د
دكتور نسوانجي
ضيف
الكل يحلم بها... رجالاً ونساء، لكن لا أحد يتحدث عنها، هذه الخيالات طبيعية تماما حتى تلك التي نتمنى لو أننا لم نتخيلها أو نشعر بالذنب تجاهها. إن الخيالات الجنسية تملك ميزة واحد كبيرة ومهمة جداً، وهي أن لدينا تحكماً كاملاً بكل ما يجري فيها. ولن نعاني فيها من أي حدث يمكن أن يجري بعكس ما نرغب. وإذا فكرنا بالاحتمالات، فإن الشريك يمكن أن يكون من مشاهير العالم، أو شخصاً عادياً التقيته في حياتك اليومية، أو ربما مجرد صديق. نستطيع أيضاً أن نختار مسرح الحدث إن كان في جزيرة نائية أو في المصعد، أو حتى في حديقة. وقد تتراوح المناسبة بين الرومنسية والجنون. لكننا بشكل عام نخلق تلك الخيالات الجنسية مع حبيب حالي أو شريك سابق، ورغم أن خيالاتنا الجنسية هي ملكنا نملك فيها حرية التصرف تماما إلا أنها تجنح دائما نحو أحداث حقيقية مرت في حياتناً. المثير أيضاً أن البشر لا زالوا يعتبرون الحديث عنها أو نقاشها من المحرمات في كل الثقافات والحضارات رغم أن البشر يعيشون في عصر التحرر والإنفتاح الأكبر. تبقى هي من أقدم المحرمات التي نتحفظ عليها بشكل دائم.
يقول بروفيسور علم النفس ومؤلف كتب (قوة الخيال) إيثل بيرسن في جامعة كولومبيا: "نحن نتحدث إلى أصدقائنا المقربين عن راتبنا وكم نقبض في الشهر.. عن بعض عاداتنا الجنسية أحياناً، ومن نشعر بالشهوة تجاههم، لكننا لا نتحدث أبداً عن خيالاتنا الجنسية حتى لأقرب أصدقائنا لأننا نعتبرها قمة الإفشاء، فهي أحاسيس مقدسة لا نظهرها لكننا نقدسها أكثر من أي شيء في حياتنا". حتى علماء النفس في النصف الأول من القرن المنصرم اعتبروا تلك الخيالات هراء غير مفهوم ولا يستحق النظر به. لكننا في العقدين الأخيرين بدأنا نجرؤ على فهمها، وتغيير العديد من المفاهية الخاطئة عن خيالاتنا الجنسية.
إن أكبر فهم خاطئ للخيالات الجنسية بدأ مع فرويد نفسه بقوله "الإنسان السعيد لا يتخيل الجنس أبداً، بل فقط الشخص الغير راض عن حياته الجنسية" وتم تبني هذا القول كنظرية بشكل خاطئ كونه صدر من مؤسس علم النفس. وبقي البشر يعتقدون أن الخيالات الجنسية نقص في الفرص لجنسية في حياتهم. لكن الإحصائيات الأخيرة أشارت إلى أن من يمارسون الجنس بشكل أكبر، من يتنوعون في طرق ممارسة الجنس ومن يحصلون على أكبر عدد من شركاء الجنس، هم أكثر من يستمتع أيضاً بالخيالات الجنسية. والرابط بين الخيالات الجنسية والصحة الجنسية الجيدة كبير جداً بل إن الواقع يقول الآن أن من لا يملك خيالات جنسية يعاني من مشكلة نفسية حقيقية.
ولا عجب أن الدراسات الحديثة أظهرت أن كل البشر تقريباً يملكون تلك الخيالات الجنسية، وأن نسبة خمسة بالمئة منهم لا يملكونها (أو لا يعترفون بها على الأقل). النسبة الضئيلة جدا من الذكور والإناث الذين لا يملكون خيالات جنسية يقومون بتعويضها من أحداث مرئية (كالأفلام الإباحية ) أو أنهم لا يعطون اهتماماً لتلك الأفكار أصلاً.
