NESWANGY

سجل عضوية او سجل الدخول للتصفح من دون إعلانات

الا فين الجزء التانى ؟
ولا دى خطة خداع استراتيجيه و تمويه على ميعاد النشر الحقيقى ؟

JIJSIgp.jpg
 
  • عجبني
التفاعلات: غريب عن العالم
الا فين الجزء التانى ؟
ولا دى خطة خداع استراتيجيه و تمويه على ميعاد النشر الحقيقى ؟

JIJSIgp.jpg
انا عارف اني خلفت بوعدي بس كان غصب عني و****
وان شاء **** الجزء هينزل انهارده
 
  • عجبني
  • الموضوع ده يدعو للتفكير
التفاعلات: Ehab Demian و غريب عن العالم
انا عارف اني خلفت بوعدي بس كان غصب عني و****
وان شاء **** الجزء هينزل انهارده
اما نشوف اخرتها معاك
 
  • حبيته
التفاعلات: Ehab Demian
تم اضافة الجزء الثاني
 
  • عجبني
  • حبيته
التفاعلات: Ehab Demian، BABA YAGA و غريب عن العالم
اتخيلتك البدايه لاكن الباقي لا
عاش تسلم ايدك جزء تاني متميز
 
  • حبيته
التفاعلات: BABA YAGA
اهلا ومرحبا بكم مره أخري في قصه عصر الأهوال

شاهدنا معا ماحدث علي طول السلسلة الاولي من احداث
مشوقه ورائعه من حب باسل لتعلم السحر لالتقائه بمعلمه ادريس الحكيم
وبدايه مسيره التدريبات الشاقه الي عرفنا بعد ذالك سبب هذه التدريبات ولماذا لم يبدأ
في تعلم السحر من الوهله الاولي مثل انماار و من ثم ذهاب باسل و انمار الي العاصمه وبدايه مسيره
تحصين العالم ضد هجوم الشياطين القادم وبدأ هذا التحصين بأنقلاب عائله كريمزون صاحبه المركز الثاني

علي العائله الحاكمه عائله غرين صاحبه المركز الاول والعائله الحاكمه الامبراطوريه والذي شاهدنا فيه
المعركه الكبيره و الحماسيه التي اسفرت عن مقتل الامبراطور غرين لايت علي يد الكبير أكاغي
والتي اسفرت عن سعاده عامره للكل بفوز عائله كريمزون في الحرب واسترداد حقها المسلوب منها منذ 55 عام

ولاكن كمااا قيل دوام الحال من المحال
فلم تستمر سعاده الجميع لوقت طويل فقد حدث امر صدم الجميع
.
.
.
فتابعوا معنا السلسله الثانيه لنعرف ماحدث بالضبط



(الجزء الاول)


ظهر ظل بسرعه خاطفه من وراء الكبير أكاغي، واخترق ظهره بسيف يحمل نقوش أثريه
.
.
.
من كان ليتوقع حدوث مثل هذا الأمر؟ خصوصا بعد نهاية المعركة، من يمكنه أن يعتقد أن الكبير أكاغي سيتعرض للطعن في الظهر من عدو مجهول بسيف أثري؟

تقيأ الكبير أكاغي الدماء، و حدق في السيف الذي خرج من بطنه، كيف لهذا أن يحدث؟ ألم يفز ضد عدوه اللدود بالفعل؟ هذه الأسئلة اتخذت شكل تعبيرات بوجهه

كل من يوجد في الساحة بقي فاتحا فاهه من شدة الصدمة، هذا حقا غير موضوع في قائمة الاحتمالات حتى، بالطبع لا، فكيف يمكنهم حتى أن يتخيلوا وجود عدو بسيف أثري مثل هذا؟ و من خلال طاقته السحرية، فلا شك أنه في قمة المستوى السابع

كل القادة الكبار شحبت أوجههم، الجنرال منصف كادت الدموع تنزل من عينيه، لكنها لم تفعل و بقيت عالقة لأنه لم يرمش أبدا من المشهد المروع الذي أمامه

حدق الجميع في صاحب السيف الأثري، فظهرت صورته ليكون عبارة عن شاب في منتصف العشرينات، لم يستطع أي أحد التعرف عليه

لكن هذا الشاب ظهرت تعبيرات غريبة على وجهه مع إبقائه على إمساكه لسيفه الأثري، ثم بدأت الأفكار تراود ذهنه، ما هذا الشعور بالضبط؟ ثم عندها فهم ما حدث له

تراجع للخلف عدة خطوات ثم ضحك بجنون "هاهاهاهاهاهاهاهاها" وضع يده على جبهته ثم تكلم "لقد خدعت تماما" وجه نظره لجهة محددة ثم حدق بعينيه من بين أصابعه، أخرج نية قتل جعلت كل شخص موجود يرتعد منه، لا يهم إن كان جنديا أو واحد من القادة الكبار، كلهم ارتعبوا منه، بعد أن نظر لتلك الجهة، تكلم بصوت منزعج يحمل معه نية قتل مستهدفة الشخص الذي وجه إليه الكلام "إنها أنت أيتها الغرة، لم أتوقع وجود شخص مثلك هنا، بصراحة لم أكن أظن أو وضعت حتى احتمالية وجود شخص بسحر الوهم في من المستوى السابع"

"همم؟" استغرب الجميع و خصوصا القادة الكبار، ما الذي يتحدث عنه؟ التفوا جميعا نحو الشخص الذي وجه إليه نظره سابقا ثم حدقوا به، كلهم وجهوا نظرهم نحو أنمار منتظرين الإجابة


تكلم الجنرال منصف "ما الذي يعنيه بكلامه؟"

لكن صوت حنين على مسامع الجنرال منصف قد أجاب على حين غرة "لقد أنقذتني حفيدتي يا زوج ابنتي"

عندها ظهر الكبير أكاغي وسط الجموع، لكن ما الذي يحدث هنا؟ لما هناك اثنين منه؟ واحد يقف أمامهم و صحته جيدة، أما الآخر فهو ساقط على الأرض و أصبح جثة بالفعل

"ما..." حاول الجنرال منصف التكلم لكن الرئيس تشارلي قال بارتعاب بينما يحدق في أنمار بعمق "ابن صديقي أكاغي لم يمت، لقد كان ذلك وهما، السيدة الصغيرة خدعتنا كلنا"

كان أول من اكتشف وهم أنمار بعد العدو الرئيس تشارلي، في هذه الأزمة التي حدثت أمام أعينهم، لم يستطع و لا واحد منهم التركيز بشكل مناسب ليكتشف وهم أنمار غير العدو الذي لا يبالي بهذه الأزمة

في الأصل هم لم يروا ساحر وهم من المستوى السابع في حياتهم، مما يعني أنهم لم يجربوا قوته أو وقعوا تحت وهمه من قبل، لذا لا يعلمون مدى تأثيره عليهم، و بسبب الأزمة، كان القادة الكبار قد خدعوا أيضا، فبغض النظر عن الجنود الذين لم يكن مخولا لهم اكتشاف هذا الأمر أصلا، يبقى أمر عدم اكتشاف القادة الكبار لوهمها أمرا في غاية اللاعقلانية

حتى إن أزحنا الرئيس كورو، الرئيس براون و الرئيسة موراساكي، فيبقى الرئيس تشارلي و الجنرال منصف اللذين اخترقا المستوى السابع بالفعل، الجنرال منصف في القسم الأولي و الرئيس تشارلي في القسم المتوسط، لكنهما مع ذلك لم يكتشفا أمر هذه الخدعة، و عندما فعل أحدهما، كان ذلك بعد انكشافها

حركت أنمار يدها بهدوء فاختفى الجسد الميت الخاص بالكبير أكاغي مع كل الدماء المحيطة به، و عند مشاهدة هذا الأمر، فهم كل شخص موجود بالساحة ما حدث

لكن، بكل جدية؟ أكان ذلك وهما، تلك التعبيرات التي رسمت على الكبير أكاغي، أو يجب أن نقول وهمه، كانت حقيقية، كل شيء كان حقيقي، صراخه، تقيؤه الدماء، تعبيراته، أيمكن لشخص أن يستطيع صنع وهم كهذا؟ لا يمكنك مفارقته عن الواقع


ارتعد الكل من أنمار، مثل هذه الفتاة في مثل هذا العمر، لا يمكن لأي شخص صنع وهم بهذه التفاصيل بعبقريته فقط، نعم العبقرية هي العامل الأساسي و المهم في هذا كله، لكنه إن لم يكن يفهم الحالة التي يريد تجسيدها فهما كاملا و شاملا، فلن يكون باستطاعته صنع مثل هذا الوهم الواقعي

لم يعرف غالب الأشخاص هنا عن أنمار، لم يعلم أحد عن قوتها الحقيقية سوى التاجر ناصر و الجنرال منصف، لكن هذا الاثنين لم يشهدا وهمها مباشرة، فبعد حضورهما سابقا، كانا قد وجداها تعذب الأميرة الخامسة فقط، لذا حتى لو كانا قد علما أنها من المستوى السابع، لم يكن لديهم الوعي بهذا بما أنهما لم يجربا قوتها مباشرة

ببساطة، كل شخص موجود هنا قد خدع من قبل أنمار، هذه الأخيرة جعلت طاقتها السحرية تهدأ قليلا، فبعد كل شيء، لقد اضطرت لاستخدام طاقة سحرية كبيرة من أجل تشكيل وهم قادر على خداع كل الموجودين هنا، خداع أكثر من مائتي ألف وحده كان عملا شاقا، و عند إضافة إليه القادة يزداد الأمر صعوبة، أما عند إضافة ذلك العدو ذو الحواس القاتلة، فكان الأمر مرهقا لخداعه ريثما يتخذ الكبير أكاغي

موقعا آمنا

بالطبع، الكبير أكاغي قد اختفى من الوجود بالنسبة للآخرين، لكنه كان الوحيد غير أنمار الذي عرف ما الذي يحدث أثناء تنفيذ الوهم، لذا أسرع في الهروب، فنية القتل التي يحملها ذلك الشاب الذي حاول قتله، جعلته يبتعد عنه في أقرب أمكن له، لم يستطع تحمل ضغطه لوقت أكثر

و بمجرد ما أن ابتعد الكبير أكاغي، حتى شعر الشاب الذي هاجمه باختفاء حضوره، عندها شعر بأن شيئا ما غير صحيح، فرأى من خلال وهم أنمار

تكلم الكبير أكاغي "صغيرتي أنمار...أنا..."

قاطعته أنمار ثم قالت "نصف شكرك يجب أن يذهب لباسل"

قبل بداية المعركة الأخيرة و مغادرة باسل، كان قد ترك ذلك الأخير بعض الكلمات قبل مغادرته "أنمار، أريد منك الحفاظ على قوتك قدر المستطاع، حاولي عدم التوغل في جو المعركة بالكامل، و حتى بعد نهاية المعركة لا ترخي دفاعاتك و لو للحظة واحدة، و إن حدث أي شيء غريب قومي بالتعامل معه بما هو مناسب لك، و لا يجب عليك إيقاف حواسك الخارقة حتى أرجع و ننتهي كليا من هذا الأمر، ليس حتى يطمئن قلبي، و يذهب عني هذا الوخز من ظهري"

تعجبت أنمار "هل هو حدسك؟"


عبس باسل ثم قال "نعم، في مثل هذه الأوضاع، عندما تكون هناك قطعة مفقودة، قد لا يكون بإمكاني إيجادها، لكني على الأقل أكون أعلم بأنها مفقودة، و كل ما أحتاج لفعله هو الاستعداد لها، أنا سأترك لك هذا الأمر هنا"

أماءت رأسها فذهب و اقترب من الكبير أكاغي ليخبره أنه ذاهب

بالعودة للأحداث الحالية

"لا يمكنني سوى الشعور بأنني لا يمكنني رد دينكما بما تبقى لي من العمر" تكلم الكبير أكاغي

ردت عليه أنمار "أنا لا أهتم بأي شيء موجود في هذا العالم عدا اثنين، أولهما باسل، و ثانيهما العائلة، لا تقل مثل هذا الكلام، نحن لا ننتظر منك رد دينك لنا يا جدي"

غمرت الكبير أكاغي السعادة و كادت الدموع تنهمر من عينيه، و في هذه الأثناء، لم يسع الجنرال منصف سوى تذكر صورة باسل المشتعلة أثناء تدربهم بشهر الانعزال

أما الآخرين، فقد أصبحوا يقدرون قيمة باسل و أنمار أكثر، الأمر لا يقتصر فقط على القادة، و إنما على كل الجنود هنا

لكن مع فرحتهم هذه نسي الجميع ذلك الشاب من قبل، ذلك الشاب الذي في قمة المستوى السابع تحدث بنبرة حادة "أمم، يا له من لم شمل رائع، لكن يبدو أنه سيتشتت مرة أخرى"


شحذ طاقته إلى أقصاها، جعل كل الموجودين في الساحة يرتعدون من قوته، حاليا، قد لا يكون هناك أي شخص موجود هنا لمجابهته، شحبت وجوه كل الموجودين، و بسرعة كبيرة، عن طريق حواسهم الحادة التي أخبرتهم بالخطر المحدق قام القادة الكبار بشحذ طاقاتهم كذلك، قامت أنمار بإشهار سيفها مع تمرير طاقتها إليه

حدثت حالة سكون لثوان، انكسر هذا الصمت العميق بجملة من ذلك الشاب "حسنا، لما لا نبدأ بك أيتها الغرة"

استعد للانطلاق، و عندما أراد أن يفعل، فجأة، في السماء ظهر حضور أجبر كل من يقع أسفله يشعر كما لو أن هناك جبلا يضغط عليهم

شخص بعربة يسوقها وحشين هائلين، فقط بمجرد وقوفهما في السماء جعلا كل شيء تحتهما يخضع لهما، أجنحتهما جلبت معها عواصف مع رفرفتها، بجسد كالأسد، إلا أن القدمين الأماميين و الرأس كانوا مأخوذين من الصقر الملكي، التفت حولهما هالة قاتلة، و لم يكن هناك أي شخص يستطيع القول أنه قادر على ترويضهما

لكنهما كانا يجران معهما عربة يركبها شخص ما، هذا الشخص كان صاحب ذلك الحضور سابقا، فبمجرد ما أن وصل، حتى توقف الشاب عن محاولته الهجوم، حدق في السماء و تمتم "لقد وصل الأقدم الكبير أخيرا، لكن، كما هو متوقع منه، دخوله غير اعتيادي، أن يجعل وحشي الفَتْخاء ('غرفين'، إن لم تعرفه، ابحث عن هذه الكلمة في غوغل) يقودانه إلى هنا، كما هي طبيعته، مبهرج في كل الأحوال"

تلونت وجوه جميع الموجودين هنا غير أنمار فأصبحت زرقاء، تحت هذا الضغط المهيب، لم يكن بإمكانهم التحرك قيد نملة حتى، ما هو هذا الشخص الموجود بالضبط هنا؟

تعرق القادة الكبار، و بعض الجنود فشلت أرجلهم فسقطوا على الأرض من شدة ضغط هذا الوجود الذي فوقهم، فقط القادة من كانوا قادرين على الحفاظ على رباطة جأشهم، لكنهم مع ذلك، ارتجفت و اهتزت أجسادهم، غرقوا في العرق، أرادوا فقط أن يبتعدوا قدر المستطاع من هذا المكان لكنهم لم يستطيعوا

تكلم الشاب الذي استهدف الكبير أكاغي سابقا للعربة التي بالسماء "أيها الأقدم الكبير، هل أكمل عملي أم أنك ستتفضل و تخرج إلينا؟"

كانت العربة تقف في السماء، كما لو أنها تقف على الأرض، كذلك كان وحشي الفتخاء، وقفا في السماء، مع هالة تجعل كل من يشعر بها يرتعد، ما هما هذان الوحشان بالضبط؟ كيف لمخلوقين مثل هذين أن يكونا يجران عربة؟ ألا يعني أن صاحب ذلك الحضور سابقا و الذي يوجد داخل تلك العربة هو من روضهما و جعلهما يطيعانه؟ أم ماذا؟ هل استدعاهما؟

بقي الكل يتساءل، و بعدما تكلم ذلك الشاب، لم يتكلم أي أحد حتى خرجت كلمة واحدة من داخل العربة مع حملها لهيبة و نية قائلها "انزل"

تحرك وحشي الفتخاء و نزلا للأسفل، أثناء نزولهما فقط اصطحبا معهما رياحا عاصفة، في كل رفرفة من أجنحتهما الصقرية كانوا قادرين على تحريك الرياح في ساحة القتال بالكامل، مع وقوفهما على الأرض، كانا حجمهما لا يصدق، علوهما فقط يصل لخمسة أمتار، رأسهما ضخم للغاية مع عينين شرستان، قدميهما الأماميتين اللتين تبدوان قادرتين على تمزيق أقوى السحرة بتلك المخالب، و بقية جسدهما الآخذ شكل الأسد و الذي يبدو كما لو أنه لا يمكن جرحه من شدة قساوته، و فقط بوصولهما للأرض جعلوا الكثير من الجنود يغمى عليهم من شدة الضغط

حاول القادة الكبار بلع ريقهم لكنهم لم يستطيعوا حتى أن يفعلوا، و بعد أن ارتعبوا بما فيه الكفاية من هذين الوحشين، ظهر عندها صاحب ذلك الحضور، خرج من العربة ببطء شديد، و بمجرد ما أن نزلت قدمه على الأرض حتى جعل القادة الكبار يريدون الركوع له من الضغط

تكلم ذلك الشاب من قبل "إذا ما نحن بفاعلين أيها الأقدم الكبير؟"

ظهرت صورة صاحب ذلك الحضور للجميع، و إذا به يكون عبارة عن رجل في الثلاثينيات، عينيه كانتا عميقتين، و فقط بنظرة منه، استطاع القادة الكبار الشعور بقوة نيته الخارقة، فقط بنِيّته كان يستطيع جعلهم يستسلمون عن قتاله و الرضوخ لطلباته مهما كانت

تكلم هذا الأقدم الكبير أخيرا "كازيمارو، لا تتعجل، فلنسألهم أولا، و نظرا لإجابتهم سوف نقرر خطوتنا القادمة"


تكلم الأقدم الكبير بشكل طبيعي، و أخيرا حتى ذلك الضغط من السابق قد اختفى، تنفس القادة الكبار بأريحية أكثر من السابق، لكنهم بعد أن جربوا ذلك الحضور، لم يكن من السهل عليهم نسيانه بسرعة، فلا زالت أجسادهم تهتز من الرعب

تحدث كازيمارو موجها كلامه للقادة الكبار "لقد سمعتم الأقدم الكبير، ما نريده منكم هو القيام بتسليم شخصين اثنين فقط، أولهما، أخي شاهين، ثانيهما، الشخص الذي يدعى بباسل، غير هذا، كلكم ستموتون"

صعدت القشعريرة مع أجسادهم، و كذلك فعل جسد أنمار هذه المرة، لقد سمعت اسم باسل من العدو، فكيف لها أن تبقى هادئة؟ حتى أن نية قتلها قد تسربت منها من دون أن تشعر

لكن نية قتلها هذه قد صُدَّت من قبل الأقدم الكبير، فقط بمجرد ما أن حدق في جهتها و أطلق القليل من هالته و نيته، حتى جعل نيتها عديمة الفائدة، كانا كما لو أن هناك قط يحاول التنافس مع نمر

تكلم الأقدم الكبير "يبدو أنك تعلمين شيئا أيتها الفتاة" أخرج هالته و وجهها نحو أنمار

وووووش

ضغط عليها بشدة، كم كان قويا ! فقط هالته كانت كافية لتجعل أنمار بعبقريتها تتنفس بصعوبة و لا تقدر على التحرك كما شاءت

عندها تكلم الكبير أكاغي متدخلا بسرعة "انتظر من فضلك، سنستجيب لطلبك، لذا أرجوك فلتتوقف فقط، إنها فتاة لا زالت لا تعرف حدودها و اغترت بنفسها فقط"

عندما شاهد الكبير أكاغي حفيدته تتألم لم يستطع أن يصبر أكثر، أسرع في التدخل و التكلم، إنه يعرف ماذا يفعل في مثل هذه المواقف، لا يجب أن تغضب أبدا مثل هؤلاء الأشخاص

أرجع الأقدم الكبير هالته بعدما حدق في أنمار لوقت طويل، فتنفست أنمار الصعداء أخيرا، لقد كادت أن تختنق حتى الموت فقط من تطبيقه حضوره الهائل عليها عن طريق هالته

تكلم الأقدم الكبير بكل وقار محدثا الكبير أكاغي "إذا يجب أن تسرع"


أماء الكبير أكاغي رأسه بسرعة و تكلم عبر خاتم التخاطر، كل ما يهتم به حاليا هو نجاة حفيدته و حلفائه، يجب عليه أن يعرف كيف يجعل هذا الأمر يمر على خير، لا يمكنه أن يخسر أي أحد، ليس بعد أن رد حقه أخيرا

القادة الكبار بكل عزة أنفسهم لم يستطيعوا التحرك قيد نملة من دون أخذ إذن الأقدم الكبير، فكيف لهم؟ إنهم يشعرون أنهم لو حاولوا القيام بأي حركة بسيطة، فرؤوسهم ستطير من مكانها

انتهى الكبير أكاغي من التحدث عبر خاتم التخاطر ثم قال "شاهين الخاص بكم سوف يأتي بعد قليل"

حملق كازيمارو في الكبير أكاغي ثم تكلم "حسنا، هذا الأول، ماذا عن الثاني؟"

بلع الكبير أكاغي ريقه و تحدث "هذا..." حملق الأقدم الكبير به ليكمل كلامه "في الحقيقة نحن لم نرى ذلك الباسل لمدة طويلة، لقد فقدنا الاتصال به و لا نعرف أين هو الآن؟"

وووووووش

زززززززززنغ

بااااااام


ضرب الكبير أكاغي من طرف رياح حادة في لحظة واحدة و أرسل محلقا لمئات الأمتار، فقط عن طريق تلويحه لسيفه الأثري من كل هذا البعد، قام كازيمارو بجعل درع الكبير أكاغي عديم الفائدة مع تسببه لبعض الجروح

حلق جسد الكبير أكاغي بسرعة فائقة حتى اصطدم مع حائط القاعة الرئيسية مع صوت باااااام

ارتعب الكل من قوة هجمة ذلك الكازيمارو، فقط بتلويح واحد كان قادرا على صنع مثل هذا الهجوم القاتل


تكلم كازيمارو مع إطلاقه لنية قتله في اتجاه الجميع "أي شخص يحاول العبث معنا سوف يموت، و الآن، لما لا تخبرونا أين هذا الشخص باسل؟"

عم الصمت بعد نهايته كلامه، و لا أحد استطاع الرد عن مثل هذا السؤال، كيف لهم أن يبيعوا صديقهم؟ و في هذه الأثناء، قام الكبير أكاغي بالتكلم عبر خاتم التخاطر بأسرع ما يمكن

سابقا عندما كان تحت أنظار ذلكما الاثنين، لم يستطع إيجاد أي ثغرة ليستطيع التحدث فيها مع باسل، لأنه كان يعرف أن أبسط تعبير يظهر على وجهه سيُعرف من قبل ذلك الأقدم الكبير، لكن بما أنه الآن قد أصيب و ابتعد جسده لكل هذه المسافة، فقد وجد تلك الثغرة التي انتظرها

(ماذا هناك أيها الكبير أكاغي؟) تكلم باسل مجيبا

تحدث الكبير أكاغي بسرعة، قبل أن يشعر به الأقدم الكبير (حليفنا باسل، هناك وجود عظيم يبحث عنك، يجب عليك الهروب من هنا و لا تعد، إن وجدك سوف تموت)

و مع إنهاءه لكلامه أوقف خاتم التخاطر عن العمل و وقف بصعوبة، درعه قد دمر تماما بهجمة واحدة من قبل ذلك الكازيمارو، لقد عرف مدى قوته الهائلة، و ذلك الكازيمارو ينادي الشخص الآخر و يتكلم معه بكل احترام، مما يلمح إلى قوته الغير معقولة، الخيار الصحيح هو جعل باسل يبتعد عنهم قدر المستطاع

بهذا الاستنتاج قرر الكبير أكاغي ذلك الاختيار. بعد أن وقف ارتاح قلب القادة الكبار أخيرا، على الأقل لا زال بإمكانه التحرك

تكلم الأقدم الكبير "كازيمارو، لقد سألناهم و لم يعطونا سوى نصف الإجابة، يبدو أن النصف الآخر سيكون بإمكاننا سماعه عن طريق العدوانية، أحضر لي الفتاة"

خرجت ابتسامة خبيثة من كازيمارو، و مرر سيفه الأثري على لسانه، ثم قال "تلك الفتاة قد تجرأت على خداعي، ليس هناك مانع من اللعب معها قليلا، أليس كذلك؟"

أجاب الأقدم الكبير "افعل ما شئت"

ووووووووش


في الحال انطلق كازيمارو كالسهم و وصل أمام أنمار في لحظة، ابتسم كالطفل الصغير بفرح و لوح بسيفه

بووووووووم

التقى سيفه مع هراوة حملها الجنرال منصف، هذه الهراوة كانت عبارة عن سلاح أثري من الدرجة الثالثة، و لحق التقاؤها بالسيف الأثري الخاص بكازيمارو شرارات و موجات قوية

قوة تصادم سلاحيهما قد أنتجت ضغطا كبيرا على الجنود من حولهما، أنمار التي في نفس مستواهما قد أحست بضراوة الطرفين

لو أنه كان شخص آخر غير الجنرال منصف الذي تلقى ضربة كازيمارو لما استطاع صدها، استطاع الجنرال منصف فعل ذلك فقط لأنه كان ساحر تعزيز من المستوى السابع

تراجع كازيمارو للخلف قليلا و تحدث "ساحر تعزيز هاه؟ يا له من ألم في المؤخرة، أتعرف شيئا؟" حملق كازيمارو في الجنرال منصف و صرخ في وجهه "إنني أكره سحرة التعزيز" ثم اندفع في اتجاهه بكل قوته

أسرع الجنرال منصف في التكلم "سيدتي الصغيرة، تراجعي للخلف"

قامت أنمار بما قاله بكل سرعة، الوحيد هنا الذي يمكنه أن يصد مثل تلك الهجمات و يشتري لهم بعض الوقت هو الجنرال منصف، كساحر تعزيز، له ميزة جيدة عنهم، فحتى لو كان أضعف بقسمين من العدو، لا زال بإمكانه مجابهته قليلا

تبادل الاثنان ثلاث ضربات متتالية جعلت حتى أسلحتهما الأثرية تهتز من شدة التصادم، هالتهما طغت في الساحة، قام كازيمارو بشحذ طاقته السحرية و إطلاق موجات من الرياح القاطعة، واحدة منها سابقا كانت كافية لإرسال الكبير أكاغي محلقا، و الآن، هناك العديد منها واحدة تلو الأخرى تستهدف الجنرال منصف

الجنرال منصف لوح بهراوته مع استخدامه لسحره و تدمير موجة بعد الأخرى، لكن مع مرور الوقت بدأ يشعر بالتعب، و بدأ يظهر الفارق بينهما، هجمات كازيمارو تزداد قوة، أما دفاع الجنرال منصف ينقص شدة فقط

انصدم الجميع من هذا القتال، ليس فقط من قوة العدو الهائلة، لكن حتى من قوة الجنرال منصف، في مثل هذا الموقف اليائس أخرج قوته الحقيقية أخيرا و وصل لحدوده، فقط عند مواجهة خصم أقوى منك بمراحل يمكنك بلوغ حدودك و اختراقها حتى


بدأت قوة الجنرال منصف تخور مع مرور الوقت، هو لم يعتد جيدا على سلاحه الأثري، على عكس العدو الذي يبدو معتادا بشكل كلي على سيفه الأثري

و عندما وصل الجنرال منصف للمرحلة الحرجة، لم يعد الرئيس تشارلي يستطيع التحمل أكثر فتدخل مهاجما، و عند مشاهدته، كذلك فعل الرئيس براون، عندما شاهد معلمه يتحرك قرر هو الآخر التدخل، و تباعا له، تحرك الرئيس كورو، مع قرار صديقه بالتحرك، قرر أيضا التحرك، فحتى هو لم يعد يستطيع تحمل مشاهدة طغيان هؤلاء أكثر

مدت الرئيسة موراساكي يدها محاولة إيقافهم، لكنها قد تأخرت بالفعل، و كذلك حاولت أنمار، هذه الأخيرة صرخت "انتظروا..."

لكن الآوان قد فات

استهدف الثلاثة العدو كازيمارو، و في لحظة قبل بلوغهم هدفهم

بووووووووووم

أرسل الثلاثة محلقين بينما دروعهم قد تكسرت و الدماء تسيل كالشلال منهم

تحرك الأقدم الكبير أخيرا، و بحركة واحدة منه كان قادرا إخراج ثلاثة قادة كبار من الحدث

فشلت أرجل الجميع في هذه اللحظة، المنظر المرعب الذي شاهدوه و لا زالوا يفعلون غير معقول بصفة نهائية، لقد تحرك ذلك الأقدم الكبير أخيرا، و بحركة واحدة منه قد جعل ثلاث قادة كبار قريبين من الموت

و السبب الأكبر في فشلهم في الوقوف على أرجلهم كانت الهالة التي ضغطت عليهم، عند تحركه أطلق بعضا من طاقته السحرية، و بمجرد الإحساس بها جعلتهم يريدون الخضوع له، يريدون فقط أن يصبحوا عبيدا له

طاقته قد طغت على الساحة الخارجية بأكملها، و جعل كل شخص هنا يعرف مقامه، جعل كل شخص هنا يعرف الفارق بينهم، جعلهم يعرفون أنهم لم يتبقى لهم أي أمل، الآن بعد تدخله، فبالتأكيد سوف يمحوهم من الوجود

علم الجميع أن هذا الشخص هنا قد تغلب على سحرة من المستوى السابع و السادس بحركة واحدة منه فقط، بمجرد ما أن أطلق القليل من طاقته السحرية حتى جعل القادة الكبار يحدقون بالموت، شخص مثل هذا لا يمكن أن يكون بالمستوى السابع، شخص مثل هذا قوته أكبر بكثير من المستوى السابع

عندها علم الجميع في هذا الوقت الحرج بأن هناك شيء ما وراء المستوى السابع، مستوى لم يعلموا عنه أبدا، مستوى خيالي يتجاوز كل كل معرفتهم السابقة

كل الجنود تحت المستوى الثالث لم يعد بإمكانهم التحمل أكثر فأغمي عليهم، طاقة الأقدم الكبير تغلغلت وسطهم كلهم، أحسوا بها مباشرة، سحرة المستوى الثالث أنفسهم كادوا يغيبوا، لا زالوا قادرين على الوقوف فقط لأن الأقدم الكبير لا يستخدم ضغطا أكبر، سحرة المستوى الرابع لا يستطيعون الوقوف بشكل مستقيم، كما لو أن هناك أوزانا هائلة تضغط عليهم

الآن كل من تبقى واقفا كان الرئيسة موراساكي و الجنرال منصف الذي بالكاد يستطيع أن يقف، و الكبير أكاغي الذي كان لا يزال بعيدا عنهم قليلا قد أحس بتلك الطاقة و تلك الهالة المستبدتين، و أنمار التي حملت تعبيراتها نظرات تخرج نية قتل مخيفة تجاه الأقدم الكبير

لقد حاولت الرئيسة موراساكي و أنمار تحذير الثلاثة. في ذلك الوقت كانتا تركزان بالكامل على الأقدم الكبير، مع أن الجنرال منصف كان يقاتل كازيمارو، إلى أنهما لم تكونا قلقتين عليه كما كانتا قلقتين من ذلك الشخص المرعب

و عندما أقدم الثلاثة على حركة، شاهدتا تغيرا في تعبيرات الأقدم الكبير، وجهه كان غير راض أبدا عما كان الثلاثة يحاولون فعله، عندها حاولت الرئيسة موراساكي و أنمار إيقاف الثلاثة، لكن بما أنهما ركزتا فقط على الأقدم الكبير، لم تدريا بتحركات الثلاثة –الرئيس تشارلي، الرئيس براون، الرئيس كورو- حتى لاحظتا تغيرا في تعبيرات الأقدم الكبير، عندها تساءلتا لماذا تعبيراته تغيرت للأسوء، فقامتا فالالتفاف لرؤية ما يحدث فوجدتا الثلاثة يهاجمون كازيمارو، لذا حاولتا إيقافهم لكنهما كانا قد تأخرتا بالفعل


و الآن، أصبحوا في وضع لا يحسد عليه، أحسوا أنهم لو قاموا بأبسط تحرك آخر، فسوف تطير رؤوسهم من مكانها، تجمد الجميع في هذه الأثناء

و بعدها حدث أمر كسر هذا الهدوء الذي استمر للحظات بالنسبة للعدو و أيام بالنسبة لأنمار و البقية

تكلم كازيمارو بعد مشاهدته لأشخاص يقتربون "أيها الأقدم الكبير، إنه شاهين"

حدق الأقدم الكبير في الاتجاه الذي أشار إليه كازيمارو و الذي كان نفس الاتجاه نحو بوابة الحائط المحيط بالساحة الخارجية التي اخترقها باسل

عندها شاهد ثلاثة أشخاص يقتربون بينما شاهين مكبل بقيود السحر من المستوى السادس، هو ساحر بالمستوى الخامس فقط، لذا لا يمكنه شحذ و لو القليل من طاقته السحرية

هؤلاء الثلاثة الذين كانوا يرافقونه كانوا بالترتيب من اليمين لليسار، غايرو، كاي (أخوا القطع) و جون (حراس بوابة العاصمة)

هؤلاء الثلاثة كلفوا بحراسة شاهين ريثما تنتهي الحرب ليستغرق باسل وقته في استجوابه، فحتى عندما حاول معه في الثلاثة الأيام السابقة التي اخذوها كراحة، لم يتكلم و لو بحرف واحد، لكن باسل لديه طرقه الخاصة، و التي كان ينوي تنفيذها بعد انتهاءهم من المسألة الكبرى حاليا أولا

هؤلاء الثلاثة في الحقيقة لم يكلفوا فقط بحراسة شاهين، بل حراسة الأميرة الخامسة غرين شارلوت أيضا، لكن بسبب أهمية شاهين لباسل، ترك الثلاثة الأميرة الخامسة في رعاية نبيل و الآخرين و رافقوا شاهين

عندما وصلوا، صدموا من المشهد أمامهم كما هو متوقع، لكن في الجهة الأخرى –جهة شاهين- ، هذا الأخير ارتسمت على وجهه ابتسامة طوال الطريق إلى هنا، و عندما وصلوا لوجهتهم، تحولت الابتسامة لضحكة مجنونة يرافقها بعض الكلام "لقد جنيتم على أنفسكم، أولئك اللعناء، سوف أحرص على رد لهم هذا الدين بكل تأكيد"

تكلم كازيمارو "أنتم، حرروه"


حتى الآن، لم يستطع الثلاثة فهم ما يحدث هنا بالضبط، لم يسعهم سوى تخمين وضع الآخرين، حدقوا في أنمار و الآخرين، فقرروا القيام بما أمروا به

عبر مفتاح الختم، قام الثلاثة بتحرير شاهين، هذا الأخير قام بحك معصميه و تمديد ذراعيه، و في لحظة

بوووووم

ركل الثلاثة مرة واحدة جاعلا إياهم يحلقون لعشرات الأمتار مع سعلهم للدماء بشدة

تكلم شاهين موجها كلامه للأقدم الكبير "يا أخي الكبير 'فالتشر'، لم تأخرتم لكل هذه المدة؟"

تنهد الأقدم الكبير فالتشر ثم تكلم بصوته الوقور "إنه خطؤك من الأول أن يقبض عليك، لو أنك لم تقم بالتواصل معنا في آخر لحظاتك بالقتال لما كان باستطاعتنا معرفة وضعك هنا"

حك شاهين رأسه ثم تكلم "حسنا، معك حق، لكن حتى أنا لم أتوقع أن أخسر، لكن هذا من الماضي، المهم، لما أتيت بنفسك إلى هنا؟ كان بإمكانك أمر بعض جواسيسنا فقط ليأتوا لإنقاذي"

"همف" استهجن كازيمارو و قال "بما أنك ناديتنا فلابد من أنك كنت بوضع خطير، لو كنت تحتاج لمساعدة من الجواسيس لكنت اتصلت بهم مباشرة فقط، أم أنا مخطئ؟"

"حسنا، معك حق" وافق شاهين كلامه ثم حدق بالآخرين و سأل "إذن، ما نحن بفاعلين؟"

تكلم الأقدم الكبير فالتشر "أنا أريد ذلك المدعو باسل، هل تعرف شيئا ما عنه؟ لقد قالوا أنهم لا يعرفون مكانه"

حملق شاهين في الجميع و تكلم "ها؟ لا يعرفون مكانه؟ أو لم يكن الشخص الذي قاد جيوشهم طوال الوقت؟"


قاد الجيوش، بسماع هذا الكلام تأكد فقط ظن الأقدم الكبير فالتشر و كازيمارو بكذب الكبير أكاغي سابقا عليهما، لذا تحدث الأقدم الكبير

"إن لم تتحدث و تخرج ما أريد سماعه..."

لكن بقية الكلام خرج من مكان آخر و الأقدم الكبير قد اختفى من مكانه، و عند استيعاب ما حدث، تجد أن الصوت لم يخرج من مكان آخر، و لم يختفي الأقدم الكبير، بل هذا الأخير هو الذي انتقل بسرعة خاطفة، و المكان الذي وصل إليه كان يقع وراء أنمار بالضبط من حيث جاء الصوت

أحكم القبض على يدي أنمار من الخلف قاصدا تقييدها ثم أكمل الكلام "أو أنني سوف أقوم بقتل هذه الفتاة الآن"

تأخر الجميع في فهم ما حدث، حتى أنهم لم يعرفوا مكان الأقدم الكبير فالتشر حتى أكمل كلامه، كيف وصل إلى هناك بالضبط؟ لكن الأهم الآن هو ما تطورت إليه الأمور

ما هم بفاعلين، لقد وقعوا في موقف حيث يجب أن يقرروا و يختاروا بين أنمار و باسل، هذا شيء مستحيل عليهم تقريره، إن هذا الأمر كما لو أنك تختار من تنقذ من الغرق، أمك أم ابنتك، لكن في النهاية سيكون عليك الاختيار، و إن لم تفعل، فبالتأكيد ستكون النتيجة أسوء، و التي هي واضحة تماما، 'موت الاثنين'

في هذا الوقت، لم يكن هناك أي خيار آخر غير وضع الكبير أكاغي ثقته في أن باسل سيكون قد أخذ بكلامه و هرب، لذا بناء على هذا قد أخذ قراره

حالة وحيدة يمكنك إنقاذ فيها الاثنين معا من الغرق، و هي أن يكون لديك سترة نجاة من الغرق تمنحها لأحدهما، و من الأفضل للشخص الذي تثق بأنه سيكون أهلا لتحمل هذا الأمر، و إنقاذ الثاني بنفسك

هذا ما فعله الكبير أكاغي، في هذه الحالة قد منح باسل خيط نجاة، و كل ما يمكنه فعله هو التركيز على الآخر الذي لا يملك أي خيط

تكلم الكبير أكاغي "أرجوك، من فضلك، سأتكلم، انتظر..."


ضغط الأقدم الكبير على يدي أنمار حتى كسرهما مع صوت تحطم "طررق"، أنمار لم تقدر على فعل أي شيء ضده، الأقدم الكبير فالتشر يقمعها كليا، و الآن قد قام بكسر عظام أيديها مما جعل حتى أنمار تطلق صوت "آآه" صارخة من الألم

حتى طريقة كسره ليديها كانت مروعة، لم يقم بكسر العظام فقط عن طريق ثنيها حتى تتكسر، لكنه قام بالضغط على يديها مما أضاف آلاما مضاعفة أكثر بكثير قبل بلوغ ذروة الألم عن طريق تحطم العظام

الكبير أكاغي في هذه الحالة شحب وجهه و تكلم بسرعة "إنه داخل القاعة الرئيسية"

لقد حاول سابقا أن يهدئ العدو، لكن هذا عاد عليه بآثار عكسية، العدو سأل و كان ينتظر جوابا، و الدوران حول الكلام كان فقط له أثارا سيئة على أنمار بدل تحقيق أثار جيدة و التي كانت المقصد الأساسي

لذا عندما تلقت أنمار أضرارا وخيمة، فهم الكبير أكاغي أن عليه الإجابة في أسرع وقت قبل فوات الأوان و إلا خرجت أنمار بعظامها كلها مكسورة إن لم يكن مصيرها الموت

حملق الأقدم الكبير فالتشر في الكبير أكاغي ثم قال بنبرة مسترخية "يبدو أنك تقول الحقيقة، لكن القاعة الرئيسية؟ أكان قريبا كل هذه المسافة ! ؟ حسنا، و الآن، فلننهي هذا الأمر"

رفع الأقدم الكبير يده اليمنى مع إبقاءه لليسرى لتقيد أنمار. عند مشاهدة هذا الأمر، فشلت رجلي الكبير أكاغي، انهمرت الدموع من عينيه، حتى أنه لم يعد يستطيع أن يخرج الكلام بشكل مناسب

صرخ الجنرال منصف "لقد قلنا لك ما تحتاجه، فلتفلت السيدة الصغيرة"

في هذا الوضع لم يكن باستطاعة أي شخص القيام بأي شيء، سوى شيء واحد، ألا هو انتظار يد الأقدم الكبير فالتشر اليمنى لتقتل أنمار

صرخ الكبير أكاغي بجنون "توققققققف"

تكلم الأقدم الكبير فالتشر "حثالة مثلكم يجب تطهيرهم، فحتى إن لم تموتوا الآن، كنتم ستموتون عما قريب على أية حال، لذا كل ما سأفعله هو تسريع هذا الأمر، و على العكس، يجب أن تكون شاكرا لي، فأنا سأعطيها موتة سريعة كما سيحدث معكم بعدها بالطبع"


و بعد إنهاءه لكلامه نزل بيده مع صوت وووووش

لكن هذا الصوت توقف بسبب صوت آخر

بوووووووووووم

لكمة نارية مشتعلة آتية من جسم مشتعل محترق جاعلة الأقدم الكبير فالتشر يطير لمئات الأمتار حتى اخترقت الألف متر ثم الميل و لا زال جسده يطير

ظهر صاحب الجسم المشتعل بينما شعره القرمزي و عينيه الحمراوين يلتهبان مع لون اللهب و كان هذا الشخص هو باسل

نظر لأنمار فشاهد ما أصابها، حدق في جسم الأقدم الكبير فالتشر الطائر ثم أطلق نية قتله التي جعلت الحلفاء و الأعداء –كل سواء- يرتعدون منه، في حالته هذه، بدى كملك نار قرمزي، لا يمكن لأي شخص المساس به أو الاقتراب منه

تكلم بنبرة قاتلة "مسست المقربين مني بسوء، و أنا أقسم لك، إني لست بتارك منك لحما و لا عظما"

تجمد كازيمارو و شاهين مما حدث، الأقدم الكبير أُرسِل محلقا من قبل هذا الفتى لأكثر من ميل؟ و أيضا ما كل تلك القوة؟ بعد التركيز قليلا، تجد أن هناك عنصر آخر ممزوج مع عنصر النار

كان شاهين يعرف أن باسل له عنصر التعزيز، و لم يعلم عن النار، لذا لما شاهد باسل يستخدم عنصر النار فقد ألوانه، هذا الفتى اخترق المستوى السابع؟

أما كازيمارو في الجهة الأخرى، فكان متفاجئا تماما مما حدث قبل قليل، لقد ظهر ذلك الفتى بسرعة كبيرة جدا، و الآن هناك عنصرين ممزوجين، لقد دعّم عنصر النار بعنصر التعزيز، قبل بعض شهور سمعوا عن هذا الفتى، و عرفوا أنه في المستوى الخامس، و الآن ها هو ذا أمامهم يستخدم عنصرين، إذن فقد دخل للقسم الثاني من مستويات الربط

عند هذه النقطة، ليس فقط الأعداء من صدموا، بل حتى الحلفاء، خصوصا الكبير أكاغي، فبعد رؤية باسل في حالته تلك، فهم ما يحدث، على الأقل عرف أن لباسل عنصر النار أيضا كسائر أعضاء العشيرة القرمزية

لكن، هذا غير مهم في هذه النقطة، المهم هو وجود باسل هنا، فباسل لم يقم بما أخبره به الكبير أكاغي، هذا الأخير قد أراد فقط أن ينجوا الجميع من هذه المحنة و الخروج من هذا الوقت الحرج بسلام، لكن باسل قد أتى عكس ما أخبره أن يفعل

لكن في هذه الحالة، لم يعرف الكبير أكاغي أي ردة فعل يجب يقوم بها، بالطبع هو خائف على باسل لأنه أتى للخطر، لكنه شاكر له لأنه أتى أيضا، فلو لم يفعل لكانت حفيدته قد ماتت في هذه الأثناء

لذا اختار ردة الفعل الثانية، فبعد كل شيء، لقد كانت ستموت أنمار لا محالة، و بعدها سيحين دورهم، لكن مع باسل هنا، و انطلاقا من لكمته السابقة، و امتلاكه لعنصرين، فالقيام بردة الفعل الثانية و التي هي الشكر على قدوم باسل في الوقت المناسب هي ردة الفعل المناسبة هنا


في هذه الأثناء، جسد الأقدم الكبير فالتشر الطائر توقف عبر رياح أحاطت به، حتى أنه كان قادرا على التحكم في سحر الرياح بشكل جيد للغاية لدرجة أنه جعله يحمله في الهواء و يجعله يطير و يحلق كما يشاء

وقف الأقدم الكبير فالتشر في وسط السماء و حدق في باسل من بعيد، نظر للخدش على وجهه و عبس، تكلم بكل هدوء كما لو لم يحدث أي شيء "أمم، بالفعل لديه عنصرين، لكن لم تكن الضربة قوية نظرا لغضبه، أكبح نفسه أم ماذا؟ على كل، هو بالفعل لديه عنصرين، أي لا شك في أنه اخترق القسم الأول و دخل للقسم الثاني من مستويات الربط، لكن مع غضبه ذاك كان يجب أن تكون لكمته تحمل قوة أكبر كساحر من القسم الثاني من مستويات الربط"

لم يفهم بالضبط الأقدم الكبير فالتشر ما الذي يحدث، بالطبع باسل لم يدخل للقسم الثاني من مستويات الربط بعد، لكن أي شخص سيعتقد هذا بعد رؤيته يمتلك عنصري سحر، و الذي لم يفهمه الأقدم الكبير، هو أن شخصا في القسم الثاني من مستويات الربط يجب أن تكون قوته أكبر مما أخرج باسل و خصوصا في حالة من الغضب كتلك التي بها باسل

حدق باسل في الأقدم الكبير الذي يتواجد بالسماء، عبس و أحكم قبضتيه، تلك اللكمة قبل قليل كانت تحمل معها كل قوته بالفعل، لكن ذلك الأقدم الكبير فالتشر لم يتضرر كثيرا و بدى كما لو أن هناك شخصا عاديا لكم شخصا عاديا مثله، يعني أنها كانت كتلقي ضربة جعلت وجنته تُخدش و تحمرّ قليلا فقط

اقترب الكبير أكاغي من باسل و تكلم "ظننت أنني قد أخبرتك بعدم المجيء، فلما فعلت؟"

لم يجب باسل مباشرة و حدق به، استرجع بعض الذكريات قبل دقائق من الآن

قبل تكلم الكبير أكاغي مع باسل عبر خاتم التخاطر بقليل من الوقت، في الوقت الذي كانت المعركة الأخيرة قد انتهت

باسل في تلك الأثناء كان جاعلا شخصا ضخما راكعا على ركبتيه بينما يمسك رقبته و يضغط عليها

و أثناء تشديده الخناق على ذلك الشخص تكلم باسل "أيها المبعوث رضا (الذي أرسلته الأميرة الخامسة لباسل عندما أتى هذا الأخير لأول مرة للعاصمة)، لقد علمتك درسا جيدا ظننت أنك سوف تتذكره لبقية حياتك و تبتعد قدر إمكانك عن طريقي، لكن ما الذي يحدث هنا؟ لم أنت هنا؟"


حدق المبعوث رضا بيأس في باسل، فبعد كل شيء، حتى هو لم يكن يريد الالتقاء به مرة أخرى، لكنه فقط كان يرافق أخت الإمبراطور و بناتها لحمايتهم في الطريق هو و العديد من الجنود الآخرين، فهو ليس بخادم للأميرة الخامسة، لكنه خادم لعائلة غرين، و في كل مرة و أين يكون، و هذه المرة كان يرافق أخت الإمبراطور

و عندما كانوا في غرفة الكنز مختبئون، فجأة كسر الختم و فتحت البوابة، لذا لم يكن له أي خيار آخر سوى مهاجمة الشخص الذي يقبع وراء هذه البوابة، لكنه لم يظن أبدا أنه سيكون ذلك الوحش الصغير من ذلك الوقت

نظر باسل إليه فقال مع زفيره متنهدا "يبدو أنني يجب أن أعدل على دروسي قليلا، فلا يبدو أنها قد كان لها مفعول كبير" ثم لوح بقبضته كاسرا عنق المبعوث رضا

كرررك

سقطت جثته على الأرض، و هذا الأمر جعل كل الجنود الذين كانوا يحمون أخت الإمبراطور يرتعدون، و في حالة الرعب هذه انقضوا كلهم على باسل

ووووش

قفزت أربع ظلال بسرعة خاطفة من وراء باسل و قطعوا الجنود الذين وصل عددهم للعشرة بسرعة خاطفة

لقد كانوا قادة التشكيل، فقط شي يو التي لم تتحرك

تقدم باسل للأمام ثم وجد أخت الإمبراطور ترتعد في مكانها بينما تتمتم "أنا أخت الإمبراطور، هل تريد المال؟ إن هذا هو الأمر فيمكنني جعلك أغنى شخص في هذا العالم؟ نعم يمكنك أخذ ما تشاء من هذه الغرفة"


و هذه الغرفة التي كانت تختبئ فيها أخت الإمبراطور إلى جانب بناتها و الجنود الذين يرافقونهم كانت في الواقع غرفة كنز عائلة غرين، فبعد كل شيء هم أتوا إلى هنا آملين في الاختباء، لأن بوابة هذه الغرفة يمكن مقارنتها مع بوابة الحائط المحيط بالساحة الخارجية، بمعنى أنها لا تخترق بالنسبة لهم، لذا أتوا إلى هنا للاختباء ريثما تهدأ الأمور، فعندما كانوا بداخل القلعة الرئيسية، سمعوا أن ستة أشخاص أقوياء يقتربون، لذا هربوا لهذه الغرفة بسرعة

تكلم باسل "أظن أنني بالفعل من أغنياء هذا العالم، هذا لا يثير اهتمامي"

ارتعبت أخت الإمبراطور، فلا زال باسل يتقدم، لذا حاولت إقناعه بشيء آخر "إذا أنت تريد المكانة، سأجعل أخي الصغير لايت يقوم بجعلك قائد الحرس الإمبراطوري و حتى القائد العام لجيوش إمبراطوريتنا"

تكلم باسل مرة أخرى بكل هدوء "أنا بالفعل القائد العام لجيوش الإمبراطورية، إمبراطورية الشعلة القرمزية"

لم ينفع مع باسل أي شيء، لذا لم يتبقى لها أي خيار آخر سوى الانقلاب للتهديد، تكلمت بصوت مرتفع و مرتعب "أنا أخت الإمبراطور، إن مسستني فلن يغفر لك الإمبراطور، ابتعد، لا تقترب مني أيها الوحش"

صرخت أخت الإمبراطور بجنون، و كذلك بدأ يفعل بناتها الثلاث الكبيرات، و هناك اثنتين صغيرتين، لم تقوما بأي تحرك أو حاولتا التكلم، فقط انكمشتا في مكانهما و عانقتا بعضهما البعض

تكلم باسل "لن يكون هناك هذا الإمبراطور الذي تتحدثين عنه موجودا في ذلك الوقت أصلا، لكن أنا متفق معك في شيء مما قلته، نعم أنا وحش، لكن لحثالة مثلكم فقط"

عندها فهمت أخت الإمبراطور أن نهايتها قد حانت، لكنها لن تستسلم بهذه السهولة، شحذت طاقتها السحرية و كذلك فعلن بناتها الثلاث الكبيرات، ثم انقضن كلهن على باسل

وووووووووش


اختفى باسل من أمام ناظر أعينهم و في لحظة طارت رؤوسهم من مكانها في آن واحد

عندها وجد باسل تلكما الاثنتين الصغيرتين تنكمشان بينما ترتعدان من شدة الخوف، حدق فيهما بعمق، و كذلك فعل قادة التشكيل به من الخلف، أحس باسل بنظراتهم الغريبة و خصوصا شي يو، لذلك تنهد ثم قال "كما قلت أنا وحش للحثالة التي لا أطيقها، لكن هاتين فتاتين صغيرتين لا ذنب لهما، لا تقلقي يا شي يو، لن أقوم بأي شيء سيضرهما، اعتني بهما ريثما ننتهي من الحرب، عندها سيكون من الأفضل لهما لو نسيتا أنهما من عائلة غرين"

حدق باسل في الأنحاء، فهذه الغرفة غرفة كنز بعد كل شيء، قد لا يكون هناك أي شيء قد يثير اهتمام باسل، لكن لا بأس من أخذ نظرة، فبعد كل شيء، لقد سمع من الرئيس كورو أن الأمير الثاني قد استخدم سلاحا أثريا، لذا أراد أن يعرف إن كان هناك أي شيء هنا قد يكون له فائدة ما

قام قادة التشكيل بالبحث في الأرجاء مع باسل، بالنسبة لهم، كل هذه الأسلحة النادرة و خرائط لمناطق محظورة، معلومات مفيدة عن أندر الوحوش، استعمالات عديدة لبعض أعضاء الوحوش السحرية، أحجار الأصل من المستوى السادس، و كل هذه القطع الأصلية الذهبية المتراكمة، شيء لأول مرة يرونه مجتمعا هكذا و بكل هذه الكمية في مكان واحد

لذا كان هذا مثيرا لهم بشكل كبير، لم يكن باستطاعتهم الصبر و تحمل مثل هذا الإغراء، لذا تكلم باسل عندما رأى لعابهم يسيل "خذوا ما شئتم، اعتبروها غنيمة حربكم"

انقض قادة التشكيل على الكنوز إلا شي يو التي لم تفعل، و بدل ذلك ذهبت لتعتني بالصغيرتين، أما الأربعة الآخرين، فقد أُعمِيَت عيونهم، و خصوصا شينشي، فعلى ما يبدو، لقد كان محبا للمال كثيرا

ابتسم باسل على حالهم و نظر في الأرجاء، لم يجد أي شيء يثير اهتمامه كما توقع، لكن في جزء مظلم من الغرفة، كان هناك أشياء مهملة، و من بينها كان يوجد أشياء كأوراق ملفوفة، كانت هناك ثلاث مخطوطات رق، و الجلد الذي صنع منه هذا الرق يبدو غير مألوف، لكن باسل يذكر أنه رأى جلدا مشابها لهذا

بعد التحديق لوقت طويل بها، عرف باسل ماهيتها، لقد استغرق منه هذا الوقت الطويل لاكتشافها لأنه لم ير واحدة تشبهها سوى مرة واحدة لمدة لا تزيد عن ثوان من معلمه، فالتي أراها له معلمه لم تكن بهذا التعقيد، و حتى الرق الذي كتب عليه كان مختلفا، لا شك في أن الجلد المصنوع منه هذا الرق مختلف عن الذي صنع منه الخاص بمعلمه، هذا يبدو كما لو أنه أكثر رقيا


تكلم باسل بصوت مرتفع من دون أن يشعر "مخطوطات روحية ! ؟"

التف الجميع و اقتربوا من باسل ليروا هذا الشيء الذي صدم حتى قائدهم، و عندما وصلوا، لاحظوا أنها مجرد أوراق بكتابة تشمل بعض التعاويذ الغريبة، لذا استغربوا

سأل تورتش "لما أنت متفاجئ هكذا يا سيدي؟ هل هذه الأوراق الغريبة لها أهمية؟ فبعد كل شيء فقد وضعت في الجانب المظلم و أهملت"

تكلم باسل مع نظرة متوهجة "لها أهمية؟"

في يوم من الأيام، عندما كان باسل مع معلمه يشرح له عن بعض التقنيات الفريدة، ذكر له أمر المخطوطات الروحية هذه، لكن بما أنه لا زال بعيدا عن هذه المستويات، فقد ترك معلمه هذا الشرح معلقا، لكن الشيء الوحيد الذي عَلِمه باسل، كان أن هذه المخطوطات الروحية تحمل قوة روح ساحر روحي و يمكنها إطلاق هجمات من نفس مستوى ذلك الساحر الروحي، و فقط لصناعة واحدة منها يجب أن يصرف الساحر الروحي وقتا طويلا جدا و إرهاق روحه لدرجة لا توصف

و في هذه الأثناء، عندما كان باسل سارحا بأفكاره، أتاه اتصال عبر خاتم التخاطر، لذا أجاب (ماذا هناك أيها الكبير أكاغي؟)

بعد الاستماع لما قاله الكبير أكاغي، تغيرت نظرة باسل كثيرا، ما الذي قصده الكبير أكاغي بوجود عظيم؟ لما عليه أن يهرب؟ هذين السؤالين اللذين شغلا ذهنه كانا كافيين ليفهم أن أنمار و البقية يواجهون عدوا أقوى منهم بكثير

في الحال توقف عن التفكير في أمر المخطوطات الروحية و وضعها في مكعب التخزين، لكن عندما كان يريد الخروج تفعّل ختم البوابة من جديد

لذا كان سببا في تأخره أكثر، أسرع بكل ما يملك في فتحه، ثم فعل سحر التعزيز في كامل طاقته مما فاجأ قادة التشكيل أكثر، فهم قد فوجئوا بالفعل من تصرفات قائدهم بعد انتهاءه من الكلام عبر خاتم التخاطر

عبس باسل بينما طاقته جعلتهم يتعرقون، تكلم بنبرة حادة "أنتم الأربعة لا يمكنكم استخدام إكسير التعزيز، بحر روحكم لا زال مرهقا و غير مستقر، لكن الأمر مختلف مع شي يو، هذه الأخيرة فلتشربه و أنتم الأربعة أحموها و الحقوني، سنحتاج لسحرها في كامل قوته، قد تكون هناك إصابات سيكون علينا الاعتناء بها سريعا"

انطلق باسل كالرياح، و عندما اقترب من العدو فعل سحر النار في كامل قوته أيضا

و الآن، إنه يستخدم لأول مرة السحرين معا في كامل قوتهما مع الإبقاء عليهما، لم تكن هناك أي مناسبة ليفعل بها هذا أو احتاج لذلك، ففي هذه الحرب، كان يحافظ على طاقته قدر المستطاع، فبعد كل شيء، لم يكن بإمكانه تجاهل تلك القطعة المفقودة

في هذه الأثناء، أسرع قادة التشكيل بكل ما أملكوا من قوة لاحقين باسل، و عندما وصلوا صدموا من الوضع الحالي، تقريبا جميع القادة الكبار و السيدة الصغيرة كانوا في حالة مزرية


أسرعت شي يو نحو أنمار و أرادت أن تعالجها، لكن أنمار وقفت كما لو أن ذلك الألم قد ذهب عنها و تشافت، تكلمت "أنا بخير، سارعي و عالجي الرئيس تشارلي و الاثنين الآخرين، فإصابتهما خطيرة جدا"

"هذا...لكن..." تمتمت شي يو و حدقت في باسل، هذا الأخير بقي مركزا فقط على ذلك الأقدم الكبير، لاحظت أنمار هذا الأمر ثم قالت "أسرعي، لا تهتمي بإصابتي الخفيفة، حتى باسل سيقول لك هذا، أسرعي و ابدئي في معالجة القادة الثلاث"

وقفت شي يو و أسرعت بينما يحيط بها قادة التشكيل من جميع الجوانب لحمايتها من أي خطر محتمل

ووووووش

حلق الأقدم الكبير فالتشر بسرعة خيالية و وصل في ثوان، وقف في السماء بينما يحتقر بنظراته باسل، تكلم بنبرة تهديد "أيها الفتى، أتستخف بي؟ لماذا لم تستعمل كامل قوتك؟"

ضاقت عيني باسل، هذا الوغد، يبدو أنه يعتقد أن باسل يوفر قوته، عبس باسل و استعمل سحر النار من تحت قدميه فكون عاصفة صغيرة حملته للسماء، فوقف أعلى من الأقدم الكبير بالسماء "حثالة مثلك لا يستحق استخدامي لقوتي الكاملة عليه"

عبس الأقدم الكبير، حملق في باسل ثم ارتفع للسماء أعلى منه "حثالة؟ إن نادى الحثالة شخصا آخر بالـ'حثالة'، فلا تحمل الكلمة المعنى الحقيقي لها"

ارتفع باسل أكثر منه، لقد ارتفعا لأكثر من 500 متر في السماء حتى الآن، تكلم باسل بينما يوجه نظره محتقرا الأقدم الكبير "أتتكلم عن نفسك يا أيها الحثالة؟"

"همم ! " ظهرت العروق على وجه الأقدم الكبير فالتشر، بدأ يشحذ طاقته السحرية ثم تكلم بينما يرتفع في السماء "على الأقل يبدو أنك جيد في الكلام، لكن ماذا عن القتال الفعلي؟ لنرى إن كان يصل لمستواك في الجدال"


"ها" صرخ الأقدم الكبير و أطلق طاقته السحرية، لقد كانت تفوق طاقة المستوى السابع بأضعاف كثيرة، حتى باسل تفاجأ من هذا الشخص الذي ارتفع حتى تساوى معه في المستوى بالسماء

باسل و أنمار هما الوحيدين غير حلفاء العدو اللذين كانا قادرين على معرفة قوة هذا العدو بالضبط، فأثناء تدريبهما، ركز المعلم على تحسين إحساسهما لأقصى الدرجات، لذا عندما احتاج لفعل هذا، كل ما كان فعله هو جعلهم يجربون مستويات مختلفة، و هذا كان عن طريق استخدامه لقوة تصل للمستوى المنشود و جعل باسل و أنمار يقاتلانه باستمرار حتى حفرت قوة كل مستوى في أذهانهما و أجسادهما و أرواحهما

هذين الاثنين ولدا بأفضل المواهب وجودا، لذا كان لهما إحساس قوي من الأول، و لم يمر وقت طويل حتى استطاعا صقل إحساسهما لأقصى الدرجات الممكنة في مستواهما الحالي

لكن باسل لا يزال يفوق حتى أنمار، فبامتلاكه لعنصر التعزيز الذي يأتي من الطاقة الخارجية، كان قادرا على تقوية إحساسه عبر الشعور بالطاقة التي تدخل لبحر روحه عبر جسمه كلما فرغت قليلا، لذا أصبحت حواسه حادة أكثر و أكثر مع مرور الوقت

ازدادت طاقة الأقدم الكبير مع مرور الوقت حتى أن باسل قد نزل بعض العرق من على وجنته، هذا الوضع غير جيد أبدا، لقد خدع العدو بأنه لم يستخدم طاقته الكاملة ريثما تأتي المساعدة، لكنه لا يعلم لمتى سيتسمر العدو في الانخداع هكذا

بلغت قوة العدو ذروتها ثم قال "على عكسك، أنا سوف أستخدم قوتي الكاملة، لنرى إن كنت ستبقى مشددا على رأيك في عدم استخدامك لقوتك الكاملة عندها"

عبس باسل و ضاقت عينيه أكثر، الآن يجب عليه الحرص على تضييع الوقت، لذا تكلم "كل ما فعلته هو رفع عنصرك الأول لأقصى الدرجات، هكذا لن يكون بإمكانك حتى منافستي"

"هممف !! " استهجن الأقدم الكبير فالتشر، إن كنت تريد الموت بهذه السرعة، فلما لا أحقق لك رغبتك بما أنها ستكون الأخيرة، اعتبرها مني كشفقة على حثالة مثلك"

حدق باسل في الأقدم الكبير و لم يتكلم، فقط ركز على الوضع الحالي، رأى ما خياراته و ما الذي يمكنه فعله

و في نفس الوقت، شحذ الأقدم الكبير فالتشر عنصره الثاني، ثم صرخ "وحشي الفتخاء"


عندها شوهدت ردة فعل على الوحشين اللذين لم يقوما بأي تحرك حتى الآن يرفعان أجنحتهما، خاف الكثير من الجنود، هل سيقوم باستخدام ذانك الوحشين المرعبين؟

حتى القادة الكبار المتبقين قد صدموا، لماذا يحاول باسل استفزاز العدو هكذا؟ لماذا يحاول جعل العدو يستخدم طاقته الكاملة؟ لم يعرف أي أحد المغزى وراء هذا الفعل، غير شخص واحد الذي بدأت الشكوك تراوده بالفعل حول أفعال باسل

هذا الشخص لم يكن شخصا آخر غير أنمار التي تفهم باسل أكثر من أي شخص، فكرت في هذه الأثناء بداخلها "لماذا يحاول كسب الوقت؟ أينتظر مساعدة من شخص ما؟ الوحيد القادر على حل هذا المشكل بشكل مؤكد هو المعلم فقط، لكن المعلم لن يظهر نفسه أبدا، فإن أنقدنا الآن سيعرضنا لخطر أكبر فقط على حسب ما قاله، أنا لا أعلم لماذا بالضبط لا يريد من أي أحد أن يكتشف أنه معلم باسل، لكن يبدو أن هذا الأمر مفروغ منه"

عندها تذكرت أنمار أمر باسل و امتلاكه لعنصرين و بنيته الغريبة خلاف الأشخاص العاديين، لذا بالطبع ربطت هذا مع ذاك

في هذه الأثناء حدق باسل بالأقدم الكبير ثم تكلم "إذا عنصرك الثاني هو الاستدعاء، وحشي الفتخاء من القسم الأولي من المستوى الثامن، و أنت من المستوى التاسع، و بالضبط في القسم المتوسط"

"هوه ! إنك تعرف أمورك جيدا" قالها الأقدم الكبير مع حملها لنبرة سخرية من باسل

هذا بالتأكيد شيء مذهل معرفته لمستوى وحشي الفتخاء بالضبط، فبالنسبة لمستوى الأقدم الكبير، كان عاديا بالنسبة لشخص دخل للقسم الثاني من مستويات الربط أن يعلم مستواه عندما يشحذ الأقدم الكبير طاقته، لكن معرفة حتى مستوى الوحشين اللذين لم يقوما بشحذ طاقتهما بعد كان مذهلا

لكن ما لا يعلمه الأقدم الكبير هو أن باسل حتى من دون أن يكون قد دخل للقسم الثاني من مستويات الربط، فقد كان قادرا على الجزم و المعرفة بإحساسه الخارق

ووووووش-رفرفة


تحرك جناحي وحشي الفتخاء فجلبوا معهما العواصف، و أثناء محاولتهما الطيران، أطلقا صراخا جعل كل من يتواجد في الساحة يصبح أصما للحظات

*إيييييييييييييييك"

صوت رقيق لكن مرتفع جدا، و مع ارتفاع هالتهما ضغطا على كل الموجودين أثناء محاولتهما الطيران، بمجرد ما أن ارتفعا في السماء حتى صنعا طريقا غير مرئي في كل ضربة من أقدامهم، كانا يرفرفان للارتفاع، و الضرب بقدميهما لصنع الطريق، و بهذا شقا طريقهما نحو السماء

كانا مظهرهما راقيا كثيرا، ذلك المنظر الخلاب الذي يخلفانه وراءهما في كل رفرفة و ضرب بأقدامهما على الطريق الغير مرئي كان جميلا بشكل لا يوصف، في الحقيقة، فقط عند ضربهما بقدميهما يتكون الطريق الغير المرئي، أما قبل ذلك فلا يكون موجودا

كانت العربة مملوءة بالنقوش الغريبة، هذه النقوش كانت تشبه صقورا تركب أسودا، مما أعطى شكلا خلابا لرمز حكم الأرض و السماء معا، و كانت العربة موصولة بالوحشين برباط منقوش بنقوش أثرية

لذا حلقت العربة بعد أن توهجت النقوش التي عليها، بعد أن مرت الطاقة من خلال الرباط و وصلت لنقطة الالتقاء بالنقوش على العربة، هذه الأخيرة تشكل من تحتها طريق كالذي صنعه وحشي الفتخاء و حلقت تبعا لإرادتهما

بعث شكل هذين الوحشين على اتحاد حاكمي السماء و الأرض الطبيعيين، رفرفا و استخدما عنصر الرياح لزيادة سرعتهما

ووووووش

انطلقا بسرعة كبيرة و وقفا وراء الأقدم الكبير، هذا الأخير استهجن و قال "أيها الحثالة، سأجعلك تعرف مقامك، و هذا سيكون عن طريق موتك"


عندها فكر باسل في قوتي الوحشين، لقد كان لديهما سحر الرياح كالعنصر الأول الخاص بالأقدم الكبير، لذا كان هذا إضافة كبيرة، فهما سيعززون قوى بعضهم البعض و ينتجون هجمات ذات مدى أوسع و قوة أكبر، بكثير

عندما يكون لأي شخص عنصر الاستدعاء، فهذا الأخير يكون باستطاعته استعداء نوع واحد من الوحوش السحرية بعد أن يقوم بعقد الاستدعاء معها، فمثلا قد يكون بإمكانه استدعاء الوحوش السحرية التي تستخدم النار، أو التي تستخدم سحر التعزيز، لكن المهم هو أن سحر الاستدعاء الخاص به يكون قادرا على استدعاء وحوشا سحرية بعنصر واحد محدد

و الوحوش السحرية عندما تخترق المستوى السابع و تدخل للقسم الثاني من مستويات الربط، لا تمتلك عنصرا ثانيا، لكن في المقابل تمتلك قدرة (ميزة) إضافية تستخدم عن طريق الطاقة الخالصة

باسل لاحظ قدرة وحشي الفتخاء على صنع طريق لهما في السماء، لكن لا يجب أن تكون هذه هي كل قوتهما فقط، لابد من أن هناك امتداد لهذه القدرة

أجاب باسل بالنظر إليه نظرة احتقار "همف، لا زلت لم تصل للمستوى المطلوب يا أيها الحثالة"

و لا زال باسل يحاول كسب الوقت، لكن يبدو أن هذا هو أقصى ما يستطيع كسبه عن طريق الكلام، و الآن حان وقت القبضات لتدخل الحدث

قفز الأقدم الكبير فالتشر للخلف ففتحت العربة من الفوق و دخل إليها

وقف و بإشارة من يديه، رفرف وحشي الفتخاء و صرخا ثم استخدما سحر الرياح مرة واحدة

فووو فووو

تكون إعصارين بجانبي باسل، ضغطهما لم يتيحا له أي فرصة للهرب، و قوة دورانهما جعلت بعض الجنود يطيرون، مع أنهم مرتفعون في السماء إلى أن قوة هذين الإعصارين قد جعلتهم يركزون على أقدامهم ليستطيعوا الوقوف، و منهم من لم يستطع و قذف لعشرات الأمتار، و آخرين قد جذبوا للإعصار، و قبل أن يفعل باسل أي شيء حتى تناثرت قطع أجسادهم في كل اتجاه و مكان

هؤلاء الجنود كانوا من المستوى الأول فقط، و بعد أن استيقظوا من غيبوبتهم التي سببها ضغط الأقدم الكبير سابقا، واجهوا مصيرا بائسا كهذا، و بسببهم عرف الجميع هنا قوة ذانك الإعصارين

غايرو و كاي اللذان يعرفان بأخوا القطع خجلا من اسمهما، أي قطع كانا يقومان به؟ إن كانا يسميا بثمل هذا الاسم، فما الذي يجب أن يسمى به الشخص أو الوحش القادر على القيام بمثل هذا الهجوم الشنيع ! ؟

عبس باسل في الحال، تشتَّتَت أجساد حلفائه لقطع من دون أن يكون قادرا على فعل أي شيء، لكن وقت الأسف ليس الآن، فالإعصارين ليسا فقط يستمران في التقدم نحوه، لكنهما يزدادان قوة مع الوقت


فكر باسل لقليل من الوقت، إن نزل للأرض الآن سينجو، لكنه سيعرض الكثير للخطر معه، مع أن اعتماده على سحر النار في الطيران يكلفه طاقته السحرية المهمة، لكنه يتجنب فقدانها كثيرا بسبب استخدامه للقليل من عنصر النار و تعزيزه بعنصر التعزيز الغير محدود مؤقتا

لذا خياره الوحيد هو الطيران للأعلى، زاد باسل من سرعة عاصفة النار الصغيرة فحلق للأعلى

الأقدم الكبير الذي لاحظ هذا الأمر، ابتسم و سخر "همف، لقد جنيت على نفسك فقط بظنك أنك قمت بالخيار الصحيح"

أخطر شيء في سحر الاستدعاء، ليس أنه يمكنه استدعاء كمية من الوحوش لتساعده، و إنما قدرته على التحكم في سحرهم حتى، و كما لو أنه سحره الخاص

فقط بنيَّته، و حركة واحدة منه تشكلت في التقاء راحتي يديه مطلقتان صوت تصفيق، حتى كان الأقدم الكبير قادرا على التحكم في الإعصارين و جعلهما يندمجان و يشكلان معا إعصارا يبدو أصغر في الشكل و أنحف، لكن قوة دورانه كانت لا تصدق، حتى أنه بدأ يتكهرب

تكلم الأقدم الكبير فالتشر "حسنا، و الآن، لما لا نضيف بعض النكهات، هااا"

صرخ بتلك الكلمة الأخيرة فتكون حول الإعصار حاجز غير مرئي، هذا الحاجز كان يشبه الطريق الذي صنعاه وحشي الفتخاء سابقا

عبس باسل و تكلم بداخله "اللعين، لقد تدرب حتى على التحكم في قدرة وحشيه جيدا"

عرف باسل أنه إن أصيب بهذا الهجوم فسوف يتلقى أضرارا لا تحمد عقباها، لكن حتى و لو عرف هذا، فلا يعني أنه قادر على فعل شيء أمامه، حتى باسل في هذه المرحلة قد انتهت خياراته


"اخترق و اقتل" صرخ الأقدم الكبير فانطلق الإعصار بسرعة جنونية، باسل الذي في السماء لم يكن باستطاعته مراوغة مثل هذا الهجوم السريع

زززززززك

تلاقى الإعصار بسيفي باسل الذي أخرجهما في آخر لحظة عندما وجد نفسه محاصرا، لكن حتى هذين السيفي الأثريين من الدرجة الثالثة بدأ يظهر عليهما عدم القدرة على التحمل. مع استمرار صوت الاحتكاك، استمر الإعصار في محاولة اختراق باسل الذي حلق لمئات الأمتار حتى الآن و لا زال يُدفع من قبل الإعصار

صرخ باسل بجنون و رفع عنصر التعزيز لحده الأقصى، عنصر التعزيز الذي كان في المستوى السابع، أصبحت طاقته تفوق ذلك المستوى بكثير

لكن مع أنه رفع عنصر التعزيز لأقصى حد، فلا زال غير كاف، دمج عنصر النار، توهج السيفين الأثريين و انفجرت النيران مرة واحدة منهما، لقد كان باسل يدافع بهما على شكل X ارتفع كذلك عنصر النار لأقصى درجة، و بتعزيزه بعنصر التعزيز الذي كان طاقته كبيرة و غير محدودة، أصبح السيفين الأثريين نفسهما النار، وصل تحكم باسل في سيفيه الأثريين لدرجة مخيفة، هدأت النيران و بدت كما لو أنها اندمجت مع السيفين و ليست تخرج منهما

و مع هدوء النيران حتى أصبح السيفين الأثريين عبارة عن لهبين (من لهب) أصفرين مائلين للأحمر في شكل سيفين و التف حولهما خيط طاقة رفيع باللون الأزرق الفاتح

صرخ باسل و استخدم كل طاقته الجسدية مع إبقاءه تركيزه على سيفيه، ثم لوح حتى وصلت يداه خلف ظهره

بششششش

تبدد الإعصار، في هذه اللحظة، كل شخص قد صدم، حلفاء كانوا أم أعداء، لكن الشخص الذي تلقى الصدمة الأكبر كان الأقدم الكبير فالتشر، لم يعلم أي أحد غيره عن مدى قوة الهجوم الذي نفذه


لقد كان ذلك في الأول هجوما من وحشي الفتخاء، لكنه بتحكمه في سحرهما و قدرتهما، كان قادرا على تعزيزه بسحره ذو المستوى التاسع، لقد كانت هجمة لا يمكن حتى لساحر من المستوى التاسع أن يصدها

لكن فتى مثل هذا كان قادرا على صده، ببساطة كان هذا غير معقول، و ما الذي يحدث بالضبط؟ ما تلك القدرة الجنونية على التحكم في السلاح الأثري؟ يقال أن الكمال في التحكم بالسلاح أو الدرع الأثري، تكون في دمج العنصر معهما، لكن هذا الفتى لم يقم فقط بدمج عنصر واحد مع سلاح أثري واحد، و إنما عنصرين مع سلاحين أثريين

دمج العنصرين معا وحده عمل صعب، و دمج عنصر واحد مع سلاح أثري أصعب، و دمج عنصرين مع سلاح أثري أكثر صعوبة، أما دمج عنصرين بسلاحين أثريين، فلا يمكن القول عنه سوى أنه شيء في متناهى الاستعصاء

دهش الأقدم الكبير فالتشر من هذا الأمر كثيرا، لكن الغريب في الأمر هو تفاجؤ باسل أيضا، فهو في مثل هذا الموقف الصعب و الشاق، كان قادرا على تطوير مهارته لهذا الحد، عندها لسبب ما تذكر كلام معلمه أثناء تدريبه بوادي الظلام العميق

(لديك ذكاء يجعلك عبقريا في المعارك)

(إنك حقا عبقري في المعارك)

لقد قال له معلمه هذا الكلام أكثر من مرة، لكن كونه عبقري في المعارك لا يقتصر فقط على استراتيجياته و خططه و كيفية تعامله و استجابته أثناء المعركة، بل أيضا التطور، سواء من ناحية العقل أو من ناحية القوة، و هذا كان سببا في جعله ينمي تحكمه في سيفيه الأثريين لهذه الدرجة من الكمال

تمكنه من التطور أثناء المعارك، فكر باسل في أن مثل هذه الموهبة التي يملكها، قد تكون أفضل شيء يملكه حتى لو كان يمتاز عن الآخرين بعنصر إضافي

بعد قليل من الوقت، استعاد الأقدم الكبير رشده، لقد اندهش كثيرا، لكنه فجأة صنع وجها يعبر عن اكتشافه لأمر ما أو ظهور فكرة ما في عقله


عبس و حملق في باسل ثم تكلم "أيها الفتى، ليس أنك لا تستخدم طاقتك الكاملة، لكن تلك هي حدودك، بمشاهدتك تستخدم أسلحة من الدرجة الثالثة فقط، قد أكدت شكوكي، لا أعرف بالضبط ما السبب في انخفاض طاقتك و هالتك و ضغطك و ضعف حضورك بالنسبة لشخص دخل للقسم الثاني من مستويات الربط، لكن بما أنك ضعيف لهذه الدرجة، فلست بحاجة للتراجع"

كان الأقدم الكبير فالتشر في الحقيقة يقمع نفسه و يحاول الإبقاء على طاقته السحرية قدر المستطاع، فمعركة بين ساحرين ترتكز غالبا على الطاقة السحرية، من يمتلك القدر الأكبر، غالبا ما يكون الفائز، لكنه الآن قد اكتشف أن طاقة باسل قليلة، لذا لن يتراجع بعد الآن و سوف يستخدم الطاقة الغاشمة لإبادة عدوه

ضاقت عيني باسل، لقد اكتشف ذلك الوغد هذا الأمر، لو أن العدو لم يكتشف، كانت المعركة لتطول أكثر، لأن الأقدم الكبير سوف يدخر طاقته و يستعمل القليل فقط، و في المقابل سوف يستخدم باسل طاقته الكاملة، و بهذا ستكون المعركة متساوية لبعض من الوقت

لكن العدو كانت حواسه حادة و اكتشف هذا الأمر بسرعة، لكن هناك شيء واحد لا زال لا يفارق ذهنه أبدا، ذلك الفتى عندما ظهر أمامه لم يظهر عليه أي علامات من الإرهاق، إذا لما طاقته منخفضة لهذه الدرجة؟

لم يفهم الأقدم الكبير مهما حاول، فهو لن يتخيل أبدا أن هناك شخص بعنصرين بالقسم الأول من مستويات الربط، هذا الأمر غير موضوع في قائمة الاحتمالات حتى

حدق باسل في سيفيه الأثريين، و ركز على عنصر النار، هذا الأخير لم يتبقى منه الكثير، و في الجهة الأخرى، لا يمكنه استخدام عنصر التعزيز لمدة أطول، ففي كل مرة تتوغل الطاقة الخارجية لجسده، يتسبب له هذا في إرهاق روحه و جسده أكثر

"المستوى السادس من عنصر النار غير كاف، هاه ! "

تكلم باسل و عبس، عنصر النار الخاص به في المستوى السادس فقط على عكس عنصر التعزيز، فهذا الأخير لم يزدد عن طريق تنميته بالتدريب الشاق كعنصر النار، عنصر التعزيز كان ينمو عبر إكسير التقوية، هذا السبب الأصغر، أما السبب الأكبر، فهو ضعف الختم الموضوع عليه مع مرور الوقت


للدقة، ليس مع مرور الوقت، و لكن مع تقدم باسل في المستويات، كل ما ارتفع باسل بمستوى، أو حتى بقسم، فالختم الموضوع عليه لمنع انجذاب الطاقة الخارجية إليه يضعف، مما يتسبب في ازدياد الكمية التي تتوغل لجسده

وُضِع هذا الختم عليه بهذه الطريقة لأنه لا يمكنه تحمل موجة الطاقة الخارجية الضخمة و الغير محدودة للأبد، فبالختم، كانت تتوغل لجسده القليل من الطاقة الخارجية، و كلما فرغت، امتلأت مرة أخرى

كان الأمر كما لو أن الختم يمنح للطاقة الخارجية مكانا لتسكن به فقط، و بهذا نجى باسل، لكن، في كل مرة ترتفع فيها قوة باسل، في كل مرة تزداد طاقة عنصر النار الخاص به، كلما كبر سكن الطاقة الخارجية

و الآن، عنصر النار الخاص به في القسم النهائي من المستوى السادس، و بهذا كان سكن الطاقة الخارجية واسع لتحمل طاقة تفوق المستوى السابع، مما يعني أن الختم قد ضعف كثيرا بالفعل، و يبدو أن عنصر النار الخاص به كلما اقترب من المستوى السابع كلما ضعف الختم بشكل أكبر، حتى أنه بدأ يرى اقتراب انكسار الختم كليا

لكن عندما يحدث مثل هذا الأمر، فسوف يتعرض باسل لموجة من الطاقة الخارجية غير محدودة، و لوقت غير محدود من الوقت، و في ذلك الوقت، إن لم يكن قادرا أو مكتسبا القدرة على التحكم في الطاقة الخارجية، فسوف يهلك عبر انكسار بحر الروح

"هاا" صرخ الأقدم الكبير ثم توجه نحو باسل بالعربة بأقصى سرعة يملك، سرعة العربة على الطريق الغير المرئي مدعمة بسحر الرياح، كانت لا تصدق، و كان بإمكانها قطع الأميال في ثواني

صرخ وحشي الفتخاء ثم رفع الأقدم الكبير يده للأعلى و رفرف الوحشين تباعا له، ثم أنزل يده مع صراخه "ألف رمح"

في الحال تكون فوق باسل آلاف الرماح الضخمة التي وصل طولها للمترين، و كلها كانت عبارة عن رياح تتكهرب من شدة احتكاكها بنفسها، رمح واحد منها كاف ليجعل ساحر من المستوى السادس يرتعد

عبس باسل، لكنه لم يتراجع، و عوض ذلك استخدم عنصر التعزيز بجنون، السيفان اللذان على شكل لهبين و يحيط بهما خيط طاقة رفيع، اهتزا و لمعا، و الخيط الرفيع الأزرق الفاتح أصبح أكثر وضوحا من قبل

أنزل الأقدم الكبير يده نحو الأسفل، فتوجهت الرماح كلها في نفس الوقت نحو باسل، كل من شاهد هذا المنظر بقي منتظرا موت باسل فقط، لكن ذلك الأخير حرك سيفيه المتوهجين و شرع في الهجوم هو الآخر كدفاع

ززن ززن ززن

تحركت يدي باسل بسرعة خارقة، طاقة عنصر التعزيز فاقت المستوى السابع بالفعل و وصل لمرحلة لا تصدق، أصبح باسل يتحرك حتى بدأ يظهر كما لو أن له العديد من الأذرع، آلاف الرماح توجهت إليه مرة واحدة، لكنه قام بصد رمحا تلو الآخر بسرعة غير معقولة

و مع ذلك، مع مرور الوقت كانت تظهر عليه علامات التعب، لكنه مع ذلك لا زال يستخدم عنصر التعزيز و يزيد من قدرة تحمله، لكن في المقابل كان بحر روحه يُرهق أكثر و أكثر


آلاف التلويحات من أجل إيقاف آلاف الرماح القادرة على قتل سحرة من المستوى السادس، هذا الأمر لا يمكن لشخص حتى من المستوى الثامن فعله، فبعد المئات و الألف و الألفين سيتعب و سيتعرض للإصابة للعديد من الرماح، لكن هذا في حالة عدم قيام هذا الساحر من المستوى الثامن بهجمة مضادة

مثل هذا الأمر كان ناجحا بالنسبة لباسل فقط لسببين، كونه يمتلك سحر التعزيز الغير محدود مؤقتا، و امتلاكه لسيفيه الأثريين، هذا السبب الأخير لا يمكنه التأثير بشكل كبير في مثل هذه الحالات، لكن في حالة كان الشخص يمكنه التحكم في السلاح الأثري لدرجة الكمال، فحتى هذا السلاح الأثري من الدرجة الثالثة سيكون كسلاح أثري من الدرجة الخامسة

انقسمت الأسلحة الأثرية لسبع درجات

- الدرجة الأولى، و التي يستطيع استخدامها سحرة المستوى الرابع و الخامس

- الدرجة الثانية، التي يستطيع استخدامها سحرة المستوى السادس

- الدرجة الثالثة، التي يستطيع استخدامها سحرة المستوى السابع

- الدرجة الرابع، هنا لا يمكن لشخص استخدام مثل هذا السلاح الأثري أبدا ما لم يكن قد دخل للقسم الثاني من مستويات الربط، و يستطيع استخدامه سحرة المستوى الثامن و التاسع

- الدرجة الخامسة، التي يستطيع استخدامها سحرة المستوى العاشر

- الدرجة السادسة، التي يستطيع استخدامها سحرة المستوى الحادي عشر و الثاني عشر

- الدرجة السابعة و الأخيرة، و التي يستطيع استخدامها سحرة المستوى الثالث عشر و الرابع عشر

سمع ذات مرة باسل من معلمه، أن الشخص لو وصل للكمال في التحكم بسلاح أثري من الدرجة السابعة سيكون قادرا على مواجهة سلاح خاص بـ'سيد روحي' لبعض الوقت، أي يمكنه أن يجابه سلاحا من نطاق 'الأرض الواسعة' لبعض الوقت

لكن 'السيد الروحي' الذي يعتبر خبيرا من نطاق 'الأرض الواسعة'، سيكون هو الرابح في نهاية المطاف، فساحر من مستويات الربط لا يمكن مقارنته بساحر روحي

تزداد درجة تحكم الساحر في سلاحه الأثري كلما ارتفع في المستوى، فمثلا بالنسبة لسلاح من الدرجة الرابعة، سيكون لِساحر من المستوى الخامس الأفضلية في التحكم فيه من ساحر من المستوى الرابع

مع أنهما باستطاعتهما استخدام نفس الدرجة، إلى أن الشخص الذي يكون بمستوى أكبر تكون له الأفضلية في درجة التحكم، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن من بالمستويات العليا يكونون دائما أفضل في التحكم، ارتفاعهم في المستوى فقط يزيد من قدرتهم على التحكم


فمثلا، هناك ساحر من المستوى الخامس، لكنه أضعف في التحكم من ساحر بالمستوى الرابع، مع أن ارتفاعه بالمستوى يمنحه أفضلية، لكن إن كان أقل موهبة من ساحر المستوى الرابع في التحكم أصلا، فحتى أفضليته (مستواه أعلى) لن تكون كافية ليتغلب على ساحر المستوى الرابع في التحكم

و من يصل للكمال بالتحكم في السلاح الأثري، يكون بإمكانه مواجهة أسلحة من درجة أكبر، كحال باسل الآن، سلاحه من الدرجة الثالثة، لكنه مع ذلك يمكنه مجابهة سلاح أثري من الدرجة الخامسة، بشرط ألاّ يكون تحكم صاحب السلاح الأثري من الدرجة الخامسة قد وصل للكمال أو اقترب منه

باسل الآن يستخدم سلاحا أثريا من الدرجة الثالثة، هذا الأمر مستحيل بالنسبة له في الأحوال الطبيعية كساحر من المستوى السادس، لكن بامتلاكه عنصر التعزيز الذي فاق حتى المستوى السابع، كان بإمكانه استخدام عنصر التعزيز أولا على السيفين الأثريين و من تعزيز عنصر النار دائما ليكون قابلا لاستخدام سلاح أثري من الدرجة الثالثة

لكن معنى أنه يقوم بتعزيز عنصر النار، ليس أنه يجعله يرتفع في المستوى، فهو يعزز عنصر النار بعد أن يستخدمه، فلا يمكن لعنصر أن يتداخل مع الآخر بداخل بحر الروح أبدا، فإن حدث هذا، عندها سيكون هناك عدم استقرار قد يؤدي لانكسار بحر الروح

تعجب بالفعل الأقدم الكبير مما فعله باسل، لكنه استل سيفه السحري و صرخ بينما يلوح به "قطع الهواء"

و بتلويحه بدا كما لو أنه يقطع الهواء حقا، لكن ما حدث بالضبط كان تجمع الرياح حول سيفه و انطلاقها على شكل موجة حادة ضخمة للغاية

حتى باسل عندما شاهد هذا الهجوم قد فوجئ قليلا، لكن مع ذلك، هو لديه سلاحين أثريين على عكس العدو، و سيفيه في هذه الأثناء يفوقان قوة سيف عدوه

تقدم باسل و قطع

زبام

قطع الموجة الضخمة و توجه نحو الأقدم الكبير الذي تحكم في وحشيه و اللذين بدورهما تبعا إرادته و ضربوا بأقدامهم في السماء فكونوا الطريق الغير مرئي، و بعدها قاموا بالضرب مرة تلو الأخرى، فصنعوا عدة طرق


تبعا لإرادتهم، تحركت الطرق و تشكلت ثم كونت رمحا غير مرئي، وصل طول الرمح للعشرة أمتار، كانت مقدمته أسطوانية، كان الطريق الغير مرئي كما لو أنه حاجز يتشكل طبقا لإرادة مستخدمه

وقف الرمح الغير مرئي في السماء من دون تحرك، ثم عندها ابتسم الأقدم الكبير و صرخ "إنها لحظات موتك أيها اللعين، ذق عذاب أقوى هجوم أملكه، حتى لو جلبت ساحر من المستوى العاشر فسوف يصبح نصف ميت بتلقيه مثل هذا الهجوم"

كان الأقدم الكبير واثقا جدا، وضع سيفه السحري في مكعب التخزين و أخرج سيفا أثريا، هذا السيف الأثري كان شكله متعرجا و نقوشه كانت أكثير توهجا عندما شحذ الأقدم الكبير فالتشر طاقته به، أخذ وضعية أفقية لسيفه الأثري و شحذ طاقته لآخرها، و كذلك فعل وحشي الفتخاء، و في نفس الوقت، قام بتوجيه سيفه للأمام نحو مؤخرة الرمح الغير مرئي بقوة خارقة مع تكوين الوحشين لرياح توجهت نحو مؤخرة الرمح الغير مرئي كذلك

فانفجرت الرياح خلف الرمح الغير مرئي و انطلق بسرعة هائلة كما لو أنه عبارة عن رمح برقي

باسل الذي شاهد اندفاع تلك الطاقة الغير معقولة نحوه لم يعرف كيف يتعامل بعد الآن، قد يكون الرمح غير مرئي، لكن لا زال بإمكان الساحر الشعور به، فهو مكون من الطاقة السحرية الخاصة

في لحظة قطع مئات الأمتار و وصل لباسل الذي دافع بكل ما يملك من قوة، استخدم سيفيه الأثريين من الدرجة الثالثة بتحكم في مرحلة الكمال، و مع ذلك لا زال الأمر بلا فائدة، استخدم سحر التعزيز بجنون و مع ذلك كان هذا بلا فائدة، نفذت خياراته حقا هذه المرة

قاوم السيفين تحت تحكم باسل بجنون و دفعا مع مالكهما لمئات، لا، آلاف الأمتار، حلق باسل في السماء بغير إرادته بينما يعاني، عضلاته تقترب من الانفجار و بدأ يسمع بعض الأصوات من تحطم عظامه

بااااااام

تناثرت الدماء في السماء، كان باسل قادرا على صد الرمح، لكنه لم يكن قادرا على منعه من تسببه له في جراح بالغة، عظام ذراعيه تحطمت، و قبل أن تتحطم العظام انفجرت العضلات، فخرج الدم كالشلال من دون توقف

تحطمت أكثر من ست ضلوع، و تمزق لحمه، هذه الهجمة كانت مروعة للغاية، كلام الأقدم الكبير لم يكن من فراغ، فهذه الهجمة الآن جعلت باسل في الموقف الأضعف نهائيا من دون شك، استخدم الأقدم الكبير بالفعل الكثير من طاقته، التحكم بعنصر الاستدعاء في الوحوش التي استدعاها لكل هذا الوقت لوحده مرهق، لكن التحكم في سحرهم و قدرتهم، هو أمر شاق كثيرا


حتى هو لهث كثيرا بعد هذا الهجوم، فقط عنصر الرياح الخاص به الذي لا زال مرتفعا قليلا، لكن الإجهاد من انخفاض عنصره السحري بسبب استخدامه الجنوني له كان كبيرا

شحب الجميع من المشهد أمامهم عندما تناثرت الدماء الخاصة بباسل في كل مكان، بالكاد يحافظ على وعيه، كل تلك الآلام و لا زال واعيا لأمر مذهل بالفعل، لكنه لم يعد باستطاعته الإبقاء على عاصفة النار الصغيرة لتحمله بالسماء

فعندما كان يدفع للوراء لآلاف الأمتار كان تركيزه بالكامل على صد الرمح، لذا كان يحتاج لأي قطرة يملكها من السحر، جمع كل ما يملك من طاقة و استخدمها لمقاومة تلك الهجمة الخارقة

فتح الكل أفواههم من الصدمة، ما هذه اللعنة التي نزلت عليهم؟ ما كان ذلك الهجوم قبل قليل؟ أذلك ممكن القيام به من طرف البشر؟

الأقدم الكبير فالتشر كان من بين المصدومين أيضا، إن كانت هذه الهجمة ستجعل من ساحر بالمستوى العاشر نصف ميت، فمن المؤكد أنها ستقتل هذا الفتى، لكن هذا الأخير مع ذلك خرج من هذه الهجمة نصف ميت فقط

في هذه الأثناء سقط جسم باسل من السماء، كان وعيه مشتتا، بالكاد يستطيع فتح عينيه، لكنه لو نزل من هذا الارتفاع، فلا شك أنه سيتلقى أضرارا بالغة أخرى

وووووووووووش

مر ضوء أزرق من بين الجميع بسرعة كبيرة جدا، كازيمارو الذي كان يتمتع بقتال الأقدم الكبير لاحظ هذا الشخص، أراد أن يفعل شيئا ما لكن أحجارا مدببة من جميع الجهات وصل عددها للعشرات استهدفته

شاهين حدق في الجهة التي أتت منها الأحجار فلاحظ عندها شخصا ما بدرع ذهبي بندبة على طول جبهته، تغيرت الابتسامة على وجهه لتصبح عبارة عن تعبير قلق، تكلم بعبوس "إمبراطور إمبراطورية الرياح العاتية 'غلاديوس'، لقد وصل ! "

أنمار كانت متوجهة للمنطقة التي سيسقط فيها باسل، كانت نظراتها مرتعبة للغاية، لم يكن بإمكانها سوى الشعور بالقلق على أن يموت باسل، لكنها في الحال نفت هذه الأفكار و وضعت تعبيرا حازما على وجهها، مع يديها المتحطمتين استمرت في الجري، و مع ذلك لاحظت أنها لن تصل في الوقت المناسب


ووووووووش

مر من جانبها ضوء أزرق مكهرب، وقفت متفاجئة في مكانها ثم تمتمت "الجنرال رعد ! ؟"

كانت هوية الضوء الأزرق المكهرب الجنرال رعد، كان شكله هذه المرة راقيا كثيرا، كان سحر البرق يحيط بجسده و يتكهرب، مما عزز قدراته الجسمانية و جعله ينطلق كالبرق

بسرعة كبيرة جدا وصل في الوقت المناسب و أمسك بباسل

حدق في باسل و تكلم "لسوء الحظ، يبدو أن حدسك هذا كان صائبا بعد كل شيء أيها الفتى القرمزي"

تكلم باسل بعدما حدق في صاحب ذلك الصوت "همف، لقد تأخرت أيها الرجل الأشقر"

"مع أنني أتيت بكل ما أملك من سرعة؟" قالها الجنرال رعد و تنهد

أجاب باسل "إن كانت هذه سرعتك القصوى، فأنصحك بالتدرب أكثر على تحسينها"

حملق الجنرال رعد في باسل ثم غير الموضوع بقوله "إذا ما نحن بفاعلين؟"

قبل وصول باسل لساحة المعركة، في طريقه قام باستخدام خاتم التخاطر و تكلم مع الجنرال رعد مخبرا إياه كي يأتي

ظهر تعبير غريب على باسل بينما يتكلم عبر خاتم التخاطر (الإمبراطوران قد وصلا ! ؟)

تعجب باسل، لقد وصله هذا الخبر قبل حوالي شهرين، سمع من الكبير أكاغي بقدومهما، لذا حاول إنهاء هذا الأمر قبل وصولهما، لكن مثل هذا العائق لم يكن متوقعا، و الاستقبال الذي كان ينوي إعداده للإمبراطورين بصفتهم في إمبراطورية الشعلة القرمزية قد ألغي

لكنه عندها ابتسم، و تكلم مع الجنرال رعد (أيها الرجل الأشقر، اجلبهما معك، قلت أنهما قد جلبا معهما بعض المحاربين الأشداء، سيكونون ذوي عون، فلتأتي بسرعة)

بالعودة للحاضر

بعد سؤال الجنرال رعد، حدق باسل الأقدم الكبير ثم عبس، فوجه الجنرال رعد نظره للاتجاه الذي وجهه إليه باسل

في هذه الأثناء

بووم

انفجار من الرياح جعل عشرات الكرات الحجرية تحلق في كل مكان، هرب الجنود منهم بكل ما يستطيعون، الكرة الحجرية الواحدة كانت كبيرة كفاية لتسحق خمسة جنود مرة واحدة

لقد كانت هذه الكرات الحجرية هي الهجمة التي استخدمها الإمبراطور غلاديوس سابقا ضد كازيمارو، هذا الأخير كان ينوي اللحاق بالجنرال رعد، لكنه في هذا الموقف السيء أسرع بالدفاع عن نفسه بكل ما يملك منتجا إعصارا جعل كل الكرات التي توجهت نحوه تحلق في كل مكان

ظهر كازيمارو من بين الغبار و صرخ "أيها الوغد، ستموت"


تكلم شاهين "احذر، ذلك الوغد، لقد وصل للقسم النهائي من المستوى السابع"

حملق كازيمارو به و قال "ها؟ هل تظن أنني لم ألاحظ؟ لقد لاحظت و مع ذلك سأسحقه"

اندفع كازيمارو بسرعة كبيرة متجها نحو الإمبراطور غلاديوس، لكن هذا الأخير لم يتحرك، و بدل ذلك ظهر من خلفه ظلين

وووووش زززززن

تلاقى سيفان بسيف، فنتجت موجة كبيرة جعلت الكثير من الجنود الضعفاء يطيرون بعيدا، حدق كازيمارو في مالكيْ السيفين اللذين قاما بإيقاف سيفه، فوجد شخصين بدرع فضي

"جنرالان؟" تفاجأ كازيمارو

تفاجأ الجميع كذلك، في جهة باسل، هذا الأخير تحدث "إذا المحاربين الأقوياء قد عنيت بهم الجنرالات، هذا جيد، و الآن اسمع قبل أن يتحرك ذلك الوغد"

استمع الجنرال رعد لم قاله باسل ثم أطلق صوتا غريبا "هاا؟ حسنا إنهم يملكون معهم ساحر علاج، لكن هذا..."

"إذن أسرع" قالها باسل مع نظرة جدية

أغمض الجنرال رعد عينيه ثم فعل تنهد، قال "لا تلومني إن لم يسر الأمر على خير"

انطلق الجنرال رعد بكل سرعته في اتجاه واحد بعد أن بدى كما لو أنه قد قرر وجهته

و في لحظة وصل لوجهته، وقف الجنرال رعد أمام شي يو و تكلم "هل انتهيتِ؟"

أجابت شي يو "لقد أنقذت حياتهم على الأقل"

تكلم باسل "حسنا هذا يكفي، فلتتبعيني"

تركت شي يو القادة الثلاث الذين كانت تعالجهم في رعاية تورتش و البقية كما فعلت مع الفتاتين الصغيرتين و لحقت بالجنرال رعد


كان الأقدم الكبير يقف في السماء بينما يلهث، و عندما رتب دورته التنفسية حدق في الساحة محللا الوضع، شاهد باسل المنقول من طرف الجنرال رعد فعبس و بدأ يشحذ طاقته السحرية

ووش ووش ووش

انطلقت عشرات الشفرات المكونة من الرياح مستهدفة الجنرال رعد، فظهر الكبير أكاغي و الجنرال منصف، و أيضا شفرة الجليد كين نبيل، يين يينغ، مارون زونغ، و كورو هيسي، هؤلاء الأربعة كانوا يأخذون استراحة، لكنهم قد أتوا مع الجنرال رعد الذي التقى بهم في طريقه إلى هنا. استخدموا أنفسهم كدرع من أجل حماية الجنرال رعد الذي يحمل باسل، عبس الأقدم الكبير و أراد أن يتبع الجنرال رعد، لكنه فوجئ بنفسه يقف في وسط بركان بينما نصف جسده قد غرق بالفعل، فزع للحظات ثم عرف أنه وهم، لذا ركز و هرب منه، و بمجرد ما أن فعل حتى هوجم بهجمات مختلفة من جميع الاتجاهات

ظهرت أنمار بجانب الجنرال رعد و حدقت في باسل قليلا بنظرة متألمة ثم تكلمت "باسل، ما الذي تنوي فعله؟"

حدق باسل مرة أخرى في إصابتها و عبس، ضاقت عينيه، لقد أقسم على قتل ذلك الوغد، لكنه لم يملك القوى الكافية لذلك، نظر لحالة ذراعيه ثم قال "لا شيء، سآخذ مغامرة خطيرة قليلا فقط" ابتسم ثم ترك أنمار تفكر بالأمر

بعد الجري لمدة، وصل الجنرال رعد لوجهته فتوقف أخيرا، تكلم مع الشخص الذي أمامه "أيها الإمبراطور شيرو، أين ساحر العلاج الخاص بكم؟"

حملق الإمبراطور شيرو بالجنرال رعد، ثم في الشخص الذي يحمله، فإذا به يجد فتى لم يصل للخامسة عشر بعد و في مثل هذه الحالة المزرية، ما الذي يمكن أن يحدث حتى يكون فتى في مثل عمره بهذه الإصابات المروعة

تكلم الجنرال رعد "أسرع من فضلك"

استيقظ الإمبراطور شيرو من أحلامه ثم قال "آه، إنه أفضل ساحر علاج في إمبراطوريتي، إنه ساحر بالمستوى السادس بالقسم الأخير، هيل، أسرع إلى هنا"

ابتسم باسل و قال "إذا هذا جيد"

أتى هذا الشخص هيل، فجعل أنمار و باسل متجمدين في الصدمة، ساحر علاج في المستوى السادس، و يتصرف بتوتر فائق

"أ-أنا هنا يا سيدي" تكلم هيل مخاطبا الإمبراطور شيرو

لم يقدر باسل و أنمار أن يتحكما في أنفسهما حتى خرجت الضحكة بالرغم عنهما، نظرا لـشي يو ثم لـهيل، هذا الأخير يبدو كما لو أنه النسخة الذكرية من شي يو، هذا الأمر كان مضحكا حقا في وسط هذه الأزمة

لم يفهم الجنرال رعد و الآخرون ما يحدث، تحدث باسل "أعتذر أعتذر، أيها الرجل الأشقر، فلتنزلني"

أكمل باسل بعدما استلقى على الأرض "أنمار، فلتخرجي قنينتي من إكسير العلاج و اشربيني إياهما، و اعطي قنينة من إكسير التعزيز لـهيل"


عبست أنمار ثم فهمت ما يحاول باسل فعله "ليس كما لو أنك لا تعلم ما الذي سيحدث لك بعد هذا ! لما ستخاطر هكذا؟"

تنهد باسل و قال "هل تحتاجين لطرح هذا السؤال؟"

حدقت أنمار به و قامت بما أخبرها به، شاهد الإمبراطور شيرو هذه القنينات فأحس بتلك الطاقة المركزة بغرابة بتلك المحاليل، اقترب من هيل و شاهد ذلك المحلول بكل اهتمام، عندها شاهد أنمار تقوم برفع رأس باسل قليلا كما لو أنها تحاول أن تجعله يشرب تلك المحاليل

تكلم باسل "هيل، اشرب ذلك المحلول"

استغرب هيل و الإمبراطور شيرو، حاول هذا الأخير طرح سؤال ما، لكن الجنرال رعد تدخل "أسرعوا من فضلكم، نحن لا نملك الوقت الكافي"

حدق هيل بالقنينة، و بكل توتر قام بشربها

بوووم

انفجرت طاقته و هالته، حدق الإمبراطور شيرو بـهيل بتعجب كبير، ثم قال جملة خرجت من فمه بكل صعوبة "لقد اخترق المستوى السابع !!! "

لم يكد يصدق الإمبراطور شيرو ما حدث، أما هيل، فبقي يحدق بيديه و شعر بنشوة لا تصدق

تكلم الإمبراطور شيرو "ما..."

لكنه بعد أن حاول الاستفسار تكلم باسل "عندما أشرب هذين المحلولين، ستقوم أنت و شي يو بعلاجي بكل ما تملكون من قوة، سأريد منكم التركيز على علاجي كما لو أن حياتكم على المحك"

استغرب هيل، لقد وصل للقسم النهائي من المستوى السابع، حتى الإمبراطور شيرو تجمد في مكانه و كاد لا يصدق أن ذلك الشخص هو هيل الذي يعرفه

تكلم باسل "أيها الرجل الأشقر، فلتأخذ هذه و أعطها للإمبراطور غلاديوس" التف بعد أن أعطى الجنرال رعد المطرقة الضخمة التي قد سبق و استخدمها الأمير الثاني، ثم قال "حسنا" أماء رأسه لأنمار التي همت لتشربه الإكسيرين، لكن بسبب ذراعيها المكسورتين، قام الجنرال رعد بأخذ هذا الدور عنها

لكن، تكلم الجنرال رعد قبل أن يشرب باسل الإكسيرين و بعد أن حدق في المطرقة التي حملها "ما الذي ستفعله؟"

أجاب باسل "لا شيء قد يسمى بالكبير، أنا فقط لا أخطط التعرض للضرب من دون الرد، فهذا ليس من شيمي"


شرب شرب

"آآآآه" صرخ فجأة باسل متألما بشدة كبيرة بينما أنمار تحدق به بنظرات القلق، ليش هناك شخص عاقل يعرف ماهية الإكسيرات و سيشرب إكسيرا علاج بنفس الوقت، فبحر الروح نفسه سيبدأ بالتمزق

صرخ باسل من دون توقف، تجمد الجميع فصرخت أنمار "أسرعا أنتما الاثنين و ابدآ في معالجته"

بتصرفاتهما المتوترة اقترب الاثنان من باسل و شحذا طاقتهما السحرية لأوجها ثم أطلقاها نحو باسل بادئين في علاجه

بدأت عظامه تلتصق ببعضها مما سبب آلاما لا توصف، فقط آلام بحر روحه كافية لتجعله يطلب الموت، مع أنه يصرخ إلى أنه بقي صبورا، التأمت عظامه و جراحه بسرعة ملحوظة بينما يهتز جسده بالكامل من الآلام، كما لو أنه سينفجر من الداخل

حدق الجنرال رعد و الإمبراطور شيرو في هذا المنظر المروع، من منظر باسل الذي كان يبدو بخير حتى بتلك الإصابات البالغة سابقا لكنه الآن يصرخ بجنون، كان بإمكانهما الجزم بشدة الألم الذي يشعر به الآن

قام هيل و شي يو بشد عزيمتهما و ركزا أكثر على العلاج على الرغم من أنهما عندما بدآ بمعالجته قد ازدادت معاناته فقط

ثم بعدها أسرع الجنرال رعد و اتجه نحو الإمبراطور غلاديوس

في تلك الأثناء

استهدف ظل ما مجموعة تورتش، هذا الأخير أسرع في إطلاق هجوم نار مستهدفا الظل و أمر الجميع بالتراجع، تكلم تورتش "يبدو أنك قد أنقذت مؤخرتك أيها الوغد"

"همف" استهجن شاهين و تكلم "ستكون مؤخرتك التي ستركل هذه المرة، و بشدة"

تكلم تورتش "سنرى بشأن هذا، فمما أرى، يبدو أن آثار قمع السحر الخاص بأصفاد السحر لا زال مؤثرا بمؤخرتك"

عبس شاهين و قال "إنني أفضل حالا من مؤخرتك المرهقة"

بوووم

اندلع قتال بينهما أيضا


في جهة الإمبراطور غلاديوس، تحدث أحد جنراليه "سيدي، هذا الوغد في قمة المستوى السابع"

عبس الإمبراطور غلاديوس و حدق في سيف كازيمارو، تكلم بداخله "مع ذلك، تبدو قوته أكبر مما يملك، ما الذي يحدث؟ أظن أن السبب هو ذلك السيف الغريب الذي يملكه"

ووووووش

ظهر الجنرال رعد بسرعة بجانب الإمبراطور غلاديوس الذي استل هراوته مستعدا، لكنه توقف بعد أن عرف أن الجنرال رعد من أتى

تكلم الجنرال رعد "خذ لك هذه"

رمى له المطرقة الضخمة، فاستغرب الإمبراطور غلاديوس كثيرا، حدق بالمطرقة مطولا، هذه المطرقة كانت خاصة بساحر من المستوى السادس فقط، لكن هناك شيء ما غريب بها، أثارت اهتمامه تلك النقوش و مرر يديه عليها

تكلم الجنرال رعد "استخدمها و ستعرف لما أعطيتها لك"

شحذ الإمبراطور غلاديوس طاقته السحرية فتفاجأ بطاقته تتضخم لأضعاف، توهجت النقوش بشدة حتى أنها جعلته يصدم

و في جهة الكبير أكاغي و الآخرين، كانوا يمرون بوقت عصيب، تكلم الأقدم الكبير من السماء "حثالة مثلكم يجتمعون علي، إن أضفت الحثالة على الحثالة، فستبقى مجرد حثالة"

شحذ طاقته السحرية و لوح بسيفه عشرات المرات مرة واحدة صانعا عدة أعاصير قاطعة استهدفت مجموعة الكبير أكاغي

و في هذه الأثناء

بدأت تظهر علامات تحسن على جسد باسل

استمر العلاج لمدة أطول، و مع مرور الوقت، العظام التي كانت متحطمة تماما التأمت من جديد كما لو أنها لم تصب أصلا، رجع لحمه لما كان عليه من دون أن يخلف العلاج وراءه أي أثر للجراح العميقة

لكن، مع أن جسده قد شوفي تماما إلى أنه لا يزال يتقطع متألما بسبب عدم استقرار بحر روحه، من تجرأ و شرب إكسيري علاج مرة واحدة، غالبا ما سيتعرض لآثار جانبية تتمثل في عدم استقرار بحر روحه لمدة طويلة قد تصل لشهور، و يصطحب عدم الاستقرار هذا معه آلاما فظيعة تجعل الشخص يطلب الموت على تحملها، و بالطبع بما أن بحر الروح يكون غير مستقر، فكذلك تكون حالة سحره

لذا شرب باسل لإكسيري علاج مرة واحدة كان شيئا في غاية الجنون

اتخذ باسل وضعة القرفصاء و جلس ثم دخل في حالة الصفاء الذهني و الروحي، يجب عليه تهدئة بحر روحه إن أراد أن يقاتل كيف يشاء، غير هذا، لن يكون بإمكانه حتى استخدام السحر بشكل لائق

حدق الإمبراطور شيرو و البقية في هذا الفتى بغرابة، أما أنمار فجلست بجانب باسل بينما تحدق بوجهه من دون أن ترمش للحظة، كانت تراقب أبسط التعبيرات التي تظهر عليه


أما باسل، فانتقل بوعيه لداخل بحر الروح، هذا الأخير الذي كان دائما هادئا، لم يكن كذالك هذه المرة، عنصري السحر كانا مضربان كثيرا، الأربعة عشر كرة من كل عنصر بدأت تفقد شكلها، كما لو أنها تتشكل في شكل سحابة

هذه السحابة التي كانت تتشكل تكهربت و انتقل هذا التكهرب نحو نقاط الأصل بالجسم الأبيض الذي يتخذ شكل باسل، المسار الذي يربط نقط الأصل ببعضها كان يتقطع و يتصل مرة تلو الأخرى، مما يوضح عدم استقراره

و أخيرا، الفضاء الأزرق اللانهائي ظهرت عليه تشققات من كل مكان، و اهتز بشدة كبيرة، كما لو أن هناك عدة زلازل تحدث مرة واحدة، بدا كما لو أنه غاضب، غاضب من عدم الاعتناء به و جعله يمر بمثل هذه المعاناة

جلس باسل فقط و حدق في الجسم الأبيض الذي يتخذ شكل جسمه، أولا، عليه إصلاح المسار المتضرر، ثانيا، عليه تهدئة الكرات الأربعة عشر من كل جهة، أي تهدئة العنصرين، ثالثا، عليه استخدام العنصرين في إصلاح تشققات بحر الروح و تصفيته من الطاقة الشائبة

ما جعل بحر الروح يتزلزل هكذا كانت الطاقة التي غمرته فجأة، هذا الطاقة هي الخاصة بالإكسيرين، فحتى لو كانت الإكسيرات تصنع من مسحوق الأصل المصنوع من أحجار الأصل و التي لها طاقة تشبه الخاصة ببحر الروح، فهذا يسمح للساحر أن يزود بحر روحه بطاقة محدودة من الإكسيرات، إن فات الحدود، فحتى لو كانت طاقة الإكسيرات تشبه طاقة بحر الروح، فهذا الأخير سيبدأ برفضها، لأنها في النهاية تبقى تشبه طاقته فقط و ليست نفسها، مما يُوجِد حدودا لما يمكن للساحر أخذه من الإكسيرات

ركز باسل على الجسم الأبيض، هذا الأخير كان في الحقيقة جسم باسل، هذا الأخير يجد كل ما يتعلق به في بحر الروح عندما يدخل إليه بوعيه، و بالطبع جسده أيضا يكون هناك

لذا يكون بإمكانه التحكم في الجسم الأبيض بالتركيز عليه فقط، و عندما فعل هذا هذه المرة، ضاقت عينيه بشدة، و بدأ يصلح المسار المتضرر، إنه الآن يقوم بعملية تطابق المرحلة الثالثة من حالة الصفاء الذهني و الروحي، مرحلة 'العقل و نقط الأصل'


في هذه المرحلة يقوم المتدرب بإيصال نقط الأصل أولا بعقله، ثم يقوم بإيصال نقط الأصل ببعضها. هذه المرة لن يوصل نقط الأصل ببعضها، لكنه سيصلح المسار الذي يربطها

و القيام بهذا أصعب بكثير من إيصال نقط الأصل ببعضها، فسيكون عليه إزالة الطاقة الشائبة من المسار و إزالة الاضرابات ثم إصلاح التشققات لإيصال نقط الأصل ببعضها البعض بشكل جيد كما كانت في الأول

ركز باسل على المسار و بدأ في التنقية، هذا الأمر كان صعبا، فطاقة الإكسيرات الزائدة قد تحولت لطاقة شائبة و مرت بالمسار، لذا الآن قد شرع في تنقيتها، خطأ بسيط و يجعل هذه الطاقة الشائبة تهيج مما قد يسبب في تدمير المسار نهائيا، لذا كان عليه التركيز بشكل كلي و القيام بالعملية بحذر شديد، و كل هذا يجب عليه القيام به أثناء معاناته من الآلام التي يسببها بحر روحه

بعد مدة قصيرة بدأ المسار يخلو من التكهرب، لكن هذا الأمر لم يكن سهلا حقا، أحس باسل كما لو أنه يواجه خطر الموت في كل مرة يحاول بها إصلاح و إزالة الشوائب، خطأ واحد و يدمر المسار تماما

لكنه مع ذلك، في حالته المزرية، استطاع النجاح بهذا، و الآن وصل لمرحلة إزالة الاضطرابات، بعد إزالة الطاقة الشائبة، تبقى الاضرابات التي سببتها، و الآن كل ما عليه فعله هو جعل الطاقة النقية تجد طريقها عبر إزالة الاضطراب من المسار

كانت الطاقة النقية تتداخل مع بعضها و تضرب بجوانب المسار من دون الاتجاه في مسار محدد، لذا الآن بدأ باسل في التحكم بطاقته السحرية من أجل جعلها موحدة لتتخذ كلها طريقا و مسار واحدا

التضارب بدأ يقل مع الوقت، هذا الأمر يثبت قدرة الشخص في التحكم بطاقته السحرية، لو أنه قد امتلك تحكما سيئا في الطاقة السحرية، انسى أمر الطاقة النقية، لأنه لن يتجاوز حتى مرحلة إزالة الطاقة الشائبة و سيرتكب خطأ فادحا مدمرا بذلك مسار نقط الأصل


تحكم باسل في السحر كان جيدا للغاية، فشخص مثله قد وصل للكمال في التحكم بالأسلحة الأثرية، شيء مثل التحكم في طاقته السحرية كان أمرا في غاية السهولة بالنسبة له

و الآن وصل لمرحلة إصلاح التشققات، أزال الطاقة الشائبة، و جعل الطاقة النقية تتخذ مسارا موحدا، مما يُبقِي له عملا واحدا، إصلاح تشققات المسار من أجل تحصينه، فتعرضه لطاقة شائبة من كلا العنصرين و لطاقة نقية مضطربة قد جعله يتضرر كثيرا

هذه المرحلة لم تكن بتلك الصعوبة، لأن كل ما كان على باسل فعله هو تمديد المسار بالطاقة النقية قصد الإصلاح، لكن جودة الإصلاح تعتمد على المتدرب، فهنا يلعب التحكم الدور الرئيسي أيضا

و أخيرا، انتهى باسل من جعل نقط الأصل تتصل جيدا كما كانت قبلا، و الآن، مع احتفاظه بتركيزه على تحصين المسار، يجب عليه تهدئة العنصرين

لحسن الحظ، باسل قد مر من مثل هذه المرحلة سابقا، عندما توغلت الطاقة الخارجية لجسده، كانت عبارة عن سحابة من الطاقة الهائجة قبل أن يوصلها بنقط الأصل، ساحر آخر لن يمر بها إلا عند اكتسابه عنصر الثاني، لذا فقد كانت له أفضلية هنا نوعا ما، حتى أن تجربته مع تلك السحابة في الحقيقة هي أصعب من التجربة التي سيخوضها الساحر أثناء اكتسابه العنصر الثاني، لأن الساحر الطبيعي يكون قد اكتسب التحكم في الطاقة الخارجية و امتص هذه الأخيرة بنفسه، أما باسل، فكان عليه التعامل معها من دون اكتساب القدرة على التحكم بها لأنها قد دخلت لجسده وصولا لبحر روحه من دون إرادته

بسرعة قام باسل بتهدئة عنصر النار بما أنه العنصر الأساسي، و في الحال انتقل لعنصر التعزيز، عند إنهاءه هذه المرحلة، انتقل للمرحلة الأخيرة و التي قد سبق و مر بها أيضا

فعند توغل سحابة الطاقة الخارجية سابقا لجسده عنوة، تسبب هذا له في جعل بحر الروح يتصدع و يهتز، مع أنه لم يكن بمثل هذه الشدة كالآن، لكن يبقى أمر مروره بها و تجربته إياها مع أنها كانت بشدة أقل أمرا جيدا


شدة تصدع بحر الروح كبيرة عن المرة السابقة، لكن في المقابل، قوة باسل كبيرة بكثير عما كانت عليه عندها

الآن، تحكم في عنصريه الاثنين و وجه طاقته السحرية نحو التشققات التي ظهرت في بحر الروح، أصلحها كلها واحدة تلو الأخرى، هذا الأمر قد استنزف منه طاقة سحرية وفيرة، لكنه لا يملك خيارا آخر، أصلح جميع التشققات

لكن، تزلزل بحر الروح لم يتوقف حتى الآن، آلامه لم تتوقف حتى الآن، فكر باسل بهذا لمدة طويلة بتركيز كبير. في الخارج، كانت أنمار تحمل نظرات قلق على تعبيرات باسل

كان من الظاهر أن باسل يعاني كثيرا، لم يسع أنمار سوى أن تشعر بالقلق أكثر و أكثر كلما مر الوقت، أثناء انتظاره، تغيرت تعبيراته من الجيد للأسوء، ثم من الأسوء للجيد، تقلبت طاقته السحرية بجنون، لكن كل ما كان بإمكانها فعله هو إمساك يده بإحكام عبر لف يديها المكسورتين حولها و الدعوة له بالأفضل

حدق الإمبراطور شيرو طويلا في باسل، و الآن ما يفكر به ليس معاناة و حالة باسل السيئة، و إنما طاقة هذا الفتى الصغير المرعبة، مثل هذا الوحش موجود حقا، لقد شاهد قوة الأقدم الكبير، و بالطبع عرف أنها تفوق المستوى السابع بكثير، فحتى كل أولئك الأشخاص الأقوياء من المستوى الخامس و السادس و السابع لا يزالون غير قادرين على مواجهته أبدا

مع قوة باسل الكبيرة في مثل هذا العمر، و قوة الأقدم الكبير المخيفة، فهم أخيرا أن المستوى السابع الذي كان يعتقد أنه أعلى مستوى في الوجود، هو في الحقيقة مجرد مستوى وسط مستويات أعلى و أقل

لقد مرت مدة طويلة حتى الآن، و حالة باسل لم تتغير طوال هذه المدة، طاقته و هالته توقفت عن التغير و ثبتت، تعبيراته لا زالت سيئة، لا زال يتألم بشكل كبير


و بعدها بقليل، اختفت تعبيرات الألم تماما و أصبحت طاقة باسل هادئة بشكل مخيف، ظهرت تعبيرات الفرح على وجه أنمار و تلهفت لرؤية باسل يفتح عينيه، و الآن، إنها تنتظره بفارغ الصبر، و مع ذلك، لا زال باسل لم يخرج

داخل بحر الروح، ابتسم باسل و قال "يبدو أن المعلم قد أخفى عني مثل هذا الأمر المهم، لا، أظن أن حتى المعلم نفسه لم يتوقع أن مثل هذا الأمر سيحدث لي، لهذا لم يخبرني، حتى لو أخبرني لم أكن سأفهم على أي حال، من كان يعلم أن لبحر الروح في الحقيقة إرادة؟"

"لكن..." استغرب باسل، حدق في الجسم الأبيض، و رأى أن هناك قطعة أرضية صغيرة قد ظهرت تحت قدميه، قطعة أرضية مكونة من التراب فقط، كانت صغيرة لدرجة أنها كانت كافية فقط للقدمين

"لما ظهرت مثل هذه القطعة الأرضية في بحر روحي؟" تساءل باسل

لم يفهم باسل كيف لقطعة أرضية أن تظهر في بحر روحه، ما يعرفه أن بحر الروح خاص بالطاقة فقط لا غير. ركز على الجسم الأبيض ثم تحسس هذه القطعة الأرضية عبره

و إذا به يحس بطاقة نقية جدا تأتي من تلك القطعة الأرضية، نقية لدرجة تجعل فيها الطاقة السحرية النقية تظهر كطاقة شائبة مقارنة بها

حاول التحكم بهذه الطاقة و جعلها تحت سيطرته، لكنها قاومته و صدت نيته مما جعل وعيه يتشتت و يفتح عينيه ليجد أنمارا تحدق به عن قرب شديد

حدق في عينيها الزرقاوين ثم خفق قلبه قليلا، وجه أنمار كان قريبا، لدرجة أن نفسها كان يسمع بأذنيه، حتى أن شفتيها كادت تتلاقى بشفتيه

قفزت أنمار من الفرحة و انقضت على باسل معانقة إياه، غمرته رائحتها العطرة، و بما أن يديها مكسرتان لم يكن بإمكانها إيقاف نفسها حتى لمس صدرها صدره مما جعله يخجل من هذا الوضع و يخفق قلبه أكثر، لقد كان دائما يأخذ مسافة عنها لعدة أسباب، و أحدها كان تشبثها به كلما رأته، بسبب أنه قد وقع في حبها سابقا عندما صغيرا، هذا الأمر كان صعبا قليلا عليه ليتحمله

وقف بعدما أزاح عنه أنمار ثم تكلم "شي يو، هيل، شكرا لكما، لقد كنتما ذوا نفع حقا" التف ناحية الإمبراطور شيرو و حدق به مطولا، في البداية باسل كان يهدف لجعل هذا العالم كله قوة واحدة، و من أجل هذا خطط لكسب سلطة كافية في إمبراطورية النضير الوهاج، و عندما ينجح في ذلك، سوف يقوم بجعل الإمبراطوريتين الأخريين تخضعان له، فكر باسل لوقت طويل و كان هذا هو الخيار الوحيد الذي كان يمكنه تحقيق 'اتحاد العالم' كله بشكل أسرع

لكن، بشكل غير متوقع، ظهر عدو من حيث لا يدري، في هذا الوقت، بدأ باسل بالفعل يفكر في خطة بديلة، قد لا يكون من الضروري قتال الإمبراطوريتين من أجل كسب ولائهما، أو على الأقل كسب مساعدتهما الكاملة


بووم بووم بووم

انفجرت عدة أعاصير مرة واحدة جاعلة الكبير أكاغي و من كان يقاتل معه ضد الأقدم الكبير يحلقون لمئات الأمتار بينما الدماء تسيل منهم بغزارة

عبس باسل عندما شاهد هذا المنظر ثم أسرع و تحدث "أنمار، اشربي إكسير العلاج بسرعة، شي يو، هيل، قوما بعلاج أنمار، أنت يا شي يو متعبة بالفعل، لذا إن كنت لا تقدرين فاتركي الأمر لـهيل ليتعامل معه"

تحرك الاثنان في الحال، بالرغم من أن شي يو متعبة جدا، حتى أن مفعول إكسير التعزيز الذي شربته قد انتهى، فلا زالت تريد القيام بأمر مفيد

تكلمت أنمار بنبرة مشوشة "ما الذي تنوي فعله؟"

التف باسل و حدق بها مطولا، أجاب بعد أن حدق في الأقدم الكبير و عبس "لقد أخذت قبل قليل مخاطرة صعبة و نجوت، لكن كما تعلمين هذا هو ما عشت عليه منذ نعومة أظافري، و المغامرة كانت أفضل شيء بالنسبة لي في حياتي اليومية المملة" أخرج باسل قنينة إكسير تعزيز مما جعل أنمار تشحب و تتكلم بسرعة "لا تقل لي... لا تفعل، لقد منعك المعلم من القيام بهذا، إن قمت بهذا فسوف..."

