممتلكاته ، صف سيارته أمام الفيلا ثم ترجل ثلاثتهم ، حمل ريان صغيره الذي غفي بين أحضان والدته وسار بجوارها متجهين الي الداخل ..
, _ أنا قولتلك أنا هعملها وأطلع الأولي مصدقتنيش!
, _ هتفت بهم عنود بتعالي وهي تتغنچ بعجرفة شديدة ، قهقه ريان عالياً علي حالها المثيرة للضحك وهتف :-
, _ التاني مش بعيد برده يابشمهندسة
, _ توقفت عنود عن السير حينما قابلتهم أيلين ( جليسة تميم ) وحملت الصغير ثم صعدت به إلي الاعلي لكي تضعه في فراشه ، بينما أضافت عنود قائلة بنبرة متحمسة مليئة بالحيوية :-
, _ أنا بجد مش مصدقة أننا خلصنا وكمان هنشتغل مع بعض في نفس الجامعة مشوار طويل اوي وربنا وفقنا فيه الحمد لله
, _ إبتسم لها ريان ثم لمح شيئاً ما يحدث في الحديقة الخلفية عبر البوابة المفتوحة التي تتوسط الردهة ، انتبهت عنود لشروده خلفها فاستدرات بجسدها لكي تري ما جذب انتباهه ..
, _ تفاجئ كليهما بحضور الجميع في الحديقه قيد انتظار وصولهم ، توجها معاً إليهم مندهشين مما يحدث ، لقد زُينت الحديقة بالبالونات الملونة بشكل أكثر من رائع تتوسطها زينة ملونة وأيضاً كتابة عليهم (مُبارك التخرج ) ، يوجد أيضاً طاولة مستطيلة الشكل يوجد أعلاها جميع أصناف الحلويات ولم تخلو أي قطعة من جملة
, ( مُبارك التخرج )
, _ ألقي الجميع التهنئة عليهم بسعادة ومشاعر صادقة ، بعد مدة من الاحتفال أسند ريان مرفقة علي أحد الجدران وهو يطالع الجميع بوميض مختلف تشع عيناه بالشغف والحب ، يطرب قلبه فرحاً لتجمع عائلته مرة أخري لكن تلك المرة أصدق عن ذي قبل ، لا احد يبغض أحد ، لا يوجد كراهية ولا نفاق ، لا يوجد حقد ولا غيرة ، فقط يوجد حب وخير متبادل
, _ خرج ريان من شروده علي صوت شقيقه هاني :-
, _ مبروك علي الحلم اللي اتحقق
, _ التفت إليه ريان وربت علي كتفه بحنو واردف بنبرة راضية :-
, _ الحمد لله كله بآوانه
, _ أخفض هاني رأسه بحزن وخجل وردد :
, _ عارف ان اللي بتعمله معايا ده بيكرهني في نفسي كل يوم اكتر ، أنا مستاهلش منك كده انا أذيتك كتير وانت عملت ايه ؟ ساعدتني ووقفت جنبي وبتعملي كتير اوي يا اخويا بحس إني ندل اوي من نحيتك
, _ سحب ريان نفساً عميق ورفع رأس هاني الي الاعلي بأصابعه واردف بحكمة :-
, _ انت قولت بنفسك يا اخويا ، احنا اخوات ومهما حصل في الآخر ملناش غير بعض ، علي رأي الحج ماهر الاخوات أكبر ورث ممكن الأهالي تسيبه بعد فراقهم ، أنا مش زعلان منك يمكن لو محصلش كده مكنتش فكرت اكمل تعليمي وأحقق حلمي
, _ اعتدل ريان في وقفته ودس يديه في جيب بنطاله ونظر الي صغيرته التي باتت عشقه الأكبر والأهم واضاف :-
, _ لعل الخير يكمن في الشر!
