NESWANGY

سجل عضوية او سجل الدخول للتصفح من دون إعلانات

متسلسلة التحكم عن قرب _ حتي الجزء العاشر 1/10/2023

أولا لنكن متفقين ... نحن هنا في منتدى جنسي ... وجميع المواضيع المطروحة تقع تحت حماية إدارة المنتدى ... الحرية في الميول والأفكار والشبق والخيالات الجنسية مكفولة حسب قوانين المنتدى ... أي تعليق من مدعي الأخلاق غير مقبول بالنسبة لي ... أتقبّل النقد الأدبي للقصة ... نقد العمل القصصي لا غير ...

الفكرة وليدة فكر صاحبها وهو الوحيد المسئول عنها ... القصة مبوبة تحت باب جنس المحارم ... وأنت الآن دخلت بمحض إرادتك للاطلاع على محتويات هذا الباب ... فان كانت الفكرة تزعجك وتسبب إليك أي نوع من أنواع الحساسية فلما أنت هنا ؟؟؟

ثانيا ... تواجدك في منتدى يخلع عنك بصفة آلية جلباب الأخلاق ... فلا تحدثني عنها ولا تشر إليها لأنك لا تمتلكها ...

ثالثا هي مجرّد توطئة... بعد كتابة فصلين مختصرين من المذكرات وجدت انه لزوما عليا ومن باب المصداقية قبل إنهاء الفصل الثالث دخول تجربة هنا ... ولأسباب أخرى عديدة قررت خوض غمار قصة جنسية للمرة الأخيرة ... ان كانت نتيجة المحاولة الأولى مع أولائك إصابتي بمرض فقدان التوازن فأرجو أن لا تسبب لي تجربتي معكم شللا رباعيا ...

الجزء الأوّل

اللعنة على هذا الحذاء ... كلما تقدمت به خطوة للأمام إلا وازداد الألم في رجلي ... الم رجلي يذكرني بألم نفسي ... حذاء حسام ابن خالتي القديم ... كل ملابسي وكتبي وأدباشي هي ما تخلّص منه حسام ... أو أمه إن صح التعبير ...

مذ وعيت على الدنيا وأنا البس ما ضاق عنه ... ادرس بكتبه القديمة ... حتى بطني لا تشبع إلا عند زيارتنا لبيت خالتي ... لم احتج يوما على وضعي ... في بداية سنين الطفولة لم يشكل الأمر عائقا لي ... بل بالعكس ... لكن الطبيعة لم تشأ إلا التضييق عليا في كل تفاصيل حياتي ... طبيعة لم تستوعب أن أمي براتبها البسيط لا تستطيع توفير ملابس جديدة لي ... فلماذا ينمو جسمي لأسبق في المقاسات جسم حسام ...

حذاء ضيق وبنطلون يجاهد في وسطي أن تنفلت احد أزراره ... وقميص يضيق على صدري أكثر مما يضيق صدري بهمومي ... مع ضيق الحذاء يزيد ضيق الحال من معاناتي ... ديون أمي عند صاحب الدكان القريب من بيتنا تجبرني أن اسلك مسافة كيلومترات يوميا بين المسالك الفرعية لاقتني حاجياتنا من مغازة وسط البلد ... وأعود متبعا متاهة من الأنهج الضيقة المتعرجة بخطايا العرجاء من الألم ...

الكيس البلاستيكي بدأ يجرح أصابعي ... أحد المقاعد الخشبية على ناصية الطريق ... كان ملجئي من الألم المضاعف ... وضعت الكيس بجانبي وأخفيت راسي بين راحتي علي ارتاح ولو مؤقتا من عذابي الدائم ...

وضعية جلوسي فرضت عليا النظر غصبا عني لحذائي ... ماركة عالمية معروفة ... كان غالي الثمن حال شرائه ... في بلدنا نعرف القيمة الاجتماعية للشخص من حذائه ... إشارة تقطع كل أمل لي في المستقبل ... لن أكون الا مستودع قمامة لما يتخلّص منه ابن خالتي ...

خالتي أكبر من أمي بسنوات قليلة ... متزوجة من موظف كبير في الحكومة ... مرتب مرتفع ... منصب مهيب ... سيارة إدارية ... مسكن وظيفي ومساكن أخرى فرعية للتصييف ... الموظفون السامون هم من يتخذون القرارات المصيرية للدولة ... يتحكمون بالميزانية ... بتقسيمها ... اغلبها تصرف لتوفير ظروف عيش مريحة للموظفين ورغم ذلك يرتشون ...

