NESWANGY

سجل عضوية او سجل الدخول للتصفح من دون إعلانات

خبير معتزل (الـــخـــال)

مدير أمن المنتدى👨‍✈️
دكتور نسوانجي
أستاذ نسوانجي
عضو
ناشر صور
إنضم
9 سبتمبر 2022
المشاركات
8,407
مستوى التفاعل
3,037
الإقامة
الإسكندرية
نقاط
87
الجنس
ذكر
الدولة
مصر
توجه جنسي
أنجذب للإناث
قصة قصيرة
بئر الخيانة
حان وقت الغروب، فاندفعت سلمى صوب شرفتها للتتأمل أسراب الطيور المحلقة في السماء متعجبة من بديع صنع **** وإعجازه في خلقه، بينما هي كذلك دلفت من خلفها والدتها بهيرة وربتت على كتفها قائلة: أما زلت تعكفين على هذه العادة منذ ان كنت صغيرة، أجابت سلمي: يستهويني كثيرآ هذا المنظر البديع كيف تنظم هذه الطيور نفسها بهذه الطريقة بشكل هندسي غاية في الروعة 'ردت الأم سبحان **** الخلاق العظيم 'إن لله في خلقه شؤون.
عادت سلمي لتستذكر دروسها ، فهي طالبة متفوقة في السنة الثانية في كلية الألسن التي أختارتها بمحض إرادتها لولعها بدراسة اللغات الأجنبية، بعد ما يقرب من ساعة ونصف نادت الأم ابنتها لتناول العشاء مع والدها، حيث كان موعد العشاء مقدس عند العائلة فهي الوجبة الوحيدة التي يجتمعون فيها مع الوالد صاحب أكبر مصنع لإنتاج الأثاث، فكان يقضي طيلة يومه بالمصنع ومتابعة العمل هناك، بدات الأم حديثها : أتتصور يا حاج خيرت أن سلمى ما زالت تواظب على تأمل أسراب الطيور ساعة الغروب كما كانت تفعل منذ صغرها، رد الأب: التأمل في بديع صنع **** شيئ جميل، وسأل سلمي: كيف حالك في الجامعة ياابنتي، فهو يهتم كثيرآ بها ودراستها حيث أنها الأبنة الوحيدة له لم يرزقه **** سواها ، أجابت سلمي وهي تبتسم حمداًلله يا أبي .
ذهبت سلمى في صباح اليوم التالي إلى الجامعة والتقت بصديقتها الوحيدة هدى، وبعد أن انتهيا من المحاضرات اتصلت بالسائق ليعود بها إلى المنزل، ويقوم بايصال صديقتها إلى حيث تقطن في إحدى الأحياء الراقية، إلا أنها لا تملك سيارة مثلها حيث توفي والدها الذي كان يعمل مديرا لإحدى الشركات ولم يترك لهم سوى المعاش.
دلفت سلمى إلى منزلها وألقت السلام على أمها وهي تصيح إني أكاد أموت جوعاً يا أمي أرجوك أسرعي في تحضير الطعام، ابتسمت الأم وقالت: حاضر ياروحي سيكون الطعام جاهزا بعد دقائق، تناولت سلمى غداءها بنهم شديد أثنت على الطعام قائلة: سلمت يداك يا أمي.
أخلدت سلمى إلى النوم حتى اقتربت ساعة الغروب، أسرعت إلى الشرفة ترقب ظهور الأسراب في السماء، لا تدري أن بشرفة المنزل المقابل يقف أحمد الذي يتأمل هو الآخر هذا المنظر البديع، ظلت سلمى تداوم على هذا التأمل يوميا دون أن تمل، وفي إحدى الأيام رأت أحمد وهو يتأمل مثلها هذا المنظر وهو شارد الذهن لدرجة أنه لم يراها وهي تنظر إليه، تكرر هذا الموقف مرات عديدة إلى أن لاحظ أحمد أن هذه الفتاة تشاركه نفس الولع بهذا المنظر الساحر.
دام هذا المشهد لأيام وكان أحمد بدأ في تعلقه بسلمى دون أن يعرف عنها شيئا ،أخذ يتبسم حين يراها ويرسل إليها الايماءات ليلفت أنظارها، وهي يمنعها حياؤها فتتوارى وتدخل غرفتها دون أن تبدي أي اهتمام لذلك.
ظل أحمد يرقب ساعات نزولها من البيت ولكنها بمجرد النزول يلقفها السائق الخاص بالأسرة إلى حيث تبغي ، استأذن أحمد والده ذات يومٍ أن يأخذ سيارته ليذهب بها إلى الجامعة حيث كان يدرس في السنة النهائية من كلية الحقوق، فوافق الأب بعد نقاش طويل لأنه كان يعد أحمد بسيارة جدبدة إذا تخرج بتقدير امتياز.
استيقظ أحمد مبكراً وارتدى ملابسه، وظل منتظر نزول سلمى من المنزل، وأول ما وقعت عينه عليها فر مسرعا مستقلاًسيارة أبيه متتبعاً إياها حتى وصلت السيارة إلى الجامعة حيث نزلت هناك وأمرت السائق بالانصراف، تبعها أحمد وهو ينادي يا آنسة مراراً وتكرارا حيث لم يكن يعرف اسمها بعد ،ألتفت سلمى فوجدت أحمد هو من يناديها، أحمر وجهها وأخذ العرق يتصبب من جبينها وكانت في حالة من الارتباك الشديد، ولم ينقذها من هذا الارتباك سوى صديقتها هدى وفاجأتها بالسؤال: مابك ياسلمى يبدو عليكِ الخوف والفزع، اهدئي وأحكي لي ماذا حدث لكل هذا الذعر، جلستا في كافتيريا الجامعة وأخذت هدى تحثها على التقرب من أحمد فقد يكون شخصاًمناسباًلها وقد تندم يوما ً لأنها ضيعته من يدها،
ردت سلمى: ولكني صارحت أمي وحذرتني أن أقابله أوأحادثه، ذلك لأن أبي من أصل ريفي ولا يرضي بهكذا علاقات، ولا يعرف أي علاقة بين رجل وامرأة سوي العلاقة الشرعية .
عادت سلمى بعد يوم حافل بالتوتر والقلق، قابلتها الأم ولاحظت شرودها الغير معتاد، نادت عليها لتناول الغداء معها لكنها رفضت، وقالت سوف انتظر العشاء مع أبي، حضر الأب في المساء واجتمعوا كالعادة على مأدبة العشاء ، سألها الأب كعادته عن حالها في الدراسة، ثم نظر تجاه الأم وقال: اتعلمين يابهيرة من صاحب البيت الذي أمامنا، اصفر وجه سلمى وبرقت عيناها وشنفت آذانها لتستمع مايأتي على لسان أبيها، ردت الأم : لقد لاحظت شابا فيه يبدو أنه شخص مهذب وهو الشخص الوحيد الذي رأيته حتى الآن، أردف خيرت قائلا إن صاحب البيت هو المستشار عبدالحليم طولان رئيس المحكمة الإدارية العليا، وقد تعرفت عليه منذ زمن حين اشتري من مصنعنا أثاثاً لمنزله، واليوم التقيت به أمام المنزل المقابل وأخبرني أنه اشتراه من بضع سنوات، وكان الأثاث الذي اشتراه لعين هذا المنزل، وانتقل فيه منذ شهور بعد أن توفيت زوجته، لأنها كانت متمسكة بسكنها القديم ولا تريد تغييره لما لها من ذكريات فيه ، إلى الآن لم يجب الوالد عما يجول بخاطرها، لاحظت الأم ماعليه ابنتها من شغف لتعرف ما تريد عن أحمد ،فسألته: من يكون هذا الشاب الذي رأيته ، قال الأب إنه ابنه أحمد يدرس في كلية الحقوق.
هدأت نفس سلمى وارتاح قلبها، واطمأنت أن أحمد من أسرة طيبة ومستواه يليق بأسرتها حتى لا يقابل بالرفض إذا شاء **** وتقدم للارتباط بها.
في اليوم التالي وفي ساعة الغروب المعتادة دخلت سلمى شرفتها ونظرت صوب شرفة الجيران، وكانت المفاجأة التي زلزلت كيانها وبدى العبوس على وجهها بعدما كانت منشرحة الصدر لما سمعت من أبيها في حديثه على العشاء ، حيث لم يكن هذا المرة بمفره كعادته بل تقف بجانبه سيدة تطوق رقبته بذراعها ويتهامسان معاً مما يدل أنها شديدة القرب منه، أخذت تتساءل من تكون هذه الفتاة أهي زوجته أم إحدى أقربائه، وظلت هكذا حتى الصباح، وما أن التقت هدى حدثتها عما رأت فنصحتها أن تتحدث معه لتتبين صدق مشاعره، ومن تلك التي رأتها معه، ردت سلمى مستحيل لو علم أبي لغضب مني، وأنا لا أخون ثقته بي، مرت أيام وهي على هذه الحال حتى لاحظت الأم أنها دائمة السرحان والشرود. انتظرت الأم وقت الغروب ودخلت الشرفة مع سلمى ،ولاحظت وجود فتاة بجانب أحمد، فهمست في أذنها أهذا سبب شرودك وانشعالك هذه الأيام، أخذتها الأم من يدها وجلستا على أريكة كانت بالغرفة وقالت في هدوء :ياابنتي اعلمي أن كل شيء في حياتنا نصيب يقدره لنا **** تعالى فلا نحزن على ما ليس من نصيبنا، اشغلي كل وقتك في الدراسة حتى تحققي ماتطمحين إليه، وبعدها يفعل **** مايشاء.
وعت سلمى كلام أمها وقررت أن تعمل بنصيحتها، وفي أول مرة ذهبت فيها إلى الجامعة وجدت أحمد ومعه تلك الفتاة بانتظارها، أسرت في نفسها تعجباً لما ترى، ألقت نظرة عابرة وواصلت سيرها باتجاه المدرج الدراسي ، ركضت خلفها تلك الفتاة وهي تنادي يا آنسة يا آنسة ، ردت سلمى ببرود متناه : نعم ماذا تريدين، ردت الفتاة أنا شاهيناز جارتكم وأخت أحمد الوحيدة، أريد محادثتك على انفراد، تلعثمت سلمى وهي في غاية السعادة ورحبت بالحديث معها، توجهتا صوب الكافتيريا حيث وجدتا أحمد هناك، فقال لسلمى مرحبا يا آنسة تفضلي بالجلوس، جلسوا جميعا ، عرفها أحمد بنفسه واستنكر أن يكونوا جيراناً ولا يعرفون أسماء بعضهم. كانت سلمى شديدة الحياء فلم ترد ببنت شفة، لاحظ أحمد ذلك فتركهما معاً وغادر، استرسلت شاهيناز في الحديث وهي تصف أخاها وخصاله الفريدة التي يصعب أن تجدها في شاب من شباب هذا العصر ،ثم سألتها إن كانت توافق على الارتباط به، بدى على سلمى الخجل ولم تجب على سؤالها، فعقبت شاهيناز أعتبر أن هذا الصمت علامة الرضا، انصرفا معاً حيث عرضت سلمى على شاهيناز أن توصلها بالسيارة إلى البيت، فوافقت ووجدت في ذلك فرصة لنتعرف أكثر على شخصية سلمى. قطعت السيارة الطريق في أسرع وقت على غير العادة، حيث أن سلمى كانت تود أن يطول الحديث عن أحمد أكثر وأكثر. نزلتا وذهبت كل منهما إلى منزلها.
دخلت سلمى وهي في غاية السعادة لا تعرف ماذا تفعل تغني أم ترقص من الفرحة، احتضنت أمها وأخذت تراقصها، والأم في حالة من الذهول تسألها: مابك حبيبتي ماذا جرى، فألقت سلمى بنفسها على أقرب أريكة لها والتقطت أنفاسها، وأخذت تحكي لأمها ما حدث، وأن أحمد يريد تحديد موعد لمقابلة أبي ليطلب يدي، تبسمت الأم تذكري يا حبيبة قلبي ما قلت لك سالفاًولا تتعجلي.
حضر الوالد من مصنعه وحكت الأم ماجرى واستأذنته في تحديد موعد لمقابلة أحمد ووالده، سأل خيرت وما سبب الزيارة لعله خير، ترددت الأم في الإجابة، ثم قالت: يريدون خطبة سلمى، ارتعدت فرائص الرجل وقال: من أخبرك بذلك، أجابت ابنتهم شاهيناز أخبرت سلمى وطلبت منها أن تخبرك لتحدد موعداً لمقابلتهم، هدأ الأب وأخذ يفكر في وقت مناسب للمقابلة، حدد خيرت يوم الجمعة القادم الساعة الثامنة مساءً ،وعقب لكن أنا من سيبلغهم بالموعد.
كادت سلمى تطير فرحا وأخذت تعد الدقائق والثواني لتجد نفسها أمام أحمد ووالده وفي زحام الأفكار والحيرة التي انتابتها نسيت عادتها وتأمل أسراب الطيور، وكان أحمد يترقب رؤيتها كل يوم وقت الغروب، واستغرب لعدم ظهورها منذ أن عرفت بأنه يريد خطبتها،وأصبح في حيرة من أمره أيكون هذا رفضاً له أم أنها مرتبطة بشخص آخر، صارح شاهيناز بما يدور في خلده، وكانت تقول له لا تسبق الأحداث .
حضر أحمد ووالده وأخته في الموعد المحدد وبعد مداولات ونقاش طويل تمت الموافقة وكان شرط خيرت ألا تتم الزيجة إلا بعد أن تنهي سلمى دراستها الجامعية ،ووافق أحمد وأبوه على ذلك .
أعلنت الخطبة وأقام خيرت حفلا كبيرا دعا له الأهل والأقارب والأصدقاء، كان من بين المدعوين فايزة خالة سلمى وابنها حسام ذلك الشاب الوسيم دمس الخلق، هنأ حسام ابنة خالته وقدم لها هدية ذهبية إلا أنه لم يظهر على وجهه أي علامة للفرح بهذه الخطبة.
انتهى الحفل واصطحب أحمد سلمى إلى أحد المطاعم الكبرى للعشاء هناك، احتفالا بالخطبة ومن المفارقات الغريبة أن هدى قررت التطفل عليهما ومزاحمتهما على العشاء، عاد الثلاثة مرهقين متعبين بعد هذا اليوم الحافل.
دخلت سلمى إلى غرفتها واستلقت على سريرها كي تخلد للنوم، لم تكد تغط في النوم إذ سمعت هاتفها يرن، أسرعت بالرد لتوقعها أنه أحمد وقد كان هو بالفعل حيث أعرب لها عن فرحته وسعادته الغامرة، وأن هذا اليوم حفر في ذاكرته ولن ينساه أبدأ، قال أحمد: حبيبتي سوف أحادثك يوميا في هذا التوقيت لأطمئن عليك قبل أن أخلد للنوم، وصدق في وعده لها وكانت هي في أوج سعادتها لما لاقته منه من تقدير واحترام لشخصها ولأهلها ،وفوق ذلك كله حبه الكبير لها.
استمر هذا الحال أكثر من عام ونصف، وفي خلال تلك الفترة أنهى أحمد دراسته بتقدير امتياز وعين معيداً في كلية الحقوق، ووفى والده بوعده واشترى له سيارة فارهة مكافأة له على تفوقه .
اقترب موعد الزواج ،وبدأت سلمى في التحضيرات له، ولكنها أحست فتوراً في العلاقة من ناحية أحمد وكانت تكذب احساسها ، صرحت بذلك لأمها التي خالفتها الرأي وعللت ذلك بأنه مشغول في تجهيزات العرس الذي اقترب موعده .
في نفس التوقيت انقطعت علاقتها بصديقتها هدى حيث بررت الأخيرة أن والدتها مريضة وتقوم هي على رعايتها.
مر يومان متتاليان ولم يتصل أحمد بسلمى مخلفاً وعده لها في أول يوم من الخطبة، ثم فاجأها باتصال في منتصف الليل فبدأته هي بالعتاب على عدم سؤاله عنها يومين كاملين، اعتذر أحمد، وطلب أن تنصت إليه ليقول لها كلاماًمهما ً فردت: كلي آذان صاغية فاردف قائلاً: رجاء لا تجعلي الأمر صعباً واتركيني أقول ما أريد فلما وجدت منه اعراضاً ، قررت الصمت ،أخذ أحمد يسترسل في حديثه ويمتدحها وأهلها وأنهم كانوا بمثابة أهله وأنه كان يود ألا يكون سبباً في ايلامهم ،وبدأت سلمى تتوقع بقية الحديث، فأرادت أن تخلصه من الحرج فقالت: أنت لا تريد أن تكمل هذه الزيجة، فأجاب نعم من أين عرفتي؟ سلمى: أراك تشك في ذكائي فهذه المقدمة لا تكون إلا من مودع ومفارق، فرد أحمد تعلمين أن الزواج نصيب و**** لا يقدر لنا أن نكمل معاً ،تحياتي لك والأسرة الكريمة.
استشاطت سلمى غضباً وشعرت بدوار شديد ،وخيل إليها أن أثاث الغرفة يدور بسرعة جنونية من حولها، فهوت على الأرض مغشياً عليها، هرولت الأم إلى غرفة ابنتها على صوت ارتطامها بالأرض، فوجدتها مستلقية على الأرض فاقدة للوعي، وبدأت في إفاقتها ولم تتركها حتى استردت وعيها ،وسألتها ماذا حدث يا ابنتي، فغلبتها دموعها وقالت وهي منهارة أحمد يا أمي فسخ الخطبة، الأم: لماذا يا حبيبتي؟ وماذا حدث؟ وكيف ولم يبق على زواجكما غير أيام، سلمى هذا ماحدث ألم أقل لك يا أمي أن أحمد متغير منذ فترة.
الأم اهدئي ياابنتي فلن يصيبنا إلا ما كتب **** لنا ، ليس من نصيبك، ولعل نصيبك أفضل منه بكثير فلا تحزني.
قررت سلمى أن تعكف على دراساتها وتعاود نشاطها بعد فترة من الصمت والعزلة والانسحاب من المناسبات الاجتماعية مخافة أن يسألها أحد عن زواجها، تخطت الأزمة وهي أقوى من ذي قبل فقد تخرجت من كلية الألسن بتقدير جيد جدا ، سرت كثيرا لذلك هي وأسرتها، واقترح عليها والدها أن تحضر للماجستير والدكتوراه، فقالت: هذا ما أفكر به يا أبي، تلقت سلمى مكالمة هاتفية من صديقتها هدى تعتذر فيها عن انشغالها عنها بمرض والدتها، ثم فاجأتها بأنها مشغولة بترتيبات عرسها الذي تحدد له موعد قريب، اندهشت سلمى وقالت متى وكيف ومن هو عريس المستقبل؟ ردت هدى ليس هناك خطبة فخير البر عاجله وأما العريس فهذه مفاجأة ستعرفينها عندما أرسل إليك بطاقة الدعوة. سلمى مبارك حبيبتي **** يسعدك يارب.
بعد أيام وصلت بطاقة الدعوة إلى منزل سلمى واستلمها والدتها التي صعقت حين قرأت اسم العريس ( أحمد عبد الحليم طولان ) خطيب سلمى السابق، أخفت الأم البطاقة عن ابنتها خوفا عليها من الانهيار، علمت سلمى بيوم العرس واستعدت لحضوره لتكون بجانب أقرب أصدقائها ورفيقة العمر إلا أن الأم اعترضت وبشدة، انتابت سلمى نوبة من الدهشة لهذا الموقف الغير متوقع، وأخذت تلح على والدتها أن تعرف سبب منعها وكيف لا تحضر هي أيضا فهدى بمثابة ابنتها الثانية، فقد كانت تقضي أغلب الأوقات مع سلمى منذ وفاة أبيها وتحت رعاية أمها، أمام هذا الالحاح اضطررت الأم إلى اعلامها بالحقيقة وأحضرت لها بطاقة الدعوة لتتأكد من الحقيقة المفجعة ، انهارت سلمى واعتصرها الألم والحزن الدفين لهذه الخيانة .