معظم البالغين اعترفوا أن خيالاتهم الجنسية بدأت بين عمر الـ 11 والـ 13 عاماً فهي تبدأ من بدء إنتاج الهرمونات الجنسية للمراهقين وبدايات سن البلوغ. في أحد الدراسات قام مجموعة من الباحثين بسؤال شرائح عشوائية من المراهقين إن كان الجنس قد خطر على ذهنهم خلال الدقائق الخمسة السابقة للسؤال، أجاب بالإيجاب 52 من الذكور و 42 بالمئة من الإناث، ونقصت هذه النسبة في الأعمار الأكبر حيث أصبحت 19 بالمئة للذكور و 12 بالمئة للنساء في مجال العمر بين 56 – 64...
ومتى قطعنا عمرا معيناً يصبح من الصعب التنبؤ بدرجة وجود تلك الخيالات في ذهن شخص، رغم أن الموضوع لا علاقة له بتدين شخص أو تحرره، فالمتدينين يشعرون بذنب تجاه تلك الخيالات ويعتبرونها "شطحات لا أخلاقية غير مقبولة" رغم أنهم يملكونها بنفس النسبة التي يملكها إنسان لا يشعر بالذنب تجاهها. وليس فقط الدين هو السبب في الإحساس المختلط تجاهها فواحد من أصل أربع أشخاص يشعر بالذنب تجاهها مهما كان انتماؤهم، أكثرهم أكثر ما يزعجه الخيالات التي تراودهم أثناء ممارسة الجنس مع الشريك ويحاولون كبتها وإخفاءها. هذا الذنب أيضاً يصيب الفرد عندما تتضارب خيالاته مع أيديولوجيته أو مركزه، قد يشعر شخص ذو مكانه كبيرة في المجتمع بالذنب تجاه تخيله ممارسة الجنس بطرق غريبة أو خارجة عن المعتاد. قد يعتقد البعض أنها نقص في الشخصية أو أنها مرتبطة بشكل ما بميولهم الفكرية بشكل أو بآخر. وكل تلك الأحاسيس بالذنب تشكل عبئا ثقيلاً على صاحبها، وكلما ازداد قلق الفرد تجاه تلك الخيالات تقل رغبتهم بممارسة الجنس والاستمتاع به رغم أن خيالاتهم لا تختلف عن خيالات من لا يأبه بها أو لا يشعر بالذنب تجاهها.
حتى في الأفراد الذين لا يشعرون بذنب كبير تجاه خيالاتهم فإنها تبدأ بإقلاقهم عندما تكون غريبة أحيانا أو شاذة، فخيالات الاغتصاب على سبيل المثال أكثر شيوعاً من حالات الاغتصاب الفعلية، والكثير من الأفراد يملكونها ، لكنها في الواقع لا تشكل خطراً إلا عندما ينكسر الحاجز بين الخيال والواقع وتصبح قهرية في الذهن بالنسبة لمن يملك تلك الخيالات. ورغم أنها لا تقود في معظم الأحيان إلى حدث الاغتصاب إلا أن الخوف والذنب تجاهها يثقل أصحابها دائما.
لا يوجد حتى الآن سبب واضح ومحدد لاختلاف تلك الخيالات من شخص لآخر، والنظريات حول ذلك الموضوع متعددة، أغلب الظن أنها ترتبط بخبراتنا الحياتية وما نراه أو نقرأه أو نسمعه. في الواقع فإن المؤثرات الخارجية كالتي نشاهدها في التلفزيون أو التي نراها في الشارع هي سبب في ذلك التنوع، والتلميحات الجنسية من حولنا موجهة أكثرها للرجال مما يجعل خيالاتهم الجنسية أكثر تنوعا من الخيالات التي تملكها النساء، ولأن المجتمع بشكل عام يهتم بإثارة غريزة الرجل بشكل أكبر فإن ذلك ينعكس على خيالاته الجنسية أكثر. أحد الإحصائيات أشارت إلى أن معدل الخيالات الجنسية التي يكونها الذكور الفتيان بين سن 18 و 25 هو 7 في اليوم مقابل 4.5 للأنثى.
