NESWANGY

سجل عضوية او سجل الدخول للتصفح من دون إعلانات

دكتور نسوانجي

مدير
طاقم الإدارة
مدير
نسوانجي متفاعل
نسوانجي متميز
نسوانجي قديم
حاصل علي أكثر من 100000 نقطة
ناشر مجلة
إنضم
8 سبتمبر 2021
المشاركات
45,844
مستوى التفاعل
11,804
نقاط
18,683
قصة : خراش وغزلانُه ( ف / ف )


- بضعة تنويهات

تنويه 1 : هذه القصة تعمد في كثير من أجزائها إلى استخدام لغة قد تعد مرتفعة قليلاً عن عربية الجرائد والصحف ، فإن كان هذا مما يسوؤك / يسوءك ، فقد نوهنا به .

تنويه 2 : تصوِّرُ القصة في معظمها علاقةً ذات طابع جنسي بين أنثيين درجة القرابة بينهما أنهما ابنتا عم ، فإن كانت هذه أو تلك تسوؤك / تسوءك، فقد نوهنا بهما .

تنويه 3 : مما تشمله تلك العلاقة ذات الطابع الجنسي ما يعرف بالإنجليزية / بالإنكليزية بـ
Erotic spanking
فإن كان هذا مما يسوؤك / يسوءك فقد نوهنا به .

تنويه 4 : هذا العمل ضرب من الخيال لم يقع ولا أجزاؤه ، ولا قَصَدَ إلى تصوير ما وقع بكليته أو بجزء منه ، وشخصياته ليست محاكاة لشخصيات واقعية وأي تشابه بينها وبين أي شخصية واقعية حية أو ميتة علمنا بها أو لم نعلم محض صدفة ، وأي حثٍّ على فعل أو على الامتناع عن فعل بناءً على ما في القصة مما تُوُهِّم أنه مغزى فهو غيرُ مقصود من المؤلف ، وليس حثاً على الحقيقة ، ومتى وقع الفعل الذي تُوُهِّم أنه حُثَّ عليه فالفعل مسؤولية / مسئولية فاعله ولا يسأل المؤلف عن ذلك .
فإن كان أيٌّ من هذا مما يسوؤك / يسوءك فقد نوهنا به .


- القصة :

.

(1)



يوم الأربعاء العاشرة مساءً




- " منى ! "

نادت ( سلمى ) مغضبة على ابنة عمها ، وهي تفتح باب حجرتها وتتساءل عن سبب عدم ردها عليها ، لتفتح فاها مشدوهة للمنظر الذي رأته ، فأمام عينيها كانت ابنة عمها مولية إياها ظهرها ، وقد وضعت سماعات الحاسوب في أذنيها ، وليس عليها من الثياب خيط واحد ، وأمامها على مكتب الحاسوب قد اصطفت بالتريب من اليسار إلى اليمين رجلها اليسرى ثم شاشة الحاسوب ثم رجلها اليمنى ، وشاشة الحاسب تعرض مقطع فيديو لفتاتين تتبادلان القبلات ، ثم فجأة ينفتح باب الحجرة التي هما فيها وتدخل امرأة تبدو في منتصف العمر وعليها ثياب مما ترتديه الوقورات من النساء فكأنها أستاذة جامعية خارجة من محاضرة ، وقد فغرت فاهها مشدوهة ، وكأنها تحاكي ما فعلته ( سلمى ) عندما دخلت حجرة بنت عمها ، وتراع الفتاتان لدخول المرأة ، وتقول إحداهما في حياء للمرأة _ التي يبدو أنها أمها _ شيئاً ما على وجه الاعتذار ، ولكن ( سلمى ) لا تسمع صوت الفيديو وإنما ترى الشاشة فحسب ، ولهذا تخيلت ( سلمى ) أن عذر الفتاة لا بد أن يكون من نحو أن صاحبتها كانت سألتها عما إذا كانت قبّلت فتى من قبل ، فلما أجابتها بالنفي ، أرادت أن تعلمها كيف يكون ذلك ، فكان ما كان ، ويبدو أن الأم لا تقبل اعتذار بنتها ، فتسأل صاحبة ابنتها عما حدث _ أو شيئاً من هذا القبيل _ ولكن حركات جسد صاحبة الابنة تغني عن سماع صوت الفيديو فيبدو من تجهم وجهها وإشاحتها بيديها أنها _خلافاً لموقف الابنة _ تخبر الأم صراحة أن ما يحدث بينها وبين ابنتها ليس من شأنها وأنها تحب ابنتها وأنه ليس في ذلك ما يعيب ، وأن الأولى بأن يعتذر هو الأم التي قاطعت بوقاحة ما كانتا تفعلانه ، وهنا تفقد الأم أعصابها _ ولعل صاحبة ابنتها قد شتمتها أو وصفتها بالتقليدية أو شيئاً من هذا القبيل _ ، فتهرع إلى الهاتف وترفع السماعة وتضرب أرقاماً _ لاحظت ( سلمى ) أن الممثلة التي تلعب دور الأم قد اقتصرت على الضغط على ثلاثة أرقام فقط فهل هذا خطأ في الإنتاج ، أم هل تفترض القصة أن الأم تطلب الشرطة مثلاً ، أم لعلها ليست أماً بل نزيلة في فندق ، ورجعت إلى حجرتها لتجد فتاتين في غرفتها ترفض إحداهما المغادرة فهي تتصل بالشرطة _ أياً يكن بدا أن المجيب على الهاتف هو امرأة أخرى ، إذ قُسِّمَتِ الشاشة قسمين لتظهر صورتها بجوار صورة الأم _ إن كانت أماً _ وتتحدث الأم في غضب وتتحدث المرأة الأخرى في هدوء ، وفكرت سلمى أن المرأة الأخرى لا بد أن تكون أم الفتاة الجريئة ، وأن ابنتها قد أخذت عنها موقفها من مثل هذا الفعل ، أما ابنة الأم الغاضبة فهي مستحيية من فعلها لأنها هكذا علمتها أمها ، على أية حال يبدو أن ( منى ) قد تخلت عن الفأرة لفترة طويلة منشغلة بما هو أهم كما هو واضح ، فانتقلت الشاشة إلى وضعية شاشة التوقف التي كانت شاشة سوداء خالصة ، ومع زاوية انعكاس إضاءة الغرفة وحملقة ( منى ) في الشاشة قبل أن تتحول إلى شاشة التوقف ، بدا لها جلياً وقوف شخص ما أمام باب غرفتها المفتوح ، وفي ذعر مبرر تلتفت بوجهها لترى ابنة عمها ( سلمى ) التي يبدو من وقفتها أنها ظلت واقفة هناك لفترة ، ولم تدر ( منى ) ما الذي تفعله فقد تجمد تفكيرها وجسدها تماماً ، ولم يخرجها من حالة التجمد تلك إلا صوت والدتها وهي تفتح باب الشقة ، وتقول :

- " منى ! هل سبقتنا ( سلمى ) أم سبقناها ؟ لقد قابلنا ابنة عمك في الطريق وأصررنا على أن تتعشى معنا ، واختلفنا في وسيلة العودة فأصرت ابنة عمك على ركوب الباص ، وركبنا نحن المترو ، وكلانا يعد الآخر أنه سيصل قبل صاحبه .. "