عاودت سلمى نشاطها مرة أخرى واستجمعت قواها، فقد حصلت على درجة الماجستير بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، حضر معها المناقشة أفراد أسرتها وبعض أقاربها وكان من بينهم خالتها وابنها حسام الذي هنأها بالنجاح الباهر، ثم دعاها لسهرة خارج المنزل كمكافأة لها على هذا النجاح.
بعد أن تناولا العشاء سألها حسام، إذا تقدمت لفتاة جميلة مثلك هل توافق بي ؟ أجابت: ومن هذه الحمقاء التي ترفض رجلاً مثلك فباغتها حسام وأنت لست بحمقاء وأنا أريد الزواج منك فما قولك، ضحكت سلمى قائلة أنصبت لي فخاً أيها المراوغ حسام: سوف أفشي لك سراً إنني أحبك منذ الصغر ولم أبح بهذا السر لأحد من قبل، وعندما أعلن والدك خطبتك لأحمد كنت أحزن رجل على وجه الأرض، وعندما رأيتك سعيدة سعدت كثيرآ لسعادتك ورضيت بما قسم **** لي وسلمت أنك لست من نصيبي، وأعادك **** إليّ من جديد وأشعر أني لم افتقدك لحظة واحدة، لا أريد جواباً الآن خذي وقتك وفكري جيدا.
أوصلها حسام إلى منزلها وودعها على أمل أن يستمع الرد الذي يريد، فكرت سلمى ملياً واستشارت والديها فقالت الأم: و**** يا ابنتي منذ ولادتك ماتمنيت لك زوجاً غيره، وأردف الأب ومن يشهد للعروس وضحك الجميع فرحين مستبشرين، أبلغ خيرت حسام بالموافقة، وفي غضون أسابيع تمت الزيجة.
كان حسام نعم الزوج والمعين، فأخذ بيدها وأعانها حتى حصلت على درجة الدكتوراه بتقدير امتياز وعملت مدرسأً بالجامعة، ثم قررت الإنجاب بعد أن اتمت دراستها ووصلت إلى ما كانت تصبو إليه، رزقها **** بطفلة جميلة أسماها حسام( رفيف) ،أضفت على حياتهما سعادة غامرة واستقرارا، نصحها حسام أن تأخذ أجازة من العمل وتتفرغ لتربية رفيف، فوافقت على الفور دون تردد، وكان هو يحرص على اصطحابها بين الفينة والفينة إلى نزهة أو عزومة عشاء خارج المنزل حتى لا تشعر بالملل من البقاء في المنزل.
داوم حسام على هذه العادة، وفي ذات مرة وبالصدفة البحتة إلتقيا بأحمد وهدى في ذات المطعم المفضل لديهم، لم تعر سلمى لذلك أي اهتمام بينما لاحظ حسام نظرات أحمد تجاهها ولكن دون أن يعقب، غير أن هدى جاءت متطفلة كعادتها فسلمت عليهما وأخبرتهما أنها تأتي دائما إلى هنا مع زوجها أحمد، استشاط الأخير غضباً لفعلتها هذه وقال لها: ماذا تريدين منها ألم تقطعي كل علاقة لك بها بعدما نجحت خطتك في الوقيعة بيننا وها أنا قد صرت معك كما تريدين ألا يكفي هذا ماذا تريدين بعد، احتد النقاش بينهما وعلا الصوت وملأ أرجاء المطعم مما اضطر أحمد أن يطلب الحساب وجرها من يدها وغادرا المكان. فقال حسام : خيرآ فعل. وأخذ يلاطف زوجته ويمازحها وأبدى اعجابه بتصرفها وعدم اهتمامها بتواجدها وكأنه لم يكن بينهم شيء وأدرك أنها تعافت من آثار صدمتها القديمة.
بدون ترتيب تكررت هذه المفارقة عدة مرات، وكان حسام وسلمي مندهشين لذلك، ثم لم يرونهما في هذا المكان ثانية.
بعد ما يقرب من أسبوع وصلت حسام رسالة من مجهول على مكتبه في الجريدة التي يعمل صحافياً بها، فتح الرسالة وإذا بمجموعة من الصور تجمع بين زوجته وخطيبها السابق أحمد في ذات المطعم الذي ألتقيا فيه بأحمد وهدى، صعق حسام وغلى الدم بعروقه وكاد يذهب لأحمد ويقتله ، ثم استعاذ ب**** من الشيطان، ودعاه أن يرشده إلى الصواب، أخذ حسام يحملق في الصور ويشاهدها مرة تلو الأخرى، فخطرت بباله فكرة وطار مسرعا ً لتنفيذها حيث ذهب إلى قسم التصوير بالجريدة واستدعى أحد أصدقائه المقربين هناك وصاحب الخبرة الواسعة في هذا المجال يدعى سالم، دخل القسم وبدى عليه القلق والتوتر، وقال لسالم: أريدك على انفراد، فلبى سالم علي الفور، حسام استحلفك ب**** أن ما أقول لك يظل سراً بيننا حتى الممات، فرد سالم لا تخف يا أحمد أعدك ما الأمر إذن لا تشغلني عليك ياأخي ما بك ؟ أخرج الصور من المظروف على استحياء وهو متردد فهذي سمعة زوجته ليس فقط بل وابنة خالته والوضع شديد الحساسية، استجمع قواه وأعطاه الصور، وقال: أريد التحري عن هذه الصور حقيقية أم مركبة، نظر سالم في الصور وانتابته نوبة من الضحك المتواصل، وحسام يحاول إسكاته ولكن دون جدوى، فما كان من حسام إلا أن اختطف الصور من يده يريد مغادرة المكان واعتبر ذلك استخفافاًبمشاعره، هدأ سالم وأمسك بيده وقال أيها الصحافي الكبير هذه صور مركبة وليست حقيقية ولكن غيرتك العمياء كادت أن تضللك، وإذا أردت التأكيد على ظهر إحداها اسم المصور والاستوديو يمكنك الذهاب إليه للتأكد من صحة كلامي، لالا سأذهب معك ربما تتهور على الرجل ويكون منك ما لا يحمد عقباه.
ذهبا معاً إلى حيث الاستوديو وسألا الرجل واعترف أنه ركب هذه الصور لسيدة ادعت أنها لأختها وتريد أن تمازحها بها وتهديها إياها في عيد ميلادها، طلب منه حسام وصف تلك السيدة ومن الوصف عرف أنها هدى.
رجع إلى البيت مسرعاًودخل حيث تجلس سلمى وهو عابس الوجه منعقد الأسارير، وداهمها قائلاً : كيف كنت تصادقين مثل هذه الحرباء المتلونة وعاشرتها طيلة هذه السنوات دون أن تعرفي حقيقتها . اندهشت سلمى لكلامه ولم تفهم منه شيئآ، فربت على كتفها وسرد لها القصة، فما كان منها إلا أن سجدت لله شكرا أن جباها برجل مثله لا تظلم عنده أبدا، ثم نهضت وشكرت حسام لترويه وبحثه عن الحقيقة، انتفض حسام واقفاً ،واتجه صوب الباب وسلمى تسأله إلى أين يا حسام؟ قال سأضع حداً لهذه المهزلة، ذهب حسام إلى الجامعة حيث عمل أحمد وسأل عنه فأخبره ساعي مكتبه أنه كان متعباً وغادر الجامعة منذ قليل، بالحيلة والحكمة استطاع حسام أن يعرف عنوان منزله حيث لا يسكن مع والده لعدم رغبة هدى في ذلك ،وما أن وصل إلى الباب فطرقه عدة طرقات ، فتح أحمد الباب ورحب به قائلاً : أهلا بك ياسيد حسام ، تفضل بالدخول، جلسا معاً حيث أشار له بمكان الجلوس، بدأ حسام حديثه بالثناء على أحمد وعائلته حسبما سمع عنهم ،ثم استطرد قائلاً ،تفضل ألقي نظرة على هذه الصور ،انزعج أحمد وارتعدت جمبع فرائصه ،وهو يصيح بصوت عالٍ ما هذا التلفيق أيعقل هذا أقسم ب**** العظيم يا أخي لم أرَ زوجتك من بعد الانفصال ألا في المرات القلائل بالمطعم وأنت معها، لا تصدق يا أخي هذا افتراء وبهتان، أمسك حسام بيده وأجلسه إلى جواره وأخذ يربت على كتفيه ويقسم بأغلط الأيمان أنه مصدقه، فقال أحمد فأين المشكلة إذن ؟ فحكى له قصة الصور التي زورتها هدى لتثير شكي في إخلاص سلمى لي ، وأنا هنا اليوم لأبلغها رسالة على لسانك ٠ ألا تحاول إفساد العلاقة بيني وبين زوجتي وإلا سوف تعرض نفسها للمساءلة القانونية بتهمة التشهير ، وحضرتك رجل قانون وتعلم ذلك جيداً ، وعاد مسرعاً إلى منزله، وأخذ يتسامر مع زوجته ويداعب ابنته الصغيرة، ثم تناول مع سلمى طعام العشاء، وذهبا للنوم ليستريحا من عناء يومٍ طويل، قبل أن يستغرقا في النوم نهضا في حالة من الفزع والذعر على صوت طرق مبالغٍ فيه على باب منزلهما، ركض حسام مسرعا وفتح الباب وإذا برجال الشرطة أتوا للقبض عليه بتهمة القتل، سألهم حسام وهو غير مصدق لما سمع: عن أي قتل تتحدثون ومن المقتول؟ رد ضابط الشرطة: إنه(أحمد عبدالحليم طولان) ، انتابت سلمى حالة من الصياح قتلت أحمد لماذا؟ يا حسام ألم تتأكد أنه ليس بيني وبينه أي علاقة ؟ لم أقتله صدقيني يا سلمى ، أقسم ب**** لم أقتله.
اصطحب رجال الشرطة حسام مكبل اليدين إلى سيارة الشرطة، واودعوه قسم الشرطة التابع له محل سكنه، انهارت سلمى واتصلت بوالديها لتستجد بهما، وفي دقائق معدودة كانا بجانبها غير مصدقين لما حدث، مستنكرين أن يقدم حسام على هذا الجرم الشنيع ، في صباح اليوم التالي توجه خيرت والد سلمى إلى المستشار عبدالحليم والد أحمد ليواسيه في محنته، رفض المستشار مقابلته البتة، إلا أن ابنته شاهيناز اعتذرت لخيرت قائلة: أرجوك يا عمي أن تقدر ظروف أبي الذي فقد ابنه في حادث أليم حتى أنه لم يعرف بعد من فعل ذلك ولماذا؟ أعرب لها خيرت عن أسفه الشديد حيال مصابهم الجلل.
تم عرض حسام على وكيل النائب العام لاستجوابه فيما هو منسوب إليه، أنكر وبشدة أي علاقة له بمقتل أحمد، فقد كان رجلاً ذا خلق ولا يستحق ما حدث له، داهمه الوكيل قائلا إن زوجته ( هدى ) هي من أبلغت عن الحادث، وقالت: أنك داهمته في منزله وانهلت عليه طعناً بسلاحٍ أبيض ، أقسم حسام مرارا وتكرارا أنه لم يقتله، وبسؤاله عن سبب تواجده في منزل أحمد، استأذن في كوب من الماء لأنه لم يتناول شيئاً منذ الأمس ، أخذ يسرد قصته مع أحمد وزوجته وقصة الصور المفبركة، ووكيل النائب العام في حالة من الدهشة والاستغراب كيف لأمرأة مثل هدى أن تفعل هكذا أفعال وما غرضها؟ استشهد حسام على صحة كلامه بزميله المصور(سالم ) ، وصاحب الاستوديو .
أمر النائب العام بمضاهاة البصمات الموجودة على سلاح الجريمة ببصمات كلا من حسام وهدى، وكانت النتيجة التي أذهلت الجميع، وهي عدم وجود بصمات لحسام أو هدى على سلاح الجريمة ،وإنما البصمات المتواجدة عليه لأحمد وشخص آخر مجهول ، سأل المحقق( هدى ) كيف تتهم حسام بقتل زوجها وليس له بصمات على سلاح الجريمة، فادعت أنه كان يلبس قفازاً حتى لا تنكشف جريمته.
طلب حسام من محاميه أن تأتي سلمى لزيارته، فاستخرج لها المحامي إذناً بالزيارة، ذهبت سلمى وهي متأكدة من براءة زوجها، وعند اللقاء سألها حسام هل تعتقدين في براءتي أم لا أنت المخلوقة الوحيدة على ظهر الأرض التي يهمني رأيها، سلمى: ماذا تقول يا حبيبي و**** لو أجمع الناس جميعآ على ذلك لخالفتهم، إن ما صدر ساعة القبض عليك كان عن دون تفكير لهول ماسمعت سامحني فما قصدت ما أقول ساعتها، رد حسام :الحمد لله شهادتك تكفيني ولو أعدمت بعدها: شكرا حبيبتي على هذه الثقة، وسوف تثبت لك الأيام أني بريء من ددمم أحمد، رجاء ً أريد رؤية ( رفيف) في الزيارة القادمة، سلمى بإذن **** ستعود وترانا جميعا في منزلنا، انتهى وقت الزيارة وعادت سلمى من حيث جاءت.
ذهب المستشار عبدالحليم طولان لوكيل النائب العام، واستأذنه أن يطلع على مجريات التحقيق وبعد الاطلاع سأل المحقق تتوقع البصمة المجهولة تكون لمن ؟ المحقق مازلنا في بداية التحقيق وسوف تتضح الأمور شيئآ فشيئاً، نصح المستشار بخضوع (هدى) للمراقبة فهي شخصية غامضة ولعوب ولم يكن راضياً أبدأ عن زواجها من ابنه.
ظلت هدى تحت المراقبة المستمرة وكانت حريصة جدا وكأنها لاحظت أن أصابع الاتهام تتجه نحوها، ظلت على هذا الحرص حتى خرجت في أحد الأيام لتشتري بعض لوازمها وبينما تسير باتجاه السوق إذا بشخص يعترض طريقها فدفعته دفعة قوية أردته أرضاً إلا أنه كان مصراً على محادثتها، استطاع أحد أفراد المراقبة أن يلتقط لهما صورة على تليفونه الجوال، بعرض الصورة على المستشار تعرف على الشخص الذي كان مع هدى إنه ( باهر) صديق أحمد وزميله في الجامعة، سأله وكيل النائب العام: أيكون هو المجهول الذي نبحث عنه، المستشار أستبعد ذلك، ولكن كل شيء وارد، غدا بإذن **** سيكون بين يديك دليل براءته أو تأكيد اتهامه.
هاتف المستشار ( باهر) واخبره أنه يريد لقاءه في المنزل ليسأله عن أشياء تخص أحمد يريد جمعها من أوراق وخلافه، حضر(باهر ) مبكراً وصحبته شاهيناز إلى حجرة المكتب حيث ينتظر والدها، رحب به المستشار وأثنى عليه وكيف أن حسام كان يحبه مثل أخيه، أمر له بقدحٍ من الشاي، وبدأ يسأله إن كان يعرف أعداءً لأحمد، (باهر ) :لا يا سيادة المستشار( أحمد) كان شخصية موقرة، متواضع، علاقته طيبة بكل من حوله، بعد نهاية الحديث استأذن (باهر ) في الانصراف، جاء الخادم ليرفع صينية التقديم وما عليها فنهاه المستشار وأسرع بوضع القدح الفارغ في كيس شفاف، استقل سيارته وطار مسرعا حيث مقر النيابة، وطلب من المحقق أن يرسل القدح لمضاهاة البصمة على وجه السرعة، وظل ينتظر النتيجة في مكتب النائب العام، ساعات مرت عليه كأنها سنوات وهو يترقب هل ستنطفئ النار المشتعلة في قلبه، ويعرف اليوم قاتل أبنه الحقيقي وبأي ذنب قتله؟ بينما هو في هذه الحيرة، دق باب المكتب وإذا برئيس المعمل الجنائي بنفسه يأتي بالنتيجة، التقفها وكيل النائب العام، وهنا كانت المفاجأة إن(باهر) هو المجهول صاحب البصمة التي تؤكد تورطه في قتل أعز أصدقائه، أمر النائب العام بالقبض على كل من(باهر) و( هدى ) ومثولهما للتحقيق.
حضر المتهمان للتحقيق معهما، وقبل أن يوجه المحقق أي سؤال للسيد(باهر ) أنهار وأخذ يبكي وبحرقه على زميله الذي كان ضحية غدره وخيانته وأشار إلى هدى قائلاً : هذه الأفعى هي التي ألقت عليّ حبائلها وأغوتني حتى ارتكبت أفظع وأقبح جريمة عرفها التاريخ وبحق من ؟
أوفى وأعز صديق لي، أقسم لكم ب**** أني من يومها لم يهنأ لي عيش ولم يغمض لي جفن وأكاد أجن من التفكير وتأنيب الضمير، أرجوك سيادة المستشار أطلب إعدامي بدون تحقيق فالاعتراف سيد الأدلة، وأنا أقر واعترف، كما تطلب إعدام هذه الأفعى وأمثالها من حبائل الشيطان، ثم جثى على ركبتيه يتوسل ويقبل أرجل المستشار أن يسامحه، والأخير ينظر إليه ويعتصره الألم مستنكراً كيف لصاحب ٍ أن يقتل صاحبه من أجل امرأة حقيرة كهذه التي تبيع نفسها لمن يدفع أكثر، طلب النائب العام اصطحاب المتهمين إلى موقع الجريمة لتجسيد الجريمة كما وقعت بالفعل .
حضر المتهمان إلى موقع الحدث حيث صعد(باهر ) إلى الأعلى حيث كان متواجدا بغرفة نوم صديقه و هدى معه، سمعت باب البيت يفتح فنزلت بأقصى سرعة حيث وجدت ( أحمد ) عائدا من الجامعة مبكرا على غير العادة، وكانت تظهر على وجهه علامات الإعياء والتعب،حتى أنه لم يلاحظ ارتباكها وتوترها ، فسألته ءأنت مريض وقبل أن يجيبها طرق الباب فذهب هو وفتح الباب وإذا بحسام جاء ليخبره بموضوع الصور، في تلك الأثناء صعدت للأعلى لتخبر(باهر ) بقدوم صديقه حتى يختبأ إلى أن يستطيع الخروج دون أن يراه (أحمد )وينكشف حالهما، ثم نزلت لترى فيما أتى حسام، باغتها أحمد بالصور وعلا صوته وانهال عليها تقريعاً وسألها ماذا تبغى من وراء ذلك، حمي الوطيس وازداد النقاش ضراوة، وأقسم أحمد أن يقتل هدى ليخلص الناس من شرها، وادلف إلى المطبخ، واستل سكيناً من الخزانة، واندفع نحو هدى وأخذت تدافع عن نفسها باستماته، وبدأت تنادي على باهر كي يخلصها من يده، وما أن رآه أحمد، فأخذ بتلابيبه وقال: من أتى بك إلى هنا أيها الوغد، والتفت نحو هدى مرددا أيتها الخائنة كيف وصل بك الحال إلى هذا الحد أيتها الخائنة، لا بل أنتِ بئر خيانة لو نهل منها جميع الخونة في العام ما نضبت، وعاد ثانية يريد طعنها فتدخلت لأخلصها، فانغرس السكين في قلبه دون قصد مني، وسقط على الارض مضرجاً بدمه، انتابنا الهلع، وأمرتني هدى بمغادرة البيت وقالت: سوف اتصرف وحاولت الصاق التهمة بحسام.
انتهى التحقيق في القضية وأخلي سبيل حسام بعد ما ثبتت براءته.
( تمت)
 