أكثر الخيالات المفضلة لدينا هي الخيالات التي تطلقها حالة أو ظرف تقدم معطيات تذكر دماغنا بالجنس بشكل مباشر أو غير مباشر، تماما كحالة الكلب الذي يسيل لعابه عن سماعه الجرس في تجربة بافلوف الشهيرة. هذا بالنسبة للخيالات العابرة، أما الخيالات التي تقودنا في النهاية إلى النشوة الجنسية Orgasm فهي خيالات يفرضها عقلنا الواعي بشكل متكرر لكن مع التعديل عليها كل مرة لجعلها أكثر تشويقا وإثارة. نحن نخترعها، نكتب لها السيناريو ثم نبدأ بتطويرها كل مرة كمسلسل، والسيناريوهات الجنسية التي لا نقوم بتطويرها في عقلنا نلقي بها بعيدا في النهاية لنأتي بسيناريوهات جديدة.
وبينما أكثر الخيالات شيوعاً هي التي تتضمن ممارسات جنسية في السابق، أو ممارسات في الحاضر أو حتى شركاء وهميين، فإن ليتنبيرغ وهينينغ قدما ثلاثة أشكال أخرى مختلفة عن الشكل الكلاسيكي، هي خيالات ليست شائعة في ذهننا كالشكل الكلاسيكي لكنها موجودة عند الكل دائماً..
-الخيالات الغريبة الغير مألوفة، والتي تشمل تخيل ظروف غريبة، وشركاء خياليين لا يمكن أن يكونوا واقعيين كغرباء أو أقارب، هذه الخيالات أيضا تشمل أوضاع جنسية غريبة ومنوعة على نمط الكاما سوترا.
-الخيالات التي تخلق سيناريوهات وإحساسات جنسية لا يمكن مقاومتها، كخيالات عدم مقاومة الإغراء الجنسي، وهي تأخذ في طابعها أشكال ممارسة جنسية مفرطة وحيوانية، وقد يكون في هذه الخيالات أكثر من شريك جنسي واحد
-الخيالات التي تحمل طابع السيطرة أو الخضوع، كأن تتخيل المرأة أن أحدا يغتصبها أو أن يتخيل الرجل أنه يمارس الجنس بعنوة مع إحداهن، قد تحمل هذه الخيالات طابع الطقوس السادية أو الماسوشية، أو تحمل طابع العنف والقهر كالاغتصاب، أثبتت الإحصاءات أن 44 بالمئة من الرجال راودتهم خيالات يمارسون فيها الجنس عنوة، 55 بالمئة من النساء أيضا تخيلن أنهن يغتصبن.
طبعا هذه الإحصاءات يجب أن لا يساء فهمها فهي لا تعني ولا بأي شكل أن أياً من ضحايا الاغتصاب أردن ذلك في الواقع، فالنساء اللواتي تخيلن أنهن يُغتصبن أشرن بكل وضوح على أنهن لا يقبلن هذه الفكرة في الواقع ولا بأي شكل من الأشكال، هن في خيالاتهن يتحكمن بكل تفاصيل السيناريو تماماً، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن طابعها أقل عنفا وقسوة بكثير مما يتطلبه اغتصاب في الواقع، الخيال بشكل عام يحوي رجلا جذاباً يهيم بجاذبية المرأة ولا يستطيع مقاومتها. وفي النهاية الهدف واحد، وهي أن من يتخيل تلك المشاهد يرغب دائما في أن يكون مرغوباً.