كانت ( هانم ) _أم ( منى )_ تقول كلامها هذا ، وهي تتوجه نحو غرفة ابنتها ، وهي مستغربة أنها لم تسمع منها رداً ، وفكرت أنها ربما كانت مشغولة بألعاب الفيديو التي تقضي فيها معظم وقتها ، وفي نفس الأثناء كانت ( منى ) تسارع لالتقاط ملابسها من هنا وهناك ، وقد شعرت ابنة عمها بحرج اللحظة ، فبدأت في معاونتها ، لترجئ الكلام عن تلك " التجربة " التي رأتها إلى ما بعد تجاوز تلك المرحلة الدقيقة ، وما إن انعطفت ( هانم ) تجاه غرفة ابنتها ، التي كانت لحسن حظ ( منى ) غير مشرفة على الصالون الذي يقابل باب الشقة ، ومن ثم فإن الداخل من باب الشقة لا يرى ما يحدث في غرفة ( منى ) _ ولو كانت مفتوحة الباب _ حتى يصل إليها ويستدير نحوها ، ما إن وصلت الأم إلى الغرفة حتى رأت بابها مفتوحاً وابنتها واقفة تعقد الزر العلوي في بلوزتها وإلى جوارها وقفت ( سلمى ) وهي تبتعد بجسدها عن ( منى ) وكأنها طفلة كانت تضرب صاحبتها ثم رأت المعلمة تنظر نحوهما فابتعدت عنها فجأة ، أو هكذا كان شعور ( هانم ) عندما رأتهما ، وانصرف انتباهها فجأة إلى أن ( سلمى ) كما هو واضح قد سبقتهم إلى المنزل ، فقالت :

- " يا له من باص هذا الذي ركبتيه ، حتى يسبق المترو "

فردت ( سلمى ) :

- " كما قلت لك يا " طنط " ، بسبب وقوع منزلكم بين محطتين من محطات المترو ، فالباص أسرع "

- " يبدو أنك محقة ، على أية حال أتريدين أن تعاونيني أنت و(منى) في إعداد العشاء "

كان صوت أبو ( منى ) وشقيقها الأصغر قد بدأ يجلجل في غرفة الصالون عندما خرجت ( منى ) و ( سلمى ) إلى المطبخ لتساعدا ( هانم ) في إعداد العشاء ، ومالت ( منى ) على أذن ( سلمى ) قائلة :

- " شكراً ، أنك لم تقولي شيئاً "

واكتفت ( سلمى ) بأن ترمقها شزراً ، وكأنها تقول : ليس هذا وقت الكلام عن تلك الحادثة .

واستمر العشاء عادياً ، وإن حاولت ( منى ) أن تستشف من ملامح ( سلمى ) شيئاً فلم تستطع ، فلما أوشكوا على الفراغ من الأكل ، قالت ( سلمى ) وهي تهم بالقيام :

- " شكراً على العشاء يا عمي ويا " طنط " " ثم وجهت كلامها لـ ( منى ) :

- " على وعدنا إذاً أن نلتقي غداً عندي في البيت في الثامنة مساءً كما اتفقنا ؟ "

حملقت منى فيها لفترة ثم فطنت لما يحدث ، فقالت :

- " .. آه ، بالطبع ، كما اتفقنا ، غداً في التاسعة مساءً "

ولم يفِت أخوها الأصغر الفرصة :

- " الثامنة أم التاسعة ؟ "

فعاجلته أخته :

- " وما شأنك أنت ؟ "

واستشعرت الأم بوادر شجار فتدخلت :

- " دع أختك وشأنها يا ( هاني ) ، وبودنا لو تكثرين من الزيارة يا ( سلمى ) فما عدنا نراك إلا مصادفة ، وقد كنت أنت و( منى ) لا تنفصلان قبل بضعة سنوات "
فقالت سلمى :

- " تعرفين يا " طنط " ، الجامعة ومشاكلها ، وشكراً على كل شيء "

ثم رمقت ( سلمى ) ( منى ) وكأنها تستوثق منها على ميعادهما ، فردت ( منى ) النظرة بمثلها ، لتؤكد على انعقاد الميعاد ، ثم مضت ( سلمى ) لمنزلها .

******

( 2 )


يوم الخميس ، الثانية صباحاً


حاولت ( منى ) جاهدة أن تنام دون جدوى ، لم تكن تعرف ما الذي يجب أن تشعر به بالضبط حيال كل هذا ، كان هناك جزء من عقلها يمارس التنظير المنطقي ؛ ما حدث كارثة ، ما يحدث منذ فترة طويلة جداً كارثة ، ولكن أن يتم الاطلاع عليه من قبل شخص آخر ، وأن يكون هذا الشخص قريباً سيستمر وجوده في حياتك وليس غريباً تنقطع صلتك به إلى الأبد فهذه كارثة أكبر ، ثم إن هناك مشكلة أخرى ؛ فـ ( منى ) لا تعرف بالضبط القدر الذي اطلعت عليه ( سلمى ) ؛ ما الذي رأته بالضبط ؟ ما الذي أدركته مما رأته ؟
وعلى الرغم من هذا الجانب العقلاني كان هناك جانب آخر لا سبيل إلى دفعه ولا إلى إنكار وجوده ، وهذا الجانب هو المسئول بشكل رئيس عن أرقها وهو ما يدفع النوم عن عينها ؛ لشد ما يتمنى هذا الجانب الشهواني غير العقلاني لو تكررت هذه الحادثة يوماً وراء يوم إلى ما لا نهاية ، لشد ما يلح هذا الجانب منها على تصور المشهد واستعادته بحذافيره بل والإضافة عليه ؛ يصور لها هيئتها وهي منشغلة بمشاهدة ذلك الفيديو ، عريانة كما ولدتها أمها ، لاهيةً عما حولها ... يركز هذا الجانب الشهواني _وكأنه مخرج متمكن من أدواته _ على إبراز ملامح وجهها في هذه اللحظات ثم يدير الكاميرا ليظهر لنا في براءة كيف أن هناك شخصاً آخرَ يشهد هذه اللحظة ؛ هذه اللحظة التي يفترض ألا يطلع عليها أحد ؛ هذه الحميمية ؛ لحظة سقوط كل الحواجز ؛ ثم في ذروة الحدث يصل إلى وعيِها شبهِ المخدر إدراكٌ مخيف ولكنه مثير ؛ تنبيهٌ عقليٌّ وامض : هناك من يطلع عليك ! برجاء رفع درجة الإنذار إلى الدرجة القصوى ! هذا ليس تدريباً هذه معركة فعلية !

وهي تحسب أن عقلها يعابثها ، لطالما فعل .. لطالما توهمت في مثل هذه اللحظات أن هناك من يراها ، أن نافذة ما غير محكمة الإغلاق ، أن صوت شخص ما يدنو ، وكانت تذعر ، ثم سرعان ما تستقصي هذه الفكرة ويتضح أنها مجرد إنذار واهٍ من عقلها ؛ تدريب وليس حقيقة .. ولكن ليس هذه المرة ، هذه المرة ظلت منتظرة حتى يزول خيال الشخص الذي يراقبها ، حتى تنسدل الستارة على النافذة المفتوحة التي يراها كل البشر من ورائها ، حتى ينقطع صوت الخطوات المقبلة عليها ؛ حتى يظهر أن كل هذا وهم ، ولكن شيئاً لم يتغير ؛ لا تزال ابنة عمها واقفة مكانها ، لا تزال هي عارية ليس عليها ما يسترها ، وكأن هذا لا يكفي حتى تدرك واقعية ما هي فيه ؛ يأتيها صوت أمها وهي في هذه الحالة ليخبرها بجلاء : نعم هناك وضع اعتيادي تتوهمين فيه أن أسرارك ستنكشف ، ولكنها لا تفعل ... ولكن الأمر هنا مختلف ؛ انظري إلى الفارق : لو تأخرت قليلاً في إغلاق الملف المفتوح على شاشة الحاسب ؛ لو تأخرت في ارتداء ملابسك لكشفت أمك سرك ؛ هذا هو ما تجنبتيه . أما ما حدث قبل قليل فمختلفٌ جداً ؛ إنه واقع لا شية فيه ؛ إنه أمر ليس لك سابق علم بكيفية التعامل معه .