  • عجبني
  • حبيته
التفاعلات: Legend walker, لبوهه, مازن صقر و 7 آخرين
رؤعاتك يا خال ..
كريم في كلماتك المضيئة ..
مبدع في طرحك الجميل ..
متفنن في نسج الحروف ..
ولا تكفي كلمات المديح لتفي حروفك حقها .
:
:
الحفاظ على السلام أمر نبيل ..
وجب علينا السعي تجاهه دائما ..
ويكون بـ تعمد تجاهل الاختلافات الغير مهمة ..
وتعمد اختيار الزمان والمكان المناسب لـ حل المشاكل ..
ومن يفكر من زاوية واحدة لن يجد إلا فكرة واحدة ..
كـ من ينظر من نفس النافذة فسوف يرى المنظر نفسه ..
جرَب النظر من نافذة جديدة
 
  • حبيته
التفاعلات: الحالم10 و خبير معتزل (الـــخـــال)
رؤعاتك يا خال ..
كريم في كلماتك المضيئة ..
مبدع في طرحك الجميل ..
متفنن في نسج الحروف ..
ولا تكفي كلمات المديح لتفي حروفك حقها .
:
:
الحفاظ على السلام أمر نبيل ..
وجب علينا السعي تجاهه دائما ..
ويكون بـ تعمد تجاهل الاختلافات الغير مهمة ..
وتعمد اختيار الزمان والمكان المناسب لـ حل المشاكل ..
ومن يفكر من زاوية واحدة لن يجد إلا فكرة واحدة ..
كـ من ينظر من نفس النافذة فسوف يرى المنظر نفسه ..
جرَب النظر من نافذة جديدة
حتي بتعليقاتك واطراؤك راقي،
دمت بكل خير،ونقاء
 
  • حبيته
التفاعلات: mor2010
احب ابدي إعجابي علي انتقاء الكلمات ، وصيغة المفردات ، وسرد الأحداث ، التي جعلت من قصتك أعجوبة بلفظ الكلمه ، مما جعل مني ك قارئة لا أمل ولا اشتكي ولا يصعب علي شئ ، في إيصال وتوضيح ، المشهد وجعل مني نجمة من أحداث القصة ، وتصور المشاهد كما أردت ك كاتب ،،،، أخيراً: بتمني انت تكمل على هذة الوتيرة 🍀🍀​
 
  • حبيته
  • عجبني
التفاعلات: Legend walker و خبير معتزل (الـــخـــال)
احب ابدي إعجابي علي انتقاء الكلمات ، وصيغة المفردات ، وسرد الأحداث ، التي جعلت من قصتك أعجوبة بلفظ الكلمه ، مما جعل مني ك قارئة لا أمل ولا اشتكي ولا يصعب علي شئ ، في إيصال وتوضيح ، المشهد وجعل مني نجمة من أحداث القصة ، وتصور المشاهد كما أردت ك كاتب ،،،، أخيراً: بتمني انت تكمل على هذة الوتيرة 🍀🍀​
شهاده ووسام فخر وشرف
تحياتي
 