, _ إلتوي ثغر هاني بإبتسامة خجولة فعاد ريان ينظر إليه واردف وهو عاقد حاجبيه :-
, _ وبعدين تعالي هنا انت مش ناوي تتجوز وتفرحنا بيك ونشوف عيالك ولا انت استحليت السنجلة ولا ايه ؟
, _ تعالت ضحكات هاني علي مزاح ريان واجابه بنبرة منكسرة :-
, _ جواز ايه خلاص بقا أنا هتم الخمسة والاربعين الشهر ده يعني مفيش حد هيقبل بيا وبعدين أنا مرتاح كده مش حمل ادخل علاقة من اول وجديد ونعيش شغل المراهقة ده تاني أنا كده تمام اوي
, _ ربت ريان علي كتفه مستاءّ من حديثه الذي لم يقتنع به مطلقاً وردد :-
, _ الف واحدة تتمناك بس انت اللي كسلان تدور ، حد يكره يعيش مراهقته تاني ده أحلي احساس في الدنيا
, _ تقوس ثغر هاني بإبتسامة عريضة وهو يرمق عنود وقال :-
, _ **** يبارك لك فيها بنت حلال
, _ أخرج ريان تنهيدة حارة وتابع :-
, _ طب أسيبك أنا عشان اروح أعيش مراهقتي شوية
, _ توجه ريان نحو دينا واردف متسائلاً :-
, _ أخبارك ايه ؟
, _ تقوس ثغرها ببسمة عذبة وأجابته بحب :-
, _ الحمد لله فرحانة عشانك
, _ بادلها ابتسامة صافية وردد بلطف بعدا ن وضع قُبلة علي جبينها :-
, _ **** يخليكي ليا
, _ سار ريان نحو عنود بعدما أنهي حواره مع دينا ، وقف ريان علي مسافة قريبة من عنود وتصنع أنه يتحدث مع أحدهم في الهاتف قائلاً :-
, _ ده انتي تؤمري أمر يا جميل ، انتي تطلبي وريان ينفذ..
, _ تعمد إلقاء كلماته وعندما تأكد أنها صغت إلي ما قاله توجه إلي داخل الفيلا ومن ثم الي مكتبه ، اشتعلت نيران الغيرة داخل عنود ولم تشعر بقدميها التي قادتها خلفه بخطي مهرولة غير مستقيمة ، فتحت باب المكتب بعنف وهي تنوي قتله ، لكن لم تجده في المكتب لقد كان فارغ تماماً إذا أين ذهب ؟
, _ علمت أين هو حينما جذبها ريان وهو يقف خلف الباب ثم دفعها بخفة علي الباب واقترب منها ببطئ ، شعرت عنود بأنفاسه الحارة تضرب وجهها من شدة قربه منها ، تنهد ريان وتسائل بخبث :-
, _ كنتي عايزة حاجة ؟
, _ تذكرت عنود ما جائت لأجله ودفعته بعيداً عنها وصاحت به بعصبية بالغة :-
, _ كنت بتكلم مين ؟
, _ تصنع ريان عدم فهمه وسألها ببرود :-
, _ مش بكلم حد ..
, _ اقتربت منه وأردفت بنبرة مرتفعة مليئة بالغضب والتحذير :-
, _ ريان أنا سمعتك وانت بتقول انتي تؤمري وريان ينفذ يا جميل مين دي ومتختبرش صبري
, _ أولاها ريان ظهره سريعاً عندما فشل في إخفاء ضحكاته لكي لا يكشف أمره ، فهو لم ينهي ما بدأه بعد ، أزفر أنفاسه واردف بجمود زائف :-
, _ مش فاكر اني قولت كده!