ثم يدنو هذا الجانب الشهواني مرة أخرى من أحداث الواقع ليؤسس عليها أوهامه ؛ لماذا واعدتك ابنة عمك أن تقابلك ، لماذا حددت لك ميعاداً تلقاك فيه ؛ المنطق يقول أنها تريد استجماع شتات عقلها وإعداد ما تخاطبك به ، وعلى الأغلب ستلومك وتقرعك وتثير مواجع قديمة ، ولكن ماذا إذا .. اسمعي مني .. ماذا إذا : كانت هي الأخرى .... ماذا عن ذاك ؟

في هذه اللحظة كانت الصور قد بدأت تتسارع على عقل ( منى ) ، وقد تخلت بالكلية عن أي ذرة من عقلانية أو انضباط ، واستحال عقلها بكليته مسرحاً لقبلات تتناثر هنا وهناك وعضات تتبادل علوا وسفلاً ، ويمرّ كل ما في الجسد المهاجم على كل ما في الجسد المدافع ، وكلما مر عضو على عضو أوسعه حباً ، ثم يتبادل الجسدان موقعيتهما ، وهلم جراً وسحباً وعناقاً ولعقاً ...

*****

(3)


يوم الخميس ، السادسة وسبعة وخمسون دقيقة مساءً


( سلمى ) هي الملجأ الذي يلجأ إليه صاحباتها عندما يَشْكُلُ عليهن أمرٌ ما ؛ عندما يَفْرُطُ أمرٌ ما في الإشكال ؛ عندما يبدو أن الحق التبس بالباطل التباساً يستحيل معه تمييز بداية هذا من نهاية ذاك ، عندها تؤدي ( سلمى ) دورها ، وتبين في جلاء خفايا الخفايا وتفاصيل التفاصيل ...

فإذا كان هذا هكذا ، فلماذا تضطرب هذه الـ ( سلمى ) بعينها اليوم اضطراباً شديداً ، فتذم ما تمدح وتمدح ما تذم ، وتمسح ما كتبته وتكتب ما مسحته ، وترى هدفها بجلاء حتى تكاد تمسك به في قبضتها ثم يعمى عليها حتى كأنه العدم ، وتقول : الحق ها هنا فلا تغفلوا عنه ، ثم يسألونها المزيد فتنظر إليهم شاردة ، وتقول : هل رأى أحدكم (منى) ؛ (منى) الحق! .. (منى) الحق !

والحق أن ( سلمى ) بعقلانيتها كانت تعي تماماً مشاعرها تجاه ابنة عمها ، ليس مما حدث البارحة فحسب ، ولكن منذ زمن بعيد ، منذ كان لطيفاً _ ومقبولاً اجتماعياً _ أن يستحما معاً ، وأن يناما معاً ؛ يقول العالمون بالشأن أن مثل هذا السلوك يُسَبِّبُ ما لا يحمد عقباه ، فماذا يقول العالمون بالشأن إذا كان ما لا يحمد عقباه هو الذي سَبَّبَ ذلك السلوك .. لقد تمنت ( سلمى ) أن ترى كلَّ ما يمكن رؤيته من جسد ابنة عمها قبل أن ترى منه ما لا يظهر في المعتاد في مكان عام ؛ منذ رأت وجهها . وتمنت أن تقترب منها حتى تذوب فيها من قبل أن تمس منها ما لا يُمَس في المعتاد ولو من غريب ؛ منذ صافحت راحتها راحتها . فلما بلغ بها الحب _ أو أياً تكن تسميته _ كل مبلغ عزمت أن تقطع صلتها بابنة عمها ، فلا تراها إلا للضرورة القصوى ، وكان تبريرها في ذلك عقلانياً أيضاً : ليكن الصواب صواباً والخطأ خطأ ، أو فليكن الصواب خطأ والخطأ صواباً ؛ في النهاية لن نستطيع أن نغير تفكير المجتمع ، فلماذا ننطح الصخرة إذا كانت الصخرة باقية نطحناها أم لم ننطحها ، وكان بقاؤنا نحن يتوقف على عدم نطحها ؛ أحد الطرفين لا يتأثر بالمتغيرات ، والطرف الآخر يتوقف وجوده كله على فعل أحد الخيارين وترك الآخر ؛ هل هناك وضع أكثر جلاءً من هذا . ولكن الجهد العقلاني لم يؤت ثماره عندما عرضت نتيجته على قلبها ، ظل قلبها يضرب الأرض برجليه ، ويصيح صياحاً منكراً ، وهي تهاوده تارة وتتوعده أخرى ، ولا يزيده الوعد والوعيد إلا إصراراً ، فلما آيست منه تركته في حيث كان ورجعت إلى بيتها وحدها ، وكان تبريرها في ذلك عقلانياً أيضاً : متى كف هذا القلب عن معارضة صاحبة الشأن ومن لها الكلمة العليا فبإمكانه أن يعود ويستعيد مكانته ، وإلا فحرامٌ عليه دخولُ بيت لا يذعن فيه لكلمة سيدته . ثم استمر الوضع على ما هو عليه سنوات ، وتسير ( سلمى ) مفرطة العقلانية في دربها بتؤدة ورسوخ قدم ، وتنال أعلى الدرجات في دراستها الأكاديمية ، ويَحْمَدُ ذكاءَها وانضباطَها القريبُ والبعيدُ ، وتلقى في هذا الطريق عمها وزوجته وابن عمها في يوم ما ، فيصرّ عمها الذي لم يرها من فترة طويلة أن تعود معهم إلى البيت فيتعشوا وتقابل ابنة عمها التي لم تقابلها منذ دهور ، وتلح هي على تجنب تلك الدعوة كراهية لنكء الجرح القديم ، وإن كانت لا تشك أن نكء الجرح لن يعود عليها بكبير ضرر ، ولكن أخذاً بالأحوط ، فلما ألح عليها عمها أسرَّ لها عقلُها : أنَّ تَجَنُّبَ ما لا خطرَ فيه بسبب أن الآخرين يعدونه مصدراً هائلاً للخطر ، فيه كفرٌ برأيِكِ وشكٌّ في مذهبكِ : فاذهبي لبيت ابنة عمك وقابليها وأعلني صراحة أنني أنا ( سلمى ) لا أبالي إلا بما يصدر عن عقلي وإن خالفه العالمون ، فأقلوا أو أكثروا . وتغتر ( سلمى ) بثقة عقلها ، ثم يوردها عقلها مورداً آخر للخطر وكأنه يعد بنفسه ساحة إعدامه ، فيأبى إلا أن يعلق على قول زوجة عمها أن راكب المترو أسرع وصولاً إلى بيتهم من راكب الباص ، ويأبى عقلها إلا أن يحلل هذه المعلومة ويصل إلى فسادها ، ويأبى عقلها إلا أن يمارس تجربة عملية تظهر صحة ما ذهب إليه ، ويأبى عقلها بعد أن أثبت صحة رأيه إلا أن يُعَجِّلَ بمقابلة ابنة عمها ، ويتجاهل كل التحذيرات التي عدها ساذجة بأن تنتظر حتى يأتي عمها وزوجته وابنه لئلا يجمعها وابنة عمها مكان خالٍ .