  • عجبني
التفاعلات: ريم رامي
قصة قصيرة
بئر الخيانة
حان وقت الغروب، فاندفعت سلمى صوب شرفتها للتتأمل أسراب الطيور المحلقة في السماء متعجبة من بديع صنع ** وإعجازه في خلقه، بينما هي كذلك دلفت من خلفها والدتها بهيرة وربتت على كتفها قائلة: أما زلت تعكفين على هذه العادة منذ ان كنت صغيرة، أجابت سلمي: يستهويني كثيرآ هذا المنظر البديع كيف تنظم هذه الطيور نفسها بهذه الطريقة بشكل هندسي غاية في الروعة 'ردت الأم سبحان ** الخلاق العظيم 'إن لله في خلقه شؤون.
عادت سلمي لتستذكر دروسها ، فهي طالبة متفوقة في السنة الثانية في كلية الألسن التي أختارتها بمحض إرادتها لولعها بدراسة اللغات الأجنبية، بعد ما يقرب من ساعة ونصف نادت الأم ابنتها لتناول العشاء مع والدها، حيث كان موعد العشاء مقدس عند العائلة فهي الوجبة الوحيدة التي يجتمعون فيها مع الوالد صاحب أكبر مصنع لإنتاج الأثاث، فكان يقضي طيلة يومه بالمصنع ومتابعة العمل هناك، بدات الأم حديثها : أتتصور يا حاج خيرت أن سلمى ما زالت تواظب على تأمل أسراب الطيور ساعة الغروب كما كانت تفعل منذ صغرها، رد الأب: التأمل في بديع صنع ** شيئ جميل، وسأل سلمي: كيف حالك في الجامعة ياابنتي، فهو يهتم كثيرآ بها ودراستها حيث أنها الأبنة الوحيدة له لم يرزقه ** سواها ، أجابت سلمي وهي تبتسم حمداًلله يا أبي .
ذهبت سلمى في صباح اليوم التالي إلى الجامعة والتقت بصديقتها الوحيدة هدى، وبعد أن انتهيا من المحاضرات اتصلت بالسائق ليعود بها إلى المنزل، ويقوم بايصال صديقتها إلى حيث تقطن في إحدى الأحياء الراقية، إلا أنها لا تملك سيارة مثلها حيث توفي والدها الذي كان يعمل مديرا لإحدى الشركات ولم يترك لهم سوى المعاش.
دلفت سلمى إلى منزلها وألقت السلام على أمها وهي تصيح إني أكاد أموت جوعاً يا أمي أرجوك أسرعي في تحضير الطعام، ابتسمت الأم وقالت: حاضر ياروحي سيكون الطعام جاهزا بعد دقائق، تناولت سلمى غداءها بنهم شديد أثنت على الطعام قائلة: سلمت يداك يا أمي.
أخلدت سلمى إلى النوم حتى اقتربت ساعة الغروب، أسرعت إلى الشرفة ترقب ظهور الأسراب في السماء، لا تدري أن بشرفة المنزل المقابل يقف أحمد الذي يتأمل هو الآخر هذا المنظر البديع، ظلت سلمى تداوم على هذا التأمل يوميا دون أن تمل، وفي إحدى الأيام رأت أحمد وهو يتأمل مثلها هذا المنظر وهو شارد الذهن لدرجة أنه لم يراها وهي تنظر إليه، تكرر هذا الموقف مرات عديدة إلى أن لاحظ أحمد أن هذه الفتاة تشاركه نفس الولع بهذا المنظر الساحر.
دام هذا المشهد لأيام وكان أحمد بدأ في تعلقه بسلمى دون أن يعرف عنها شيئا ،أخذ يتبسم حين يراها ويرسل إليها الايماءات ليلفت أنظارها، وهي يمنعها حياؤها فتتوارى وتدخل غرفتها دون أن تبدي أي اهتمام لذلك.
ظل أحمد يرقب ساعات نزولها من البيت ولكنها بمجرد النزول يلقفها السائق الخاص بالأسرة إلى حيث تبغي ، استأذن أحمد والده ذات يومٍ أن يأخذ سيارته ليذهب بها إلى الجامعة حيث كان يدرس في السنة النهائية من كلية الحقوق، فوافق الأب بعد نقاش طويل لأنه كان يعد أحمد بسيارة جدبدة إذا تخرج بتقدير امتياز.
استيقظ أحمد مبكراً وارتدى ملابسه، وظل منتظر نزول سلمى من المنزل، وأول ما وقعت عينه عليها فر مسرعا مستقلاًسيارة أبيه متتبعاً إياها حتى وصلت السيارة إلى الجامعة حيث نزلت هناك وأمرت السائق بالانصراف، تبعها أحمد وهو ينادي يا آنسة مراراً وتكرارا حيث لم يكن يعرف اسمها بعد ،ألتفت سلمى فوجدت أحمد هو من يناديها، أحمر وجهها وأخذ العرق يتصبب من جبينها وكانت في حالة من الارتباك الشديد، ولم ينقذها من هذا الارتباك سوى صديقتها هدى وفاجأتها بالسؤال: مابك ياسلمى يبدو عليكِ الخوف والفزع، اهدئي وأحكي لي ماذا حدث لكل هذا الذعر، جلستا في كافتيريا الجامعة وأخذت هدى تحثها على التقرب من أحمد فقد يكون شخصاًمناسباًلها وقد تندم يوما ً لأنها ضيعته من يدها،
ردت سلمى: ولكني صارحت أمي وحذرتني أن أقابله أوأحادثه، ذلك لأن أبي من أصل ريفي ولا يرضي بهكذا علاقات، ولا يعرف أي علاقة بين رجل وامرأة سوي العلاقة الشرعية .
عادت سلمى بعد يوم حافل بالتوتر والقلق، قابلتها الأم ولاحظت شرودها الغير معتاد، نادت عليها لتناول الغداء معها لكنها رفضت، وقالت سوف انتظر العشاء مع أبي، حضر الأب في المساء واجتمعوا كالعادة على مأدبة العشاء ، سألها الأب كعادته عن حالها في الدراسة، ثم نظر تجاه الأم وقال: اتعلمين يابهيرة من صاحب البيت الذي أمامنا، اصفر وجه سلمى وبرقت عيناها وشنفت آذانها لتستمع مايأتي على لسان أبيها، ردت الأم : لقد لاحظت شابا فيه يبدو أنه شخص مهذب وهو الشخص الوحيد الذي رأيته حتى الآن، أردف خيرت قائلا إن صاحب البيت هو المستشار عبدالحليم طولان رئيس المحكمة الإدارية العليا، وقد تعرفت عليه منذ زمن حين اشتري من مصنعنا أثاثاً لمنزله، واليوم التقيت به أمام المنزل المقابل وأخبرني أنه اشتراه من بضع سنوات، وكان الأثاث الذي اشتراه لعين هذا المنزل، وانتقل فيه منذ شهور بعد أن توفيت زوجته، لأنها كانت متمسكة بسكنها القديم ولا تريد تغييره لما لها من ذكريات فيه ، إلى الآن لم يجب الوالد عما يجول بخاطرها، لاحظت الأم ماعليه ابنتها من شغف لتعرف ما تريد عن أحمد ،فسألته: من يكون هذا الشاب الذي رأيته ، قال الأب إنه ابنه أحمد يدرس في كلية الحقوق.
هدأت نفس سلمى وارتاح قلبها، واطمأنت أن أحمد من أسرة طيبة ومستواه يليق بأسرتها حتى لا يقابل بالرفض إذا شاء **** وتقدم للارتباط بها.
في اليوم التالي وفي ساعة الغروب المعتادة دخلت سلمى شرفتها ونظرت صوب شرفة الجيران، وكانت المفاجأة التي زلزلت كيانها وبدى العبوس على وجهها بعدما كانت منشرحة الصدر لما سمعت من أبيها في حديثه على العشاء ، حيث لم يكن هذا المرة بمفره كعادته بل تقف بجانبه سيدة تطوق رقبته بذراعها ويتهامسان معاً مما يدل أنها شديدة القرب منه، أخذت تتساءل من تكون هذه الفتاة أهي زوجته أم إحدى أقربائه، وظلت هكذا حتى الصباح، وما أن التقت هدى حدثتها عما رأت فنصحتها أن تتحدث معه لتتبين صدق مشاعره، ومن تلك التي رأتها معه، ردت سلمى مستحيل لو علم أبي لغضب مني، وأنا لا أخون ثقته بي، مرت أيام وهي على هذه الحال حتى لاحظت الأم أنها دائمة السرحان والشرود. انتظرت الأم وقت الغروب ودخلت الشرفة مع سلمى ،ولاحظت وجود فتاة بجانب أحمد، فهمست في أذنها أهذا سبب شرودك وانشعالك هذه الأيام، أخذتها الأم من يدها وجلستا على أريكة كانت بالغرفة وقالت في هدوء :ياابنتي اعلمي أن كل شيء في حياتنا نصيب يقدره لنا ** تعالى فلا نحزن على ما ليس من نصيبنا، اشغلي كل وقتك في الدراسة حتى تحققي ماتطمحين إليه، وبعدها يفعل ** مايشاء.
وعت سلمى كلام أمها وقررت أن تعمل بنصيحتها، وفي أول مرة ذهبت فيها إلى الجامعة وجدت أحمد ومعه تلك الفتاة بانتظارها، أسرت في نفسها تعجباً لما ترى، ألقت نظرة عابرة وواصلت سيرها باتجاه المدرج الدراسي ، ركضت خلفها تلك الفتاة وهي تنادي يا آنسة يا آنسة ، ردت سلمى ببرود متناه : نعم ماذا تريدين، ردت الفتاة أنا شاهيناز جارتكم وأخت أحمد الوحيدة، أريد محادثتك على انفراد، تلعثمت سلمى وهي في غاية السعادة ورحبت بالحديث معها، توجهتا صوب الكافتيريا حيث وجدتا أحمد هناك، فقال لسلمى مرحبا يا آنسة تفضلي بالجلوس، جلسوا جميعا ، عرفها أحمد بنفسه واستنكر أن يكونوا جيراناً ولا يعرفون أسماء بعضهم. كانت سلمى شديدة الحياء فلم ترد ببنت شفة، لاحظ أحمد ذلك فتركهما معاً وغادر، استرسلت شاهيناز في الحديث وهي تصف أخاها وخصاله الفريدة التي يصعب أن تجدها في شاب من شباب هذا العصر ،ثم سألتها إن كانت توافق على الارتباط به، بدى على سلمى الخجل ولم تجب على سؤالها، فعقبت شاهيناز أعتبر أن هذا الصمت علامة الرضا، انصرفا معاً حيث عرضت سلمى على شاهيناز أن توصلها بالسيارة إلى البيت، فوافقت ووجدت في ذلك فرصة لنتعرف أكثر على شخصية سلمى. قطعت السيارة الطريق في أسرع وقت على غير العادة، حيث أن سلمى كانت تود أن يطول الحديث عن أحمد أكثر وأكثر. نزلتا وذهبت كل منهما إلى منزلها.
دخلت سلمى وهي في غاية السعادة لا تعرف ماذا تفعل تغني أم ترقص من الفرحة، احتضنت أمها وأخذت تراقصها، والأم في حالة من الذهول تسألها: مابك حبيبتي ماذا جرى، فألقت سلمى بنفسها على أقرب أريكة لها والتقطت أنفاسها، وأخذت تحكي لأمها ما حدث، وأن أحمد يريد تحديد موعد لمقابلة أبي ليطلب يدي، تبسمت الأم تذكري يا حبيبة قلبي ما قلت لك سالفاًولا تتعجلي.
حضر الوالد من مصنعه وحكت الأم ماجرى واستأذنته في تحديد موعد لمقابلة أحمد ووالده، سأل خيرت وما سبب الزيارة لعله خير، ترددت الأم في الإجابة، ثم قالت: يريدون خطبة سلمى، ارتعدت فرائص الرجل وقال: من أخبرك بذلك، أجابت ابنتهم شاهيناز أخبرت سلمى وطلبت منها أن تخبرك لتحدد موعداً لمقابلتهم، هدأ الأب وأخذ يفكر في وقت مناسب للمقابلة، حدد خيرت يوم الجمعة القادم الساعة الثامنة مساءً ،وعقب لكن أنا من سيبلغهم بالموعد.
كادت سلمى تطير فرحا وأخذت تعد الدقائق والثواني لتجد نفسها أمام أحمد ووالده وفي زحام الأفكار والحيرة التي انتابتها نسيت عادتها وتأمل أسراب الطيور، وكان أحمد يترقب رؤيتها كل يوم وقت الغروب، واستغرب لعدم ظهورها منذ أن عرفت بأنه يريد خطبتها،وأصبح في حيرة من أمره أيكون هذا رفضاً له أم أنها مرتبطة بشخص آخر، صارح شاهيناز بما يدور في خلده، وكانت تقول له لا تسبق الأحداث .
حضر أحمد ووالده وأخته في الموعد المحدد وبعد مداولات ونقاش طويل تمت الموافقة وكان شرط خيرت ألا تتم الزيجة إلا بعد أن تنهي سلمى دراستها الجامعية ،ووافق أحمد وأبوه على ذلك .
أعلنت الخطبة وأقام خيرت حفلا كبيرا دعا له الأهل والأقارب والأصدقاء، كان من بين المدعوين فايزة خالة سلمى وابنها حسام ذلك الشاب الوسيم دمس الخلق، هنأ حسام ابنة خالته وقدم لها هدية ذهبية إلا أنه لم يظهر على وجهه أي علامة للفرح بهذه الخطبة.
انتهى الحفل واصطحب أحمد سلمى إلى أحد المطاعم الكبرى للعشاء هناك، احتفالا بالخطبة ومن المفارقات الغريبة أن هدى قررت التطفل عليهما ومزاحمتهما على العشاء، عاد الثلاثة مرهقين متعبين بعد هذا اليوم الحافل.
دخلت سلمى إلى غرفتها واستلقت على سريرها كي تخلد للنوم، لم تكد تغط في النوم إذ سمعت هاتفها يرن، أسرعت بالرد لتوقعها أنه أحمد وقد كان هو بالفعل حيث أعرب لها عن فرحته وسعادته الغامرة، وأن هذا اليوم حفر في ذاكرته ولن ينساه أبدأ، قال أحمد: حبيبتي سوف أحادثك يوميا في هذا التوقيت لأطمئن عليك قبل أن أخلد للنوم، وصدق في وعده لها وكانت هي في أوج سعادتها لما لاقته منه من تقدير واحترام لشخصها ولأهلها ،وفوق ذلك كله حبه الكبير لها.
استمر هذا الحال أكثر من عام ونصف، وفي خلال تلك الفترة أنهى أحمد دراسته بتقدير امتياز وعين معيداً في كلية الحقوق، ووفى والده بوعده واشترى له سيارة فارهة مكافأة له على تفوقه .
اقترب موعد الزواج ،وبدأت سلمى في التحضيرات له، ولكنها أحست فتوراً في العلاقة من ناحية أحمد وكانت تكذب احساسها ، صرحت بذلك لأمها التي خالفتها الرأي وعللت ذلك بأنه مشغول في تجهيزات العرس الذي اقترب موعده .
في نفس التوقيت انقطعت علاقتها بصديقتها هدى حيث بررت الأخيرة أن والدتها مريضة وتقوم هي على رعايتها.
مر يومان متتاليان ولم يتصل أحمد بسلمى مخلفاً وعده لها في أول يوم من الخطبة، ثم فاجأها باتصال في منتصف الليل فبدأته هي بالعتاب على عدم سؤاله عنها يومين كاملين، اعتذر أحمد، وطلب أن تنصت إليه ليقول لها كلاماًمهما ً فردت: كلي آذان صاغية فاردف قائلاً: رجاء لا تجعلي الأمر صعباً واتركيني أقول ما أريد فلما وجدت منه اعراضاً ، قررت الصمت ،أخذ أحمد يسترسل في حديثه ويمتدحها وأهلها وأنهم كانوا بمثابة أهله وأنه كان يود ألا يكون سبباً في ايلامهم ،وبدأت سلمى تتوقع بقية الحديث، فأرادت أن تخلصه من الحرج فقالت: أنت لا تريد أن تكمل هذه الزيجة، فأجاب نعم من أين عرفتي؟ سلمى: أراك تشك في ذكائي فهذه المقدمة لا تكون إلا من مودع ومفارق، فرد أحمد تعلمين أن الزواج نصيب و**** لا يقدر لنا أن نكمل معاً ،تحياتي لك والأسرة الكريمة.
استشاطت سلمى غضباً وشعرت بدوار شديد ،وخيل إليها أن أثاث الغرفة يدور بسرعة جنونية من حولها، فهوت على الأرض مغشياً عليها، هرولت الأم إلى غرفة ابنتها على صوت ارتطامها بالأرض، فوجدتها مستلقية على الأرض فاقدة للوعي، وبدأت في إفاقتها ولم تتركها حتى استردت وعيها ،وسألتها ماذا حدث يا ابنتي، فغلبتها دموعها وقالت وهي منهارة أحمد يا أمي فسخ الخطبة، الأم: لماذا يا حبيبتي؟ وماذا حدث؟ وكيف ولم يبق على زواجكما غير أيام، سلمى هذا ماحدث ألم أقل لك يا أمي أن أحمد متغير منذ فترة.
الأم اهدئي ياابنتي فلن يصيبنا إلا ما كتب **** لنا ، ليس من نصيبك، ولعل نصيبك أفضل منه بكثير فلا تحزني.
قررت سلمى أن تعكف على دراساتها وتعاود نشاطها بعد فترة من الصمت والعزلة والانسحاب من المناسبات الاجتماعية مخافة أن يسألها أحد عن زواجها، تخطت الأزمة وهي أقوى من ذي قبل فقد تخرجت من كلية الألسن بتقدير جيد جدا ، سرت كثيرا لذلك هي وأسرتها، واقترح عليها والدها أن تحضر للماجستير والدكتوراه، فقالت: هذا ما أفكر به يا أبي، تلقت سلمى مكالمة هاتفية من صديقتها هدى تعتذر فيها عن انشغالها عنها بمرض والدتها، ثم فاجأتها بأنها مشغولة بترتيبات عرسها الذي تحدد له موعد قريب، اندهشت سلمى وقالت متى وكيف ومن هو عريس المستقبل؟ ردت هدى ليس هناك خطبة فخير البر عاجله وأما العريس فهذه مفاجأة ستعرفينها عندما أرسل إليك بطاقة الدعوة. سلمى مبارك حبيبتي **** يسعدك يارب.
بعد أيام وصلت بطاقة الدعوة إلى منزل سلمى واستلمها والدتها التي صعقت حين قرأت اسم العريس ( أحمد عبد الحليم طولان ) خطيب سلمى السابق، أخفت الأم البطاقة عن ابنتها خوفا عليها من الانهيار، علمت سلمى بيوم العرس واستعدت لحضوره لتكون بجانب أقرب أصدقائها ورفيقة العمر إلا أن الأم اعترضت وبشدة، انتابت سلمى نوبة من الدهشة لهذا الموقف الغير متوقع، وأخذت تلح على والدتها أن تعرف سبب منعها وكيف لا تحضر هي أيضا فهدى بمثابة ابنتها الثانية، فقد كانت تقضي أغلب الأوقات مع سلمى منذ وفاة أبيها وتحت رعاية أمها، أمام هذا الالحاح اضطررت الأم إلى اعلامها بالحقيقة وأحضرت لها بطاقة الدعوة لتتأكد من الحقيقة المفجعة ، انهارت سلمى واعتصرها الألم والحزن الدفين لهذه الخيانة .
عاودت سلمى نشاطها مرة أخرى واستجمعت قواها، فقد حصلت على درجة الماجستير بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، حضر معها المناقشة أفراد أسرتها وبعض أقاربها وكان من بينهم خالتها وابنها حسام الذي هنأها بالنجاح الباهر، ثم دعاها لسهرة خارج المنزل كمكافأة لها على هذا النجاح.