توقفت أنمار بعد أن شاهدت ابتسامة باسل، هذا الأخير تكلم "ليس كما لو أننا نملك خيارا آخر على أي حال، و أيضا المعلم لم يمنعني من استخدامه، و إنما أخبرني بالحرص على عدم استخدامه قدر المستطاع"

"لكن..." قالتها أنمار و تحسرت

لم يكن بإمكانها إيقاف باسل من القيام بهذا الأمر، فبعد كل شيء، حتى عندما لاحقته طوال حياتها، لم يكن بإمكانها و لو لمرة واحدة إيقافه عن أخذ مغامرة يريدها، أو عن ملاحقة شيء ما كسب اهتمامه، لم يكن باستطاعتها يوما منع فضوله


و مع تحريك باسل لذراعه اليمنى التي تحمل إكسير التعزيز، خفق قلب أنمار بشدة، مرت هذه اللحظات عليها ببطء شديد، حتى وصلت القنينة لفم باسل و شربها

بووووووووووووم

انفجرت هالة باسل، و ارتفعت طاقته السحرية الخاصة بعنصر النار بجنون، و في الحال ارتقى عنصر النار من القسم النهائي من المستوى السادس للقسم النهائي من المستوى السابع

و بمجرد حدوث هذا الأمر، حتى أحس باسل بذلك الأمر، بارتفاع عنصر النار و الذي هو العنصر الأساسي في المستوى، ضعُف الختم مما كان عليه، و هذه المرة ضعف كثيرا لدرجة أنه كاد أن يتكسر

ثم فورا، صرخ باسل بشدة و بغرابة سعل الدم و عضلاته التي شفيت قبلا قد نزفت، لكن هذه المرة لم يقتصر نزيفه على ذراعيه فقط، و إنما نزف من كل مكان، و أثناء تعذُبِه هذا، ارتفعت طاقة عنصر التعزيز بجنون

ارتفعت هذه الطاقة حتى جعلت كل من يوجد في الساحة يلتف و يرى من أين تأتي كل هذه الطاقة المرعبة التي ضغطت عليهم و جعلتهم يتوقفون عن أيٍّ كانوا يقومون به

سواء أعداء أم حلفاء كانوا، لم يسعهم سوى مشاهدة هذا المنظر المرعب من بعيد و التحسر في أماكنهم، لم يفهم أي أحد ما الذي يحدث بالضبط

كيف يمكن لطاقته هذه أن ترتفع هكذا؟ حتى لو شرب شخص ما إكسير التعزيز لن يكون قادرا على اكتساب مثل هذه الطاقة المخيفة

حدق الأقدم الكبير في باسل بعدما أزاح عن طريقه الكبير أكاغي و معاونيه الذين لم يعودوا يقتصرون فقط على الجنرال منصف و كين نبيل و البقية، و إنما حتى الجنود الموجودين الذين تغلبوا على خوفهم و ساعدوا قادتهم

عندها شاهد الأقدم الكبير فالتشر قوة باسل ترتفع من دون توقف، تكلم من دون أن يشعر "القسم الأولي، و لا زالت ترتفع" تغيرت نظرته كثيرا و ارتعب مما يحدث "القسم النهائي من المستوى التاسع؟"

صُدِم تماما، قبل مدة فقط كان ذلك الشقي على وشك الموت، مع أنه شرب إكسير العلاج و تم علاجه من قبل السحرة، إلا أن أمر تماثله للشفاء بالكامل كان كافيا ليجعل الأقدم الكبير يعض على شفتيه، لكن ارتفاع طاقته السحرية لهذا المدى أمر غير قابل للتصديق

لكن في هذه الأثناء التي كان الكل حينها مصدوما من قوة باسل، هذا الأخير كان يعاني بشدة، فبعد أن ضعُف الختم بسبب ارتفاع عنصر النار في المستوى، تسبب له هذا في توغل قدر أكبر من الطاقة الخارجية بشكل مفاجئ

في يوم من الأيام، واجه باسل الأسد الأحمر ذو الرأسين و الذي يعتبر وحشا سحريا من المستوى الثالث بينما كان هو حينها في المستوى الثاني، عندها كان عنصريه الاثنين في نفس المستوى، لكنه اضطر خلال قتاله أن يشرب إكسير التعزيز، و عندما فعل، تسبب له هذا في تعرض جسمه لصدمة كبيرة من الطاقة الخارجية و التي لا زال جسده لم يتطور ليكون قادرا على تحملها

عندها تدخل المعلم و أنقده، ثم أخبره بتجنب استخدام إكسير التعزيز قدر المستطاع و شرح له السبب. درب المعلم جسد باسل من أجل تحمل موجة الطاقة الخارجية الأولى عندما سيكتسب باسل سحره، و عندها سيتطور جسده مع تقدمه في المستويات، مما سيتيح له القدرة على تحمل موجات الطاقة الخارجية التي ستتضخم مع ارتفاع المستويات كذلك

لكنه عندما شرب إكسير التعزيز، جعل عنصر النار يرتفع في لحظة و تسبب في إضعاف الختم أكثر و توغل الطاقة الخارجية بشكل مفاجئ عبر جسده الذي لم يتطور بعد ليتحمل كل تلك الطاقة، و هذا كان كافيا ليجعل باسل طريح الفراش لأيام ليُشفى، و لم يستخدم سحر التعزيز حتى درب جسده ليتحمل موجة الطاقة الخارجية التي ستتوغل لجسده عندما يفرغ عنصر التعزيز من الطاقة باستخدامه

و الآن، بما أنه قد عالج جسده قبل قليل فقط، فلا يمكن لجسده استقبال المزيد من الطاقة الخاصة بسحرة آخرين و لن يكون بإمكانه شرب إكسير العلاج أيضا، مما يعني أنه سيضطر لترك جسده يتعالج من تلقاء نفسه و تحمل كل تلك الآلام لأيام قبل أن يكون مستعدا للحصول على علاج من طرف سحرة مرة أخرى

قلقت أنمار بشدة، تلك المرة لم يضعُف الختم كثيرا و لم يؤثر بشكل كبير على بحر روحه، لكن هذه المرة لا يمكن أن تكون كالسابقة، ففي كل مستوى ارتفع به باسل، ضعُف الختم بشكل أكبر، و الآن عندما ارتفع للمستوى السابع، فقد اقترب الختم من التكسر، مما يعني أنه يكاد يترك الطاقة الخارجية تدخل لبحر روح باسل من دون توقف، و إن استمر هذا الأمر، سيتحطم بحر روح باسل في النهاية


استمرت طاقة عنصر التعزيز في الارتفاع أكثر، شحُب الأقدم الكبير و تكلم "القسم المتوسط من المستوى العاشر؟"

أما باسل، كانت حالته قاسية للغاية، موجة الطاقة الخارجية الكبير تسببت في الكثير من الضرر لجسده، و الآن يجب عليه أن يتعامل مع الطاقة الخارجية التي بدأت تجعل بحر روحه يهتز بشدة و يتصدع

في هاته الأثناء، بشكل غير اعتيادي، وسط كل هذه الفوضى، بينما يتقطع بالآلام، دخل باسل لبحر روحه

كبرت الكرات الأربعة عشر الخاصة بعنصر التعزيز كثيرا، حتى أنه بدأ يفقد السيطرة عليهن مما جعلهن يبدأن في فقدان شكلهن و التحول لسحابة من الطاقة الشائبة و الهائجة

استمر باسل في محاولته التحكم بعنصر التعزيز، لكن لسوء الحظ كانت كل تلك الطاقة فوق قدرته، هو في الحقيقة مجرد ساحر بالقسم الأخير من المستوى السادس، و مع موهبته، بإمكانه التحكم في الطاقة السحرية بشكل جيد جدا، حتى أنه كان قادرا على التحكم في عنصر التعزيز الذي يفوق مستواه الأصلي بمستوى أو أكثر، لكن طاقة سحرية من المستوى العاشر كثيرة عليه حتى بتحكمه الجيد

كان الأمر أشبه بمحاولته إمساك كرة كبيرة للغاية بيد واحدة، حتى لو كانت قوة قبضته كبيرة جدا، فلن يكون باستطاعته إمساك كرة لا يمكن لأصابعه الالتفاف حولها أو بجزء كاف منها

لكنه ليس في موقف حيث يمكنه الاستسلام بكل سهولة، فإن فعل، ستكون عندها النهاية بالنسبة له، حاول بكل ما امتلك من قوة، لكن لا زال الأمر لم ينفع

عندها تزلزل بحر الروح بشدة كبيرة و إذا بالقطعة الأرضية تحت قدمي الجسم الأبيض تتوهج بضوء ساطع جدا، مر هذا الضوء من نقطتي الأصل بالقدمين و صعد للتين بالركبتين، ثم للتي بالصدر، ثم للاتي باليدين و الكوعين و الكتفين مرة واحدة، و من اللتين بالكتفين للتين بالجبهة و الرقبة، و من التي بالرقبة إلى النقطة الأخيرة أسفل الظهر


توهجت النقط كلها بالضوء الساطع، هذا الأخير توجه عبر نقطة الأصل التي بالجبهة و المتصلة بالعنصرين إلى هذين الأخيرين

توهجت الكرات الأربعة عشر الخاصة بعنصر النار و هدأت كثيرا بعدما كانت مضطربة قليلا بسبب الارتفاع المؤقت في المستوى. بعد ذلك، توقف فقدان شكل الكرات الأربعة عشر الخاصة بعنصر التعزيز و رجعت لشكلها الطبيعي، ثم توهجت كلها و توقفت عن الاضطراب و الازدياد في الضخامة

و في الحقيقة لم يتوقف عنصر التعزيز عن الازدياد في الضخامة، و إنما الطاقة التي يوجهها نحو الجسم الأبيض قد كبُرت، و ما سبَّبَ حدوث هذا، هو قيام القطعة الأرضية بامتصاص الطاقة السحرية من عنصر التعزيز، لكن نقط الأصل لن تتحمل كل هذه الطاقة السحرية مرة واحدة

عندها، مرت الطاقة الفائضة عبر نقط الأصل وصولا للنقطتين اللتين في القدمين و قامت القطعة الأرضية بشفطها كلها مرة واحدة

استمرت الطاقة الخارجية في التوغل، و استمرت القطعة الأرضية في شفط الطاقة الزائدة و التي لا يقدر باسل على التحكم بها. و بما أن طاقة عنصر التعزيز تنقص، فالطاقة الخارجية سوف تستمر في التوغل بما أن هناك مكان يتسع لها

لكن امتصاص القطعة الأرضية للطاقة من عنصر التعزيز كان قويا و كافيا ليتراجع مستوى عنصر التعزيز للمستوى التاسع بالقسم النهائي و يهدأ أخيرا

لكن مع أن طاقة عنصر التعزيز قد هدأت، إلى أن باسل لو استخدمها و فرغت أكثر، فسيتعرض لموجة من الطاقة الخارجية مرة أخرى، لذا إن كان هناك شيء يجب عليه القيام به، فهو الإسراع بكل ما أمكنه

فجسده لن يتحمل طويلا، فبعد كل شيء لا زالت طاقة مرتفعة المستوى تتوغل لجسده باستمرار، لكن القطعة الأرضية تقوم بشفطها من دون توقف، مما جعل عنصر التعزيز يبدو كما لو أنه متوقف في قمة المستوى التاسع

كل ما فعلته القطعة الأرضية كان حماية بحر روحه من هيجان طاقة عنصر التعزيز، أما جسده، فلا زال لم يصل للمستوى المطلوب بعد ليتحمل مثل هذه الطاقة الخارجية، تدرب باسل بجنون مقويا جسده، فعندما انتهى تدريبه الأول، عندما لم يكن يعرف حالته جيدا، ظن أنه لن يكون بحاجة لتدريب جسده بعد ذلك

لكن المعلم قد أخبره أن البنية الجسدية التي تتطور مع المستويات غير كافية، و سيجب عليه الحرص دائما و في كل الأوقات على تقوية بنيته. لكن هذا سيكون واجبا عليه فعله إلى أن يجيد التحكم في الطاقة الخارجية عن طريق الاختراق للقسم الثاني من مستويات الربط، بعد ذلك سيكون قادرا على التحكم في الطاقة التي يريد منها التوغل لجسده كيفما شاء، لكن الأمر لن يكون بهذه السهولة، فهذا الأمر سيكون أصعب بكثير من التحكم في الطاقة الخارجية لامتصاصها كما يفعل السحرة العاديين

فهم باسل شرح معلمه آنذاك، لكن هذا الشرح ترك سؤالا في باله و الذي لم يستطع منع نفسه من طرحه على معلمه، باختراقه للقسم الثاني من مستويات الربط سيكون قادرا على إيقاف الطاقة الخارجية من التوغل لجسده لكي لا تدمر جسده، لكن، من ناحية أخرى، ألا يعني هذا أنه فقط عليه تقوية بنيته الجسدية؟ و كلما أصبحت أقوى كلما كان بإمكانه استخدام قدر أكبر من الطاقة الخارجية، بمعنى أنه سيكون قادرا على ترك قدر كبير جدا من الطاقة الخارجية تتوغل لجسده بشرط أن يكون ذلك الأخير قادرا على تحملها

و الآن، مع أن جسد باسل لا زال يتضرر إلى أنه لم يعد يتضرر كالسابق، لديه وقت محدود يجب عليه استغلاله بشكل جيد، هدأ باسل و تحمل كل تلك الآلام، بتوقف آلام بحر روحه، عندها كل شيء جيد بالنسبة له، إن كان عليه تحمل آلام جسده فقط، فهذا أمر بسيط بالنسبة له، فالتدريبات الشاقة و الآلام التي مر منها لا تختلف كثيرا عن الحالية

ووووش


ظهر الأقدم الكبير بسرعة خاطفة و لوح بسيفه الأثري من الدرجة الرابعة مع جلبه الأعاصير معه و العواصف، التف حول السيف سحر الرياح من المستوى التاسع و تضخم بفعل السيف الأثري ثم صُقِل و أصبح قادرا على قطع سحرة من المستوى السابع بكل سهولة

زبااام

تلاقى سيفه بسيف باسل، هذا الأخير لم يبدو عليه ذرة قلق أو خوف، كل ما فعله هو إمداد أحد سيفيه الأثريين بطاقته و التحكم به لدرجة الكمال ثم إطلاق العنان للمستوى التاسع من عنصر التعزيز

بالتقاء السيفين تموج الهواء المحيط و انطلقت الشرارات في كل مكان، لكن، و بشكل واضح، لم يكن هناك أي شك، حتى أن تعبيرات الأقدم الكبير يمكنها أن تخبرك بالأمر بكل وضوح. سيف باسل تفوق على سيف الأقدم الكبير فأُرسِل هذا الأخير محلقا لمئات الأمتار من حيث أتى

باسل الآن في القسم النهائي من المستوى التاسع، مع سلاح بالدرجة الثالثة بكمال في التحكم، مما يتيح له إمكانية منافسة سلاح أثري من الدرجة الخامسة، أما بالجهة الأخرى، فالأقدم الكبير ساحر بالقسم المتوسط من المستوى التاسع بسيف أثري من الدرجة الرابعة، ليس هناك حاجة للتفكير مرتين، هنا و الآن، باسل هو صاحب اليد العليا

قذف الأقدم الكبير لمئات الأمتار قبل أن يدرك ما يحدث، أراد أن يباغت باسل و يحصد بعض النتائج التي ستمنحه الأفضلية، لكنه لم يتوقع أن ذلك الفتى سيكون متيقظا لما حوله هكذا

"همف" استهجن باسل و تكلم "إرخائي للدفاع في هذه المرحلة سيكون شيئا في أوج الغباء، حرص معلمي على تدريبي على قتل الثغرات في دفاعي مرارا و تكرارا، من أول يوم بدأت فيه تدريبي استمر في نصحي عن عدم إرخاء دفاعي حتى لو أنهيت عدوي"

عبس الأقدم الكبير بشدة، و في نفس الوقت فعل باسل، بمجرد ما أن استخدم عنصر التعزيز حتى توغلت الطاقة الخارجية لجسده مسببة له بعض الأضرار، حدق باسل في الأرجاء و صرخ "أيها الرجل الأشقر، أعتمد عليك في التكفل بذلك الشخص" أماء الجنرال رعد رأسه له، إنه الآن يقاتل كازيمارو بمساعدة الإمبراطور غلاديوس و أتباعه، لا شك في أن لهم اليد العليا هنا


ثم وجه نظره لجهة تورتش و تكلم "يا تورتش، لا أريد أن أرى جثتك" ابتسم تورتش و تكلم بصوت ليس بمرتفع "هاهاها، يا له من أمر سهل تحقيقه"

في طريق باسل إلى هنا من القاعة الرئيسية سابقا، نادى الجنرال رعد ليأتي للمساعدة، و بالطبع أخبره أن يجلب معه رئيس عائلة آو 'لان' و رئيس عائلة كيِرو 'هوانغ' بما أنه كان يحتاج لأي مساعدة يمكنها أن توجد، لكنه علم عندها بقدوم الإمبراطورين فأخبر الجنرال رعد أن يخبر 'آو لان' و 'كيِرو هوانغ' أن يأتيا مع جلبهما لجنود من المستوى الخامس، و يقوم هو الإمبراطورين

بالإسراع بكل ما أمكنهم، فهم لا يمكنهم انتظار وصول الرئيسين لان و هوانغ البعيدين

كان باسل يريدهم أن يساعدوه في مواجهة الأقدم الكبير، و يركز الآخرين على مواجهة كازيمارو شاهين، لكن الأحداث قد تطورت، و بشكل غير متوقع كان بإمكانه التطور لمستوى حيث بإمكانه به مواجهة الأقدم الكبير بمساواة

توقف الأقدم الكبير في السماء و عبس بشدة في باسل ثم صرخ "أيها الصعلوك، سأجعلك حياتك جحيما" في هذه الأثناء بدأ الأقدم الكبير يفكر في قوة باسل الغير مفهومة كليا، كانت منخفضة بالنسبة لساحر بالقسم الثاني من مستويات الربط، ثم ارتفعت بشكل جنوني و غير معقول حتى وصلت للمستوى العاشر، ثم انخفضت مرة أخرى، و الأكثر غرابة هو كمية الطاقة الخارجية التي تدخل لجسمه مرارا و تكرارا من دون توقف

لقد أتى إلى هنا آملا إمساك باسل، لكن هذا الأخير أظهر قوة غير متوقعة، و إبّان هذه الأحداث، مع أنه أتى بأمر إمساكه حيا، بدأ يشعر أنه يجب عليه قتل هذا الوحش الصغير قبل أن ينمو، إن سمع شخص في هذا العالم أن فتى لم يبلغ الخامسة عشر بعد قد دخل للقسم الثاني من مستويات الربط، بل حتى أنه قد وصل لقمة المستوى التاسع، فسيخرج من فمه استهزاء و ضحك فقط على الذي أخبره بهذا الكلام

باسل الذي لا يملك وقتا ليضيعه انطلق متوجها نحو الأقدم الكبير مستخدما عنصر التعزيز بينما يتحمل آلام توغل الطاقة الخارجية مرارا و تكرارا، و في لحظة كان قد قطع مئات الأمتار و اقترب من الأقدم الكبير

بوووم

انفجرت عاصفة تحت قدمي باسل و أرسلته مندفعا بالسماء متوجها بسرعة كبيرة جدا نحو الأقدم الكبير الذي صفق بيده و صرخ "وحشي الفتخاء"

تحرك وحشي الفتخاء و ركبا السماء نفسها ثم حركوا أجنحتهم التي جلبت معها العواصف و الأعاصير المدمرة، هذه الأخيرة قامت بمحو الأعداء في طريقها نحو باسل


باسل الذي كان متوجها نحو الأقدم الكبير لم يلقي بالا لوحشي الفتخاء و استمر فقط في الاندفاع عبر زيادة قوة العاصفة النارية أكثر و أكثر، استخدم عنصر التعزيز و عزز سحر النار و تحكم به حتى أصبح يتحرك في السماء كما يشاء

لن يصل وحشي الفتخاء في الوقت المناسب، لذا أسرع الأقدم الكبير في إخراج إكسير التعزيز و شربه بسرعة كبيرة

بووووم

انفجرت هالته و غطت الساحة بأكملها جاعلة كل الموجودين يرتجفون و يُضغطون من هالة ساحر بالمستوى العاشر

حرك الأقدم الكبير سيفه الأثري، بعدما ارتفع مستوى آخر أصبح تحكمه في سيفه الأثري من الدرجة الرابعة أكبر مما كان عليه، و توجه نحو باسل منطلقا كالرياح

بااام بااام بااام

تلاقى سيفيهما مع بعض و انطلقت الشرارات و ارتدت الأعاصير التي استهدفت باسل، و حمت العواصف جسد الأقدم الكبير من سيف باسل

بدأ باسل يتعود أكثر و أكثر على المستوى التاسع و بدأ يجيد التحكم فيه مع مرور الوقت، مهارته تتطور مع الوقت. أخرج سيفه الثاني و شحذ طاقة عنصر التعزيز أكثر، و كذلك عنصر النار، و في الحال كوّن اللهبين اللذين على شكل سيفين


و بتلويحه، امتد اللهبين على شكل سيفين و قطعا الهواء نفسه، عندها، أحس باسل بقوة عنصر التعزيز التي أصبح يتحكم بها بشكل جيد أكثر و أكثر، أحس بإمكانياتها بالمستوى التاسع في قمته

عندما لوح، امتدت طاقة عنصر التعزيز مصطحبة معها طاقة عنصر النار المعززة كل الطريق نحو الأقدم الكبير

بووووم

دافعت العواصف الناتجة من تلويح السيف الأثري عن الأقدم الكبير و قاومت تلك الطاقة التي بدا كما لو أنها تشكلت في لحظة أمامه، و في الأخير ربحت الطاقة التي بدا كما لو أنها تشكلت على حين غرة و اخترقت العواصف و قطعت من خلال الأقدم الكبير

قطعت الطاقة من خلال الدرع السحري من المستوى التاسع وصولا للجسد، لكنها بعدما مرت من كل تلك العقبات، لم تترك آثارا كبيرة على جسد الأقدم الكبير سوى بعض الجراح، حدق باسل في سيفيه و ابتسم، أحكم القبض عليهما ثم تكلم "لهذا أحب السحر، دائما ما أجد به أشياء جديدة تثير اهتمامي، حسنا، سأطلق على هذا الهجوم 'الامتداد الكلي'، و الآن كل ما علي فعله هو استخدامه لمرات قليلة أكثر ليكون قدرا و أهلا للاسم الممنوح له"

شحذ باسل طاقته من جديد، جسده بدأ يقترب من الحدود بالفعل، لكنه مع ذلك لم يهتم و استمر، جراح الجسد سهلة الشفاء، جراح بحر الروح هي الصعبة، لذا لم يلقي بالا لأمر جسده و استمر فقط في استخدام عنصر التعزيز بجنون

عبس الأقدم الكبير، لكن ابتسامة ظهرت حينها على وجهه

ووووووش بااااام

ظهر وحشي الفتخاء و استخدما قدرتهما لصنع حاجز غير مرئي ثم ضربا باسل حتى أرسلوه محلقا من دون توقف


لكن هذا كان ما ظنه الأقدم الكبير فقط، فباسل الذي قام بتفجير عاصفة نار جعلته يتوقف من الطيران، دافع في آخر لحظة عن نفسه عبر سيفيه الأثريين، هذين الأخيرين قاما بتشكيل طاقة متموجة في الهواء مشكلين حاجزا تبعا لإرادة باسل

ابتسم باسل و قال "الامتداد الكلي في الدفاع، جيد حقا"

كان الامتداد الكلي الذي اكتشفه باسل عبارة عن امتداد لطاقة عنصر التعزيز، هذا الأخير بإمكانه الإحاطة بجسد مستخدمه مثلا و تعزيزه، لكن عند بلوغ المستوى المطلوب، سيكون بإمكان هذا المستخدم أن يجعل عنصر التعزيز يمتد خارج جسده و ينطلق كامتداد لجسده

فيكون باستطاعته حتى لكم شخص بعيد عنه بعشرات الأمتار عبر هذا الامتداد، و هذا ما فعله باسل أول مرة نفذ فيها 'الامتداد الكلي'، عندها، بسبب تفاجؤ الأقدم الكبير، ظن أن تلك الطاقة قد تشكلت أمامه على حين غرة، لكن في الحقيقة، لقد كانت تلك امتداد لتلويح سيفي باسل، لكن المثير في هذا الأمر، هو تحكم باسل في السحر الذي كان قادرا على جعله يجعل عنصر التعزيز يصطحب معه عنصر النار في هذا الامتداد

ما يجعل عنصر التعزيز أقوى سحر من بين الأربعة عشر سحر أساسي في هذا العالم حقا هو إمكانياته الكبيرة، فإمكانيات عناصر السحر الأخرى لا تقارن به أبدا، فمثلا إمكانيات عنصر الرياح الجديدة ليست بالشيء الكبير مقارنة بإمكانيات عنصر التعزيز، بما أنها تقوم بجعل ساحر الرياح يطير في السماء بحرية كبيرة و تزداد درجة تحكم في الرياح لدرجة مخيفة، مع كل هذه الإمكانيات المذهلة، على الأقل في حالة باسل و الأقدم الكبير، فـ'الامتداد الكلي الخاص بباسل يتفوق على تحكم الأقدم الكبير في رياح هذا العالم كأنها رياحه الخاصة

عبس الأقدم الكبير بشدة ثم حدق في باسل بحقد شديد، مثل هذا الغر، يا لها من موهبة لا تصدق يملكها، فكر الأقدم الكبير أنه عليه حقا قتل هذا الوحش الصغير هنا قبل فوات الأوان

فجأة، سعل باسل الكثير من الدماء، ملابسه البيضاء المتمزقة أصحبت حمراء كليا بدمه و ددمم الأعداء، مما أعطى لباسل شعورا غير مريح قليلا

عند سعله لتلك الدماء، أحس باسل باقتراب حدوده حقا، حدق في الأقدم الكبير و تكلم بعدما ضيق عينيه "من أنتم؟ ما هدفكم؟"

حدق الأقدم الكبير في باسل بعدما سمع كلامه و تحدث "من نحن؟ ما هدفنا؟ حسنا، هذا شيء ستعلمونه عما قريب على أي حال، لذا ليس هناك مانع من إخبارك، نحن الأشخاص الذي وكلت لهم مهمة من قبل الأسياد، نحن الذين سنحكم هذا العالم عما قريب، سنحكم هذا العالم من أجل الأسياد، أي شخص سيعلم باسمنا و وجودنا عما قريب، هذا الاسم الذي سيجعل أي شخص في هذا العالم يرتعب عند سماعه، هذا الاسم الذي سيتربع على عرش هذا العالم من أجل الأسياد، نحن 'حلف ظل الشيطان'، نحن خليفة الأسياد في سيادة هذا العالم، كل شخص عليه طاعتنا، كل شخص عليه خوفنا و رهبنا، فزعنا سيجلب الكارثة التي ستفتح الطريق إلى السيادة العظمى"

في لحظة، عم الهدوء في كامل الساحة، ما الذي يتحدث عنه هذا الشخص؟ سيادة هذا العالم؟ كارثة؟ الطريق إلى السيادة العظمى؟ لم يفهم أي شخص هنا ما الذي يحدث حقا أو ما الذي يقصده ذلك الشخص بكلامه غير باسل و أنمار

حلف ظل الشيطان، تردد هذا الاسم في مسامع باسل مرارا و تكرارا، لم يسعه سوى أن تستغرقه الأفكار، هذا الاسم أكد شيئا واحدا لا غير، الشياطين لديهم يد في هذا الأمر كما كان متوقعا، و انطلاقا من هذه الفكرة، عرف باسل مَن الأسياد الذين تحدث عنهم الأقدم الكبير، لكن ما لم يفهمه هو أيضا، هو 'الكارثة التي ستفتح الطريق للسيادة العظمى'، هل عنى به أنهم سيقومون بحرب من أجل سيادة هذا العالم أم شيء أكثر من ذلك


تحدث باسل بعدما أحكم قبضتيه على سيفيه "حثالة باعت روحها للشيطان، ليس هناك مجال لتبقى على قيد الحياة في حضوري بعدما عادتني، تبيع روحك من أجل العظمة و القوة، هذا أحقر شيء قد يفعله أي شخص في الوجود، يجب أن تقدر روحك التي منحت لك، لكنك لم تفعل ذلك، بل و أيضا بعتها، لمن؟ للروح الشريرة"

"...يجب تصفيتكم من هذا العالم أيتها الآفة، لا يهمني ما الذي تنون فعله بعد الآن، لكن الشيء المؤكد و الواضح تماما هو أنكم عدو لي، أنتم عقبة في طريقي فقط، مجرد حجر يجب علي إزاحته من رحلتي في 'المسار الروحي'، بمجرد ما أن تقوم بإهداء روحك للشيطان، فعندها تلك نهايتك، 'المسار الروحي' يجب أن يخلو من الشوائب، و لن يستطيع السير فيه سوى من يُبقي على روحه سليمة"

"همف" استهجن الأقدم الكبير و شحذ طاقته ثم صرخ "ما الذي يعلمه *** صغير مثلك ! ؟ نحن نخدم الأسياد الذين سيقومون بأخذنا معهم للسيادة العظمى، بيع روحي؟ و ماذا في ذلك ! ؟ إن كان سيحقق لي رغباتي و أهدافي، فذلك شيء سهل للقيام به"

"في الأخير هذا هو حدكم" تكلم باسل بنبرة خطيرة "أن تتبعوا و تعبدوا من سلمتم روحكم إليه، أشخاص مثلكم لا يستحقون حتى أن يقفوا في مساري الروحي، إن أردت العظمة و القوة، إن أردت تحقيق رغباتك و أهدافك، فاحفظ روحك من أجل ثباتها بالمسار الروحي، و اتبع طريق الأقوياء، لاحق أحلامك و حققها بيدك، عندها، ستحس بالإنجاز الحقيقي عندما تحققها، أما إن حققت أهدافك و روحك لم تعد تنتمي لك، فما الغاية إذا؟ ما الغاية إن لم تكن لك روح لتتمتع بالإنجاز الذي قمت به؟ هذا إن كنت قادرا على الاستمرار في رحلتك بالمسار الروحي بروح ضعيفة و لا تملك أنت مالكها السيطرة عليها، في النهاية، ليست سوى كلمات روح فقيرة، الشفقة عليك"

صرخ الأقدم الكبير "هاا" و شحذ طاقته السحرية كما تحكم في وحشي الفتخاء و انطلق راكبا العربة، استخدم سحره و سحر الوحشين ثم صنع أعدادا هائلة من الرماح و السيوف من الرياح و التي لف حولها حاجزا بقدرة وحشي الفتخاء ثم أضاف مرة أخرى رياح قاطعة تكهربت من شدة دورانها و تداخلها في بعضها، في الحال كان قد كون آلاف الرماح و السيوف

ووووووووش

توجهت الرماح و السيوف كلها مرة واحدة تجاه باسل، هذا الأخير استعد و جمع كل ما يملك من طاقة، شحذ عنصر التعزيز و عنصر النار، دمجهما ببعضهما ثم بالسيفين الأثريين. التفت النار الحارقة حول باسل و أصبح كملك نار يقف في السماء

صرخ باسل "الامتداد الكلي" و لوح عدة مرات بسيفيه اللذين امتدا و قطعا كل ما استهدفه باسل على بعد شاسع


بينما باسل يدافع عن نفسه، ظهر وحشي الفتخاء أمامه و ركلاه مع صراخهما الذي يصم الآذان "إييييييك"

حمل ركلتاهما قوة قدرتهما و أرسلتا باسل محلقا لمئات الأمتار، لاحقه الأقدم الكبير بعربته بسرعة و وجه نحوه الرماح و السيوف صارخا "فلتمت أيها الصعلوك"

ووش ووش

دافع باسل بكل ما يملك، أصيب بعدة جروح إضافة لجراحه التي تسببها الطاقة الخارجية و مع ذلك استمر في استخدام عنصر التعزيز بجنون، شحذ طاقته إلى أوجها بكل ما يملك و لوح نحو الأقدم الكبير فالتشر مكونا عدة موجات من عنصر التعزيز و عنصر النار

قام الأقدم الكبير بتلويح بسيفه عدة مرات مكونا عدة عواصف، لكنه يعلم أنها لن تعمل، لذا تحكم في قدرة وحشيه و كون عدة حواجز مرة تلو الأخرى حتى استطاع قتل قوة تلك الطاقة التي استهدفته

وصلت المعركة لقمتها و كذلك قوة الطرفين، كلاهما بدأ يبلغ حده، توقف الأقدم الكبير عن استخدام قوة الوحشين، لم يعد بإمكانه استخدامها أكثر، فكل ما كان بإمكانه فعله للآن هو المحافظة على وجودهما

أما باسل فكان جسده محطما، لقد صبر و تحمل كثيرا، لكنه لم يعد يستطيع الاستمرار بنفس المردودية التي كان يعطيها قبلا، أصبح مرهقا كثيرا و غير قادر على استخدام طاقته بشكل صحيح

كذلك الأقدم الكبير، أرهق كثيرا و لم يتوقع أن باسل سيستمر في مواجهته بمساواة هكذا، و كخيار أخير أخرج كنزا و ابتسم ثم قال بداخله "إن لم تمت بالطريقة العادية، فليس هناك خيار آخر سوى تدمير بحر روحك"


كان الكنز الذي أخرجه عبارة كرة صغيرة زرقاء يحيط بها خطوط عريضة أكثر زرقة تشبه الأفاعي، بداخلها توهجت طاقة تشبه الخاصة بأحجار الأصل، طاقة بلون أزرق فاتح، لكن هذه الطاقة لم تكن هادئة كالخاصة بأحجار الأصل، و على العكس كانت تتكهرب و تبدو كما لو أنها ستنفجر في أي لحظة

حدق الأقدم الكبير في تلك الكرة و تكلم بداخله "قد يكون خسارة إضاعة مثل هذا الكنز على مثل هذا الصعلوك، لكن لا يوجد خيار آخر"

شحذ الأقدم الكبير طاقته و حلق نحو باسل، هذا الأخير استعد له و شحذ طاقته كذلك، لقد وصل لحدود حدوده بالفعل، كل ما يحركه الآن هو إرادته، يجب عليه التحمل لوقت أطول قليلا فقط و إنهاء كل شيء في هذه الهجمة

توغلت الطاقة الخارجية لجسد باسل بسرعة كبيرة مدمرة إياه، مما دل على الكمية التي بدأ باسل يستهلكها من طاقة عنصر التعزيز، إنه عازم على تنفيذ هجمة أخيرة

أصبح اللهبين على شكل سيفين أكثر إشراقا، و الضوء الأزرق المحيط بهما أصبح عريضا و بدأ يصبح أكثر سمكا كلما شحذ باسل طاقته

و في النهاية أصبح اللهبين محاطين بطاقة زرقاء بنفس حجمهما مما جعلهما يبدوان كسيفين ضخمين بطبقتين مختلفتين، وضع باسل كل ما يملك من طاقة بهما

صفق الأقدم الكبير بيديه و صرخ بينما يستجمع آخر قطرات طاقته ثم كون ثلاث أعاصير مرة واحدة، كانوا كبارا كفاية لتحريك الساحة بأكملها معهم، بإشارة منه وجههم نحو باسل

حُوصر باسل من جميع الجهات بالأعاصير، فاستجمع كل ما امتلك من قوة و لوح بسيفه نحو الأقدم الكبير


بووووووم

انفجرت الأعاصير مرة واحدة و ثُقِب الهواء نفسه من شدة الضغط حتى وصلت طاقة اللهبين على شكل سيفين بسبب الامتداد الكلي للأقدم الكبير الذي دافع عن نفسه بشدة، و بينما يدافع لوح بسيفه تجاه باسل الذي لم يعد يقوى على الدفاع عن نفسه

مزق الامتداد الكلي الخاص بباسل الأقدم الكبير، ثم انطلقت موجة من الرياح نحو باسل الذي دافع بسيفيه مع أنه لم يكن لديه قدرة تحمل كافية للدفاع بها

قعطت الرياح من خلاله، ثم من حيث لا يدري، ظهر بالرياح تلك الكرة الزرقاء، و عندما شاهدها باسل، شحُب وجهه كثيرا و تكلم بصوت مرتفع من شدة الصدمة "كرة الروح الهائجة؟"

لمست الكرة جسد باسل و تحولت لضوء ثم اخترقت جسده مرورا لبحر روحه

عندها، ضحك الأقدم الكبير بينما يدافع في آخر لحظاته "تأكدت نهايتك أيها الغر الصغي..." و لم يكمل كلامه حتى سالت منه الدماء كالشلال فصرخ بشكل مزري "غااااااه"

تحرك وحشي الفتخاء فاستخدما عنصر الرياح الخاص بهما و دمجاه بقدرتهما مما جعل سرعتهما كبيرة جدا و وصلا في لحظة تحت الأقدم الكبير و حملاه بالعربة

بمجرد ما أن دخلت الكرة التي تحولت لضوء إلى بحر روح باسل حتى صرخ هذا الأخير بشكل مزري "آآآآآه"


لم يصرخ هكذا من قبل، اهتاجت طاقته و لم تعد مستقرة بعد الآن، بحر روحه كان يتزلزل بشدة و أوشك على الانكسار كليا. الأقدم الكبير الذي كان يشاهد هذا الأمر ضحك بينما كانت حالته مثل حالة النصف ميت

توقف الجميع عن أيّ كانوا يفعلونه و ركزوا على مشاهدة باسل، صرخت أنمار بشدة "باااسل" و كذلك فعل الكبير أكاغي و البقية الذين كانت حالتهم مزرية بعد قتالهم للأقدم الكبير، لم يسع تورتش و بقية قادة التشكيل سوى التحسر في مكانهم

بينما تسيل منه الدماء بغزارة، ضحك الأقدم الكبير بجنون "كياهاهاها" ثم تكلم "كازيمارو، شاهين، فلنتحرك، سيكون هناك انكسار بحر روح كبير"

أسرع شاهين و كازيمارو بالتحرك و انطلقا نحو العربة ثم ركباها، تحدث الأقدم الكبير آمرا الوحشين "تحركا"

أنشأ الوحشين الطريق الغير مرئي و حلقا في السماء مبتعدين، استمرت طاقة باسل في الهيجان، لكن في لحظة

ووووووش

هدأت طاقة باسل تماما، كما لو أنه لم يحدث أي شيء، فتح الثلاثة الذين يركبون العربة أفواههم من شدة الصدمة، خرجت كلمة واحدة من فم كازيمارو "مستحي..." لكن هذه الكلمة لم تكتمل حتى طار رأسه من مكانه، طاقة ملكية امتدت من جهة باسل و تشكلت كـيد ضخمة كافية لحمل سبعة أشخاص مرة واحدة ثم قطعت رأس كازيمارو مع صوت سسسسش ثم اختفت اليد التي جلبت معها أحكام ملكية و بدا كما لو أنها يد ملكية يمكنها أن تهيمن على كل شيء

لم يعرف أي شخص ما حدث، باسل لا زال بعيدا عنهم، إنه يقف في السماء من دون أن يتحرك سنتمتر واحد، لكن الشيء الذي تغير به، كانت تلك الطاقة الملكية النقية للغاية التي التفت بجسده، و القطعة الأرضية الصغيرة التي ظهرت أسفل قدميه كما لو أنها تحمله، في ذلك الحضور، لم يستطع أي شخص الوقوف على قدمه بشكل صحيح و فشلت أركبهم فجثوا على الأرض

فقد الأقدم الكبير و شاهين ألوانهما، صرخ الأقدم الكبير بعدما شاهد رأس كازيمارو يطير من مكانه "انطلقااا" صرخ بجنون، لا يعرف ما الذي حدث بالضبط، لكن كرة الروح الهائجة لم تنفع، لماذا ! ؟ هذا الفتى استمر في القيام بالعجائب حتى النهاية، تحرك وحشي الفتخاء بسرعة كبيرة هاربين

لكن من دون أن يلاحظ أحد حتى كان باسل أمام وحشي الفتخاء، ظهر كما لو أنه انتقل آنيا، لكن الحقيقة هي أنه تنقل بسرعة ضوئية جعلت من سرعة العربة التي يقودها وحشي الفتخاء اللذان كانا يطيران بسرعة تصل لآلاف الأميال في الساعة تبدو بطيئة، توهجت عيني باسل بضوء أبيض لامع، سيفيه الأثريين قد سقطا منه بالفعل أثناء هيجان طاقته، فرفع ذراعه للسماء

قبل أن ينزل بذراعه، توهجت القطعة الأرضية و صعدت الطاقة مع جسم باسل و توجهت لذراعه اليمنى التي رفعها و عندها نزل بها للأسفل مع صوت زباااام ظهرت طاقة ملكية حملت معها عنصري التعزيز و النار معا و دمجتهما ثم عدلتهما ليصبحا طاقة أنقى، امتدت الطاقة الملكية من يد باسل و نزلت على العربة في لحظة، تخطت الطاقة الملكية الوحشين وصولا للأقدم الكبير ثم قطعته لنصفين قبل أن يدري، ثم قطعت بقايا جسده لأجزاء صغيرة جدا حتى أصبحت جثته كالرمال

اختفى الوحشين كما لو أنهما تبخرا بموت سيدهما، فنزلت العربة من السماء بينما يحاول شاهين إيجاد طريقة لإنقاذ نفسه من السقوط من هذا الارتفاع الشاهق و من هذا الوحش المرعب

عندها، خمدت طاقة باسل و اختفت القطعة الأرضية الصغيرة من تحت قدميه ثم سقط من السماء هو الآخر متوجها نحو الأرض

بلع الجميع ريقهم و استعادوا أنفسهم التي هربت مع اصطحابها للروح معها من شدة الارتعاد من تلك الطاقة الملكية التي طغت على كل شيء

بعدما هدأت تلك الطاقة التي أطلقها باسل على حين غرة، تنفس الجميع الصعداء أخيرا بعد أن كانوا يشعرون بالاختناق من ذلك الوجود الذي أصبح عليه باسل سابقا، في مثل ذلك الحضور لم يكن بإمكانهم التحرك لإنش واحد

رأوا تلك القوة العظيمة التي أظهرها باسل، لقد محى الاثنين القويين من الأعداء بتلك السرعة الخيالية، أنْهاهُم كما لو أنهم حشرة، قطع رأس ذلك الكازيمارو الذي وجد الجنرال رعد و الإمبراطور غلاديوس بمعاونيه صعوبة بالغة في مواجهته في لحظة كما لو أنه لا شيء تماما

ثم بعدها تحرك بسرعة خيالية و استخدم قوة مهيمنة حولت ذلك الأقدم الكبير لرمال، لم يترك منه لحما و لا عظما، كلهم جربوا قوة ذلك الأقدم الكبير و شاهدوها بأعينهم، لكنه قتل بمثل هذه الطريقة التي لا يتمناها أي أحد، لم يبقى من جثته أي شيء

هذا الأمر جعل الجميع يفرحون، لكنهم في نفس الوقت أحسوا بالرعب الشديد من ذلك الفتى الصغير، لا، هل يجب حتى مناداته بفتى بعد ما شاهدوه يفعل؟ ذلك ليس من عمل البشر، لا يمكن لذلك الفتى أن يكون فتى، إنه وجود غير طبيعي

شعر الجميع بغرابة كبيرة

بينما يتساقط باسل من السماء، كان شاهين في مثل حالته تقريبا، الفرق الوحيد هو أن باسل غائب عن الوعي، أما شاهين فلا زال واعيا بالكامل، لا زال واعيا كفاية ليدرك أن عليه التخلص من هذا الوحش الصغير قبل أن ينمو أكثر مما هو عليه

لا يمكنه استخدام سحر الرياح بحرية كبيرة و يتحكم فيه بشكل جيد حتى يكون باستطاعته الطيران في السماء بأريحية بواسطته مثل الأقدم الكبير، لكنه مع ذلك لا زال بإمكانه استخدامه لخلق قوة دفع كما فعل باسل عن طريق العاصفة النارية التي كان يكونها لترفعه للسماء، لا يمكنه التحكم في السحر مثل باسل و تكوين مثل تلك العاصفة و التحكم فيها باستمرار لمدة طويلة، لكنه بإمكانه استخدام قوة الرياح لتدفعه بقوة كافية ليصل لباسل

تذكر مقتل كازيمارو و الأقدم الكبير و أصبحت عينيه حمراوين، لن يسمح لهذا الغر أن يهرب أبدا، كازيمارو كان مثل أخيه، فهما كبرا معا، أما الأقدم الكبير، فكان أخاه الأكبر، لقد قتل هذا الوحش الصغير أخويه الاثنين مرة واحدة أمام عينيه، فكيف له أن يضيع مثل هذه الفرصة المواتية بعد أن ظهرت


شحذ طاقته السحرية بسرعة و بدأ يكون رياحا وراءه، مر وقت طويل منذ أن تم إزالة أصفاد السحر عن يديه، لذا قوته رجعت لحالتها الطبيعية، خصوصا بعد تحفيزها بالقتال ضد تورتش، استل سيفه و شحن به طاقته باستمرار، لقد شرب قبل مدة ليست بطويلة إكسير التعزيز، بحر روحه لا يزال غير مستقر لكي يغامر بشرب إكسير تعزيز آخر ليكون قادرا على استخدام سيفه الأثري من الدرجة الثانية، لكنه لا يحتاج لذلك، فسيفه السحري من المستوى الخامس لوحده كاف ليقتل ذلك الوحش الصغير النائم

بعد بلوغ طاقته السحرية أوجها، انكمش في مكانه - بينما يتساقط من السماء - بتقريب ركبتيه لذقنه، ثم ركز سحر الرياح الذي شحذه سابقا و فجره مرة واحدة

باام

انفجر الضغط مرة واحدة ثم انطلق بعد إطلاقه لصوت كقنبلة صوتية، كان سرعته كبيرة جدا، لم تصل لسرعة الأقدم الكبير عندما يطير باستخدامه سحر الرياح، لكن مع ذلك سرعته كانت كافية ليصل لباسل و يخترقه بسيفه السحري المشحون بالطاقة السحرية في كامل قوته، ضربة من هذا السيف في حالة باسل الحالية، ستكون موتا مؤكدا بلا شك، جسد باسل كله مهشم من جميع النواحي، مجرد ساحر من المستوى الأول سيكون قادرا على قتله في الوقت الحالي

"فلتمت أيها الوغد، الدم بالدم، بعد قتلك سأحرص على الرجوع إلى هنا و قتل تلك اللقيطة الصغيرة التي تهتم بها، و أبحث عن عائلتك ثم أمحوها من الوجود، سوف أقتل كل من تعتز به و أجعل كل شيء بَنيته يوما غير موجود" صرخ شاهين بينما يقترب من باسل موجها سيفه على شكل أفقي مخترقا الهواء بسرعته الكبيرة

ضمن شاهين قتله لباسل و ارتاح قليلا، ثم بدأ يفكر في طريقة للهرب بعد أن يقتل هذا الوحش الصغير النائم، لكن في هذه اللحظة

زززشش

مر من جانبه صعق برقي كاد أن يشويه تماما، راوغه في آخر لحظة عن طريق تحريف مساره الشخصي بانفجار من الرياح، لو أنه قد أصيب بهذا الهجوم لمات من دون شك، التف ليجد الجنرال رعد يشحذ طاقته من أجل الهجوم مرة أخرى

عندها عرف أنه يجب عليه الإسراع أكثر مما هو عليه، انطلق مع صوت باااام ينفجر من وراءه بسبب الرياح و لم يبقى بينه و بين باسل سوى أمتار قليلة

ابتسم و أرجع سيفه للخلف مستعدا للطعن، صرخ من شدة غضبه "مت أيها الوحش الصغير"


تشششششش

قطع شاهين من خلال باسل الذي انقسم لاثنين و انتشرت دماؤه في السماء بغزارة............... يتبع!!!!!!!!!


(الجزء الثاني)


فأحس شاهين بشعور لا يوصف من السعادة و السرور، لقد انتقم لأخويه، لذا فقد نفذ واجبه تجاههما، و الآن عليه الهرب بسرعة من هذا

لكنه أدرك شيئا ما في آخر اللحظات، لقد كان قتل ذلك الوحش الصغير سهلا للغاية بالنسبة للحالة التي هو فيها، لماذا لم يتحرك أي أحد آخر غير الجنرال رعد؟ لو أنهم فعلوا لما كان بإمكانه النجاح في مهمته و سيضطر للتركيز على الهرب بكل ما يملك متخليا عن فكرة الانتقام للوقت الحالي

عندها تذكر أمرا و شحُب وجهه كثيرا، كيف لهم أن لا يتحركوا؟ لن يفعلوا إلا إن كان لهم هدف وراء ذلك، و في لحظة، وجد شاهين نفسه محاصر من جميع الجهات

مع أنهم كانوا بالأرض و هو لا يزال بالسماء محلقا بسبب قوة الدفع الكبيرة، إلى أنه لا يمكنه البقاء في السماء لكل هذا الوقت، و الأكثر من ذلك، لا يمكنه مراوغة كل هؤلاء الشخصيات العظيمة مرة واحدة

من جميع الجهات أحاط به الإمبراطور غلاديوس من الأمام، و مساعديه من اليسار و الإمبراطور شيرو من اليمين، و بالخلف يوجد الجنرال رعد و البقية

"همم..." استغرب شاهين ثم لاحظ أن الجنرال رعد الذي كان يشحذ طاقته السحرية غير موجود، بحث في كل مكان، أين ذهب؟ اللعنة عليه، أين اختفى؟

في هذه اللحظات التي كان محاصرا بها و لا يعرف ما الذي يحدث هنا؟ تكلمت أنمار "ألا زلت لا تعرف ما يحدث؟ سأنيرك لجعلك تغرق في ظلام أكبر"

لوحت بسيفها الأثري من الدرجة الثالثة ثم بدا كما لو أنها قد اخترقت الفضاء نفسه و قطعته، كما لو أنها قد شوهت الفضاء، لكن مع انتهاء تلويحها حتى ظهرت الصورة الحقيقية، باسل الذي كان مقطوعا لنصفين اختفى، و الجنرال رعد الذي اختفى من أمام عينيه كان يحمل باسل في الأسفل

تكلمت أنمار "هل تعتقد أن حثالة مثلك يمكنه إيذاء رجلي؟ ذلك لن يحدث سوى في أحلامك أو في أوهامي التي أمتعك بها قبل أن أجعلك تدرك الحقيقة القاسية"

عبس شاهين و لاحظ أن سرعته في السماء قد قلت كثيرا حتى أن قوة الدفع من السابق لم تعد كافية للإبقاء عليه محلقا و بدأ يسقط من السماء، لكن ليس هناك ما يفعل، أمامه الموت و خلفه ابن عمه، سواء أ قام بدفع نفسه للأمام أو ترك نفسه يسقط للأسفل أو تراجع، لا يهم ما يفعله، سوف يكون مصيره نفس مصير أخويه

لقد حوصر من جميع الجهات تماما، في هذه المرحلة ضحك الإمبراطور غلاديوس "أنا لا زلت أتعجب حتى النهاية"

قبل قليل من الوقت، عندما بدأ باسل و شاهين يسقطان من السماء، تكلم الإمبراطور غلاديوس بسرعة "هذا سيء، الفتى سيكون في خطر، يجب علينا إنقاذه"

عندها ظهرت أنمار و أوقفته قائلة "لا، لا تفعل، سأريد من باسل أن يلعب دور الفريسة لقليل من الوقت"

تكلم الإمبراطور غلاديوس "ها؟ هل تعلمين ما تقولين يا فتاة؟ الفتى سيموت إن انتظرنا أكثر"

تدخل الجنرال رعد "ما الذي يدور في خلدك؟"

"حسنا، أريد منكما..." أعطتهم أنمار تعليمات الخطة بكل سرعة

بالعودة للحاضر

تكلم الجنرال رعد الذي يحمل باسل "لقد خُدِعت يا رجل من طرف الفتاة الشقراء"

"همم...؟" عبس شاهين، فهم ما حدث أخيرا، كل تحرك حتى الآن كان من مخطط تلك اللقيطة، عض على شفتيه حتى سال الدم منهما

حتى هجوم الجنرال رعد سابقا كان من الخطة، أولا، تركوه يعتقد أن بإمكانه حقا قتل باسل، ثم عندما يقترب من فعلها، هاجمه الجنرال رعد باستماتة، أو بدا كما لو أنه كان مستميتا، ففي الحقيقة كان ذلك مجرد فعل لصرف انتباهه للحظات، في تلك اللحظة، تفعّلت خدعة أنمار، تلك اللحظات القليلة كانت كافية لتخلق وهما على مدى واسع كهذا، و بما أن شاهين مجرد ساحر في المستوى الخامس، فلا يمكنه الكشف من خلال وهمها إلا بعد مرور مدة طويلة


لذا عندما راوغ هجوم الجنرال رعد، و رأى أنه قد اقترب من باسل، ارتاح و اعتقد أنه نجح، و بالنسبة له، فقد فعل، لكن حتى تصرفه هذا كان متوقعا، سابقا قالت أنمار للإمبراطور أنها ستجعل من باسل 'الفريسة'، لكن حتى أنمار لن تقوم أبدا بمثل هذا الشيء في حق باسل، و ما قصدته فعلا، هو وهم يكون باسل فيه هو الفريسة

و كل هذا من أجل شيء واحد، كل هذا التخطيط من أجل محاصرة شاهين، فأثناء انشغاله بقتل باسل الوهمي، أثناء ذلك، تحرك الإمبراطورين و الاثنين الآخرين ثم أغلقوا طريق هروبه

أما الجنرال رعد الذي شحذ طاقته مرة أخرى ليهاجمه بعد أن هاجمه في المرة الأولى، فقد كانت تلك خدعة فقط، ففي الحقيقة هو كان يشحذ طاقته من أجل الانطلاق بسرعة و إمساك باسل الذي سيكون قريبا من الاصطدام بالأرض

في النهاية، كان يلعب في راحة يد أنمار، و قامت بجعله يتحرك على هواها و كيفما شاءت، قامت بهذه المسرحية كلها حتى تضمن القبض على شاهين، لو أنها سمحت للإمبراطور غلاديوس و البقية بالدفاع عن باسل، للاحظ شاهين عدم امتلاكه أي فرصة و ركز على الهروب بكل ما يملك، قد يكون بإمكانهم إمساكه عبر اللحاق به، لكن أنمار لا تريد أخذ مثل هذه المراهنة، امتلاك الأقدم الكبير 'كرة الروح الهائجة' جعلها حذرة أكثر مما تكون عليه بكثير

تكلمت أنمار بعبوس "لقد كان أصدقاؤك السبب في معاناة باسل، لا تظن أنك ستهرب من دون الإفصاح عن بعض المعلومات"

حوصر شاهين تماما، و احمرت عينيه ناحية أنمار و لعن كثيرا، فجر الرياح ثم انطلق متوجها نحوها "أنت السبب أيتها الغرة اللقيطة، سأقتلك أنت على الأقل لأترك ذلك الوحش الصغير يتعذب، لن أخرج فارغ اليدين"

توجه نحوها بسرعة كبيرة، أراد الإمبراطور غلاديوس أن يتحرك فرفع الجنرال رعد يده موقفا إياه. اقترب شاهين من أنمار و صرخ بينما يندفع بكل طاقته

أوووووه

اجتمعت حوله الرياح و وضع سيفه أفقيا في المقدمة أصبح كسهم بشري خارق

بووووم


اخترق أنمار، أو هذا ما اعتقده، و في لحظة وجد نفسه مخترقا الأرض، و أنمار الحقيقية كانت خلفه رافعة سيفها بالسماء مستعدة للنزول به

تكلم الجنرال رعد بداخله "كما هو متوقع من شريكة الفتى القرمزي"

ظهرت نظرات الرعب على وجه شاهين بعد أن علم الحقيقة، في النهاية، اكتشف أنه خدع حتى النهاية

خداع أنمار لم يتوقف عند النقطة التي حوصر فيها، و المقصد الكامل من هذه الخدعة هو الوصول لهذه المرحلة، عرف بأن تلك الأنمار التي كانت تكلمه كانت نفسها مجرد وهم آخر كان يستفزه ليتحرك كما يريد منه أن يفعل، و أنمار الحقيقية كانت مختفية عن أنظاره تنتظره ليبتلع الطعم للمرة الثانية

لم يتحرك في راحة يدها فقط، بل جعلته يتحرك في منطقة محدودة من راحة يدها، مما جعله أكثر توقعا في تحركاته بالنسبة لها

زبااااام

نزلت على قدميه قاطعة إياهما

صرخ شاهين بجنون من الآلام، شاهد قدميه أمامه، فقط في هذه اللحظة، تمنى لو أنه لا يزال يُخادع من طرف هذه الفتاة، لكن للأسف، هذه المرة كان كل شيء حقيقي، انتشرت دماؤه في كل مكان و نزف بشكل غير متوقف حتى غاب عن الوعي

تكلمت أنمار بينما تحدق به باحتقار "فليوقف أحدكم نزيفه، لا يزال باسل في حاجة إليه" و بعد انتهاءها اتجهت نحو الجنرال رعد الذي أنزل باسل للأرض

تحرك بعض الجنود، و كان من بينهم 'هيل' الذي قام تقريبا بكل العمل، استخدم سحره ليعالج شاهين مؤقتا لإيقاف النزيف و إبقائه على قيد الحياة للآن

دو، دو، دو، دو

أصوات تقترب و ترتفع حدتها مع الوقت، اتخذ الجنود ذوي المستوى الضعيف احتياطهم، لكن الجنرال رعد تكلم "لا تقلقوا، إنها مجرد قوات كان يفترض بها تعزيز صفوفنا"

يترأس هذه القوات رئيسي عائلتي 'آو' و 'كيِرو'، 'آو لان' و 'كيِرو هوانغ'، بعد وصولهما صدما بعد معرفتهما بما حدث، مثل هذا الشيء معقول؟ فكروا في أنهم محظوظين لكونهم كانوا بعيدين، فلو أنهم كانوا هنا، من كان ليضمن نجاتهم؟

في هذه الليلة شهد جميع الشخصيات العظيمة التي قدر لها أن تكون هنا قوة جديدة، قوة ستغير هذا العالم، لن يطول الأمر حتى يصبح سحرة المستوى السابع شيئا من الماضي، سحرة المستوى السابع الذين مُجدوا كأقوى وجود في هذا العالم سوف يتكاثرون بسرعة خيالية، عندها، الألقاب ستتغير، الجنرال لن يكون ساحرا بالمستوى السادس بعد الآن، و كذلك الحال مع بقية الألقاب الحربية و النبيلة

وضعت أنمار باسل على فخذيها و تحسرت لرؤيته لا يزال يعاني، بحر روحه تعرض لــ'كرة الروح الهائجة'، حذرهم معلمهم منها مرارا و تكرارا، فهي شيء سيجعل من الساحر في خبر كان، لسبب ما، كان باسل قادرا على تجاوز محنتها، لكن بحر روحه غير مستقر الآن بتاتا، و يبدو كما لو أنه في حالة اهتياج مما جعل عنصريه الاثنين كذلك


جسده محطم تماما، بحر روحه مرهق لدرجة لا توصف، إنه يتعذب بواحد من أقسى أشكال التعذيب التي يمكن أن يتعرض لها الساحر، لكن و مع ذلك، لم تدمع عيني أنمار، عينيها شملت كل التعبيرات الحزينة التي يمكن أن تظهر على الشخص، لكنها لم تترك دمعة واحدة تهرب من جفنيها، و استمرت في تمرير يدها على رأس باسل بحنان، هذا المنظر جعلهما في صورة خلابة جدا

و مع بزوغ الفجر، امتدت أنظار الجميع للسماء، فإذا بأشعة الجرم السماوي ترمى عليهم مانحة إياهم شعورا لا يوصف بالدفء، معلنة بذلك عن نهاية ليل طويل كان سببا في برودة قلوبهم

في تلك اللحظة، لم يستطع أي شخص منع نفسه من التفكير في المنظر الذي شاهدوه، ذلك المشهد الذي جعل قلوبهم تُسلب من شدة جماله، كلهم حدقوا في جهة باسل و أنمار، و ببساطة، غمرتهم المشاعر، هذان الطفلان، في هذه اللحظة، لم يكونا سوى مجرد فتاة و فتى، لا أقل و لا أكثر

بعد كل ما شهدوه منهما، بعد كل ما شعروا به أثناء المعركة من خوف و رعب منهما، كل ذلك قد ذهب مع انبثاق الضوء الذي أعلن عن دخول يوم جديد، و الذي انسل من بين السحب متوجها نحو مكان واحد، نحو أنمار التي بدت كـملاك أتى للاعتناء ببطل من البشر جعلها تعرف ماهية المشاعر

في تلك اللحظة، كل شخص موجود ركز نظره عليهما، أنمار التي تمرر يدها بحنان، و باسل الذي يتعذب، كم كان هذا المنظر عاطفيا يا ترى؟

اقترب منهما شخص ما و تكلم "أيها السيدة الصغيرة، ما الذي سيحدث للسيد الصغير الآن؟" كان صاحب الصوت التاجر ناصر

التاجر ناصر قاتل مع الكبير أكاغي بكل ما يملك، لكن أحكم قبضته و لعن نفسه لعدم امتلاكه القوة الكافية، لم يستطع في النهاية المساعدة بأي شيء مفيد، بشعور كهذا، تقدم نحو أنمار ليسألها عن حالة باسل

بعينيها الزرقاوين، التي تجعلك تظن أنك تحدق في السماء الواسعة، و تجرك معها بعيدا، تجعلك تنغمس في أفكارك عميقا، حدقت في التاجر ناصر، و ببطء غيرت مسار نظرها لباسل و لم تتكلم

عرف التاجر ناصر ما المقصد من هذا الفعل، لو أنها عرفت لسارعت بكل ما تملك في البدء بعلاج باسل، لكنها لم تفعل، أحس التاجر ناصر بالعجز أكثر و أكثر، و وقف متجمدا في مكانه بينما يحدق في باسل لوقت غير معروف


أتى العديد من الأشخاص و أحاطوا بأنمار و باسل، الكبير أكاغي، الجنرال منصف، جميع القادة الذين شاركوا في هذه الحرب، وقف الرئيس 'آو لان'، الرئيس 'كيِرو هوانغ' و الرئيسة 'موراساكي فايوليت' بعيدا عنهم، شعروا أنهم لا ينتمون لذلك المكان

تكلم الجنرال رعد بعد مدة من الصمت الطويل "أيتها الفتاة الشقراء، للوقت الحالي، فلنذهب به لمكان مريح للاعتناء به"

حدقت أنمار به، و مع موافقتها، تحرك قادة التشكيل و حملوا سيدهم بحرص شديد، ثم اتجهوا به لعربة

كنهاية للحرب التي بدت كما لو أنها طويلة مع أنها لم تأخذ سوى بضعة أيام، تنفس الجميع الصعداء و تحدث الكبير أكاغي صارخا

[في هذه الحرب كلنا شاهدنا العجائب و الغرائب، لكن كل ذلك قد انتهى، و من الآن فصاعدا سنجعل من عالمنا مكانا أفضل، مكانا آمنا لعائلاتنا، أنا، كريمزون أكاغي، أعلن عن عودة 'إمبراطورية الشعلة القرمزية'، و كإمبراطور لها، سأحرص على بث الطمأنينة و السكينة في قلوب ساكنيها، أما الآن، النصر لنا في هذه الحرب]

رفع يده و صرخ [هووااااه]

و كذلك تبعه الجنود بحماس [هوواااااااه]

توجه القادة الكبار و الإمبراطورين مع الكبير أكاغي في المقدمة نحو القاعة الرئيسية

فور دخولها حتى أحس الكبير أكاغي بقلبه سينفجر، يا لها من سعادة شعر بها، خمسين عاما لم تكن سهلة على الإطلاق، كلها كانت معاناة و عدم قدرة على أخذ الثأر من العدو الذي وجب عليه طاعته

اتجه نحو عرش الإمبراطور و حدق به، غمرته المشاعر، و من دو أن ينطق بكلمة واحدة، جلس عليه فقط مع دموع تسقط من جفنيه ببطء كما لو أنها تسحب معها كل الآلام التي عاناها طوال هذه السنين


____

بعد مرور بعض الأيام

"متى سنقيم الاجتماع؟" تحدث الرئيس تشارلي

أجاب الكبير أكاغي الذي كان يجلس على عرش الإمبراطور "يا صديق والدي، نحن لن نقوم بأي تحرك و لن نقوم بأي اجتماع حاليا"

تنهد الرئيس تشارلي و قال "أنا أعلم أنك تريد انتظار الفتى باسل حتى يستيقظ، لكننا لا يمكننا إطالة انتظار الإمبراطورين بسبب هذا الأمر"

"اعذرني" تأسف الكبير أكاغي و تحدث بنبرة جدية "أنا لا أنتظر حليفنا باسل بسبب عاطفتي فقط، لكنه يجب أن يحضر هذا الاجتماع مهما حصل، فكما رأينا في الحرب، فهو بدا كما لو أنه يعرف من حلف ظل الشيطان الذي تحدث عنه ذلك الأقدم الكبير، حتى لو أقمنا اجتماعا، فلن نصل لنتيجة مرضية به، و سيتحول لاجتماع يتمحور حول الإكسيرات و الأدوات التي ظهرت مؤخرا، أنا أريد جعل من هذا شيئا ثانويا بجانب الموضوع الرئيسي الذي هو كيفية تعاملنا مع هذه القوة الغير معروفة التي ظهرت في عالمنا"

تنهد الرئيس تشارلي مرة أخرى و قال "لديك وجهة نظر، حسنا فلننتظر، لكن، ألم يمر حوالي عشرة أيام حتى الآن و لا زال الفتى باسل في نفس حالته؟"

عبس الكبير أكاغي و تحسر على هذا الأمر

في هذه الأيام، نُقِل باسل للمنزل الذي اشتراه بناء على طلب أنمار، هذه الأخيرة اعتنت به كل هذه الفترة من دون كلل أو ملل، حتى أنها لم تنم و أخذتها بضع غفوات فقط، لكنها كانت مستيقظة تماما، لم يكن بإمكانها النوم أبدا بينما باسل لا زال يتعذب في حالته تلك، جسمه بدأ يتماثل للشفاء، لكن سرعة شفاءه كانت بطيئة، لقد كان ذلك آثار أخذه لإكسيري علاج مرة واحدة، لكن هذا سبب واحد من عدة أسباب


دعت أنمار بكل ما استطاعت، و لسبب ما، لم يكن بإمكانها التواصل مع معلمها عبر خاتم التخاطر مهما حاولت، مما زاد حسرتها و جعل خوفها على باسل أكبر مع كل ثانية تمر، وجه باسل كان شاحبا كثيرا كوجه الميت، رؤيته في مثل هذه الحالة جعل أنمار تشحب مثله من القلق عليه

مرة كل فترة يأتي قادة التشكيل و التاجر ناصر، الجنرال منصف، العديد من الأشخاص قد أتوا، كل من لهم علاقة قريبة بباسل أتوا لزيارته، لكنهم كلهم يذهبون، و في النهاية تبقى أنمار لوحدها بينما تصنع جميع أنواع الأعشاب و الأدوية التي تعلمتها لتحسين حالة باسل

لكن مع ذلك، حالته لا زالت سيئة كما هي من دون أن تتغير و لو بقليل

في هذه الأثناء

في مكان لا يريد بشر هذا العالم الاقتراب منه أبدا، مكان يعرف بأكبر منطقة محظورة في العالم، مكان منعزل تماما جعلته الوحوش السحرية عالما خاصا بها، كان هناك عجوز بمثل هذا المكان

هذا المكان الذي عرف على مر الأزمان كــ'قارة الأصل و النهاية'

شملت قارة الأصل و النهاية كل أنواع الوحوش السحرية، من أضعفها لأقواها، ترسَل بعثات لهذه القارة مرة كل سنوات من جميع القوات في العالم لتحصيل بعض الكنوز، خلالها، يكون القتال فيما بينهم حول من يستطيع جني الأرباح أكثر من هذه الرحلة

لو أن قوة ما قامت بالتحرك نحو هذه القارة، فلن تبقى القوات الأخرى ساكنة في مكانها، و سوف يشدون الرحال أيضا لذلك المكان الذي يشاع عليه امتلاؤه بالعجائب و الغرائب، يقال أن هناك أشياء ليست من هذا العالم، أشياء تجعل لعاب كل الوجود في هذا العالم يسيل، لذا دائما ما تكون هناك منافسة قاسية على الكنوز

خلال هذه الخمسة عشر سنة الماضية، لم يقم أي أحد بالذهاب لقارة الأصل و النهاية

لكن في هذه اللحظة، كان هناك عجوز يقف في أعمق جزء من هذه القارة، وقف فقط و حدق في التماثيل الهائلة التي اتخذت شكل محاربين أشداء، هذه التماثيل بدت كما لو أنها حية، فقط بجمودها هناك، كانت كافية لإبعاد أي ساحر من شدة هيبتها، عددها وصل للمائة، بالمنطقة المحيطة، بغرابة، لم يكن هناك أي وحش سحري، و كانت الجبال تحيط بالمكان و الأنهار التي تمر من بينها بينما تنتج شلالات بسقوطها، و أشجار الغابات تتحرك بنسيم الرياح، كان المكان هادئا بشكل مخيف جدا

كان هذا الرجل العجوز هو إدريس الحكيم. لقد زار جميع العوالم الرئيسية و اخترق الكثير من العوالم الثانوية، اكتسب الحكمة السيادية، استطاع فهم جميع أنواع النقوش و المخطوطات القديمة، ليس هناك كتاب لم يقرأه، يمكنك القول أنه كان الشخص الأكثر اكتسابا للمعرفة في شتى العوالم كلها، و لم يكن هناك أي شخص يستطيع القول 'أعرف' في حضوره، عندما كان يتكلم، كان يجب على الجميع الإنصات إليه، لا يمكن لأي شخص اكتساب الحكمة السيادية، فقط واحد في كل آلاف السنين من يبارك بهذه الهدية

إدريس الحكيم، لُقب من الناس بهذا الاسم و انتشر هذا الأخير في جميع بقاع العوالم الروحية، و كل من سمع اسمه، وجب عليه إحناء رأسه احتراما له


لكن إدريس الحكيم بنفسه كان يقف أمام هذه التماثيل و عبس بشدة كبيرة كما لو أنه يجد صعوبة ما في شيء ما ثم تكلم "لم أكن أظن في يوم من الأيام أن العالم الوهن سيكون به عالم ثانوي تحكمه نية سامية مثل هذه، أن لا أستطيع أنا بحكمتي و معرفتي فك هذه المصفوفة، ماهيتها؟ و ماهية صانعها؟ أنا هنا إلى أن أكتشف هذا الأمر"

أمضى إدريس الحكيم أياما عديدة في دراسة هذه التماثيل التي تمثل المصفوفة نفسها، و بعد مدة غير معروفة من الوقت، أخيرا كان قادرا على رؤية نمط واحد من بين الآلاف من النقوش الروحية التي تمتد عبر التماثيل و التي تكون فضاء حاجزا

و بمجرد ما أن وضع نيته بهذا النمط من أجل التحكم به و الانطلاق للنمط التالي، حتى تحرك تمثال من بين المائة تمثال، كان لعذراء تحمل قوسا، هذا التمثال الشاهق الذي وصل علوه لأكثر من ثلاثين متر تحرك فجأة

لم يتحرك من مكانه، لكنه حرك يديه، واحدة تحمل القوس و الأخرى تسحب سهما مكونا من طاقة روحية خالصة

في هذه الأثناء، ظهر القلق على وجه إدريس الحكيم، و بسرعة حرك يديه بشكل دائري و استخدم طاقته الروحية، كون دائرة من الضوء و ركز عليها لقليل من الوقت ثم صرخ "هاا"

انطلق من الدائرة التي بلغ قطرها عشرة أمتار ضوء سامي، و في الجهة الأخرى انطلق السهم المكون من الطاقة الروحية الخالصة و توجه مستهدفا إدريس الحكيم

السهم حمل معه قوة كبيرة جدا جعلت هجمة إدريس الحكيم عديمة النفع، هذا السهم جلب معه أحكام سامية كما لو أنه كان يريد الطغيان على كل الوجود

اخترق السهم ضوء إدريس الحكيم و انطلق إليه مستهدفا إياه


في هذه اللحظة، فهم إدريس الحكيم شيئا واحدا، أنه لن يكون بإمكانه الدخول لهذا العالم الثانوي مهما حاول، لقد اخترق المئات من العوالم الثانوية و جعل نية البعض منها تحت إمرته، لكن نية هذا العالم كانت تبدو فوق قدر مستطاعه بكثير، برؤية ذلك السهم، فهم إدريس الحكيم أخيرا مدى قوة تلك النية، ذلك السهم مجرد جزء بسيط جدا من قوة هذه المصفوفة، قوتها الكاملة لا يمكن تصورها، جعل هذا الأمر إدريس الحكيم يفهم لما وجد صعوبة مع هذه المصفوفة

أخرج رمحا خشبيا، و بمجرد ما أن فعل حتى التفت حول هذا الرمح طاقة ملكية، و في الحال ظهرت أرض واسعة تحت قدمي إدريس الحكيم، كانت تمتد لآلاف الأمتار، هذه الأرض الواسعة توهجت كلها و بدأ شكلها يتغير، بدت كما لو أنها تُضغط لتصبح أصغر أكثر و أكثر مع الوقت، و بعد قليل، كانت قد أصبحت عبارة عن رمح ضوئي ضخم للغاية، كان هذا الرمح هو نفسه الرمح الذي أخرجه إدريس الحكيم سابقا، يبدو كما لو أنه اندمج بتلك الأرض الواسعة التي تحولت مما كون مثل هذا الرمح الضوئي الهائل، التف حول الرمح رياح عاصفة و أعاصير مدمرة، بينما كان الرمح نفسه يتشكل من الضوء و به نقط صغيرة متوهجة كالنجوم التي بالسماء المظلمة

هذه النجوم الصغيرة انفجرت كلها مرة واحدة و انطلق الرمح بسرعة خارقة و التقى بالسهم

بوووووووووووووم

انفجر المكان كله و خلف آثارا مهولة، كما لو أن هناك نيازك قد أصابت المنطقة، اهتز المكان كله على بعد آلاف الأميال و جعل كل الوحوش السحرية بجميع مستوياتها تبتعد بعيدا قدر استطاعتها

تلك الهالة التي أنتجها تصادم قوة إدريس الحكيم بقوة التمثال جعلت كل الوجود في المنطقة على بعد آلاف الأميال ترتعد

فجأة، الغابات و الجبال و الشلالات كانوا قد أصبحوا غبارا، توقف إدريس الحكيم و عاد رمحه لطبيعته الأصلية ثم تكلم "أنت لا تريدني أن أدخل مهما حدث ! لا يبدو أنه باستطاعتي الدخول عنوة، أنا أعرف أنك تسمعني، أجب يا أيها الخبير السامي"


لم يحدث أي شيء، و بعد مدة من الوقت، تكلم صوت و الذي كان كصوت الرعد "عد يا أيها الحكيم المبتدئ، هذا ليس بمكان يمكنك الدخول إليه، فقط سكان العالم الواهن لهم الحق بذلك"

"همف" تهجن إدريس الحكيم و قال "يا لها من نبرة متعجرفة التي تملكها، لقد امتلكت الحكمة السيادية منذ 1000 سنة، و أنا في المرحلة الثالثة، و مع ذلك تناديني بالمبتدئ؟"

تكلم الصوت مرة أخرى كما لو أنه صوت الصاعقة "المرحلة الثالثة تترجم لمبتدئ، عد أدراجك و سأغفر لك أفعالك التي عكرت مزاجي الهادئ، إن حاولت المساس بالمصفوفة مرة أخرى فسوف تلقى عقابا شديدا"

عبس إدريس الحكيم و تنهد بعد مدة، قد يكون هذا الصوت متعجرفا، لكن تعجرفه هذا ليس من فراغ، تكلم إدريس الحكيم "قلت أن سكان العالم الواهن من لهم الحق في الولوج، لك هذا"

"حظا موفقا في ذلك، لكن لا تظن أن الأمر بهذه البساطة" تكلم الصوت و بدا كما لو أنه يبتعد في كل كلمة يقولها حتى اختفى تماما

تكلم إدريس الحكيم "نية سامية، هاه؟" التف ثم قال "يجب علي الخروج الآن من هذا النطاق و العودة للفتى باسل، سيكون على تلقينه دروسا غير منتهية ليكون باستطاعته الدخول لهذا العالم الثانوي، لو أنه نجح، فلا أعلم ما المكاسب التي قد يتحصل عليها"

تحرك إدريس الحكيم و بإشارة دائرية من يده ظهرت دائرة ضوئية، اخترقها بجسده فالتفت حوله و حلق بعيدا حتى استطاع الخروج من حاجز غير مرئي أكد خروجه من نطاق ما، لقد كان قد كسر مصفوفة أولية جعلته في نطاق آخر تحت سيطرة هذه النية السامية، هذا النطاق لوحده امتد لآلاف الأميال، و بمركز هذا النطاق كانت توجد المصفوفة الرئيسية التي أساسها تلك التماثيل

عندها، أتاه اتصال بخاتم التخاطر مباشرة، بما أنه كان في نطاق آخر، لم يكن باستطاعة أي أحد آخر التواصل معه عبر خاتم التخاطر، بسرعة أجاب (ما بك أيتها الصغيرة أنمار؟)


(معلمي، أسرع من فضلك، أنا لا أعرف ما الذي يجب علي فعله، لقد مر شهرين و باسل لا زال غائبا عن الوعي نتيجة لمعركة) أجابت انمار بأسرع ما أمكنها

عبس إدريس الحكيم ثم تكونت أمامه عدة دوائر ضوئية مثل التي صنعها قبلا مرة أخرى بإشارة من يديه، تكلم (أنا آت، انتظري لقليل من الوقت فقط) ثم اخترق تلك الدوائر الضوئية واحدة تلو الأخرى، و في كل مرة فعل ذلك، كانت سرعته تزداد بشكل خارق، في الأخير أصبح عبارة عن ضوء و حلق في اتجاه باسل

بعد أيام قليلة، وصل المعلم و ظهر أمام باسل الغائب عن الوعي، و أنمار التي كانت تأخذها غفوة استيقظت و تكلمت بفزع "معلمي، باسل، إن باسل..."

وضع إدريس الحكيم يده على رأسها و جعلها تهدأ ثم قال بعد التحديق في باسل بعبوس شديد "بقايا استخدام طاقة روحية ! ؟ ما الذي يحدث هنا ! ؟"

لم يفهم إدريس الحكيم لما هناك آثار لطاقة روحية متبقية على باسل، في لحظة، استجمع أفكاره و قام بوضع جميع الاحتمالات، لكنه مع ذلك لم يعلم و لم يفهم لماذا؟

حدق إدريس الحكيم في باسل بعمق و فكر لقليل من الوقت، وضع يده على ذقنه ثم جلس متقاطع القدمين أشار لأنمار بفعل المثل، عندها تحدث بادئا كلامه بجدية "أرى أن عنصر التعزيز الخاص به قد بلغ المستوى التاسع، إذا لقد شرب إكسير التعزيز مرة أخرى، يضعف الختم في كل مرة يرتفع بها في المستوى، وضع الختم على هذه الطريقة لأن جسده سيصبح أقوى في كل مستوى يرتفع به و يستطيع تحمل الطاقة الخارجية التي سيزداد حجمها مع كل مستوى يرتفع به"

"...هكذا كان يجب أن يسير الأمر، و عندما سيدخل للقسم الثاني من مستويات الربط و يكتسب القدرة على التحكم في الطاقة الخارجية، سينكسر الختم نهائيا و سيكون عليه التحكم في الطاقة الخارجية من أجل إيقافها، من المفترض أن تسير الأمور على هذا المسار، لكن شربه لإكسير التعزيز لمرتين تسبب في جعل عنصر التعزيز الآتي من الطاقة الخارجية يفوق مستوى عنصر النار مما تسبب له في جعل جسده الذي لا زال كجسد ساحر من المستوى السادس يواجه طاقة أكبر من مستواه بكثير"

في الحقيقة، جسد باسل أقوى من مستواه الفعلي، فهو دربه قبل حتى أن يصبح ساحرا، و حتى عندما أصبح ساحرا استمر في تدريبه من أجل تسهيل الأمر عليه كي لا يشعر بأي شيء من الطاقة السحرية الخارجية التي تتوغل لجسمه، و عندما شرب إكسير التعزيز، اضطر لعدم استخدامه حتى أصبح جسده مؤهلا لذلك عن طريق تدريبه بطريقة أقسى، لأنه بمجرد ما أن يستخدم عنصر التعزيز حتى تقوم الطاقة الخارجية بالدخول لبحر روحه عبر جسده. و في الأخير، أصبح جسده قادرا على استيعاب طاقة خارجية من المستوى السابع، لكن المستوى التاسع كان شيئا فوق قدر المستطاع بكثير

تحدث إدريس الحكيم بعد أن تنهد "سيجب عليه تدريب جسده مرة أخرى و الامتناع عن استخدام عنصر التعزيز مؤقتا"


سأل إدريس الحكيم أنمار عما حدث بالتفصيل ليرى إن كان بإمكانه وضع تفسير لهذا الأمر الغريب الذي يحدث لباسل

حكت أنمار لمعلمها ما حدث قبل شهرين مع ذكر كل التفاصيل، مما جعل إدريس الحكيم في حيرة أكبر، بقايا الطاقة الروحية هذه ناتجة من استخدام لها (الطاقة الروحية) من طرف باسل أثناء نهاية معركته ضد الأقدم الكبير

حاول إدريس الحكيم تفسير هذا الأمر بكونه له علاقة بـكرة الروح الهائجة، لكنه نفى هذا الاحتمال، لا يمكن لـكرة الروح الهائجة أن تتسبب في هذا، فالسبب في عدم تأثيرها على باسل هو استخدامه للطاقة الروحية، بمعنى أنه اكتسب الطاقة الروحية قبل أن يصاب بكرة الروح الهائجة

مهما و كيفما رأيت، ستجد أن باسل لا زال في مستويات الربط، لا زال لم يضع إصبعا واحدا داخل المستويات الروحية، شيء مثل هذا غير مألوف على الإطلاق، حتى بالنسبة لإدريس الحكيم نفسه

تكلمت أنمار بقلق "أيها المعلم، ماذا قصدت سابقا بـبقايا طاقة روحية؟"

وجه إدريس الحكيم نظره لأنمار و تحدث بنبرة واضحة "أيتها الصغيرة أنمار، لقد سبق و حدثتكما عن مستويات الربط و فصلت لكما ما تحتاجانه من معلومات، لكني لم أعطكما معلومات كافية عن المستويات الروحية، هذا من أجل جعلكما تركزان على الأهداف القريبة من أجل تحقيقها بشكل أسرع بدل محاولة اللحاق بأهداف بعيدة عنكما قد تكون سببا في ركود نموكما بعد بلوغها"


أماءت أنمار رأسها، بعد باسل، ليس هناك من هو أكثر ثقة بالنسبة لها من المعلم، لكن من ناحية التعليم، كان الأكثر ثقة بالنسبة لها و الأكثر حكمة بإرشاده، فلا يمكنها أن تجادله أبدا فيما يقول لها، كان يجب عليها هي و باسل الاستماع و التعلم، إن لم يتحدث معلمهما عن شيء ما، فهذا يكون من أجلهما، بالطبع كانت المستويات الروحية دائما تشغل بالهما، لكنهما لم يسألا عنها طالما معلمهما لم يبدأ الكلام حولها

و الآن، أخيرا أتى المعلم بهذا الموضوع للحديث حوله، تكلمت أنمار سائلة معلمها "ما علاقة هذا بحالة باسل الآن يا معلمي؟"

أجاب إدريس الحكيم "حسنا، مما رأيت و لازلت أفعل، فالفتى باسل قد استخدم طاقة روحية سابقا ضد ذلك الشخص الذي تحدثت عنه"

"همم؟" استغربت أنمار و سألت مرة ثانية "ألم تقل أننا لا يمكننا إدراك الطاقة الروحية إلا بعد بلوغنا المستويات الروحية؟"

تنهد إدريس الحكيم و أجاب "نعم هذا صحيح، و هذا ما حيرني طيلة هذا الوقت، حتى أنا لا زلت لم أفهم لما كان الفتى باسل قادرا على استخدام طاقة روحية، لكن هناك شيء أشك به مع أنه لم يحدث على مر الأزمان أبدا، ليس على حد علمي على الأقل"

استفسرت أنمار حول هذا الأمر، فاستأنف المعلم شرحه "قد يكون قد حان وقت معرفتكما بهذا الأمر، قبل هذا سيكون على شرح بعض الأمور أولا"

"...كما تعلمين، كل شخص يولد بنقط أصل، و من أجل البدء في رحلة المسار الروحي، سيكون عليه فتح هذه النقط، لقد حدثتكما سابقا عن هذا الأمر، كل شخص قادر على أن يصبح ساحر، سواء كانت موهبته ضعيفة أم لا، الذكاء يكون له دور فعال، و العزيمة لها نفس الأهمية، لكن مع ذلك، ليس الكل يكون باستطاعته الاختراق للمستويات الروحية"


استغربت أنمار فسألت عن السبب منتظرة جواب معلمها الذي كان كالتالي "لأنهم لا يكملون ربط نقط الأصل"

لم تفهم أنمار الأمر بعد، لكن إدريس الحكيم بدأ تفسيره بشكل مبسط أكثر "ربط نقط الأصل مختلف عن فتحها، تسمى المستويات الأربعة عشر مستويات الربط لأن خلالها يتم ربط كل نقطة أصل بالأخرى بينما يتكون حاجز روحي حولها (نقطة الأصل) و حول بحر الروح عند انتهاء الربط بالكامل. عادة، يتم ربط نقط الأصل الأربعة عشر كلها عند بلوغ قمة المستوى الرابع عشر، يتم ربط نقطة أصل الشخص الطبيعي ذو الموهبة الطبيعية بأخرى في كل مستوى يرتفع به"

"...عند بلوغه لقمة كل مستوى، يتم تشكيل حاجز روحي حول نقطة الأصل و بهذا يكون قادرا على المرور للبدء في تشكيل حاجز حول نقطة الأصل التالية، و هذا ما يسمى بـ'ربط نقط الأصل'، هذا ما يكون عليه الوضع غالبا بالنسبة لشخص طبيعي و موهبة طبيعية، لكن ليس الكل سواء، فهناك أشخاص طبيعيين بموهبة ضعيفة و آخرين بموهبة مرتفعة، لذا تجد بعض الأشخاص قد بلغوا قمة المستوى الرابع عشر و مع ذلك لم يُتِمُّوا ربط نقط الأصل، و في الجهة الأخرى، تجد أشخاصا قد أتموا ربط نقط الأصل قبل بلوغ المستوى الرابع عشر حتى"

"...هؤلاء، يعتبرون ذوي موهبة كبيرة جدا، ما ينادى عليهم بالعباقرة، فهناك من منهم قد بلغ قمة المستوى الأول فقط، و مع ذلك كان قد ربط ثلاث نقط أصل بالفعل، لأنه عندما كان قد اكتسب سحره لأول مرة، بمعنى عندما اخترق للمستوى الأول و أصبح ساحرا، استطاع ربط نقطتي أصل مرة واحدة، هؤلاء يكونون لهم شأن عظيم، فهذا يدل على موهبتهم العظيمة و المستقبل المشرق الذي ينتظرهم، غالبا ما أصبحوا شخصيات عظيمة في التاريخ. و عند إتمام الساحر لربط نقط أصله، يكتسب بحر روحه إرادة"

لم تفهم أنمار ما قصده المعلم مرة أخرى، لكنه و من دون أن يترك لها المجال لتسأل، أكمل شرحه "إرادة بحر الروح شيء يكون موجود دائما، فقط تكون مجزَّأة، و عند إنهاء ربط نقط الأصل و تشكيل الحاجز على كل واحدة منهن، يتكون الحاجز أيضا حول بحر الروح نفسه و يكتسب إرادته الخاصة، إرادته تتبع إرادة مالكه، إرادته ليست مستقلة بتاتا، لكنها متصلة مع إرادة المالك، عند اكتساب بحر الروح لهذه الإرادة، سيكون عندها قادرا على التحكم في روح الوحش الروحي التي سيستحوذ عليها الساحر من أجل الاختراق للمستويات الروحية، هذه الإرادة ستكون كالختم الروحي على إرادة الروح المستحوذ عليها، و عند الاختراق، يتحول بحر الروح ليصبح روحا كاملة مكتملة"

"انتظر من فضلك أيها المعلم، ماذا تقصد بالاستحواذ على روح وحش روحي؟" سألته أنمار مستغربة و متفاجئة


أجاب المعلم إدريس الحكيم "سأشرح لك هذا الأمر جانبا إلى باسل عندما يستيقظ"

تفاجأت أنمار و وقفت من دون أن تشعر، تكلمت بسرعة كبيرة "هل هناك وسيلة لجعله يستيقظ أيها المعلم؟"

"اهدئي أيتها الصغيرة أنمار، كل ما يحدث لباسل الآن مجرد إرهاق غير طبيعي لبحر روحه الذي استخدم طاقة روحية قبل أن يتحول لروح كاملة مكتملة، الطاقة الروحية نقية للغاية، بحر الروح الذي يستطيع التعامل مع الطاقة السحرية لا يمكنه تحمل نقاوة الطاقة الروحية و قوتها المركزة بشكل لا يوصف"

جلست أنمار مرة أخرى و هدأت كما طلب منها معلمها الذي أكمل قائلا "كل ما نحتاج لفعله الآن هو إخماد و تبديد بقايا الطاقة الروحية التي خلّفها استعمالها (الطاقة الروحية)، عندها سيهدأ بحر روحه مرة أخرى، لكن هذه العملية ستأخذ بضعة أيام من أجل إنهاءها، لذا فلتصبري لذلك الحين"

تنفست أنمار الصعداء و فرحت كثيرا، خبر سلامة باسل أكثر من كاف ليجعل مزاجها عظيما و تقفز من الفرح، إن اختفى باسل من حياتها، فلن يكون هناك سبب لعيشها، عندها سألت معلمها "آه، إذا ما سبب اكتساب باسل لطاقة روحية؟ قلت أنك تشك في أمر ما"

وقف المعلم و اقترب من باسل، حدق فيه بعمق و تحسر بداخله ثم قال " أعرف عن أشخاص اكتسب بحر روحهم إرادة قبل بلوغ قمة المستوى الرابع عشر بسبب كونهم قد أكملوا ربط نقط الأصل بالفعل، لكن هذا يكون بعد دخولهم للقسم الثاني من مستويات الربط، أسرع شخص يمكنه إتمام ربطها كلها يكون بالمستوى الثامن، لكني لم أسمع بشخص قد أكمل ربط نقط الأصل في حين لا يزال بالمستوى السادس و اكتسب بحر روحه إرادة، و ليس هذا فقط، بل و تجسدت به قليل من قوة نطاق الأرض الواسعة"

"...حالة باسل مختلفة بامتلاكه عنصر التعزيز الذي بلغ المستوى التاسع، فهو شخص غير طبيعي ذو موهبة مرتفعة، لذا أظن أنه يتفوق على الأشخاص الطبيعيين ذي الموهبة المرتفعة الذين قد أكملوا ربط نقط الأصل مع أنهم في القسم الثاني من مستويات الربط فقط، عبقري بين العباقرة، حتى أنا ليس بإمكاني تحليل بحر روحه الذي لا زال لم يتطور ليتشكل كــروح"

"...ما يمكنني الشك به هو أن إرادة بحر روحه كانت قادرة لمس الدرج الأول من المستويات الروحية و اكتساب القليل من قوتها، و ما سبب هذا كان المغامرتين اللتين خاضهما بشربه لإكسيري علاج و إكسير تعزيز، على ما أظن، بسببهما كان قادرا على ربط نقط الأصل جميعها و اكتساب بحر روحه لإرادة استطاعت بلوغ جزء من قوة من نطاق الأرض الواسعة، مع أن هذا يبقى أمر لا يمكنني فهمه على الإطلاق. سيجب على درس هذه الحالة جيدا"

تحدث إدريس الحكيم بداخله "إرادة بحر روح استطاعت استخدام طاقة روحية قبل أن تتطور لتصبح روح، كيف ستكون إذا عندما تصبح روحا كاملة مكتملة ! ؟"

جلس إدريس الحكيم بجانب باسل و وضع يده فوق جبهته، و انطلاقا من نقطة الأصل التي بها بدأ يتحكم في مجرى سيران طاقة باسل، مثل هذا الأمر لن يقدر على فعله سوى المخضرمين و الذين لهم تحكم مثالي في طاقتهم سواء السحرية كانت أم الروحية

فهو سيقوم بإدخال طاقته الروحية عبر نقط أصل باسل، و هذا سيسبب ألما كبيرا له بسبب مقاومة مسار نقط أصله و بحر روحه للطاقة الخاصة بشخص آخر، لكن سيكون عليه التحمل، فبمستوى باسل الحالي بغض النظر عن حالته، لن يكون بإمكانه إخماد و تبديد بقايا الطاقة الروحية، لذا يجب عليه ترك الأمر بيد شخص آخر و تحمل الآلام الناتجة عن ذلك

و ليس هناك من هو أفضل من إدريس الحكيم في القيام بهذا العمل، قد تكون حالة باسل هذه غريبة، لكنها لا تختلف كثيرا عن الكثير من الحالات التي رآها إدريس الحكيم طيلة حياته، هناك من فقد السيطرة حتى على طاقته الروحية، و هناك من أصيب بلعنة روحية، مر بالكثير من هذه الحالات و كان قادرا على النجاح في علاجها كلها

مجرد إخماد و تبديد لبقايا طاقة روحية أمر في غاية البساطة بالنسبة له مقارنة بما جربه من قبل

بمجرد ما أن توهجت يد إدريس الحكيم و توغلت طاقته الروحية عبر نقطة الأصل التي بالجبهة حتى اهتز جسد باسل و ارتفع ثم نزل من شدة الآلام و الصدمة التي أحس بها، هو بالفعل يمر بتجربة قاسية من التعذيب، و مع ذلك، لم يتغير تعبير وجه إدريس الحكيم و ظل هادئا كما كان و أكمل عمله في التنقية بطاقته الروحية النقية

قد يبدو من الوهلة الأولى أن علاج باسل الذي سيأخذ بضعة أيام طويلا، لكن الأمر ليس كذلك، تنقية بحر روح أو روح شخص ما، تعني التوغل بطاقتك الروحية لبحر روحه أو روحه، و أبسط خطأ يمكنه أن يزيد الحالة سوءا و يتسبب في تدمير الشخص بدل علاجه، الآن يجري إدريس الحكيم عملية التنقية حيث يقوم بإخماد كل جزيْء من الطاقة الروحية الخاصة بباسل، و بعد جعله يهدأ يقمعه بطاقته الروحية و يمحوه، و هكذا ينتقل من الجزيء للآخر

مرت ثلاثة أيام و لم يتوقف إدريس الحكيم عن عمله، أراد أن ينتهي من هذا الأمر بأسرع ما أمكنه، و كذلك أنمار التي بقيت حريصة على مشاهدة التغيرات التي تطرأ على باسل طيلة هذه المدة، و بنهاية اليوم الثالث، ذهب الشحوب الذي كان يظهر على جسم باسل كله و ليس فقط وجهه، كما وقف المعلم و تحدث "حسنا لقد انتهيت، الآن سيعود بحر روحه للاستقرار تدريجيا، طاقته الروحية هي التي ساعدته في النجاة من الطاقة الهائلة الخاصة بعنصر التعزيز، فهي تمتصها لجعلها قابلة للتحكم بالنسبة لباسل"

فرحت أنمار كثيرا و أزيل الثقل من على صدرها الذي كان يجعل تنفسها صعبا طيلة الشهرين الماضيين


تكلم إدريس الحكيم "أيتها الصغيرة أنمار، الآن بما أنك اطمأننت على صحته، ارتاحي أنت أيضا، بالنظر إليك، يمكن للشخص أن يعرف أنك لم تأخذين قسطا للراحة طيلة هذه الشهرين، لا تقلقي على الفتى باسل، سوف يكون واعيا بالغد"

استمعت أنمار لكلام معلمها و نامت بوضع رأسها فقط على السرير الذي ينام عليه باسل بينما جسدها على الكرسي، و بعد أن ارتاحت نفسيتها، لم يهم الوضعية التي كانت عليها، غطت في نومها بأريحية و بنظرة هنيئة على وجهها

رآهما إدريس الحكيم و فكر بداخله "رأيت الكثير من أنواع الحب، لكنني لم أرى في حياتي شخصا يعز أحدا آخر لهذه الدرجة، لقد كان خياري صائبا في جعلها تأخذ جانبه، غير ذلك، سيكون الفتى باسل وحيدا في مساره الروحي من دون أن يجد أي أحد ليرافقه قدما بقدم و يثق به بشكل أعمى، قد تكون لا زالت صغيرة، لكن عشقها له يستطيع تجاوز آلاف السنين و اختراق العوالم"

ابتسم ثم التف و اختفى

في الصباح التالي، أشرقت الشمس و نزلت بأشعتها على غرفة باسل، فإذا بهذا الأخير يفتح عينيه و يجلس في مكانه، عندها رأى أنمار المنهكة تماما، حدق فيها بحنان و لم يدري حتى كانت يده متوجهة نحو شعرها، عندها استيقظت أنمار فجأة مما جعله يرجع يده بسرعة

أنمار التي شاهدت باسل جالسا فاتحا عينيه، طارت من الفرح و قفزت عليه بينما تصرخ "باسل"

انقضت عليه و عانقته بشدة، احمر وجه باسل قليلا، صدرها يلامس وجهه، بينما ساقيها تلتف حول جسده، لقد أمسكته بجسدها كله مما جعل باسل لا يعرف ماذا يفعل

آآآه

صرخ باسل قليلا من الألم، فأزاحت أنمار نفسها عنه و مدت يدها عليه خائفة عليه "ما بك؟ ألا زلت تعاني؟ ألم تشفى؟"

تنهد باسل ثم تكلم بعد أن أزاح يده عن صدره الذي كان يمسكه بإحكام "لا، لا شيء، فقط بعض الآلام الجسدية، لا زال جسمي لم يتعافى كليا فقط"


بالطبع لا زال لم يفعل، فحتى الآن لا زالت الطاقة الخارجية تتوغل لجسمه بسبب إيجادها لمكان فارغ، هذا يحدث لأن القطعة الأرضية الصغيرة تقوم بامتصاص طاقة عنصر التعزيز لجعله قابلا للتحكم و لا يدمر بحر الروح، و في المقابل، تتوغل الطاقة الخارجية لتعوض الطاقة التي فقدت، و هكذا تستمر الدورة اللانهائية

تنهدت أنمار و ارتاحت، عندها سألها باسل "أين المعلم؟"

"همم؟" استغربت أنمار ثم قالت "كيف علمت عن قدومه؟"

أجاب باسل "البارحة عندما تماثلت للشفاء استطعت الشعور به، لم أكن قادرا على الاستيقاظ لكني كنت قادرا على الشعور بما حولي"

نظرت أنمار في الأرجاء و لم تجد معلمهما فاستغربت قائلة "لقد كان هنا قبل نومي، يبدو أنه ذهب مرة أخرى"

"حسنا" قالها باسل و نهض عن مكانه ثم لبس سترته و سرواله الأبيضين، ارتدى حذائه الأحمر ثم تكلم "كم مر من الوقت و أنا فاقد للوعي؟"

أجابته أنمار، فوضع باسل يديه على ذقنه "شهرين، هاه ! لقد غبت طويلا، هيا، يجب أن نذهب للقصر الإمبراطوري، لقد تنقلت عائلة كريمزون إلى هناك، أليس كذلك؟"

"نعم" أجابت أنمار و أكملت "لقد انتظرك جدي لتستيقظ طوال هذا الوقت من أجل إقامة الاجتماع، جعل حتى الإمبراطوريين ينتظران طيلة هذه المدة من أجلك"

ابتسم باسل و قال "هكذا إذا، حسنا، سأذهب لملاقاة شخص ما أولا"


"همم؟" استغربت أنمار و أرادت أن تسأل باسل، لكنها وجدته قد خرج من باب منزلهما بالفعل، بمجرد ما أن خرج باسل حتى رأى بعض الجنود المخضرمين من المستوى الخامس يقومون بحراسة منزله، و عند ظهوره انحنوا احتراما له، و في الحال، ظهر أمامه أخوا القطع 'غايرو و كاي' و 'جون' (حارس بوابة العاصمة سابقا) و ركعوا على ركبة واحدة

"سيدي، إلى أين تريد الذهاب" قالها الأخ الأكبر غايرو

أكمل الأخ الأصغر كاي وراءه "سنجهز لك عربة لتنقلك يا سيدي"

ثم تكلم جون "هناك الكثير من المراقبين كانوا ينتظرونك لتستيقظ، يجب أن يكونوا قد علموا بالأمر و ذهبوا لإعلام أسيادهم، ماذا نفعل يا سيدي؟"

وضع باسل يده على ذقنه ثم فكر بداخله "لا زلت لا أريد الالتقاء بأشخاص مزعجين الآن، أريد وقتا خاصا، حسنا"

سأل باسل "أين هي العربة؟"

أشار كاي بيده فأتت العربة مسرعة، كان يقودها خيل ملكي، الخيل الملكي كان عبارة عن وجود أشبه بالوحوش لكنه ليس منهم، مما جعله يقف في المنتصف، بين الحيوانات و الوحوش، يعتبر الخيل الملكي وجودا نادرا كثيرا، و لا يملكه سوى الملوك و كبار شخصيات هذا العالم، سرعتهم كبيرة جدا و يمكنها أن تجعل الخيل الطبيعي يظهر كالقط مقارنة به إن شبهناه بالنمر، كان الخيل الملكي يتميز بحوافره الحادة و القاسية و جسده الضخم أكثر من الخيل الطبيعي، مع الشعر الملون بسبع ألوان قوس قزح على عنقه، كان خلابا جدا، و هذا جعل قيمتهم كبيرة جدا في العالم، و لا يمكن مقارنتهم إلا مع خيل البحر الملكي، لذا لا تجد سوى الشخصيات العظيمة من تمتلكهم

ركب الأربعة العربة إضافة لأنمار التي لحقت بباسل و بأمر من هذا الأخير الذي كان كالتالي "توجه نحو الجنوب" انطلقت العربة بأقصى سرعة لها

عندها تكلم باسل "أنمار، سنستخدم عباءة الشفاف، ارتدي واحدة"

فعلت أنمار كما طلب منها باسل الذي قال قبل أن يرتدي واحدة هو الآخر "احرصوا أنتم الثلاثة على تضليل أولئك المطاردين المزعجين، نحن سنذهب، أنمار، قومي بها"


استخدمت أنمار طاقتها السحرية قبل فتح بوابة العربة ثم انطلقا

مر الكثير من الوقت على اتجاه العربة نحو الجنوب، و هذا تسبب في جعل المطاردين يشكون، انقضوا كلهم و أوقفوا العربة ثم صرخوا "سعادة 'قاتل الدم القرمزي'، نحن مبعوثي جلالته الإمبراطور شيرو، أرجوك رافقنا، جلالته بحاجة للتكلم معك"

و في الحال ظهر أشخاص آخرون و صرخوا "نحن مبعوثي جلالة الإمبراطور غلاديوس، أرجوا من فخامته 'قاتل الدم القرمزي' أن يرافقنا"

حدقت المجموعتين في بعضهما بينما الشرارات تتلاقى من أعينهما، إنها منافسة فيما بينهما لمن يستطيع إحضار باسل لسيده، لقد حرصوا على انتظار هذه اللحظة طيلة الشهرين الماضيين، لا أحد من الطرفين مستعد للتراجع، و بالتأكيد سيقنعون باسل للذهاب معهم

خرج جون من العربة ثم قال "لا يوجد سيدي هنا، انقلعوا"

"هاه؟" استغرب الجميع و صرخوا "لا تمزح معنا لقد رأيناه بكل تأكيد يدخل للعربة و لم يخرج منها أبدا، لا شك في هذا"

"نصف كلامكم صحيح" استعجب المطاردون ليكمل جون "لقد دخل سيدي لهذه العربة، لكنه خرج منها"

"هاه؟" لم يفهم أي أحد ما حدث

و في هذه الأثناء، كان باسل و أنمار متوجهان نحو المكان المقصود، في طريقهما، مرا على قادة التشكيل الذين كانوا يتدربون بقصر عائلة كريمزون السابق، لقد جعلوا من ذلك المكان كمعقل للتدرب بالكامل، قوتهم في هذه الشهريين الماضيين ارتفعت كثيرا، و عددهم ازداد عما كان عليه بكثير


التقى باسل بقادة التشكيل الذي فرحوا كثيرا برؤية سيدهم، لم يسعهم سوى أن يشعروا بالقلق عليه طيلة هذا الوقت، لكن هذا جعلهم يريدون أن يصبحوا أقوى من أجل تسهيل الأمر على سيدهم، و كذلك كان الحال مع التاجر ناصر، هذا الأخير انضم للتدريب بجانب قادة التشكيل طيلة الشهرين الماضيين من أجل رفع قوته أكثر، ما شاهدوه قبل شهرين تسبب لهم في الشعور بالعجز كثيرا، لذا قرروا تقوية أنفسهم أكثر من أجل عدم الشعور بمثل ذلك الشعور مرة أخرى

أخذ باسل عربة منهم و اتجه نحو القصر الإمبراطوري

عندها تكلمت أنمار "أنت تريد اللقاء بجدتك التي تكلم عنها جدي؟"

ابتسم باسل و قال "هذا صحيح"

تنهدت أنمار و قالت "كان بإمكانك القيام بهذا من دون اللجوء لهذه الألاعيب"

"أنت تعرفينني، وقتي الخاص، وقت راحتي، لا أريد أي إزعاج به، ملاقاة جدتي التي لم أراها في حياتي يعتبر أمرا في غاية الأهمية بالنسبة لي، تدخل طرف ثالث لا علاقة له بالأمر سيكون فعلا لا تحمد عقباه بالنسبة لفاعله"

أغمضت أنمار عينيها بأريحية، هذه طبيعة باسل دائما، سؤالها كان من دون فائدة، ففي النهاية، لقد كانت تعرف الجواب بالفعل قبل أن تطرح السؤال حتى

أمام بوابة الساحة الخارجية المحيطة بالقاعة الرئيسية للقصر الإمبراطوري، أصلحت من جديد، مع طاقة سحرية خالصة خاصة بعدة سحرة من المستوى السابع، كان ترميمها سريعا

اقتربت عربة ببطء مما جعل أحد الحارسين اللذين أمام البوابة يسرع لإيقافها، صرخ متكلما بطريقة رسمية "من أنت؟ بعد هذه المنطقة لا يحق لأي شخص الاقتراب سوى العائلة الحاكمة أو الذين لهم رخصة بالمرور

كان يقود العربة جندي من التشكيل، لذا أراد أن يتحدث، لكن صوت شخص آخر من داخل العربة قد منعه من القيام بذلك، صاحب هذا الصوت كان التاجر ناصر الذي جعله باسل يرافقهم، باسل لا يمكنه إظهار نفسه، و أنمار إن ظهرت هنا، فسيشك الكثير في احتمال وجود باسل معها، هي الفتاة التي لم تتركه و لو لثانية لوحده طيلة الشهرين الماضيين، سيكون من الغريب أن تفارق جانب باسل بعد استيقاظه من غيبوبته

نزل التاجر ناصر ببطء من العربة، و بمجرد ما أن ظهر حتى انحنى له الحارس بسرعة ثم قال "اعتذاراتي، لم أعلم أنه أنت يا سيدي" التف بسرعة و صرخ "إنه الأمير ناصر، افتحوا البوابة"

بعد أن أصبحت عائلة كريمزون العائلة الحاكمة من جديد، التاجر ناصر الذي أخذ اسمها من قبل، أخذ لقب الأمير مع عدة أراضي داخل العاصمة الكبيرة

ختم البوابة عادة يكون في حيازة أعضاء العائلة الحاكمة، لكن، يكون هناك ختم معطى لحراس البوابة، في الحرب لم يكن مثل هذا الختم الاحتياطي في حيازة الحراس من أجل الحرص على عدم فقدانه و سقوطه في يد العدو

فتحت البوابة ببطء و كذلك كان تحرك العربة التي أكملت طريقها نحو القاعة الرئيسية، هذه الأخيرة محاطة بعدة قاعات جانبية، لذا العربة اتجهت نحو الموجودة باليمين

عندما كانوا أمام البوابة، قام التاجر ناصر بالنزول شخصيا كي يبدد شكوك المراقبين كلها، لو أن الجندي الذي يقود العربة من تحدث، و حتى لو أرى الحارس رخصة المرور الخاصة بالأمير ناصر، فالمراقبين الذين ينتظرون بفارغ الصبر ظهور باسل سيشكون في هذا الأمر


و كما أراد باسل، مر كل شيء بسلاسة و هدوء

و أخيرا وصلت العربة، و مع فتح البوابة، نزل التاجر ناصر، أو هذا ما بدا للآخرين، و في الحقيقة، كان يرافق باسل و أنمار المختفيين بعباءة الشفاف

دخلوا قاعة جانبية، عندها أخيرا أزال باسل و أنمار عباءة الشفاف و ذهبا براحة أكبر، بعد مرورهم في ممر طويل، وصلوا لبوابة، بعد التعرف عليهم و إبلاغ الأمر للشخص الذي في الداخل، فتحت لهم البوابة بكل احترام

و مع فتح البوابة، حتى قفزت فتاة بالغة على أنمار بكل فرح "ابنة أخي أنمار" عانقت الأميرة 'كريمزون سكارليت' أنمار بشدة و لم تتركها لثوان عديدة، و في الجانب، ظهر الجنرال منصف الذي ابتهج برؤية باسل، لقد ارتعبت قلوبهم كثيرا، ظنوا أن باسل سيموت، فهم لم يروا مثل حالته من قبل أبدا، جميع الأطباء المشهورين، حتى الأطباء السحرة لم يستطيعوا فهم حالته أو علاجها، و حالة يائسة، قامت أنمار بإحضار العالم الجنون الذي أمسكه باسل سابقا و أمرته بفعل شيء ما

لكن هو أيضا لم يعرف ما الذي يجب عليه فعله بالضبط، لم يرد أن يخاطر بالإقدام على فعل قد يكون سببا في موته عندما يفشل

في الحقيقة، عندما كانت أنمار تنصت لمعلمها عن حالة باسل و عرفت السبب، تفاجأت كثيرا، فذلك العالم الجنون قد أعطى شرحا قريبا لذلك مع أنه كان مبهم، هو لم يعرف عن الطاقة الروحية، لكنه فهم أن السبب هو طاقة غريبة تجعل باسل يعاني هكذا، حتى أن عينيه أظهرت إشراقا غريبا يبعث القشعريرة في الجسم عندما شاهد حالة باسل، من يعلم؟ ربما إن لم تكن أنمار هناك أو كان المريض شخصا آخر غير باسل، لا أحد سيكون قادرا على الجزم بقدرة ذلك العالم المجنون على منع فضوله

لكنه قمع فضوله بسبب النظرة القاتلة التي أتت بعدما صنع نظرته المشرقة، تلك النظرة جعلته يفكر ألف مرة في الفكرة التي أتته بعقله و يحذفها بعد ذلك

بعدما شبعت الأميرة كريمزون سكارليت من أنمار، قفزت على باسل و عانقته مع ظهور بعض الدموع قليلا على عينيها ثم تحدثت "لم يرد أي شخص إخبارنا عن حالك، لكن حرصهم هذا كان دليلا فقط على الحالة التي كنت بها، حمدا على سلامتك"

باسل الذي تفاجأ بسبب قفزها عليه، هدأ و حدق فيها بحنان ثم قال "لم يكن هناك شيء لتقلقين عليه، لذا لم يخبرك الآخرون، أنا بخير كما ترين أيتها الأميرة"

أزاحت الأميرة سكارليت نفسها عن باسل و تقدم الجنرال منصف بينما يقول "عودتك شيء عظيم، لقد انتظرناك بفارغ الصبر أيها السيد الصغير"


ابستم باسل فقط من دون الإجابة، جلسوا جميعهم في غرفة حول طاولة واحدة و تكموا لبعض الوقت كعائلة واحدة، التاجر ناصر أيضا انضم لهم في الحديث، بعد التعرف عليه من طرف الأميرة سكارليت و أمها، تقبلوه بكل سرور مما جعله في قمة السعادة، تحدث الجنرال منصف "إذا ما الذي جاء بك إلى هنا؟ ظننت أنك ستتوجه للقاعة الرئيسية أولا"

حدق باسل في الجنرال منصف و شرب الشاي ببطء ثم قال بهدوء "أريد لقاء جدتي"

تكلمت الأميرة سكارليت فجأة "أوه ! هذا جيد، إنها معزومة عندنا بالغداء، يمكنك انتظارها لذلك الحين"

لا زالت الظهيرة بعيدة قليلا، لذا اقترحت الأميرة سكارليت على باسل و أنمار الخروج للفناء و التمتع بنسيم الصباح الهادئ

في طريقهم، أتى صبي صغير عمره حوالي الخامسة مسرعا نحوهم و تعلق بقدم أنمار ثم تكلم "أختي الكبرى أنمار"

ربتت أنمار على رأسه ثم انحنت قليلا لتصبح في نفس مستوى طوله و قالت "أوه، كيف حالك أيها الملك الصغير"

كانت أنمار تعامله بشكل جيد، فبعد كل شيء، ذلك الفتى يعتبر ابن عمتها، أنمار تعز باسل بشكل كبير، بعده تأتي عائلتها، لا تهتم بأي شيء آخر في هذا العالم غير هذين الاثنين فقط

حدق به باسل، فبادله الطفل الصغير التحديق، حاول باسل التكلم معه "أوه، ما اسم الملك الصغير؟"

حملق الطفل الصغير به بعدائية نوعا ما، ثم أدار رأسه منزعجا من باسل كما لو أنه فعل شيئا سيئا بحقه


لم يفهم باسل ما يحدث، لكن الطفل الصغير تحدث "أختى الكبرى أنمار ستتزوج 'كارماين'، أليس كذلك؟" و بعد أن قالها حدق في باسل ثم أدار رأسه منزعجا مع صوت "همم"

يبدو أن الشقي الصغير لا يطيق باسل، لكن السبب واضح على ما يبدو، ربتت أنمار على رأسه و ابتسمت ثم قالت "كارماين، أختك الكبرى ستتزوج من أخيك الأكبر باسل، لكنك ستبقى أخي الصغير للأبد"

عبس 'كارماين' و حدق في باسل، هذا الأخير لم يستطع منع نفسه حتى صنع ابتسامة خبيثة في وجه الفتى الصغير، كانت ابتسامة تعلن فوزه، مما جعل كارماين الصغير يدمع و يضرب باسل بقدمه التي تألمت بدل أن تسبب الألم لباسل، أحس كارماين الصغير بالهزيمة فغادر مسرعا بينما يقول "أختى الكبرى أنمار الخائنة"

ضحك الجنرال منصف و البقية على هذا الأمر و أكملوا طريقهم بعدها، لكن أنمار بقيت متجمدة في وضعيتها من دون أن تتحرك مما جعل باسل يستغرب و يناديها، لكنها قامت من مكانها و تبعتهم بهدوء شديد كما لو أنها أصبحت في عالم آخر، لم يفهم باسل ما الذي حدث لها و أكمل طريقه فقط

في هذه الأثناء بالقاعة الرئيسية

"أوه، لقد أتى حليفنا باسل، هذا جيد، فلنذهب لرؤيته" تحدث الكبير أكاغي بعدما سمع الخبر من التاجر ناصر الذي أتى ليبلغه بالأمر

"لا" تكلم التاجر ناصر "في الحقيقة، لقد أخبرني السيد الصغير أنه سيأتي بنفسه إليك، أنت لست بحاجة للذهاب عنده، تحركك هذا سيتسبب في شك بعض المراقبين، إنه يريد تمضية هذا اليوم بهدوء"

أحبِط الكبير أكاغي قليلا، لكنه يريد تلبية طلب باسل، لذا مكث في مكانه منتظرا قدوم باسل فقط

و في القاعات الجانبية باليسار، هناك كان يمكث الإمبراطورين، كل واحد منهما أخذ قاعة كمبيت له مؤقتا

في جهة الإمبراطور شيرو


تحدث الإمبراطور شيرو عبر خاتم التخاطر (فلتجدوه بسرعة، لا أريد سماع أي خبر آخر منكم غير إحضاركم إياه، مما رأيت في تلك الحرب، ذلك الفتى هو ركيزة هذه الإمبراطورية، كسبه يعني كسب تلك الإكسيرات و الأدوات، مع معرفة كيفية بلوغ تلك المستويات الخارقة"

بعد انتهاءه اقتربت منه فتاة بيضاء، شعرا و عينا و جسدا، كما لو أنها منحوتة ثلجية تتحرك على قدميها، جمالها يجعل أي رجل يراها يسقط في غرامها، بدت كما لو أنها أميرة الثلج من الأساطير، فقط برؤيتها تجعلك تريد الموت من أجلها و تجعل روحك تخضع لها

تحدثت بصوت هادئ جدا "أبي، هل سيأتي 'قاتل الدم القرمزي' الذي تحدثت عنه؟"

حدق فيها أبوها و طرأت فكرة في باله جعلته يطرح سؤالا على ابنته "ماذا هناك؟ هل لديك اهتمام به يا شيرايوكي؟"

ضيقت الأميرة شيرايوكي عينيها و جعلتهما نصف مغمضتين ثم قالت بهدوء كبير "أنا فقط أريد أن أعلم، عندها سأحرص على عدم التواجد في حضوره"

استغرب الإمبراطور شيرو فسأل "لماذا؟ إنه البطل الذي أرجع عائلة كريمزون لحكمها"

لم تتغير تعابير الأميرة شيرايوكي و قالت "بطل؟ لقبه فقط يعطيك الخبر، أليس مجرد قاتل متعطش للدماء، شخص مثله قام بذبح عائلة كلها، كيف له أن يكون بطل؟"

تنهد الإمبراطور شيرو و قال "ابنتي الصغيرة، لقد كان في وسط حرب، إن لم يَقتل سيُقتل، ماذا تتوقعين؟"

التفت الأميرة شيرايوكي و تكلمت "أنا لا أهتم في الدوافع، قتل الناس كالحشرات شيء لا أطيقه فقط، لا يهمني إن ناداه الناس ببطل أو مجدوه كمنقذهم، في النهاية سيبقى مجرد قاتل بارد الدم بالنسبة لي، هناك الكثير يشبهونه في هذا العالم، من يبررون قتلهم بالعدالة، كلهم سيان بالنسبة لي، مجرد قتلة تحت قناع منقوش عليه اسم بطل"


تنهد الإمبراطور شيرو مرة أخرى ثم تكلم بداخله "شخصيتها هذه جعلت من الصعب قبولها بخطوبة أي شخص تقدم إليها، و أنا الذي كنت أظن أنني سأجعلها سببا في كسبنا لذلك الفتى"

بجهة الإمبراطور غلاديوس

"يبدو أن الفتى لا يريد مقابلة أي أحد حاليا، لكن في النهاية سيظهر نفسه لعائلة كريمزون، ضعوا أعينكم بحرص شديد هناك، محادثة صغيرة مع ذلك الفتى ستكون بمثابة كنز لا يضاهى، و مبارزة معه ستكون أكثر قيمة"

أمرهم الإمبراطور غلاديوس، فأجاب الجنرالين الراكعين على ركبة واحدة باحترام كبير "سمعا و طاعة"

مر الوقت، و ارتفعت الشمس فوق رؤوسهم، مما أعلن عن اقتراب موعد مجيء جدة باسل، هذا الأخير بدأ قلبه يتسارع قليلا، لا يعرف كيف عليه أن يواجه جدته هذه، و بينما يفكر في هذا الأمر، حتى تكلم صوت من بعيد مناديا باسمه "باسل"

لم يعرف باسل لمن هذا الصوت، كان لأول مرة يسمعه، لكن الصدى الناتج عن الصوت الذي ناداه تردد في قلبه مرارا و تكرارا، و أحس بشعور حنين جميل، أحس كما لو أن أمه قد نادته، صوت جديد على المسامع، مألوف للقلب، وقف باسل في مكانه بسرعة و تكلم "جدتي ! "

لم يلحظ باسل حتى وجد نفسه بذراعي تلك المرأة التي ظهرت، شعر بجسده يهتز، أحس بدفء لا يوصف في تلك اللحظة، لأول مرة في حياته، أحس باسل بدفء العائلة من شخص آخر غير أمه

حدقت به جدته التي لم تكن كبيرة كثيرا نظرا لعمرها، نظرت لوجه باسل من جميع الزوايا فدمعت عينيها ثم قالت "إنك تشبه أباك جاسر تماما" ثم عانقته من جديد

أحس باسل برجليه تفشلان، إنه يملك صلة ددمم أخرى، لقد استسلم عن هذا الأمر، في الحقيقة، كان قد اقتنع كليا أن أمه لوحدها كافية له كشخص يرتبط به بالدم، لكن بعد ملاقاته لجدته، علم عندها دفءً آخر مختلف عن الذي يستشعره من أمه

و من دون أن يدري حتى انسلت دمعة من جفنه جاعلة إياه يدرك أنه في الحقيقة لطالما تمنى في أعماق قلبه الالتقاء بشخص آخر يرتبط به بالدم

بادل باسل العناق مع جدته، فحدق بهما الجنرال منصف و أنمار بتعجب، و كذلك كان حال الأميرة سكارليت، لكن تعجبها هذا لم يطل حتى تحول لدموع متأثرة من لم الشمل هذا، أمّ الأميرة سكارليت و زوجة الكبير أكاغي التي رافقت جدة باسل كل الطريق إلى هنا، لم تستطع هي أيضا منع دموعها من النزول بغزارة

امرأة فقدت زوجا تاركا إياها مع ابن وحيد و والديها العجوزين، في يوم من الأيام اختفى الابن، و بعدها مات والديها الطاعنين في السن، انتظرت ابنها آملة رجوعه يوما ما، مرت سنين و لا زال لم يعد، حتى أتاها خبر موته، لكن الخبر الجيد المصاحب للخبر السيء كان الشيء الوحيد الذي جعلها لا تفقد إرادتها في الحياة

خبر موت ابنها قد حطم آمالها، لكن خبر وجود حفيد من ابنها الميت جعل تلك الآمال تُنعش من جديد، و الآن، التقى الحفيد و الجدة، الاثنين معا كانا يشعران بسعادة غامرة، و أحس كل واحد منهما بالقرب الشديد من الطرف الآخر

*****

في سلسلة جبلية امتدت لآلاف الأميال و اتخذت شكل حلزونيا، ظهر هناك إدريس الحكيم، كان يقف بالسماء في مركز هذه السلسلة الجبلية التي تعتبر كلها منطقة محظورة

حدق بالأسفل و تكلم "حسنا، هذا المكان مناسب، سيكون جيدا لتدريب الفتى باسل القادم، و الآن، فلنبني بعض المصفوفات الروحية"

نزل إدريس الحكيم من السماء، و بمجرد ما أن اقترب من الأرض حتى ظهرت الآلاف من الوحوش السحرية مرة واحدة، كانت تشمل ثلاث أنواع مختلفة

حدق إدريس الحكيم بها و تمتم "كما توقعت، لقد تطورت الوحوش السحرية أيضا، اقتراب شخص ما من اختراق المستويات الروحية يجعل هذا العالم قريبا من التحول من عالم سحري لعالم روحي"

كانت الوحوش تمتلك نية قتل مخيفة تجاه إدريس الحكيم، بدت كما لو أنهت اجتمعت لتصد المحتل و تقتله أو تخرجه من منطقتها

حصان مخالب الظلام ، الأسد الشيطاني، الكوبرا المجنحة، كلها وحوش يعلم عنها إدريس الحكيم جيدا، قبل سنين قليلة، لم تكن قوية كالآن، حصان المخالب الظلام الذي ازدادت هالته و حجمه أيضا، بدا كما لو أنه يتعرض لتغير تطوري، و كذلك الحال مع النوعين الآخرين

لم تكن هذه الوحوش تفوق حتى المستوى الخامس بالعالم الواهن، لكن إدريس الحكيم لاحظ هذا التغير الكبير في قوتها مؤخرا، هذه الوحوش ازدادت قوتها بكثير عما سبق و اخترقت للقسم الثاني من مستويات الاكتساب

مستويات الوحوش تختلف قليلا عن مستويات السحرة، فالوحوش يملكون حجر الأصل، بينما السحرة يملكون نقط الأصل

و الآن بعدما كانت هذه الوحوش في المستوى الخامس فقط، أصبحت الآن في المستوى التاسع و العاشر، تطورها هذا سريع للغاية، فكر إدريس الحكيم لقليل من الوقت

لابد من أن السبب يعود لاختراق أحدهم من العالم الواهن للقسم الثاني من مستويات الربط قبل فترة طويلة، و إلا لن تتطور هذه الوحوش لهذه الدرجة أيضا

أحاطت الوحوش السحرية بإدريس الحكيم من كل الجهات و هاجمته مرة واحدة، أحصنة مخالب الظلام استخدمت سحر الظلام و أحاطت به مخالبها و قرونها الأمامية ثم انقضت على إدريس الحكيم، و كذلك فعلت الأسود الشيطانية التي توهجت قرونها الرقيقة و ذيلها الثعباني ثم التهبت أجسادها، و أخيرا حلقت أفاعي الكوبرا المجنحة و رفرفت بأجنحتها مطلقة ريشها الغير منتهي و القاسي و المدعم بسحر الماء بحيث يمكنه اختراق الدروع السحرية الأقل منه مستوى من الهجمة الأولى

كلها انقضت على إدريس الحكيم مرة واحدة


وقف إدريس الحكيم مغلقا عينيه بثبات من دون تحرك، و في لحظة

ووووووش

فتح عينيه مطلقا نية قتل مرعبة جعلت كل الوحوش السحرية تتجمد في مكانها من الخوف و لم تستطع التحرك أبدا حتى خرجت كلمة واحدة من إدريس الحكيم "انصرفي"

وووش ووووش وووش

هربت الوحوش كلها في جميع الاتجاهات من شدة الفزع، نية القتل التي أخرجها إدريس الحكيم لوحدها كانت كافية لجعلها تقطع مئات الأميال مبتعدة عن مكانه، و في لحظات، كل الوحوش المحيطة بالمنطقة هرعت هاربة

أصبح المحيط المقدر بحوالي ألف ميل كله خال من أي وحش سحري تماما

حدق إدريس الحكيم في المكان بعناية ثم أغمض عينيه بعد التوقف في مكان محدد و جلس في الهواء متقاطع القدمين ثم صفق بيديه، فإذا بثلاث كرات بحجم رأس الإنسان ظهرت فوق رأسه بينما تحمل معها قوانين ملكية و تجعل الهواء ثقيلا بتحركها الدائري السريع، التفت حول الكرات حروف رونية تغيرت من دون توقف و بشكل لانهائي

و بينما تحيط به تلك الكرات ذات الهالة الملكية بينما يحلق في السماء، رفع يده اليمنى و ترك اليسرى في نفس الوضعية التي اتخذتها من التصفيق ثم أنزل اليمنى مرة أخرى فرسم خطّا روحيا على الأرض، و بعد ذلك استمر في فعل نفس الأمر مرارا و تكرارا و باتجاهات مختلفة مكونا نقوشا روحية بادئا عمله في بناء المصفوفات الروحية

*****

في هذه الأثناء، انفرد باسل بجدته في غرفة بمنزل الجنرال منصف و زوجته الأميرة سكارليت. تحدثوا حول الكثير من الأمور، و تمحور غالبها على باسل و أبيه جاسر

أحس باسل بالقرب من جدته 'رقية'، و أمضى بقية النهار معها، بعد أكلهما للغذاء، ذهبا للتحرك قليلا بينما يكملان حديثهما

"أوه، إذا ماذا حدث بعد ذلك؟" سأل باسل


أجابت جدته رقية "هوهوهو، هذا يثير اهتمامك إذا"

حك باسل رأسه ثم قال بابتسامة "حسنا، هذا صحيح، فهذه أول مرة أسمع فيها كلاما كثيرا عن أبي هكذا، لم يكن بإمكاني تذكير أمي بهذا الأمر، لذا دائما ما تحاشيته"

حدقت رقية في حفيدها بحنان ثم أجابت "أقيمت مبارزة بينهما لتحديد الأقوى"

"هاهاها، هكذا إذا، من فاز بالأخير؟ العم أكاي أم أبي؟"

"هذا..." قالتها الجدة فأوقفها هرع جندي ما بينما يصرخ "سيدي، سيدي"

حملق به باسل و تكلم بنبرة حادة "ما الذي تريده؟ ألا ترى أنني مشغول؟"

"أرجوا المعذرة" نزل الجندي على ركبة واحدة و تكلم بينما يلهث "مبعوثين من الإمبراطورين شيرو و غلاديوس قد أتوا و لا يريدون المغادرة إلا بعد اللقاء بك، يبدو أنهم متأكدين من وجودك هنا، و الآن الجنرال منصف يوقفهم بينما يزداد الموقف سوءا مع مرور الوقت بما أن الجنرال منصف يخبرهم بالذهاب و هم لا يريدون"

ضاقت عيني باسل فقلقت جدته، تكلم مع الجندي "أين الموقع؟"

أخبره الجندي فالتف باسل لجدته ثم ابتسم لها و قال "يبدو أن كلامنا سيتأجل لبعض الوقت، آسف يا جدتي، سأحاول الاعتناء بهذا الأمر بسرعة و أعود لنكمل حديثنا" و بعدما انتهى قبل رأس جدته ثم ذهب

أمام البوابة الخلفية لمنزل الجنرال منصف، كان هذا الأخير يحملق في أشخاص يرتدون زيا غريبا أسودا ملتصقا على أجسادهم و يلفون حول رؤوسهم ضمادات سوداء و بدوا كالمومياء، هؤلاء كانوا الذين على اليمين، أما الذين باليسار، فكانوا يرتدون قمصانا بيضاء تصل لأسفل الركبة مع سراويل بنفس اللون، و هم كذلك كانوا يخفون وجوههم بأقنعة اتخذت شكل النمر

تكلم الجنرال منصف بغضب "سأكرر كلامي لمرة أخيرة، إن لم تنصتوا، سأستخدم العنف عندها. السيد الصغير باسل مشغول حاليا و لا يمكنه المجيء، انقلعوا"

حدق السود و البيض بالجنرال منصف و لم يتكلموا، كان الجنرال منصف شخصا عاقلا و لم يرد إحداث ضجة لا فائدة منها، هؤلاء مبعوثين من الإمبراطورين نفسهما، رفضهما فقط يمكن تسميته بالفعل الشائن تجاه الإمبراطورين، لذا لم يرد استخدام العنف، عندها سيكون يتحدى الإمبراطورين بفعله هذا، هذا الوقت مهم لهم و يجب عليهم الاتحاد فيما بينهم


حاول الجنرال منصف تهديدهم، لكنه لم ينجح، يبدو أنهم يعرفون ما يفعلون بالضبط

عبس الجنرال منصف من الموقف الذي أصبح فيه، عندها، تكلم صوت مألوف على مسامعه "أيها العم منصف، أحيانا سيكون عليك ألا تفكر في العواقب كثيرا، فعادة تكون مجرد وهم ينشأ من تجاربك السابقة"

حدق الجميع في الفتى القادم، و بمجرد ما أن شاهده السود و البيض حتى أدركوا هويته عبر الوصف الذي تلقوه ثم قالوا "قاتل الدم القرمزي"

تكلم الجنرال منصف بينما يحدق في باسل الذي يقترب "ما الذي تقصده يا سيدي الصغير؟"

ضيق باسل عينيه ثم قال "هذا ما أقصده"

وووش

بووم


اختفى باسل في لحظة و ظهر أمام الشخص الأمامي من السود و الذي بدا كقائدهم و لكمه على بطنه مسقطا إياه على الأرض مغميا عليه بينما تخرج الدماء من فمه

تفاجأ الجميع، لكنهم لم يدروا ما حدث حتى كان باسل قد اختفى من مكانه السابق و ظهر أمام قائد البِيض و لكمه جاعلا حالته مثل قائد السود

فتح الكل فمه من شدة الصدمة، تكلم واحد من السود "هل تعلم ما الذي تفعله؟"

أكمل بعده واحد من البيض "ستكون هناك عواقب وخيمة لما فعلته"

حدق فيهما باسل مما جعل جسدهما يقشعر ثم قال "عواقب وخيمة؟ ما هي يا ترى؟"


"هذا..." لم يكن أحد قادر على إجابته

تكلم باسل بنبرة حادة "سأقول شيئا واحدا لكم و بلغوه لمن أرسلكم، 'أنا مشغول حاليا، عندما يصبح لدي وقت فراغ، سأفكر في منح القليل منه لك'، و الآن انقلعوا"

"أيُّه..." حاول واحد من السود الصراخ لكنه توقف بعدما وضع شخص يرتدي درعا فضيا يده على كتفه، ثم تمتم باسم من أوقفه "الجنرال أصيل ! " كان هذا الشخص واحد من الجنرالين اللذين كانا مع الإمبراطور غلاديوس

تكلم الجنرال أصيل بهدوء "آسف على الإزعاج، لكن ألا تظن أنك تماديت في الأمر قليلا؟"

حملق به باسل و أجاب "لا"

تنهد الجنرال أصيل ثم قال "متى سيكون بإمكانك لقاء سيدي؟"

أجاب باسل "عندما أقرر أنا ذلك، أنا أتذكر ديني تجاه الإمبراطورين شيرو و غلاديوس، هذا هو الشيء الوحيد الذي يمنعني من التمادي في الأمر، لذا سأريد منكم التوقف عن إزعاجكم هذا في المقابل، غير ذلك، سأتمادى عندها"

"هكذا إذا" تكلم الجنرال أصيل ثم التف و قال "سننتظرك إذا بفارغ الصبر"

غادر فتبعه السود أيضا بعد حملهم لقائدهم

حدق باسل في البيض ثم سألهم "ما هي خطوتكم القادمة؟"

بلع البيض ريقهم ثم حملوا قائدهم و قال واحدا منهم "نحن متأسفين على الإزعاج، سنبلغ رسالتك لسيدنا"

سارَعوا في الذهاب أيضا، فتنهد الجنرال منصف و قال "أخيرا ذهبوا" ثم أكمل سائلا باسل "سيدي الصغير، متى تنوي الذهاب للقائهم؟"


أجاب باسل "لا زالت لدي بعض الأعمال الغير مكتملة يجب علي إنهاؤها، بعدما أقضي بعض الوقت مع جدتي، سأذهب للسجن المركزي لاستجواب شاهين و تلك العاهرة"

"هكذا إذا" فهم الجنرال منصف ما تحدث عنه باسل، هذا الأخير سيستجوب شاهين بخصوص حلف ظل الشيطان، يجب عليه استخراج بعض المعلومات منه، فحتى الآن، بعد كل التعذيب الذي مر منه بالسجن المركزي، لا زال شاهين لم يفصح عن أي معلومة، و لم يقل أي حرف واحد، لكن في المقابل، لا زال لم يعرف حتى الآن لم يحتاج باسل لـغرين شارلوت

عرف باسل الأحداث التي مرت خلال غيابه عن الوعي من أنمار أثناء طريقهم إلى هنا، و أول ما سأل عنه كان شاهين و غرين شارلوت، فهذان يعتبران وسيلة مهمة له لقضاء بعض الأعمال

علم أيضا عن التغيرات التي حدثت برجوع عائلة كريمزون للحكم، و كما وعد الكبير أكاغي، أصبح كل شخص بإمكانه تلقيب نفسه، مما جعل النبلاء يثورون كثيرا و يزعجونه، لكن الكبير أكاغي تجاهلهم فقط حتى الآن، و لا زال لم يقم بالاعتناء بهذا الأمر، و خلال هذين الشهرين، بدأت تظهر بعض العلامات على عدم رضى بعض العائلات بالوضع الذي أصبحت عليه الإمبراطورية

أصبح أبناؤهم يدرسون في أكاديمية السحر مع القرويين و الناس العامة من دون التفرقة بينهم أبدا، أصبح كل شخص يمكنه أن يتلقى الدروس من نفس معلمي التلاميذ من العائلات النبيلة، مثل هذا الأمر لم يكن له سابق في التاريخ، حتى أثناء حكم عائلة كريمزون سابقا لم يكن مثل هذا الأمر موجودا

اعتزاز النبلاء بأنفسهم و معاملة الطبقى السفلى من المجتمع كالحشرات كان شيئا طبيعيا في هذا العالم، و بما أنه الشيء الطبيعي، محاولة تغييره ستجعل الكثير لا يقبل ذلك، مما سيتسبب في ثورة كبيرة

تكلم باسل مع الجنرال منصف "غدا سأتكلم مع الكبير أكاغي حول وضع الإمبراطورية الحالي، يجب عليه معالجة هذا الأمر بسرعة من أجل التركيز على حلف ظل الشيطان"

أماء الجنرال منصف رأسه ثم ذهب نحو الفناء الذي تجلس به زوجته و أمها، و أنمار و الصغير كارماين. كما اتجه باسل نحو مكان جدته بينما يفكر في شيء ما "قاتل الدم القرمزي ! ؟"

قضى باسل بقية اليوم مع جدته بعد العودة إليها، و بحلول صباح اليوم الجديد، تلقى رسالة عبر خاتم التخاطر من معلمه بعد استيقاظه من النوم بقليل

(كيف تشعر أيها الفتى باسل؟) سأله المعلم

أجاب باسل (لا زال جسدي متضرر قليلا، لكن يبدو أن قدرة شفائي أصبحت تسبق الضرر الذي يحدث لي، جسدي تطور قليلا ليتحمل الطاقة الخارجية)

(معك حق) أكمل المعلم (أنا حاليا مشغول ببناء شيء ما سيكون محور تدريبك القادم، انتهائي سيكون في بضعة أسابيع، حينها سيكون عليك القدوم إلى هنا)

استغرب باسل فسأل (أين أنت الآن أيها المعلم؟)

أجاب المعلم (إنني في السلاسل الجبلية الحلزونية)

تفاجأ باسل قليلا، بعد قارة الأصل و النهاية، يأتي 'أرخبيل البحر العميق' كثاني أكبر منطقة محظورة، ثم تأتي السلاسل الجبلية الحلزونية في المرتبة الثالثة، ليس هناك شخص لا يعرف هذه الأماكن


انقسم هذا العالم لثلاث قارات و آلاف الجزر، فقط 'أرخبيل البحر العميق' يمكن اعتباره قارة ضئيلة في حد ذاته. هناك ثاني أكبر قارة و التي بها إمبراطوريتي 'الشعلة القرمزية' و 'الأمواج الهائجة'، و هناك القارة الأصغر التي سيطرت عليها إمبراطورية 'الرياح العاتية' صاحبة أكبر تعداد سكاني في العالم، مع أنها فقدت ربع سكانها في الدمار الشامل، إلى أنها لا تزال تحتوي على أكبر عدد من البشر، بما أنها في قارة منعزلة عن الإمبراطوريتين الأخريين، جعلها تكون بعيدة عن الحروب الطويلة التي تكون سببا في تقليل عدد البشر، و هناك أكبر قارة، قارة الأصل و النهاية، إنها كعالم منفصل خاص بالوحوش السحرية

(حسنا) أكمل باسل (لكن أيها المعلم، هناك بعض الأعمال التي يجب علي إنهاءها أولا)

لم يجب المعلم حالا، لكنه فعل بعد فترة قصيرة (لا بأس بهذا، لكن مهما كانت هذه الأعمال، يجب أن تنهيها بسرعة، بعدها سيكون عليك المجيء إلى هنا، لقد ذهبت إلى قارة الأصل و النهاية و وجدت شيئا مثيرا للاهتمام، و حدسي يقول أنه سيكون مفيدا لك كثيرا)

تفاجأ باسل، هناك شيء في هذا العالم يمكن لمعلمه أن يقول عنه مثير للاهتمام ! عندما وجد باسل مطرقة بنقوش أثرية في حوزة غرين كانديد و إكسيرات بحوزة أختيه خلال الحرب، فكر في زيارة قارة الأصل و النهاية، العالم الواهن الذي لم يكتسب المعرفة و لا القوة، كانت قارة الأصل و النهاية التي هي جزء منه تحتوي على أسلحة بنقوش أثرية و إكسيرات ! مما يعني أنها قد حصلت على زيارات من أشخاص من عالم آخر من قبل

فكر باسل في احتمال وجود أسلحة روحية أيضا، بما أن هناك أشخاص في مستويات الربط قد سبق لهم و أن أتوا لهذا العالم، فلا شك أن هناك أشخاص بالمستويات الروحية قد أتوا أيضا، و على ما يبدو، فإنهم قد ذهبوا لقارة الأصل و النهاية من دون الاهتمام في بقية العالم، فلو أنهم ظهروا في هذا العالم و رأوهم الناس و لو قليلا، لكان العالم الواهن قد اكتسب القليل من معرفتهم

لكن، السؤال يبقى هو 'ما سبب قدومهم إلى العالم الواهن؟' أو بالأحرى، 'ما سبب قدومهم إلى قارة الأصل و النهاية؟' دارت العديد من الأفكار في ذهن باسل قبل أن يستنتج شيئا

"هل يمكن أنه شيء مرتبط بالشيء الذي أثار اهتمام المعلم الذي تحدث عنه؟ شيء أثار اهتمام المعلم، لن يكون غريبا أن يثير اهتمام سحرة و سحرة روحيين آخرين"

أكمل باسل كلامه مع المعلم (معلمي، في الحقيقة لقد كان بعض الأشخاص من عائلة غرين في الحرب يملكون سلاحا بنقوش أثرية و الإكسيرات أيضا و التي لا أزال لم أنشرها بعد في العالم، و على حسب كلامهم، فهم قد اكتسبوها من قارة الأصل و النهاية)


(هوه، هكذا إذا) بعد كلام باسل، بدا على إدريس الحكيم كما لو أنه قد ربط عدة نقط مكونا شكلا واضحا في عقله، أكمل (لم أهتم بأي شيء آخر عدا شيء واحد في تلك القارة، لذا لم أبحث في أمرها كثيرا، لكن بالنظر لكلامك، فهذا يعني أن هناك أشخاصا ليسوا من هذا العالم قد أتوا إلى قارة الأصل و النهاية، مما يشير لشيء واحد، لقد تتبعوا آثار الشيء الذي أثار اهتمامي، لكن 'لم سحرة من مستويات الربط فقط كانوا قادرين على الدخول لهذا العالم؟' يبقى أمرا غامضا)

"كما توقعت" قالها باسل بداخله ثم قال لمعلمه (أيها المعلم، هناك شيء مثير للاهتمام أكثر. لقد وجدت مخطوطات روحية بقاعة الكنز في القصر الإمبراطوري، إنها ثلاث)

(ماذا ! ؟) حتى إدريس الحكيم نفسه قد تفاجأ، فكر لقليل من الوقت، بالطبع لا يمكن لسحرة من مستويات الربط أن يأتوا لهذا العالم، لكن الأمر مختلف إن كانوا يرافقون ساحرا روحيا، لابد من أنهم كانوا جنودا أو تلاميذ ذلك الساحر الروحي

لا يزال إدريس الحكيم لا يعلم ما مستوى هذا الساحر الروحي الذي أتى إلى قارة الأصل و النهاية متتبعا ذلك العالم الثانوي، لكن النية التي تحكم هذا الأخير منعت إدريس الحكيم من الدخول عبر استخدامها للقوة الغاشمة. حتى بالحكمة السيادية، كان إدريس الحكيم سيأخذ وقتا طويلا جدا في فك أنماط النقوش الروحية من أجل الدخول لذلك العالم، لكن تلك النية لن تسمح له بهذا

لم يكن إدريس الحكيم يعلم عن وجود هذا العالم الثانوي هنا، لا يمكن لأي ساحر روحي أن يأتي لمثل هذا العالم الواهن الذي يعتبر أضعف عالم على الإطلاق، لا توجد به أي أسلحة ملكية أو كنوز سيادية، لكن في الحقيقة هناك ساحر روحي قد فعل، لا، قد يكونون سحرة روحيون، مما يشير لوجود كنز خيالي جعل سحرة روحيين يأتون إلى هنا متتبعين أثره، مثل هذه الأفكار تركت إدريس الحكيم يفكر عميقا في ذلك العالم الثانوي

تكلم إدريس الحكيم محدثا باسل بجدية (أيها الفتى باسل، أسرع في إنهاء أعمالك، أنا لا يمكنني ترك ما بيدي الآن، لكن عندما أنتهي، سآتي لأعود بك إلى هنا، سيكون عليك تعلم الكثير من الأشياء، أما تلك المخطوطات الروحية، فسوف أنظر في أمرها بعد لقاءنا)

(حاضر) لم يزد باسل كلمة أخرى عنها، من نبرة معلمه، لابد و أن الأمر في غاية الأهمية، يجب عليه إنهاء أعماله بسرعة

قال المعلم (درب في الوقت الحالي جسدك، يجب أن تجعله يصل للمستوى المطلوب ليستطيع تحمل المستوى التاسع من عنصر التعزيز لتستخدمه بحرية، لا يجب عليك استخدام عنصر التعزيز لذلك الحين أبدا، حاول تأجيل اختراق عنصر النار للمستوى السابع، فذلك سيزيد الطين بلة فقط، مما رأيت البارحة، عنصر النار يقف في قمة القسم النهائي من المستوى السادس، حاول قمعه جيدا كي لا يخترق)

(نعم، أعلم أيها المعلم، لا تقلق) أجابه باسل ثم أكمل بعد تذكره لأمر ما (آه، بالمناسبة، يبدو أن العدو الذي كنت أجهله قد علمت البعض عنه، لا زلت لا أعرف حتى الآن التفاصيل، لكن الشيء المهم هو أنهم قد اكتسبوا معرفتهم من شيطان ما، اسمهم 'حلف ظل الشيطان'، قال واحد منهم عندما كنت أقاتله أنهم وُعِدوا ببلوغ السيادة العظمى أو شيء كهذا)


بعد انتهاء باسل من الكلام، لم يجبه المعلم لوقت طويل حتى بدأ يناديه (أيها المعلم ! أيها المعلم ! )

(آه، لقد سهوت قليلا فقط في عملي، المهم، لقد وصلت لمرحلة مهمة في العمل و يجب علي التركيز أكثر، حاليا، ركز على الإسراع في الانتهاء من أعمالك فقط، سأتواصل معك عندما أنتهي) أنهى المعلم الاتصال

في جهة إدريس الحكيم الذي كان يحلق في السماء بينما تشع أضواء من تحته، نزلت بعض قطرات العرق البارد على وجهه بينما يكرر كلمتين غير مصدق لما سمعه "السيادة العظمى ! ؟"

أما في جهة باسل، شعر هذا الأخير بغرابة في تصرف معلمه، لكنه تناسى هذا الموضوع للآن و نهض من سريره بعدما كان يجلس عليه ثم توجه خارجا

بمجرد ما أن فتح الباب حتى وجد أنمار تنتظره، حدق بها ثم فكر في توقيتها المثالي في كل مرة، ذهب الاثنان معا متوجهين نحو قاعة القصر الإمبراطوري الرئيسية

و في طريقهم، تلقى باسل اتصالا عبر خاتم التخاطر ثم تكلم من خلاله، فتكلم بصوت مسموع من دون أن يشعر "شكرا لك على المعلومات القيمة"

لاحظ باسل عندما دخلوا للقصر الإمبراطوري همس بعض الجنود فيما بينهم، و مرة أخرى سمع ذلك الاسم الغريب بينما تتجه نظراتهم إليه حتى وصلا للقاعة الرئيسية

تلقى ترحيبا حارا من الكبير أكاغي ثم ذهبوا لتناول الفطور بينما يتحدثون، انضم إليهم الجنرال منصف و التاجر ناصر


تكلم باسل بينما يشرب كوبا من الشاي على مهل "كم عدد العائلات النبيلة الغير راضية بالوضع الحالي؟"

أجاب الكبير أكاغي بعد أن تنهد "حوالي الـ50، بسبب القوانين الجديدة التي فرضتها عليهم، يحاولون جعلي أغير رأيي، و على ما يبدو أن هناك أشخاص بينهم يحاولون جعل هذا الأمر كعذر لإثارة الفوضى و الثورة و جني الربح من الظلال، لقد مسست بالقانون الطبيعي في هذا العالم، كنت أعلم أنني سأتلقى مثل هذه الردود"

وضع باسل كوب الشاي على الصحن الصغير ثم تكلم مغمض العينين و بهدوء "القانون الطبيعي هاه ! العصر يتغير، العالم يتطور، حضارات تُهدم و أخرى ترقى، لكن مع ذلك طبيعة الإنسان لا تتغير بتلك السهولة"

حدق به الجميع متسائلين عن الذي يقصده، شرب باسل آخر رشفة من الشاي ثم أكمل قائلا "ليس العصر ما يجعل القانون قانونا طبيعيا، و لا العالم، و لا الحضارات كذلك، لكنها طبيعة الإنسان، و عند النظر لذلك من هذه الناحية، فستجد الجواب أمام عينيك، إن لم تكن قادرا على تغيير القانون الطبيعي، فيجب عليك ببساطة تغيير طبيعة الإنسان، عندها، ستكون قد حققت مرادك، إن أردت علاج مشكلة ما، فابحث عن جذرها و استأصله"

"...طبيعة الإنسان تعمل بشكل غريب، لكن الشيء الواضح هو أنها دائما ما تتبع الطريق الذي سيجعل الإنسان ينجو، قد لا تكون تتغير بسهولة، لكن إن حدث تغير ضخم كاف لتغيير كافة المعايير التي جعلت من طبيعة الإنسان تقرر ما هو الصحيح و ما هو الخاطئ، عندها، طبيعة الإنسان نفسها ستحاول التكيف مع هذا التغير الضخم الذي حدث، ثم سيتغير القانون الطبيعي"

تعجب الكبير أكاغي و البقية غير أنمار من كلام باسل، سأل الكبير أكاغي "كيف سنفعل هذا؟"

عندها نهض التاجر ناصر من مكانه فقال له باسل "يبدو أنك فهمت"

حدق الكبير أكاغي و الجنرال منصف في التاجر ناصر الذي قال "حان الوقت لبدئنا في بيع الإكسيرات ! "


ابتسم باسل ثم قال "هذا صحيح، لكن ليس هذا فقط، سنبدأ في بيع الأسلحة بالنقوش الأثرية أيضا"

فهم الكبير أكاغي و الجنرال منصف أخيرا ما عناه باسل، لكن الكبير أكاغي تساءل "أليس هذا الأمر غير كاف لتغيير طبيعتهم؟"

اقتربت خادمة ثم ملأت كوب باسل بالشاي مرة أخرى ليبدأ في أخذ رشفة أخرى، قال بعد إعادته الكوب إلى الصحن مجيبا عن سؤال الكبير أكاغي "هذا صحيح، كما قلتُ، إنها لا تتغير بسهولة، لكن ماذا إن حدث نفس الأمر في العالم كله؟ ماذا إن تم المساس بالقانون الطبيعي في العالم كله إضافة للتغير الملحوظ الذي سيحدث في الشهور القليلة القادمة بعد كشف الإكسيرات؟"

المساس بالقانون الطبيعي في العالم كله؟ هذا السؤال حير الكبير أكاغي قبل أن يدرك مقصد باسل، وقف ثم قال "الإمبراطوران شيرو و غلاديوس"

ابتسم باسل فسأله الكبير أكاغي مرة أخرى "كيف ستقنعهما؟"

تكلم التاجر ناصر مرة أخرى "طريقة الصنع"

تفاجأ الكبير أكاغي و الجنرال منصف، هذا صحيح، بطريقة صنع الأدوات و الإكسيرات، إضافة لتلك النقوش الأثرية، لن يكون بوسع الإمبراطوران سوى القبول، عند مساسهما أيضا بالقانون الطبيعي، سيضطر الناس للنظر في طبيعتهم، و عندما يشهدون الإكسيرات، الأدوات و النقوش الاثرية، سيقبلون بالأمر تماما، عندها سيفهمون أن عليهم تغيير طبيعتهم من أجل التأقلم مع العالم الجديد، و بذلك سيقبلون بالقانون الطبيعي الجديد عبر قبولهم بتغيير طبيعتهم

تكلم الكبير أكاغي سائلا باسل "يبدو أن الإمبراطورين يريدان لقاءك، لما لا تريد إعطاءهما وجها؟"

تكلم باسل "السبب الأكبر هو أنني مشغول، و بافتراض أنني كنت متفرغا فلن أعطيهما وجها بتلك السرعة، لو أنني فعلت ذلك بتلك السهولة، ألن يبدو أمر الإكسيرات و النقوش الأثرية ذا أهمية قليلة، سأتحدث معهما بعد جعلهما يدركان أهمية الموضوع الذي سنتحدث عنه، بذلك، سيكونان قابلان للإنصات للكثير من شروطي تعويضا لطريقة الصنع"

"هكذا إذا" فهم الكبير أكاغي

و في تلك الأثناء، كان باسل يفكر بداخله "مع أن ذلك في الواقع ليس سوى عذر لأتهرب به من إزعاجهم، لكنه يبقى حقيقة بالرغم من أنني أستغله كعذر"

انتهى باسل من شرب الشاي ثم وقف. سأله الكبير أكاغي عن وجهته التالية فأجابه باسل "أولا سأذهب لزيارة شخص ما، ثم بعد ذلك سأذهب للسجن المركزي، أريد من العم منصف مرافقتي، فهو الشخص الذي تعامل مع المحكمة المركزية كي لا تتدخل في حربنا، أريد التكلم مع قاضتها حول هذا الأمر، و أيضا حول شيء آخر"

وقف الجنرال منصف ثم رافق باسل و أنمار
بعد الخروج من القاعة الرئيسية و الركوب بعربة راقية يجرها خيل ملكي، سأل الجنرال منصف عن وجهتهم التي حددها باسل

أجاب باسل بينما يفكر في شيء ما "سنذهب لمبيت أخوا القطع، هناك يوجد أختهما الصغيرة، يبدو أنها لم تستيقظ حتى الآن، لا يبدو عليها أي علامات تشير لمعاناتها، لكن في المقابل، لا يبدو عليها أي علامات تشير لاستيقاظها، بغرابة، لم يحدث عليها أي تغير طيلة الشهور الماضية، مثل هذا الأمر غريب جدا"

فهم الجنرال منصف كلام باسل جيدا، فهو قد شاهد العديد من الأطباء المشهورين عالميا يأتون مرارا و تكرارا للنظر في حالة باسل، و بجانبه، كانوا ينظرون في حالة أخت أخوَيْ القطع الصغيرة، و أيضا، كما حدث لهم مع باسل، استعصى عليهم أمرها كذلك

بقي باسل يفكر في العديد من الأشياء، هناك الكثير من الأمور التي يجب عليه حلها، و في قمتها، يأتي 'حلف ظل الشيطان'، بطريقة أو بأخرى، سيجعل شاهين يتكلم

انطلق الخيل الملكي بسرعة كبيرة و قطع عشرات الأميال في مدة قصيرة جدا، دخلوا لوسط العاصمة التي عاد لها اسمها القديم عندما كانت عائلة كريمزون تحكم، 'مدينة السيف القرمزي'، بعد تولي عائلة غرين الحكم، أزالت هذا الاسم و بدلته بـ'المدينة المورقة'، لم يقتصر الأمر على الاسم فقط، بل حتى العلامات التي كانت تتميز بها مدينة السيف القرمزي قد اختفت

لكنها عادت الآن، ليست كاملة، لكنها تعود رويدا رويدا مع مرور الوقت، في مركز العاصمة، كان هناك القصر الإمبراطوري الذي اعتاد أن يحاط بشعار عائلة كريمزون و أعمدة نارية مشتعلة على طول الحائط المحيط بالقاعة الخارجية، و الآن بعد عودة عائلة كريمزون للحكم، عاد شعارها ليُزَخرَف على طول الحائط و التهبت الأعمدة بينما تطلق انفجارات بين الحين و الآخر كما لو أنها تحتفل بعودتها لمكانها القديم

كان شعار عائلة غرين عبارة عن شجيرة خضراء تقطر دما، و كان شعار عائلة كريمزون عبارة عن سيف قرمزي محاط بنار ملتهبة، شعار عائلة كريمزون أحاط العاصمة كلها من جديد، رفرفت الأعلام الحاملة لشعار عائلة كريمزون معلنة بذلك عن العودة الكبرى، تحولت المدينة المورقة لتصبح مدينة السيف القرمزي شيئا فشيء، و اللون الأخضر الذي كان يطغى بالمدينة المورقة، اختفى في مدينة السيف القرمزي و تحول للون القرمزي الملتهب


أثناء تحركهم، تحدث باسل مع الجنرال منصف "أيها العم منصف، أنا ألاحظ وجوها سعيدة هنا، إنها أكثر إشراقا عن قبل، عندما أتيت أول مرة إلى هنا، لم تكن هناك سوى الابتسامات المزيفة و بدا على الكل كما لو أنهم مقموعين، لذا لم يكن هناك أي خيار آخر لهم سوى التظاهر بالرضى بالرغم من شعورهم بالعكس لذلك تماما"

أجاب الجنرال منصف "هذا صحيح، فبعد كل شيء، لم يعد هناك أي شخص يأخذ منهم ضرائب غير معقولة، صار بإمكانهم صنع لقبهم الخاص، و التجارة أصبحت عادلة، ليس هناك أي شخص يحتكر الأسواق لنفسه فقط، و ليس هناك اختفاء غريب للناس و خصوصا الأطفال بعد الآن، قلت الجرائم مع حرص فرقة السنبلة الخضراء على أداء مهامها جيدا بقيادة الجنرال رعد، هناك تغير إيجابي ملحوظ، فكيف للشعب ألّا يكون راضيا؟ قد يكونوا فوجِئوا بالحرب السابقة، لكن رؤيتهم لطريقة حكم عائلة كريمزون جعلتهم يتقبلون عودتها بكل سرور"

ابتسم باسل و أغمض عينيه ثم استمع لضحكات الناس الغير متصنعة و النشاط الذي أصبح يتخلل العاصمة، بدا كما لو أنها قد ولدت من جديد

أخذت عائلة غرين، عائلة غين، عائلة هويز، و عائلات أخرى تابعة لعائلة غرين الضرائب من القرويين الفلاحين، كذلك فعلوا مع التجار، هيمنوا عليهم و لم يتركوا أي أحد يتنفس الصعداء. احتقروهم و عاملوهم بعلو كعائلات نبيلة بلقب عظيم. كان هناك تحكم بأثمنة السلع و ليس هناك أي شخص قادر على معارضة الثمن المقرر من طرف غرين هيملر (الأمير الأول سابقا). كان هناك اختفاء للناس و خصوصا الأطفال، مثل هذه الجرائم لم تعد توجد أبدا بغياب مسببها 'غرين شارلوت'، و مع حرص فرقة السنبلة الخضراء على عدم ظهور شخص آخر مثلها، كانوا قد نجحوا في بث الأمان في قلوب الناس

و أثناء تصنت باسل على الأجواء الهنيئة بمدينة السيف القرمزي، سمع بعض الهمسات بين الناس و من الواضح أنهم يتكلمون بخفاء، حواس باسل أصحبت حادة جدا كفاية ليسمع همساتهم بوضوح، هذه الهمسات جعلته يأمر سائق العربة بالإبطاء من السرعة كفاية ليستطيع سماعهم

تكلم رجل في منتصف العمر بينما يحيط به عدة أشخاص من أعمار مختلفة "هل سمعتم؟ يبدو أن قاتل الدم القرمزي قد ظهر مرة أخرى، يقال أنه رفض مقابلة الإمبراطورين شيرو و غلاديوس"

تفاجأ أحد منهم "ماذا؟ لقد كان متخفيا لأكثر من شهرين، هل ظهر أخيرا؟ هل يمكن أنه ينوي على شيء خطير؟ كيف له أن يرفض اقتراح الإمبراطورين؟ هل جُن؟"

تمتم واحد آخر منهم "لكن، يقال أنه في المستوى السابع، و كان قادرا على هزيمة الآلاف من جيش العدو في الحرب سابقا، و ليس هذا فقط، بل حتى أنه قد قتل ددمم عائلة غرين بالكامل من دون ترك أي واحد منهم حي على الإطلاق"

شخص بجانبه دعم كلامه "نعم نعم، لقد سمعت بهذا أيضا، يقال أنه شخص لا يرحم أبدا و يقتل كل من يقف في طريقه و يعارضه من دون النظر إلى وجهه حتى، إنه القائد الأعلى لجيوشنا الحالية"


تكلم شاب في مقتبل العمر بارتعاد "الرحمة الرحمة، مثل هذا الشخص الخطير هو القائد الأعلى لجيوشنا، لنتمنى ألّا يجلب بلاء عظيما علينا"

تكلم الرجل الذي تحدث بالبداية "هذا صحيح، حتى أنه الآن يرفض اقتراح إمبراطورين للقائه، مثل هذا الشخص الخطير يجعلني فقط أخاف إن كان سيتسبب في جلب كارثة علينا بأفعاله هذه، ماذا لو أنه قام بشيء وقح تجاه الإمبراطورين مرة أخرى؟ ألن يكون سببا في اندلاع حرب عظيمة كالتي انتهت قبل 150 سنة؟"

تمتم الشاب الذي في مقتبل العمر مرة أخرى "الرحمة الرحمة، يجب أن نصلي لسلامتنا"

تساءل واحد منهم "لكن، ما هو أصل قاتل الدم القرمزي هذا على أي حال؟ ما اسمه الحقيقي؟ و لماذا ينادوه بقاتل الدم القرمزي؟"

استمرت الهمسات على طول طريقهم، و عندما سمع باسل هذه الأسئلة، أمر سائق العربة بالتوقف ثم تصنت لهمساتهم بعناية، و بدا عليه كما لو أنه رأى شيئا مثيرا للاهتمام

"أصله غير معروف حتى الآن" أجاب الرجل الذي تحدث بالبداية "لكن يقال أن اسمه الحقيقي هو باسل، لقد قام بقتل ددمم عائلة غرين بالكامل، لم يهتم بالصغير أو الكبير، لذا لقبوه بـ'قاتل الدم القرمزي'، فقط لقبه يجعلك ترى مدى قسوته"

همس الشاب الذي في مقتبل العمر خائفا "الرحمة الرحمة، فلنتوقف عن الحديث عنه، من يعلم؟ قد يسمعنا أحد توابعه و نقع في مشكلة كبيرة"

دعم رأيه واحد آخر "هذا صحيح هذا صحيح، لنتوقف عند هذا الحد"

"لا، لما لا تكملوا؟ أريد معرفة بعض التفاصيل حول هذا الشأن" عندها اقترب منهم فتى يبدو في عمر يناهز الخامسة عشر. حدقوا كلهم به بغرابة


تكلم الشاب الذي أراد إنهاء الموضوع لخوفه بلهجة تعاطفية "هيا هيا، أيها الفتى، من الأفضل لك أن تتوقف عن البحث أكثر في هذا الأمر، من المؤسف أن يكون هذا سببا في موت شخص في مثل سنك"

ابتسم الفتى و تحدث بهدوء "لما سأموت فقط لأنني سألت؟ أليس هذا شيء غير طبيعي؟ هيا لا تكن هكذا أيها الأخ الأكبر و نور أخاك الأصغر الجاهل"

تكلم الرجل الذي بدأ هذا الموضوع من الأول "معه حق أيها الفتى، أنا أيضا لا أريد الحديث في هذا الأمر أكثر، لا أريد أن أجد رأسي غير موجود بمكانه"

ابتسم الفتى و تكلم مع الحفاظ على هدوءه "لا تقلق، أنا لا أظن أن قاتل الدم القرمزي الذي تتحدثون عنه سيقتلنا فقط لأننا تحدثنا عنه، أنا مجرد قروي أتى للدخول لأكاديمية السحر و لا أريد أن أبقى جاهلا، نوروني أيها الكبار من فضلكم"

هدوء هذا الفتى الغريب و إلحاحه المستمر جعلهم يغضبون، حتى أن الشاب الخائف أسرع و تدخل جاعلا الفتى يبتعد عبر جره بعيدا بلطف بينما يتحدث "لا تسألهم أكثر من هذا، سوف تتسبب في إيذاء نفسك فقط بإغضابهم، بالرغم من مظهرهم العادي حاليا، لكنهم سحرة بالمستوى الثاني و قد أتوا لتأدية الاختبار الذي افتتحه تشكيل قاتل الدم القرمزي للانضمام إليه"

"هكذا إذا" وضع الفتى يده على ذقنه و تحدث "إذا لما لا تخبرني أنت، أنت لن تؤذيني، أليس كذلك أيها الأخ الأكبر؟"

"هذا..." لم يستطع الشاب الخائف التكلم، فخوفه جعله يوقِف أولئك الكبار عن التكلم حول هذا الموضوع، كيف له أن يبدأه بنفسه من جديد؟

عبس الشاب الخائف الذي أصبحت تعبيراته جدية و بدا كما لو أنه قد أصبح شخصا مختلفا تماما ثم تكلم "أيها الفتى، قلت أنك قروي من قبل، لكن من ملابسك فلابد من أنك من عائلة نبيلة، لا أعرف ما أهدافك، لكن من الأفضل لك التوقف عن البحث في هذا الأمر حقا"

"أمم..." ابتسم الفتى ثم قال "أنت أيضا أيها الأخ الأكبر تبدو كما لو أنك شخص آخر تماما عن الشخص الذي كنته قبل قليل"


تفاجأ ذلك الشاب، لكنه في الحال وضع يده على رأسه و حكه ثم قال بينما يضحك "لست سوى شخص خواف و جبان"

"هيه ! " تعجب الفتى من تصرفه ثم قال له "قد تكون قادرا على خداع أولئك السحرة هناك، لكن لن يكون بإمكانك فعل المثل معي، ساحر في مثل عمرك بالمستوى الثالث بالفعل، كيف لشخص موهوب مثلك أن يكون مجرد جبان؟"

صدم ذلك الشاب تماما، يده التي كانت تتحرك باستمرار حاكّة* رأسه قد توقفت و توجهت نظراته نحو عيني الفتى اللتين رأتا من خلاله، فجأة، تغير الجو حول ذلك الشاب، نظراته الخائفة أصبحت تحمل معها جدية غير معقولة

[حاكة = مؤنث 'حاكّ' من فعل 'حكّ]

سأل الشاب بعد إزالة يده عن رأسه بنبرة حادة عن التي اعتاد الحديث بها "من أنت أيها الفتى؟" كان صوته في طريقة سؤاله كما لو أنه لشخص آخر تماما

تكلم الفتى "هيا، لا تأخذ حذرك فجأة هكذا، نية قتلك بدأت تتسرب منك، لا يجب عليك أن تفقد هدوءك هكذا، غير ذلك، سوف تضيع تمثيليتك هباء بعد كل العناء الذي بدلته من أجل صنع تلك الصورة عنك"

لاحظ الشاب أنه بالفعل قد فقد هدوءه للحظات، لكن بعدما ضبط نفسه، أعاد نفس السؤال مرة أخرى بينما يحدق في الفتى الذي أمامه بعمق محاولا الرؤية من خلاله كما فعل له

ابتسم باسل ثم قال "أليس من الآداب تقديم نفسك قبل سؤال الشخص عن أصله؟"


عبس الشاب، لكنه أدرك أن الفتى معه حق، و بعد كل شيء، لا يبدو أن الفتى سيقدم نفسه له إن لم يفعل هو أولا، قال بعبوس "أنا من عائلة عامية من مدينة بجنوب العاصمة و اسمي 'أبهم'، ماذا عنك؟"

"أوه" تعجب باسل و قال "أصلك طبيعي و مع ذلك أنت ذو موهبة مذهلة، لقد أعجبتني أكثر، حسنا، أنا..."