أمي تزوجت بعد خالتي بسنتين ... تزوجت أبي عن حب ... أبي لم يسعفه الحظ في الانتساب للوظيفة العمومية ... كان صاحب مكتب حسابات ... أنا لم اعرف أبي إلا من الصور ... توفي وأنا لازلت أتعلم المشي ... تركني أتعثّر في خطواتي ...

مقارنة بين صورة خطواتي الأولى المتعثّرة ... حذاء صغير جميل عليه رسوم ميكي ماوس و يد والدي القوية الحنونة تسندني عن بعد ... الآن وأنا تجاوزت الثامنة عشر ... خطواتي لا تزال تتعثّر في حذاء قديم يقضم أصابعي ... والسبب فقدان يديه لتسندني ...

طعم مالح انسل لشفتي من دمعة سكبتها عيني ... طالما بكيت خلسة ... لا أعلم هل ابكيه أم ابكي نفسي ... لكني اشتاق إليه ...

نسمة باردة تدغدغ ضلوعي تعلمني أني تأخّرت في العودة ... الم مضاعف مع إسراعي في المشي خوفا أن أتأخر عن أمي ... أمي التي لعبت دور الأب والأم في نفس الوقت ... صارمة وذكية ولا تفوتها النسمة المتسلّلة من تحت الباب ... تراقب كل حركاتي تخشى عليا من كل شيء ومن أي شيء ...

تقول دائما أني ثروتها التي استثمرت فيها عمرها ... هي ستبلغ الأربعين قريبا ... أرملة منذ ما يزيد عن ستة عشرة سنة ... تحمّلت الوحدة والفقر والغم لأجلي ... دين آخر يزيد في ضيق صدري ...

انا عن نفسي لم أكلفها شيئا سوى مصاريف الأكل ... نسكن في بيت تركه لنا والدي ... البس ما ترميه خالتي لي بسرور بصدق أحيانا وأتظاهر به أحيانا... اجتهدت في دراستي فلم أكلفها مليما في دروس خصوصية بل كنت اكسب مصاريفي من إعداد بحوث الدراسة لزملائي المرفهين...

نجحت في البكالوريا بتفوّق ... انتظر التوجيه ... أريد الالتحاق بإحدى كليات المحاسبات ...

كنت أحلم أن أصبح محاسبا كأبي ... أن أحقق حلمه وانجح في عمل هو يحبه ... هدف لم ينصفه عمره أن يصل إليه ... استقبلني مشهد سيارة خالتي تقف أمام بابنا ... زادت نفسي ضيقا ... دفعة أخرى من ملابس ستحشر فيها كرامتي قبل جسمي ... ومشاعر مصطنعة مني بالعرفان بالجميل ...

دفعت الباب الحديدي الصدأ بعنف ... صوت قرقعته هو حمايتنا من زائر غير متوقع ... نظرة لليمين والشمال للحديقة الصغيرة ... حركة لا إرادية أهيئ بها صدري و عضلات وجهي للابتسام لمصدر الذل في حياتي ... مع وصولي للباب الخشبي ... صمت يوحي أن قدومي قطع موضعا مهما بين الأختين ...

سلام حار مصطنع مني وبارد حقيقي من خالتي ... وضعت كيس المقتنيات في المطبخ ... وجلست بعيدا عند باب الصالون ... أثاث بيتنا لا يزال يحتفظ برونقه رغم مرور السنين ... لم أكن استمع لما يدور بينهما ... لكني متأكّد أن وجودي تسبب في تغير الموضوع ... لا اعلم لماذا لكني كنت مستمتعا بتأثيري السلبي عليهما ...

طال وجودي الغير مرغوب فيه مما اضطر خالتي للانصراف ... تابعت خطواتهما وأمي توصلها للباب ... أمي أجمل منها بكثير ... فقط الملابس الفخمة هي التي تمنح خالتي تألقها .. وربما تسريحة الشعر والحذاء العالي الذي يرفع مؤخرتها ... كذلك الماكياج ....