, _ رباه ، لقد جني علي نفسه ، بلغت عنود ذروة تحملها ولم تشعر بقدميها التي هرولت نحوه وأجبرته علي الالتفاف إليها ثم دفعته علي الأريكة بحركة سريعة لم يتوقعها ريان ثم أشرفت عليه وهتفت بحدة :-
, _ انت ناوي تتجوز التالتة ؟
, _ لم يستطيع ريان التماسك بعد جملتها تلك ، أطلق قهقهاته عالياً واردف من بين ضحكاته :-
, _ انتي عرفتي منين ؟
, _ اتسعت مقلتي عنود بصدمة جلية سيطرت علي ملامح وجهها ثم انتفضت من فوقه ووقفت أمامه واضعة يديها في منتصف خصرها وصاحت بنبرة محتقنة :-
, _ اللي خدته الهانم تاخده مساحت السلالم ، مِسِم!
, _ تفاجئ ريان من ردها التي أثبت إتقانها اللهجة المصرية ، قهقه عالياً ووقف أمامها قائلا بإعجاب شديد :-
, _ ****
, _ اقترب منها وحاوط خصرها بذراعيه وجذبها اليه بقرب صدره واردف :-
, _ ده انتي اتعلمتي اصول اللهجة وبقيتي بتقولي أمثال كمان
, _ تحررت من بين يديه وأولته ظهرها وقالت بحنق :-
, _ أنا ماشية أشبع بالتالتة
, _ لحق بها ريان وهو يقول :-
, _ استني يابت
, _ جذبها بذراعها الي حضنه فالتصق ظهرها في صدره ، انحني بقرب أذنها وهمس :-
, _ احتليتي قلبي خلاص معتش في كمان لا لتالتة ولا رابعة!
, _ التفتت برأسها ترمقه بعدم تصديق فأجبرها هو علي الالتفاف إليه واردف بخبث :-
, _ لا ده انا أثبت لك وحالاً
, _ شعرت بقدميها تسبح في الهواء قبل أن تعارضه ، دلف خارج مكتبه وهو يجوب المكان بعيناه سريعاً يتأكد من خلوه ، أسرع خطاه إلي الاعلي قبل أن يراه أحدهم لكن لا يعلم أن هناك عينان تراقبه ..
, _ تنهدت دينا في محاولة منها علي تقبل الأمر الذي لم يتقبله قلبها طيلة خمسة أعوام ماضية ، لكن ما يهون الحياة معاملة ريان الحسنة التي يحاول تعويضها بكل الطرق الممكنة لكي لا تشعر بالفارق الذي فعله هو بزواجه من أخري ..
, _ لا يدري أن لسانه فقط من يصمت ، فعيناه تكشف أمره حينما تشرق فقط لأنها أمامه ، لا يشعر بعفويته التي تصل إلي حماقة في بعض الأحيان وهو يشاركها أحد الاشياء التافهة ، لا يري عشقه وهُيامه بها في كل تصرفاته ..
, _ خرجت من شرودها علي مشاجرة صغارها ، اقتربت منهم وانحنت بجسدها لتكون أقرب إلي صغيرتها جويرية ذات الخمس أعوام وأردفت متسائلة :-
, _ بتعيطي ليه ؟
, _ رفعت جويرية بصرها نحو شقيقتها جني عاقدة ذراعيها بتذمر ورددت بحنق :-
, _ أخدت مني الأيباد يا مامي
, _ رفعت دينا هي الأخري بصرها علي جني وهتفت متسائلة :-
, _ خدتي منها الايباد ليه ؟
, _ نفخت جني بضجر وأجابتها مختصرة :-
, _ صورتني يا مامي والصورة مش حلوة وانا عايزة أمسحها ..
, _ انشغلت دينا بين حل تلك المشاجرة الفريدة من نوعها ، في حين قرر يحيي أن يبوح بما داخله فهو لا يطيق الإنتظار لثانية أخري ، سحب نفساً عميق وتوجه نحوها بخطي متمهلة لا يدري كيف سيقوم بفعل ذلك لكن عليه أن يتحلي بالشجاعة ويفعله من أجلها
, _ وقف خلفها وحمحم بحرج بائن فاستدرات إليه هالة ، تلونت وجنتيها بالحُمرة الصريحة كما خفق قلبها من فرط الحماسة المتدفقة في الادرينالين المندفع في شرايينها ، تقوس ثغر يحيي بإبتسامة عذبة وأردف بتعلثم :-
, _ مش كفاية مساعدة لكدا!