بعد أن تناولا العشاء سألها حسام، إذا تقدمت لفتاة جميلة مثلك هل توافق بي ؟ أجابت: ومن هذه الحمقاء التي ترفض رجلاً مثلك فباغتها حسام وأنت لست بحمقاء وأنا أريد الزواج منك فما قولك، ضحكت سلمى قائلة أنصبت لي فخاً أيها المراوغ حسام: سوف أفشي لك سراً إنني أحبك منذ الصغر ولم أبح بهذا السر لأحد من قبل، وعندما أعلن والدك خطبتك لأحمد كنت أحزن رجل على وجه الأرض، وعندما رأيتك سعيدة سعدت كثيرآ لسعادتك ورضيت بما قسم ** لي وسلمت أنك لست من نصيبي، وأعادك ** إليّ من جديد وأشعر أني لم افتقدك لحظة واحدة، لا أريد جواباً الآن خذي وقتك وفكري جيدا.
أوصلها حسام إلى منزلها وودعها على أمل أن يستمع الرد الذي يريد، فكرت سلمى ملياً واستشارت والديها فقالت الأم: و**** يا ابنتي منذ ولادتك ماتمنيت لك زوجاً غيره، وأردف الأب ومن يشهد للعروس وضحك الجميع فرحين مستبشرين، أبلغ خيرت حسام بالموافقة، وفي غضون أسابيع تمت الزيجة.
كان حسام نعم الزوج والمعين، فأخذ بيدها وأعانها حتى حصلت على درجة الدكتوراه بتقدير امتياز وعملت مدرسأً بالجامعة، ثم قررت الإنجاب بعد أن اتمت دراستها ووصلت إلى ما كانت تصبو إليه، رزقها **** بطفلة جميلة أسماها حسام( رفيف) ،أضفت على حياتهما سعادة غامرة واستقرارا، نصحها حسام أن تأخذ أجازة من العمل وتتفرغ لتربية رفيف، فوافقت على الفور دون تردد، وكان هو يحرص على اصطحابها بين الفينة والفينة إلى نزهة أو عزومة عشاء خارج المنزل حتى لا تشعر بالملل من البقاء في المنزل.
داوم حسام على هذه العادة، وفي ذات مرة وبالصدفة البحتة إلتقيا بأحمد وهدى في ذات المطعم المفضل لديهم، لم تعر سلمى لذلك أي اهتمام بينما لاحظ حسام نظرات أحمد تجاهها ولكن دون أن يعقب، غير أن هدى جاءت متطفلة كعادتها فسلمت عليهما وأخبرتهما أنها تأتي دائما إلى هنا مع زوجها أحمد، استشاط الأخير غضباً لفعلتها هذه وقال لها: ماذا تريدين منها ألم تقطعي كل علاقة لك بها بعدما نجحت خطتك في الوقيعة بيننا وها أنا قد صرت معك كما تريدين ألا يكفي هذا ماذا تريدين بعد، احتد النقاش بينهما وعلا الصوت وملأ أرجاء المطعم مما اضطر أحمد أن يطلب الحساب وجرها من يدها وغادرا المكان. فقال حسام : خيرآ فعل. وأخذ يلاطف زوجته ويمازحها وأبدى اعجابه بتصرفها وعدم اهتمامها بتواجدها وكأنه لم يكن بينهم شيء وأدرك أنها تعافت من آثار صدمتها القديمة.
بدون ترتيب تكررت هذه المفارقة عدة مرات، وكان حسام وسلمي مندهشين لذلك، ثم لم يرونهما في هذا المكان ثانية.
بعد ما يقرب من أسبوع وصلت حسام رسالة من مجهول على مكتبه في الجريدة التي يعمل صحافياً بها، فتح الرسالة وإذا بمجموعة من الصور تجمع بين زوجته وخطيبها السابق أحمد في ذات المطعم الذي ألتقيا فيه بأحمد وهدى، صعق حسام وغلى الدم بعروقه وكاد يذهب لأحمد ويقتله ، ثم استعاذ ب** من الشيطان، ودعاه أن يرشده إلى الصواب، أخذ حسام يحملق في الصور ويشاهدها مرة تلو الأخرى، فخطرت بباله فكرة وطار مسرعا ً لتنفيذها حيث ذهب إلى قسم التصوير بالجريدة واستدعى أحد أصدقائه المقربين هناك وصاحب الخبرة الواسعة في هذا المجال يدعى سالم، دخل القسم وبدى عليه القلق والتوتر، وقال لسالم: أريدك على انفراد، فلبى سالم علي الفور، حسام استحلفك ب** أن ما أقول لك يظل سراً بيننا حتى الممات، فرد سالم لا تخف يا أحمد أعدك ما الأمر إذن لا تشغلني عليك ياأخي ما بك ؟ أخرج الصور من المظروف على استحياء وهو متردد فهذي سمعة زوجته ليس فقط بل وابنة خالته والوضع شديد الحساسية، استجمع قواه وأعطاه الصور، وقال: أريد التحري عن هذه الصور حقيقية أم مركبة، نظر سالم في الصور وانتابته نوبة من الضحك المتواصل، وحسام يحاول إسكاته ولكن دون جدوى، فما كان من حسام إلا أن اختطف الصور من يده يريد مغادرة المكان واعتبر ذلك استخفافاًبمشاعره، هدأ سالم وأمسك بيده وقال أيها الصحافي الكبير هذه صور مركبة وليست حقيقية ولكن غيرتك العمياء كادت أن تضللك، وإذا أردت التأكيد على ظهر إحداها اسم المصور والاستوديو يمكنك الذهاب إليه للتأكد من صحة كلامي، لالا سأذهب معك ربما تتهور على الرجل ويكون منك ما لا يحمد عقباه.
ذهبا معاً إلى حيث الاستوديو وسألا الرجل واعترف أنه ركب هذه الصور لسيدة ادعت أنها لأختها وتريد أن تمازحها بها وتهديها إياها في عيد ميلادها، طلب منه حسام وصف تلك السيدة ومن الوصف عرف أنها هدى.
رجع إلى البيت مسرعاًودخل حيث تجلس سلمى وهو عابس الوجه منعقد الأسارير، وداهمها قائلاً : كيف كنت تصادقين مثل هذه الحرباء المتلونة وعاشرتها طيلة هذه السنوات دون أن تعرفي حقيقتها . اندهشت سلمى لكلامه ولم تفهم منه شيئآ، فربت على كتفها وسرد لها القصة، فما كان منها إلا أن سجدت لله شكرا أن جباها برجل مثله لا تظلم عنده أبدا، ثم نهضت وشكرت حسام لترويه وبحثه عن الحقيقة، انتفض حسام واقفاً ،واتجه صوب الباب وسلمى تسأله إلى أين يا حسام؟ قال سأضع حداً لهذه المهزلة، ذهب حسام إلى الجامعة حيث عمل أحمد وسأل عنه فأخبره ساعي مكتبه أنه كان متعباً وغادر الجامعة منذ قليل، بالحيلة والحكمة استطاع حسام أن يعرف عنوان منزله حيث لا يسكن مع والده لعدم رغبة هدى في ذلك ،وما أن وصل إلى الباب فطرقه عدة طرقات ، فتح أحمد الباب ورحب به قائلاً : أهلا بك ياسيد حسام ، تفضل بالدخول، جلسا معاً حيث أشار له بمكان الجلوس، بدأ حسام حديثه بالثناء على أحمد وعائلته حسبما سمع عنهم ،ثم استطرد قائلاً ،تفضل ألقي نظرة على هذه الصور ،انزعج أحمد وارتعدت جمبع فرائصه ،وهو يصيح بصوت عالٍ ما هذا التلفيق أيعقل هذا أقسم ب** العظيم يا أخي لم أرَ زوجتك من بعد الانفصال ألا في المرات القلائل بالمطعم وأنت معها، لا تصدق يا أخي هذا افتراء وبهتان، أمسك حسام بيده وأجلسه إلى جواره وأخذ يربت على كتفيه ويقسم بأغلط الأيمان أنه مصدقه، فقال أحمد فأين المشكلة إذن ؟ فحكى له قصة الصور التي زورتها هدى لتثير شكي في إخلاص سلمى لي ، وأنا هنا اليوم لأبلغها رسالة على لسانك ٠ ألا تحاول إفساد العلاقة بيني وبين زوجتي وإلا سوف تعرض نفسها للمساءلة القانونية بتهمة التشهير ، وحضرتك رجل قانون وتعلم ذلك جيداً ، وعاد مسرعاً إلى منزله، وأخذ يتسامر مع زوجته ويداعب ابنته الصغيرة، ثم تناول مع سلمى طعام العشاء، وذهبا للنوم ليستريحا من عناء يومٍ طويل، قبل أن يستغرقا في النوم نهضا في حالة من الفزع والذعر على صوت طرق مبالغٍ فيه على باب منزلهما، ركض حسام مسرعا وفتح الباب وإذا برجال الشرطة أتوا للقبض عليه بتهمة القتل، سألهم حسام وهو غير مصدق لما سمع: عن أي قتل تتحدثون ومن المقتول؟ رد ضابط الشرطة: إنه(أحمد عبدالحليم طولان) ، انتابت سلمى حالة من الصياح قتلت أحمد لماذا؟ يا حسام ألم تتأكد أنه ليس بيني وبينه أي علاقة ؟ لم أقتله صدقيني يا سلمى ، أقسم ب** لم أقتله.
اصطحب رجال الشرطة حسام مكبل اليدين إلى سيارة الشرطة، واودعوه قسم الشرطة التابع له محل سكنه، انهارت سلمى واتصلت بوالديها لتستجد بهما، وفي دقائق معدودة كانا بجانبها غير مصدقين لما حدث، مستنكرين أن يقدم حسام على هذا الجرم الشنيع ، في صباح اليوم التالي توجه خيرت والد سلمى إلى المستشار عبدالحليم والد أحمد ليواسيه في محنته، رفض المستشار مقابلته البتة، إلا أن ابنته شاهيناز اعتذرت لخيرت قائلة: أرجوك يا عمي أن تقدر ظروف أبي الذي فقد ابنه في حادث أليم حتى أنه لم يعرف بعد من فعل ذلك ولماذا؟ أعرب لها خيرت عن أسفه الشديد حيال مصابهم الجلل.
تم عرض حسام على وكيل النائب العام لاستجوابه فيما هو منسوب إليه، أنكر وبشدة أي علاقة له بمقتل أحمد، فقد كان رجلاً ذا خلق ولا يستحق ما حدث له، داهمه الوكيل قائلا إن زوجته ( هدى ) هي من أبلغت عن الحادث، وقالت: أنك داهمته في منزله وانهلت عليه طعناً بسلاحٍ أبيض ، أقسم حسام مرارا وتكرارا أنه لم يقتله، وبسؤاله عن سبب تواجده في منزل أحمد، استأذن في كوب من الماء لأنه لم يتناول شيئاً منذ الأمس ، أخذ يسرد قصته مع أحمد وزوجته وقصة الصور المفبركة، ووكيل النائب العام في حالة من الدهشة والاستغراب كيف لأمرأة مثل هدى أن تفعل هكذا أفعال وما غرضها؟ استشهد حسام على صحة كلامه بزميله المصور(سالم ) ، وصاحب الاستوديو .
أمر النائب العام بمضاهاة البصمات الموجودة على سلاح الجريمة ببصمات كلا من حسام وهدى، وكانت النتيجة التي أذهلت الجميع، وهي عدم وجود بصمات لحسام أو هدى على سلاح الجريمة ،وإنما البصمات المتواجدة عليه لأحمد وشخص آخر مجهول ، سأل المحقق( هدى ) كيف تتهم حسام بقتل زوجها وليس له بصمات على سلاح الجريمة، فادعت أنه كان يلبس قفازاً حتى لا تنكشف جريمته.
طلب حسام من محاميه أن تأتي سلمى لزيارته، فاستخرج لها المحامي إذناً بالزيارة، ذهبت سلمى وهي متأكدة من براءة زوجها، وعند اللقاء سألها حسام هل تعتقدين في براءتي أم لا أنت المخلوقة الوحيدة على ظهر الأرض التي يهمني رأيها، سلمى: ماذا تقول يا حبيبي و** لو أجمع الناس جميعآ على ذلك لخالفتهم، إن ما صدر ساعة القبض عليك كان عن دون تفكير لهول ماسمعت سامحني فما قصدت ما أقول ساعتها، رد حسام :الحمد لله شهادتك تكفيني ولو أعدمت بعدها: شكرا حبيبتي على هذه الثقة، وسوف تثبت لك الأيام أني بريء من ددمم أحمد، رجاء ً أريد رؤية ( رفيف) في الزيارة القادمة، سلمى بإذن ** ستعود وترانا جميعا في منزلنا، انتهى وقت الزيارة وعادت سلمى من حيث جاءت.
ذهب المستشار عبدالحليم طولان لوكيل النائب العام، واستأذنه أن يطلع على مجريات التحقيق وبعد الاطلاع سأل المحقق تتوقع البصمة المجهولة تكون لمن ؟ المحقق مازلنا في بداية التحقيق وسوف تتضح الأمور شيئآ فشيئاً، نصح المستشار بخضوع (هدى) للمراقبة فهي شخصية غامضة ولعوب ولم يكن راضياً أبدأ عن زواجها من ابنه.
ظلت هدى تحت المراقبة المستمرة وكانت حريصة جدا وكأنها لاحظت أن أصابع الاتهام تتجه نحوها، ظلت على هذا الحرص حتى خرجت في أحد الأيام لتشتري بعض لوازمها وبينما تسير باتجاه السوق إذا بشخص يعترض طريقها فدفعته دفعة قوية أردته أرضاً إلا أنه كان مصراً على محادثتها، استطاع أحد أفراد المراقبة أن يلتقط لهما صورة على تليفونه الجوال، بعرض الصورة على المستشار تعرف على الشخص الذي كان مع هدى إنه ( باهر) صديق أحمد وزميله في الجامعة، سأله وكيل النائب العام: أيكون هو المجهول الذي نبحث عنه، المستشار أستبعد ذلك، ولكن كل شيء وارد، غدا بإذن **** سيكون بين يديك دليل براءته أو تأكيد اتهامه.
هاتف المستشار ( باهر) واخبره أنه يريد لقاءه في المنزل ليسأله عن أشياء تخص أحمد يريد جمعها من أوراق وخلافه، حضر(باهر ) مبكراً وصحبته شاهيناز إلى حجرة المكتب حيث ينتظر والدها، رحب به المستشار وأثنى عليه وكيف أن حسام كان يحبه مثل أخيه، أمر له بقدحٍ من الشاي، وبدأ يسأله إن كان يعرف أعداءً لأحمد، (باهر ) :لا يا سيادة المستشار( أحمد) كان شخصية موقرة، متواضع، علاقته طيبة بكل من حوله، بعد نهاية الحديث استأذن (باهر ) في الانصراف، جاء الخادم ليرفع صينية التقديم وما عليها فنهاه المستشار وأسرع بوضع القدح الفارغ في كيس شفاف، استقل سيارته وطار مسرعا حيث مقر النيابة، وطلب من المحقق أن يرسل القدح لمضاهاة البصمة على وجه السرعة، وظل ينتظر النتيجة في مكتب النائب العام، ساعات مرت عليه كأنها سنوات وهو يترقب هل ستنطفئ النار المشتعلة في قلبه، ويعرف اليوم قاتل أبنه الحقيقي وبأي ذنب قتله؟ بينما هو في هذه الحيرة، دق باب المكتب وإذا برئيس المعمل الجنائي بنفسه يأتي بالنتيجة، التقفها وكيل النائب العام، وهنا كانت المفاجأة إن(باهر) هو المجهول صاحب البصمة التي تؤكد تورطه في قتل أعز أصدقائه، أمر النائب العام بالقبض على كل من(باهر) و( هدى ) ومثولهما للتحقيق.
حضر المتهمان للتحقيق معهما، وقبل أن يوجه المحقق أي سؤال للسيد(باهر ) أنهار وأخذ يبكي وبحرقه على زميله الذي كان ضحية غدره وخيانته وأشار إلى هدى قائلاً : هذه الأفعى هي التي ألقت عليّ حبائلها وأغوتني حتى ارتكبت أفظع وأقبح جريمة عرفها التاريخ وبحق من ؟
أوفى وأعز صديق لي، أقسم لكم ب**** أني من يومها لم يهنأ لي عيش ولم يغمض لي جفن وأكاد أجن من التفكير وتأنيب الضمير، أرجوك سيادة المستشار أطلب إعدامي بدون تحقيق فالاعتراف سيد الأدلة، وأنا أقر واعترف، كما تطلب إعدام هذه الأفعى وأمثالها من حبائل الشيطان، ثم جثى على ركبتيه يتوسل ويقبل أرجل المستشار أن يسامحه، والأخير ينظر إليه ويعتصره الألم مستنكراً كيف لصاحب ٍ أن يقتل صاحبه من أجل امرأة حقيرة كهذه التي تبيع نفسها لمن يدفع أكثر، طلب النائب العام اصطحاب المتهمين إلى موقع الجريمة لتجسيد الجريمة كما وقعت بالفعل .
حضر المتهمان إلى موقع الحدث حيث صعد(باهر ) إلى الأعلى حيث كان متواجدا بغرفة نوم صديقه و هدى معه، سمعت باب البيت يفتح فنزلت بأقصى سرعة حيث وجدت ( أحمد ) عائدا من الجامعة مبكرا على غير العادة، وكانت تظهر على وجهه علامات الإعياء والتعب،حتى أنه لم يلاحظ ارتباكها وتوترها ، فسألته ءأنت مريض وقبل أن يجيبها طرق الباب فذهب هو وفتح الباب وإذا بحسام جاء ليخبره بموضوع الصور، في تلك الأثناء صعدت للأعلى لتخبر(باهر ) بقدوم صديقه حتى يختبأ إلى أن يستطيع الخروج دون أن يراه (أحمد )وينكشف حالهما، ثم نزلت لترى فيما أتى حسام، باغتها أحمد بالصور وعلا صوته وانهال عليها تقريعاً وسألها ماذا تبغى من وراء ذلك، حمي الوطيس وازداد النقاش ضراوة، وأقسم أحمد أن يقتل هدى ليخلص الناس من شرها، وادلف إلى المطبخ، واستل سكيناً من الخزانة، واندفع نحو هدى وأخذت تدافع عن نفسها باستماته، وبدأت تنادي على باهر كي يخلصها من يده، وما أن رآه أحمد، فأخذ بتلابيبه وقال: من أتى بك إلى هنا أيها الوغد، والتفت نحو هدى مرددا أيتها الخائنة كيف وصل بك الحال إلى هذا الحد أيتها الخائنة، لا بل أنتِ بئر خيانة لو نهل منها جميع الخونة في العام ما نضبت، وعاد ثانية يريد طعنها فتدخلت لأخلصها، فانغرس السكين في قلبه دون قصد مني، وسقط على الارض مضرجاً بدمه، انتابنا الهلع، وأمرتني هدى بمغادرة البيت وقالت: سوف اتصرف وحاولت الصاق التهمة بحسام.
انتهى التحقيق في القضية وأخلي سبيل حسام بعد ما ثبتت براءته.
( تمت)
اتقان بمعنى الكلمة 🙏🏼
لكل اركان القصة الصغيرة
من سرد للاحداث دون اطاله
حبمة درامية تسلسلية منطقية
كلمات و معاني جميلة
حكمة في نهاية القصة يستصيغها القارئ
تحياتي لك يا خال على روعاتك
و هذا اقل ما ننتظره منك داوما
 