فإذا كان هو من تسبَّبَ منفرداً بهذا الموقف وما نَتَجَ عنه فلأيِّ شيء ينوح الآن نوحاً منكراً ويضرب الأرض بقدميه احتجاجاً ، وهي تهاوده تارة وتتوعده أخرى ، ولا يزيده الوعد والوعيد إلا إصراراً ؛ أنَّه لا يُقْبَلُ رأيُ غيري كائناً ما كان فكيف إذا كان ما رُدَّ رأيي لأجله هو القلب الساذج ، فلما آيست ( سلمى ) من عقلها تركته في حيث كان ، وأدْنَتْ إليها قلبَها واعتذرت منه على ما سبق إليه منها ، وقالت : قد كنْتُ قبلَ قطيعتك آخذ منك بعض ما تشير به وأردُّ بعضه ، وآخذ من العقل بعضَ ما يشير به وأردُّ بعضه ، وقد طال ما أخذت منه وأنت مهمل الرأي سواءٌ عليك أتكلمت أم أنت صامت ، فاليوم أنت عندي الحكم الذي ترضى حكومته ، وصاحب الكلمة العليا ...

وبينما ( سلمى ) في مناجاتها قلبَها ، طرق الباب طارق ، وتَدَخَّلَ قلبُها فأخبرها أن ليس الذي طرق الباب طارقٌ مجهول بل هي ابنة عمها ( منى ) بعينها ، فقال العقل من مكان قصي : ما أحمقك يا قلب ، ولقد بقي على ميعاد ( منى ) قريبٌ من ساعة ، فما يأتي بها الآن . فأقصَتْ سلمى عقلَها وجعلت في فمه ما يحول بينه وبين الكلام لئلا تسمع صوته ، وذهبت لتفتح الباب فإذا هي ( منى ) كما وعد القلب ، ودخلت ( منى ) وأغلقت خلفها الباب ، فباردتها ( سلمى ) :

- " ألم يكن ميعادنا بعد ساعة من الآن ؟! "

- " بلى ، ولكني قلت إن كنت سأُسَبُّ وأشْتَمُ فلا أقلَّ من أن يكون ذلك في وقت أسمِّيهِ أنا ، ولا يفْرَضُ عليَّ العقابُ وميعادُه معاً "

قالت ( سلمى ) مبتسمة ، وقد راقها الكلام :

- " عقاب ! "

وفوجئت ( منى ) بابتسامة ابنة عمها وتبسطها ، وكانت هي الأخرى قد قضت اليوم تتوقع وتحدس ما يكون عليه لقاؤهما ، وكان ما خلصت إليه أنه لن يكون لقاءَ خيرٍ ، فلما رأت تبسط ابنة عمها ، وتكرارها لكملة ( عقاب ) بالذات ، قررت أن تذهب لأبعد ما يمكن الوصول إليه :

- " هذا الفيديو الذي رأيتيه في تلك الليلة ، والذي قد يزعم بعض الكاذبين أنني كنت حاضرةً أثناء مشاهدتك له .. "

لم تتمالك ( سلمى ) نفسها من الضحك ، وقد عادت لها ذكريات مداعباتهما ، وتحريف ابنة عمها للكلام عن قصد كلما أحرجت من موقف ما ، وسايَرَتْهَا ( سلمى ) :

- " لا أعتقد أن أحداً يبلغ به الكذب إلى هذا الحد ، ولقد كنت وحدي في غرفتي وليس عندي أحد ، فمن أين زعموا أنك كنت حاضرة ؟! ثم إنك لو كنْتِ حاضرة لرأيْتِ أمراً منكراً "

تورد خدا ( منى ) خجلاً ، ولكنها قررت أن تستمر :

- " أمراً منكراً ؟ "

- " نعم ، فهذا الفيديو بالذات يثير في النفس أشدَّ مشاعرِ الحزن ، وإني إذا بلغ مني الحزن مبلغَهُ عمدْتُ إلى جبالٍ من مثلجات فجعلتها في طبق فأتَيْتُ عليها كلَّها ، فأكثرُها ينتهي به الحالُ في بطني وأقلها _ وأقلُّ الكثيرِ كثيرٌ _ يتساقط على ملابسي هنا وهناك ، فلو رأيتِني لقلت : لولا نزعت عنها ملابسها قبل أن تشرع في رؤية هذا الفيديو.... ؛ لئلا تتسخ بتساقط المثلجات عليها بالطبع ، فلا يذهبنَّ فكرُك إلى ما لا يليق "

كان الخجل تتزايد أماراته على وجه ( منى ) وفي حركة يديها وجسدها ، ثم قالت _ وكأنها تريد التغلبَ على ما تعرِّضُ به ابنة عمها من حادثة البارحة_ :

- " خمس سنوات "

- " خمس سنوات ؟ "

بترددٍ وضعتْ ( منى ) يدَها في جيبها وأخرجت ما يبدو وكأنه مظروف مهترئ ، وقالت :

- " لقد كتبتُ لكِ هذه الرسالة من خمس سنوات "

بدأت ابتسامة ( سلمى ) تخفت شيئاً فشيئاً ، وهي ترى الحوار ينحو منحى جاداً ، وفتحت الرسالة فوجدت فيها :

(( إني أحبك .. صراحةً بلا مواربة ولا تزويق ، وبلا مقدمات ولا استفتاح ولا تحية طيبة ؛ إني لا أريد أن أحييك تحية طيبة ، إني أريد أن أفعل بكِ ما تبتسمين لذكراه فتغفلي عن رد التحية الطيبة إذا حيَّاكِ بها شخصٌ ما ، فينبهَك فلا تنتبهين ، فيقول في نفسه : ما شغل هذه عن واقعها كل هذا الشغل إلا حبُّ من تملك عليها فؤادها . فأريد أن أكون أنا ذلك الذي تملك عليك فؤادك.
إني أريد إذا جمعني وإياك مكانٌ واحد ألا يبقى فيه رجل ولا امرأة ولا صغير ولا كبير ولا جاد ولا هازل إلا علم أن بيننا ما يزيد على ما يكون بين أيِّ إنسان وآخر ؛ يعلمون ذلك ونحن لم نفعل أكثر من تبادل النظرات ، ويقول القاضي العادل _ وقد أشار إليكِ _ : قد تأكد عندي بما لا يدع مجالاً للشك أن لو كانت نظرة تذيب فؤاداً أو ترد ميتًا للحياة لكانت نظرة هذه إلى صاحبتها ونظرة صاحبتها إليها . فأريد أن أكون أنا هذه الـ صاحبتها .
إني أرغب في لقاء القابلة التي ولدتك وأن أراها تحملك بين يديها وليدةً فتهم بأن تسلمكِ لأمك فتراني فتعدل بكِ عن أمكِ وتسلمكِ لي وتهنئني بكِ . وأرغب في لقاء المأذون الذي يكتب عقد زواجكِ ، ويكون اللعينُ _ كائناً من كان _ الذي يظن أنك تصيرين له زوجة واقفاً بإزائك فيَهِمُّ المأذونُ _ ولو فعلها لفتكت بالذي يخفق بين جنبيه _ أن يعقد له عليكِ فيراني فيعدل بكِ عنه ، ويكتب لي عليك كتاباً لا يفنى ولو فني الأبد ، فلا يبقى أحد إلا هنأني بكِ . وأرغب _ إذ كان الفناء لا دافعَ له _ أن يقوم مؤبنك فلا يشير إليك بقليل مدح ولا كثير إلا كان نظره مصوباً إليّ دون سائر الناس ليرى وقع تقريظه على أحب الناس عندكِ ، ثم لا يبقى أحدٌ إلا وهو يَعُدُّ مصابَه فيكِ دون مصابي ، حتى إذا ما رحمت الملائكة جمهرة المتوجعين لفقدكِ عزموا أن يجمعوا بينك وبين أشدهم حزناً عليكِ ورغبةً في لقائكِ فيعدلوا عن أبيكِ وأمكِ ويقبضوا روحي أنا فلا ألبث أن أقترن بكِ هناك كما اقترنت بكِ هنا ، فيهنئني أهل السماء عليك كما هنأني أهل الأرض من قبل ... ))

