ناقد بناء
معاون
طاقم الإدارة
معاون
معاون عام
نسوانجي متفاعل
نسوانجي متميز
دكتور نسوانجي
أستاذ نسوانجي
عضو
ناشر قصص
نسوانجي قديم
- إنضم
- 17 ديسمبر 2021
- المشاركات
- 9,737
- مستوى التفاعل
- 3,229
- نقاط
- 22,363
- الجنس
- ذكر
- الدولة
- كندا
- توجه جنسي
- أنجذب للإناث
١
إشتباك
بأحد أحياء القاهرة تحديداً "الزمالك" كان الهدوء يعم المكان لا تسمع صوت إلا صوت نسمات الهواء ، لنتقدم من البناية رقم "5" و ترهف السمع قليلاً فتجد ضجيج عالي و أصوات متداخلة ..
, لنصعد إلي الطابق الثاني و نقترب من تلك الشقة فتسمع أصوات سباب رجالية و نسائية معاً ..
, كان الشجار بين العائلتين قوياً ، الرجال يمسكون بملابس بعض و علي وشك القتال أما النساء كانوا يتسابقون في رمي السُباب و الألفاظ البذيئة ..
, بينما وسط هذا الصراخ و المناوشات إندفع جسد وسط المعركة يصرخ عالياً بهم جميعاً:
, -يا جماعة إذكروا **** إن الحياة لا تستحق كل هذا ..
, توقف الرجال عن النزاع و خيم الصمت علي الأرجاء و هم يتطلعون إلي الشاب الذي خرجت منه هذه الكلمات لينصاعوا له إحتراماً و جلسوا في أمكانهم و لما لا و هم بمكتب المأذون الشاب "سليم الوالي" ٣ نقطة
, جلس "سليم" علي مقعده و راقب بصمت نظرات الحقد المتراشقة من كلتا العائلتين فقد جاءوا لإتمام طلاق إبن العائلة المُبجلة من إبنة العائلة الكريمة ..
, إلتفت بنظراته إلي والدة كل من الطرفين و اللتان تتحديان في الملامح المشمئزة و النظرات الكارهة و التي لا تختلف كثيراً عن نظرات الزوجين ..
, ولكن ما باليد حيلة فـ عليه القيام بدور المأذون المعروف و ألا وهو القيام بإقناعهم العذوف عن هذا القرار الخاطئ ..
, تشدق "سليم" بتنهيدة قوية إليهم قوياً وقد لاحظ بنظرته الثاقبة نظرات الحزن و العتاب من الزوجة إلي زوجها:
, -يا جماعة إن أبغض الحلال عند **** الطلاق الرجاء التفكير جيداً قبل البدء في هذه الخطوة الصعبة ..
, و ما أن أتم حديثه حتي أتاه صوت أنثوي حاد و بالطبع لم يكن من العائلة الموقرة يغمغم بحدة:
, -لقد فكرنا جيداً قبل أن نأتي لا داعي لهذه الخطبة رجاءً ..
, تطلع "سليم" بعيناه الخضراويتين إلي صاحبة الصوت ليجد فتاة شابة ذات ملامح قاسية و لكنها شرقية بذات الوقت ترتدي قميص من اللون الأخضر و جيبة سوداء ضيقة تصل إلي بعد ركبتيها بقليل أسفلها جوارب سوداء شفافة و إنتعلت حذاء ذو كعب عالي فيكسب قامتها القصيرة و التي لا تتعدي 160 سم طولاً ، أما خصلاتها السوداء الناعمة فرفعتها علي هيئة ذيل حصان فـ كانت هيئتها ما هي إلا مغرية و شرسة بذات الوقت ..
, دلفت الفتاة للمكتب و إتجهت ناحية الزوجة لتقف جوارها و ليس هناك داعي للتعريف عن سيادة المحامية "ليلي علوان" ..
, ربتت "ليلي" علي كتف موكلتها بشفقة و قالت بمواساة:
, -لا تقلقي عزيزتي سأحررك من هذا البغيض فـ أمثال هؤلاء الرجال القذارة تسري بعروقهم لا يستحقون زوجات طيبات مثلك ..
,
, ربتت علي كتفها مرة أخري ثم إستدارت إلي زوج الموكلة و تبدلت ملامحها إلي الغضب و الحدة و النفور معاً قائلة بشراسة:
, -و أنتَ !٣ نقطة إسمع ستُطلقها و ستأخذ كامل حقوقها منك حتي نفقة بناتها و المسكن ستتكفل به ، و لن تقترب منها بعد ذلك فنحن نسعي للتخلص من أمثالك كي نحيا بسلام دون مشاكل ..
, إرتفع حاجبي "سليم" بدهشة من شراستها و التي استطاع استنباطها منذ اللحظة التي وطأت قدميها بها المكان و الذي لم يتوقعه أن تنصب عليه هو أيضاً بنظرات متعالية:
, -أنتَ إذهب و نادي للمأذون نود الانتهاء سريعاً من هذه المهذلة ..
, تفاجئ "سليم" من وقاحتها معه بالحديث ثم إلتفت برأسه بجميع الأنحاء ثم توقف بعيناه عليها و ارتسمت السخرية بوضوح علي قسمات وجهه مُجيباً بإستنكار:
, -هل أنتِ عمياء يا فتاة ؟! ألا ترين الجلباب و القبعة التي أرتديها و التي تنم بوضوح أنني هو المأذون ..
, إتسعت مقلتي "ليلي" بصدمة متشدقة:
, -أنتَ المأذون ..
, قالتها بصدمة ثم استجمعت رباطة جأشها و قالت بتعالي:
, -ظننتك مساعده ..
, إغتاظ "سليم" من نظرتها المتعالية و لم يرد علي تعليقها السخيف لينظر إلي والدة الفتاة قائلاً:
, -لقد إنتظرنا كثيراً يا سيدتي أين المحامية المُبجلة لقد تأخرت عن الموعد ..
, رفعت السيدة عيناها له و أشارت بسبابتها تجاه "ليلي" قائلة بذهول:
, -ألا تري يا أستاذ هذه المحامية ..
, إلتفت "سليم" إلي "ليلي" و نظر إليها مردداً بذهول:
, -أنتِ المُحامية ..
, قالها وهو ينظر إليها بدهشة ليستكمل بنفس سخريتها منه قبل لحظات يردها لها:
, -لقد ظننتك شقيقة زوجة الأستاذ ، فكل الشقيقات في هذه المواقف حربوءات يسعين وراء تخريب الزيجة حتي آخر لحظة ..
, رمقته "ليلي" بنظرات نارية ليبتسم هو عليها بتشفي فتقدمت قليلاً و قالت وهي تجز علي أسنانها بغيظ:
, -شكراً علي هذه المعلومة يا أستاذ هل باشرت بالطلاق لقد أصبح الجو خانق كثيراً ..
, لم يستمع لها "سليم" و تعمد تجاهلها للمرة الثانية وهو ينظر إلي الزوجين المقدمين علي الطلاق:
, -لا تسعيا وراء تخريب بيتكما و خصوصاً أن بينكما ***** ، فـ من الظلم أن ندعهم يتشتتون وسطكما حاولوا حل خلافاتكم بعيداً عن هذا الحل إن أبغض الحلال عند **** الطــلاق ..