ولا يحتاج الأمر إلى بروفيسور ليكتشف أن خيالات النساء تختلف في طابعها عن خيالات الرجال، أو أن خيالات المثيلين جنسيا تختلف عن خيالات الطبيعيين جنسياً. الرجال مثلاً يحلمون بفتيات أشبه بفتيات Playboy، أثداء كبيرة، أجساد جميلة كاملة في كل تفاصيلها ، بينما تكون خيالات المرأة الجنسية رومنسية أكثر كقصص الحب التي تنتهي بممارسة الجنس. طبعا فإن الرجل في خيال المرأة يملك أيضا جسما قويا وجميلاً لكن الجنس بالنسبة للمرأة يجب أن يأتي إليها بشكل رومنسي وعاطفي. وفي حين أن معظم النساء يستمتعن بالجنس كلما كان رومنسياً فإن الرجال يستمتعون كلما ازدادت المرات الذي يمارسون بها الجنس مع الشريك.
هذه الاختلافات دائما تخضع للمجتمع والثقافة التي توجد بها، وبشكل عام فإن المجتمع بشكله الحالي قاد أكثر الرجال إلى التركيز على الصفات الجسدية في خيالاتهم الجنسية بينما اهتمت النساء بصفات الشريك الجنسي العاطفية. يؤثر أيضا الموروث الثقافي والديني على تلك الخيالات وعلى درجة الإحساس بالذنب تجاهها وتوجيهها.
ثم إن الاختلافات بين الرجال والنساء لا تكون فقط في رومنسية الموقف الجنسي.. بل تتعداها إلى اختلافات نذكر أهمها
- يميل الرجال إلى تخيل أنهم يقومون يبادرون في الممارسات الجنسية والأفعال الجنسية مع المرأة ويركزون على جسد المرأة وتفاصيله الفيزيائية بينما تميل النساء إلى الخيالات التي تشعرهن أن الرجل يحب أن يمارس الجنس معهن على طريقته (الطريقة التي تتخيلها المرأة وتتخيل أن الرجل يحبها.) كما يملن إلى التفكير بأن الرجل يهتم بهن ككل لا بشكل جسدهن.
- يميل الرجل في حوالي ثلث الحالات إلى تبديل الشريك الجنسي في الخيال الواحد بينما تبقين النساء على الشريك حتى آخر الممارسة لتغيره في سيناريو آخر جديد.
- كلا الطرفين يملكان خيالات تتضمن السيطرة أو الخضوع، لكن الرجل يملك خيالات جنسية تحمل طابع السيطرة على العملية الجنسية أكثر، والمرأة تحب الخيالات التي تحمل طابع الخضوع في الجنس
- يملك الرجال تنوعاً أكبر في سيناريوهات خيالاتهم الجنسية من النساء.
احلموا كما ترغبون
لا تزال هناك العديد من الأسئلة التي تنتظر الإجابات في علم النفس عن الخيالات الجنسية، ما هي الاختلافات في الخيالات بين الثقافات والحضارات المتعددة؟ كيف تتغير تلك الخيالات خلال حياة الإنسان ومراحل عمره، هل يقضي العمر على جمالها أم يجعلها أكثر إشراقا؟ إلى ما هناك من الأسئلة التي تصعب الإجابة عنها لأسباب ثقافية وعمرية عديدة.
لكن ما نعرفه فعلاً أن تلك الخيالات جزء أساسي من ذخيرتنا الجنسية، فهي إشارة مهمة لصحتنا الجنسية النفسية ،وما نعرفه أن كلما كانت حياتنا الجنسية سليمة أكثر وناجحة ازدادت خيالاتنا الجنسية.