"باسل، ألا زلت لم تنتهي؟" عندها نادت الفتى فتاة بجمال خلاب ظهرت من عربة بخيل ملكي، بوقوفها بجانب الخيل الملكي، كونت صورة مثالية من الجمال، و كانت كافية لتجعل قلب أي رسام يقفز، سيتقافز الرسامون من أجل الحصول على فرصة لرسم هذا المشهد الذي صنعته تلك الفتاة بوقوفها بجانب الخيل الملكي بينما يُقذف الماء من النافورات

في لحظة، توجهت نظرات الجميع نحو تلك الفتاة التي تحدثت، و جعلت الكل في صمت تام من شدة تأثرهم، أما 'أبهم'، فقد بقي مندهشا تماما حتى تكلم الفتى "لقد سمعت اسمي، و أنا قروي كما سبق و أن قلت لك، حسنا يا أبهم، سوف أتركك للآن، لدي أعمال يجب أن أنهيها، لكني سأقابلك مرة أخرى"

التف الفتى و ذهب في اتجاه الفتاة التي نادته، رجع 'أبهم' لصوابه فسأل الفتى "كيف ستجدني؟ ليس و كأنني أمضي وقتي هنا، إنني لست حتى من العاصمة"

تكلم الفتى من دون الالتفاف "يبدو أنك قد أتيت لاجتياز اختبار التشكيل، هذا كاف، و لقد أعطيتني اسمك أيضا"

ركب الفتى و الفتاة العربة التي تحركت بعد فعلهما لذلك

بقي أبهم متجمدا في مكانه، بالنظر للعربة التي ركبها، فلا بد من أنه شخصية عظيمة، من هو ذلك الفتى بالضبط؟ فكر لقليل من الوقت "يبدو أن اسمه باسل، أتساءل من يكون؟"

ثم بعد أن التف ليعود إلى تلك الجماعة من قبل حتى توقف في مكانه و فتح عينيه على مصراعيهما من شدة الصدمة "باسل؟"

صرخ بهذا الاسم من دون أن يشعر حتى جعل واحدا من تلك الجماعة يقترب منه و يقول "ما بك؟ هل قاتل الدم القرمزي قد أخافك لدرجة صراخك باسمه ! ؟"

عاد الجو الطبيعي الخاص بالشاب الخواف الذي كان يحيط بـ'أبهم' من جديد ثم وضع يده على رأسه بينما يجيب "هيهيهي، قد لا أنام جيدا في الأيام المقبلة ! " بينما يفكر بداخله "يجب أن تكون مصادفة فقط"

تكلم معه ذلك الشخص "إنك حقا لجبان كثيرا يا أبهم"

ضحك أبهم من دون الإجابة و تبع ذلك الشخص عائدين لجماعتهما بينما يفكر بداخله "لكن ماذا عنى بأنه سيجدني بما أنني سأذهب لاجتياز الاختبار؟" لم يفهم أبهم ما الذي قصده ذلك الفتى

و في الأخير بدأ الشك يتخلله "هل يمكن أنه حقا...؟"

"همم؟ تقول لما أثار اهتمامي؟" سئِل باسل هذا السؤال من طرف الجنرال منصف بينما يتحركون بالعربة، فأجابه "إنه بالمستوى الثالث بالفعل، و عمره على الأغلب لا يتجاوز العشرين حتى، إنه موهبة نادرة جدا، يمكنك مقارنة موهبته بالخاصة بي و بأنمار حتى"

تعجب الجنرال منصف كثيرا، فهو يعرف بالضبط ماهية موهبة باسل المرعبة. سابقا، عندما كانا يتدربان في غرفة التدريب بشهر الانعزال، أدرك الجنرال منصف قوة باسل الحقيقية، عندها، عرف لأول مرة عن وجود مستويات بعد المستوى السابع، عندما تدرب ضد باسل، كان هذا الأخير يريد الاختراق للمستوى الخامس، لذا كان عليه استخدام عنصر النار من أجل ذلك

أول مرة شاهد الجنرال منصف باسل يستخدم عنصرا آخر غير عنصر التعزيز، كاد أن يتقيأ الدماء، فذلك شيء غير معقول، مع ذلك، لا يزال لم يفهم لِم باسل يمتلك عنصرين، فبناء على كلام باسل، يجب على الساحر الدخول لحالة الصفاء الذهني و الروحي و إمضاء وقته في عزلة تامة من أجل استشعار الطاقة الخارجية و تعلم التحكم فيها من أجل جذبها لبحر روحه و تكوين العنصر الثاني، عندها يكون الساحر قد دخل للمستوى الثامن

أشار باسل فقط إلى أن حالته شاذة و لم يشرح الأمر أكثر، لذا لم يقم الجنرال منصف بالحفر أكثر. بعد مشاهدته لقوة باسل، لم يسعه سوى الشعور بأن ذلك الفتى هو أقوى شخص في هذا العالم

باسل في ذلك الوقت كان يريد الاختراق للمستوى الخامس بسرعة، لكنه كان يحتاج لمحفز ما، و بالطبع لم يكن بإمكانه قتال أي شخص كان من أجل هذا، فهو سيكشف بعض الأسرار مقابل ذلك، لذا اختار الجنرال منصف بناء على شخصيته النزيهة التي لاحظها منذ قدومه إلى هنا، و الجنرال منصف كان قد وضع باسل في مكانة مرتفعة بقلبه لأنه أعطاه الفرصة للانتقام من غرين هيملر

عندها، كان باسل في قمة المستوى الرابع، لكن بسبب شربه لإكسير التعزيز أول مرة عندما كان يتدرب قبل أن يمنعه معلمه من ذلك، أصبح عنصر التعزيز يفوق المستوى الرئيسي بمستوى آخر تقريبا بسبب ارتخاء الختم لأن باسل قد ارتفع بالمستوى بشكل مفاجئ بسبب شربه لإكسير التعزيز

لذا عندما سمع الجنرال منصف بالموهبة التي يمتلكها ذلك الشاب الذي أثار اهتمام باسل، تفاجأ حقا، هناك أشخاص بمثل موهبة باسل و أنمار الغير طبيعية حقا


تكلم باسل "توقفت فقط لأن اسم 'قاتل الدم القرمزي' قد أثار انتباهي، لكني عندها لاحظته يقمع هالته بشكل مثالي، لو كان 'أنا قبل شهور' الذي شاهده، فلن يرى من خلاله"

"بالمناسبة" أكمل باسل "ما قصة ذلك الاسم؟ يبدو أنهم يخافونني كثيرا"

"آه" كما لو أنه تذكر شيئا ما، قال الجنرال منصف "لقد نسيت الإشارة لهذا الأمر"

حدق باسل في أنمار التي قالت "إنه ليس بذلك الأمر الكبير، لذا نسيت أيضا"

حدق بها الجنرال منصف بعد تصريحها، 'إنه ليس بذلك الأمر الكبير' قالت، هذا الأمر جعله يخجل من نفسه كونه كان متحمسا بهذا الشأن، لذا هدأ قليلا قبل أن يقول "بما أنك قد أخذت القيادة في الحرب السابقة، و نظرا لنجاحك المذهل في هذا، خسارتنا لم تكن كبيرة، لذا كان الجميع يفكر في لقب لك"

"...كما تعلم، الرجل المشهور في عالمنا يميزه لقبه، أنا معروف كصاحب أقوى بنية جسدية و هذا الأمر كان بسبب عنصر التعزيز، هناك شفرة الجليد كين نبيل الذي تميز بهذا الاسم بعد قطعه للأعداء من كل جهة في الرحلة لقارة الأصل و النهاية السابقة، و حتى الجنرال رعد قد اكتسب لقبا قبل سنوات قليلة، لقد لقبوه بـ'الرعد البرقي'، و بطبيعة الحال، شخص مثلك استطاع القيام بكل تلك الإنجازات، سيلقبه الناس بألقاب عدة"

فهم باسل كلام الجنرال منصف الذي أكمل "لكن من بين تلك كل الألقاب، و بسبب قضاءك على عائلة غرين كاملة تقريبا كلها لوحدك، طغى لقب قاتل الدم القرمزي على الألقاب الأخرى حتى أصبح لقبك الرئيسي، دائما ما انتشرت الإشاعات السيئة بشكل أسرع من الجيدة"

أزاح باسل نظره بعيدا و حدق مرة أخرى في المدينة، مما جعل الجنرال منصف يسأل "ألا يزعجك هذا الأمر؟"

أجاب باسل "لا" ثم سأل "لما سيفعل؟"


"هذا..." تكلم الجنرال منصف بعد توقفه بسبب تفاجئه "حسنا، إنهم ينادوك بهذا لأنهم يعتقدون أنك حقا قتلت الصغير و الكبير من دون رحمة، لكنك في الحقيقة لم تفعل، و لا زالت ابنتا أخت غرين لايت الكبرى حيتين، و هناك بعض الكبار من عائلة غرين لا يزالون أحياء"

تكلم باسل بهدوء "أنا حقا لا يهمني هذا الأمر، و إن فعلت، فسأعتبره شيئا جيدا فقط. فأنا أكره الإزعاج، و إن كانت لدي سمعة ستجعل من الآخرين يخافون مني هكذا، فهذا سيكون شيئا رائعا حقا، إضافة لذلك، عدم معرفتهم ببقاء تلك الفتاتين الصغيرتين على قيد الحياة لهو أمر جيد، فبعد انتهائي، سأحرص على فقدانهما الذكرى على كونهما من عائلة غرين أصلا، بذلك سيعيشان مستقبلا هانئا على الأقل، و عدم معرفة أي أحد عنهما، سيجعل حياتهما ثابتة من دون التعرض لأي عقبات"

استمرت العربة في التحرك، و بعد مدة غير معروفة من الوقت، توقفت أخيرا أمام منزل منفرد بمنطقة بالعاصمة

خرج باسل و الاثنين الآخرين من العربة، و بمجرد ما أن فعلوا حتى شاهد باسل وجها مألوفا له، هذا الشخص الذي شاهده باسل كان يسقي الأزهار و يهمهم في هناء

وقف باسل وراءه ثم تكلم مناديا إياه "أيها العالم المجنون"

كان ذلك الشخص هو العالم الجنون، و الذي نظر للخلف ببطء شديد بعد سماعه لذلك الاسم، ليس هناك أي شخص آخر غير باسل من سيناديه هكذا، لذا أدار رأسه رويدا رويدا حتى نظر لعيني باسل اللتين كانتا تحدق به بشكل مخيف

تراجع العالم المجنون للخلف بسرعة و انحنى قليلا ثم قال "آه، سيدي الصغير، لقد وصلتني الأخبار عن استيقاظك، حمدا على سلامتك"

حملق به باسل ثم قال "كفانا تمثيلية، أنت تعرف سبب مجيئي إلى هنا"

"هذا..." لم يستطع العالم المجنون إخراج الكلمات من فمه


بداخل منزل أخوا القطع، هذان الأخيران كانا بالداخل يعتنيان بحالة أختهما الصغيرة التي لا تزال بغيبوبة حتى الآن، كانا يزوران باسل بين الحين و الآخر، و صادف وجودهما استيقاظ باسل سابقا

بمجرد ما أن دخل باسل حتى انحنى له أخوا القطع، كانت نظراتهما واضحة كما هي مشاعرهما في هذه اللحظة، أختهما الصغيرة هي عائلتهما الوحيدة المتبقية لهما، و بما أنها الصغيرة، كانت دائما محمية من طرف أخويها الكبيرين، و رؤيتها الآن في هذه الحالة من دون قدرتهما على فعل أي شيء لها، كان أمرا في غاية الصعوبة لتحمله

في قلبهما، لا يسعهما سوى الشعور بالامتنان الكامل تجاه باسل، فهو على الأقل جعلهما يريان أختهما مرة أخرى، هذا من جهة، و من جهة أخرى، فهما يحقدان حقدا شديدا على غرين شارلوت التي تلاعبت بأختهما الصغيرة، جعلتها فأرة تجارب بالنسبة لها، شخص مثلها لا يستحق الموت حتى، بل أكثر من ذلك، خطفها للناس و خصوصا للأطفال لاستعمالهم من أجل أهدافها الخاصة، ليس لا يقدران على مسامحتها فقط، بل لا يستطيعان النوم في هناء من دون التأكد أنها لا تستطيع

رؤية باسل لتعبيراتهما هاته، و رؤية ذلك الجسد الصغير مستلقي هناك، رجعت له الذكريات عن الحالة التي وجد فيها باسل أختهما الصغيرة بداخل أنبوب زجاجي يقام عليها التجارب جانبا إلى جنب مع ذلك الشخص الذي كان قد تحول لوحش بالكامل

حملق باسل في العالم المجنون ثم قال "كيف لك ألّا تعلم ما الذي يجري لها؟ لقد كنت هناك في ذلك الوقت"

"همم...؟" استغرب أخوا القطع من هذا التصريح ثم نظرا مباشرة للعالم المجنون، نظراتهما اخترقته، و لولا وجود باسل، لكانا قد قطعاه لأجزاء

برؤيتهما، أسرع العالم الجنون في التكلم "سيدي الصغير، كما و سبق أن قلت لك في أول مرة، أنا حقا ليس لي علاقة بالأمر، قد أكون عالما مجن... أقصد عالما متطلعا للاكتشاف لكنني لن أصل لهذه الدرجة"

حدق فيه باسل بعمق: "أنا أعلم بهذا بالفعل، لا أنسى ما يقال لي مرة، فهكذا هي ذاكرتي، أنا أسألك هنا عن حالتها"

"هذا..." تمتم العالم المجنون ثم قال "حتى أنا لم أرى بحر روح مثل الخاص بها من قبل، إنه شيء فوق استطاعتي، أخاف أن أمسه و أتسبب في شيء خاطئ أكثر، بحر روحها مختلف عن بحر روح الشخص الطبيعي، لا زلت لا أعرف ما ذلك بالضبط ! كما لو أن بحر روحها يتحول لشيء ما ! "


حدق به باسل و ذهب لتفقد حالة الأخت الصغيرة، كان جسمها أبيضا لامعا كالجوهرة، و شعرها أزرق فاتح قريب للأبيض، كانت كجنية نائمة. و بعد أخذه لوقت طويل في محاولته تحسس بحر روحها و رؤية المختلف و إدراكه، لاحظ باسل أيضا أن طاقة بحر روحها غريبة نوعا ما

وقف باسل و توجه نحو الباب خارجا من المنزل ثم قال "يا غايرو و أنت أيضا يا كاي، فلترافقاني للسجن المركزي، لقد كنت أخطط للذهاب هناك، و أشعر أنه من الواجب حضوركما أيضا لاستجوابي لتلك العاهرة"

كانت نظرات باسل غاضبة، أكثر ما يكرهه هو التلاعب بحياة البشر و التحكم بها، و للأسف، كانت عائلة غرين كلها تقريبا من هذا النوع، قام غرين هيملر بالتسلط على الناس بسلطته في حين لا يقدر على القيام بأي شيء لوحده، و قامت غرين شارلوت بالتلاعب بهم كما لو أنهم ليسوا ببشر في عينيها

تكلم باسل "بعد كل شيء، لا أظن أن العذاب الذي مرت به بسبب أنمار كان كافيا لها، لا هي و لا أخوها الأكبر، بغض النظر عن تعاونهما في الاستجواب أم لا، فسيكون عليهما تذوق بعض العذاب قليلا"

هذه الزيارة تسببت في اهتياج مشاعر باسل التي كانت هادئة حتى الآن، يجب عليه حقا جعل آل غرين عبرة للذي قد يفكر في عمل شيء مشابه لما قاموا به

"أتساءل من قام بعلاجه؟" تكلم العالم الجنون بينما يفحص جسد أخت أخوا القطع

بقي لوحده في المنزل يرعى أخت أخوي القطع الصغيرة بناء على أمر باسل الذي كان واضحا جدا بلهجته المهددة قبل أن يغادر لوجهته المحددة

يقع السجن المركزي بالقرب من المحكمة المركزية، و هذه الأخيرة تعتبر الكيان الذي يقرر القوانين في الإمبراطورية، بالطبع تُناقش هذه القوانين كلها مع الإمبراطور قبل الإقرار بها و جعلها تنفيذية

بالمحكمة المركزية، توجد قوة خاصة، قوة كافية لتجعل غرين لايت يناديها لتساعده في الحرب، لكنها لم تستجب لطلبه و لم تتدخل، فقط، أخذت الجانب و انتظرت الحرب تنتهي

و بالطبع، هذا لم يكن سيحدث لولا الصفقة التي عقدها الجنرال منصف مع المحكمة المركزية، أو يجب القول مع قائدها، كان هذا الأخير شخصية مشهورة في العالم كله، فبعد كل شيء، لقد كان ساحرا اعتبر في نفس مستوى الجنرالات و أعلى من بعضهم

مؤخرا، في الشهرين الماضيين، لوحظ شيء غريب حدث بالمحكمة المركزية جنبا إلى جنب مع السجن المركزي، لقد كان هذا الشيء الغريب هو ارتفاع قوتهما المفاجئ

انتشرت الإشاعات عن وجود سحرة بالمستوى الخامس في حراسة السجن المركزي فقط، مما حير الناس و بدا كما لو أنه يشير إلى أن آمر السجن المركزي سيكون أقوى من ذلك بما أن الحراس فقط في مثل ذلك المستوى

و بهذا استنتجوا أن من يتحكم في السجن المركزي - المحكمة المركزية – ستكون لديها قوة أكبر بالطبع. مثل هذا التغير الملاحظ في قوة المحكمة المركزية، بدأ يجعل الناس تشك كثيرا، و بالطبع، بما أنهما حدثا في نفس الوقت، فقد ربطوا عودة عائلة كريمزون للحكم مع هذا التغير الملاحظ


و الآن، قبل أن يتوجه باسل للسجن المركزي، قرر زيارة المحكمة المركزية للتحدث مع قاضيها الأكبر و الذي يعتبر قائدها و المتحكم في قوانين الإمبراطورية

"سيدي القاضي الأكبر، يبدو أن قاتل الدم القرمزي قادم إلى هنا، ماذا نفعل؟" انحنى قاضٍ من المحكمة المركزية و الذي كان نفس القاضي الذي ساعد باسل و الجنرال منصف في القبض على غرين هيملر بينما يتكلم مع شخص ما كان يقف و يحدق من نافذة بالعاصمة و أجواءها

كان هذا الشخص هو القاضي الأكبر، كان رجلا في منتصف العمر، و بابتسامة أجاب تابعَه "أوه، إنه آتٍ بنفسه، لما لا نرحب به إذا"

بعد مرور وقت طويل، فُتِحت أبواب المحكمة المركزية لعربة يقودها خيل ملكي بينما تُقرَع الأجراس

و بتوجيه من القاضي نفسه الذي بلغ القاضي الأكبر، كان باسل و البقية قادرين على الوصول للقاعة الرئيسية حيث كان ينتظرهم القاضي الأكبر هناك. بقي انمار و أخوا القطع بغرفة أخرى منتظرين عودة باسل و الجنرال منصف

"أووه" توجه القاضي الأكبر الذي كان يحدق بالنافذة نحو الجنرال منصف بعد دخوله بينما تعلو الابتسامة وجهه "أوَ ليس هذا الجنرال منصف؟ شرفتنا شرفتنا، مرحبا بك، هل رافقت قاتل الدم القرمزي؟"

ابتسم الجنرال منصف كذلك ثم أجاب "آه، هذا صحيح، فبعد كل شيء، هو لم يتعامل معك من قبل، بل أنا الذي فعلت"

"هذا صحيح" وافقه القاضي الأكبر ثم قال متسائلا "إذا، أين هو قاتل الدم القرمزي هذا؟"

"تحياتي أيها القاضي الأكبر، اسمي باسل" ظهر من خلف الجنرال منصف فتى يناهز عمر الخامسة عشر مما جعل القاضي الأكبر يستغرب

سأل القاضي الأكبر الجنرال منصف "من هذا الفتى أيها الجنرال منصف؟ هذا ليس بمكان للأطفال كما تعلم، هذا مكان يخص حديث الكبار"


قبل أن يجيب الجنرال منصف، تحدث ذلك الفتى الغير معروف للقاضي الأكبر مرة أخرى "قد لا أكون قد أصبحت بالغا رسميا، لكنني شارفت على بلوغ الخامسة عشر، لذا يمكنك اعتباري بالغا"

"همم ! " حدق القاضي الأكبر في ذلك الفتى و نظر إليه بانحطاط، كما لو أنه يحاول إخباره بمعرفة مكانته

تكلم القاضي الأكبر "أنا لا أهتم لذلك، حتى و لو كنت بالخامسة عشر و اعتُبِرت بالغا من طرف الآخرين، فهذا المكان يخص الكبار، الكبار ليس بالسن، و إنما بالمكانة، إن فهمت الآن ما عنيت، انصرف و اترك هذا المكان حالا قبل أن تلقى مصرعك أيها الفتى، فلو لم تكن مرافقا للجنرال منصف، لكنت بالفعل في عداد الموتى لوقاحتك"

اصطنع الفتى وجها خائفا "هذا مخيف هذا مخيف" ثم أكمل بعدها بسخرية "لكن للأسف ليس بالنسبة لي، حاول مع أحد آخر أيها القاضي الأكبر، إن أردت التحدث مع شخص بالمكانة، فلك هذا"

حملق القاضي الأكبر به و غضب كثيرا، و مزاجه الذي كان جيدا تعكر كليا، و في لحظة، شحذ طاقته و ضغط بهالته على الفتى أمامه "هاا"

جعل القاضي الأكبر هالته تمتد وصولا للفتى الذي أمامه ضاغطة عليه بينما يتحدث "أيها الفتى، سأعلمك معنى المكانة قبل أن تخرج من فمك"

استمر القاضي الأكبر في تنفيذ ضغطه، لكنه لاحظ بعد لحظات أن ذلك الفتى لم يتأثر أبدا، و فوق ذلك، كان ذلك الفتى يقف باسترخاء بينما يبتسم

عندها توقف القاضي الأكبر بسرعة و سأل مرتعبا "من أنت أيها الفتى؟"

تكلم الجنرال منصف "ألم يقدم نفسه بالفعل أيها القاضي الأكبر؟"

تذكر القاضي الأكبر تقديم الفتى لنفسه ثم صرخ بعد لحظات "قاتل الدم القرمزي باسل ! ؟"


"هذا صحيح" قالها باسل ثم أكمل بعدما حملق في القاضي الأكبر "و الآن، لما لا نتكلم ككبار بالمكانة أيها القاضي الأكبر؟"

صُعِق القاضي الأكبر تماما، لم يخبره أي أحد أن قاتل الدم القرمزي عبارة عن فتى في هذا العمر، المعلومات حول قاتل الدم القرمزي كانت قليلة جدا، و بعد سماعهم بالإشاعات حول إنجازاته، لم يجرؤ أي أحد على البحث في أمره، و بما أنهم لم يفعلوا، لم تصل الأخبار للقاضي الأكبر أن قاتل الدم القرمزي مجرد فتى في الحقيقة

فالجنود الذي شاركوا بالحرب، كانوا قد أمِروا بكتم كل ما شهِدوه، و بالطبع، أولئك كانوا جنودا مخلصين لعائلاتهم، و اختيروا بعناية شديدة، لم يكن هناك أي شخص منهم يتجرأ على عصيان أمر سيده، و مع ذلك، تسربت بعض المعلومات حول وجود قاتل الدم القرمزي و عن إنجازاته، لكن بعد معرفة هذه الإنجازات المخيفة، توقف الكل عن البحث في الأمر أكثر

بقي القاضي الأكبر متجمدا في مكانه للحظات حتى تكلم الجنرال منصف "أيها القاضي الأكبر، لما لا نجلس و نتحدث؟"

استفاق القاضي الأكبر من أحلام اليقظة ثم أجاب بالموافقة و جلس الثلاثة حول طاولة

حدق القاضي الأكبر في باسل بغرابة شديدة غير مصدق لما يراه، لقد أصبح ساحرا بالمستوى السابع بعد شربه لتلك الإكسيرات، و بهالته تلك بذلك المستوى العالي لم يكن قادرا على التسبب لهذا الفتى الذي أمامه حاليا حتى في الاضطراب و لو قليلا

"ما سبب مجيئك أيها السيد الصغير؟" تغيرت لهجة القاضي الأكبر من الشدة لليونة بسرعة

حدق به باسل ثم أجاب " [أولا]، أنا لست بسيد صغير، أنا كبير بالمكانة، [ثانيا]، ألا تقدم أيها القاضي الأكبر لضيوفك كوبا من الشاي حتى؟ و [ثالثا]، سأجيبك بعدما تقوم بتنفيذ [أولا] و [ثانيا]"

حملق القاضي الأكبر في باسل و حاول قمع غضبه ثم اصطنع ابتسامة مزيفة رغما عنه و قال "لك هذا أيها السيد الكبير"

"لا تناديني بهذا" أغمض باسل عينيه ثم قال "أنت تجعلني أبدو كمُعمّر ما، يمكنك مناداتي بالسيد الشاب"


ازداد غضب القاضي الأكبر أكثر، و في الجانب، كان الجنرال منصف متحسرا من المشهد، كان باسل يغيظ القاضي الأكبر بكل وضوح، لكنه لم يتدخل لأنه يعرف السبب

فبعد كل شيء، قام باسل بتقديم نفسه بكل احترام حتى لو كان مزاجه ليس جيدا، لكن القاضي الأكبر عامله بالعكس تماما، حتى أنه تجرأ على الضغط بهالته عليه، و بما أنه يعرف كل هذا، فلم يحاول الجنرال نصف إيقاف الأمر، لأنه يعلم أن باسل لن يَعْدل عنه

أمر القاضي الأكبر بإحضار الشاي، مع أنه أصبح غاضبا جدا، إلى أنه لا زال يضع مكانة باسل كالقائد الأعلى لجيوش الإمبراطورية في عينيه، لذا لم يقْددمم على أي فعل شائن بعد معرفته هوية باسل

بعد إحضار الشاي من طرف خادمة، هذه الأخيرة صبت كوبا لباسل الذي حمله و أخذ الرشفة الأولى قبل أن يتحدث "يبدو أن هديتي إليك قد أدت مفعولها بشكل جيد"

"همم...؟" استغرب القاضي الأكبر قبل أن يفهم ما يتحدث عنه باسل، لقد قصد هذا الأخير الإكسيرات، و هذا الشيء جعل القاضي الأكبر ينذهل تماما، فبعد كل شيء، هو لم يعلم أن قاتل الدم القرمزي هو نفسه الشخص الذي أرسل له تلك الإكسيرات

تلك الإكسيرات التي أخذها كصفقة مقابل عدم التدخل بتاتا في الحرب، كانت في الحقيقة شيئا مذهلا كثيرا، في مدة قصيرة، كانت قادرة على تنمية قوة المحكمة المركزية لدرجة مخيفة. و عندما علم الآن القاضي الأكبر أن فتى يناهز الخامسة عشر فقط هو صاحبها، فلم يسعه سوى فتح فمه من الاندهاش و الصدمة

لكنه لم يرضى بطريقة حديث باسل، جعل هذا الأخير الأمر يبدو كما لو أنه تَصَدّق عليهم بالإكسيرات. فهم أخذوها كصفقة

حدق القاضي الأكبر بباسل ثم قال "نعم معك حق، لقد كانت جيدة، كان خيارا صحيحا أخذها كبديل لعدم تدخلنا في الحرب"

حرص القاضي الأكبر على توضيح هذا الأمر جيدا

و باسل الذي يشرب الشاي بهدوء، كان يفهم مقصد القاضي الأكبر بالطبع، فبعد كل شيء، لقد طرح ذلك السؤال بتلك الطريقة لتحصيل بعض المعلومات عن الطرف الآخر، أراد أن يرى طريقة استجابة القاضي الأكبر


و كما توقع باسل، قام القاضي الأكبر بتوضيح الفكرة بسرعة، أكد هذا الأمر أنه لا يريد من المحكمة المركزية و هو نفسه أن يبدوان مدينان لباسل أو يُعتبران كما لو أنهما أقل منه شأنا

كان لدى باسل بعض الجواسيس في المحكمة المركزية الذين كانوا يخبرونه بالتغيرات التي تحدث، فبعد كل شيء، لاحظ أن المحكمة المركزية تنمي قواتها بشكل غريب قبل حتى أن يعطيها الإكسيرات

لذا حرص على جعل تحركاتها تحت علمه دائما، فالسبب الذي جعله يجعل الإكسيرات كمبادلة لعدم تدخل المحكمة المركزية، هو ملاحظته لتطلع المحكمة المركزية للقوة، لذا كان متأكدا من قبول طلبه.

كان بإمكانه ترك المحكمة المركزية تتدخل بالحرب، و سوف يكون قادرا على الفوز بالرغم من ذلك، لكنه لم يرد فعل ذلك من أجل الحفاظ على ردة فعل جيدة من الشعب، و الحفاظ على سمعة عائلة كريمزون على أنها استرجعت حقها و لم تأخذه عن طريق جزر كل ما في طريقها

تعتبر المحكمة المركزية رمزا للحفاظ على الأمان بالإمبراطورية، و تدميرها يعني بث الخوف في قلوب الناس و جعلهم يهابون عائلة كريمزون و يبتعدون عنها قدر المستطاع

بالطبع، كان الجنرال منصف و الكبير أكاغي و بعض الكبار من العائلات التي قاتلت معهم يعلمون بنوايا المحكمة المركزية بعدما أخبرهم باسل بها، لكنهم اتبعوا نصيحة باسل الذي أخبرهم بترك أمرها له

عندما زار باسل المحكمة المركزية، كان يريد التظاهر باللطف بينما يستخرج بعض المعلومات، لكن مزاجه كان متعكرا، و قام القاضي الأكبر بمعاملته بشكل سيء، لذا قرر إغاظته قليلا و استخراج المعلومات منه بهذه الطريقة

تكلم باسل "نعم، و بفضلها نمت قوة المحكمة المركزية لهذه الدرجة، أنا أتساءل عن نوايا القاضي الأكبر بحرصه على تنمية قواته هكذا ! ؟"

تفاجأ القاضي الأكبر، لقد كان سؤال باسل مباشرا للغاية، مع أن باسل أتى بنية استخراج بعض المعلومات، لكنه لا يحب اللف و الدوران في الكلام، و فوق ذلك، فهو قد استنتج نية المحكمة المركزية بالفعل، و لم يأتي هنا إلّا لتأكيد شكوكه

شرب القاضي الأكبر رشفة من الشاي ثم هدأ و ابتسم قبل أن يقول "ما الذي تقصده أيها السيد الشاب؟ أليس هذا شيء طبيعي؟ إن أصبحت قوتنا أكبر، فسوف يزداد الأمن أيضا"

"هيه، يهدأ هنا ! " تكلم باسل بدخله ثم ابتسم تباعا لابتسامة القاضي الأكبر و قال "معك حق، لكن هذا كان قبل أن يكون هناك وجود لفرقة السنبلة الخضراء، فهذه الاخيرة قد نمت و انتشرت فروعها كثيرا، بسببها انعدمت الجريمة تماما من العاصمة، فما الحاجة من تقوية المحكمة المركزية؟ ألم يكن واجبها هو الاعتناء بقوانين الإمبراطورية؟ أو ماذا؟ هل أصبحت تهتم بشيء آخر أيضا؟"

ضحك القاضي الأكبر ثم أجاب "ما الذي يمكنه أن يكون؟ اهتمامنا الوحيد هو الحفاظ على الأمن، و العالم يتغير شيئا فشيء، لذا إن لم نغير من أنفسنا و نطورها تباعا لذلك، ألن نكون مجرد أغبياء عندها؟"

ضحك باسل أيضا ثم قال "معك حق"

تذكر القاضي الأكبر أمرا "آه هذا صحيح، لما أتى السيد الشاب إلى هنا؟"

بالطبع باسل قد حقق مراده بالفعل من مجيئه إلى هنا، لكنه أخذ رشفة من الشاي قبل أن يتكلم "سأزور السجن المركزي بعد خروجي من هنا، و سأريد غرفتين خاصتين، أيمكنك تجهيز هذا لي؟"

استغرب القاضي الأكبر ثم قال "بإمكاني فعل هذا بالطبع، لكن أيمكنني سؤالك عما ستحتاجهما فيه؟"

أجاب باسل "سأزور شاهين من حلف ظل الشيطان لجني بعض الثمار، و أزور العاهرة و الحثالة لتلقينهما بعض الدروس"

لم يفهم القاضي الأكبر مَنْ قصده باسل في الجزء الثاني من كلامه فشرح له الجنرال منصف هذا الأمر، ثم تكلم عندها "لقد حاولنا استجواب ذلك الشاهين بشتى طرق التعذيب لكنه لم يتحدث أبدا، لا أظن أنك ستستفيد شيئا من محاولتك، و لما تريد لقاء غرين شارلوت و غرين هيملر؟ ألم ينتهي شغلك معهما؟"

أغمض باسل عينيه ثم قال "طريقة حصدك للثمار مختلفة عن الخاصة بي، و لم أقل أن دروسي قد انتهت مع تلك العاهرة و ذلك الحثالة"

حدق به القاضي الأكبر مطولا، إن هذا الفتى غريب حقا، بدأت العديد من الأفكار تشغل خلده، يجب عليه كشف سر هذا الفتى عاجلا و ليس آجلا، سيكون خطرا محدقا عليه و على خطته

وقف باسل بعد انتهاءه من شرب كوبه، ثم اتجه نحو الباب، و قبل أن يتخطى القاضي الأكبر، وضع يده على كتفه و تكلم بأذنه ثم غادر بعد انتهاءه من كلامه فتبعه الجنرال منصف

تحدث باسل قبل مغادرته للغرفة "حسنا أعتمد عليك أيها القاضي الأكبر في تجهيز الأمر لي بسرعة، عندما تنتهي أخبرني، سأكون أنتظر بالقرب من السجن المركزي"

غادر باسل و بقي القاضي الأكبر في مكانه يغلي من الغضب، أحكم قبضاته بشدة و اسود وجهه، و بعد لحظات، وقف ثم ضرب على الطاولة بشدة

بااام

انفجرت هالته من شدة غضبه ثم صرخ ساخطا "ذلك الشقي البغيض"

في العربة، بعدما اتجه باسل و البقية نحو السجن المركزي، تحدث الجنرال منصف بنظرة متحسرة سائلا باسل "أ كان عليك إغاظته لتلك الدرجة؟"

أخرج باسل من مكعب التخزين جزرة و عضها ثم قال "بالطبع، يجب عليك جعل ذلك النوع من الأشخاص يغضب، عندها سيقع في الفخ، فبغضبه غالبا ما سيكشف عن نفسه"

بالعودة لقاعة المحكمة المركزية، تذكر القاضي الأكبر همس باسل بأذنه سابقا بينما تضغط هالته على الأرض من تحته "أيها القاضي الأكبر، أنا أعلم بنوايا المحكمة المركزية الجيدة، لذا سأحرص على الاعتناء بها جيدا، فكما تعلم، أنا قادر على ذلك، فأنا قاتل الدم القرمزي المشهور بعد كل شيء، لا أحاول مدح نفسي هنا، لكني بعد شهور فقط من مجيئي للعاصمة كنت قادرا على تغيير حاكمها، لذا أضمن لك أنني سأكون عند كلمتي"

السجن المركزي

حراسة مشددة، معروف بأفضل و أسوء سجن بالعالم، ليس هناك أي سجلات عن هروب أي سجين منه، عرف كأفضل حاجز لأولئك الذي اتهموا بأشنع الجرائم في العالم، و اعتبر كأسوء كوابيسهم كذلك، من يدخله لا يحلم مرة أخرى حلما جميلا لبقية حياته التي يمضيها هناك، يحتوي على أشنع المجرمين إطلاقا بهذا العالم، من القتلة البسطاء إلى مرتكبي المذابح

علماء مجانين ارتكبوا جريمة عظيمة بمسهم للحرمة و أجروا التجارب على البشر، عصابات و قطاع طرق قتلوا السحرة و التجار من أجل إشباع رغباتهم و شهواتهم، و أشنع أنواع قراصنة البحر المعروفين في العالم بإبادتهم للعديد من القرى و المدن

كل هؤلاء المجرمين يدخلون لهذا السجن المركزي من دون الحلم بالنظر للسماء الزرقاء لمرة ثانية، كل هؤلاء المجرمين عبارة عن وحوش كانت فيما سبق بشر تخلوا عن إنسانيتهم، و الحكم عليهم لا يكون الموت، لأنه رحمة لهم، بل يتعذبون بشتى طرق التعذيب و أشنعها لطيلة حياتهم، يموتون آلاف المرات بعدد ما قتلوه من الناس

ليست هناك زيارات عديدة لهذا السجن، فمن يدخله غالبا لا يملك أي شخص ليزوره، و حتى لو كان، لن يستطيع الدخول سوى بموافقة المحكمة المركزية، لذا لن تجد سوى الشخصيات العظيمة من تستطيع زيارة هذا السجن، فيعيش السجناء في وحدة أبدية بغرفهم بقيود و قضبان من السحر تسجنهم

آخر زيارة لهذا السجن كانت قبل شهور بالفعل من طرف غرين كانديد لأخيه غرين هيملر، و الآن، بأمر من المحكمة المركزية، فتح السجن المركزي أبوابه لخمسة أشخاص مرة أخرى بعد أن كان محكم الإغلاق عن العالم الخارجي

انقسم هذا السجن لثلاث طوابق عميقا في الأرض


الطابق الأول كان به المجرمين الذين ارتكبوا جريمة قتل أو اثنتين أو ما عادل ذلك. هؤلاء، غالبا ما تلقوا عذابا تمثل في الإغراق بالماء الحارق و كسر العظام و نزع الأظافر و أجبروا على العمل ليل نهار

الطابق الثاني كان به المجرمين مثل العصابات و قطاع الطرق الذين قتلوا، اغتصبوا و نهبوا العديد من الأشخاص. هؤلاء، أجبروا على مرافقة الحراس في مهنتهم التي تتجلى في طعن السجناء برماحهم و تعليقهم بالمسامير على الحائط مع رش ملح أرخبيل البحر العميق عليهم مسببين لهم عذابا جسيما بالإضافة للتعذيب الذي يتعرض له سجناء الطابق الأول

الطابق الثالث و الذي احتوى على أشنع المجرمين في العالم، مرتكبي المذبحات و مدمري القرى و المدن، كالعلماء المجانين و المغتالين المشهورين إضافة لقراصنة البحر ذوي الاسم الثاقب، هؤلاء، وضع كل واحد منهم في زنزانة عازلة للصوت تماما بظلام أبدي غير قادرين على التواصل مع أي أحد بتاتا، و هذا الأمر يقودهم للجنون ببطء شديد، و بين الحين و الآخر، تفتح الزنزانة مما يجعلهم يظنون أنهم سيرون الضوء من جديد مرة أخرى، لكنهم يتعرضون لنفس التعذيب الذي يتعرض له الآخرون في الطابق الأول و الثاني مع اختلاف بسيط فقط بمردودية أكبر

كان مجرمي الطابق الثالث أسوء الشخصيات في العالم، و غالبا ما تلقوا التعذيب من مساعدي آمر السجن الخمسة بنفسهم، و تعذيبهم يكون عن طريق السحر. بعد دفعهم لحافة الجنون بالوحدة الأبدية، يُمنَحون أملا مزيفا عن طريق فتح البوابة، ليتفاجؤا باليأس الحقيقي

قبل مجيء باسل إلى هنا، أمر القاضي الأكبر آمر السجن بتجهيز غرفتين خاصتين لباسل بناء على طلب ذلك الأخير، غرفة يضع بها غرين شارلوت و أخاها، و أخرى يضع بها شاهين

بالطابق الثاني، بجانب المصعد الخشبي الذي يربط الطوابق معا

"ماذا...؟ إلى أين تأخذونني، لا، لأ أريد، أرجعوني لزنزانتي، لا أريد مغادرة الزنزانة، أريد الرجوع لها، لا تفعلوا، ألا تعلمون من أنا؟ إنني الأمير الأول و الإمبراطور القادم غرين هيملر، أبعدوا أيديكم القذرة عني، سأحكم عليكم بالإعدام، ألا تصدقوني، سو..."

دوو

ركل واحد من الحارسين اللذين يجران غرين هيملر بطن هذا الأخير حتى تقيأ الدماء ثم تكلم "أصمت أيها الحثالة، سأخبرك بشيء ممتع جدا، أنت لا تعرف هذا، لكن عائلتك قد أبيدت بكرة عن أبيها من دون بقاء أي أحد منها على قيد الحياة سوى شخص واحد و هو أختك التي انضمت إليك إلى هنا قبل شهرين، و أتعلم ماذا؟ الشخص الذي قام بإبادة عائلتك و الذي أصبح قائد جيوش الإمبراطورية الأعلى 'قاتل الدم القرمزي باسل' قادم بنفسه إلى هنا لزيارتك" تكلم الحارس بينما يحتقر غرين هيملر بنظراته و يضحك على حاله بشدة


"باسل... ! ؟" تردد هذا الاسم بمسامع غرين هيملر فجعله هذا الأمر يصرخ بجنون بينما يحاول التخلص من القيود و الحارسين "أفلتوني، أرجعوني للزنزانة، أرجعوني، لا أريد مقابلته، سوف أقتلكم، أنا الأمير الأول، أطلقوا سرا..."

دوو

ركلة أخرى في بطنه مسكتة إياه من الصراخ جاءت من الحارس الآخر الذي تكلم بعدما بصق في وجه غرين هيملر "أصمت أيها الحثالة" ثم قام هو و رفيقه بجره نازلين للطبق الثالث عبر المصعد الخشبي

أما غرين شارلوت و شاهين، فكلاهما كان بالطابق الثالث بالفعل، لذا قام الحراس بنقلهم للغرفتين المقصودتين

قُرِعت الأجراس معلنة بذلك عن مجيء شخصية مهمة لزيارة السجن، و بمجرد ما أن وضع الخمسة أقدامهم بالداخل حتى سمعوا الصراخ يأتي من جميع الجهات بينما يرمي السجناء أنفسهم على القضبان الحديدية و يحدقون بالآتي بعيون حمراء، كانوا يمدون أيديهم محاولين الوصول لأولئك الأشخاص الذين أتوا بألسنة متدلية، لكن كلهم تعرضوا للطعن برماح الحراس جاعلين إياهم يقذفون لداخل زنزاناتهم

البعض منهم استمر في الانقضاض مرة تلو الأخرى بالرغم من الطعنات التي يتعرض إليها محاولا الوصول لتلك الفتاة التي كانت كملاك زار الجحيم، و امتدت نظراتهم و أصواتهم المتلهفة لجسدها المثير

كان هناك العديد من السجناء يقومون بالعديد من الأعمال الشاقة، من الحدادة و صناعة الأسلحة إلى التنقيب عن المعادن مع جَلْدهم من طرف الحراس باستمرار

ركب الخمسة بالمصعد الخشبي و نزلوا للطابق الثالث حيث كان الهدوء هناك قاتل لدرجة مخيفة، لو أنك رميت إبرة على الأرض فسيسمع صداها مرات عدة و بشكل واضح

توجه الخمسة معا عميقا في الطابق، و أينما رميت نظرك، فسوف تجد زنزانات سوداء تماما كما لو أنها صندوق من دون مدخل أو مخرج، لا للصوت و لا للهواء، كل شيء معزول بتلك الزنزانات تماما، حتى عن السجن المركزي نفسه الذي تقع بداخله


بعد التحرك لمدة من الوقت، وصل أخيرا باسل و البقية للغرفتين المقصودتين حيث كانتا بجانب بعضهما البعض

دخل الخمسة للتي على اليمين، و بمجرد ما أن فتحت البوابة و وضع باسل قدمه بالداخل، حتى صرخ غرين هيملر بجنون "لا، أبعدوا هذا الوحش عني، لا أريد لقاءه"

كما صدمت غرين شارلوت و انكمشت في الزاوية التي كانت منكمشة بها بالفعل بينما تحدق بأنمار و باسل باستمرار بنظرة غارقة في اليأس و تمتم "أنا آسفة، أنا آسفة، لن أعيدها مرة أخرى"

حدق الحراس في حالتهما بتفاجؤ ثم غادروا بعدما كلمهم الجنرال منصف و أغلقوا الأبواب وراءهم بناء على طلب باسل

انطلق شعاع قاتل من أربعة أعين، شعاع أتى من أعين أخوا القطع و اخترق جسد غرين شارلوت جاعلا القشعريرة تصعد مع جسمها من شدة الرعب. أمامهما الشخص الذي تسبب في معاناة أختهما الصغيرة ذات العشرة سنوات، الشخص الذي عذبها بتجارب شنيعة، الشخص المتسبب في حالة أختهما الصغيرة حاليا، أرادا أن ينقضا عليها في أي وقت بعدما يسمح لهما باسل بذلك

و في الجانب الآخر، حدق الجنرال منصف بغرين هيملر باحتقار، كم من امرأة جعلها ثكلى أو أرملة أو الاثنين معا؟ و كم من *** يتمه؟ و كم من الناس و العائلات أضاع لهم حياتهم؟ فقط برؤيته، رجعت الذكريات للجنرال منصف عندما تجرأ هذا الوغد على لمس زوجته، و أخيرا أتت فرصته في أخذ انتقامه بالكامل

أخرجت أنمار كرسيا و كوبا من الشاي من مكعب التخزين ثم ذهبت للجانب بعيدا و جلست بهدوء بينما تشرب رشفة تلو الأخرى

أما باسل، فاقترب من غرين شارلوت و حدق بها باستمرار، ثم ذهب و فعل المثل مع غرين هيملر، جعل هذا الأخير ينضم لأخته الصغرى ثم أخرج كرسيا و جلس، وضع يديه على جانبي الكرسي كما وضع رجلا فوق الأخرى و تكلم بهدوء لكن بنبرة جعلت جسدي الأخ و الأخت من عائلة غرين يرتعد "حسنا، أخبراني عن ما مررتما به من تعزييب في هذا السجن"

"همم؟" تفاجأ الأخ و الأخت من الطلب، أيريد منهما تفسير ما مرا به؟ كيف لهما أن يتكلما عنه؟ فقط تذكرهما لذلك يجعلهما يقعان في يأس عميق، و كيف لهما أن يتحدثا عنه؟


لم يتكلما و انكمشا في مكانهما، فتكلم باسل مرة أخرى "كما تريان، ورائي أشخاص غير صبورين مثلي، و إن لم تتحدثا بسرعة، فلا أعلم ما قد يفعلونه بكم ! "

كان الجنرال منصف و أخوا القطع غايرو و كاي يريدون الانقضاض عليهم كالمفترس لذي تربص بفريسته لمدة طويلة حتى أتت اللحظة المناسبة لاندفاعه

بدأ غرين هيملر بالتكلم أولا، بينما يتعذب نفسيا في كل كلمة يخرجها عبر فمه حيث تُذكره بما مر به، و أكثر ما ركز عليه كان الرش بملح أرخبيل البحر العميق الذي يحرق الشخص عبر الجروح التي يلقى عليها و يجعل السجين يمر بجحيم لا يطاق، كان الشخص الذي يتعرض لهذا التعذيب يشعر بأن جسده يُحرق بنار شديدة الحرارة باستمرار من دون أن تخلف آثار الحرق، مما يتيح إمكانية التعذيب بالحرق من دون الحرق الفعلي لمدة طويلة

بينما يشرح غرين هيملر ما مر به، بدأ يعض أصابعه و ينكمش في مكانه من شدة الفزع، بعد قدومه إلى هنا، هو الشخص الذي لم يجرب آلاما قاسية في حياته، كان هذا المكان كالجحيم بالنسبة له

بعدما ما انتهى غرين هيملر سأله باسل بهدوء "هكذا إذا، أهذا كل شيء؟"

"ها؟" تفاجأ غرين هيملر من ردة فعل باسل، ما الذي يقصده بكلامه؟ ألم يسمع ما الذي مر به من تعزييب جهنمي؟ حير سؤال باسل غرين هيلمر، فقام هذا الأخير بإيماء رأسه بعدما حملق به باسل

أزاح باسل نظره عن غرين هيملر ثم نظر لـغرين شارلوت التي بمجرد ما أن التقت عينيها بالخاصتين بباسل، حتى حنت لرجليه بينما تترجى "أرجوك، سأفعل أي شيء، أرجوك ارحمني"

حدق بها باسل و بحالتها المزرية، اشمأز منها ثم ضربها برجله بينما يقول "ابتعدي عني، لو أردت منك شيئا فستفعلينه مهما حدث، و الآن، اشرحي لي كما فعل هذا الحثالة"

ارتعدت غرين شارلوت في مكانها ثم بدأت بالتكلم بصوت منخفض، فكلمها باسل "فليكن صوتك واضحا" مع أن باسل يمكنه سماعها، إلى أن هدفه من جعلها تتحدث عن ما مرت به من تعزييب ليس لأنه يريد أن يعرف، فقد رأى خلال طريقه إلى هنا بعض السجناء يتعذبون


شرحت له كل ما عانته هنا طيلة الشهرين الماضيين، و من دون أن تشعر، بينما تتحدث، نظرت لجهة أنمار الجالسة بعيدا ثم تذكرت ما فعلته بها، مقارنة بتعذيبها من طرف أنمار، فالتعذيب الذي مرت به هنا لا شيء، لكن لا يعني هذا أنه لم يأثر بها، فلم تخرج أي كلمة من فمها إلا و أخذت معها جزءا من روحها

وقف باسل ثم تكلم "كما توقعت، هناك التعذيب الجسدي و النفسي فقط، حسنا"

أخرج باسل بعض الأدوات الغريبة، من بينها كرسيين بقيود سحرية، و حوض مائي، مع بعض الأنابيب الرقيقة

شاهده الأخ و الأخت من عائلة غرين و حدقوا في ما يخرجه باسل بغرابة، بعد مدة من الوقت سألا باسل "هل انتهينا؟" و كانا يسألان بهذا غير مصدقان لذلك

حدق بهما باسل ثم قال "أظن أنكما أخطأتما في السؤال بسبب خوفكما، أقصدتما هل بدأنا؟"

ظهر الرعب مرتسما على وجهي غرين شارلوت و أخيها، ثم صرخا مع في نفس الوقت من شدة الرعب

قام باسل بتعليق الحوض المائي بالسقف مع إيصاله ببعض الأنابيب الرقيقة فكون ممرا للماء بين الحوض و الأنابيب الرقيقة، ثم وضع الكرسيين اللذين كان طول أرجلهما يصل لثلاثة أمتار أسفل الأنابيب الرقيقة تماما، و كان الكرسيين مندمجان مع الأرض تماما بسبب حفر مكان لهما و تثبيتهما عميقا

حتى الآن، لا يعرف أي أحد ما الذي ينوي باسل فعله غير أنمار التي جلست بهدوء مغمضة عينيها من دون التحرك بينما ينتظر أخوا القطع و الجنرال منصف الإشارة من باسل

قام باسل بالتكلم "اربطاهما بالكرسيين"

تحرك أخوا القطع و حملا غرين شارلوت المرتعدة و وضعاها على الكرسي ثم ربطاها، و كذلك فعل الجنرال منصف لغرين هيملر

جلس باسل ثم تحدث "من طريقة سردكما لما حدث لكما، أظن انه حقا كان تعذيبا مرعبا بالنسبة لكما، لكن بالنسبة لي، التعذيب الذي تختفي آثاره بهذه السهولة ليس بذلك الشيء الكبير، ستجربان معاناة مئات الناس الذين قتلوا من طرفكما في سبيل أهدافكما التافهة، التجارب على البشر و تحويلهم لوحوش، هل تعرفين العذاب الذي يمر عليهم؟ لا، لا أظن، فبعد كل شيء أنت لم تجربين آلام بحر الروح من قبل، بعد التعمق في البحث أكثر، وجدت أنك أنتَ يا أيها الحثالة من كان يغطي على اختفاء الناس الذي تسببه أختك"

"...أختك بقيت على قيد الحياة لسببين، أولهما، استخلاص المعلومات منها بينما هي في جانبك لأحرص على ربط النقاط كاملة و أستأصل المشكلة من جذورها، ثانيهما، جعلها تمر بكل ما مر به من أشخاص قامت بالتجارب عليهم"


"...بعد التفكير جيدا، لم يكن من المناسب ترككما تنجوان بأفعالكما ببساطة، 'الدم بالدم'، هذه الجملة تتردد بعالمنا كثيرا، لكنكما للأسف اقترفتما خطايا أكثر مما يمكن للدم وحده احتواؤها"

تحدث باسل مع الاثنين اللذين ربط رأسهما مع قمة الكرسي مما جعل جبهتهما موجهة نحو الأنبوبين الرقيقين الموجهين نحوهما، و هذا الأمر جعلهما يرتعدان كثيرا، فليس هناك ما هو أكثر إخافة من المجهول

"...لقد تعلمت الكثير من التقنيات لجعل الشخص يتكلم، بعضها لا يترك الشخص عاقلا بعد تجريبه لها لمدة قصيرة فقط و فتكها لجسده، لكني لست مولعا بها لنقص جماليتها، لكن كانت هناك طريقة جذبت انتباهي أكثر من الأخريات، كانت طريقة بسيطة، سهلة، غير مرهقة، سريعة و ليست قبيحة. كانت تجاربي الهادفة لتعليمي تقام على الوحوش السحرية، و عندما جربت هذه الطريقة لأول مرة، أتعرفين بماذا شعرت؟"

حدقت غرين شارلوت بـباسل الذي حملق بها بحقد ثم قال "لقد شعرت بالاشمئزاز التام حتى من هذه الطريقة التي اعتبرتها الأفضل من جميع النواحي، كيف لشخص أن يقوم بمثل هذه الأعمال المتوحشة؟ القتل أسهل من ذلك بكثير، لكني مع ذلك تعلمتها كلها، لأنني أخبِرت بأنني سأحتاجها في يوم من الأيام، سيأتي يوم أكون شاكرا لتعلمي إياها، لكن للأسف، حتى الآن لا زلت أشعر بالاشمئزاز فقط"

"...فكيف لكي أن تشاهدين كل أولئك الناس تتعذب من دون أن تشعرين بأي شيء؟ قد لا أكون شاكرا حتى الآن لتعلمي هذه الطرق، لكني أعترف بأنني سأحتاجها بين الحين و الآخر، فلا أظن أن هناك طريقة أخرى لجعل حثالة مثلكما يمران بعقاب مناسب لهما، لذا سأضطر للشعور بالاشمئزاز من فعل مني في كل مرة أقوم بها"

وقف باسل ثم تحدث "هناك ذلك المثل، قطرات الماء تنحت الصخر، ليس بقوتها لكن بتواصلها، و من خلالها أتت فكرة التعذيب هذه، قطرة قطرة، و مع كل واحدة، تقترب الضحية من الجنون قبل أن تصل للموت، هناك مثل طريقة التعذيب هذه، استعملت على الناس العاديين فقط، ربطوا و أجبروا على مشاهدة قطرات الماء المتواصلة تنزل على جبهتهم، و بما أنها تأخذ وقتا طويلا، فغالبا ما وصلت الضحية للجنون قبل أن تموت عبر الحفرة المصنوعة بجبتها بسبب قطرات الماء المتواصلة"

بدأ الأخ و الأخت يرتعدان أكثر مما كانا عليه و يترجيان باسل على حياتهما، حملق بهما باسل ثم قال "ها أنتما ذا، سأذكركما بشيء ما، هذا الشيء هو الذي يجعلني لا أرحمكما مهما أصبح شكلكما مزريا، كم مِن مرة استنجد مِن المئات التي عذبتما بنفس طريقتكما هذه؟"


صمت الأخ و الأخت تماما بينما بدأت تنهمر دموعهما، فتكلم باسل "بالطبع لا تذكران، لكني بعد بحثي الطويل، كنت قادرا على تقريب العدد، لقد قمت أيتها العاهرة بالتجارب على 450 شخص، منهم 300 ***، و أنتَ أيها الحثالة تسترت على أفعالها، كما قتلت الكثير من التجار عبر استخدام قطاع الطرق و العصابات، و لا أعلم حقا كم من شخص قد قتلت، لكنه لن يكون أقل مما فعلت هذه العاهرة على الأغلب بما أن عمرك أكثر منها بكثير"

"...و الآن، لنعد لموضوعنا، تلك الطريقة استعملت على الناس الطبيعيين، لكنها لن تنجح على السحرة المتفوقين جسديا و ذهنيا على الناس الطبيعيين، لذا ما رأيكما بهذا؟ قطرات من الماء الممزوج بالطاقة الخالصة، ستتوغل عبر نقطة أصلكما الموجودة بجبهتكما لتسبب عذابا جهنميا في مسار نقطكما الأصلية و بحري روحكما، و بالطبع بعد تجربتكما لهذا الألم، انتظاركما للقطرة القادمة و خوفكما

من قدومها مرة تلو الأخرى سيقودكما للجنون التام، عندها سيكون التعذيب ذو مفعول حتى على ساحر، و على عكس الطريقة الطبيعية التي تأخذ وقتا طويلا، فهذه الطريقة المطورة تأخذ وقتا أقصر بكثير حتى على ساحر"

"...إن أردت تعزييب ساحر ما نفسيا و جسديا من دون إرهاق نفسك، فعليك بهذه الطريقة، فهي الأكثر راحة و قسوة، الأكثر راحة لمطبقها، و الأكثر قسوة للمطبقة عليه، و الآن بعد فهمكما لما سيحدث لكما، لما لانبدأ في التطبيق، فكما تريان، القاعدة الأولى في تنفيذ هذا التعذيب، هو شرحه الكامل للضحية، هكذا يبدأ هذا التعذيب"

بعد انتهاء باسل صرخ الأخ و الأخت بجنون، حاولا كسر الكرسيين لكنهما لم ينجحا في ذلك، حتى أنهما نسيا أن سحرهما مقيد فحاولا استخدامه، اهتزا بشدة من الرعب، و مع ذلك، لم يتحرك قلب باسل و لو قليلا، قد يكون يشعر بالاشمئزاز من التعذيب الذي ينفذه، لكن هذا لم يمنعه من القيام به لشعوره بضرورته

"لماذا تفعل هذا؟ لماذا؟ ليس و كأن لك علاقة بهم" تحدثت غرين شارلوت بعدما فشلت كل محاولات استنجادها

دعم أخوها كلامها "هذا صحيح، أنت لم تأت للعاصمة إلا قبل أقل من عام، لماذا تهتم لهذه الدرجة بمن قتلنا أو عذبنا؟ نحن لم نقترب منك حتى"

حملق بهما باسل ثم تحدث بلهجة باردة و خالية من المشاعر "معكما حق، حتى أن إزعاجك لي أيتها العاهرة قد تم تسويته من قبل أنمار، أما أنت أيها الحثالة فلم تزعجني، لأنني أنهيت أمرك قبل أن تفعل"


صرخ الأخ و الأخت عاليا "إذا لماذا؟ اتركنا و شأننا إن لم يكن لديك أي شيء تجاهنا"

حملق بهما باسل ثم أجاب "أتفق معكما أن لا علاقة لي بالناس الذين آذيتهما، لكني لا أتفق معكما في أنني ليس لدي أي شيء تجاهكما"

عبس الأخ و الأخت و صنعا وجها متسائلا

ازدادت نظرات باسل خلوا من المشاعر ثم قال "اثنان لا يبلعان لي مهما حدث، الجزر المرّ و الحثالة مثلكما"

صمت الأخ و الأخت بعد جواب باسل تماما

شحذ باسل طاقته السحرية الخالصة بإصبعي السبابة من كلتا يديه ثم ضرب نقط أصل غرين شارلوت كلها بنفس الوقت بسرعة فائقة، و كذلك فعل مع أخيها تباعا لها

فإذا بنقط أصلهما تشع كثيرا، و بما أنهما مقيدان، فليس لهما تحكم فيهن، شاهد باسل هذا الأمر و تكلم "هذه أول مرة أطبق فيها هذه التقنية، لم تكن لدي من قبل السرعة الكافية للقيام بها من قبل، إنها تقوم بتهييج نقط الأصل و جعلها غير محصنة، لكنها لن تنجح إلا إذا تم ضرب جميع نقط الأصل كلها مرة واحدة، و حتى لو نجحت، فسيقوم الساحر بإعادة ضبطها و جعلها تهدأ، لذا لا تنفع إلا في التعذيب، عندما يكون الساحر مقيدا، فليس هناك أي احتمال لمراوغته أو ضبطه لنقط أصله"


وجه باسل طاقته الخالصة و مزجها مع ذلك الماء الذي بالحوض ثم قال "هذا ماء من منطقة محظورة، و هذا يجعله أكثر قابلية للاندماج بالطاقة الخالصة، لذا عندما ستلتقي قطرة من هذا الماء بنقطة أصلكما، عندها ستشعران بآلام بحر الروح، عندها ستشعران بآلام كل الأشخاص الذين جعلتهما يمران بمثل ما ستمران به، و إليكما كلمتي كشخص مجرب لآلام بحر الروح، ستشعران أنكما تموتان مئات المرات في لحظات"

انتهى باسل من توجيه طاقته السحرية الخالصة ثم حمل حبلا متصلا بالحوض المائي و سحبه قليلا و أرخاه، فإذا بقطرتين من الماء تبدأ بالمرور من الحوض المائي للأنبوبين الرقيقين

حدقت غرين شارلوت بالقطرة القادمة بالأنبوب ببطء شديد، و هذا الأمر زاد من عذابها فقط على المستوى الذهني و العقلي، و بالطبع، لم يكن أخوها في حالة أفضل منها، فلقد بلل سرواله بالفعل من شدة الفزع

خرجت القطرتين الأوليتين من الأنبوبين و نزلت مباشرة نحو جبهتي غرين شارلوت و أخيها غرين هيملر اللذين حدقا بالقطرة بينما تكبر صورتها بالنسبة لهما شيئا فشيء بسبب اقترابها من أعينهما حتى التقت بجبهتهما

نزلت القطرة على نقطة الأصل و سُمِع صوت كنزول قطرة من الماء في بركة، و تواليا مع هذا الصوت، دوى صوت آخر، كان صوت الأخ و الأخت اللذين صرخا بجنون

اهتزا في كرسيهما و تحركا بجنون و بطريقة مروعة في مكانهما من دون التوقف و لو للحظة عن الصراخ من الآلام، توغلت تلك القطرة لنقطتي أصلهما بالجبهة و جعلت مساري نقط أصلهما مضطرب كليا مما تسبب في اضطراب بحر الروح تباعا لذلك ليبدآ بالشعور بآلام جهنمية لا يستطيع الشخص الطبيعي تحملها و لو قليلا

استمر الأخ و الأخت في الصراخ قبل أن يهدآ أخيرا بعد مدة من الوقت بسبب معالجة بحر روحهما التلقائي و تنقيته للطاقة الخالصة الغريبة، و عندما حدث هذا الأمر، سكت الأخ و الأخت أخيرا، لكن نظرتهما تغيرت من المرتاحة للمرتعبة مرة أخرى بعدما ريا قطرتين أخريين نازلتين عبر الأنبوبين الرقيقين، بدآ يصرخان و يتحركان بشكل غريب، لكنهما مهما حاولا، كان الكرسيين ثابتين و وجههما موجه للأعلى لترى أعينهما اقتراب القطرة القادمة مرة أخرى و يغرقان في اليأس في كل مرة يحدث ذلك

صرخاتهما تسببت في ثقب آذان الناس، و لولا كونهم في غرفة عازلة للصوت تماما، لبلغ صوتهم خارج السجن المركزي

حدق باسل بهما بنظرة غير مرتاحة بتاتا، ذات يوم أخبره معلمه أنه سيحتاج للقيام بمثل هذه الطرق مع بعض الأشخاص، ذات يوم سيكون شاكرا لتعلمه مثل هذه التقنيات، لكن باسل حاليا لم يكن يعتقد أن هذا اليوم سيأتي أبدا، فحتى لو اعترف بأنه سيحتاج لمثل هذه الطرق، لا يعتقد أنه سيكون شاكرا لذلك أبدا

و هكذا، أصبح مزاج باسل أكثر سوءً مما هو عليه حتى الآن، لكنه مع ذلك، حتى لو اشمأز من هذه الأسلوب الذي ينفذه، إلى أنه لا يعتقد أن غرين شارلوت و غرين هيملر لا يستحقانه، فلو كان كذلك، لم يكن ليجعلهما يمران به

كره باسل أي نوع من التسلط و التحكم، و خصوصا إن كانا يطبقان عليه، لذا كره حتى هذه الحالة التي جعلته مضطرا أن يقوم بشيء يكرهه، و لم يجد جوابا آخر غير استئصال مثل هذه المشاكل من جذرها تماما و عدم السماح لها بالحدوث ثانية كي لا يضطر للقيام بشيء يزعجه مرة أخرى

بعد مرور على تعزييب باسل لغرين شارلوت و غرين هيملر قليل من الوقت، استخلص منهما المعلومات ثم قال بينما يتوجه نحو بوابة الغرفة "سأترك لكم الأمر هنا، لا يهمني ما تفعلونه بهما، ذلك حقكم و يجب عليكم أخذه بأيديكم، ذلك الحوض المائي يحتوي على 1000 قطرة، بمعنى أن هناك 500 قطرة لكل واحد منهما، مما يجعلها مطابقة تقريبا لعدد الأشخاص الذين عذبوهم" تكلم باسل مع أخوا القطع و الجنرال منصف ثم غادر فرافقته أنمار

بقي أخوا القطع و الجنرال منصف أمام غرين شارلوت و غرين هيملر و حدقوا بهما بنظرة حقودة للغاية، بالنسبة لأخوي القطع، كان أمامهما الشخص الذي عذب أختهما الصغيرة بتجارب شنيعة لا تطاق، فتلقائيا، سيطرت مشاعرهما عليهما و غمرت نية قتلهما غرين شارلوت خانقة إياها

في الجانب الآخر، كان الجنرال منصف يحدق بغرين هيملر الذي تجرأ على لمس زوجته، لو أنه تأخر فيما سبق و لو للحظات، لكان قد اعتدى على زوجته و اغتصبها. لمس غرين هيملر شرفه و شرف زوجته، هذا كان أسوء من موته على يده، قلبه احترق بشدة طيلة هذه السنوات، و أخيرا أتت فرصته ليرد دينه

سحب الثلاثة الحبل فجعلوا الاثنين يمران بالجحيم من جديد، كانت تلك مجرد قطرة سحرية خالصة تتوغل عبر نقطهما الأصلية، و بمقارنتها مع العذاب الذي مر به كل من قاموا بالتجارب عليه، كانت لا شيء، من تعذب على أيديهما بسبب التجارب مر بجحيم أكبر بكثير من هذا، فهناك من لم يكن بساحر حتى، و نقط أصله لم تفتح بعد، لكنها أجبرت على ذلك مما تسبب في تكوين بحر روح غير متراص و يمكنه الانكسار في أي لحظة، إضافة لذلك، شرعوا في جعل بحر روحهم يتعرض لطاقة سحرية خاصة بأحجار الأصل، الآلام الناتجة عن هذا كان أكبر بكثير من مجرد آلام ناتجة عن قطرة واحدة، تحويل البشر لوحوش أمر لا يمكن أن يكون بالهين، للكسب يجب أن تتخلى عن شيء يعادل ما ستكسبه

في الجهة الأخرى، دخل باسل و أنمار للغرفة المجاورة، وجدا شاهين معلقا بحبال مقيدة للسحر مع وجود الكثير من الأغلال تقيده بينما تسيل منه الدماء، و عندما وطأت قدم باسل الغرفة، تكلم شاهين قبل أن يرفع رأسه "لقد انتظرتك كثيرا بالفعل، أمن عادتك ترك زوارك ينتظرونك كل هذه المدة؟" ثم رفع رأسه فإذا بصورته تظهر، كان وجهه محروقا كما كان جسده

تكلم باسل "يبدو أنهم تفننوا في عملهم"

"همم ! " استهجن شاهين ثم قال "مهما فعلوا لن يكون بمقدورهم إخراج و لو كلمة واحدة مني"


"هذا ما سمعت، يبدو أنك التزمت الصمت طيلة الشهرين الماضيين" ابتسم باسل ثم قال "لكن لا يمكنك الجزم بالمثل معي"

"غر مثلك، يحسب نفسه قد بلغ الذروة" تذمر شاهين ثم قال بهدوء "كما لو أن صعلوكا مثلك سيكون قادرا على إخراج و لو كلمة واحدة مني ! "

تكلم باسل باستهتار "أو لم أفعل بالفعل؟"

حملق به شاهين ثم قال "كفانا سخرية، هدفك من القدوم إلى هنا واضح، لذا سأنصحك بشيء جيد من الآن، بعد المرور بالتعذيب الجهنمي هنا من طرف أولئك الخمسة مجتمعين علي، لا أظن أن غرا مثلك قد بدأ الحياة للتو سيكون قادرا على جعلي أتكلم، وفر على نفسك بعض العناء و أرحني معك"

ضحك باسل ثم قال له "يا لها من ثقة لديك، سأنورك ببعض الأشياء، أنا أعرف كل ما تعرفونه، فلما تظن أنني لا أعرف بعض التقنيات التي لكم علم بها و تساعد على استخراج المعلومات؟"

حدق شاهين في باسل فشحب وجهه بعد قليل من الوقت، عندها ظهر حوله جوا من التوتر، و صمت لمدة طويلة قبل أن يبدأ الكلام مجددا بصياح "أيها الغر، أنت لا تعرف مع من تتعامل، لا تظن أنك سوف تنجو بأفعالك هذه، لقد غاب أخي الأكبر عن المقر لشهرين متتابعين مع فقدان التواصل به، عاجلا و ليس آجلا سوف يعرفون السبب جيدا، و عندها ستحل الكارثة عليكم، قد تكون فخورا بكونك ساحرا بالقسم الثاني من مستويات الربط، لكن صعلوك لعين مثلك قد دخل لمستويات الربط حديثا سيكون مثل وجبة خفيفة للقدماء الكبار الآخرين، أنت لا تعرف مع من تتعامل فقط أيها الشقي المجنون"

اقترب باسل و تكلم بهدوء "معك حق في نقطة، أنا لا أعرف مع من أتعامل، لكن أليس هذا هو سبب مجيئي إلى هنا من الأول؟"

"أيها..." صدم شاهين، لقد حاول إخافة باسل لكن الأمر لم ينجح

تكلم باسل "يبدو أنكم كنتم تحالون اصطحابي معكم حيا عند قدومكم في البداية، على الأغلب كنتم ستعذبونني بشتى طرقكم لأبوح لكم بما تريدون معرفته، لكن إنها 'وا أسفاه' بالنسبة لكم"


أخرج باسل كرسيا ثم بعض الأدوات الأخرى فجعل هذا الأمر شاهين يرتعد في مكانه بينما يصرخ "أيها المجنون، أتريد تكسير بحر روحي؟"

"همم...؟" استغرب باسل ثم قال له "بالطبع لن أفعل، لكن بما أنك تعرف نهاية هذا التعذيب القاتلة، فلا بد من أنك قد نفذتها أو على الأقل سبق و أن حضرتها"

بلع شاهين ريقه ببطء شديد ثم قال "و مع ذلك، لن أبوح بشيء، خوفي منك ليس بالقدر الذي أخافه منهم"

استعد باسل جيدا ثم توجه نحو الحبلين اللذين يعلقان شاهين و قال "خوفك مني أو من غيري لا دخل له بالموضوع، هذا الأخير يتعلق بدرجة تحملك للتعذيب، و عندها سنرى إن كان خوفك هذا سيمنعك من التكلم و يجعلك تتحمل كل تلك الآلام"

قام باسل بربط شاهين بالكرسي ثم قال "حسنا، لما لا نبدأ"

صرخ شاهين "ستندم على هذا قطعا، سينتقم القدماء الكبار و سيدنا ظل الشيطان لنا، عندها لن ينفعك حتى ندمك ذاك"

و في لحظة، سُمِع صوت كنزول قطرة في بركة من الماء يتبعه صوت صراخ عظيم دوى في الغرفة

***


في هذه الأثناء، بالقاعة الرئيسية الخاصة بالقصر الإمبراطوري

"لقد بلغت حدودي بالفعل، لقد سمعت بعض البلاغات الغير سارة تأتي من أتباعي بعاصمة إمبراطوريتي، لا يمكنني الانتظار لأكثر من هذا، فلنقم الاجتماع حالا، غير ذلك، سنغادر و لا تحلم بالحصول على مساعدة منا، حتى التحالف الذي كان بين الإمبراطوريات اعتبره ملغيا"

صرخ إمبراطور إمبراطورية 'الرياح العاتية' غلاديوس بوجه الكبير أكاغي بغضب. تعامل باسل الغير محترم تجاهه جعله يصل لقمة غضبه، ليس هناك من تجرأ على معاملته هكذا منذ أن أثبت نفسه و قتل الإمبراطور السابق ثم اغتنم العرش

تكلم إمبراطور إمبراطورية 'الأمواج الهائجة' شيرو معلنا عن استياءه "قد يكون ذلك الفتى قد أظهر قوة استثنائية بالفعل، لكن لا يمكنك ترك فتى في مثل عمره يتحكم في أعمالك، و كما قال الإمبراطور غلاديوس، عدم إقامتك للاجتماع حاليا، ستكون بمثابة تصريحك بعدم مساواتنا لذلك الفتى بالمكانة، و مثل هذا الشيء لا يمكننا تقبله"

حدق بهما الكبير أكاغي ثم قال "أنا لا يتحكم بي أحد، و لا أهين أحد، و أجزم لكما بنية القائد الأعلى باسل الخالصة، هناك معلومات يجب أن نشاركها نحن الثلاثة في سبيل الاستعداد للشر الأعظم، و تصريحكما الحالي بفسخ التحالف لن يكون له أي ضرر على أي أحد آخر سوى نحن أنفسنا، القائد الأعلى باسل لديه بعض الأعمال المهمة التي يجب عليه الاهتمام بها، و عند انتهاءه منها سيوفر لكما الوقت الكافي"

عبس الإمبراطور غلاديوس ثم قال "واحسرتاه، لقد سقطت من عيني أيها الإمبراطور أكاغي، ظننت أن عائلة كريمزون عادت جالبة المجد معها، لكن يبدو أنها كانت مجرد دمية يتحكم بها وحش صغير"

"أنت..." تواجد شيوخ عائلة كريمزون بالجانب، و لما سمعوا مثل هذا الكلام، صاحوا في وجه الإمبراطور غلاديوس

أدار الإمبراطور غلاديوس وجهه ثم قال "ماذا هناك؟"

تدخل الكبير أكاغي فرفع يده تجاه الشيخ الذي تحدث موقفا تدخله، ثم نظر للإمبراطور غلاديوس و قال "بعد مدة ستعرف أنك الخاسر أيها الإمبراطور غلاديوس، لا تلمني عندما يقترب من إمبراطوريتك شر لا يمكنك إبعاده"


"همم ! " استهجن الإمبراطور غلاديوس و غادر فتبعه الجنرالان اللذان يرافقانه دائما

تكلم الكبير أكاغي "ماذا عنك أيها الإمبراطور شيرو؟"

وضع الإمبراطور شيرو يده على ذقنه ثم فكر لقليل من الوقت قبل أن يقول "يبدو أنني سأنتظر لقليل من الوقت............... يتبع!!!
لقليلا
اهلا ومرحبا بكم مره أخري في قصه عصر الأهوال

شاهدنا معا ماحدث علي طول السلسلة الاولي من احداث
مشوقه ورائعه من حب باسل لتعلم السحر لالتقائه بمعلمه ادريس الحكيم
وبدايه مسيره التدريبات الشاقه الي عرفنا بعد ذالك سبب هذه التدريبات ولماذا لم يبدأ
في تعلم السحر من الوهله الاولي مثل انماار و من ثم ذهاب باسل و انمار الي العاصمه وبدايه مسيره
تحصين العالم ضد هجوم الشياطين القادم وبدأ هذا التحصين بأنقلاب عائله كريمزون صاحبه المركز الثاني

علي العائله الحاكمه عائله غرين صاحبه المركز الاول والعائله الحاكمه الامبراطوريه والذي شاهدنا فيه
المعركه الكبيره و الحماسيه التي اسفرت عن مقتل الامبراطور غرين لايت علي يد الكبير أكاغي
والتي اسفرت عن سعاده عامره للكل بفوز عائله كريمزون في الحرب واسترداد حقها المسلوب منها منذ 55 عام

ولاكن كمااا قيل دوام الحال من المحال
فلم تستمر سعاده الجميع لوقت طويل فقد حدث امر صدم الجميع
.
.
.
فتابعوا معنا السلسله الثانيه لنعرف ماحدث بالضبط



(الجزء الاول)


ظهر ظل بسرعه خاطفه من وراء الكبير أكاغي، واخترق ظهره بسيف يحمل نقوش أثريه
.
.
.
من كان ليتوقع حدوث مثل هذا الأمر؟ خصوصا بعد نهاية المعركة، من يمكنه أن يعتقد أن الكبير أكاغي سيتعرض للطعن في الظهر من عدو مجهول بسيف أثري؟

تقيأ الكبير أكاغي الدماء، و حدق في السيف الذي خرج من بطنه، كيف لهذا أن يحدث؟ ألم يفز ضد عدوه اللدود بالفعل؟ هذه الأسئلة اتخذت شكل تعبيرات بوجهه

كل من يوجد في الساحة بقي فاتحا فاهه من شدة الصدمة، هذا حقا غير موضوع في قائمة الاحتمالات حتى، بالطبع لا، فكيف يمكنهم حتى أن يتخيلوا وجود عدو بسيف أثري مثل هذا؟ و من خلال طاقته السحرية، فلا شك أنه في قمة المستوى السابع

كل القادة الكبار شحبت أوجههم، الجنرال منصف كادت الدموع تنزل من عينيه، لكنها لم تفعل و بقيت عالقة لأنه لم يرمش أبدا من المشهد المروع الذي أمامه

حدق الجميع في صاحب السيف الأثري، فظهرت صورته ليكون عبارة عن شاب في منتصف العشرينات، لم يستطع أي أحد التعرف عليه

لكن هذا الشاب ظهرت تعبيرات غريبة على وجهه مع إبقائه على إمساكه لسيفه الأثري، ثم بدأت الأفكار تراود ذهنه، ما هذا الشعور بالضبط؟ ثم عندها فهم ما حدث له

تراجع للخلف عدة خطوات ثم ضحك بجنون "هاهاهاهاهاهاهاهاها" وضع يده على جبهته ثم تكلم "لقد خدعت تماما" وجه نظره لجهة محددة ثم حدق بعينيه من بين أصابعه، أخرج نية قتل جعلت كل شخص موجود يرتعد منه، لا يهم إن كان جنديا أو واحد من القادة الكبار، كلهم ارتعبوا منه، بعد أن نظر لتلك الجهة، تكلم بصوت منزعج يحمل معه نية قتل مستهدفة الشخص الذي وجه إليه الكلام "إنها أنت أيتها الغرة، لم أتوقع وجود شخص مثلك هنا، بصراحة لم أكن أظن أو وضعت حتى احتمالية وجود شخص بسحر الوهم في من المستوى السابع"

"همم؟" استغرب الجميع و خصوصا القادة الكبار، ما الذي يتحدث عنه؟ التفوا جميعا نحو الشخص الذي وجه إليه نظره سابقا ثم حدقوا به، كلهم وجهوا نظرهم نحو أنمار منتظرين الإجابة


تكلم الجنرال منصف "ما الذي يعنيه بكلامه؟"

لكن صوت حنين على مسامع الجنرال منصف قد أجاب على حين غرة "لقد أنقذتني حفيدتي يا زوج ابنتي"

عندها ظهر الكبير أكاغي وسط الجموع، لكن ما الذي يحدث هنا؟ لما هناك اثنين منه؟ واحد يقف أمامهم و صحته جيدة، أما الآخر فهو ساقط على الأرض و أصبح جثة بالفعل

"ما..." حاول الجنرال منصف التكلم لكن الرئيس تشارلي قال بارتعاب بينما يحدق في أنمار بعمق "ابن صديقي أكاغي لم يمت، لقد كان ذلك وهما، السيدة الصغيرة خدعتنا كلنا"

كان أول من اكتشف وهم أنمار بعد العدو الرئيس تشارلي، في هذه الأزمة التي حدثت أمام أعينهم، لم يستطع و لا واحد منهم التركيز بشكل مناسب ليكتشف وهم أنمار غير العدو الذي لا يبالي بهذه الأزمة

في الأصل هم لم يروا ساحر وهم من المستوى السابع في حياتهم، مما يعني أنهم لم يجربوا قوته أو وقعوا تحت وهمه من قبل، لذا لا يعلمون مدى تأثيره عليهم، و بسبب الأزمة، كان القادة الكبار قد خدعوا أيضا، فبغض النظر عن الجنود الذين لم يكن مخولا لهم اكتشاف هذا الأمر أصلا، يبقى أمر عدم اكتشاف القادة الكبار لوهمها أمرا في غاية اللاعقلانية

حتى إن أزحنا الرئيس كورو، الرئيس براون و الرئيسة موراساكي، فيبقى الرئيس تشارلي و الجنرال منصف اللذين اخترقا المستوى السابع بالفعل، الجنرال منصف في القسم الأولي و الرئيس تشارلي في القسم المتوسط، لكنهما مع ذلك لم يكتشفا أمر هذه الخدعة، و عندما فعل أحدهما، كان ذلك بعد انكشافها

حركت أنمار يدها بهدوء فاختفى الجسد الميت الخاص بالكبير أكاغي مع كل الدماء المحيطة به، و عند مشاهدة هذا الأمر، فهم كل شخص موجود بالساحة ما حدث

لكن، بكل جدية؟ أكان ذلك وهما، تلك التعبيرات التي رسمت على الكبير أكاغي، أو يجب أن نقول وهمه، كانت حقيقية، كل شيء كان حقيقي، صراخه، تقيؤه الدماء، تعبيراته، أيمكن لشخص أن يستطيع صنع وهم كهذا؟ لا يمكنك مفارقته عن الواقع


ارتعد الكل من أنمار، مثل هذه الفتاة في مثل هذا العمر، لا يمكن لأي شخص صنع وهم بهذه التفاصيل بعبقريته فقط، نعم العبقرية هي العامل الأساسي و المهم في هذا كله، لكنه إن لم يكن يفهم الحالة التي يريد تجسيدها فهما كاملا و شاملا، فلن يكون باستطاعته صنع مثل هذا الوهم الواقعي

لم يعرف غالب الأشخاص هنا عن أنمار، لم يعلم أحد عن قوتها الحقيقية سوى التاجر ناصر و الجنرال منصف، لكن هذا الاثنين لم يشهدا وهمها مباشرة، فبعد حضورهما سابقا، كانا قد وجداها تعذب الأميرة الخامسة فقط، لذا حتى لو كانا قد علما أنها من المستوى السابع، لم يكن لديهم الوعي بهذا بما أنهما لم يجربا قوتها مباشرة

ببساطة، كل شخص موجود هنا قد خدع من قبل أنمار، هذه الأخيرة جعلت طاقتها السحرية تهدأ قليلا، فبعد كل شيء، لقد اضطرت لاستخدام طاقة سحرية كبيرة من أجل تشكيل وهم قادر على خداع كل الموجودين هنا، خداع أكثر من مائتي ألف وحده كان عملا شاقا، و عند إضافة إليه القادة يزداد الأمر صعوبة، أما عند إضافة ذلك العدو ذو الحواس القاتلة، فكان الأمر مرهقا لخداعه ريثما يتخذ الكبير أكاغي

موقعا آمنا

بالطبع، الكبير أكاغي قد اختفى من الوجود بالنسبة للآخرين، لكنه كان الوحيد غير أنمار الذي عرف ما الذي يحدث أثناء تنفيذ الوهم، لذا أسرع في الهروب، فنية القتل التي يحملها ذلك الشاب الذي حاول قتله، جعلته يبتعد عنه في أقرب أمكن له، لم يستطع تحمل ضغطه لوقت أكثر

و بمجرد ما أن ابتعد الكبير أكاغي، حتى شعر الشاب الذي هاجمه باختفاء حضوره، عندها شعر بأن شيئا ما غير صحيح، فرأى من خلال وهم أنمار

تكلم الكبير أكاغي "صغيرتي أنمار...أنا..."

قاطعته أنمار ثم قالت "نصف شكرك يجب أن يذهب لباسل"

قبل بداية المعركة الأخيرة و مغادرة باسل، كان قد ترك ذلك الأخير بعض الكلمات قبل مغادرته "أنمار، أريد منك الحفاظ على قوتك قدر المستطاع، حاولي عدم التوغل في جو المعركة بالكامل، و حتى بعد نهاية المعركة لا ترخي دفاعاتك و لو للحظة واحدة، و إن حدث أي شيء غريب قومي بالتعامل معه بما هو مناسب لك، و لا يجب عليك إيقاف حواسك الخارقة حتى أرجع و ننتهي كليا من هذا الأمر، ليس حتى يطمئن قلبي، و يذهب عني هذا الوخز من ظهري"

تعجبت أنمار "هل هو حدسك؟"


عبس باسل ثم قال "نعم، في مثل هذه الأوضاع، عندما تكون هناك قطعة مفقودة، قد لا يكون بإمكاني إيجادها، لكني على الأقل أكون أعلم بأنها مفقودة، و كل ما أحتاج لفعله هو الاستعداد لها، أنا سأترك لك هذا الأمر هنا"

أماءت رأسها فذهب و اقترب من الكبير أكاغي ليخبره أنه ذاهب

بالعودة للأحداث الحالية

"لا يمكنني سوى الشعور بأنني لا يمكنني رد دينكما بما تبقى لي من العمر" تكلم الكبير أكاغي

ردت عليه أنمار "أنا لا أهتم بأي شيء موجود في هذا العالم عدا اثنين، أولهما باسل، و ثانيهما العائلة، لا تقل مثل هذا الكلام، نحن لا ننتظر منك رد دينك لنا يا جدي"

غمرت الكبير أكاغي السعادة و كادت الدموع تنهمر من عينيه، و في هذه الأثناء، لم يسع الجنرال منصف سوى تذكر صورة باسل المشتعلة أثناء تدربهم بشهر الانعزال

أما الآخرين، فقد أصبحوا يقدرون قيمة باسل و أنمار أكثر، الأمر لا يقتصر فقط على القادة، و إنما على كل الجنود هنا

لكن مع فرحتهم هذه نسي الجميع ذلك الشاب من قبل، ذلك الشاب الذي في قمة المستوى السابع تحدث بنبرة حادة "أمم، يا له من لم شمل رائع، لكن يبدو أنه سيتشتت مرة أخرى"


شحذ طاقته إلى أقصاها، جعل كل الموجودين في الساحة يرتعدون من قوته، حاليا، قد لا يكون هناك أي شخص موجود هنا لمجابهته، شحبت وجوه كل الموجودين، و بسرعة كبيرة، عن طريق حواسهم الحادة التي أخبرتهم بالخطر المحدق قام القادة الكبار بشحذ طاقاتهم كذلك، قامت أنمار بإشهار سيفها مع تمرير طاقتها إليه

حدثت حالة سكون لثوان، انكسر هذا الصمت العميق بجملة من ذلك الشاب "حسنا، لما لا نبدأ بك أيتها الغرة"

استعد للانطلاق، و عندما أراد أن يفعل، فجأة، في السماء ظهر حضور أجبر كل من يقع أسفله يشعر كما لو أن هناك جبلا يضغط عليهم

شخص بعربة يسوقها وحشين هائلين، فقط بمجرد وقوفهما في السماء جعلا كل شيء تحتهما يخضع لهما، أجنحتهما جلبت معها عواصف مع رفرفتها، بجسد كالأسد، إلا أن القدمين الأماميين و الرأس كانوا مأخوذين من الصقر الملكي، التفت حولهما هالة قاتلة، و لم يكن هناك أي شخص يستطيع القول أنه قادر على ترويضهما

لكنهما كانا يجران معهما عربة يركبها شخص ما، هذا الشخص كان صاحب ذلك الحضور سابقا، فبمجرد ما أن وصل، حتى توقف الشاب عن محاولته الهجوم، حدق في السماء و تمتم "لقد وصل الأقدم الكبير أخيرا، لكن، كما هو متوقع منه، دخوله غير اعتيادي، أن يجعل وحشي الفَتْخاء ('غرفين'، إن لم تعرفه، ابحث عن هذه الكلمة في غوغل) يقودانه إلى هنا، كما هي طبيعته، مبهرج في كل الأحوال"

تلونت وجوه جميع الموجودين هنا غير أنمار فأصبحت زرقاء، تحت هذا الضغط المهيب، لم يكن بإمكانهم التحرك قيد نملة حتى، ما هو هذا الشخص الموجود بالضبط هنا؟

تعرق القادة الكبار، و بعض الجنود فشلت أرجلهم فسقطوا على الأرض من شدة ضغط هذا الوجود الذي فوقهم، فقط القادة من كانوا قادرين على الحفاظ على رباطة جأشهم، لكنهم مع ذلك، ارتجفت و اهتزت أجسادهم، غرقوا في العرق، أرادوا فقط أن يبتعدوا قدر المستطاع من هذا المكان لكنهم لم يستطيعوا

تكلم الشاب الذي استهدف الكبير أكاغي سابقا للعربة التي بالسماء "أيها الأقدم الكبير، هل أكمل عملي أم أنك ستتفضل و تخرج إلينا؟"

كانت العربة تقف في السماء، كما لو أنها تقف على الأرض، كذلك كان وحشي الفتخاء، وقفا في السماء، مع هالة تجعل كل من يشعر بها يرتعد، ما هما هذان الوحشان بالضبط؟ كيف لمخلوقين مثل هذين أن يكونا يجران عربة؟ ألا يعني أن صاحب ذلك الحضور سابقا و الذي يوجد داخل تلك العربة هو من روضهما و جعلهما يطيعانه؟ أم ماذا؟ هل استدعاهما؟

بقي الكل يتساءل، و بعدما تكلم ذلك الشاب، لم يتكلم أي أحد حتى خرجت كلمة واحدة من داخل العربة مع حملها لهيبة و نية قائلها "انزل"

تحرك وحشي الفتخاء و نزلا للأسفل، أثناء نزولهما فقط اصطحبا معهما رياحا عاصفة، في كل رفرفة من أجنحتهما الصقرية كانوا قادرين على تحريك الرياح في ساحة القتال بالكامل، مع وقوفهما على الأرض، كانا حجمهما لا يصدق، علوهما فقط يصل لخمسة أمتار، رأسهما ضخم للغاية مع عينين شرستان، قدميهما الأماميتين اللتين تبدوان قادرتين على تمزيق أقوى السحرة بتلك المخالب، و بقية جسدهما الآخذ شكل الأسد و الذي يبدو كما لو أنه لا يمكن جرحه من شدة قساوته، و فقط بوصولهما للأرض جعلوا الكثير من الجنود يغمى عليهم من شدة الضغط

حاول القادة الكبار بلع ريقهم لكنهم لم يستطيعوا حتى أن يفعلوا، و بعد أن ارتعبوا بما فيه الكفاية من هذين الوحشين، ظهر عندها صاحب ذلك الحضور، خرج من العربة ببطء شديد، و بمجرد ما أن نزلت قدمه على الأرض حتى جعل القادة الكبار يريدون الركوع له من الضغط

تكلم ذلك الشاب من قبل "إذا ما نحن بفاعلين أيها الأقدم الكبير؟"

ظهرت صورة صاحب ذلك الحضور للجميع، و إذا به يكون عبارة عن رجل في الثلاثينيات، عينيه كانتا عميقتين، و فقط بنظرة منه، استطاع القادة الكبار الشعور بقوة نيته الخارقة، فقط بنِيّته كان يستطيع جعلهم يستسلمون عن قتاله و الرضوخ لطلباته مهما كانت

تكلم هذا الأقدم الكبير أخيرا "كازيمارو، لا تتعجل، فلنسألهم أولا، و نظرا لإجابتهم سوف نقرر خطوتنا القادمة"


تكلم الأقدم الكبير بشكل طبيعي، و أخيرا حتى ذلك الضغط من السابق قد اختفى، تنفس القادة الكبار بأريحية أكثر من السابق، لكنهم بعد أن جربوا ذلك الحضور، لم يكن من السهل عليهم نسيانه بسرعة، فلا زالت أجسادهم تهتز من الرعب

تحدث كازيمارو موجها كلامه للقادة الكبار "لقد سمعتم الأقدم الكبير، ما نريده منكم هو القيام بتسليم شخصين اثنين فقط، أولهما، أخي شاهين، ثانيهما، الشخص الذي يدعى بباسل، غير هذا، كلكم ستموتون"

صعدت القشعريرة مع أجسادهم، و كذلك فعل جسد أنمار هذه المرة، لقد سمعت اسم باسل من العدو، فكيف لها أن تبقى هادئة؟ حتى أن نية قتلها قد تسربت منها من دون أن تشعر

لكن نية قتلها هذه قد صُدَّت من قبل الأقدم الكبير، فقط بمجرد ما أن حدق في جهتها و أطلق القليل من هالته و نيته، حتى جعل نيتها عديمة الفائدة، كانا كما لو أن هناك قط يحاول التنافس مع نمر

تكلم الأقدم الكبير "يبدو أنك تعلمين شيئا أيتها الفتاة" أخرج هالته و وجهها نحو أنمار

وووووش

ضغط عليها بشدة، كم كان قويا ! فقط هالته كانت كافية لتجعل أنمار بعبقريتها تتنفس بصعوبة و لا تقدر على التحرك كما شاءت

عندها تكلم الكبير أكاغي متدخلا بسرعة "انتظر من فضلك، سنستجيب لطلبك، لذا أرجوك فلتتوقف فقط، إنها فتاة لا زالت لا تعرف حدودها و اغترت بنفسها فقط"

عندما شاهد الكبير أكاغي حفيدته تتألم لم يستطع أن يصبر أكثر، أسرع في التدخل و التكلم، إنه يعرف ماذا يفعل في مثل هذه المواقف، لا يجب أن تغضب أبدا مثل هؤلاء الأشخاص

أرجع الأقدم الكبير هالته بعدما حدق في أنمار لوقت طويل، فتنفست أنمار الصعداء أخيرا، لقد كادت أن تختنق حتى الموت فقط من تطبيقه حضوره الهائل عليها عن طريق هالته

تكلم الأقدم الكبير بكل وقار محدثا الكبير أكاغي "إذا يجب أن تسرع"


أماء الكبير أكاغي رأسه بسرعة و تكلم عبر خاتم التخاطر، كل ما يهتم به حاليا هو نجاة حفيدته و حلفائه، يجب عليه أن يعرف كيف يجعل هذا الأمر يمر على خير، لا يمكنه أن يخسر أي أحد، ليس بعد أن رد حقه أخيرا

القادة الكبار بكل عزة أنفسهم لم يستطيعوا التحرك قيد نملة من دون أخذ إذن الأقدم الكبير، فكيف لهم؟ إنهم يشعرون أنهم لو حاولوا القيام بأي حركة بسيطة، فرؤوسهم ستطير من مكانها

انتهى الكبير أكاغي من التحدث عبر خاتم التخاطر ثم قال "شاهين الخاص بكم سوف يأتي بعد قليل"

حملق كازيمارو في الكبير أكاغي ثم تكلم "حسنا، هذا الأول، ماذا عن الثاني؟"

بلع الكبير أكاغي ريقه و تحدث "هذا..." حملق الأقدم الكبير به ليكمل كلامه "في الحقيقة نحن لم نرى ذلك الباسل لمدة طويلة، لقد فقدنا الاتصال به و لا نعرف أين هو الآن؟"

وووووووش

زززززززززنغ

بااااااام


ضرب الكبير أكاغي من طرف رياح حادة في لحظة واحدة و أرسل محلقا لمئات الأمتار، فقط عن طريق تلويحه لسيفه الأثري من كل هذا البعد، قام كازيمارو بجعل درع الكبير أكاغي عديم الفائدة مع تسببه لبعض الجروح

حلق جسد الكبير أكاغي بسرعة فائقة حتى اصطدم مع حائط القاعة الرئيسية مع صوت باااااام

ارتعب الكل من قوة هجمة ذلك الكازيمارو، فقط بتلويح واحد كان قادرا على صنع مثل هذا الهجوم القاتل


تكلم كازيمارو مع إطلاقه لنية قتله في اتجاه الجميع "أي شخص يحاول العبث معنا سوف يموت، و الآن، لما لا تخبرونا أين هذا الشخص باسل؟"

عم الصمت بعد نهايته كلامه، و لا أحد استطاع الرد عن مثل هذا السؤال، كيف لهم أن يبيعوا صديقهم؟ و في هذه الأثناء، قام الكبير أكاغي بالتكلم عبر خاتم التخاطر بأسرع ما يمكن

سابقا عندما كان تحت أنظار ذلكما الاثنين، لم يستطع إيجاد أي ثغرة ليستطيع التحدث فيها مع باسل، لأنه كان يعرف أن أبسط تعبير يظهر على وجهه سيُعرف من قبل ذلك الأقدم الكبير، لكن بما أنه الآن قد أصيب و ابتعد جسده لكل هذه المسافة، فقد وجد تلك الثغرة التي انتظرها

(ماذا هناك أيها الكبير أكاغي؟) تكلم باسل مجيبا

تحدث الكبير أكاغي بسرعة، قبل أن يشعر به الأقدم الكبير (حليفنا باسل، هناك وجود عظيم يبحث عنك، يجب عليك الهروب من هنا و لا تعد، إن وجدك سوف تموت)

و مع إنهاءه لكلامه أوقف خاتم التخاطر عن العمل و وقف بصعوبة، درعه قد دمر تماما بهجمة واحدة من قبل ذلك الكازيمارو، لقد عرف مدى قوته الهائلة، و ذلك الكازيمارو ينادي الشخص الآخر و يتكلم معه بكل احترام، مما يلمح إلى قوته الغير معقولة، الخيار الصحيح هو جعل باسل يبتعد عنهم قدر المستطاع

بهذا الاستنتاج قرر الكبير أكاغي ذلك الاختيار. بعد أن وقف ارتاح قلب القادة الكبار أخيرا، على الأقل لا زال بإمكانه التحرك

تكلم الأقدم الكبير "كازيمارو، لقد سألناهم و لم يعطونا سوى نصف الإجابة، يبدو أن النصف الآخر سيكون بإمكاننا سماعه عن طريق العدوانية، أحضر لي الفتاة"

خرجت ابتسامة خبيثة من كازيمارو، و مرر سيفه الأثري على لسانه، ثم قال "تلك الفتاة قد تجرأت على خداعي، ليس هناك مانع من اللعب معها قليلا، أليس كذلك؟"

أجاب الأقدم الكبير "افعل ما شئت"

ووووووووش


في الحال انطلق كازيمارو كالسهم و وصل أمام أنمار في لحظة، ابتسم كالطفل الصغير بفرح و لوح بسيفه

بووووووووم

التقى سيفه مع هراوة حملها الجنرال منصف، هذه الهراوة كانت عبارة عن سلاح أثري من الدرجة الثالثة، و لحق التقاؤها بالسيف الأثري الخاص بكازيمارو شرارات و موجات قوية

قوة تصادم سلاحيهما قد أنتجت ضغطا كبيرا على الجنود من حولهما، أنمار التي في نفس مستواهما قد أحست بضراوة الطرفين

لو أنه كان شخص آخر غير الجنرال منصف الذي تلقى ضربة كازيمارو لما استطاع صدها، استطاع الجنرال منصف فعل ذلك فقط لأنه كان ساحر تعزيز من المستوى السابع

تراجع كازيمارو للخلف قليلا و تحدث "ساحر تعزيز هاه؟ يا له من ألم في المؤخرة، أتعرف شيئا؟" حملق كازيمارو في الجنرال منصف و صرخ في وجهه "إنني أكره سحرة التعزيز" ثم اندفع في اتجاهه بكل قوته

أسرع الجنرال منصف في التكلم "سيدتي الصغيرة، تراجعي للخلف"

قامت أنمار بما قاله بكل سرعة، الوحيد هنا الذي يمكنه أن يصد مثل تلك الهجمات و يشتري لهم بعض الوقت هو الجنرال منصف، كساحر تعزيز، له ميزة جيدة عنهم، فحتى لو كان أضعف بقسمين من العدو، لا زال بإمكانه مجابهته قليلا

تبادل الاثنان ثلاث ضربات متتالية جعلت حتى أسلحتهما الأثرية تهتز من شدة التصادم، هالتهما طغت في الساحة، قام كازيمارو بشحذ طاقته السحرية و إطلاق موجات من الرياح القاطعة، واحدة منها سابقا كانت كافية لإرسال الكبير أكاغي محلقا، و الآن، هناك العديد منها واحدة تلو الأخرى تستهدف الجنرال منصف

الجنرال منصف لوح بهراوته مع استخدامه لسحره و تدمير موجة بعد الأخرى، لكن مع مرور الوقت بدأ يشعر بالتعب، و بدأ يظهر الفارق بينهما، هجمات كازيمارو تزداد قوة، أما دفاع الجنرال منصف ينقص شدة فقط

انصدم الجميع من هذا القتال، ليس فقط من قوة العدو الهائلة، لكن حتى من قوة الجنرال منصف، في مثل هذا الموقف اليائس أخرج قوته الحقيقية أخيرا و وصل لحدوده، فقط عند مواجهة خصم أقوى منك بمراحل يمكنك بلوغ حدودك و اختراقها حتى


بدأت قوة الجنرال منصف تخور مع مرور الوقت، هو لم يعتد جيدا على سلاحه الأثري، على عكس العدو الذي يبدو معتادا بشكل كلي على سيفه الأثري

و عندما وصل الجنرال منصف للمرحلة الحرجة، لم يعد الرئيس تشارلي يستطيع التحمل أكثر فتدخل مهاجما، و عند مشاهدته، كذلك فعل الرئيس براون، عندما شاهد معلمه يتحرك قرر هو الآخر التدخل، و تباعا له، تحرك الرئيس كورو، مع قرار صديقه بالتحرك، قرر أيضا التحرك، فحتى هو لم يعد يستطيع تحمل مشاهدة طغيان هؤلاء أكثر

مدت الرئيسة موراساكي يدها محاولة إيقافهم، لكنها قد تأخرت بالفعل، و كذلك حاولت أنمار، هذه الأخيرة صرخت "انتظروا..."

لكن الآوان قد فات

استهدف الثلاثة العدو كازيمارو، و في لحظة قبل بلوغهم هدفهم

بووووووووووم

أرسل الثلاثة محلقين بينما دروعهم قد تكسرت و الدماء تسيل كالشلال منهم

تحرك الأقدم الكبير أخيرا، و بحركة واحدة منه كان قادرا إخراج ثلاثة قادة كبار من الحدث

فشلت أرجل الجميع في هذه اللحظة، المنظر المرعب الذي شاهدوه و لا زالوا يفعلون غير معقول بصفة نهائية، لقد تحرك ذلك الأقدم الكبير أخيرا، و بحركة واحدة منه قد جعل ثلاث قادة كبار قريبين من الموت

و السبب الأكبر في فشلهم في الوقوف على أرجلهم كانت الهالة التي ضغطت عليهم، عند تحركه أطلق بعضا من طاقته السحرية، و بمجرد الإحساس بها جعلتهم يريدون الخضوع له، يريدون فقط أن يصبحوا عبيدا له

طاقته قد طغت على الساحة الخارجية بأكملها، و جعل كل شخص هنا يعرف مقامه، جعل كل شخص هنا يعرف الفارق بينهم، جعلهم يعرفون أنهم لم يتبقى لهم أي أمل، الآن بعد تدخله، فبالتأكيد سوف يمحوهم من الوجود

علم الجميع أن هذا الشخص هنا قد تغلب على سحرة من المستوى السابع و السادس بحركة واحدة منه فقط، بمجرد ما أن أطلق القليل من طاقته السحرية حتى جعل القادة الكبار يحدقون بالموت، شخص مثل هذا لا يمكن أن يكون بالمستوى السابع، شخص مثل هذا قوته أكبر بكثير من المستوى السابع

عندها علم الجميع في هذا الوقت الحرج بأن هناك شيء ما وراء المستوى السابع، مستوى لم يعلموا عنه أبدا، مستوى خيالي يتجاوز كل كل معرفتهم السابقة

كل الجنود تحت المستوى الثالث لم يعد بإمكانهم التحمل أكثر فأغمي عليهم، طاقة الأقدم الكبير تغلغلت وسطهم كلهم، أحسوا بها مباشرة، سحرة المستوى الثالث أنفسهم كادوا يغيبوا، لا زالوا قادرين على الوقوف فقط لأن الأقدم الكبير لا يستخدم ضغطا أكبر، سحرة المستوى الرابع لا يستطيعون الوقوف بشكل مستقيم، كما لو أن هناك أوزانا هائلة تضغط عليهم

الآن كل من تبقى واقفا كان الرئيسة موراساكي و الجنرال منصف الذي بالكاد يستطيع أن يقف، و الكبير أكاغي الذي كان لا يزال بعيدا عنهم قليلا قد أحس بتلك الطاقة و تلك الهالة المستبدتين، و أنمار التي حملت تعبيراتها نظرات تخرج نية قتل مخيفة تجاه الأقدم الكبير

لقد حاولت الرئيسة موراساكي و أنمار تحذير الثلاثة. في ذلك الوقت كانتا تركزان بالكامل على الأقدم الكبير، مع أن الجنرال منصف كان يقاتل كازيمارو، إلى أنهما لم تكونا قلقتين عليه كما كانتا قلقتين من ذلك الشخص المرعب

و عندما أقدم الثلاثة على حركة، شاهدتا تغيرا في تعبيرات الأقدم الكبير، وجهه كان غير راض أبدا عما كان الثلاثة يحاولون فعله، عندها حاولت الرئيسة موراساكي و أنمار إيقاف الثلاثة، لكن بما أنهما ركزتا فقط على الأقدم الكبير، لم تدريا بتحركات الثلاثة –الرئيس تشارلي، الرئيس براون، الرئيس كورو- حتى لاحظتا تغيرا في تعبيرات الأقدم الكبير، عندها تساءلتا لماذا تعبيراته تغيرت للأسوء، فقامتا فالالتفاف لرؤية ما يحدث فوجدتا الثلاثة يهاجمون كازيمارو، لذا حاولتا إيقافهم لكنهما كانا قد تأخرتا بالفعل


و الآن، أصبحوا في وضع لا يحسد عليه، أحسوا أنهم لو قاموا بأبسط تحرك آخر، فسوف تطير رؤوسهم من مكانها، تجمد الجميع في هذه الأثناء

و بعدها حدث أمر كسر هذا الهدوء الذي استمر للحظات بالنسبة للعدو و أيام بالنسبة لأنمار و البقية

تكلم كازيمارو بعد مشاهدته لأشخاص يقتربون "أيها الأقدم الكبير، إنه شاهين"

حدق الأقدم الكبير في الاتجاه الذي أشار إليه كازيمارو و الذي كان نفس الاتجاه نحو بوابة الحائط المحيط بالساحة الخارجية التي اخترقها باسل

عندها شاهد ثلاثة أشخاص يقتربون بينما شاهين مكبل بقيود السحر من المستوى السادس، هو ساحر بالمستوى الخامس فقط، لذا لا يمكنه شحذ و لو القليل من طاقته السحرية

هؤلاء الثلاثة الذين كانوا يرافقونه كانوا بالترتيب من اليمين لليسار، غايرو، كاي (أخوا القطع) و جون (حراس بوابة العاصمة)

هؤلاء الثلاثة كلفوا بحراسة شاهين ريثما تنتهي الحرب ليستغرق باسل وقته في استجوابه، فحتى عندما حاول معه في الثلاثة الأيام السابقة التي اخذوها كراحة، لم يتكلم و لو بحرف واحد، لكن باسل لديه طرقه الخاصة، و التي كان ينوي تنفيذها بعد انتهاءهم من المسألة الكبرى حاليا أولا

هؤلاء الثلاثة في الحقيقة لم يكلفوا فقط بحراسة شاهين، بل حراسة الأميرة الخامسة غرين شارلوت أيضا، لكن بسبب أهمية شاهين لباسل، ترك الثلاثة الأميرة الخامسة في رعاية نبيل و الآخرين و رافقوا شاهين

عندما وصلوا، صدموا من المشهد أمامهم كما هو متوقع، لكن في الجهة الأخرى –جهة شاهين- ، هذا الأخير ارتسمت على وجهه ابتسامة طوال الطريق إلى هنا، و عندما وصلوا لوجهتهم، تحولت الابتسامة لضحكة مجنونة يرافقها بعض الكلام "لقد جنيتم على أنفسكم، أولئك اللعناء، سوف أحرص على رد لهم هذا الدين بكل تأكيد"

تكلم كازيمارو "أنتم، حرروه"


حتى الآن، لم يستطع الثلاثة فهم ما يحدث هنا بالضبط، لم يسعهم سوى تخمين وضع الآخرين، حدقوا في أنمار و الآخرين، فقرروا القيام بما أمروا به

عبر مفتاح الختم، قام الثلاثة بتحرير شاهين، هذا الأخير قام بحك معصميه و تمديد ذراعيه، و في لحظة

بوووووم

ركل الثلاثة مرة واحدة جاعلا إياهم يحلقون لعشرات الأمتار مع سعلهم للدماء بشدة

تكلم شاهين موجها كلامه للأقدم الكبير "يا أخي الكبير 'فالتشر'، لم تأخرتم لكل هذه المدة؟"

تنهد الأقدم الكبير فالتشر ثم تكلم بصوته الوقور "إنه خطؤك من الأول أن يقبض عليك، لو أنك لم تقم بالتواصل معنا في آخر لحظاتك بالقتال لما كان باستطاعتنا معرفة وضعك هنا"

حك شاهين رأسه ثم تكلم "حسنا، معك حق، لكن حتى أنا لم أتوقع أن أخسر، لكن هذا من الماضي، المهم، لما أتيت بنفسك إلى هنا؟ كان بإمكانك أمر بعض جواسيسنا فقط ليأتوا لإنقاذي"

"همف" استهجن كازيمارو و قال "بما أنك ناديتنا فلابد من أنك كنت بوضع خطير، لو كنت تحتاج لمساعدة من الجواسيس لكنت اتصلت بهم مباشرة فقط، أم أنا مخطئ؟"

"حسنا، معك حق" وافق شاهين كلامه ثم حدق بالآخرين و سأل "إذن، ما نحن بفاعلين؟"

تكلم الأقدم الكبير فالتشر "أنا أريد ذلك المدعو باسل، هل تعرف شيئا ما عنه؟ لقد قالوا أنهم لا يعرفون مكانه"

حملق شاهين في الجميع و تكلم "ها؟ لا يعرفون مكانه؟ أو لم يكن الشخص الذي قاد جيوشهم طوال الوقت؟"


قاد الجيوش، بسماع هذا الكلام تأكد فقط ظن الأقدم الكبير فالتشر و كازيمارو بكذب الكبير أكاغي سابقا عليهما، لذا تحدث الأقدم الكبير

"إن لم تتحدث و تخرج ما أريد سماعه..."

لكن بقية الكلام خرج من مكان آخر و الأقدم الكبير قد اختفى من مكانه، و عند استيعاب ما حدث، تجد أن الصوت لم يخرج من مكان آخر، و لم يختفي الأقدم الكبير، بل هذا الأخير هو الذي انتقل بسرعة خاطفة، و المكان الذي وصل إليه كان يقع وراء أنمار بالضبط من حيث جاء الصوت

أحكم القبض على يدي أنمار من الخلف قاصدا تقييدها ثم أكمل الكلام "أو أنني سوف أقوم بقتل هذه الفتاة الآن"

تأخر الجميع في فهم ما حدث، حتى أنهم لم يعرفوا مكان الأقدم الكبير فالتشر حتى أكمل كلامه، كيف وصل إلى هناك بالضبط؟ لكن الأهم الآن هو ما تطورت إليه الأمور

ما هم بفاعلين، لقد وقعوا في موقف حيث يجب أن يقرروا و يختاروا بين أنمار و باسل، هذا شيء مستحيل عليهم تقريره، إن هذا الأمر كما لو أنك تختار من تنقذ من الغرق، أمك أم ابنتك، لكن في النهاية سيكون عليك الاختيار، و إن لم تفعل، فبالتأكيد ستكون النتيجة أسوء، و التي هي واضحة تماما، 'موت الاثنين'

في هذا الوقت، لم يكن هناك أي خيار آخر غير وضع الكبير أكاغي ثقته في أن باسل سيكون قد أخذ بكلامه و هرب، لذا بناء على هذا قد أخذ قراره

حالة وحيدة يمكنك إنقاذ فيها الاثنين معا من الغرق، و هي أن يكون لديك سترة نجاة من الغرق تمنحها لأحدهما، و من الأفضل للشخص الذي تثق بأنه سيكون أهلا لتحمل هذا الأمر، و إنقاذ الثاني بنفسك

هذا ما فعله الكبير أكاغي، في هذه الحالة قد منح باسل خيط نجاة، و كل ما يمكنه فعله هو التركيز على الآخر الذي لا يملك أي خيط

تكلم الكبير أكاغي "أرجوك، من فضلك، سأتكلم، انتظر..."