, صرخت "ليلي" بتأفف من هذا البغيض:
, -لقد علمنا أن أبغض الحلال عند **** الطــلاق فلا داعي لأن تكررها ، لم نكن لنأتي هنا إلا بعدما وصلت الحياة بينهم من فشل إلي ذروتها فهل تبدأ بالطلاق و إلا نذهب إلي مأذون آخر ..
, تنهد "سليم" بإحباط بعدما يأس في إقناعهم قائلاً:
, -حسناً ..
, و بالفعل بدأ "سليم" في إجراءات الطلاق و سأل كلا الزوجين عن موافقتهما علي هذا الانفصال ليأتيه الرد بعد لحظات صمت من كليهما كان يرمي بها الآخر شريكه بنظرات معاتبة لينتهي الأمر وهو يقول بنبرة حزينة كلما واتته حالة طلاق:
, -و الآن أعلن أنكما مطلقان رسمياً ..
, و ما أن أنهي حديثه حتي إنطلقت الزغاريد من فم والدة الزوج لتنهض مقبلة إياه بينما لم يبدر منه أي رد فعل سوي أنه ترك المكان مغادراً و كاد أن يلاحظ الدموع بعينيه و تبعته والدته و أفراد عائلته ..
, إنهارت الزوجة علي المقعد باكية فلم يكن زوجها فقط بل كان حبيبها و حب عمرها الوحيد ، إقتربت "ليلي" منها قائلة بحدة و بغض من الرجال بنبرة لا تحمل سوي القليل من المواساة:
, -لا تبكين علي رجل لا يستحق ، دموعك لا تستحق النزول علي رجل خائن مثله بل عليك النهوض و إطلاق الزغاريد كما فعلت أمه الحرباءة قبل قليل ، نحن الآن في مجتمع يتساوي الرجل و المرأة فيه عليك النهوض و النسيان كما سيفعل طليقك فلم يخلق البكاء لنا وحدنا ..
, نهضت الزوجة و صاحبتها كلاً من والدتها و قريباتها لاحقتهم نظرات "ليلي" و التي كادت أن تخرج حتي إستوقفها صوت "سليم" يغمغم بإستحقار:
, -يا لكي من قاسية ، الفتاة تنتظر كلمة مواساة في هذه اللحظة و أنتِ ترشقين بصدرها كلماتك القاسية يا لكِ من جاحدة ..
, إستدرات "ليلي" لتصبح قبالته وقد خلي المكان إلا من كليهما قائلة ببرود:
, -لا تتدخل فيما لا يعنيك لا ينقصني سوي أنتَ لتنصح المحامية ليلي علوان ..
, حرك رأسه نافياً بذهول و قال بنفور شديد من عجرفتها:
, -صدقاً أتمني ألا تلتقي دروبنا يوماً ..
, إبتسمت "ليلي" بسخرية وهي تقول:
, -نفس الشعور المُتبادل يا أستاذ فأنا أبغض علي قلبي رؤية الرجال أمثالك ..
, ختمت حديثها و إستدارت مغادرة المكتب تحت نظرات "سليم" المذبهلة من وقاحة هذه الفتاة التي لم يقابل مثلها قبل ، و ستظل حالة الطلاق هذه الأدهش بالنسبة له خصوصاً أنها إرتبط بإسم فتاة واحدة جمعه القدر بها صدفة
, "ليلي علــوان" ٤ نقطة
, ٢٣ تعداد نقطي
, حل المساء و توارت الشمس بالسماء ليحل مكانها رداء الليل الكحيل المرصعة النجوم اللامعة يُزينها قرص القمر المُستدير ..
, دلف "سليم الوالي" إلي منزله و الذي يعيش فيه رفقة والده ووالدته ، أغلق الباب وراءه و ألقي بمفاتيحه علي الطاولة جوار الباب متنهداً بضيق ..
, سيطر الوجوم علي قسمات وجهه الوسيم بدلاً من الإبتسامة المُشرقة التي يتسم بها ، فـ بعد الصدفة التي جمعته للقاء بالمحامية المُتغطرسة وهو علي هذا الحال و لم يتبدد حنقه و غيظه منها حتي مع الُعملاء لديه لتسيطر الكآبة علي يومه ..
, أفاق من شروده علي صوت والدته السيدة "سُمية" وهي تخرج من المطبخ تمسك في يدها مغرفة الطعام ليُشرق وجهها بإبتسامة واسعة له قائلة:
, -سليم حبيبي أنتَ عدت خمس دقائق و سيصبح الطعام جاهز إذهب و بدل ملابسك ريثما أجهز الطعام علي الطاولة ..
, إرتسمت بسمة شاحبة علي وجه "سليم" وهو يجيب والدته:
, -ليس لدي شهية يا أمي تناولي أنتِ و أبي بدوني بالصحة و العافية ..
, عبست ملامح والدته "سمية" بشدة و قالت بإنزعاج:
, -ماذا تهزي يا ولد ستتناول معنا الطعام غصباً عنك ، ألا يكفي أنني أقف بالساعات في المطبخ لأعد لكما وجبة عشاء أشبه بالوليمة لتأتي أنتَ و ترفض الأكل لو كنت تزوجت لكانت زوجتك تساعدني الآن ، من هم في مثل سنك أبناءهم يذهبون إلي روضة الأطفال ..
, أغمض "سليم" عيناه بتعب من مرشح والدته اليومي و التي بات كالقصيدة التي تمطر علي مسامعه ليفتح عيناه الخضراويتين و نظر لوالدته مغمغماً:
, -لقد أخبرتك يا أمي أنني لن أتزوج إلا حينما أجد الفتاة التي يألفها قلبي ..
, مصمصت والدته شفتيها بعدم رضا قائلة:
, -ومتي سيحدث هذا ؟! حينما يغزو الشيب رأسك أنت علي مشارف منتصف الثلاثين عاماً ولم تتزوج أترغب في لقب "الأربعيني الأعزب" صحيح ..
, تقدم "سليم" من والدته و أمسك يدها يطبع عليها قبلة رقيقة قائلاً:
, -ألا يكفيك أخي نادر لقد تزوج و لديه ولدين ألا يُشبعان غريزة الجدة بداخلك ..
, تلألأت أعين والدته بدموع و أمسكت بيده ولم تدعها تفلت منها ثم أردفت بتوسل:
, -أرح قلبي يا سَليم أود أن أري أطفالك يا بني قبل أن تذهب روحي إلي خالقها لم يعد في العمر الكثير للصبر بني ..
, سكن الألم مقلتي "سَليم" ليهمس لوالدته بحب:
, -كفاك هذا الكلام يا أمي ليطول عمرك إن شاء **** و قرار الزواج هذا يخصني و لن أقدم عليه إلا حينما أجد الفتاة المناسبة لي ..