في الحقيقة فإن قدرة تلك الخيالات الجنسية على تهييج الإنسان جنسياً أو حتى الوصول به إلى ذروة النشوة والقذف تعني أن الدماغ فعال كفعالية أعضائنا الجنسية تماما في الجزء الجنسي من حياتنا. ورغم أن معظم خيالاتنا الجنسية لا تخرج عن شكل ممارسة الجنس الاعتيادي إلا أن الغريبة منها تضعنا في خبرات جنسية جديدة دون الخوف من الأذى الجسدي أو الرفض الاجتماعي لها. نلاحظ أن تخيل ممارسة الجنس مع شريك الحياة الحالي أمر شائع عندما لا نكون في حالة ممارسة الجنس، بينما في كثير من الأحيان نتخيل ممارسة الجنس مع شخص غريب عندما نمارس الجنس حقيقة مع الشريك.
يقول البروفيسور ليتنبيرغ "الخيالات الجنسية جزء طبيعي من كوننا بشر، وهي ممتعة لنا بدون أي أذى بل على العكس، فلماذا نشعر بالذنب تجاهها بدلاً من أن نمارس تلك الخيالات؟".
يقول بروفيسور علم النفس ومؤلف كتب (قوة الخيال) إيثل بيرسن في جامعة كولومبيا: "نحن نتحدث إلى أصدقائنا المقربين عن راتبنا وكم نقبض في الشهر.. عن بعض عاداتنا الجنسية أحياناً، ومن نشعر بالشهوة تجاههم، لكننا لا نتحدث أبداً عن خيالاتنا الجنسية حتى لأقرب أصدقائنا لأننا نعتبرها قمة الإفشاء، فهي أحاسيس مقدسة لا نظهرها لكننا نقدسها أكثر من أي شيء في حياتنا". حتى علماء النفس في النصف الأول من القرن المنصرم اعتبروا تلك الخيالات هراء غير مفهوم ولا يستحق النظر به. لكننا في العقدين الأخيرين بدأنا نجرؤ على فهمها، وتغيير العديد من المفاهية الخاطئة عن خيالاتنا الجنسية.
إن أكبر فهم خاطئ للخيالات الجنسية بدأ مع فرويد نفسه بقوله "الإنسان السعيد لا يتخيل الجنس أبداً، بل فقط الشخص الغير راض عن حياته الجنسية" وتم تبني هذا القول كنظرية بشكل خاطئ كونه صدر من مؤسس علم النفس. وبقي البشر يعتقدون أن الخيالات الجنسية نقص في الفرص لجنسية في حياتهم. لكن الإحصائيات الأخيرة أشارت إلى أن من يمارسون الجنس بشكل أكبر، من يتنوعون في طرق ممارسة الجنس ومن يحصلون على أكبر عدد من شركاء الجنس، هم أكثر من يستمتع أيضاً بالخيالات الجنسية. والرابط بين الخيالات الجنسية والصحة الجنسية الجيدة كبير جداً بل إن الواقع يقول الآن أن من لا يملك خيالات جنسية يعاني من مشكلة نفسية حقيقية.
ولا عجب أن الدراسات الحديثة أظهرت أن كل البشر تقريباً يملكون تلك الخيالات الجنسية، وأن نسبة خمسة بالمئة منهم لا يملكونها (أو لا يعترفون بها على الأقل). النسبة الضئيلة جدا من الذكور والإناث الذين لا يملكون خيالات جنسية يقومون بتعويضها من أحداث مرئية (كالأفلام الإباحية ) أو أنهم لا يعطون اهتماماً لتلك الأفكار أصلاً.
معظم البالغين اعترفوا أن خيالاتهم الجنسية بدأت بين عمر الـ 11 والـ 13 عاماً فهي تبدأ من بدء إنتاج الهرمونات الجنسية للمراهقين وبدايات سن البلوغ. في أحد الدراسات قام مجموعة من الباحثين بسؤال شرائح عشوائية من المراهقين إن كان الجنس قد خطر على ذهنهم خلال الدقائق الخمسة السابقة للسؤال، أجاب بالإيجاب 52 من الذكور و 42 بالمئة من الإناث، ونقصت هذه النسبة في الأعمار الأكبر حيث أصبحت 19 بالمئة للذكور و 12 بالمئة للنساء في مجال العمر بين 56 – 64...