ضغط الأقدم الكبير على يدي أنمار حتى كسرهما مع صوت تحطم "طررق"، أنمار لم تقدر على فعل أي شيء ضده، الأقدم الكبير فالتشر يقمعها كليا، و الآن قد قام بكسر عظام أيديها مما جعل حتى أنمار تطلق صوت "آآه" صارخة من الألم

حتى طريقة كسره ليديها كانت مروعة، لم يقم بكسر العظام فقط عن طريق ثنيها حتى تتكسر، لكنه قام بالضغط على يديها مما أضاف آلاما مضاعفة أكثر بكثير قبل بلوغ ذروة الألم عن طريق تحطم العظام

الكبير أكاغي في هذه الحالة شحب وجهه و تكلم بسرعة "إنه داخل القاعة الرئيسية"

لقد حاول سابقا أن يهدئ العدو، لكن هذا عاد عليه بآثار عكسية، العدو سأل و كان ينتظر جوابا، و الدوران حول الكلام كان فقط له أثارا سيئة على أنمار بدل تحقيق أثار جيدة و التي كانت المقصد الأساسي

لذا عندما تلقت أنمار أضرارا وخيمة، فهم الكبير أكاغي أن عليه الإجابة في أسرع وقت قبل فوات الأوان و إلا خرجت أنمار بعظامها كلها مكسورة إن لم يكن مصيرها الموت

حملق الأقدم الكبير فالتشر في الكبير أكاغي ثم قال بنبرة مسترخية "يبدو أنك تقول الحقيقة، لكن القاعة الرئيسية؟ أكان قريبا كل هذه المسافة ! ؟ حسنا، و الآن، فلننهي هذا الأمر"

رفع الأقدم الكبير يده اليمنى مع إبقاءه لليسرى لتقيد أنمار. عند مشاهدة هذا الأمر، فشلت رجلي الكبير أكاغي، انهمرت الدموع من عينيه، حتى أنه لم يعد يستطيع أن يخرج الكلام بشكل مناسب

صرخ الجنرال منصف "لقد قلنا لك ما تحتاجه، فلتفلت السيدة الصغيرة"

في هذا الوضع لم يكن باستطاعة أي شخص القيام بأي شيء، سوى شيء واحد، ألا هو انتظار يد الأقدم الكبير فالتشر اليمنى لتقتل أنمار

صرخ الكبير أكاغي بجنون "توققققققف"

تكلم الأقدم الكبير فالتشر "حثالة مثلكم يجب تطهيرهم، فحتى إن لم تموتوا الآن، كنتم ستموتون عما قريب على أية حال، لذا كل ما سأفعله هو تسريع هذا الأمر، و على العكس، يجب أن تكون شاكرا لي، فأنا سأعطيها موتة سريعة كما سيحدث معكم بعدها بالطبع"


و بعد إنهاءه لكلامه نزل بيده مع صوت وووووش

لكن هذا الصوت توقف بسبب صوت آخر

بوووووووووووم

لكمة نارية مشتعلة آتية من جسم مشتعل محترق جاعلة الأقدم الكبير فالتشر يطير لمئات الأمتار حتى اخترقت الألف متر ثم الميل و لا زال جسده يطير

ظهر صاحب الجسم المشتعل بينما شعره القرمزي و عينيه الحمراوين يلتهبان مع لون اللهب و كان هذا الشخص هو باسل

نظر لأنمار فشاهد ما أصابها، حدق في جسم الأقدم الكبير فالتشر الطائر ثم أطلق نية قتله التي جعلت الحلفاء و الأعداء –كل سواء- يرتعدون منه، في حالته هذه، بدى كملك نار قرمزي، لا يمكن لأي شخص المساس به أو الاقتراب منه

تكلم بنبرة قاتلة "مسست المقربين مني بسوء، و أنا أقسم لك، إني لست بتارك منك لحما و لا عظما"

تجمد كازيمارو و شاهين مما حدث، الأقدم الكبير أُرسِل محلقا من قبل هذا الفتى لأكثر من ميل؟ و أيضا ما كل تلك القوة؟ بعد التركيز قليلا، تجد أن هناك عنصر آخر ممزوج مع عنصر النار

كان شاهين يعرف أن باسل له عنصر التعزيز، و لم يعلم عن النار، لذا لما شاهد باسل يستخدم عنصر النار فقد ألوانه، هذا الفتى اخترق المستوى السابع؟

أما كازيمارو في الجهة الأخرى، فكان متفاجئا تماما مما حدث قبل قليل، لقد ظهر ذلك الفتى بسرعة كبيرة جدا، و الآن هناك عنصرين ممزوجين، لقد دعّم عنصر النار بعنصر التعزيز، قبل بعض شهور سمعوا عن هذا الفتى، و عرفوا أنه في المستوى الخامس، و الآن ها هو ذا أمامهم يستخدم عنصرين، إذن فقد دخل للقسم الثاني من مستويات الربط

عند هذه النقطة، ليس فقط الأعداء من صدموا، بل حتى الحلفاء، خصوصا الكبير أكاغي، فبعد رؤية باسل في حالته تلك، فهم ما يحدث، على الأقل عرف أن لباسل عنصر النار أيضا كسائر أعضاء العشيرة القرمزية

لكن، هذا غير مهم في هذه النقطة، المهم هو وجود باسل هنا، فباسل لم يقم بما أخبره به الكبير أكاغي، هذا الأخير قد أراد فقط أن ينجوا الجميع من هذه المحنة و الخروج من هذا الوقت الحرج بسلام، لكن باسل قد أتى عكس ما أخبره أن يفعل

لكن في هذه الحالة، لم يعرف الكبير أكاغي أي ردة فعل يجب يقوم بها، بالطبع هو خائف على باسل لأنه أتى للخطر، لكنه شاكر له لأنه أتى أيضا، فلو لم يفعل لكانت حفيدته قد ماتت في هذه الأثناء

لذا اختار ردة الفعل الثانية، فبعد كل شيء، لقد كانت ستموت أنمار لا محالة، و بعدها سيحين دورهم، لكن مع باسل هنا، و انطلاقا من لكمته السابقة، و امتلاكه لعنصرين، فالقيام بردة الفعل الثانية و التي هي الشكر على قدوم باسل في الوقت المناسب هي ردة الفعل المناسبة هنا


في هذه الأثناء، جسد الأقدم الكبير فالتشر الطائر توقف عبر رياح أحاطت به، حتى أنه كان قادرا على التحكم في سحر الرياح بشكل جيد للغاية لدرجة أنه جعله يحمله في الهواء و يجعله يطير و يحلق كما يشاء

وقف الأقدم الكبير فالتشر في وسط السماء و حدق في باسل من بعيد، نظر للخدش على وجهه و عبس، تكلم بكل هدوء كما لو لم يحدث أي شيء "أمم، بالفعل لديه عنصرين، لكن لم تكن الضربة قوية نظرا لغضبه، أكبح نفسه أم ماذا؟ على كل، هو بالفعل لديه عنصرين، أي لا شك في أنه اخترق القسم الأول و دخل للقسم الثاني من مستويات الربط، لكن مع غضبه ذاك كان يجب أن تكون لكمته تحمل قوة أكبر كساحر من القسم الثاني من مستويات الربط"

لم يفهم بالضبط الأقدم الكبير فالتشر ما الذي يحدث، بالطبع باسل لم يدخل للقسم الثاني من مستويات الربط بعد، لكن أي شخص سيعتقد هذا بعد رؤيته يمتلك عنصري سحر، و الذي لم يفهمه الأقدم الكبير، هو أن شخصا في القسم الثاني من مستويات الربط يجب أن تكون قوته أكبر مما أخرج باسل و خصوصا في حالة من الغضب كتلك التي بها باسل

حدق باسل في الأقدم الكبير الذي يتواجد بالسماء، عبس و أحكم قبضتيه، تلك اللكمة قبل قليل كانت تحمل معها كل قوته بالفعل، لكن ذلك الأقدم الكبير فالتشر لم يتضرر كثيرا و بدى كما لو أن هناك شخصا عاديا لكم شخصا عاديا مثله، يعني أنها كانت كتلقي ضربة جعلت وجنته تُخدش و تحمرّ قليلا فقط

اقترب الكبير أكاغي من باسل و تكلم "ظننت أنني قد أخبرتك بعدم المجيء، فلما فعلت؟"

لم يجب باسل مباشرة و حدق به، استرجع بعض الذكريات قبل دقائق من الآن

قبل تكلم الكبير أكاغي مع باسل عبر خاتم التخاطر بقليل من الوقت، في الوقت الذي كانت المعركة الأخيرة قد انتهت

باسل في تلك الأثناء كان جاعلا شخصا ضخما راكعا على ركبتيه بينما يمسك رقبته و يضغط عليها

و أثناء تشديده الخناق على ذلك الشخص تكلم باسل "أيها المبعوث رضا (الذي أرسلته الأميرة الخامسة لباسل عندما أتى هذا الأخير لأول مرة للعاصمة)، لقد علمتك درسا جيدا ظننت أنك سوف تتذكره لبقية حياتك و تبتعد قدر إمكانك عن طريقي، لكن ما الذي يحدث هنا؟ لم أنت هنا؟"


حدق المبعوث رضا بيأس في باسل، فبعد كل شيء، حتى هو لم يكن يريد الالتقاء به مرة أخرى، لكنه فقط كان يرافق أخت الإمبراطور و بناتها لحمايتهم في الطريق هو و العديد من الجنود الآخرين، فهو ليس بخادم للأميرة الخامسة، لكنه خادم لعائلة غرين، و في كل مرة و أين يكون، و هذه المرة كان يرافق أخت الإمبراطور

و عندما كانوا في غرفة الكنز مختبئون، فجأة كسر الختم و فتحت البوابة، لذا لم يكن له أي خيار آخر سوى مهاجمة الشخص الذي يقبع وراء هذه البوابة، لكنه لم يظن أبدا أنه سيكون ذلك الوحش الصغير من ذلك الوقت

نظر باسل إليه فقال مع زفيره متنهدا "يبدو أنني يجب أن أعدل على دروسي قليلا، فلا يبدو أنها قد كان لها مفعول كبير" ثم لوح بقبضته كاسرا عنق المبعوث رضا

كرررك

سقطت جثته على الأرض، و هذا الأمر جعل كل الجنود الذين كانوا يحمون أخت الإمبراطور يرتعدون، و في حالة الرعب هذه انقضوا كلهم على باسل

ووووش

قفزت أربع ظلال بسرعة خاطفة من وراء باسل و قطعوا الجنود الذين وصل عددهم للعشرة بسرعة خاطفة

لقد كانوا قادة التشكيل، فقط شي يو التي لم تتحرك

تقدم باسل للأمام ثم وجد أخت الإمبراطور ترتعد في مكانها بينما تتمتم "أنا أخت الإمبراطور، هل تريد المال؟ إن هذا هو الأمر فيمكنني جعلك أغنى شخص في هذا العالم؟ نعم يمكنك أخذ ما تشاء من هذه الغرفة"


و هذه الغرفة التي كانت تختبئ فيها أخت الإمبراطور إلى جانب بناتها و الجنود الذين يرافقونهم كانت في الواقع غرفة كنز عائلة غرين، فبعد كل شيء هم أتوا إلى هنا آملين في الاختباء، لأن بوابة هذه الغرفة يمكن مقارنتها مع بوابة الحائط المحيط بالساحة الخارجية، بمعنى أنها لا تخترق بالنسبة لهم، لذا أتوا إلى هنا للاختباء ريثما تهدأ الأمور، فعندما كانوا بداخل القلعة الرئيسية، سمعوا أن ستة أشخاص أقوياء يقتربون، لذا هربوا لهذه الغرفة بسرعة

تكلم باسل "أظن أنني بالفعل من أغنياء هذا العالم، هذا لا يثير اهتمامي"

ارتعبت أخت الإمبراطور، فلا زال باسل يتقدم، لذا حاولت إقناعه بشيء آخر "إذا أنت تريد المكانة، سأجعل أخي الصغير لايت يقوم بجعلك قائد الحرس الإمبراطوري و حتى القائد العام لجيوش إمبراطوريتنا"

تكلم باسل مرة أخرى بكل هدوء "أنا بالفعل القائد العام لجيوش الإمبراطورية، إمبراطورية الشعلة القرمزية"

لم ينفع مع باسل أي شيء، لذا لم يتبقى لها أي خيار آخر سوى الانقلاب للتهديد، تكلمت بصوت مرتفع و مرتعب "أنا أخت الإمبراطور، إن مسستني فلن يغفر لك الإمبراطور، ابتعد، لا تقترب مني أيها الوحش"

صرخت أخت الإمبراطور بجنون، و كذلك بدأ يفعل بناتها الثلاث الكبيرات، و هناك اثنتين صغيرتين، لم تقوما بأي تحرك أو حاولتا التكلم، فقط انكمشتا في مكانهما و عانقتا بعضهما البعض

تكلم باسل "لن يكون هناك هذا الإمبراطور الذي تتحدثين عنه موجودا في ذلك الوقت أصلا، لكن أنا متفق معك في شيء مما قلته، نعم أنا وحش، لكن لحثالة مثلكم فقط"

عندها فهمت أخت الإمبراطور أن نهايتها قد حانت، لكنها لن تستسلم بهذه السهولة، شحذت طاقتها السحرية و كذلك فعلن بناتها الثلاث الكبيرات، ثم انقضن كلهن على باسل

وووووووووش


اختفى باسل من أمام ناظر أعينهم و في لحظة طارت رؤوسهم من مكانها في آن واحد

عندها وجد باسل تلكما الاثنتين الصغيرتين تنكمشان بينما ترتعدان من شدة الخوف، حدق فيهما بعمق، و كذلك فعل قادة التشكيل به من الخلف، أحس باسل بنظراتهم الغريبة و خصوصا شي يو، لذلك تنهد ثم قال "كما قلت أنا وحش للحثالة التي لا أطيقها، لكن هاتين فتاتين صغيرتين لا ذنب لهما، لا تقلقي يا شي يو، لن أقوم بأي شيء سيضرهما، اعتني بهما ريثما ننتهي من الحرب، عندها سيكون من الأفضل لهما لو نسيتا أنهما من عائلة غرين"

حدق باسل في الأنحاء، فهذه الغرفة غرفة كنز بعد كل شيء، قد لا يكون هناك أي شيء قد يثير اهتمام باسل، لكن لا بأس من أخذ نظرة، فبعد كل شيء، لقد سمع من الرئيس كورو أن الأمير الثاني قد استخدم سلاحا أثريا، لذا أراد أن يعرف إن كان هناك أي شيء هنا قد يكون له فائدة ما

قام قادة التشكيل بالبحث في الأرجاء مع باسل، بالنسبة لهم، كل هذه الأسلحة النادرة و خرائط لمناطق محظورة، معلومات مفيدة عن أندر الوحوش، استعمالات عديدة لبعض أعضاء الوحوش السحرية، أحجار الأصل من المستوى السادس، و كل هذه القطع الأصلية الذهبية المتراكمة، شيء لأول مرة يرونه مجتمعا هكذا و بكل هذه الكمية في مكان واحد

لذا كان هذا مثيرا لهم بشكل كبير، لم يكن باستطاعتهم الصبر و تحمل مثل هذا الإغراء، لذا تكلم باسل عندما رأى لعابهم يسيل "خذوا ما شئتم، اعتبروها غنيمة حربكم"

انقض قادة التشكيل على الكنوز إلا شي يو التي لم تفعل، و بدل ذلك ذهبت لتعتني بالصغيرتين، أما الأربعة الآخرين، فقد أُعمِيَت عيونهم، و خصوصا شينشي، فعلى ما يبدو، لقد كان محبا للمال كثيرا

ابتسم باسل على حالهم و نظر في الأرجاء، لم يجد أي شيء يثير اهتمامه كما توقع، لكن في جزء مظلم من الغرفة، كان هناك أشياء مهملة، و من بينها كان يوجد أشياء كأوراق ملفوفة، كانت هناك ثلاث مخطوطات رق، و الجلد الذي صنع منه هذا الرق يبدو غير مألوف، لكن باسل يذكر أنه رأى جلدا مشابها لهذا

بعد التحديق لوقت طويل بها، عرف باسل ماهيتها، لقد استغرق منه هذا الوقت الطويل لاكتشافها لأنه لم ير واحدة تشبهها سوى مرة واحدة لمدة لا تزيد عن ثوان من معلمه، فالتي أراها له معلمه لم تكن بهذا التعقيد، و حتى الرق الذي كتب عليه كان مختلفا، لا شك في أن الجلد المصنوع منه هذا الرق مختلف عن الذي صنع منه الخاص بمعلمه، هذا يبدو كما لو أنه أكثر رقيا


تكلم باسل بصوت مرتفع من دون أن يشعر "مخطوطات روحية ! ؟"

التف الجميع و اقتربوا من باسل ليروا هذا الشيء الذي صدم حتى قائدهم، و عندما وصلوا، لاحظوا أنها مجرد أوراق بكتابة تشمل بعض التعاويذ الغريبة، لذا استغربوا

سأل تورتش "لما أنت متفاجئ هكذا يا سيدي؟ هل هذه الأوراق الغريبة لها أهمية؟ فبعد كل شيء فقد وضعت في الجانب المظلم و أهملت"

تكلم باسل مع نظرة متوهجة "لها أهمية؟"

في يوم من الأيام، عندما كان باسل مع معلمه يشرح له عن بعض التقنيات الفريدة، ذكر له أمر المخطوطات الروحية هذه، لكن بما أنه لا زال بعيدا عن هذه المستويات، فقد ترك معلمه هذا الشرح معلقا، لكن الشيء الوحيد الذي عَلِمه باسل، كان أن هذه المخطوطات الروحية تحمل قوة روح ساحر روحي و يمكنها إطلاق هجمات من نفس مستوى ذلك الساحر الروحي، و فقط لصناعة واحدة منها يجب أن يصرف الساحر الروحي وقتا طويلا جدا و إرهاق روحه لدرجة لا توصف

و في هذه الأثناء، عندما كان باسل سارحا بأفكاره، أتاه اتصال عبر خاتم التخاطر، لذا أجاب (ماذا هناك أيها الكبير أكاغي؟)

بعد الاستماع لما قاله الكبير أكاغي، تغيرت نظرة باسل كثيرا، ما الذي قصده الكبير أكاغي بوجود عظيم؟ لما عليه أن يهرب؟ هذين السؤالين اللذين شغلا ذهنه كانا كافيين ليفهم أن أنمار و البقية يواجهون عدوا أقوى منهم بكثير

في الحال توقف عن التفكير في أمر المخطوطات الروحية و وضعها في مكعب التخزين، لكن عندما كان يريد الخروج تفعّل ختم البوابة من جديد

لذا كان سببا في تأخره أكثر، أسرع بكل ما يملك في فتحه، ثم فعل سحر التعزيز في كامل طاقته مما فاجأ قادة التشكيل أكثر، فهم قد فوجئوا بالفعل من تصرفات قائدهم بعد انتهاءه من الكلام عبر خاتم التخاطر

عبس باسل بينما طاقته جعلتهم يتعرقون، تكلم بنبرة حادة "أنتم الأربعة لا يمكنكم استخدام إكسير التعزيز، بحر روحكم لا زال مرهقا و غير مستقر، لكن الأمر مختلف مع شي يو، هذه الأخيرة فلتشربه و أنتم الأربعة أحموها و الحقوني، سنحتاج لسحرها في كامل قوته، قد تكون هناك إصابات سيكون علينا الاعتناء بها سريعا"

انطلق باسل كالرياح، و عندما اقترب من العدو فعل سحر النار في كامل قوته أيضا

و الآن، إنه يستخدم لأول مرة السحرين معا في كامل قوتهما مع الإبقاء عليهما، لم تكن هناك أي مناسبة ليفعل بها هذا أو احتاج لذلك، ففي هذه الحرب، كان يحافظ على طاقته قدر المستطاع، فبعد كل شيء، لم يكن بإمكانه تجاهل تلك القطعة المفقودة

في هذه الأثناء، أسرع قادة التشكيل بكل ما أملكوا من قوة لاحقين باسل، و عندما وصلوا صدموا من الوضع الحالي، تقريبا جميع القادة الكبار و السيدة الصغيرة كانوا في حالة مزرية


أسرعت شي يو نحو أنمار و أرادت أن تعالجها، لكن أنمار وقفت كما لو أن ذلك الألم قد ذهب عنها و تشافت، تكلمت "أنا بخير، سارعي و عالجي الرئيس تشارلي و الاثنين الآخرين، فإصابتهما خطيرة جدا"

"هذا...لكن..." تمتمت شي يو و حدقت في باسل، هذا الأخير بقي مركزا فقط على ذلك الأقدم الكبير، لاحظت أنمار هذا الأمر ثم قالت "أسرعي، لا تهتمي بإصابتي الخفيفة، حتى باسل سيقول لك هذا، أسرعي و ابدئي في معالجة القادة الثلاث"

وقفت شي يو و أسرعت بينما يحيط بها قادة التشكيل من جميع الجوانب لحمايتها من أي خطر محتمل

ووووووش

حلق الأقدم الكبير فالتشر بسرعة خيالية و وصل في ثوان، وقف في السماء بينما يحتقر بنظراته باسل، تكلم بنبرة تهديد "أيها الفتى، أتستخف بي؟ لماذا لم تستعمل كامل قوتك؟"

ضاقت عيني باسل، هذا الوغد، يبدو أنه يعتقد أن باسل يوفر قوته، عبس باسل و استعمل سحر النار من تحت قدميه فكون عاصفة صغيرة حملته للسماء، فوقف أعلى من الأقدم الكبير بالسماء "حثالة مثلك لا يستحق استخدامي لقوتي الكاملة عليه"

عبس الأقدم الكبير، حملق في باسل ثم ارتفع للسماء أعلى منه "حثالة؟ إن نادى الحثالة شخصا آخر بالـ'حثالة'، فلا تحمل الكلمة المعنى الحقيقي لها"

ارتفع باسل أكثر منه، لقد ارتفعا لأكثر من 500 متر في السماء حتى الآن، تكلم باسل بينما يوجه نظره محتقرا الأقدم الكبير "أتتكلم عن نفسك يا أيها الحثالة؟"

"همم ! " ظهرت العروق على وجه الأقدم الكبير فالتشر، بدأ يشحذ طاقته السحرية ثم تكلم بينما يرتفع في السماء "على الأقل يبدو أنك جيد في الكلام، لكن ماذا عن القتال الفعلي؟ لنرى إن كان يصل لمستواك في الجدال"


"ها" صرخ الأقدم الكبير و أطلق طاقته السحرية، لقد كانت تفوق طاقة المستوى السابع بأضعاف كثيرة، حتى باسل تفاجأ من هذا الشخص الذي ارتفع حتى تساوى معه في المستوى بالسماء

باسل و أنمار هما الوحيدين غير حلفاء العدو اللذين كانا قادرين على معرفة قوة هذا العدو بالضبط، فأثناء تدريبهما، ركز المعلم على تحسين إحساسهما لأقصى الدرجات، لذا عندما احتاج لفعل هذا، كل ما كان فعله هو جعلهم يجربون مستويات مختلفة، و هذا كان عن طريق استخدامه لقوة تصل للمستوى المنشود و جعل باسل و أنمار يقاتلانه باستمرار حتى حفرت قوة كل مستوى في أذهانهما و أجسادهما و أرواحهما

هذين الاثنين ولدا بأفضل المواهب وجودا، لذا كان لهما إحساس قوي من الأول، و لم يمر وقت طويل حتى استطاعا صقل إحساسهما لأقصى الدرجات الممكنة في مستواهما الحالي

لكن باسل لا يزال يفوق حتى أنمار، فبامتلاكه لعنصر التعزيز الذي يأتي من الطاقة الخارجية، كان قادرا على تقوية إحساسه عبر الشعور بالطاقة التي تدخل لبحر روحه عبر جسمه كلما فرغت قليلا، لذا أصبحت حواسه حادة أكثر و أكثر مع مرور الوقت

ازدادت طاقة الأقدم الكبير مع مرور الوقت حتى أن باسل قد نزل بعض العرق من على وجنته، هذا الوضع غير جيد أبدا، لقد خدع العدو بأنه لم يستخدم طاقته الكاملة ريثما تأتي المساعدة، لكنه لا يعلم لمتى سيتسمر العدو في الانخداع هكذا

بلغت قوة العدو ذروتها ثم قال "على عكسك، أنا سوف أستخدم قوتي الكاملة، لنرى إن كنت ستبقى مشددا على رأيك في عدم استخدامك لقوتك الكاملة عندها"

عبس باسل و ضاقت عينيه أكثر، الآن يجب عليه الحرص على تضييع الوقت، لذا تكلم "كل ما فعلته هو رفع عنصرك الأول لأقصى الدرجات، هكذا لن يكون بإمكانك حتى منافستي"

"هممف !! " استهجن الأقدم الكبير فالتشر، إن كنت تريد الموت بهذه السرعة، فلما لا أحقق لك رغبتك بما أنها ستكون الأخيرة، اعتبرها مني كشفقة على حثالة مثلك"

حدق باسل في الأقدم الكبير و لم يتكلم، فقط ركز على الوضع الحالي، رأى ما خياراته و ما الذي يمكنه فعله

و في نفس الوقت، شحذ الأقدم الكبير فالتشر عنصره الثاني، ثم صرخ "وحشي الفتخاء"


عندها شوهدت ردة فعل على الوحشين اللذين لم يقوما بأي تحرك حتى الآن يرفعان أجنحتهما، خاف الكثير من الجنود، هل سيقوم باستخدام ذانك الوحشين المرعبين؟

حتى القادة الكبار المتبقين قد صدموا، لماذا يحاول باسل استفزاز العدو هكذا؟ لماذا يحاول جعل العدو يستخدم طاقته الكاملة؟ لم يعرف أي أحد المغزى وراء هذا الفعل، غير شخص واحد الذي بدأت الشكوك تراوده بالفعل حول أفعال باسل

هذا الشخص لم يكن شخصا آخر غير أنمار التي تفهم باسل أكثر من أي شخص، فكرت في هذه الأثناء بداخلها "لماذا يحاول كسب الوقت؟ أينتظر مساعدة من شخص ما؟ الوحيد القادر على حل هذا المشكل بشكل مؤكد هو المعلم فقط، لكن المعلم لن يظهر نفسه أبدا، فإن أنقدنا الآن سيعرضنا لخطر أكبر فقط على حسب ما قاله، أنا لا أعلم لماذا بالضبط لا يريد من أي أحد أن يكتشف أنه معلم باسل، لكن يبدو أن هذا الأمر مفروغ منه"

عندها تذكرت أنمار أمر باسل و امتلاكه لعنصرين و بنيته الغريبة خلاف الأشخاص العاديين، لذا بالطبع ربطت هذا مع ذاك

في هذه الأثناء حدق باسل بالأقدم الكبير ثم تكلم "إذا عنصرك الثاني هو الاستدعاء، وحشي الفتخاء من القسم الأولي من المستوى الثامن، و أنت من المستوى التاسع، و بالضبط في القسم المتوسط"

"هوه ! إنك تعرف أمورك جيدا" قالها الأقدم الكبير مع حملها لنبرة سخرية من باسل

هذا بالتأكيد شيء مذهل معرفته لمستوى وحشي الفتخاء بالضبط، فبالنسبة لمستوى الأقدم الكبير، كان عاديا بالنسبة لشخص دخل للقسم الثاني من مستويات الربط أن يعلم مستواه عندما يشحذ الأقدم الكبير طاقته، لكن معرفة حتى مستوى الوحشين اللذين لم يقوما بشحذ طاقتهما بعد كان مذهلا

لكن ما لا يعلمه الأقدم الكبير هو أن باسل حتى من دون أن يكون قد دخل للقسم الثاني من مستويات الربط، فقد كان قادرا على الجزم و المعرفة بإحساسه الخارق

ووووووش-رفرفة


تحرك جناحي وحشي الفتخاء فجلبوا معهما العواصف، و أثناء محاولتهما الطيران، أطلقا صراخا جعل كل من يتواجد في الساحة يصبح أصما للحظات

*إيييييييييييييييك"

صوت رقيق لكن مرتفع جدا، و مع ارتفاع هالتهما ضغطا على كل الموجودين أثناء محاولتهما الطيران، بمجرد ما أن ارتفعا في السماء حتى صنعا طريقا غير مرئي في كل ضربة من أقدامهم، كانا يرفرفان للارتفاع، و الضرب بقدميهما لصنع الطريق، و بهذا شقا طريقهما نحو السماء

كانا مظهرهما راقيا كثيرا، ذلك المنظر الخلاب الذي يخلفانه وراءهما في كل رفرفة و ضرب بأقدامهما على الطريق الغير مرئي كان جميلا بشكل لا يوصف، في الحقيقة، فقط عند ضربهما بقدميهما يتكون الطريق الغير المرئي، أما قبل ذلك فلا يكون موجودا

كانت العربة مملوءة بالنقوش الغريبة، هذه النقوش كانت تشبه صقورا تركب أسودا، مما أعطى شكلا خلابا لرمز حكم الأرض و السماء معا، و كانت العربة موصولة بالوحشين برباط منقوش بنقوش أثرية

لذا حلقت العربة بعد أن توهجت النقوش التي عليها، بعد أن مرت الطاقة من خلال الرباط و وصلت لنقطة الالتقاء بالنقوش على العربة، هذه الأخيرة تشكل من تحتها طريق كالذي صنعه وحشي الفتخاء و حلقت تبعا لإرادتهما

بعث شكل هذين الوحشين على اتحاد حاكمي السماء و الأرض الطبيعيين، رفرفا و استخدما عنصر الرياح لزيادة سرعتهما

ووووووش

انطلقا بسرعة كبيرة و وقفا وراء الأقدم الكبير، هذا الأخير استهجن و قال "أيها الحثالة، سأجعلك تعرف مقامك، و هذا سيكون عن طريق موتك"


عندها فكر باسل في قوتي الوحشين، لقد كان لديهما سحر الرياح كالعنصر الأول الخاص بالأقدم الكبير، لذا كان هذا إضافة كبيرة، فهما سيعززون قوى بعضهم البعض و ينتجون هجمات ذات مدى أوسع و قوة أكبر، بكثير

عندما يكون لأي شخص عنصر الاستدعاء، فهذا الأخير يكون باستطاعته استعداء نوع واحد من الوحوش السحرية بعد أن يقوم بعقد الاستدعاء معها، فمثلا قد يكون بإمكانه استدعاء الوحوش السحرية التي تستخدم النار، أو التي تستخدم سحر التعزيز، لكن المهم هو أن سحر الاستدعاء الخاص به يكون قادرا على استدعاء وحوشا سحرية بعنصر واحد محدد

و الوحوش السحرية عندما تخترق المستوى السابع و تدخل للقسم الثاني من مستويات الربط، لا تمتلك عنصرا ثانيا، لكن في المقابل تمتلك قدرة (ميزة) إضافية تستخدم عن طريق الطاقة الخالصة

باسل لاحظ قدرة وحشي الفتخاء على صنع طريق لهما في السماء، لكن لا يجب أن تكون هذه هي كل قوتهما فقط، لابد من أن هناك امتداد لهذه القدرة

أجاب باسل بالنظر إليه نظرة احتقار "همف، لا زلت لم تصل للمستوى المطلوب يا أيها الحثالة"

و لا زال باسل يحاول كسب الوقت، لكن يبدو أن هذا هو أقصى ما يستطيع كسبه عن طريق الكلام، و الآن حان وقت القبضات لتدخل الحدث

قفز الأقدم الكبير فالتشر للخلف ففتحت العربة من الفوق و دخل إليها

وقف و بإشارة من يديه، رفرف وحشي الفتخاء و صرخا ثم استخدما سحر الرياح مرة واحدة

فووو فووو

تكون إعصارين بجانبي باسل، ضغطهما لم يتيحا له أي فرصة للهرب، و قوة دورانهما جعلت بعض الجنود يطيرون، مع أنهم مرتفعون في السماء إلى أن قوة هذين الإعصارين قد جعلتهم يركزون على أقدامهم ليستطيعوا الوقوف، و منهم من لم يستطع و قذف لعشرات الأمتار، و آخرين قد جذبوا للإعصار، و قبل أن يفعل باسل أي شيء حتى تناثرت قطع أجسادهم في كل اتجاه و مكان

هؤلاء الجنود كانوا من المستوى الأول فقط، و بعد أن استيقظوا من غيبوبتهم التي سببها ضغط الأقدم الكبير سابقا، واجهوا مصيرا بائسا كهذا، و بسببهم عرف الجميع هنا قوة ذانك الإعصارين

غايرو و كاي اللذان يعرفان بأخوا القطع خجلا من اسمهما، أي قطع كانا يقومان به؟ إن كانا يسميا بثمل هذا الاسم، فما الذي يجب أن يسمى به الشخص أو الوحش القادر على القيام بمثل هذا الهجوم الشنيع ! ؟

عبس باسل في الحال، تشتَّتَت أجساد حلفائه لقطع من دون أن يكون قادرا على فعل أي شيء، لكن وقت الأسف ليس الآن، فالإعصارين ليسا فقط يستمران في التقدم نحوه، لكنهما يزدادان قوة مع الوقت


فكر باسل لقليل من الوقت، إن نزل للأرض الآن سينجو، لكنه سيعرض الكثير للخطر معه، مع أن اعتماده على سحر النار في الطيران يكلفه طاقته السحرية المهمة، لكنه يتجنب فقدانها كثيرا بسبب استخدامه للقليل من عنصر النار و تعزيزه بعنصر التعزيز الغير محدود مؤقتا

لذا خياره الوحيد هو الطيران للأعلى، زاد باسل من سرعة عاصفة النار الصغيرة فحلق للأعلى

الأقدم الكبير الذي لاحظ هذا الأمر، ابتسم و سخر "همف، لقد جنيت على نفسك فقط بظنك أنك قمت بالخيار الصحيح"

أخطر شيء في سحر الاستدعاء، ليس أنه يمكنه استدعاء كمية من الوحوش لتساعده، و إنما قدرته على التحكم في سحرهم حتى، و كما لو أنه سحره الخاص

فقط بنيَّته، و حركة واحدة منه تشكلت في التقاء راحتي يديه مطلقتان صوت تصفيق، حتى كان الأقدم الكبير قادرا على التحكم في الإعصارين و جعلهما يندمجان و يشكلان معا إعصارا يبدو أصغر في الشكل و أنحف، لكن قوة دورانه كانت لا تصدق، حتى أنه بدأ يتكهرب

تكلم الأقدم الكبير فالتشر "حسنا، و الآن، لما لا نضيف بعض النكهات، هااا"

صرخ بتلك الكلمة الأخيرة فتكون حول الإعصار حاجز غير مرئي، هذا الحاجز كان يشبه الطريق الذي صنعاه وحشي الفتخاء سابقا

عبس باسل و تكلم بداخله "اللعين، لقد تدرب حتى على التحكم في قدرة وحشيه جيدا"

عرف باسل أنه إن أصيب بهذا الهجوم فسوف يتلقى أضرارا لا تحمد عقباها، لكن حتى و لو عرف هذا، فلا يعني أنه قادر على فعل شيء أمامه، حتى باسل في هذه المرحلة قد انتهت خياراته


"اخترق و اقتل" صرخ الأقدم الكبير فانطلق الإعصار بسرعة جنونية، باسل الذي في السماء لم يكن باستطاعته مراوغة مثل هذا الهجوم السريع

زززززززك

تلاقى الإعصار بسيفي باسل الذي أخرجهما في آخر لحظة عندما وجد نفسه محاصرا، لكن حتى هذين السيفي الأثريين من الدرجة الثالثة بدأ يظهر عليهما عدم القدرة على التحمل. مع استمرار صوت الاحتكاك، استمر الإعصار في محاولة اختراق باسل الذي حلق لمئات الأمتار حتى الآن و لا زال يُدفع من قبل الإعصار

صرخ باسل بجنون و رفع عنصر التعزيز لحده الأقصى، عنصر التعزيز الذي كان في المستوى السابع، أصبحت طاقته تفوق ذلك المستوى بكثير

لكن مع أنه رفع عنصر التعزيز لأقصى حد، فلا زال غير كاف، دمج عنصر النار، توهج السيفين الأثريين و انفجرت النيران مرة واحدة منهما، لقد كان باسل يدافع بهما على شكل X ارتفع كذلك عنصر النار لأقصى درجة، و بتعزيزه بعنصر التعزيز الذي كان طاقته كبيرة و غير محدودة، أصبح السيفين الأثريين نفسهما النار، وصل تحكم باسل في سيفيه الأثريين لدرجة مخيفة، هدأت النيران و بدت كما لو أنها اندمجت مع السيفين و ليست تخرج منهما

و مع هدوء النيران حتى أصبح السيفين الأثريين عبارة عن لهبين (من لهب) أصفرين مائلين للأحمر في شكل سيفين و التف حولهما خيط طاقة رفيع باللون الأزرق الفاتح

صرخ باسل و استخدم كل طاقته الجسدية مع إبقاءه تركيزه على سيفيه، ثم لوح حتى وصلت يداه خلف ظهره

بششششش

تبدد الإعصار، في هذه اللحظة، كل شخص قد صدم، حلفاء كانوا أم أعداء، لكن الشخص الذي تلقى الصدمة الأكبر كان الأقدم الكبير فالتشر، لم يعلم أي أحد غيره عن مدى قوة الهجوم الذي نفذه


لقد كان ذلك في الأول هجوما من وحشي الفتخاء، لكنه بتحكمه في سحرهما و قدرتهما، كان قادرا على تعزيزه بسحره ذو المستوى التاسع، لقد كانت هجمة لا يمكن حتى لساحر من المستوى التاسع أن يصدها

لكن فتى مثل هذا كان قادرا على صده، ببساطة كان هذا غير معقول، و ما الذي يحدث بالضبط؟ ما تلك القدرة الجنونية على التحكم في السلاح الأثري؟ يقال أن الكمال في التحكم بالسلاح أو الدرع الأثري، تكون في دمج العنصر معهما، لكن هذا الفتى لم يقم فقط بدمج عنصر واحد مع سلاح أثري واحد، و إنما عنصرين مع سلاحين أثريين

دمج العنصرين معا وحده عمل صعب، و دمج عنصر واحد مع سلاح أثري أصعب، و دمج عنصرين مع سلاح أثري أكثر صعوبة، أما دمج عنصرين بسلاحين أثريين، فلا يمكن القول عنه سوى أنه شيء في متناهى الاستعصاء

دهش الأقدم الكبير فالتشر من هذا الأمر كثيرا، لكن الغريب في الأمر هو تفاجؤ باسل أيضا، فهو في مثل هذا الموقف الصعب و الشاق، كان قادرا على تطوير مهارته لهذا الحد، عندها لسبب ما تذكر كلام معلمه أثناء تدريبه بوادي الظلام العميق

(لديك ذكاء يجعلك عبقريا في المعارك)

(إنك حقا عبقري في المعارك)

لقد قال له معلمه هذا الكلام أكثر من مرة، لكن كونه عبقري في المعارك لا يقتصر فقط على استراتيجياته و خططه و كيفية تعامله و استجابته أثناء المعركة، بل أيضا التطور، سواء من ناحية العقل أو من ناحية القوة، و هذا كان سببا في جعله ينمي تحكمه في سيفيه الأثريين لهذه الدرجة من الكمال

تمكنه من التطور أثناء المعارك، فكر باسل في أن مثل هذه الموهبة التي يملكها، قد تكون أفضل شيء يملكه حتى لو كان يمتاز عن الآخرين بعنصر إضافي

بعد قليل من الوقت، استعاد الأقدم الكبير رشده، لقد اندهش كثيرا، لكنه فجأة صنع وجها يعبر عن اكتشافه لأمر ما أو ظهور فكرة ما في عقله


عبس و حملق في باسل ثم تكلم "أيها الفتى، ليس أنك لا تستخدم طاقتك الكاملة، لكن تلك هي حدودك، بمشاهدتك تستخدم أسلحة من الدرجة الثالثة فقط، قد أكدت شكوكي، لا أعرف بالضبط ما السبب في انخفاض طاقتك و هالتك و ضغطك و ضعف حضورك بالنسبة لشخص دخل للقسم الثاني من مستويات الربط، لكن بما أنك ضعيف لهذه الدرجة، فلست بحاجة للتراجع"

كان الأقدم الكبير فالتشر في الحقيقة يقمع نفسه و يحاول الإبقاء على طاقته السحرية قدر المستطاع، فمعركة بين ساحرين ترتكز غالبا على الطاقة السحرية، من يمتلك القدر الأكبر، غالبا ما يكون الفائز، لكنه الآن قد اكتشف أن طاقة باسل قليلة، لذا لن يتراجع بعد الآن و سوف يستخدم الطاقة الغاشمة لإبادة عدوه

ضاقت عيني باسل، لقد اكتشف ذلك الوغد هذا الأمر، لو أن العدو لم يكتشف، كانت المعركة لتطول أكثر، لأن الأقدم الكبير سوف يدخر طاقته و يستعمل القليل فقط، و في المقابل سوف يستخدم باسل طاقته الكاملة، و بهذا ستكون المعركة متساوية لبعض من الوقت

لكن العدو كانت حواسه حادة و اكتشف هذا الأمر بسرعة، لكن هناك شيء واحد لا زال لا يفارق ذهنه أبدا، ذلك الفتى عندما ظهر أمامه لم يظهر عليه أي علامات من الإرهاق، إذا لما طاقته منخفضة لهذه الدرجة؟

لم يفهم الأقدم الكبير مهما حاول، فهو لن يتخيل أبدا أن هناك شخص بعنصرين بالقسم الأول من مستويات الربط، هذا الأمر غير موضوع في قائمة الاحتمالات حتى

حدق باسل في سيفيه الأثريين، و ركز على عنصر النار، هذا الأخير لم يتبقى منه الكثير، و في الجهة الأخرى، لا يمكنه استخدام عنصر التعزيز لمدة أطول، ففي كل مرة تتوغل الطاقة الخارجية لجسده، يتسبب له هذا في إرهاق روحه و جسده أكثر

"المستوى السادس من عنصر النار غير كاف، هاه ! "

تكلم باسل و عبس، عنصر النار الخاص به في المستوى السادس فقط على عكس عنصر التعزيز، فهذا الأخير لم يزدد عن طريق تنميته بالتدريب الشاق كعنصر النار، عنصر التعزيز كان ينمو عبر إكسير التقوية، هذا السبب الأصغر، أما السبب الأكبر، فهو ضعف الختم الموضوع عليه مع مرور الوقت


للدقة، ليس مع مرور الوقت، و لكن مع تقدم باسل في المستويات، كل ما ارتفع باسل بمستوى، أو حتى بقسم، فالختم الموضوع عليه لمنع انجذاب الطاقة الخارجية إليه يضعف، مما يتسبب في ازدياد الكمية التي تتوغل لجسده

وُضِع هذا الختم عليه بهذه الطريقة لأنه لا يمكنه تحمل موجة الطاقة الخارجية الضخمة و الغير محدودة للأبد، فبالختم، كانت تتوغل لجسده القليل من الطاقة الخارجية، و كلما فرغت، امتلأت مرة أخرى

كان الأمر كما لو أن الختم يمنح للطاقة الخارجية مكانا لتسكن به فقط، و بهذا نجى باسل، لكن، في كل مرة ترتفع فيها قوة باسل، في كل مرة تزداد طاقة عنصر النار الخاص به، كلما كبر سكن الطاقة الخارجية

و الآن، عنصر النار الخاص به في القسم النهائي من المستوى السادس، و بهذا كان سكن الطاقة الخارجية واسع لتحمل طاقة تفوق المستوى السابع، مما يعني أن الختم قد ضعف كثيرا بالفعل، و يبدو أن عنصر النار الخاص به كلما اقترب من المستوى السابع كلما ضعف الختم بشكل أكبر، حتى أنه بدأ يرى اقتراب انكسار الختم كليا

لكن عندما يحدث مثل هذا الأمر، فسوف يتعرض باسل لموجة من الطاقة الخارجية غير محدودة، و لوقت غير محدود من الوقت، و في ذلك الوقت، إن لم يكن قادرا أو مكتسبا القدرة على التحكم في الطاقة الخارجية، فسوف يهلك عبر انكسار بحر الروح

"هاا" صرخ الأقدم الكبير ثم توجه نحو باسل بالعربة بأقصى سرعة يملك، سرعة العربة على الطريق الغير المرئي مدعمة بسحر الرياح، كانت لا تصدق، و كان بإمكانها قطع الأميال في ثواني

صرخ وحشي الفتخاء ثم رفع الأقدم الكبير يده للأعلى و رفرف الوحشين تباعا له، ثم أنزل يده مع صراخه "ألف رمح"

في الحال تكون فوق باسل آلاف الرماح الضخمة التي وصل طولها للمترين، و كلها كانت عبارة عن رياح تتكهرب من شدة احتكاكها بنفسها، رمح واحد منها كاف ليجعل ساحر من المستوى السادس يرتعد

عبس باسل، لكنه لم يتراجع، و عوض ذلك استخدم عنصر التعزيز بجنون، السيفان اللذان على شكل لهبين و يحيط بهما خيط طاقة رفيع، اهتزا و لمعا، و الخيط الرفيع الأزرق الفاتح أصبح أكثر وضوحا من قبل

أنزل الأقدم الكبير يده نحو الأسفل، فتوجهت الرماح كلها في نفس الوقت نحو باسل، كل من شاهد هذا المنظر بقي منتظرا موت باسل فقط، لكن ذلك الأخير حرك سيفيه المتوهجين و شرع في الهجوم هو الآخر كدفاع

ززن ززن ززن

تحركت يدي باسل بسرعة خارقة، طاقة عنصر التعزيز فاقت المستوى السابع بالفعل و وصل لمرحلة لا تصدق، أصبح باسل يتحرك حتى بدأ يظهر كما لو أن له العديد من الأذرع، آلاف الرماح توجهت إليه مرة واحدة، لكنه قام بصد رمحا تلو الآخر بسرعة غير معقولة

و مع ذلك، مع مرور الوقت كانت تظهر عليه علامات التعب، لكنه مع ذلك لا زال يستخدم عنصر التعزيز و يزيد من قدرة تحمله، لكن في المقابل كان بحر روحه يُرهق أكثر و أكثر


آلاف التلويحات من أجل إيقاف آلاف الرماح القادرة على قتل سحرة من المستوى السادس، هذا الأمر لا يمكن لشخص حتى من المستوى الثامن فعله، فبعد المئات و الألف و الألفين سيتعب و سيتعرض للإصابة للعديد من الرماح، لكن هذا في حالة عدم قيام هذا الساحر من المستوى الثامن بهجمة مضادة

مثل هذا الأمر كان ناجحا بالنسبة لباسل فقط لسببين، كونه يمتلك سحر التعزيز الغير محدود مؤقتا، و امتلاكه لسيفيه الأثريين، هذا السبب الأخير لا يمكنه التأثير بشكل كبير في مثل هذه الحالات، لكن في حالة كان الشخص يمكنه التحكم في السلاح الأثري لدرجة الكمال، فحتى هذا السلاح الأثري من الدرجة الثالثة سيكون كسلاح أثري من الدرجة الخامسة

انقسمت الأسلحة الأثرية لسبع درجات

- الدرجة الأولى، و التي يستطيع استخدامها سحرة المستوى الرابع و الخامس

- الدرجة الثانية، التي يستطيع استخدامها سحرة المستوى السادس

- الدرجة الثالثة، التي يستطيع استخدامها سحرة المستوى السابع

- الدرجة الرابع، هنا لا يمكن لشخص استخدام مثل هذا السلاح الأثري أبدا ما لم يكن قد دخل للقسم الثاني من مستويات الربط، و يستطيع استخدامه سحرة المستوى الثامن و التاسع

- الدرجة الخامسة، التي يستطيع استخدامها سحرة المستوى العاشر

- الدرجة السادسة، التي يستطيع استخدامها سحرة المستوى الحادي عشر و الثاني عشر

- الدرجة السابعة و الأخيرة، و التي يستطيع استخدامها سحرة المستوى الثالث عشر و الرابع عشر

سمع ذات مرة باسل من معلمه، أن الشخص لو وصل للكمال في التحكم بسلاح أثري من الدرجة السابعة سيكون قادرا على مواجهة سلاح خاص بـ'سيد روحي' لبعض الوقت، أي يمكنه أن يجابه سلاحا من نطاق 'الأرض الواسعة' لبعض الوقت

لكن 'السيد الروحي' الذي يعتبر خبيرا من نطاق 'الأرض الواسعة'، سيكون هو الرابح في نهاية المطاف، فساحر من مستويات الربط لا يمكن مقارنته بساحر روحي

تزداد درجة تحكم الساحر في سلاحه الأثري كلما ارتفع في المستوى، فمثلا بالنسبة لسلاح من الدرجة الرابعة، سيكون لِساحر من المستوى الخامس الأفضلية في التحكم فيه من ساحر من المستوى الرابع

مع أنهما باستطاعتهما استخدام نفس الدرجة، إلى أن الشخص الذي يكون بمستوى أكبر تكون له الأفضلية في درجة التحكم، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن من بالمستويات العليا يكونون دائما أفضل في التحكم، ارتفاعهم في المستوى فقط يزيد من قدرتهم على التحكم


فمثلا، هناك ساحر من المستوى الخامس، لكنه أضعف في التحكم من ساحر بالمستوى الرابع، مع أن ارتفاعه بالمستوى يمنحه أفضلية، لكن إن كان أقل موهبة من ساحر المستوى الرابع في التحكم أصلا، فحتى أفضليته (مستواه أعلى) لن تكون كافية ليتغلب على ساحر المستوى الرابع في التحكم

و من يصل للكمال بالتحكم في السلاح الأثري، يكون بإمكانه مواجهة أسلحة من درجة أكبر، كحال باسل الآن، سلاحه من الدرجة الثالثة، لكنه مع ذلك يمكنه مجابهة سلاح أثري من الدرجة الخامسة، بشرط ألاّ يكون تحكم صاحب السلاح الأثري من الدرجة الخامسة قد وصل للكمال أو اقترب منه

باسل الآن يستخدم سلاحا أثريا من الدرجة الثالثة، هذا الأمر مستحيل بالنسبة له في الأحوال الطبيعية كساحر من المستوى السادس، لكن بامتلاكه عنصر التعزيز الذي فاق حتى المستوى السابع، كان بإمكانه استخدام عنصر التعزيز أولا على السيفين الأثريين و من تعزيز عنصر النار دائما ليكون قابلا لاستخدام سلاح أثري من الدرجة الثالثة

لكن معنى أنه يقوم بتعزيز عنصر النار، ليس أنه يجعله يرتفع في المستوى، فهو يعزز عنصر النار بعد أن يستخدمه، فلا يمكن لعنصر أن يتداخل مع الآخر بداخل بحر الروح أبدا، فإن حدث هذا، عندها سيكون هناك عدم استقرار قد يؤدي لانكسار بحر الروح

تعجب بالفعل الأقدم الكبير مما فعله باسل، لكنه استل سيفه السحري و صرخ بينما يلوح به "قطع الهواء"

و بتلويحه بدا كما لو أنه يقطع الهواء حقا، لكن ما حدث بالضبط كان تجمع الرياح حول سيفه و انطلاقها على شكل موجة حادة ضخمة للغاية

حتى باسل عندما شاهد هذا الهجوم قد فوجئ قليلا، لكن مع ذلك، هو لديه سلاحين أثريين على عكس العدو، و سيفيه في هذه الأثناء يفوقان قوة سيف عدوه

تقدم باسل و قطع

زبام

قطع الموجة الضخمة و توجه نحو الأقدم الكبير الذي تحكم في وحشيه و اللذين بدورهما تبعا إرادته و ضربوا بأقدامهم في السماء فكونوا الطريق الغير مرئي، و بعدها قاموا بالضرب مرة تلو الأخرى، فصنعوا عدة طرق


تبعا لإرادتهم، تحركت الطرق و تشكلت ثم كونت رمحا غير مرئي، وصل طول الرمح للعشرة أمتار، كانت مقدمته أسطوانية، كان الطريق الغير مرئي كما لو أنه حاجز يتشكل طبقا لإرادة مستخدمه

وقف الرمح الغير مرئي في السماء من دون تحرك، ثم عندها ابتسم الأقدم الكبير و صرخ "إنها لحظات موتك أيها اللعين، ذق عذاب أقوى هجوم أملكه، حتى لو جلبت ساحر من المستوى العاشر فسوف يصبح نصف ميت بتلقيه مثل هذا الهجوم"

كان الأقدم الكبير واثقا جدا، وضع سيفه السحري في مكعب التخزين و أخرج سيفا أثريا، هذا السيف الأثري كان شكله متعرجا و نقوشه كانت أكثير توهجا عندما شحذ الأقدم الكبير فالتشر طاقته به، أخذ وضعية أفقية لسيفه الأثري و شحذ طاقته لآخرها، و كذلك فعل وحشي الفتخاء، و في نفس الوقت، قام بتوجيه سيفه للأمام نحو مؤخرة الرمح الغير مرئي بقوة خارقة مع تكوين الوحشين لرياح توجهت نحو مؤخرة الرمح الغير مرئي كذلك

فانفجرت الرياح خلف الرمح الغير مرئي و انطلق بسرعة هائلة كما لو أنه عبارة عن رمح برقي

باسل الذي شاهد اندفاع تلك الطاقة الغير معقولة نحوه لم يعرف كيف يتعامل بعد الآن، قد يكون الرمح غير مرئي، لكن لا زال بإمكان الساحر الشعور به، فهو مكون من الطاقة السحرية الخاصة

في لحظة قطع مئات الأمتار و وصل لباسل الذي دافع بكل ما يملك من قوة، استخدم سيفيه الأثريين من الدرجة الثالثة بتحكم في مرحلة الكمال، و مع ذلك لا زال الأمر بلا فائدة، استخدم سحر التعزيز بجنون و مع ذلك كان هذا بلا فائدة، نفذت خياراته حقا هذه المرة

قاوم السيفين تحت تحكم باسل بجنون و دفعا مع مالكهما لمئات، لا، آلاف الأمتار، حلق باسل في السماء بغير إرادته بينما يعاني، عضلاته تقترب من الانفجار و بدأ يسمع بعض الأصوات من تحطم عظامه

بااااااام

تناثرت الدماء في السماء، كان باسل قادرا على صد الرمح، لكنه لم يكن قادرا على منعه من تسببه له في جراح بالغة، عظام ذراعيه تحطمت، و قبل أن تتحطم العظام انفجرت العضلات، فخرج الدم كالشلال من دون توقف

تحطمت أكثر من ست ضلوع، و تمزق لحمه، هذه الهجمة كانت مروعة للغاية، كلام الأقدم الكبير لم يكن من فراغ، فهذه الهجمة الآن جعلت باسل في الموقف الأضعف نهائيا من دون شك، استخدم الأقدم الكبير بالفعل الكثير من طاقته، التحكم بعنصر الاستدعاء في الوحوش التي استدعاها لكل هذا الوقت لوحده مرهق، لكن التحكم في سحرهم و قدرتهم، هو أمر شاق كثيرا


حتى هو لهث كثيرا بعد هذا الهجوم، فقط عنصر الرياح الخاص به الذي لا زال مرتفعا قليلا، لكن الإجهاد من انخفاض عنصره السحري بسبب استخدامه الجنوني له كان كبيرا

شحب الجميع من المشهد أمامهم عندما تناثرت الدماء الخاصة بباسل في كل مكان، بالكاد يحافظ على وعيه، كل تلك الآلام و لا زال واعيا لأمر مذهل بالفعل، لكنه لم يعد باستطاعته الإبقاء على عاصفة النار الصغيرة لتحمله بالسماء

فعندما كان يدفع للوراء لآلاف الأمتار كان تركيزه بالكامل على صد الرمح، لذا كان يحتاج لأي قطرة يملكها من السحر، جمع كل ما يملك من طاقة و استخدمها لمقاومة تلك الهجمة الخارقة

فتح الكل أفواههم من الصدمة، ما هذه اللعنة التي نزلت عليهم؟ ما كان ذلك الهجوم قبل قليل؟ أذلك ممكن القيام به من طرف البشر؟

الأقدم الكبير فالتشر كان من بين المصدومين أيضا، إن كانت هذه الهجمة ستجعل من ساحر بالمستوى العاشر نصف ميت، فمن المؤكد أنها ستقتل هذا الفتى، لكن هذا الأخير مع ذلك خرج من هذه الهجمة نصف ميت فقط

في هذه الأثناء سقط جسم باسل من السماء، كان وعيه مشتتا، بالكاد يستطيع فتح عينيه، لكنه لو نزل من هذا الارتفاع، فلا شك أنه سيتلقى أضرارا بالغة أخرى

وووووووووووش

مر ضوء أزرق من بين الجميع بسرعة كبيرة جدا، كازيمارو الذي كان يتمتع بقتال الأقدم الكبير لاحظ هذا الشخص، أراد أن يفعل شيئا ما لكن أحجارا مدببة من جميع الجهات وصل عددها للعشرات استهدفته

شاهين حدق في الجهة التي أتت منها الأحجار فلاحظ عندها شخصا ما بدرع ذهبي بندبة على طول جبهته، تغيرت الابتسامة على وجهه لتصبح عبارة عن تعبير قلق، تكلم بعبوس "إمبراطور إمبراطورية الرياح العاتية 'غلاديوس'، لقد وصل ! "

أنمار كانت متوجهة للمنطقة التي سيسقط فيها باسل، كانت نظراتها مرتعبة للغاية، لم يكن بإمكانها سوى الشعور بالقلق على أن يموت باسل، لكنها في الحال نفت هذه الأفكار و وضعت تعبيرا حازما على وجهها، مع يديها المتحطمتين استمرت في الجري، و مع ذلك لاحظت أنها لن تصل في الوقت المناسب


ووووووووش

مر من جانبها ضوء أزرق مكهرب، وقفت متفاجئة في مكانها ثم تمتمت "الجنرال رعد ! ؟"

كانت هوية الضوء الأزرق المكهرب الجنرال رعد، كان شكله هذه المرة راقيا كثيرا، كان سحر البرق يحيط بجسده و يتكهرب، مما عزز قدراته الجسمانية و جعله ينطلق كالبرق

بسرعة كبيرة جدا وصل في الوقت المناسب و أمسك بباسل

حدق في باسل و تكلم "لسوء الحظ، يبدو أن حدسك هذا كان صائبا بعد كل شيء أيها الفتى القرمزي"

تكلم باسل بعدما حدق في صاحب ذلك الصوت "همف، لقد تأخرت أيها الرجل الأشقر"

"مع أنني أتيت بكل ما أملك من سرعة؟" قالها الجنرال رعد و تنهد

أجاب باسل "إن كانت هذه سرعتك القصوى، فأنصحك بالتدرب أكثر على تحسينها"

حملق الجنرال رعد في باسل ثم غير الموضوع بقوله "إذا ما نحن بفاعلين؟"

قبل وصول باسل لساحة المعركة، في طريقه قام باستخدام خاتم التخاطر و تكلم مع الجنرال رعد مخبرا إياه كي يأتي

ظهر تعبير غريب على باسل بينما يتكلم عبر خاتم التخاطر (الإمبراطوران قد وصلا ! ؟)

تعجب باسل، لقد وصله هذا الخبر قبل حوالي شهرين، سمع من الكبير أكاغي بقدومهما، لذا حاول إنهاء هذا الأمر قبل وصولهما، لكن مثل هذا العائق لم يكن متوقعا، و الاستقبال الذي كان ينوي إعداده للإمبراطورين بصفتهم في إمبراطورية الشعلة القرمزية قد ألغي

لكنه عندها ابتسم، و تكلم مع الجنرال رعد (أيها الرجل الأشقر، اجلبهما معك، قلت أنهما قد جلبا معهما بعض المحاربين الأشداء، سيكونون ذوي عون، فلتأتي بسرعة)

بالعودة للحاضر

بعد سؤال الجنرال رعد، حدق باسل الأقدم الكبير ثم عبس، فوجه الجنرال رعد نظره للاتجاه الذي وجهه إليه باسل

في هذه الأثناء

بووم

انفجار من الرياح جعل عشرات الكرات الحجرية تحلق في كل مكان، هرب الجنود منهم بكل ما يستطيعون، الكرة الحجرية الواحدة كانت كبيرة كفاية لتسحق خمسة جنود مرة واحدة

لقد كانت هذه الكرات الحجرية هي الهجمة التي استخدمها الإمبراطور غلاديوس سابقا ضد كازيمارو، هذا الأخير كان ينوي اللحاق بالجنرال رعد، لكنه في هذا الموقف السيء أسرع بالدفاع عن نفسه بكل ما يملك منتجا إعصارا جعل كل الكرات التي توجهت نحوه تحلق في كل مكان

ظهر كازيمارو من بين الغبار و صرخ "أيها الوغد، ستموت"


تكلم شاهين "احذر، ذلك الوغد، لقد وصل للقسم النهائي من المستوى السابع"

حملق كازيمارو به و قال "ها؟ هل تظن أنني لم ألاحظ؟ لقد لاحظت و مع ذلك سأسحقه"

اندفع كازيمارو بسرعة كبيرة متجها نحو الإمبراطور غلاديوس، لكن هذا الأخير لم يتحرك، و بدل ذلك ظهر من خلفه ظلين

وووووش زززززن

تلاقى سيفان بسيف، فنتجت موجة كبيرة جعلت الكثير من الجنود الضعفاء يطيرون بعيدا، حدق كازيمارو في مالكيْ السيفين اللذين قاما بإيقاف سيفه، فوجد شخصين بدرع فضي

"جنرالان؟" تفاجأ كازيمارو

تفاجأ الجميع كذلك، في جهة باسل، هذا الأخير تحدث "إذا المحاربين الأقوياء قد عنيت بهم الجنرالات، هذا جيد، و الآن اسمع قبل أن يتحرك ذلك الوغد"

استمع الجنرال رعد لم قاله باسل ثم أطلق صوتا غريبا "هاا؟ حسنا إنهم يملكون معهم ساحر علاج، لكن هذا..."

"إذن أسرع" قالها باسل مع نظرة جدية

أغمض الجنرال رعد عينيه ثم فعل تنهد، قال "لا تلومني إن لم يسر الأمر على خير"

انطلق الجنرال رعد بكل سرعته في اتجاه واحد بعد أن بدى كما لو أنه قد قرر وجهته

و في لحظة وصل لوجهته، وقف الجنرال رعد أمام شي يو و تكلم "هل انتهيتِ؟"

أجابت شي يو "لقد أنقذت حياتهم على الأقل"

تكلم باسل "حسنا هذا يكفي، فلتتبعيني"

تركت شي يو القادة الثلاث الذين كانت تعالجهم في رعاية تورتش و البقية كما فعلت مع الفتاتين الصغيرتين و لحقت بالجنرال رعد


كان الأقدم الكبير يقف في السماء بينما يلهث، و عندما رتب دورته التنفسية حدق في الساحة محللا الوضع، شاهد باسل المنقول من طرف الجنرال رعد فعبس و بدأ يشحذ طاقته السحرية

ووش ووش ووش

انطلقت عشرات الشفرات المكونة من الرياح مستهدفة الجنرال رعد، فظهر الكبير أكاغي و الجنرال منصف، و أيضا شفرة الجليد كين نبيل، يين يينغ، مارون زونغ، و كورو هيسي، هؤلاء الأربعة كانوا يأخذون استراحة، لكنهم قد أتوا مع الجنرال رعد الذي التقى بهم في طريقه إلى هنا. استخدموا أنفسهم كدرع من أجل حماية الجنرال رعد الذي يحمل باسل، عبس الأقدم الكبير و أراد أن يتبع الجنرال رعد، لكنه فوجئ بنفسه يقف في وسط بركان بينما نصف جسده قد غرق بالفعل، فزع للحظات ثم عرف أنه وهم، لذا ركز و هرب منه، و بمجرد ما أن فعل حتى هوجم بهجمات مختلفة من جميع الاتجاهات

ظهرت أنمار بجانب الجنرال رعد و حدقت في باسل قليلا بنظرة متألمة ثم تكلمت "باسل، ما الذي تنوي فعله؟"

حدق باسل مرة أخرى في إصابتها و عبس، ضاقت عينيه، لقد أقسم على قتل ذلك الوغد، لكنه لم يملك القوى الكافية لذلك، نظر لحالة ذراعيه ثم قال "لا شيء، سآخذ مغامرة خطيرة قليلا فقط" ابتسم ثم ترك أنمار تفكر بالأمر

بعد الجري لمدة، وصل الجنرال رعد لوجهته فتوقف أخيرا، تكلم مع الشخص الذي أمامه "أيها الإمبراطور شيرو، أين ساحر العلاج الخاص بكم؟"

حملق الإمبراطور شيرو بالجنرال رعد، ثم في الشخص الذي يحمله، فإذا به يجد فتى لم يصل للخامسة عشر بعد و في مثل هذه الحالة المزرية، ما الذي يمكن أن يحدث حتى يكون فتى في مثل عمره بهذه الإصابات المروعة

تكلم الجنرال رعد "أسرع من فضلك"

استيقظ الإمبراطور شيرو من أحلامه ثم قال "آه، إنه أفضل ساحر علاج في إمبراطوريتي، إنه ساحر بالمستوى السادس بالقسم الأخير، هيل، أسرع إلى هنا"

ابتسم باسل و قال "إذا هذا جيد"

أتى هذا الشخص هيل، فجعل أنمار و باسل متجمدين في الصدمة، ساحر علاج في المستوى السادس، و يتصرف بتوتر فائق

"أ-أنا هنا يا سيدي" تكلم هيل مخاطبا الإمبراطور شيرو

لم يقدر باسل و أنمار أن يتحكما في أنفسهما حتى خرجت الضحكة بالرغم عنهما، نظرا لـشي يو ثم لـهيل، هذا الأخير يبدو كما لو أنه النسخة الذكرية من شي يو، هذا الأمر كان مضحكا حقا في وسط هذه الأزمة

لم يفهم الجنرال رعد و الآخرون ما يحدث، تحدث باسل "أعتذر أعتذر، أيها الرجل الأشقر، فلتنزلني"

أكمل باسل بعدما استلقى على الأرض "أنمار، فلتخرجي قنينتي من إكسير العلاج و اشربيني إياهما، و اعطي قنينة من إكسير التعزيز لـهيل"


عبست أنمار ثم فهمت ما يحاول باسل فعله "ليس كما لو أنك لا تعلم ما الذي سيحدث لك بعد هذا ! لما ستخاطر هكذا؟"

تنهد باسل و قال "هل تحتاجين لطرح هذا السؤال؟"

حدقت أنمار به و قامت بما أخبرها به، شاهد الإمبراطور شيرو هذه القنينات فأحس بتلك الطاقة المركزة بغرابة بتلك المحاليل، اقترب من هيل و شاهد ذلك المحلول بكل اهتمام، عندها شاهد أنمار تقوم برفع رأس باسل قليلا كما لو أنها تحاول أن تجعله يشرب تلك المحاليل

تكلم باسل "هيل، اشرب ذلك المحلول"

استغرب هيل و الإمبراطور شيرو، حاول هذا الأخير طرح سؤال ما، لكن الجنرال رعد تدخل "أسرعوا من فضلكم، نحن لا نملك الوقت الكافي"

حدق هيل بالقنينة، و بكل توتر قام بشربها

بوووم

انفجرت طاقته و هالته، حدق الإمبراطور شيرو بـهيل بتعجب كبير، ثم قال جملة خرجت من فمه بكل صعوبة "لقد اخترق المستوى السابع !!! "

لم يكد يصدق الإمبراطور شيرو ما حدث، أما هيل، فبقي يحدق بيديه و شعر بنشوة لا تصدق

تكلم الإمبراطور شيرو "ما..."

لكنه بعد أن حاول الاستفسار تكلم باسل "عندما أشرب هذين المحلولين، ستقوم أنت و شي يو بعلاجي بكل ما تملكون من قوة، سأريد منكم التركيز على علاجي كما لو أن حياتكم على المحك"

استغرب هيل، لقد وصل للقسم النهائي من المستوى السابع، حتى الإمبراطور شيرو تجمد في مكانه و كاد لا يصدق أن ذلك الشخص هو هيل الذي يعرفه

تكلم باسل "أيها الرجل الأشقر، فلتأخذ هذه و أعطها للإمبراطور غلاديوس" التف بعد أن أعطى الجنرال رعد المطرقة الضخمة التي قد سبق و استخدمها الأمير الثاني، ثم قال "حسنا" أماء رأسه لأنمار التي همت لتشربه الإكسيرين، لكن بسبب ذراعيها المكسورتين، قام الجنرال رعد بأخذ هذا الدور عنها

لكن، تكلم الجنرال رعد قبل أن يشرب باسل الإكسيرين و بعد أن حدق في المطرقة التي حملها "ما الذي ستفعله؟"

أجاب باسل "لا شيء قد يسمى بالكبير، أنا فقط لا أخطط التعرض للضرب من دون الرد، فهذا ليس من شيمي"


شرب شرب

"آآآآه" صرخ فجأة باسل متألما بشدة كبيرة بينما أنمار تحدق به بنظرات القلق، ليش هناك شخص عاقل يعرف ماهية الإكسيرات و سيشرب إكسيرا علاج بنفس الوقت، فبحر الروح نفسه سيبدأ بالتمزق

صرخ باسل من دون توقف، تجمد الجميع فصرخت أنمار "أسرعا أنتما الاثنين و ابدآ في معالجته"

بتصرفاتهما المتوترة اقترب الاثنان من باسل و شحذا طاقتهما السحرية لأوجها ثم أطلقاها نحو باسل بادئين في علاجه

بدأت عظامه تلتصق ببعضها مما سبب آلاما لا توصف، فقط آلام بحر روحه كافية لتجعله يطلب الموت، مع أنه يصرخ إلى أنه بقي صبورا، التأمت عظامه و جراحه بسرعة ملحوظة بينما يهتز جسده بالكامل من الآلام، كما لو أنه سينفجر من الداخل

حدق الجنرال رعد و الإمبراطور شيرو في هذا المنظر المروع، من منظر باسل الذي كان يبدو بخير حتى بتلك الإصابات البالغة سابقا لكنه الآن يصرخ بجنون، كان بإمكانهما الجزم بشدة الألم الذي يشعر به الآن

قام هيل و شي يو بشد عزيمتهما و ركزا أكثر على العلاج على الرغم من أنهما عندما بدآ بمعالجته قد ازدادت معاناته فقط

ثم بعدها أسرع الجنرال رعد و اتجه نحو الإمبراطور غلاديوس

في تلك الأثناء

استهدف ظل ما مجموعة تورتش، هذا الأخير أسرع في إطلاق هجوم نار مستهدفا الظل و أمر الجميع بالتراجع، تكلم تورتش "يبدو أنك قد أنقذت مؤخرتك أيها الوغد"

"همف" استهجن شاهين و تكلم "ستكون مؤخرتك التي ستركل هذه المرة، و بشدة"

تكلم تورتش "سنرى بشأن هذا، فمما أرى، يبدو أن آثار قمع السحر الخاص بأصفاد السحر لا زال مؤثرا بمؤخرتك"

عبس شاهين و قال "إنني أفضل حالا من مؤخرتك المرهقة"

بوووم

اندلع قتال بينهما أيضا


في جهة الإمبراطور غلاديوس، تحدث أحد جنراليه "سيدي، هذا الوغد في قمة المستوى السابع"

عبس الإمبراطور غلاديوس و حدق في سيف كازيمارو، تكلم بداخله "مع ذلك، تبدو قوته أكبر مما يملك، ما الذي يحدث؟ أظن أن السبب هو ذلك السيف الغريب الذي يملكه"

ووووووش

ظهر الجنرال رعد بسرعة بجانب الإمبراطور غلاديوس الذي استل هراوته مستعدا، لكنه توقف بعد أن عرف أن الجنرال رعد من أتى

تكلم الجنرال رعد "خذ لك هذه"

رمى له المطرقة الضخمة، فاستغرب الإمبراطور غلاديوس كثيرا، حدق بالمطرقة مطولا، هذه المطرقة كانت خاصة بساحر من المستوى السادس فقط، لكن هناك شيء ما غريب بها، أثارت اهتمامه تلك النقوش و مرر يديه عليها

تكلم الجنرال رعد "استخدمها و ستعرف لما أعطيتها لك"

شحذ الإمبراطور غلاديوس طاقته السحرية فتفاجأ بطاقته تتضخم لأضعاف، توهجت النقوش بشدة حتى أنها جعلته يصدم

و في جهة الكبير أكاغي و الآخرين، كانوا يمرون بوقت عصيب، تكلم الأقدم الكبير من السماء "حثالة مثلكم يجتمعون علي، إن أضفت الحثالة على الحثالة، فستبقى مجرد حثالة"

شحذ طاقته السحرية و لوح بسيفه عشرات المرات مرة واحدة صانعا عدة أعاصير قاطعة استهدفت مجموعة الكبير أكاغي

و في هذه الأثناء

بدأت تظهر علامات تحسن على جسد باسل

استمر العلاج لمدة أطول، و مع مرور الوقت، العظام التي كانت متحطمة تماما التأمت من جديد كما لو أنها لم تصب أصلا، رجع لحمه لما كان عليه من دون أن يخلف العلاج وراءه أي أثر للجراح العميقة

لكن، مع أن جسده قد شوفي تماما إلى أنه لا يزال يتقطع متألما بسبب عدم استقرار بحر روحه، من تجرأ و شرب إكسيري علاج مرة واحدة، غالبا ما سيتعرض لآثار جانبية تتمثل في عدم استقرار بحر روحه لمدة طويلة قد تصل لشهور، و يصطحب عدم الاستقرار هذا معه آلاما فظيعة تجعل الشخص يطلب الموت على تحملها، و بالطبع بما أن بحر الروح يكون غير مستقر، فكذلك تكون حالة سحره

لذا شرب باسل لإكسيري علاج مرة واحدة كان شيئا في غاية الجنون

اتخذ باسل وضعة القرفصاء و جلس ثم دخل في حالة الصفاء الذهني و الروحي، يجب عليه تهدئة بحر روحه إن أراد أن يقاتل كيف يشاء، غير هذا، لن يكون بإمكانه حتى استخدام السحر بشكل لائق

حدق الإمبراطور شيرو و البقية في هذا الفتى بغرابة، أما أنمار فجلست بجانب باسل بينما تحدق بوجهه من دون أن ترمش للحظة، كانت تراقب أبسط التعبيرات التي تظهر عليه


أما باسل، فانتقل بوعيه لداخل بحر الروح، هذا الأخير الذي كان دائما هادئا، لم يكن كذالك هذه المرة، عنصري السحر كانا مضربان كثيرا، الأربعة عشر كرة من كل عنصر بدأت تفقد شكلها، كما لو أنها تتشكل في شكل سحابة

هذه السحابة التي كانت تتشكل تكهربت و انتقل هذا التكهرب نحو نقاط الأصل بالجسم الأبيض الذي يتخذ شكل باسل، المسار الذي يربط نقط الأصل ببعضها كان يتقطع و يتصل مرة تلو الأخرى، مما يوضح عدم استقراره

و أخيرا، الفضاء الأزرق اللانهائي ظهرت عليه تشققات من كل مكان، و اهتز بشدة كبيرة، كما لو أن هناك عدة زلازل تحدث مرة واحدة، بدا كما لو أنه غاضب، غاضب من عدم الاعتناء به و جعله يمر بمثل هذه المعاناة

جلس باسل فقط و حدق في الجسم الأبيض الذي يتخذ شكل جسمه، أولا، عليه إصلاح المسار المتضرر، ثانيا، عليه تهدئة الكرات الأربعة عشر من كل جهة، أي تهدئة العنصرين، ثالثا، عليه استخدام العنصرين في إصلاح تشققات بحر الروح و تصفيته من الطاقة الشائبة

ما جعل بحر الروح يتزلزل هكذا كانت الطاقة التي غمرته فجأة، هذا الطاقة هي الخاصة بالإكسيرين، فحتى لو كانت الإكسيرات تصنع من مسحوق الأصل المصنوع من أحجار الأصل و التي لها طاقة تشبه الخاصة ببحر الروح، فهذا يسمح للساحر أن يزود بحر روحه بطاقة محدودة من الإكسيرات، إن فات الحدود، فحتى لو كانت طاقة الإكسيرات تشبه طاقة بحر الروح، فهذا الأخير سيبدأ برفضها، لأنها في النهاية تبقى تشبه طاقته فقط و ليست نفسها، مما يُوجِد حدودا لما يمكن للساحر أخذه من الإكسيرات

ركز باسل على الجسم الأبيض، هذا الأخير كان في الحقيقة جسم باسل، هذا الأخير يجد كل ما يتعلق به في بحر الروح عندما يدخل إليه بوعيه، و بالطبع جسده أيضا يكون هناك

لذا يكون بإمكانه التحكم في الجسم الأبيض بالتركيز عليه فقط، و عندما فعل هذا هذه المرة، ضاقت عينيه بشدة، و بدأ يصلح المسار المتضرر، إنه الآن يقوم بعملية تطابق المرحلة الثالثة من حالة الصفاء الذهني و الروحي، مرحلة 'العقل و نقط الأصل'


في هذه المرحلة يقوم المتدرب بإيصال نقط الأصل أولا بعقله، ثم يقوم بإيصال نقط الأصل ببعضها. هذه المرة لن يوصل نقط الأصل ببعضها، لكنه سيصلح المسار الذي يربطها

و القيام بهذا أصعب بكثير من إيصال نقط الأصل ببعضها، فسيكون عليه إزالة الطاقة الشائبة من المسار و إزالة الاضرابات ثم إصلاح التشققات لإيصال نقط الأصل ببعضها البعض بشكل جيد كما كانت في الأول

ركز باسل على المسار و بدأ في التنقية، هذا الأمر كان صعبا، فطاقة الإكسيرات الزائدة قد تحولت لطاقة شائبة و مرت بالمسار، لذا الآن قد شرع في تنقيتها، خطأ بسيط و يجعل هذه الطاقة الشائبة تهيج مما قد يسبب في تدمير المسار نهائيا، لذا كان عليه التركيز بشكل كلي و القيام بالعملية بحذر شديد، و كل هذا يجب عليه القيام به أثناء معاناته من الآلام التي يسببها بحر روحه

بعد مدة قصيرة بدأ المسار يخلو من التكهرب، لكن هذا الأمر لم يكن سهلا حقا، أحس باسل كما لو أنه يواجه خطر الموت في كل مرة يحاول بها إصلاح و إزالة الشوائب، خطأ واحد و يدمر المسار تماما

لكنه مع ذلك، في حالته المزرية، استطاع النجاح بهذا، و الآن وصل لمرحلة إزالة الاضطرابات، بعد إزالة الطاقة الشائبة، تبقى الاضرابات التي سببتها، و الآن كل ما عليه فعله هو جعل الطاقة النقية تجد طريقها عبر إزالة الاضطراب من المسار

كانت الطاقة النقية تتداخل مع بعضها و تضرب بجوانب المسار من دون الاتجاه في مسار محدد، لذا الآن بدأ باسل في التحكم بطاقته السحرية من أجل جعلها موحدة لتتخذ كلها طريقا و مسار واحدا

التضارب بدأ يقل مع الوقت، هذا الأمر يثبت قدرة الشخص في التحكم بطاقته السحرية، لو أنه قد امتلك تحكما سيئا في الطاقة السحرية، انسى أمر الطاقة النقية، لأنه لن يتجاوز حتى مرحلة إزالة الطاقة الشائبة و سيرتكب خطأ فادحا مدمرا بذلك مسار نقط الأصل


تحكم باسل في السحر كان جيدا للغاية، فشخص مثله قد وصل للكمال في التحكم بالأسلحة الأثرية، شيء مثل التحكم في طاقته السحرية كان أمرا في غاية السهولة بالنسبة له

و الآن وصل لمرحلة إصلاح التشققات، أزال الطاقة الشائبة، و جعل الطاقة النقية تتخذ مسارا موحدا، مما يُبقِي له عملا واحدا، إصلاح تشققات المسار من أجل تحصينه، فتعرضه لطاقة شائبة من كلا العنصرين و لطاقة نقية مضطربة قد جعله يتضرر كثيرا

هذه المرحلة لم تكن بتلك الصعوبة، لأن كل ما كان على باسل فعله هو تمديد المسار بالطاقة النقية قصد الإصلاح، لكن جودة الإصلاح تعتمد على المتدرب، فهنا يلعب التحكم الدور الرئيسي أيضا

و أخيرا، انتهى باسل من جعل نقط الأصل تتصل جيدا كما كانت قبلا، و الآن، مع احتفاظه بتركيزه على تحصين المسار، يجب عليه تهدئة العنصرين

لحسن الحظ، باسل قد مر من مثل هذه المرحلة سابقا، عندما توغلت الطاقة الخارجية لجسده، كانت عبارة عن سحابة من الطاقة الهائجة قبل أن يوصلها بنقط الأصل، ساحر آخر لن يمر بها إلا عند اكتسابه عنصر الثاني، لذا فقد كانت له أفضلية هنا نوعا ما، حتى أن تجربته مع تلك السحابة في الحقيقة هي أصعب من التجربة التي سيخوضها الساحر أثناء اكتسابه العنصر الثاني، لأن الساحر الطبيعي يكون قد اكتسب التحكم في الطاقة الخارجية و امتص هذه الأخيرة بنفسه، أما باسل، فكان عليه التعامل معها من دون اكتساب القدرة على التحكم بها لأنها قد دخلت لجسده وصولا لبحر روحه من دون إرادته

بسرعة قام باسل بتهدئة عنصر النار بما أنه العنصر الأساسي، و في الحال انتقل لعنصر التعزيز، عند إنهاءه هذه المرحلة، انتقل للمرحلة الأخيرة و التي قد سبق و مر بها أيضا

فعند توغل سحابة الطاقة الخارجية سابقا لجسده عنوة، تسبب هذا له في جعل بحر الروح يتصدع و يهتز، مع أنه لم يكن بمثل هذه الشدة كالآن، لكن يبقى أمر مروره بها و تجربته إياها مع أنها كانت بشدة أقل أمرا جيدا


شدة تصدع بحر الروح كبيرة عن المرة السابقة، لكن في المقابل، قوة باسل كبيرة بكثير عما كانت عليه عندها

الآن، تحكم في عنصريه الاثنين و وجه طاقته السحرية نحو التشققات التي ظهرت في بحر الروح، أصلحها كلها واحدة تلو الأخرى، هذا الأمر قد استنزف منه طاقة سحرية وفيرة، لكنه لا يملك خيارا آخر، أصلح جميع التشققات

لكن، تزلزل بحر الروح لم يتوقف حتى الآن، آلامه لم تتوقف حتى الآن، فكر باسل بهذا لمدة طويلة بتركيز كبير. في الخارج، كانت أنمار تحمل نظرات قلق على تعبيرات باسل

كان من الظاهر أن باسل يعاني كثيرا، لم يسع أنمار سوى أن تشعر بالقلق أكثر و أكثر كلما مر الوقت، أثناء انتظاره، تغيرت تعبيراته من الجيد للأسوء، ثم من الأسوء للجيد، تقلبت طاقته السحرية بجنون، لكن كل ما كان بإمكانها فعله هو إمساك يده بإحكام عبر لف يديها المكسورتين حولها و الدعوة له بالأفضل

حدق الإمبراطور شيرو طويلا في باسل، و الآن ما يفكر به ليس معاناة و حالة باسل السيئة، و إنما طاقة هذا الفتى الصغير المرعبة، مثل هذا الوحش موجود حقا، لقد شاهد قوة الأقدم الكبير، و بالطبع عرف أنها تفوق المستوى السابع بكثير، فحتى كل أولئك الأشخاص الأقوياء من المستوى الخامس و السادس و السابع لا يزالون غير قادرين على مواجهته أبدا

مع قوة باسل الكبيرة في مثل هذا العمر، و قوة الأقدم الكبير المخيفة، فهم أخيرا أن المستوى السابع الذي كان يعتقد أنه أعلى مستوى في الوجود، هو في الحقيقة مجرد مستوى وسط مستويات أعلى و أقل

لقد مرت مدة طويلة حتى الآن، و حالة باسل لم تتغير طوال هذه المدة، طاقته و هالته توقفت عن التغير و ثبتت، تعبيراته لا زالت سيئة، لا زال يتألم بشكل كبير


و بعدها بقليل، اختفت تعبيرات الألم تماما و أصبحت طاقة باسل هادئة بشكل مخيف، ظهرت تعبيرات الفرح على وجه أنمار و تلهفت لرؤية باسل يفتح عينيه، و الآن، إنها تنتظره بفارغ الصبر، و مع ذلك، لا زال باسل لم يخرج

داخل بحر الروح، ابتسم باسل و قال "يبدو أن المعلم قد أخفى عني مثل هذا الأمر المهم، لا، أظن أن حتى المعلم نفسه لم يتوقع أن مثل هذا الأمر سيحدث لي، لهذا لم يخبرني، حتى لو أخبرني لم أكن سأفهم على أي حال، من كان يعلم أن لبحر الروح في الحقيقة إرادة؟"

"لكن..." استغرب باسل، حدق في الجسم الأبيض، و رأى أن هناك قطعة أرضية صغيرة قد ظهرت تحت قدميه، قطعة أرضية مكونة من التراب فقط، كانت صغيرة لدرجة أنها كانت كافية فقط للقدمين

"لما ظهرت مثل هذه القطعة الأرضية في بحر روحي؟" تساءل باسل

لم يفهم باسل كيف لقطعة أرضية أن تظهر في بحر روحه، ما يعرفه أن بحر الروح خاص بالطاقة فقط لا غير. ركز على الجسم الأبيض ثم تحسس هذه القطعة الأرضية عبره

و إذا به يحس بطاقة نقية جدا تأتي من تلك القطعة الأرضية، نقية لدرجة تجعل فيها الطاقة السحرية النقية تظهر كطاقة شائبة مقارنة بها

حاول التحكم بهذه الطاقة و جعلها تحت سيطرته، لكنها قاومته و صدت نيته مما جعل وعيه يتشتت و يفتح عينيه ليجد أنمارا تحدق به عن قرب شديد

حدق في عينيها الزرقاوين ثم خفق قلبه قليلا، وجه أنمار كان قريبا، لدرجة أن نفسها كان يسمع بأذنيه، حتى أن شفتيها كادت تتلاقى بشفتيه

قفزت أنمار من الفرحة و انقضت على باسل معانقة إياه، غمرته رائحتها العطرة، و بما أن يديها مكسرتان لم يكن بإمكانها إيقاف نفسها حتى لمس صدرها صدره مما جعله يخجل من هذا الوضع و يخفق قلبه أكثر، لقد كان دائما يأخذ مسافة عنها لعدة أسباب، و أحدها كان تشبثها به كلما رأته، بسبب أنه قد وقع في حبها سابقا عندما صغيرا، هذا الأمر كان صعبا قليلا عليه ليتحمله

وقف بعدما أزاح عنه أنمار ثم تكلم "شي يو، هيل، شكرا لكما، لقد كنتما ذوا نفع حقا" التف ناحية الإمبراطور شيرو و حدق به مطولا، في البداية باسل كان يهدف لجعل هذا العالم كله قوة واحدة، و من أجل هذا خطط لكسب سلطة كافية في إمبراطورية النضير الوهاج، و عندما ينجح في ذلك، سوف يقوم بجعل الإمبراطوريتين الأخريين تخضعان له، فكر باسل لوقت طويل و كان هذا هو الخيار الوحيد الذي كان يمكنه تحقيق 'اتحاد العالم' كله بشكل أسرع

لكن، بشكل غير متوقع، ظهر عدو من حيث لا يدري، في هذا الوقت، بدأ باسل بالفعل يفكر في خطة بديلة، قد لا يكون من الضروري قتال الإمبراطوريتين من أجل كسب ولائهما، أو على الأقل كسب مساعدتهما الكاملة


بووم بووم بووم

انفجرت عدة أعاصير مرة واحدة جاعلة الكبير أكاغي و من كان يقاتل معه ضد الأقدم الكبير يحلقون لمئات الأمتار بينما الدماء تسيل منهم بغزارة

عبس باسل عندما شاهد هذا المنظر ثم أسرع و تحدث "أنمار، اشربي إكسير العلاج بسرعة، شي يو، هيل، قوما بعلاج أنمار، أنت يا شي يو متعبة بالفعل، لذا إن كنت لا تقدرين فاتركي الأمر لـهيل ليتعامل معه"

تحرك الاثنان في الحال، بالرغم من أن شي يو متعبة جدا، حتى أن مفعول إكسير التعزيز الذي شربته قد انتهى، فلا زالت تريد القيام بأمر مفيد

تكلمت أنمار بنبرة مشوشة "ما الذي تنوي فعله؟"

التف باسل و حدق بها مطولا، أجاب بعد أن حدق في الأقدم الكبير و عبس "لقد أخذت قبل قليل مخاطرة صعبة و نجوت، لكن كما تعلمين هذا هو ما عشت عليه منذ نعومة أظافري، و المغامرة كانت أفضل شيء بالنسبة لي في حياتي اليومية المملة" أخرج باسل قنينة إكسير تعزيز مما جعل أنمار تشحب و تتكلم بسرعة "لا تقل لي... لا تفعل، لقد منعك المعلم من القيام بهذا، إن قمت بهذا فسوف..."

توقفت أنمار بعد أن شاهدت ابتسامة باسل، هذا الأخير تكلم "ليس كما لو أننا نملك خيارا آخر على أي حال، و أيضا المعلم لم يمنعني من استخدامه، و إنما أخبرني بالحرص على عدم استخدامه قدر المستطاع"

"لكن..." قالتها أنمار و تحسرت

لم يكن بإمكانها إيقاف باسل من القيام بهذا الأمر، فبعد كل شيء، حتى عندما لاحقته طوال حياتها، لم يكن بإمكانها و لو لمرة واحدة إيقافه عن أخذ مغامرة يريدها، أو عن ملاحقة شيء ما كسب اهتمامه، لم يكن باستطاعتها يوما منع فضوله


و مع تحريك باسل لذراعه اليمنى التي تحمل إكسير التعزيز، خفق قلب أنمار بشدة، مرت هذه اللحظات عليها ببطء شديد، حتى وصلت القنينة لفم باسل و شربها

بووووووووووووم

انفجرت هالة باسل، و ارتفعت طاقته السحرية الخاصة بعنصر النار بجنون، و في الحال ارتقى عنصر النار من القسم النهائي من المستوى السادس للقسم النهائي من المستوى السابع

و بمجرد حدوث هذا الأمر، حتى أحس باسل بذلك الأمر، بارتفاع عنصر النار و الذي هو العنصر الأساسي في المستوى، ضعُف الختم مما كان عليه، و هذه المرة ضعف كثيرا لدرجة أنه كاد أن يتكسر

ثم فورا، صرخ باسل بشدة و بغرابة سعل الدم و عضلاته التي شفيت قبلا قد نزفت، لكن هذه المرة لم يقتصر نزيفه على ذراعيه فقط، و إنما نزف من كل مكان، و أثناء تعذُبِه هذا، ارتفعت طاقة عنصر التعزيز بجنون

ارتفعت هذه الطاقة حتى جعلت كل من يوجد في الساحة يلتف و يرى من أين تأتي كل هذه الطاقة المرعبة التي ضغطت عليهم و جعلتهم يتوقفون عن أيٍّ كانوا يقومون به

سواء أعداء أم حلفاء كانوا، لم يسعهم سوى مشاهدة هذا المنظر المرعب من بعيد و التحسر في أماكنهم، لم يفهم أي أحد ما الذي يحدث بالضبط

كيف يمكن لطاقته هذه أن ترتفع هكذا؟ حتى لو شرب شخص ما إكسير التعزيز لن يكون قادرا على اكتساب مثل هذه الطاقة المخيفة

حدق الأقدم الكبير في باسل بعدما أزاح عن طريقه الكبير أكاغي و معاونيه الذين لم يعودوا يقتصرون فقط على الجنرال منصف و كين نبيل و البقية، و إنما حتى الجنود الموجودين الذين تغلبوا على خوفهم و ساعدوا قادتهم

عندها شاهد الأقدم الكبير فالتشر قوة باسل ترتفع من دون توقف، تكلم من دون أن يشعر "القسم الأولي، و لا زالت ترتفع" تغيرت نظرته كثيرا و ارتعب مما يحدث "القسم النهائي من المستوى التاسع؟"

صُدِم تماما، قبل مدة فقط كان ذلك الشقي على وشك الموت، مع أنه شرب إكسير العلاج و تم علاجه من قبل السحرة، إلا أن أمر تماثله للشفاء بالكامل كان كافيا ليجعل الأقدم الكبير يعض على شفتيه، لكن ارتفاع طاقته السحرية لهذا المدى أمر غير قابل للتصديق

لكن في هذه الأثناء التي كان الكل حينها مصدوما من قوة باسل، هذا الأخير كان يعاني بشدة، فبعد أن ضعُف الختم بسبب ارتفاع عنصر النار في المستوى، تسبب له هذا في توغل قدر أكبر من الطاقة الخارجية بشكل مفاجئ

في يوم من الأيام، واجه باسل الأسد الأحمر ذو الرأسين و الذي يعتبر وحشا سحريا من المستوى الثالث بينما كان هو حينها في المستوى الثاني، عندها كان عنصريه الاثنين في نفس المستوى، لكنه اضطر خلال قتاله أن يشرب إكسير التعزيز، و عندما فعل، تسبب له هذا في تعرض جسمه لصدمة كبيرة من الطاقة الخارجية و التي لا زال جسده لم يتطور ليكون قادرا على تحملها

عندها تدخل المعلم و أنقده، ثم أخبره بتجنب استخدام إكسير التعزيز قدر المستطاع و شرح له السبب. درب المعلم جسد باسل من أجل تحمل موجة الطاقة الخارجية الأولى عندما سيكتسب باسل سحره، و عندها سيتطور جسده مع تقدمه في المستويات، مما سيتيح له القدرة على تحمل موجات الطاقة الخارجية التي ستتضخم مع ارتفاع المستويات كذلك

لكنه عندما شرب إكسير التعزيز، جعل عنصر النار يرتفع في لحظة و تسبب في إضعاف الختم أكثر و توغل الطاقة الخارجية بشكل مفاجئ عبر جسده الذي لم يتطور بعد ليتحمل كل تلك الطاقة، و هذا كان كافيا ليجعل باسل طريح الفراش لأيام ليُشفى، و لم يستخدم سحر التعزيز حتى درب جسده ليتحمل موجة الطاقة الخارجية التي ستتوغل لجسده عندما يفرغ عنصر التعزيز من الطاقة باستخدامه

و الآن، بما أنه قد عالج جسده قبل قليل فقط، فلا يمكن لجسده استقبال المزيد من الطاقة الخاصة بسحرة آخرين و لن يكون بإمكانه شرب إكسير العلاج أيضا، مما يعني أنه سيضطر لترك جسده يتعالج من تلقاء نفسه و تحمل كل تلك الآلام لأيام قبل أن يكون مستعدا للحصول على علاج من طرف سحرة مرة أخرى

قلقت أنمار بشدة، تلك المرة لم يضعُف الختم كثيرا و لم يؤثر بشكل كبير على بحر روحه، لكن هذه المرة لا يمكن أن تكون كالسابقة، ففي كل مستوى ارتفع به باسل، ضعُف الختم بشكل أكبر، و الآن عندما ارتفع للمستوى السابع، فقد اقترب الختم من التكسر، مما يعني أنه يكاد يترك الطاقة الخارجية تدخل لبحر روح باسل من دون توقف، و إن استمر هذا الأمر، سيتحطم بحر روح باسل في النهاية


استمرت طاقة عنصر التعزيز في الارتفاع أكثر، شحُب الأقدم الكبير و تكلم "القسم المتوسط من المستوى العاشر؟"

أما باسل، كانت حالته قاسية للغاية، موجة الطاقة الخارجية الكبير تسببت في الكثير من الضرر لجسده، و الآن يجب عليه أن يتعامل مع الطاقة الخارجية التي بدأت تجعل بحر روحه يهتز بشدة و يتصدع

في هاته الأثناء، بشكل غير اعتيادي، وسط كل هذه الفوضى، بينما يتقطع بالآلام، دخل باسل لبحر روحه

كبرت الكرات الأربعة عشر الخاصة بعنصر التعزيز كثيرا، حتى أنه بدأ يفقد السيطرة عليهن مما جعلهن يبدأن في فقدان شكلهن و التحول لسحابة من الطاقة الشائبة و الهائجة

استمر باسل في محاولته التحكم بعنصر التعزيز، لكن لسوء الحظ كانت كل تلك الطاقة فوق قدرته، هو في الحقيقة مجرد ساحر بالقسم الأخير من المستوى السادس، و مع موهبته، بإمكانه التحكم في الطاقة السحرية بشكل جيد جدا، حتى أنه كان قادرا على التحكم في عنصر التعزيز الذي يفوق مستواه الأصلي بمستوى أو أكثر، لكن طاقة سحرية من المستوى العاشر كثيرة عليه حتى بتحكمه الجيد

كان الأمر أشبه بمحاولته إمساك كرة كبيرة للغاية بيد واحدة، حتى لو كانت قوة قبضته كبيرة جدا، فلن يكون باستطاعته إمساك كرة لا يمكن لأصابعه الالتفاف حولها أو بجزء كاف منها

لكنه ليس في موقف حيث يمكنه الاستسلام بكل سهولة، فإن فعل، ستكون عندها النهاية بالنسبة له، حاول بكل ما امتلك من قوة، لكن لا زال الأمر لم ينفع

عندها تزلزل بحر الروح بشدة كبيرة و إذا بالقطعة الأرضية تحت قدمي الجسم الأبيض تتوهج بضوء ساطع جدا، مر هذا الضوء من نقطتي الأصل بالقدمين و صعد للتين بالركبتين، ثم للتي بالصدر، ثم للاتي باليدين و الكوعين و الكتفين مرة واحدة، و من اللتين بالكتفين للتين بالجبهة و الرقبة، و من التي بالرقبة إلى النقطة الأخيرة أسفل الظهر


توهجت النقط كلها بالضوء الساطع، هذا الأخير توجه عبر نقطة الأصل التي بالجبهة و المتصلة بالعنصرين إلى هذين الأخيرين

توهجت الكرات الأربعة عشر الخاصة بعنصر النار و هدأت كثيرا بعدما كانت مضطربة قليلا بسبب الارتفاع المؤقت في المستوى. بعد ذلك، توقف فقدان شكل الكرات الأربعة عشر الخاصة بعنصر التعزيز و رجعت لشكلها الطبيعي، ثم توهجت كلها و توقفت عن الاضطراب و الازدياد في الضخامة

و في الحقيقة لم يتوقف عنصر التعزيز عن الازدياد في الضخامة، و إنما الطاقة التي يوجهها نحو الجسم الأبيض قد كبُرت، و ما سبَّبَ حدوث هذا، هو قيام القطعة الأرضية بامتصاص الطاقة السحرية من عنصر التعزيز، لكن نقط الأصل لن تتحمل كل هذه الطاقة السحرية مرة واحدة

عندها، مرت الطاقة الفائضة عبر نقط الأصل وصولا للنقطتين اللتين في القدمين و قامت القطعة الأرضية بشفطها كلها مرة واحدة

استمرت الطاقة الخارجية في التوغل، و استمرت القطعة الأرضية في شفط الطاقة الزائدة و التي لا يقدر باسل على التحكم بها. و بما أن طاقة عنصر التعزيز تنقص، فالطاقة الخارجية سوف تستمر في التوغل بما أن هناك مكان يتسع لها

لكن امتصاص القطعة الأرضية للطاقة من عنصر التعزيز كان قويا و كافيا ليتراجع مستوى عنصر التعزيز للمستوى التاسع بالقسم النهائي و يهدأ أخيرا

لكن مع أن طاقة عنصر التعزيز قد هدأت، إلى أن باسل لو استخدمها و فرغت أكثر، فسيتعرض لموجة من الطاقة الخارجية مرة أخرى، لذا إن كان هناك شيء يجب عليه القيام به، فهو الإسراع بكل ما أمكنه

فجسده لن يتحمل طويلا، فبعد كل شيء لا زالت طاقة مرتفعة المستوى تتوغل لجسده باستمرار، لكن القطعة الأرضية تقوم بشفطها من دون توقف، مما جعل عنصر التعزيز يبدو كما لو أنه متوقف في قمة المستوى التاسع

كل ما فعلته القطعة الأرضية كان حماية بحر روحه من هيجان طاقة عنصر التعزيز، أما جسده، فلا زال لم يصل للمستوى المطلوب بعد ليتحمل مثل هذه الطاقة الخارجية، تدرب باسل بجنون مقويا جسده، فعندما انتهى تدريبه الأول، عندما لم يكن يعرف حالته جيدا، ظن أنه لن يكون بحاجة لتدريب جسده بعد ذلك

لكن المعلم قد أخبره أن البنية الجسدية التي تتطور مع المستويات غير كافية، و سيجب عليه الحرص دائما و في كل الأوقات على تقوية بنيته. لكن هذا سيكون واجبا عليه فعله إلى أن يجيد التحكم في الطاقة الخارجية عن طريق الاختراق للقسم الثاني من مستويات الربط، بعد ذلك سيكون قادرا على التحكم في الطاقة التي يريد منها التوغل لجسده كيفما شاء، لكن الأمر لن يكون بهذه السهولة، فهذا الأمر سيكون أصعب بكثير من التحكم في الطاقة الخارجية لامتصاصها كما يفعل السحرة العاديين

فهم باسل شرح معلمه آنذاك، لكن هذا الشرح ترك سؤالا في باله و الذي لم يستطع منع نفسه من طرحه على معلمه، باختراقه للقسم الثاني من مستويات الربط سيكون قادرا على إيقاف الطاقة الخارجية من التوغل لجسده لكي لا تدمر جسده، لكن، من ناحية أخرى، ألا يعني هذا أنه فقط عليه تقوية بنيته الجسدية؟ و كلما أصبحت أقوى كلما كان بإمكانه استخدام قدر أكبر من الطاقة الخارجية، بمعنى أنه سيكون قادرا على ترك قدر كبير جدا من الطاقة الخارجية تتوغل لجسده بشرط أن يكون ذلك الأخير قادرا على تحملها

و الآن، مع أن جسد باسل لا زال يتضرر إلى أنه لم يعد يتضرر كالسابق، لديه وقت محدود يجب عليه استغلاله بشكل جيد، هدأ باسل و تحمل كل تلك الآلام، بتوقف آلام بحر روحه، عندها كل شيء جيد بالنسبة له، إن كان عليه تحمل آلام جسده فقط، فهذا أمر بسيط بالنسبة له، فالتدريبات الشاقة و الآلام التي مر منها لا تختلف كثيرا عن الحالية

ووووش


ظهر الأقدم الكبير بسرعة خاطفة و لوح بسيفه الأثري من الدرجة الرابعة مع جلبه الأعاصير معه و العواصف، التف حول السيف سحر الرياح من المستوى التاسع و تضخم بفعل السيف الأثري ثم صُقِل و أصبح قادرا على قطع سحرة من المستوى السابع بكل سهولة

زبااام

تلاقى سيفه بسيف باسل، هذا الأخير لم يبدو عليه ذرة قلق أو خوف، كل ما فعله هو إمداد أحد سيفيه الأثريين بطاقته و التحكم به لدرجة الكمال ثم إطلاق العنان للمستوى التاسع من عنصر التعزيز

بالتقاء السيفين تموج الهواء المحيط و انطلقت الشرارات في كل مكان، لكن، و بشكل واضح، لم يكن هناك أي شك، حتى أن تعبيرات الأقدم الكبير يمكنها أن تخبرك بالأمر بكل وضوح. سيف باسل تفوق على سيف الأقدم الكبير فأُرسِل هذا الأخير محلقا لمئات الأمتار من حيث أتى

باسل الآن في القسم النهائي من المستوى التاسع، مع سلاح بالدرجة الثالثة بكمال في التحكم، مما يتيح له إمكانية منافسة سلاح أثري من الدرجة الخامسة، أما بالجهة الأخرى، فالأقدم الكبير ساحر بالقسم المتوسط من المستوى التاسع بسيف أثري من الدرجة الرابعة، ليس هناك حاجة للتفكير مرتين، هنا و الآن، باسل هو صاحب اليد العليا

قذف الأقدم الكبير لمئات الأمتار قبل أن يدرك ما يحدث، أراد أن يباغت باسل و يحصد بعض النتائج التي ستمنحه الأفضلية، لكنه لم يتوقع أن ذلك الفتى سيكون متيقظا لما حوله هكذا

"همف" استهجن باسل و تكلم "إرخائي للدفاع في هذه المرحلة سيكون شيئا في أوج الغباء، حرص معلمي على تدريبي على قتل الثغرات في دفاعي مرارا و تكرارا، من أول يوم بدأت فيه تدريبي استمر في نصحي عن عدم إرخاء دفاعي حتى لو أنهيت عدوي"

عبس الأقدم الكبير بشدة، و في نفس الوقت فعل باسل، بمجرد ما أن استخدم عنصر التعزيز حتى توغلت الطاقة الخارجية لجسده مسببة له بعض الأضرار، حدق باسل في الأرجاء و صرخ "أيها الرجل الأشقر، أعتمد عليك في التكفل بذلك الشخص" أماء الجنرال رعد رأسه له، إنه الآن يقاتل كازيمارو بمساعدة الإمبراطور غلاديوس و أتباعه، لا شك في أن لهم اليد العليا هنا


ثم وجه نظره لجهة تورتش و تكلم "يا تورتش، لا أريد أن أرى جثتك" ابتسم تورتش و تكلم بصوت ليس بمرتفع "هاهاها، يا له من أمر سهل تحقيقه"

في طريق باسل إلى هنا من القاعة الرئيسية سابقا، نادى الجنرال رعد ليأتي للمساعدة، و بالطبع أخبره أن يجلب معه رئيس عائلة آو 'لان' و رئيس عائلة كيِرو 'هوانغ' بما أنه كان يحتاج لأي مساعدة يمكنها أن توجد، لكنه علم عندها بقدوم الإمبراطورين فأخبر الجنرال رعد أن يخبر 'آو لان' و 'كيِرو هوانغ' أن يأتيا مع جلبهما لجنود من المستوى الخامس، و يقوم هو الإمبراطورين

بالإسراع بكل ما أمكنهم، فهم لا يمكنهم انتظار وصول الرئيسين لان و هوانغ البعيدين

كان باسل يريدهم أن يساعدوه في مواجهة الأقدم الكبير، و يركز الآخرين على مواجهة كازيمارو شاهين، لكن الأحداث قد تطورت، و بشكل غير متوقع كان بإمكانه التطور لمستوى حيث بإمكانه به مواجهة الأقدم الكبير بمساواة

توقف الأقدم الكبير في السماء و عبس بشدة في باسل ثم صرخ "أيها الصعلوك، سأجعلك حياتك جحيما" في هذه الأثناء بدأ الأقدم الكبير يفكر في قوة باسل الغير مفهومة كليا، كانت منخفضة بالنسبة لساحر بالقسم الثاني من مستويات الربط، ثم ارتفعت بشكل جنوني و غير معقول حتى وصلت للمستوى العاشر، ثم انخفضت مرة أخرى، و الأكثر غرابة هو كمية الطاقة الخارجية التي تدخل لجسمه مرارا و تكرارا من دون توقف

لقد أتى إلى هنا آملا إمساك باسل، لكن هذا الأخير أظهر قوة غير متوقعة، و إبّان هذه الأحداث، مع أنه أتى بأمر إمساكه حيا، بدأ يشعر أنه يجب عليه قتل هذا الوحش الصغير قبل أن ينمو، إن سمع شخص في هذا العالم أن فتى لم يبلغ الخامسة عشر بعد قد دخل للقسم الثاني من مستويات الربط، بل حتى أنه قد وصل لقمة المستوى التاسع، فسيخرج من فمه استهزاء و ضحك فقط على الذي أخبره بهذا الكلام

باسل الذي لا يملك وقتا ليضيعه انطلق متوجها نحو الأقدم الكبير مستخدما عنصر التعزيز بينما يتحمل آلام توغل الطاقة الخارجية مرارا و تكرارا، و في لحظة كان قد قطع مئات الأمتار و اقترب من الأقدم الكبير

بوووم

انفجرت عاصفة تحت قدمي باسل و أرسلته مندفعا بالسماء متوجها بسرعة كبيرة جدا نحو الأقدم الكبير الذي صفق بيده و صرخ "وحشي الفتخاء"

تحرك وحشي الفتخاء و ركبا السماء نفسها ثم حركوا أجنحتهم التي جلبت معها العواصف و الأعاصير المدمرة، هذه الأخيرة قامت بمحو الأعداء في طريقها نحو باسل


باسل الذي كان متوجها نحو الأقدم الكبير لم يلقي بالا لوحشي الفتخاء و استمر فقط في الاندفاع عبر زيادة قوة العاصفة النارية أكثر و أكثر، استخدم عنصر التعزيز و عزز سحر النار و تحكم به حتى أصبح يتحرك في السماء كما يشاء

لن يصل وحشي الفتخاء في الوقت المناسب، لذا أسرع الأقدم الكبير في إخراج إكسير التعزيز و شربه بسرعة كبيرة

بووووم

انفجرت هالته و غطت الساحة بأكملها جاعلة كل الموجودين يرتجفون و يُضغطون من هالة ساحر بالمستوى العاشر

حرك الأقدم الكبير سيفه الأثري، بعدما ارتفع مستوى آخر أصبح تحكمه في سيفه الأثري من الدرجة الرابعة أكبر مما كان عليه، و توجه نحو باسل منطلقا كالرياح

بااام بااام بااام

تلاقى سيفيهما مع بعض و انطلقت الشرارات و ارتدت الأعاصير التي استهدفت باسل، و حمت العواصف جسد الأقدم الكبير من سيف باسل

بدأ باسل يتعود أكثر و أكثر على المستوى التاسع و بدأ يجيد التحكم فيه مع مرور الوقت، مهارته تتطور مع الوقت. أخرج سيفه الثاني و شحذ طاقة عنصر التعزيز أكثر، و كذلك عنصر النار، و في الحال كوّن اللهبين اللذين على شكل سيفين


و بتلويحه، امتد اللهبين على شكل سيفين و قطعا الهواء نفسه، عندها، أحس باسل بقوة عنصر التعزيز التي أصبح يتحكم بها بشكل جيد أكثر و أكثر، أحس بإمكانياتها بالمستوى التاسع في قمته

عندما لوح، امتدت طاقة عنصر التعزيز مصطحبة معها طاقة عنصر النار المعززة كل الطريق نحو الأقدم الكبير

بووووم

دافعت العواصف الناتجة من تلويح السيف الأثري عن الأقدم الكبير و قاومت تلك الطاقة التي بدا كما لو أنها تشكلت في لحظة أمامه، و في الأخير ربحت الطاقة التي بدا كما لو أنها تشكلت على حين غرة و اخترقت العواصف و قطعت من خلال الأقدم الكبير

قطعت الطاقة من خلال الدرع السحري من المستوى التاسع وصولا للجسد، لكنها بعدما مرت من كل تلك العقبات، لم تترك آثارا كبيرة على جسد الأقدم الكبير سوى بعض الجراح، حدق باسل في سيفيه و ابتسم، أحكم القبض عليهما ثم تكلم "لهذا أحب السحر، دائما ما أجد به أشياء جديدة تثير اهتمامي، حسنا، سأطلق على هذا الهجوم 'الامتداد الكلي'، و الآن كل ما علي فعله هو استخدامه لمرات قليلة أكثر ليكون قدرا و أهلا للاسم الممنوح له"

شحذ باسل طاقته من جديد، جسده بدأ يقترب من الحدود بالفعل، لكنه مع ذلك لم يهتم و استمر، جراح الجسد سهلة الشفاء، جراح بحر الروح هي الصعبة، لذا لم يلقي بالا لأمر جسده و استمر فقط في استخدام عنصر التعزيز بجنون

عبس الأقدم الكبير، لكن ابتسامة ظهرت حينها على وجهه

ووووووش بااااام

ظهر وحشي الفتخاء و استخدما قدرتهما لصنع حاجز غير مرئي ثم ضربا باسل حتى أرسلوه محلقا من دون توقف


لكن هذا كان ما ظنه الأقدم الكبير فقط، فباسل الذي قام بتفجير عاصفة نار جعلته يتوقف من الطيران، دافع في آخر لحظة عن نفسه عبر سيفيه الأثريين، هذين الأخيرين قاما بتشكيل طاقة متموجة في الهواء مشكلين حاجزا تبعا لإرادة باسل

ابتسم باسل و قال "الامتداد الكلي في الدفاع، جيد حقا"

كان الامتداد الكلي الذي اكتشفه باسل عبارة عن امتداد لطاقة عنصر التعزيز، هذا الأخير بإمكانه الإحاطة بجسد مستخدمه مثلا و تعزيزه، لكن عند بلوغ المستوى المطلوب، سيكون بإمكان هذا المستخدم أن يجعل عنصر التعزيز يمتد خارج جسده و ينطلق كامتداد لجسده

فيكون باستطاعته حتى لكم شخص بعيد عنه بعشرات الأمتار عبر هذا الامتداد، و هذا ما فعله باسل أول مرة نفذ فيها 'الامتداد الكلي'، عندها، بسبب تفاجؤ الأقدم الكبير، ظن أن تلك الطاقة قد تشكلت أمامه على حين غرة، لكن في الحقيقة، لقد كانت تلك امتداد لتلويح سيفي باسل، لكن المثير في هذا الأمر، هو تحكم باسل في السحر الذي كان قادرا على جعله يجعل عنصر التعزيز يصطحب معه عنصر النار في هذا الامتداد

ما يجعل عنصر التعزيز أقوى سحر من بين الأربعة عشر سحر أساسي في هذا العالم حقا هو إمكانياته الكبيرة، فإمكانيات عناصر السحر الأخرى لا تقارن به أبدا، فمثلا إمكانيات عنصر الرياح الجديدة ليست بالشيء الكبير مقارنة بإمكانيات عنصر التعزيز، بما أنها تقوم بجعل ساحر الرياح يطير في السماء بحرية كبيرة و تزداد درجة تحكم في الرياح لدرجة مخيفة، مع كل هذه الإمكانيات المذهلة، على الأقل في حالة باسل و الأقدم الكبير، فـ'الامتداد الكلي الخاص بباسل يتفوق على تحكم الأقدم الكبير في رياح هذا العالم كأنها رياحه الخاصة

عبس الأقدم الكبير بشدة ثم حدق في باسل بحقد شديد، مثل هذا الغر، يا لها من موهبة لا تصدق يملكها، فكر الأقدم الكبير أنه عليه حقا قتل هذا الوحش الصغير هنا قبل فوات الأوان

فجأة، سعل باسل الكثير من الدماء، ملابسه البيضاء المتمزقة أصحبت حمراء كليا بدمه و ددمم الأعداء، مما أعطى لباسل شعورا غير مريح قليلا

عند سعله لتلك الدماء، أحس باسل باقتراب حدوده حقا، حدق في الأقدم الكبير و تكلم بعدما ضيق عينيه "من أنتم؟ ما هدفكم؟"

حدق الأقدم الكبير في باسل بعدما سمع كلامه و تحدث "من نحن؟ ما هدفنا؟ حسنا، هذا شيء ستعلمونه عما قريب على أي حال، لذا ليس هناك مانع من إخبارك، نحن الأشخاص الذي وكلت لهم مهمة من قبل الأسياد، نحن الذين سنحكم هذا العالم عما قريب، سنحكم هذا العالم من أجل الأسياد، أي شخص سيعلم باسمنا و وجودنا عما قريب، هذا الاسم الذي سيجعل أي شخص في هذا العالم يرتعب عند سماعه، هذا الاسم الذي سيتربع على عرش هذا العالم من أجل الأسياد، نحن 'حلف ظل الشيطان'، نحن خليفة الأسياد في سيادة هذا العالم، كل شخص عليه طاعتنا، كل شخص عليه خوفنا و رهبنا، فزعنا سيجلب الكارثة التي ستفتح الطريق إلى السيادة العظمى"

في لحظة، عم الهدوء في كامل الساحة، ما الذي يتحدث عنه هذا الشخص؟ سيادة هذا العالم؟ كارثة؟ الطريق إلى السيادة العظمى؟ لم يفهم أي شخص هنا ما الذي يحدث حقا أو ما الذي يقصده ذلك الشخص بكلامه غير باسل و أنمار

حلف ظل الشيطان، تردد هذا الاسم في مسامع باسل مرارا و تكرارا، لم يسعه سوى أن تستغرقه الأفكار، هذا الاسم أكد شيئا واحدا لا غير، الشياطين لديهم يد في هذا الأمر كما كان متوقعا، و انطلاقا من هذه الفكرة، عرف باسل مَن الأسياد الذين تحدث عنهم الأقدم الكبير، لكن ما لم يفهمه هو أيضا، هو 'الكارثة التي ستفتح الطريق للسيادة العظمى'، هل عنى به أنهم سيقومون بحرب من أجل سيادة هذا العالم أم شيء أكثر من ذلك


تحدث باسل بعدما أحكم قبضتيه على سيفيه "حثالة باعت روحها للشيطان، ليس هناك مجال لتبقى على قيد الحياة في حضوري بعدما عادتني، تبيع روحك من أجل العظمة و القوة، هذا أحقر شيء قد يفعله أي شخص في الوجود، يجب أن تقدر روحك التي منحت لك، لكنك لم تفعل ذلك، بل و أيضا بعتها، لمن؟ للروح الشريرة"

"...يجب تصفيتكم من هذا العالم أيتها الآفة، لا يهمني ما الذي تنون فعله بعد الآن، لكن الشيء المؤكد و الواضح تماما هو أنكم عدو لي، أنتم عقبة في طريقي فقط، مجرد حجر يجب علي إزاحته من رحلتي في 'المسار الروحي'، بمجرد ما أن تقوم بإهداء روحك للشيطان، فعندها تلك نهايتك، 'المسار الروحي' يجب أن يخلو من الشوائب، و لن يستطيع السير فيه سوى من يُبقي على روحه سليمة"

"همف" استهجن الأقدم الكبير و شحذ طاقته ثم صرخ "ما الذي يعلمه *** صغير مثلك ! ؟ نحن نخدم الأسياد الذين سيقومون بأخذنا معهم للسيادة العظمى، بيع روحي؟ و ماذا في ذلك ! ؟ إن كان سيحقق لي رغباتي و أهدافي، فذلك شيء سهل للقيام به"

"في الأخير هذا هو حدكم" تكلم باسل بنبرة خطيرة "أن تتبعوا و تعبدوا من سلمتم روحكم إليه، أشخاص مثلكم لا يستحقون حتى أن يقفوا في مساري الروحي، إن أردت العظمة و القوة، إن أردت تحقيق رغباتك و أهدافك، فاحفظ روحك من أجل ثباتها بالمسار الروحي، و اتبع طريق الأقوياء، لاحق أحلامك و حققها بيدك، عندها، ستحس بالإنجاز الحقيقي عندما تحققها، أما إن حققت أهدافك و روحك لم تعد تنتمي لك، فما الغاية إذا؟ ما الغاية إن لم تكن لك روح لتتمتع بالإنجاز الذي قمت به؟ هذا إن كنت قادرا على الاستمرار في رحلتك بالمسار الروحي بروح ضعيفة و لا تملك أنت مالكها السيطرة عليها، في النهاية، ليست سوى كلمات روح فقيرة، الشفقة عليك"

صرخ الأقدم الكبير "هاا" و شحذ طاقته السحرية كما تحكم في وحشي الفتخاء و انطلق راكبا العربة، استخدم سحره و سحر الوحشين ثم صنع أعدادا هائلة من الرماح و السيوف من الرياح و التي لف حولها حاجزا بقدرة وحشي الفتخاء ثم أضاف مرة أخرى رياح قاطعة تكهربت من شدة دورانها و تداخلها في بعضها، في الحال كان قد كون آلاف الرماح و السيوف

ووووووووش

توجهت الرماح و السيوف كلها مرة واحدة تجاه باسل، هذا الأخير استعد و جمع كل ما يملك من طاقة، شحذ عنصر التعزيز و عنصر النار، دمجهما ببعضهما ثم بالسيفين الأثريين. التفت النار الحارقة حول باسل و أصبح كملك نار يقف في السماء

صرخ باسل "الامتداد الكلي" و لوح عدة مرات بسيفيه اللذين امتدا و قطعا كل ما استهدفه باسل على بعد شاسع


بينما باسل يدافع عن نفسه، ظهر وحشي الفتخاء أمامه و ركلاه مع صراخهما الذي يصم الآذان "إييييييك"

حمل ركلتاهما قوة قدرتهما و أرسلتا باسل محلقا لمئات الأمتار، لاحقه الأقدم الكبير بعربته بسرعة و وجه نحوه الرماح و السيوف صارخا "فلتمت أيها الصعلوك"

ووش ووش

دافع باسل بكل ما يملك، أصيب بعدة جروح إضافة لجراحه التي تسببها الطاقة الخارجية و مع ذلك استمر في استخدام عنصر التعزيز بجنون، شحذ طاقته إلى أوجها بكل ما يملك و لوح نحو الأقدم الكبير فالتشر مكونا عدة موجات من عنصر التعزيز و عنصر النار

قام الأقدم الكبير بتلويح بسيفه عدة مرات مكونا عدة عواصف، لكنه يعلم أنها لن تعمل، لذا تحكم في قدرة وحشيه و كون عدة حواجز مرة تلو الأخرى حتى استطاع قتل قوة تلك الطاقة التي استهدفته

وصلت المعركة لقمتها و كذلك قوة الطرفين، كلاهما بدأ يبلغ حده، توقف الأقدم الكبير عن استخدام قوة الوحشين، لم يعد بإمكانه استخدامها أكثر، فكل ما كان بإمكانه فعله للآن هو المحافظة على وجودهما

أما باسل فكان جسده محطما، لقد صبر و تحمل كثيرا، لكنه لم يعد يستطيع الاستمرار بنفس المردودية التي كان يعطيها قبلا، أصبح مرهقا كثيرا و غير قادر على استخدام طاقته بشكل صحيح

كذلك الأقدم الكبير، أرهق كثيرا و لم يتوقع أن باسل سيستمر في مواجهته بمساواة هكذا، و كخيار أخير أخرج كنزا و ابتسم ثم قال بداخله "إن لم تمت بالطريقة العادية، فليس هناك خيار آخر سوى تدمير بحر روحك"


كان الكنز الذي أخرجه عبارة كرة صغيرة زرقاء يحيط بها خطوط عريضة أكثر زرقة تشبه الأفاعي، بداخلها توهجت طاقة تشبه الخاصة بأحجار الأصل، طاقة بلون أزرق فاتح، لكن هذه الطاقة لم تكن هادئة كالخاصة بأحجار الأصل، و على العكس كانت تتكهرب و تبدو كما لو أنها ستنفجر في أي لحظة

حدق الأقدم الكبير في تلك الكرة و تكلم بداخله "قد يكون خسارة إضاعة مثل هذا الكنز على مثل هذا الصعلوك، لكن لا يوجد خيار آخر"

شحذ الأقدم الكبير طاقته و حلق نحو باسل، هذا الأخير استعد له و شحذ طاقته كذلك، لقد وصل لحدود حدوده بالفعل، كل ما يحركه الآن هو إرادته، يجب عليه التحمل لوقت أطول قليلا فقط و إنهاء كل شيء في هذه الهجمة

توغلت الطاقة الخارجية لجسد باسل بسرعة كبيرة مدمرة إياه، مما دل على الكمية التي بدأ باسل يستهلكها من طاقة عنصر التعزيز، إنه عازم على تنفيذ هجمة أخيرة

أصبح اللهبين على شكل سيفين أكثر إشراقا، و الضوء الأزرق المحيط بهما أصبح عريضا و بدأ يصبح أكثر سمكا كلما شحذ باسل طاقته

و في النهاية أصبح اللهبين محاطين بطاقة زرقاء بنفس حجمهما مما جعلهما يبدوان كسيفين ضخمين بطبقتين مختلفتين، وضع باسل كل ما يملك من طاقة بهما

صفق الأقدم الكبير بيديه و صرخ بينما يستجمع آخر قطرات طاقته ثم كون ثلاث أعاصير مرة واحدة، كانوا كبارا كفاية لتحريك الساحة بأكملها معهم، بإشارة منه وجههم نحو باسل

حُوصر باسل من جميع الجهات بالأعاصير، فاستجمع كل ما امتلك من قوة و لوح بسيفه نحو الأقدم الكبير


بووووووم

انفجرت الأعاصير مرة واحدة و ثُقِب الهواء نفسه من شدة الضغط حتى وصلت طاقة اللهبين على شكل سيفين بسبب الامتداد الكلي للأقدم الكبير الذي دافع عن نفسه بشدة، و بينما يدافع لوح بسيفه تجاه باسل الذي لم يعد يقوى على الدفاع عن نفسه

مزق الامتداد الكلي الخاص بباسل الأقدم الكبير، ثم انطلقت موجة من الرياح نحو باسل الذي دافع بسيفيه مع أنه لم يكن لديه قدرة تحمل كافية للدفاع بها

قعطت الرياح من خلاله، ثم من حيث لا يدري، ظهر بالرياح تلك الكرة الزرقاء، و عندما شاهدها باسل، شحُب وجهه كثيرا و تكلم بصوت مرتفع من شدة الصدمة "كرة الروح الهائجة؟"

لمست الكرة جسد باسل و تحولت لضوء ثم اخترقت جسده مرورا لبحر روحه

عندها، ضحك الأقدم الكبير بينما يدافع في آخر لحظاته "تأكدت نهايتك أيها الغر الصغي..." و لم يكمل كلامه حتى سالت منه الدماء كالشلال فصرخ بشكل مزري "غااااااه"

تحرك وحشي الفتخاء فاستخدما عنصر الرياح الخاص بهما و دمجاه بقدرتهما مما جعل سرعتهما كبيرة جدا و وصلا في لحظة تحت الأقدم الكبير و حملاه بالعربة

بمجرد ما أن دخلت الكرة التي تحولت لضوء إلى بحر روح باسل حتى صرخ هذا الأخير بشكل مزري "آآآآآه"


لم يصرخ هكذا من قبل، اهتاجت طاقته و لم تعد مستقرة بعد الآن، بحر روحه كان يتزلزل بشدة و أوشك على الانكسار كليا. الأقدم الكبير الذي كان يشاهد هذا الأمر ضحك بينما كانت حالته مثل حالة النصف ميت

توقف الجميع عن أيّ كانوا يفعلونه و ركزوا على مشاهدة باسل، صرخت أنمار بشدة "باااسل" و كذلك فعل الكبير أكاغي و البقية الذين كانت حالتهم مزرية بعد قتالهم للأقدم الكبير، لم يسع تورتش و بقية قادة التشكيل سوى التحسر في مكانهم

بينما تسيل منه الدماء بغزارة، ضحك الأقدم الكبير بجنون "كياهاهاها" ثم تكلم "كازيمارو، شاهين، فلنتحرك، سيكون هناك انكسار بحر روح كبير"

أسرع شاهين و كازيمارو بالتحرك و انطلقا نحو العربة ثم ركباها، تحدث الأقدم الكبير آمرا الوحشين "تحركا"

أنشأ الوحشين الطريق الغير مرئي و حلقا في السماء مبتعدين، استمرت طاقة باسل في الهيجان، لكن في لحظة

ووووووش

هدأت طاقة باسل تماما، كما لو أنه لم يحدث أي شيء، فتح الثلاثة الذين يركبون العربة أفواههم من شدة الصدمة، خرجت كلمة واحدة من فم كازيمارو "مستحي..." لكن هذه الكلمة لم تكتمل حتى طار رأسه من مكانه، طاقة ملكية امتدت من جهة باسل و تشكلت كـيد ضخمة كافية لحمل سبعة أشخاص مرة واحدة ثم قطعت رأس كازيمارو مع صوت سسسسش ثم اختفت اليد التي جلبت معها أحكام ملكية و بدا كما لو أنها يد ملكية يمكنها أن تهيمن على كل شيء

لم يعرف أي شخص ما حدث، باسل لا زال بعيدا عنهم، إنه يقف في السماء من دون أن يتحرك سنتمتر واحد، لكن الشيء الذي تغير به، كانت تلك الطاقة الملكية النقية للغاية التي التفت بجسده، و القطعة الأرضية الصغيرة التي ظهرت أسفل قدميه كما لو أنها تحمله، في ذلك الحضور، لم يستطع أي شخص الوقوف على قدمه بشكل صحيح و فشلت أركبهم فجثوا على الأرض

فقد الأقدم الكبير و شاهين ألوانهما، صرخ الأقدم الكبير بعدما شاهد رأس كازيمارو يطير من مكانه "انطلقااا" صرخ بجنون، لا يعرف ما الذي حدث بالضبط، لكن كرة الروح الهائجة لم تنفع، لماذا ! ؟ هذا الفتى استمر في القيام بالعجائب حتى النهاية، تحرك وحشي الفتخاء بسرعة كبيرة هاربين

لكن من دون أن يلاحظ أحد حتى كان باسل أمام وحشي الفتخاء، ظهر كما لو أنه انتقل آنيا، لكن الحقيقة هي أنه تنقل بسرعة ضوئية جعلت من سرعة العربة التي يقودها وحشي الفتخاء اللذان كانا يطيران بسرعة تصل لآلاف الأميال في الساعة تبدو بطيئة، توهجت عيني باسل بضوء أبيض لامع، سيفيه الأثريين قد سقطا منه بالفعل أثناء هيجان طاقته، فرفع ذراعه للسماء

قبل أن ينزل بذراعه، توهجت القطعة الأرضية و صعدت الطاقة مع جسم باسل و توجهت لذراعه اليمنى التي رفعها و عندها نزل بها للأسفل مع صوت زباااام ظهرت طاقة ملكية حملت معها عنصري التعزيز و النار معا و دمجتهما ثم عدلتهما ليصبحا طاقة أنقى، امتدت الطاقة الملكية من يد باسل و نزلت على العربة في لحظة، تخطت الطاقة الملكية الوحشين وصولا للأقدم الكبير ثم قطعته لنصفين قبل أن يدري، ثم قطعت بقايا جسده لأجزاء صغيرة جدا حتى أصبحت جثته كالرمال

اختفى الوحشين كما لو أنهما تبخرا بموت سيدهما، فنزلت العربة من السماء بينما يحاول شاهين إيجاد طريقة لإنقاذ نفسه من السقوط من هذا الارتفاع الشاهق و من هذا الوحش المرعب

عندها، خمدت طاقة باسل و اختفت القطعة الأرضية الصغيرة من تحت قدميه ثم سقط من السماء هو الآخر متوجها نحو الأرض

بلع الجميع ريقهم و استعادوا أنفسهم التي هربت مع اصطحابها للروح معها من شدة الارتعاد من تلك الطاقة الملكية التي طغت على كل شيء

بعدما هدأت تلك الطاقة التي أطلقها باسل على حين غرة، تنفس الجميع الصعداء أخيرا بعد أن كانوا يشعرون بالاختناق من ذلك الوجود الذي أصبح عليه باسل سابقا، في مثل ذلك الحضور لم يكن بإمكانهم التحرك لإنش واحد

رأوا تلك القوة العظيمة التي أظهرها باسل، لقد محى الاثنين القويين من الأعداء بتلك السرعة الخيالية، أنْهاهُم كما لو أنهم حشرة، قطع رأس ذلك الكازيمارو الذي وجد الجنرال رعد و الإمبراطور غلاديوس بمعاونيه صعوبة بالغة في مواجهته في لحظة كما لو أنه لا شيء تماما

ثم بعدها تحرك بسرعة خيالية و استخدم قوة مهيمنة حولت ذلك الأقدم الكبير لرمال، لم يترك منه لحما و لا عظما، كلهم جربوا قوة ذلك الأقدم الكبير و شاهدوها بأعينهم، لكنه قتل بمثل هذه الطريقة التي لا يتمناها أي أحد، لم يبقى من جثته أي شيء

هذا الأمر جعل الجميع يفرحون، لكنهم في نفس الوقت أحسوا بالرعب الشديد من ذلك الفتى الصغير، لا، هل يجب حتى مناداته بفتى بعد ما شاهدوه يفعل؟ ذلك ليس من عمل البشر، لا يمكن لذلك الفتى أن يكون فتى، إنه وجود غير طبيعي

شعر الجميع بغرابة كبيرة

بينما يتساقط باسل من السماء، كان شاهين في مثل حالته تقريبا، الفرق الوحيد هو أن باسل غائب عن الوعي، أما شاهين فلا زال واعيا بالكامل، لا زال واعيا كفاية ليدرك أن عليه التخلص من هذا الوحش الصغير قبل أن ينمو أكثر مما هو عليه

لا يمكنه استخدام سحر الرياح بحرية كبيرة و يتحكم فيه بشكل جيد حتى يكون باستطاعته الطيران في السماء بأريحية بواسطته مثل الأقدم الكبير، لكنه مع ذلك لا زال بإمكانه استخدامه لخلق قوة دفع كما فعل باسل عن طريق العاصفة النارية التي كان يكونها لترفعه للسماء، لا يمكنه التحكم في السحر مثل باسل و تكوين مثل تلك العاصفة و التحكم فيها باستمرار لمدة طويلة، لكنه بإمكانه استخدام قوة الرياح لتدفعه بقوة كافية ليصل لباسل

تذكر مقتل كازيمارو و الأقدم الكبير و أصبحت عينيه حمراوين، لن يسمح لهذا الغر أن يهرب أبدا، كازيمارو كان مثل أخيه، فهما كبرا معا، أما الأقدم الكبير، فكان أخاه الأكبر، لقد قتل هذا الوحش الصغير أخويه الاثنين مرة واحدة أمام عينيه، فكيف له أن يضيع مثل هذه الفرصة المواتية بعد أن ظهرت


شحذ طاقته السحرية بسرعة و بدأ يكون رياحا وراءه، مر وقت طويل منذ أن تم إزالة أصفاد السحر عن يديه، لذا قوته رجعت لحالتها الطبيعية، خصوصا بعد تحفيزها بالقتال ضد تورتش، استل سيفه و شحن به طاقته باستمرار، لقد شرب قبل مدة ليست بطويلة إكسير التعزيز، بحر روحه لا يزال غير مستقر لكي يغامر بشرب إكسير تعزيز آخر ليكون قادرا على استخدام سيفه الأثري من الدرجة الثانية، لكنه لا يحتاج لذلك، فسيفه السحري من المستوى الخامس لوحده كاف ليقتل ذلك الوحش الصغير النائم

بعد بلوغ طاقته السحرية أوجها، انكمش في مكانه - بينما يتساقط من السماء - بتقريب ركبتيه لذقنه، ثم ركز سحر الرياح الذي شحذه سابقا و فجره مرة واحدة

باام

انفجر الضغط مرة واحدة ثم انطلق بعد إطلاقه لصوت كقنبلة صوتية، كان سرعته كبيرة جدا، لم تصل لسرعة الأقدم الكبير عندما يطير باستخدامه سحر الرياح، لكن مع ذلك سرعته كانت كافية ليصل لباسل و يخترقه بسيفه السحري المشحون بالطاقة السحرية في كامل قوته، ضربة من هذا السيف في حالة باسل الحالية، ستكون موتا مؤكدا بلا شك، جسد باسل كله مهشم من جميع النواحي، مجرد ساحر من المستوى الأول سيكون قادرا على قتله في الوقت الحالي

"فلتمت أيها الوغد، الدم بالدم، بعد قتلك سأحرص على الرجوع إلى هنا و قتل تلك اللقيطة الصغيرة التي تهتم بها، و أبحث عن عائلتك ثم أمحوها من الوجود، سوف أقتل كل من تعتز به و أجعل كل شيء بَنيته يوما غير موجود" صرخ شاهين بينما يقترب من باسل موجها سيفه على شكل أفقي مخترقا الهواء بسرعته الكبيرة

ضمن شاهين قتله لباسل و ارتاح قليلا، ثم بدأ يفكر في طريقة للهرب بعد أن يقتل هذا الوحش الصغير النائم، لكن في هذه اللحظة

زززشش

مر من جانبه صعق برقي كاد أن يشويه تماما، راوغه في آخر لحظة عن طريق تحريف مساره الشخصي بانفجار من الرياح، لو أنه قد أصيب بهذا الهجوم لمات من دون شك، التف ليجد الجنرال رعد يشحذ طاقته من أجل الهجوم مرة أخرى

عندها عرف أنه يجب عليه الإسراع أكثر مما هو عليه، انطلق مع صوت باااام ينفجر من وراءه بسبب الرياح و لم يبقى بينه و بين باسل سوى أمتار قليلة

ابتسم و أرجع سيفه للخلف مستعدا للطعن، صرخ من شدة غضبه "مت أيها الوحش الصغير"


تشششششش

قطع شاهين من خلال باسل الذي انقسم لاثنين و انتشرت دماؤه في السماء بغزارة............... يتبع!!!!!!!!!