, تمسكت بنظراته المحبة لها لتستغل الفرصة قائلة:
, -وكيف ستجدها و أنتَ بعيد عن جنس بنات حواء ، لقد وجدت لك عروس مناسبة و بالتأكيد ستعجبك أدب و أخلاق و حياء و متعلمة أيضاً لن يرفضك أهلها ، قابلها لعلها المُراد يا سَليم ..
, نظر "سَليم" إلي عيناي والدته مباشرة و زفر بقوة ليقول:
, -ولكني أنا من سيرفض يا أمي لقد وضعت مبادئي في الحياة و لن تتغير مهما حدث ..
, إنزعجت والدته "سمية" مما قاله فصرخت بعصبية:
, -أنت من سترفض هاه !! لقد كنت أدعو **** أن يوافقوا عليك فمن سيزوج إبنته لمأذون أي وظيفة هذه ، لا أعلم لماذا لم تصبح مستشاراً كوالدك أو وكيل نيابة كأخيك أو لواء كـ خالك عزت لم تسير علي نهج العائلة يا سليم كنت كالتفاحة الخاطئة بقفص الطماطم ..
, عض باطن شفتيه بغيظ مما قالته ليردف بحدة طفيفة:
, -و ما به المأذون ؟! هل يأكل البني آدمين إنه بشر كـ بقية البشر يعمل و يكد ليجلب النقود ، دراستي الأزهرية هي من جعلت حلمي أن أصبح مأذون يكون السبب في زواج الكثيرين و طلاق القلة ألا يعلمك هذا الصبر في إنتقاء شريك الحياة ..
, مصمصت شفتيها بإعتراض لترتفع جانب شفتها العلوية قائلة بإستهجان:
, -و يا ليتك تتزوج و تريح قلبي عليك ، بل تُزوج الناس و لا تتزوج أي ابن عاق أنتَ لن يرتاح قلبي و يصفو لك إن لم تقابل العروس التي اخترتها لك يا سليم يا إبن أكرم الوالي ..
, و علي ذكر إسم "الوالي" صدح صوت الأب الذي استيقظ من النوم للتو يفرك عينيه كالطفل الصغير وهو يسأل بحنق:
, -ما هذه الضجة ماذا يحدث في المنزل يا سمية ..
, ردت "سمية" بضيق وهي تلتفت لتعود أدراجها للمطبخ:
, -إدع ابنك يرد عليك فأنا أكاد أصاب بالشلل منكما يوماً ما ، يارب صبرني علي هذه المصيبة التي ابتليتني بها ..
, رحلت الأم ليتبقي الأب و ابنه بالصالة وحدهما ، طرد "أكرم" النعاس بعيداً عن جفنيه و تطلع إلي ابنه متسائلاً:
, -ماذا فعلت يا سَليم لتغضب منك أُمك علي حد علمي أنك ابنها المتربع علي قلبها ..
, رد "سَليم" بإقتضاب:
, -بل إنه موشح كل يوم عن زواج سَليم و الإلقاء به داخل المصيدة مع أنثي تمتلك تاء مربوطة ..
, ربت والده علي كتفه بمواساة و قال بهدوء:
, -لا عليك فأنا إلي جوارك دائماً و لكن ٣ نقطة
, استدار "سَليم" بوجهه إلي والده منتظراً سماع الباقي و الذي يبدو أنه لن يعجبه فإستأنف الأب بخفوت:
, -لن أستطيع الصمود طويلاً فأنت تعلم والدتك ما أن تضع شيئاً برأسها لن تسكت حتي تنفذه ، عليك الإسراع و إيجاد الفتاة المناسبة و إلا سيقع الفأر في المصيدة ٣ نقطة
, مط "سليم" شفته السفلية بعبوس ثم أردف بحنق:
, -لماذا تفكرني دائماً بطبع والدتي و الذي أحفظه عن ظهر قلب ..
, أجاب "أكرم" بهدوء:
, -كي لا تنسي أنك محاصر من والدتك و العروسات التي تجلبها لك من كل مكان ، أكاد أشك أنها تخاوي جن يجلب لها كل تلك الفتيات ..
, إبتسم "سَليم" علي ما قاله والده و قال:
, -حسناً يا أبي سأذهب لأنام قليلاً فأنا متعب للغاية اليوم من العمل ..
, إتسعت أعين الأب بصدمة يزمجر بحدة:
, -أي نوم هذا يا سليم ستذهب لتستحم و تبدل ملابسك ريثما أعد طاولة الشطرنج لنُكمل الدور المتبقي و هذه المرة سأغلبك يا سليم ..
, إستدار "سَليم" مولياً إياه ظهره و قال:
, -بأحلامك يا أبي فـ سليم الوالي لا مكان للهزيمة بقاموسه الربح فقط يا أبي الربح فقط ٣ نقطة!!
, ٢١ تعداد نقطي
, بأحد الأحياء البسيطة و التي يعيش فيها أصحاب الطبقة المتوسطة بعيداً عن العشوائيات ..
, صفت "ليلي" سيارتها السوداء الصغيرة أمام البناية ، ترجلت منها وهي تحمل في بيدها عدة حقائب ثم أغلقت الباب و دلفت إلي البناية ليُقابلها البواب ذو الجلباب البني و الشارب الكث و الجسد السمين ..
, رمقته "ليلي" بنظرة إحتقارية خصيصاً البطن الكبير "الكِرش" ليرتسم الاشمئزاز علي وجهها خاصة كلما رأت رجل ٣ نقطة
, صعدت إلي الطابق الثالث حيثُ تسكن مع والدتها و شقيقتها الصغري "ميادة" ، دلفت إلي المنزل و أغلقت الباب وراءها ..
, نادت "ليلي" بعلو صوتها وهي تتجه إلي السفرة تضع عليها الحقائب:
, -ماما ميادة أين أنتما إحضروا بسرعة ..
, خرجت والدتها "فاطمة" من غرفتها ترتدي إسدال الصلاة مُجيبة:
, -نعم يا ليلي ..
, عبست "ليلي" بحاجبيها قليلاً من حدة والدتها ثم سألت بهدوء:
, -أين ميادة يا أمي ناديتها ولم تأتي ..
, ردت "والدتها" بنبرة مقتضبة:
, -ميادة بغرفتها و لن تخرج بعدما أحزنتها اليوم بكلامك القاسي يا ليلي ..
, صمتت "والدتها" قليلاً ثم أضافت:
, -أنتِ دبش يا فتاة تُلقين الكلمة بكل قسوة ولا تعتذري ..
, لم تُبدي "ليلي" أي تأثر بما قالته والدتها فـ هذه حقيقة لا يُمكن إنكارها و أنها دَبش كما قالت ، لتهتف بتفكير:
, -أتتحداني تلك الفتاة لنري إذاً من سيفوز ..
, إتجهت إلي غرفة شقيقتها الصغري "ميادة" و أمسكت مقبض الباب فوجدته مُغلق لتطرق الباب بقوة قائلة بحدة سافرة:
, -إخرجي يا ميادة و إعقلي و إلا أقسم ب**** لن تذهبي إلي أي مكان بعد الآن إلا للجامعة فقط ..
, قالت آخر كلماتها بتهديد صريح ، ثم عادت لوالدتها التي طالعتها بحاجب مرفوع و قالت:
, -رفقاً بالفتاة يا ليلي ..