, _ عقدت هالة ما بين حاجبيها بغرابة فهي لم تستشف ما وراء حديثه وأردفت متسائلة :-
, _ تقصد ايه ؟
, _ فرك اصابعه بتوتر شديد وابتلع ريقه ثم ألقي بحديثه دفعة واحدة :-
, _ تتجوزيني؟
, _ اتسعت حدقتي هالة من هول المفاجأة الممزوجة بالحماس ، أزدادت نبضاتها أضعافاً بعد عرضه للزواج منها ، أهو حقاً يريدها زوجة له كما تمنت هي قربه منذ أعوام !
, _ إلتوي ثغرها مُشكلة ابتسامة خجولة ، أخفضت رأسها بحياء وقالت بنبرة متلعثمة :-
, _ وادخلوا البيوت من أبوابها ..
, _ ألقت بجملتها ثم تركته وركضت بعيداً عنه تلتقط أنفاسها التي هربت من رئتيها بينما ابتسم هو بسعادة كبيرة غمرت قلبه وردد بينه وبين نفسه :-
, _ أنتي اللي هتدخلي بيتي قريب!
, _ علي جانب آخر تقف شذي ( إبنة مؤنس الصغري ) متذمرة من فرط غيرتها ، سحب ياسر نفساً وأخرجه ببطئ وأردف :-
, _ مش عارف ايه لزمتها الغيرة دي ؟
, _ وقفت شذي أمامه عاقدة ذراعيها وهتفت بحنق :-
, _ انت مش عايزني أغير وأنا واقفة في بيت البنت اللي كنت هتتجوزها!
, _ هز ياسر رأسه مستنكراً ما تتحدث فيه ثم حاول أن يتحلي بالهدوء قليلاً وقال بنبرة هادئة :-
, _ البنت دي بنت عمي وعمك والكلام ده من خمس سنين وانتي شايفة بعينك كل واحد عنده حياته وسعيد فيها بس انتي غاوية تنكدي
, _ اقتربت منه بدلال وأسندت مرفقها علي ذراعيه وأردفت بنبرة رقيقة :-
, _ يعني انت بتحبني أنا ؟
, _ انفجر ياسر ضاحكاً ثم انخفض بجسده ليكون أمام بطنها واردف محدثاً جنينهم :-
, _ أمك بتسأل أنا بحبها ولا لأ اقولها ايه ؟
, _ قاطع حديثهم صوت مؤنس قائلا :-
, _ مالكم يا ولاد صوتكوا عالي ليه ؟
, _ اعتدل ياسر في وقفته وأجابه مختصراً وهو يرمق شذي بغيظ :-
, _ مفيش يا عمي بس شذي هرموناتها عالية شوية النهاردة ..
, _ قهقه مؤنس وكذلك ياسر علي عكس شذي التي كانت تطالع زوجها بغيظ عارم ولا تقدر علي التحدث لوقوف والدها بينهم ..
, _ بابا ما تجوزني البت دي
, _ هتف بهم إياد الابن البكري لخالد وهو يشير بيده الي جني ، تفاجئ خالد من طلبه المبهم والغريب وأخفض بصره عليه وقال :-
, _ عارف لو ريان سمع الكلام ده هيعلقك
, _ انضمت أية إليهم حاملة صغيرتها ( حلا ) وتسائلت بإهتمام :-
, _ ريان هيعلق إياد ليه ؟
, _ قهقه خالد ساخراً واجابها :-
, _ ابنك بيقولي جوزني جني
, _ شهقت أية بصدمة واندفعت فيه بحنق :-
, _ ايه الكلام ده يا إياد عيب كده يا حبيبي
, _ انحنت أية بقرب خالد وأردفت معاتبة :-
, _ وانت بدل ما تقوله عيب تقوله ريان هيعلقك!