(الجزء الثاني)


فأحس شاهين بشعور لا يوصف من السعادة و السرور، لقد انتقم لأخويه، لذا فقد نفذ واجبه تجاههما، و الآن عليه الهرب بسرعة من هذا

لكنه أدرك شيئا ما في آخر اللحظات، لقد كان قتل ذلك الوحش الصغير سهلا للغاية بالنسبة للحالة التي هو فيها، لماذا لم يتحرك أي أحد آخر غير الجنرال رعد؟ لو أنهم فعلوا لما كان بإمكانه النجاح في مهمته و سيضطر للتركيز على الهرب بكل ما يملك متخليا عن فكرة الانتقام للوقت الحالي

عندها تذكر أمرا و شحُب وجهه كثيرا، كيف لهم أن لا يتحركوا؟ لن يفعلوا إلا إن كان لهم هدف وراء ذلك، و في لحظة، وجد شاهين نفسه محاصر من جميع الجهات

مع أنهم كانوا بالأرض و هو لا يزال بالسماء محلقا بسبب قوة الدفع الكبيرة، إلى أنه لا يمكنه البقاء في السماء لكل هذا الوقت، و الأكثر من ذلك، لا يمكنه مراوغة كل هؤلاء الشخصيات العظيمة مرة واحدة

من جميع الجهات أحاط به الإمبراطور غلاديوس من الأمام، و مساعديه من اليسار و الإمبراطور شيرو من اليمين، و بالخلف يوجد الجنرال رعد و البقية

"همم..." استغرب شاهين ثم لاحظ أن الجنرال رعد الذي كان يشحذ طاقته السحرية غير موجود، بحث في كل مكان، أين ذهب؟ اللعنة عليه، أين اختفى؟

في هذه اللحظات التي كان محاصرا بها و لا يعرف ما الذي يحدث هنا؟ تكلمت أنمار "ألا زلت لا تعرف ما يحدث؟ سأنيرك لجعلك تغرق في ظلام أكبر"

لوحت بسيفها الأثري من الدرجة الثالثة ثم بدا كما لو أنها قد اخترقت الفضاء نفسه و قطعته، كما لو أنها قد شوهت الفضاء، لكن مع انتهاء تلويحها حتى ظهرت الصورة الحقيقية، باسل الذي كان مقطوعا لنصفين اختفى، و الجنرال رعد الذي اختفى من أمام عينيه كان يحمل باسل في الأسفل

تكلمت أنمار "هل تعتقد أن حثالة مثلك يمكنه إيذاء رجلي؟ ذلك لن يحدث سوى في أحلامك أو في أوهامي التي أمتعك بها قبل أن أجعلك تدرك الحقيقة القاسية"

عبس شاهين و لاحظ أن سرعته في السماء قد قلت كثيرا حتى أن قوة الدفع من السابق لم تعد كافية للإبقاء عليه محلقا و بدأ يسقط من السماء، لكن ليس هناك ما يفعل، أمامه الموت و خلفه ابن عمه، سواء أ قام بدفع نفسه للأمام أو ترك نفسه يسقط للأسفل أو تراجع، لا يهم ما يفعله، سوف يكون مصيره نفس مصير أخويه

لقد حوصر من جميع الجهات تماما، في هذه المرحلة ضحك الإمبراطور غلاديوس "أنا لا زلت أتعجب حتى النهاية"

قبل قليل من الوقت، عندما بدأ باسل و شاهين يسقطان من السماء، تكلم الإمبراطور غلاديوس بسرعة "هذا سيء، الفتى سيكون في خطر، يجب علينا إنقاذه"

عندها ظهرت أنمار و أوقفته قائلة "لا، لا تفعل، سأريد من باسل أن يلعب دور الفريسة لقليل من الوقت"

تكلم الإمبراطور غلاديوس "ها؟ هل تعلمين ما تقولين يا فتاة؟ الفتى سيموت إن انتظرنا أكثر"

تدخل الجنرال رعد "ما الذي يدور في خلدك؟"

"حسنا، أريد منكما..." أعطتهم أنمار تعليمات الخطة بكل سرعة

بالعودة للحاضر

تكلم الجنرال رعد الذي يحمل باسل "لقد خُدِعت يا رجل من طرف الفتاة الشقراء"

"همم...؟" عبس شاهين، فهم ما حدث أخيرا، كل تحرك حتى الآن كان من مخطط تلك اللقيطة، عض على شفتيه حتى سال الدم منهما

حتى هجوم الجنرال رعد سابقا كان من الخطة، أولا، تركوه يعتقد أن بإمكانه حقا قتل باسل، ثم عندما يقترب من فعلها، هاجمه الجنرال رعد باستماتة، أو بدا كما لو أنه كان مستميتا، ففي الحقيقة كان ذلك مجرد فعل لصرف انتباهه للحظات، في تلك اللحظة، تفعّلت خدعة أنمار، تلك اللحظات القليلة كانت كافية لتخلق وهما على مدى واسع كهذا، و بما أن شاهين مجرد ساحر في المستوى الخامس، فلا يمكنه الكشف من خلال وهمها إلا بعد مرور مدة طويلة


لذا عندما راوغ هجوم الجنرال رعد، و رأى أنه قد اقترب من باسل، ارتاح و اعتقد أنه نجح، و بالنسبة له، فقد فعل، لكن حتى تصرفه هذا كان متوقعا، سابقا قالت أنمار للإمبراطور أنها ستجعل من باسل 'الفريسة'، لكن حتى أنمار لن تقوم أبدا بمثل هذا الشيء في حق باسل، و ما قصدته فعلا، هو وهم يكون باسل فيه هو الفريسة

و كل هذا من أجل شيء واحد، كل هذا التخطيط من أجل محاصرة شاهين، فأثناء انشغاله بقتل باسل الوهمي، أثناء ذلك، تحرك الإمبراطورين و الاثنين الآخرين ثم أغلقوا طريق هروبه

أما الجنرال رعد الذي شحذ طاقته مرة أخرى ليهاجمه بعد أن هاجمه في المرة الأولى، فقد كانت تلك خدعة فقط، ففي الحقيقة هو كان يشحذ طاقته من أجل الانطلاق بسرعة و إمساك باسل الذي سيكون قريبا من الاصطدام بالأرض

في النهاية، كان يلعب في راحة يد أنمار، و قامت بجعله يتحرك على هواها و كيفما شاءت، قامت بهذه المسرحية كلها حتى تضمن القبض على شاهين، لو أنها سمحت للإمبراطور غلاديوس و البقية بالدفاع عن باسل، للاحظ شاهين عدم امتلاكه أي فرصة و ركز على الهروب بكل ما يملك، قد يكون بإمكانهم إمساكه عبر اللحاق به، لكن أنمار لا تريد أخذ مثل هذه المراهنة، امتلاك الأقدم الكبير 'كرة الروح الهائجة' جعلها حذرة أكثر مما تكون عليه بكثير

تكلمت أنمار بعبوس "لقد كان أصدقاؤك السبب في معاناة باسل، لا تظن أنك ستهرب من دون الإفصاح عن بعض المعلومات"

حوصر شاهين تماما، و احمرت عينيه ناحية أنمار و لعن كثيرا، فجر الرياح ثم انطلق متوجها نحوها "أنت السبب أيتها الغرة اللقيطة، سأقتلك أنت على الأقل لأترك ذلك الوحش الصغير يتعذب، لن أخرج فارغ اليدين"

توجه نحوها بسرعة كبيرة، أراد الإمبراطور غلاديوس أن يتحرك فرفع الجنرال رعد يده موقفا إياه. اقترب شاهين من أنمار و صرخ بينما يندفع بكل طاقته

أوووووه

اجتمعت حوله الرياح و وضع سيفه أفقيا في المقدمة أصبح كسهم بشري خارق

بووووم


اخترق أنمار، أو هذا ما اعتقده، و في لحظة وجد نفسه مخترقا الأرض، و أنمار الحقيقية كانت خلفه رافعة سيفها بالسماء مستعدة للنزول به

تكلم الجنرال رعد بداخله "كما هو متوقع من شريكة الفتى القرمزي"

ظهرت نظرات الرعب على وجه شاهين بعد أن علم الحقيقة، في النهاية، اكتشف أنه خدع حتى النهاية

خداع أنمار لم يتوقف عند النقطة التي حوصر فيها، و المقصد الكامل من هذه الخدعة هو الوصول لهذه المرحلة، عرف بأن تلك الأنمار التي كانت تكلمه كانت نفسها مجرد وهم آخر كان يستفزه ليتحرك كما يريد منه أن يفعل، و أنمار الحقيقية كانت مختفية عن أنظاره تنتظره ليبتلع الطعم للمرة الثانية

لم يتحرك في راحة يدها فقط، بل جعلته يتحرك في منطقة محدودة من راحة يدها، مما جعله أكثر توقعا في تحركاته بالنسبة لها

زبااااام

نزلت على قدميه قاطعة إياهما

صرخ شاهين بجنون من الآلام، شاهد قدميه أمامه، فقط في هذه اللحظة، تمنى لو أنه لا يزال يُخادع من طرف هذه الفتاة، لكن للأسف، هذه المرة كان كل شيء حقيقي، انتشرت دماؤه في كل مكان و نزف بشكل غير متوقف حتى غاب عن الوعي

تكلمت أنمار بينما تحدق به باحتقار "فليوقف أحدكم نزيفه، لا يزال باسل في حاجة إليه" و بعد انتهاءها اتجهت نحو الجنرال رعد الذي أنزل باسل للأرض

تحرك بعض الجنود، و كان من بينهم 'هيل' الذي قام تقريبا بكل العمل، استخدم سحره ليعالج شاهين مؤقتا لإيقاف النزيف و إبقائه على قيد الحياة للآن

دو، دو، دو، دو

أصوات تقترب و ترتفع حدتها مع الوقت، اتخذ الجنود ذوي المستوى الضعيف احتياطهم، لكن الجنرال رعد تكلم "لا تقلقوا، إنها مجرد قوات كان يفترض بها تعزيز صفوفنا"

يترأس هذه القوات رئيسي عائلتي 'آو' و 'كيِرو'، 'آو لان' و 'كيِرو هوانغ'، بعد وصولهما صدما بعد معرفتهما بما حدث، مثل هذا الشيء معقول؟ فكروا في أنهم محظوظين لكونهم كانوا بعيدين، فلو أنهم كانوا هنا، من كان ليضمن نجاتهم؟

في هذه الليلة شهد جميع الشخصيات العظيمة التي قدر لها أن تكون هنا قوة جديدة، قوة ستغير هذا العالم، لن يطول الأمر حتى يصبح سحرة المستوى السابع شيئا من الماضي، سحرة المستوى السابع الذين مُجدوا كأقوى وجود في هذا العالم سوف يتكاثرون بسرعة خيالية، عندها، الألقاب ستتغير، الجنرال لن يكون ساحرا بالمستوى السادس بعد الآن، و كذلك الحال مع بقية الألقاب الحربية و النبيلة

وضعت أنمار باسل على فخذيها و تحسرت لرؤيته لا يزال يعاني، بحر روحه تعرض لــ'كرة الروح الهائجة'، حذرهم معلمهم منها مرارا و تكرارا، فهي شيء سيجعل من الساحر في خبر كان، لسبب ما، كان باسل قادرا على تجاوز محنتها، لكن بحر روحه غير مستقر الآن بتاتا، و يبدو كما لو أنه في حالة اهتياج مما جعل عنصريه الاثنين كذلك


جسده محطم تماما، بحر روحه مرهق لدرجة لا توصف، إنه يتعذب بواحد من أقسى أشكال التعذيب التي يمكن أن يتعرض لها الساحر، لكن و مع ذلك، لم تدمع عيني أنمار، عينيها شملت كل التعبيرات الحزينة التي يمكن أن تظهر على الشخص، لكنها لم تترك دمعة واحدة تهرب من جفنيها، و استمرت في تمرير يدها على رأس باسل بحنان، هذا المنظر جعلهما في صورة خلابة جدا

و مع بزوغ الفجر، امتدت أنظار الجميع للسماء، فإذا بأشعة الجرم السماوي ترمى عليهم مانحة إياهم شعورا لا يوصف بالدفء، معلنة بذلك عن نهاية ليل طويل كان سببا في برودة قلوبهم

في تلك اللحظة، لم يستطع أي شخص منع نفسه من التفكير في المنظر الذي شاهدوه، ذلك المشهد الذي جعل قلوبهم تُسلب من شدة جماله، كلهم حدقوا في جهة باسل و أنمار، و ببساطة، غمرتهم المشاعر، هذان الطفلان، في هذه اللحظة، لم يكونا سوى مجرد فتاة و فتى، لا أقل و لا أكثر

بعد كل ما شهدوه منهما، بعد كل ما شعروا به أثناء المعركة من خوف و رعب منهما، كل ذلك قد ذهب مع انبثاق الضوء الذي أعلن عن دخول يوم جديد، و الذي انسل من بين السحب متوجها نحو مكان واحد، نحو أنمار التي بدت كـملاك أتى للاعتناء ببطل من البشر جعلها تعرف ماهية المشاعر

في تلك اللحظة، كل شخص موجود ركز نظره عليهما، أنمار التي تمرر يدها بحنان، و باسل الذي يتعذب، كم كان هذا المنظر عاطفيا يا ترى؟

اقترب منهما شخص ما و تكلم "أيها السيدة الصغيرة، ما الذي سيحدث للسيد الصغير الآن؟" كان صاحب الصوت التاجر ناصر

التاجر ناصر قاتل مع الكبير أكاغي بكل ما يملك، لكن أحكم قبضته و لعن نفسه لعدم امتلاكه القوة الكافية، لم يستطع في النهاية المساعدة بأي شيء مفيد، بشعور كهذا، تقدم نحو أنمار ليسألها عن حالة باسل

بعينيها الزرقاوين، التي تجعلك تظن أنك تحدق في السماء الواسعة، و تجرك معها بعيدا، تجعلك تنغمس في أفكارك عميقا، حدقت في التاجر ناصر، و ببطء غيرت مسار نظرها لباسل و لم تتكلم

عرف التاجر ناصر ما المقصد من هذا الفعل، لو أنها عرفت لسارعت بكل ما تملك في البدء بعلاج باسل، لكنها لم تفعل، أحس التاجر ناصر بالعجز أكثر و أكثر، و وقف متجمدا في مكانه بينما يحدق في باسل لوقت غير معروف


أتى العديد من الأشخاص و أحاطوا بأنمار و باسل، الكبير أكاغي، الجنرال منصف، جميع القادة الذين شاركوا في هذه الحرب، وقف الرئيس 'آو لان'، الرئيس 'كيِرو هوانغ' و الرئيسة 'موراساكي فايوليت' بعيدا عنهم، شعروا أنهم لا ينتمون لذلك المكان

تكلم الجنرال رعد بعد مدة من الصمت الطويل "أيتها الفتاة الشقراء، للوقت الحالي، فلنذهب به لمكان مريح للاعتناء به"

حدقت أنمار به، و مع موافقتها، تحرك قادة التشكيل و حملوا سيدهم بحرص شديد، ثم اتجهوا به لعربة

كنهاية للحرب التي بدت كما لو أنها طويلة مع أنها لم تأخذ سوى بضعة أيام، تنفس الجميع الصعداء و تحدث الكبير أكاغي صارخا

[في هذه الحرب كلنا شاهدنا العجائب و الغرائب، لكن كل ذلك قد انتهى، و من الآن فصاعدا سنجعل من عالمنا مكانا أفضل، مكانا آمنا لعائلاتنا، أنا، كريمزون أكاغي، أعلن عن عودة 'إمبراطورية الشعلة القرمزية'، و كإمبراطور لها، سأحرص على بث الطمأنينة و السكينة في قلوب ساكنيها، أما الآن، النصر لنا في هذه الحرب]

رفع يده و صرخ [هووااااه]

و كذلك تبعه الجنود بحماس [هوواااااااه]

توجه القادة الكبار و الإمبراطورين مع الكبير أكاغي في المقدمة نحو القاعة الرئيسية

فور دخولها حتى أحس الكبير أكاغي بقلبه سينفجر، يا لها من سعادة شعر بها، خمسين عاما لم تكن سهلة على الإطلاق، كلها كانت معاناة و عدم قدرة على أخذ الثأر من العدو الذي وجب عليه طاعته

اتجه نحو عرش الإمبراطور و حدق به، غمرته المشاعر، و من دو أن ينطق بكلمة واحدة، جلس عليه فقط مع دموع تسقط من جفنيه ببطء كما لو أنها تسحب معها كل الآلام التي عاناها طوال هذه السنين


____

بعد مرور بعض الأيام

"متى سنقيم الاجتماع؟" تحدث الرئيس تشارلي

أجاب الكبير أكاغي الذي كان يجلس على عرش الإمبراطور "يا صديق والدي، نحن لن نقوم بأي تحرك و لن نقوم بأي اجتماع حاليا"

تنهد الرئيس تشارلي و قال "أنا أعلم أنك تريد انتظار الفتى باسل حتى يستيقظ، لكننا لا يمكننا إطالة انتظار الإمبراطورين بسبب هذا الأمر"

"اعذرني" تأسف الكبير أكاغي و تحدث بنبرة جدية "أنا لا أنتظر حليفنا باسل بسبب عاطفتي فقط، لكنه يجب أن يحضر هذا الاجتماع مهما حصل، فكما رأينا في الحرب، فهو بدا كما لو أنه يعرف من حلف ظل الشيطان الذي تحدث عنه ذلك الأقدم الكبير، حتى لو أقمنا اجتماعا، فلن نصل لنتيجة مرضية به، و سيتحول لاجتماع يتمحور حول الإكسيرات و الأدوات التي ظهرت مؤخرا، أنا أريد جعل من هذا شيئا ثانويا بجانب الموضوع الرئيسي الذي هو كيفية تعاملنا مع هذه القوة الغير معروفة التي ظهرت في عالمنا"

تنهد الرئيس تشارلي مرة أخرى و قال "لديك وجهة نظر، حسنا فلننتظر، لكن، ألم يمر حوالي عشرة أيام حتى الآن و لا زال الفتى باسل في نفس حالته؟"

عبس الكبير أكاغي و تحسر على هذا الأمر

في هذه الأيام، نُقِل باسل للمنزل الذي اشتراه بناء على طلب أنمار، هذه الأخيرة اعتنت به كل هذه الفترة من دون كلل أو ملل، حتى أنها لم تنم و أخذتها بضع غفوات فقط، لكنها كانت مستيقظة تماما، لم يكن بإمكانها النوم أبدا بينما باسل لا زال يتعذب في حالته تلك، جسمه بدأ يتماثل للشفاء، لكن سرعة شفاءه كانت بطيئة، لقد كان ذلك آثار أخذه لإكسيري علاج مرة واحدة، لكن هذا سبب واحد من عدة أسباب


دعت أنمار بكل ما استطاعت، و لسبب ما، لم يكن بإمكانها التواصل مع معلمها عبر خاتم التخاطر مهما حاولت، مما زاد حسرتها و جعل خوفها على باسل أكبر مع كل ثانية تمر، وجه باسل كان شاحبا كثيرا كوجه الميت، رؤيته في مثل هذه الحالة جعل أنمار تشحب مثله من القلق عليه

مرة كل فترة يأتي قادة التشكيل و التاجر ناصر، الجنرال منصف، العديد من الأشخاص قد أتوا، كل من لهم علاقة قريبة بباسل أتوا لزيارته، لكنهم كلهم يذهبون، و في النهاية تبقى أنمار لوحدها بينما تصنع جميع أنواع الأعشاب و الأدوية التي تعلمتها لتحسين حالة باسل

لكن مع ذلك، حالته لا زالت سيئة كما هي من دون أن تتغير و لو بقليل

في هذه الأثناء

في مكان لا يريد بشر هذا العالم الاقتراب منه أبدا، مكان يعرف بأكبر منطقة محظورة في العالم، مكان منعزل تماما جعلته الوحوش السحرية عالما خاصا بها، كان هناك عجوز بمثل هذا المكان

هذا المكان الذي عرف على مر الأزمان كــ'قارة الأصل و النهاية'

شملت قارة الأصل و النهاية كل أنواع الوحوش السحرية، من أضعفها لأقواها، ترسَل بعثات لهذه القارة مرة كل سنوات من جميع القوات في العالم لتحصيل بعض الكنوز، خلالها، يكون القتال فيما بينهم حول من يستطيع جني الأرباح أكثر من هذه الرحلة

لو أن قوة ما قامت بالتحرك نحو هذه القارة، فلن تبقى القوات الأخرى ساكنة في مكانها، و سوف يشدون الرحال أيضا لذلك المكان الذي يشاع عليه امتلاؤه بالعجائب و الغرائب، يقال أن هناك أشياء ليست من هذا العالم، أشياء تجعل لعاب كل الوجود في هذا العالم يسيل، لذا دائما ما تكون هناك منافسة قاسية على الكنوز

خلال هذه الخمسة عشر سنة الماضية، لم يقم أي أحد بالذهاب لقارة الأصل و النهاية

لكن في هذه اللحظة، كان هناك عجوز يقف في أعمق جزء من هذه القارة، وقف فقط و حدق في التماثيل الهائلة التي اتخذت شكل محاربين أشداء، هذه التماثيل بدت كما لو أنها حية، فقط بجمودها هناك، كانت كافية لإبعاد أي ساحر من شدة هيبتها، عددها وصل للمائة، بالمنطقة المحيطة، بغرابة، لم يكن هناك أي وحش سحري، و كانت الجبال تحيط بالمكان و الأنهار التي تمر من بينها بينما تنتج شلالات بسقوطها، و أشجار الغابات تتحرك بنسيم الرياح، كان المكان هادئا بشكل مخيف جدا

كان هذا الرجل العجوز هو إدريس الحكيم. لقد زار جميع العوالم الرئيسية و اخترق الكثير من العوالم الثانوية، اكتسب الحكمة السيادية، استطاع فهم جميع أنواع النقوش و المخطوطات القديمة، ليس هناك كتاب لم يقرأه، يمكنك القول أنه كان الشخص الأكثر اكتسابا للمعرفة في شتى العوالم كلها، و لم يكن هناك أي شخص يستطيع القول 'أعرف' في حضوره، عندما كان يتكلم، كان يجب على الجميع الإنصات إليه، لا يمكن لأي شخص اكتساب الحكمة السيادية، فقط واحد في كل آلاف السنين من يبارك بهذه الهدية

إدريس الحكيم، لُقب من الناس بهذا الاسم و انتشر هذا الأخير في جميع بقاع العوالم الروحية، و كل من سمع اسمه، وجب عليه إحناء رأسه احتراما له


لكن إدريس الحكيم بنفسه كان يقف أمام هذه التماثيل و عبس بشدة كبيرة كما لو أنه يجد صعوبة ما في شيء ما ثم تكلم "لم أكن أظن في يوم من الأيام أن العالم الوهن سيكون به عالم ثانوي تحكمه نية سامية مثل هذه، أن لا أستطيع أنا بحكمتي و معرفتي فك هذه المصفوفة، ماهيتها؟ و ماهية صانعها؟ أنا هنا إلى أن أكتشف هذا الأمر"

أمضى إدريس الحكيم أياما عديدة في دراسة هذه التماثيل التي تمثل المصفوفة نفسها، و بعد مدة غير معروفة من الوقت، أخيرا كان قادرا على رؤية نمط واحد من بين الآلاف من النقوش الروحية التي تمتد عبر التماثيل و التي تكون فضاء حاجزا

و بمجرد ما أن وضع نيته بهذا النمط من أجل التحكم به و الانطلاق للنمط التالي، حتى تحرك تمثال من بين المائة تمثال، كان لعذراء تحمل قوسا، هذا التمثال الشاهق الذي وصل علوه لأكثر من ثلاثين متر تحرك فجأة

لم يتحرك من مكانه، لكنه حرك يديه، واحدة تحمل القوس و الأخرى تسحب سهما مكونا من طاقة روحية خالصة

في هذه الأثناء، ظهر القلق على وجه إدريس الحكيم، و بسرعة حرك يديه بشكل دائري و استخدم طاقته الروحية، كون دائرة من الضوء و ركز عليها لقليل من الوقت ثم صرخ "هاا"

انطلق من الدائرة التي بلغ قطرها عشرة أمتار ضوء سامي، و في الجهة الأخرى انطلق السهم المكون من الطاقة الروحية الخالصة و توجه مستهدفا إدريس الحكيم

السهم حمل معه قوة كبيرة جدا جعلت هجمة إدريس الحكيم عديمة النفع، هذا السهم جلب معه أحكام سامية كما لو أنه كان يريد الطغيان على كل الوجود

اخترق السهم ضوء إدريس الحكيم و انطلق إليه مستهدفا إياه


في هذه اللحظة، فهم إدريس الحكيم شيئا واحدا، أنه لن يكون بإمكانه الدخول لهذا العالم الثانوي مهما حاول، لقد اخترق المئات من العوالم الثانوية و جعل نية البعض منها تحت إمرته، لكن نية هذا العالم كانت تبدو فوق قدر مستطاعه بكثير، برؤية ذلك السهم، فهم إدريس الحكيم أخيرا مدى قوة تلك النية، ذلك السهم مجرد جزء بسيط جدا من قوة هذه المصفوفة، قوتها الكاملة لا يمكن تصورها، جعل هذا الأمر إدريس الحكيم يفهم لما وجد صعوبة مع هذه المصفوفة

أخرج رمحا خشبيا، و بمجرد ما أن فعل حتى التفت حول هذا الرمح طاقة ملكية، و في الحال ظهرت أرض واسعة تحت قدمي إدريس الحكيم، كانت تمتد لآلاف الأمتار، هذه الأرض الواسعة توهجت كلها و بدأ شكلها يتغير، بدت كما لو أنها تُضغط لتصبح أصغر أكثر و أكثر مع الوقت، و بعد قليل، كانت قد أصبحت عبارة عن رمح ضوئي ضخم للغاية، كان هذا الرمح هو نفسه الرمح الذي أخرجه إدريس الحكيم سابقا، يبدو كما لو أنه اندمج بتلك الأرض الواسعة التي تحولت مما كون مثل هذا الرمح الضوئي الهائل، التف حول الرمح رياح عاصفة و أعاصير مدمرة، بينما كان الرمح نفسه يتشكل من الضوء و به نقط صغيرة متوهجة كالنجوم التي بالسماء المظلمة

هذه النجوم الصغيرة انفجرت كلها مرة واحدة و انطلق الرمح بسرعة خارقة و التقى بالسهم

بوووووووووووووم

انفجر المكان كله و خلف آثارا مهولة، كما لو أن هناك نيازك قد أصابت المنطقة، اهتز المكان كله على بعد آلاف الأميال و جعل كل الوحوش السحرية بجميع مستوياتها تبتعد بعيدا قدر استطاعتها

تلك الهالة التي أنتجها تصادم قوة إدريس الحكيم بقوة التمثال جعلت كل الوجود في المنطقة على بعد آلاف الأميال ترتعد

فجأة، الغابات و الجبال و الشلالات كانوا قد أصبحوا غبارا، توقف إدريس الحكيم و عاد رمحه لطبيعته الأصلية ثم تكلم "أنت لا تريدني أن أدخل مهما حدث ! لا يبدو أنه باستطاعتي الدخول عنوة، أنا أعرف أنك تسمعني، أجب يا أيها الخبير السامي"


لم يحدث أي شيء، و بعد مدة من الوقت، تكلم صوت و الذي كان كصوت الرعد "عد يا أيها الحكيم المبتدئ، هذا ليس بمكان يمكنك الدخول إليه، فقط سكان العالم الواهن لهم الحق بذلك"

"همف" تهجن إدريس الحكيم و قال "يا لها من نبرة متعجرفة التي تملكها، لقد امتلكت الحكمة السيادية منذ 1000 سنة، و أنا في المرحلة الثالثة، و مع ذلك تناديني بالمبتدئ؟"

تكلم الصوت مرة أخرى كما لو أنه صوت الصاعقة "المرحلة الثالثة تترجم لمبتدئ، عد أدراجك و سأغفر لك أفعالك التي عكرت مزاجي الهادئ، إن حاولت المساس بالمصفوفة مرة أخرى فسوف تلقى عقابا شديدا"

عبس إدريس الحكيم و تنهد بعد مدة، قد يكون هذا الصوت متعجرفا، لكن تعجرفه هذا ليس من فراغ، تكلم إدريس الحكيم "قلت أن سكان العالم الواهن من لهم الحق في الولوج، لك هذا"

"حظا موفقا في ذلك، لكن لا تظن أن الأمر بهذه البساطة" تكلم الصوت و بدا كما لو أنه يبتعد في كل كلمة يقولها حتى اختفى تماما

تكلم إدريس الحكيم "نية سامية، هاه؟" التف ثم قال "يجب علي الخروج الآن من هذا النطاق و العودة للفتى باسل، سيكون على تلقينه دروسا غير منتهية ليكون باستطاعته الدخول لهذا العالم الثانوي، لو أنه نجح، فلا أعلم ما المكاسب التي قد يتحصل عليها"

تحرك إدريس الحكيم و بإشارة دائرية من يده ظهرت دائرة ضوئية، اخترقها بجسده فالتفت حوله و حلق بعيدا حتى استطاع الخروج من حاجز غير مرئي أكد خروجه من نطاق ما، لقد كان قد كسر مصفوفة أولية جعلته في نطاق آخر تحت سيطرة هذه النية السامية، هذا النطاق لوحده امتد لآلاف الأميال، و بمركز هذا النطاق كانت توجد المصفوفة الرئيسية التي أساسها تلك التماثيل

عندها، أتاه اتصال بخاتم التخاطر مباشرة، بما أنه كان في نطاق آخر، لم يكن باستطاعة أي أحد آخر التواصل معه عبر خاتم التخاطر، بسرعة أجاب (ما بك أيتها الصغيرة أنمار؟)


(معلمي، أسرع من فضلك، أنا لا أعرف ما الذي يجب علي فعله، لقد مر شهرين و باسل لا زال غائبا عن الوعي نتيجة لمعركة) أجابت انمار بأسرع ما أمكنها

عبس إدريس الحكيم ثم تكونت أمامه عدة دوائر ضوئية مثل التي صنعها قبلا مرة أخرى بإشارة من يديه، تكلم (أنا آت، انتظري لقليل من الوقت فقط) ثم اخترق تلك الدوائر الضوئية واحدة تلو الأخرى، و في كل مرة فعل ذلك، كانت سرعته تزداد بشكل خارق، في الأخير أصبح عبارة عن ضوء و حلق في اتجاه باسل

بعد أيام قليلة، وصل المعلم و ظهر أمام باسل الغائب عن الوعي، و أنمار التي كانت تأخذها غفوة استيقظت و تكلمت بفزع "معلمي، باسل، إن باسل..."

وضع إدريس الحكيم يده على رأسها و جعلها تهدأ ثم قال بعد التحديق في باسل بعبوس شديد "بقايا استخدام طاقة روحية ! ؟ ما الذي يحدث هنا ! ؟"

لم يفهم إدريس الحكيم لما هناك آثار لطاقة روحية متبقية على باسل، في لحظة، استجمع أفكاره و قام بوضع جميع الاحتمالات، لكنه مع ذلك لم يعلم و لم يفهم لماذا؟

حدق إدريس الحكيم في باسل بعمق و فكر لقليل من الوقت، وضع يده على ذقنه ثم جلس متقاطع القدمين أشار لأنمار بفعل المثل، عندها تحدث بادئا كلامه بجدية "أرى أن عنصر التعزيز الخاص به قد بلغ المستوى التاسع، إذا لقد شرب إكسير التعزيز مرة أخرى، يضعف الختم في كل مرة يرتفع بها في المستوى، وضع الختم على هذه الطريقة لأن جسده سيصبح أقوى في كل مستوى يرتفع به و يستطيع تحمل الطاقة الخارجية التي سيزداد حجمها مع كل مستوى يرتفع به"

"...هكذا كان يجب أن يسير الأمر، و عندما سيدخل للقسم الثاني من مستويات الربط و يكتسب القدرة على التحكم في الطاقة الخارجية، سينكسر الختم نهائيا و سيكون عليه التحكم في الطاقة الخارجية من أجل إيقافها، من المفترض أن تسير الأمور على هذا المسار، لكن شربه لإكسير التعزيز لمرتين تسبب في جعل عنصر التعزيز الآتي من الطاقة الخارجية يفوق مستوى عنصر النار مما تسبب له في جعل جسده الذي لا زال كجسد ساحر من المستوى السادس يواجه طاقة أكبر من مستواه بكثير"

في الحقيقة، جسد باسل أقوى من مستواه الفعلي، فهو دربه قبل حتى أن يصبح ساحرا، و حتى عندما أصبح ساحرا استمر في تدريبه من أجل تسهيل الأمر عليه كي لا يشعر بأي شيء من الطاقة السحرية الخارجية التي تتوغل لجسمه، و عندما شرب إكسير التعزيز، اضطر لعدم استخدامه حتى أصبح جسده مؤهلا لذلك عن طريق تدريبه بطريقة أقسى، لأنه بمجرد ما أن يستخدم عنصر التعزيز حتى تقوم الطاقة الخارجية بالدخول لبحر روحه عبر جسده. و في الأخير، أصبح جسده قادرا على استيعاب طاقة خارجية من المستوى السابع، لكن المستوى التاسع كان شيئا فوق قدر المستطاع بكثير

تحدث إدريس الحكيم بعد أن تنهد "سيجب عليه تدريب جسده مرة أخرى و الامتناع عن استخدام عنصر التعزيز مؤقتا"


سأل إدريس الحكيم أنمار عما حدث بالتفصيل ليرى إن كان بإمكانه وضع تفسير لهذا الأمر الغريب الذي يحدث لباسل

حكت أنمار لمعلمها ما حدث قبل شهرين مع ذكر كل التفاصيل، مما جعل إدريس الحكيم في حيرة أكبر، بقايا الطاقة الروحية هذه ناتجة من استخدام لها (الطاقة الروحية) من طرف باسل أثناء نهاية معركته ضد الأقدم الكبير

حاول إدريس الحكيم تفسير هذا الأمر بكونه له علاقة بـكرة الروح الهائجة، لكنه نفى هذا الاحتمال، لا يمكن لـكرة الروح الهائجة أن تتسبب في هذا، فالسبب في عدم تأثيرها على باسل هو استخدامه للطاقة الروحية، بمعنى أنه اكتسب الطاقة الروحية قبل أن يصاب بكرة الروح الهائجة

مهما و كيفما رأيت، ستجد أن باسل لا زال في مستويات الربط، لا زال لم يضع إصبعا واحدا داخل المستويات الروحية، شيء مثل هذا غير مألوف على الإطلاق، حتى بالنسبة لإدريس الحكيم نفسه

تكلمت أنمار بقلق "أيها المعلم، ماذا قصدت سابقا بـبقايا طاقة روحية؟"

وجه إدريس الحكيم نظره لأنمار و تحدث بنبرة واضحة "أيتها الصغيرة أنمار، لقد سبق و حدثتكما عن مستويات الربط و فصلت لكما ما تحتاجانه من معلومات، لكني لم أعطكما معلومات كافية عن المستويات الروحية، هذا من أجل جعلكما تركزان على الأهداف القريبة من أجل تحقيقها بشكل أسرع بدل محاولة اللحاق بأهداف بعيدة عنكما قد تكون سببا في ركود نموكما بعد بلوغها"


أماءت أنمار رأسها، بعد باسل، ليس هناك من هو أكثر ثقة بالنسبة لها من المعلم، لكن من ناحية التعليم، كان الأكثر ثقة بالنسبة لها و الأكثر حكمة بإرشاده، فلا يمكنها أن تجادله أبدا فيما يقول لها، كان يجب عليها هي و باسل الاستماع و التعلم، إن لم يتحدث معلمهما عن شيء ما، فهذا يكون من أجلهما، بالطبع كانت المستويات الروحية دائما تشغل بالهما، لكنهما لم يسألا عنها طالما معلمهما لم يبدأ الكلام حولها

و الآن، أخيرا أتى المعلم بهذا الموضوع للحديث حوله، تكلمت أنمار سائلة معلمها "ما علاقة هذا بحالة باسل الآن يا معلمي؟"

أجاب إدريس الحكيم "حسنا، مما رأيت و لازلت أفعل، فالفتى باسل قد استخدم طاقة روحية سابقا ضد ذلك الشخص الذي تحدثت عنه"

"همم؟" استغربت أنمار و سألت مرة ثانية "ألم تقل أننا لا يمكننا إدراك الطاقة الروحية إلا بعد بلوغنا المستويات الروحية؟"

تنهد إدريس الحكيم و أجاب "نعم هذا صحيح، و هذا ما حيرني طيلة هذا الوقت، حتى أنا لا زلت لم أفهم لما كان الفتى باسل قادرا على استخدام طاقة روحية، لكن هناك شيء أشك به مع أنه لم يحدث على مر الأزمان أبدا، ليس على حد علمي على الأقل"

استفسرت أنمار حول هذا الأمر، فاستأنف المعلم شرحه "قد يكون قد حان وقت معرفتكما بهذا الأمر، قبل هذا سيكون على شرح بعض الأمور أولا"

"...كما تعلمين، كل شخص يولد بنقط أصل، و من أجل البدء في رحلة المسار الروحي، سيكون عليه فتح هذه النقط، لقد حدثتكما سابقا عن هذا الأمر، كل شخص قادر على أن يصبح ساحر، سواء كانت موهبته ضعيفة أم لا، الذكاء يكون له دور فعال، و العزيمة لها نفس الأهمية، لكن مع ذلك، ليس الكل يكون باستطاعته الاختراق للمستويات الروحية"


استغربت أنمار فسألت عن السبب منتظرة جواب معلمها الذي كان كالتالي "لأنهم لا يكملون ربط نقط الأصل"

لم تفهم أنمار الأمر بعد، لكن إدريس الحكيم بدأ تفسيره بشكل مبسط أكثر "ربط نقط الأصل مختلف عن فتحها، تسمى المستويات الأربعة عشر مستويات الربط لأن خلالها يتم ربط كل نقطة أصل بالأخرى بينما يتكون حاجز روحي حولها (نقطة الأصل) و حول بحر الروح عند انتهاء الربط بالكامل. عادة، يتم ربط نقط الأصل الأربعة عشر كلها عند بلوغ قمة المستوى الرابع عشر، يتم ربط نقطة أصل الشخص الطبيعي ذو الموهبة الطبيعية بأخرى في كل مستوى يرتفع به"

"...عند بلوغه لقمة كل مستوى، يتم تشكيل حاجز روحي حول نقطة الأصل و بهذا يكون قادرا على المرور للبدء في تشكيل حاجز حول نقطة الأصل التالية، و هذا ما يسمى بـ'ربط نقط الأصل'، هذا ما يكون عليه الوضع غالبا بالنسبة لشخص طبيعي و موهبة طبيعية، لكن ليس الكل سواء، فهناك أشخاص طبيعيين بموهبة ضعيفة و آخرين بموهبة مرتفعة، لذا تجد بعض الأشخاص قد بلغوا قمة المستوى الرابع عشر و مع ذلك لم يُتِمُّوا ربط نقط الأصل، و في الجهة الأخرى، تجد أشخاصا قد أتموا ربط نقط الأصل قبل بلوغ المستوى الرابع عشر حتى"

"...هؤلاء، يعتبرون ذوي موهبة كبيرة جدا، ما ينادى عليهم بالعباقرة، فهناك من منهم قد بلغ قمة المستوى الأول فقط، و مع ذلك كان قد ربط ثلاث نقط أصل بالفعل، لأنه عندما كان قد اكتسب سحره لأول مرة، بمعنى عندما اخترق للمستوى الأول و أصبح ساحرا، استطاع ربط نقطتي أصل مرة واحدة، هؤلاء يكونون لهم شأن عظيم، فهذا يدل على موهبتهم العظيمة و المستقبل المشرق الذي ينتظرهم، غالبا ما أصبحوا شخصيات عظيمة في التاريخ. و عند إتمام الساحر لربط نقط أصله، يكتسب بحر روحه إرادة"

لم تفهم أنمار ما قصده المعلم مرة أخرى، لكنه و من دون أن يترك لها المجال لتسأل، أكمل شرحه "إرادة بحر الروح شيء يكون موجود دائما، فقط تكون مجزَّأة، و عند إنهاء ربط نقط الأصل و تشكيل الحاجز على كل واحدة منهن، يتكون الحاجز أيضا حول بحر الروح نفسه و يكتسب إرادته الخاصة، إرادته تتبع إرادة مالكه، إرادته ليست مستقلة بتاتا، لكنها متصلة مع إرادة المالك، عند اكتساب بحر الروح لهذه الإرادة، سيكون عندها قادرا على التحكم في روح الوحش الروحي التي سيستحوذ عليها الساحر من أجل الاختراق للمستويات الروحية، هذه الإرادة ستكون كالختم الروحي على إرادة الروح المستحوذ عليها، و عند الاختراق، يتحول بحر الروح ليصبح روحا كاملة مكتملة"

"انتظر من فضلك أيها المعلم، ماذا تقصد بالاستحواذ على روح وحش روحي؟" سألته أنمار مستغربة و متفاجئة


أجاب المعلم إدريس الحكيم "سأشرح لك هذا الأمر جانبا إلى باسل عندما يستيقظ"

تفاجأت أنمار و وقفت من دون أن تشعر، تكلمت بسرعة كبيرة "هل هناك وسيلة لجعله يستيقظ أيها المعلم؟"

"اهدئي أيتها الصغيرة أنمار، كل ما يحدث لباسل الآن مجرد إرهاق غير طبيعي لبحر روحه الذي استخدم طاقة روحية قبل أن يتحول لروح كاملة مكتملة، الطاقة الروحية نقية للغاية، بحر الروح الذي يستطيع التعامل مع الطاقة السحرية لا يمكنه تحمل نقاوة الطاقة الروحية و قوتها المركزة بشكل لا يوصف"

جلست أنمار مرة أخرى و هدأت كما طلب منها معلمها الذي أكمل قائلا "كل ما نحتاج لفعله الآن هو إخماد و تبديد بقايا الطاقة الروحية التي خلّفها استعمالها (الطاقة الروحية)، عندها سيهدأ بحر روحه مرة أخرى، لكن هذه العملية ستأخذ بضعة أيام من أجل إنهاءها، لذا فلتصبري لذلك الحين"

تنفست أنمار الصعداء و فرحت كثيرا، خبر سلامة باسل أكثر من كاف ليجعل مزاجها عظيما و تقفز من الفرح، إن اختفى باسل من حياتها، فلن يكون هناك سبب لعيشها، عندها سألت معلمها "آه، إذا ما سبب اكتساب باسل لطاقة روحية؟ قلت أنك تشك في أمر ما"

وقف المعلم و اقترب من باسل، حدق فيه بعمق و تحسر بداخله ثم قال " أعرف عن أشخاص اكتسب بحر روحهم إرادة قبل بلوغ قمة المستوى الرابع عشر بسبب كونهم قد أكملوا ربط نقط الأصل بالفعل، لكن هذا يكون بعد دخولهم للقسم الثاني من مستويات الربط، أسرع شخص يمكنه إتمام ربطها كلها يكون بالمستوى الثامن، لكني لم أسمع بشخص قد أكمل ربط نقط الأصل في حين لا يزال بالمستوى السادس و اكتسب بحر روحه إرادة، و ليس هذا فقط، بل و تجسدت به قليل من قوة نطاق الأرض الواسعة"

"...حالة باسل مختلفة بامتلاكه عنصر التعزيز الذي بلغ المستوى التاسع، فهو شخص غير طبيعي ذو موهبة مرتفعة، لذا أظن أنه يتفوق على الأشخاص الطبيعيين ذي الموهبة المرتفعة الذين قد أكملوا ربط نقط الأصل مع أنهم في القسم الثاني من مستويات الربط فقط، عبقري بين العباقرة، حتى أنا ليس بإمكاني تحليل بحر روحه الذي لا زال لم يتطور ليتشكل كــروح"

"...ما يمكنني الشك به هو أن إرادة بحر روحه كانت قادرة لمس الدرج الأول من المستويات الروحية و اكتساب القليل من قوتها، و ما سبب هذا كان المغامرتين اللتين خاضهما بشربه لإكسيري علاج و إكسير تعزيز، على ما أظن، بسببهما كان قادرا على ربط نقط الأصل جميعها و اكتساب بحر روحه لإرادة استطاعت بلوغ جزء من قوة من نطاق الأرض الواسعة، مع أن هذا يبقى أمر لا يمكنني فهمه على الإطلاق. سيجب على درس هذه الحالة جيدا"

تحدث إدريس الحكيم بداخله "إرادة بحر روح استطاعت استخدام طاقة روحية قبل أن تتطور لتصبح روح، كيف ستكون إذا عندما تصبح روحا كاملة مكتملة ! ؟"

جلس إدريس الحكيم بجانب باسل و وضع يده فوق جبهته، و انطلاقا من نقطة الأصل التي بها بدأ يتحكم في مجرى سيران طاقة باسل، مثل هذا الأمر لن يقدر على فعله سوى المخضرمين و الذين لهم تحكم مثالي في طاقتهم سواء السحرية كانت أم الروحية

فهو سيقوم بإدخال طاقته الروحية عبر نقط أصل باسل، و هذا سيسبب ألما كبيرا له بسبب مقاومة مسار نقط أصله و بحر روحه للطاقة الخاصة بشخص آخر، لكن سيكون عليه التحمل، فبمستوى باسل الحالي بغض النظر عن حالته، لن يكون بإمكانه إخماد و تبديد بقايا الطاقة الروحية، لذا يجب عليه ترك الأمر بيد شخص آخر و تحمل الآلام الناتجة عن ذلك

و ليس هناك من هو أفضل من إدريس الحكيم في القيام بهذا العمل، قد تكون حالة باسل هذه غريبة، لكنها لا تختلف كثيرا عن الكثير من الحالات التي رآها إدريس الحكيم طيلة حياته، هناك من فقد السيطرة حتى على طاقته الروحية، و هناك من أصيب بلعنة روحية، مر بالكثير من هذه الحالات و كان قادرا على النجاح في علاجها كلها

مجرد إخماد و تبديد لبقايا طاقة روحية أمر في غاية البساطة بالنسبة له مقارنة بما جربه من قبل

بمجرد ما أن توهجت يد إدريس الحكيم و توغلت طاقته الروحية عبر نقطة الأصل التي بالجبهة حتى اهتز جسد باسل و ارتفع ثم نزل من شدة الآلام و الصدمة التي أحس بها، هو بالفعل يمر بتجربة قاسية من التعذيب، و مع ذلك، لم يتغير تعبير وجه إدريس الحكيم و ظل هادئا كما كان و أكمل عمله في التنقية بطاقته الروحية النقية

قد يبدو من الوهلة الأولى أن علاج باسل الذي سيأخذ بضعة أيام طويلا، لكن الأمر ليس كذلك، تنقية بحر روح أو روح شخص ما، تعني التوغل بطاقتك الروحية لبحر روحه أو روحه، و أبسط خطأ يمكنه أن يزيد الحالة سوءا و يتسبب في تدمير الشخص بدل علاجه، الآن يجري إدريس الحكيم عملية التنقية حيث يقوم بإخماد كل جزيْء من الطاقة الروحية الخاصة بباسل، و بعد جعله يهدأ يقمعه بطاقته الروحية و يمحوه، و هكذا ينتقل من الجزيء للآخر

مرت ثلاثة أيام و لم يتوقف إدريس الحكيم عن عمله، أراد أن ينتهي من هذا الأمر بأسرع ما أمكنه، و كذلك أنمار التي بقيت حريصة على مشاهدة التغيرات التي تطرأ على باسل طيلة هذه المدة، و بنهاية اليوم الثالث، ذهب الشحوب الذي كان يظهر على جسم باسل كله و ليس فقط وجهه، كما وقف المعلم و تحدث "حسنا لقد انتهيت، الآن سيعود بحر روحه للاستقرار تدريجيا، طاقته الروحية هي التي ساعدته في النجاة من الطاقة الهائلة الخاصة بعنصر التعزيز، فهي تمتصها لجعلها قابلة للتحكم بالنسبة لباسل"

فرحت أنمار كثيرا و أزيل الثقل من على صدرها الذي كان يجعل تنفسها صعبا طيلة الشهرين الماضيين


تكلم إدريس الحكيم "أيتها الصغيرة أنمار، الآن بما أنك اطمأننت على صحته، ارتاحي أنت أيضا، بالنظر إليك، يمكن للشخص أن يعرف أنك لم تأخذين قسطا للراحة طيلة هذه الشهرين، لا تقلقي على الفتى باسل، سوف يكون واعيا بالغد"

استمعت أنمار لكلام معلمها و نامت بوضع رأسها فقط على السرير الذي ينام عليه باسل بينما جسدها على الكرسي، و بعد أن ارتاحت نفسيتها، لم يهم الوضعية التي كانت عليها، غطت في نومها بأريحية و بنظرة هنيئة على وجهها

رآهما إدريس الحكيم و فكر بداخله "رأيت الكثير من أنواع الحب، لكنني لم أرى في حياتي شخصا يعز أحدا آخر لهذه الدرجة، لقد كان خياري صائبا في جعلها تأخذ جانبه، غير ذلك، سيكون الفتى باسل وحيدا في مساره الروحي من دون أن يجد أي أحد ليرافقه قدما بقدم و يثق به بشكل أعمى، قد تكون لا زالت صغيرة، لكن عشقها له يستطيع تجاوز آلاف السنين و اختراق العوالم"

ابتسم ثم التف و اختفى

في الصباح التالي، أشرقت الشمس و نزلت بأشعتها على غرفة باسل، فإذا بهذا الأخير يفتح عينيه و يجلس في مكانه، عندها رأى أنمار المنهكة تماما، حدق فيها بحنان و لم يدري حتى كانت يده متوجهة نحو شعرها، عندها استيقظت أنمار فجأة مما جعله يرجع يده بسرعة

أنمار التي شاهدت باسل جالسا فاتحا عينيه، طارت من الفرح و قفزت عليه بينما تصرخ "باسل"

انقضت عليه و عانقته بشدة، احمر وجه باسل قليلا، صدرها يلامس وجهه، بينما ساقيها تلتف حول جسده، لقد أمسكته بجسدها كله مما جعل باسل لا يعرف ماذا يفعل

آآآه

صرخ باسل قليلا من الألم، فأزاحت أنمار نفسها عنه و مدت يدها عليه خائفة عليه "ما بك؟ ألا زلت تعاني؟ ألم تشفى؟"

تنهد باسل ثم تكلم بعد أن أزاح يده عن صدره الذي كان يمسكه بإحكام "لا، لا شيء، فقط بعض الآلام الجسدية، لا زال جسمي لم يتعافى كليا فقط"


بالطبع لا زال لم يفعل، فحتى الآن لا زالت الطاقة الخارجية تتوغل لجسمه بسبب إيجادها لمكان فارغ، هذا يحدث لأن القطعة الأرضية الصغيرة تقوم بامتصاص طاقة عنصر التعزيز لجعله قابلا للتحكم و لا يدمر بحر الروح، و في المقابل، تتوغل الطاقة الخارجية لتعوض الطاقة التي فقدت، و هكذا تستمر الدورة اللانهائية

تنهدت أنمار و ارتاحت، عندها سألها باسل "أين المعلم؟"

"همم؟" استغربت أنمار ثم قالت "كيف علمت عن قدومه؟"

أجاب باسل "البارحة عندما تماثلت للشفاء استطعت الشعور به، لم أكن قادرا على الاستيقاظ لكني كنت قادرا على الشعور بما حولي"

نظرت أنمار في الأرجاء و لم تجد معلمهما فاستغربت قائلة "لقد كان هنا قبل نومي، يبدو أنه ذهب مرة أخرى"

"حسنا" قالها باسل و نهض عن مكانه ثم لبس سترته و سرواله الأبيضين، ارتدى حذائه الأحمر ثم تكلم "كم مر من الوقت و أنا فاقد للوعي؟"

أجابته أنمار، فوضع باسل يديه على ذقنه "شهرين، هاه ! لقد غبت طويلا، هيا، يجب أن نذهب للقصر الإمبراطوري، لقد تنقلت عائلة كريمزون إلى هناك، أليس كذلك؟"

"نعم" أجابت أنمار و أكملت "لقد انتظرك جدي لتستيقظ طوال هذا الوقت من أجل إقامة الاجتماع، جعل حتى الإمبراطوريين ينتظران طيلة هذه المدة من أجلك"

ابتسم باسل و قال "هكذا إذا، حسنا، سأذهب لملاقاة شخص ما أولا"


"همم؟" استغربت أنمار و أرادت أن تسأل باسل، لكنها وجدته قد خرج من باب منزلهما بالفعل، بمجرد ما أن خرج باسل حتى رأى بعض الجنود المخضرمين من المستوى الخامس يقومون بحراسة منزله، و عند ظهوره انحنوا احتراما له، و في الحال، ظهر أمامه أخوا القطع 'غايرو و كاي' و 'جون' (حارس بوابة العاصمة سابقا) و ركعوا على ركبة واحدة

"سيدي، إلى أين تريد الذهاب" قالها الأخ الأكبر غايرو

أكمل الأخ الأصغر كاي وراءه "سنجهز لك عربة لتنقلك يا سيدي"

ثم تكلم جون "هناك الكثير من المراقبين كانوا ينتظرونك لتستيقظ، يجب أن يكونوا قد علموا بالأمر و ذهبوا لإعلام أسيادهم، ماذا نفعل يا سيدي؟"

وضع باسل يده على ذقنه ثم فكر بداخله "لا زلت لا أريد الالتقاء بأشخاص مزعجين الآن، أريد وقتا خاصا، حسنا"

سأل باسل "أين هي العربة؟"

أشار كاي بيده فأتت العربة مسرعة، كان يقودها خيل ملكي، الخيل الملكي كان عبارة عن وجود أشبه بالوحوش لكنه ليس منهم، مما جعله يقف في المنتصف، بين الحيوانات و الوحوش، يعتبر الخيل الملكي وجودا نادرا كثيرا، و لا يملكه سوى الملوك و كبار شخصيات هذا العالم، سرعتهم كبيرة جدا و يمكنها أن تجعل الخيل الطبيعي يظهر كالقط مقارنة به إن شبهناه بالنمر، كان الخيل الملكي يتميز بحوافره الحادة و القاسية و جسده الضخم أكثر من الخيل الطبيعي، مع الشعر الملون بسبع ألوان قوس قزح على عنقه، كان خلابا جدا، و هذا جعل قيمتهم كبيرة جدا في العالم، و لا يمكن مقارنتهم إلا مع خيل البحر الملكي، لذا لا تجد سوى الشخصيات العظيمة من تمتلكهم

ركب الأربعة العربة إضافة لأنمار التي لحقت بباسل و بأمر من هذا الأخير الذي كان كالتالي "توجه نحو الجنوب" انطلقت العربة بأقصى سرعة لها

عندها تكلم باسل "أنمار، سنستخدم عباءة الشفاف، ارتدي واحدة"

فعلت أنمار كما طلب منها باسل الذي قال قبل أن يرتدي واحدة هو الآخر "احرصوا أنتم الثلاثة على تضليل أولئك المطاردين المزعجين، نحن سنذهب، أنمار، قومي بها"


استخدمت أنمار طاقتها السحرية قبل فتح بوابة العربة ثم انطلقا

مر الكثير من الوقت على اتجاه العربة نحو الجنوب، و هذا تسبب في جعل المطاردين يشكون، انقضوا كلهم و أوقفوا العربة ثم صرخوا "سعادة 'قاتل الدم القرمزي'، نحن مبعوثي جلالته الإمبراطور شيرو، أرجوك رافقنا، جلالته بحاجة للتكلم معك"

و في الحال ظهر أشخاص آخرون و صرخوا "نحن مبعوثي جلالة الإمبراطور غلاديوس، أرجوا من فخامته 'قاتل الدم القرمزي' أن يرافقنا"

حدقت المجموعتين في بعضهما بينما الشرارات تتلاقى من أعينهما، إنها منافسة فيما بينهما لمن يستطيع إحضار باسل لسيده، لقد حرصوا على انتظار هذه اللحظة طيلة الشهرين الماضيين، لا أحد من الطرفين مستعد للتراجع، و بالتأكيد سيقنعون باسل للذهاب معهم

خرج جون من العربة ثم قال "لا يوجد سيدي هنا، انقلعوا"

"هاه؟" استغرب الجميع و صرخوا "لا تمزح معنا لقد رأيناه بكل تأكيد يدخل للعربة و لم يخرج منها أبدا، لا شك في هذا"

"نصف كلامكم صحيح" استعجب المطاردون ليكمل جون "لقد دخل سيدي لهذه العربة، لكنه خرج منها"

"هاه؟" لم يفهم أي أحد ما حدث

و في هذه الأثناء، كان باسل و أنمار متوجهان نحو المكان المقصود، في طريقهما، مرا على قادة التشكيل الذين كانوا يتدربون بقصر عائلة كريمزون السابق، لقد جعلوا من ذلك المكان كمعقل للتدرب بالكامل، قوتهم في هذه الشهريين الماضيين ارتفعت كثيرا، و عددهم ازداد عما كان عليه بكثير


التقى باسل بقادة التشكيل الذي فرحوا كثيرا برؤية سيدهم، لم يسعهم سوى أن يشعروا بالقلق عليه طيلة هذا الوقت، لكن هذا جعلهم يريدون أن يصبحوا أقوى من أجل تسهيل الأمر على سيدهم، و كذلك كان الحال مع التاجر ناصر، هذا الأخير انضم للتدريب بجانب قادة التشكيل طيلة الشهرين الماضيين من أجل رفع قوته أكثر، ما شاهدوه قبل شهرين تسبب لهم في الشعور بالعجز كثيرا، لذا قرروا تقوية أنفسهم أكثر من أجل عدم الشعور بمثل ذلك الشعور مرة أخرى

أخذ باسل عربة منهم و اتجه نحو القصر الإمبراطوري

عندها تكلمت أنمار "أنت تريد اللقاء بجدتك التي تكلم عنها جدي؟"

ابتسم باسل و قال "هذا صحيح"

تنهدت أنمار و قالت "كان بإمكانك القيام بهذا من دون اللجوء لهذه الألاعيب"

"أنت تعرفينني، وقتي الخاص، وقت راحتي، لا أريد أي إزعاج به، ملاقاة جدتي التي لم أراها في حياتي يعتبر أمرا في غاية الأهمية بالنسبة لي، تدخل طرف ثالث لا علاقة له بالأمر سيكون فعلا لا تحمد عقباه بالنسبة لفاعله"

أغمضت أنمار عينيها بأريحية، هذه طبيعة باسل دائما، سؤالها كان من دون فائدة، ففي النهاية، لقد كانت تعرف الجواب بالفعل قبل أن تطرح السؤال حتى

أمام بوابة الساحة الخارجية المحيطة بالقاعة الرئيسية للقصر الإمبراطوري، أصلحت من جديد، مع طاقة سحرية خالصة خاصة بعدة سحرة من المستوى السابع، كان ترميمها سريعا

اقتربت عربة ببطء مما جعل أحد الحارسين اللذين أمام البوابة يسرع لإيقافها، صرخ متكلما بطريقة رسمية "من أنت؟ بعد هذه المنطقة لا يحق لأي شخص الاقتراب سوى العائلة الحاكمة أو الذين لهم رخصة بالمرور

كان يقود العربة جندي من التشكيل، لذا أراد أن يتحدث، لكن صوت شخص آخر من داخل العربة قد منعه من القيام بذلك، صاحب هذا الصوت كان التاجر ناصر الذي جعله باسل يرافقهم، باسل لا يمكنه إظهار نفسه، و أنمار إن ظهرت هنا، فسيشك الكثير في احتمال وجود باسل معها، هي الفتاة التي لم تتركه و لو لثانية لوحده طيلة الشهرين الماضيين، سيكون من الغريب أن تفارق جانب باسل بعد استيقاظه من غيبوبته

نزل التاجر ناصر ببطء من العربة، و بمجرد ما أن ظهر حتى انحنى له الحارس بسرعة ثم قال "اعتذاراتي، لم أعلم أنه أنت يا سيدي" التف بسرعة و صرخ "إنه الأمير ناصر، افتحوا البوابة"

بعد أن أصبحت عائلة كريمزون العائلة الحاكمة من جديد، التاجر ناصر الذي أخذ اسمها من قبل، أخذ لقب الأمير مع عدة أراضي داخل العاصمة الكبيرة

ختم البوابة عادة يكون في حيازة أعضاء العائلة الحاكمة، لكن، يكون هناك ختم معطى لحراس البوابة، في الحرب لم يكن مثل هذا الختم الاحتياطي في حيازة الحراس من أجل الحرص على عدم فقدانه و سقوطه في يد العدو

فتحت البوابة ببطء و كذلك كان تحرك العربة التي أكملت طريقها نحو القاعة الرئيسية، هذه الأخيرة محاطة بعدة قاعات جانبية، لذا العربة اتجهت نحو الموجودة باليمين

عندما كانوا أمام البوابة، قام التاجر ناصر بالنزول شخصيا كي يبدد شكوك المراقبين كلها، لو أن الجندي الذي يقود العربة من تحدث، و حتى لو أرى الحارس رخصة المرور الخاصة بالأمير ناصر، فالمراقبين الذين ينتظرون بفارغ الصبر ظهور باسل سيشكون في هذا الأمر


و كما أراد باسل، مر كل شيء بسلاسة و هدوء

و أخيرا وصلت العربة، و مع فتح البوابة، نزل التاجر ناصر، أو هذا ما بدا للآخرين، و في الحقيقة، كان يرافق باسل و أنمار المختفيين بعباءة الشفاف

دخلوا قاعة جانبية، عندها أخيرا أزال باسل و أنمار عباءة الشفاف و ذهبا براحة أكبر، بعد مرورهم في ممر طويل، وصلوا لبوابة، بعد التعرف عليهم و إبلاغ الأمر للشخص الذي في الداخل، فتحت لهم البوابة بكل احترام

و مع فتح البوابة، حتى قفزت فتاة بالغة على أنمار بكل فرح "ابنة أخي أنمار" عانقت الأميرة 'كريمزون سكارليت' أنمار بشدة و لم تتركها لثوان عديدة، و في الجانب، ظهر الجنرال منصف الذي ابتهج برؤية باسل، لقد ارتعبت قلوبهم كثيرا، ظنوا أن باسل سيموت، فهم لم يروا مثل حالته من قبل أبدا، جميع الأطباء المشهورين، حتى الأطباء السحرة لم يستطيعوا فهم حالته أو علاجها، و حالة يائسة، قامت أنمار بإحضار العالم الجنون الذي أمسكه باسل سابقا و أمرته بفعل شيء ما

لكن هو أيضا لم يعرف ما الذي يجب عليه فعله بالضبط، لم يرد أن يخاطر بالإقدام على فعل قد يكون سببا في موته عندما يفشل

في الحقيقة، عندما كانت أنمار تنصت لمعلمها عن حالة باسل و عرفت السبب، تفاجأت كثيرا، فذلك العالم الجنون قد أعطى شرحا قريبا لذلك مع أنه كان مبهم، هو لم يعرف عن الطاقة الروحية، لكنه فهم أن السبب هو طاقة غريبة تجعل باسل يعاني هكذا، حتى أن عينيه أظهرت إشراقا غريبا يبعث القشعريرة في الجسم عندما شاهد حالة باسل، من يعلم؟ ربما إن لم تكن أنمار هناك أو كان المريض شخصا آخر غير باسل، لا أحد سيكون قادرا على الجزم بقدرة ذلك العالم المجنون على منع فضوله

لكنه قمع فضوله بسبب النظرة القاتلة التي أتت بعدما صنع نظرته المشرقة، تلك النظرة جعلته يفكر ألف مرة في الفكرة التي أتته بعقله و يحذفها بعد ذلك

بعدما شبعت الأميرة كريمزون سكارليت من أنمار، قفزت على باسل و عانقته مع ظهور بعض الدموع قليلا على عينيها ثم تحدثت "لم يرد أي شخص إخبارنا عن حالك، لكن حرصهم هذا كان دليلا فقط على الحالة التي كنت بها، حمدا على سلامتك"

باسل الذي تفاجأ بسبب قفزها عليه، هدأ و حدق فيها بحنان ثم قال "لم يكن هناك شيء لتقلقين عليه، لذا لم يخبرك الآخرون، أنا بخير كما ترين أيتها الأميرة"

أزاحت الأميرة سكارليت نفسها عن باسل و تقدم الجنرال منصف بينما يقول "عودتك شيء عظيم، لقد انتظرناك بفارغ الصبر أيها السيد الصغير"


ابستم باسل فقط من دون الإجابة، جلسوا جميعهم في غرفة حول طاولة واحدة و تكموا لبعض الوقت كعائلة واحدة، التاجر ناصر أيضا انضم لهم في الحديث، بعد التعرف عليه من طرف الأميرة سكارليت و أمها، تقبلوه بكل سرور مما جعله في قمة السعادة، تحدث الجنرال منصف "إذا ما الذي جاء بك إلى هنا؟ ظننت أنك ستتوجه للقاعة الرئيسية أولا"

حدق باسل في الجنرال منصف و شرب الشاي ببطء ثم قال بهدوء "أريد لقاء جدتي"

تكلمت الأميرة سكارليت فجأة "أوه ! هذا جيد، إنها معزومة عندنا بالغداء، يمكنك انتظارها لذلك الحين"

لا زالت الظهيرة بعيدة قليلا، لذا اقترحت الأميرة سكارليت على باسل و أنمار الخروج للفناء و التمتع بنسيم الصباح الهادئ

في طريقهم، أتى صبي صغير عمره حوالي الخامسة مسرعا نحوهم و تعلق بقدم أنمار ثم تكلم "أختي الكبرى أنمار"

ربتت أنمار على رأسه ثم انحنت قليلا لتصبح في نفس مستوى طوله و قالت "أوه، كيف حالك أيها الملك الصغير"

كانت أنمار تعامله بشكل جيد، فبعد كل شيء، ذلك الفتى يعتبر ابن عمتها، أنمار تعز باسل بشكل كبير، بعده تأتي عائلتها، لا تهتم بأي شيء آخر في هذا العالم غير هذين الاثنين فقط

حدق به باسل، فبادله الطفل الصغير التحديق، حاول باسل التكلم معه "أوه، ما اسم الملك الصغير؟"

حملق الطفل الصغير به بعدائية نوعا ما، ثم أدار رأسه منزعجا من باسل كما لو أنه فعل شيئا سيئا بحقه


لم يفهم باسل ما يحدث، لكن الطفل الصغير تحدث "أختى الكبرى أنمار ستتزوج 'كارماين'، أليس كذلك؟" و بعد أن قالها حدق في باسل ثم أدار رأسه منزعجا مع صوت "همم"

يبدو أن الشقي الصغير لا يطيق باسل، لكن السبب واضح على ما يبدو، ربتت أنمار على رأسه و ابتسمت ثم قالت "كارماين، أختك الكبرى ستتزوج من أخيك الأكبر باسل، لكنك ستبقى أخي الصغير للأبد"

عبس 'كارماين' و حدق في باسل، هذا الأخير لم يستطع منع نفسه حتى صنع ابتسامة خبيثة في وجه الفتى الصغير، كانت ابتسامة تعلن فوزه، مما جعل كارماين الصغير يدمع و يضرب باسل بقدمه التي تألمت بدل أن تسبب الألم لباسل، أحس كارماين الصغير بالهزيمة فغادر مسرعا بينما يقول "أختى الكبرى أنمار الخائنة"

ضحك الجنرال منصف و البقية على هذا الأمر و أكملوا طريقهم بعدها، لكن أنمار بقيت متجمدة في وضعيتها من دون أن تتحرك مما جعل باسل يستغرب و يناديها، لكنها قامت من مكانها و تبعتهم بهدوء شديد كما لو أنها أصبحت في عالم آخر، لم يفهم باسل ما الذي حدث لها و أكمل طريقه فقط

في هذه الأثناء بالقاعة الرئيسية

"أوه، لقد أتى حليفنا باسل، هذا جيد، فلنذهب لرؤيته" تحدث الكبير أكاغي بعدما سمع الخبر من التاجر ناصر الذي أتى ليبلغه بالأمر

"لا" تكلم التاجر ناصر "في الحقيقة، لقد أخبرني السيد الصغير أنه سيأتي بنفسه إليك، أنت لست بحاجة للذهاب عنده، تحركك هذا سيتسبب في شك بعض المراقبين، إنه يريد تمضية هذا اليوم بهدوء"

أحبِط الكبير أكاغي قليلا، لكنه يريد تلبية طلب باسل، لذا مكث في مكانه منتظرا قدوم باسل فقط

و في القاعات الجانبية باليسار، هناك كان يمكث الإمبراطورين، كل واحد منهما أخذ قاعة كمبيت له مؤقتا

في جهة الإمبراطور شيرو


تحدث الإمبراطور شيرو عبر خاتم التخاطر (فلتجدوه بسرعة، لا أريد سماع أي خبر آخر منكم غير إحضاركم إياه، مما رأيت في تلك الحرب، ذلك الفتى هو ركيزة هذه الإمبراطورية، كسبه يعني كسب تلك الإكسيرات و الأدوات، مع معرفة كيفية بلوغ تلك المستويات الخارقة"

بعد انتهاءه اقتربت منه فتاة بيضاء، شعرا و عينا و جسدا، كما لو أنها منحوتة ثلجية تتحرك على قدميها، جمالها يجعل أي رجل يراها يسقط في غرامها، بدت كما لو أنها أميرة الثلج من الأساطير، فقط برؤيتها تجعلك تريد الموت من أجلها و تجعل روحك تخضع لها

تحدثت بصوت هادئ جدا "أبي، هل سيأتي 'قاتل الدم القرمزي' الذي تحدثت عنه؟"

حدق فيها أبوها و طرأت فكرة في باله جعلته يطرح سؤالا على ابنته "ماذا هناك؟ هل لديك اهتمام به يا شيرايوكي؟"

ضيقت الأميرة شيرايوكي عينيها و جعلتهما نصف مغمضتين ثم قالت بهدوء كبير "أنا فقط أريد أن أعلم، عندها سأحرص على عدم التواجد في حضوره"

استغرب الإمبراطور شيرو فسأل "لماذا؟ إنه البطل الذي أرجع عائلة كريمزون لحكمها"

لم تتغير تعابير الأميرة شيرايوكي و قالت "بطل؟ لقبه فقط يعطيك الخبر، أليس مجرد قاتل متعطش للدماء، شخص مثله قام بذبح عائلة كلها، كيف له أن يكون بطل؟"

تنهد الإمبراطور شيرو و قال "ابنتي الصغيرة، لقد كان في وسط حرب، إن لم يَقتل سيُقتل، ماذا تتوقعين؟"

التفت الأميرة شيرايوكي و تكلمت "أنا لا أهتم في الدوافع، قتل الناس كالحشرات شيء لا أطيقه فقط، لا يهمني إن ناداه الناس ببطل أو مجدوه كمنقذهم، في النهاية سيبقى مجرد قاتل بارد الدم بالنسبة لي، هناك الكثير يشبهونه في هذا العالم، من يبررون قتلهم بالعدالة، كلهم سيان بالنسبة لي، مجرد قتلة تحت قناع منقوش عليه اسم بطل"


تنهد الإمبراطور شيرو مرة أخرى ثم تكلم بداخله "شخصيتها هذه جعلت من الصعب قبولها بخطوبة أي شخص تقدم إليها، و أنا الذي كنت أظن أنني سأجعلها سببا في كسبنا لذلك الفتى"

بجهة الإمبراطور غلاديوس

"يبدو أن الفتى لا يريد مقابلة أي أحد حاليا، لكن في النهاية سيظهر نفسه لعائلة كريمزون، ضعوا أعينكم بحرص شديد هناك، محادثة صغيرة مع ذلك الفتى ستكون بمثابة كنز لا يضاهى، و مبارزة معه ستكون أكثر قيمة"

أمرهم الإمبراطور غلاديوس، فأجاب الجنرالين الراكعين على ركبة واحدة باحترام كبير "سمعا و طاعة"

مر الوقت، و ارتفعت الشمس فوق رؤوسهم، مما أعلن عن اقتراب موعد مجيء جدة باسل، هذا الأخير بدأ قلبه يتسارع قليلا، لا يعرف كيف عليه أن يواجه جدته هذه، و بينما يفكر في هذا الأمر، حتى تكلم صوت من بعيد مناديا باسمه "باسل"

لم يعرف باسل لمن هذا الصوت، كان لأول مرة يسمعه، لكن الصدى الناتج عن الصوت الذي ناداه تردد في قلبه مرارا و تكرارا، و أحس بشعور حنين جميل، أحس كما لو أن أمه قد نادته، صوت جديد على المسامع، مألوف للقلب، وقف باسل في مكانه بسرعة و تكلم "جدتي ! "

لم يلحظ باسل حتى وجد نفسه بذراعي تلك المرأة التي ظهرت، شعر بجسده يهتز، أحس بدفء لا يوصف في تلك اللحظة، لأول مرة في حياته، أحس باسل بدفء العائلة من شخص آخر غير أمه

حدقت به جدته التي لم تكن كبيرة كثيرا نظرا لعمرها، نظرت لوجه باسل من جميع الزوايا فدمعت عينيها ثم قالت "إنك تشبه أباك جاسر تماما" ثم عانقته من جديد

أحس باسل برجليه تفشلان، إنه يملك صلة ددمم أخرى، لقد استسلم عن هذا الأمر، في الحقيقة، كان قد اقتنع كليا أن أمه لوحدها كافية له كشخص يرتبط به بالدم، لكن بعد ملاقاته لجدته، علم عندها دفءً آخر مختلف عن الذي يستشعره من أمه

و من دون أن يدري حتى انسلت دمعة من جفنه جاعلة إياه يدرك أنه في الحقيقة لطالما تمنى في أعماق قلبه الالتقاء بشخص آخر يرتبط به بالدم

بادل باسل العناق مع جدته، فحدق بهما الجنرال منصف و أنمار بتعجب، و كذلك كان حال الأميرة سكارليت، لكن تعجبها هذا لم يطل حتى تحول لدموع متأثرة من لم الشمل هذا، أمّ الأميرة سكارليت و زوجة الكبير أكاغي التي رافقت جدة باسل كل الطريق إلى هنا، لم تستطع هي أيضا منع دموعها من النزول بغزارة

امرأة فقدت زوجا تاركا إياها مع ابن وحيد و والديها العجوزين، في يوم من الأيام اختفى الابن، و بعدها مات والديها الطاعنين في السن، انتظرت ابنها آملة رجوعه يوما ما، مرت سنين و لا زال لم يعد، حتى أتاها خبر موته، لكن الخبر الجيد المصاحب للخبر السيء كان الشيء الوحيد الذي جعلها لا تفقد إرادتها في الحياة

خبر موت ابنها قد حطم آمالها، لكن خبر وجود حفيد من ابنها الميت جعل تلك الآمال تُنعش من جديد، و الآن، التقى الحفيد و الجدة، الاثنين معا كانا يشعران بسعادة غامرة، و أحس كل واحد منهما بالقرب الشديد من الطرف الآخر

*****

في سلسلة جبلية امتدت لآلاف الأميال و اتخذت شكل حلزونيا، ظهر هناك إدريس الحكيم، كان يقف بالسماء في مركز هذه السلسلة الجبلية التي تعتبر كلها منطقة محظورة

حدق بالأسفل و تكلم "حسنا، هذا المكان مناسب، سيكون جيدا لتدريب الفتى باسل القادم، و الآن، فلنبني بعض المصفوفات الروحية"

نزل إدريس الحكيم من السماء، و بمجرد ما أن اقترب من الأرض حتى ظهرت الآلاف من الوحوش السحرية مرة واحدة، كانت تشمل ثلاث أنواع مختلفة

حدق إدريس الحكيم بها و تمتم "كما توقعت، لقد تطورت الوحوش السحرية أيضا، اقتراب شخص ما من اختراق المستويات الروحية يجعل هذا العالم قريبا من التحول من عالم سحري لعالم روحي"

كانت الوحوش تمتلك نية قتل مخيفة تجاه إدريس الحكيم، بدت كما لو أنهت اجتمعت لتصد المحتل و تقتله أو تخرجه من منطقتها

حصان مخالب الظلام ، الأسد الشيطاني، الكوبرا المجنحة، كلها وحوش يعلم عنها إدريس الحكيم جيدا، قبل سنين قليلة، لم تكن قوية كالآن، حصان المخالب الظلام الذي ازدادت هالته و حجمه أيضا، بدا كما لو أنه يتعرض لتغير تطوري، و كذلك الحال مع النوعين الآخرين

لم تكن هذه الوحوش تفوق حتى المستوى الخامس بالعالم الواهن، لكن إدريس الحكيم لاحظ هذا التغير الكبير في قوتها مؤخرا، هذه الوحوش ازدادت قوتها بكثير عما سبق و اخترقت للقسم الثاني من مستويات الاكتساب

مستويات الوحوش تختلف قليلا عن مستويات السحرة، فالوحوش يملكون حجر الأصل، بينما السحرة يملكون نقط الأصل

و الآن بعدما كانت هذه الوحوش في المستوى الخامس فقط، أصبحت الآن في المستوى التاسع و العاشر، تطورها هذا سريع للغاية، فكر إدريس الحكيم لقليل من الوقت

لابد من أن السبب يعود لاختراق أحدهم من العالم الواهن للقسم الثاني من مستويات الربط قبل فترة طويلة، و إلا لن تتطور هذه الوحوش لهذه الدرجة أيضا

أحاطت الوحوش السحرية بإدريس الحكيم من كل الجهات و هاجمته مرة واحدة، أحصنة مخالب الظلام استخدمت سحر الظلام و أحاطت به مخالبها و قرونها الأمامية ثم انقضت على إدريس الحكيم، و كذلك فعلت الأسود الشيطانية التي توهجت قرونها الرقيقة و ذيلها الثعباني ثم التهبت أجسادها، و أخيرا حلقت أفاعي الكوبرا المجنحة و رفرفت بأجنحتها مطلقة ريشها الغير منتهي و القاسي و المدعم بسحر الماء بحيث يمكنه اختراق الدروع السحرية الأقل منه مستوى من الهجمة الأولى

كلها انقضت على إدريس الحكيم مرة واحدة


وقف إدريس الحكيم مغلقا عينيه بثبات من دون تحرك، و في لحظة

ووووووش

فتح عينيه مطلقا نية قتل مرعبة جعلت كل الوحوش السحرية تتجمد في مكانها من الخوف و لم تستطع التحرك أبدا حتى خرجت كلمة واحدة من إدريس الحكيم "انصرفي"

وووش ووووش وووش

هربت الوحوش كلها في جميع الاتجاهات من شدة الفزع، نية القتل التي أخرجها إدريس الحكيم لوحدها كانت كافية لجعلها تقطع مئات الأميال مبتعدة عن مكانه، و في لحظات، كل الوحوش المحيطة بالمنطقة هرعت هاربة

أصبح المحيط المقدر بحوالي ألف ميل كله خال من أي وحش سحري تماما

حدق إدريس الحكيم في المكان بعناية ثم أغمض عينيه بعد التوقف في مكان محدد و جلس في الهواء متقاطع القدمين ثم صفق بيديه، فإذا بثلاث كرات بحجم رأس الإنسان ظهرت فوق رأسه بينما تحمل معها قوانين ملكية و تجعل الهواء ثقيلا بتحركها الدائري السريع، التفت حول الكرات حروف رونية تغيرت من دون توقف و بشكل لانهائي

و بينما تحيط به تلك الكرات ذات الهالة الملكية بينما يحلق في السماء، رفع يده اليمنى و ترك اليسرى في نفس الوضعية التي اتخذتها من التصفيق ثم أنزل اليمنى مرة أخرى فرسم خطّا روحيا على الأرض، و بعد ذلك استمر في فعل نفس الأمر مرارا و تكرارا و باتجاهات مختلفة مكونا نقوشا روحية بادئا عمله في بناء المصفوفات الروحية

*****

في هذه الأثناء، انفرد باسل بجدته في غرفة بمنزل الجنرال منصف و زوجته الأميرة سكارليت. تحدثوا حول الكثير من الأمور، و تمحور غالبها على باسل و أبيه جاسر

أحس باسل بالقرب من جدته 'رقية'، و أمضى بقية النهار معها، بعد أكلهما للغذاء، ذهبا للتحرك قليلا بينما يكملان حديثهما

"أوه، إذا ماذا حدث بعد ذلك؟" سأل باسل


أجابت جدته رقية "هوهوهو، هذا يثير اهتمامك إذا"

حك باسل رأسه ثم قال بابتسامة "حسنا، هذا صحيح، فهذه أول مرة أسمع فيها كلاما كثيرا عن أبي هكذا، لم يكن بإمكاني تذكير أمي بهذا الأمر، لذا دائما ما تحاشيته"

حدقت رقية في حفيدها بحنان ثم أجابت "أقيمت مبارزة بينهما لتحديد الأقوى"

"هاهاها، هكذا إذا، من فاز بالأخير؟ العم أكاي أم أبي؟"

"هذا..." قالتها الجدة فأوقفها هرع جندي ما بينما يصرخ "سيدي، سيدي"

حملق به باسل و تكلم بنبرة حادة "ما الذي تريده؟ ألا ترى أنني مشغول؟"

"أرجوا المعذرة" نزل الجندي على ركبة واحدة و تكلم بينما يلهث "مبعوثين من الإمبراطورين شيرو و غلاديوس قد أتوا و لا يريدون المغادرة إلا بعد اللقاء بك، يبدو أنهم متأكدين من وجودك هنا، و الآن الجنرال منصف يوقفهم بينما يزداد الموقف سوءا مع مرور الوقت بما أن الجنرال منصف يخبرهم بالذهاب و هم لا يريدون"

ضاقت عيني باسل فقلقت جدته، تكلم مع الجندي "أين الموقع؟"

أخبره الجندي فالتف باسل لجدته ثم ابتسم لها و قال "يبدو أن كلامنا سيتأجل لبعض الوقت، آسف يا جدتي، سأحاول الاعتناء بهذا الأمر بسرعة و أعود لنكمل حديثنا" و بعدما انتهى قبل رأس جدته ثم ذهب

أمام البوابة الخلفية لمنزل الجنرال منصف، كان هذا الأخير يحملق في أشخاص يرتدون زيا غريبا أسودا ملتصقا على أجسادهم و يلفون حول رؤوسهم ضمادات سوداء و بدوا كالمومياء، هؤلاء كانوا الذين على اليمين، أما الذين باليسار، فكانوا يرتدون قمصانا بيضاء تصل لأسفل الركبة مع سراويل بنفس اللون، و هم كذلك كانوا يخفون وجوههم بأقنعة اتخذت شكل النمر

تكلم الجنرال منصف بغضب "سأكرر كلامي لمرة أخيرة، إن لم تنصتوا، سأستخدم العنف عندها. السيد الصغير باسل مشغول حاليا و لا يمكنه المجيء، انقلعوا"

حدق السود و البيض بالجنرال منصف و لم يتكلموا، كان الجنرال منصف شخصا عاقلا و لم يرد إحداث ضجة لا فائدة منها، هؤلاء مبعوثين من الإمبراطورين نفسهما، رفضهما فقط يمكن تسميته بالفعل الشائن تجاه الإمبراطورين، لذا لم يرد استخدام العنف، عندها سيكون يتحدى الإمبراطورين بفعله هذا، هذا الوقت مهم لهم و يجب عليهم الاتحاد فيما بينهم


حاول الجنرال منصف تهديدهم، لكنه لم ينجح، يبدو أنهم يعرفون ما يفعلون بالضبط

عبس الجنرال منصف من الموقف الذي أصبح فيه، عندها، تكلم صوت مألوف على مسامعه "أيها العم منصف، أحيانا سيكون عليك ألا تفكر في العواقب كثيرا، فعادة تكون مجرد وهم ينشأ من تجاربك السابقة"

حدق الجميع في الفتى القادم، و بمجرد ما أن شاهده السود و البيض حتى أدركوا هويته عبر الوصف الذي تلقوه ثم قالوا "قاتل الدم القرمزي"

تكلم الجنرال منصف بينما يحدق في باسل الذي يقترب "ما الذي تقصده يا سيدي الصغير؟"

ضيق باسل عينيه ثم قال "هذا ما أقصده"

وووش

بووم


اختفى باسل في لحظة و ظهر أمام الشخص الأمامي من السود و الذي بدا كقائدهم و لكمه على بطنه مسقطا إياه على الأرض مغميا عليه بينما تخرج الدماء من فمه

تفاجأ الجميع، لكنهم لم يدروا ما حدث حتى كان باسل قد اختفى من مكانه السابق و ظهر أمام قائد البِيض و لكمه جاعلا حالته مثل قائد السود

فتح الكل فمه من شدة الصدمة، تكلم واحد من السود "هل تعلم ما الذي تفعله؟"

أكمل بعده واحد من البيض "ستكون هناك عواقب وخيمة لما فعلته"

حدق فيهما باسل مما جعل جسدهما يقشعر ثم قال "عواقب وخيمة؟ ما هي يا ترى؟"


"هذا..." لم يكن أحد قادر على إجابته

تكلم باسل بنبرة حادة "سأقول شيئا واحدا لكم و بلغوه لمن أرسلكم، 'أنا مشغول حاليا، عندما يصبح لدي وقت فراغ، سأفكر في منح القليل منه لك'، و الآن انقلعوا"

"أيُّه..." حاول واحد من السود الصراخ لكنه توقف بعدما وضع شخص يرتدي درعا فضيا يده على كتفه، ثم تمتم باسم من أوقفه "الجنرال أصيل ! " كان هذا الشخص واحد من الجنرالين اللذين كانا مع الإمبراطور غلاديوس

تكلم الجنرال أصيل بهدوء "آسف على الإزعاج، لكن ألا تظن أنك تماديت في الأمر قليلا؟"

حملق به باسل و أجاب "لا"

تنهد الجنرال أصيل ثم قال "متى سيكون بإمكانك لقاء سيدي؟"

أجاب باسل "عندما أقرر أنا ذلك، أنا أتذكر ديني تجاه الإمبراطورين شيرو و غلاديوس، هذا هو الشيء الوحيد الذي يمنعني من التمادي في الأمر، لذا سأريد منكم التوقف عن إزعاجكم هذا في المقابل، غير ذلك، سأتمادى عندها"

"هكذا إذا" تكلم الجنرال أصيل ثم التف و قال "سننتظرك إذا بفارغ الصبر"

غادر فتبعه السود أيضا بعد حملهم لقائدهم

حدق باسل في البيض ثم سألهم "ما هي خطوتكم القادمة؟"

بلع البيض ريقهم ثم حملوا قائدهم و قال واحدا منهم "نحن متأسفين على الإزعاج، سنبلغ رسالتك لسيدنا"

سارَعوا في الذهاب أيضا، فتنهد الجنرال منصف و قال "أخيرا ذهبوا" ثم أكمل سائلا باسل "سيدي الصغير، متى تنوي الذهاب للقائهم؟"


أجاب باسل "لا زالت لدي بعض الأعمال الغير مكتملة يجب علي إنهاؤها، بعدما أقضي بعض الوقت مع جدتي، سأذهب للسجن المركزي لاستجواب شاهين و تلك العاهرة"

"هكذا إذا" فهم الجنرال منصف ما تحدث عنه باسل، هذا الأخير سيستجوب شاهين بخصوص حلف ظل الشيطان، يجب عليه استخراج بعض المعلومات منه، فحتى الآن، بعد كل التعذيب الذي مر منه بالسجن المركزي، لا زال شاهين لم يفصح عن أي معلومة، و لم يقل أي حرف واحد، لكن في المقابل، لا زال لم يعرف حتى الآن لم يحتاج باسل لـغرين شارلوت

عرف باسل الأحداث التي مرت خلال غيابه عن الوعي من أنمار أثناء طريقهم إلى هنا، و أول ما سأل عنه كان شاهين و غرين شارلوت، فهذان يعتبران وسيلة مهمة له لقضاء بعض الأعمال

علم أيضا عن التغيرات التي حدثت برجوع عائلة كريمزون للحكم، و كما وعد الكبير أكاغي، أصبح كل شخص بإمكانه تلقيب نفسه، مما جعل النبلاء يثورون كثيرا و يزعجونه، لكن الكبير أكاغي تجاهلهم فقط حتى الآن، و لا زال لم يقم بالاعتناء بهذا الأمر، و خلال هذين الشهرين، بدأت تظهر بعض العلامات على عدم رضى بعض العائلات بالوضع الذي أصبحت عليه الإمبراطورية

أصبح أبناؤهم يدرسون في أكاديمية السحر مع القرويين و الناس العامة من دون التفرقة بينهم أبدا، أصبح كل شخص يمكنه أن يتلقى الدروس من نفس معلمي التلاميذ من العائلات النبيلة، مثل هذا الأمر لم يكن له سابق في التاريخ، حتى أثناء حكم عائلة كريمزون سابقا لم يكن مثل هذا الأمر موجودا

اعتزاز النبلاء بأنفسهم و معاملة الطبقى السفلى من المجتمع كالحشرات كان شيئا طبيعيا في هذا العالم، و بما أنه الشيء الطبيعي، محاولة تغييره ستجعل الكثير لا يقبل ذلك، مما سيتسبب في ثورة كبيرة

تكلم باسل مع الجنرال منصف "غدا سأتكلم مع الكبير أكاغي حول وضع الإمبراطورية الحالي، يجب عليه معالجة هذا الأمر بسرعة من أجل التركيز على حلف ظل الشيطان"

أماء الجنرال منصف رأسه ثم ذهب نحو الفناء الذي تجلس به زوجته و أمها، و أنمار و الصغير كارماين. كما اتجه باسل نحو مكان جدته بينما يفكر في شيء ما "قاتل الدم القرمزي ! ؟"

قضى باسل بقية اليوم مع جدته بعد العودة إليها، و بحلول صباح اليوم الجديد، تلقى رسالة عبر خاتم التخاطر من معلمه بعد استيقاظه من النوم بقليل

(كيف تشعر أيها الفتى باسل؟) سأله المعلم

أجاب باسل (لا زال جسدي متضرر قليلا، لكن يبدو أن قدرة شفائي أصبحت تسبق الضرر الذي يحدث لي، جسدي تطور قليلا ليتحمل الطاقة الخارجية)

(معك حق) أكمل المعلم (أنا حاليا مشغول ببناء شيء ما سيكون محور تدريبك القادم، انتهائي سيكون في بضعة أسابيع، حينها سيكون عليك القدوم إلى هنا)

استغرب باسل فسأل (أين أنت الآن أيها المعلم؟)

أجاب المعلم (إنني في السلاسل الجبلية الحلزونية)

تفاجأ باسل قليلا، بعد قارة الأصل و النهاية، يأتي 'أرخبيل البحر العميق' كثاني أكبر منطقة محظورة، ثم تأتي السلاسل الجبلية الحلزونية في المرتبة الثالثة، ليس هناك شخص لا يعرف هذه الأماكن


انقسم هذا العالم لثلاث قارات و آلاف الجزر، فقط 'أرخبيل البحر العميق' يمكن اعتباره قارة ضئيلة في حد ذاته. هناك ثاني أكبر قارة و التي بها إمبراطوريتي 'الشعلة القرمزية' و 'الأمواج الهائجة'، و هناك القارة الأصغر التي سيطرت عليها إمبراطورية 'الرياح العاتية' صاحبة أكبر تعداد سكاني في العالم، مع أنها فقدت ربع سكانها في الدمار الشامل، إلى أنها لا تزال تحتوي على أكبر عدد من البشر، بما أنها في قارة منعزلة عن الإمبراطوريتين الأخريين، جعلها تكون بعيدة عن الحروب الطويلة التي تكون سببا في تقليل عدد البشر، و هناك أكبر قارة، قارة الأصل و النهاية، إنها كعالم منفصل خاص بالوحوش السحرية

(حسنا) أكمل باسل (لكن أيها المعلم، هناك بعض الأعمال التي يجب علي إنهاءها أولا)

لم يجب المعلم حالا، لكنه فعل بعد فترة قصيرة (لا بأس بهذا، لكن مهما كانت هذه الأعمال، يجب أن تنهيها بسرعة، بعدها سيكون عليك المجيء إلى هنا، لقد ذهبت إلى قارة الأصل و النهاية و وجدت شيئا مثيرا للاهتمام، و حدسي يقول أنه سيكون مفيدا لك كثيرا)

تفاجأ باسل، هناك شيء في هذا العالم يمكن لمعلمه أن يقول عنه مثير للاهتمام ! عندما وجد باسل مطرقة بنقوش أثرية في حوزة غرين كانديد و إكسيرات بحوزة أختيه خلال الحرب، فكر في زيارة قارة الأصل و النهاية، العالم الواهن الذي لم يكتسب المعرفة و لا القوة، كانت قارة الأصل و النهاية التي هي جزء منه تحتوي على أسلحة بنقوش أثرية و إكسيرات ! مما يعني أنها قد حصلت على زيارات من أشخاص من عالم آخر من قبل

فكر باسل في احتمال وجود أسلحة روحية أيضا، بما أن هناك أشخاص في مستويات الربط قد سبق لهم و أن أتوا لهذا العالم، فلا شك أن هناك أشخاص بالمستويات الروحية قد أتوا أيضا، و على ما يبدو، فإنهم قد ذهبوا لقارة الأصل و النهاية من دون الاهتمام في بقية العالم، فلو أنهم ظهروا في هذا العالم و رأوهم الناس و لو قليلا، لكان العالم الواهن قد اكتسب القليل من معرفتهم

لكن، السؤال يبقى هو 'ما سبب قدومهم إلى العالم الواهن؟' أو بالأحرى، 'ما سبب قدومهم إلى قارة الأصل و النهاية؟' دارت العديد من الأفكار في ذهن باسل قبل أن يستنتج شيئا

"هل يمكن أنه شيء مرتبط بالشيء الذي أثار اهتمام المعلم الذي تحدث عنه؟ شيء أثار اهتمام المعلم، لن يكون غريبا أن يثير اهتمام سحرة و سحرة روحيين آخرين"

أكمل باسل كلامه مع المعلم (معلمي، في الحقيقة لقد كان بعض الأشخاص من عائلة غرين في الحرب يملكون سلاحا بنقوش أثرية و الإكسيرات أيضا و التي لا أزال لم أنشرها بعد في العالم، و على حسب كلامهم، فهم قد اكتسبوها من قارة الأصل و النهاية)


(هوه، هكذا إذا) بعد كلام باسل، بدا على إدريس الحكيم كما لو أنه قد ربط عدة نقط مكونا شكلا واضحا في عقله، أكمل (لم أهتم بأي شيء آخر عدا شيء واحد في تلك القارة، لذا لم أبحث في أمرها كثيرا، لكن بالنظر لكلامك، فهذا يعني أن هناك أشخاصا ليسوا من هذا العالم قد أتوا إلى قارة الأصل و النهاية، مما يشير لشيء واحد، لقد تتبعوا آثار الشيء الذي أثار اهتمامي، لكن 'لم سحرة من مستويات الربط فقط كانوا قادرين على الدخول لهذا العالم؟' يبقى أمرا غامضا)

"كما توقعت" قالها باسل بداخله ثم قال لمعلمه (أيها المعلم، هناك شيء مثير للاهتمام أكثر. لقد وجدت مخطوطات روحية بقاعة الكنز في القصر الإمبراطوري، إنها ثلاث)

(ماذا ! ؟) حتى إدريس الحكيم نفسه قد تفاجأ، فكر لقليل من الوقت، بالطبع لا يمكن لسحرة من مستويات الربط أن يأتوا لهذا العالم، لكن الأمر مختلف إن كانوا يرافقون ساحرا روحيا، لابد من أنهم كانوا جنودا أو تلاميذ ذلك الساحر الروحي

لا يزال إدريس الحكيم لا يعلم ما مستوى هذا الساحر الروحي الذي أتى إلى قارة الأصل و النهاية متتبعا ذلك العالم الثانوي، لكن النية التي تحكم هذا الأخير منعت إدريس الحكيم من الدخول عبر استخدامها للقوة الغاشمة. حتى بالحكمة السيادية، كان إدريس الحكيم سيأخذ وقتا طويلا جدا في فك أنماط النقوش الروحية من أجل الدخول لذلك العالم، لكن تلك النية لن تسمح له بهذا

لم يكن إدريس الحكيم يعلم عن وجود هذا العالم الثانوي هنا، لا يمكن لأي ساحر روحي أن يأتي لمثل هذا العالم الواهن الذي يعتبر أضعف عالم على الإطلاق، لا توجد به أي أسلحة ملكية أو كنوز سيادية، لكن في الحقيقة هناك ساحر روحي قد فعل، لا، قد يكونون سحرة روحيون، مما يشير لوجود كنز خيالي جعل سحرة روحيين يأتون إلى هنا متتبعين أثره، مثل هذه الأفكار تركت إدريس الحكيم يفكر عميقا في ذلك العالم الثانوي

تكلم إدريس الحكيم محدثا باسل بجدية (أيها الفتى باسل، أسرع في إنهاء أعمالك، أنا لا يمكنني ترك ما بيدي الآن، لكن عندما أنتهي، سآتي لأعود بك إلى هنا، سيكون عليك تعلم الكثير من الأشياء، أما تلك المخطوطات الروحية، فسوف أنظر في أمرها بعد لقاءنا)

(حاضر) لم يزد باسل كلمة أخرى عنها، من نبرة معلمه، لابد و أن الأمر في غاية الأهمية، يجب عليه إنهاء أعماله بسرعة

قال المعلم (درب في الوقت الحالي جسدك، يجب أن تجعله يصل للمستوى المطلوب ليستطيع تحمل المستوى التاسع من عنصر التعزيز لتستخدمه بحرية، لا يجب عليك استخدام عنصر التعزيز لذلك الحين أبدا، حاول تأجيل اختراق عنصر النار للمستوى السابع، فذلك سيزيد الطين بلة فقط، مما رأيت البارحة، عنصر النار يقف في قمة القسم النهائي من المستوى السادس، حاول قمعه جيدا كي لا يخترق)

(نعم، أعلم أيها المعلم، لا تقلق) أجابه باسل ثم أكمل بعد تذكره لأمر ما (آه، بالمناسبة، يبدو أن العدو الذي كنت أجهله قد علمت البعض عنه، لا زلت لا أعرف حتى الآن التفاصيل، لكن الشيء المهم هو أنهم قد اكتسبوا معرفتهم من شيطان ما، اسمهم 'حلف ظل الشيطان'، قال واحد منهم عندما كنت أقاتله أنهم وُعِدوا ببلوغ السيادة العظمى أو شيء كهذا)


بعد انتهاء باسل من الكلام، لم يجبه المعلم لوقت طويل حتى بدأ يناديه (أيها المعلم ! أيها المعلم ! )

(آه، لقد سهوت قليلا فقط في عملي، المهم، لقد وصلت لمرحلة مهمة في العمل و يجب علي التركيز أكثر، حاليا، ركز على الإسراع في الانتهاء من أعمالك فقط، سأتواصل معك عندما أنتهي) أنهى المعلم الاتصال

في جهة إدريس الحكيم الذي كان يحلق في السماء بينما تشع أضواء من تحته، نزلت بعض قطرات العرق البارد على وجهه بينما يكرر كلمتين غير مصدق لما سمعه "السيادة العظمى ! ؟"

أما في جهة باسل، شعر هذا الأخير بغرابة في تصرف معلمه، لكنه تناسى هذا الموضوع للآن و نهض من سريره بعدما كان يجلس عليه ثم توجه خارجا

بمجرد ما أن فتح الباب حتى وجد أنمار تنتظره، حدق بها ثم فكر في توقيتها المثالي في كل مرة، ذهب الاثنان معا متوجهين نحو قاعة القصر الإمبراطوري الرئيسية

و في طريقهم، تلقى باسل اتصالا عبر خاتم التخاطر ثم تكلم من خلاله، فتكلم بصوت مسموع من دون أن يشعر "شكرا لك على المعلومات القيمة"

لاحظ باسل عندما دخلوا للقصر الإمبراطوري همس بعض الجنود فيما بينهم، و مرة أخرى سمع ذلك الاسم الغريب بينما تتجه نظراتهم إليه حتى وصلا للقاعة الرئيسية

تلقى ترحيبا حارا من الكبير أكاغي ثم ذهبوا لتناول الفطور بينما يتحدثون، انضم إليهم الجنرال منصف و التاجر ناصر


تكلم باسل بينما يشرب كوبا من الشاي على مهل "كم عدد العائلات النبيلة الغير راضية بالوضع الحالي؟"

أجاب الكبير أكاغي بعد أن تنهد "حوالي الـ50، بسبب القوانين الجديدة التي فرضتها عليهم، يحاولون جعلي أغير رأيي، و على ما يبدو أن هناك أشخاص بينهم يحاولون جعل هذا الأمر كعذر لإثارة الفوضى و الثورة و جني الربح من الظلال، لقد مسست بالقانون الطبيعي في هذا العالم، كنت أعلم أنني سأتلقى مثل هذه الردود"

وضع باسل كوب الشاي على الصحن الصغير ثم تكلم مغمض العينين و بهدوء "القانون الطبيعي هاه ! العصر يتغير، العالم يتطور، حضارات تُهدم و أخرى ترقى، لكن مع ذلك طبيعة الإنسان لا تتغير بتلك السهولة"

حدق به الجميع متسائلين عن الذي يقصده، شرب باسل آخر رشفة من الشاي ثم أكمل قائلا "ليس العصر ما يجعل القانون قانونا طبيعيا، و لا العالم، و لا الحضارات كذلك، لكنها طبيعة الإنسان، و عند النظر لذلك من هذه الناحية، فستجد الجواب أمام عينيك، إن لم تكن قادرا على تغيير القانون الطبيعي، فيجب عليك ببساطة تغيير طبيعة الإنسان، عندها، ستكون قد حققت مرادك، إن أردت علاج مشكلة ما، فابحث عن جذرها و استأصله"

"...طبيعة الإنسان تعمل بشكل غريب، لكن الشيء الواضح هو أنها دائما ما تتبع الطريق الذي سيجعل الإنسان ينجو، قد لا تكون تتغير بسهولة، لكن إن حدث تغير ضخم كاف لتغيير كافة المعايير التي جعلت من طبيعة الإنسان تقرر ما هو الصحيح و ما هو الخاطئ، عندها، طبيعة الإنسان نفسها ستحاول التكيف مع هذا التغير الضخم الذي حدث، ثم سيتغير القانون الطبيعي"

تعجب الكبير أكاغي و البقية غير أنمار من كلام باسل، سأل الكبير أكاغي "كيف سنفعل هذا؟"

عندها نهض التاجر ناصر من مكانه فقال له باسل "يبدو أنك فهمت"

حدق الكبير أكاغي و الجنرال منصف في التاجر ناصر الذي قال "حان الوقت لبدئنا في بيع الإكسيرات ! "


ابتسم باسل ثم قال "هذا صحيح، لكن ليس هذا فقط، سنبدأ في بيع الأسلحة بالنقوش الأثرية أيضا"

فهم الكبير أكاغي و الجنرال منصف أخيرا ما عناه باسل، لكن الكبير أكاغي تساءل "أليس هذا الأمر غير كاف لتغيير طبيعتهم؟"

اقتربت خادمة ثم ملأت كوب باسل بالشاي مرة أخرى ليبدأ في أخذ رشفة أخرى، قال بعد إعادته الكوب إلى الصحن مجيبا عن سؤال الكبير أكاغي "هذا صحيح، كما قلتُ، إنها لا تتغير بسهولة، لكن ماذا إن حدث نفس الأمر في العالم كله؟ ماذا إن تم المساس بالقانون الطبيعي في العالم كله إضافة للتغير الملحوظ الذي سيحدث في الشهور القليلة القادمة بعد كشف الإكسيرات؟"

المساس بالقانون الطبيعي في العالم كله؟ هذا السؤال حير الكبير أكاغي قبل أن يدرك مقصد باسل، وقف ثم قال "الإمبراطوران شيرو و غلاديوس"

ابتسم باسل فسأله الكبير أكاغي مرة أخرى "كيف ستقنعهما؟"

تكلم التاجر ناصر مرة أخرى "طريقة الصنع"

تفاجأ الكبير أكاغي و الجنرال منصف، هذا صحيح، بطريقة صنع الأدوات و الإكسيرات، إضافة لتلك النقوش الأثرية، لن يكون بوسع الإمبراطوران سوى القبول، عند مساسهما أيضا بالقانون الطبيعي، سيضطر الناس للنظر في طبيعتهم، و عندما يشهدون الإكسيرات، الأدوات و النقوش الاثرية، سيقبلون بالأمر تماما، عندها سيفهمون أن عليهم تغيير طبيعتهم من أجل التأقلم مع العالم الجديد، و بذلك سيقبلون بالقانون الطبيعي الجديد عبر قبولهم بتغيير طبيعتهم

تكلم الكبير أكاغي سائلا باسل "يبدو أن الإمبراطورين يريدان لقاءك، لما لا تريد إعطاءهما وجها؟"

تكلم باسل "السبب الأكبر هو أنني مشغول، و بافتراض أنني كنت متفرغا فلن أعطيهما وجها بتلك السرعة، لو أنني فعلت ذلك بتلك السهولة، ألن يبدو أمر الإكسيرات و النقوش الأثرية ذا أهمية قليلة، سأتحدث معهما بعد جعلهما يدركان أهمية الموضوع الذي سنتحدث عنه، بذلك، سيكونان قابلان للإنصات للكثير من شروطي تعويضا لطريقة الصنع"

"هكذا إذا" فهم الكبير أكاغي

و في تلك الأثناء، كان باسل يفكر بداخله "مع أن ذلك في الواقع ليس سوى عذر لأتهرب به من إزعاجهم، لكنه يبقى حقيقة بالرغم من أنني أستغله كعذر"

انتهى باسل من شرب الشاي ثم وقف. سأله الكبير أكاغي عن وجهته التالية فأجابه باسل "أولا سأذهب لزيارة شخص ما، ثم بعد ذلك سأذهب للسجن المركزي، أريد من العم منصف مرافقتي، فهو الشخص الذي تعامل مع المحكمة المركزية كي لا تتدخل في حربنا، أريد التكلم مع قاضتها حول هذا الأمر، و أيضا حول شيء آخر"

وقف الجنرال منصف ثم رافق باسل و أنمار
بعد الخروج من القاعة الرئيسية و الركوب بعربة راقية يجرها خيل ملكي، سأل الجنرال منصف عن وجهتهم التي حددها باسل

أجاب باسل بينما يفكر في شيء ما "سنذهب لمبيت أخوا القطع، هناك يوجد أختهما الصغيرة، يبدو أنها لم تستيقظ حتى الآن، لا يبدو عليها أي علامات تشير لمعاناتها، لكن في المقابل، لا يبدو عليها أي علامات تشير لاستيقاظها، بغرابة، لم يحدث عليها أي تغير طيلة الشهور الماضية، مثل هذا الأمر غريب جدا"

فهم الجنرال منصف كلام باسل جيدا، فهو قد شاهد العديد من الأطباء المشهورين عالميا يأتون مرارا و تكرارا للنظر في حالة باسل، و بجانبه، كانوا ينظرون في حالة أخت أخوَيْ القطع الصغيرة، و أيضا، كما حدث لهم مع باسل، استعصى عليهم أمرها كذلك

بقي باسل يفكر في العديد من الأشياء، هناك الكثير من الأمور التي يجب عليه حلها، و في قمتها، يأتي 'حلف ظل الشيطان'، بطريقة أو بأخرى، سيجعل شاهين يتكلم

انطلق الخيل الملكي بسرعة كبيرة و قطع عشرات الأميال في مدة قصيرة جدا، دخلوا لوسط العاصمة التي عاد لها اسمها القديم عندما كانت عائلة كريمزون تحكم، 'مدينة السيف القرمزي'، بعد تولي عائلة غرين الحكم، أزالت هذا الاسم و بدلته بـ'المدينة المورقة'، لم يقتصر الأمر على الاسم فقط، بل حتى العلامات التي كانت تتميز بها مدينة السيف القرمزي قد اختفت

لكنها عادت الآن، ليست كاملة، لكنها تعود رويدا رويدا مع مرور الوقت، في مركز العاصمة، كان هناك القصر الإمبراطوري الذي اعتاد أن يحاط بشعار عائلة كريمزون و أعمدة نارية مشتعلة على طول الحائط المحيط بالقاعة الخارجية، و الآن بعد عودة عائلة كريمزون للحكم، عاد شعارها ليُزَخرَف على طول الحائط و التهبت الأعمدة بينما تطلق انفجارات بين الحين و الآخر كما لو أنها تحتفل بعودتها لمكانها القديم

كان شعار عائلة غرين عبارة عن شجيرة خضراء تقطر دما، و كان شعار عائلة كريمزون عبارة عن سيف قرمزي محاط بنار ملتهبة، شعار عائلة كريمزون أحاط العاصمة كلها من جديد، رفرفت الأعلام الحاملة لشعار عائلة كريمزون معلنة بذلك عن العودة الكبرى، تحولت المدينة المورقة لتصبح مدينة السيف القرمزي شيئا فشيء، و اللون الأخضر الذي كان يطغى بالمدينة المورقة، اختفى في مدينة السيف القرمزي و تحول للون القرمزي الملتهب


أثناء تحركهم، تحدث باسل مع الجنرال منصف "أيها العم منصف، أنا ألاحظ وجوها سعيدة هنا، إنها أكثر إشراقا عن قبل، عندما أتيت أول مرة إلى هنا، لم تكن هناك سوى الابتسامات المزيفة و بدا على الكل كما لو أنهم مقموعين، لذا لم يكن هناك أي خيار آخر لهم سوى التظاهر بالرضى بالرغم من شعورهم بالعكس لذلك تماما"

أجاب الجنرال منصف "هذا صحيح، فبعد كل شيء، لم يعد هناك أي شخص يأخذ منهم ضرائب غير معقولة، صار بإمكانهم صنع لقبهم الخاص، و التجارة أصبحت عادلة، ليس هناك أي شخص يحتكر الأسواق لنفسه فقط، و ليس هناك اختفاء غريب للناس و خصوصا الأطفال بعد الآن، قلت الجرائم مع حرص فرقة السنبلة الخضراء على أداء مهامها جيدا بقيادة الجنرال رعد، هناك تغير إيجابي ملحوظ، فكيف للشعب ألّا يكون راضيا؟ قد يكونوا فوجِئوا بالحرب السابقة، لكن رؤيتهم لطريقة حكم عائلة كريمزون جعلتهم يتقبلون عودتها بكل سرور"

ابتسم باسل و أغمض عينيه ثم استمع لضحكات الناس الغير متصنعة و النشاط الذي أصبح يتخلل العاصمة، بدا كما لو أنها قد ولدت من جديد

أخذت عائلة غرين، عائلة غين، عائلة هويز، و عائلات أخرى تابعة لعائلة غرين الضرائب من القرويين الفلاحين، كذلك فعلوا مع التجار، هيمنوا عليهم و لم يتركوا أي أحد يتنفس الصعداء. احتقروهم و عاملوهم بعلو كعائلات نبيلة بلقب عظيم. كان هناك تحكم بأثمنة السلع و ليس هناك أي شخص قادر على معارضة الثمن المقرر من طرف غرين هيملر (الأمير الأول سابقا). كان هناك اختفاء للناس و خصوصا الأطفال، مثل هذه الجرائم لم تعد توجد أبدا بغياب مسببها 'غرين شارلوت'، و مع حرص فرقة السنبلة الخضراء على عدم ظهور شخص آخر مثلها، كانوا قد نجحوا في بث الأمان في قلوب الناس

و أثناء تصنت باسل على الأجواء الهنيئة بمدينة السيف القرمزي، سمع بعض الهمسات بين الناس و من الواضح أنهم يتكلمون بخفاء، حواس باسل أصحبت حادة جدا كفاية ليسمع همساتهم بوضوح، هذه الهمسات جعلته يأمر سائق العربة بالإبطاء من السرعة كفاية ليستطيع سماعهم

تكلم رجل في منتصف العمر بينما يحيط به عدة أشخاص من أعمار مختلفة "هل سمعتم؟ يبدو أن قاتل الدم القرمزي قد ظهر مرة أخرى، يقال أنه رفض مقابلة الإمبراطورين شيرو و غلاديوس"

تفاجأ أحد منهم "ماذا؟ لقد كان متخفيا لأكثر من شهرين، هل ظهر أخيرا؟ هل يمكن أنه ينوي على شيء خطير؟ كيف له أن يرفض اقتراح الإمبراطورين؟ هل جُن؟"

تمتم واحد آخر منهم "لكن، يقال أنه في المستوى السابع، و كان قادرا على هزيمة الآلاف من جيش العدو في الحرب سابقا، و ليس هذا فقط، بل حتى أنه قد قتل ددمم عائلة غرين بالكامل من دون ترك أي واحد منهم حي على الإطلاق"

شخص بجانبه دعم كلامه "نعم نعم، لقد سمعت بهذا أيضا، يقال أنه شخص لا يرحم أبدا و يقتل كل من يقف في طريقه و يعارضه من دون النظر إلى وجهه حتى، إنه القائد الأعلى لجيوشنا الحالية"


تكلم شاب في مقتبل العمر بارتعاد "الرحمة الرحمة، مثل هذا الشخص الخطير هو القائد الأعلى لجيوشنا، لنتمنى ألّا يجلب بلاء عظيما علينا"

تكلم الرجل الذي تحدث بالبداية "هذا صحيح، حتى أنه الآن يرفض اقتراح إمبراطورين للقائه، مثل هذا الشخص الخطير يجعلني فقط أخاف إن كان سيتسبب في جلب كارثة علينا بأفعاله هذه، ماذا لو أنه قام بشيء وقح تجاه الإمبراطورين مرة أخرى؟ ألن يكون سببا في اندلاع حرب عظيمة كالتي انتهت قبل 150 سنة؟"

تمتم الشاب الذي في مقتبل العمر مرة أخرى "الرحمة الرحمة، يجب أن نصلي لسلامتنا"

تساءل واحد منهم "لكن، ما هو أصل قاتل الدم القرمزي هذا على أي حال؟ ما اسمه الحقيقي؟ و لماذا ينادوه بقاتل الدم القرمزي؟"

استمرت الهمسات على طول طريقهم، و عندما سمع باسل هذه الأسئلة، أمر سائق العربة بالتوقف ثم تصنت لهمساتهم بعناية، و بدا عليه كما لو أنه رأى شيئا مثيرا للاهتمام

"أصله غير معروف حتى الآن" أجاب الرجل الذي تحدث بالبداية "لكن يقال أن اسمه الحقيقي هو باسل، لقد قام بقتل ددمم عائلة غرين بالكامل، لم يهتم بالصغير أو الكبير، لذا لقبوه بـ'قاتل الدم القرمزي'، فقط لقبه يجعلك ترى مدى قسوته"

همس الشاب الذي في مقتبل العمر خائفا "الرحمة الرحمة، فلنتوقف عن الحديث عنه، من يعلم؟ قد يسمعنا أحد توابعه و نقع في مشكلة كبيرة"

دعم رأيه واحد آخر "هذا صحيح هذا صحيح، لنتوقف عند هذا الحد"

"لا، لما لا تكملوا؟ أريد معرفة بعض التفاصيل حول هذا الشأن" عندها اقترب منهم فتى يبدو في عمر يناهز الخامسة عشر. حدقوا كلهم به بغرابة


تكلم الشاب الذي أراد إنهاء الموضوع لخوفه بلهجة تعاطفية "هيا هيا، أيها الفتى، من الأفضل لك أن تتوقف عن البحث أكثر في هذا الأمر، من المؤسف أن يكون هذا سببا في موت شخص في مثل سنك"

ابتسم الفتى و تحدث بهدوء "لما سأموت فقط لأنني سألت؟ أليس هذا شيء غير طبيعي؟ هيا لا تكن هكذا أيها الأخ الأكبر و نور أخاك الأصغر الجاهل"

تكلم الرجل الذي بدأ هذا الموضوع من الأول "معه حق أيها الفتى، أنا أيضا لا أريد الحديث في هذا الأمر أكثر، لا أريد أن أجد رأسي غير موجود بمكانه"

ابتسم الفتى و تكلم مع الحفاظ على هدوءه "لا تقلق، أنا لا أظن أن قاتل الدم القرمزي الذي تتحدثون عنه سيقتلنا فقط لأننا تحدثنا عنه، أنا مجرد قروي أتى للدخول لأكاديمية السحر و لا أريد أن أبقى جاهلا، نوروني أيها الكبار من فضلكم"

هدوء هذا الفتى الغريب و إلحاحه المستمر جعلهم يغضبون، حتى أن الشاب الخائف أسرع و تدخل جاعلا الفتى يبتعد عبر جره بعيدا بلطف بينما يتحدث "لا تسألهم أكثر من هذا، سوف تتسبب في إيذاء نفسك فقط بإغضابهم، بالرغم من مظهرهم العادي حاليا، لكنهم سحرة بالمستوى الثاني و قد أتوا لتأدية الاختبار الذي افتتحه تشكيل قاتل الدم القرمزي للانضمام إليه"

"هكذا إذا" وضع الفتى يده على ذقنه و تحدث "إذا لما لا تخبرني أنت، أنت لن تؤذيني، أليس كذلك أيها الأخ الأكبر؟"

"هذا..." لم يستطع الشاب الخائف التكلم، فخوفه جعله يوقِف أولئك الكبار عن التكلم حول هذا الموضوع، كيف له أن يبدأه بنفسه من جديد؟

عبس الشاب الخائف الذي أصبحت تعبيراته جدية و بدا كما لو أنه قد أصبح شخصا مختلفا تماما ثم تكلم "أيها الفتى، قلت أنك قروي من قبل، لكن من ملابسك فلابد من أنك من عائلة نبيلة، لا أعرف ما أهدافك، لكن من الأفضل لك التوقف عن البحث في هذا الأمر حقا"

"أمم..." ابتسم الفتى ثم قال "أنت أيضا أيها الأخ الأكبر تبدو كما لو أنك شخص آخر تماما عن الشخص الذي كنته قبل قليل"


تفاجأ ذلك الشاب، لكنه في الحال وضع يده على رأسه و حكه ثم قال بينما يضحك "لست سوى شخص خواف و جبان"

"هيه ! " تعجب الفتى من تصرفه ثم قال له "قد تكون قادرا على خداع أولئك السحرة هناك، لكن لن يكون بإمكانك فعل المثل معي، ساحر في مثل عمرك بالمستوى الثالث بالفعل، كيف لشخص موهوب مثلك أن يكون مجرد جبان؟"

صدم ذلك الشاب تماما، يده التي كانت تتحرك باستمرار حاكّة* رأسه قد توقفت و توجهت نظراته نحو عيني الفتى اللتين رأتا من خلاله، فجأة، تغير الجو حول ذلك الشاب، نظراته الخائفة أصبحت تحمل معها جدية غير معقولة

[حاكة = مؤنث 'حاكّ' من فعل 'حكّ]

سأل الشاب بعد إزالة يده عن رأسه بنبرة حادة عن التي اعتاد الحديث بها "من أنت أيها الفتى؟" كان صوته في طريقة سؤاله كما لو أنه لشخص آخر تماما

تكلم الفتى "هيا، لا تأخذ حذرك فجأة هكذا، نية قتلك بدأت تتسرب منك، لا يجب عليك أن تفقد هدوءك هكذا، غير ذلك، سوف تضيع تمثيليتك هباء بعد كل العناء الذي بدلته من أجل صنع تلك الصورة عنك"

لاحظ الشاب أنه بالفعل قد فقد هدوءه للحظات، لكن بعدما ضبط نفسه، أعاد نفس السؤال مرة أخرى بينما يحدق في الفتى الذي أمامه بعمق محاولا الرؤية من خلاله كما فعل له

ابتسم باسل ثم قال "أليس من الآداب تقديم نفسك قبل سؤال الشخص عن أصله؟"


عبس الشاب، لكنه أدرك أن الفتى معه حق، و بعد كل شيء، لا يبدو أن الفتى سيقدم نفسه له إن لم يفعل هو أولا، قال بعبوس "أنا من عائلة عامية من مدينة بجنوب العاصمة و اسمي 'أبهم'، ماذا عنك؟"

"أوه" تعجب باسل و قال "أصلك طبيعي و مع ذلك أنت ذو موهبة مذهلة، لقد أعجبتني أكثر، حسنا، أنا..."

"باسل، ألا زلت لم تنتهي؟" عندها نادت الفتى فتاة بجمال خلاب ظهرت من عربة بخيل ملكي، بوقوفها بجانب الخيل الملكي، كونت صورة مثالية من الجمال، و كانت كافية لتجعل قلب أي رسام يقفز، سيتقافز الرسامون من أجل الحصول على فرصة لرسم هذا المشهد الذي صنعته تلك الفتاة بوقوفها بجانب الخيل الملكي بينما يُقذف الماء من النافورات

في لحظة، توجهت نظرات الجميع نحو تلك الفتاة التي تحدثت، و جعلت الكل في صمت تام من شدة تأثرهم، أما 'أبهم'، فقد بقي مندهشا تماما حتى تكلم الفتى "لقد سمعت اسمي، و أنا قروي كما سبق و أن قلت لك، حسنا يا أبهم، سوف أتركك للآن، لدي أعمال يجب أن أنهيها، لكني سأقابلك مرة أخرى"

التف الفتى و ذهب في اتجاه الفتاة التي نادته، رجع 'أبهم' لصوابه فسأل الفتى "كيف ستجدني؟ ليس و كأنني أمضي وقتي هنا، إنني لست حتى من العاصمة"

تكلم الفتى من دون الالتفاف "يبدو أنك قد أتيت لاجتياز اختبار التشكيل، هذا كاف، و لقد أعطيتني اسمك أيضا"

ركب الفتى و الفتاة العربة التي تحركت بعد فعلهما لذلك

بقي أبهم متجمدا في مكانه، بالنظر للعربة التي ركبها، فلا بد من أنه شخصية عظيمة، من هو ذلك الفتى بالضبط؟ فكر لقليل من الوقت "يبدو أن اسمه باسل، أتساءل من يكون؟"

ثم بعد أن التف ليعود إلى تلك الجماعة من قبل حتى توقف في مكانه و فتح عينيه على مصراعيهما من شدة الصدمة "باسل؟"

صرخ بهذا الاسم من دون أن يشعر حتى جعل واحدا من تلك الجماعة يقترب منه و يقول "ما بك؟ هل قاتل الدم القرمزي قد أخافك لدرجة صراخك باسمه ! ؟"

عاد الجو الطبيعي الخاص بالشاب الخواف الذي كان يحيط بـ'أبهم' من جديد ثم وضع يده على رأسه بينما يجيب "هيهيهي، قد لا أنام جيدا في الأيام المقبلة ! " بينما يفكر بداخله "يجب أن تكون مصادفة فقط"

تكلم معه ذلك الشخص "إنك حقا لجبان كثيرا يا أبهم"

ضحك أبهم من دون الإجابة و تبع ذلك الشخص عائدين لجماعتهما بينما يفكر بداخله "لكن ماذا عنى بأنه سيجدني بما أنني سأذهب لاجتياز الاختبار؟" لم يفهم أبهم ما الذي قصده ذلك الفتى

و في الأخير بدأ الشك يتخلله "هل يمكن أنه حقا...؟"

"همم؟ تقول لما أثار اهتمامي؟" سئِل باسل هذا السؤال من طرف الجنرال منصف بينما يتحركون بالعربة، فأجابه "إنه بالمستوى الثالث بالفعل، و عمره على الأغلب لا يتجاوز العشرين حتى، إنه موهبة نادرة جدا، يمكنك مقارنة موهبته بالخاصة بي و بأنمار حتى"

تعجب الجنرال منصف كثيرا، فهو يعرف بالضبط ماهية موهبة باسل المرعبة. سابقا، عندما كانا يتدربان في غرفة التدريب بشهر الانعزال، أدرك الجنرال منصف قوة باسل الحقيقية، عندها، عرف لأول مرة عن وجود مستويات بعد المستوى السابع، عندما تدرب ضد باسل، كان هذا الأخير يريد الاختراق للمستوى الخامس، لذا كان عليه استخدام عنصر النار من أجل ذلك

أول مرة شاهد الجنرال منصف باسل يستخدم عنصرا آخر غير عنصر التعزيز، كاد أن يتقيأ الدماء، فذلك شيء غير معقول، مع ذلك، لا يزال لم يفهم لِم باسل يمتلك عنصرين، فبناء على كلام باسل، يجب على الساحر الدخول لحالة الصفاء الذهني و الروحي و إمضاء وقته في عزلة تامة من أجل استشعار الطاقة الخارجية و تعلم التحكم فيها من أجل جذبها لبحر روحه و تكوين العنصر الثاني، عندها يكون الساحر قد دخل للمستوى الثامن

أشار باسل فقط إلى أن حالته شاذة و لم يشرح الأمر أكثر، لذا لم يقم الجنرال منصف بالحفر أكثر. بعد مشاهدته لقوة باسل، لم يسعه سوى الشعور بأن ذلك الفتى هو أقوى شخص في هذا العالم

باسل في ذلك الوقت كان يريد الاختراق للمستوى الخامس بسرعة، لكنه كان يحتاج لمحفز ما، و بالطبع لم يكن بإمكانه قتال أي شخص كان من أجل هذا، فهو سيكشف بعض الأسرار مقابل ذلك، لذا اختار الجنرال منصف بناء على شخصيته النزيهة التي لاحظها منذ قدومه إلى هنا، و الجنرال منصف كان قد وضع باسل في مكانة مرتفعة بقلبه لأنه أعطاه الفرصة للانتقام من غرين هيملر

عندها، كان باسل في قمة المستوى الرابع، لكن بسبب شربه لإكسير التعزيز أول مرة عندما كان يتدرب قبل أن يمنعه معلمه من ذلك، أصبح عنصر التعزيز يفوق المستوى الرئيسي بمستوى آخر تقريبا بسبب ارتخاء الختم لأن باسل قد ارتفع بالمستوى بشكل مفاجئ بسبب شربه لإكسير التعزيز

لذا عندما سمع الجنرال منصف بالموهبة التي يمتلكها ذلك الشاب الذي أثار اهتمام باسل، تفاجأ حقا، هناك أشخاص بمثل موهبة باسل و أنمار الغير طبيعية حقا


تكلم باسل "توقفت فقط لأن اسم 'قاتل الدم القرمزي' قد أثار انتباهي، لكني عندها لاحظته يقمع هالته بشكل مثالي، لو كان 'أنا قبل شهور' الذي شاهده، فلن يرى من خلاله"

"بالمناسبة" أكمل باسل "ما قصة ذلك الاسم؟ يبدو أنهم يخافونني كثيرا"

"آه" كما لو أنه تذكر شيئا ما، قال الجنرال منصف "لقد نسيت الإشارة لهذا الأمر"

حدق باسل في أنمار التي قالت "إنه ليس بذلك الأمر الكبير، لذا نسيت أيضا"

حدق بها الجنرال منصف بعد تصريحها، 'إنه ليس بذلك الأمر الكبير' قالت، هذا الأمر جعله يخجل من نفسه كونه كان متحمسا بهذا الشأن، لذا هدأ قليلا قبل أن يقول "بما أنك قد أخذت القيادة في الحرب السابقة، و نظرا لنجاحك المذهل في هذا، خسارتنا لم تكن كبيرة، لذا كان الجميع يفكر في لقب لك"

"...كما تعلم، الرجل المشهور في عالمنا يميزه لقبه، أنا معروف كصاحب أقوى بنية جسدية و هذا الأمر كان بسبب عنصر التعزيز، هناك شفرة الجليد كين نبيل الذي تميز بهذا الاسم بعد قطعه للأعداء من كل جهة في الرحلة لقارة الأصل و النهاية السابقة، و حتى الجنرال رعد قد اكتسب لقبا قبل سنوات قليلة، لقد لقبوه بـ'الرعد البرقي'، و بطبيعة الحال، شخص مثلك استطاع القيام بكل تلك الإنجازات، سيلقبه الناس بألقاب عدة"

فهم باسل كلام الجنرال منصف الذي أكمل "لكن من بين تلك كل الألقاب، و بسبب قضاءك على عائلة غرين كاملة تقريبا كلها لوحدك، طغى لقب قاتل الدم القرمزي على الألقاب الأخرى حتى أصبح لقبك الرئيسي، دائما ما انتشرت الإشاعات السيئة بشكل أسرع من الجيدة"

أزاح باسل نظره بعيدا و حدق مرة أخرى في المدينة، مما جعل الجنرال منصف يسأل "ألا يزعجك هذا الأمر؟"

أجاب باسل "لا" ثم سأل "لما سيفعل؟"


"هذا..." تكلم الجنرال منصف بعد توقفه بسبب تفاجئه "حسنا، إنهم ينادوك بهذا لأنهم يعتقدون أنك حقا قتلت الصغير و الكبير من دون رحمة، لكنك في الحقيقة لم تفعل، و لا زالت ابنتا أخت غرين لايت الكبرى حيتين، و هناك بعض الكبار من عائلة غرين لا يزالون أحياء"

تكلم باسل بهدوء "أنا حقا لا يهمني هذا الأمر، و إن فعلت، فسأعتبره شيئا جيدا فقط. فأنا أكره الإزعاج، و إن كانت لدي سمعة ستجعل من الآخرين يخافون مني هكذا، فهذا سيكون شيئا رائعا حقا، إضافة لذلك، عدم معرفتهم ببقاء تلك الفتاتين الصغيرتين على قيد الحياة لهو أمر جيد، فبعد انتهائي، سأحرص على فقدانهما الذكرى على كونهما من عائلة غرين أصلا، بذلك سيعيشان مستقبلا هانئا على الأقل، و عدم معرفة أي أحد عنهما، سيجعل حياتهما ثابتة من دون التعرض لأي عقبات"

استمرت العربة في التحرك، و بعد مدة غير معروفة من الوقت، توقفت أخيرا أمام منزل منفرد بمنطقة بالعاصمة

خرج باسل و الاثنين الآخرين من العربة، و بمجرد ما أن فعلوا حتى شاهد باسل وجها مألوفا له، هذا الشخص الذي شاهده باسل كان يسقي الأزهار و يهمهم في هناء

وقف باسل وراءه ثم تكلم مناديا إياه "أيها العالم المجنون"

كان ذلك الشخص هو العالم الجنون، و الذي نظر للخلف ببطء شديد بعد سماعه لذلك الاسم، ليس هناك أي شخص آخر غير باسل من سيناديه هكذا، لذا أدار رأسه رويدا رويدا حتى نظر لعيني باسل اللتين كانتا تحدق به بشكل مخيف

تراجع العالم المجنون للخلف بسرعة و انحنى قليلا ثم قال "آه، سيدي الصغير، لقد وصلتني الأخبار عن استيقاظك، حمدا على سلامتك"

حملق به باسل ثم قال "كفانا تمثيلية، أنت تعرف سبب مجيئي إلى هنا"

"هذا..." لم يستطع العالم المجنون إخراج الكلمات من فمه


بداخل منزل أخوا القطع، هذان الأخيران كانا بالداخل يعتنيان بحالة أختهما الصغيرة التي لا تزال بغيبوبة حتى الآن، كانا يزوران باسل بين الحين و الآخر، و صادف وجودهما استيقاظ باسل سابقا

بمجرد ما أن دخل باسل حتى انحنى له أخوا القطع، كانت نظراتهما واضحة كما هي مشاعرهما في هذه اللحظة، أختهما الصغيرة هي عائلتهما الوحيدة المتبقية لهما، و بما أنها الصغيرة، كانت دائما محمية من طرف أخويها الكبيرين، و رؤيتها الآن في هذه الحالة من دون قدرتهما على فعل أي شيء لها، كان أمرا في غاية الصعوبة لتحمله

في قلبهما، لا يسعهما سوى الشعور بالامتنان الكامل تجاه باسل، فهو على الأقل جعلهما يريان أختهما مرة أخرى، هذا من جهة، و من جهة أخرى، فهما يحقدان حقدا شديدا على غرين شارلوت التي تلاعبت بأختهما الصغيرة، جعلتها فأرة تجارب بالنسبة لها، شخص مثلها لا يستحق الموت حتى، بل أكثر من ذلك، خطفها للناس و خصوصا للأطفال لاستعمالهم من أجل أهدافها الخاصة، ليس لا يقدران على مسامحتها فقط، بل لا يستطيعان النوم في هناء من دون التأكد أنها لا تستطيع

رؤية باسل لتعبيراتهما هاته، و رؤية ذلك الجسد الصغير مستلقي هناك، رجعت له الذكريات عن الحالة التي وجد فيها باسل أختهما الصغيرة بداخل أنبوب زجاجي يقام عليها التجارب جانبا إلى جنب مع ذلك الشخص الذي كان قد تحول لوحش بالكامل

حملق باسل في العالم المجنون ثم قال "كيف لك ألّا تعلم ما الذي يجري لها؟ لقد كنت هناك في ذلك الوقت"

"همم...؟" استغرب أخوا القطع من هذا التصريح ثم نظرا مباشرة للعالم المجنون، نظراتهما اخترقته، و لولا وجود باسل، لكانا قد قطعاه لأجزاء

برؤيتهما، أسرع العالم الجنون في التكلم "سيدي الصغير، كما و سبق أن قلت لك في أول مرة، أنا حقا ليس لي علاقة بالأمر، قد أكون عالما مجن... أقصد عالما متطلعا للاكتشاف لكنني لن أصل لهذه الدرجة"

حدق فيه باسل بعمق: "أنا أعلم بهذا بالفعل، لا أنسى ما يقال لي مرة، فهكذا هي ذاكرتي، أنا أسألك هنا عن حالتها"

"هذا..." تمتم العالم المجنون ثم قال "حتى أنا لم أرى بحر روح مثل الخاص بها من قبل، إنه شيء فوق استطاعتي، أخاف أن أمسه و أتسبب في شيء خاطئ أكثر، بحر روحها مختلف عن بحر روح الشخص الطبيعي، لا زلت لا أعرف ما ذلك بالضبط ! كما لو أن بحر روحها يتحول لشيء ما ! "


حدق به باسل و ذهب لتفقد حالة الأخت الصغيرة، كان جسمها أبيضا لامعا كالجوهرة، و شعرها أزرق فاتح قريب للأبيض، كانت كجنية نائمة. و بعد أخذه لوقت طويل في محاولته تحسس بحر روحها و رؤية المختلف و إدراكه، لاحظ باسل أيضا أن طاقة بحر روحها غريبة نوعا ما

وقف باسل و توجه نحو الباب خارجا من المنزل ثم قال "يا غايرو و أنت أيضا يا كاي، فلترافقاني للسجن المركزي، لقد كنت أخطط للذهاب هناك، و أشعر أنه من الواجب حضوركما أيضا لاستجوابي لتلك العاهرة"

كانت نظرات باسل غاضبة، أكثر ما يكرهه هو التلاعب بحياة البشر و التحكم بها، و للأسف، كانت عائلة غرين كلها تقريبا من هذا النوع، قام غرين هيملر بالتسلط على الناس بسلطته في حين لا يقدر على القيام بأي شيء لوحده، و قامت غرين شارلوت بالتلاعب بهم كما لو أنهم ليسوا ببشر في عينيها

تكلم باسل "بعد كل شيء، لا أظن أن العذاب الذي مرت به بسبب أنمار كان كافيا لها، لا هي و لا أخوها الأكبر، بغض النظر عن تعاونهما في الاستجواب أم لا، فسيكون عليهما تذوق بعض العذاب قليلا"

هذه الزيارة تسببت في اهتياج مشاعر باسل التي كانت هادئة حتى الآن، يجب عليه حقا جعل آل غرين عبرة للذي قد يفكر في عمل شيء مشابه لما قاموا به

"أتساءل من قام بعلاجه؟" تكلم العالم الجنون بينما يفحص جسد أخت أخوا القطع

بقي لوحده في المنزل يرعى أخت أخوي القطع الصغيرة بناء على أمر باسل الذي كان واضحا جدا بلهجته المهددة قبل أن يغادر لوجهته المحددة

يقع السجن المركزي بالقرب من المحكمة المركزية، و هذه الأخيرة تعتبر الكيان الذي يقرر القوانين في الإمبراطورية، بالطبع تُناقش هذه القوانين كلها مع الإمبراطور قبل الإقرار بها و جعلها تنفيذية

بالمحكمة المركزية، توجد قوة خاصة، قوة كافية لتجعل غرين لايت يناديها لتساعده في الحرب، لكنها لم تستجب لطلبه و لم تتدخل، فقط، أخذت الجانب و انتظرت الحرب تنتهي

و بالطبع، هذا لم يكن سيحدث لولا الصفقة التي عقدها الجنرال منصف مع المحكمة المركزية، أو يجب القول مع قائدها، كان هذا الأخير شخصية مشهورة في العالم كله، فبعد كل شيء، لقد كان ساحرا اعتبر في نفس مستوى الجنرالات و أعلى من بعضهم

مؤخرا، في الشهرين الماضيين، لوحظ شيء غريب حدث بالمحكمة المركزية جنبا إلى جنب مع السجن المركزي، لقد كان هذا الشيء الغريب هو ارتفاع قوتهما المفاجئ

انتشرت الإشاعات عن وجود سحرة بالمستوى الخامس في حراسة السجن المركزي فقط، مما حير الناس و بدا كما لو أنه يشير إلى أن آمر السجن المركزي سيكون أقوى من ذلك بما أن الحراس فقط في مثل ذلك المستوى

و بهذا استنتجوا أن من يتحكم في السجن المركزي - المحكمة المركزية – ستكون لديها قوة أكبر بالطبع. مثل هذا التغير الملاحظ في قوة المحكمة المركزية، بدأ يجعل الناس تشك كثيرا، و بالطبع، بما أنهما حدثا في نفس الوقت، فقد ربطوا عودة عائلة كريمزون للحكم مع هذا التغير الملاحظ


و الآن، قبل أن يتوجه باسل للسجن المركزي، قرر زيارة المحكمة المركزية للتحدث مع قاضيها الأكبر و الذي يعتبر قائدها و المتحكم في قوانين الإمبراطورية

"سيدي القاضي الأكبر، يبدو أن قاتل الدم القرمزي قادم إلى هنا، ماذا نفعل؟" انحنى قاضٍ من المحكمة المركزية و الذي كان نفس القاضي الذي ساعد باسل و الجنرال منصف في القبض على غرين هيملر بينما يتكلم مع شخص ما كان يقف و يحدق من نافذة بالعاصمة و أجواءها

كان هذا الشخص هو القاضي الأكبر، كان رجلا في منتصف العمر، و بابتسامة أجاب تابعَه "أوه، إنه آتٍ بنفسه، لما لا نرحب به إذا"

بعد مرور وقت طويل، فُتِحت أبواب المحكمة المركزية لعربة يقودها خيل ملكي بينما تُقرَع الأجراس

و بتوجيه من القاضي نفسه الذي بلغ القاضي الأكبر، كان باسل و البقية قادرين على الوصول للقاعة الرئيسية حيث كان ينتظرهم القاضي الأكبر هناك. بقي انمار و أخوا القطع بغرفة أخرى منتظرين عودة باسل و الجنرال منصف

"أووه" توجه القاضي الأكبر الذي كان يحدق بالنافذة نحو الجنرال منصف بعد دخوله بينما تعلو الابتسامة وجهه "أوَ ليس هذا الجنرال منصف؟ شرفتنا شرفتنا، مرحبا بك، هل رافقت قاتل الدم القرمزي؟"

ابتسم الجنرال منصف كذلك ثم أجاب "آه، هذا صحيح، فبعد كل شيء، هو لم يتعامل معك من قبل، بل أنا الذي فعلت"

"هذا صحيح" وافقه القاضي الأكبر ثم قال متسائلا "إذا، أين هو قاتل الدم القرمزي هذا؟"

"تحياتي أيها القاضي الأكبر، اسمي باسل" ظهر من خلف الجنرال منصف فتى يناهز عمر الخامسة عشر مما جعل القاضي الأكبر يستغرب

سأل القاضي الأكبر الجنرال منصف "من هذا الفتى أيها الجنرال منصف؟ هذا ليس بمكان للأطفال كما تعلم، هذا مكان يخص حديث الكبار"


قبل أن يجيب الجنرال منصف، تحدث ذلك الفتى الغير معروف للقاضي الأكبر مرة أخرى "قد لا أكون قد أصبحت بالغا رسميا، لكنني شارفت على بلوغ الخامسة عشر، لذا يمكنك اعتباري بالغا"

"همم ! " حدق القاضي الأكبر في ذلك الفتى و نظر إليه بانحطاط، كما لو أنه يحاول إخباره بمعرفة مكانته

تكلم القاضي الأكبر "أنا لا أهتم لذلك، حتى و لو كنت بالخامسة عشر و اعتُبِرت بالغا من طرف الآخرين، فهذا المكان يخص الكبار، الكبار ليس بالسن، و إنما بالمكانة، إن فهمت الآن ما عنيت، انصرف و اترك هذا المكان حالا قبل أن تلقى مصرعك أيها الفتى، فلو لم تكن مرافقا للجنرال منصف، لكنت بالفعل في عداد الموتى لوقاحتك"

اصطنع الفتى وجها خائفا "هذا مخيف هذا مخيف" ثم أكمل بعدها بسخرية "لكن للأسف ليس بالنسبة لي، حاول مع أحد آخر أيها القاضي الأكبر، إن أردت التحدث مع شخص بالمكانة، فلك هذا"

حملق القاضي الأكبر به و غضب كثيرا، و مزاجه الذي كان جيدا تعكر كليا، و في لحظة، شحذ طاقته و ضغط بهالته على الفتى أمامه "هاا"

جعل القاضي الأكبر هالته تمتد وصولا للفتى الذي أمامه ضاغطة عليه بينما يتحدث "أيها الفتى، سأعلمك معنى المكانة قبل أن تخرج من فمك"

استمر القاضي الأكبر في تنفيذ ضغطه، لكنه لاحظ بعد لحظات أن ذلك الفتى لم يتأثر أبدا، و فوق ذلك، كان ذلك الفتى يقف باسترخاء بينما يبتسم

عندها توقف القاضي الأكبر بسرعة و سأل مرتعبا "من أنت أيها الفتى؟"

تكلم الجنرال منصف "ألم يقدم نفسه بالفعل أيها القاضي الأكبر؟"

تذكر القاضي الأكبر تقديم الفتى لنفسه ثم صرخ بعد لحظات "قاتل الدم القرمزي باسل ! ؟"


"هذا صحيح" قالها باسل ثم أكمل بعدما حملق في القاضي الأكبر "و الآن، لما لا نتكلم ككبار بالمكانة أيها القاضي الأكبر؟"

صُعِق القاضي الأكبر تماما، لم يخبره أي أحد أن قاتل الدم القرمزي عبارة عن فتى في هذا العمر، المعلومات حول قاتل الدم القرمزي كانت قليلة جدا، و بعد سماعهم بالإشاعات حول إنجازاته، لم يجرؤ أي أحد على البحث في أمره، و بما أنهم لم يفعلوا، لم تصل الأخبار للقاضي الأكبر أن قاتل الدم القرمزي مجرد فتى في الحقيقة

فالجنود الذي شاركوا بالحرب، كانوا قد أمِروا بكتم كل ما شهِدوه، و بالطبع، أولئك كانوا جنودا مخلصين لعائلاتهم، و اختيروا بعناية شديدة، لم يكن هناك أي شخص منهم يتجرأ على عصيان أمر سيده، و مع ذلك، تسربت بعض المعلومات حول وجود قاتل الدم القرمزي و عن إنجازاته، لكن بعد معرفة هذه الإنجازات المخيفة، توقف الكل عن البحث في الأمر أكثر

بقي القاضي الأكبر متجمدا في مكانه للحظات حتى تكلم الجنرال منصف "أيها القاضي الأكبر، لما لا نجلس و نتحدث؟"

استفاق القاضي الأكبر من أحلام اليقظة ثم أجاب بالموافقة و جلس الثلاثة حول طاولة

حدق القاضي الأكبر في باسل بغرابة شديدة غير مصدق لما يراه، لقد أصبح ساحرا بالمستوى السابع بعد شربه لتلك الإكسيرات، و بهالته تلك بذلك المستوى العالي لم يكن قادرا على التسبب لهذا الفتى الذي أمامه حاليا حتى في الاضطراب و لو قليلا

"ما سبب مجيئك أيها السيد الصغير؟" تغيرت لهجة القاضي الأكبر من الشدة لليونة بسرعة

حدق به باسل ثم أجاب " [أولا]، أنا لست بسيد صغير، أنا كبير بالمكانة، [ثانيا]، ألا تقدم أيها القاضي الأكبر لضيوفك كوبا من الشاي حتى؟ و [ثالثا]، سأجيبك بعدما تقوم بتنفيذ [أولا] و [ثانيا]"

حملق القاضي الأكبر في باسل و حاول قمع غضبه ثم اصطنع ابتسامة مزيفة رغما عنه و قال "لك هذا أيها السيد الكبير"

"لا تناديني بهذا" أغمض باسل عينيه ثم قال "أنت تجعلني أبدو كمُعمّر ما، يمكنك مناداتي بالسيد الشاب"


ازداد غضب القاضي الأكبر أكثر، و في الجانب، كان الجنرال منصف متحسرا من المشهد، كان باسل يغيظ القاضي الأكبر بكل وضوح، لكنه لم يتدخل لأنه يعرف السبب

فبعد كل شيء، قام باسل بتقديم نفسه بكل احترام حتى لو كان مزاجه ليس جيدا، لكن القاضي الأكبر عامله بالعكس تماما، حتى أنه تجرأ على الضغط بهالته عليه، و بما أنه يعرف كل هذا، فلم يحاول الجنرال نصف إيقاف الأمر، لأنه يعلم أن باسل لن يَعْدل عنه

أمر القاضي الأكبر بإحضار الشاي، مع أنه أصبح غاضبا جدا، إلى أنه لا زال يضع مكانة باسل كالقائد الأعلى لجيوش الإمبراطورية في عينيه، لذا لم يقْددمم على أي فعل شائن بعد معرفته هوية باسل

بعد إحضار الشاي من طرف خادمة، هذه الأخيرة صبت كوبا لباسل الذي حمله و أخذ الرشفة الأولى قبل أن يتحدث "يبدو أن هديتي إليك قد أدت مفعولها بشكل جيد"

"همم...؟" استغرب القاضي الأكبر قبل أن يفهم ما يتحدث عنه باسل، لقد قصد هذا الأخير الإكسيرات، و هذا الشيء جعل القاضي الأكبر ينذهل تماما، فبعد كل شيء، هو لم يعلم أن قاتل الدم القرمزي هو نفسه الشخص الذي أرسل له تلك الإكسيرات

تلك الإكسيرات التي أخذها كصفقة مقابل عدم التدخل بتاتا في الحرب، كانت في الحقيقة شيئا مذهلا كثيرا، في مدة قصيرة، كانت قادرة على تنمية قوة المحكمة المركزية لدرجة مخيفة. و عندما علم الآن القاضي الأكبر أن فتى يناهز الخامسة عشر فقط هو صاحبها، فلم يسعه سوى فتح فمه من الاندهاش و الصدمة

لكنه لم يرضى بطريقة حديث باسل، جعل هذا الأخير الأمر يبدو كما لو أنه تَصَدّق عليهم بالإكسيرات. فهم أخذوها كصفقة

حدق القاضي الأكبر بباسل ثم قال "نعم معك حق، لقد كانت جيدة، كان خيارا صحيحا أخذها كبديل لعدم تدخلنا في الحرب"

حرص القاضي الأكبر على توضيح هذا الأمر جيدا

و باسل الذي يشرب الشاي بهدوء، كان يفهم مقصد القاضي الأكبر بالطبع، فبعد كل شيء، لقد طرح ذلك السؤال بتلك الطريقة لتحصيل بعض المعلومات عن الطرف الآخر، أراد أن يرى طريقة استجابة القاضي الأكبر


و كما توقع باسل، قام القاضي الأكبر بتوضيح الفكرة بسرعة، أكد هذا الأمر أنه لا يريد من المحكمة المركزية و هو نفسه أن يبدوان مدينان لباسل أو يُعتبران كما لو أنهما أقل منه شأنا

كان لدى باسل بعض الجواسيس في المحكمة المركزية الذين كانوا يخبرونه بالتغيرات التي تحدث، فبعد كل شيء، لاحظ أن المحكمة المركزية تنمي قواتها بشكل غريب قبل حتى أن يعطيها الإكسيرات

لذا حرص على جعل تحركاتها تحت علمه دائما، فالسبب الذي جعله يجعل الإكسيرات كمبادلة لعدم تدخل المحكمة المركزية، هو ملاحظته لتطلع المحكمة المركزية للقوة، لذا كان متأكدا من قبول طلبه.