  • عجبني
التفاعلات: mando40
نسوانجي كام أول موقع عربي يتيح لايف كام مع شراميط من أنحاء الوطن العربي
اول مرة اقرأها فعلا ، واضحه اوي انها مش منقولة ، عموما العبرة بالمقدم لنا بعيدا عن أي فريق الإعداد 🍀🍀
لاني جايبها من منتدي متخصص في كده واعضاؤه معدودون
اشكر مجاملتك الرقيقه
هي عندي اجمل من الف شهاده اشاده وانتم تعتقدون انها لي
فلست انا من يلتهم شقاء غيره او انسب الفضل لي
ولكن هدفي ارقي من مجرد سرقه
واعتقد ان شخصكم احد ثمار هذا الهدف

لست وحدي من يعشق الادب ويفضله عن الشهوه
 
  • عجبني
  • أتفق
التفاعلات: ميدو ابن عز و ريم رامي
لا اكدب عليك يا بوص انا كان عقلى شت فعلا وقلت فعلا هو كاتب مميز اول قصه و تكون بلغه سرديه رائعة وقصه معبره حتى لو لم يوصل المشاعر للقارئ بس برضوا احتراف إلى ان رأيت تعليقك انها ليست لك

إنتقاء رائع من شخص رائع لقصه رائعه
 
  • حبيته
  • عجبني
التفاعلات: الحالم10 و خبير معتزل (الـــخـــال)
لا اكدب عليك يا بوص انا كان عقلى شت فعلا وقلت فعلا هو كاتب مميز اول قصه و تكون بلغه سرديه رائعة وقصه معبره حتى لو لم يوصل المشاعر للقارئ بس برضوا احتراف إلى ان رأيت تعليقك انها ليست لك