, _ هز خالد رأسه مؤكداً حديثه مشكلاً علي ثغره ابتسامة سمجة ثم حمل الصغيرة وظل يهدهدها بلطف بينما نادت أية بصوتها :-
, _ زياد تعالي هنا إحنا مش في بيتنا ..
, _ ألقت بحقيبتها أرضاً وصاحت بتذمر :-
, _ أنا زهقت من الجري ورا العيال وسليم مش بيسمع الكلام وسلمي بتقلده وأنا تعبت
, _ وضع علي ذراعه علي كتف هاجر واردف ببرود :-
, _ سيبهم يلعبوا يا حبيبتي هما فرحانين بالجنينة
, _ نفخت هاجر بضجر بائن وتمتمت بغضب :-
, _ ده اللي باخده منك ..
, _ تركته وغادرت ربما تنجح في تهذيب صغارها ، علي جانب آخر أردف منصور بنبرة متحمسة :-
, _ البت اماني بيجيلها عرسان كتير بس انا اللي برفض ، لما أخلص مصاريف تعليمها الأول ابقي اركز في مصاريف جوازها ..
, _ ربت ماهر علي فخذ منصور بحب واردف :-
, _ سيبها علي **** وعليا يا منصور أنا متكفل بجهازها كله المهم انت تختار راجل من اصل طيب يحافظ علي البت
, _ أسرع منصور بالحديث بإمتنان شديد :-
, _ ده كتير اوي يا حج ماهر مش عارفين نودي افضالكم دي فين
, _ أضافت سعاد علي حديث منصور ممتنة :-
, _ **** يبارك في صحتك يا حج ماهر ويخليك لينا يارب
, _ إلتوي ثغر ماهر بإبتسامة راضية كذلك منصور وسعاد التي تبادلا النظرات بسعادة عارمة ..
, _ كانت تطالعه منذ حضوره ، تنهدت ثم سارت نحوه وجلست أمامه وأردفت بحفاوة :-
, _ اخبارك ايه يا هاني ؟
, _ رفع هاني بصره عليها وشكل ابتسامة لم تتعدي شفاه واجابها :-
, _ الحمد**** انتي أخبارك ايه يا دعاء ؟
, _ ابتسمت هي بسعادة لسؤاله عليها علي الرغم من كونه سؤال عابر وأجابته بنبرة متحمسة مليئة بالحيوية :-
, _ أنا كويسة جدا
, _ هز هاني رأسه والتزم الصمت لبرهة ، قطعت ذاك الصمت قائلة :-
, _ مش ناوي تتجوز تاني ؟
, _ رمقها هاني شزراً لتدخلها في خصوصيات ليست من شأنها معرفتها علي الإطلاق ، سحب نفساً وأردف بجمود :-
, _ بسمع أنك اطلقتي
, _ أماءت دعاء رأسها مؤكدة حديثه وقالت بأسف :-
, _ فعلاً ، ٤ سنين ضاعوا من عمري مع راجل مش شايف غير نفسه وبس لدرجة اني نسيت اني انثي وليا حقوق بس ها الحمد**** اني خلصت منه ، بس احسن حاجه عملها ليا أنه سابلي تيا بجد ******* دي نعمة من عند **** بتهون عليا كتير ..
, _ إلتمعت بؤبؤتي هاني بحزن استشفته دعاء وأسرعت مضيفة :-
, _ بس بزعل لما بتسأل علي والدها ومش بعرف اجاوبها واقولها ايه ، نفسي بنتي تعيش حياة طبيعية بين أب وأم و..
, _ قاطعها هاني حينما استشف ما ترمي إليه ونهض بعصبية وصاح بحدة لكي ينهي ذلك الحوار :-
, _ فرحت أني شوفتك ويارب تلاقي أب لبنتك في أقرب وقت ..