كان بإمكانه ترك المحكمة المركزية تتدخل بالحرب، و سوف يكون قادرا على الفوز بالرغم من ذلك، لكنه لم يرد فعل ذلك من أجل الحفاظ على ردة فعل جيدة من الشعب، و الحفاظ على سمعة عائلة كريمزون على أنها استرجعت حقها و لم تأخذه عن طريق جزر كل ما في طريقها

تعتبر المحكمة المركزية رمزا للحفاظ على الأمان بالإمبراطورية، و تدميرها يعني بث الخوف في قلوب الناس و جعلهم يهابون عائلة كريمزون و يبتعدون عنها قدر المستطاع

بالطبع، كان الجنرال منصف و الكبير أكاغي و بعض الكبار من العائلات التي قاتلت معهم يعلمون بنوايا المحكمة المركزية بعدما أخبرهم باسل بها، لكنهم اتبعوا نصيحة باسل الذي أخبرهم بترك أمرها له

عندما زار باسل المحكمة المركزية، كان يريد التظاهر باللطف بينما يستخرج بعض المعلومات، لكن مزاجه كان متعكرا، و قام القاضي الأكبر بمعاملته بشكل سيء، لذا قرر إغاظته قليلا و استخراج المعلومات منه بهذه الطريقة

تكلم باسل "نعم، و بفضلها نمت قوة المحكمة المركزية لهذه الدرجة، أنا أتساءل عن نوايا القاضي الأكبر بحرصه على تنمية قواته هكذا ! ؟"

تفاجأ القاضي الأكبر، لقد كان سؤال باسل مباشرا للغاية، مع أن باسل أتى بنية استخراج بعض المعلومات، لكنه لا يحب اللف و الدوران في الكلام، و فوق ذلك، فهو قد استنتج نية المحكمة المركزية بالفعل، و لم يأتي هنا إلّا لتأكيد شكوكه

شرب القاضي الأكبر رشفة من الشاي ثم هدأ و ابتسم قبل أن يقول "ما الذي تقصده أيها السيد الشاب؟ أليس هذا شيء طبيعي؟ إن أصبحت قوتنا أكبر، فسوف يزداد الأمن أيضا"

"هيه، يهدأ هنا ! " تكلم باسل بدخله ثم ابتسم تباعا لابتسامة القاضي الأكبر و قال "معك حق، لكن هذا كان قبل أن يكون هناك وجود لفرقة السنبلة الخضراء، فهذه الاخيرة قد نمت و انتشرت فروعها كثيرا، بسببها انعدمت الجريمة تماما من العاصمة، فما الحاجة من تقوية المحكمة المركزية؟ ألم يكن واجبها هو الاعتناء بقوانين الإمبراطورية؟ أو ماذا؟ هل أصبحت تهتم بشيء آخر أيضا؟"

ضحك القاضي الأكبر ثم أجاب "ما الذي يمكنه أن يكون؟ اهتمامنا الوحيد هو الحفاظ على الأمن، و العالم يتغير شيئا فشيء، لذا إن لم نغير من أنفسنا و نطورها تباعا لذلك، ألن نكون مجرد أغبياء عندها؟"

ضحك باسل أيضا ثم قال "معك حق"

تذكر القاضي الأكبر أمرا "آه هذا صحيح، لما أتى السيد الشاب إلى هنا؟"

بالطبع باسل قد حقق مراده بالفعل من مجيئه إلى هنا، لكنه أخذ رشفة من الشاي قبل أن يتكلم "سأزور السجن المركزي بعد خروجي من هنا، و سأريد غرفتين خاصتين، أيمكنك تجهيز هذا لي؟"

استغرب القاضي الأكبر ثم قال "بإمكاني فعل هذا بالطبع، لكن أيمكنني سؤالك عما ستحتاجهما فيه؟"

أجاب باسل "سأزور شاهين من حلف ظل الشيطان لجني بعض الثمار، و أزور العاهرة و الحثالة لتلقينهما بعض الدروس"

لم يفهم القاضي الأكبر مَنْ قصده باسل في الجزء الثاني من كلامه فشرح له الجنرال منصف هذا الأمر، ثم تكلم عندها "لقد حاولنا استجواب ذلك الشاهين بشتى طرق التعذيب لكنه لم يتحدث أبدا، لا أظن أنك ستستفيد شيئا من محاولتك، و لما تريد لقاء غرين شارلوت و غرين هيملر؟ ألم ينتهي شغلك معهما؟"

أغمض باسل عينيه ثم قال "طريقة حصدك للثمار مختلفة عن الخاصة بي، و لم أقل أن دروسي قد انتهت مع تلك العاهرة و ذلك الحثالة"

حدق به القاضي الأكبر مطولا، إن هذا الفتى غريب حقا، بدأت العديد من الأفكار تشغل خلده، يجب عليه كشف سر هذا الفتى عاجلا و ليس آجلا، سيكون خطرا محدقا عليه و على خطته

وقف باسل بعد انتهاءه من شرب كوبه، ثم اتجه نحو الباب، و قبل أن يتخطى القاضي الأكبر، وضع يده على كتفه و تكلم بأذنه ثم غادر بعد انتهاءه من كلامه فتبعه الجنرال منصف

تحدث باسل قبل مغادرته للغرفة "حسنا أعتمد عليك أيها القاضي الأكبر في تجهيز الأمر لي بسرعة، عندما تنتهي أخبرني، سأكون أنتظر بالقرب من السجن المركزي"

غادر باسل و بقي القاضي الأكبر في مكانه يغلي من الغضب، أحكم قبضاته بشدة و اسود وجهه، و بعد لحظات، وقف ثم ضرب على الطاولة بشدة

بااام

انفجرت هالته من شدة غضبه ثم صرخ ساخطا "ذلك الشقي البغيض"

في العربة، بعدما اتجه باسل و البقية نحو السجن المركزي، تحدث الجنرال منصف بنظرة متحسرة سائلا باسل "أ كان عليك إغاظته لتلك الدرجة؟"

أخرج باسل من مكعب التخزين جزرة و عضها ثم قال "بالطبع، يجب عليك جعل ذلك النوع من الأشخاص يغضب، عندها سيقع في الفخ، فبغضبه غالبا ما سيكشف عن نفسه"

بالعودة لقاعة المحكمة المركزية، تذكر القاضي الأكبر همس باسل بأذنه سابقا بينما تضغط هالته على الأرض من تحته "أيها القاضي الأكبر، أنا أعلم بنوايا المحكمة المركزية الجيدة، لذا سأحرص على الاعتناء بها جيدا، فكما تعلم، أنا قادر على ذلك، فأنا قاتل الدم القرمزي المشهور بعد كل شيء، لا أحاول مدح نفسي هنا، لكني بعد شهور فقط من مجيئي للعاصمة كنت قادرا على تغيير حاكمها، لذا أضمن لك أنني سأكون عند كلمتي"

السجن المركزي

حراسة مشددة، معروف بأفضل و أسوء سجن بالعالم، ليس هناك أي سجلات عن هروب أي سجين منه، عرف كأفضل حاجز لأولئك الذي اتهموا بأشنع الجرائم في العالم، و اعتبر كأسوء كوابيسهم كذلك، من يدخله لا يحلم مرة أخرى حلما جميلا لبقية حياته التي يمضيها هناك، يحتوي على أشنع المجرمين إطلاقا بهذا العالم، من القتلة البسطاء إلى مرتكبي المذابح

علماء مجانين ارتكبوا جريمة عظيمة بمسهم للحرمة و أجروا التجارب على البشر، عصابات و قطاع طرق قتلوا السحرة و التجار من أجل إشباع رغباتهم و شهواتهم، و أشنع أنواع قراصنة البحر المعروفين في العالم بإبادتهم للعديد من القرى و المدن

كل هؤلاء المجرمين يدخلون لهذا السجن المركزي من دون الحلم بالنظر للسماء الزرقاء لمرة ثانية، كل هؤلاء المجرمين عبارة عن وحوش كانت فيما سبق بشر تخلوا عن إنسانيتهم، و الحكم عليهم لا يكون الموت، لأنه رحمة لهم، بل يتعذبون بشتى طرق التعذيب و أشنعها لطيلة حياتهم، يموتون آلاف المرات بعدد ما قتلوه من الناس

ليست هناك زيارات عديدة لهذا السجن، فمن يدخله غالبا لا يملك أي شخص ليزوره، و حتى لو كان، لن يستطيع الدخول سوى بموافقة المحكمة المركزية، لذا لن تجد سوى الشخصيات العظيمة من تستطيع زيارة هذا السجن، فيعيش السجناء في وحدة أبدية بغرفهم بقيود و قضبان من السحر تسجنهم

آخر زيارة لهذا السجن كانت قبل شهور بالفعل من طرف غرين كانديد لأخيه غرين هيملر، و الآن، بأمر من المحكمة المركزية، فتح السجن المركزي أبوابه لخمسة أشخاص مرة أخرى بعد أن كان محكم الإغلاق عن العالم الخارجي

انقسم هذا السجن لثلاث طوابق عميقا في الأرض


الطابق الأول كان به المجرمين الذين ارتكبوا جريمة قتل أو اثنتين أو ما عادل ذلك. هؤلاء، غالبا ما تلقوا عذابا تمثل في الإغراق بالماء الحارق و كسر العظام و نزع الأظافر و أجبروا على العمل ليل نهار

الطابق الثاني كان به المجرمين مثل العصابات و قطاع الطرق الذين قتلوا، اغتصبوا و نهبوا العديد من الأشخاص. هؤلاء، أجبروا على مرافقة الحراس في مهنتهم التي تتجلى في طعن السجناء برماحهم و تعليقهم بالمسامير على الحائط مع رش ملح أرخبيل البحر العميق عليهم مسببين لهم عذابا جسيما بالإضافة للتعذيب الذي يتعرض له سجناء الطابق الأول

الطابق الثالث و الذي احتوى على أشنع المجرمين في العالم، مرتكبي المذبحات و مدمري القرى و المدن، كالعلماء المجانين و المغتالين المشهورين إضافة لقراصنة البحر ذوي الاسم الثاقب، هؤلاء، وضع كل واحد منهم في زنزانة عازلة للصوت تماما بظلام أبدي غير قادرين على التواصل مع أي أحد بتاتا، و هذا الأمر يقودهم للجنون ببطء شديد، و بين الحين و الآخر، تفتح الزنزانة مما يجعلهم يظنون أنهم سيرون الضوء من جديد مرة أخرى، لكنهم يتعرضون لنفس التعذيب الذي يتعرض له الآخرون في الطابق الأول و الثاني مع اختلاف بسيط فقط بمردودية أكبر

كان مجرمي الطابق الثالث أسوء الشخصيات في العالم، و غالبا ما تلقوا التعذيب من مساعدي آمر السجن الخمسة بنفسهم، و تعذيبهم يكون عن طريق السحر. بعد دفعهم لحافة الجنون بالوحدة الأبدية، يُمنَحون أملا مزيفا عن طريق فتح البوابة، ليتفاجؤا باليأس الحقيقي

قبل مجيء باسل إلى هنا، أمر القاضي الأكبر آمر السجن بتجهيز غرفتين خاصتين لباسل بناء على طلب ذلك الأخير، غرفة يضع بها غرين شارلوت و أخاها، و أخرى يضع بها شاهين

بالطابق الثاني، بجانب المصعد الخشبي الذي يربط الطوابق معا

"ماذا...؟ إلى أين تأخذونني، لا، لأ أريد، أرجعوني لزنزانتي، لا أريد مغادرة الزنزانة، أريد الرجوع لها، لا تفعلوا، ألا تعلمون من أنا؟ إنني الأمير الأول و الإمبراطور القادم غرين هيملر، أبعدوا أيديكم القذرة عني، سأحكم عليكم بالإعدام، ألا تصدقوني، سو..."

دوو

ركل واحد من الحارسين اللذين يجران غرين هيملر بطن هذا الأخير حتى تقيأ الدماء ثم تكلم "أصمت أيها الحثالة، سأخبرك بشيء ممتع جدا، أنت لا تعرف هذا، لكن عائلتك قد أبيدت بكرة عن أبيها من دون بقاء أي أحد منها على قيد الحياة سوى شخص واحد و هو أختك التي انضمت إليك إلى هنا قبل شهرين، و أتعلم ماذا؟ الشخص الذي قام بإبادة عائلتك و الذي أصبح قائد جيوش الإمبراطورية الأعلى 'قاتل الدم القرمزي باسل' قادم بنفسه إلى هنا لزيارتك" تكلم الحارس بينما يحتقر غرين هيملر بنظراته و يضحك على حاله بشدة


"باسل... ! ؟" تردد هذا الاسم بمسامع غرين هيملر فجعله هذا الأمر يصرخ بجنون بينما يحاول التخلص من القيود و الحارسين "أفلتوني، أرجعوني للزنزانة، أرجعوني، لا أريد مقابلته، سوف أقتلكم، أنا الأمير الأول، أطلقوا سرا..."

دوو

ركلة أخرى في بطنه مسكتة إياه من الصراخ جاءت من الحارس الآخر الذي تكلم بعدما بصق في وجه غرين هيملر "أصمت أيها الحثالة" ثم قام هو و رفيقه بجره نازلين للطبق الثالث عبر المصعد الخشبي

أما غرين شارلوت و شاهين، فكلاهما كان بالطابق الثالث بالفعل، لذا قام الحراس بنقلهم للغرفتين المقصودتين

قُرِعت الأجراس معلنة بذلك عن مجيء شخصية مهمة لزيارة السجن، و بمجرد ما أن وضع الخمسة أقدامهم بالداخل حتى سمعوا الصراخ يأتي من جميع الجهات بينما يرمي السجناء أنفسهم على القضبان الحديدية و يحدقون بالآتي بعيون حمراء، كانوا يمدون أيديهم محاولين الوصول لأولئك الأشخاص الذين أتوا بألسنة متدلية، لكن كلهم تعرضوا للطعن برماح الحراس جاعلين إياهم يقذفون لداخل زنزاناتهم

البعض منهم استمر في الانقضاض مرة تلو الأخرى بالرغم من الطعنات التي يتعرض إليها محاولا الوصول لتلك الفتاة التي كانت كملاك زار الجحيم، و امتدت نظراتهم و أصواتهم المتلهفة لجسدها المثير

كان هناك العديد من السجناء يقومون بالعديد من الأعمال الشاقة، من الحدادة و صناعة الأسلحة إلى التنقيب عن المعادن مع جَلْدهم من طرف الحراس باستمرار

ركب الخمسة بالمصعد الخشبي و نزلوا للطابق الثالث حيث كان الهدوء هناك قاتل لدرجة مخيفة، لو أنك رميت إبرة على الأرض فسيسمع صداها مرات عدة و بشكل واضح

توجه الخمسة معا عميقا في الطابق، و أينما رميت نظرك، فسوف تجد زنزانات سوداء تماما كما لو أنها صندوق من دون مدخل أو مخرج، لا للصوت و لا للهواء، كل شيء معزول بتلك الزنزانات تماما، حتى عن السجن المركزي نفسه الذي تقع بداخله


بعد التحرك لمدة من الوقت، وصل أخيرا باسل و البقية للغرفتين المقصودتين حيث كانتا بجانب بعضهما البعض

دخل الخمسة للتي على اليمين، و بمجرد ما أن فتحت البوابة و وضع باسل قدمه بالداخل، حتى صرخ غرين هيملر بجنون "لا، أبعدوا هذا الوحش عني، لا أريد لقاءه"

كما صدمت غرين شارلوت و انكمشت في الزاوية التي كانت منكمشة بها بالفعل بينما تحدق بأنمار و باسل باستمرار بنظرة غارقة في اليأس و تمتم "أنا آسفة، أنا آسفة، لن أعيدها مرة أخرى"

حدق الحراس في حالتهما بتفاجؤ ثم غادروا بعدما كلمهم الجنرال منصف و أغلقوا الأبواب وراءهم بناء على طلب باسل

انطلق شعاع قاتل من أربعة أعين، شعاع أتى من أعين أخوا القطع و اخترق جسد غرين شارلوت جاعلا القشعريرة تصعد مع جسمها من شدة الرعب. أمامهما الشخص الذي تسبب في معاناة أختهما الصغيرة ذات العشرة سنوات، الشخص الذي عذبها بتجارب شنيعة، الشخص المتسبب في حالة أختهما الصغيرة حاليا، أرادا أن ينقضا عليها في أي وقت بعدما يسمح لهما باسل بذلك

و في الجانب الآخر، حدق الجنرال منصف بغرين هيملر باحتقار، كم من امرأة جعلها ثكلى أو أرملة أو الاثنين معا؟ و كم من *** يتمه؟ و كم من الناس و العائلات أضاع لهم حياتهم؟ فقط برؤيته، رجعت الذكريات للجنرال منصف عندما تجرأ هذا الوغد على لمس زوجته، و أخيرا أتت فرصته في أخذ انتقامه بالكامل

أخرجت أنمار كرسيا و كوبا من الشاي من مكعب التخزين ثم ذهبت للجانب بعيدا و جلست بهدوء بينما تشرب رشفة تلو الأخرى

أما باسل، فاقترب من غرين شارلوت و حدق بها باستمرار، ثم ذهب و فعل المثل مع غرين هيملر، جعل هذا الأخير ينضم لأخته الصغرى ثم أخرج كرسيا و جلس، وضع يديه على جانبي الكرسي كما وضع رجلا فوق الأخرى و تكلم بهدوء لكن بنبرة جعلت جسدي الأخ و الأخت من عائلة غرين يرتعد "حسنا، أخبراني عن ما مررتما به من تعزييب في هذا السجن"

"همم؟" تفاجأ الأخ و الأخت من الطلب، أيريد منهما تفسير ما مرا به؟ كيف لهما أن يتكلما عنه؟ فقط تذكرهما لذلك يجعلهما يقعان في يأس عميق، و كيف لهما أن يتحدثا عنه؟


لم يتكلما و انكمشا في مكانهما، فتكلم باسل مرة أخرى "كما تريان، ورائي أشخاص غير صبورين مثلي، و إن لم تتحدثا بسرعة، فلا أعلم ما قد يفعلونه بكم ! "

كان الجنرال منصف و أخوا القطع غايرو و كاي يريدون الانقضاض عليهم كالمفترس لذي تربص بفريسته لمدة طويلة حتى أتت اللحظة المناسبة لاندفاعه

بدأ غرين هيملر بالتكلم أولا، بينما يتعذب نفسيا في كل كلمة يخرجها عبر فمه حيث تُذكره بما مر به، و أكثر ما ركز عليه كان الرش بملح أرخبيل البحر العميق الذي يحرق الشخص عبر الجروح التي يلقى عليها و يجعل السجين يمر بجحيم لا يطاق، كان الشخص الذي يتعرض لهذا التعذيب يشعر بأن جسده يُحرق بنار شديدة الحرارة باستمرار من دون أن تخلف آثار الحرق، مما يتيح إمكانية التعذيب بالحرق من دون الحرق الفعلي لمدة طويلة

بينما يشرح غرين هيملر ما مر به، بدأ يعض أصابعه و ينكمش في مكانه من شدة الفزع، بعد قدومه إلى هنا، هو الشخص الذي لم يجرب آلاما قاسية في حياته، كان هذا المكان كالجحيم بالنسبة له

بعدما ما انتهى غرين هيملر سأله باسل بهدوء "هكذا إذا، أهذا كل شيء؟"

"ها؟" تفاجأ غرين هيملر من ردة فعل باسل، ما الذي يقصده بكلامه؟ ألم يسمع ما الذي مر به من تعزييب جهنمي؟ حير سؤال باسل غرين هيلمر، فقام هذا الأخير بإيماء رأسه بعدما حملق به باسل

أزاح باسل نظره عن غرين هيملر ثم نظر لـغرين شارلوت التي بمجرد ما أن التقت عينيها بالخاصتين بباسل، حتى حنت لرجليه بينما تترجى "أرجوك، سأفعل أي شيء، أرجوك ارحمني"

حدق بها باسل و بحالتها المزرية، اشمأز منها ثم ضربها برجله بينما يقول "ابتعدي عني، لو أردت منك شيئا فستفعلينه مهما حدث، و الآن، اشرحي لي كما فعل هذا الحثالة"

ارتعدت غرين شارلوت في مكانها ثم بدأت بالتكلم بصوت منخفض، فكلمها باسل "فليكن صوتك واضحا" مع أن باسل يمكنه سماعها، إلى أن هدفه من جعلها تتحدث عن ما مرت به من تعزييب ليس لأنه يريد أن يعرف، فقد رأى خلال طريقه إلى هنا بعض السجناء يتعذبون


شرحت له كل ما عانته هنا طيلة الشهرين الماضيين، و من دون أن تشعر، بينما تتحدث، نظرت لجهة أنمار الجالسة بعيدا ثم تذكرت ما فعلته بها، مقارنة بتعذيبها من طرف أنمار، فالتعذيب الذي مرت به هنا لا شيء، لكن لا يعني هذا أنه لم يأثر بها، فلم تخرج أي كلمة من فمها إلا و أخذت معها جزءا من روحها

وقف باسل ثم تكلم "كما توقعت، هناك التعذيب الجسدي و النفسي فقط، حسنا"

أخرج باسل بعض الأدوات الغريبة، من بينها كرسيين بقيود سحرية، و حوض مائي، مع بعض الأنابيب الرقيقة

شاهده الأخ و الأخت من عائلة غرين و حدقوا في ما يخرجه باسل بغرابة، بعد مدة من الوقت سألا باسل "هل انتهينا؟" و كانا يسألان بهذا غير مصدقان لذلك

حدق بهما باسل ثم قال "أظن أنكما أخطأتما في السؤال بسبب خوفكما، أقصدتما هل بدأنا؟"

ظهر الرعب مرتسما على وجهي غرين شارلوت و أخيها، ثم صرخا مع في نفس الوقت من شدة الرعب

قام باسل بتعليق الحوض المائي بالسقف مع إيصاله ببعض الأنابيب الرقيقة فكون ممرا للماء بين الحوض و الأنابيب الرقيقة، ثم وضع الكرسيين اللذين كان طول أرجلهما يصل لثلاثة أمتار أسفل الأنابيب الرقيقة تماما، و كان الكرسيين مندمجان مع الأرض تماما بسبب حفر مكان لهما و تثبيتهما عميقا

حتى الآن، لا يعرف أي أحد ما الذي ينوي باسل فعله غير أنمار التي جلست بهدوء مغمضة عينيها من دون التحرك بينما ينتظر أخوا القطع و الجنرال منصف الإشارة من باسل

قام باسل بالتكلم "اربطاهما بالكرسيين"

تحرك أخوا القطع و حملا غرين شارلوت المرتعدة و وضعاها على الكرسي ثم ربطاها، و كذلك فعل الجنرال منصف لغرين هيملر

جلس باسل ثم تحدث "من طريقة سردكما لما حدث لكما، أظن انه حقا كان تعذيبا مرعبا بالنسبة لكما، لكن بالنسبة لي، التعذيب الذي تختفي آثاره بهذه السهولة ليس بذلك الشيء الكبير، ستجربان معاناة مئات الناس الذين قتلوا من طرفكما في سبيل أهدافكما التافهة، التجارب على البشر و تحويلهم لوحوش، هل تعرفين العذاب الذي يمر عليهم؟ لا، لا أظن، فبعد كل شيء أنت لم تجربين آلام بحر الروح من قبل، بعد التعمق في البحث أكثر، وجدت أنك أنتَ يا أيها الحثالة من كان يغطي على اختفاء الناس الذي تسببه أختك"

"...أختك بقيت على قيد الحياة لسببين، أولهما، استخلاص المعلومات منها بينما هي في جانبك لأحرص على ربط النقاط كاملة و أستأصل المشكلة من جذورها، ثانيهما، جعلها تمر بكل ما مر به من أشخاص قامت بالتجارب عليهم"


"...بعد التفكير جيدا، لم يكن من المناسب ترككما تنجوان بأفعالكما ببساطة، 'الدم بالدم'، هذه الجملة تتردد بعالمنا كثيرا، لكنكما للأسف اقترفتما خطايا أكثر مما يمكن للدم وحده احتواؤها"

تحدث باسل مع الاثنين اللذين ربط رأسهما مع قمة الكرسي مما جعل جبهتهما موجهة نحو الأنبوبين الرقيقين الموجهين نحوهما، و هذا الأمر جعلهما يرتعدان كثيرا، فليس هناك ما هو أكثر إخافة من المجهول

"...لقد تعلمت الكثير من التقنيات لجعل الشخص يتكلم، بعضها لا يترك الشخص عاقلا بعد تجريبه لها لمدة قصيرة فقط و فتكها لجسده، لكني لست مولعا بها لنقص جماليتها، لكن كانت هناك طريقة جذبت انتباهي أكثر من الأخريات، كانت طريقة بسيطة، سهلة، غير مرهقة، سريعة و ليست قبيحة. كانت تجاربي الهادفة لتعليمي تقام على الوحوش السحرية، و عندما جربت هذه الطريقة لأول مرة، أتعرفين بماذا شعرت؟"

حدقت غرين شارلوت بـباسل الذي حملق بها بحقد ثم قال "لقد شعرت بالاشمئزاز التام حتى من هذه الطريقة التي اعتبرتها الأفضل من جميع النواحي، كيف لشخص أن يقوم بمثل هذه الأعمال المتوحشة؟ القتل أسهل من ذلك بكثير، لكني مع ذلك تعلمتها كلها، لأنني أخبِرت بأنني سأحتاجها في يوم من الأيام، سيأتي يوم أكون شاكرا لتعلمي إياها، لكن للأسف، حتى الآن لا زلت أشعر بالاشمئزاز فقط"

"...فكيف لكي أن تشاهدين كل أولئك الناس تتعذب من دون أن تشعرين بأي شيء؟ قد لا أكون شاكرا حتى الآن لتعلمي هذه الطرق، لكني أعترف بأنني سأحتاجها بين الحين و الآخر، فلا أظن أن هناك طريقة أخرى لجعل حثالة مثلكما يمران بعقاب مناسب لهما، لذا سأضطر للشعور بالاشمئزاز من فعل مني في كل مرة أقوم بها"

وقف باسل ثم تحدث "هناك ذلك المثل، قطرات الماء تنحت الصخر، ليس بقوتها لكن بتواصلها، و من خلالها أتت فكرة التعذيب هذه، قطرة قطرة، و مع كل واحدة، تقترب الضحية من الجنون قبل أن تصل للموت، هناك مثل طريقة التعذيب هذه، استعملت على الناس العاديين فقط، ربطوا و أجبروا على مشاهدة قطرات الماء المتواصلة تنزل على جبهتهم، و بما أنها تأخذ وقتا طويلا، فغالبا ما وصلت الضحية للجنون قبل أن تموت عبر الحفرة المصنوعة بجبتها بسبب قطرات الماء المتواصلة"

بدأ الأخ و الأخت يرتعدان أكثر مما كانا عليه و يترجيان باسل على حياتهما، حملق بهما باسل ثم قال "ها أنتما ذا، سأذكركما بشيء ما، هذا الشيء هو الذي يجعلني لا أرحمكما مهما أصبح شكلكما مزريا، كم مِن مرة استنجد مِن المئات التي عذبتما بنفس طريقتكما هذه؟"


صمت الأخ و الأخت تماما بينما بدأت تنهمر دموعهما، فتكلم باسل "بالطبع لا تذكران، لكني بعد بحثي الطويل، كنت قادرا على تقريب العدد، لقد قمت أيتها العاهرة بالتجارب على 450 شخص، منهم 300 ***، و أنتَ أيها الحثالة تسترت على أفعالها، كما قتلت الكثير من التجار عبر استخدام قطاع الطرق و العصابات، و لا أعلم حقا كم من شخص قد قتلت، لكنه لن يكون أقل مما فعلت هذه العاهرة على الأغلب بما أن عمرك أكثر منها بكثير"

"...و الآن، لنعد لموضوعنا، تلك الطريقة استعملت على الناس الطبيعيين، لكنها لن تنجح على السحرة المتفوقين جسديا و ذهنيا على الناس الطبيعيين، لذا ما رأيكما بهذا؟ قطرات من الماء الممزوج بالطاقة الخالصة، ستتوغل عبر نقطة أصلكما الموجودة بجبهتكما لتسبب عذابا جهنميا في مسار نقطكما الأصلية و بحري روحكما، و بالطبع بعد تجربتكما لهذا الألم، انتظاركما للقطرة القادمة و خوفكما

من قدومها مرة تلو الأخرى سيقودكما للجنون التام، عندها سيكون التعذيب ذو مفعول حتى على ساحر، و على عكس الطريقة الطبيعية التي تأخذ وقتا طويلا، فهذه الطريقة المطورة تأخذ وقتا أقصر بكثير حتى على ساحر"

"...إن أردت تعزييب ساحر ما نفسيا و جسديا من دون إرهاق نفسك، فعليك بهذه الطريقة، فهي الأكثر راحة و قسوة، الأكثر راحة لمطبقها، و الأكثر قسوة للمطبقة عليه، و الآن بعد فهمكما لما سيحدث لكما، لما لانبدأ في التطبيق، فكما تريان، القاعدة الأولى في تنفيذ هذا التعذيب، هو شرحه الكامل للضحية، هكذا يبدأ هذا التعذيب"

بعد انتهاء باسل صرخ الأخ و الأخت بجنون، حاولا كسر الكرسيين لكنهما لم ينجحا في ذلك، حتى أنهما نسيا أن سحرهما مقيد فحاولا استخدامه، اهتزا بشدة من الرعب، و مع ذلك، لم يتحرك قلب باسل و لو قليلا، قد يكون يشعر بالاشمئزاز من التعذيب الذي ينفذه، لكن هذا لم يمنعه من القيام به لشعوره بضرورته

"لماذا تفعل هذا؟ لماذا؟ ليس و كأن لك علاقة بهم" تحدثت غرين شارلوت بعدما فشلت كل محاولات استنجادها

دعم أخوها كلامها "هذا صحيح، أنت لم تأت للعاصمة إلا قبل أقل من عام، لماذا تهتم لهذه الدرجة بمن قتلنا أو عذبنا؟ نحن لم نقترب منك حتى"

حملق بهما باسل ثم تحدث بلهجة باردة و خالية من المشاعر "معكما حق، حتى أن إزعاجك لي أيتها العاهرة قد تم تسويته من قبل أنمار، أما أنت أيها الحثالة فلم تزعجني، لأنني أنهيت أمرك قبل أن تفعل"


صرخ الأخ و الأخت عاليا "إذا لماذا؟ اتركنا و شأننا إن لم يكن لديك أي شيء تجاهنا"

حملق بهما باسل ثم أجاب "أتفق معكما أن لا علاقة لي بالناس الذين آذيتهما، لكني لا أتفق معكما في أنني ليس لدي أي شيء تجاهكما"

عبس الأخ و الأخت و صنعا وجها متسائلا

ازدادت نظرات باسل خلوا من المشاعر ثم قال "اثنان لا يبلعان لي مهما حدث، الجزر المرّ و الحثالة مثلكما"

صمت الأخ و الأخت بعد جواب باسل تماما

شحذ باسل طاقته السحرية الخالصة بإصبعي السبابة من كلتا يديه ثم ضرب نقط أصل غرين شارلوت كلها بنفس الوقت بسرعة فائقة، و كذلك فعل مع أخيها تباعا لها

فإذا بنقط أصلهما تشع كثيرا، و بما أنهما مقيدان، فليس لهما تحكم فيهن، شاهد باسل هذا الأمر و تكلم "هذه أول مرة أطبق فيها هذه التقنية، لم تكن لدي من قبل السرعة الكافية للقيام بها من قبل، إنها تقوم بتهييج نقط الأصل و جعلها غير محصنة، لكنها لن تنجح إلا إذا تم ضرب جميع نقط الأصل كلها مرة واحدة، و حتى لو نجحت، فسيقوم الساحر بإعادة ضبطها و جعلها تهدأ، لذا لا تنفع إلا في التعذيب، عندما يكون الساحر مقيدا، فليس هناك أي احتمال لمراوغته أو ضبطه لنقط أصله"


وجه باسل طاقته الخالصة و مزجها مع ذلك الماء الذي بالحوض ثم قال "هذا ماء من منطقة محظورة، و هذا يجعله أكثر قابلية للاندماج بالطاقة الخالصة، لذا عندما ستلتقي قطرة من هذا الماء بنقطة أصلكما، عندها ستشعران بآلام بحر الروح، عندها ستشعران بآلام كل الأشخاص الذين جعلتهما يمران بمثل ما ستمران به، و إليكما كلمتي كشخص مجرب لآلام بحر الروح، ستشعران أنكما تموتان مئات المرات في لحظات"

انتهى باسل من توجيه طاقته السحرية الخالصة ثم حمل حبلا متصلا بالحوض المائي و سحبه قليلا و أرخاه، فإذا بقطرتين من الماء تبدأ بالمرور من الحوض المائي للأنبوبين الرقيقين

حدقت غرين شارلوت بالقطرة القادمة بالأنبوب ببطء شديد، و هذا الأمر زاد من عذابها فقط على المستوى الذهني و العقلي، و بالطبع، لم يكن أخوها في حالة أفضل منها، فلقد بلل سرواله بالفعل من شدة الفزع

خرجت القطرتين الأوليتين من الأنبوبين و نزلت مباشرة نحو جبهتي غرين شارلوت و أخيها غرين هيملر اللذين حدقا بالقطرة بينما تكبر صورتها بالنسبة لهما شيئا فشيء بسبب اقترابها من أعينهما حتى التقت بجبهتهما

نزلت القطرة على نقطة الأصل و سُمِع صوت كنزول قطرة من الماء في بركة، و تواليا مع هذا الصوت، دوى صوت آخر، كان صوت الأخ و الأخت اللذين صرخا بجنون

اهتزا في كرسيهما و تحركا بجنون و بطريقة مروعة في مكانهما من دون التوقف و لو للحظة عن الصراخ من الآلام، توغلت تلك القطرة لنقطتي أصلهما بالجبهة و جعلت مساري نقط أصلهما مضطرب كليا مما تسبب في اضطراب بحر الروح تباعا لذلك ليبدآ بالشعور بآلام جهنمية لا يستطيع الشخص الطبيعي تحملها و لو قليلا

استمر الأخ و الأخت في الصراخ قبل أن يهدآ أخيرا بعد مدة من الوقت بسبب معالجة بحر روحهما التلقائي و تنقيته للطاقة الخالصة الغريبة، و عندما حدث هذا الأمر، سكت الأخ و الأخت أخيرا، لكن نظرتهما تغيرت من المرتاحة للمرتعبة مرة أخرى بعدما ريا قطرتين أخريين نازلتين عبر الأنبوبين الرقيقين، بدآ يصرخان و يتحركان بشكل غريب، لكنهما مهما حاولا، كان الكرسيين ثابتين و وجههما موجه للأعلى لترى أعينهما اقتراب القطرة القادمة مرة أخرى و يغرقان في اليأس في كل مرة يحدث ذلك

صرخاتهما تسببت في ثقب آذان الناس، و لولا كونهم في غرفة عازلة للصوت تماما، لبلغ صوتهم خارج السجن المركزي

حدق باسل بهما بنظرة غير مرتاحة بتاتا، ذات يوم أخبره معلمه أنه سيحتاج للقيام بمثل هذه الطرق مع بعض الأشخاص، ذات يوم سيكون شاكرا لتعلمه مثل هذه التقنيات، لكن باسل حاليا لم يكن يعتقد أن هذا اليوم سيأتي أبدا، فحتى لو اعترف بأنه سيحتاج لمثل هذه الطرق، لا يعتقد أنه سيكون شاكرا لذلك أبدا

و هكذا، أصبح مزاج باسل أكثر سوءً مما هو عليه حتى الآن، لكنه مع ذلك، حتى لو اشمأز من هذه الأسلوب الذي ينفذه، إلى أنه لا يعتقد أن غرين شارلوت و غرين هيملر لا يستحقانه، فلو كان كذلك، لم يكن ليجعلهما يمران به

كره باسل أي نوع من التسلط و التحكم، و خصوصا إن كانا يطبقان عليه، لذا كره حتى هذه الحالة التي جعلته مضطرا أن يقوم بشيء يكرهه، و لم يجد جوابا آخر غير استئصال مثل هذه المشاكل من جذرها تماما و عدم السماح لها بالحدوث ثانية كي لا يضطر للقيام بشيء يزعجه مرة أخرى

بعد مرور على تعزييب باسل لغرين شارلوت و غرين هيملر قليل من الوقت، استخلص منهما المعلومات ثم قال بينما يتوجه نحو بوابة الغرفة "سأترك لكم الأمر هنا، لا يهمني ما تفعلونه بهما، ذلك حقكم و يجب عليكم أخذه بأيديكم، ذلك الحوض المائي يحتوي على 1000 قطرة، بمعنى أن هناك 500 قطرة لكل واحد منهما، مما يجعلها مطابقة تقريبا لعدد الأشخاص الذين عذبوهم" تكلم باسل مع أخوا القطع و الجنرال منصف ثم غادر فرافقته أنمار

بقي أخوا القطع و الجنرال منصف أمام غرين شارلوت و غرين هيملر و حدقوا بهما بنظرة حقودة للغاية، بالنسبة لأخوي القطع، كان أمامهما الشخص الذي عذب أختهما الصغيرة بتجارب شنيعة لا تطاق، فتلقائيا، سيطرت مشاعرهما عليهما و غمرت نية قتلهما غرين شارلوت خانقة إياها

في الجانب الآخر، كان الجنرال منصف يحدق بغرين هيملر الذي تجرأ على لمس زوجته، لو أنه تأخر فيما سبق و لو للحظات، لكان قد اعتدى على زوجته و اغتصبها. لمس غرين هيملر شرفه و شرف زوجته، هذا كان أسوء من موته على يده، قلبه احترق بشدة طيلة هذه السنوات، و أخيرا أتت فرصته ليرد دينه

سحب الثلاثة الحبل فجعلوا الاثنين يمران بالجحيم من جديد، كانت تلك مجرد قطرة سحرية خالصة تتوغل عبر نقطهما الأصلية، و بمقارنتها مع العذاب الذي مر به كل من قاموا بالتجارب عليه، كانت لا شيء، من تعذب على أيديهما بسبب التجارب مر بجحيم أكبر بكثير من هذا، فهناك من لم يكن بساحر حتى، و نقط أصله لم تفتح بعد، لكنها أجبرت على ذلك مما تسبب في تكوين بحر روح غير متراص و يمكنه الانكسار في أي لحظة، إضافة لذلك، شرعوا في جعل بحر روحهم يتعرض لطاقة سحرية خاصة بأحجار الأصل، الآلام الناتجة عن هذا كان أكبر بكثير من مجرد آلام ناتجة عن قطرة واحدة، تحويل البشر لوحوش أمر لا يمكن أن يكون بالهين، للكسب يجب أن تتخلى عن شيء يعادل ما ستكسبه

في الجهة الأخرى، دخل باسل و أنمار للغرفة المجاورة، وجدا شاهين معلقا بحبال مقيدة للسحر مع وجود الكثير من الأغلال تقيده بينما تسيل منه الدماء، و عندما وطأت قدم باسل الغرفة، تكلم شاهين قبل أن يرفع رأسه "لقد انتظرتك كثيرا بالفعل، أمن عادتك ترك زوارك ينتظرونك كل هذه المدة؟" ثم رفع رأسه فإذا بصورته تظهر، كان وجهه محروقا كما كان جسده

تكلم باسل "يبدو أنهم تفننوا في عملهم"

"همم ! " استهجن شاهين ثم قال "مهما فعلوا لن يكون بمقدورهم إخراج و لو كلمة واحدة مني"


"هذا ما سمعت، يبدو أنك التزمت الصمت طيلة الشهرين الماضيين" ابتسم باسل ثم قال "لكن لا يمكنك الجزم بالمثل معي"

"غر مثلك، يحسب نفسه قد بلغ الذروة" تذمر شاهين ثم قال بهدوء "كما لو أن صعلوكا مثلك سيكون قادرا على إخراج و لو كلمة واحدة مني ! "

تكلم باسل باستهتار "أو لم أفعل بالفعل؟"

حملق به شاهين ثم قال "كفانا سخرية، هدفك من القدوم إلى هنا واضح، لذا سأنصحك بشيء جيد من الآن، بعد المرور بالتعذيب الجهنمي هنا من طرف أولئك الخمسة مجتمعين علي، لا أظن أن غرا مثلك قد بدأ الحياة للتو سيكون قادرا على جعلي أتكلم، وفر على نفسك بعض العناء و أرحني معك"

ضحك باسل ثم قال له "يا لها من ثقة لديك، سأنورك ببعض الأشياء، أنا أعرف كل ما تعرفونه، فلما تظن أنني لا أعرف بعض التقنيات التي لكم علم بها و تساعد على استخراج المعلومات؟"

حدق شاهين في باسل فشحب وجهه بعد قليل من الوقت، عندها ظهر حوله جوا من التوتر، و صمت لمدة طويلة قبل أن يبدأ الكلام مجددا بصياح "أيها الغر، أنت لا تعرف مع من تتعامل، لا تظن أنك سوف تنجو بأفعالك هذه، لقد غاب أخي الأكبر عن المقر لشهرين متتابعين مع فقدان التواصل به، عاجلا و ليس آجلا سوف يعرفون السبب جيدا، و عندها ستحل الكارثة عليكم، قد تكون فخورا بكونك ساحرا بالقسم الثاني من مستويات الربط، لكن صعلوك لعين مثلك قد دخل لمستويات الربط حديثا سيكون مثل وجبة خفيفة للقدماء الكبار الآخرين، أنت لا تعرف مع من تتعامل فقط أيها الشقي المجنون"

اقترب باسل و تكلم بهدوء "معك حق في نقطة، أنا لا أعرف مع من أتعامل، لكن أليس هذا هو سبب مجيئي إلى هنا من الأول؟"

"أيها..." صدم شاهين، لقد حاول إخافة باسل لكن الأمر لم ينجح

تكلم باسل "يبدو أنكم كنتم تحالون اصطحابي معكم حيا عند قدومكم في البداية، على الأغلب كنتم ستعذبونني بشتى طرقكم لأبوح لكم بما تريدون معرفته، لكن إنها 'وا أسفاه' بالنسبة لكم"


أخرج باسل كرسيا ثم بعض الأدوات الأخرى فجعل هذا الأمر شاهين يرتعد في مكانه بينما يصرخ "أيها المجنون، أتريد تكسير بحر روحي؟"

"همم...؟" استغرب باسل ثم قال له "بالطبع لن أفعل، لكن بما أنك تعرف نهاية هذا التعذيب القاتلة، فلا بد من أنك قد نفذتها أو على الأقل سبق و أن حضرتها"

بلع شاهين ريقه ببطء شديد ثم قال "و مع ذلك، لن أبوح بشيء، خوفي منك ليس بالقدر الذي أخافه منهم"

استعد باسل جيدا ثم توجه نحو الحبلين اللذين يعلقان شاهين و قال "خوفك مني أو من غيري لا دخل له بالموضوع، هذا الأخير يتعلق بدرجة تحملك للتعذيب، و عندها سنرى إن كان خوفك هذا سيمنعك من التكلم و يجعلك تتحمل كل تلك الآلام"

قام باسل بربط شاهين بالكرسي ثم قال "حسنا، لما لا نبدأ"

صرخ شاهين "ستندم على هذا قطعا، سينتقم القدماء الكبار و سيدنا ظل الشيطان لنا، عندها لن ينفعك حتى ندمك ذاك"

و في لحظة، سُمِع صوت كنزول قطرة في بركة من الماء يتبعه صوت صراخ عظيم دوى في الغرفة

***


في هذه الأثناء، بالقاعة الرئيسية الخاصة بالقصر الإمبراطوري

"لقد بلغت حدودي بالفعل، لقد سمعت بعض البلاغات الغير سارة تأتي من أتباعي بعاصمة إمبراطوريتي، لا يمكنني الانتظار لأكثر من هذا، فلنقم الاجتماع حالا، غير ذلك، سنغادر و لا تحلم بالحصول على مساعدة منا، حتى التحالف الذي كان بين الإمبراطوريات اعتبره ملغيا"

صرخ إمبراطور إمبراطورية 'الرياح العاتية' غلاديوس بوجه الكبير أكاغي بغضب. تعامل باسل الغير محترم تجاهه جعله يصل لقمة غضبه، ليس هناك من تجرأ على معاملته هكذا منذ أن أثبت نفسه و قتل الإمبراطور السابق ثم اغتنم العرش

تكلم إمبراطور إمبراطورية 'الأمواج الهائجة' شيرو معلنا عن استياءه "قد يكون ذلك الفتى قد أظهر قوة استثنائية بالفعل، لكن لا يمكنك ترك فتى في مثل عمره يتحكم في أعمالك، و كما قال الإمبراطور غلاديوس، عدم إقامتك للاجتماع حاليا، ستكون بمثابة تصريحك بعدم مساواتنا لذلك الفتى بالمكانة، و مثل هذا الشيء لا يمكننا تقبله"

حدق بهما الكبير أكاغي ثم قال "أنا لا يتحكم بي أحد، و لا أهين أحد، و أجزم لكما بنية القائد الأعلى باسل الخالصة، هناك معلومات يجب أن نشاركها نحن الثلاثة في سبيل الاستعداد للشر الأعظم، و تصريحكما الحالي بفسخ التحالف لن يكون له أي ضرر على أي أحد آخر سوى نحن أنفسنا، القائد الأعلى باسل لديه بعض الأعمال المهمة التي يجب عليه الاهتمام بها، و عند انتهاءه منها سيوفر لكما الوقت الكافي"

عبس الإمبراطور غلاديوس ثم قال "واحسرتاه، لقد سقطت من عيني أيها الإمبراطور أكاغي، ظننت أن عائلة كريمزون عادت جالبة المجد معها، لكن يبدو أنها كانت مجرد دمية يتحكم بها وحش صغير"

"أنت..." تواجد شيوخ عائلة كريمزون بالجانب، و لما سمعوا مثل هذا الكلام، صاحوا في وجه الإمبراطور غلاديوس

أدار الإمبراطور غلاديوس وجهه ثم قال "ماذا هناك؟"

تدخل الكبير أكاغي فرفع يده تجاه الشيخ الذي تحدث موقفا تدخله، ثم نظر للإمبراطور غلاديوس و قال "بعد مدة ستعرف أنك الخاسر أيها الإمبراطور غلاديوس، لا تلمني عندما يقترب من إمبراطوريتك شر لا يمكنك إبعاده"


"همم ! " استهجن الإمبراطور غلاديوس و غادر فتبعه الجنرالان اللذان يرافقانه دائما

تكلم الكبير أكاغي "ماذا عنك أيها الإمبراطور شيرو؟"

وضع الإمبراطور شيرو يده على ذقنه ثم فكر لقليل من الوقت قبل أن يقول "يبدو أنني سأنتظر لقليل من الوقت............... يتبع!!!
لقليل من الوقت ........ يتبع ؟
احنا رجعنا تانى ليتبع ؟
كانك مش مضبوط ياض

JIImPDb.md.jpg
 
  • بيضحكني
التفاعلات: BABA YAGA
  • عجبني
التفاعلات: غريب عن العالم
لقليلا

لقليل من الوقت ........ يتبع ؟
احنا رجعنا تانى ليتبع ؟
كانك مش مضبوط ياض

JIImPDb.md.jpg
استهدي ب**** ي كبير ده عيل بردوا هتضرب عيل😂😂
 
  • بيضحكني
التفاعلات: Ehab Demian
ي
استهدي ب**** ي كبير ده عيل بردوا هتضرب عيل😂😂
يعنى عايز تقول ان اللى هينقذ العالم عيل ؟
باسل لو سمعك هيزعلك اوى
 
  • بيضحكني
التفاعلات: BABA YAGA
ي

يعنى عايز تقول ان اللى هينقذ العالم عيل ؟
باسل لو سمعك هيزعلك اوى
المشكله انه مش هيعمل حاجه
هيبعت الشيطان انمااار تخلص الليله🤧😂
 
  • حبيته
التفاعلات: Ehab Demian
نسوانجي كام أول موقع عربي يتيح لايف كام مع شراميط من أنحاء الوطن العربي
اهلا ومرحبا بكم مره أخري في قصه عصر الأهوال

شاهدنا معا ماحدث علي طول السلسلة الاولي من احداث
مشوقه ورائعه من حب باسل لتعلم السحر لالتقائه بمعلمه ادريس الحكيم
وبدايه مسيره التدريبات الشاقه الي عرفنا بعد ذالك سبب هذه التدريبات ولماذا لم يبدأ
في تعلم السحر من الوهله الاولي مثل انماار و من ثم ذهاب باسل و انمار الي العاصمه وبدايه مسيره
تحصين العالم ضد هجوم الشياطين القادم وبدأ هذا التحصين بأنقلاب عائله كريمزون صاحبه المركز الثاني

علي العائله الحاكمه عائله غرين صاحبه المركز الاول والعائله الحاكمه الامبراطوريه والذي شاهدنا فيه
المعركه الكبيره و الحماسيه التي اسفرت عن مقتل الامبراطور غرين لايت علي يد الكبير أكاغي
والتي اسفرت عن سعاده عامره للكل بفوز عائله كريمزون في الحرب واسترداد حقها المسلوب منها منذ 55 عام

ولاكن كمااا قيل دوام الحال من المحال
فلم تستمر سعاده الجميع لوقت طويل فقد حدث امر صدم الجميع
.
.
.
فتابعوا معنا السلسله الثانيه لنعرف ماحدث بالضبط



(الجزء الاول)


ظهر ظل بسرعه خاطفه من وراء الكبير أكاغي، واخترق ظهره بسيف يحمل نقوش أثريه
.
.
.
من كان ليتوقع حدوث مثل هذا الأمر؟ خصوصا بعد نهاية المعركة، من يمكنه أن يعتقد أن الكبير أكاغي سيتعرض للطعن في الظهر من عدو مجهول بسيف أثري؟

تقيأ الكبير أكاغي الدماء، و حدق في السيف الذي خرج من بطنه، كيف لهذا أن يحدث؟ ألم يفز ضد عدوه اللدود بالفعل؟ هذه الأسئلة اتخذت شكل تعبيرات بوجهه

كل من يوجد في الساحة بقي فاتحا فاهه من شدة الصدمة، هذا حقا غير موضوع في قائمة الاحتمالات حتى، بالطبع لا، فكيف يمكنهم حتى أن يتخيلوا وجود عدو بسيف أثري مثل هذا؟ و من خلال طاقته السحرية، فلا شك أنه في قمة المستوى السابع

كل القادة الكبار شحبت أوجههم، الجنرال منصف كادت الدموع تنزل من عينيه، لكنها لم تفعل و بقيت عالقة لأنه لم يرمش أبدا من المشهد المروع الذي أمامه

حدق الجميع في صاحب السيف الأثري، فظهرت صورته ليكون عبارة عن شاب في منتصف العشرينات، لم يستطع أي أحد التعرف عليه

لكن هذا الشاب ظهرت تعبيرات غريبة على وجهه مع إبقائه على إمساكه لسيفه الأثري، ثم بدأت الأفكار تراود ذهنه، ما هذا الشعور بالضبط؟ ثم عندها فهم ما حدث له

تراجع للخلف عدة خطوات ثم ضحك بجنون "هاهاهاهاهاهاهاهاها" وضع يده على جبهته ثم تكلم "لقد خدعت تماما" وجه نظره لجهة محددة ثم حدق بعينيه من بين أصابعه، أخرج نية قتل جعلت كل شخص موجود يرتعد منه، لا يهم إن كان جنديا أو واحد من القادة الكبار، كلهم ارتعبوا منه، بعد أن نظر لتلك الجهة، تكلم بصوت منزعج يحمل معه نية قتل مستهدفة الشخص الذي وجه إليه الكلام "إنها أنت أيتها الغرة، لم أتوقع وجود شخص مثلك هنا، بصراحة لم أكن أظن أو وضعت حتى احتمالية وجود شخص بسحر الوهم في من المستوى السابع"

"همم؟" استغرب الجميع و خصوصا القادة الكبار، ما الذي يتحدث عنه؟ التفوا جميعا نحو الشخص الذي وجه إليه نظره سابقا ثم حدقوا به، كلهم وجهوا نظرهم نحو أنمار منتظرين الإجابة


تكلم الجنرال منصف "ما الذي يعنيه بكلامه؟"

لكن صوت حنين على مسامع الجنرال منصف قد أجاب على حين غرة "لقد أنقذتني حفيدتي يا زوج ابنتي"

عندها ظهر الكبير أكاغي وسط الجموع، لكن ما الذي يحدث هنا؟ لما هناك اثنين منه؟ واحد يقف أمامهم و صحته جيدة، أما الآخر فهو ساقط على الأرض و أصبح جثة بالفعل

"ما..." حاول الجنرال منصف التكلم لكن الرئيس تشارلي قال بارتعاب بينما يحدق في أنمار بعمق "ابن صديقي أكاغي لم يمت، لقد كان ذلك وهما، السيدة الصغيرة خدعتنا كلنا"

كان أول من اكتشف وهم أنمار بعد العدو الرئيس تشارلي، في هذه الأزمة التي حدثت أمام أعينهم، لم يستطع و لا واحد منهم التركيز بشكل مناسب ليكتشف وهم أنمار غير العدو الذي لا يبالي بهذه الأزمة

في الأصل هم لم يروا ساحر وهم من المستوى السابع في حياتهم، مما يعني أنهم لم يجربوا قوته أو وقعوا تحت وهمه من قبل، لذا لا يعلمون مدى تأثيره عليهم، و بسبب الأزمة، كان القادة الكبار قد خدعوا أيضا، فبغض النظر عن الجنود الذين لم يكن مخولا لهم اكتشاف هذا الأمر أصلا، يبقى أمر عدم اكتشاف القادة الكبار لوهمها أمرا في غاية اللاعقلانية

حتى إن أزحنا الرئيس كورو، الرئيس براون و الرئيسة موراساكي، فيبقى الرئيس تشارلي و الجنرال منصف اللذين اخترقا المستوى السابع بالفعل، الجنرال منصف في القسم الأولي و الرئيس تشارلي في القسم المتوسط، لكنهما مع ذلك لم يكتشفا أمر هذه الخدعة، و عندما فعل أحدهما، كان ذلك بعد انكشافها

حركت أنمار يدها بهدوء فاختفى الجسد الميت الخاص بالكبير أكاغي مع كل الدماء المحيطة به، و عند مشاهدة هذا الأمر، فهم كل شخص موجود بالساحة ما حدث

لكن، بكل جدية؟ أكان ذلك وهما، تلك التعبيرات التي رسمت على الكبير أكاغي، أو يجب أن نقول وهمه، كانت حقيقية، كل شيء كان حقيقي، صراخه، تقيؤه الدماء، تعبيراته، أيمكن لشخص أن يستطيع صنع وهم كهذا؟ لا يمكنك مفارقته عن الواقع


ارتعد الكل من أنمار، مثل هذه الفتاة في مثل هذا العمر، لا يمكن لأي شخص صنع وهم بهذه التفاصيل بعبقريته فقط، نعم العبقرية هي العامل الأساسي و المهم في هذا كله، لكنه إن لم يكن يفهم الحالة التي يريد تجسيدها فهما كاملا و شاملا، فلن يكون باستطاعته صنع مثل هذا الوهم الواقعي

لم يعرف غالب الأشخاص هنا عن أنمار، لم يعلم أحد عن قوتها الحقيقية سوى التاجر ناصر و الجنرال منصف، لكن هذا الاثنين لم يشهدا وهمها مباشرة، فبعد حضورهما سابقا، كانا قد وجداها تعذب الأميرة الخامسة فقط، لذا حتى لو كانا قد علما أنها من المستوى السابع، لم يكن لديهم الوعي بهذا بما أنهما لم يجربا قوتها مباشرة

ببساطة، كل شخص موجود هنا قد خدع من قبل أنمار، هذه الأخيرة جعلت طاقتها السحرية تهدأ قليلا، فبعد كل شيء، لقد اضطرت لاستخدام طاقة سحرية كبيرة من أجل تشكيل وهم قادر على خداع كل الموجودين هنا، خداع أكثر من مائتي ألف وحده كان عملا شاقا، و عند إضافة إليه القادة يزداد الأمر صعوبة، أما عند إضافة ذلك العدو ذو الحواس القاتلة، فكان الأمر مرهقا لخداعه ريثما يتخذ الكبير أكاغي

موقعا آمنا

بالطبع، الكبير أكاغي قد اختفى من الوجود بالنسبة للآخرين، لكنه كان الوحيد غير أنمار الذي عرف ما الذي يحدث أثناء تنفيذ الوهم، لذا أسرع في الهروب، فنية القتل التي يحملها ذلك الشاب الذي حاول قتله، جعلته يبتعد عنه في أقرب أمكن له، لم يستطع تحمل ضغطه لوقت أكثر

و بمجرد ما أن ابتعد الكبير أكاغي، حتى شعر الشاب الذي هاجمه باختفاء حضوره، عندها شعر بأن شيئا ما غير صحيح، فرأى من خلال وهم أنمار

تكلم الكبير أكاغي "صغيرتي أنمار...أنا..."

قاطعته أنمار ثم قالت "نصف شكرك يجب أن يذهب لباسل"

قبل بداية المعركة الأخيرة و مغادرة باسل، كان قد ترك ذلك الأخير بعض الكلمات قبل مغادرته "أنمار، أريد منك الحفاظ على قوتك قدر المستطاع، حاولي عدم التوغل في جو المعركة بالكامل، و حتى بعد نهاية المعركة لا ترخي دفاعاتك و لو للحظة واحدة، و إن حدث أي شيء غريب قومي بالتعامل معه بما هو مناسب لك، و لا يجب عليك إيقاف حواسك الخارقة حتى أرجع و ننتهي كليا من هذا الأمر، ليس حتى يطمئن قلبي، و يذهب عني هذا الوخز من ظهري"

تعجبت أنمار "هل هو حدسك؟"


عبس باسل ثم قال "نعم، في مثل هذه الأوضاع، عندما تكون هناك قطعة مفقودة، قد لا يكون بإمكاني إيجادها، لكني على الأقل أكون أعلم بأنها مفقودة، و كل ما أحتاج لفعله هو الاستعداد لها، أنا سأترك لك هذا الأمر هنا"

أماءت رأسها فذهب و اقترب من الكبير أكاغي ليخبره أنه ذاهب

بالعودة للأحداث الحالية

"لا يمكنني سوى الشعور بأنني لا يمكنني رد دينكما بما تبقى لي من العمر" تكلم الكبير أكاغي

ردت عليه أنمار "أنا لا أهتم بأي شيء موجود في هذا العالم عدا اثنين، أولهما باسل، و ثانيهما العائلة، لا تقل مثل هذا الكلام، نحن لا ننتظر منك رد دينك لنا يا جدي"

غمرت الكبير أكاغي السعادة و كادت الدموع تنهمر من عينيه، و في هذه الأثناء، لم يسع الجنرال منصف سوى تذكر صورة باسل المشتعلة أثناء تدربهم بشهر الانعزال

أما الآخرين، فقد أصبحوا يقدرون قيمة باسل و أنمار أكثر، الأمر لا يقتصر فقط على القادة، و إنما على كل الجنود هنا

لكن مع فرحتهم هذه نسي الجميع ذلك الشاب من قبل، ذلك الشاب الذي في قمة المستوى السابع تحدث بنبرة حادة "أمم، يا له من لم شمل رائع، لكن يبدو أنه سيتشتت مرة أخرى"


شحذ طاقته إلى أقصاها، جعل كل الموجودين في الساحة يرتعدون من قوته، حاليا، قد لا يكون هناك أي شخص موجود هنا لمجابهته، شحبت وجوه كل الموجودين، و بسرعة كبيرة، عن طريق حواسهم الحادة التي أخبرتهم بالخطر المحدق قام القادة الكبار بشحذ طاقاتهم كذلك، قامت أنمار بإشهار سيفها مع تمرير طاقتها إليه

حدثت حالة سكون لثوان، انكسر هذا الصمت العميق بجملة من ذلك الشاب "حسنا، لما لا نبدأ بك أيتها الغرة"

استعد للانطلاق، و عندما أراد أن يفعل، فجأة، في السماء ظهر حضور أجبر كل من يقع أسفله يشعر كما لو أن هناك جبلا يضغط عليهم

شخص بعربة يسوقها وحشين هائلين، فقط بمجرد وقوفهما في السماء جعلا كل شيء تحتهما يخضع لهما، أجنحتهما جلبت معها عواصف مع رفرفتها، بجسد كالأسد، إلا أن القدمين الأماميين و الرأس كانوا مأخوذين من الصقر الملكي، التفت حولهما هالة قاتلة، و لم يكن هناك أي شخص يستطيع القول أنه قادر على ترويضهما

لكنهما كانا يجران معهما عربة يركبها شخص ما، هذا الشخص كان صاحب ذلك الحضور سابقا، فبمجرد ما أن وصل، حتى توقف الشاب عن محاولته الهجوم، حدق في السماء و تمتم "لقد وصل الأقدم الكبير أخيرا، لكن، كما هو متوقع منه، دخوله غير اعتيادي، أن يجعل وحشي الفَتْخاء ('غرفين'، إن لم تعرفه، ابحث عن هذه الكلمة في غوغل) يقودانه إلى هنا، كما هي طبيعته، مبهرج في كل الأحوال"

تلونت وجوه جميع الموجودين هنا غير أنمار فأصبحت زرقاء، تحت هذا الضغط المهيب، لم يكن بإمكانهم التحرك قيد نملة حتى، ما هو هذا الشخص الموجود بالضبط هنا؟

تعرق القادة الكبار، و بعض الجنود فشلت أرجلهم فسقطوا على الأرض من شدة ضغط هذا الوجود الذي فوقهم، فقط القادة من كانوا قادرين على الحفاظ على رباطة جأشهم، لكنهم مع ذلك، ارتجفت و اهتزت أجسادهم، غرقوا في العرق، أرادوا فقط أن يبتعدوا قدر المستطاع من هذا المكان لكنهم لم يستطيعوا

تكلم الشاب الذي استهدف الكبير أكاغي سابقا للعربة التي بالسماء "أيها الأقدم الكبير، هل أكمل عملي أم أنك ستتفضل و تخرج إلينا؟"

كانت العربة تقف في السماء، كما لو أنها تقف على الأرض، كذلك كان وحشي الفتخاء، وقفا في السماء، مع هالة تجعل كل من يشعر بها يرتعد، ما هما هذان الوحشان بالضبط؟ كيف لمخلوقين مثل هذين أن يكونا يجران عربة؟ ألا يعني أن صاحب ذلك الحضور سابقا و الذي يوجد داخل تلك العربة هو من روضهما و جعلهما يطيعانه؟ أم ماذا؟ هل استدعاهما؟

بقي الكل يتساءل، و بعدما تكلم ذلك الشاب، لم يتكلم أي أحد حتى خرجت كلمة واحدة من داخل العربة مع حملها لهيبة و نية قائلها "انزل"

تحرك وحشي الفتخاء و نزلا للأسفل، أثناء نزولهما فقط اصطحبا معهما رياحا عاصفة، في كل رفرفة من أجنحتهما الصقرية كانوا قادرين على تحريك الرياح في ساحة القتال بالكامل، مع وقوفهما على الأرض، كانا حجمهما لا يصدق، علوهما فقط يصل لخمسة أمتار، رأسهما ضخم للغاية مع عينين شرستان، قدميهما الأماميتين اللتين تبدوان قادرتين على تمزيق أقوى السحرة بتلك المخالب، و بقية جسدهما الآخذ شكل الأسد و الذي يبدو كما لو أنه لا يمكن جرحه من شدة قساوته، و فقط بوصولهما للأرض جعلوا الكثير من الجنود يغمى عليهم من شدة الضغط

حاول القادة الكبار بلع ريقهم لكنهم لم يستطيعوا حتى أن يفعلوا، و بعد أن ارتعبوا بما فيه الكفاية من هذين الوحشين، ظهر عندها صاحب ذلك الحضور، خرج من العربة ببطء شديد، و بمجرد ما أن نزلت قدمه على الأرض حتى جعل القادة الكبار يريدون الركوع له من الضغط

تكلم ذلك الشاب من قبل "إذا ما نحن بفاعلين أيها الأقدم الكبير؟"

ظهرت صورة صاحب ذلك الحضور للجميع، و إذا به يكون عبارة عن رجل في الثلاثينيات، عينيه كانتا عميقتين، و فقط بنظرة منه، استطاع القادة الكبار الشعور بقوة نيته الخارقة، فقط بنِيّته كان يستطيع جعلهم يستسلمون عن قتاله و الرضوخ لطلباته مهما كانت

تكلم هذا الأقدم الكبير أخيرا "كازيمارو، لا تتعجل، فلنسألهم أولا، و نظرا لإجابتهم سوف نقرر خطوتنا القادمة"


تكلم الأقدم الكبير بشكل طبيعي، و أخيرا حتى ذلك الضغط من السابق قد اختفى، تنفس القادة الكبار بأريحية أكثر من السابق، لكنهم بعد أن جربوا ذلك الحضور، لم يكن من السهل عليهم نسيانه بسرعة، فلا زالت أجسادهم تهتز من الرعب

تحدث كازيمارو موجها كلامه للقادة الكبار "لقد سمعتم الأقدم الكبير، ما نريده منكم هو القيام بتسليم شخصين اثنين فقط، أولهما، أخي شاهين، ثانيهما، الشخص الذي يدعى بباسل، غير هذا، كلكم ستموتون"

صعدت القشعريرة مع أجسادهم، و كذلك فعل جسد أنمار هذه المرة، لقد سمعت اسم باسل من العدو، فكيف لها أن تبقى هادئة؟ حتى أن نية قتلها قد تسربت منها من دون أن تشعر

لكن نية قتلها هذه قد صُدَّت من قبل الأقدم الكبير، فقط بمجرد ما أن حدق في جهتها و أطلق القليل من هالته و نيته، حتى جعل نيتها عديمة الفائدة، كانا كما لو أن هناك قط يحاول التنافس مع نمر

تكلم الأقدم الكبير "يبدو أنك تعلمين شيئا أيتها الفتاة" أخرج هالته و وجهها نحو أنمار

وووووش

ضغط عليها بشدة، كم كان قويا ! فقط هالته كانت كافية لتجعل أنمار بعبقريتها تتنفس بصعوبة و لا تقدر على التحرك كما شاءت

عندها تكلم الكبير أكاغي متدخلا بسرعة "انتظر من فضلك، سنستجيب لطلبك، لذا أرجوك فلتتوقف فقط، إنها فتاة لا زالت لا تعرف حدودها و اغترت بنفسها فقط"

عندما شاهد الكبير أكاغي حفيدته تتألم لم يستطع أن يصبر أكثر، أسرع في التدخل و التكلم، إنه يعرف ماذا يفعل في مثل هذه المواقف، لا يجب أن تغضب أبدا مثل هؤلاء الأشخاص

أرجع الأقدم الكبير هالته بعدما حدق في أنمار لوقت طويل، فتنفست أنمار الصعداء أخيرا، لقد كادت أن تختنق حتى الموت فقط من تطبيقه حضوره الهائل عليها عن طريق هالته

تكلم الأقدم الكبير بكل وقار محدثا الكبير أكاغي "إذا يجب أن تسرع"


أماء الكبير أكاغي رأسه بسرعة و تكلم عبر خاتم التخاطر، كل ما يهتم به حاليا هو نجاة حفيدته و حلفائه، يجب عليه أن يعرف كيف يجعل هذا الأمر يمر على خير، لا يمكنه أن يخسر أي أحد، ليس بعد أن رد حقه أخيرا

القادة الكبار بكل عزة أنفسهم لم يستطيعوا التحرك قيد نملة من دون أخذ إذن الأقدم الكبير، فكيف لهم؟ إنهم يشعرون أنهم لو حاولوا القيام بأي حركة بسيطة، فرؤوسهم ستطير من مكانها

انتهى الكبير أكاغي من التحدث عبر خاتم التخاطر ثم قال "شاهين الخاص بكم سوف يأتي بعد قليل"

حملق كازيمارو في الكبير أكاغي ثم تكلم "حسنا، هذا الأول، ماذا عن الثاني؟"

بلع الكبير أكاغي ريقه و تحدث "هذا..." حملق الأقدم الكبير به ليكمل كلامه "في الحقيقة نحن لم نرى ذلك الباسل لمدة طويلة، لقد فقدنا الاتصال به و لا نعرف أين هو الآن؟"

وووووووش

زززززززززنغ

بااااااام


ضرب الكبير أكاغي من طرف رياح حادة في لحظة واحدة و أرسل محلقا لمئات الأمتار، فقط عن طريق تلويحه لسيفه الأثري من كل هذا البعد، قام كازيمارو بجعل درع الكبير أكاغي عديم الفائدة مع تسببه لبعض الجروح

حلق جسد الكبير أكاغي بسرعة فائقة حتى اصطدم مع حائط القاعة الرئيسية مع صوت باااااام

ارتعب الكل من قوة هجمة ذلك الكازيمارو، فقط بتلويح واحد كان قادرا على صنع مثل هذا الهجوم القاتل


تكلم كازيمارو مع إطلاقه لنية قتله في اتجاه الجميع "أي شخص يحاول العبث معنا سوف يموت، و الآن، لما لا تخبرونا أين هذا الشخص باسل؟"

عم الصمت بعد نهايته كلامه، و لا أحد استطاع الرد عن مثل هذا السؤال، كيف لهم أن يبيعوا صديقهم؟ و في هذه الأثناء، قام الكبير أكاغي بالتكلم عبر خاتم التخاطر بأسرع ما يمكن

سابقا عندما كان تحت أنظار ذلكما الاثنين، لم يستطع إيجاد أي ثغرة ليستطيع التحدث فيها مع باسل، لأنه كان يعرف أن أبسط تعبير يظهر على وجهه سيُعرف من قبل ذلك الأقدم الكبير، لكن بما أنه الآن قد أصيب و ابتعد جسده لكل هذه المسافة، فقد وجد تلك الثغرة التي انتظرها

(ماذا هناك أيها الكبير أكاغي؟) تكلم باسل مجيبا

تحدث الكبير أكاغي بسرعة، قبل أن يشعر به الأقدم الكبير (حليفنا باسل، هناك وجود عظيم يبحث عنك، يجب عليك الهروب من هنا و لا تعد، إن وجدك سوف تموت)

و مع إنهاءه لكلامه أوقف خاتم التخاطر عن العمل و وقف بصعوبة، درعه قد دمر تماما بهجمة واحدة من قبل ذلك الكازيمارو، لقد عرف مدى قوته الهائلة، و ذلك الكازيمارو ينادي الشخص الآخر و يتكلم معه بكل احترام، مما يلمح إلى قوته الغير معقولة، الخيار الصحيح هو جعل باسل يبتعد عنهم قدر المستطاع

بهذا الاستنتاج قرر الكبير أكاغي ذلك الاختيار. بعد أن وقف ارتاح قلب القادة الكبار أخيرا، على الأقل لا زال بإمكانه التحرك

تكلم الأقدم الكبير "كازيمارو، لقد سألناهم و لم يعطونا سوى نصف الإجابة، يبدو أن النصف الآخر سيكون بإمكاننا سماعه عن طريق العدوانية، أحضر لي الفتاة"

خرجت ابتسامة خبيثة من كازيمارو، و مرر سيفه الأثري على لسانه، ثم قال "تلك الفتاة قد تجرأت على خداعي، ليس هناك مانع من اللعب معها قليلا، أليس كذلك؟"

أجاب الأقدم الكبير "افعل ما شئت"

ووووووووش


في الحال انطلق كازيمارو كالسهم و وصل أمام أنمار في لحظة، ابتسم كالطفل الصغير بفرح و لوح بسيفه

بووووووووم

التقى سيفه مع هراوة حملها الجنرال منصف، هذه الهراوة كانت عبارة عن سلاح أثري من الدرجة الثالثة، و لحق التقاؤها بالسيف الأثري الخاص بكازيمارو شرارات و موجات قوية

قوة تصادم سلاحيهما قد أنتجت ضغطا كبيرا على الجنود من حولهما، أنمار التي في نفس مستواهما قد أحست بضراوة الطرفين

لو أنه كان شخص آخر غير الجنرال منصف الذي تلقى ضربة كازيمارو لما استطاع صدها، استطاع الجنرال منصف فعل ذلك فقط لأنه كان ساحر تعزيز من المستوى السابع

تراجع كازيمارو للخلف قليلا و تحدث "ساحر تعزيز هاه؟ يا له من ألم في المؤخرة، أتعرف شيئا؟" حملق كازيمارو في الجنرال منصف و صرخ في وجهه "إنني أكره سحرة التعزيز" ثم اندفع في اتجاهه بكل قوته

أسرع الجنرال منصف في التكلم "سيدتي الصغيرة، تراجعي للخلف"

قامت أنمار بما قاله بكل سرعة، الوحيد هنا الذي يمكنه أن يصد مثل تلك الهجمات و يشتري لهم بعض الوقت هو الجنرال منصف، كساحر تعزيز، له ميزة جيدة عنهم، فحتى لو كان أضعف بقسمين من العدو، لا زال بإمكانه مجابهته قليلا

تبادل الاثنان ثلاث ضربات متتالية جعلت حتى أسلحتهما الأثرية تهتز من شدة التصادم، هالتهما طغت في الساحة، قام كازيمارو بشحذ طاقته السحرية و إطلاق موجات من الرياح القاطعة، واحدة منها سابقا كانت كافية لإرسال الكبير أكاغي محلقا، و الآن، هناك العديد منها واحدة تلو الأخرى تستهدف الجنرال منصف

الجنرال منصف لوح بهراوته مع استخدامه لسحره و تدمير موجة بعد الأخرى، لكن مع مرور الوقت بدأ يشعر بالتعب، و بدأ يظهر الفارق بينهما، هجمات كازيمارو تزداد قوة، أما دفاع الجنرال منصف ينقص شدة فقط

انصدم الجميع من هذا القتال، ليس فقط من قوة العدو الهائلة، لكن حتى من قوة الجنرال منصف، في مثل هذا الموقف اليائس أخرج قوته الحقيقية أخيرا و وصل لحدوده، فقط عند مواجهة خصم أقوى منك بمراحل يمكنك بلوغ حدودك و اختراقها حتى


بدأت قوة الجنرال منصف تخور مع مرور الوقت، هو لم يعتد جيدا على سلاحه الأثري، على عكس العدو الذي يبدو معتادا بشكل كلي على سيفه الأثري

و عندما وصل الجنرال منصف للمرحلة الحرجة، لم يعد الرئيس تشارلي يستطيع التحمل أكثر فتدخل مهاجما، و عند مشاهدته، كذلك فعل الرئيس براون، عندما شاهد معلمه يتحرك قرر هو الآخر التدخل، و تباعا له، تحرك الرئيس كورو، مع قرار صديقه بالتحرك، قرر أيضا التحرك، فحتى هو لم يعد يستطيع تحمل مشاهدة طغيان هؤلاء أكثر

مدت الرئيسة موراساكي يدها محاولة إيقافهم، لكنها قد تأخرت بالفعل، و كذلك حاولت أنمار، هذه الأخيرة صرخت "انتظروا..."

لكن الآوان قد فات

استهدف الثلاثة العدو كازيمارو، و في لحظة قبل بلوغهم هدفهم

بووووووووووم

أرسل الثلاثة محلقين بينما دروعهم قد تكسرت و الدماء تسيل كالشلال منهم

تحرك الأقدم الكبير أخيرا، و بحركة واحدة منه كان قادرا إخراج ثلاثة قادة كبار من الحدث

فشلت أرجل الجميع في هذه اللحظة، المنظر المرعب الذي شاهدوه و لا زالوا يفعلون غير معقول بصفة نهائية، لقد تحرك ذلك الأقدم الكبير أخيرا، و بحركة واحدة منه قد جعل ثلاث قادة كبار قريبين من الموت

و السبب الأكبر في فشلهم في الوقوف على أرجلهم كانت الهالة التي ضغطت عليهم، عند تحركه أطلق بعضا من طاقته السحرية، و بمجرد الإحساس بها جعلتهم يريدون الخضوع له، يريدون فقط أن يصبحوا عبيدا له

طاقته قد طغت على الساحة الخارجية بأكملها، و جعل كل شخص هنا يعرف مقامه، جعل كل شخص هنا يعرف الفارق بينهم، جعلهم يعرفون أنهم لم يتبقى لهم أي أمل، الآن بعد تدخله، فبالتأكيد سوف يمحوهم من الوجود

علم الجميع أن هذا الشخص هنا قد تغلب على سحرة من المستوى السابع و السادس بحركة واحدة منه فقط، بمجرد ما أن أطلق القليل من طاقته السحرية حتى جعل القادة الكبار يحدقون بالموت، شخص مثل هذا لا يمكن أن يكون بالمستوى السابع، شخص مثل هذا قوته أكبر بكثير من المستوى السابع

عندها علم الجميع في هذا الوقت الحرج بأن هناك شيء ما وراء المستوى السابع، مستوى لم يعلموا عنه أبدا، مستوى خيالي يتجاوز كل كل معرفتهم السابقة

كل الجنود تحت المستوى الثالث لم يعد بإمكانهم التحمل أكثر فأغمي عليهم، طاقة الأقدم الكبير تغلغلت وسطهم كلهم، أحسوا بها مباشرة، سحرة المستوى الثالث أنفسهم كادوا يغيبوا، لا زالوا قادرين على الوقوف فقط لأن الأقدم الكبير لا يستخدم ضغطا أكبر، سحرة المستوى الرابع لا يستطيعون الوقوف بشكل مستقيم، كما لو أن هناك أوزانا هائلة تضغط عليهم

الآن كل من تبقى واقفا كان الرئيسة موراساكي و الجنرال منصف الذي بالكاد يستطيع أن يقف، و الكبير أكاغي الذي كان لا يزال بعيدا عنهم قليلا قد أحس بتلك الطاقة و تلك الهالة المستبدتين، و أنمار التي حملت تعبيراتها نظرات تخرج نية قتل مخيفة تجاه الأقدم الكبير

لقد حاولت الرئيسة موراساكي و أنمار تحذير الثلاثة. في ذلك الوقت كانتا تركزان بالكامل على الأقدم الكبير، مع أن الجنرال منصف كان يقاتل كازيمارو، إلى أنهما لم تكونا قلقتين عليه كما كانتا قلقتين من ذلك الشخص المرعب

و عندما أقدم الثلاثة على حركة، شاهدتا تغيرا في تعبيرات الأقدم الكبير، وجهه كان غير راض أبدا عما كان الثلاثة يحاولون فعله، عندها حاولت الرئيسة موراساكي و أنمار إيقاف الثلاثة، لكن بما أنهما ركزتا فقط على الأقدم الكبير، لم تدريا بتحركات الثلاثة –الرئيس تشارلي، الرئيس براون، الرئيس كورو- حتى لاحظتا تغيرا في تعبيرات الأقدم الكبير، عندها تساءلتا لماذا تعبيراته تغيرت للأسوء، فقامتا فالالتفاف لرؤية ما يحدث فوجدتا الثلاثة يهاجمون كازيمارو، لذا حاولتا إيقافهم لكنهما كانا قد تأخرتا بالفعل


و الآن، أصبحوا في وضع لا يحسد عليه، أحسوا أنهم لو قاموا بأبسط تحرك آخر، فسوف تطير رؤوسهم من مكانها، تجمد الجميع في هذه الأثناء

و بعدها حدث أمر كسر هذا الهدوء الذي استمر للحظات بالنسبة للعدو و أيام بالنسبة لأنمار و البقية

تكلم كازيمارو بعد مشاهدته لأشخاص يقتربون "أيها الأقدم الكبير، إنه شاهين"

حدق الأقدم الكبير في الاتجاه الذي أشار إليه كازيمارو و الذي كان نفس الاتجاه نحو بوابة الحائط المحيط بالساحة الخارجية التي اخترقها باسل

عندها شاهد ثلاثة أشخاص يقتربون بينما شاهين مكبل بقيود السحر من المستوى السادس، هو ساحر بالمستوى الخامس فقط، لذا لا يمكنه شحذ و لو القليل من طاقته السحرية

هؤلاء الثلاثة الذين كانوا يرافقونه كانوا بالترتيب من اليمين لليسار، غايرو، كاي (أخوا القطع) و جون (حراس بوابة العاصمة)

هؤلاء الثلاثة كلفوا بحراسة شاهين ريثما تنتهي الحرب ليستغرق باسل وقته في استجوابه، فحتى عندما حاول معه في الثلاثة الأيام السابقة التي اخذوها كراحة، لم يتكلم و لو بحرف واحد، لكن باسل لديه طرقه الخاصة، و التي كان ينوي تنفيذها بعد انتهاءهم من المسألة الكبرى حاليا أولا

هؤلاء الثلاثة في الحقيقة لم يكلفوا فقط بحراسة شاهين، بل حراسة الأميرة الخامسة غرين شارلوت أيضا، لكن بسبب أهمية شاهين لباسل، ترك الثلاثة الأميرة الخامسة في رعاية نبيل و الآخرين و رافقوا شاهين

عندما وصلوا، صدموا من المشهد أمامهم كما هو متوقع، لكن في الجهة الأخرى –جهة شاهين- ، هذا الأخير ارتسمت على وجهه ابتسامة طوال الطريق إلى هنا، و عندما وصلوا لوجهتهم، تحولت الابتسامة لضحكة مجنونة يرافقها بعض الكلام "لقد جنيتم على أنفسكم، أولئك اللعناء، سوف أحرص على رد لهم هذا الدين بكل تأكيد"

تكلم كازيمارو "أنتم، حرروه"


حتى الآن، لم يستطع الثلاثة فهم ما يحدث هنا بالضبط، لم يسعهم سوى تخمين وضع الآخرين، حدقوا في أنمار و الآخرين، فقرروا القيام بما أمروا به

عبر مفتاح الختم، قام الثلاثة بتحرير شاهين، هذا الأخير قام بحك معصميه و تمديد ذراعيه، و في لحظة

بوووووم

ركل الثلاثة مرة واحدة جاعلا إياهم يحلقون لعشرات الأمتار مع سعلهم للدماء بشدة

تكلم شاهين موجها كلامه للأقدم الكبير "يا أخي الكبير 'فالتشر'، لم تأخرتم لكل هذه المدة؟"

تنهد الأقدم الكبير فالتشر ثم تكلم بصوته الوقور "إنه خطؤك من الأول أن يقبض عليك، لو أنك لم تقم بالتواصل معنا في آخر لحظاتك بالقتال لما كان باستطاعتنا معرفة وضعك هنا"

حك شاهين رأسه ثم تكلم "حسنا، معك حق، لكن حتى أنا لم أتوقع أن أخسر، لكن هذا من الماضي، المهم، لما أتيت بنفسك إلى هنا؟ كان بإمكانك أمر بعض جواسيسنا فقط ليأتوا لإنقاذي"

"همف" استهجن كازيمارو و قال "بما أنك ناديتنا فلابد من أنك كنت بوضع خطير، لو كنت تحتاج لمساعدة من الجواسيس لكنت اتصلت بهم مباشرة فقط، أم أنا مخطئ؟"

"حسنا، معك حق" وافق شاهين كلامه ثم حدق بالآخرين و سأل "إذن، ما نحن بفاعلين؟"

تكلم الأقدم الكبير فالتشر "أنا أريد ذلك المدعو باسل، هل تعرف شيئا ما عنه؟ لقد قالوا أنهم لا يعرفون مكانه"

حملق شاهين في الجميع و تكلم "ها؟ لا يعرفون مكانه؟ أو لم يكن الشخص الذي قاد جيوشهم طوال الوقت؟"


قاد الجيوش، بسماع هذا الكلام تأكد فقط ظن الأقدم الكبير فالتشر و كازيمارو بكذب الكبير أكاغي سابقا عليهما، لذا تحدث الأقدم الكبير

"إن لم تتحدث و تخرج ما أريد سماعه..."

لكن بقية الكلام خرج من مكان آخر و الأقدم الكبير قد اختفى من مكانه، و عند استيعاب ما حدث، تجد أن الصوت لم يخرج من مكان آخر، و لم يختفي الأقدم الكبير، بل هذا الأخير هو الذي انتقل بسرعة خاطفة، و المكان الذي وصل إليه كان يقع وراء أنمار بالضبط من حيث جاء الصوت

أحكم القبض على يدي أنمار من الخلف قاصدا تقييدها ثم أكمل الكلام "أو أنني سوف أقوم بقتل هذه الفتاة الآن"

تأخر الجميع في فهم ما حدث، حتى أنهم لم يعرفوا مكان الأقدم الكبير فالتشر حتى أكمل كلامه، كيف وصل إلى هناك بالضبط؟ لكن الأهم الآن هو ما تطورت إليه الأمور

ما هم بفاعلين، لقد وقعوا في موقف حيث يجب أن يقرروا و يختاروا بين أنمار و باسل، هذا شيء مستحيل عليهم تقريره، إن هذا الأمر كما لو أنك تختار من تنقذ من الغرق، أمك أم ابنتك، لكن في النهاية سيكون عليك الاختيار، و إن لم تفعل، فبالتأكيد ستكون النتيجة أسوء، و التي هي واضحة تماما، 'موت الاثنين'

في هذا الوقت، لم يكن هناك أي خيار آخر غير وضع الكبير أكاغي ثقته في أن باسل سيكون قد أخذ بكلامه و هرب، لذا بناء على هذا قد أخذ قراره

حالة وحيدة يمكنك إنقاذ فيها الاثنين معا من الغرق، و هي أن يكون لديك سترة نجاة من الغرق تمنحها لأحدهما، و من الأفضل للشخص الذي تثق بأنه سيكون أهلا لتحمل هذا الأمر، و إنقاذ الثاني بنفسك

هذا ما فعله الكبير أكاغي، في هذه الحالة قد منح باسل خيط نجاة، و كل ما يمكنه فعله هو التركيز على الآخر الذي لا يملك أي خيط

تكلم الكبير أكاغي "أرجوك، من فضلك، سأتكلم، انتظر..."


ضغط الأقدم الكبير على يدي أنمار حتى كسرهما مع صوت تحطم "طررق"، أنمار لم تقدر على فعل أي شيء ضده، الأقدم الكبير فالتشر يقمعها كليا، و الآن قد قام بكسر عظام أيديها مما جعل حتى أنمار تطلق صوت "آآه" صارخة من الألم

حتى طريقة كسره ليديها كانت مروعة، لم يقم بكسر العظام فقط عن طريق ثنيها حتى تتكسر، لكنه قام بالضغط على يديها مما أضاف آلاما مضاعفة أكثر بكثير قبل بلوغ ذروة الألم عن طريق تحطم العظام

الكبير أكاغي في هذه الحالة شحب وجهه و تكلم بسرعة "إنه داخل القاعة الرئيسية"

لقد حاول سابقا أن يهدئ العدو، لكن هذا عاد عليه بآثار عكسية، العدو سأل و كان ينتظر جوابا، و الدوران حول الكلام كان فقط له أثارا سيئة على أنمار بدل تحقيق أثار جيدة و التي كانت المقصد الأساسي

لذا عندما تلقت أنمار أضرارا وخيمة، فهم الكبير أكاغي أن عليه الإجابة في أسرع وقت قبل فوات الأوان و إلا خرجت أنمار بعظامها كلها مكسورة إن لم يكن مصيرها الموت

حملق الأقدم الكبير فالتشر في الكبير أكاغي ثم قال بنبرة مسترخية "يبدو أنك تقول الحقيقة، لكن القاعة الرئيسية؟ أكان قريبا كل هذه المسافة ! ؟ حسنا، و الآن، فلننهي هذا الأمر"

رفع الأقدم الكبير يده اليمنى مع إبقاءه لليسرى لتقيد أنمار. عند مشاهدة هذا الأمر، فشلت رجلي الكبير أكاغي، انهمرت الدموع من عينيه، حتى أنه لم يعد يستطيع أن يخرج الكلام بشكل مناسب

صرخ الجنرال منصف "لقد قلنا لك ما تحتاجه، فلتفلت السيدة الصغيرة"

في هذا الوضع لم يكن باستطاعة أي شخص القيام بأي شيء، سوى شيء واحد، ألا هو انتظار يد الأقدم الكبير فالتشر اليمنى لتقتل أنمار

صرخ الكبير أكاغي بجنون "توققققققف"

تكلم الأقدم الكبير فالتشر "حثالة مثلكم يجب تطهيرهم، فحتى إن لم تموتوا الآن، كنتم ستموتون عما قريب على أية حال، لذا كل ما سأفعله هو تسريع هذا الأمر، و على العكس، يجب أن تكون شاكرا لي، فأنا سأعطيها موتة سريعة كما سيحدث معكم بعدها بالطبع"


و بعد إنهاءه لكلامه نزل بيده مع صوت وووووش

لكن هذا الصوت توقف بسبب صوت آخر

بوووووووووووم

لكمة نارية مشتعلة آتية من جسم مشتعل محترق جاعلة الأقدم الكبير فالتشر يطير لمئات الأمتار حتى اخترقت الألف متر ثم الميل و لا زال جسده يطير

ظهر صاحب الجسم المشتعل بينما شعره القرمزي و عينيه الحمراوين يلتهبان مع لون اللهب و كان هذا الشخص هو باسل

نظر لأنمار فشاهد ما أصابها، حدق في جسم الأقدم الكبير فالتشر الطائر ثم أطلق نية قتله التي جعلت الحلفاء و الأعداء –كل سواء- يرتعدون منه، في حالته هذه، بدى كملك نار قرمزي، لا يمكن لأي شخص المساس به أو الاقتراب منه

تكلم بنبرة قاتلة "مسست المقربين مني بسوء، و أنا أقسم لك، إني لست بتارك منك لحما و لا عظما"

تجمد كازيمارو و شاهين مما حدث، الأقدم الكبير أُرسِل محلقا من قبل هذا الفتى لأكثر من ميل؟ و أيضا ما كل تلك القوة؟ بعد التركيز قليلا، تجد أن هناك عنصر آخر ممزوج مع عنصر النار

كان شاهين يعرف أن باسل له عنصر التعزيز، و لم يعلم عن النار، لذا لما شاهد باسل يستخدم عنصر النار فقد ألوانه، هذا الفتى اخترق المستوى السابع؟

أما كازيمارو في الجهة الأخرى، فكان متفاجئا تماما مما حدث قبل قليل، لقد ظهر ذلك الفتى بسرعة كبيرة جدا، و الآن هناك عنصرين ممزوجين، لقد دعّم عنصر النار بعنصر التعزيز، قبل بعض شهور سمعوا عن هذا الفتى، و عرفوا أنه في المستوى الخامس، و الآن ها هو ذا أمامهم يستخدم عنصرين، إذن فقد دخل للقسم الثاني من مستويات الربط

عند هذه النقطة، ليس فقط الأعداء من صدموا، بل حتى الحلفاء، خصوصا الكبير أكاغي، فبعد رؤية باسل في حالته تلك، فهم ما يحدث، على الأقل عرف أن لباسل عنصر النار أيضا كسائر أعضاء العشيرة القرمزية

لكن، هذا غير مهم في هذه النقطة، المهم هو وجود باسل هنا، فباسل لم يقم بما أخبره به الكبير أكاغي، هذا الأخير قد أراد فقط أن ينجوا الجميع من هذه المحنة و الخروج من هذا الوقت الحرج بسلام، لكن باسل قد أتى عكس ما أخبره أن يفعل

لكن في هذه الحالة، لم يعرف الكبير أكاغي أي ردة فعل يجب يقوم بها، بالطبع هو خائف على باسل لأنه أتى للخطر، لكنه شاكر له لأنه أتى أيضا، فلو لم يفعل لكانت حفيدته قد ماتت في هذه الأثناء

لذا اختار ردة الفعل الثانية، فبعد كل شيء، لقد كانت ستموت أنمار لا محالة، و بعدها سيحين دورهم، لكن مع باسل هنا، و انطلاقا من لكمته السابقة، و امتلاكه لعنصرين، فالقيام بردة الفعل الثانية و التي هي الشكر على قدوم باسل في الوقت المناسب هي ردة الفعل المناسبة هنا


في هذه الأثناء، جسد الأقدم الكبير فالتشر الطائر توقف عبر رياح أحاطت به، حتى أنه كان قادرا على التحكم في سحر الرياح بشكل جيد للغاية لدرجة أنه جعله يحمله في الهواء و يجعله يطير و يحلق كما يشاء

وقف الأقدم الكبير فالتشر في وسط السماء و حدق في باسل من بعيد، نظر للخدش على وجهه و عبس، تكلم بكل هدوء كما لو لم يحدث أي شيء "أمم، بالفعل لديه عنصرين، لكن لم تكن الضربة قوية نظرا لغضبه، أكبح نفسه أم ماذا؟ على كل، هو بالفعل لديه عنصرين، أي لا شك في أنه اخترق القسم الأول و دخل للقسم الثاني من مستويات الربط، لكن مع غضبه ذاك كان يجب أن تكون لكمته تحمل قوة أكبر كساحر من القسم الثاني من مستويات الربط"

لم يفهم بالضبط الأقدم الكبير فالتشر ما الذي يحدث، بالطبع باسل لم يدخل للقسم الثاني من مستويات الربط بعد، لكن أي شخص سيعتقد هذا بعد رؤيته يمتلك عنصري سحر، و الذي لم يفهمه الأقدم الكبير، هو أن شخصا في القسم الثاني من مستويات الربط يجب أن تكون قوته أكبر مما أخرج باسل و خصوصا في حالة من الغضب كتلك التي بها باسل

حدق باسل في الأقدم الكبير الذي يتواجد بالسماء، عبس و أحكم قبضتيه، تلك اللكمة قبل قليل كانت تحمل معها كل قوته بالفعل، لكن ذلك الأقدم الكبير فالتشر لم يتضرر كثيرا و بدى كما لو أن هناك شخصا عاديا لكم شخصا عاديا مثله، يعني أنها كانت كتلقي ضربة جعلت وجنته تُخدش و تحمرّ قليلا فقط

اقترب الكبير أكاغي من باسل و تكلم "ظننت أنني قد أخبرتك بعدم المجيء، فلما فعلت؟"

لم يجب باسل مباشرة و حدق به، استرجع بعض الذكريات قبل دقائق من الآن

قبل تكلم الكبير أكاغي مع باسل عبر خاتم التخاطر بقليل من الوقت، في الوقت الذي كانت المعركة الأخيرة قد انتهت

باسل في تلك الأثناء كان جاعلا شخصا ضخما راكعا على ركبتيه بينما يمسك رقبته و يضغط عليها

و أثناء تشديده الخناق على ذلك الشخص تكلم باسل "أيها المبعوث رضا (الذي أرسلته الأميرة الخامسة لباسل عندما أتى هذا الأخير لأول مرة للعاصمة)، لقد علمتك درسا جيدا ظننت أنك سوف تتذكره لبقية حياتك و تبتعد قدر إمكانك عن طريقي، لكن ما الذي يحدث هنا؟ لم أنت هنا؟"


حدق المبعوث رضا بيأس في باسل، فبعد كل شيء، حتى هو لم يكن يريد الالتقاء به مرة أخرى، لكنه فقط كان يرافق أخت الإمبراطور و بناتها لحمايتهم في الطريق هو و العديد من الجنود الآخرين، فهو ليس بخادم للأميرة الخامسة، لكنه خادم لعائلة غرين، و في كل مرة و أين يكون، و هذه المرة كان يرافق أخت الإمبراطور

و عندما كانوا في غرفة الكنز مختبئون، فجأة كسر الختم و فتحت البوابة، لذا لم يكن له أي خيار آخر سوى مهاجمة الشخص الذي يقبع وراء هذه البوابة، لكنه لم يظن أبدا أنه سيكون ذلك الوحش الصغير من ذلك الوقت

نظر باسل إليه فقال مع زفيره متنهدا "يبدو أنني يجب أن أعدل على دروسي قليلا، فلا يبدو أنها قد كان لها مفعول كبير" ثم لوح بقبضته كاسرا عنق المبعوث رضا

كرررك

سقطت جثته على الأرض، و هذا الأمر جعل كل الجنود الذين كانوا يحمون أخت الإمبراطور يرتعدون، و في حالة الرعب هذه انقضوا كلهم على باسل

ووووش

قفزت أربع ظلال بسرعة خاطفة من وراء باسل و قطعوا الجنود الذين وصل عددهم للعشرة بسرعة خاطفة

لقد كانوا قادة التشكيل، فقط شي يو التي لم تتحرك

تقدم باسل للأمام ثم وجد أخت الإمبراطور ترتعد في مكانها بينما تتمتم "أنا أخت الإمبراطور، هل تريد المال؟ إن هذا هو الأمر فيمكنني جعلك أغنى شخص في هذا العالم؟ نعم يمكنك أخذ ما تشاء من هذه الغرفة"


و هذه الغرفة التي كانت تختبئ فيها أخت الإمبراطور إلى جانب بناتها و الجنود الذين يرافقونهم كانت في الواقع غرفة كنز عائلة غرين، فبعد كل شيء هم أتوا إلى هنا آملين في الاختباء، لأن بوابة هذه الغرفة يمكن مقارنتها مع بوابة الحائط المحيط بالساحة الخارجية، بمعنى أنها لا تخترق بالنسبة لهم، لذا أتوا إلى هنا للاختباء ريثما تهدأ الأمور، فعندما كانوا بداخل القلعة الرئيسية، سمعوا أن ستة أشخاص أقوياء يقتربون، لذا هربوا لهذه الغرفة بسرعة

تكلم باسل "أظن أنني بالفعل من أغنياء هذا العالم، هذا لا يثير اهتمامي"

ارتعبت أخت الإمبراطور، فلا زال باسل يتقدم، لذا حاولت إقناعه بشيء آخر "إذا أنت تريد المكانة، سأجعل أخي الصغير لايت يقوم بجعلك قائد الحرس الإمبراطوري و حتى القائد العام لجيوش إمبراطوريتنا"

تكلم باسل مرة أخرى بكل هدوء "أنا بالفعل القائد العام لجيوش الإمبراطورية، إمبراطورية الشعلة القرمزية"

لم ينفع مع باسل أي شيء، لذا لم يتبقى لها أي خيار آخر سوى الانقلاب للتهديد، تكلمت بصوت مرتفع و مرتعب "أنا أخت الإمبراطور، إن مسستني فلن يغفر لك الإمبراطور، ابتعد، لا تقترب مني أيها الوحش"

صرخت أخت الإمبراطور بجنون، و كذلك بدأ يفعل بناتها الثلاث الكبيرات، و هناك اثنتين صغيرتين، لم تقوما بأي تحرك أو حاولتا التكلم، فقط انكمشتا في مكانهما و عانقتا بعضهما البعض

تكلم باسل "لن يكون هناك هذا الإمبراطور الذي تتحدثين عنه موجودا في ذلك الوقت أصلا، لكن أنا متفق معك في شيء مما قلته، نعم أنا وحش، لكن لحثالة مثلكم فقط"

عندها فهمت أخت الإمبراطور أن نهايتها قد حانت، لكنها لن تستسلم بهذه السهولة، شحذت طاقتها السحرية و كذلك فعلن بناتها الثلاث الكبيرات، ثم انقضن كلهن على باسل

وووووووووش


اختفى باسل من أمام ناظر أعينهم و في لحظة طارت رؤوسهم من مكانها في آن واحد

عندها وجد باسل تلكما الاثنتين الصغيرتين تنكمشان بينما ترتعدان من شدة الخوف، حدق فيهما بعمق، و كذلك فعل قادة التشكيل به من الخلف، أحس باسل بنظراتهم الغريبة و خصوصا شي يو، لذلك تنهد ثم قال "كما قلت أنا وحش للحثالة التي لا أطيقها، لكن هاتين فتاتين صغيرتين لا ذنب لهما، لا تقلقي يا شي يو، لن أقوم بأي شيء سيضرهما، اعتني بهما ريثما ننتهي من الحرب، عندها سيكون من الأفضل لهما لو نسيتا أنهما من عائلة غرين"

حدق باسل في الأنحاء، فهذه الغرفة غرفة كنز بعد كل شيء، قد لا يكون هناك أي شيء قد يثير اهتمام باسل، لكن لا بأس من أخذ نظرة، فبعد كل شيء، لقد سمع من الرئيس كورو أن الأمير الثاني قد استخدم سلاحا أثريا، لذا أراد أن يعرف إن كان هناك أي شيء هنا قد يكون له فائدة ما

قام قادة التشكيل بالبحث في الأرجاء مع باسل، بالنسبة لهم، كل هذه الأسلحة النادرة و خرائط لمناطق محظورة، معلومات مفيدة عن أندر الوحوش، استعمالات عديدة لبعض أعضاء الوحوش السحرية، أحجار الأصل من المستوى السادس، و كل هذه القطع الأصلية الذهبية المتراكمة، شيء لأول مرة يرونه مجتمعا هكذا و بكل هذه الكمية في مكان واحد

لذا كان هذا مثيرا لهم بشكل كبير، لم يكن باستطاعتهم الصبر و تحمل مثل هذا الإغراء، لذا تكلم باسل عندما رأى لعابهم يسيل "خذوا ما شئتم، اعتبروها غنيمة حربكم"

انقض قادة التشكيل على الكنوز إلا شي يو التي لم تفعل، و بدل ذلك ذهبت لتعتني بالصغيرتين، أما الأربعة الآخرين، فقد أُعمِيَت عيونهم، و خصوصا شينشي، فعلى ما يبدو، لقد كان محبا للمال كثيرا

ابتسم باسل على حالهم و نظر في الأرجاء، لم يجد أي شيء يثير اهتمامه كما توقع، لكن في جزء مظلم من الغرفة، كان هناك أشياء مهملة، و من بينها كان يوجد أشياء كأوراق ملفوفة، كانت هناك ثلاث مخطوطات رق، و الجلد الذي صنع منه هذا الرق يبدو غير مألوف، لكن باسل يذكر أنه رأى جلدا مشابها لهذا

بعد التحديق لوقت طويل بها، عرف باسل ماهيتها، لقد استغرق منه هذا الوقت الطويل لاكتشافها لأنه لم ير واحدة تشبهها سوى مرة واحدة لمدة لا تزيد عن ثوان من معلمه، فالتي أراها له معلمه لم تكن بهذا التعقيد، و حتى الرق الذي كتب عليه كان مختلفا، لا شك في أن الجلد المصنوع منه هذا الرق مختلف عن الذي صنع منه الخاص بمعلمه، هذا يبدو كما لو أنه أكثر رقيا


تكلم باسل بصوت مرتفع من دون أن يشعر "مخطوطات روحية ! ؟"

التف الجميع و اقتربوا من باسل ليروا هذا الشيء الذي صدم حتى قائدهم، و عندما وصلوا، لاحظوا أنها مجرد أوراق بكتابة تشمل بعض التعاويذ الغريبة، لذا استغربوا

سأل تورتش "لما أنت متفاجئ هكذا يا سيدي؟ هل هذه الأوراق الغريبة لها أهمية؟ فبعد كل شيء فقد وضعت في الجانب المظلم و أهملت"

تكلم باسل مع نظرة متوهجة "لها أهمية؟"

في يوم من الأيام، عندما كان باسل مع معلمه يشرح له عن بعض التقنيات الفريدة، ذكر له أمر المخطوطات الروحية هذه، لكن بما أنه لا زال بعيدا عن هذه المستويات، فقد ترك معلمه هذا الشرح معلقا، لكن الشيء الوحيد الذي عَلِمه باسل، كان أن هذه المخطوطات الروحية تحمل قوة روح ساحر روحي و يمكنها إطلاق هجمات من نفس مستوى ذلك الساحر الروحي، و فقط لصناعة واحدة منها يجب أن يصرف الساحر الروحي وقتا طويلا جدا و إرهاق روحه لدرجة لا توصف

و في هذه الأثناء، عندما كان باسل سارحا بأفكاره، أتاه اتصال عبر خاتم التخاطر، لذا أجاب (ماذا هناك أيها الكبير أكاغي؟)

بعد الاستماع لما قاله الكبير أكاغي، تغيرت نظرة باسل كثيرا، ما الذي قصده الكبير أكاغي بوجود عظيم؟ لما عليه أن يهرب؟ هذين السؤالين اللذين شغلا ذهنه كانا كافيين ليفهم أن أنمار و البقية يواجهون عدوا أقوى منهم بكثير

في الحال توقف عن التفكير في أمر المخطوطات الروحية و وضعها في مكعب التخزين، لكن عندما كان يريد الخروج تفعّل ختم البوابة من جديد

لذا كان سببا في تأخره أكثر، أسرع بكل ما يملك في فتحه، ثم فعل سحر التعزيز في كامل طاقته مما فاجأ قادة التشكيل أكثر، فهم قد فوجئوا بالفعل من تصرفات قائدهم بعد انتهاءه من الكلام عبر خاتم التخاطر

عبس باسل بينما طاقته جعلتهم يتعرقون، تكلم بنبرة حادة "أنتم الأربعة لا يمكنكم استخدام إكسير التعزيز، بحر روحكم لا زال مرهقا و غير مستقر، لكن الأمر مختلف مع شي يو، هذه الأخيرة فلتشربه و أنتم الأربعة أحموها و الحقوني، سنحتاج لسحرها في كامل قوته، قد تكون هناك إصابات سيكون علينا الاعتناء بها سريعا"

انطلق باسل كالرياح، و عندما اقترب من العدو فعل سحر النار في كامل قوته أيضا

و الآن، إنه يستخدم لأول مرة السحرين معا في كامل قوتهما مع الإبقاء عليهما، لم تكن هناك أي مناسبة ليفعل بها هذا أو احتاج لذلك، ففي هذه الحرب، كان يحافظ على طاقته قدر المستطاع، فبعد كل شيء، لم يكن بإمكانه تجاهل تلك القطعة المفقودة

في هذه الأثناء، أسرع قادة التشكيل بكل ما أملكوا من قوة لاحقين باسل، و عندما وصلوا صدموا من الوضع الحالي، تقريبا جميع القادة الكبار و السيدة الصغيرة كانوا في حالة مزرية


أسرعت شي يو نحو أنمار و أرادت أن تعالجها، لكن أنمار وقفت كما لو أن ذلك الألم قد ذهب عنها و تشافت، تكلمت "أنا بخير، سارعي و عالجي الرئيس تشارلي و الاثنين الآخرين، فإصابتهما خطيرة جدا"

"هذا...لكن..." تمتمت شي يو و حدقت في باسل، هذا الأخير بقي مركزا فقط على ذلك الأقدم الكبير، لاحظت أنمار هذا الأمر ثم قالت "أسرعي، لا تهتمي بإصابتي الخفيفة، حتى باسل سيقول لك هذا، أسرعي و ابدئي في معالجة القادة الثلاث"

وقفت شي يو و أسرعت بينما يحيط بها قادة التشكيل من جميع الجوانب لحمايتها من أي خطر محتمل

ووووووش

حلق الأقدم الكبير فالتشر بسرعة خيالية و وصل في ثوان، وقف في السماء بينما يحتقر بنظراته باسل، تكلم بنبرة تهديد "أيها الفتى، أتستخف بي؟ لماذا لم تستعمل كامل قوتك؟"

ضاقت عيني باسل، هذا الوغد، يبدو أنه يعتقد أن باسل يوفر قوته، عبس باسل و استعمل سحر النار من تحت قدميه فكون عاصفة صغيرة حملته للسماء، فوقف أعلى من الأقدم الكبير بالسماء "حثالة مثلك لا يستحق استخدامي لقوتي الكاملة عليه"

عبس الأقدم الكبير، حملق في باسل ثم ارتفع للسماء أعلى منه "حثالة؟ إن نادى الحثالة شخصا آخر بالـ'حثالة'، فلا تحمل الكلمة المعنى الحقيقي لها"

ارتفع باسل أكثر منه، لقد ارتفعا لأكثر من 500 متر في السماء حتى الآن، تكلم باسل بينما يوجه نظره محتقرا الأقدم الكبير "أتتكلم عن نفسك يا أيها الحثالة؟"

"همم ! " ظهرت العروق على وجه الأقدم الكبير فالتشر، بدأ يشحذ طاقته السحرية ثم تكلم بينما يرتفع في السماء "على الأقل يبدو أنك جيد في الكلام، لكن ماذا عن القتال الفعلي؟ لنرى إن كان يصل لمستواك في الجدال"


"ها" صرخ الأقدم الكبير و أطلق طاقته السحرية، لقد كانت تفوق طاقة المستوى السابع بأضعاف كثيرة، حتى باسل تفاجأ من هذا الشخص الذي ارتفع حتى تساوى معه في المستوى بالسماء

باسل و أنمار هما الوحيدين غير حلفاء العدو اللذين كانا قادرين على معرفة قوة هذا العدو بالضبط، فأثناء تدريبهما، ركز المعلم على تحسين إحساسهما لأقصى الدرجات، لذا عندما احتاج لفعل هذا، كل ما كان فعله هو جعلهم يجربون مستويات مختلفة، و هذا كان عن طريق استخدامه لقوة تصل للمستوى المنشود و جعل باسل و أنمار يقاتلانه باستمرار حتى حفرت قوة كل مستوى في أذهانهما و أجسادهما و أرواحهما

هذين الاثنين ولدا بأفضل المواهب وجودا، لذا كان لهما إحساس قوي من الأول، و لم يمر وقت طويل حتى استطاعا صقل إحساسهما لأقصى الدرجات الممكنة في مستواهما الحالي

لكن باسل لا يزال يفوق حتى أنمار، فبامتلاكه لعنصر التعزيز الذي يأتي من الطاقة الخارجية، كان قادرا على تقوية إحساسه عبر الشعور بالطاقة التي تدخل لبحر روحه عبر جسمه كلما فرغت قليلا، لذا أصبحت حواسه حادة أكثر و أكثر مع مرور الوقت

ازدادت طاقة الأقدم الكبير مع مرور الوقت حتى أن باسل قد نزل بعض العرق من على وجنته، هذا الوضع غير جيد أبدا، لقد خدع العدو بأنه لم يستخدم طاقته الكاملة ريثما تأتي المساعدة، لكنه لا يعلم لمتى سيتسمر العدو في الانخداع هكذا

بلغت قوة العدو ذروتها ثم قال "على عكسك، أنا سوف أستخدم قوتي الكاملة، لنرى إن كنت ستبقى مشددا على رأيك في عدم استخدامك لقوتك الكاملة عندها"

عبس باسل و ضاقت عينيه أكثر، الآن يجب عليه الحرص على تضييع الوقت، لذا تكلم "كل ما فعلته هو رفع عنصرك الأول لأقصى الدرجات، هكذا لن يكون بإمكانك حتى منافستي"

"هممف !! " استهجن الأقدم الكبير فالتشر، إن كنت تريد الموت بهذه السرعة، فلما لا أحقق لك رغبتك بما أنها ستكون الأخيرة، اعتبرها مني كشفقة على حثالة مثلك"

حدق باسل في الأقدم الكبير و لم يتكلم، فقط ركز على الوضع الحالي، رأى ما خياراته و ما الذي يمكنه فعله

و في نفس الوقت، شحذ الأقدم الكبير فالتشر عنصره الثاني، ثم صرخ "وحشي الفتخاء"


عندها شوهدت ردة فعل على الوحشين اللذين لم يقوما بأي تحرك حتى الآن يرفعان أجنحتهما، خاف الكثير من الجنود، هل سيقوم باستخدام ذانك الوحشين المرعبين؟

حتى القادة الكبار المتبقين قد صدموا، لماذا يحاول باسل استفزاز العدو هكذا؟ لماذا يحاول جعل العدو يستخدم طاقته الكاملة؟ لم يعرف أي أحد المغزى وراء هذا الفعل، غير شخص واحد الذي بدأت الشكوك تراوده بالفعل حول أفعال باسل

هذا الشخص لم يكن شخصا آخر غير أنمار التي تفهم باسل أكثر من أي شخص، فكرت في هذه الأثناء بداخلها "لماذا يحاول كسب الوقت؟ أينتظر مساعدة من شخص ما؟ الوحيد القادر على حل هذا المشكل بشكل مؤكد هو المعلم فقط، لكن المعلم لن يظهر نفسه أبدا، فإن أنقدنا الآن سيعرضنا لخطر أكبر فقط على حسب ما قاله، أنا لا أعلم لماذا بالضبط لا يريد من أي أحد أن يكتشف أنه معلم باسل، لكن يبدو أن هذا الأمر مفروغ منه"

عندها تذكرت أنمار أمر باسل و امتلاكه لعنصرين و بنيته الغريبة خلاف الأشخاص العاديين، لذا بالطبع ربطت هذا مع ذاك

في هذه الأثناء حدق باسل بالأقدم الكبير ثم تكلم "إذا عنصرك الثاني هو الاستدعاء، وحشي الفتخاء من القسم الأولي من المستوى الثامن، و أنت من المستوى التاسع، و بالضبط في القسم المتوسط"

"هوه ! إنك تعرف أمورك جيدا" قالها الأقدم الكبير مع حملها لنبرة سخرية من باسل

هذا بالتأكيد شيء مذهل معرفته لمستوى وحشي الفتخاء بالضبط، فبالنسبة لمستوى الأقدم الكبير، كان عاديا بالنسبة لشخص دخل للقسم الثاني من مستويات الربط أن يعلم مستواه عندما يشحذ الأقدم الكبير طاقته، لكن معرفة حتى مستوى الوحشين اللذين لم يقوما بشحذ طاقتهما بعد كان مذهلا

لكن ما لا يعلمه الأقدم الكبير هو أن باسل حتى من دون أن يكون قد دخل للقسم الثاني من مستويات الربط، فقد كان قادرا على الجزم و المعرفة بإحساسه الخارق

ووووووش-رفرفة


تحرك جناحي وحشي الفتخاء فجلبوا معهما العواصف، و أثناء محاولتهما الطيران، أطلقا صراخا جعل كل من يتواجد في الساحة يصبح أصما للحظات

*إيييييييييييييييك"

صوت رقيق لكن مرتفع جدا، و مع ارتفاع هالتهما ضغطا على كل الموجودين أثناء محاولتهما الطيران، بمجرد ما أن ارتفعا في السماء حتى صنعا طريقا غير مرئي في كل ضربة من أقدامهم، كانا يرفرفان للارتفاع، و الضرب بقدميهما لصنع الطريق، و بهذا شقا طريقهما نحو السماء

كانا مظهرهما راقيا كثيرا، ذلك المنظر الخلاب الذي يخلفانه وراءهما في كل رفرفة و ضرب بأقدامهما على الطريق الغير مرئي كان جميلا بشكل لا يوصف، في الحقيقة، فقط عند ضربهما بقدميهما يتكون الطريق الغير المرئي، أما قبل ذلك فلا يكون موجودا

كانت العربة مملوءة بالنقوش الغريبة، هذه النقوش كانت تشبه صقورا تركب أسودا، مما أعطى شكلا خلابا لرمز حكم الأرض و السماء معا، و كانت العربة موصولة بالوحشين برباط منقوش بنقوش أثرية

لذا حلقت العربة بعد أن توهجت النقوش التي عليها، بعد أن مرت الطاقة من خلال الرباط و وصلت لنقطة الالتقاء بالنقوش على العربة، هذه الأخيرة تشكل من تحتها طريق كالذي صنعه وحشي الفتخاء و حلقت تبعا لإرادتهما

بعث شكل هذين الوحشين على اتحاد حاكمي السماء و الأرض الطبيعيين، رفرفا و استخدما عنصر الرياح لزيادة سرعتهما

ووووووش

انطلقا بسرعة كبيرة و وقفا وراء الأقدم الكبير، هذا الأخير استهجن و قال "أيها الحثالة، سأجعلك تعرف مقامك، و هذا سيكون عن طريق موتك"


عندها فكر باسل في قوتي الوحشين، لقد كان لديهما سحر الرياح كالعنصر الأول الخاص بالأقدم الكبير، لذا كان هذا إضافة كبيرة، فهما سيعززون قوى بعضهم البعض و ينتجون هجمات ذات مدى أوسع و قوة أكبر، بكثير

عندما يكون لأي شخص عنصر الاستدعاء، فهذا الأخير يكون باستطاعته استعداء نوع واحد من الوحوش السحرية بعد أن يقوم بعقد الاستدعاء معها، فمثلا قد يكون بإمكانه استدعاء الوحوش السحرية التي تستخدم النار، أو التي تستخدم سحر التعزيز، لكن المهم هو أن سحر الاستدعاء الخاص به يكون قادرا على استدعاء وحوشا سحرية بعنصر واحد محدد

و الوحوش السحرية عندما تخترق المستوى السابع و تدخل للقسم الثاني من مستويات الربط، لا تمتلك عنصرا ثانيا، لكن في المقابل تمتلك قدرة (ميزة) إضافية تستخدم عن طريق الطاقة الخالصة

باسل لاحظ قدرة وحشي الفتخاء على صنع طريق لهما في السماء، لكن لا يجب أن تكون هذه هي كل قوتهما فقط، لابد من أن هناك امتداد لهذه القدرة

أجاب باسل بالنظر إليه نظرة احتقار "همف، لا زلت لم تصل للمستوى المطلوب يا أيها الحثالة"

و لا زال باسل يحاول كسب الوقت، لكن يبدو أن هذا هو أقصى ما يستطيع كسبه عن طريق الكلام، و الآن حان وقت القبضات لتدخل الحدث

قفز الأقدم الكبير فالتشر للخلف ففتحت العربة من الفوق و دخل إليها

وقف و بإشارة من يديه، رفرف وحشي الفتخاء و صرخا ثم استخدما سحر الرياح مرة واحدة

فووو فووو

تكون إعصارين بجانبي باسل، ضغطهما لم يتيحا له أي فرصة للهرب، و قوة دورانهما جعلت بعض الجنود يطيرون، مع أنهم مرتفعون في السماء إلى أن قوة هذين الإعصارين قد جعلتهم يركزون على أقدامهم ليستطيعوا الوقوف، و منهم من لم يستطع و قذف لعشرات الأمتار، و آخرين قد جذبوا للإعصار، و قبل أن يفعل باسل أي شيء حتى تناثرت قطع أجسادهم في كل اتجاه و مكان

هؤلاء الجنود كانوا من المستوى الأول فقط، و بعد أن استيقظوا من غيبوبتهم التي سببها ضغط الأقدم الكبير سابقا، واجهوا مصيرا بائسا كهذا، و بسببهم عرف الجميع هنا قوة ذانك الإعصارين

غايرو و كاي اللذان يعرفان بأخوا القطع خجلا من اسمهما، أي قطع كانا يقومان به؟ إن كانا يسميا بثمل هذا الاسم، فما الذي يجب أن يسمى به الشخص أو الوحش القادر على القيام بمثل هذا الهجوم الشنيع ! ؟

عبس باسل في الحال، تشتَّتَت أجساد حلفائه لقطع من دون أن يكون قادرا على فعل أي شيء، لكن وقت الأسف ليس الآن، فالإعصارين ليسا فقط يستمران في التقدم نحوه، لكنهما يزدادان قوة مع الوقت


فكر باسل لقليل من الوقت، إن نزل للأرض الآن سينجو، لكنه سيعرض الكثير للخطر معه، مع أن اعتماده على سحر النار في الطيران يكلفه طاقته السحرية المهمة، لكنه يتجنب فقدانها كثيرا بسبب استخدامه للقليل من عنصر النار و تعزيزه بعنصر التعزيز الغير محدود مؤقتا

لذا خياره الوحيد هو الطيران للأعلى، زاد باسل من سرعة عاصفة النار الصغيرة فحلق للأعلى

الأقدم الكبير الذي لاحظ هذا الأمر، ابتسم و سخر "همف، لقد جنيت على نفسك فقط بظنك أنك قمت بالخيار الصحيح"

أخطر شيء في سحر الاستدعاء، ليس أنه يمكنه استدعاء كمية من الوحوش لتساعده، و إنما قدرته على التحكم في سحرهم حتى، و كما لو أنه سحره الخاص

فقط بنيَّته، و حركة واحدة منه تشكلت في التقاء راحتي يديه مطلقتان صوت تصفيق، حتى كان الأقدم الكبير قادرا على التحكم في الإعصارين و جعلهما يندمجان و يشكلان معا إعصارا يبدو أصغر في الشكل و أنحف، لكن قوة دورانه كانت لا تصدق، حتى أنه بدأ يتكهرب

تكلم الأقدم الكبير فالتشر "حسنا، و الآن، لما لا نضيف بعض النكهات، هااا"

صرخ بتلك الكلمة الأخيرة فتكون حول الإعصار حاجز غير مرئي، هذا الحاجز كان يشبه الطريق الذي صنعاه وحشي الفتخاء سابقا

عبس باسل و تكلم بداخله "اللعين، لقد تدرب حتى على التحكم في قدرة وحشيه جيدا"

عرف باسل أنه إن أصيب بهذا الهجوم فسوف يتلقى أضرارا لا تحمد عقباها، لكن حتى و لو عرف هذا، فلا يعني أنه قادر على فعل شيء أمامه، حتى باسل في هذه المرحلة قد انتهت خياراته


"اخترق و اقتل" صرخ الأقدم الكبير فانطلق الإعصار بسرعة جنونية، باسل الذي في السماء لم يكن باستطاعته مراوغة مثل هذا الهجوم السريع

زززززززك

تلاقى الإعصار بسيفي باسل الذي أخرجهما في آخر لحظة عندما وجد نفسه محاصرا، لكن حتى هذين السيفي الأثريين من الدرجة الثالثة بدأ يظهر عليهما عدم القدرة على التحمل. مع استمرار صوت الاحتكاك، استمر الإعصار في محاولة اختراق باسل الذي حلق لمئات الأمتار حتى الآن و لا زال يُدفع من قبل الإعصار

صرخ باسل بجنون و رفع عنصر التعزيز لحده الأقصى، عنصر التعزيز الذي كان في المستوى السابع، أصبحت طاقته تفوق ذلك المستوى بكثير

لكن مع أنه رفع عنصر التعزيز لأقصى حد، فلا زال غير كاف، دمج عنصر النار، توهج السيفين الأثريين و انفجرت النيران مرة واحدة منهما، لقد كان باسل يدافع بهما على شكل X ارتفع كذلك عنصر النار لأقصى درجة، و بتعزيزه بعنصر التعزيز الذي كان طاقته كبيرة و غير محدودة، أصبح السيفين الأثريين نفسهما النار، وصل تحكم باسل في سيفيه الأثريين لدرجة مخيفة، هدأت النيران و بدت كما لو أنها اندمجت مع السيفين و ليست تخرج منهما

و مع هدوء النيران حتى أصبح السيفين الأثريين عبارة عن لهبين (من لهب) أصفرين مائلين للأحمر في شكل سيفين و التف حولهما خيط طاقة رفيع باللون الأزرق الفاتح

صرخ باسل و استخدم كل طاقته الجسدية مع إبقاءه تركيزه على سيفيه، ثم لوح حتى وصلت يداه خلف ظهره

بششششش

تبدد الإعصار، في هذه اللحظة، كل شخص قد صدم، حلفاء كانوا أم أعداء، لكن الشخص الذي تلقى الصدمة الأكبر كان الأقدم الكبير فالتشر، لم يعلم أي أحد غيره عن مدى قوة الهجوم الذي نفذه


لقد كان ذلك في الأول هجوما من وحشي الفتخاء، لكنه بتحكمه في سحرهما و قدرتهما، كان قادرا على تعزيزه بسحره ذو المستوى التاسع، لقد كانت هجمة لا يمكن حتى لساحر من المستوى التاسع أن يصدها

لكن فتى مثل هذا كان قادرا على صده، ببساطة كان هذا غير معقول، و ما الذي يحدث بالضبط؟ ما تلك القدرة الجنونية على التحكم في السلاح الأثري؟ يقال أن الكمال في التحكم بالسلاح أو الدرع الأثري، تكون في دمج العنصر معهما، لكن هذا الفتى لم يقم فقط بدمج عنصر واحد مع سلاح أثري واحد، و إنما عنصرين مع سلاحين أثريين

دمج العنصرين معا وحده عمل صعب، و دمج عنصر واحد مع سلاح أثري أصعب، و دمج عنصرين مع سلاح أثري أكثر صعوبة، أما دمج عنصرين بسلاحين أثريين، فلا يمكن القول عنه سوى أنه شيء في متناهى الاستعصاء

دهش الأقدم الكبير فالتشر من هذا الأمر كثيرا، لكن الغريب في الأمر هو تفاجؤ باسل أيضا، فهو في مثل هذا الموقف الصعب و الشاق، كان قادرا على تطوير مهارته لهذا الحد، عندها لسبب ما تذكر كلام معلمه أثناء تدريبه بوادي الظلام العميق

(لديك ذكاء يجعلك عبقريا في المعارك)

(إنك حقا عبقري في المعارك)

لقد قال له معلمه هذا الكلام أكثر من مرة، لكن كونه عبقري في المعارك لا يقتصر فقط على استراتيجياته و خططه و كيفية تعامله و استجابته أثناء المعركة، بل أيضا التطور، سواء من ناحية العقل أو من ناحية القوة، و هذا كان سببا في جعله ينمي تحكمه في سيفيه الأثريين لهذه الدرجة من الكمال

تمكنه من التطور أثناء المعارك، فكر باسل في أن مثل هذه الموهبة التي يملكها، قد تكون أفضل شيء يملكه حتى لو كان يمتاز عن الآخرين بعنصر إضافي

بعد قليل من الوقت، استعاد الأقدم الكبير رشده، لقد اندهش كثيرا، لكنه فجأة صنع وجها يعبر عن اكتشافه لأمر ما أو ظهور فكرة ما في عقله


عبس و حملق في باسل ثم تكلم "أيها الفتى، ليس أنك لا تستخدم طاقتك الكاملة، لكن تلك هي حدودك، بمشاهدتك تستخدم أسلحة من الدرجة الثالثة فقط، قد أكدت شكوكي، لا أعرف بالضبط ما السبب في انخفاض طاقتك و هالتك و ضغطك و ضعف حضورك بالنسبة لشخص دخل للقسم الثاني من مستويات الربط، لكن بما أنك ضعيف لهذه الدرجة، فلست بحاجة للتراجع"

كان الأقدم الكبير فالتشر في الحقيقة يقمع نفسه و يحاول الإبقاء على طاقته السحرية قدر المستطاع، فمعركة بين ساحرين ترتكز غالبا على الطاقة السحرية، من يمتلك القدر الأكبر، غالبا ما يكون الفائز، لكنه الآن قد اكتشف أن طاقة باسل قليلة، لذا لن يتراجع بعد الآن و سوف يستخدم الطاقة الغاشمة لإبادة عدوه

ضاقت عيني باسل، لقد اكتشف ذلك الوغد هذا الأمر، لو أن العدو لم يكتشف، كانت المعركة لتطول أكثر، لأن الأقدم الكبير سوف يدخر طاقته و يستعمل القليل فقط، و في المقابل سوف يستخدم باسل طاقته الكاملة، و بهذا ستكون المعركة متساوية لبعض من الوقت

لكن العدو كانت حواسه حادة و اكتشف هذا الأمر بسرعة، لكن هناك شيء واحد لا زال لا يفارق ذهنه أبدا، ذلك الفتى عندما ظهر أمامه لم يظهر عليه أي علامات من الإرهاق، إذا لما طاقته منخفضة لهذه الدرجة؟

لم يفهم الأقدم الكبير مهما حاول، فهو لن يتخيل أبدا أن هناك شخص بعنصرين بالقسم الأول من مستويات الربط، هذا الأمر غير موضوع في قائمة الاحتمالات حتى

حدق باسل في سيفيه الأثريين، و ركز على عنصر النار، هذا الأخير لم يتبقى منه الكثير، و في الجهة الأخرى، لا يمكنه استخدام عنصر التعزيز لمدة أطول، ففي كل مرة تتوغل الطاقة الخارجية لجسده، يتسبب له هذا في إرهاق روحه و جسده أكثر

"المستوى السادس من عنصر النار غير كاف، هاه ! "

تكلم باسل و عبس، عنصر النار الخاص به في المستوى السادس فقط على عكس عنصر التعزيز، فهذا الأخير لم يزدد عن طريق تنميته بالتدريب الشاق كعنصر النار، عنصر التعزيز كان ينمو عبر إكسير التقوية، هذا السبب الأصغر، أما السبب الأكبر، فهو ضعف الختم الموضوع عليه مع مرور الوقت


للدقة، ليس مع مرور الوقت، و لكن مع تقدم باسل في المستويات، كل ما ارتفع باسل بمستوى، أو حتى بقسم، فالختم الموضوع عليه لمنع انجذاب الطاقة الخارجية إليه يضعف، مما يتسبب في ازدياد الكمية التي تتوغل لجسده

وُضِع هذا الختم عليه بهذه الطريقة لأنه لا يمكنه تحمل موجة الطاقة الخارجية الضخمة و الغير محدودة للأبد، فبالختم، كانت تتوغل لجسده القليل من الطاقة الخارجية، و كلما فرغت، امتلأت مرة أخرى

كان الأمر كما لو أن الختم يمنح للطاقة الخارجية مكانا لتسكن به فقط، و بهذا نجى باسل، لكن، في كل مرة ترتفع فيها قوة باسل، في كل مرة تزداد طاقة عنصر النار الخاص به، كلما كبر سكن الطاقة الخارجية

و الآن، عنصر النار الخاص به في القسم النهائي من المستوى السادس، و بهذا كان سكن الطاقة الخارجية واسع لتحمل طاقة تفوق المستوى السابع، مما يعني أن الختم قد ضعف كثيرا بالفعل، و يبدو أن عنصر النار الخاص به كلما اقترب من المستوى السابع كلما ضعف الختم بشكل أكبر، حتى أنه بدأ يرى اقتراب انكسار الختم كليا

لكن عندما يحدث مثل هذا الأمر، فسوف يتعرض باسل لموجة من الطاقة الخارجية غير محدودة، و لوقت غير محدود من الوقت، و في ذلك الوقت، إن لم يكن قادرا أو مكتسبا القدرة على التحكم في الطاقة الخارجية، فسوف يهلك عبر انكسار بحر الروح

"هاا" صرخ الأقدم الكبير ثم توجه نحو باسل بالعربة بأقصى سرعة يملك، سرعة العربة على الطريق الغير المرئي مدعمة بسحر الرياح، كانت لا تصدق، و كان بإمكانها قطع الأميال في ثواني

صرخ وحشي الفتخاء ثم رفع الأقدم الكبير يده للأعلى و رفرف الوحشين تباعا له، ثم أنزل يده مع صراخه "ألف رمح"

في الحال تكون فوق باسل آلاف الرماح الضخمة التي وصل طولها للمترين، و كلها كانت عبارة عن رياح تتكهرب من شدة احتكاكها بنفسها، رمح واحد منها كاف ليجعل ساحر من المستوى السادس يرتعد

عبس باسل، لكنه لم يتراجع، و عوض ذلك استخدم عنصر التعزيز بجنون، السيفان اللذان على شكل لهبين و يحيط بهما خيط طاقة رفيع، اهتزا و لمعا، و الخيط الرفيع الأزرق الفاتح أصبح أكثر وضوحا من قبل

أنزل الأقدم الكبير يده نحو الأسفل، فتوجهت الرماح كلها في نفس الوقت نحو باسل، كل من شاهد هذا المنظر بقي منتظرا موت باسل فقط، لكن ذلك الأخير حرك سيفيه المتوهجين و شرع في الهجوم هو الآخر كدفاع

ززن ززن ززن

تحركت يدي باسل بسرعة خارقة، طاقة عنصر التعزيز فاقت المستوى السابع بالفعل و وصل لمرحلة لا تصدق، أصبح باسل يتحرك حتى بدأ يظهر كما لو أن له العديد من الأذرع، آلاف الرماح توجهت إليه مرة واحدة، لكنه قام بصد رمحا تلو الآخر بسرعة غير معقولة

و مع ذلك، مع مرور الوقت كانت تظهر عليه علامات التعب، لكنه مع ذلك لا زال يستخدم عنصر التعزيز و يزيد من قدرة تحمله، لكن في المقابل كان بحر روحه يُرهق أكثر و أكثر


آلاف التلويحات من أجل إيقاف آلاف الرماح القادرة على قتل سحرة من المستوى السادس، هذا الأمر لا يمكن لشخص حتى من المستوى الثامن فعله، فبعد المئات و الألف و الألفين سيتعب و سيتعرض للإصابة للعديد من الرماح، لكن هذا في حالة عدم قيام هذا الساحر من المستوى الثامن بهجمة مضادة

مثل هذا الأمر كان ناجحا بالنسبة لباسل فقط لسببين، كونه يمتلك سحر التعزيز الغير محدود مؤقتا، و امتلاكه لسيفيه الأثريين، هذا السبب الأخير لا يمكنه التأثير بشكل كبير في مثل هذه الحالات، لكن في حالة كان الشخص يمكنه التحكم في السلاح الأثري لدرجة الكمال، فحتى هذا السلاح الأثري من الدرجة الثالثة سيكون كسلاح أثري من الدرجة الخامسة

انقسمت الأسلحة الأثرية لسبع درجات

- الدرجة الأولى، و التي يستطيع استخدامها سحرة المستوى الرابع و الخامس

- الدرجة الثانية، التي يستطيع استخدامها سحرة المستوى السادس

- الدرجة الثالثة، التي يستطيع استخدامها سحرة المستوى السابع

- الدرجة الرابع، هنا لا يمكن لشخص استخدام مثل هذا السلاح الأثري أبدا ما لم يكن قد دخل للقسم الثاني من مستويات الربط، و يستطيع استخدامه سحرة المستوى الثامن و التاسع

- الدرجة الخامسة، التي يستطيع استخدامها سحرة المستوى العاشر

- الدرجة السادسة، التي يستطيع استخدامها سحرة المستوى الحادي عشر و الثاني عشر

- الدرجة السابعة و الأخيرة، و التي يستطيع استخدامها سحرة المستوى الثالث عشر و الرابع عشر

سمع ذات مرة باسل من معلمه، أن الشخص لو وصل للكمال في التحكم بسلاح أثري من الدرجة السابعة سيكون قادرا على مواجهة سلاح خاص بـ'سيد روحي' لبعض الوقت، أي يمكنه أن يجابه سلاحا من نطاق 'الأرض الواسعة' لبعض الوقت

لكن 'السيد الروحي' الذي يعتبر خبيرا من نطاق 'الأرض الواسعة'، سيكون هو الرابح في نهاية المطاف، فساحر من مستويات الربط لا يمكن مقارنته بساحر روحي

تزداد درجة تحكم الساحر في سلاحه الأثري كلما ارتفع في المستوى، فمثلا بالنسبة لسلاح من الدرجة الرابعة، سيكون لِساحر من المستوى الخامس الأفضلية في التحكم فيه من ساحر من المستوى الرابع

مع أنهما باستطاعتهما استخدام نفس الدرجة، إلى أن الشخص الذي يكون بمستوى أكبر تكون له الأفضلية في درجة التحكم، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن من بالمستويات العليا يكونون دائما أفضل في التحكم، ارتفاعهم في المستوى فقط يزيد من قدرتهم على التحكم


فمثلا، هناك ساحر من المستوى الخامس، لكنه أضعف في التحكم من ساحر بالمستوى الرابع، مع أن ارتفاعه بالمستوى يمنحه أفضلية، لكن إن كان أقل موهبة من ساحر المستوى الرابع في التحكم أصلا، فحتى أفضليته (مستواه أعلى) لن تكون كافية ليتغلب على ساحر المستوى الرابع في التحكم

و من يصل للكمال بالتحكم في السلاح الأثري، يكون بإمكانه مواجهة أسلحة من درجة أكبر، كحال باسل الآن، سلاحه من الدرجة الثالثة، لكنه مع ذلك يمكنه مجابهة سلاح أثري من الدرجة الخامسة، بشرط ألاّ يكون تحكم صاحب السلاح الأثري من الدرجة الخامسة قد وصل للكمال أو اقترب منه

باسل الآن يستخدم سلاحا أثريا من الدرجة الثالثة، هذا الأمر مستحيل بالنسبة له في الأحوال الطبيعية كساحر من المستوى السادس، لكن بامتلاكه عنصر التعزيز الذي فاق حتى المستوى السابع، كان بإمكانه استخدام عنصر التعزيز أولا على السيفين الأثريين و من تعزيز عنصر النار دائما ليكون قابلا لاستخدام سلاح أثري من الدرجة الثالثة

لكن معنى أنه يقوم بتعزيز عنصر النار، ليس أنه يجعله يرتفع في المستوى، فهو يعزز عنصر النار بعد أن يستخدمه، فلا يمكن لعنصر أن يتداخل مع الآخر بداخل بحر الروح أبدا، فإن حدث هذا، عندها سيكون هناك عدم استقرار قد يؤدي لانكسار بحر الروح

تعجب بالفعل الأقدم الكبير مما فعله باسل، لكنه استل سيفه السحري و صرخ بينما يلوح به "قطع الهواء"

و بتلويحه بدا كما لو أنه يقطع الهواء حقا، لكن ما حدث بالضبط كان تجمع الرياح حول سيفه و انطلاقها على شكل موجة حادة ضخمة للغاية

حتى باسل عندما شاهد هذا الهجوم قد فوجئ قليلا، لكن مع ذلك، هو لديه سلاحين أثريين على عكس العدو، و سيفيه في هذه الأثناء يفوقان قوة سيف عدوه

تقدم باسل و قطع

زبام

قطع الموجة الضخمة و توجه نحو الأقدم الكبير الذي تحكم في وحشيه و اللذين بدورهما تبعا إرادته و ضربوا بأقدامهم في السماء فكونوا الطريق الغير مرئي، و بعدها قاموا بالضرب مرة تلو الأخرى، فصنعوا عدة طرق


تبعا لإرادتهم، تحركت الطرق و تشكلت ثم كونت رمحا غير مرئي، وصل طول الرمح للعشرة أمتار، كانت مقدمته أسطوانية، كان الطريق الغير مرئي كما لو أنه حاجز يتشكل طبقا لإرادة مستخدمه

وقف الرمح الغير مرئي في السماء من دون تحرك، ثم عندها ابتسم الأقدم الكبير و صرخ "إنها لحظات موتك أيها اللعين، ذق عذاب أقوى هجوم أملكه، حتى لو جلبت ساحر من المستوى العاشر فسوف يصبح نصف ميت بتلقيه مثل هذا الهجوم"

كان الأقدم الكبير واثقا جدا، وضع سيفه السحري في مكعب التخزين و أخرج سيفا أثريا، هذا السيف الأثري كان شكله متعرجا و نقوشه كانت أكثير توهجا عندما شحذ الأقدم الكبير فالتشر طاقته به، أخذ وضعية أفقية لسيفه الأثري و شحذ طاقته لآخرها، و كذلك فعل وحشي الفتخاء، و في نفس الوقت، قام بتوجيه سيفه للأمام نحو مؤخرة الرمح الغير مرئي بقوة خارقة مع تكوين الوحشين لرياح توجهت نحو مؤخرة الرمح الغير مرئي كذلك

فانفجرت الرياح خلف الرمح الغير مرئي و انطلق بسرعة هائلة كما لو أنه عبارة عن رمح برقي

باسل الذي شاهد اندفاع تلك الطاقة الغير معقولة نحوه لم يعرف كيف يتعامل بعد الآن، قد يكون الرمح غير مرئي، لكن لا زال بإمكان الساحر الشعور به، فهو مكون من الطاقة السحرية الخاصة

في لحظة قطع مئات الأمتار و وصل لباسل الذي دافع بكل ما يملك من قوة، استخدم سيفيه الأثريين من الدرجة الثالثة بتحكم في مرحلة الكمال، و مع ذلك لا زال الأمر بلا فائدة، استخدم سحر التعزيز بجنون و مع ذلك كان هذا بلا فائدة، نفذت خياراته حقا هذه المرة

قاوم السيفين تحت تحكم باسل بجنون و دفعا مع مالكهما لمئات، لا، آلاف الأمتار، حلق باسل في السماء بغير إرادته بينما يعاني، عضلاته تقترب من الانفجار و بدأ يسمع بعض الأصوات من تحطم عظامه

بااااااام

تناثرت الدماء في السماء، كان باسل قادرا على صد الرمح، لكنه لم يكن قادرا على منعه من تسببه له في جراح بالغة، عظام ذراعيه تحطمت، و قبل أن تتحطم العظام انفجرت العضلات، فخرج الدم كالشلال من دون توقف

تحطمت أكثر من ست ضلوع، و تمزق لحمه، هذه الهجمة كانت مروعة للغاية، كلام الأقدم الكبير لم يكن من فراغ، فهذه الهجمة الآن جعلت باسل في الموقف الأضعف نهائيا من دون شك، استخدم الأقدم الكبير بالفعل الكثير من طاقته، التحكم بعنصر الاستدعاء في الوحوش التي استدعاها لكل هذا الوقت لوحده مرهق، لكن التحكم في سحرهم و قدرتهم، هو أمر شاق كثيرا


حتى هو لهث كثيرا بعد هذا الهجوم، فقط عنصر الرياح الخاص به الذي لا زال مرتفعا قليلا، لكن الإجهاد من انخفاض عنصره السحري بسبب استخدامه الجنوني له كان كبيرا

شحب الجميع من المشهد أمامهم عندما تناثرت الدماء الخاصة بباسل في كل مكان، بالكاد يحافظ على وعيه، كل تلك الآلام و لا زال واعيا لأمر مذهل بالفعل، لكنه لم يعد باستطاعته الإبقاء على عاصفة النار الصغيرة لتحمله بالسماء

فعندما كان يدفع للوراء لآلاف الأمتار كان تركيزه بالكامل على صد الرمح، لذا كان يحتاج لأي قطرة يملكها من السحر، جمع كل ما يملك من طاقة و استخدمها لمقاومة تلك الهجمة الخارقة

فتح الكل أفواههم من الصدمة، ما هذه اللعنة التي نزلت عليهم؟ ما كان ذلك الهجوم قبل قليل؟ أذلك ممكن القيام به من طرف البشر؟

الأقدم الكبير فالتشر كان من بين المصدومين أيضا، إن كانت هذه الهجمة ستجعل من ساحر بالمستوى العاشر نصف ميت، فمن المؤكد أنها ستقتل هذا الفتى، لكن هذا الأخير مع ذلك خرج من هذه الهجمة نصف ميت فقط

في هذه الأثناء سقط جسم باسل من السماء، كان وعيه مشتتا، بالكاد يستطيع فتح عينيه، لكنه لو نزل من هذا الارتفاع، فلا شك أنه سيتلقى أضرارا بالغة أخرى

وووووووووووش

مر ضوء أزرق من بين الجميع بسرعة كبيرة جدا، كازيمارو الذي كان يتمتع بقتال الأقدم الكبير لاحظ هذا الشخص، أراد أن يفعل شيئا ما لكن أحجارا مدببة من جميع الجهات وصل عددها للعشرات استهدفته

شاهين حدق في الجهة التي أتت منها الأحجار فلاحظ عندها شخصا ما بدرع ذهبي بندبة على طول جبهته، تغيرت الابتسامة على وجهه لتصبح عبارة عن تعبير قلق، تكلم بعبوس "إمبراطور إمبراطورية الرياح العاتية 'غلاديوس'، لقد وصل ! "

أنمار كانت متوجهة للمنطقة التي سيسقط فيها باسل، كانت نظراتها مرتعبة للغاية، لم يكن بإمكانها سوى الشعور بالقلق على أن يموت باسل، لكنها في الحال نفت هذه الأفكار و وضعت تعبيرا حازما على وجهها، مع يديها المتحطمتين استمرت في الجري، و مع ذلك لاحظت أنها لن تصل في الوقت المناسب


ووووووووش

مر من جانبها ضوء أزرق مكهرب، وقفت متفاجئة في مكانها ثم تمتمت "الجنرال رعد ! ؟"

كانت هوية الضوء الأزرق المكهرب الجنرال رعد، كان شكله هذه المرة راقيا كثيرا، كان سحر البرق يحيط بجسده و يتكهرب، مما عزز قدراته الجسمانية و جعله ينطلق كالبرق

بسرعة كبيرة جدا وصل في الوقت المناسب و أمسك بباسل

حدق في باسل و تكلم "لسوء الحظ، يبدو أن حدسك هذا كان صائبا بعد كل شيء أيها الفتى القرمزي"

تكلم باسل بعدما حدق في صاحب ذلك الصوت "همف، لقد تأخرت أيها الرجل الأشقر"

"مع أنني أتيت بكل ما أملك من سرعة؟" قالها الجنرال رعد و تنهد

أجاب باسل "إن كانت هذه سرعتك القصوى، فأنصحك بالتدرب أكثر على تحسينها"

حملق الجنرال رعد في باسل ثم غير الموضوع بقوله "إذا ما نحن بفاعلين؟"

قبل وصول باسل لساحة المعركة، في طريقه قام باستخدام خاتم التخاطر و تكلم مع الجنرال رعد مخبرا إياه كي يأتي

ظهر تعبير غريب على باسل بينما يتكلم عبر خاتم التخاطر (الإمبراطوران قد وصلا ! ؟)

تعجب باسل، لقد وصله هذا الخبر قبل حوالي شهرين، سمع من الكبير أكاغي بقدومهما، لذا حاول إنهاء هذا الأمر قبل وصولهما، لكن مثل هذا العائق لم يكن متوقعا، و الاستقبال الذي كان ينوي إعداده للإمبراطورين بصفتهم في إمبراطورية الشعلة القرمزية قد ألغي

لكنه عندها ابتسم، و تكلم مع الجنرال رعد (أيها الرجل الأشقر، اجلبهما معك، قلت أنهما قد جلبا معهما بعض المحاربين الأشداء، سيكونون ذوي عون، فلتأتي بسرعة)

بالعودة للحاضر

بعد سؤال الجنرال رعد، حدق باسل الأقدم الكبير ثم عبس، فوجه الجنرال رعد نظره للاتجاه الذي وجهه إليه باسل

في هذه الأثناء

بووم

انفجار من الرياح جعل عشرات الكرات الحجرية تحلق في كل مكان، هرب الجنود منهم بكل ما يستطيعون، الكرة الحجرية الواحدة كانت كبيرة كفاية لتسحق خمسة جنود مرة واحدة

لقد كانت هذه الكرات الحجرية هي الهجمة التي استخدمها الإمبراطور غلاديوس سابقا ضد كازيمارو، هذا الأخير كان ينوي اللحاق بالجنرال رعد، لكنه في هذا الموقف السيء أسرع بالدفاع عن نفسه بكل ما يملك منتجا إعصارا جعل كل الكرات التي توجهت نحوه تحلق في كل مكان

ظهر كازيمارو من بين الغبار و صرخ "أيها الوغد، ستموت"


تكلم شاهين "احذر، ذلك الوغد، لقد وصل للقسم النهائي من المستوى السابع"

حملق كازيمارو به و قال "ها؟ هل تظن أنني لم ألاحظ؟ لقد لاحظت و مع ذلك سأسحقه"

اندفع كازيمارو بسرعة كبيرة متجها نحو الإمبراطور غلاديوس، لكن هذا الأخير لم يتحرك، و بدل ذلك ظهر من خلفه ظلين

وووووش زززززن

تلاقى سيفان بسيف، فنتجت موجة كبيرة جعلت الكثير من الجنود الضعفاء يطيرون بعيدا، حدق كازيمارو في مالكيْ السيفين اللذين قاما بإيقاف سيفه، فوجد شخصين بدرع فضي

"جنرالان؟" تفاجأ كازيمارو

تفاجأ الجميع كذلك، في جهة باسل، هذا الأخير تحدث "إذا المحاربين الأقوياء قد عنيت بهم الجنرالات، هذا جيد، و الآن اسمع قبل أن يتحرك ذلك الوغد"

استمع الجنرال رعد لم قاله باسل ثم أطلق صوتا غريبا "هاا؟ حسنا إنهم يملكون معهم ساحر علاج، لكن هذا..."