, مطت "ليلي" شفتها السُفلية بعدم رضا لتقول:
, -لقد دللناها كثيراً يا أمي و بعمرها هذا الدلال يُفسدها ، رجاءً يا أمي اتركيني أربيها كي تتحمل المسئولية فيما بعد ..
, سألتها "والدتها" بنبرة حادة إمتزجت بالحزن:
, -و أنتِ متي ستتحملين المسئولية يا ليلي إلي أن يشيب رأسك و تقع أسنانك و ينحني ظهرك و أنتِ لوحدك بدون من يساندك ..
, تغضنت قسمات وجه "ليلي" بالضيق و الغضب فـ "والدتها" لا تكل و لا تمل من تكرار مطلبها تجاه الزواج لتُردف بعصبية:
, -لقد تحملت المسئولية منذ أن كان عمري اربعة عشر عاماً حينما تركنا أبي و سافر للخارج للعمل ليبعث لك بعد شهرين ورقة طلاقك و تركك تتحملين مسئولية خمسة فتيات وحدك ليتزوج بشابة تنجب له الولد كما يتمني ، لذلك أفضل البقاء وحدي طوال عمري و ألا اتزوج برجل مُخادع ..
, تنهدت "والدتها" بحزن و قالت محاولة إثنائها عن رأيها:
, -ليس كل الرجال كـ أبيك ليلي ، جدتك سامحها **** هي من قست قلبه عليكن ..
, إبتسمت بسخرية و لكن بداخلها براكين تشتعل ألماً كلما تذكرت والدها فقالت بحقد دفين:
, -و هل نسيت حينما زوج أختي غادة وهي قاصر بعمر الخامسة عشر ألا تتذكري دموعها ..
, أبت "والدتها" الاستسلام لكلامها لتغمغم بهدوء مُتعقل:
, -وها هي الآن سعيدة رفقة زوجها الذي يُحبها كثيراً ، و زواج ريهام مستقر أيضاً حتي هدير الأصغر منك تزوجت و إستقرت بحياتها أنتِ من تجعلين تجربتي مع أبيك عقبة بحياتك ..
, وقفت "ليلي" بشموخ و نظرت بعلسياتها التي لمعت بالقوة إلي عيناي والدتها قائلة بثقة:
, -إنظري يا أُمي حينما ابتعدت عن امور الحب و الزواج و إلتفت إلي مستقبلي كيف صرت ، لقد أصبحت المُحامية ليلي علوان صاحبة مكتب المحاماة ..
, أشهرت والدتها "فاطمة" سبابتها و تلون وجهها بإحمرار الغضب و صاحت بها غاضبة:
, -بل أنتِ ليلي هاشم فاروق علوان لا تنسي هذا يا ليلي ستظلين طوال عمرك ابنة هاشم علوان فهمتِ ..
, أدمعت "ليلي" و سكن الألم بعيناها العسلية و صاحت برفض:
, -لستُ إبنة ذلك الرجل مثلما تخلي عنا بالماضي سيبقي خارج حياتنا للأبد ..
, كادت "والدتها" أن تندفع بالكلام و لكنها توقفت عن الحديث حينما شاهدت "ميادة" ذات الثمانية عشر تقف أمام الباب تراقب حديثهما فإبتسمت رغماً عنها قائلة:
, -ميادة حبيبة أُمك تعالي ..
, أولتها "ليلي" ظهرها بسرعة تُكفكف دموعها بيدها فقد إعتادت الظهور بمظهر الفتاة القوية ، إستدارت لتنظر إلي شقيقتها الخائفة فقالت بنبرة رقيقة:
, -تعالي يا ميادة ..
, إقتربت "ميادة" منهما وهي تجوب بعينيها والدتها و شقيقتها لتقف أمام "ليلي" قائلة بصوت مُرتجف:
, -ليلي إسمعيني حسناً لقد غيرت رأيي و لا أريد الذهاب إلي تلك الحفلة و لن أذهب إلي أي مكان فلا تغضبي مني أرجوك ..
, تقدمت منها "ليلي" بإبتسامة هادئة و أحاطت بذراعها كتف "ميادة" تجذبها إلي الطاولة قائلة بمرح زائف:
, -لا تكوني درامية يا فتاة أنت تعلمين أنني لا أفعل شئ مجرد كلام فقط !!
, زفرت "ميادة" قائلة:
, -لا ترين نفسك يا ليلي و أنتِ تصرخين تبدين كالوحش الذي سينقض علي فريسته في الحال ..
, شهقت "ليلي' بصدمة و إتسعت مقلتيها قائلة:
, -ألتلك الدرجة أبدو مُرعبة؟!
, أومأت" ميادة"مُعقبة:
, -نعم ..
, ضحكت "ليلي" بصخب و قرصتها من وجنتها بمشاغبة تغمغم بمرح:
, -أنتِ بالذات لا تخافي مني فـ أنتِ لستي شقيقتي يا حمقاء بل إبنتي التي لم أُنجبها ..
, تلألأت عيناي "ميادة" بمحبة تنظر إلي شقيقتها الكبري و التي تحاول دائماً تعويضها عن غياب أبيها بشتي الطرق لذلك تحترمها و تجعل من كلمتها سيف علي رقبتها ٣ نقطة
, أخرجت "ليلي" فستان وردي اللون من خامة الحرير فإنبهرت "ميادة" به لتقول "ليلي":
, -إنظري ماذا جلبت لك لتعلمي كم أنا قلبي طيب ..
, كادت مقلتي" ميادة" تخرج من محجريها تنظر إلي الفستان بيد شقيقتها و الذي يبدو غالي الثمن لتتطلع إليها بإمتنان قائلة:
, -ذوقك رائع يا ليلي ولكنه يبدو غالي السعر كثيراً ..
, ناولتها "ليلي" الفستان لتأخذه منها شقيقتها ثم قالت:
, -الغالي يرخص لك يا ميادة ليس عندي أغلي منك في الحياة ..
, إلتقطت "ميادة" الفستان بيد ترتجف و أعين تلتمع وكأنه لؤلؤ ثمين تخشي أن ينكسر قائلة بلهفة:
, -هل وافقتي علي ذهابي إلي حفلة تامر عاشور الجديدة ..
, أجابت "ليلي" بإقتضاب لتُثبت أنها دبش حقاً:
, -لا !! صديقاتك مائعات إنما أنتِ لا ، ستذهبين به رفقة أمي إلي حفل زفاف شقيقة زوج أختك هدير ..
, فغر فاه "ميادة" بصدمة و كادت تعترض لتقاطعها "ليلي" بحدة غير قابلة للنقاش:
, -هذا آخر كلام لدي إن لم يعجبك فلن تذهبي لأي حفلات ٣ نقطة
, ذمت "ميادة" شفتيها بإعتراض بينما تسائلت "والدتهما" بلهفة:
, -هل ستأتين معنا ؟!
, ردت "ليلي" ببرود أعصاب:
, -لا فما أكره علي قلبي سوي حفلات الزفاف أشعر و أني سأصاب بجلطة إذا حضرت ..