ومتى قطعنا عمرا معيناً يصبح من الصعب التنبؤ بدرجة وجود تلك الخيالات في ذهن شخص، رغم أن الموضوع لا علاقة له بتدين شخص أو تحرره، فالمتدينين يشعرون بذنب تجاه تلك الخيالات ويعتبرونها "شطحات لا أخلاقية غير مقبولة" رغم أنهم يملكونها بنفس النسبة التي يملكها إنسان لا يشعر بالذنب تجاهها. وليس فقط الدين هو السبب في الإحساس المختلط تجاهها فواحد من أصل أربع أشخاص يشعر بالذنب تجاهها مهما كان انتماؤهم، أكثرهم أكثر ما يزعجه الخيالات التي تراودهم أثناء ممارسة الجنس مع الشريك ويحاولون كبتها وإخفاءها. هذا الذنب أيضاً يصيب الفرد عندما تتضارب خيالاته مع أيديولوجيته أو مركزه، قد يشعر شخص ذو مكانه كبيرة في المجتمع بالذنب تجاه تخيله ممارسة الجنس بطرق غريبة أو خارجة عن المعتاد. قد يعتقد البعض أنها نقص في الشخصية أو أنها مرتبطة بشكل ما بميولهم الفكرية بشكل أو بآخر. وكل تلك الأحاسيس بالذنب تشكل عبئا ثقيلاً على صاحبها، وكلما ازداد قلق الفرد تجاه تلك الخيالات تقل رغبتهم بممارسة الجنس والاستمتاع به رغم أن خيالاتهم لا تختلف عن خيالات من لا يأبه بها أو لا يشعر بالذنب تجاهها.
حتى في الأفراد الذين لا يشعرون بذنب كبير تجاه خيالاتهم فإنها تبدأ بإقلاقهم عندما تكون غريبة أحيانا أو شاذة، فخيالات الاغتصاب على سبيل المثال أكثر شيوعاً من حالات الاغتصاب الفعلية، والكثير من الأفراد يملكونها ، لكنها في الواقع لا تشكل خطراً إلا عندما ينكسر الحاجز بين الخيال والواقع وتصبح قهرية في الذهن بالنسبة لمن يملك تلك الخيالات. ورغم أنها لا تقود في معظم الأحيان إلى حدث الاغتصاب إلا أن الخوف والذنب تجاهها يثقل أصحابها دائما.
لا يوجد حتى الآن سبب واضح ومحدد لاختلاف تلك الخيالات من شخص لآخر، والنظريات حول ذلك الموضوع متعددة، أغلب الظن أنها ترتبط بخبراتنا الحياتية وما نراه أو نقرأه أو نسمعه. في الواقع فإن المؤثرات الخارجية كالتي نشاهدها في التلفزيون أو التي نراها في الشارع هي سبب في ذلك التنوع، والتلميحات الجنسية من حولنا موجهة أكثرها للرجال مما يجعل خيالاتهم الجنسية أكثر تنوعا من الخيالات التي تملكها النساء، ولأن المجتمع بشكل عام يهتم بإثارة غريزة الرجل بشكل أكبر فإن ذلك ينعكس على خيالاته الجنسية أكثر. أحد الإحصائيات أشارت إلى أن معدل الخيالات الجنسية التي يكونها الذكور الفتيان بين سن 18 و 25 هو 7 في اليوم مقابل 4.5 للأنثى.
أكثر الخيالات المفضلة لدينا هي الخيالات التي تطلقها حالة أو ظرف تقدم معطيات تذكر دماغنا بالجنس بشكل مباشر أو غير مباشر، تماما كحالة الكلب الذي يسيل لعابه عن سماعه الجرس في تجربة بافلوف الشهيرة. هذا بالنسبة للخيالات العابرة، أما الخيالات التي تقودنا في النهاية إلى النشوة الجنسية Orgasm فهي خيالات يفرضها عقلنا الواعي بشكل متكرر لكن مع التعديل عليها كل مرة لجعلها أكثر تشويقا وإثارة. نحن نخترعها، نكتب لها السيناريو ثم نبدأ بتطويرها كل مرة كمسلسل، والسيناريوهات الجنسية التي لا نقوم بتطويرها في عقلنا نلقي بها بعيدا في النهاية لنأتي بسيناريوهات جديدة.