أمي في بيجامتها المترهلة تبدو أجمل منها ... لا توجد امرأة أجمل من أمي ... حكمة لا أعلم أين سمعتها .... طالت وشوشتهما عند الباب فانسحبت لغرفتي ...

منزلنا مكون من طابقين ... على الطراز الأمريكي ... غرفة معيشة او الصالون يستقبلك عند دخول البيت بأثاثه ومكتبته, في آخره على اليمن مطبخ مفتوح بمصرف رخامي اجتهد أبي أن يتناسق مع ألوان الرخام فيه ... شبابيك بلورية كبيرة تطل منها بعض شجيرات الزينة من حديقتنا الصغيرة ... انعكاسها كلوحة زيتية تفنن رسام مجتهد أن يبرز تفاصيل الروح الساكنة فيها ... بجانب المطبخ حمام كبير يتوسطه مغطس مدور يتسع لثلاث أشخاص بالراحة ...

الطابق العلوي مكوّن من 3 غرف ... غرفت نوم أمي وغرفتي وغرفة ثالثة ... حرم موت أبي جدرانها أن يسكنها أخ أو أخت لي ... تلك الغرفة مغلقة دائما ... أمي ألقت فيها كل متعلقات أبي ... وأغلقت على ذكريات زمن جميل لم أعشه ... يفصل بين الغرف ممر واسع ينتهي ببوابة بلورية تستقبل نور الشمس من شرفة نصف مستديرة ...

طال الوداع بين أمي وخالتي مما يوحي أن أمرا مهما تطلّب نقشا مستفيضا بينهما ... لجأت للحمام أعالج ورم رجلي من اثر المشي بالحذاء الضيق ... الماء البارد يخفف توتر مسام جلد أصابعي الغضّة ... برودة الماء أشعلت رغبتي في الاستحمام ...

نصف جسدي مختفي في المغطس البارد ... برودة علها تعالج التهاب روحي وجسدي ... شعور نفسي بالضيق والاختناق ... لم أجد له مبررا ...

أغمضت عيني وحاولت أن أتخيل واقعا غير هذا الواقع ... نصف الغرق ونصف الطواف ... نصف البرد ونصف الحر ... نصف الواقع ونصف الخيال ... لا اعلم أين تاه بي خيالي البسيط وكم استغرقت رحلتي في اللامكان واللازمان ... واللافكرة ...

نقر خفيف على الباب سحبني للدنيا ثانية .. صوت أمي تعلمني أن العشاء جاهز ... ملتحفا بمنشفة نصف مهترأة تخفي نصف جسدي السفلي وقطرات ندية تداعب مسام صدري ... ارتديت شورت قصيرا كان يعاني ليجف في حبل معلّق في شباك الحمام الضيق ...

لم اسرّح شعري وعري الصدر حافي القدمين ... لا تزال أصابعي تصارع للعودة لوضعها الطبيعي ... استقبلتني أمي بابتسامة ساخرة ... هي شديدة الاهتمام بصحتي ... لم تعلّق كوني لم استر صدري من نفحات نسيم بداية الصيف الباردة ... على غير عادتها ...

جلست قبالة أمي على طاولة الطعام ... بحكم الخبرة .. كلما وضعت امي صحني مقابلا لعينيها فتلك إشارة أني سأتلقى مجموعة من الأوامر ... حاولت أن انظّم أنفاسي وأخفي ارتباكي الغير مفسّر ...

بضع قضمات من أجنحة الدجاج التي تسبح وسط صحن المرق غمستها بصمت غير مفهوم ... صمت قطعه صوت امي الصارم والحنون في مزيج عجيب كالمزيج الذي أتناوله في صحني ...