, نطقت "ميادة" ووالدتها "فاطمة" معاً:
, -ستحضرين !!
, صاحت "ليلي" بعناد:
, -قُلت لا يعني لا ، لن أحضر أي زفاف ولو علي جثتي ٣ نقطة
إشتباك
بأحد أحياء القاهرة تحديداً "الزمالك" كان الهدوء يعم المكان لا تسمع صوت إلا صوت نسمات الهواء ، لنتقدم من البناية رقم "5" و ترهف السمع قليلاً فتجد ضجيج عالي و أصوات متداخلة ..
, لنصعد إلي الطابق الثاني و نقترب من تلك الشقة فتسمع أصوات سباب رجالية و نسائية معاً ..
, كان الشجار بين العائلتين قوياً ، الرجال يمسكون بملابس بعض و علي وشك القتال أما النساء كانوا يتسابقون في رمي السُباب و الألفاظ البذيئة ..
, بينما وسط هذا الصراخ و المناوشات إندفع جسد وسط المعركة يصرخ عالياً بهم جميعاً:
, -يا جماعة إذكروا **** إن الحياة لا تستحق كل هذا ..
, توقف الرجال عن النزاع و خيم الصمت علي الأرجاء و هم يتطلعون إلي الشاب الذي خرجت منه هذه الكلمات لينصاعوا له إحتراماً و جلسوا في أمكانهم و لما لا و هم بمكتب المأذون الشاب "سليم الوالي" ٣ نقطة
, جلس "سليم" علي مقعده و راقب بصمت نظرات الحقد المتراشقة من كلتا العائلتين فقد جاءوا لإتمام طلاق إبن العائلة المُبجلة من إبنة العائلة الكريمة ..
, إلتفت بنظراته إلي والدة كل من الطرفين و اللتان تتحديان في الملامح المشمئزة و النظرات الكارهة و التي لا تختلف كثيراً عن نظرات الزوجين ..
, ولكن ما باليد حيلة فـ عليه القيام بدور المأذون المعروف و ألا وهو القيام بإقناعهم العذوف عن هذا القرار الخاطئ ..
, تشدق "سليم" بتنهيدة قوية إليهم قوياً وقد لاحظ بنظرته الثاقبة نظرات الحزن و العتاب من الزوجة إلي زوجها:
, -يا جماعة إن أبغض الحلال عند **** الطلاق الرجاء التفكير جيداً قبل البدء في هذه الخطوة الصعبة ..
, و ما أن أتم حديثه حتي أتاه صوت أنثوي حاد و بالطبع لم يكن من العائلة الموقرة يغمغم بحدة:
, -لقد فكرنا جيداً قبل أن نأتي لا داعي لهذه الخطبة رجاءً ..
, تطلع "سليم" بعيناه الخضراويتين إلي صاحبة الصوت ليجد فتاة شابة ذات ملامح قاسية و لكنها شرقية بذات الوقت ترتدي قميص من اللون الأخضر و جيبة سوداء ضيقة تصل إلي بعد ركبتيها بقليل أسفلها جوارب سوداء شفافة و إنتعلت حذاء ذو كعب عالي فيكسب قامتها القصيرة و التي لا تتعدي 160 سم طولاً ، أما خصلاتها السوداء الناعمة فرفعتها علي هيئة ذيل حصان فـ كانت هيئتها ما هي إلا مغرية و شرسة بذات الوقت ..
, دلفت الفتاة للمكتب و إتجهت ناحية الزوجة لتقف جوارها و ليس هناك داعي للتعريف عن سيادة المحامية "ليلي علوان" ..
, ربتت "ليلي" علي كتف موكلتها بشفقة و قالت بمواساة:
, -لا تقلقي عزيزتي سأحررك من هذا البغيض فـ أمثال هؤلاء الرجال القذارة تسري بعروقهم لا يستحقون زوجات طيبات مثلك ..
,
, ربتت علي كتفها مرة أخري ثم إستدارت إلي زوج الموكلة و تبدلت ملامحها إلي الغضب و الحدة و النفور معاً قائلة بشراسة:
, -و أنتَ !٣ نقطة إسمع ستُطلقها و ستأخذ كامل حقوقها منك حتي نفقة بناتها و المسكن ستتكفل به ، و لن تقترب منها بعد ذلك فنحن نسعي للتخلص من أمثالك كي نحيا بسلام دون مشاكل ..
, إرتفع حاجبي "سليم" بدهشة من شراستها و التي استطاع استنباطها منذ اللحظة التي وطأت قدميها بها المكان و الذي لم يتوقعه أن تنصب عليه هو أيضاً بنظرات متعالية:
, -أنتَ إذهب و نادي للمأذون نود الانتهاء سريعاً من هذه المهذلة ..
, تفاجئ "سليم" من وقاحتها معه بالحديث ثم إلتفت برأسه بجميع الأنحاء ثم توقف بعيناه عليها و ارتسمت السخرية بوضوح علي قسمات وجهه مُجيباً بإستنكار:
, -هل أنتِ عمياء يا فتاة ؟! ألا ترين الجلباب و القبعة التي أرتديها و التي تنم بوضوح أنني هو المأذون ..
, إتسعت مقلتي "ليلي" بصدمة متشدقة:
, -أنتَ المأذون ..
, قالتها بصدمة ثم استجمعت رباطة جأشها و قالت بتعالي:
, -ظننتك مساعده ..
, إغتاظ "سليم" من نظرتها المتعالية و لم يرد علي تعليقها السخيف لينظر إلي والدة الفتاة قائلاً:
, -لقد إنتظرنا كثيراً يا سيدتي أين المحامية المُبجلة لقد تأخرت عن الموعد ..
, رفعت السيدة عيناها له و أشارت بسبابتها تجاه "ليلي" قائلة بذهول:
, -ألا تري يا أستاذ هذه المحامية ..
, إلتفت "سليم" إلي "ليلي" و نظر إليها مردداً بذهول:
, -أنتِ المُحامية ..
, قالها وهو ينظر إليها بدهشة ليستكمل بنفس سخريتها منه قبل لحظات يردها لها:
, -لقد ظننتك شقيقة زوجة الأستاذ ، فكل الشقيقات في هذه المواقف حربوءات يسعين وراء تخريب الزيجة حتي آخر لحظة ..
, رمقته "ليلي" بنظرات نارية ليبتسم هو عليها بتشفي فتقدمت قليلاً و قالت وهي تجز علي أسنانها بغيظ:
, -شكراً علي هذه المعلومة يا أستاذ هل باشرت بالطلاق لقد أصبح الجو خانق كثيراً ..
, لم يستمع لها "سليم" و تعمد تجاهلها للمرة الثانية وهو ينظر إلي الزوجين المقدمين علي الطلاق:
, -لا تسعيا وراء تخريب بيتكما و خصوصاً أن بينكما ***** ، فـ من الظلم أن ندعهم يتشتتون وسطكما حاولوا حل خلافاتكم بعيداً عن هذا الحل إن أبغض الحلال عند **** الطــلاق ..