وبينما أكثر الخيالات شيوعاً هي التي تتضمن ممارسات جنسية في السابق، أو ممارسات في الحاضر أو حتى شركاء وهميين، فإن ليتنبيرغ وهينينغ قدما ثلاثة أشكال أخرى مختلفة عن الشكل الكلاسيكي، هي خيالات ليست شائعة في ذهننا كالشكل الكلاسيكي لكنها موجودة عند الكل دائماً..
-الخيالات الغريبة الغير مألوفة، والتي تشمل تخيل ظروف غريبة، وشركاء خياليين لا يمكن أن يكونوا واقعيين كغرباء أو أقارب، هذه الخيالات أيضا تشمل أوضاع جنسية غريبة ومنوعة على نمط الكاما سوترا.
-الخيالات التي تخلق سيناريوهات وإحساسات جنسية لا يمكن مقاومتها، كخيالات عدم مقاومة الإغراء الجنسي، وهي تأخذ في طابعها أشكال ممارسة جنسية مفرطة وحيوانية، وقد يكون في هذه الخيالات أكثر من شريك جنسي واحد
-الخيالات التي تحمل طابع السيطرة أو الخضوع، كأن تتخيل المرأة أن أحدا يغتصبها أو أن يتخيل الرجل أنه يمارس الجنس بعنوة مع إحداهن، قد تحمل هذه الخيالات طابع الطقوس السادية أو الماسوشية، أو تحمل طابع العنف والقهر كالاغتصاب، أثبتت الإحصاءات أن 44 بالمئة من الرجال راودتهم خيالات يمارسون فيها الجنس عنوة، 55 بالمئة من النساء أيضا تخيلن أنهن يغتصبن.
طبعا هذه الإحصاءات يجب أن لا يساء فهمها فهي لا تعني ولا بأي شكل أن أياً من ضحايا الاغتصاب أردن ذلك في الواقع، فالنساء اللواتي تخيلن أنهن يُغتصبن أشرن بكل وضوح على أنهن لا يقبلن هذه الفكرة في الواقع ولا بأي شكل من الأشكال، هن في خيالاتهن يتحكمن بكل تفاصيل السيناريو تماماً، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن طابعها أقل عنفا وقسوة بكثير مما يتطلبه اغتصاب في الواقع، الخيال بشكل عام يحوي رجلا جذاباً يهيم بجاذبية المرأة ولا يستطيع مقاومتها. وفي النهاية الهدف واحد، وهي أن من يتخيل تلك المشاهد يرغب دائما في أن يكون مرغوباً.
ولا يحتاج الأمر إلى بروفيسور ليكتشف أن خيالات النساء تختلف في طابعها عن خيالات الرجال، أو أن خيالات المثيلين جنسيا تختلف عن خيالات الطبيعيين جنسياً. الرجال مثلاً يحلمون بفتيات أشبه بفتيات Playboy، أثداء كبيرة، أجساد جميلة كاملة في كل تفاصيلها ، بينما تكون خيالات المرأة الجنسية رومنسية أكثر كقصص الحب التي تنتهي بممارسة الجنس. طبعا فإن الرجل في خيال المرأة يملك أيضا جسما قويا وجميلاً لكن الجنس بالنسبة للمرأة يجب أن يأتي إليها بشكل رومنسي وعاطفي. وفي حين أن معظم النساء يستمتعن بالجنس كلما كان رومنسياً فإن الرجال يستمتعون كلما ازدادت المرات الذي يمارسون بها الجنس مع الشريك.