وقفت ( سلمى ) مشدوهة لبرهة ، ثم نظرت إلى ( منى ) فوجدت عينيها تترقرق فيهما الدموع ، فتركت ما كانت تنوي قوله ، وضمتها إلى صدرها ، وقالت :

- " لماذا لم تخبريني ؟ "

- " لقد كنت أنوي أن أرسل هذه الرسالة لكِ ، ولكنكِ انقطعَتْ أخبارُك فجأة ، وهاتَفْتُكِ فلم تردي ، فقلت لعلكِ قرأتِ رسالتي _ وكنتُ أضعها في متناول يدكِ من قبلُ رجاءَ أن تقعي عليها " مصادفة " _ فلما رأيتكِ قطعتُ كل حبلٍ بيني وبينكِ تأكد عندي أنك قرأتِها ورددتيها إلى هيئتها الأولى لكي لا أعلم أنكِ قرأتِها ، ثم ساءكِ ما فيها فكرهْتِ حتى أن ترديني رداً صريحاً ، وإني أعلم أن فيها من الغلوِّ ما فيها ، ولكني كتبتُها وأنا في السابعة عشرة ، وللمراهقة عذرُها "

ابتسمت ( سلمى ) ابتسامة خفيفة ثم قالت :

- " بل هي رسالة لطيفة ، ولكني أنا التي لا أحسن التعامل _ حتى وأنا في السابعة عشرة _ مع أحوال الناس إلا بمعادلات كمعادلات الكيمياء ، ولقد بدا لي حينها _وحتى وقت قريب _ أنه لا أمل في أن يكون بيننا ما يُكْتَبُ له الدوامُ ، فخيرٌ لي ولكِ أن نقطع الحبلَ قصيراً بدلاً من أن يمتد فنعجزَ عن قطعه ، ولقد كنت مخطئة أشد الخطأ ، فلم أنتبه إلى ذلك إلا اليوم ، وجاءتني الصُّدَفُ بقليلٍ مما كنْتُ أوصدْتُ دونه باباً محكمَ الغلق ، فلو أنصفْتُ لقلْتُ : يعدل هذا القليل بكل ما كرَّسْتُ له حياتي في تلك السنين الخمسة ، أنا أزن بين نظرة واحدة أراكِ فيها الآن وبين حياة يعدونها وادعة مرفهة ولكنها خلْوٌ منكِ فترجح هذه النظرةُ بتلك الحياة "

وبدا في الجو بين ( سلمى ) و ( منى ) من الجد ما لم يعتادا على الخوض فيه بهذا الإفراط من قبل ، فأرادت ( سلمى ) أن ترجع إلى جو المفاكهة الذي اعتادت عليه مع ابنة عمها _ لا سيما وقد أوصلت كلتاهما مرادها لصاحبتها وعرفت أن كلاً منهما تبادل الأخرى ما تجد _ فقالت ( سلمى ) :

- " قبل تحوُّلِ الحوار إلى هذه الدرامية ، كنت تتحدثين عن ذلك الفيديو ، وأنا أريد أن أخبرك بشيء عنه ، إنني لم تُتَحْ لي الفرصةُ لسماع ما يدور فيه ، واكتفيت بالنظر إلى جزء منه ، ولكني كوّنْتُ من هذا الذي رأيْتُه نظرية كاملة حول الأحداث ، وهي كالآتي : أما الفتاتان فتكبر إحداهما الأخرى بسنين فمن أجل ذلك كان غضب الأم ، وليس لمجرد تقبيل فتاة لابنتها ، وأما التي اتصلت بها الأم فهي ربة عمل الفتاة الأكبر سناً ، فلما شكَتْ إليها علاقة موظفتها بابنتها ، كان ردَّ ربة العمل أنه إذا كانت كلتا الفتاتين قد تجاوزت السن القانوني فليس هناك ما تصنعه حيال الأمر .. أو شيء من هذا القبيل ، فهل أصبت ؟ "

ابتسمت ( منى ) ابتسامة واسعة ، وقالت :

- " ربما ! "

- " ماذا تعنين بربما ؟ "

- " إنهن كن يتحدثن بلغة لا أفهمها ، ولكني أعتقد من الأبحدية المستخدمة في الكتابة أنها روسية أو لغة من لغات دول البلقان "

هزت ( سلمى ) رأسها ، ثم قالت :

- " لقد استغرق تكوين هذه النظرية مني وقتاً ، على أية حال إن كان فاتنا أن نعرف ما يقولونه فلا أٌقل من أن تخبريني إلى أي شيء انتهت الأحداث "

عادت وجنتا ( منى ) للتورد ، وقالت بصوت خفيت :

- " هذا ما أردت أن أخبرك به عندما استغربتِ من كلمة (عقاب) في بداية كلامنا "

- " عندما قلْتِ إن لك الحق في تحديد زمن عقابك إذا كنتُ سأعاقبكِ ؟ "

- " أجل ! ... حسناً ، لقد انتهت أحداث الفيديو إلى معاقبةٍ "

- " معاقبة من لمن ؟ "

- " معاقبةُ مَنْ سميْتِها الأمَّ للفتاتين ، ثم إن المرأة التي اتصلت بها في الهاتف ، قد ذهبت إليهن _ لا أدري لماذا _ فدخلت في جملة المعاقَبَات "

- " وكأن الهدف من السيناريو كله أن يعاقَب الجميع "

هنا كان خدا ( منى ) قد بلغا حداً فائقاً من الاحمرار ، فأرادت ابنة عمها أن تداعبها :

- " وهل الآنسة ( منى ) ملاكُ قاهرةِ المعز لدين **** الفاطمي ، كانت ترجو أن تكون هي الأخرى في جملة المعاقَبَات ؟ "

كان خجل ( منى ) كافياً لتعلم ( سلمى ) الجواب .. واستمرت ( سلمى ) في استغلال الفرصة :

- " لأنه إذا كان هذا هكذا ، فلنتصور سيناريو مختلفاً ؛ نجد فيه فتاة فائقة الحسن جالسة أمام شاشة الحاسوب ، وفي البداية نسمع نقرات لوحة المفاتيح ونتصور أن فتاتنا الحسناء ربما تبحث عن معلومة ما في شبكة الإنترنت أو تنهي القيام بواجب مدرسي أو بحث جامعي .. من يدري ؟ ولكننا نفاجأ أنها جالسة أمام الحاسوب وهي لا ترتدي شيئاً ، ثم تعمد إلى سماعات ضخمة فتضعها في أذنيها ، وندقق أكثر في الشاشة فنستوثق بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا ليس بحثاً جامعياً على الإطلاق ، وتستمر الأحداث ثم نجد الباب يفتح وتدخل فتاة حسناء أخرى _ نعم ، أنا مستوعبة أن هذا ثناء على نفسي _ ونتوقع أن تلتفت الفتاة العارية صوب الفتاة الكاسية ، ولكن فتاتنا العارية منغمسة تماماً في الأحداث ، وتقترب الفتاة الكاسية من شاشة الحاسب لترى امرأة في منتصف العمر تعاقب فتاة ... بالمناسبة ما نوع العقاب بالضبط الذي انتهت إليه الأحداث في ذلك الفيديو ، حتى نصوغ هذا السيناريو صوغاً محكماً ؟ "