إنتقاء رائع من شخص رائع لقصه رائعه
اكدب يعني
 
ممتعة وجميلة جدا.
ننتظر جديدك الرائع
 
قصة قصيرة
بئر الخيانة
حان وقت الغروب، فاندفعت سلمى صوب شرفتها للتتأمل أسراب الطيور المحلقة في السماء متعجبة من بديع صنع ** وإعجازه في خلقه، بينما هي كذلك دلفت من خلفها والدتها بهيرة وربتت على كتفها قائلة: أما زلت تعكفين على هذه العادة منذ ان كنت صغيرة، أجابت سلمي: يستهويني كثيرآ هذا المنظر البديع كيف تنظم هذه الطيور نفسها بهذه الطريقة بشكل هندسي غاية في الروعة 'ردت الأم سبحان ** الخلاق العظيم 'إن لله في خلقه شؤون.
عادت سلمي لتستذكر دروسها ، فهي طالبة متفوقة في السنة الثانية في كلية الألسن التي أختارتها بمحض إرادتها لولعها بدراسة اللغات الأجنبية، بعد ما يقرب من ساعة ونصف نادت الأم ابنتها لتناول العشاء مع والدها، حيث كان موعد العشاء مقدس عند العائلة فهي الوجبة الوحيدة التي يجتمعون فيها مع الوالد صاحب أكبر مصنع لإنتاج الأثاث، فكان يقضي طيلة يومه بالمصنع ومتابعة العمل هناك، بدات الأم حديثها : أتتصور يا حاج خيرت أن سلمى ما زالت تواظب على تأمل أسراب الطيور ساعة الغروب كما كانت تفعل منذ صغرها، رد الأب: التأمل في بديع صنع ** شيئ جميل، وسأل سلمي: كيف حالك في الجامعة ياابنتي، فهو يهتم كثيرآ بها ودراستها حيث أنها الأبنة الوحيدة له لم يرزقه ** سواها ، أجابت سلمي وهي تبتسم حمداًلله يا أبي .
ذهبت سلمى في صباح اليوم التالي إلى الجامعة والتقت بصديقتها الوحيدة هدى، وبعد أن انتهيا من المحاضرات اتصلت بالسائق ليعود بها إلى المنزل، ويقوم بايصال صديقتها إلى حيث تقطن في إحدى الأحياء الراقية، إلا أنها لا تملك سيارة مثلها حيث توفي والدها الذي كان يعمل مديرا لإحدى الشركات ولم يترك لهم سوى المعاش.
دلفت سلمى إلى منزلها وألقت السلام على أمها وهي تصيح إني أكاد أموت جوعاً يا أمي أرجوك أسرعي في تحضير الطعام، ابتسمت الأم وقالت: حاضر ياروحي سيكون الطعام جاهزا بعد دقائق، تناولت سلمى غداءها بنهم شديد أثنت على الطعام قائلة: سلمت يداك يا أمي.
أخلدت سلمى إلى النوم حتى اقتربت ساعة الغروب، أسرعت إلى الشرفة ترقب ظهور الأسراب في السماء، لا تدري أن بشرفة المنزل المقابل يقف أحمد الذي يتأمل هو الآخر هذا المنظر البديع، ظلت سلمى تداوم على هذا التأمل يوميا دون أن تمل، وفي إحدى الأيام رأت أحمد وهو يتأمل مثلها هذا المنظر وهو شارد الذهن لدرجة أنه لم يراها وهي تنظر إليه، تكرر هذا الموقف مرات عديدة إلى أن لاحظ أحمد أن هذه الفتاة تشاركه نفس الولع بهذا المنظر الساحر.
دام هذا المشهد لأيام وكان أحمد بدأ في تعلقه بسلمى دون أن يعرف عنها شيئا ،أخذ يتبسم حين يراها ويرسل إليها الايماءات ليلفت أنظارها، وهي يمنعها حياؤها فتتوارى وتدخل غرفتها دون أن تبدي أي اهتمام لذلك.
ظل أحمد يرقب ساعات نزولها من البيت ولكنها بمجرد النزول يلقفها السائق الخاص بالأسرة إلى حيث تبغي ، استأذن أحمد والده ذات يومٍ أن يأخذ سيارته ليذهب بها إلى الجامعة حيث كان يدرس في السنة النهائية من كلية الحقوق، فوافق الأب بعد نقاش طويل لأنه كان يعد أحمد بسيارة جدبدة إذا تخرج بتقدير امتياز.
استيقظ أحمد مبكراً وارتدى ملابسه، وظل منتظر نزول سلمى من المنزل، وأول ما وقعت عينه عليها فر مسرعا مستقلاًسيارة أبيه متتبعاً إياها حتى وصلت السيارة إلى الجامعة حيث نزلت هناك وأمرت السائق بالانصراف، تبعها أحمد وهو ينادي يا آنسة مراراً وتكرارا حيث لم يكن يعرف اسمها بعد ،ألتفت سلمى فوجدت أحمد هو من يناديها، أحمر وجهها وأخذ العرق يتصبب من جبينها وكانت في حالة من الارتباك الشديد، ولم ينقذها من هذا الارتباك سوى صديقتها هدى وفاجأتها بالسؤال: مابك ياسلمى يبدو عليكِ الخوف والفزع، اهدئي وأحكي لي ماذا حدث لكل هذا الذعر، جلستا في كافتيريا الجامعة وأخذت هدى تحثها على التقرب من أحمد فقد يكون شخصاًمناسباًلها وقد تندم يوما ً لأنها ضيعته من يدها،
ردت سلمى: ولكني صارحت أمي وحذرتني أن أقابله أوأحادثه، ذلك لأن أبي من أصل ريفي ولا يرضي بهكذا علاقات، ولا يعرف أي علاقة بين رجل وامرأة سوي العلاقة الشرعية .
عادت سلمى بعد يوم حافل بالتوتر والقلق، قابلتها الأم ولاحظت شرودها الغير معتاد، نادت عليها لتناول الغداء معها لكنها رفضت، وقالت سوف انتظر العشاء مع أبي، حضر الأب في المساء واجتمعوا كالعادة على مأدبة العشاء ، سألها الأب كعادته عن حالها في الدراسة، ثم نظر تجاه الأم وقال: اتعلمين يابهيرة من صاحب البيت الذي أمامنا، اصفر وجه سلمى وبرقت عيناها وشنفت آذانها لتستمع مايأتي على لسان أبيها، ردت الأم : لقد لاحظت شابا فيه يبدو أنه شخص مهذب وهو الشخص الوحيد الذي رأيته حتى الآن، أردف خيرت قائلا إن صاحب البيت هو المستشار عبدالحليم طولان رئيس المحكمة الإدارية العليا، وقد تعرفت عليه منذ زمن حين اشتري من مصنعنا أثاثاً لمنزله، واليوم التقيت به أمام المنزل المقابل وأخبرني أنه اشتراه من بضع سنوات، وكان الأثاث الذي اشتراه لعين هذا المنزل، وانتقل فيه منذ شهور بعد أن توفيت زوجته، لأنها كانت متمسكة بسكنها القديم ولا تريد تغييره لما لها من ذكريات فيه ، إلى الآن لم يجب الوالد عما يجول بخاطرها، لاحظت الأم ماعليه ابنتها من شغف لتعرف ما تريد عن أحمد ،فسألته: من يكون هذا الشاب الذي رأيته ، قال الأب إنه ابنه أحمد يدرس في كلية الحقوق.
هدأت نفس سلمى وارتاح قلبها، واطمأنت أن أحمد من أسرة طيبة ومستواه يليق بأسرتها حتى لا يقابل بالرفض إذا شاء **** وتقدم للارتباط بها.
في اليوم التالي وفي ساعة الغروب المعتادة دخلت سلمى شرفتها ونظرت صوب شرفة الجيران، وكانت المفاجأة التي زلزلت كيانها وبدى العبوس على وجهها بعدما كانت منشرحة الصدر لما سمعت من أبيها في حديثه على العشاء ، حيث لم يكن هذا المرة بمفره كعادته بل تقف بجانبه سيدة تطوق رقبته بذراعها ويتهامسان معاً مما يدل أنها شديدة القرب منه، أخذت تتساءل من تكون هذه الفتاة أهي زوجته أم إحدى أقربائه، وظلت هكذا حتى الصباح، وما أن التقت هدى حدثتها عما رأت فنصحتها أن تتحدث معه لتتبين صدق مشاعره، ومن تلك التي رأتها معه، ردت سلمى مستحيل لو علم أبي لغضب مني، وأنا لا أخون ثقته بي، مرت أيام وهي على هذه الحال حتى لاحظت الأم أنها دائمة السرحان والشرود. انتظرت الأم وقت الغروب ودخلت الشرفة مع سلمى ،ولاحظت وجود فتاة بجانب أحمد، فهمست في أذنها أهذا سبب شرودك وانشعالك هذه الأيام، أخذتها الأم من يدها وجلستا على أريكة كانت بالغرفة وقالت في هدوء :ياابنتي اعلمي أن كل شيء في حياتنا نصيب يقدره لنا ** تعالى فلا نحزن على ما ليس من نصيبنا، اشغلي كل وقتك في الدراسة حتى تحققي ماتطمحين إليه، وبعدها يفعل ** مايشاء.
وعت سلمى كلام أمها وقررت أن تعمل بنصيحتها، وفي أول مرة ذهبت فيها إلى الجامعة وجدت أحمد ومعه تلك الفتاة بانتظارها، أسرت في نفسها تعجباً لما ترى، ألقت نظرة عابرة وواصلت سيرها باتجاه المدرج الدراسي ، ركضت خلفها تلك الفتاة وهي تنادي يا آنسة يا آنسة ، ردت سلمى ببرود متناه : نعم ماذا تريدين، ردت الفتاة أنا شاهيناز جارتكم وأخت أحمد الوحيدة، أريد محادثتك على انفراد، تلعثمت سلمى وهي في غاية السعادة ورحبت بالحديث معها، توجهتا صوب الكافتيريا حيث وجدتا أحمد هناك، فقال لسلمى مرحبا يا آنسة تفضلي بالجلوس، جلسوا جميعا ، عرفها أحمد بنفسه واستنكر أن يكونوا جيراناً ولا يعرفون أسماء بعضهم. كانت سلمى شديدة الحياء فلم ترد ببنت شفة، لاحظ أحمد ذلك فتركهما معاً وغادر، استرسلت شاهيناز في الحديث وهي تصف أخاها وخصاله الفريدة التي يصعب أن تجدها في شاب من شباب هذا العصر ،ثم سألتها إن كانت توافق على الارتباط به، بدى على سلمى الخجل ولم تجب على سؤالها، فعقبت شاهيناز أعتبر أن هذا الصمت علامة الرضا، انصرفا معاً حيث عرضت سلمى على شاهيناز أن توصلها بالسيارة إلى البيت، فوافقت ووجدت في ذلك فرصة لنتعرف أكثر على شخصية سلمى. قطعت السيارة الطريق في أسرع وقت على غير العادة، حيث أن سلمى كانت تود أن يطول الحديث عن أحمد أكثر وأكثر. نزلتا وذهبت كل منهما إلى منزلها.
دخلت سلمى وهي في غاية السعادة لا تعرف ماذا تفعل تغني أم ترقص من الفرحة، احتضنت أمها وأخذت تراقصها، والأم في حالة من الذهول تسألها: مابك حبيبتي ماذا جرى، فألقت سلمى بنفسها على أقرب أريكة لها والتقطت أنفاسها، وأخذت تحكي لأمها ما حدث، وأن أحمد يريد تحديد موعد لمقابلة أبي ليطلب يدي، تبسمت الأم تذكري يا حبيبة قلبي ما قلت لك سالفاًولا تتعجلي.
حضر الوالد من مصنعه وحكت الأم ماجرى واستأذنته في تحديد موعد لمقابلة أحمد ووالده، سأل خيرت وما سبب الزيارة لعله خير، ترددت الأم في الإجابة، ثم قالت: يريدون خطبة سلمى، ارتعدت فرائص الرجل وقال: من أخبرك بذلك، أجابت ابنتهم شاهيناز أخبرت سلمى وطلبت منها أن تخبرك لتحدد موعداً لمقابلتهم، هدأ الأب وأخذ يفكر في وقت مناسب للمقابلة، حدد خيرت يوم الجمعة القادم الساعة الثامنة مساءً ،وعقب لكن أنا من سيبلغهم بالموعد.
كادت سلمى تطير فرحا وأخذت تعد الدقائق والثواني لتجد نفسها أمام أحمد ووالده وفي زحام الأفكار والحيرة التي انتابتها نسيت عادتها وتأمل أسراب الطيور، وكان أحمد يترقب رؤيتها كل يوم وقت الغروب، واستغرب لعدم ظهورها منذ أن عرفت بأنه يريد خطبتها،وأصبح في حيرة من أمره أيكون هذا رفضاً له أم أنها مرتبطة بشخص آخر، صارح شاهيناز بما يدور في خلده، وكانت تقول له لا تسبق الأحداث .
حضر أحمد ووالده وأخته في الموعد المحدد وبعد مداولات ونقاش طويل تمت الموافقة وكان شرط خيرت ألا تتم الزيجة إلا بعد أن تنهي سلمى دراستها الجامعية ،ووافق أحمد وأبوه على ذلك .
أعلنت الخطبة وأقام خيرت حفلا كبيرا دعا له الأهل والأقارب والأصدقاء، كان من بين المدعوين فايزة خالة سلمى وابنها حسام ذلك الشاب الوسيم دمس الخلق، هنأ حسام ابنة خالته وقدم لها هدية ذهبية إلا أنه لم يظهر على وجهه أي علامة للفرح بهذه الخطبة.
انتهى الحفل واصطحب أحمد سلمى إلى أحد المطاعم الكبرى للعشاء هناك، احتفالا بالخطبة ومن المفارقات الغريبة أن هدى قررت التطفل عليهما ومزاحمتهما على العشاء، عاد الثلاثة مرهقين متعبين بعد هذا اليوم الحافل.
دخلت سلمى إلى غرفتها واستلقت على سريرها كي تخلد للنوم، لم تكد تغط في النوم إذ سمعت هاتفها يرن، أسرعت بالرد لتوقعها أنه أحمد وقد كان هو بالفعل حيث أعرب لها عن فرحته وسعادته الغامرة، وأن هذا اليوم حفر في ذاكرته ولن ينساه أبدأ، قال أحمد: حبيبتي سوف أحادثك يوميا في هذا التوقيت لأطمئن عليك قبل أن أخلد للنوم، وصدق في وعده لها وكانت هي في أوج سعادتها لما لاقته منه من تقدير واحترام لشخصها ولأهلها ،وفوق ذلك كله حبه الكبير لها.
استمر هذا الحال أكثر من عام ونصف، وفي خلال تلك الفترة أنهى أحمد دراسته بتقدير امتياز وعين معيداً في كلية الحقوق، ووفى والده بوعده واشترى له سيارة فارهة مكافأة له على تفوقه .
اقترب موعد الزواج ،وبدأت سلمى في التحضيرات له، ولكنها أحست فتوراً في العلاقة من ناحية أحمد وكانت تكذب احساسها ، صرحت بذلك لأمها التي خالفتها الرأي وعللت ذلك بأنه مشغول في تجهيزات العرس الذي اقترب موعده .
في نفس التوقيت انقطعت علاقتها بصديقتها هدى حيث بررت الأخيرة أن والدتها مريضة وتقوم هي على رعايتها.
مر يومان متتاليان ولم يتصل أحمد بسلمى مخلفاً وعده لها في أول يوم من الخطبة، ثم فاجأها باتصال في منتصف الليل فبدأته هي بالعتاب على عدم سؤاله عنها يومين كاملين، اعتذر أحمد، وطلب أن تنصت إليه ليقول لها كلاماًمهما ً فردت: كلي آذان صاغية فاردف قائلاً: رجاء لا تجعلي الأمر صعباً واتركيني أقول ما أريد فلما وجدت منه اعراضاً ، قررت الصمت ،أخذ أحمد يسترسل في حديثه ويمتدحها وأهلها وأنهم كانوا بمثابة أهله وأنه كان يود ألا يكون سبباً في ايلامهم ،وبدأت سلمى تتوقع بقية الحديث، فأرادت أن تخلصه من الحرج فقالت: أنت لا تريد أن تكمل هذه الزيجة، فأجاب نعم من أين عرفتي؟ سلمى: أراك تشك في ذكائي فهذه المقدمة لا تكون إلا من مودع ومفارق، فرد أحمد تعلمين أن الزواج نصيب و**** لا يقدر لنا أن نكمل معاً ،تحياتي لك والأسرة الكريمة.
استشاطت سلمى غضباً وشعرت بدوار شديد ،وخيل إليها أن أثاث الغرفة يدور بسرعة جنونية من حولها، فهوت على الأرض مغشياً عليها، هرولت الأم إلى غرفة ابنتها على صوت ارتطامها بالأرض، فوجدتها مستلقية على الأرض فاقدة للوعي، وبدأت في إفاقتها ولم تتركها حتى استردت وعيها ،وسألتها ماذا حدث يا ابنتي، فغلبتها دموعها وقالت وهي منهارة أحمد يا أمي فسخ الخطبة، الأم: لماذا يا حبيبتي؟ وماذا حدث؟ وكيف ولم يبق على زواجكما غير أيام، سلمى هذا ماحدث ألم أقل لك يا أمي أن أحمد متغير منذ فترة.
الأم اهدئي ياابنتي فلن يصيبنا إلا ما كتب **** لنا ، ليس من نصيبك، ولعل نصيبك أفضل منه بكثير فلا تحزني.
قررت سلمى أن تعكف على دراساتها وتعاود نشاطها بعد فترة من الصمت والعزلة والانسحاب من المناسبات الاجتماعية مخافة أن يسألها أحد عن زواجها، تخطت الأزمة وهي أقوى من ذي قبل فقد تخرجت من كلية الألسن بتقدير جيد جدا ، سرت كثيرا لذلك هي وأسرتها، واقترح عليها والدها أن تحضر للماجستير والدكتوراه، فقالت: هذا ما أفكر به يا أبي، تلقت سلمى مكالمة هاتفية من صديقتها هدى تعتذر فيها عن انشغالها عنها بمرض والدتها، ثم فاجأتها بأنها مشغولة بترتيبات عرسها الذي تحدد له موعد قريب، اندهشت سلمى وقالت متى وكيف ومن هو عريس المستقبل؟ ردت هدى ليس هناك خطبة فخير البر عاجله وأما العريس فهذه مفاجأة ستعرفينها عندما أرسل إليك بطاقة الدعوة. سلمى مبارك حبيبتي **** يسعدك يارب.
بعد أيام وصلت بطاقة الدعوة إلى منزل سلمى واستلمها والدتها التي صعقت حين قرأت اسم العريس ( أحمد عبد الحليم طولان ) خطيب سلمى السابق، أخفت الأم البطاقة عن ابنتها خوفا عليها من الانهيار، علمت سلمى بيوم العرس واستعدت لحضوره لتكون بجانب أقرب أصدقائها ورفيقة العمر إلا أن الأم اعترضت وبشدة، انتابت سلمى نوبة من الدهشة لهذا الموقف الغير متوقع، وأخذت تلح على والدتها أن تعرف سبب منعها وكيف لا تحضر هي أيضا فهدى بمثابة ابنتها الثانية، فقد كانت تقضي أغلب الأوقات مع سلمى منذ وفاة أبيها وتحت رعاية أمها، أمام هذا الالحاح اضطررت الأم إلى اعلامها بالحقيقة وأحضرت لها بطاقة الدعوة لتتأكد من الحقيقة المفجعة ، انهارت سلمى واعتصرها الألم والحزن الدفين لهذه الخيانة .