هذه الاختلافات دائما تخضع للمجتمع والثقافة التي توجد بها، وبشكل عام فإن المجتمع بشكله الحالي قاد أكثر الرجال إلى التركيز على الصفات الجسدية في خيالاتهم الجنسية بينما اهتمت النساء بصفات الشريك الجنسي العاطفية. يؤثر أيضا الموروث الثقافي والديني على تلك الخيالات وعلى درجة الإحساس بالذنب تجاهها وتوجيهها.
ثم إن الاختلافات بين الرجال والنساء لا تكون فقط في رومنسية الموقف الجنسي.. بل تتعداها إلى اختلافات نذكر أهمها
- يميل الرجال إلى تخيل أنهم يقومون يبادرون في الممارسات الجنسية والأفعال الجنسية مع المرأة ويركزون على جسد المرأة وتفاصيله الفيزيائية بينما تميل النساء إلى الخيالات التي تشعرهن أن الرجل يحب أن يمارس الجنس معهن على طريقته (الطريقة التي تتخيلها المرأة وتتخيل أن الرجل يحبها.) كما يملن إلى التفكير بأن الرجل يهتم بهن ككل لا بشكل جسدهن.
- يميل الرجل في حوالي ثلث الحالات إلى تبديل الشريك الجنسي في الخيال الواحد بينما تبقين النساء على الشريك حتى آخر الممارسة لتغيره في سيناريو آخر جديد.
- كلا الطرفين يملكان خيالات تتضمن السيطرة أو الخضوع، لكن الرجل يملك خيالات جنسية تحمل طابع السيطرة على العملية الجنسية أكثر، والمرأة تحب الخيالات التي تحمل طابع الخضوع في الجنس
- يملك الرجال تنوعاً أكبر في سيناريوهات خيالاتهم الجنسية من النساء.
احلموا كما ترغبون
لا تزال هناك العديد من الأسئلة التي تنتظر الإجابات في علم النفس عن الخيالات الجنسية، ما هي الاختلافات في الخيالات بين الثقافات والحضارات المتعددة؟ كيف تتغير تلك الخيالات خلال حياة الإنسان ومراحل عمره، هل يقضي العمر على جمالها أم يجعلها أكثر إشراقا؟ إلى ما هناك من الأسئلة التي تصعب الإجابة عنها لأسباب ثقافية وعمرية عديدة.
لكن ما نعرفه فعلاً أن تلك الخيالات جزء أساسي من ذخيرتنا الجنسية، فهي إشارة مهمة لصحتنا الجنسية النفسية ،وما نعرفه أن كلما كانت حياتنا الجنسية سليمة أكثر وناجحة ازدادت خيالاتنا الجنسية.
في الحقيقة فإن قدرة تلك الخيالات الجنسية على تهييج الإنسان جنسياً أو حتى الوصول به إلى ذروة النشوة والقذف تعني أن الدماغ فعال كفعالية أعضائنا الجنسية تماما في الجزء الجنسي من حياتنا. ورغم أن معظم خيالاتنا الجنسية لا تخرج عن شكل ممارسة الجنس الاعتيادي إلا أن الغريبة منها تضعنا في خبرات جنسية جديدة دون الخوف من الأذى الجسدي أو الرفض الاجتماعي لها. نلاحظ أن تخيل ممارسة الجنس مع شريك الحياة الحالي أمر شائع عندما لا نكون في حالة ممارسة الجنس، بينما في كثير من الأحيان نتخيل ممارسة الجنس مع شخص غريب عندما نمارس الجنس حقيقة مع الشريك.
يقول البروفيسور ليتنبيرغ "الخيالات الجنسية جزء طبيعي من كوننا بشر، وهي ممتعة لنا بدون أي أذى بل على العكس، فلماذا نشعر بالذنب تجاهها بدلاً من أن نمارس تلك الخيالات؟".