  • عجبك الاكل ؟؟؟
  • حلو زي العادة ... مش عوايدك تسالي .. ما انا بآكل كل الي بتطبخيه ... في ايه ؟؟؟
  • لا أبدا اصلك لازم تاكل كويّس اليومين دول يا حضرت الضابط ؟؟؟
  • (تجمدّت يدي التي تمسك قطعة الخبز) ضابط ؟؟؟
  • ماهو هو ده الموضوع الي اتفقت عليه انا وخالتك ؟؟؟
  • إتفقتو ؟؟؟
  • ايوة ... انت جايب نتايج ممتازة في البكالوريا وزوج خالتك هيتوسطلك انك تلتحق بأكادمية عسكرية أو أكادمية الشرطة أو الحماية المدنية .. انا كلمت خالتك وهي هتكلم زوجها
  • يا سلام اتفقتو واتكلمتو وأخذتو القرار وانا آخر من يعلم
  • هو انت شايف حاجة ثانية (بلهجتها الصارمة التي اعتادت ان تقمع بها كل بوادر إحتجاجي)
  • ايوة شايف (محاولا التحكم في ارتجافي وخوفي من ردة فعلها)
  • شايف ايه ؟؟؟ (تزايدت شدة حزمها)
  • (القيت قطعة الخبز من يدي ولاوّل مرّة في تاريخي ارفع عيني مباشرة فيها متحديا) انا عاوز أطلع محاسب زي بابا ... عمري ما إتخيّلت نفسي ضابط ...
انتفاضة عنيفة من أمي التي ضربت بكلتا قبضتيها على الطاولة .... حركة طالما وأدت أي رغبة لي ... مباشرة بعدها أعلن استسلامي لرغباتها ... صمم أصاب أذني عن كلماتها المتراوحة بين الصراخ حينا والحنان حينا ... مؤيدات كثيرة حول صواب رأيها ... الكليات العسكرية ستضمن لي مستقبلا مستقرا بعيدا عن المغامرة ... مجرد الالتحاق بها مع النجاح سيضمن لك وضيفة محترمة يتمناها نصف الشعب ...

وضعية جلوسي ووقوفها توحي بتفوقها عليا ... كنت أتحاشى النظر في عينيها ... وفي نفس الوقت روحي تتوق للتحدي ... فلم تسقط نظرتي للطاولة أو الصحن بل استقرّت في مفرق صدرها الأبيض ... طالت كلمات أمي أمام صمتي ... أحست أني استسلمت وتقبّلت قرارها ...

دون شعور ولأول مرة ثانية ... أتحداها ... وقفت وضربت بكلتا قبضتي على الطاولة ... قلّدت كل حركاتها ... لأول مرة أتكلم وأنا أساميها وجها لوجه ...

  • حسام يروح أكبر الجامعات ... وأنا أروح الجيش ... لو كان الموضوع زي ما حضرتك بتقولي ... مش كان اولا بيه يضمن مستقبل ابنه ... ماهو مش معقول هيكون بيفكّر فيا اكثر من إبنه ...
  • (نظرة الانكسار والدهشة في عين أمي شجعتني على المواصلة مع تلبكها في الكلام) ... ماهو ...
  • ماهو ايه ؟؟؟ ... هو يتعلّم وينبسط و يروح الجامعة وأنا أتخنق في الجيش والحياة الرسمية ... هو أنا مفروض عليا كل حاجة ضيقة عليا ؟؟؟ ... بنطلونات اصغر مني ... جزمة بتاكل صوابعي مع كل خطوة ... عايزين تحشروني في وضيفة أضيق مني طول عمري ... ليه ؟؟؟؟ ... ايه ذنبي ؟؟؟
  • ذنبنا اننا فقراء ... ذنبك انك يتيم ... (أحسست بالغبرة تخنق امي ... كأنها تكتم بكاء دفينا) ...
  • (انا انفلتت الدموع غصبا عني لتغرورق بها حدقتي وتحجب عني وضوح الرؤيا) يعني كله من بابا إلي مات وسبني مش كده ...
  • (تقدّمت مني امي وحضنتني بعنف الي صدرها الطري) ده قدر يا ابني ... يا حبيبي انا عملت كل الي اقدر عليه ... دي فرصة انك تطلع من مستنقع الفقر ده ... كلية محترمة ووظيفة مضمونة ومستقبلها كبير ... وكمان وده الاهم مافيهاش مصاريف ... بالعكس دي بتاخذ فيها منحة ...
  • (أردت الرد لكن حضنها خنق تمردي ... احاطت براسي وسحبتني لصدرها بعنف )
  • يا ابني انا عاوز اشوفك بخير مش كفاية عمري راح هدر بمغامرات ابوك ... با ابني انا عاوزة اشوفك راجل مالي هدومك ... تتزوج وتفتح بيت وتبقى سيد الرجالة ...
أوّل مرة في حياتي استشعر نبرة الاحتجاج من امي على حياتها ... أحسست أنها ندمت على زواجها من أبي ... لأول مرة اشعر انها تخفي سرا ... انا الفخور بانتمائي لأب لم اعرفه ... رسمت له صورا متكاملة ... نحت له في خيالي تماثيل لأنصاف الآلهة الإغريق ... لم أتقبل أن تهتز تلك القداسة حتى ممن هي اشد منه قداسة ... امي ...