عاودت سلمى نشاطها مرة أخرى واستجمعت قواها، فقد حصلت على درجة الماجستير بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، حضر معها المناقشة أفراد أسرتها وبعض أقاربها وكان من بينهم خالتها وابنها حسام الذي هنأها بالنجاح الباهر، ثم دعاها لسهرة خارج المنزل كمكافأة لها على هذا النجاح.
بعد أن تناولا العشاء سألها حسام، إذا تقدمت لفتاة جميلة مثلك هل توافق بي ؟ أجابت: ومن هذه الحمقاء التي ترفض رجلاً مثلك فباغتها حسام وأنت لست بحمقاء وأنا أريد الزواج منك فما قولك، ضحكت سلمى قائلة أنصبت لي فخاً أيها المراوغ حسام: سوف أفشي لك سراً إنني أحبك منذ الصغر ولم أبح بهذا السر لأحد من قبل، وعندما أعلن والدك خطبتك لأحمد كنت أحزن رجل على وجه الأرض، وعندما رأيتك سعيدة سعدت كثيرآ لسعادتك ورضيت بما قسم ** لي وسلمت أنك لست من نصيبي، وأعادك ** إليّ من جديد وأشعر أني لم افتقدك لحظة واحدة، لا أريد جواباً الآن خذي وقتك وفكري جيدا.
أوصلها حسام إلى منزلها وودعها على أمل أن يستمع الرد الذي يريد، فكرت سلمى ملياً واستشارت والديها فقالت الأم: و**** يا ابنتي منذ ولادتك ماتمنيت لك زوجاً غيره، وأردف الأب ومن يشهد للعروس وضحك الجميع فرحين مستبشرين، أبلغ خيرت حسام بالموافقة، وفي غضون أسابيع تمت الزيجة.
كان حسام نعم الزوج والمعين، فأخذ بيدها وأعانها حتى حصلت على درجة الدكتوراه بتقدير امتياز وعملت مدرسأً بالجامعة، ثم قررت الإنجاب بعد أن اتمت دراستها ووصلت إلى ما كانت تصبو إليه، رزقها **** بطفلة جميلة أسماها حسام( رفيف) ،أضفت على حياتهما سعادة غامرة واستقرارا، نصحها حسام أن تأخذ أجازة من العمل وتتفرغ لتربية رفيف، فوافقت على الفور دون تردد، وكان هو يحرص على اصطحابها بين الفينة والفينة إلى نزهة أو عزومة عشاء خارج المنزل حتى لا تشعر بالملل من البقاء في المنزل.
داوم حسام على هذه العادة، وفي ذات مرة وبالصدفة البحتة إلتقيا بأحمد وهدى في ذات المطعم المفضل لديهم، لم تعر سلمى لذلك أي اهتمام بينما لاحظ حسام نظرات أحمد تجاهها ولكن دون أن يعقب، غير أن هدى جاءت متطفلة كعادتها فسلمت عليهما وأخبرتهما أنها تأتي دائما إلى هنا مع زوجها أحمد، استشاط الأخير غضباً لفعلتها هذه وقال لها: ماذا تريدين منها ألم تقطعي كل علاقة لك بها بعدما نجحت خطتك في الوقيعة بيننا وها أنا قد صرت معك كما تريدين ألا يكفي هذا ماذا تريدين بعد، احتد النقاش بينهما وعلا الصوت وملأ أرجاء المطعم مما اضطر أحمد أن يطلب الحساب وجرها من يدها وغادرا المكان. فقال حسام : خيرآ فعل. وأخذ يلاطف زوجته ويمازحها وأبدى اعجابه بتصرفها وعدم اهتمامها بتواجدها وكأنه لم يكن بينهم شيء وأدرك أنها تعافت من آثار صدمتها القديمة.
بدون ترتيب تكررت هذه المفارقة عدة مرات، وكان حسام وسلمي مندهشين لذلك، ثم لم يرونهما في هذا المكان ثانية.
بعد ما يقرب من أسبوع وصلت حسام رسالة من مجهول على مكتبه في الجريدة التي يعمل صحافياً بها، فتح الرسالة وإذا بمجموعة من الصور تجمع بين زوجته وخطيبها السابق أحمد في ذات المطعم الذي ألتقيا فيه بأحمد وهدى، صعق حسام وغلى الدم بعروقه وكاد يذهب لأحمد ويقتله ، ثم استعاذ ب** من الشيطان، ودعاه أن يرشده إلى الصواب، أخذ حسام يحملق في الصور ويشاهدها مرة تلو الأخرى، فخطرت بباله فكرة وطار مسرعا ً لتنفيذها حيث ذهب إلى قسم التصوير بالجريدة واستدعى أحد أصدقائه المقربين هناك وصاحب الخبرة الواسعة في هذا المجال يدعى سالم، دخل القسم وبدى عليه القلق والتوتر، وقال لسالم: أريدك على انفراد، فلبى سالم علي الفور، حسام استحلفك ب** أن ما أقول لك يظل سراً بيننا حتى الممات، فرد سالم لا تخف يا أحمد أعدك ما الأمر إذن لا تشغلني عليك ياأخي ما بك ؟ أخرج الصور من المظروف على استحياء وهو متردد فهذي سمعة زوجته ليس فقط بل وابنة خالته والوضع شديد الحساسية، استجمع قواه وأعطاه الصور، وقال: أريد التحري عن هذه الصور حقيقية أم مركبة، نظر سالم في الصور وانتابته نوبة من الضحك المتواصل، وحسام يحاول إسكاته ولكن دون جدوى، فما كان من حسام إلا أن اختطف الصور من يده يريد مغادرة المكان واعتبر ذلك استخفافاًبمشاعره، هدأ سالم وأمسك بيده وقال أيها الصحافي الكبير هذه صور مركبة وليست حقيقية ولكن غيرتك العمياء كادت أن تضللك، وإذا أردت التأكيد على ظهر إحداها اسم المصور والاستوديو يمكنك الذهاب إليه للتأكد من صحة كلامي، لالا سأذهب معك ربما تتهور على الرجل ويكون منك ما لا يحمد عقباه.
ذهبا معاً إلى حيث الاستوديو وسألا الرجل واعترف أنه ركب هذه الصور لسيدة ادعت أنها لأختها وتريد أن تمازحها بها وتهديها إياها في عيد ميلادها، طلب منه حسام وصف تلك السيدة ومن الوصف عرف أنها هدى.
رجع إلى البيت مسرعاًودخل حيث تجلس سلمى وهو عابس الوجه منعقد الأسارير، وداهمها قائلاً : كيف كنت تصادقين مثل هذه الحرباء المتلونة وعاشرتها طيلة هذه السنوات دون أن تعرفي حقيقتها . اندهشت سلمى لكلامه ولم تفهم منه شيئآ، فربت على كتفها وسرد لها القصة، فما كان منها إلا أن سجدت لله شكرا أن جباها برجل مثله لا تظلم عنده أبدا، ثم نهضت وشكرت حسام لترويه وبحثه عن الحقيقة، انتفض حسام واقفاً ،واتجه صوب الباب وسلمى تسأله إلى أين يا حسام؟ قال سأضع حداً لهذه المهزلة، ذهب حسام إلى الجامعة حيث عمل أحمد وسأل عنه فأخبره ساعي مكتبه أنه كان متعباً وغادر الجامعة منذ قليل، بالحيلة والحكمة استطاع حسام أن يعرف عنوان منزله حيث لا يسكن مع والده لعدم رغبة هدى في ذلك ،وما أن وصل إلى الباب فطرقه عدة طرقات ، فتح أحمد الباب ورحب به قائلاً : أهلا بك ياسيد حسام ، تفضل بالدخول، جلسا معاً حيث أشار له بمكان الجلوس، بدأ حسام حديثه بالثناء على أحمد وعائلته حسبما سمع عنهم ،ثم استطرد قائلاً ،تفضل ألقي نظرة على هذه الصور ،انزعج أحمد وارتعدت جمبع فرائصه ،وهو يصيح بصوت عالٍ ما هذا التلفيق أيعقل هذا أقسم ب** العظيم يا أخي لم أرَ زوجتك من بعد الانفصال ألا في المرات القلائل بالمطعم وأنت معها، لا تصدق يا أخي هذا افتراء وبهتان، أمسك حسام بيده وأجلسه إلى جواره وأخذ يربت على كتفيه ويقسم بأغلط الأيمان أنه مصدقه، فقال أحمد فأين المشكلة إذن ؟ فحكى له قصة الصور التي زورتها هدى لتثير شكي في إخلاص سلمى لي ، وأنا هنا اليوم لأبلغها رسالة على لسانك ٠ ألا تحاول إفساد العلاقة بيني وبين زوجتي وإلا سوف تعرض نفسها للمساءلة القانونية بتهمة التشهير ، وحضرتك رجل قانون وتعلم ذلك جيداً ، وعاد مسرعاً إلى منزله، وأخذ يتسامر مع زوجته ويداعب ابنته الصغيرة، ثم تناول مع سلمى طعام العشاء، وذهبا للنوم ليستريحا من عناء يومٍ طويل، قبل أن يستغرقا في النوم نهضا في حالة من الفزع والذعر على صوت طرق مبالغٍ فيه على باب منزلهما، ركض حسام مسرعا وفتح الباب وإذا برجال الشرطة أتوا للقبض عليه بتهمة القتل، سألهم حسام وهو غير مصدق لما سمع: عن أي قتل تتحدثون ومن المقتول؟ رد ضابط الشرطة: إنه(أحمد عبدالحليم طولان) ، انتابت سلمى حالة من الصياح قتلت أحمد لماذا؟ يا حسام ألم تتأكد أنه ليس بيني وبينه أي علاقة ؟ لم أقتله صدقيني يا سلمى ، أقسم ب** لم أقتله.
اصطحب رجال الشرطة حسام مكبل اليدين إلى سيارة الشرطة، واودعوه قسم الشرطة التابع له محل سكنه، انهارت سلمى واتصلت بوالديها لتستجد بهما، وفي دقائق معدودة كانا بجانبها غير مصدقين لما حدث، مستنكرين أن يقدم حسام على هذا الجرم الشنيع ، في صباح اليوم التالي توجه خيرت والد سلمى إلى المستشار عبدالحليم والد أحمد ليواسيه في محنته، رفض المستشار مقابلته البتة، إلا أن ابنته شاهيناز اعتذرت لخيرت قائلة: أرجوك يا عمي أن تقدر ظروف أبي الذي فقد ابنه في حادث أليم حتى أنه لم يعرف بعد من فعل ذلك ولماذا؟ أعرب لها خيرت عن أسفه الشديد حيال مصابهم الجلل.
تم عرض حسام على وكيل النائب العام لاستجوابه فيما هو منسوب إليه، أنكر وبشدة أي علاقة له بمقتل أحمد، فقد كان رجلاً ذا خلق ولا يستحق ما حدث له، داهمه الوكيل قائلا إن زوجته ( هدى ) هي من أبلغت عن الحادث، وقالت: أنك داهمته في منزله وانهلت عليه طعناً بسلاحٍ أبيض ، أقسم حسام مرارا وتكرارا أنه لم يقتله، وبسؤاله عن سبب تواجده في منزل أحمد، استأذن في كوب من الماء لأنه لم يتناول شيئاً منذ الأمس ، أخذ يسرد قصته مع أحمد وزوجته وقصة الصور المفبركة، ووكيل النائب العام في حالة من الدهشة والاستغراب كيف لأمرأة مثل هدى أن تفعل هكذا أفعال وما غرضها؟ استشهد حسام على صحة كلامه بزميله المصور(سالم ) ، وصاحب الاستوديو .
أمر النائب العام بمضاهاة البصمات الموجودة على سلاح الجريمة ببصمات كلا من حسام وهدى، وكانت النتيجة التي أذهلت الجميع، وهي عدم وجود بصمات لحسام أو هدى على سلاح الجريمة ،وإنما البصمات المتواجدة عليه لأحمد وشخص آخر مجهول ، سأل المحقق( هدى ) كيف تتهم حسام بقتل زوجها وليس له بصمات على سلاح الجريمة، فادعت أنه كان يلبس قفازاً حتى لا تنكشف جريمته.
طلب حسام من محاميه أن تأتي سلمى لزيارته، فاستخرج لها المحامي إذناً بالزيارة، ذهبت سلمى وهي متأكدة من براءة زوجها، وعند اللقاء سألها حسام هل تعتقدين في براءتي أم لا أنت المخلوقة الوحيدة على ظهر الأرض التي يهمني رأيها، سلمى: ماذا تقول يا حبيبي و** لو أجمع الناس جميعآ على ذلك لخالفتهم، إن ما صدر ساعة القبض عليك كان عن دون تفكير لهول ماسمعت سامحني فما قصدت ما أقول ساعتها، رد حسام :الحمد لله شهادتك تكفيني ولو أعدمت بعدها: شكرا حبيبتي على هذه الثقة، وسوف تثبت لك الأيام أني بريء من ددمم أحمد، رجاء ً أريد رؤية ( رفيف) في الزيارة القادمة، سلمى بإذن ** ستعود وترانا جميعا في منزلنا، انتهى وقت الزيارة وعادت سلمى من حيث جاءت.
ذهب المستشار عبدالحليم طولان لوكيل النائب العام، واستأذنه أن يطلع على مجريات التحقيق وبعد الاطلاع سأل المحقق تتوقع البصمة المجهولة تكون لمن ؟ المحقق مازلنا في بداية التحقيق وسوف تتضح الأمور شيئآ فشيئاً، نصح المستشار بخضوع (هدى) للمراقبة فهي شخصية غامضة ولعوب ولم يكن راضياً أبدأ عن زواجها من ابنه.
ظلت هدى تحت المراقبة المستمرة وكانت حريصة جدا وكأنها لاحظت أن أصابع الاتهام تتجه نحوها، ظلت على هذا الحرص حتى خرجت في أحد الأيام لتشتري بعض لوازمها وبينما تسير باتجاه السوق إذا بشخص يعترض طريقها فدفعته دفعة قوية أردته أرضاً إلا أنه كان مصراً على محادثتها، استطاع أحد أفراد المراقبة أن يلتقط لهما صورة على تليفونه الجوال، بعرض الصورة على المستشار تعرف على الشخص الذي كان مع هدى إنه ( باهر) صديق أحمد وزميله في الجامعة، سأله وكيل النائب العام: أيكون هو المجهول الذي نبحث عنه، المستشار أستبعد ذلك، ولكن كل شيء وارد، غدا بإذن **** سيكون بين يديك دليل براءته أو تأكيد اتهامه.
هاتف المستشار ( باهر) واخبره أنه يريد لقاءه في المنزل ليسأله عن أشياء تخص أحمد يريد جمعها من أوراق وخلافه، حضر(باهر ) مبكراً وصحبته شاهيناز إلى حجرة المكتب حيث ينتظر والدها، رحب به المستشار وأثنى عليه وكيف أن حسام كان يحبه مثل أخيه، أمر له بقدحٍ من الشاي، وبدأ يسأله إن كان يعرف أعداءً لأحمد، (باهر ) :لا يا سيادة المستشار( أحمد) كان شخصية موقرة، متواضع، علاقته طيبة بكل من حوله، بعد نهاية الحديث استأذن (باهر ) في الانصراف، جاء الخادم ليرفع صينية التقديم وما عليها فنهاه المستشار وأسرع بوضع القدح الفارغ في كيس شفاف، استقل سيارته وطار مسرعا حيث مقر النيابة، وطلب من المحقق أن يرسل القدح لمضاهاة البصمة على وجه السرعة، وظل ينتظر النتيجة في مكتب النائب العام، ساعات مرت عليه كأنها سنوات وهو يترقب هل ستنطفئ النار المشتعلة في قلبه، ويعرف اليوم قاتل أبنه الحقيقي وبأي ذنب قتله؟ بينما هو في هذه الحيرة، دق باب المكتب وإذا برئيس المعمل الجنائي بنفسه يأتي بالنتيجة، التقفها وكيل النائب العام، وهنا كانت المفاجأة إن(باهر) هو المجهول صاحب البصمة التي تؤكد تورطه في قتل أعز أصدقائه، أمر النائب العام بالقبض على كل من(باهر) و( هدى ) ومثولهما للتحقيق.
حضر المتهمان للتحقيق معهما، وقبل أن يوجه المحقق أي سؤال للسيد(باهر ) أنهار وأخذ يبكي وبحرقه على زميله الذي كان ضحية غدره وخيانته وأشار إلى هدى قائلاً : هذه الأفعى هي التي ألقت عليّ حبائلها وأغوتني حتى ارتكبت أفظع وأقبح جريمة عرفها التاريخ وبحق من ؟
أوفى وأعز صديق لي، أقسم لكم ب**** أني من يومها لم يهنأ لي عيش ولم يغمض لي جفن وأكاد أجن من التفكير وتأنيب الضمير، أرجوك سيادة المستشار أطلب إعدامي بدون تحقيق فالاعتراف سيد الأدلة، وأنا أقر واعترف، كما تطلب إعدام هذه الأفعى وأمثالها من حبائل الشيطان، ثم جثى على ركبتيه يتوسل ويقبل أرجل المستشار أن يسامحه، والأخير ينظر إليه ويعتصره الألم مستنكراً كيف لصاحب ٍ أن يقتل صاحبه من أجل امرأة حقيرة كهذه التي تبيع نفسها لمن يدفع أكثر، طلب النائب العام اصطحاب المتهمين إلى موقع الجريمة لتجسيد الجريمة كما وقعت بالفعل .
حضر المتهمان إلى موقع الحدث حيث صعد(باهر ) إلى الأعلى حيث كان متواجدا بغرفة نوم صديقه و هدى معه، سمعت باب البيت يفتح فنزلت بأقصى سرعة حيث وجدت ( أحمد ) عائدا من الجامعة مبكرا على غير العادة، وكانت تظهر على وجهه علامات الإعياء والتعب،حتى أنه لم يلاحظ ارتباكها وتوترها ، فسألته ءأنت مريض وقبل أن يجيبها طرق الباب فذهب هو وفتح الباب وإذا بحسام جاء ليخبره بموضوع الصور، في تلك الأثناء صعدت للأعلى لتخبر(باهر ) بقدوم صديقه حتى يختبأ إلى أن يستطيع الخروج دون أن يراه (أحمد )وينكشف حالهما، ثم نزلت لترى فيما أتى حسام، باغتها أحمد بالصور وعلا صوته وانهال عليها تقريعاً وسألها ماذا تبغى من وراء ذلك، حمي الوطيس وازداد النقاش ضراوة، وأقسم أحمد أن يقتل هدى ليخلص الناس من شرها، وادلف إلى المطبخ، واستل سكيناً من الخزانة، واندفع نحو هدى وأخذت تدافع عن نفسها باستماته، وبدأت تنادي على باهر كي يخلصها من يده، وما أن رآه أحمد، فأخذ بتلابيبه وقال: من أتى بك إلى هنا أيها الوغد، والتفت نحو هدى مرددا أيتها الخائنة كيف وصل بك الحال إلى هذا الحد أيتها الخائنة، لا بل أنتِ بئر خيانة لو نهل منها جميع الخونة في العام ما نضبت، وعاد ثانية يريد طعنها فتدخلت لأخلصها، فانغرس السكين في قلبه دون قصد مني، وسقط على الارض مضرجاً بدمه، انتابنا الهلع، وأمرتني هدى بمغادرة البيت وقالت: سوف اتصرف وحاولت الصاق التهمة بحسام.
انتهى التحقيق في القضية وأخلي سبيل حسام بعد ما ثبتت براءته.
( تمت)
أسلوب رائع جدا تحياتي
 
  • حبيته
التفاعلات: خبير معتزل (الـــخـــال)

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى أسفل
0%