, صرخت "ليلي" بتأفف من هذا البغيض:
, -لقد علمنا أن أبغض الحلال عند **** الطــلاق فلا داعي لأن تكررها ، لم نكن لنأتي هنا إلا بعدما وصلت الحياة بينهم من فشل إلي ذروتها فهل تبدأ بالطلاق و إلا نذهب إلي مأذون آخر ..
, تنهد "سليم" بإحباط بعدما يأس في إقناعهم قائلاً:
, -حسناً ..
, و بالفعل بدأ "سليم" في إجراءات الطلاق و سأل كلا الزوجين عن موافقتهما علي هذا الانفصال ليأتيه الرد بعد لحظات صمت من كليهما كان يرمي بها الآخر شريكه بنظرات معاتبة لينتهي الأمر وهو يقول بنبرة حزينة كلما واتته حالة طلاق:
, -و الآن أعلن أنكما مطلقان رسمياً ..
, و ما أن أنهي حديثه حتي إنطلقت الزغاريد من فم والدة الزوج لتنهض مقبلة إياه بينما لم يبدر منه أي رد فعل سوي أنه ترك المكان مغادراً و كاد أن يلاحظ الدموع بعينيه و تبعته والدته و أفراد عائلته ..
, إنهارت الزوجة علي المقعد باكية فلم يكن زوجها فقط بل كان حبيبها و حب عمرها الوحيد ، إقتربت "ليلي" منها قائلة بحدة و بغض من الرجال بنبرة لا تحمل سوي القليل من المواساة:
, -لا تبكين علي رجل لا يستحق ، دموعك لا تستحق النزول علي رجل خائن مثله بل عليك النهوض و إطلاق الزغاريد كما فعلت أمه الحرباءة قبل قليل ، نحن الآن في مجتمع يتساوي الرجل و المرأة فيه عليك النهوض و النسيان كما سيفعل طليقك فلم يخلق البكاء لنا وحدنا ..
, نهضت الزوجة و صاحبتها كلاً من والدتها و قريباتها لاحقتهم نظرات "ليلي" و التي كادت أن تخرج حتي إستوقفها صوت "سليم" يغمغم بإستحقار:
, -يا لكي من قاسية ، الفتاة تنتظر كلمة مواساة في هذه اللحظة و أنتِ ترشقين بصدرها كلماتك القاسية يا لكِ من جاحدة ..
, إستدرات "ليلي" لتصبح قبالته وقد خلي المكان إلا من كليهما قائلة ببرود:
, -لا تتدخل فيما لا يعنيك لا ينقصني سوي أنتَ لتنصح المحامية ليلي علوان ..
, حرك رأسه نافياً بذهول و قال بنفور شديد من عجرفتها:
, -صدقاً أتمني ألا تلتقي دروبنا يوماً ..
, إبتسمت "ليلي" بسخرية وهي تقول:
, -نفس الشعور المُتبادل يا أستاذ فأنا أبغض علي قلبي رؤية الرجال أمثالك ..
, ختمت حديثها و إستدارت مغادرة المكتب تحت نظرات "سليم" المذبهلة من وقاحة هذه الفتاة التي لم يقابل مثلها قبل ، و ستظل حالة الطلاق هذه الأدهش بالنسبة له خصوصاً أنها إرتبط بإسم فتاة واحدة جمعه القدر بها صدفة
, "ليلي علــوان" ٤ نقطة
, ٢٣ تعداد نقطي
, حل المساء و توارت الشمس بالسماء ليحل مكانها رداء الليل الكحيل المرصعة النجوم اللامعة يُزينها قرص القمر المُستدير ..
, دلف "سليم الوالي" إلي منزله و الذي يعيش فيه رفقة والده ووالدته ، أغلق الباب وراءه و ألقي بمفاتيحه علي الطاولة جوار الباب متنهداً بضيق ..
, سيطر الوجوم علي قسمات وجهه الوسيم بدلاً من الإبتسامة المُشرقة التي يتسم بها ، فـ بعد الصدفة التي جمعته للقاء بالمحامية المُتغطرسة وهو علي هذا الحال و لم يتبدد حنقه و غيظه منها حتي مع الُعملاء لديه لتسيطر الكآبة علي يومه ..
, أفاق من شروده علي صوت والدته السيدة "سُمية" وهي تخرج من المطبخ تمسك في يدها مغرفة الطعام ليُشرق وجهها بإبتسامة واسعة له قائلة:
, -سليم حبيبي أنتَ عدت خمس دقائق و سيصبح الطعام جاهز إذهب و بدل ملابسك ريثما أجهز الطعام علي الطاولة ..
, إرتسمت بسمة شاحبة علي وجه "سليم" وهو يجيب والدته:
, -ليس لدي شهية يا أمي تناولي أنتِ و أبي بدوني بالصحة و العافية ..
, عبست ملامح والدته "سمية" بشدة و قالت بإنزعاج:
, -ماذا تهزي يا ولد ستتناول معنا الطعام غصباً عنك ، ألا يكفي أنني أقف بالساعات في المطبخ لأعد لكما وجبة عشاء أشبه بالوليمة لتأتي أنتَ و ترفض الأكل لو كنت تزوجت لكانت زوجتك تساعدني الآن ، من هم في مثل سنك أبناءهم يذهبون إلي روضة الأطفال ..
, أغمض "سليم" عيناه بتعب من مرشح والدته اليومي و التي بات كالقصيدة التي تمطر علي مسامعه ليفتح عيناه الخضراويتين و نظر لوالدته مغمغماً:
, -لقد أخبرتك يا أمي أنني لن أتزوج إلا حينما أجد الفتاة التي يألفها قلبي ..
, مصمصت والدته شفتيها بعدم رضا قائلة:
, -ومتي سيحدث هذا ؟! حينما يغزو الشيب رأسك أنت علي مشارف منتصف الثلاثين عاماً ولم تتزوج أترغب في لقب "الأربعيني الأعزب" صحيح ..
, تقدم "سليم" من والدته و أمسك يدها يطبع عليها قبلة رقيقة قائلاً:
, -ألا يكفيك أخي نادر لقد تزوج و لديه ولدين ألا يُشبعان غريزة الجدة بداخلك ..
, تلألأت أعين والدته بدموع و أمسكت بيده ولم تدعها تفلت منها ثم أردفت بتوسل:
, -أرح قلبي يا سَليم أود أن أري أطفالك يا بني قبل أن تذهب روحي إلي خالقها لم يعد في العمر الكثير للصبر بني ..
, سكن الألم مقلتي "سَليم" ليهمس لوالدته بحب:
, -كفاك هذا الكلام يا أمي ليطول عمرك إن شاء **** و قرار الزواج هذا يخصني و لن أقدم عليه إلا حينما أجد الفتاة المناسبة لي ..
, تمسكت بنظراته المحبة لها لتستغل الفرصة قائلة:
, -وكيف ستجدها و أنتَ بعيد عن جنس بنات حواء ، لقد وجدت لك عروس مناسبة و بالتأكيد ستعجبك أدب و أخلاق و حياء و متعلمة أيضاً لن يرفضك أهلها ، قابلها لعلها المُراد يا سَليم ..