انفلت من بين ذراعيها ... والدموع تملأ وجهي ... الم أصابعي وضيق الحذاء وضيق الحال ... كل شيء تقبّلته إلا أن تمس صورة أبي أمامي ...

  • هو أنا قدري اني أكون كيس الزبالة بتاع حسام ... بالبس هدومه القديمة وما اعترضتش ... الجزمة الي بتخليني اعرج واتحملتها ... فضلات اكلهم ... المنة الي بيتكرمو بيها علينا ... هو انا ذنبي ايه ... مش راضيين تخلوني اعيش العيشة الي باختارها ...
  • (كلماتي هزمت مشاعر امي فانفرط الدمع سخيا على وجنتيها الحمراوين) يا ابني الي زيينا ما عندوش رفاهية الاختيار ... اسمع كلامي انا اعرف مصلحتك ...
  • (أحسست دموع امي ستهزمني في النهاية) ... عاوزاني ابقى راجل مال وهدوم بالصدقة ثاني .... كل حياتي سكند هاند ... عاوزاني اتزوج ... تصدقي احيانا باتخيّل اني هاتزوج وحدة كان بينيكها حسام ولما زهق منها رماها لي
اتساع حدقات أمي من هول الكلمة التي قلتها ... امي لم تسمع مني إي حرف خارج عن الأدب ما حييت ... أحسست أني تماديت ... كلمة انفرطت مني ... لو قيلت في غير هذا السياق لتزيّن خدي بآثار أصابعها لأيام ... مشاعر مضطربة وردة فعل غير مفهومة ... ألقيت بمزهرية كانت تزيّن ركنا في الصالون ... صوت تهشيم الزجاج أعطاني الفرصة للهرب ...

فتحت الباب ... حافي القدمين ... عاري الصدر ... اجري دون وجهة ... كنت أهز راسي لاطرد ذكريات الدقائق الأخيرة ... تهت من جديد في اللا فكرة ... فقط أجري بعيدا عن البيت

ربما إحساسي بالتخلّص من ملابس حسام ... ثورتي على أمي ... رفضي لوضع فرض عليا ولم أختره .. كل هذه الأحداث دفعت فيا شعورا بالسعادة ... هي سعادة ممزوجة بالندم ... سألقى عقابيا نضير ذلك لكن لا يهم ...

لا اعلم كم شارعا قطعت وأنا اركض حافيا شبه عاري تحت انوار الفوانيس النصف معطّلة ... فقط اركض هربا من واقع سأعود إليه حتما ...

صراخ صبيتين صادفتاني وانأ أجري ... ارتعبتا ظنا اني أحد المجانين المنتشرين يرعبون المارة في شوارعنا ... رعبهما أصابني بالخجل من نفسي ... أسرعت أكثر فأكثر ... الإسفلت المحدب بدأ يجرح رجليا ... كنت اشعر بلزوجة تحت قدمي .... لا أعلم اهو ددمم أم قيح تقرّح ... لكني لم أتوقف ...

واصلت الركض هربا من البيت في اتجاه البيت ... لقد صدقت أمي من هو مثلنا لا يمتلك رفاهية الاختيار ... مع اقترابي للبيت بدأ نبض قلبي يتزايد بفعل التعب وبفعل الرعب ... امي ستقتلني ... انا متأكّد ...

تسورت حائط الحديقة بخفة وحذر القطط ... شجرة مشمش عقيمة كانت ملجئي للاختباء ... من ردة فعل أمي ومن ردود فعل شارع لن يتفهّم ما يحدث لي ...

النور الخافت في الصالون ينسل متحديا ظلمة الليل ... من خلف بلور جاهدت امي في تنظيفه ... كنت أراقبها تجلس على الكنبة ... تضع رجليها على حافتيها وتسند رأسها بركبتيها ... تكوّر الانكسار الذي لم أعهده فيها ...