كانت ( منى ) تستمتع بهذا السرد حتى توقف لتسألها ابنة عمها عن ( نوع العقاب ) ، وهنا اكتشفت أنها على الرغم من ظنها أنها أفصحت عن كثير مما ترغب في فعلِهِ أو في أن يُفْعَلَ بها للدقة ، فإنها في الواقع لم تسمِّ الأشياء بأسمائها بعد ، وعاودها خجلها ، فنظرت إلى ( سلمى ) في خفر ، وقالت :

- " ما نوع العقاب في ظنك ؟ "

- " دعيني أخمن ، لقد ذهبَتِ الأم بابنتها إلى كتاب ( رأس المال ) لـ(ماركس) وطلبت منها تلخيصَه كعقابٍ على فعلِها ؟ "

- " ربما أحد كتب ( ديرنمات ) سيكون عقاباً أنسب "

ضحكت ( سلمى ) ثم قالت :

- " حسناً ، .. سهلي عليّ الإجابة : هل تضمن العقاب ألماً جسدياً ؟ "

- " نعم "

هزت ( سلمى ) رأسها ، وكأنها تثني على ذوق ابنة عمها ، أو كأنها تقول : لو قلتِ غيرَ هذا لخيبْتِ ظني . فبادرت ( منى ) بالقول :

- " ولكن الفكرة ليست في إحداث الألم في حد ذاته ، بل في السياق كله "

أرادت ( سلمى ) أن تستعيد زمام المبادرة ، فقالت :

- " المعذرة ، هل المقصود بالفكرة هنا ما أراد منتجو الفيديو إيصاله ، أم ما تريدين أنتِ أن يُفْعَلَ بكِ ؟ "

لم تجب ( منى ) كلاماً عن هذا السؤال ، ولكن جسدها فعل ، ولقد رضيت ( سلمى ) عن رد جسد ابنة عمها ، وقررت أن تذهب باستفسارها إلى غايته ، فقالت :

- " حسناً ، لم يبقَ إلا سؤال واحد : أيُّ مكان في الجسد كان محلَّ العقاب ؟ "

ولما لم تجب ( منى ) على هذا أيضاً قالت ( سلمى ) :

- " أعتقد أن السكوت هو جواب في حد ذاته ، حسناً ، أما وقد اتضحت الأمور فلنعد إلى السيناريو : اقتربت الفتاة الكاسية من الشاشة لتجد امرأة في منتصف العمر يبدو عليها أمارات الجد تمسك بذراع فتاة في مقتبل العشرينات ثم تحنيها على مكتبها ... "

قاطعتها ( منى ) وقد كاد الخجل أن يذهب بصوتها :

- " هل يمكن أن تجعليها تجلس وتجعل المعاقَبَة مستلقية على فخذيها ؟ "

مرة أخرى هزت ( سلمى ) رأسها في استمتاع ، وقررت أن تتغابى على ابنة عمها فقالت :

- " المعذرة ، أنا لا أتخيل كيفية تموضعهما وفقاً لوصفكِ ، فهل تعينيني وتشرحي لي عملياً ؟ "

ثم جلست ( سلمى ) على إحدى الكراسي القريبة من باب الشقة ، ومدت يدها لـ ( منى ) ، وكم كان رد ( منى ) مفاجئاً لها قبل أن يكون مفاجئاً لابنة عمها :

- " هذا الكرسي قريب من باب الشقة فقد يسمعنا الجيران ، فلو انتقلنا إلى غرفتك "

نظرت إليها ( سلمى ) وكأنها لا تصدق ما سمعته ، واضطرت ( منى ) أن تغض بصرها من فرط خجلها ، وتنظر في الأرض ، ولم تكن ( سلمى ) تعرف أنها ستستمع إلى هذا الحد بأن تُخْجِل ( منى ) ، فقالت :

- " يسمعنا الجيران نصنع ماذا ؟ "

ولما بدا أن هناك مزيداً من الدم مستعداً للاندفاع إلى خدي ( منى ) جواباً على كل سؤال من هذا القبيل ، قررت ( سلمى ) أن تتمادى :
- " لأن السيناريو الذي كنت أصوغه كان يشمل فتاة عارية أمام شاشة حاسب ، فلو أردنا إعادة تمثيله الآن ، لاضطررت _ طلباً لدقة التصوير ليس إلا _ أن أحل زر بنطالك هذا وأنزل به إلى حيث لا يعيق حركة ملابسك الداخلية التي ستلحق به إنزالاً ، حتى إذا قابلت مؤخرتك الحسناء الهواء وقد تعرَّتْ جعلْتُ يدي على ردفيك ذانك الفَتَّانَيْنِ فإذا ارتاحت يدي عليهما غاصت في أمواجهما المُغْرِقَة فارتفعت في الهواء سريعاً طلباً للتنفس فإذا نالت من النَفَس كفايتها عاودها الشوق إلى مجاورة ردفيك مرة أخرى ، ولنكن واقعيين فمن يطيق أن يمسهما ثم يبتعد عنهما ، فهوت يدي سريعاً لتتلذذ بقرب جوار ردفيك ، فإذا فعلت غاصت مرة أخرى فاحتاجت إلى النَّفَسِ ، فطارت في الهواء ، وهلم جراً ، ولا شك أن صوت وقع يدي عليهما سيكون من الارتفاع بحيث لا يُسْتَبعدُ أن يسمعه الجيران ، فهل هذا ما قصدتِه ؟ "

كانت التجربة العملية لقياس مدى استيعاب خدي ( منى ) للدم المندفع إليهما إيجابية للغاية ، وقد بدا لـ ( سلمى ) أنه لا حد نهائي في الأفق المنظور لاحمرار خد ابنة عمها جراء هذا الكلام وهذه الأسئلة ، ولكن حمرة الخجل هذه قد بلغت أكبر مدى تم تسجيله في تلك الليلة عندما أجابت ( منى ) بصوت خافت :

- " رجاءً افعلي بي كل هذا "

ابتسمت ( سلمى ) وقالت لابنة عمها وقد قامت ووقفت إزاءها :
- " أريد أن أراكِ في نفس الحالة التي رأيتكِ عليها عندما دخلتُ حجرتكِ البارحة ، هناك حاسب في غرفتي ومكانٌ كافٍ على جانبي الشاشة يتسع لرجليك المرفوعتين ، وخلافاً لإعدادات شاشة التوقف في حاسبك ، فإن حاسبي لا تنتقل فيه الشاشة إلى شاشة توقف إلا بعد ساعات فعندما تفتحين ملف فيديو آخر وتنشغلين بمحتواه ، وأدخلُ الحجرة فلا يفترض أن تعرفي بدخولي حتى أكون أنا من يوقف هذا الفيديو وينتقل بك من كرسيك أمام الشاشة إلى حيث تعاقبين ، هل هذا واضح ؟ "

تمتمت ( منى ) بشيء ما ، وهزت رأسها في حماس ، فأضافت ( سلمى ) :

- " سأمنحك دقائق ثم ألحق بك "