, نظر "سَليم" إلي عيناي والدته مباشرة و زفر بقوة ليقول:
, -ولكني أنا من سيرفض يا أمي لقد وضعت مبادئي في الحياة و لن تتغير مهما حدث ..
, إنزعجت والدته "سمية" مما قاله فصرخت بعصبية:
, -أنت من سترفض هاه !! لقد كنت أدعو **** أن يوافقوا عليك فمن سيزوج إبنته لمأذون أي وظيفة هذه ، لا أعلم لماذا لم تصبح مستشاراً كوالدك أو وكيل نيابة كأخيك أو لواء كـ خالك عزت لم تسير علي نهج العائلة يا سليم كنت كالتفاحة الخاطئة بقفص الطماطم ..
, عض باطن شفتيه بغيظ مما قالته ليردف بحدة طفيفة:
, -و ما به المأذون ؟! هل يأكل البني آدمين إنه بشر كـ بقية البشر يعمل و يكد ليجلب النقود ، دراستي الأزهرية هي من جعلت حلمي أن أصبح مأذون يكون السبب في زواج الكثيرين و طلاق القلة ألا يعلمك هذا الصبر في إنتقاء شريك الحياة ..
, مصمصت شفتيها بإعتراض لترتفع جانب شفتها العلوية قائلة بإستهجان:
, -و يا ليتك تتزوج و تريح قلبي عليك ، بل تُزوج الناس و لا تتزوج أي ابن عاق أنتَ لن يرتاح قلبي و يصفو لك إن لم تقابل العروس التي اخترتها لك يا سليم يا إبن أكرم الوالي ..
, و علي ذكر إسم "الوالي" صدح صوت الأب الذي استيقظ من النوم للتو يفرك عينيه كالطفل الصغير وهو يسأل بحنق:
, -ما هذه الضجة ماذا يحدث في المنزل يا سمية ..
, ردت "سمية" بضيق وهي تلتفت لتعود أدراجها للمطبخ:
, -إدع ابنك يرد عليك فأنا أكاد أصاب بالشلل منكما يوماً ما ، يارب صبرني علي هذه المصيبة التي ابتليتني بها ..
, رحلت الأم ليتبقي الأب و ابنه بالصالة وحدهما ، طرد "أكرم" النعاس بعيداً عن جفنيه و تطلع إلي ابنه متسائلاً:
, -ماذا فعلت يا سَليم لتغضب منك أُمك علي حد علمي أنك ابنها المتربع علي قلبها ..
, رد "سَليم" بإقتضاب:
, -بل إنه موشح كل يوم عن زواج سَليم و الإلقاء به داخل المصيدة مع أنثي تمتلك تاء مربوطة ..
, ربت والده علي كتفه بمواساة و قال بهدوء:
, -لا عليك فأنا إلي جوارك دائماً و لكن ٣ نقطة
, استدار "سَليم" بوجهه إلي والده منتظراً سماع الباقي و الذي يبدو أنه لن يعجبه فإستأنف الأب بخفوت:
, -لن أستطيع الصمود طويلاً فأنت تعلم والدتك ما أن تضع شيئاً برأسها لن تسكت حتي تنفذه ، عليك الإسراع و إيجاد الفتاة المناسبة و إلا سيقع الفأر في المصيدة ٣ نقطة
, مط "سليم" شفته السفلية بعبوس ثم أردف بحنق:
, -لماذا تفكرني دائماً بطبع والدتي و الذي أحفظه عن ظهر قلب ..
, أجاب "أكرم" بهدوء:
, -كي لا تنسي أنك محاصر من والدتك و العروسات التي تجلبها لك من كل مكان ، أكاد أشك أنها تخاوي جن يجلب لها كل تلك الفتيات ..
, إبتسم "سَليم" علي ما قاله والده و قال:
, -حسناً يا أبي سأذهب لأنام قليلاً فأنا متعب للغاية اليوم من العمل ..
, إتسعت أعين الأب بصدمة يزمجر بحدة:
, -أي نوم هذا يا سليم ستذهب لتستحم و تبدل ملابسك ريثما أعد طاولة الشطرنج لنُكمل الدور المتبقي و هذه المرة سأغلبك يا سليم ..
, إستدار "سَليم" مولياً إياه ظهره و قال:
, -بأحلامك يا أبي فـ سليم الوالي لا مكان للهزيمة بقاموسه الربح فقط يا أبي الربح فقط ٣ نقطة!!
, ٢١ تعداد نقطي
, بأحد الأحياء البسيطة و التي يعيش فيها أصحاب الطبقة المتوسطة بعيداً عن العشوائيات ..
, صفت "ليلي" سيارتها السوداء الصغيرة أمام البناية ، ترجلت منها وهي تحمل في بيدها عدة حقائب ثم أغلقت الباب و دلفت إلي البناية ليُقابلها البواب ذو الجلباب البني و الشارب الكث و الجسد السمين ..
, رمقته "ليلي" بنظرة إحتقارية خصيصاً البطن الكبير "الكِرش" ليرتسم الاشمئزاز علي وجهها خاصة كلما رأت رجل ٣ نقطة
, صعدت إلي الطابق الثالث حيثُ تسكن مع والدتها و شقيقتها الصغري "ميادة" ، دلفت إلي المنزل و أغلقت الباب وراءها ..
, نادت "ليلي" بعلو صوتها وهي تتجه إلي السفرة تضع عليها الحقائب:
, -ماما ميادة أين أنتما إحضروا بسرعة ..
, خرجت والدتها "فاطمة" من غرفتها ترتدي إسدال الصلاة مُجيبة:
, -نعم يا ليلي ..
, عبست "ليلي" بحاجبيها قليلاً من حدة والدتها ثم سألت بهدوء:
, -أين ميادة يا أمي ناديتها ولم تأتي ..
, ردت "والدتها" بنبرة مقتضبة:
, -ميادة بغرفتها و لن تخرج بعدما أحزنتها اليوم بكلامك القاسي يا ليلي ..
, صمتت "والدتها" قليلاً ثم أضافت:
, -أنتِ دبش يا فتاة تُلقين الكلمة بكل قسوة ولا تعتذري ..
, لم تُبدي "ليلي" أي تأثر بما قالته والدتها فـ هذه حقيقة لا يُمكن إنكارها و أنها دَبش كما قالت ، لتهتف بتفكير:
, -أتتحداني تلك الفتاة لنري إذاً من سيفوز ..
, إتجهت إلي غرفة شقيقتها الصغري "ميادة" و أمسكت مقبض الباب فوجدته مُغلق لتطرق الباب بقوة قائلة بحدة سافرة:
, -إخرجي يا ميادة و إعقلي و إلا أقسم ب**** لن تذهبي إلي أي مكان بعد الآن إلا للجامعة فقط ..
, قالت آخر كلماتها بتهديد صريح ، ثم عادت لوالدتها التي طالعتها بحاجب مرفوع و قالت:
, -رفقاً بالفتاة يا ليلي ..
, مطت "ليلي" شفتها السُفلية بعدم رضا لتقول:
, -لقد دللناها كثيراً يا أمي و بعمرها هذا الدلال يُفسدها ، رجاءً يا أمي اتركيني أربيها كي تتحمل المسئولية فيما بعد ..