"إذن أسرع" قالها باسل مع نظرة جدية

أغمض الجنرال رعد عينيه ثم فعل تنهد، قال "لا تلومني إن لم يسر الأمر على خير"

انطلق الجنرال رعد بكل سرعته في اتجاه واحد بعد أن بدى كما لو أنه قد قرر وجهته

و في لحظة وصل لوجهته، وقف الجنرال رعد أمام شي يو و تكلم "هل انتهيتِ؟"

أجابت شي يو "لقد أنقذت حياتهم على الأقل"

تكلم باسل "حسنا هذا يكفي، فلتتبعيني"

تركت شي يو القادة الثلاث الذين كانت تعالجهم في رعاية تورتش و البقية كما فعلت مع الفتاتين الصغيرتين و لحقت بالجنرال رعد


كان الأقدم الكبير يقف في السماء بينما يلهث، و عندما رتب دورته التنفسية حدق في الساحة محللا الوضع، شاهد باسل المنقول من طرف الجنرال رعد فعبس و بدأ يشحذ طاقته السحرية

ووش ووش ووش

انطلقت عشرات الشفرات المكونة من الرياح مستهدفة الجنرال رعد، فظهر الكبير أكاغي و الجنرال منصف، و أيضا شفرة الجليد كين نبيل، يين يينغ، مارون زونغ، و كورو هيسي، هؤلاء الأربعة كانوا يأخذون استراحة، لكنهم قد أتوا مع الجنرال رعد الذي التقى بهم في طريقه إلى هنا. استخدموا أنفسهم كدرع من أجل حماية الجنرال رعد الذي يحمل باسل، عبس الأقدم الكبير و أراد أن يتبع الجنرال رعد، لكنه فوجئ بنفسه يقف في وسط بركان بينما نصف جسده قد غرق بالفعل، فزع للحظات ثم عرف أنه وهم، لذا ركز و هرب منه، و بمجرد ما أن فعل حتى هوجم بهجمات مختلفة من جميع الاتجاهات

ظهرت أنمار بجانب الجنرال رعد و حدقت في باسل قليلا بنظرة متألمة ثم تكلمت "باسل، ما الذي تنوي فعله؟"

حدق باسل مرة أخرى في إصابتها و عبس، ضاقت عينيه، لقد أقسم على قتل ذلك الوغد، لكنه لم يملك القوى الكافية لذلك، نظر لحالة ذراعيه ثم قال "لا شيء، سآخذ مغامرة خطيرة قليلا فقط" ابتسم ثم ترك أنمار تفكر بالأمر

بعد الجري لمدة، وصل الجنرال رعد لوجهته فتوقف أخيرا، تكلم مع الشخص الذي أمامه "أيها الإمبراطور شيرو، أين ساحر العلاج الخاص بكم؟"

حملق الإمبراطور شيرو بالجنرال رعد، ثم في الشخص الذي يحمله، فإذا به يجد فتى لم يصل للخامسة عشر بعد و في مثل هذه الحالة المزرية، ما الذي يمكن أن يحدث حتى يكون فتى في مثل عمره بهذه الإصابات المروعة

تكلم الجنرال رعد "أسرع من فضلك"

استيقظ الإمبراطور شيرو من أحلامه ثم قال "آه، إنه أفضل ساحر علاج في إمبراطوريتي، إنه ساحر بالمستوى السادس بالقسم الأخير، هيل، أسرع إلى هنا"

ابتسم باسل و قال "إذا هذا جيد"

أتى هذا الشخص هيل، فجعل أنمار و باسل متجمدين في الصدمة، ساحر علاج في المستوى السادس، و يتصرف بتوتر فائق

"أ-أنا هنا يا سيدي" تكلم هيل مخاطبا الإمبراطور شيرو

لم يقدر باسل و أنمار أن يتحكما في أنفسهما حتى خرجت الضحكة بالرغم عنهما، نظرا لـشي يو ثم لـهيل، هذا الأخير يبدو كما لو أنه النسخة الذكرية من شي يو، هذا الأمر كان مضحكا حقا في وسط هذه الأزمة

لم يفهم الجنرال رعد و الآخرون ما يحدث، تحدث باسل "أعتذر أعتذر، أيها الرجل الأشقر، فلتنزلني"

أكمل باسل بعدما استلقى على الأرض "أنمار، فلتخرجي قنينتي من إكسير العلاج و اشربيني إياهما، و اعطي قنينة من إكسير التعزيز لـهيل"


عبست أنمار ثم فهمت ما يحاول باسل فعله "ليس كما لو أنك لا تعلم ما الذي سيحدث لك بعد هذا ! لما ستخاطر هكذا؟"

تنهد باسل و قال "هل تحتاجين لطرح هذا السؤال؟"

حدقت أنمار به و قامت بما أخبرها به، شاهد الإمبراطور شيرو هذه القنينات فأحس بتلك الطاقة المركزة بغرابة بتلك المحاليل، اقترب من هيل و شاهد ذلك المحلول بكل اهتمام، عندها شاهد أنمار تقوم برفع رأس باسل قليلا كما لو أنها تحاول أن تجعله يشرب تلك المحاليل

تكلم باسل "هيل، اشرب ذلك المحلول"

استغرب هيل و الإمبراطور شيرو، حاول هذا الأخير طرح سؤال ما، لكن الجنرال رعد تدخل "أسرعوا من فضلكم، نحن لا نملك الوقت الكافي"

حدق هيل بالقنينة، و بكل توتر قام بشربها

بوووم

انفجرت طاقته و هالته، حدق الإمبراطور شيرو بـهيل بتعجب كبير، ثم قال جملة خرجت من فمه بكل صعوبة "لقد اخترق المستوى السابع !!! "

لم يكد يصدق الإمبراطور شيرو ما حدث، أما هيل، فبقي يحدق بيديه و شعر بنشوة لا تصدق

تكلم الإمبراطور شيرو "ما..."

لكنه بعد أن حاول الاستفسار تكلم باسل "عندما أشرب هذين المحلولين، ستقوم أنت و شي يو بعلاجي بكل ما تملكون من قوة، سأريد منكم التركيز على علاجي كما لو أن حياتكم على المحك"

استغرب هيل، لقد وصل للقسم النهائي من المستوى السابع، حتى الإمبراطور شيرو تجمد في مكانه و كاد لا يصدق أن ذلك الشخص هو هيل الذي يعرفه

تكلم باسل "أيها الرجل الأشقر، فلتأخذ هذه و أعطها للإمبراطور غلاديوس" التف بعد أن أعطى الجنرال رعد المطرقة الضخمة التي قد سبق و استخدمها الأمير الثاني، ثم قال "حسنا" أماء رأسه لأنمار التي همت لتشربه الإكسيرين، لكن بسبب ذراعيها المكسورتين، قام الجنرال رعد بأخذ هذا الدور عنها

لكن، تكلم الجنرال رعد قبل أن يشرب باسل الإكسيرين و بعد أن حدق في المطرقة التي حملها "ما الذي ستفعله؟"

أجاب باسل "لا شيء قد يسمى بالكبير، أنا فقط لا أخطط التعرض للضرب من دون الرد، فهذا ليس من شيمي"


شرب شرب

"آآآآه" صرخ فجأة باسل متألما بشدة كبيرة بينما أنمار تحدق به بنظرات القلق، ليش هناك شخص عاقل يعرف ماهية الإكسيرات و سيشرب إكسيرا علاج بنفس الوقت، فبحر الروح نفسه سيبدأ بالتمزق

صرخ باسل من دون توقف، تجمد الجميع فصرخت أنمار "أسرعا أنتما الاثنين و ابدآ في معالجته"

بتصرفاتهما المتوترة اقترب الاثنان من باسل و شحذا طاقتهما السحرية لأوجها ثم أطلقاها نحو باسل بادئين في علاجه

بدأت عظامه تلتصق ببعضها مما سبب آلاما لا توصف، فقط آلام بحر روحه كافية لتجعله يطلب الموت، مع أنه يصرخ إلى أنه بقي صبورا، التأمت عظامه و جراحه بسرعة ملحوظة بينما يهتز جسده بالكامل من الآلام، كما لو أنه سينفجر من الداخل

حدق الجنرال رعد و الإمبراطور شيرو في هذا المنظر المروع، من منظر باسل الذي كان يبدو بخير حتى بتلك الإصابات البالغة سابقا لكنه الآن يصرخ بجنون، كان بإمكانهما الجزم بشدة الألم الذي يشعر به الآن

قام هيل و شي يو بشد عزيمتهما و ركزا أكثر على العلاج على الرغم من أنهما عندما بدآ بمعالجته قد ازدادت معاناته فقط

ثم بعدها أسرع الجنرال رعد و اتجه نحو الإمبراطور غلاديوس

في تلك الأثناء

استهدف ظل ما مجموعة تورتش، هذا الأخير أسرع في إطلاق هجوم نار مستهدفا الظل و أمر الجميع بالتراجع، تكلم تورتش "يبدو أنك قد أنقذت مؤخرتك أيها الوغد"

"همف" استهجن شاهين و تكلم "ستكون مؤخرتك التي ستركل هذه المرة، و بشدة"

تكلم تورتش "سنرى بشأن هذا، فمما أرى، يبدو أن آثار قمع السحر الخاص بأصفاد السحر لا زال مؤثرا بمؤخرتك"

عبس شاهين و قال "إنني أفضل حالا من مؤخرتك المرهقة"

بوووم

اندلع قتال بينهما أيضا


في جهة الإمبراطور غلاديوس، تحدث أحد جنراليه "سيدي، هذا الوغد في قمة المستوى السابع"

عبس الإمبراطور غلاديوس و حدق في سيف كازيمارو، تكلم بداخله "مع ذلك، تبدو قوته أكبر مما يملك، ما الذي يحدث؟ أظن أن السبب هو ذلك السيف الغريب الذي يملكه"

ووووووش

ظهر الجنرال رعد بسرعة بجانب الإمبراطور غلاديوس الذي استل هراوته مستعدا، لكنه توقف بعد أن عرف أن الجنرال رعد من أتى

تكلم الجنرال رعد "خذ لك هذه"

رمى له المطرقة الضخمة، فاستغرب الإمبراطور غلاديوس كثيرا، حدق بالمطرقة مطولا، هذه المطرقة كانت خاصة بساحر من المستوى السادس فقط، لكن هناك شيء ما غريب بها، أثارت اهتمامه تلك النقوش و مرر يديه عليها

تكلم الجنرال رعد "استخدمها و ستعرف لما أعطيتها لك"

شحذ الإمبراطور غلاديوس طاقته السحرية فتفاجأ بطاقته تتضخم لأضعاف، توهجت النقوش بشدة حتى أنها جعلته يصدم

و في جهة الكبير أكاغي و الآخرين، كانوا يمرون بوقت عصيب، تكلم الأقدم الكبير من السماء "حثالة مثلكم يجتمعون علي، إن أضفت الحثالة على الحثالة، فستبقى مجرد حثالة"

شحذ طاقته السحرية و لوح بسيفه عشرات المرات مرة واحدة صانعا عدة أعاصير قاطعة استهدفت مجموعة الكبير أكاغي

و في هذه الأثناء

بدأت تظهر علامات تحسن على جسد باسل

استمر العلاج لمدة أطول، و مع مرور الوقت، العظام التي كانت متحطمة تماما التأمت من جديد كما لو أنها لم تصب أصلا، رجع لحمه لما كان عليه من دون أن يخلف العلاج وراءه أي أثر للجراح العميقة

لكن، مع أن جسده قد شوفي تماما إلى أنه لا يزال يتقطع متألما بسبب عدم استقرار بحر روحه، من تجرأ و شرب إكسيري علاج مرة واحدة، غالبا ما سيتعرض لآثار جانبية تتمثل في عدم استقرار بحر روحه لمدة طويلة قد تصل لشهور، و يصطحب عدم الاستقرار هذا معه آلاما فظيعة تجعل الشخص يطلب الموت على تحملها، و بالطبع بما أن بحر الروح يكون غير مستقر، فكذلك تكون حالة سحره

لذا شرب باسل لإكسيري علاج مرة واحدة كان شيئا في غاية الجنون

اتخذ باسل وضعة القرفصاء و جلس ثم دخل في حالة الصفاء الذهني و الروحي، يجب عليه تهدئة بحر روحه إن أراد أن يقاتل كيف يشاء، غير هذا، لن يكون بإمكانه حتى استخدام السحر بشكل لائق

حدق الإمبراطور شيرو و البقية في هذا الفتى بغرابة، أما أنمار فجلست بجانب باسل بينما تحدق بوجهه من دون أن ترمش للحظة، كانت تراقب أبسط التعبيرات التي تظهر عليه


أما باسل، فانتقل بوعيه لداخل بحر الروح، هذا الأخير الذي كان دائما هادئا، لم يكن كذالك هذه المرة، عنصري السحر كانا مضربان كثيرا، الأربعة عشر كرة من كل عنصر بدأت تفقد شكلها، كما لو أنها تتشكل في شكل سحابة

هذه السحابة التي كانت تتشكل تكهربت و انتقل هذا التكهرب نحو نقاط الأصل بالجسم الأبيض الذي يتخذ شكل باسل، المسار الذي يربط نقط الأصل ببعضها كان يتقطع و يتصل مرة تلو الأخرى، مما يوضح عدم استقراره

و أخيرا، الفضاء الأزرق اللانهائي ظهرت عليه تشققات من كل مكان، و اهتز بشدة كبيرة، كما لو أن هناك عدة زلازل تحدث مرة واحدة، بدا كما لو أنه غاضب، غاضب من عدم الاعتناء به و جعله يمر بمثل هذه المعاناة

جلس باسل فقط و حدق في الجسم الأبيض الذي يتخذ شكل جسمه، أولا، عليه إصلاح المسار المتضرر، ثانيا، عليه تهدئة الكرات الأربعة عشر من كل جهة، أي تهدئة العنصرين، ثالثا، عليه استخدام العنصرين في إصلاح تشققات بحر الروح و تصفيته من الطاقة الشائبة

ما جعل بحر الروح يتزلزل هكذا كانت الطاقة التي غمرته فجأة، هذا الطاقة هي الخاصة بالإكسيرين، فحتى لو كانت الإكسيرات تصنع من مسحوق الأصل المصنوع من أحجار الأصل و التي لها طاقة تشبه الخاصة ببحر الروح، فهذا يسمح للساحر أن يزود بحر روحه بطاقة محدودة من الإكسيرات، إن فات الحدود، فحتى لو كانت طاقة الإكسيرات تشبه طاقة بحر الروح، فهذا الأخير سيبدأ برفضها، لأنها في النهاية تبقى تشبه طاقته فقط و ليست نفسها، مما يُوجِد حدودا لما يمكن للساحر أخذه من الإكسيرات

ركز باسل على الجسم الأبيض، هذا الأخير كان في الحقيقة جسم باسل، هذا الأخير يجد كل ما يتعلق به في بحر الروح عندما يدخل إليه بوعيه، و بالطبع جسده أيضا يكون هناك

لذا يكون بإمكانه التحكم في الجسم الأبيض بالتركيز عليه فقط، و عندما فعل هذا هذه المرة، ضاقت عينيه بشدة، و بدأ يصلح المسار المتضرر، إنه الآن يقوم بعملية تطابق المرحلة الثالثة من حالة الصفاء الذهني و الروحي، مرحلة 'العقل و نقط الأصل'


في هذه المرحلة يقوم المتدرب بإيصال نقط الأصل أولا بعقله، ثم يقوم بإيصال نقط الأصل ببعضها. هذه المرة لن يوصل نقط الأصل ببعضها، لكنه سيصلح المسار الذي يربطها

و القيام بهذا أصعب بكثير من إيصال نقط الأصل ببعضها، فسيكون عليه إزالة الطاقة الشائبة من المسار و إزالة الاضرابات ثم إصلاح التشققات لإيصال نقط الأصل ببعضها البعض بشكل جيد كما كانت في الأول

ركز باسل على المسار و بدأ في التنقية، هذا الأمر كان صعبا، فطاقة الإكسيرات الزائدة قد تحولت لطاقة شائبة و مرت بالمسار، لذا الآن قد شرع في تنقيتها، خطأ بسيط و يجعل هذه الطاقة الشائبة تهيج مما قد يسبب في تدمير المسار نهائيا، لذا كان عليه التركيز بشكل كلي و القيام بالعملية بحذر شديد، و كل هذا يجب عليه القيام به أثناء معاناته من الآلام التي يسببها بحر روحه

بعد مدة قصيرة بدأ المسار يخلو من التكهرب، لكن هذا الأمر لم يكن سهلا حقا، أحس باسل كما لو أنه يواجه خطر الموت في كل مرة يحاول بها إصلاح و إزالة الشوائب، خطأ واحد و يدمر المسار تماما

لكنه مع ذلك، في حالته المزرية، استطاع النجاح بهذا، و الآن وصل لمرحلة إزالة الاضطرابات، بعد إزالة الطاقة الشائبة، تبقى الاضرابات التي سببتها، و الآن كل ما عليه فعله هو جعل الطاقة النقية تجد طريقها عبر إزالة الاضطراب من المسار

كانت الطاقة النقية تتداخل مع بعضها و تضرب بجوانب المسار من دون الاتجاه في مسار محدد، لذا الآن بدأ باسل في التحكم بطاقته السحرية من أجل جعلها موحدة لتتخذ كلها طريقا و مسار واحدا

التضارب بدأ يقل مع الوقت، هذا الأمر يثبت قدرة الشخص في التحكم بطاقته السحرية، لو أنه قد امتلك تحكما سيئا في الطاقة السحرية، انسى أمر الطاقة النقية، لأنه لن يتجاوز حتى مرحلة إزالة الطاقة الشائبة و سيرتكب خطأ فادحا مدمرا بذلك مسار نقط الأصل


تحكم باسل في السحر كان جيدا للغاية، فشخص مثله قد وصل للكمال في التحكم بالأسلحة الأثرية، شيء مثل التحكم في طاقته السحرية كان أمرا في غاية السهولة بالنسبة له

و الآن وصل لمرحلة إصلاح التشققات، أزال الطاقة الشائبة، و جعل الطاقة النقية تتخذ مسارا موحدا، مما يُبقِي له عملا واحدا، إصلاح تشققات المسار من أجل تحصينه، فتعرضه لطاقة شائبة من كلا العنصرين و لطاقة نقية مضطربة قد جعله يتضرر كثيرا

هذه المرحلة لم تكن بتلك الصعوبة، لأن كل ما كان على باسل فعله هو تمديد المسار بالطاقة النقية قصد الإصلاح، لكن جودة الإصلاح تعتمد على المتدرب، فهنا يلعب التحكم الدور الرئيسي أيضا

و أخيرا، انتهى باسل من جعل نقط الأصل تتصل جيدا كما كانت قبلا، و الآن، مع احتفاظه بتركيزه على تحصين المسار، يجب عليه تهدئة العنصرين

لحسن الحظ، باسل قد مر من مثل هذه المرحلة سابقا، عندما توغلت الطاقة الخارجية لجسده، كانت عبارة عن سحابة من الطاقة الهائجة قبل أن يوصلها بنقط الأصل، ساحر آخر لن يمر بها إلا عند اكتسابه عنصر الثاني، لذا فقد كانت له أفضلية هنا نوعا ما، حتى أن تجربته مع تلك السحابة في الحقيقة هي أصعب من التجربة التي سيخوضها الساحر أثناء اكتسابه العنصر الثاني، لأن الساحر الطبيعي يكون قد اكتسب التحكم في الطاقة الخارجية و امتص هذه الأخيرة بنفسه، أما باسل، فكان عليه التعامل معها من دون اكتساب القدرة على التحكم بها لأنها قد دخلت لجسده وصولا لبحر روحه من دون إرادته

بسرعة قام باسل بتهدئة عنصر النار بما أنه العنصر الأساسي، و في الحال انتقل لعنصر التعزيز، عند إنهاءه هذه المرحلة، انتقل للمرحلة الأخيرة و التي قد سبق و مر بها أيضا

فعند توغل سحابة الطاقة الخارجية سابقا لجسده عنوة، تسبب هذا له في جعل بحر الروح يتصدع و يهتز، مع أنه لم يكن بمثل هذه الشدة كالآن، لكن يبقى أمر مروره بها و تجربته إياها مع أنها كانت بشدة أقل أمرا جيدا


شدة تصدع بحر الروح كبيرة عن المرة السابقة، لكن في المقابل، قوة باسل كبيرة بكثير عما كانت عليه عندها

الآن، تحكم في عنصريه الاثنين و وجه طاقته السحرية نحو التشققات التي ظهرت في بحر الروح، أصلحها كلها واحدة تلو الأخرى، هذا الأمر قد استنزف منه طاقة سحرية وفيرة، لكنه لا يملك خيارا آخر، أصلح جميع التشققات

لكن، تزلزل بحر الروح لم يتوقف حتى الآن، آلامه لم تتوقف حتى الآن، فكر باسل بهذا لمدة طويلة بتركيز كبير. في الخارج، كانت أنمار تحمل نظرات قلق على تعبيرات باسل

كان من الظاهر أن باسل يعاني كثيرا، لم يسع أنمار سوى أن تشعر بالقلق أكثر و أكثر كلما مر الوقت، أثناء انتظاره، تغيرت تعبيراته من الجيد للأسوء، ثم من الأسوء للجيد، تقلبت طاقته السحرية بجنون، لكن كل ما كان بإمكانها فعله هو إمساك يده بإحكام عبر لف يديها المكسورتين حولها و الدعوة له بالأفضل

حدق الإمبراطور شيرو طويلا في باسل، و الآن ما يفكر به ليس معاناة و حالة باسل السيئة، و إنما طاقة هذا الفتى الصغير المرعبة، مثل هذا الوحش موجود حقا، لقد شاهد قوة الأقدم الكبير، و بالطبع عرف أنها تفوق المستوى السابع بكثير، فحتى كل أولئك الأشخاص الأقوياء من المستوى الخامس و السادس و السابع لا يزالون غير قادرين على مواجهته أبدا

مع قوة باسل الكبيرة في مثل هذا العمر، و قوة الأقدم الكبير المخيفة، فهم أخيرا أن المستوى السابع الذي كان يعتقد أنه أعلى مستوى في الوجود، هو في الحقيقة مجرد مستوى وسط مستويات أعلى و أقل

لقد مرت مدة طويلة حتى الآن، و حالة باسل لم تتغير طوال هذه المدة، طاقته و هالته توقفت عن التغير و ثبتت، تعبيراته لا زالت سيئة، لا زال يتألم بشكل كبير


و بعدها بقليل، اختفت تعبيرات الألم تماما و أصبحت طاقة باسل هادئة بشكل مخيف، ظهرت تعبيرات الفرح على وجه أنمار و تلهفت لرؤية باسل يفتح عينيه، و الآن، إنها تنتظره بفارغ الصبر، و مع ذلك، لا زال باسل لم يخرج

داخل بحر الروح، ابتسم باسل و قال "يبدو أن المعلم قد أخفى عني مثل هذا الأمر المهم، لا، أظن أن حتى المعلم نفسه لم يتوقع أن مثل هذا الأمر سيحدث لي، لهذا لم يخبرني، حتى لو أخبرني لم أكن سأفهم على أي حال، من كان يعلم أن لبحر الروح في الحقيقة إرادة؟"

"لكن..." استغرب باسل، حدق في الجسم الأبيض، و رأى أن هناك قطعة أرضية صغيرة قد ظهرت تحت قدميه، قطعة أرضية مكونة من التراب فقط، كانت صغيرة لدرجة أنها كانت كافية فقط للقدمين

"لما ظهرت مثل هذه القطعة الأرضية في بحر روحي؟" تساءل باسل

لم يفهم باسل كيف لقطعة أرضية أن تظهر في بحر روحه، ما يعرفه أن بحر الروح خاص بالطاقة فقط لا غير. ركز على الجسم الأبيض ثم تحسس هذه القطعة الأرضية عبره

و إذا به يحس بطاقة نقية جدا تأتي من تلك القطعة الأرضية، نقية لدرجة تجعل فيها الطاقة السحرية النقية تظهر كطاقة شائبة مقارنة بها

حاول التحكم بهذه الطاقة و جعلها تحت سيطرته، لكنها قاومته و صدت نيته مما جعل وعيه يتشتت و يفتح عينيه ليجد أنمارا تحدق به عن قرب شديد

حدق في عينيها الزرقاوين ثم خفق قلبه قليلا، وجه أنمار كان قريبا، لدرجة أن نفسها كان يسمع بأذنيه، حتى أن شفتيها كادت تتلاقى بشفتيه

قفزت أنمار من الفرحة و انقضت على باسل معانقة إياه، غمرته رائحتها العطرة، و بما أن يديها مكسرتان لم يكن بإمكانها إيقاف نفسها حتى لمس صدرها صدره مما جعله يخجل من هذا الوضع و يخفق قلبه أكثر، لقد كان دائما يأخذ مسافة عنها لعدة أسباب، و أحدها كان تشبثها به كلما رأته، بسبب أنه قد وقع في حبها سابقا عندما صغيرا، هذا الأمر كان صعبا قليلا عليه ليتحمله

وقف بعدما أزاح عنه أنمار ثم تكلم "شي يو، هيل، شكرا لكما، لقد كنتما ذوا نفع حقا" التف ناحية الإمبراطور شيرو و حدق به مطولا، في البداية باسل كان يهدف لجعل هذا العالم كله قوة واحدة، و من أجل هذا خطط لكسب سلطة كافية في إمبراطورية النضير الوهاج، و عندما ينجح في ذلك، سوف يقوم بجعل الإمبراطوريتين الأخريين تخضعان له، فكر باسل لوقت طويل و كان هذا هو الخيار الوحيد الذي كان يمكنه تحقيق 'اتحاد العالم' كله بشكل أسرع

لكن، بشكل غير متوقع، ظهر عدو من حيث لا يدري، في هذا الوقت، بدأ باسل بالفعل يفكر في خطة بديلة، قد لا يكون من الضروري قتال الإمبراطوريتين من أجل كسب ولائهما، أو على الأقل كسب مساعدتهما الكاملة


بووم بووم بووم

انفجرت عدة أعاصير مرة واحدة جاعلة الكبير أكاغي و من كان يقاتل معه ضد الأقدم الكبير يحلقون لمئات الأمتار بينما الدماء تسيل منهم بغزارة

عبس باسل عندما شاهد هذا المنظر ثم أسرع و تحدث "أنمار، اشربي إكسير العلاج بسرعة، شي يو، هيل، قوما بعلاج أنمار، أنت يا شي يو متعبة بالفعل، لذا إن كنت لا تقدرين فاتركي الأمر لـهيل ليتعامل معه"

تحرك الاثنان في الحال، بالرغم من أن شي يو متعبة جدا، حتى أن مفعول إكسير التعزيز الذي شربته قد انتهى، فلا زالت تريد القيام بأمر مفيد

تكلمت أنمار بنبرة مشوشة "ما الذي تنوي فعله؟"

التف باسل و حدق بها مطولا، أجاب بعد أن حدق في الأقدم الكبير و عبس "لقد أخذت قبل قليل مخاطرة صعبة و نجوت، لكن كما تعلمين هذا هو ما عشت عليه منذ نعومة أظافري، و المغامرة كانت أفضل شيء بالنسبة لي في حياتي اليومية المملة" أخرج باسل قنينة إكسير تعزيز مما جعل أنمار تشحب و تتكلم بسرعة "لا تقل لي... لا تفعل، لقد منعك المعلم من القيام بهذا، إن قمت بهذا فسوف..."

توقفت أنمار بعد أن شاهدت ابتسامة باسل، هذا الأخير تكلم "ليس كما لو أننا نملك خيارا آخر على أي حال، و أيضا المعلم لم يمنعني من استخدامه، و إنما أخبرني بالحرص على عدم استخدامه قدر المستطاع"

"لكن..." قالتها أنمار و تحسرت

لم يكن بإمكانها إيقاف باسل من القيام بهذا الأمر، فبعد كل شيء، حتى عندما لاحقته طوال حياتها، لم يكن بإمكانها و لو لمرة واحدة إيقافه عن أخذ مغامرة يريدها، أو عن ملاحقة شيء ما كسب اهتمامه، لم يكن باستطاعتها يوما منع فضوله


و مع تحريك باسل لذراعه اليمنى التي تحمل إكسير التعزيز، خفق قلب أنمار بشدة، مرت هذه اللحظات عليها ببطء شديد، حتى وصلت القنينة لفم باسل و شربها

بووووووووووووم

انفجرت هالة باسل، و ارتفعت طاقته السحرية الخاصة بعنصر النار بجنون، و في الحال ارتقى عنصر النار من القسم النهائي من المستوى السادس للقسم النهائي من المستوى السابع

و بمجرد حدوث هذا الأمر، حتى أحس باسل بذلك الأمر، بارتفاع عنصر النار و الذي هو العنصر الأساسي في المستوى، ضعُف الختم مما كان عليه، و هذه المرة ضعف كثيرا لدرجة أنه كاد أن يتكسر

ثم فورا، صرخ باسل بشدة و بغرابة سعل الدم و عضلاته التي شفيت قبلا قد نزفت، لكن هذه المرة لم يقتصر نزيفه على ذراعيه فقط، و إنما نزف من كل مكان، و أثناء تعذُبِه هذا، ارتفعت طاقة عنصر التعزيز بجنون

ارتفعت هذه الطاقة حتى جعلت كل من يوجد في الساحة يلتف و يرى من أين تأتي كل هذه الطاقة المرعبة التي ضغطت عليهم و جعلتهم يتوقفون عن أيٍّ كانوا يقومون به

سواء أعداء أم حلفاء كانوا، لم يسعهم سوى مشاهدة هذا المنظر المرعب من بعيد و التحسر في أماكنهم، لم يفهم أي أحد ما الذي يحدث بالضبط

كيف يمكن لطاقته هذه أن ترتفع هكذا؟ حتى لو شرب شخص ما إكسير التعزيز لن يكون قادرا على اكتساب مثل هذه الطاقة المخيفة

حدق الأقدم الكبير في باسل بعدما أزاح عن طريقه الكبير أكاغي و معاونيه الذين لم يعودوا يقتصرون فقط على الجنرال منصف و كين نبيل و البقية، و إنما حتى الجنود الموجودين الذين تغلبوا على خوفهم و ساعدوا قادتهم

عندها شاهد الأقدم الكبير فالتشر قوة باسل ترتفع من دون توقف، تكلم من دون أن يشعر "القسم الأولي، و لا زالت ترتفع" تغيرت نظرته كثيرا و ارتعب مما يحدث "القسم النهائي من المستوى التاسع؟"

صُدِم تماما، قبل مدة فقط كان ذلك الشقي على وشك الموت، مع أنه شرب إكسير العلاج و تم علاجه من قبل السحرة، إلا أن أمر تماثله للشفاء بالكامل كان كافيا ليجعل الأقدم الكبير يعض على شفتيه، لكن ارتفاع طاقته السحرية لهذا المدى أمر غير قابل للتصديق

لكن في هذه الأثناء التي كان الكل حينها مصدوما من قوة باسل، هذا الأخير كان يعاني بشدة، فبعد أن ضعُف الختم بسبب ارتفاع عنصر النار في المستوى، تسبب له هذا في توغل قدر أكبر من الطاقة الخارجية بشكل مفاجئ

في يوم من الأيام، واجه باسل الأسد الأحمر ذو الرأسين و الذي يعتبر وحشا سحريا من المستوى الثالث بينما كان هو حينها في المستوى الثاني، عندها كان عنصريه الاثنين في نفس المستوى، لكنه اضطر خلال قتاله أن يشرب إكسير التعزيز، و عندما فعل، تسبب له هذا في تعرض جسمه لصدمة كبيرة من الطاقة الخارجية و التي لا زال جسده لم يتطور ليكون قادرا على تحملها

عندها تدخل المعلم و أنقده، ثم أخبره بتجنب استخدام إكسير التعزيز قدر المستطاع و شرح له السبب. درب المعلم جسد باسل من أجل تحمل موجة الطاقة الخارجية الأولى عندما سيكتسب باسل سحره، و عندها سيتطور جسده مع تقدمه في المستويات، مما سيتيح له القدرة على تحمل موجات الطاقة الخارجية التي ستتضخم مع ارتفاع المستويات كذلك

لكنه عندما شرب إكسير التعزيز، جعل عنصر النار يرتفع في لحظة و تسبب في إضعاف الختم أكثر و توغل الطاقة الخارجية بشكل مفاجئ عبر جسده الذي لم يتطور بعد ليتحمل كل تلك الطاقة، و هذا كان كافيا ليجعل باسل طريح الفراش لأيام ليُشفى، و لم يستخدم سحر التعزيز حتى درب جسده ليتحمل موجة الطاقة الخارجية التي ستتوغل لجسده عندما يفرغ عنصر التعزيز من الطاقة باستخدامه

و الآن، بما أنه قد عالج جسده قبل قليل فقط، فلا يمكن لجسده استقبال المزيد من الطاقة الخاصة بسحرة آخرين و لن يكون بإمكانه شرب إكسير العلاج أيضا، مما يعني أنه سيضطر لترك جسده يتعالج من تلقاء نفسه و تحمل كل تلك الآلام لأيام قبل أن يكون مستعدا للحصول على علاج من طرف سحرة مرة أخرى

قلقت أنمار بشدة، تلك المرة لم يضعُف الختم كثيرا و لم يؤثر بشكل كبير على بحر روحه، لكن هذه المرة لا يمكن أن تكون كالسابقة، ففي كل مستوى ارتفع به باسل، ضعُف الختم بشكل أكبر، و الآن عندما ارتفع للمستوى السابع، فقد اقترب الختم من التكسر، مما يعني أنه يكاد يترك الطاقة الخارجية تدخل لبحر روح باسل من دون توقف، و إن استمر هذا الأمر، سيتحطم بحر روح باسل في النهاية


استمرت طاقة عنصر التعزيز في الارتفاع أكثر، شحُب الأقدم الكبير و تكلم "القسم المتوسط من المستوى العاشر؟"

أما باسل، كانت حالته قاسية للغاية، موجة الطاقة الخارجية الكبير تسببت في الكثير من الضرر لجسده، و الآن يجب عليه أن يتعامل مع الطاقة الخارجية التي بدأت تجعل بحر روحه يهتز بشدة و يتصدع

في هاته الأثناء، بشكل غير اعتيادي، وسط كل هذه الفوضى، بينما يتقطع بالآلام، دخل باسل لبحر روحه

كبرت الكرات الأربعة عشر الخاصة بعنصر التعزيز كثيرا، حتى أنه بدأ يفقد السيطرة عليهن مما جعلهن يبدأن في فقدان شكلهن و التحول لسحابة من الطاقة الشائبة و الهائجة

استمر باسل في محاولته التحكم بعنصر التعزيز، لكن لسوء الحظ كانت كل تلك الطاقة فوق قدرته، هو في الحقيقة مجرد ساحر بالقسم الأخير من المستوى السادس، و مع موهبته، بإمكانه التحكم في الطاقة السحرية بشكل جيد جدا، حتى أنه كان قادرا على التحكم في عنصر التعزيز الذي يفوق مستواه الأصلي بمستوى أو أكثر، لكن طاقة سحرية من المستوى العاشر كثيرة عليه حتى بتحكمه الجيد

كان الأمر أشبه بمحاولته إمساك كرة كبيرة للغاية بيد واحدة، حتى لو كانت قوة قبضته كبيرة جدا، فلن يكون باستطاعته إمساك كرة لا يمكن لأصابعه الالتفاف حولها أو بجزء كاف منها

لكنه ليس في موقف حيث يمكنه الاستسلام بكل سهولة، فإن فعل، ستكون عندها النهاية بالنسبة له، حاول بكل ما امتلك من قوة، لكن لا زال الأمر لم ينفع

عندها تزلزل بحر الروح بشدة كبيرة و إذا بالقطعة الأرضية تحت قدمي الجسم الأبيض تتوهج بضوء ساطع جدا، مر هذا الضوء من نقطتي الأصل بالقدمين و صعد للتين بالركبتين، ثم للتي بالصدر، ثم للاتي باليدين و الكوعين و الكتفين مرة واحدة، و من اللتين بالكتفين للتين بالجبهة و الرقبة، و من التي بالرقبة إلى النقطة الأخيرة أسفل الظهر


توهجت النقط كلها بالضوء الساطع، هذا الأخير توجه عبر نقطة الأصل التي بالجبهة و المتصلة بالعنصرين إلى هذين الأخيرين

توهجت الكرات الأربعة عشر الخاصة بعنصر النار و هدأت كثيرا بعدما كانت مضطربة قليلا بسبب الارتفاع المؤقت في المستوى. بعد ذلك، توقف فقدان شكل الكرات الأربعة عشر الخاصة بعنصر التعزيز و رجعت لشكلها الطبيعي، ثم توهجت كلها و توقفت عن الاضطراب و الازدياد في الضخامة

و في الحقيقة لم يتوقف عنصر التعزيز عن الازدياد في الضخامة، و إنما الطاقة التي يوجهها نحو الجسم الأبيض قد كبُرت، و ما سبَّبَ حدوث هذا، هو قيام القطعة الأرضية بامتصاص الطاقة السحرية من عنصر التعزيز، لكن نقط الأصل لن تتحمل كل هذه الطاقة السحرية مرة واحدة

عندها، مرت الطاقة الفائضة عبر نقط الأصل وصولا للنقطتين اللتين في القدمين و قامت القطعة الأرضية بشفطها كلها مرة واحدة

استمرت الطاقة الخارجية في التوغل، و استمرت القطعة الأرضية في شفط الطاقة الزائدة و التي لا يقدر باسل على التحكم بها. و بما أن طاقة عنصر التعزيز تنقص، فالطاقة الخارجية سوف تستمر في التوغل بما أن هناك مكان يتسع لها

لكن امتصاص القطعة الأرضية للطاقة من عنصر التعزيز كان قويا و كافيا ليتراجع مستوى عنصر التعزيز للمستوى التاسع بالقسم النهائي و يهدأ أخيرا

لكن مع أن طاقة عنصر التعزيز قد هدأت، إلى أن باسل لو استخدمها و فرغت أكثر، فسيتعرض لموجة من الطاقة الخارجية مرة أخرى، لذا إن كان هناك شيء يجب عليه القيام به، فهو الإسراع بكل ما أمكنه

فجسده لن يتحمل طويلا، فبعد كل شيء لا زالت طاقة مرتفعة المستوى تتوغل لجسده باستمرار، لكن القطعة الأرضية تقوم بشفطها من دون توقف، مما جعل عنصر التعزيز يبدو كما لو أنه متوقف في قمة المستوى التاسع

كل ما فعلته القطعة الأرضية كان حماية بحر روحه من هيجان طاقة عنصر التعزيز، أما جسده، فلا زال لم يصل للمستوى المطلوب بعد ليتحمل مثل هذه الطاقة الخارجية، تدرب باسل بجنون مقويا جسده، فعندما انتهى تدريبه الأول، عندما لم يكن يعرف حالته جيدا، ظن أنه لن يكون بحاجة لتدريب جسده بعد ذلك

لكن المعلم قد أخبره أن البنية الجسدية التي تتطور مع المستويات غير كافية، و سيجب عليه الحرص دائما و في كل الأوقات على تقوية بنيته. لكن هذا سيكون واجبا عليه فعله إلى أن يجيد التحكم في الطاقة الخارجية عن طريق الاختراق للقسم الثاني من مستويات الربط، بعد ذلك سيكون قادرا على التحكم في الطاقة التي يريد منها التوغل لجسده كيفما شاء، لكن الأمر لن يكون بهذه السهولة، فهذا الأمر سيكون أصعب بكثير من التحكم في الطاقة الخارجية لامتصاصها كما يفعل السحرة العاديين

فهم باسل شرح معلمه آنذاك، لكن هذا الشرح ترك سؤالا في باله و الذي لم يستطع منع نفسه من طرحه على معلمه، باختراقه للقسم الثاني من مستويات الربط سيكون قادرا على إيقاف الطاقة الخارجية من التوغل لجسده لكي لا تدمر جسده، لكن، من ناحية أخرى، ألا يعني هذا أنه فقط عليه تقوية بنيته الجسدية؟ و كلما أصبحت أقوى كلما كان بإمكانه استخدام قدر أكبر من الطاقة الخارجية، بمعنى أنه سيكون قادرا على ترك قدر كبير جدا من الطاقة الخارجية تتوغل لجسده بشرط أن يكون ذلك الأخير قادرا على تحملها

و الآن، مع أن جسد باسل لا زال يتضرر إلى أنه لم يعد يتضرر كالسابق، لديه وقت محدود يجب عليه استغلاله بشكل جيد، هدأ باسل و تحمل كل تلك الآلام، بتوقف آلام بحر روحه، عندها كل شيء جيد بالنسبة له، إن كان عليه تحمل آلام جسده فقط، فهذا أمر بسيط بالنسبة له، فالتدريبات الشاقة و الآلام التي مر منها لا تختلف كثيرا عن الحالية

ووووش


ظهر الأقدم الكبير بسرعة خاطفة و لوح بسيفه الأثري من الدرجة الرابعة مع جلبه الأعاصير معه و العواصف، التف حول السيف سحر الرياح من المستوى التاسع و تضخم بفعل السيف الأثري ثم صُقِل و أصبح قادرا على قطع سحرة من المستوى السابع بكل سهولة

زبااام

تلاقى سيفه بسيف باسل، هذا الأخير لم يبدو عليه ذرة قلق أو خوف، كل ما فعله هو إمداد أحد سيفيه الأثريين بطاقته و التحكم به لدرجة الكمال ثم إطلاق العنان للمستوى التاسع من عنصر التعزيز

بالتقاء السيفين تموج الهواء المحيط و انطلقت الشرارات في كل مكان، لكن، و بشكل واضح، لم يكن هناك أي شك، حتى أن تعبيرات الأقدم الكبير يمكنها أن تخبرك بالأمر بكل وضوح. سيف باسل تفوق على سيف الأقدم الكبير فأُرسِل هذا الأخير محلقا لمئات الأمتار من حيث أتى

باسل الآن في القسم النهائي من المستوى التاسع، مع سلاح بالدرجة الثالثة بكمال في التحكم، مما يتيح له إمكانية منافسة سلاح أثري من الدرجة الخامسة، أما بالجهة الأخرى، فالأقدم الكبير ساحر بالقسم المتوسط من المستوى التاسع بسيف أثري من الدرجة الرابعة، ليس هناك حاجة للتفكير مرتين، هنا و الآن، باسل هو صاحب اليد العليا

قذف الأقدم الكبير لمئات الأمتار قبل أن يدرك ما يحدث، أراد أن يباغت باسل و يحصد بعض النتائج التي ستمنحه الأفضلية، لكنه لم يتوقع أن ذلك الفتى سيكون متيقظا لما حوله هكذا

"همف" استهجن باسل و تكلم "إرخائي للدفاع في هذه المرحلة سيكون شيئا في أوج الغباء، حرص معلمي على تدريبي على قتل الثغرات في دفاعي مرارا و تكرارا، من أول يوم بدأت فيه تدريبي استمر في نصحي عن عدم إرخاء دفاعي حتى لو أنهيت عدوي"

عبس الأقدم الكبير بشدة، و في نفس الوقت فعل باسل، بمجرد ما أن استخدم عنصر التعزيز حتى توغلت الطاقة الخارجية لجسده مسببة له بعض الأضرار، حدق باسل في الأرجاء و صرخ "أيها الرجل الأشقر، أعتمد عليك في التكفل بذلك الشخص" أماء الجنرال رعد رأسه له، إنه الآن يقاتل كازيمارو بمساعدة الإمبراطور غلاديوس و أتباعه، لا شك في أن لهم اليد العليا هنا


ثم وجه نظره لجهة تورتش و تكلم "يا تورتش، لا أريد أن أرى جثتك" ابتسم تورتش و تكلم بصوت ليس بمرتفع "هاهاها، يا له من أمر سهل تحقيقه"

في طريق باسل إلى هنا من القاعة الرئيسية سابقا، نادى الجنرال رعد ليأتي للمساعدة، و بالطبع أخبره أن يجلب معه رئيس عائلة آو 'لان' و رئيس عائلة كيِرو 'هوانغ' بما أنه كان يحتاج لأي مساعدة يمكنها أن توجد، لكنه علم عندها بقدوم الإمبراطورين فأخبر الجنرال رعد أن يخبر 'آو لان' و 'كيِرو هوانغ' أن يأتيا مع جلبهما لجنود من المستوى الخامس، و يقوم هو الإمبراطورين

بالإسراع بكل ما أمكنهم، فهم لا يمكنهم انتظار وصول الرئيسين لان و هوانغ البعيدين

كان باسل يريدهم أن يساعدوه في مواجهة الأقدم الكبير، و يركز الآخرين على مواجهة كازيمارو شاهين، لكن الأحداث قد تطورت، و بشكل غير متوقع كان بإمكانه التطور لمستوى حيث بإمكانه به مواجهة الأقدم الكبير بمساواة

توقف الأقدم الكبير في السماء و عبس بشدة في باسل ثم صرخ "أيها الصعلوك، سأجعلك حياتك جحيما" في هذه الأثناء بدأ الأقدم الكبير يفكر في قوة باسل الغير مفهومة كليا، كانت منخفضة بالنسبة لساحر بالقسم الثاني من مستويات الربط، ثم ارتفعت بشكل جنوني و غير معقول حتى وصلت للمستوى العاشر، ثم انخفضت مرة أخرى، و الأكثر غرابة هو كمية الطاقة الخارجية التي تدخل لجسمه مرارا و تكرارا من دون توقف

لقد أتى إلى هنا آملا إمساك باسل، لكن هذا الأخير أظهر قوة غير متوقعة، و إبّان هذه الأحداث، مع أنه أتى بأمر إمساكه حيا، بدأ يشعر أنه يجب عليه قتل هذا الوحش الصغير قبل أن ينمو، إن سمع شخص في هذا العالم أن فتى لم يبلغ الخامسة عشر بعد قد دخل للقسم الثاني من مستويات الربط، بل حتى أنه قد وصل لقمة المستوى التاسع، فسيخرج من فمه استهزاء و ضحك فقط على الذي أخبره بهذا الكلام

باسل الذي لا يملك وقتا ليضيعه انطلق متوجها نحو الأقدم الكبير مستخدما عنصر التعزيز بينما يتحمل آلام توغل الطاقة الخارجية مرارا و تكرارا، و في لحظة كان قد قطع مئات الأمتار و اقترب من الأقدم الكبير

بوووم

انفجرت عاصفة تحت قدمي باسل و أرسلته مندفعا بالسماء متوجها بسرعة كبيرة جدا نحو الأقدم الكبير الذي صفق بيده و صرخ "وحشي الفتخاء"

تحرك وحشي الفتخاء و ركبا السماء نفسها ثم حركوا أجنحتهم التي جلبت معها العواصف و الأعاصير المدمرة، هذه الأخيرة قامت بمحو الأعداء في طريقها نحو باسل


باسل الذي كان متوجها نحو الأقدم الكبير لم يلقي بالا لوحشي الفتخاء و استمر فقط في الاندفاع عبر زيادة قوة العاصفة النارية أكثر و أكثر، استخدم عنصر التعزيز و عزز سحر النار و تحكم به حتى أصبح يتحرك في السماء كما يشاء

لن يصل وحشي الفتخاء في الوقت المناسب، لذا أسرع الأقدم الكبير في إخراج إكسير التعزيز و شربه بسرعة كبيرة

بووووم

انفجرت هالته و غطت الساحة بأكملها جاعلة كل الموجودين يرتجفون و يُضغطون من هالة ساحر بالمستوى العاشر

حرك الأقدم الكبير سيفه الأثري، بعدما ارتفع مستوى آخر أصبح تحكمه في سيفه الأثري من الدرجة الرابعة أكبر مما كان عليه، و توجه نحو باسل منطلقا كالرياح

بااام بااام بااام

تلاقى سيفيهما مع بعض و انطلقت الشرارات و ارتدت الأعاصير التي استهدفت باسل، و حمت العواصف جسد الأقدم الكبير من سيف باسل

بدأ باسل يتعود أكثر و أكثر على المستوى التاسع و بدأ يجيد التحكم فيه مع مرور الوقت، مهارته تتطور مع الوقت. أخرج سيفه الثاني و شحذ طاقة عنصر التعزيز أكثر، و كذلك عنصر النار، و في الحال كوّن اللهبين اللذين على شكل سيفين


و بتلويحه، امتد اللهبين على شكل سيفين و قطعا الهواء نفسه، عندها، أحس باسل بقوة عنصر التعزيز التي أصبح يتحكم بها بشكل جيد أكثر و أكثر، أحس بإمكانياتها بالمستوى التاسع في قمته

عندما لوح، امتدت طاقة عنصر التعزيز مصطحبة معها طاقة عنصر النار المعززة كل الطريق نحو الأقدم الكبير

بووووم

دافعت العواصف الناتجة من تلويح السيف الأثري عن الأقدم الكبير و قاومت تلك الطاقة التي بدا كما لو أنها تشكلت في لحظة أمامه، و في الأخير ربحت الطاقة التي بدا كما لو أنها تشكلت على حين غرة و اخترقت العواصف و قطعت من خلال الأقدم الكبير

قطعت الطاقة من خلال الدرع السحري من المستوى التاسع وصولا للجسد، لكنها بعدما مرت من كل تلك العقبات، لم تترك آثارا كبيرة على جسد الأقدم الكبير سوى بعض الجراح، حدق باسل في سيفيه و ابتسم، أحكم القبض عليهما ثم تكلم "لهذا أحب السحر، دائما ما أجد به أشياء جديدة تثير اهتمامي، حسنا، سأطلق على هذا الهجوم 'الامتداد الكلي'، و الآن كل ما علي فعله هو استخدامه لمرات قليلة أكثر ليكون قدرا و أهلا للاسم الممنوح له"

شحذ باسل طاقته من جديد، جسده بدأ يقترب من الحدود بالفعل، لكنه مع ذلك لم يهتم و استمر، جراح الجسد سهلة الشفاء، جراح بحر الروح هي الصعبة، لذا لم يلقي بالا لأمر جسده و استمر فقط في استخدام عنصر التعزيز بجنون

عبس الأقدم الكبير، لكن ابتسامة ظهرت حينها على وجهه

ووووووش بااااام

ظهر وحشي الفتخاء و استخدما قدرتهما لصنع حاجز غير مرئي ثم ضربا باسل حتى أرسلوه محلقا من دون توقف


لكن هذا كان ما ظنه الأقدم الكبير فقط، فباسل الذي قام بتفجير عاصفة نار جعلته يتوقف من الطيران، دافع في آخر لحظة عن نفسه عبر سيفيه الأثريين، هذين الأخيرين قاما بتشكيل طاقة متموجة في الهواء مشكلين حاجزا تبعا لإرادة باسل

ابتسم باسل و قال "الامتداد الكلي في الدفاع، جيد حقا"

كان الامتداد الكلي الذي اكتشفه باسل عبارة عن امتداد لطاقة عنصر التعزيز، هذا الأخير بإمكانه الإحاطة بجسد مستخدمه مثلا و تعزيزه، لكن عند بلوغ المستوى المطلوب، سيكون بإمكان هذا المستخدم أن يجعل عنصر التعزيز يمتد خارج جسده و ينطلق كامتداد لجسده

فيكون باستطاعته حتى لكم شخص بعيد عنه بعشرات الأمتار عبر هذا الامتداد، و هذا ما فعله باسل أول مرة نفذ فيها 'الامتداد الكلي'، عندها، بسبب تفاجؤ الأقدم الكبير، ظن أن تلك الطاقة قد تشكلت أمامه على حين غرة، لكن في الحقيقة، لقد كانت تلك امتداد لتلويح سيفي باسل، لكن المثير في هذا الأمر، هو تحكم باسل في السحر الذي كان قادرا على جعله يجعل عنصر التعزيز يصطحب معه عنصر النار في هذا الامتداد

ما يجعل عنصر التعزيز أقوى سحر من بين الأربعة عشر سحر أساسي في هذا العالم حقا هو إمكانياته الكبيرة، فإمكانيات عناصر السحر الأخرى لا تقارن به أبدا، فمثلا إمكانيات عنصر الرياح الجديدة ليست بالشيء الكبير مقارنة بإمكانيات عنصر التعزيز، بما أنها تقوم بجعل ساحر الرياح يطير في السماء بحرية كبيرة و تزداد درجة تحكم في الرياح لدرجة مخيفة، مع كل هذه الإمكانيات المذهلة، على الأقل في حالة باسل و الأقدم الكبير، فـ'الامتداد الكلي الخاص بباسل يتفوق على تحكم الأقدم الكبير في رياح هذا العالم كأنها رياحه الخاصة

عبس الأقدم الكبير بشدة ثم حدق في باسل بحقد شديد، مثل هذا الغر، يا لها من موهبة لا تصدق يملكها، فكر الأقدم الكبير أنه عليه حقا قتل هذا الوحش الصغير هنا قبل فوات الأوان

فجأة، سعل باسل الكثير من الدماء، ملابسه البيضاء المتمزقة أصحبت حمراء كليا بدمه و ددمم الأعداء، مما أعطى لباسل شعورا غير مريح قليلا

عند سعله لتلك الدماء، أحس باسل باقتراب حدوده حقا، حدق في الأقدم الكبير و تكلم بعدما ضيق عينيه "من أنتم؟ ما هدفكم؟"

حدق الأقدم الكبير في باسل بعدما سمع كلامه و تحدث "من نحن؟ ما هدفنا؟ حسنا، هذا شيء ستعلمونه عما قريب على أي حال، لذا ليس هناك مانع من إخبارك، نحن الأشخاص الذي وكلت لهم مهمة من قبل الأسياد، نحن الذين سنحكم هذا العالم عما قريب، سنحكم هذا العالم من أجل الأسياد، أي شخص سيعلم باسمنا و وجودنا عما قريب، هذا الاسم الذي سيجعل أي شخص في هذا العالم يرتعب عند سماعه، هذا الاسم الذي سيتربع على عرش هذا العالم من أجل الأسياد، نحن 'حلف ظل الشيطان'، نحن خليفة الأسياد في سيادة هذا العالم، كل شخص عليه طاعتنا، كل شخص عليه خوفنا و رهبنا، فزعنا سيجلب الكارثة التي ستفتح الطريق إلى السيادة العظمى"

في لحظة، عم الهدوء في كامل الساحة، ما الذي يتحدث عنه هذا الشخص؟ سيادة هذا العالم؟ كارثة؟ الطريق إلى السيادة العظمى؟ لم يفهم أي شخص هنا ما الذي يحدث حقا أو ما الذي يقصده ذلك الشخص بكلامه غير باسل و أنمار

حلف ظل الشيطان، تردد هذا الاسم في مسامع باسل مرارا و تكرارا، لم يسعه سوى أن تستغرقه الأفكار، هذا الاسم أكد شيئا واحدا لا غير، الشياطين لديهم يد في هذا الأمر كما كان متوقعا، و انطلاقا من هذه الفكرة، عرف باسل مَن الأسياد الذين تحدث عنهم الأقدم الكبير، لكن ما لم يفهمه هو أيضا، هو 'الكارثة التي ستفتح الطريق للسيادة العظمى'، هل عنى به أنهم سيقومون بحرب من أجل سيادة هذا العالم أم شيء أكثر من ذلك


تحدث باسل بعدما أحكم قبضتيه على سيفيه "حثالة باعت روحها للشيطان، ليس هناك مجال لتبقى على قيد الحياة في حضوري بعدما عادتني، تبيع روحك من أجل العظمة و القوة، هذا أحقر شيء قد يفعله أي شخص في الوجود، يجب أن تقدر روحك التي منحت لك، لكنك لم تفعل ذلك، بل و أيضا بعتها، لمن؟ للروح الشريرة"

"...يجب تصفيتكم من هذا العالم أيتها الآفة، لا يهمني ما الذي تنون فعله بعد الآن، لكن الشيء المؤكد و الواضح تماما هو أنكم عدو لي، أنتم عقبة في طريقي فقط، مجرد حجر يجب علي إزاحته من رحلتي في 'المسار الروحي'، بمجرد ما أن تقوم بإهداء روحك للشيطان، فعندها تلك نهايتك، 'المسار الروحي' يجب أن يخلو من الشوائب، و لن يستطيع السير فيه سوى من يُبقي على روحه سليمة"

"همف" استهجن الأقدم الكبير و شحذ طاقته ثم صرخ "ما الذي يعلمه *** صغير مثلك ! ؟ نحن نخدم الأسياد الذين سيقومون بأخذنا معهم للسيادة العظمى، بيع روحي؟ و ماذا في ذلك ! ؟ إن كان سيحقق لي رغباتي و أهدافي، فذلك شيء سهل للقيام به"

"في الأخير هذا هو حدكم" تكلم باسل بنبرة خطيرة "أن تتبعوا و تعبدوا من سلمتم روحكم إليه، أشخاص مثلكم لا يستحقون حتى أن يقفوا في مساري الروحي، إن أردت العظمة و القوة، إن أردت تحقيق رغباتك و أهدافك، فاحفظ روحك من أجل ثباتها بالمسار الروحي، و اتبع طريق الأقوياء، لاحق أحلامك و حققها بيدك، عندها، ستحس بالإنجاز الحقيقي عندما تحققها، أما إن حققت أهدافك و روحك لم تعد تنتمي لك، فما الغاية إذا؟ ما الغاية إن لم تكن لك روح لتتمتع بالإنجاز الذي قمت به؟ هذا إن كنت قادرا على الاستمرار في رحلتك بالمسار الروحي بروح ضعيفة و لا تملك أنت مالكها السيطرة عليها، في النهاية، ليست سوى كلمات روح فقيرة، الشفقة عليك"

صرخ الأقدم الكبير "هاا" و شحذ طاقته السحرية كما تحكم في وحشي الفتخاء و انطلق راكبا العربة، استخدم سحره و سحر الوحشين ثم صنع أعدادا هائلة من الرماح و السيوف من الرياح و التي لف حولها حاجزا بقدرة وحشي الفتخاء ثم أضاف مرة أخرى رياح قاطعة تكهربت من شدة دورانها و تداخلها في بعضها، في الحال كان قد كون آلاف الرماح و السيوف

ووووووووش

توجهت الرماح و السيوف كلها مرة واحدة تجاه باسل، هذا الأخير استعد و جمع كل ما يملك من طاقة، شحذ عنصر التعزيز و عنصر النار، دمجهما ببعضهما ثم بالسيفين الأثريين. التفت النار الحارقة حول باسل و أصبح كملك نار يقف في السماء

صرخ باسل "الامتداد الكلي" و لوح عدة مرات بسيفيه اللذين امتدا و قطعا كل ما استهدفه باسل على بعد شاسع


بينما باسل يدافع عن نفسه، ظهر وحشي الفتخاء أمامه و ركلاه مع صراخهما الذي يصم الآذان "إييييييك"

حمل ركلتاهما قوة قدرتهما و أرسلتا باسل محلقا لمئات الأمتار، لاحقه الأقدم الكبير بعربته بسرعة و وجه نحوه الرماح و السيوف صارخا "فلتمت أيها الصعلوك"

ووش ووش

دافع باسل بكل ما يملك، أصيب بعدة جروح إضافة لجراحه التي تسببها الطاقة الخارجية و مع ذلك استمر في استخدام عنصر التعزيز بجنون، شحذ طاقته إلى أوجها بكل ما يملك و لوح نحو الأقدم الكبير فالتشر مكونا عدة موجات من عنصر التعزيز و عنصر النار

قام الأقدم الكبير بتلويح بسيفه عدة مرات مكونا عدة عواصف، لكنه يعلم أنها لن تعمل، لذا تحكم في قدرة وحشيه و كون عدة حواجز مرة تلو الأخرى حتى استطاع قتل قوة تلك الطاقة التي استهدفته

وصلت المعركة لقمتها و كذلك قوة الطرفين، كلاهما بدأ يبلغ حده، توقف الأقدم الكبير عن استخدام قوة الوحشين، لم يعد بإمكانه استخدامها أكثر، فكل ما كان بإمكانه فعله للآن هو المحافظة على وجودهما

أما باسل فكان جسده محطما، لقد صبر و تحمل كثيرا، لكنه لم يعد يستطيع الاستمرار بنفس المردودية التي كان يعطيها قبلا، أصبح مرهقا كثيرا و غير قادر على استخدام طاقته بشكل صحيح

كذلك الأقدم الكبير، أرهق كثيرا و لم يتوقع أن باسل سيستمر في مواجهته بمساواة هكذا، و كخيار أخير أخرج كنزا و ابتسم ثم قال بداخله "إن لم تمت بالطريقة العادية، فليس هناك خيار آخر سوى تدمير بحر روحك"


كان الكنز الذي أخرجه عبارة كرة صغيرة زرقاء يحيط بها خطوط عريضة أكثر زرقة تشبه الأفاعي، بداخلها توهجت طاقة تشبه الخاصة بأحجار الأصل، طاقة بلون أزرق فاتح، لكن هذه الطاقة لم تكن هادئة كالخاصة بأحجار الأصل، و على العكس كانت تتكهرب و تبدو كما لو أنها ستنفجر في أي لحظة

حدق الأقدم الكبير في تلك الكرة و تكلم بداخله "قد يكون خسارة إضاعة مثل هذا الكنز على مثل هذا الصعلوك، لكن لا يوجد خيار آخر"

شحذ الأقدم الكبير طاقته و حلق نحو باسل، هذا الأخير استعد له و شحذ طاقته كذلك، لقد وصل لحدود حدوده بالفعل، كل ما يحركه الآن هو إرادته، يجب عليه التحمل لوقت أطول قليلا فقط و إنهاء كل شيء في هذه الهجمة

توغلت الطاقة الخارجية لجسد باسل بسرعة كبيرة مدمرة إياه، مما دل على الكمية التي بدأ باسل يستهلكها من طاقة عنصر التعزيز، إنه عازم على تنفيذ هجمة أخيرة

أصبح اللهبين على شكل سيفين أكثر إشراقا، و الضوء الأزرق المحيط بهما أصبح عريضا و بدأ يصبح أكثر سمكا كلما شحذ باسل طاقته

و في النهاية أصبح اللهبين محاطين بطاقة زرقاء بنفس حجمهما مما جعلهما يبدوان كسيفين ضخمين بطبقتين مختلفتين، وضع باسل كل ما يملك من طاقة بهما

صفق الأقدم الكبير بيديه و صرخ بينما يستجمع آخر قطرات طاقته ثم كون ثلاث أعاصير مرة واحدة، كانوا كبارا كفاية لتحريك الساحة بأكملها معهم، بإشارة منه وجههم نحو باسل

حُوصر باسل من جميع الجهات بالأعاصير، فاستجمع كل ما امتلك من قوة و لوح بسيفه نحو الأقدم الكبير


بووووووم

انفجرت الأعاصير مرة واحدة و ثُقِب الهواء نفسه من شدة الضغط حتى وصلت طاقة اللهبين على شكل سيفين بسبب الامتداد الكلي للأقدم الكبير الذي دافع عن نفسه بشدة، و بينما يدافع لوح بسيفه تجاه باسل الذي لم يعد يقوى على الدفاع عن نفسه

مزق الامتداد الكلي الخاص بباسل الأقدم الكبير، ثم انطلقت موجة من الرياح نحو باسل الذي دافع بسيفيه مع أنه لم يكن لديه قدرة تحمل كافية للدفاع بها

قعطت الرياح من خلاله، ثم من حيث لا يدري، ظهر بالرياح تلك الكرة الزرقاء، و عندما شاهدها باسل، شحُب وجهه كثيرا و تكلم بصوت مرتفع من شدة الصدمة "كرة الروح الهائجة؟"

لمست الكرة جسد باسل و تحولت لضوء ثم اخترقت جسده مرورا لبحر روحه

عندها، ضحك الأقدم الكبير بينما يدافع في آخر لحظاته "تأكدت نهايتك أيها الغر الصغي..." و لم يكمل كلامه حتى سالت منه الدماء كالشلال فصرخ بشكل مزري "غااااااه"

تحرك وحشي الفتخاء فاستخدما عنصر الرياح الخاص بهما و دمجاه بقدرتهما مما جعل سرعتهما كبيرة جدا و وصلا في لحظة تحت الأقدم الكبير و حملاه بالعربة

بمجرد ما أن دخلت الكرة التي تحولت لضوء إلى بحر روح باسل حتى صرخ هذا الأخير بشكل مزري "آآآآآه"


لم يصرخ هكذا من قبل، اهتاجت طاقته و لم تعد مستقرة بعد الآن، بحر روحه كان يتزلزل بشدة و أوشك على الانكسار كليا. الأقدم الكبير الذي كان يشاهد هذا الأمر ضحك بينما كانت حالته مثل حالة النصف ميت

توقف الجميع عن أيّ كانوا يفعلونه و ركزوا على مشاهدة باسل، صرخت أنمار بشدة "باااسل" و كذلك فعل الكبير أكاغي و البقية الذين كانت حالتهم مزرية بعد قتالهم للأقدم الكبير، لم يسع تورتش و بقية قادة التشكيل سوى التحسر في مكانهم

بينما تسيل منه الدماء بغزارة، ضحك الأقدم الكبير بجنون "كياهاهاها" ثم تكلم "كازيمارو، شاهين، فلنتحرك، سيكون هناك انكسار بحر روح كبير"

أسرع شاهين و كازيمارو بالتحرك و انطلقا نحو العربة ثم ركباها، تحدث الأقدم الكبير آمرا الوحشين "تحركا"

أنشأ الوحشين الطريق الغير مرئي و حلقا في السماء مبتعدين، استمرت طاقة باسل في الهيجان، لكن في لحظة

ووووووش

هدأت طاقة باسل تماما، كما لو أنه لم يحدث أي شيء، فتح الثلاثة الذين يركبون العربة أفواههم من شدة الصدمة، خرجت كلمة واحدة من فم كازيمارو "مستحي..." لكن هذه الكلمة لم تكتمل حتى طار رأسه من مكانه، طاقة ملكية امتدت من جهة باسل و تشكلت كـيد ضخمة كافية لحمل سبعة أشخاص مرة واحدة ثم قطعت رأس كازيمارو مع صوت سسسسش ثم اختفت اليد التي جلبت معها أحكام ملكية و بدا كما لو أنها يد ملكية يمكنها أن تهيمن على كل شيء

لم يعرف أي شخص ما حدث، باسل لا زال بعيدا عنهم، إنه يقف في السماء من دون أن يتحرك سنتمتر واحد، لكن الشيء الذي تغير به، كانت تلك الطاقة الملكية النقية للغاية التي التفت بجسده، و القطعة الأرضية الصغيرة التي ظهرت أسفل قدميه كما لو أنها تحمله، في ذلك الحضور، لم يستطع أي شخص الوقوف على قدمه بشكل صحيح و فشلت أركبهم فجثوا على الأرض

فقد الأقدم الكبير و شاهين ألوانهما، صرخ الأقدم الكبير بعدما شاهد رأس كازيمارو يطير من مكانه "انطلقااا" صرخ بجنون، لا يعرف ما الذي حدث بالضبط، لكن كرة الروح الهائجة لم تنفع، لماذا ! ؟ هذا الفتى استمر في القيام بالعجائب حتى النهاية، تحرك وحشي الفتخاء بسرعة كبيرة هاربين

لكن من دون أن يلاحظ أحد حتى كان باسل أمام وحشي الفتخاء، ظهر كما لو أنه انتقل آنيا، لكن الحقيقة هي أنه تنقل بسرعة ضوئية جعلت من سرعة العربة التي يقودها وحشي الفتخاء اللذان كانا يطيران بسرعة تصل لآلاف الأميال في الساعة تبدو بطيئة، توهجت عيني باسل بضوء أبيض لامع، سيفيه الأثريين قد سقطا منه بالفعل أثناء هيجان طاقته، فرفع ذراعه للسماء

قبل أن ينزل بذراعه، توهجت القطعة الأرضية و صعدت الطاقة مع جسم باسل و توجهت لذراعه اليمنى التي رفعها و عندها نزل بها للأسفل مع صوت زباااام ظهرت طاقة ملكية حملت معها عنصري التعزيز و النار معا و دمجتهما ثم عدلتهما ليصبحا طاقة أنقى، امتدت الطاقة الملكية من يد باسل و نزلت على العربة في لحظة، تخطت الطاقة الملكية الوحشين وصولا للأقدم الكبير ثم قطعته لنصفين قبل أن يدري، ثم قطعت بقايا جسده لأجزاء صغيرة جدا حتى أصبحت جثته كالرمال

اختفى الوحشين كما لو أنهما تبخرا بموت سيدهما، فنزلت العربة من السماء بينما يحاول شاهين إيجاد طريقة لإنقاذ نفسه من السقوط من هذا الارتفاع الشاهق و من هذا الوحش المرعب

عندها، خمدت طاقة باسل و اختفت القطعة الأرضية الصغيرة من تحت قدميه ثم سقط من السماء هو الآخر متوجها نحو الأرض

بلع الجميع ريقهم و استعادوا أنفسهم التي هربت مع اصطحابها للروح معها من شدة الارتعاد من تلك الطاقة الملكية التي طغت على كل شيء

بعدما هدأت تلك الطاقة التي أطلقها باسل على حين غرة، تنفس الجميع الصعداء أخيرا بعد أن كانوا يشعرون بالاختناق من ذلك الوجود الذي أصبح عليه باسل سابقا، في مثل ذلك الحضور لم يكن بإمكانهم التحرك لإنش واحد

رأوا تلك القوة العظيمة التي أظهرها باسل، لقد محى الاثنين القويين من الأعداء بتلك السرعة الخيالية، أنْهاهُم كما لو أنهم حشرة، قطع رأس ذلك الكازيمارو الذي وجد الجنرال رعد و الإمبراطور غلاديوس بمعاونيه صعوبة بالغة في مواجهته في لحظة كما لو أنه لا شيء تماما

ثم بعدها تحرك بسرعة خيالية و استخدم قوة مهيمنة حولت ذلك الأقدم الكبير لرمال، لم يترك منه لحما و لا عظما، كلهم جربوا قوة ذلك الأقدم الكبير و شاهدوها بأعينهم، لكنه قتل بمثل هذه الطريقة التي لا يتمناها أي أحد، لم يبقى من جثته أي شيء

هذا الأمر جعل الجميع يفرحون، لكنهم في نفس الوقت أحسوا بالرعب الشديد من ذلك الفتى الصغير، لا، هل يجب حتى مناداته بفتى بعد ما شاهدوه يفعل؟ ذلك ليس من عمل البشر، لا يمكن لذلك الفتى أن يكون فتى، إنه وجود غير طبيعي

شعر الجميع بغرابة كبيرة

بينما يتساقط باسل من السماء، كان شاهين في مثل حالته تقريبا، الفرق الوحيد هو أن باسل غائب عن الوعي، أما شاهين فلا زال واعيا بالكامل، لا زال واعيا كفاية ليدرك أن عليه التخلص من هذا الوحش الصغير قبل أن ينمو أكثر مما هو عليه

لا يمكنه استخدام سحر الرياح بحرية كبيرة و يتحكم فيه بشكل جيد حتى يكون باستطاعته الطيران في السماء بأريحية بواسطته مثل الأقدم الكبير، لكنه مع ذلك لا زال بإمكانه استخدامه لخلق قوة دفع كما فعل باسل عن طريق العاصفة النارية التي كان يكونها لترفعه للسماء، لا يمكنه التحكم في السحر مثل باسل و تكوين مثل تلك العاصفة و التحكم فيها باستمرار لمدة طويلة، لكنه بإمكانه استخدام قوة الرياح لتدفعه بقوة كافية ليصل لباسل

تذكر مقتل كازيمارو و الأقدم الكبير و أصبحت عينيه حمراوين، لن يسمح لهذا الغر أن يهرب أبدا، كازيمارو كان مثل أخيه، فهما كبرا معا، أما الأقدم الكبير، فكان أخاه الأكبر، لقد قتل هذا الوحش الصغير أخويه الاثنين مرة واحدة أمام عينيه، فكيف له أن يضيع مثل هذه الفرصة المواتية بعد أن ظهرت


شحذ طاقته السحرية بسرعة و بدأ يكون رياحا وراءه، مر وقت طويل منذ أن تم إزالة أصفاد السحر عن يديه، لذا قوته رجعت لحالتها الطبيعية، خصوصا بعد تحفيزها بالقتال ضد تورتش، استل سيفه و شحن به طاقته باستمرار، لقد شرب قبل مدة ليست بطويلة إكسير التعزيز، بحر روحه لا يزال غير مستقر لكي يغامر بشرب إكسير تعزيز آخر ليكون قادرا على استخدام سيفه الأثري من الدرجة الثانية، لكنه لا يحتاج لذلك، فسيفه السحري من المستوى الخامس لوحده كاف ليقتل ذلك الوحش الصغير النائم

بعد بلوغ طاقته السحرية أوجها، انكمش في مكانه - بينما يتساقط من السماء - بتقريب ركبتيه لذقنه، ثم ركز سحر الرياح الذي شحذه سابقا و فجره مرة واحدة

باام

انفجر الضغط مرة واحدة ثم انطلق بعد إطلاقه لصوت كقنبلة صوتية، كان سرعته كبيرة جدا، لم تصل لسرعة الأقدم الكبير عندما يطير باستخدامه سحر الرياح، لكن مع ذلك سرعته كانت كافية ليصل لباسل و يخترقه بسيفه السحري المشحون بالطاقة السحرية في كامل قوته، ضربة من هذا السيف في حالة باسل الحالية، ستكون موتا مؤكدا بلا شك، جسد باسل كله مهشم من جميع النواحي، مجرد ساحر من المستوى الأول سيكون قادرا على قتله في الوقت الحالي

"فلتمت أيها الوغد، الدم بالدم، بعد قتلك سأحرص على الرجوع إلى هنا و قتل تلك اللقيطة الصغيرة التي تهتم بها، و أبحث عن عائلتك ثم أمحوها من الوجود، سوف أقتل كل من تعتز به و أجعل كل شيء بَنيته يوما غير موجود" صرخ شاهين بينما يقترب من باسل موجها سيفه على شكل أفقي مخترقا الهواء بسرعته الكبيرة

ضمن شاهين قتله لباسل و ارتاح قليلا، ثم بدأ يفكر في طريقة للهرب بعد أن يقتل هذا الوحش الصغير النائم، لكن في هذه اللحظة

زززشش

مر من جانبه صعق برقي كاد أن يشويه تماما، راوغه في آخر لحظة عن طريق تحريف مساره الشخصي بانفجار من الرياح، لو أنه قد أصيب بهذا الهجوم لمات من دون شك، التف ليجد الجنرال رعد يشحذ طاقته من أجل الهجوم مرة أخرى

عندها عرف أنه يجب عليه الإسراع أكثر مما هو عليه، انطلق مع صوت باااام ينفجر من وراءه بسبب الرياح و لم يبقى بينه و بين باسل سوى أمتار قليلة

ابتسم و أرجع سيفه للخلف مستعدا للطعن، صرخ من شدة غضبه "مت أيها الوحش الصغير"


تشششششش

قطع شاهين من خلال باسل الذي انقسم لاثنين و انتشرت دماؤه في السماء بغزارة............... يتبع!!!!!!!!!


(الجزء الثاني)


فأحس شاهين بشعور لا يوصف من السعادة و السرور، لقد انتقم لأخويه، لذا فقد نفذ واجبه تجاههما، و الآن عليه الهرب بسرعة من هذا

لكنه أدرك شيئا ما في آخر اللحظات، لقد كان قتل ذلك الوحش الصغير سهلا للغاية بالنسبة للحالة التي هو فيها، لماذا لم يتحرك أي أحد آخر غير الجنرال رعد؟ لو أنهم فعلوا لما كان بإمكانه النجاح في مهمته و سيضطر للتركيز على الهرب بكل ما يملك متخليا عن فكرة الانتقام للوقت الحالي

عندها تذكر أمرا و شحُب وجهه كثيرا، كيف لهم أن لا يتحركوا؟ لن يفعلوا إلا إن كان لهم هدف وراء ذلك، و في لحظة، وجد شاهين نفسه محاصر من جميع الجهات

مع أنهم كانوا بالأرض و هو لا يزال بالسماء محلقا بسبب قوة الدفع الكبيرة، إلى أنه لا يمكنه البقاء في السماء لكل هذا الوقت، و الأكثر من ذلك، لا يمكنه مراوغة كل هؤلاء الشخصيات العظيمة مرة واحدة

من جميع الجهات أحاط به الإمبراطور غلاديوس من الأمام، و مساعديه من اليسار و الإمبراطور شيرو من اليمين، و بالخلف يوجد الجنرال رعد و البقية

"همم..." استغرب شاهين ثم لاحظ أن الجنرال رعد الذي كان يشحذ طاقته السحرية غير موجود، بحث في كل مكان، أين ذهب؟ اللعنة عليه، أين اختفى؟

في هذه اللحظات التي كان محاصرا بها و لا يعرف ما الذي يحدث هنا؟ تكلمت أنمار "ألا زلت لا تعرف ما يحدث؟ سأنيرك لجعلك تغرق في ظلام أكبر"

لوحت بسيفها الأثري من الدرجة الثالثة ثم بدا كما لو أنها قد اخترقت الفضاء نفسه و قطعته، كما لو أنها قد شوهت الفضاء، لكن مع انتهاء تلويحها حتى ظهرت الصورة الحقيقية، باسل الذي كان مقطوعا لنصفين اختفى، و الجنرال رعد الذي اختفى من أمام عينيه كان يحمل باسل في الأسفل

تكلمت أنمار "هل تعتقد أن حثالة مثلك يمكنه إيذاء رجلي؟ ذلك لن يحدث سوى في أحلامك أو في أوهامي التي أمتعك بها قبل أن أجعلك تدرك الحقيقة القاسية"

عبس شاهين و لاحظ أن سرعته في السماء قد قلت كثيرا حتى أن قوة الدفع من السابق لم تعد كافية للإبقاء عليه محلقا و بدأ يسقط من السماء، لكن ليس هناك ما يفعل، أمامه الموت و خلفه ابن عمه، سواء أ قام بدفع نفسه للأمام أو ترك نفسه يسقط للأسفل أو تراجع، لا يهم ما يفعله، سوف يكون مصيره نفس مصير أخويه

لقد حوصر من جميع الجهات تماما، في هذه المرحلة ضحك الإمبراطور غلاديوس "أنا لا زلت أتعجب حتى النهاية"

قبل قليل من الوقت، عندما بدأ باسل و شاهين يسقطان من السماء، تكلم الإمبراطور غلاديوس بسرعة "هذا سيء، الفتى سيكون في خطر، يجب علينا إنقاذه"

عندها ظهرت أنمار و أوقفته قائلة "لا، لا تفعل، سأريد من باسل أن يلعب دور الفريسة لقليل من الوقت"

تكلم الإمبراطور غلاديوس "ها؟ هل تعلمين ما تقولين يا فتاة؟ الفتى سيموت إن انتظرنا أكثر"

تدخل الجنرال رعد "ما الذي يدور في خلدك؟"

"حسنا، أريد منكما..." أعطتهم أنمار تعليمات الخطة بكل سرعة

بالعودة للحاضر

تكلم الجنرال رعد الذي يحمل باسل "لقد خُدِعت يا رجل من طرف الفتاة الشقراء"

"همم...؟" عبس شاهين، فهم ما حدث أخيرا، كل تحرك حتى الآن كان من مخطط تلك اللقيطة، عض على شفتيه حتى سال الدم منهما

حتى هجوم الجنرال رعد سابقا كان من الخطة، أولا، تركوه يعتقد أن بإمكانه حقا قتل باسل، ثم عندما يقترب من فعلها، هاجمه الجنرال رعد باستماتة، أو بدا كما لو أنه كان مستميتا، ففي الحقيقة كان ذلك مجرد فعل لصرف انتباهه للحظات، في تلك اللحظة، تفعّلت خدعة أنمار، تلك اللحظات القليلة كانت كافية لتخلق وهما على مدى واسع كهذا، و بما أن شاهين مجرد ساحر في المستوى الخامس، فلا يمكنه الكشف من خلال وهمها إلا بعد مرور مدة طويلة


لذا عندما راوغ هجوم الجنرال رعد، و رأى أنه قد اقترب من باسل، ارتاح و اعتقد أنه نجح، و بالنسبة له، فقد فعل، لكن حتى تصرفه هذا كان متوقعا، سابقا قالت أنمار للإمبراطور أنها ستجعل من باسل 'الفريسة'، لكن حتى أنمار لن تقوم أبدا بمثل هذا الشيء في حق باسل، و ما قصدته فعلا، هو وهم يكون باسل فيه هو الفريسة

و كل هذا من أجل شيء واحد، كل هذا التخطيط من أجل محاصرة شاهين، فأثناء انشغاله بقتل باسل الوهمي، أثناء ذلك، تحرك الإمبراطورين و الاثنين الآخرين ثم أغلقوا طريق هروبه

أما الجنرال رعد الذي شحذ طاقته مرة أخرى ليهاجمه بعد أن هاجمه في المرة الأولى، فقد كانت تلك خدعة فقط، ففي الحقيقة هو كان يشحذ طاقته من أجل الانطلاق بسرعة و إمساك باسل الذي سيكون قريبا من الاصطدام بالأرض

في النهاية، كان يلعب في راحة يد أنمار، و قامت بجعله يتحرك على هواها و كيفما شاءت، قامت بهذه المسرحية كلها حتى تضمن القبض على شاهين، لو أنها سمحت للإمبراطور غلاديوس و البقية بالدفاع عن باسل، للاحظ شاهين عدم امتلاكه أي فرصة و ركز على الهروب بكل ما يملك، قد يكون بإمكانهم إمساكه عبر اللحاق به، لكن أنمار لا تريد أخذ مثل هذه المراهنة، امتلاك الأقدم الكبير 'كرة الروح الهائجة' جعلها حذرة أكثر مما تكون عليه بكثير

تكلمت أنمار بعبوس "لقد كان أصدقاؤك السبب في معاناة باسل، لا تظن أنك ستهرب من دون الإفصاح عن بعض المعلومات"

حوصر شاهين تماما، و احمرت عينيه ناحية أنمار و لعن كثيرا، فجر الرياح ثم انطلق متوجها نحوها "أنت السبب أيتها الغرة اللقيطة، سأقتلك أنت على الأقل لأترك ذلك الوحش الصغير يتعذب، لن أخرج فارغ اليدين"

توجه نحوها بسرعة كبيرة، أراد الإمبراطور غلاديوس أن يتحرك فرفع الجنرال رعد يده موقفا إياه. اقترب شاهين من أنمار و صرخ بينما يندفع بكل طاقته

أوووووه

اجتمعت حوله الرياح و وضع سيفه أفقيا في المقدمة أصبح كسهم بشري خارق

بووووم


اخترق أنمار، أو هذا ما اعتقده، و في لحظة وجد نفسه مخترقا الأرض، و أنمار الحقيقية كانت خلفه رافعة سيفها بالسماء مستعدة للنزول به

تكلم الجنرال رعد بداخله "كما هو متوقع من شريكة الفتى القرمزي"

ظهرت نظرات الرعب على وجه شاهين بعد أن علم الحقيقة، في النهاية، اكتشف أنه خدع حتى النهاية

خداع أنمار لم يتوقف عند النقطة التي حوصر فيها، و المقصد الكامل من هذه الخدعة هو الوصول لهذه المرحلة، عرف بأن تلك الأنمار التي كانت تكلمه كانت نفسها مجرد وهم آخر كان يستفزه ليتحرك كما يريد منه أن يفعل، و أنمار الحقيقية كانت مختفية عن أنظاره تنتظره ليبتلع الطعم للمرة الثانية

لم يتحرك في راحة يدها فقط، بل جعلته يتحرك في منطقة محدودة من راحة يدها، مما جعله أكثر توقعا في تحركاته بالنسبة لها

زبااااام

نزلت على قدميه قاطعة إياهما

صرخ شاهين بجنون من الآلام، شاهد قدميه أمامه، فقط في هذه اللحظة، تمنى لو أنه لا يزال يُخادع من طرف هذه الفتاة، لكن للأسف، هذه المرة كان كل شيء حقيقي، انتشرت دماؤه في كل مكان و نزف بشكل غير متوقف حتى غاب عن الوعي

تكلمت أنمار بينما تحدق به باحتقار "فليوقف أحدكم نزيفه، لا يزال باسل في حاجة إليه" و بعد انتهاءها اتجهت نحو الجنرال رعد الذي أنزل باسل للأرض

تحرك بعض الجنود، و كان من بينهم 'هيل' الذي قام تقريبا بكل العمل، استخدم سحره ليعالج شاهين مؤقتا لإيقاف النزيف و إبقائه على قيد الحياة للآن

دو، دو، دو، دو

أصوات تقترب و ترتفع حدتها مع الوقت، اتخذ الجنود ذوي المستوى الضعيف احتياطهم، لكن الجنرال رعد تكلم "لا تقلقوا، إنها مجرد قوات كان يفترض بها تعزيز صفوفنا"

يترأس هذه القوات رئيسي عائلتي 'آو' و 'كيِرو'، 'آو لان' و 'كيِرو هوانغ'، بعد وصولهما صدما بعد معرفتهما بما حدث، مثل هذا الشيء معقول؟ فكروا في أنهم محظوظين لكونهم كانوا بعيدين، فلو أنهم كانوا هنا، من كان ليضمن نجاتهم؟

في هذه الليلة شهد جميع الشخصيات العظيمة التي قدر لها أن تكون هنا قوة جديدة، قوة ستغير هذا العالم، لن يطول الأمر حتى يصبح سحرة المستوى السابع شيئا من الماضي، سحرة المستوى السابع الذين مُجدوا كأقوى وجود في هذا العالم سوف يتكاثرون بسرعة خيالية، عندها، الألقاب ستتغير، الجنرال لن يكون ساحرا بالمستوى السادس بعد الآن، و كذلك الحال مع بقية الألقاب الحربية و النبيلة

وضعت أنمار باسل على فخذيها و تحسرت لرؤيته لا يزال يعاني، بحر روحه تعرض لــ'كرة الروح الهائجة'، حذرهم معلمهم منها مرارا و تكرارا، فهي شيء سيجعل من الساحر في خبر كان، لسبب ما، كان باسل قادرا على تجاوز محنتها، لكن بحر روحه غير مستقر الآن بتاتا، و يبدو كما لو أنه في حالة اهتياج مما جعل عنصريه الاثنين كذلك


جسده محطم تماما، بحر روحه مرهق لدرجة لا توصف، إنه يتعذب بواحد من أقسى أشكال التعذيب التي يمكن أن يتعرض لها الساحر، لكن و مع ذلك، لم تدمع عيني أنمار، عينيها شملت كل التعبيرات الحزينة التي يمكن أن تظهر على الشخص، لكنها لم تترك دمعة واحدة تهرب من جفنيها، و استمرت في تمرير يدها على رأس باسل بحنان، هذا المنظر جعلهما في صورة خلابة جدا

و مع بزوغ الفجر، امتدت أنظار الجميع للسماء، فإذا بأشعة الجرم السماوي ترمى عليهم مانحة إياهم شعورا لا يوصف بالدفء، معلنة بذلك عن نهاية ليل طويل كان سببا في برودة قلوبهم

في تلك اللحظة، لم يستطع أي شخص منع نفسه من التفكير في المنظر الذي شاهدوه، ذلك المشهد الذي جعل قلوبهم تُسلب من شدة جماله، كلهم حدقوا في جهة باسل و أنمار، و ببساطة، غمرتهم المشاعر، هذان الطفلان، في هذه اللحظة، لم يكونا سوى مجرد فتاة و فتى، لا أقل و لا أكثر

بعد كل ما شهدوه منهما، بعد كل ما شعروا به أثناء المعركة من خوف و رعب منهما، كل ذلك قد ذهب مع انبثاق الضوء الذي أعلن عن دخول يوم جديد، و الذي انسل من بين السحب متوجها نحو مكان واحد، نحو أنمار التي بدت كـملاك أتى للاعتناء ببطل من البشر جعلها تعرف ماهية المشاعر

في تلك اللحظة، كل شخص موجود ركز نظره عليهما، أنمار التي تمرر يدها بحنان، و باسل الذي يتعذب، كم كان هذا المنظر عاطفيا يا ترى؟

اقترب منهما شخص ما و تكلم "أيها السيدة الصغيرة، ما الذي سيحدث للسيد الصغير الآن؟" كان صاحب الصوت التاجر ناصر

التاجر ناصر قاتل مع الكبير أكاغي بكل ما يملك، لكن أحكم قبضته و لعن نفسه لعدم امتلاكه القوة الكافية، لم يستطع في النهاية المساعدة بأي شيء مفيد، بشعور كهذا، تقدم نحو أنمار ليسألها عن حالة باسل

بعينيها الزرقاوين، التي تجعلك تظن أنك تحدق في السماء الواسعة، و تجرك معها بعيدا، تجعلك تنغمس في أفكارك عميقا، حدقت في التاجر ناصر، و ببطء غيرت مسار نظرها لباسل و لم تتكلم

عرف التاجر ناصر ما المقصد من هذا الفعل، لو أنها عرفت لسارعت بكل ما تملك في البدء بعلاج باسل، لكنها لم تفعل، أحس التاجر ناصر بالعجز أكثر و أكثر، و وقف متجمدا في مكانه بينما يحدق في باسل لوقت غير معروف


أتى العديد من الأشخاص و أحاطوا بأنمار و باسل، الكبير أكاغي، الجنرال منصف، جميع القادة الذين شاركوا في هذه الحرب، وقف الرئيس 'آو لان'، الرئيس 'كيِرو هوانغ' و الرئيسة 'موراساكي فايوليت' بعيدا عنهم، شعروا أنهم لا ينتمون لذلك المكان

تكلم الجنرال رعد بعد مدة من الصمت الطويل "أيتها الفتاة الشقراء، للوقت الحالي، فلنذهب به لمكان مريح للاعتناء به"

حدقت أنمار به، و مع موافقتها، تحرك قادة التشكيل و حملوا سيدهم بحرص شديد، ثم اتجهوا به لعربة

كنهاية للحرب التي بدت كما لو أنها طويلة مع أنها لم تأخذ سوى بضعة أيام، تنفس الجميع الصعداء و تحدث الكبير أكاغي صارخا

[في هذه الحرب كلنا شاهدنا العجائب و الغرائب، لكن كل ذلك قد انتهى، و من الآن فصاعدا سنجعل من عالمنا مكانا أفضل، مكانا آمنا لعائلاتنا، أنا، كريمزون أكاغي، أعلن عن عودة 'إمبراطورية الشعلة القرمزية'، و كإمبراطور لها، سأحرص على بث الطمأنينة و السكينة في قلوب ساكنيها، أما الآن، النصر لنا في هذه الحرب]

رفع يده و صرخ [هووااااه]

و كذلك تبعه الجنود بحماس [هوواااااااه]

توجه القادة الكبار و الإمبراطورين مع الكبير أكاغي في المقدمة نحو القاعة الرئيسية

فور دخولها حتى أحس الكبير أكاغي بقلبه سينفجر، يا لها من سعادة شعر بها، خمسين عاما لم تكن سهلة على الإطلاق، كلها كانت معاناة و عدم قدرة على أخذ الثأر من العدو الذي وجب عليه طاعته

اتجه نحو عرش الإمبراطور و حدق به، غمرته المشاعر، و من دو أن ينطق بكلمة واحدة، جلس عليه فقط مع دموع تسقط من جفنيه ببطء كما لو أنها تسحب معها كل الآلام التي عاناها طوال هذه السنين


____

بعد مرور بعض الأيام

"متى سنقيم الاجتماع؟" تحدث الرئيس تشارلي

أجاب الكبير أكاغي الذي كان يجلس على عرش الإمبراطور "يا صديق والدي، نحن لن نقوم بأي تحرك و لن نقوم بأي اجتماع حاليا"

تنهد الرئيس تشارلي و قال "أنا أعلم أنك تريد انتظار الفتى باسل حتى يستيقظ، لكننا لا يمكننا إطالة انتظار الإمبراطورين بسبب هذا الأمر"

"اعذرني" تأسف الكبير أكاغي و تحدث بنبرة جدية "أنا لا أنتظر حليفنا باسل بسبب عاطفتي فقط، لكنه يجب أن يحضر هذا الاجتماع مهما حصل، فكما رأينا في الحرب، فهو بدا كما لو أنه يعرف من حلف ظل الشيطان الذي تحدث عنه ذلك الأقدم الكبير، حتى لو أقمنا اجتماعا، فلن نصل لنتيجة مرضية به، و سيتحول لاجتماع يتمحور حول الإكسيرات و الأدوات التي ظهرت مؤخرا، أنا أريد جعل من هذا شيئا ثانويا بجانب الموضوع الرئيسي الذي هو كيفية تعاملنا مع هذه القوة الغير معروفة التي ظهرت في عالمنا"

تنهد الرئيس تشارلي مرة أخرى و قال "لديك وجهة نظر، حسنا فلننتظر، لكن، ألم يمر حوالي عشرة أيام حتى الآن و لا زال الفتى باسل في نفس حالته؟"

عبس الكبير أكاغي و تحسر على هذا الأمر

في هذه الأيام، نُقِل باسل للمنزل الذي اشتراه بناء على طلب أنمار، هذه الأخيرة اعتنت به كل هذه الفترة من دون كلل أو ملل، حتى أنها لم تنم و أخذتها بضع غفوات فقط، لكنها كانت مستيقظة تماما، لم يكن بإمكانها النوم أبدا بينما باسل لا زال يتعذب في حالته تلك، جسمه بدأ يتماثل للشفاء، لكن سرعة شفاءه كانت بطيئة، لقد كان ذلك آثار أخذه لإكسيري علاج مرة واحدة، لكن هذا سبب واحد من عدة أسباب


دعت أنمار بكل ما استطاعت، و لسبب ما، لم يكن بإمكانها التواصل مع معلمها عبر خاتم التخاطر مهما حاولت، مما زاد حسرتها و جعل خوفها على باسل أكبر مع كل ثانية تمر، وجه باسل كان شاحبا كثيرا كوجه الميت، رؤيته في مثل هذه الحالة جعل أنمار تشحب مثله من القلق عليه

مرة كل فترة يأتي قادة التشكيل و التاجر ناصر، الجنرال منصف، العديد من الأشخاص قد أتوا، كل من لهم علاقة قريبة بباسل أتوا لزيارته، لكنهم كلهم يذهبون، و في النهاية تبقى أنمار لوحدها بينما تصنع جميع أنواع الأعشاب و الأدوية التي تعلمتها لتحسين حالة باسل

لكن مع ذلك، حالته لا زالت سيئة كما هي من دون أن تتغير و لو بقليل

في هذه الأثناء

في مكان لا يريد بشر هذا العالم الاقتراب منه أبدا، مكان يعرف بأكبر منطقة محظورة في العالم، مكان منعزل تماما جعلته الوحوش السحرية عالما خاصا بها، كان هناك عجوز بمثل هذا المكان

هذا المكان الذي عرف على مر الأزمان كــ'قارة الأصل و النهاية'

شملت قارة الأصل و النهاية كل أنواع الوحوش السحرية، من أضعفها لأقواها، ترسَل بعثات لهذه القارة مرة كل سنوات من جميع القوات في العالم لتحصيل بعض الكنوز، خلالها، يكون القتال فيما بينهم حول من يستطيع جني الأرباح أكثر من هذه الرحلة

لو أن قوة ما قامت بالتحرك نحو هذه القارة، فلن تبقى القوات الأخرى ساكنة في مكانها، و سوف يشدون الرحال أيضا لذلك المكان الذي يشاع عليه امتلاؤه بالعجائب و الغرائب، يقال أن هناك أشياء ليست من هذا العالم، أشياء تجعل لعاب كل الوجود في هذا العالم يسيل، لذا دائما ما تكون هناك منافسة قاسية على الكنوز

خلال هذه الخمسة عشر سنة الماضية، لم يقم أي أحد بالذهاب لقارة الأصل و النهاية

لكن في هذه اللحظة، كان هناك عجوز يقف في أعمق جزء من هذه القارة، وقف فقط و حدق في التماثيل الهائلة التي اتخذت شكل محاربين أشداء، هذه التماثيل بدت كما لو أنها حية، فقط بجمودها هناك، كانت كافية لإبعاد أي ساحر من شدة هيبتها، عددها وصل للمائة، بالمنطقة المحيطة، بغرابة، لم يكن هناك أي وحش سحري، و كانت الجبال تحيط بالمكان و الأنهار التي تمر من بينها بينما تنتج شلالات بسقوطها، و أشجار الغابات تتحرك بنسيم الرياح، كان المكان هادئا بشكل مخيف جدا

كان هذا الرجل العجوز هو إدريس الحكيم. لقد زار جميع العوالم الرئيسية و اخترق الكثير من العوالم الثانوية، اكتسب الحكمة السيادية، استطاع فهم جميع أنواع النقوش و المخطوطات القديمة، ليس هناك كتاب لم يقرأه، يمكنك القول أنه كان الشخص الأكثر اكتسابا للمعرفة في شتى العوالم كلها، و لم يكن هناك أي شخص يستطيع القول 'أعرف' في حضوره، عندما كان يتكلم، كان يجب على الجميع الإنصات إليه، لا يمكن لأي شخص اكتساب الحكمة السيادية، فقط واحد في كل آلاف السنين من يبارك بهذه الهدية

إدريس الحكيم، لُقب من الناس بهذا الاسم و انتشر هذا الأخير في جميع بقاع العوالم الروحية، و كل من سمع اسمه، وجب عليه إحناء رأسه احتراما له


لكن إدريس الحكيم بنفسه كان يقف أمام هذه التماثيل و عبس بشدة كبيرة كما لو أنه يجد صعوبة ما في شيء ما ثم تكلم "لم أكن أظن في يوم من الأيام أن العالم الوهن سيكون به عالم ثانوي تحكمه نية سامية مثل هذه، أن لا أستطيع أنا بحكمتي و معرفتي فك هذه المصفوفة، ماهيتها؟ و ماهية صانعها؟ أنا هنا إلى أن أكتشف هذا الأمر"

أمضى إدريس الحكيم أياما عديدة في دراسة هذه التماثيل التي تمثل المصفوفة نفسها، و بعد مدة غير معروفة من الوقت، أخيرا كان قادرا على رؤية نمط واحد من بين الآلاف من النقوش الروحية التي تمتد عبر التماثيل و التي تكون فضاء حاجزا

و بمجرد ما أن وضع نيته بهذا النمط من أجل التحكم به و الانطلاق للنمط التالي، حتى تحرك تمثال من بين المائة تمثال، كان لعذراء تحمل قوسا، هذا التمثال الشاهق الذي وصل علوه لأكثر من ثلاثين متر تحرك فجأة

لم يتحرك من مكانه، لكنه حرك يديه، واحدة تحمل القوس و الأخرى تسحب سهما مكونا من طاقة روحية خالصة

في هذه الأثناء، ظهر القلق على وجه إدريس الحكيم، و بسرعة حرك يديه بشكل دائري و استخدم طاقته الروحية، كون دائرة من الضوء و ركز عليها لقليل من الوقت ثم صرخ "هاا"

انطلق من الدائرة التي بلغ قطرها عشرة أمتار ضوء سامي، و في الجهة الأخرى انطلق السهم المكون من الطاقة الروحية الخالصة و توجه مستهدفا إدريس الحكيم

السهم حمل معه قوة كبيرة جدا جعلت هجمة إدريس الحكيم عديمة النفع، هذا السهم جلب معه أحكام سامية كما لو أنه كان يريد الطغيان على كل الوجود

اخترق السهم ضوء إدريس الحكيم و انطلق إليه مستهدفا إياه


في هذه اللحظة، فهم إدريس الحكيم شيئا واحدا، أنه لن يكون بإمكانه الدخول لهذا العالم الثانوي مهما حاول، لقد اخترق المئات من العوالم الثانوية و جعل نية البعض منها تحت إمرته، لكن نية هذا العالم كانت تبدو فوق قدر مستطاعه بكثير، برؤية ذلك السهم، فهم إدريس الحكيم أخيرا مدى قوة تلك النية، ذلك السهم مجرد جزء بسيط جدا من قوة هذه المصفوفة، قوتها الكاملة لا يمكن تصورها، جعل هذا الأمر إدريس الحكيم يفهم لما وجد صعوبة مع هذه المصفوفة

أخرج رمحا خشبيا، و بمجرد ما أن فعل حتى التفت حول هذا الرمح طاقة ملكية، و في الحال ظهرت أرض واسعة تحت قدمي إدريس الحكيم، كانت تمتد لآلاف الأمتار، هذه الأرض الواسعة توهجت كلها و بدأ شكلها يتغير، بدت كما لو أنها تُضغط لتصبح أصغر أكثر و أكثر مع الوقت، و بعد قليل، كانت قد أصبحت عبارة عن رمح ضوئي ضخم للغاية، كان هذا الرمح هو نفسه الرمح الذي أخرجه إدريس الحكيم سابقا، يبدو كما لو أنه اندمج بتلك الأرض الواسعة التي تحولت مما كون مثل هذا الرمح الضوئي الهائل، التف حول الرمح رياح عاصفة و أعاصير مدمرة، بينما كان الرمح نفسه يتشكل من الضوء و به نقط صغيرة متوهجة كالنجوم التي بالسماء المظلمة

هذه النجوم الصغيرة انفجرت كلها مرة واحدة و انطلق الرمح بسرعة خارقة و التقى بالسهم

بوووووووووووووم

انفجر المكان كله و خلف آثارا مهولة، كما لو أن هناك نيازك قد أصابت المنطقة، اهتز المكان كله على بعد آلاف الأميال و جعل كل الوحوش السحرية بجميع مستوياتها تبتعد بعيدا قدر استطاعتها

تلك الهالة التي أنتجها تصادم قوة إدريس الحكيم بقوة التمثال جعلت كل الوجود في المنطقة على بعد آلاف الأميال ترتعد

فجأة، الغابات و الجبال و الشلالات كانوا قد أصبحوا غبارا، توقف إدريس الحكيم و عاد رمحه لطبيعته الأصلية ثم تكلم "أنت لا تريدني أن أدخل مهما حدث ! لا يبدو أنه باستطاعتي الدخول عنوة، أنا أعرف أنك تسمعني، أجب يا أيها الخبير السامي"


لم يحدث أي شيء، و بعد مدة من الوقت، تكلم صوت و الذي كان كصوت الرعد "عد يا أيها الحكيم المبتدئ، هذا ليس بمكان يمكنك الدخول إليه، فقط سكان العالم الواهن لهم الحق بذلك"

"همف" تهجن إدريس الحكيم و قال "يا لها من نبرة متعجرفة التي تملكها، لقد امتلكت الحكمة السيادية منذ 1000 سنة، و أنا في المرحلة الثالثة، و مع ذلك تناديني بالمبتدئ؟"

تكلم الصوت مرة أخرى كما لو أنه صوت الصاعقة "المرحلة الثالثة تترجم لمبتدئ، عد أدراجك و سأغفر لك أفعالك التي عكرت مزاجي الهادئ، إن حاولت المساس بالمصفوفة مرة أخرى فسوف تلقى عقابا شديدا"

عبس إدريس الحكيم و تنهد بعد مدة، قد يكون هذا الصوت متعجرفا، لكن تعجرفه هذا ليس من فراغ، تكلم إدريس الحكيم "قلت أن سكان العالم الواهن من لهم الحق في الولوج، لك هذا"

"حظا موفقا في ذلك، لكن لا تظن أن الأمر بهذه البساطة" تكلم الصوت و بدا كما لو أنه يبتعد في كل كلمة يقولها حتى اختفى تماما

تكلم إدريس الحكيم "نية سامية، هاه؟" التف ثم قال "يجب علي الخروج الآن من هذا النطاق و العودة للفتى باسل، سيكون على تلقينه دروسا غير منتهية ليكون باستطاعته الدخول لهذا العالم الثانوي، لو أنه نجح، فلا أعلم ما المكاسب التي قد يتحصل عليها"

تحرك إدريس الحكيم و بإشارة دائرية من يده ظهرت دائرة ضوئية، اخترقها بجسده فالتفت حوله و حلق بعيدا حتى استطاع الخروج من حاجز غير مرئي أكد خروجه من نطاق ما، لقد كان قد كسر مصفوفة أولية جعلته في نطاق آخر تحت سيطرة هذه النية السامية، هذا النطاق لوحده امتد لآلاف الأميال، و بمركز هذا النطاق كانت توجد المصفوفة الرئيسية التي أساسها تلك التماثيل

عندها، أتاه اتصال بخاتم التخاطر مباشرة، بما أنه كان في نطاق آخر، لم يكن باستطاعة أي أحد آخر التواصل معه عبر خاتم التخاطر، بسرعة أجاب (ما بك أيتها الصغيرة أنمار؟)


(معلمي، أسرع من فضلك، أنا لا أعرف ما الذي يجب علي فعله، لقد مر شهرين و باسل لا زال غائبا عن الوعي نتيجة لمعركة) أجابت انمار بأسرع ما أمكنها

عبس إدريس الحكيم ثم تكونت أمامه عدة دوائر ضوئية مثل التي صنعها قبلا مرة أخرى بإشارة من يديه، تكلم (أنا آت، انتظري لقليل من الوقت فقط) ثم اخترق تلك الدوائر الضوئية واحدة تلو الأخرى، و في كل مرة فعل ذلك، كانت سرعته تزداد بشكل خارق، في الأخير أصبح عبارة عن ضوء و حلق في اتجاه باسل

بعد أيام قليلة، وصل المعلم و ظهر أمام باسل الغائب عن الوعي، و أنمار التي كانت تأخذها غفوة استيقظت و تكلمت بفزع "معلمي، باسل، إن باسل..."

وضع إدريس الحكيم يده على رأسها و جعلها تهدأ ثم قال بعد التحديق في باسل بعبوس شديد "بقايا استخدام طاقة روحية ! ؟ ما الذي يحدث هنا ! ؟"

لم يفهم إدريس الحكيم لما هناك آثار لطاقة روحية متبقية على باسل، في لحظة، استجمع أفكاره و قام بوضع جميع الاحتمالات، لكنه مع ذلك لم يعلم و لم يفهم لماذا؟

حدق إدريس الحكيم في باسل بعمق و فكر لقليل من الوقت، وضع يده على ذقنه ثم جلس متقاطع القدمين أشار لأنمار بفعل المثل، عندها تحدث بادئا كلامه بجدية "أرى أن عنصر التعزيز الخاص به قد بلغ المستوى التاسع، إذا لقد شرب إكسير التعزيز مرة أخرى، يضعف الختم في كل مرة يرتفع بها في المستوى، وضع الختم على هذه الطريقة لأن جسده سيصبح أقوى في كل مستوى يرتفع به و يستطيع تحمل الطاقة الخارجية التي سيزداد حجمها مع كل مستوى يرتفع به"

"...هكذا كان يجب أن يسير الأمر، و عندما سيدخل للقسم الثاني من مستويات الربط و يكتسب القدرة على التحكم في الطاقة الخارجية، سينكسر الختم نهائيا و سيكون عليه التحكم في الطاقة الخارجية من أجل إيقافها، من المفترض أن تسير الأمور على هذا المسار، لكن شربه لإكسير التعزيز لمرتين تسبب في جعل عنصر التعزيز الآتي من الطاقة الخارجية يفوق مستوى عنصر النار مما تسبب له في جعل جسده الذي لا زال كجسد ساحر من المستوى السادس يواجه طاقة أكبر من مستواه بكثير"

في الحقيقة، جسد باسل أقوى من مستواه الفعلي، فهو دربه قبل حتى أن يصبح ساحرا، و حتى عندما أصبح ساحرا استمر في تدريبه من أجل تسهيل الأمر عليه كي لا يشعر بأي شيء من الطاقة السحرية الخارجية التي تتوغل لجسمه، و عندما شرب إكسير التعزيز، اضطر لعدم استخدامه حتى أصبح جسده مؤهلا لذلك عن طريق تدريبه بطريقة أقسى، لأنه بمجرد ما أن يستخدم عنصر التعزيز حتى تقوم الطاقة الخارجية بالدخول لبحر روحه عبر جسده. و في الأخير، أصبح جسده قادرا على استيعاب طاقة خارجية من المستوى السابع، لكن المستوى التاسع كان شيئا فوق قدر المستطاع بكثير

تحدث إدريس الحكيم بعد أن تنهد "سيجب عليه تدريب جسده مرة أخرى و الامتناع عن استخدام عنصر التعزيز مؤقتا"


سأل إدريس الحكيم أنمار عما حدث بالتفصيل ليرى إن كان بإمكانه وضع تفسير لهذا الأمر الغريب الذي يحدث لباسل

حكت أنمار لمعلمها ما حدث قبل شهرين مع ذكر كل التفاصيل، مما جعل إدريس الحكيم في حيرة أكبر، بقايا الطاقة الروحية هذه ناتجة من استخدام لها (الطاقة الروحية) من طرف باسل أثناء نهاية معركته ضد الأقدم الكبير

حاول إدريس الحكيم تفسير هذا الأمر بكونه له علاقة بـكرة الروح الهائجة، لكنه نفى هذا الاحتمال، لا يمكن لـكرة الروح الهائجة أن تتسبب في هذا، فالسبب في عدم تأثيرها على باسل هو استخدامه للطاقة الروحية، بمعنى أنه اكتسب الطاقة الروحية قبل أن يصاب بكرة الروح الهائجة

مهما و كيفما رأيت، ستجد أن باسل لا زال في مستويات الربط، لا زال لم يضع إصبعا واحدا داخل المستويات الروحية، شيء مثل هذا غير مألوف على الإطلاق، حتى بالنسبة لإدريس الحكيم نفسه

تكلمت أنمار بقلق "أيها المعلم، ماذا قصدت سابقا بـبقايا طاقة روحية؟"

وجه إدريس الحكيم نظره لأنمار و تحدث بنبرة واضحة "أيتها الصغيرة أنمار، لقد سبق و حدثتكما عن مستويات الربط و فصلت لكما ما تحتاجانه من معلومات، لكني لم أعطكما معلومات كافية عن المستويات الروحية، هذا من أجل جعلكما تركزان على الأهداف القريبة من أجل تحقيقها بشكل أسرع بدل محاولة اللحاق بأهداف بعيدة عنكما قد تكون سببا في ركود نموكما بعد بلوغها"


أماءت أنمار رأسها، بعد باسل، ليس هناك من هو أكثر ثقة بالنسبة لها من المعلم، لكن من ناحية التعليم، كان الأكثر ثقة بالنسبة لها و الأكثر حكمة بإرشاده، فلا يمكنها أن تجادله أبدا فيما يقول لها، كان يجب عليها هي و باسل الاستماع و التعلم، إن لم يتحدث معلمهما عن شيء ما، فهذا يكون من أجلهما، بالطبع كانت المستويات الروحية دائما تشغل بالهما، لكنهما لم يسألا عنها طالما معلمهما لم يبدأ الكلام حولها

و الآن، أخيرا أتى المعلم بهذا الموضوع للحديث حوله، تكلمت أنمار سائلة معلمها "ما علاقة هذا بحالة باسل الآن يا معلمي؟"

أجاب إدريس الحكيم "حسنا، مما رأيت و لازلت أفعل، فالفتى باسل قد استخدم طاقة روحية سابقا ضد ذلك الشخص الذي تحدثت عنه"

"همم؟" استغربت أنمار و سألت مرة ثانية "ألم تقل أننا لا يمكننا إدراك الطاقة الروحية إلا بعد بلوغنا المستويات الروحية؟"

تنهد إدريس الحكيم و أجاب "نعم هذا صحيح، و هذا ما حيرني طيلة هذا الوقت، حتى أنا لا زلت لم أفهم لما كان الفتى باسل قادرا على استخدام طاقة روحية، لكن هناك شيء أشك به مع أنه لم يحدث على مر الأزمان أبدا، ليس على حد علمي على الأقل"

استفسرت أنمار حول هذا الأمر، فاستأنف المعلم شرحه "قد يكون قد حان وقت معرفتكما بهذا الأمر، قبل هذا سيكون على شرح بعض الأمور أولا"

"...كما تعلمين، كل شخص يولد بنقط أصل، و من أجل البدء في رحلة المسار الروحي، سيكون عليه فتح هذه النقط، لقد حدثتكما سابقا عن هذا الأمر، كل شخص قادر على أن يصبح ساحر، سواء كانت موهبته ضعيفة أم لا، الذكاء يكون له دور فعال، و العزيمة لها نفس الأهمية، لكن مع ذلك، ليس الكل يكون باستطاعته الاختراق للمستويات الروحية"


استغربت أنمار فسألت عن السبب منتظرة جواب معلمها الذي كان كالتالي "لأنهم لا يكملون ربط نقط الأصل"

لم تفهم أنمار الأمر بعد، لكن إدريس الحكيم بدأ تفسيره بشكل مبسط أكثر "ربط نقط الأصل مختلف عن فتحها، تسمى المستويات الأربعة عشر مستويات الربط لأن خلالها يتم ربط كل نقطة أصل بالأخرى بينما يتكون حاجز روحي حولها (نقطة الأصل) و حول بحر الروح عند انتهاء الربط بالكامل. عادة، يتم ربط نقط الأصل الأربعة عشر كلها عند بلوغ قمة المستوى الرابع عشر، يتم ربط نقطة أصل الشخص الطبيعي ذو الموهبة الطبيعية بأخرى في كل مستوى يرتفع به"

"...عند بلوغه لقمة كل مستوى، يتم تشكيل حاجز روحي حول نقطة الأصل و بهذا يكون قادرا على المرور للبدء في تشكيل حاجز حول نقطة الأصل التالية، و هذا ما يسمى بـ'ربط نقط الأصل'، هذا ما يكون عليه الوضع غالبا بالنسبة لشخص طبيعي و موهبة طبيعية، لكن ليس الكل سواء، فهناك أشخاص طبيعيين بموهبة ضعيفة و آخرين بموهبة مرتفعة، لذا تجد بعض الأشخاص قد بلغوا قمة المستوى الرابع عشر و مع ذلك لم يُتِمُّوا ربط نقط الأصل، و في الجهة الأخرى، تجد أشخاصا قد أتموا ربط نقط الأصل قبل بلوغ المستوى الرابع عشر حتى"

"...هؤلاء، يعتبرون ذوي موهبة كبيرة جدا، ما ينادى عليهم بالعباقرة، فهناك من منهم قد بلغ قمة المستوى الأول فقط، و مع ذلك كان قد ربط ثلاث نقط أصل بالفعل، لأنه عندما كان قد اكتسب سحره لأول مرة، بمعنى عندما اخترق للمستوى الأول و أصبح ساحرا، استطاع ربط نقطتي أصل مرة واحدة، هؤلاء يكونون لهم شأن عظيم، فهذا يدل على موهبتهم العظيمة و المستقبل المشرق الذي ينتظرهم، غالبا ما أصبحوا شخصيات عظيمة في التاريخ. و عند إتمام الساحر لربط نقط أصله، يكتسب بحر روحه إرادة"

لم تفهم أنمار ما قصده المعلم مرة أخرى، لكنه و من دون أن يترك لها المجال لتسأل، أكمل شرحه "إرادة بحر الروح شيء يكون موجود دائما، فقط تكون مجزَّأة، و عند إنهاء ربط نقط الأصل و تشكيل الحاجز على كل واحدة منهن، يتكون الحاجز أيضا حول بحر الروح نفسه و يكتسب إرادته الخاصة، إرادته تتبع إرادة مالكه، إرادته ليست مستقلة بتاتا، لكنها متصلة مع إرادة المالك، عند اكتساب بحر الروح لهذه الإرادة، سيكون عندها قادرا على التحكم في روح الوحش الروحي التي سيستحوذ عليها الساحر من أجل الاختراق للمستويات الروحية، هذه الإرادة ستكون كالختم الروحي على إرادة الروح المستحوذ عليها، و عند الاختراق، يتحول بحر الروح ليصبح روحا كاملة مكتملة"

"انتظر من فضلك أيها المعلم، ماذا تقصد بالاستحواذ على روح وحش روحي؟" سألته أنمار مستغربة و متفاجئة


أجاب المعلم إدريس الحكيم "سأشرح لك هذا الأمر جانبا إلى باسل عندما يستيقظ"

تفاجأت أنمار و وقفت من دون أن تشعر، تكلمت بسرعة كبيرة "هل هناك وسيلة لجعله يستيقظ أيها المعلم؟"

"اهدئي أيتها الصغيرة أنمار، كل ما يحدث لباسل الآن مجرد إرهاق غير طبيعي لبحر روحه الذي استخدم طاقة روحية قبل أن يتحول لروح كاملة مكتملة، الطاقة الروحية نقية للغاية، بحر الروح الذي يستطيع التعامل مع الطاقة السحرية لا يمكنه تحمل نقاوة الطاقة الروحية و قوتها المركزة بشكل لا يوصف"

جلست أنمار مرة أخرى و هدأت كما طلب منها معلمها الذي أكمل قائلا "كل ما نحتاج لفعله الآن هو إخماد و تبديد بقايا الطاقة الروحية التي خلّفها استعمالها (الطاقة الروحية)، عندها سيهدأ بحر روحه مرة أخرى، لكن هذه العملية ستأخذ بضعة أيام من أجل إنهاءها، لذا فلتصبري لذلك الحين"

تنفست أنمار الصعداء و فرحت كثيرا، خبر سلامة باسل أكثر من كاف ليجعل مزاجها عظيما و تقفز من الفرح، إن اختفى باسل من حياتها، فلن يكون هناك سبب لعيشها، عندها سألت معلمها "آه، إذا ما سبب اكتساب باسل لطاقة روحية؟ قلت أنك تشك في أمر ما"

وقف المعلم و اقترب من باسل، حدق فيه بعمق و تحسر بداخله ثم قال " أعرف عن أشخاص اكتسب بحر روحهم إرادة قبل بلوغ قمة المستوى الرابع عشر بسبب كونهم قد أكملوا ربط نقط الأصل بالفعل، لكن هذا يكون بعد دخولهم للقسم الثاني من مستويات الربط، أسرع شخص يمكنه إتمام ربطها كلها يكون بالمستوى الثامن، لكني لم أسمع بشخص قد أكمل ربط نقط الأصل في حين لا يزال بالمستوى السادس و اكتسب بحر روحه إرادة، و ليس هذا فقط، بل و تجسدت به قليل من قوة نطاق الأرض الواسعة"

"...حالة باسل مختلفة بامتلاكه عنصر التعزيز الذي بلغ المستوى التاسع، فهو شخص غير طبيعي ذو موهبة مرتفعة، لذا أظن أنه يتفوق على الأشخاص الطبيعيين ذي الموهبة المرتفعة الذين قد أكملوا ربط نقط الأصل مع أنهم في القسم الثاني من مستويات الربط فقط، عبقري بين العباقرة، حتى أنا ليس بإمكاني تحليل بحر روحه الذي لا زال لم يتطور ليتشكل كــروح"

"...ما يمكنني الشك به هو أن إرادة بحر روحه كانت قادرة لمس الدرج الأول من المستويات الروحية و اكتساب القليل من قوتها، و ما سبب هذا كان المغامرتين اللتين خاضهما بشربه لإكسيري علاج و إكسير تعزيز، على ما أظن، بسببهما كان قادرا على ربط نقط الأصل جميعها و اكتساب بحر روحه لإرادة استطاعت بلوغ جزء من قوة من نطاق الأرض الواسعة، مع أن هذا يبقى أمر لا يمكنني فهمه على الإطلاق. سيجب على درس هذه الحالة جيدا"

تحدث إدريس الحكيم بداخله "إرادة بحر روح استطاعت استخدام طاقة روحية قبل أن تتطور لتصبح روح، كيف ستكون إذا عندما تصبح روحا كاملة مكتملة ! ؟"

جلس إدريس الحكيم بجانب باسل و وضع يده فوق جبهته، و انطلاقا من نقطة الأصل التي بها بدأ يتحكم في مجرى سيران طاقة باسل، مثل هذا الأمر لن يقدر على فعله سوى المخضرمين و الذين لهم تحكم مثالي في طاقتهم سواء السحرية كانت أم الروحية

فهو سيقوم بإدخال طاقته الروحية عبر نقط أصل باسل، و هذا سيسبب ألما كبيرا له بسبب مقاومة مسار نقط أصله و بحر روحه للطاقة الخاصة بشخص آخر، لكن سيكون عليه التحمل، فبمستوى باسل الحالي بغض النظر عن حالته، لن يكون بإمكانه إخماد و تبديد بقايا الطاقة الروحية، لذا يجب عليه ترك الأمر بيد شخص آخر و تحمل الآلام الناتجة عن ذلك

و ليس هناك من هو أفضل من إدريس الحكيم في القيام بهذا العمل، قد تكون حالة باسل هذه غريبة، لكنها لا تختلف كثيرا عن الكثير من الحالات التي رآها إدريس الحكيم طيلة حياته، هناك من فقد السيطرة حتى على طاقته الروحية، و هناك من أصيب بلعنة روحية، مر بالكثير من هذه الحالات و كان قادرا على النجاح في علاجها كلها

مجرد إخماد و تبديد لبقايا طاقة روحية أمر في غاية البساطة بالنسبة له مقارنة بما جربه من قبل

بمجرد ما أن توهجت يد إدريس الحكيم و توغلت طاقته الروحية عبر نقطة الأصل التي بالجبهة حتى اهتز جسد باسل و ارتفع ثم نزل من شدة الآلام و الصدمة التي أحس بها، هو بالفعل يمر بتجربة قاسية من التعذيب، و مع ذلك، لم يتغير تعبير وجه إدريس الحكيم و ظل هادئا كما كان و أكمل عمله في التنقية بطاقته الروحية النقية

قد يبدو من الوهلة الأولى أن علاج باسل الذي سيأخذ بضعة أيام طويلا، لكن الأمر ليس كذلك، تنقية بحر روح أو روح شخص ما، تعني التوغل بطاقتك الروحية لبحر روحه أو روحه، و أبسط خطأ يمكنه أن يزيد الحالة سوءا و يتسبب في تدمير الشخص بدل علاجه، الآن يجري إدريس الحكيم عملية التنقية حيث يقوم بإخماد كل جزيْء من الطاقة الروحية الخاصة بباسل، و بعد جعله يهدأ يقمعه بطاقته الروحية و يمحوه، و هكذا ينتقل من الجزيء للآخر

مرت ثلاثة أيام و لم يتوقف إدريس الحكيم عن عمله، أراد أن ينتهي من هذا الأمر بأسرع ما أمكنه، و كذلك أنمار التي بقيت حريصة على مشاهدة التغيرات التي تطرأ على باسل طيلة هذه المدة، و بنهاية اليوم الثالث، ذهب الشحوب الذي كان يظهر على جسم باسل كله و ليس فقط وجهه، كما وقف المعلم و تحدث "حسنا لقد انتهيت، الآن سيعود بحر روحه للاستقرار تدريجيا، طاقته الروحية هي التي ساعدته في النجاة من الطاقة الهائلة الخاصة بعنصر التعزيز، فهي تمتصها لجعلها قابلة للتحكم بالنسبة لباسل"

فرحت أنمار كثيرا و أزيل الثقل من على صدرها الذي كان يجعل تنفسها صعبا طيلة الشهرين الماضيين


تكلم إدريس الحكيم "أيتها الصغيرة أنمار، الآن بما أنك اطمأننت على صحته، ارتاحي أنت أيضا، بالنظر إليك، يمكن للشخص أن يعرف أنك لم تأخذين قسطا للراحة طيلة هذه الشهرين، لا تقلقي على الفتى باسل، سوف يكون واعيا بالغد"

استمعت أنمار لكلام معلمها و نامت بوضع رأسها فقط على السرير الذي ينام عليه باسل بينما جسدها على الكرسي، و بعد أن ارتاحت نفسيتها، لم يهم الوضعية التي كانت عليها، غطت في نومها بأريحية و بنظرة هنيئة على وجهها

رآهما إدريس الحكيم و فكر بداخله "رأيت الكثير من أنواع الحب، لكنني لم أرى في حياتي شخصا يعز أحدا آخر لهذه الدرجة، لقد كان خياري صائبا في جعلها تأخذ جانبه، غير ذلك، سيكون الفتى باسل وحيدا في مساره الروحي من دون أن يجد أي أحد ليرافقه قدما بقدم و يثق به بشكل أعمى، قد تكون لا زالت صغيرة، لكن عشقها له يستطيع تجاوز آلاف السنين و اختراق العوالم"

ابتسم ثم التف و اختفى

في الصباح التالي، أشرقت الشمس و نزلت بأشعتها على غرفة باسل، فإذا بهذا الأخير يفتح عينيه و يجلس في مكانه، عندها رأى أنمار المنهكة تماما، حدق فيها بحنان و لم يدري حتى كانت يده متوجهة نحو شعرها، عندها استيقظت أنمار فجأة مما جعله يرجع يده بسرعة

أنمار التي شاهدت باسل جالسا فاتحا عينيه، طارت من الفرح و قفزت عليه بينما تصرخ "باسل"

انقضت عليه و عانقته بشدة، احمر وجه باسل قليلا، صدرها يلامس وجهه، بينما ساقيها تلتف حول جسده، لقد أمسكته بجسدها كله مما جعل باسل لا يعرف ماذا يفعل

آآآه

صرخ باسل قليلا من الألم، فأزاحت أنمار نفسها عنه و مدت يدها عليه خائفة عليه "ما بك؟ ألا زلت تعاني؟ ألم تشفى؟"

تنهد باسل ثم تكلم بعد أن أزاح يده عن صدره الذي كان يمسكه بإحكام "لا، لا شيء، فقط بعض الآلام الجسدية، لا زال جسمي لم يتعافى كليا فقط"


بالطبع لا زال لم يفعل، فحتى الآن لا زالت الطاقة الخارجية تتوغل لجسمه بسبب إيجادها لمكان فارغ، هذا يحدث لأن القطعة الأرضية الصغيرة تقوم بامتصاص طاقة عنصر التعزيز لجعله قابلا للتحكم و لا يدمر بحر الروح، و في المقابل، تتوغل الطاقة الخارجية لتعوض الطاقة التي فقدت، و هكذا تستمر الدورة اللانهائية

تنهدت أنمار و ارتاحت، عندها سألها باسل "أين المعلم؟"

"همم؟" استغربت أنمار ثم قالت "كيف علمت عن قدومه؟"

أجاب باسل "البارحة عندما تماثلت للشفاء استطعت الشعور به، لم أكن قادرا على الاستيقاظ لكني كنت قادرا على الشعور بما حولي"

نظرت أنمار في الأرجاء و لم تجد معلمهما فاستغربت قائلة "لقد كان هنا قبل نومي، يبدو أنه ذهب مرة أخرى"

"حسنا" قالها باسل و نهض عن مكانه ثم لبس سترته و سرواله الأبيضين، ارتدى حذائه الأحمر ثم تكلم "كم مر من الوقت و أنا فاقد للوعي؟"

أجابته أنمار، فوضع باسل يديه على ذقنه "شهرين، هاه ! لقد غبت طويلا، هيا، يجب أن نذهب للقصر الإمبراطوري، لقد تنقلت عائلة كريمزون إلى هناك، أليس كذلك؟"

"نعم" أجابت أنمار و أكملت "لقد انتظرك جدي لتستيقظ طوال هذا الوقت من أجل إقامة الاجتماع، جعل حتى الإمبراطوريين ينتظران طيلة هذه المدة من أجلك"

ابتسم باسل و قال "هكذا إذا، حسنا، سأذهب لملاقاة شخص ما أولا"


"همم؟" استغربت أنمار و أرادت أن تسأل باسل، لكنها وجدته قد خرج من باب منزلهما بالفعل، بمجرد ما أن خرج باسل حتى رأى بعض الجنود المخضرمين من المستوى الخامس يقومون بحراسة منزله، و عند ظهوره انحنوا احتراما له، و في الحال، ظهر أمامه أخوا القطع 'غايرو و كاي' و 'جون' (حارس بوابة العاصمة سابقا) و ركعوا على ركبة واحدة

"سيدي، إلى أين تريد الذهاب" قالها الأخ الأكبر غايرو

أكمل الأخ الأصغر كاي وراءه "سنجهز لك عربة لتنقلك يا سيدي"

ثم تكلم جون "هناك الكثير من المراقبين كانوا ينتظرونك لتستيقظ، يجب أن يكونوا قد علموا بالأمر و ذهبوا لإعلام أسيادهم، ماذا نفعل يا سيدي؟"

وضع باسل يده على ذقنه ثم فكر بداخله "لا زلت لا أريد الالتقاء بأشخاص مزعجين الآن، أريد وقتا خاصا، حسنا"

سأل باسل "أين هي العربة؟"

أشار كاي بيده فأتت العربة مسرعة، كان يقودها خيل ملكي، الخيل الملكي كان عبارة عن وجود أشبه بالوحوش لكنه ليس منهم، مما جعله يقف في المنتصف، بين الحيوانات و الوحوش، يعتبر الخيل الملكي وجودا نادرا كثيرا، و لا يملكه سوى الملوك و كبار شخصيات هذا العالم، سرعتهم كبيرة جدا و يمكنها أن تجعل الخيل الطبيعي يظهر كالقط مقارنة به إن شبهناه بالنمر، كان الخيل الملكي يتميز بحوافره الحادة و القاسية و جسده الضخم أكثر من الخيل الطبيعي، مع الشعر الملون بسبع ألوان قوس قزح على عنقه، كان خلابا جدا، و هذا جعل قيمتهم كبيرة جدا في العالم، و لا يمكن مقارنتهم إلا مع خيل البحر الملكي، لذا لا تجد سوى الشخصيات العظيمة من تمتلكهم

ركب الأربعة العربة إضافة لأنمار التي لحقت بباسل و بأمر من هذا الأخير الذي كان كالتالي "توجه نحو الجنوب" انطلقت العربة بأقصى سرعة لها

عندها تكلم باسل "أنمار، سنستخدم عباءة الشفاف، ارتدي واحدة"

فعلت أنمار كما طلب منها باسل الذي قال قبل أن يرتدي واحدة هو الآخر "احرصوا أنتم الثلاثة على تضليل أولئك المطاردين المزعجين، نحن سنذهب، أنمار، قومي بها"


استخدمت أنمار طاقتها السحرية قبل فتح بوابة العربة ثم انطلقا

مر الكثير من الوقت على اتجاه العربة نحو الجنوب، و هذا تسبب في جعل المطاردين يشكون، انقضوا كلهم و أوقفوا العربة ثم صرخوا "سعادة 'قاتل الدم القرمزي'، نحن مبعوثي جلالته الإمبراطور شيرو، أرجوك رافقنا، جلالته بحاجة للتكلم معك"

و في الحال ظهر أشخاص آخرون و صرخوا "نحن مبعوثي جلالة الإمبراطور غلاديوس، أرجوا من فخامته 'قاتل الدم القرمزي' أن يرافقنا"

حدقت المجموعتين في بعضهما بينما الشرارات تتلاقى من أعينهما، إنها منافسة فيما بينهما لمن يستطيع إحضار باسل لسيده، لقد حرصوا على انتظار هذه اللحظة طيلة الشهرين الماضيين، لا أحد من الطرفين مستعد للتراجع، و بالتأكيد سيقنعون باسل للذهاب معهم

خرج جون من العربة ثم قال "لا يوجد سيدي هنا، انقلعوا"

"هاه؟" استغرب الجميع و صرخوا "لا تمزح معنا لقد رأيناه بكل تأكيد يدخل للعربة و لم يخرج منها أبدا، لا شك في هذا"

"نصف كلامكم صحيح" استعجب المطاردون ليكمل جون "لقد دخل سيدي لهذه العربة، لكنه خرج منها"

"هاه؟" لم يفهم أي أحد ما حدث

و في هذه الأثناء، كان باسل و أنمار متوجهان نحو المكان المقصود، في طريقهما، مرا على قادة التشكيل الذين كانوا يتدربون بقصر عائلة كريمزون السابق، لقد جعلوا من ذلك المكان كمعقل للتدرب بالكامل، قوتهم في هذه الشهريين الماضيين ارتفعت كثيرا، و عددهم ازداد عما كان عليه بكثير


التقى باسل بقادة التشكيل الذي فرحوا كثيرا برؤية سيدهم، لم يسعهم سوى أن يشعروا بالقلق عليه طيلة هذا الوقت، لكن هذا جعلهم يريدون أن يصبحوا أقوى من أجل تسهيل الأمر على سيدهم، و كذلك كان الحال مع التاجر ناصر، هذا الأخير انضم للتدريب بجانب قادة التشكيل طيلة الشهرين الماضيين من أجل رفع قوته أكثر، ما شاهدوه قبل شهرين تسبب لهم في الشعور بالعجز كثيرا، لذا قرروا تقوية أنفسهم أكثر من أجل عدم الشعور بمثل ذلك الشعور مرة أخرى