غادرت ( منى ) إلى غرفة ابنة عمها ، وعندما دخلتها وأغلقت خلفها الباب ، بدأت الفكرة يتضح وقعها في ذهنها ؛ إنها على وشك أن تُعاقَب كما تمنت طيلة تلك الفترة الطويلة ، ولكن فليذهب العقاب وأمانيّها الجنسية إلى الجحيم ، إنها على وشك أن تمارس فعلاً لا شك في حميميته مع الإنسان الذي تمنت أن تنال حبه طيلة تلك السنين ، إنها لا تستطيع أن تسمِّي شيئاً يعلو قدرُه ومكانته على مكانة ( سلمى ) عندها ، ليس على ظهر الأرض ما لن تتخلى عنه في طرفة عين إن كان هذا يعني أن تفوز بحب ( سلمى ) ، حتى لو كان المُتَخَلَّى عنه هو هذا العقاب الجنسي على شدة ولعها به ، أما وقد اجتمعا .. أما وقد اجتمعا فلا تدري إن كان هذا حلم أم واقع ، ولكن لو كان حلماً فإنها تقسم على أن تقيم احتفالاً على شرف لا وعيها ، وتدعو له الأصدقاء والأقرباء وتقول _ كلما سألها أحدهم ضاحكاً عن سبب الحفل _ : إن لا وعيي له عليّ يدٌ كبرى ، وأقل ما أفعله أن أحتفل به وأنفق الأموال احتفاءً بما قدمه لي .
وخافت ( منى ) أن تتأخر في تجهيز مسرح الأحداث فسارعت إلى فتح الحاسب ، وفوجئت بطلب كلمة السر حتى يسمح لها بالدخول ، وتصورت لوهلة أن ابنة عمها قد غفلت عن هذه التفصيلة ، ولكن علمها بذكاء ( سلمى ) _ وربما بسبب رغبة نرجسية أيضاً _ قد دفعها إلى أن تجرب حظها ، ووضعت اسمها الثلاثي فكانت إجابة الحاسب الرتيبة أن كلمة المرور خاطئة ، وهنا خفق قلبها للفكرة التي خطرت لها : اسمانا جميعاً ؟ بدت لها الفكرة ساذجة ، ولكن لها أساساً ؛ فقد كانا دائبتين على كتابة اسميهما في كل مكان في فترة ما ، كان أصدقاؤهما وزملاؤهما يرون ذلك علامة على الصداقة والقرابة ولا شيء أبعد من ذلك ، على أية حال قررت أن تجرب ، وكم كانت دهشتها عندما اكتشفت أن كلمة سر حاسب ابنة عمها هو بالفعل (منى وسلمى) . أسرعت منى في فتح إحدى المواقع التي تحفظ عنوانها عن ظهر قلب ، وفتحت إحدى الفيديوهات ، ثم ترددت قليلاً عندما بدأت في نزع ملابسها ، ولكنها خافت أن تفاجئها ( سلمى ) غير مستعدة ، فأتمت المهمة وجلست إلى الحاسب ، ثم تذكرت طلب ( سلمى ) أن تفاجئها في نفس الوضع الذي كانت عليه ، وكم كان خجلها هائلاً وهي ترفع رجلها اليمنى لتضعها على جانب الشاشة الأيمن ثم ترفع اليسرى وتضعها إلى جانب الشاشة الأيسر ، ففي هذه المرة تعلم أن هذا الوضع المخجل سرعان ما سيتم اكتشافه . على أية حال مضت دقائق من الفيديو ، وبدأت ( منى ) بالفعل تتلهى بالفيديو ، وتنسى _ ولو إلى حين _ ما هي مقدمة عليه . ومرت فترة طويلة نسبياً ، حتى شعرت ( منى ) بيد ابنة عمها تقبض على يدها المنشغلة عن الفأرة بما هو أهم ، ثم تحل محلها فيما كانت تفعله ، ووجدتها تهمس في أذنها :

- " وصلْتِ إلى كلمة السر وحدك ، كما أرى "

- " إممم .. "

- " هل لي الحق في أن أسأل عن كلمة سر حاسبك ، بالنظر إلى أنك تعرفين كلمة سر حاسبي الآن ؟ "

- " إن كلمة سري أقل نرجسية من كلمة سرك "

- " أقل نرجسية ؟ "

- " نعم ، فقد اقتصرْتُ على اسمكِ فقط "

بدا وكأنّ ابنتَيْ العم ستنصرفان عن مخطط العقاب هذا وتذهبان مباشرة إلى ما بعده ، ولكن ( سلمى ) كانت عازمة على إتمام هذا الأمر :

- " حسناً ، إن هذه اللفتة ستراعى في تخفيف عقابك قليلاً ، ولكنك لا زلت بحاجة إلى أن تعاقبي جراء ما فعلتِه "

- " وما الذي فعلتُه ؟ "

كانت ( سلمى ) قد قبضت على يد ( منى ) وأنهضتها من الكرسي ، فبدا جلياً التناقض بين ثياب هذه وعري هذه ، مما زاد ( منى ) خجلاً ، وكأن هذا لا يكفي ، فقد قالت ( سلمى ) :

- " مَنْ منا على وشك أن يستلقى في حضن الآخر حتى ينال عقابه ، ومن ثم فلا يحق له أن يسأل ويطالب بإجابة ؟ "

عضَّتْ ( منى ) جانب شفتها السفلى بأسنانها :

- " آسفة ! "

بدا وكأن ( سلمى ) تكافح للحفاظ على نبضها في معدل طبيعي ، ولإبقاء ناظريها تلقاء وجه ( منى ) ، وألا تصرفهما ليتمليا في محاسن جسمها البض ، ثم قالت ( سلمى ) وهي تجاهد لالتقاط نفسها :

- " حسناً ، لننتقل إلى هذا العقاب ونضمن أنك لن تكرري هذه الأفعال الشقية ، حتى ننصرف بعد ذلك إلى ما هو أهم .. "
ثم جلست ( سلمى ) على حافة السرير ، وكانت ترتدي بنطالاً من الجينز ، فباعدت بين رجليها قدراً ثم وجهت ( منى ) لتستلقي بحيث تكون بطن ( منى) تعلو فخذ ( سلمى ) الأيسر ، ومقدم فخذي ( منى ) تعلوان فخذ ( سلمى ) الأيمن ، ثم بدأت ( سلمى ) في القبض على كل ردف من ردفي ( منى ) على حدة ، وكلما مرت يدها جيئة وذهاباً من ردف إلى ردف باعدت ( منى ) بين رجليها شيئاً وبدأت تتقلقل فوق فخذي ( سلمى ) وكأنها تحثها على فعل ما هو أكثر ، وقد بدا لـ ( سلمى ) أنها إن لم تشرع عاجلاً في عقاب ابنة عمها ، فلن تتمكن من ضبط نفسها أكثر من ذلك ، فرفعت يدها وأهوت بها إلى الجانب الخارجي من ردف ( منى ) الأيمن ، وقد فوجئت بالصوت المرتفع لوقع يدها ، كما فوجئت للتغير في لون جلد ( منى ) البض ، وصدرت عن ( منى ) آهة خافتة ، ولم تستطع (سلمى ) أن تمنع نفسها من أن تهوي بفمها على الجلد المحمرّ من وقع الضربة وتنفخ فيه لتُذْهِبَ بعضَ حرارته ، وتقبله قبلات خاطفات ، ثم ازدادت القبلات عمقاً واقتراباً من عمقٍ ، وبدا لـ ( منى ) أن هذه " العقوبة " على وشك الانتهاء من قبل أن تبدأ ففكرت في حل لذلك ، وسرعان ما اهتدت إليه :

- " سلمى ! "

أجابت ( سلمى ) من وسط قبلاتها لمؤخرة ابنة عمها المبسوطة على رجليها :

- " نعم ... "

- " أتعرفين في فترة الخمس سنوات التي لم نتكلم فيها تلك ؟ "

رفعت ( سلمى ) رأسها ، وقد شد الكلام انتباهها :

- " ماذا ؟ "

- " لقد كانت هناك فتاة أخرى ! "

تألمت ( منى ) بصوت مرتفع عندما هوت ابنة عمها على مؤخرتها بصفعة موجعة ، ثم قالت ( سلمى ) في غضب غير مصطنع بينما وقع يدها يتسارع بصفعات متاليات :