, _ ألقي هاني بحديثه الذي يحمل لها رسالة استشفتها دون مجهود ، تحولت تعابيرها الي الضيق وتمتمت بغضب :-
, _ غبي
, _ مين ده اللي غبي يا دعاء ؟
, _ رفعت دعاء بصرها علي مؤنس وهتفت مستنكرة ذلة لسانها :-
, _ ها ، لا أبدا يا بابا أنا مقولتش كده ..
, ١٩ شَرْطَة سُفْلِيَّة
, _ نادي بصوته الرخيم علي أحد الأطفال ، جائه أحدهم متسائلا :-
, _ نعم يا عمو ؟
, _ ابتسم إليه هاني وناوله بضعة حقائب بلاستيكية وأردف وهو يشير بيده علي منزل ما :-
, _ شايف يا حبيبي البيت اللي هناك ده ، خبط علي الباب وسيب الشنط دي هناك
, _ ناوله هاني ورقة مالية لكي ينفذ ما أمره بفعله ، تقوس ثغر الصبي بابتسامة عريضة وأخذ منه الحقائب ووضعها أمام المنزل ثم طرق الباب قيد انتظار ظهور أحدهم ..
, _ فُتح الباب وظهرت رنا من خلفه ، أصاب حدسها الأنثوي عندما رأت الحقائب التي تأتيها كل آخر يوم في الأسبوع ولا تعلم مصدرها ، جابت بعينيها المكان ربما تري من ذاك الكريم الذي يهتم لمأكلاها ومشربها وأيضا يدفع ايجار منزلها الصغير ..
, _ تنهدت بحزن عندما فشلت في إيجاد أحدهم ثم استدرات بجسدها وولجت الي الداخل بعد أن أوصدت الباب ، انسدلت عبرات هاني رغماً عنه وهو يري وضعهم الذي تحول الي الاسوء ..
, _ عزم علي نسيانها مراراً لكن يغلبه قلبه دائماً ، لم يستطيع نزعها من قلبه ، يعيش صراع بين قلبه الذي يريد عودتها مرة أخري وبين عقله الذي يأبي إعادتها فما فعلته لبس بهين مطلقاً ..
, _ تحولت تعابيره الي الشدة والقسوة عندما تذكر أفعالها الدنيئة ومجراته معها فيما تفعله دون تفكير في عواقبه ، استدار بجسده وعاد الي عمله سريعاً لكي يشغل نفسه ولا يفكر بها ..
, _ فُتح الباب وظهر من خلفه الصغير ، فارتخت ملامح ريان ببعض الراحة وأسرع في حمله قائلا :-
, _ انت عارف ان محدش يقدر يعمل الحركة دي غيرك ياض انت ويدخل عليا من غير استئذان!
, _ ابتسم تميم ببلاهة فهو يعتقد أن والده يداعبه ، لم يستطع ريان التمالك امام ابتسامته التي يعشقها كثيراً فهي تشبه عفوية وبراءة والدته ،
, _ وضعه علي الفراش وبدأ يدغدغه بمرح ، دلفت عنود خارج المرحاض علي أصوات ضحكاتهم ، وضعت يديها في منتصف خصرها أعلي المنشفة المحاوطة لجسدها وأردفت بتذمر :-
, _ بتلعبوا من غيري ؟
, _ رفع ريان رأسه عليها ثم قفز من علي الفراش وهرول نحوها وبحركة سريعة رفعها عن الأرض ثم ألقي بها علي الفراش وبدأ يدغدغها هي الأخري ولم يكترث لصراختها المدوية في الغرفة ..
, _ صدح آذان العصر فنهض ريان وحظي بإستحمام سريع ثم هبط إلي حيث الجميع برفقة عنود ، اعتدل الجميع في صفوفهم مشكلين صفوف الرجال في الامام وصفوف النساء في الخلف ، وقف ريان إماماً لهم ثم هتف بأعلي صوته :-
, _ ساوو صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة ، **** أكبر



 
  • عجبني
التفاعلات: pop44 و wagih

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى أسفل
0%