أخذ باسل عربة منهم و اتجه نحو القصر الإمبراطوري

عندها تكلمت أنمار "أنت تريد اللقاء بجدتك التي تكلم عنها جدي؟"

ابتسم باسل و قال "هذا صحيح"

تنهدت أنمار و قالت "كان بإمكانك القيام بهذا من دون اللجوء لهذه الألاعيب"

"أنت تعرفينني، وقتي الخاص، وقت راحتي، لا أريد أي إزعاج به، ملاقاة جدتي التي لم أراها في حياتي يعتبر أمرا في غاية الأهمية بالنسبة لي، تدخل طرف ثالث لا علاقة له بالأمر سيكون فعلا لا تحمد عقباه بالنسبة لفاعله"

أغمضت أنمار عينيها بأريحية، هذه طبيعة باسل دائما، سؤالها كان من دون فائدة، ففي النهاية، لقد كانت تعرف الجواب بالفعل قبل أن تطرح السؤال حتى

أمام بوابة الساحة الخارجية المحيطة بالقاعة الرئيسية للقصر الإمبراطوري، أصلحت من جديد، مع طاقة سحرية خالصة خاصة بعدة سحرة من المستوى السابع، كان ترميمها سريعا

اقتربت عربة ببطء مما جعل أحد الحارسين اللذين أمام البوابة يسرع لإيقافها، صرخ متكلما بطريقة رسمية "من أنت؟ بعد هذه المنطقة لا يحق لأي شخص الاقتراب سوى العائلة الحاكمة أو الذين لهم رخصة بالمرور

كان يقود العربة جندي من التشكيل، لذا أراد أن يتحدث، لكن صوت شخص آخر من داخل العربة قد منعه من القيام بذلك، صاحب هذا الصوت كان التاجر ناصر الذي جعله باسل يرافقهم، باسل لا يمكنه إظهار نفسه، و أنمار إن ظهرت هنا، فسيشك الكثير في احتمال وجود باسل معها، هي الفتاة التي لم تتركه و لو لثانية لوحده طيلة الشهرين الماضيين، سيكون من الغريب أن تفارق جانب باسل بعد استيقاظه من غيبوبته

نزل التاجر ناصر ببطء من العربة، و بمجرد ما أن ظهر حتى انحنى له الحارس بسرعة ثم قال "اعتذاراتي، لم أعلم أنه أنت يا سيدي" التف بسرعة و صرخ "إنه الأمير ناصر، افتحوا البوابة"

بعد أن أصبحت عائلة كريمزون العائلة الحاكمة من جديد، التاجر ناصر الذي أخذ اسمها من قبل، أخذ لقب الأمير مع عدة أراضي داخل العاصمة الكبيرة

ختم البوابة عادة يكون في حيازة أعضاء العائلة الحاكمة، لكن، يكون هناك ختم معطى لحراس البوابة، في الحرب لم يكن مثل هذا الختم الاحتياطي في حيازة الحراس من أجل الحرص على عدم فقدانه و سقوطه في يد العدو

فتحت البوابة ببطء و كذلك كان تحرك العربة التي أكملت طريقها نحو القاعة الرئيسية، هذه الأخيرة محاطة بعدة قاعات جانبية، لذا العربة اتجهت نحو الموجودة باليمين

عندما كانوا أمام البوابة، قام التاجر ناصر بالنزول شخصيا كي يبدد شكوك المراقبين كلها، لو أن الجندي الذي يقود العربة من تحدث، و حتى لو أرى الحارس رخصة المرور الخاصة بالأمير ناصر، فالمراقبين الذين ينتظرون بفارغ الصبر ظهور باسل سيشكون في هذا الأمر


و كما أراد باسل، مر كل شيء بسلاسة و هدوء

و أخيرا وصلت العربة، و مع فتح البوابة، نزل التاجر ناصر، أو هذا ما بدا للآخرين، و في الحقيقة، كان يرافق باسل و أنمار المختفيين بعباءة الشفاف

دخلوا قاعة جانبية، عندها أخيرا أزال باسل و أنمار عباءة الشفاف و ذهبا براحة أكبر، بعد مرورهم في ممر طويل، وصلوا لبوابة، بعد التعرف عليهم و إبلاغ الأمر للشخص الذي في الداخل، فتحت لهم البوابة بكل احترام

و مع فتح البوابة، حتى قفزت فتاة بالغة على أنمار بكل فرح "ابنة أخي أنمار" عانقت الأميرة 'كريمزون سكارليت' أنمار بشدة و لم تتركها لثوان عديدة، و في الجانب، ظهر الجنرال منصف الذي ابتهج برؤية باسل، لقد ارتعبت قلوبهم كثيرا، ظنوا أن باسل سيموت، فهم لم يروا مثل حالته من قبل أبدا، جميع الأطباء المشهورين، حتى الأطباء السحرة لم يستطيعوا فهم حالته أو علاجها، و حالة يائسة، قامت أنمار بإحضار العالم الجنون الذي أمسكه باسل سابقا و أمرته بفعل شيء ما

لكن هو أيضا لم يعرف ما الذي يجب عليه فعله بالضبط، لم يرد أن يخاطر بالإقدام على فعل قد يكون سببا في موته عندما يفشل

في الحقيقة، عندما كانت أنمار تنصت لمعلمها عن حالة باسل و عرفت السبب، تفاجأت كثيرا، فذلك العالم الجنون قد أعطى شرحا قريبا لذلك مع أنه كان مبهم، هو لم يعرف عن الطاقة الروحية، لكنه فهم أن السبب هو طاقة غريبة تجعل باسل يعاني هكذا، حتى أن عينيه أظهرت إشراقا غريبا يبعث القشعريرة في الجسم عندما شاهد حالة باسل، من يعلم؟ ربما إن لم تكن أنمار هناك أو كان المريض شخصا آخر غير باسل، لا أحد سيكون قادرا على الجزم بقدرة ذلك العالم المجنون على منع فضوله

لكنه قمع فضوله بسبب النظرة القاتلة التي أتت بعدما صنع نظرته المشرقة، تلك النظرة جعلته يفكر ألف مرة في الفكرة التي أتته بعقله و يحذفها بعد ذلك

بعدما شبعت الأميرة كريمزون سكارليت من أنمار، قفزت على باسل و عانقته مع ظهور بعض الدموع قليلا على عينيها ثم تحدثت "لم يرد أي شخص إخبارنا عن حالك، لكن حرصهم هذا كان دليلا فقط على الحالة التي كنت بها، حمدا على سلامتك"

باسل الذي تفاجأ بسبب قفزها عليه، هدأ و حدق فيها بحنان ثم قال "لم يكن هناك شيء لتقلقين عليه، لذا لم يخبرك الآخرون، أنا بخير كما ترين أيتها الأميرة"

أزاحت الأميرة سكارليت نفسها عن باسل و تقدم الجنرال منصف بينما يقول "عودتك شيء عظيم، لقد انتظرناك بفارغ الصبر أيها السيد الصغير"


ابستم باسل فقط من دون الإجابة، جلسوا جميعهم في غرفة حول طاولة واحدة و تكموا لبعض الوقت كعائلة واحدة، التاجر ناصر أيضا انضم لهم في الحديث، بعد التعرف عليه من طرف الأميرة سكارليت و أمها، تقبلوه بكل سرور مما جعله في قمة السعادة، تحدث الجنرال منصف "إذا ما الذي جاء بك إلى هنا؟ ظننت أنك ستتوجه للقاعة الرئيسية أولا"

حدق باسل في الجنرال منصف و شرب الشاي ببطء ثم قال بهدوء "أريد لقاء جدتي"

تكلمت الأميرة سكارليت فجأة "أوه ! هذا جيد، إنها معزومة عندنا بالغداء، يمكنك انتظارها لذلك الحين"

لا زالت الظهيرة بعيدة قليلا، لذا اقترحت الأميرة سكارليت على باسل و أنمار الخروج للفناء و التمتع بنسيم الصباح الهادئ

في طريقهم، أتى صبي صغير عمره حوالي الخامسة مسرعا نحوهم و تعلق بقدم أنمار ثم تكلم "أختي الكبرى أنمار"

ربتت أنمار على رأسه ثم انحنت قليلا لتصبح في نفس مستوى طوله و قالت "أوه، كيف حالك أيها الملك الصغير"

كانت أنمار تعامله بشكل جيد، فبعد كل شيء، ذلك الفتى يعتبر ابن عمتها، أنمار تعز باسل بشكل كبير، بعده تأتي عائلتها، لا تهتم بأي شيء آخر في هذا العالم غير هذين الاثنين فقط

حدق به باسل، فبادله الطفل الصغير التحديق، حاول باسل التكلم معه "أوه، ما اسم الملك الصغير؟"

حملق الطفل الصغير به بعدائية نوعا ما، ثم أدار رأسه منزعجا من باسل كما لو أنه فعل شيئا سيئا بحقه


لم يفهم باسل ما يحدث، لكن الطفل الصغير تحدث "أختى الكبرى أنمار ستتزوج 'كارماين'، أليس كذلك؟" و بعد أن قالها حدق في باسل ثم أدار رأسه منزعجا مع صوت "همم"

يبدو أن الشقي الصغير لا يطيق باسل، لكن السبب واضح على ما يبدو، ربتت أنمار على رأسه و ابتسمت ثم قالت "كارماين، أختك الكبرى ستتزوج من أخيك الأكبر باسل، لكنك ستبقى أخي الصغير للأبد"

عبس 'كارماين' و حدق في باسل، هذا الأخير لم يستطع منع نفسه حتى صنع ابتسامة خبيثة في وجه الفتى الصغير، كانت ابتسامة تعلن فوزه، مما جعل كارماين الصغير يدمع و يضرب باسل بقدمه التي تألمت بدل أن تسبب الألم لباسل، أحس كارماين الصغير بالهزيمة فغادر مسرعا بينما يقول "أختى الكبرى أنمار الخائنة"

ضحك الجنرال منصف و البقية على هذا الأمر و أكملوا طريقهم بعدها، لكن أنمار بقيت متجمدة في وضعيتها من دون أن تتحرك مما جعل باسل يستغرب و يناديها، لكنها قامت من مكانها و تبعتهم بهدوء شديد كما لو أنها أصبحت في عالم آخر، لم يفهم باسل ما الذي حدث لها و أكمل طريقه فقط

في هذه الأثناء بالقاعة الرئيسية

"أوه، لقد أتى حليفنا باسل، هذا جيد، فلنذهب لرؤيته" تحدث الكبير أكاغي بعدما سمع الخبر من التاجر ناصر الذي أتى ليبلغه بالأمر

"لا" تكلم التاجر ناصر "في الحقيقة، لقد أخبرني السيد الصغير أنه سيأتي بنفسه إليك، أنت لست بحاجة للذهاب عنده، تحركك هذا سيتسبب في شك بعض المراقبين، إنه يريد تمضية هذا اليوم بهدوء"

أحبِط الكبير أكاغي قليلا، لكنه يريد تلبية طلب باسل، لذا مكث في مكانه منتظرا قدوم باسل فقط

و في القاعات الجانبية باليسار، هناك كان يمكث الإمبراطورين، كل واحد منهما أخذ قاعة كمبيت له مؤقتا

في جهة الإمبراطور شيرو


تحدث الإمبراطور شيرو عبر خاتم التخاطر (فلتجدوه بسرعة، لا أريد سماع أي خبر آخر منكم غير إحضاركم إياه، مما رأيت في تلك الحرب، ذلك الفتى هو ركيزة هذه الإمبراطورية، كسبه يعني كسب تلك الإكسيرات و الأدوات، مع معرفة كيفية بلوغ تلك المستويات الخارقة"

بعد انتهاءه اقتربت منه فتاة بيضاء، شعرا و عينا و جسدا، كما لو أنها منحوتة ثلجية تتحرك على قدميها، جمالها يجعل أي رجل يراها يسقط في غرامها، بدت كما لو أنها أميرة الثلج من الأساطير، فقط برؤيتها تجعلك تريد الموت من أجلها و تجعل روحك تخضع لها

تحدثت بصوت هادئ جدا "أبي، هل سيأتي 'قاتل الدم القرمزي' الذي تحدثت عنه؟"

حدق فيها أبوها و طرأت فكرة في باله جعلته يطرح سؤالا على ابنته "ماذا هناك؟ هل لديك اهتمام به يا شيرايوكي؟"

ضيقت الأميرة شيرايوكي عينيها و جعلتهما نصف مغمضتين ثم قالت بهدوء كبير "أنا فقط أريد أن أعلم، عندها سأحرص على عدم التواجد في حضوره"

استغرب الإمبراطور شيرو فسأل "لماذا؟ إنه البطل الذي أرجع عائلة كريمزون لحكمها"

لم تتغير تعابير الأميرة شيرايوكي و قالت "بطل؟ لقبه فقط يعطيك الخبر، أليس مجرد قاتل متعطش للدماء، شخص مثله قام بذبح عائلة كلها، كيف له أن يكون بطل؟"

تنهد الإمبراطور شيرو و قال "ابنتي الصغيرة، لقد كان في وسط حرب، إن لم يَقتل سيُقتل، ماذا تتوقعين؟"

التفت الأميرة شيرايوكي و تكلمت "أنا لا أهتم في الدوافع، قتل الناس كالحشرات شيء لا أطيقه فقط، لا يهمني إن ناداه الناس ببطل أو مجدوه كمنقذهم، في النهاية سيبقى مجرد قاتل بارد الدم بالنسبة لي، هناك الكثير يشبهونه في هذا العالم، من يبررون قتلهم بالعدالة، كلهم سيان بالنسبة لي، مجرد قتلة تحت قناع منقوش عليه اسم بطل"


تنهد الإمبراطور شيرو مرة أخرى ثم تكلم بداخله "شخصيتها هذه جعلت من الصعب قبولها بخطوبة أي شخص تقدم إليها، و أنا الذي كنت أظن أنني سأجعلها سببا في كسبنا لذلك الفتى"

بجهة الإمبراطور غلاديوس

"يبدو أن الفتى لا يريد مقابلة أي أحد حاليا، لكن في النهاية سيظهر نفسه لعائلة كريمزون، ضعوا أعينكم بحرص شديد هناك، محادثة صغيرة مع ذلك الفتى ستكون بمثابة كنز لا يضاهى، و مبارزة معه ستكون أكثر قيمة"

أمرهم الإمبراطور غلاديوس، فأجاب الجنرالين الراكعين على ركبة واحدة باحترام كبير "سمعا و طاعة"

مر الوقت، و ارتفعت الشمس فوق رؤوسهم، مما أعلن عن اقتراب موعد مجيء جدة باسل، هذا الأخير بدأ قلبه يتسارع قليلا، لا يعرف كيف عليه أن يواجه جدته هذه، و بينما يفكر في هذا الأمر، حتى تكلم صوت من بعيد مناديا باسمه "باسل"

لم يعرف باسل لمن هذا الصوت، كان لأول مرة يسمعه، لكن الصدى الناتج عن الصوت الذي ناداه تردد في قلبه مرارا و تكرارا، و أحس بشعور حنين جميل، أحس كما لو أن أمه قد نادته، صوت جديد على المسامع، مألوف للقلب، وقف باسل في مكانه بسرعة و تكلم "جدتي ! "

لم يلحظ باسل حتى وجد نفسه بذراعي تلك المرأة التي ظهرت، شعر بجسده يهتز، أحس بدفء لا يوصف في تلك اللحظة، لأول مرة في حياته، أحس باسل بدفء العائلة من شخص آخر غير أمه

حدقت به جدته التي لم تكن كبيرة كثيرا نظرا لعمرها، نظرت لوجه باسل من جميع الزوايا فدمعت عينيها ثم قالت "إنك تشبه أباك جاسر تماما" ثم عانقته من جديد

أحس باسل برجليه تفشلان، إنه يملك صلة ددمم أخرى، لقد استسلم عن هذا الأمر، في الحقيقة، كان قد اقتنع كليا أن أمه لوحدها كافية له كشخص يرتبط به بالدم، لكن بعد ملاقاته لجدته، علم عندها دفءً آخر مختلف عن الذي يستشعره من أمه

و من دون أن يدري حتى انسلت دمعة من جفنه جاعلة إياه يدرك أنه في الحقيقة لطالما تمنى في أعماق قلبه الالتقاء بشخص آخر يرتبط به بالدم

بادل باسل العناق مع جدته، فحدق بهما الجنرال منصف و أنمار بتعجب، و كذلك كان حال الأميرة سكارليت، لكن تعجبها هذا لم يطل حتى تحول لدموع متأثرة من لم الشمل هذا، أمّ الأميرة سكارليت و زوجة الكبير أكاغي التي رافقت جدة باسل كل الطريق إلى هنا، لم تستطع هي أيضا منع دموعها من النزول بغزارة

امرأة فقدت زوجا تاركا إياها مع ابن وحيد و والديها العجوزين، في يوم من الأيام اختفى الابن، و بعدها مات والديها الطاعنين في السن، انتظرت ابنها آملة رجوعه يوما ما، مرت سنين و لا زال لم يعد، حتى أتاها خبر موته، لكن الخبر الجيد المصاحب للخبر السيء كان الشيء الوحيد الذي جعلها لا تفقد إرادتها في الحياة

خبر موت ابنها قد حطم آمالها، لكن خبر وجود حفيد من ابنها الميت جعل تلك الآمال تُنعش من جديد، و الآن، التقى الحفيد و الجدة، الاثنين معا كانا يشعران بسعادة غامرة، و أحس كل واحد منهما بالقرب الشديد من الطرف الآخر

*****

في سلسلة جبلية امتدت لآلاف الأميال و اتخذت شكل حلزونيا، ظهر هناك إدريس الحكيم، كان يقف بالسماء في مركز هذه السلسلة الجبلية التي تعتبر كلها منطقة محظورة

حدق بالأسفل و تكلم "حسنا، هذا المكان مناسب، سيكون جيدا لتدريب الفتى باسل القادم، و الآن، فلنبني بعض المصفوفات الروحية"

نزل إدريس الحكيم من السماء، و بمجرد ما أن اقترب من الأرض حتى ظهرت الآلاف من الوحوش السحرية مرة واحدة، كانت تشمل ثلاث أنواع مختلفة

حدق إدريس الحكيم بها و تمتم "كما توقعت، لقد تطورت الوحوش السحرية أيضا، اقتراب شخص ما من اختراق المستويات الروحية يجعل هذا العالم قريبا من التحول من عالم سحري لعالم روحي"

كانت الوحوش تمتلك نية قتل مخيفة تجاه إدريس الحكيم، بدت كما لو أنهت اجتمعت لتصد المحتل و تقتله أو تخرجه من منطقتها

حصان مخالب الظلام ، الأسد الشيطاني، الكوبرا المجنحة، كلها وحوش يعلم عنها إدريس الحكيم جيدا، قبل سنين قليلة، لم تكن قوية كالآن، حصان المخالب الظلام الذي ازدادت هالته و حجمه أيضا، بدا كما لو أنه يتعرض لتغير تطوري، و كذلك الحال مع النوعين الآخرين

لم تكن هذه الوحوش تفوق حتى المستوى الخامس بالعالم الواهن، لكن إدريس الحكيم لاحظ هذا التغير الكبير في قوتها مؤخرا، هذه الوحوش ازدادت قوتها بكثير عما سبق و اخترقت للقسم الثاني من مستويات الاكتساب

مستويات الوحوش تختلف قليلا عن مستويات السحرة، فالوحوش يملكون حجر الأصل، بينما السحرة يملكون نقط الأصل

و الآن بعدما كانت هذه الوحوش في المستوى الخامس فقط، أصبحت الآن في المستوى التاسع و العاشر، تطورها هذا سريع للغاية، فكر إدريس الحكيم لقليل من الوقت

لابد من أن السبب يعود لاختراق أحدهم من العالم الواهن للقسم الثاني من مستويات الربط قبل فترة طويلة، و إلا لن تتطور هذه الوحوش لهذه الدرجة أيضا

أحاطت الوحوش السحرية بإدريس الحكيم من كل الجهات و هاجمته مرة واحدة، أحصنة مخالب الظلام استخدمت سحر الظلام و أحاطت به مخالبها و قرونها الأمامية ثم انقضت على إدريس الحكيم، و كذلك فعلت الأسود الشيطانية التي توهجت قرونها الرقيقة و ذيلها الثعباني ثم التهبت أجسادها، و أخيرا حلقت أفاعي الكوبرا المجنحة و رفرفت بأجنحتها مطلقة ريشها الغير منتهي و القاسي و المدعم بسحر الماء بحيث يمكنه اختراق الدروع السحرية الأقل منه مستوى من الهجمة الأولى

كلها انقضت على إدريس الحكيم مرة واحدة


وقف إدريس الحكيم مغلقا عينيه بثبات من دون تحرك، و في لحظة

ووووووش

فتح عينيه مطلقا نية قتل مرعبة جعلت كل الوحوش السحرية تتجمد في مكانها من الخوف و لم تستطع التحرك أبدا حتى خرجت كلمة واحدة من إدريس الحكيم "انصرفي"

وووش ووووش وووش

هربت الوحوش كلها في جميع الاتجاهات من شدة الفزع، نية القتل التي أخرجها إدريس الحكيم لوحدها كانت كافية لجعلها تقطع مئات الأميال مبتعدة عن مكانه، و في لحظات، كل الوحوش المحيطة بالمنطقة هرعت هاربة

أصبح المحيط المقدر بحوالي ألف ميل كله خال من أي وحش سحري تماما

حدق إدريس الحكيم في المكان بعناية ثم أغمض عينيه بعد التوقف في مكان محدد و جلس في الهواء متقاطع القدمين ثم صفق بيديه، فإذا بثلاث كرات بحجم رأس الإنسان ظهرت فوق رأسه بينما تحمل معها قوانين ملكية و تجعل الهواء ثقيلا بتحركها الدائري السريع، التفت حول الكرات حروف رونية تغيرت من دون توقف و بشكل لانهائي

و بينما تحيط به تلك الكرات ذات الهالة الملكية بينما يحلق في السماء، رفع يده اليمنى و ترك اليسرى في نفس الوضعية التي اتخذتها من التصفيق ثم أنزل اليمنى مرة أخرى فرسم خطّا روحيا على الأرض، و بعد ذلك استمر في فعل نفس الأمر مرارا و تكرارا و باتجاهات مختلفة مكونا نقوشا روحية بادئا عمله في بناء المصفوفات الروحية

*****

في هذه الأثناء، انفرد باسل بجدته في غرفة بمنزل الجنرال منصف و زوجته الأميرة سكارليت. تحدثوا حول الكثير من الأمور، و تمحور غالبها على باسل و أبيه جاسر

أحس باسل بالقرب من جدته 'رقية'، و أمضى بقية النهار معها، بعد أكلهما للغذاء، ذهبا للتحرك قليلا بينما يكملان حديثهما

"أوه، إذا ماذا حدث بعد ذلك؟" سأل باسل


أجابت جدته رقية "هوهوهو، هذا يثير اهتمامك إذا"

حك باسل رأسه ثم قال بابتسامة "حسنا، هذا صحيح، فهذه أول مرة أسمع فيها كلاما كثيرا عن أبي هكذا، لم يكن بإمكاني تذكير أمي بهذا الأمر، لذا دائما ما تحاشيته"

حدقت رقية في حفيدها بحنان ثم أجابت "أقيمت مبارزة بينهما لتحديد الأقوى"

"هاهاها، هكذا إذا، من فاز بالأخير؟ العم أكاي أم أبي؟"

"هذا..." قالتها الجدة فأوقفها هرع جندي ما بينما يصرخ "سيدي، سيدي"

حملق به باسل و تكلم بنبرة حادة "ما الذي تريده؟ ألا ترى أنني مشغول؟"

"أرجوا المعذرة" نزل الجندي على ركبة واحدة و تكلم بينما يلهث "مبعوثين من الإمبراطورين شيرو و غلاديوس قد أتوا و لا يريدون المغادرة إلا بعد اللقاء بك، يبدو أنهم متأكدين من وجودك هنا، و الآن الجنرال منصف يوقفهم بينما يزداد الموقف سوءا مع مرور الوقت بما أن الجنرال منصف يخبرهم بالذهاب و هم لا يريدون"

ضاقت عيني باسل فقلقت جدته، تكلم مع الجندي "أين الموقع؟"

أخبره الجندي فالتف باسل لجدته ثم ابتسم لها و قال "يبدو أن كلامنا سيتأجل لبعض الوقت، آسف يا جدتي، سأحاول الاعتناء بهذا الأمر بسرعة و أعود لنكمل حديثنا" و بعدما انتهى قبل رأس جدته ثم ذهب

أمام البوابة الخلفية لمنزل الجنرال منصف، كان هذا الأخير يحملق في أشخاص يرتدون زيا غريبا أسودا ملتصقا على أجسادهم و يلفون حول رؤوسهم ضمادات سوداء و بدوا كالمومياء، هؤلاء كانوا الذين على اليمين، أما الذين باليسار، فكانوا يرتدون قمصانا بيضاء تصل لأسفل الركبة مع سراويل بنفس اللون، و هم كذلك كانوا يخفون وجوههم بأقنعة اتخذت شكل النمر

تكلم الجنرال منصف بغضب "سأكرر كلامي لمرة أخيرة، إن لم تنصتوا، سأستخدم العنف عندها. السيد الصغير باسل مشغول حاليا و لا يمكنه المجيء، انقلعوا"

حدق السود و البيض بالجنرال منصف و لم يتكلموا، كان الجنرال منصف شخصا عاقلا و لم يرد إحداث ضجة لا فائدة منها، هؤلاء مبعوثين من الإمبراطورين نفسهما، رفضهما فقط يمكن تسميته بالفعل الشائن تجاه الإمبراطورين، لذا لم يرد استخدام العنف، عندها سيكون يتحدى الإمبراطورين بفعله هذا، هذا الوقت مهم لهم و يجب عليهم الاتحاد فيما بينهم


حاول الجنرال منصف تهديدهم، لكنه لم ينجح، يبدو أنهم يعرفون ما يفعلون بالضبط

عبس الجنرال منصف من الموقف الذي أصبح فيه، عندها، تكلم صوت مألوف على مسامعه "أيها العم منصف، أحيانا سيكون عليك ألا تفكر في العواقب كثيرا، فعادة تكون مجرد وهم ينشأ من تجاربك السابقة"

حدق الجميع في الفتى القادم، و بمجرد ما أن شاهده السود و البيض حتى أدركوا هويته عبر الوصف الذي تلقوه ثم قالوا "قاتل الدم القرمزي"

تكلم الجنرال منصف بينما يحدق في باسل الذي يقترب "ما الذي تقصده يا سيدي الصغير؟"

ضيق باسل عينيه ثم قال "هذا ما أقصده"

وووش

بووم


اختفى باسل في لحظة و ظهر أمام الشخص الأمامي من السود و الذي بدا كقائدهم و لكمه على بطنه مسقطا إياه على الأرض مغميا عليه بينما تخرج الدماء من فمه

تفاجأ الجميع، لكنهم لم يدروا ما حدث حتى كان باسل قد اختفى من مكانه السابق و ظهر أمام قائد البِيض و لكمه جاعلا حالته مثل قائد السود

فتح الكل فمه من شدة الصدمة، تكلم واحد من السود "هل تعلم ما الذي تفعله؟"

أكمل بعده واحد من البيض "ستكون هناك عواقب وخيمة لما فعلته"

حدق فيهما باسل مما جعل جسدهما يقشعر ثم قال "عواقب وخيمة؟ ما هي يا ترى؟"


"هذا..." لم يكن أحد قادر على إجابته

تكلم باسل بنبرة حادة "سأقول شيئا واحدا لكم و بلغوه لمن أرسلكم، 'أنا مشغول حاليا، عندما يصبح لدي وقت فراغ، سأفكر في منح القليل منه لك'، و الآن انقلعوا"

"أيُّه..." حاول واحد من السود الصراخ لكنه توقف بعدما وضع شخص يرتدي درعا فضيا يده على كتفه، ثم تمتم باسم من أوقفه "الجنرال أصيل ! " كان هذا الشخص واحد من الجنرالين اللذين كانا مع الإمبراطور غلاديوس

تكلم الجنرال أصيل بهدوء "آسف على الإزعاج، لكن ألا تظن أنك تماديت في الأمر قليلا؟"

حملق به باسل و أجاب "لا"

تنهد الجنرال أصيل ثم قال "متى سيكون بإمكانك لقاء سيدي؟"

أجاب باسل "عندما أقرر أنا ذلك، أنا أتذكر ديني تجاه الإمبراطورين شيرو و غلاديوس، هذا هو الشيء الوحيد الذي يمنعني من التمادي في الأمر، لذا سأريد منكم التوقف عن إزعاجكم هذا في المقابل، غير ذلك، سأتمادى عندها"

"هكذا إذا" تكلم الجنرال أصيل ثم التف و قال "سننتظرك إذا بفارغ الصبر"

غادر فتبعه السود أيضا بعد حملهم لقائدهم

حدق باسل في البيض ثم سألهم "ما هي خطوتكم القادمة؟"

بلع البيض ريقهم ثم حملوا قائدهم و قال واحدا منهم "نحن متأسفين على الإزعاج، سنبلغ رسالتك لسيدنا"

سارَعوا في الذهاب أيضا، فتنهد الجنرال منصف و قال "أخيرا ذهبوا" ثم أكمل سائلا باسل "سيدي الصغير، متى تنوي الذهاب للقائهم؟"


أجاب باسل "لا زالت لدي بعض الأعمال الغير مكتملة يجب علي إنهاؤها، بعدما أقضي بعض الوقت مع جدتي، سأذهب للسجن المركزي لاستجواب شاهين و تلك العاهرة"

"هكذا إذا" فهم الجنرال منصف ما تحدث عنه باسل، هذا الأخير سيستجوب شاهين بخصوص حلف ظل الشيطان، يجب عليه استخراج بعض المعلومات منه، فحتى الآن، بعد كل التعذيب الذي مر منه بالسجن المركزي، لا زال شاهين لم يفصح عن أي معلومة، و لم يقل أي حرف واحد، لكن في المقابل، لا زال لم يعرف حتى الآن لم يحتاج باسل لـغرين شارلوت

عرف باسل الأحداث التي مرت خلال غيابه عن الوعي من أنمار أثناء طريقهم إلى هنا، و أول ما سأل عنه كان شاهين و غرين شارلوت، فهذان يعتبران وسيلة مهمة له لقضاء بعض الأعمال

علم أيضا عن التغيرات التي حدثت برجوع عائلة كريمزون للحكم، و كما وعد الكبير أكاغي، أصبح كل شخص بإمكانه تلقيب نفسه، مما جعل النبلاء يثورون كثيرا و يزعجونه، لكن الكبير أكاغي تجاهلهم فقط حتى الآن، و لا زال لم يقم بالاعتناء بهذا الأمر، و خلال هذين الشهرين، بدأت تظهر بعض العلامات على عدم رضى بعض العائلات بالوضع الذي أصبحت عليه الإمبراطورية

أصبح أبناؤهم يدرسون في أكاديمية السحر مع القرويين و الناس العامة من دون التفرقة بينهم أبدا، أصبح كل شخص يمكنه أن يتلقى الدروس من نفس معلمي التلاميذ من العائلات النبيلة، مثل هذا الأمر لم يكن له سابق في التاريخ، حتى أثناء حكم عائلة كريمزون سابقا لم يكن مثل هذا الأمر موجودا

اعتزاز النبلاء بأنفسهم و معاملة الطبقى السفلى من المجتمع كالحشرات كان شيئا طبيعيا في هذا العالم، و بما أنه الشيء الطبيعي، محاولة تغييره ستجعل الكثير لا يقبل ذلك، مما سيتسبب في ثورة كبيرة

تكلم باسل مع الجنرال منصف "غدا سأتكلم مع الكبير أكاغي حول وضع الإمبراطورية الحالي، يجب عليه معالجة هذا الأمر بسرعة من أجل التركيز على حلف ظل الشيطان"

أماء الجنرال منصف رأسه ثم ذهب نحو الفناء الذي تجلس به زوجته و أمها، و أنمار و الصغير كارماين. كما اتجه باسل نحو مكان جدته بينما يفكر في شيء ما "قاتل الدم القرمزي ! ؟"

قضى باسل بقية اليوم مع جدته بعد العودة إليها، و بحلول صباح اليوم الجديد، تلقى رسالة عبر خاتم التخاطر من معلمه بعد استيقاظه من النوم بقليل

(كيف تشعر أيها الفتى باسل؟) سأله المعلم

أجاب باسل (لا زال جسدي متضرر قليلا، لكن يبدو أن قدرة شفائي أصبحت تسبق الضرر الذي يحدث لي، جسدي تطور قليلا ليتحمل الطاقة الخارجية)

(معك حق) أكمل المعلم (أنا حاليا مشغول ببناء شيء ما سيكون محور تدريبك القادم، انتهائي سيكون في بضعة أسابيع، حينها سيكون عليك القدوم إلى هنا)

استغرب باسل فسأل (أين أنت الآن أيها المعلم؟)

أجاب المعلم (إنني في السلاسل الجبلية الحلزونية)

تفاجأ باسل قليلا، بعد قارة الأصل و النهاية، يأتي 'أرخبيل البحر العميق' كثاني أكبر منطقة محظورة، ثم تأتي السلاسل الجبلية الحلزونية في المرتبة الثالثة، ليس هناك شخص لا يعرف هذه الأماكن


انقسم هذا العالم لثلاث قارات و آلاف الجزر، فقط 'أرخبيل البحر العميق' يمكن اعتباره قارة ضئيلة في حد ذاته. هناك ثاني أكبر قارة و التي بها إمبراطوريتي 'الشعلة القرمزية' و 'الأمواج الهائجة'، و هناك القارة الأصغر التي سيطرت عليها إمبراطورية 'الرياح العاتية' صاحبة أكبر تعداد سكاني في العالم، مع أنها فقدت ربع سكانها في الدمار الشامل، إلى أنها لا تزال تحتوي على أكبر عدد من البشر، بما أنها في قارة منعزلة عن الإمبراطوريتين الأخريين، جعلها تكون بعيدة عن الحروب الطويلة التي تكون سببا في تقليل عدد البشر، و هناك أكبر قارة، قارة الأصل و النهاية، إنها كعالم منفصل خاص بالوحوش السحرية

(حسنا) أكمل باسل (لكن أيها المعلم، هناك بعض الأعمال التي يجب علي إنهاءها أولا)

لم يجب المعلم حالا، لكنه فعل بعد فترة قصيرة (لا بأس بهذا، لكن مهما كانت هذه الأعمال، يجب أن تنهيها بسرعة، بعدها سيكون عليك المجيء إلى هنا، لقد ذهبت إلى قارة الأصل و النهاية و وجدت شيئا مثيرا للاهتمام، و حدسي يقول أنه سيكون مفيدا لك كثيرا)

تفاجأ باسل، هناك شيء في هذا العالم يمكن لمعلمه أن يقول عنه مثير للاهتمام ! عندما وجد باسل مطرقة بنقوش أثرية في حوزة غرين كانديد و إكسيرات بحوزة أختيه خلال الحرب، فكر في زيارة قارة الأصل و النهاية، العالم الواهن الذي لم يكتسب المعرفة و لا القوة، كانت قارة الأصل و النهاية التي هي جزء منه تحتوي على أسلحة بنقوش أثرية و إكسيرات ! مما يعني أنها قد حصلت على زيارات من أشخاص من عالم آخر من قبل

فكر باسل في احتمال وجود أسلحة روحية أيضا، بما أن هناك أشخاص في مستويات الربط قد سبق لهم و أن أتوا لهذا العالم، فلا شك أن هناك أشخاص بالمستويات الروحية قد أتوا أيضا، و على ما يبدو، فإنهم قد ذهبوا لقارة الأصل و النهاية من دون الاهتمام في بقية العالم، فلو أنهم ظهروا في هذا العالم و رأوهم الناس و لو قليلا، لكان العالم الواهن قد اكتسب القليل من معرفتهم

لكن، السؤال يبقى هو 'ما سبب قدومهم إلى العالم الواهن؟' أو بالأحرى، 'ما سبب قدومهم إلى قارة الأصل و النهاية؟' دارت العديد من الأفكار في ذهن باسل قبل أن يستنتج شيئا

"هل يمكن أنه شيء مرتبط بالشيء الذي أثار اهتمام المعلم الذي تحدث عنه؟ شيء أثار اهتمام المعلم، لن يكون غريبا أن يثير اهتمام سحرة و سحرة روحيين آخرين"

أكمل باسل كلامه مع المعلم (معلمي، في الحقيقة لقد كان بعض الأشخاص من عائلة غرين في الحرب يملكون سلاحا بنقوش أثرية و الإكسيرات أيضا و التي لا أزال لم أنشرها بعد في العالم، و على حسب كلامهم، فهم قد اكتسبوها من قارة الأصل و النهاية)


(هوه، هكذا إذا) بعد كلام باسل، بدا على إدريس الحكيم كما لو أنه قد ربط عدة نقط مكونا شكلا واضحا في عقله، أكمل (لم أهتم بأي شيء آخر عدا شيء واحد في تلك القارة، لذا لم أبحث في أمرها كثيرا، لكن بالنظر لكلامك، فهذا يعني أن هناك أشخاصا ليسوا من هذا العالم قد أتوا إلى قارة الأصل و النهاية، مما يشير لشيء واحد، لقد تتبعوا آثار الشيء الذي أثار اهتمامي، لكن 'لم سحرة من مستويات الربط فقط كانوا قادرين على الدخول لهذا العالم؟' يبقى أمرا غامضا)

"كما توقعت" قالها باسل بداخله ثم قال لمعلمه (أيها المعلم، هناك شيء مثير للاهتمام أكثر. لقد وجدت مخطوطات روحية بقاعة الكنز في القصر الإمبراطوري، إنها ثلاث)

(ماذا ! ؟) حتى إدريس الحكيم نفسه قد تفاجأ، فكر لقليل من الوقت، بالطبع لا يمكن لسحرة من مستويات الربط أن يأتوا لهذا العالم، لكن الأمر مختلف إن كانوا يرافقون ساحرا روحيا، لابد من أنهم كانوا جنودا أو تلاميذ ذلك الساحر الروحي

لا يزال إدريس الحكيم لا يعلم ما مستوى هذا الساحر الروحي الذي أتى إلى قارة الأصل و النهاية متتبعا ذلك العالم الثانوي، لكن النية التي تحكم هذا الأخير منعت إدريس الحكيم من الدخول عبر استخدامها للقوة الغاشمة. حتى بالحكمة السيادية، كان إدريس الحكيم سيأخذ وقتا طويلا جدا في فك أنماط النقوش الروحية من أجل الدخول لذلك العالم، لكن تلك النية لن تسمح له بهذا

لم يكن إدريس الحكيم يعلم عن وجود هذا العالم الثانوي هنا، لا يمكن لأي ساحر روحي أن يأتي لمثل هذا العالم الواهن الذي يعتبر أضعف عالم على الإطلاق، لا توجد به أي أسلحة ملكية أو كنوز سيادية، لكن في الحقيقة هناك ساحر روحي قد فعل، لا، قد يكونون سحرة روحيون، مما يشير لوجود كنز خيالي جعل سحرة روحيين يأتون إلى هنا متتبعين أثره، مثل هذه الأفكار تركت إدريس الحكيم يفكر عميقا في ذلك العالم الثانوي

تكلم إدريس الحكيم محدثا باسل بجدية (أيها الفتى باسل، أسرع في إنهاء أعمالك، أنا لا يمكنني ترك ما بيدي الآن، لكن عندما أنتهي، سآتي لأعود بك إلى هنا، سيكون عليك تعلم الكثير من الأشياء، أما تلك المخطوطات الروحية، فسوف أنظر في أمرها بعد لقاءنا)

(حاضر) لم يزد باسل كلمة أخرى عنها، من نبرة معلمه، لابد و أن الأمر في غاية الأهمية، يجب عليه إنهاء أعماله بسرعة

قال المعلم (درب في الوقت الحالي جسدك، يجب أن تجعله يصل للمستوى المطلوب ليستطيع تحمل المستوى التاسع من عنصر التعزيز لتستخدمه بحرية، لا يجب عليك استخدام عنصر التعزيز لذلك الحين أبدا، حاول تأجيل اختراق عنصر النار للمستوى السابع، فذلك سيزيد الطين بلة فقط، مما رأيت البارحة، عنصر النار يقف في قمة القسم النهائي من المستوى السادس، حاول قمعه جيدا كي لا يخترق)

(نعم، أعلم أيها المعلم، لا تقلق) أجابه باسل ثم أكمل بعد تذكره لأمر ما (آه، بالمناسبة، يبدو أن العدو الذي كنت أجهله قد علمت البعض عنه، لا زلت لا أعرف حتى الآن التفاصيل، لكن الشيء المهم هو أنهم قد اكتسبوا معرفتهم من شيطان ما، اسمهم 'حلف ظل الشيطان'، قال واحد منهم عندما كنت أقاتله أنهم وُعِدوا ببلوغ السيادة العظمى أو شيء كهذا)


بعد انتهاء باسل من الكلام، لم يجبه المعلم لوقت طويل حتى بدأ يناديه (أيها المعلم ! أيها المعلم ! )

(آه، لقد سهوت قليلا فقط في عملي، المهم، لقد وصلت لمرحلة مهمة في العمل و يجب علي التركيز أكثر، حاليا، ركز على الإسراع في الانتهاء من أعمالك فقط، سأتواصل معك عندما أنتهي) أنهى المعلم الاتصال

في جهة إدريس الحكيم الذي كان يحلق في السماء بينما تشع أضواء من تحته، نزلت بعض قطرات العرق البارد على وجهه بينما يكرر كلمتين غير مصدق لما سمعه "السيادة العظمى ! ؟"

أما في جهة باسل، شعر هذا الأخير بغرابة في تصرف معلمه، لكنه تناسى هذا الموضوع للآن و نهض من سريره بعدما كان يجلس عليه ثم توجه خارجا

بمجرد ما أن فتح الباب حتى وجد أنمار تنتظره، حدق بها ثم فكر في توقيتها المثالي في كل مرة، ذهب الاثنان معا متوجهين نحو قاعة القصر الإمبراطوري الرئيسية

و في طريقهم، تلقى باسل اتصالا عبر خاتم التخاطر ثم تكلم من خلاله، فتكلم بصوت مسموع من دون أن يشعر "شكرا لك على المعلومات القيمة"

لاحظ باسل عندما دخلوا للقصر الإمبراطوري همس بعض الجنود فيما بينهم، و مرة أخرى سمع ذلك الاسم الغريب بينما تتجه نظراتهم إليه حتى وصلا للقاعة الرئيسية

تلقى ترحيبا حارا من الكبير أكاغي ثم ذهبوا لتناول الفطور بينما يتحدثون، انضم إليهم الجنرال منصف و التاجر ناصر


تكلم باسل بينما يشرب كوبا من الشاي على مهل "كم عدد العائلات النبيلة الغير راضية بالوضع الحالي؟"

أجاب الكبير أكاغي بعد أن تنهد "حوالي الـ50، بسبب القوانين الجديدة التي فرضتها عليهم، يحاولون جعلي أغير رأيي، و على ما يبدو أن هناك أشخاص بينهم يحاولون جعل هذا الأمر كعذر لإثارة الفوضى و الثورة و جني الربح من الظلال، لقد مسست بالقانون الطبيعي في هذا العالم، كنت أعلم أنني سأتلقى مثل هذه الردود"

وضع باسل كوب الشاي على الصحن الصغير ثم تكلم مغمض العينين و بهدوء "القانون الطبيعي هاه ! العصر يتغير، العالم يتطور، حضارات تُهدم و أخرى ترقى، لكن مع ذلك طبيعة الإنسان لا تتغير بتلك السهولة"

حدق به الجميع متسائلين عن الذي يقصده، شرب باسل آخر رشفة من الشاي ثم أكمل قائلا "ليس العصر ما يجعل القانون قانونا طبيعيا، و لا العالم، و لا الحضارات كذلك، لكنها طبيعة الإنسان، و عند النظر لذلك من هذه الناحية، فستجد الجواب أمام عينيك، إن لم تكن قادرا على تغيير القانون الطبيعي، فيجب عليك ببساطة تغيير طبيعة الإنسان، عندها، ستكون قد حققت مرادك، إن أردت علاج مشكلة ما، فابحث عن جذرها و استأصله"

"...طبيعة الإنسان تعمل بشكل غريب، لكن الشيء الواضح هو أنها دائما ما تتبع الطريق الذي سيجعل الإنسان ينجو، قد لا تكون تتغير بسهولة، لكن إن حدث تغير ضخم كاف لتغيير كافة المعايير التي جعلت من طبيعة الإنسان تقرر ما هو الصحيح و ما هو الخاطئ، عندها، طبيعة الإنسان نفسها ستحاول التكيف مع هذا التغير الضخم الذي حدث، ثم سيتغير القانون الطبيعي"

تعجب الكبير أكاغي و البقية غير أنمار من كلام باسل، سأل الكبير أكاغي "كيف سنفعل هذا؟"

عندها نهض التاجر ناصر من مكانه فقال له باسل "يبدو أنك فهمت"

حدق الكبير أكاغي و الجنرال منصف في التاجر ناصر الذي قال "حان الوقت لبدئنا في بيع الإكسيرات ! "


ابتسم باسل ثم قال "هذا صحيح، لكن ليس هذا فقط، سنبدأ في بيع الأسلحة بالنقوش الأثرية أيضا"

فهم الكبير أكاغي و الجنرال منصف أخيرا ما عناه باسل، لكن الكبير أكاغي تساءل "أليس هذا الأمر غير كاف لتغيير طبيعتهم؟"

اقتربت خادمة ثم ملأت كوب باسل بالشاي مرة أخرى ليبدأ في أخذ رشفة أخرى، قال بعد إعادته الكوب إلى الصحن مجيبا عن سؤال الكبير أكاغي "هذا صحيح، كما قلتُ، إنها لا تتغير بسهولة، لكن ماذا إن حدث نفس الأمر في العالم كله؟ ماذا إن تم المساس بالقانون الطبيعي في العالم كله إضافة للتغير الملحوظ الذي سيحدث في الشهور القليلة القادمة بعد كشف الإكسيرات؟"

المساس بالقانون الطبيعي في العالم كله؟ هذا السؤال حير الكبير أكاغي قبل أن يدرك مقصد باسل، وقف ثم قال "الإمبراطوران شيرو و غلاديوس"

ابتسم باسل فسأله الكبير أكاغي مرة أخرى "كيف ستقنعهما؟"

تكلم التاجر ناصر مرة أخرى "طريقة الصنع"

تفاجأ الكبير أكاغي و الجنرال منصف، هذا صحيح، بطريقة صنع الأدوات و الإكسيرات، إضافة لتلك النقوش الأثرية، لن يكون بوسع الإمبراطوران سوى القبول، عند مساسهما أيضا بالقانون الطبيعي، سيضطر الناس للنظر في طبيعتهم، و عندما يشهدون الإكسيرات، الأدوات و النقوش الاثرية، سيقبلون بالأمر تماما، عندها سيفهمون أن عليهم تغيير طبيعتهم من أجل التأقلم مع العالم الجديد، و بذلك سيقبلون بالقانون الطبيعي الجديد عبر قبولهم بتغيير طبيعتهم

تكلم الكبير أكاغي سائلا باسل "يبدو أن الإمبراطورين يريدان لقاءك، لما لا تريد إعطاءهما وجها؟"

تكلم باسل "السبب الأكبر هو أنني مشغول، و بافتراض أنني كنت متفرغا فلن أعطيهما وجها بتلك السرعة، لو أنني فعلت ذلك بتلك السهولة، ألن يبدو أمر الإكسيرات و النقوش الأثرية ذا أهمية قليلة، سأتحدث معهما بعد جعلهما يدركان أهمية الموضوع الذي سنتحدث عنه، بذلك، سيكونان قابلان للإنصات للكثير من شروطي تعويضا لطريقة الصنع"

"هكذا إذا" فهم الكبير أكاغي

و في تلك الأثناء، كان باسل يفكر بداخله "مع أن ذلك في الواقع ليس سوى عذر لأتهرب به من إزعاجهم، لكنه يبقى حقيقة بالرغم من أنني أستغله كعذر"

انتهى باسل من شرب الشاي ثم وقف. سأله الكبير أكاغي عن وجهته التالية فأجابه باسل "أولا سأذهب لزيارة شخص ما، ثم بعد ذلك سأذهب للسجن المركزي، أريد من العم منصف مرافقتي، فهو الشخص الذي تعامل مع المحكمة المركزية كي لا تتدخل في حربنا، أريد التكلم مع قاضتها حول هذا الأمر، و أيضا حول شيء آخر"

وقف الجنرال منصف ثم رافق باسل و أنمار
بعد الخروج من القاعة الرئيسية و الركوب بعربة راقية يجرها خيل ملكي، سأل الجنرال منصف عن وجهتهم التي حددها باسل

أجاب باسل بينما يفكر في شيء ما "سنذهب لمبيت أخوا القطع، هناك يوجد أختهما الصغيرة، يبدو أنها لم تستيقظ حتى الآن، لا يبدو عليها أي علامات تشير لمعاناتها، لكن في المقابل، لا يبدو عليها أي علامات تشير لاستيقاظها، بغرابة، لم يحدث عليها أي تغير طيلة الشهور الماضية، مثل هذا الأمر غريب جدا"

فهم الجنرال منصف كلام باسل جيدا، فهو قد شاهد العديد من الأطباء المشهورين عالميا يأتون مرارا و تكرارا للنظر في حالة باسل، و بجانبه، كانوا ينظرون في حالة أخت أخوَيْ القطع الصغيرة، و أيضا، كما حدث لهم مع باسل، استعصى عليهم أمرها كذلك

بقي باسل يفكر في العديد من الأشياء، هناك الكثير من الأمور التي يجب عليه حلها، و في قمتها، يأتي 'حلف ظل الشيطان'، بطريقة أو بأخرى، سيجعل شاهين يتكلم

انطلق الخيل الملكي بسرعة كبيرة و قطع عشرات الأميال في مدة قصيرة جدا، دخلوا لوسط العاصمة التي عاد لها اسمها القديم عندما كانت عائلة كريمزون تحكم، 'مدينة السيف القرمزي'، بعد تولي عائلة غرين الحكم، أزالت هذا الاسم و بدلته بـ'المدينة المورقة'، لم يقتصر الأمر على الاسم فقط، بل حتى العلامات التي كانت تتميز بها مدينة السيف القرمزي قد اختفت

لكنها عادت الآن، ليست كاملة، لكنها تعود رويدا رويدا مع مرور الوقت، في مركز العاصمة، كان هناك القصر الإمبراطوري الذي اعتاد أن يحاط بشعار عائلة كريمزون و أعمدة نارية مشتعلة على طول الحائط المحيط بالقاعة الخارجية، و الآن بعد عودة عائلة كريمزون للحكم، عاد شعارها ليُزَخرَف على طول الحائط و التهبت الأعمدة بينما تطلق انفجارات بين الحين و الآخر كما لو أنها تحتفل بعودتها لمكانها القديم

كان شعار عائلة غرين عبارة عن شجيرة خضراء تقطر دما، و كان شعار عائلة كريمزون عبارة عن سيف قرمزي محاط بنار ملتهبة، شعار عائلة كريمزون أحاط العاصمة كلها من جديد، رفرفت الأعلام الحاملة لشعار عائلة كريمزون معلنة بذلك عن العودة الكبرى، تحولت المدينة المورقة لتصبح مدينة السيف القرمزي شيئا فشيء، و اللون الأخضر الذي كان يطغى بالمدينة المورقة، اختفى في مدينة السيف القرمزي و تحول للون القرمزي الملتهب


أثناء تحركهم، تحدث باسل مع الجنرال منصف "أيها العم منصف، أنا ألاحظ وجوها سعيدة هنا، إنها أكثر إشراقا عن قبل، عندما أتيت أول مرة إلى هنا، لم تكن هناك سوى الابتسامات المزيفة و بدا على الكل كما لو أنهم مقموعين، لذا لم يكن هناك أي خيار آخر لهم سوى التظاهر بالرضى بالرغم من شعورهم بالعكس لذلك تماما"

أجاب الجنرال منصف "هذا صحيح، فبعد كل شيء، لم يعد هناك أي شخص يأخذ منهم ضرائب غير معقولة، صار بإمكانهم صنع لقبهم الخاص، و التجارة أصبحت عادلة، ليس هناك أي شخص يحتكر الأسواق لنفسه فقط، و ليس هناك اختفاء غريب للناس و خصوصا الأطفال بعد الآن، قلت الجرائم مع حرص فرقة السنبلة الخضراء على أداء مهامها جيدا بقيادة الجنرال رعد، هناك تغير إيجابي ملحوظ، فكيف للشعب ألّا يكون راضيا؟ قد يكونوا فوجِئوا بالحرب السابقة، لكن رؤيتهم لطريقة حكم عائلة كريمزون جعلتهم يتقبلون عودتها بكل سرور"

ابتسم باسل و أغمض عينيه ثم استمع لضحكات الناس الغير متصنعة و النشاط الذي أصبح يتخلل العاصمة، بدا كما لو أنها قد ولدت من جديد

أخذت عائلة غرين، عائلة غين، عائلة هويز، و عائلات أخرى تابعة لعائلة غرين الضرائب من القرويين الفلاحين، كذلك فعلوا مع التجار، هيمنوا عليهم و لم يتركوا أي أحد يتنفس الصعداء. احتقروهم و عاملوهم بعلو كعائلات نبيلة بلقب عظيم. كان هناك تحكم بأثمنة السلع و ليس هناك أي شخص قادر على معارضة الثمن المقرر من طرف غرين هيملر (الأمير الأول سابقا). كان هناك اختفاء للناس و خصوصا الأطفال، مثل هذه الجرائم لم تعد توجد أبدا بغياب مسببها 'غرين شارلوت'، و مع حرص فرقة السنبلة الخضراء على عدم ظهور شخص آخر مثلها، كانوا قد نجحوا في بث الأمان في قلوب الناس

و أثناء تصنت باسل على الأجواء الهنيئة بمدينة السيف القرمزي، سمع بعض الهمسات بين الناس و من الواضح أنهم يتكلمون بخفاء، حواس باسل أصحبت حادة جدا كفاية ليسمع همساتهم بوضوح، هذه الهمسات جعلته يأمر سائق العربة بالإبطاء من السرعة كفاية ليستطيع سماعهم

تكلم رجل في منتصف العمر بينما يحيط به عدة أشخاص من أعمار مختلفة "هل سمعتم؟ يبدو أن قاتل الدم القرمزي قد ظهر مرة أخرى، يقال أنه رفض مقابلة الإمبراطورين شيرو و غلاديوس"

تفاجأ أحد منهم "ماذا؟ لقد كان متخفيا لأكثر من شهرين، هل ظهر أخيرا؟ هل يمكن أنه ينوي على شيء خطير؟ كيف له أن يرفض اقتراح الإمبراطورين؟ هل جُن؟"

تمتم واحد آخر منهم "لكن، يقال أنه في المستوى السابع، و كان قادرا على هزيمة الآلاف من جيش العدو في الحرب سابقا، و ليس هذا فقط، بل حتى أنه قد قتل ددمم عائلة غرين بالكامل من دون ترك أي واحد منهم حي على الإطلاق"

شخص بجانبه دعم كلامه "نعم نعم، لقد سمعت بهذا أيضا، يقال أنه شخص لا يرحم أبدا و يقتل كل من يقف في طريقه و يعارضه من دون النظر إلى وجهه حتى، إنه القائد الأعلى لجيوشنا الحالية"


تكلم شاب في مقتبل العمر بارتعاد "الرحمة الرحمة، مثل هذا الشخص الخطير هو القائد الأعلى لجيوشنا، لنتمنى ألّا يجلب بلاء عظيما علينا"

تكلم الرجل الذي تحدث بالبداية "هذا صحيح، حتى أنه الآن يرفض اقتراح إمبراطورين للقائه، مثل هذا الشخص الخطير يجعلني فقط أخاف إن كان سيتسبب في جلب كارثة علينا بأفعاله هذه، ماذا لو أنه قام بشيء وقح تجاه الإمبراطورين مرة أخرى؟ ألن يكون سببا في اندلاع حرب عظيمة كالتي انتهت قبل 150 سنة؟"

تمتم الشاب الذي في مقتبل العمر مرة أخرى "الرحمة الرحمة، يجب أن نصلي لسلامتنا"

تساءل واحد منهم "لكن، ما هو أصل قاتل الدم القرمزي هذا على أي حال؟ ما اسمه الحقيقي؟ و لماذا ينادوه بقاتل الدم القرمزي؟"

استمرت الهمسات على طول طريقهم، و عندما سمع باسل هذه الأسئلة، أمر سائق العربة بالتوقف ثم تصنت لهمساتهم بعناية، و بدا عليه كما لو أنه رأى شيئا مثيرا للاهتمام

"أصله غير معروف حتى الآن" أجاب الرجل الذي تحدث بالبداية "لكن يقال أن اسمه الحقيقي هو باسل، لقد قام بقتل ددمم عائلة غرين بالكامل، لم يهتم بالصغير أو الكبير، لذا لقبوه بـ'قاتل الدم القرمزي'، فقط لقبه يجعلك ترى مدى قسوته"

همس الشاب الذي في مقتبل العمر خائفا "الرحمة الرحمة، فلنتوقف عن الحديث عنه، من يعلم؟ قد يسمعنا أحد توابعه و نقع في مشكلة كبيرة"

دعم رأيه واحد آخر "هذا صحيح هذا صحيح، لنتوقف عند هذا الحد"

"لا، لما لا تكملوا؟ أريد معرفة بعض التفاصيل حول هذا الشأن" عندها اقترب منهم فتى يبدو في عمر يناهز الخامسة عشر. حدقوا كلهم به بغرابة


تكلم الشاب الذي أراد إنهاء الموضوع لخوفه بلهجة تعاطفية "هيا هيا، أيها الفتى، من الأفضل لك أن تتوقف عن البحث أكثر في هذا الأمر، من المؤسف أن يكون هذا سببا في موت شخص في مثل سنك"

ابتسم الفتى و تحدث بهدوء "لما سأموت فقط لأنني سألت؟ أليس هذا شيء غير طبيعي؟ هيا لا تكن هكذا أيها الأخ الأكبر و نور أخاك الأصغر الجاهل"

تكلم الرجل الذي بدأ هذا الموضوع من الأول "معه حق أيها الفتى، أنا أيضا لا أريد الحديث في هذا الأمر أكثر، لا أريد أن أجد رأسي غير موجود بمكانه"

ابتسم الفتى و تكلم مع الحفاظ على هدوءه "لا تقلق، أنا لا أظن أن قاتل الدم القرمزي الذي تتحدثون عنه سيقتلنا فقط لأننا تحدثنا عنه، أنا مجرد قروي أتى للدخول لأكاديمية السحر و لا أريد أن أبقى جاهلا، نوروني أيها الكبار من فضلكم"

هدوء هذا الفتى الغريب و إلحاحه المستمر جعلهم يغضبون، حتى أن الشاب الخائف أسرع و تدخل جاعلا الفتى يبتعد عبر جره بعيدا بلطف بينما يتحدث "لا تسألهم أكثر من هذا، سوف تتسبب في إيذاء نفسك فقط بإغضابهم، بالرغم من مظهرهم العادي حاليا، لكنهم سحرة بالمستوى الثاني و قد أتوا لتأدية الاختبار الذي افتتحه تشكيل قاتل الدم القرمزي للانضمام إليه"

"هكذا إذا" وضع الفتى يده على ذقنه و تحدث "إذا لما لا تخبرني أنت، أنت لن تؤذيني، أليس كذلك أيها الأخ الأكبر؟"

"هذا..." لم يستطع الشاب الخائف التكلم، فخوفه جعله يوقِف أولئك الكبار عن التكلم حول هذا الموضوع، كيف له أن يبدأه بنفسه من جديد؟

عبس الشاب الخائف الذي أصبحت تعبيراته جدية و بدا كما لو أنه قد أصبح شخصا مختلفا تماما ثم تكلم "أيها الفتى، قلت أنك قروي من قبل، لكن من ملابسك فلابد من أنك من عائلة نبيلة، لا أعرف ما أهدافك، لكن من الأفضل لك التوقف عن البحث في هذا الأمر حقا"

"أمم..." ابتسم الفتى ثم قال "أنت أيضا أيها الأخ الأكبر تبدو كما لو أنك شخص آخر تماما عن الشخص الذي كنته قبل قليل"


تفاجأ ذلك الشاب، لكنه في الحال وضع يده على رأسه و حكه ثم قال بينما يضحك "لست سوى شخص خواف و جبان"

"هيه ! " تعجب الفتى من تصرفه ثم قال له "قد تكون قادرا على خداع أولئك السحرة هناك، لكن لن يكون بإمكانك فعل المثل معي، ساحر في مثل عمرك بالمستوى الثالث بالفعل، كيف لشخص موهوب مثلك أن يكون مجرد جبان؟"

صدم ذلك الشاب تماما، يده التي كانت تتحرك باستمرار حاكّة* رأسه قد توقفت و توجهت نظراته نحو عيني الفتى اللتين رأتا من خلاله، فجأة، تغير الجو حول ذلك الشاب، نظراته الخائفة أصبحت تحمل معها جدية غير معقولة

[حاكة = مؤنث 'حاكّ' من فعل 'حكّ]

سأل الشاب بعد إزالة يده عن رأسه بنبرة حادة عن التي اعتاد الحديث بها "من أنت أيها الفتى؟" كان صوته في طريقة سؤاله كما لو أنه لشخص آخر تماما

تكلم الفتى "هيا، لا تأخذ حذرك فجأة هكذا، نية قتلك بدأت تتسرب منك، لا يجب عليك أن تفقد هدوءك هكذا، غير ذلك، سوف تضيع تمثيليتك هباء بعد كل العناء الذي بدلته من أجل صنع تلك الصورة عنك"

لاحظ الشاب أنه بالفعل قد فقد هدوءه للحظات، لكن بعدما ضبط نفسه، أعاد نفس السؤال مرة أخرى بينما يحدق في الفتى الذي أمامه بعمق محاولا الرؤية من خلاله كما فعل له

ابتسم باسل ثم قال "أليس من الآداب تقديم نفسك قبل سؤال الشخص عن أصله؟"


عبس الشاب، لكنه أدرك أن الفتى معه حق، و بعد كل شيء، لا يبدو أن الفتى سيقدم نفسه له إن لم يفعل هو أولا، قال بعبوس "أنا من عائلة عامية من مدينة بجنوب العاصمة و اسمي 'أبهم'، ماذا عنك؟"

"أوه" تعجب باسل و قال "أصلك طبيعي و مع ذلك أنت ذو موهبة مذهلة، لقد أعجبتني أكثر، حسنا، أنا..."

"باسل، ألا زلت لم تنتهي؟" عندها نادت الفتى فتاة بجمال خلاب ظهرت من عربة بخيل ملكي، بوقوفها بجانب الخيل الملكي، كونت صورة مثالية من الجمال، و كانت كافية لتجعل قلب أي رسام يقفز، سيتقافز الرسامون من أجل الحصول على فرصة لرسم هذا المشهد الذي صنعته تلك الفتاة بوقوفها بجانب الخيل الملكي بينما يُقذف الماء من النافورات

في لحظة، توجهت نظرات الجميع نحو تلك الفتاة التي تحدثت، و جعلت الكل في صمت تام من شدة تأثرهم، أما 'أبهم'، فقد بقي مندهشا تماما حتى تكلم الفتى "لقد سمعت اسمي، و أنا قروي كما سبق و أن قلت لك، حسنا يا أبهم، سوف أتركك للآن، لدي أعمال يجب أن أنهيها، لكني سأقابلك مرة أخرى"

التف الفتى و ذهب في اتجاه الفتاة التي نادته، رجع 'أبهم' لصوابه فسأل الفتى "كيف ستجدني؟ ليس و كأنني أمضي وقتي هنا، إنني لست حتى من العاصمة"

تكلم الفتى من دون الالتفاف "يبدو أنك قد أتيت لاجتياز اختبار التشكيل، هذا كاف، و لقد أعطيتني اسمك أيضا"

ركب الفتى و الفتاة العربة التي تحركت بعد فعلهما لذلك

بقي أبهم متجمدا في مكانه، بالنظر للعربة التي ركبها، فلا بد من أنه شخصية عظيمة، من هو ذلك الفتى بالضبط؟ فكر لقليل من الوقت "يبدو أن اسمه باسل، أتساءل من يكون؟"

ثم بعد أن التف ليعود إلى تلك الجماعة من قبل حتى توقف في مكانه و فتح عينيه على مصراعيهما من شدة الصدمة "باسل؟"

صرخ بهذا الاسم من دون أن يشعر حتى جعل واحدا من تلك الجماعة يقترب منه و يقول "ما بك؟ هل قاتل الدم القرمزي قد أخافك لدرجة صراخك باسمه ! ؟"

عاد الجو الطبيعي الخاص بالشاب الخواف الذي كان يحيط بـ'أبهم' من جديد ثم وضع يده على رأسه بينما يجيب "هيهيهي، قد لا أنام جيدا في الأيام المقبلة ! " بينما يفكر بداخله "يجب أن تكون مصادفة فقط"

تكلم معه ذلك الشخص "إنك حقا لجبان كثيرا يا أبهم"

ضحك أبهم من دون الإجابة و تبع ذلك الشخص عائدين لجماعتهما بينما يفكر بداخله "لكن ماذا عنى بأنه سيجدني بما أنني سأذهب لاجتياز الاختبار؟" لم يفهم أبهم ما الذي قصده ذلك الفتى

و في الأخير بدأ الشك يتخلله "هل يمكن أنه حقا...؟"

"همم؟ تقول لما أثار اهتمامي؟" سئِل باسل هذا السؤال من طرف الجنرال منصف بينما يتحركون بالعربة، فأجابه "إنه بالمستوى الثالث بالفعل، و عمره على الأغلب لا يتجاوز العشرين حتى، إنه موهبة نادرة جدا، يمكنك مقارنة موهبته بالخاصة بي و بأنمار حتى"

تعجب الجنرال منصف كثيرا، فهو يعرف بالضبط ماهية موهبة باسل المرعبة. سابقا، عندما كانا يتدربان في غرفة التدريب بشهر الانعزال، أدرك الجنرال منصف قوة باسل الحقيقية، عندها، عرف لأول مرة عن وجود مستويات بعد المستوى السابع، عندما تدرب ضد باسل، كان هذا الأخير يريد الاختراق للمستوى الخامس، لذا كان عليه استخدام عنصر النار من أجل ذلك

أول مرة شاهد الجنرال منصف باسل يستخدم عنصرا آخر غير عنصر التعزيز، كاد أن يتقيأ الدماء، فذلك شيء غير معقول، مع ذلك، لا يزال لم يفهم لِم باسل يمتلك عنصرين، فبناء على كلام باسل، يجب على الساحر الدخول لحالة الصفاء الذهني و الروحي و إمضاء وقته في عزلة تامة من أجل استشعار الطاقة الخارجية و تعلم التحكم فيها من أجل جذبها لبحر روحه و تكوين العنصر الثاني، عندها يكون الساحر قد دخل للمستوى الثامن

أشار باسل فقط إلى أن حالته شاذة و لم يشرح الأمر أكثر، لذا لم يقم الجنرال منصف بالحفر أكثر. بعد مشاهدته لقوة باسل، لم يسعه سوى الشعور بأن ذلك الفتى هو أقوى شخص في هذا العالم

باسل في ذلك الوقت كان يريد الاختراق للمستوى الخامس بسرعة، لكنه كان يحتاج لمحفز ما، و بالطبع لم يكن بإمكانه قتال أي شخص كان من أجل هذا، فهو سيكشف بعض الأسرار مقابل ذلك، لذا اختار الجنرال منصف بناء على شخصيته النزيهة التي لاحظها منذ قدومه إلى هنا، و الجنرال منصف كان قد وضع باسل في مكانة مرتفعة بقلبه لأنه أعطاه الفرصة للانتقام من غرين هيملر

عندها، كان باسل في قمة المستوى الرابع، لكن بسبب شربه لإكسير التعزيز أول مرة عندما كان يتدرب قبل أن يمنعه معلمه من ذلك، أصبح عنصر التعزيز يفوق المستوى الرئيسي بمستوى آخر تقريبا بسبب ارتخاء الختم لأن باسل قد ارتفع بالمستوى بشكل مفاجئ بسبب شربه لإكسير التعزيز

لذا عندما سمع الجنرال منصف بالموهبة التي يمتلكها ذلك الشاب الذي أثار اهتمام باسل، تفاجأ حقا، هناك أشخاص بمثل موهبة باسل و أنمار الغير طبيعية حقا


تكلم باسل "توقفت فقط لأن اسم 'قاتل الدم القرمزي' قد أثار انتباهي، لكني عندها لاحظته يقمع هالته بشكل مثالي، لو كان 'أنا قبل شهور' الذي شاهده، فلن يرى من خلاله"

"بالمناسبة" أكمل باسل "ما قصة ذلك الاسم؟ يبدو أنهم يخافونني كثيرا"

"آه" كما لو أنه تذكر شيئا ما، قال الجنرال منصف "لقد نسيت الإشارة لهذا الأمر"

حدق باسل في أنمار التي قالت "إنه ليس بذلك الأمر الكبير، لذا نسيت أيضا"

حدق بها الجنرال منصف بعد تصريحها، 'إنه ليس بذلك الأمر الكبير' قالت، هذا الأمر جعله يخجل من نفسه كونه كان متحمسا بهذا الشأن، لذا هدأ قليلا قبل أن يقول "بما أنك قد أخذت القيادة في الحرب السابقة، و نظرا لنجاحك المذهل في هذا، خسارتنا لم تكن كبيرة، لذا كان الجميع يفكر في لقب لك"

"...كما تعلم، الرجل المشهور في عالمنا يميزه لقبه، أنا معروف كصاحب أقوى بنية جسدية و هذا الأمر كان بسبب عنصر التعزيز، هناك شفرة الجليد كين نبيل الذي تميز بهذا الاسم بعد قطعه للأعداء من كل جهة في الرحلة لقارة الأصل و النهاية السابقة، و حتى الجنرال رعد قد اكتسب لقبا قبل سنوات قليلة، لقد لقبوه بـ'الرعد البرقي'، و بطبيعة الحال، شخص مثلك استطاع القيام بكل تلك الإنجازات، سيلقبه الناس بألقاب عدة"

فهم باسل كلام الجنرال منصف الذي أكمل "لكن من بين تلك كل الألقاب، و بسبب قضاءك على عائلة غرين كاملة تقريبا كلها لوحدك، طغى لقب قاتل الدم القرمزي على الألقاب الأخرى حتى أصبح لقبك الرئيسي، دائما ما انتشرت الإشاعات السيئة بشكل أسرع من الجيدة"

أزاح باسل نظره بعيدا و حدق مرة أخرى في المدينة، مما جعل الجنرال منصف يسأل "ألا يزعجك هذا الأمر؟"

أجاب باسل "لا" ثم سأل "لما سيفعل؟"


"هذا..." تكلم الجنرال منصف بعد توقفه بسبب تفاجئه "حسنا، إنهم ينادوك بهذا لأنهم يعتقدون أنك حقا قتلت الصغير و الكبير من دون رحمة، لكنك في الحقيقة لم تفعل، و لا زالت ابنتا أخت غرين لايت الكبرى حيتين، و هناك بعض الكبار من عائلة غرين لا يزالون أحياء"

تكلم باسل بهدوء "أنا حقا لا يهمني هذا الأمر، و إن فعلت، فسأعتبره شيئا جيدا فقط. فأنا أكره الإزعاج، و إن كانت لدي سمعة ستجعل من الآخرين يخافون مني هكذا، فهذا سيكون شيئا رائعا حقا، إضافة لذلك، عدم معرفتهم ببقاء تلك الفتاتين الصغيرتين على قيد الحياة لهو أمر جيد، فبعد انتهائي، سأحرص على فقدانهما الذكرى على كونهما من عائلة غرين أصلا، بذلك سيعيشان مستقبلا هانئا على الأقل، و عدم معرفة أي أحد عنهما، سيجعل حياتهما ثابتة من دون التعرض لأي عقبات"

استمرت العربة في التحرك، و بعد مدة غير معروفة من الوقت، توقفت أخيرا أمام منزل منفرد بمنطقة بالعاصمة

خرج باسل و الاثنين الآخرين من العربة، و بمجرد ما أن فعلوا حتى شاهد باسل وجها مألوفا له، هذا الشخص الذي شاهده باسل كان يسقي الأزهار و يهمهم في هناء

وقف باسل وراءه ثم تكلم مناديا إياه "أيها العالم المجنون"

كان ذلك الشخص هو العالم الجنون، و الذي نظر للخلف ببطء شديد بعد سماعه لذلك الاسم، ليس هناك أي شخص آخر غير باسل من سيناديه هكذا، لذا أدار رأسه رويدا رويدا حتى نظر لعيني باسل اللتين كانتا تحدق به بشكل مخيف

تراجع العالم المجنون للخلف بسرعة و انحنى قليلا ثم قال "آه، سيدي الصغير، لقد وصلتني الأخبار عن استيقاظك، حمدا على سلامتك"

حملق به باسل ثم قال "كفانا تمثيلية، أنت تعرف سبب مجيئي إلى هنا"

"هذا..." لم يستطع العالم المجنون إخراج الكلمات من فمه


بداخل منزل أخوا القطع، هذان الأخيران كانا بالداخل يعتنيان بحالة أختهما الصغيرة التي لا تزال بغيبوبة حتى الآن، كانا يزوران باسل بين الحين و الآخر، و صادف وجودهما استيقاظ باسل سابقا

بمجرد ما أن دخل باسل حتى انحنى له أخوا القطع، كانت نظراتهما واضحة كما هي مشاعرهما في هذه اللحظة، أختهما الصغيرة هي عائلتهما الوحيدة المتبقية لهما، و بما أنها الصغيرة، كانت دائما محمية من طرف أخويها الكبيرين، و رؤيتها الآن في هذه الحالة من دون قدرتهما على فعل أي شيء لها، كان أمرا في غاية الصعوبة لتحمله

في قلبهما، لا يسعهما سوى الشعور بالامتنان الكامل تجاه باسل، فهو على الأقل جعلهما يريان أختهما مرة أخرى، هذا من جهة، و من جهة أخرى، فهما يحقدان حقدا شديدا على غرين شارلوت التي تلاعبت بأختهما الصغيرة، جعلتها فأرة تجارب بالنسبة لها، شخص مثلها لا يستحق الموت حتى، بل أكثر من ذلك، خطفها للناس و خصوصا للأطفال لاستعمالهم من أجل أهدافها الخاصة، ليس لا يقدران على مسامحتها فقط، بل لا يستطيعان النوم في هناء من دون التأكد أنها لا تستطيع

رؤية باسل لتعبيراتهما هاته، و رؤية ذلك الجسد الصغير مستلقي هناك، رجعت له الذكريات عن الحالة التي وجد فيها باسل أختهما الصغيرة بداخل أنبوب زجاجي يقام عليها التجارب جانبا إلى جنب مع ذلك الشخص الذي كان قد تحول لوحش بالكامل

حملق باسل في العالم المجنون ثم قال "كيف لك ألّا تعلم ما الذي يجري لها؟ لقد كنت هناك في ذلك الوقت"

"همم...؟" استغرب أخوا القطع من هذا التصريح ثم نظرا مباشرة للعالم المجنون، نظراتهما اخترقته، و لولا وجود باسل، لكانا قد قطعاه لأجزاء

برؤيتهما، أسرع العالم الجنون في التكلم "سيدي الصغير، كما و سبق أن قلت لك في أول مرة، أنا حقا ليس لي علاقة بالأمر، قد أكون عالما مجن... أقصد عالما متطلعا للاكتشاف لكنني لن أصل لهذه الدرجة"

حدق فيه باسل بعمق: "أنا أعلم بهذا بالفعل، لا أنسى ما يقال لي مرة، فهكذا هي ذاكرتي، أنا أسألك هنا عن حالتها"

"هذا..." تمتم العالم المجنون ثم قال "حتى أنا لم أرى بحر روح مثل الخاص بها من قبل، إنه شيء فوق استطاعتي، أخاف أن أمسه و أتسبب في شيء خاطئ أكثر، بحر روحها مختلف عن بحر روح الشخص الطبيعي، لا زلت لا أعرف ما ذلك بالضبط ! كما لو أن بحر روحها يتحول لشيء ما ! "


حدق به باسل و ذهب لتفقد حالة الأخت الصغيرة، كان جسمها أبيضا لامعا كالجوهرة، و شعرها أزرق فاتح قريب للأبيض، كانت كجنية نائمة. و بعد أخذه لوقت طويل في محاولته تحسس بحر روحها و رؤية المختلف و إدراكه، لاحظ باسل أيضا أن طاقة بحر روحها غريبة نوعا ما

وقف باسل و توجه نحو الباب خارجا من المنزل ثم قال "يا غايرو و أنت أيضا يا كاي، فلترافقاني للسجن المركزي، لقد كنت أخطط للذهاب هناك، و أشعر أنه من الواجب حضوركما أيضا لاستجوابي لتلك العاهرة"

كانت نظرات باسل غاضبة، أكثر ما يكرهه هو التلاعب بحياة البشر و التحكم بها، و للأسف، كانت عائلة غرين كلها تقريبا من هذا النوع، قام غرين هيملر بالتسلط على الناس بسلطته في حين لا يقدر على القيام بأي شيء لوحده، و قامت غرين شارلوت بالتلاعب بهم كما لو أنهم ليسوا ببشر في عينيها

تكلم باسل "بعد كل شيء، لا أظن أن العذاب الذي مرت به بسبب أنمار كان كافيا لها، لا هي و لا أخوها الأكبر، بغض النظر عن تعاونهما في الاستجواب أم لا، فسيكون عليهما تذوق بعض العذاب قليلا"

هذه الزيارة تسببت في اهتياج مشاعر باسل التي كانت هادئة حتى الآن، يجب عليه حقا جعل آل غرين عبرة للذي قد يفكر في عمل شيء مشابه لما قاموا به

"أتساءل من قام بعلاجه؟" تكلم العالم الجنون بينما يفحص جسد أخت أخوا القطع

بقي لوحده في المنزل يرعى أخت أخوي القطع الصغيرة بناء على أمر باسل الذي كان واضحا جدا بلهجته المهددة قبل أن يغادر لوجهته المحددة

يقع السجن المركزي بالقرب من المحكمة المركزية، و هذه الأخيرة تعتبر الكيان الذي يقرر القوانين في الإمبراطورية، بالطبع تُناقش هذه القوانين كلها مع الإمبراطور قبل الإقرار بها و جعلها تنفيذية

بالمحكمة المركزية، توجد قوة خاصة، قوة كافية لتجعل غرين لايت يناديها لتساعده في الحرب، لكنها لم تستجب لطلبه و لم تتدخل، فقط، أخذت الجانب و انتظرت الحرب تنتهي

و بالطبع، هذا لم يكن سيحدث لولا الصفقة التي عقدها الجنرال منصف مع المحكمة المركزية، أو يجب القول مع قائدها، كان هذا الأخير شخصية مشهورة في العالم كله، فبعد كل شيء، لقد كان ساحرا اعتبر في نفس مستوى الجنرالات و أعلى من بعضهم

مؤخرا، في الشهرين الماضيين، لوحظ شيء غريب حدث بالمحكمة المركزية جنبا إلى جنب مع السجن المركزي، لقد كان هذا الشيء الغريب هو ارتفاع قوتهما المفاجئ

انتشرت الإشاعات عن وجود سحرة بالمستوى الخامس في حراسة السجن المركزي فقط، مما حير الناس و بدا كما لو أنه يشير إلى أن آمر السجن المركزي سيكون أقوى من ذلك بما أن الحراس فقط في مثل ذلك المستوى

و بهذا استنتجوا أن من يتحكم في السجن المركزي - المحكمة المركزية – ستكون لديها قوة أكبر بالطبع. مثل هذا التغير الملاحظ في قوة المحكمة المركزية، بدأ يجعل الناس تشك كثيرا، و بالطبع، بما أنهما حدثا في نفس الوقت، فقد ربطوا عودة عائلة كريمزون للحكم مع هذا التغير الملاحظ


و الآن، قبل أن يتوجه باسل للسجن المركزي، قرر زيارة المحكمة المركزية للتحدث مع قاضيها الأكبر و الذي يعتبر قائدها و المتحكم في قوانين الإمبراطورية

"سيدي القاضي الأكبر، يبدو أن قاتل الدم القرمزي قادم إلى هنا، ماذا نفعل؟" انحنى قاضٍ من المحكمة المركزية و الذي كان نفس القاضي الذي ساعد باسل و الجنرال منصف في القبض على غرين هيملر بينما يتكلم مع شخص ما كان يقف و يحدق من نافذة بالعاصمة و أجواءها

كان هذا الشخص هو القاضي الأكبر، كان رجلا في منتصف العمر، و بابتسامة أجاب تابعَه "أوه، إنه آتٍ بنفسه، لما لا نرحب به إذا"

بعد مرور وقت طويل، فُتِحت أبواب المحكمة المركزية لعربة يقودها خيل ملكي بينما تُقرَع الأجراس

و بتوجيه من القاضي نفسه الذي بلغ القاضي الأكبر، كان باسل و البقية قادرين على الوصول للقاعة الرئيسية حيث كان ينتظرهم القاضي الأكبر هناك. بقي انمار و أخوا القطع بغرفة أخرى منتظرين عودة باسل و الجنرال منصف

"أووه" توجه القاضي الأكبر الذي كان يحدق بالنافذة نحو الجنرال منصف بعد دخوله بينما تعلو الابتسامة وجهه "أوَ ليس هذا الجنرال منصف؟ شرفتنا شرفتنا، مرحبا بك، هل رافقت قاتل الدم القرمزي؟"

ابتسم الجنرال منصف كذلك ثم أجاب "آه، هذا صحيح، فبعد كل شيء، هو لم يتعامل معك من قبل، بل أنا الذي فعلت"

"هذا صحيح" وافقه القاضي الأكبر ثم قال متسائلا "إذا، أين هو قاتل الدم القرمزي هذا؟"

"تحياتي أيها القاضي الأكبر، اسمي باسل" ظهر من خلف الجنرال منصف فتى يناهز عمر الخامسة عشر مما جعل القاضي الأكبر يستغرب

سأل القاضي الأكبر الجنرال منصف "من هذا الفتى أيها الجنرال منصف؟ هذا ليس بمكان للأطفال كما تعلم، هذا مكان يخص حديث الكبار"


قبل أن يجيب الجنرال منصف، تحدث ذلك الفتى الغير معروف للقاضي الأكبر مرة أخرى "قد لا أكون قد أصبحت بالغا رسميا، لكنني شارفت على بلوغ الخامسة عشر، لذا يمكنك اعتباري بالغا"

"همم ! " حدق القاضي الأكبر في ذلك الفتى و نظر إليه بانحطاط، كما لو أنه يحاول إخباره بمعرفة مكانته

تكلم القاضي الأكبر "أنا لا أهتم لذلك، حتى و لو كنت بالخامسة عشر و اعتُبِرت بالغا من طرف الآخرين، فهذا المكان يخص الكبار، الكبار ليس بالسن، و إنما بالمكانة، إن فهمت الآن ما عنيت، انصرف و اترك هذا المكان حالا قبل أن تلقى مصرعك أيها الفتى، فلو لم تكن مرافقا للجنرال منصف، لكنت بالفعل في عداد الموتى لوقاحتك"

اصطنع الفتى وجها خائفا "هذا مخيف هذا مخيف" ثم أكمل بعدها بسخرية "لكن للأسف ليس بالنسبة لي، حاول مع أحد آخر أيها القاضي الأكبر، إن أردت التحدث مع شخص بالمكانة، فلك هذا"

حملق القاضي الأكبر به و غضب كثيرا، و مزاجه الذي كان جيدا تعكر كليا، و في لحظة، شحذ طاقته و ضغط بهالته على الفتى أمامه "هاا"

جعل القاضي الأكبر هالته تمتد وصولا للفتى الذي أمامه ضاغطة عليه بينما يتحدث "أيها الفتى، سأعلمك معنى المكانة قبل أن تخرج من فمك"

استمر القاضي الأكبر في تنفيذ ضغطه، لكنه لاحظ بعد لحظات أن ذلك الفتى لم يتأثر أبدا، و فوق ذلك، كان ذلك الفتى يقف باسترخاء بينما يبتسم

عندها توقف القاضي الأكبر بسرعة و سأل مرتعبا "من أنت أيها الفتى؟"

تكلم الجنرال منصف "ألم يقدم نفسه بالفعل أيها القاضي الأكبر؟"

تذكر القاضي الأكبر تقديم الفتى لنفسه ثم صرخ بعد لحظات "قاتل الدم القرمزي باسل ! ؟"


"هذا صحيح" قالها باسل ثم أكمل بعدما حملق في القاضي الأكبر "و الآن، لما لا نتكلم ككبار بالمكانة أيها القاضي الأكبر؟"

صُعِق القاضي الأكبر تماما، لم يخبره أي أحد أن قاتل الدم القرمزي عبارة عن فتى في هذا العمر، المعلومات حول قاتل الدم القرمزي كانت قليلة جدا، و بعد سماعهم بالإشاعات حول إنجازاته، لم يجرؤ أي أحد على البحث في أمره، و بما أنهم لم يفعلوا، لم تصل الأخبار للقاضي الأكبر أن قاتل الدم القرمزي مجرد فتى في الحقيقة

فالجنود الذي شاركوا بالحرب، كانوا قد أمِروا بكتم كل ما شهِدوه، و بالطبع، أولئك كانوا جنودا مخلصين لعائلاتهم، و اختيروا بعناية شديدة، لم يكن هناك أي شخص منهم يتجرأ على عصيان أمر سيده، و مع ذلك، تسربت بعض المعلومات حول وجود قاتل الدم القرمزي و عن إنجازاته، لكن بعد معرفة هذه الإنجازات المخيفة، توقف الكل عن البحث في الأمر أكثر

بقي القاضي الأكبر متجمدا في مكانه للحظات حتى تكلم الجنرال منصف "أيها القاضي الأكبر، لما لا نجلس و نتحدث؟"

استفاق القاضي الأكبر من أحلام اليقظة ثم أجاب بالموافقة و جلس الثلاثة حول طاولة

حدق القاضي الأكبر في باسل بغرابة شديدة غير مصدق لما يراه، لقد أصبح ساحرا بالمستوى السابع بعد شربه لتلك الإكسيرات، و بهالته تلك بذلك المستوى العالي لم يكن قادرا على التسبب لهذا الفتى الذي أمامه حاليا حتى في الاضطراب و لو قليلا

"ما سبب مجيئك أيها السيد الصغير؟" تغيرت لهجة القاضي الأكبر من الشدة لليونة بسرعة

حدق به باسل ثم أجاب " [أولا]، أنا لست بسيد صغير، أنا كبير بالمكانة، [ثانيا]، ألا تقدم أيها القاضي الأكبر لضيوفك كوبا من الشاي حتى؟ و [ثالثا]، سأجيبك بعدما تقوم بتنفيذ [أولا] و [ثانيا]"

حملق القاضي الأكبر في باسل و حاول قمع غضبه ثم اصطنع ابتسامة مزيفة رغما عنه و قال "لك هذا أيها السيد الكبير"

"لا تناديني بهذا" أغمض باسل عينيه ثم قال "أنت تجعلني أبدو كمُعمّر ما، يمكنك مناداتي بالسيد الشاب"


ازداد غضب القاضي الأكبر أكثر، و في الجانب، كان الجنرال منصف متحسرا من المشهد، كان باسل يغيظ القاضي الأكبر بكل وضوح، لكنه لم يتدخل لأنه يعرف السبب

فبعد كل شيء، قام باسل بتقديم نفسه بكل احترام حتى لو كان مزاجه ليس جيدا، لكن القاضي الأكبر عامله بالعكس تماما، حتى أنه تجرأ على الضغط بهالته عليه، و بما أنه يعرف كل هذا، فلم يحاول الجنرال نصف إيقاف الأمر، لأنه يعلم أن باسل لن يَعْدل عنه

أمر القاضي الأكبر بإحضار الشاي، مع أنه أصبح غاضبا جدا، إلى أنه لا زال يضع مكانة باسل كالقائد الأعلى لجيوش الإمبراطورية في عينيه، لذا لم يقْددمم على أي فعل شائن بعد معرفته هوية باسل

بعد إحضار الشاي من طرف خادمة، هذه الأخيرة صبت كوبا لباسل الذي حمله و أخذ الرشفة الأولى قبل أن يتحدث "يبدو أن هديتي إليك قد أدت مفعولها بشكل جيد"

"همم...؟" استغرب القاضي الأكبر قبل أن يفهم ما يتحدث عنه باسل، لقد قصد هذا الأخير الإكسيرات، و هذا الشيء جعل القاضي الأكبر ينذهل تماما، فبعد كل شيء، هو لم يعلم أن قاتل الدم القرمزي هو نفسه الشخص الذي أرسل له تلك الإكسيرات

تلك الإكسيرات التي أخذها كصفقة مقابل عدم التدخل بتاتا في الحرب، كانت في الحقيقة شيئا مذهلا كثيرا، في مدة قصيرة، كانت قادرة على تنمية قوة المحكمة المركزية لدرجة مخيفة. و عندما علم الآن القاضي الأكبر أن فتى يناهز الخامسة عشر فقط هو صاحبها، فلم يسعه سوى فتح فمه من الاندهاش و الصدمة

لكنه لم يرضى بطريقة حديث باسل، جعل هذا الأخير الأمر يبدو كما لو أنه تَصَدّق عليهم بالإكسيرات. فهم أخذوها كصفقة

حدق القاضي الأكبر بباسل ثم قال "نعم معك حق، لقد كانت جيدة، كان خيارا صحيحا أخذها كبديل لعدم تدخلنا في الحرب"

حرص القاضي الأكبر على توضيح هذا الأمر جيدا

و باسل الذي يشرب الشاي بهدوء، كان يفهم مقصد القاضي الأكبر بالطبع، فبعد كل شيء، لقد طرح ذلك السؤال بتلك الطريقة لتحصيل بعض المعلومات عن الطرف الآخر، أراد أن يرى طريقة استجابة القاضي الأكبر


و كما توقع باسل، قام القاضي الأكبر بتوضيح الفكرة بسرعة، أكد هذا الأمر أنه لا يريد من المحكمة المركزية و هو نفسه أن يبدوان مدينان لباسل أو يُعتبران كما لو أنهما أقل منه شأنا

كان لدى باسل بعض الجواسيس في المحكمة المركزية الذين كانوا يخبرونه بالتغيرات التي تحدث، فبعد كل شيء، لاحظ أن المحكمة المركزية تنمي قواتها بشكل غريب قبل حتى أن يعطيها الإكسيرات

لذا حرص على جعل تحركاتها تحت علمه دائما، فالسبب الذي جعله يجعل الإكسيرات كمبادلة لعدم تدخل المحكمة المركزية، هو ملاحظته لتطلع المحكمة المركزية للقوة، لذا كان متأكدا من قبول طلبه.

كان بإمكانه ترك المحكمة المركزية تتدخل بالحرب، و سوف يكون قادرا على الفوز بالرغم من ذلك، لكنه لم يرد فعل ذلك من أجل الحفاظ على ردة فعل جيدة من الشعب، و الحفاظ على سمعة عائلة كريمزون على أنها استرجعت حقها و لم تأخذه عن طريق جزر كل ما في طريقها

تعتبر المحكمة المركزية رمزا للحفاظ على الأمان بالإمبراطورية، و تدميرها يعني بث الخوف في قلوب الناس و جعلهم يهابون عائلة كريمزون و يبتعدون عنها قدر المستطاع

بالطبع، كان الجنرال منصف و الكبير أكاغي و بعض الكبار من العائلات التي قاتلت معهم يعلمون بنوايا المحكمة المركزية بعدما أخبرهم باسل بها، لكنهم اتبعوا نصيحة باسل الذي أخبرهم بترك أمرها له

عندما زار باسل المحكمة المركزية، كان يريد التظاهر باللطف بينما يستخرج بعض المعلومات، لكن مزاجه كان متعكرا، و قام القاضي الأكبر بمعاملته بشكل سيء، لذا قرر إغاظته قليلا و استخراج المعلومات منه بهذه الطريقة

تكلم باسل "نعم، و بفضلها نمت قوة المحكمة المركزية لهذه الدرجة، أنا أتساءل عن نوايا القاضي الأكبر بحرصه على تنمية قواته هكذا ! ؟"

تفاجأ القاضي الأكبر، لقد كان سؤال باسل مباشرا للغاية، مع أن باسل أتى بنية استخراج بعض المعلومات، لكنه لا يحب اللف و الدوران في الكلام، و فوق ذلك، فهو قد استنتج نية المحكمة المركزية بالفعل، و لم يأتي هنا إلّا لتأكيد شكوكه

شرب القاضي الأكبر رشفة من الشاي ثم هدأ و ابتسم قبل أن يقول "ما الذي تقصده أيها السيد الشاب؟ أليس هذا شيء طبيعي؟ إن أصبحت قوتنا أكبر، فسوف يزداد الأمن أيضا"

"هيه، يهدأ هنا ! " تكلم باسل بدخله ثم ابتسم تباعا لابتسامة القاضي الأكبر و قال "معك حق، لكن هذا كان قبل أن يكون هناك وجود لفرقة السنبلة الخضراء، فهذه الاخيرة قد نمت و انتشرت فروعها كثيرا، بسببها انعدمت الجريمة تماما من العاصمة، فما الحاجة من تقوية المحكمة المركزية؟ ألم يكن واجبها هو الاعتناء بقوانين الإمبراطورية؟ أو ماذا؟ هل أصبحت تهتم بشيء آخر أيضا؟"

ضحك القاضي الأكبر ثم أجاب "ما الذي يمكنه أن يكون؟ اهتمامنا الوحيد هو الحفاظ على الأمن، و العالم يتغير شيئا فشيء، لذا إن لم نغير من أنفسنا و نطورها تباعا لذلك، ألن نكون مجرد أغبياء عندها؟"

ضحك باسل أيضا ثم قال "معك حق"

تذكر القاضي الأكبر أمرا "آه هذا صحيح، لما أتى السيد الشاب إلى هنا؟"

بالطبع باسل قد حقق مراده بالفعل من مجيئه إلى هنا، لكنه أخذ رشفة من الشاي قبل أن يتكلم "سأزور السجن المركزي بعد خروجي من هنا، و سأريد غرفتين خاصتين، أيمكنك تجهيز هذا لي؟"

استغرب القاضي الأكبر ثم قال "بإمكاني فعل هذا بالطبع، لكن أيمكنني سؤالك عما ستحتاجهما فيه؟"

أجاب باسل "سأزور شاهين من حلف ظل الشيطان لجني بعض الثمار، و أزور العاهرة و الحثالة لتلقينهما بعض الدروس"

لم يفهم القاضي الأكبر مَنْ قصده باسل في الجزء الثاني من كلامه فشرح له الجنرال منصف هذا الأمر، ثم تكلم عندها "لقد حاولنا استجواب ذلك الشاهين بشتى طرق التعذيب لكنه لم يتحدث أبدا، لا أظن أنك ستستفيد شيئا من محاولتك، و لما تريد لقاء غرين شارلوت و غرين هيملر؟ ألم ينتهي شغلك معهما؟"

أغمض باسل عينيه ثم قال "طريقة حصدك للثمار مختلفة عن الخاصة بي، و لم أقل أن دروسي قد انتهت مع تلك العاهرة و ذلك الحثالة"

حدق به القاضي الأكبر مطولا، إن هذا الفتى غريب حقا، بدأت العديد من الأفكار تشغل خلده، يجب عليه كشف سر هذا الفتى عاجلا و ليس آجلا، سيكون خطرا محدقا عليه و على خطته

وقف باسل بعد انتهاءه من شرب كوبه، ثم اتجه نحو الباب، و قبل أن يتخطى القاضي الأكبر، وضع يده على كتفه و تكلم بأذنه ثم غادر بعد انتهاءه من كلامه فتبعه الجنرال منصف

تحدث باسل قبل مغادرته للغرفة "حسنا أعتمد عليك أيها القاضي الأكبر في تجهيز الأمر لي بسرعة، عندما تنتهي أخبرني، سأكون أنتظر بالقرب من السجن المركزي"

غادر باسل و بقي القاضي الأكبر في مكانه يغلي من الغضب، أحكم قبضاته بشدة و اسود وجهه، و بعد لحظات، وقف ثم ضرب على الطاولة بشدة

بااام

انفجرت هالته من شدة غضبه ثم صرخ ساخطا "ذلك الشقي البغيض"

في العربة، بعدما اتجه باسل و البقية نحو السجن المركزي، تحدث الجنرال منصف بنظرة متحسرة سائلا باسل "أ كان عليك إغاظته لتلك الدرجة؟"

أخرج باسل من مكعب التخزين جزرة و عضها ثم قال "بالطبع، يجب عليك جعل ذلك النوع من الأشخاص يغضب، عندها سيقع في الفخ، فبغضبه غالبا ما سيكشف عن نفسه"

بالعودة لقاعة المحكمة المركزية، تذكر القاضي الأكبر همس باسل بأذنه سابقا بينما تضغط هالته على الأرض من تحته "أيها القاضي الأكبر، أنا أعلم بنوايا المحكمة المركزية الجيدة، لذا سأحرص على الاعتناء بها جيدا، فكما تعلم، أنا قادر على ذلك، فأنا قاتل الدم القرمزي المشهور بعد كل شيء، لا أحاول مدح نفسي هنا، لكني بعد شهور فقط من مجيئي للعاصمة كنت قادرا على تغيير حاكمها، لذا أضمن لك أنني سأكون عند كلمتي"

السجن المركزي

حراسة مشددة، معروف بأفضل و أسوء سجن بالعالم، ليس هناك أي سجلات عن هروب أي سجين منه، عرف كأفضل حاجز لأولئك الذي اتهموا بأشنع الجرائم في العالم، و اعتبر كأسوء كوابيسهم كذلك، من يدخله لا يحلم مرة أخرى حلما جميلا لبقية حياته التي يمضيها هناك، يحتوي على أشنع المجرمين إطلاقا بهذا العالم، من القتلة البسطاء إلى مرتكبي المذابح

علماء مجانين ارتكبوا جريمة عظيمة بمسهم للحرمة و أجروا التجارب على البشر، عصابات و قطاع طرق قتلوا السحرة و التجار من أجل إشباع رغباتهم و شهواتهم، و أشنع أنواع قراصنة البحر المعروفين في العالم بإبادتهم للعديد من القرى و المدن

كل هؤلاء المجرمين يدخلون لهذا السجن المركزي من دون الحلم بالنظر للسماء الزرقاء لمرة ثانية، كل هؤلاء المجرمين عبارة عن وحوش كانت فيما سبق بشر تخلوا عن إنسانيتهم، و الحكم عليهم لا يكون الموت، لأنه رحمة لهم، بل يتعذبون بشتى طرق التعذيب و أشنعها لطيلة حياتهم، يموتون آلاف المرات بعدد ما قتلوه من الناس

ليست هناك زيارات عديدة لهذا السجن، فمن يدخله غالبا لا يملك أي شخص ليزوره، و حتى لو كان، لن يستطيع الدخول سوى بموافقة المحكمة المركزية، لذا لن تجد سوى الشخصيات العظيمة من تستطيع زيارة هذا السجن، فيعيش السجناء في وحدة أبدية بغرفهم بقيود و قضبان من السحر تسجنهم

آخر زيارة لهذا السجن كانت قبل شهور بالفعل من طرف غرين كانديد لأخيه غرين هيملر، و الآن، بأمر من المحكمة المركزية، فتح السجن المركزي أبوابه لخمسة أشخاص مرة أخرى بعد أن كان محكم الإغلاق عن العالم الخارجي

انقسم هذا السجن لثلاث طوابق عميقا في الأرض


الطابق الأول كان به المجرمين الذين ارتكبوا جريمة قتل أو اثنتين أو ما عادل ذلك. هؤلاء، غالبا ما تلقوا عذابا تمثل في الإغراق بالماء الحارق و كسر العظام و نزع الأظافر و أجبروا على العمل ليل نهار

الطابق الثاني كان به المجرمين مثل العصابات و قطاع الطرق الذين قتلوا، اغتصبوا و نهبوا العديد من الأشخاص. هؤلاء، أجبروا على مرافقة الحراس في مهنتهم التي تتجلى في طعن السجناء برماحهم و تعليقهم بالمسامير على الحائط مع رش ملح أرخبيل البحر العميق عليهم مسببين لهم عذابا جسيما بالإضافة للتعذيب الذي يتعرض له سجناء الطابق الأول

الطابق الثالث و الذي احتوى على أشنع المجرمين في العالم، مرتكبي المذبحات و مدمري القرى و المدن، كالعلماء المجانين و المغتالين المشهورين إضافة لقراصنة البحر ذوي الاسم الثاقب، هؤلاء، وضع كل واحد منهم في زنزانة عازلة للصوت تماما بظلام أبدي غير قادرين على التواصل مع أي أحد بتاتا، و هذا الأمر يقودهم للجنون ببطء شديد، و بين الحين و الآخر، تفتح الزنزانة مما يجعلهم يظنون أنهم سيرون الضوء من جديد مرة أخرى، لكنهم يتعرضون لنفس التعذيب الذي يتعرض له الآخرون في الطابق الأول و الثاني مع اختلاف بسيط فقط بمردودية أكبر

كان مجرمي الطابق الثالث أسوء الشخصيات في العالم، و غالبا ما تلقوا التعذيب من مساعدي آمر السجن الخمسة بنفسهم، و تعذيبهم يكون عن طريق السحر. بعد دفعهم لحافة الجنون بالوحدة الأبدية، يُمنَحون أملا مزيفا عن طريق فتح البوابة، ليتفاجؤا باليأس الحقيقي

قبل مجيء باسل إلى هنا، أمر القاضي الأكبر آمر السجن بتجهيز غرفتين خاصتين لباسل بناء على طلب ذلك الأخير، غرفة يضع بها غرين شارلوت و أخاها، و أخرى يضع بها شاهين

بالطابق الثاني، بجانب المصعد الخشبي الذي يربط الطوابق معا

"ماذا...؟ إلى أين تأخذونني، لا، لأ أريد، أرجعوني لزنزانتي، لا أريد مغادرة الزنزانة، أريد الرجوع لها، لا تفعلوا، ألا تعلمون من أنا؟ إنني الأمير الأول و الإمبراطور القادم غرين هيملر، أبعدوا أيديكم القذرة عني، سأحكم عليكم بالإعدام، ألا تصدقوني، سو..."

دوو

ركل واحد من الحارسين اللذين يجران غرين هيملر بطن هذا الأخير حتى تقيأ الدماء ثم تكلم "أصمت أيها الحثالة، سأخبرك بشيء ممتع جدا، أنت لا تعرف هذا، لكن عائلتك قد أبيدت بكرة عن أبيها من دون بقاء أي أحد منها على قيد الحياة سوى شخص واحد و هو أختك التي انضمت إليك إلى هنا قبل شهرين، و أتعلم ماذا؟ الشخص الذي قام بإبادة عائلتك و الذي أصبح قائد جيوش الإمبراطورية الأعلى 'قاتل الدم القرمزي باسل' قادم بنفسه إلى هنا لزيارتك" تكلم الحارس بينما يحتقر غرين هيملر بنظراته و يضحك على حاله بشدة


"باسل... ! ؟" تردد هذا الاسم بمسامع غرين هيملر فجعله هذا الأمر يصرخ بجنون بينما يحاول التخلص من القيود و الحارسين "أفلتوني، أرجعوني للزنزانة، أرجعوني، لا أريد مقابلته، سوف أقتلكم، أنا الأمير الأول، أطلقوا سرا..."

دوو

ركلة أخرى في بطنه مسكتة إياه من الصراخ جاءت من الحارس الآخر الذي تكلم بعدما بصق في وجه غرين هيملر "أصمت أيها الحثالة" ثم قام هو و رفيقه بجره نازلين للطبق الثالث عبر المصعد الخشبي

أما غرين شارلوت و شاهين، فكلاهما كان بالطابق الثالث بالفعل، لذا قام الحراس بنقلهم للغرفتين المقصودتين

قُرِعت الأجراس معلنة بذلك عن مجيء شخصية مهمة لزيارة السجن، و بمجرد ما أن وضع الخمسة أقدامهم بالداخل حتى سمعوا الصراخ يأتي من جميع الجهات بينما يرمي السجناء أنفسهم على القضبان الحديدية و يحدقون بالآتي بعيون حمراء، كانوا يمدون أيديهم محاولين الوصول لأولئك الأشخاص الذين أتوا بألسنة متدلية، لكن كلهم تعرضوا للطعن برماح الحراس جاعلين إياهم يقذفون لداخل زنزاناتهم

البعض منهم استمر في الانقضاض مرة تلو الأخرى بالرغم من الطعنات التي يتعرض إليها محاولا الوصول لتلك الفتاة التي كانت كملاك زار الجحيم، و امتدت نظراتهم و أصواتهم المتلهفة لجسدها المثير

كان هناك العديد من السجناء يقومون بالعديد من الأعمال الشاقة، من الحدادة و صناعة الأسلحة إلى التنقيب عن المعادن مع جَلْدهم من طرف الحراس باستمرار

ركب الخمسة بالمصعد الخشبي و نزلوا للطابق الثالث حيث كان الهدوء هناك قاتل لدرجة مخيفة، لو أنك رميت إبرة على الأرض فسيسمع صداها مرات عدة و بشكل واضح

توجه الخمسة معا عميقا في الطابق، و أينما رميت نظرك، فسوف تجد زنزانات سوداء تماما كما لو أنها صندوق من دون مدخل أو مخرج، لا للصوت و لا للهواء، كل شيء معزول بتلك الزنزانات تماما، حتى عن السجن المركزي نفسه الذي تقع بداخله


بعد التحرك لمدة من الوقت، وصل أخيرا باسل و البقية للغرفتين المقصودتين حيث كانتا بجانب بعضهما البعض

دخل الخمسة للتي على اليمين، و بمجرد ما أن فتحت البوابة و وضع باسل قدمه بالداخل، حتى صرخ غرين هيملر بجنون "لا، أبعدوا هذا الوحش عني، لا أريد لقاءه"

كما صدمت غرين شارلوت و انكمشت في الزاوية التي كانت منكمشة بها بالفعل بينما تحدق بأنمار و باسل باستمرار بنظرة غارقة في اليأس و تمتم "أنا آسفة، أنا آسفة، لن أعيدها مرة أخرى"

حدق الحراس في حالتهما بتفاجؤ ثم غادروا بعدما كلمهم الجنرال منصف و أغلقوا الأبواب وراءهم بناء على طلب باسل

انطلق شعاع قاتل من أربعة أعين، شعاع أتى من أعين أخوا القطع و اخترق جسد غرين شارلوت جاعلا القشعريرة تصعد مع جسمها من شدة الرعب. أمامهما الشخص الذي تسبب في معاناة أختهما الصغيرة ذات العشرة سنوات، الشخص الذي عذبها بتجارب شنيعة، الشخص المتسبب في حالة أختهما الصغيرة حاليا، أرادا أن ينقضا عليها في أي وقت بعدما يسمح لهما باسل بذلك

و في الجانب الآخر، حدق الجنرال منصف بغرين هيملر باحتقار، كم من امرأة جعلها ثكلى أو أرملة أو الاثنين معا؟ و كم من *** يتمه؟ و كم من الناس و العائلات أضاع لهم حياتهم؟ فقط برؤيته، رجعت الذكريات للجنرال منصف عندما تجرأ هذا الوغد على لمس زوجته، و أخيرا أتت فرصته في أخذ انتقامه بالكامل

أخرجت أنمار كرسيا و كوبا من الشاي من مكعب التخزين ثم ذهبت للجانب بعيدا و جلست بهدوء بينما تشرب رشفة تلو الأخرى

أما باسل، فاقترب من غرين شارلوت و حدق بها باستمرار، ثم ذهب و فعل المثل مع غرين هيملر، جعل هذا الأخير ينضم لأخته الصغرى ثم أخرج كرسيا و جلس، وضع يديه على جانبي الكرسي كما وضع رجلا فوق الأخرى و تكلم بهدوء لكن بنبرة جعلت جسدي الأخ و الأخت من عائلة غرين يرتعد "حسنا، أخبراني عن ما مررتما به من تعزييب في هذا السجن"

"همم؟" تفاجأ الأخ و الأخت من الطلب، أيريد منهما تفسير ما مرا به؟ كيف لهما أن يتكلما عنه؟ فقط تذكرهما لذلك يجعلهما يقعان في يأس عميق، و كيف لهما أن يتحدثا عنه؟


لم يتكلما و انكمشا في مكانهما، فتكلم باسل مرة أخرى "كما تريان، ورائي أشخاص غير صبورين مثلي، و إن لم تتحدثا بسرعة، فلا أعلم ما قد يفعلونه بكم ! "

كان الجنرال منصف و أخوا القطع غايرو و كاي يريدون الانقضاض عليهم كالمفترس لذي تربص بفريسته لمدة طويلة حتى أتت اللحظة المناسبة لاندفاعه

بدأ غرين هيملر بالتكلم أولا، بينما يتعذب نفسيا في كل كلمة يخرجها عبر فمه حيث تُذكره بما مر به، و أكثر ما ركز عليه كان الرش بملح أرخبيل البحر العميق الذي يحرق الشخص عبر الجروح التي يلقى عليها و يجعل السجين يمر بجحيم لا يطاق، كان الشخص الذي يتعرض لهذا التعذيب يشعر بأن جسده يُحرق بنار شديدة الحرارة باستمرار من دون أن تخلف آثار الحرق، مما يتيح إمكانية التعذيب بالحرق من دون الحرق الفعلي لمدة طويلة

بينما يشرح غرين هيملر ما مر به، بدأ يعض أصابعه و ينكمش في مكانه من شدة الفزع، بعد قدومه إلى هنا، هو الشخص الذي لم يجرب آلاما قاسية في حياته، كان هذا المكان كالجحيم بالنسبة له

بعدما ما انتهى غرين هيملر سأله باسل بهدوء "هكذا إذا، أهذا كل شيء؟"

"ها؟" تفاجأ غرين هيملر من ردة فعل باسل، ما الذي يقصده بكلامه؟ ألم يسمع ما الذي مر به من تعزييب جهنمي؟ حير سؤال باسل غرين هيلمر، فقام هذا الأخير بإيماء رأسه بعدما حملق به باسل

أزاح باسل نظره عن غرين هيملر ثم نظر لـغرين شارلوت التي بمجرد ما أن التقت عينيها بالخاصتين بباسل، حتى حنت لرجليه بينما تترجى "أرجوك، سأفعل أي شيء، أرجوك ارحمني"

حدق بها باسل و بحالتها المزرية، اشمأز منها ثم ضربها برجله بينما يقول "ابتعدي عني، لو أردت منك شيئا فستفعلينه مهما حدث، و الآن، اشرحي لي كما فعل هذا الحثالة"

ارتعدت غرين شارلوت في مكانها ثم بدأت بالتكلم بصوت منخفض، فكلمها باسل "فليكن صوتك واضحا" مع أن باسل يمكنه سماعها، إلى أن هدفه من جعلها تتحدث عن ما مرت به من تعزييب ليس لأنه يريد أن يعرف، فقد رأى خلال طريقه إلى هنا بعض السجناء يتعذبون


شرحت له كل ما عانته هنا طيلة الشهرين الماضيين، و من دون أن تشعر، بينما تتحدث، نظرت لجهة أنمار الجالسة بعيدا ثم تذكرت ما فعلته بها، مقارنة بتعذيبها من طرف أنمار، فالتعذيب الذي مرت به هنا لا شيء، لكن لا يعني هذا أنه لم يأثر بها، فلم تخرج أي كلمة من فمها إلا و أخذت معها جزءا من روحها

وقف باسل ثم تكلم "كما توقعت، هناك التعذيب الجسدي و النفسي فقط، حسنا"

أخرج باسل بعض الأدوات الغريبة، من بينها كرسيين بقيود سحرية، و حوض مائي، مع بعض الأنابيب الرقيقة

شاهده الأخ و الأخت من عائلة غرين و حدقوا في ما يخرجه باسل بغرابة، بعد مدة من الوقت سألا باسل "هل انتهينا؟" و كانا يسألان بهذا غير مصدقان لذلك

حدق بهما باسل ثم قال "أظن أنكما أخطأتما في السؤال بسبب خوفكما، أقصدتما هل بدأنا؟"

ظهر الرعب مرتسما على وجهي غرين شارلوت و أخيها، ثم صرخا مع في نفس الوقت من شدة الرعب

قام باسل بتعليق الحوض المائي بالسقف مع إيصاله ببعض الأنابيب الرقيقة فكون ممرا للماء بين الحوض و الأنابيب الرقيقة، ثم وضع الكرسيين اللذين كان طول أرجلهما يصل لثلاثة أمتار أسفل الأنابيب الرقيقة تماما، و كان الكرسيين مندمجان مع الأرض تماما بسبب حفر مكان لهما و تثبيتهما عميقا

حتى الآن، لا يعرف أي أحد ما الذي ينوي باسل فعله غير أنمار التي جلست بهدوء مغمضة عينيها من دون التحرك بينما ينتظر أخوا القطع و الجنرال منصف الإشارة من باسل

قام باسل بالتكلم "اربطاهما بالكرسيين"

تحرك أخوا القطع و حملا غرين شارلوت المرتعدة و وضعاها على الكرسي ثم ربطاها، و كذلك فعل الجنرال منصف لغرين هيملر

جلس باسل ثم تحدث "من طريقة سردكما لما حدث لكما، أظن انه حقا كان تعذيبا مرعبا بالنسبة لكما، لكن بالنسبة لي، التعذيب الذي تختفي آثاره بهذه السهولة ليس بذلك الشيء الكبير، ستجربان معاناة مئات الناس الذين قتلوا من طرفكما في سبيل أهدافكما التافهة، التجارب على البشر و تحويلهم لوحوش، هل تعرفين العذاب الذي يمر عليهم؟ لا، لا أظن، فبعد كل شيء أنت لم تجربين آلام بحر الروح من قبل، بعد التعمق في البحث أكثر، وجدت أنك أنتَ يا أيها الحثالة من كان يغطي على اختفاء الناس الذي تسببه أختك"

"...أختك بقيت على قيد الحياة لسببين، أولهما، استخلاص المعلومات منها بينما هي في جانبك لأحرص على ربط النقاط كاملة و أستأصل المشكلة من جذورها، ثانيهما، جعلها تمر بكل ما مر به من أشخاص قامت بالتجارب عليهم"


"...بعد التفكير جيدا، لم يكن من المناسب ترككما تنجوان بأفعالكما ببساطة، 'الدم بالدم'، هذه الجملة تتردد بعالمنا كثيرا، لكنكما للأسف اقترفتما خطايا أكثر مما يمكن للدم وحده احتواؤها"

تحدث باسل مع الاثنين اللذين ربط رأسهما مع قمة الكرسي مما جعل جبهتهما موجهة نحو الأنبوبين الرقيقين الموجهين نحوهما، و هذا الأمر جعلهما يرتعدان كثيرا، فليس هناك ما هو أكثر إخافة من المجهول

"...لقد تعلمت الكثير من التقنيات لجعل الشخص يتكلم، بعضها لا يترك الشخص عاقلا بعد تجريبه لها لمدة قصيرة فقط و فتكها لجسده، لكني لست مولعا بها لنقص جماليتها، لكن كانت هناك طريقة جذبت انتباهي أكثر من الأخريات، كانت طريقة بسيطة، سهلة، غير مرهقة، سريعة و ليست قبيحة. كانت تجاربي الهادفة لتعليمي تقام على الوحوش السحرية، و عندما جربت هذه الطريقة لأول مرة، أتعرفين بماذا شعرت؟"

حدقت غرين شارلوت بـباسل الذي حملق بها بحقد ثم قال "لقد شعرت بالاشمئزاز التام حتى من هذه الطريقة التي اعتبرتها الأفضل من جميع النواحي، كيف لشخص أن يقوم بمثل هذه الأعمال المتوحشة؟ القتل أسهل من ذلك بكثير، لكني مع ذلك تعلمتها كلها، لأنني أخبِرت بأنني سأحتاجها في يوم من الأيام، سيأتي يوم أكون شاكرا لتعلمي إياها، لكن للأسف، حتى الآن لا زلت أشعر بالاشمئزاز فقط"

"...فكيف لكي أن تشاهدين كل أولئك الناس تتعذب من دون أن تشعرين بأي شيء؟ قد لا أكون شاكرا حتى الآن لتعلمي هذه الطرق، لكني أعترف بأنني سأحتاجها بين الحين و الآخر، فلا أظن أن هناك طريقة أخرى لجعل حثالة مثلكما يمران بعقاب مناسب لهما، لذا سأضطر للشعور بالاشمئزاز من فعل مني في كل مرة أقوم بها"

وقف باسل ثم تحدث "هناك ذلك المثل، قطرات الماء تنحت الصخر، ليس بقوتها لكن بتواصلها، و من خلالها أتت فكرة التعذيب هذه، قطرة قطرة، و مع كل واحدة، تقترب الضحية من الجنون قبل أن تصل للموت، هناك مثل طريقة التعذيب هذه، استعملت على الناس العاديين فقط، ربطوا و أجبروا على مشاهدة قطرات الماء المتواصلة تنزل على جبهتهم، و بما أنها تأخذ وقتا طويلا، فغالبا ما وصلت الضحية للجنون قبل أن تموت عبر الحفرة المصنوعة بجبتها بسبب قطرات الماء المتواصلة"

بدأ الأخ و الأخت يرتعدان أكثر مما كانا عليه و يترجيان باسل على حياتهما، حملق بهما باسل ثم قال "ها أنتما ذا، سأذكركما بشيء ما، هذا الشيء هو الذي يجعلني لا أرحمكما مهما أصبح شكلكما مزريا، كم مِن مرة استنجد مِن المئات التي عذبتما بنفس طريقتكما هذه؟"


صمت الأخ و الأخت تماما بينما بدأت تنهمر دموعهما، فتكلم باسل "بالطبع لا تذكران، لكني بعد بحثي الطويل، كنت قادرا على تقريب العدد، لقد قمت أيتها العاهرة بالتجارب على 450 شخص، منهم 300 ***، و أنتَ أيها الحثالة تسترت على أفعالها، كما قتلت الكثير من التجار عبر استخدام قطاع الطرق و العصابات، و لا أعلم حقا كم من شخص قد قتلت، لكنه لن يكون أقل مما فعلت هذه العاهرة على الأغلب بما أن عمرك أكثر منها بكثير"

"...و الآن، لنعد لموضوعنا، تلك الطريقة استعملت على الناس الطبيعيين، لكنها لن تنجح على السحرة المتفوقين جسديا و ذهنيا على الناس الطبيعيين، لذا ما رأيكما بهذا؟ قطرات من الماء الممزوج بالطاقة الخالصة، ستتوغل عبر نقطة أصلكما الموجودة بجبهتكما لتسبب عذابا جهنميا في مسار نقطكما الأصلية و بحري روحكما، و بالطبع بعد تجربتكما لهذا الألم، انتظاركما للقطرة القادمة و خوفكما

من قدومها مرة تلو الأخرى سيقودكما للجنون التام، عندها سيكون التعذيب ذو مفعول حتى على ساحر، و على عكس الطريقة الطبيعية التي تأخذ وقتا طويلا، فهذه الطريقة المطورة تأخذ وقتا أقصر بكثير حتى على ساحر"

"...إن أردت تعزييب ساحر ما نفسيا و جسديا من دون إرهاق نفسك، فعليك بهذه الطريقة، فهي الأكثر راحة و قسوة، الأكثر راحة لمطبقها، و الأكثر قسوة للمطبقة عليه، و الآن بعد فهمكما لما سيحدث لكما، لما لانبدأ في التطبيق، فكما تريان، القاعدة الأولى في تنفيذ هذا التعذيب، هو شرحه الكامل للضحية، هكذا يبدأ هذا التعذيب"

بعد انتهاء باسل صرخ الأخ و الأخت بجنون، حاولا كسر الكرسيين لكنهما لم ينجحا في ذلك، حتى أنهما نسيا أن سحرهما مقيد فحاولا استخدامه، اهتزا بشدة من الرعب، و مع ذلك، لم يتحرك قلب باسل و لو قليلا، قد يكون يشعر بالاشمئزاز من التعذيب الذي ينفذه، لكن هذا لم يمنعه من القيام به لشعوره بضرورته

"لماذا تفعل هذا؟ لماذا؟ ليس و كأن لك علاقة بهم" تحدثت غرين شارلوت بعدما فشلت كل محاولات استنجادها

دعم أخوها كلامها "هذا صحيح، أنت لم تأت للعاصمة إلا قبل أقل من عام، لماذا تهتم لهذه الدرجة بمن قتلنا أو عذبنا؟ نحن لم نقترب منك حتى"

حملق بهما باسل ثم تحدث بلهجة باردة و خالية من المشاعر "معكما حق، حتى أن إزعاجك لي أيتها العاهرة قد تم تسويته من قبل أنمار، أما أنت أيها الحثالة فلم تزعجني، لأنني أنهيت أمرك قبل أن تفعل"


صرخ الأخ و الأخت عاليا "إذا لماذا؟ اتركنا و شأننا إن لم يكن لديك أي شيء تجاهنا"

حملق بهما باسل ثم أجاب "أتفق معكما أن لا علاقة لي بالناس الذين آذيتهما، لكني لا أتفق معكما في أنني ليس لدي أي شيء تجاهكما"

عبس الأخ و الأخت و صنعا وجها متسائلا

ازدادت نظرات باسل خلوا من المشاعر ثم قال "اثنان لا يبلعان لي مهما حدث، الجزر المرّ و الحثالة مثلكما"

صمت الأخ و الأخت بعد جواب باسل تماما

شحذ باسل طاقته السحرية الخالصة بإصبعي السبابة من كلتا يديه ثم ضرب نقط أصل غرين شارلوت كلها بنفس الوقت بسرعة فائقة، و كذلك فعل مع أخيها تباعا لها

فإذا بنقط أصلهما تشع كثيرا، و بما أنهما مقيدان، فليس لهما تحكم فيهن، شاهد باسل هذا الأمر و تكلم "هذه أول مرة أطبق فيها هذه التقنية، لم تكن لدي من قبل السرعة الكافية للقيام بها من قبل، إنها تقوم بتهييج نقط الأصل و جعلها غير محصنة، لكنها لن تنجح إلا إذا تم ضرب جميع نقط الأصل كلها مرة واحدة، و حتى لو نجحت، فسيقوم الساحر بإعادة ضبطها و جعلها تهدأ، لذا لا تنفع إلا في التعذيب، عندما يكون الساحر مقيدا، فليس هناك أي احتمال لمراوغته أو ضبطه لنقط أصله"


وجه باسل طاقته الخالصة و مزجها مع ذلك الماء الذي بالحوض ثم قال "هذا ماء من منطقة محظورة، و هذا يجعله أكثر قابلية للاندماج بالطاقة الخالصة، لذا عندما ستلتقي قطرة من هذا الماء بنقطة أصلكما، عندها ستشعران بآلام بحر الروح، عندها ستشعران بآلام كل الأشخاص الذين جعلتهما يمران بمثل ما ستمران به، و إليكما كلمتي كشخص مجرب لآلام بحر الروح، ستشعران أنكما تموتان مئات المرات في لحظات"

انتهى باسل من توجيه طاقته السحرية الخالصة ثم حمل حبلا متصلا بالحوض المائي و سحبه قليلا و أرخاه، فإذا بقطرتين من الماء تبدأ بالمرور من الحوض المائي للأنبوبين الرقيقين

حدقت غرين شارلوت بالقطرة القادمة بالأنبوب ببطء شديد، و هذا الأمر زاد من عذابها فقط على المستوى الذهني و العقلي، و بالطبع، لم يكن أخوها في حالة أفضل منها، فلقد بلل سرواله بالفعل من شدة الفزع

خرجت القطرتين الأوليتين من الأنبوبين و نزلت مباشرة نحو جبهتي غرين شارلوت و أخيها غرين هيملر اللذين حدقا بالقطرة بينما تكبر صورتها بالنسبة لهما شيئا فشيء بسبب اقترابها من أعينهما حتى التقت بجبهتهما

نزلت القطرة على نقطة الأصل و سُمِع صوت كنزول قطرة من الماء في بركة، و تواليا مع هذا الصوت، دوى صوت آخر، كان صوت الأخ و الأخت اللذين صرخا بجنون

اهتزا في كرسيهما و تحركا بجنون و بطريقة مروعة في مكانهما من دون التوقف و لو للحظة عن الصراخ من الآلام، توغلت تلك القطرة لنقطتي أصلهما بالجبهة و جعلت مساري نقط أصلهما مضطرب كليا مما تسبب في اضطراب بحر الروح تباعا لذلك ليبدآ بالشعور بآلام جهنمية لا يستطيع الشخص الطبيعي تحملها و لو قليلا

استمر الأخ و الأخت في الصراخ قبل أن يهدآ أخيرا بعد مدة من الوقت بسبب معالجة بحر روحهما التلقائي و تنقيته للطاقة الخالصة الغريبة، و عندما حدث هذا الأمر، سكت الأخ و الأخت أخيرا، لكن نظرتهما تغيرت من المرتاحة للمرتعبة مرة أخرى بعدما ريا قطرتين أخريين نازلتين عبر الأنبوبين الرقيقين، بدآ يصرخان و يتحركان بشكل غريب، لكنهما مهما حاولا، كان الكرسيين ثابتين و وجههما موجه للأعلى لترى أعينهما اقتراب القطرة القادمة مرة أخرى و يغرقان في اليأس في كل مرة يحدث ذلك

صرخاتهما تسببت في ثقب آذان الناس، و لولا كونهم في غرفة عازلة للصوت تماما، لبلغ صوتهم خارج السجن المركزي

حدق باسل بهما بنظرة غير مرتاحة بتاتا، ذات يوم أخبره معلمه أنه سيحتاج للقيام بمثل هذه الطرق مع بعض الأشخاص، ذات يوم سيكون شاكرا لتعلمه مثل هذه التقنيات، لكن باسل حاليا لم يكن يعتقد أن هذا اليوم سيأتي أبدا، فحتى لو اعترف بأنه سيحتاج لمثل هذه الطرق، لا يعتقد أنه سيكون شاكرا لذلك أبدا

و هكذا، أصبح مزاج باسل أكثر سوءً مما هو عليه حتى الآن، لكنه مع ذلك، حتى لو اشمأز من هذه الأسلوب الذي ينفذه، إلى أنه لا يعتقد أن غرين شارلوت و غرين هيملر لا يستحقانه، فلو كان كذلك، لم يكن ليجعلهما يمران به

كره باسل أي نوع من التسلط و التحكم، و خصوصا إن كانا يطبقان عليه، لذا كره حتى هذه الحالة التي جعلته مضطرا أن يقوم بشيء يكرهه، و لم يجد جوابا آخر غير استئصال مثل هذه المشاكل من جذرها تماما و عدم السماح لها بالحدوث ثانية كي لا يضطر للقيام بشيء يزعجه مرة أخرى

بعد مرور على تعزييب باسل لغرين شارلوت و غرين هيملر قليل من الوقت، استخلص منهما المعلومات ثم قال بينما يتوجه نحو بوابة الغرفة "سأترك لكم الأمر هنا، لا يهمني ما تفعلونه بهما، ذلك حقكم و يجب عليكم أخذه بأيديكم، ذلك الحوض المائي يحتوي على 1000 قطرة، بمعنى أن هناك 500 قطرة لكل واحد منهما، مما يجعلها مطابقة تقريبا لعدد الأشخاص الذين عذبوهم" تكلم باسل مع أخوا القطع و الجنرال منصف ثم غادر فرافقته أنمار

بقي أخوا القطع و الجنرال منصف أمام غرين شارلوت و غرين هيملر و حدقوا بهما بنظرة حقودة للغاية، بالنسبة لأخوي القطع، كان أمامهما الشخص الذي عذب أختهما الصغيرة بتجارب شنيعة لا تطاق، فتلقائيا، سيطرت مشاعرهما عليهما و غمرت نية قتلهما غرين شارلوت خانقة إياها

في الجانب الآخر، كان الجنرال منصف يحدق بغرين هيملر الذي تجرأ على لمس زوجته، لو أنه تأخر فيما سبق و لو للحظات، لكان قد اعتدى على زوجته و اغتصبها. لمس غرين هيملر شرفه و شرف زوجته، هذا كان أسوء من موته على يده، قلبه احترق بشدة طيلة هذه السنوات، و أخيرا أتت فرصته ليرد دينه

سحب الثلاثة الحبل فجعلوا الاثنين يمران بالجحيم من جديد، كانت تلك مجرد قطرة سحرية خالصة تتوغل عبر نقطهما الأصلية، و بمقارنتها مع العذاب الذي مر به كل من قاموا بالتجارب عليه، كانت لا شيء، من تعذب على أيديهما بسبب التجارب مر بجحيم أكبر بكثير من هذا، فهناك من لم يكن بساحر حتى، و نقط أصله لم تفتح بعد، لكنها أجبرت على ذلك مما تسبب في تكوين بحر روح غير متراص و يمكنه الانكسار في أي لحظة، إضافة لذلك، شرعوا في جعل بحر روحهم يتعرض لطاقة سحرية خاصة بأحجار الأصل، الآلام الناتجة عن هذا كان أكبر بكثير من مجرد آلام ناتجة عن قطرة واحدة، تحويل البشر لوحوش أمر لا يمكن أن يكون بالهين، للكسب يجب أن تتخلى عن شيء يعادل ما ستكسبه

في الجهة الأخرى، دخل باسل و أنمار للغرفة المجاورة، وجدا شاهين معلقا بحبال مقيدة للسحر مع وجود الكثير من الأغلال تقيده بينما تسيل منه الدماء، و عندما وطأت قدم باسل الغرفة، تكلم شاهين قبل أن يرفع رأسه "لقد انتظرتك كثيرا بالفعل، أمن عادتك ترك زوارك ينتظرونك كل هذه المدة؟" ثم رفع رأسه فإذا بصورته تظهر، كان وجهه محروقا كما كان جسده

تكلم باسل "يبدو أنهم تفننوا في عملهم"

"همم ! " استهجن شاهين ثم قال "مهما فعلوا لن يكون بمقدورهم إخراج و لو كلمة واحدة مني"


"هذا ما سمعت، يبدو أنك التزمت الصمت طيلة الشهرين الماضيين" ابتسم باسل ثم قال "لكن لا يمكنك الجزم بالمثل معي"

"غر مثلك، يحسب نفسه قد بلغ الذروة" تذمر شاهين ثم قال بهدوء "كما لو أن صعلوكا مثلك سيكون قادرا على إخراج و لو كلمة واحدة مني ! "

تكلم باسل باستهتار "أو لم أفعل بالفعل؟"

حملق به شاهين ثم قال "كفانا سخرية، هدفك من القدوم إلى هنا واضح، لذا سأنصحك بشيء جيد من الآن، بعد المرور بالتعذيب الجهنمي هنا من طرف أولئك الخمسة مجتمعين علي، لا أظن أن غرا مثلك قد بدأ الحياة للتو سيكون قادرا على جعلي أتكلم، وفر على نفسك بعض العناء و أرحني معك"

ضحك باسل ثم قال له "يا لها من ثقة لديك، سأنورك ببعض الأشياء، أنا أعرف كل ما تعرفونه، فلما تظن أنني لا أعرف بعض التقنيات التي لكم علم بها و تساعد على استخراج المعلومات؟"

حدق شاهين في باسل فشحب وجهه بعد قليل من الوقت، عندها ظهر حوله جوا من التوتر، و صمت لمدة طويلة قبل أن يبدأ الكلام مجددا بصياح "أيها الغر، أنت لا تعرف مع من تتعامل، لا تظن أنك سوف تنجو بأفعالك هذه، لقد غاب أخي الأكبر عن المقر لشهرين متتابعين مع فقدان التواصل به، عاجلا و ليس آجلا سوف يعرفون السبب جيدا، و عندها ستحل الكارثة عليكم، قد تكون فخورا بكونك ساحرا بالقسم الثاني من مستويات الربط، لكن صعلوك لعين مثلك قد دخل لمستويات الربط حديثا سيكون مثل وجبة خفيفة للقدماء الكبار الآخرين، أنت لا تعرف مع من تتعامل فقط أيها الشقي المجنون"

اقترب باسل و تكلم بهدوء "معك حق في نقطة، أنا لا أعرف مع من أتعامل، لكن أليس هذا هو سبب مجيئي إلى هنا من الأول؟"

"أيها..." صدم شاهين، لقد حاول إخافة باسل لكن الأمر لم ينجح

تكلم باسل "يبدو أنكم كنتم تحالون اصطحابي معكم حيا عند قدومكم في البداية، على الأغلب كنتم ستعذبونني بشتى طرقكم لأبوح لكم بما تريدون معرفته، لكن إنها 'وا أسفاه' بالنسبة لكم"


أخرج باسل كرسيا ثم بعض الأدوات الأخرى فجعل هذا الأمر شاهين يرتعد في مكانه بينما يصرخ "أيها المجنون، أتريد تكسير بحر روحي؟"

"همم...؟" استغرب باسل ثم قال له "بالطبع لن أفعل، لكن بما أنك تعرف نهاية هذا التعذيب القاتلة، فلا بد من أنك قد نفذتها أو على الأقل سبق و أن حضرتها"

بلع شاهين ريقه ببطء شديد ثم قال "و مع ذلك، لن أبوح بشيء، خوفي منك ليس بالقدر الذي أخافه منهم"

استعد باسل جيدا ثم توجه نحو الحبلين اللذين يعلقان شاهين و قال "خوفك مني أو من غيري لا دخل له بالموضوع، هذا الأخير يتعلق بدرجة تحملك للتعذيب، و عندها سنرى إن كان خوفك هذا سيمنعك من التكلم و يجعلك تتحمل كل تلك الآلام"

قام باسل بربط شاهين بالكرسي ثم قال "حسنا، لما لا نبدأ"

صرخ شاهين "ستندم على هذا قطعا، سينتقم القدماء الكبار و سيدنا ظل الشيطان لنا، عندها لن ينفعك حتى ندمك ذاك"

و في لحظة، سُمِع صوت كنزول قطرة في بركة من الماء يتبعه صوت صراخ عظيم دوى في الغرفة

***


في هذه الأثناء، بالقاعة الرئيسية الخاصة بالقصر الإمبراطوري

"لقد بلغت حدودي بالفعل، لقد سمعت بعض البلاغات الغير سارة تأتي من أتباعي بعاصمة إمبراطوريتي، لا يمكنني الانتظار لأكثر من هذا، فلنقم الاجتماع حالا، غير ذلك، سنغادر و لا تحلم بالحصول على مساعدة منا، حتى التحالف الذي كان بين الإمبراطوريات اعتبره ملغيا"

صرخ إمبراطور إمبراطورية 'الرياح العاتية' غلاديوس بوجه الكبير أكاغي بغضب. تعامل باسل الغير محترم تجاهه جعله يصل لقمة غضبه، ليس هناك من تجرأ على معاملته هكذا منذ أن أثبت نفسه و قتل الإمبراطور السابق ثم اغتنم العرش

تكلم إمبراطور إمبراطورية 'الأمواج الهائجة' شيرو معلنا عن استياءه "قد يكون ذلك الفتى قد أظهر قوة استثنائية بالفعل، لكن لا يمكنك ترك فتى في مثل عمره يتحكم في أعمالك، و كما قال الإمبراطور غلاديوس، عدم إقامتك للاجتماع حاليا، ستكون بمثابة تصريحك بعدم مساواتنا لذلك الفتى بالمكانة، و مثل هذا الشيء لا يمكننا تقبله"

حدق بهما الكبير أكاغي ثم قال "أنا لا يتحكم بي أحد، و لا أهين أحد، و أجزم لكما بنية القائد الأعلى باسل الخالصة، هناك معلومات يجب أن نشاركها نحن الثلاثة في سبيل الاستعداد للشر الأعظم، و تصريحكما الحالي بفسخ التحالف لن يكون له أي ضرر على أي أحد آخر سوى نحن أنفسنا، القائد الأعلى باسل لديه بعض الأعمال المهمة التي يجب عليه الاهتمام بها، و عند انتهاءه منها سيوفر لكما الوقت الكافي"

عبس الإمبراطور غلاديوس ثم قال "واحسرتاه، لقد سقطت من عيني أيها الإمبراطور أكاغي، ظننت أن عائلة كريمزون عادت جالبة المجد معها، لكن يبدو أنها كانت مجرد دمية يتحكم بها وحش صغير"

"أنت..." تواجد شيوخ عائلة كريمزون بالجانب، و لما سمعوا مثل هذا الكلام، صاحوا في وجه الإمبراطور غلاديوس

أدار الإمبراطور غلاديوس وجهه ثم قال "ماذا هناك؟"

تدخل الكبير أكاغي فرفع يده تجاه الشيخ الذي تحدث موقفا تدخله، ثم نظر للإمبراطور غلاديوس و قال "بعد مدة ستعرف أنك الخاسر أيها الإمبراطور غلاديوس، لا تلمني عندما يقترب من إمبراطوريتك شر لا يمكنك إبعاده"


"همم ! " استهجن الإمبراطور غلاديوس و غادر فتبعه الجنرالان اللذان يرافقانه دائما

تكلم الكبير أكاغي "ماذا عنك أيها الإمبراطور شيرو؟"

وضع الإمبراطور شيرو يده على ذقنه ثم فكر لقليل من الوقت قبل أن يقول "يبدو أنني سأنتظر لقليل من الوقت............... يتبع!!!
تسلم ايدك جملا اوى ومشوقه جدا بجد
 
المشكله انه مش هيعمل حاجه
هيبعت الشيطان انمااار تخلص الليله🤧😂
لو انمار انا موافق يبعتهالى انا يا عم
 
  • عجبني
التفاعلات: مصطفى بشندى
ايه يا فنان ؟
فين الجزء الجديد ؟
 
  • الكلام ده مش عجبني
التفاعلات: Ehab Demian
  • حبيته
التفاعلات: Ehab Demian
انمااار لياا انااا🙂😈🔪🔪🔪🔪
ابتدينا فى النفسنه و العواء
انا من الاول و انا مع انمار و لكن انت منطهدها و انا مسمحلكش
 
  • بيضحكني
التفاعلات: BABA YAGA
  • أتفق
التفاعلات: BABA YAGA
قشطه
فين الجزء الجديد ؟
هو بسبب ان انا وصديق ليا هنا بنعمل مسابقه في المنتدي
والمسابقه دي خدت اغلب وقتنا ف لسه الجزء مجهزش خالص
ف ان شاء **** هحااول علي قد مقدر اني انزله انهارده ولو منزلش
انهارده يبقي هينزل بكره حكد اقصي ان شاء **** 🙏🥀🥀🥀🥀
 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى أسفل
0%