, سألتها "والدتها" بنبرة حادة إمتزجت بالحزن:
, -و أنتِ متي ستتحملين المسئولية يا ليلي إلي أن يشيب رأسك و تقع أسنانك و ينحني ظهرك و أنتِ لوحدك بدون من يساندك ..
, تغضنت قسمات وجه "ليلي" بالضيق و الغضب فـ "والدتها" لا تكل و لا تمل من تكرار مطلبها تجاه الزواج لتُردف بعصبية:
, -لقد تحملت المسئولية منذ أن كان عمري اربعة عشر عاماً حينما تركنا أبي و سافر للخارج للعمل ليبعث لك بعد شهرين ورقة طلاقك و تركك تتحملين مسئولية خمسة فتيات وحدك ليتزوج بشابة تنجب له الولد كما يتمني ، لذلك أفضل البقاء وحدي طوال عمري و ألا اتزوج برجل مُخادع ..
, تنهدت "والدتها" بحزن و قالت محاولة إثنائها عن رأيها:
, -ليس كل الرجال كـ أبيك ليلي ، جدتك سامحها **** هي من قست قلبه عليكن ..
, إبتسمت بسخرية و لكن بداخلها براكين تشتعل ألماً كلما تذكرت والدها فقالت بحقد دفين:
, -و هل نسيت حينما زوج أختي غادة وهي قاصر بعمر الخامسة عشر ألا تتذكري دموعها ..
, أبت "والدتها" الاستسلام لكلامها لتغمغم بهدوء مُتعقل:
, -وها هي الآن سعيدة رفقة زوجها الذي يُحبها كثيراً ، و زواج ريهام مستقر أيضاً حتي هدير الأصغر منك تزوجت و إستقرت بحياتها أنتِ من تجعلين تجربتي مع أبيك عقبة بحياتك ..
, وقفت "ليلي" بشموخ و نظرت بعلسياتها التي لمعت بالقوة إلي عيناي والدتها قائلة بثقة:
, -إنظري يا أُمي حينما ابتعدت عن امور الحب و الزواج و إلتفت إلي مستقبلي كيف صرت ، لقد أصبحت المُحامية ليلي علوان صاحبة مكتب المحاماة ..
, أشهرت والدتها "فاطمة" سبابتها و تلون وجهها بإحمرار الغضب و صاحت بها غاضبة:
, -بل أنتِ ليلي هاشم فاروق علوان لا تنسي هذا يا ليلي ستظلين طوال عمرك ابنة هاشم علوان فهمتِ ..
, أدمعت "ليلي" و سكن الألم بعيناها العسلية و صاحت برفض:
, -لستُ إبنة ذلك الرجل مثلما تخلي عنا بالماضي سيبقي خارج حياتنا للأبد ..
, كادت "والدتها" أن تندفع بالكلام و لكنها توقفت عن الحديث حينما شاهدت "ميادة" ذات الثمانية عشر تقف أمام الباب تراقب حديثهما فإبتسمت رغماً عنها قائلة:
, -ميادة حبيبة أُمك تعالي ..
, أولتها "ليلي" ظهرها بسرعة تُكفكف دموعها بيدها فقد إعتادت الظهور بمظهر الفتاة القوية ، إستدارت لتنظر إلي شقيقتها الخائفة فقالت بنبرة رقيقة:
, -تعالي يا ميادة ..
, إقتربت "ميادة" منهما وهي تجوب بعينيها والدتها و شقيقتها لتقف أمام "ليلي" قائلة بصوت مُرتجف:
, -ليلي إسمعيني حسناً لقد غيرت رأيي و لا أريد الذهاب إلي تلك الحفلة و لن أذهب إلي أي مكان فلا تغضبي مني أرجوك ..
, تقدمت منها "ليلي" بإبتسامة هادئة و أحاطت بذراعها كتف "ميادة" تجذبها إلي الطاولة قائلة بمرح زائف:
, -لا تكوني درامية يا فتاة أنت تعلمين أنني لا أفعل شئ مجرد كلام فقط !!
, زفرت "ميادة" قائلة:
, -لا ترين نفسك يا ليلي و أنتِ تصرخين تبدين كالوحش الذي سينقض علي فريسته في الحال ..
, شهقت "ليلي' بصدمة و إتسعت مقلتيها قائلة:
, -ألتلك الدرجة أبدو مُرعبة؟!
, أومأت" ميادة"مُعقبة:
, -نعم ..
, ضحكت "ليلي" بصخب و قرصتها من وجنتها بمشاغبة تغمغم بمرح:
, -أنتِ بالذات لا تخافي مني فـ أنتِ لستي شقيقتي يا حمقاء بل إبنتي التي لم أُنجبها ..
, تلألأت عيناي "ميادة" بمحبة تنظر إلي شقيقتها الكبري و التي تحاول دائماً تعويضها عن غياب أبيها بشتي الطرق لذلك تحترمها و تجعل من كلمتها سيف علي رقبتها ٣ نقطة
, أخرجت "ليلي" فستان وردي اللون من خامة الحرير فإنبهرت "ميادة" به لتقول "ليلي":
, -إنظري ماذا جلبت لك لتعلمي كم أنا قلبي طيب ..
, كادت مقلتي" ميادة" تخرج من محجريها تنظر إلي الفستان بيد شقيقتها و الذي يبدو غالي الثمن لتتطلع إليها بإمتنان قائلة:
, -ذوقك رائع يا ليلي ولكنه يبدو غالي السعر كثيراً ..
, ناولتها "ليلي" الفستان لتأخذه منها شقيقتها ثم قالت:
, -الغالي يرخص لك يا ميادة ليس عندي أغلي منك في الحياة ..
, إلتقطت "ميادة" الفستان بيد ترتجف و أعين تلتمع وكأنه لؤلؤ ثمين تخشي أن ينكسر قائلة بلهفة:
, -هل وافقتي علي ذهابي إلي حفلة تامر عاشور الجديدة ..
, أجابت "ليلي" بإقتضاب لتُثبت أنها دبش حقاً:
, -لا !! صديقاتك مائعات إنما أنتِ لا ، ستذهبين به رفقة أمي إلي حفل زفاف شقيقة زوج أختك هدير ..
, فغر فاه "ميادة" بصدمة و كادت تعترض لتقاطعها "ليلي" بحدة غير قابلة للنقاش:
, -هذا آخر كلام لدي إن لم يعجبك فلن تذهبي لأي حفلات ٣ نقطة
, ذمت "ميادة" شفتيها بإعتراض بينما تسائلت "والدتهما" بلهفة:
, -هل ستأتين معنا ؟!
, ردت "ليلي" ببرود أعصاب:
, -لا فما أكره علي قلبي سوي حفلات الزفاف أشعر و أني سأصاب بجلطة إذا حضرت ..
, نطقت "ميادة" ووالدتها "فاطمة" معاً:
, -ستحضرين !!
, صاحت "ليلي" بعناد:
, -قُلت لا يعني لا ، لن أحضر أي زفاف ولو علي جثتي ٣ نقطة