- " فتاة أخرى ؟! لقد دسْتُ على قلبي وتركْتُهُ ورائي لما ظننْتُ واهمةً أنه لا سبيل إلى الوصول إليكِ ، وأنت تقولين بتفاهة : لقد كانت هناك فتاة أخرى ؟!! "

حاولت ( منى ) أن تلتقط أنفاسها من بين الصرخات المتوجعة التي أنتجتها تساقط يد ( سلمى ) كالمطر على ردفيها ، وقالت بصوت مكلوم :

- " ولكن ... هناك ... فارقاً ! .. أنْتِ .. مَنْ .. تركني ! "

توقفتْ يد ( سلمى ) فجأة ، وقد بدا لها جلياً أن الألم في صوت ابنة عمها ليس ناتجاً بالكلية عن صفعاتها ، وقالت :

- " لم أتركْكِ لألهوَ مع غيركِ ، ولا لأٌقضي حياة عاطفية مع إنسان آخر ، ولكني رأيت أنه لا سبيل إلى حدوث شيء بيننا ، ثم إنني لم أكن أعلم مشاعركِ نحوي ، لقد ظننتُكِ تتسلين بما تتسلى به الفتيات عندما كنتِ تسألينني عن رأيي في ثياب ما ، أو ترتمين في حضني ملاعبةً بين الفينة والأخرى "

بدأت عينا ( منى ) تغرورق بالدموع ، وقالت :

- " لو تعلمين ما كنت أٌقضيه من الوقت في تحليل كل رد فعل لكِ على كل فعل من هذه التي ذكرتِها ، كم كنت أتمنى _عندما أعرض عليك " ثوباً " لتبدي رأيكِ فيه_ أن تتجاهلي الثوب بالكلية وتلتفتي إلى جسمي ، أو أن تزيدي على إيماءة كلما سألتك عما إذا كنا سنظل " صديقات " إلى الأبد "

- " إنّ كل الفتيات يسألن صاحباتهن إن كن سيظللن صديقات للأبد ، من أين كان لي أن أعرف أن وراء هذه الأسئلة شيئاً آخر ؟ ثم هل زادت هذه " الفتاة الأخرى " على ما زدتُ عليه ، عندما فعلتِ معها نفس هذه الأفعال ؟ "

بقدر ما كانت ( منى ) غاضبة هي الأخرى من رد فعل ابنة عمها بقدر ما داخلها سرور جارف عندما سمعت الصوت الغاضب الناشئ عن الغيرة لـ ( سلمى ) كلما ذكرَتْ هذه (الفتاة الأخرى) .وقررت ( منى ) أن تعترف بالحقيقة دون مواربة :

- " لقد كان إعجابًا من طرف واحد على أية حال "

تجاهلت ( سلمى ) مُرادَ ( منى ) من هذا التصريح ، وانتبهت إلى شيء واحد فيه :

- " ومن كان هذا الطرف ؟! "

ولمّا لم تجبْ ( منى ) بعد أن فطنتْ إلى مضمون كلامها ، انهالتْ على مؤخرتها الصفعات مرة أخرى ، وفي هذه المرة بدا وكأن الوقت قد توقف وأنه لا نهاية ترتقب لعقاب ( منى ) التي ارتفع أنينها وبدا وكأنها على مشارف البكاء ، ثم انقطعت الصفعات فجأة ، وغاصت ( سلمى ) بسبابتها في مؤخرة ( منى ) مراتٍ وهي تقول :

- " هذا الجلد وكل ما تحته ملْكٌ لي أنا ، وليس لأي إنسان أن يُشْاركني فيه ؛ لا إعجاب من طرف واحد ، ولا إعجاب متبادلاً ، لو تكرر منكِ ذلكِ مرة أخرى فلن يقف عقابك عند صفعات بيدي ، هل هذا مفهوم ؟ "

على الرغم من صدور كلام ابنة عمها عن دافع الحب ، وعلى الرغم من أن ( منى ) قد عوقبت لتوها ولا تزال مؤخرتها عرضة لمزيد من العقاب ، إلا أن إيمانها بحقوقها وحبها لـ ( سلمى ) قد أوجب عليها أن تقول :

- " أعتقد أن هذا ينطبق على كلينا ؟ "

- " حبيبتي ، أنا لا أستطيع أن أحب غيرك ولا أن ألتفت لغيرك ولو أردْتُ . "

لم تسمع ( منى ) شيئاً بعد كلمة ( حبيبتي ) ؛ لو كان ما تعرضه ( سلمى ) عليها عقداً ، وظلا يتناقشان حول بنوده شهراً كاملاً ، ثم قدمت ( سلمى ) هذا البند الذي لا يحوي إلا كلمة واحدة ؛ ( حبيبتي ) ، لوقعت ( منى ) على كل ما أمامها حتى المكتب وعلبة المناديل . فقالت ( منى ) وقد ملأ حب ابنة عمها قلبَها :

- " أنا ملْكُكِ "

- " حسناً ، أما وقد أسَّسْنَا هذا فلننتقل إلى أمر فائق الأهمية ؛ على مدار سنين طوال ، وأنا أتمنى أن أفعل الكثير بكل جزء من هذا الجسد الفتّان الممدد أمامي والمعترف صاحبه بأنه ملكٌ لي ، وفي هذه اللحظة من الزمن فإنني أخبرك صراحة أنني لا أعرف من أين أبدأ ؛ فقد تكاثرت الظباءُ على خراشٍ فما يدري خراشٌ ما يصيد ، كما يقولون "

- " أعتقد أن خراشاً قد قام بجهد خرافي ليضمن الارتقاء بمستوى الانضباط في غابته ، ومن حقه الآن أن يسترخي ويترك غزلانه تُصْطَاد قبل أن يَصْطَاد غزلان الآخرين ، خصوصاً وأن غزلانه ظلت محجوبة عن الأنظار لسنين طوال ، وقد اشتاق شخصٌ معينٌ ليراها على الحقيقة بعد أن توهمها لفترة طويلة متمنياً لقاءها "

ومع كلامها هذا ارتفعت ( منى ) من حضن ( سلمى ) وأحاطت وسطها برجليها ، وعنقها بيديها ، وقد مالت بفيها تجاه فيها بتدرج بالغٍ البطء ، فلم تنهِ آخر كلمة حتى التقمت فم ( سلمى ) وأوسعته قُبلاً ، ثم مالت على ملابسها فعصفت بها ، وكلما أزاحت عن جسدها شيئاً من الملابس عوّضته رداءً من قُبَلٍ وشمٍّ ولحْسٍ ، حتى إذا ما انتهت إلى المحجوبِ إلا عنها ، خصَّتْه بالممنوع إلا عنه ، و( سلمى ) قد تذكرت ثأراً قديماً لها عند أطراف الملاءة فأوسعتها خنقاً وعركاً ، فلما بلغت ذروةً ما كانت تحسب أنها تبلغها ، وأبصرت الغول تعانق العنقاء والسُّدُمَ تولدُ وتموتُ تمنَّتْ أمنيةً ، ففتحت عينيها فقابلتهما عينا ( منى ) الضاحكتان ، ومالت ( منى ) عليها لتقبلها ، وهي تقول ضاحكة :

- " لا يحسب خراشٌ أنَّا نسينا ما عليه لنا من حق "

فابتسمت ( سلمى ) ، وهي ترد في إعياء :

- " أمهلي خراشاً قليلاً فقد رأى في يومه هذا _ ولمّا ينتَهِ _ ما لم يَرَه في حياة كاملة قبله "

_______________
 
نسوانجي كام أول موقع عربي يتيح لايف كام مع شراميط من أنحاء الوطن العربي

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى أسفل
0%