بدأ ضميري يؤنبني ... هممت أن أدخل البيت معتذرا ... لكن عما سأعتذر وأنا الضحية ... طال مكوثي في مخبئي ... انتصف الليل ... حيرة أمي لغيابي دفعها للنمطي أحيانا والتكور أحيانا أخرى .. اقسم أني سمعت نبض قلبها الحنون من هنا ...

نظرة تجاه الباب والأخرى تجاه الساعة ... ثم تعود للتكور ... كنت اسمع شهيق بكائها ... طال انتظارها وطال صبري ... لن أعود للبيت الذي لم أغادره ....

رحت أراجع حواري العنيف معها بدقّة ... هي بالتأكيد تريد مصلحتي ... الوظيفة القارة ... فرصة للنجاح في الحياة دون مصاريف ومعانات ... هي بالتأكيد معها حق ... لكني لن البس حذاءا أضيق مني طول العمر فقط لان معها حق .. أنا لي الحق في الاختيار ... ربما فرصة للتحدي فقط ...

كلمة عمرها الذي إضاعته مغامرات أبي هدرا لا تغادر تفكيري ... مالذي فعله ابي قبل موته جعلها تشعر بالندم الآن بعد صبر السنين ... لو خانها او شيء من ذاك القبيل ما صبرت كل هذه السنين وفية لعهدها معه ... امي جميلة وكان يمكن ان تتزوج غيره بسهولة ...

رفعت راسي علي أجد في انعكاس صورتها إجابة على سؤالي فلم أجدها في مجلسها ... قبل ان تبدأ حيرتي ... اهتز صدري رعبا لصوتها يقول ... " إدخل البيت ... الدنيا برد عليك " ...

لم أشأ ان يتأزّم الوضع أكثر ... إحمرار انفها ووجنتيها اللذان تحديا ظلمة الحديقة يعلماني انها ذرفت دموعا كثيرة ... لكني لن استسلم ... كنت اسبقها بخطوتين وتلحقني أصوات تخرج من انفها تودع بها حالة بكاء طويلة ...

أثار الدماء التصقت بجليز الصالون الرمادي ... حاولت ان تقترب مني تستطلع امر جروحي لكني نهرت يدها التي لامست كتفي ... تراجعت قليلا للوراء ...

قبل ان تبدأ بالكلام ... طلبت منها بنبرة جافة وخشنة مفتاح غرفة أخي الذي لم تحمل به ... قبل ان تستفسر عن السبب ... أجبتها سؤالها الذي لم يسأل

  • عاوز اقعد شوية مع بابا ... عاوز اتكلّم معاه
رغم رفضها وحرصها لسنين ان لا يدخل احد تلك الغرفة ويعبث بمحتواياتها ... تحوّلت نحو خزانة الصالون وفتحت درجا ومدّت المفتاح لي ... دون كلمة واحدة ... كنت أخطو الدرج للأعلى وتتبعني نظراتها ... ربما امنيتها ان اراجع عقلي ... وربما خوفها من صدام جديد لم تخفت حرارة رماد الذي سبقه بعد ...

رائحة العتمة تخنق أنفاسي ... الغرفة مغلقة منذ سنين ... غرفة فارغة يتجاوب صدى انفاسي المرهقة مع جدرانها ... القليل من غبار الزمن على بعض الكراتين ... فقط ثلاث صناديق ورقية كبيرة هي كل ما يوجد ... حضنتها كأني أحضن عمري الذي ضاع مع غياب صاحبها ... صوت نقر سقوط دموعي على سطح إحداها وهي تشكل دائرة تحوّل الرمادي إلي البني دفعني لفتحها ...

البوم من الصور القديمة ... مسحت الغبار عنها ... ملامحي تشبه ابي الي حد لا يصدّق ... صوره وهو في مثلي سني ... مسرورا متحديا الدنيا ... ملابسه فخمة حسب طراز زمنها ... وقفته الشامخة ... صوره في الجامعة ... في الرحلات ... في ملهى ليلي مع أترابه ...

المثير في الأمر ان ضحكته وابتسامته لا تفارقه ... اعتقد انه استهلك نصيبي ونصيبه من السعادة في تلك الصور ... انا لا اضحك ولا أتصور ...

صور له ولامي على شاطئ البحر ... بريق عيني امي وهي تنظر له تؤكد عشقها له حد الجنون ... امي جميلة في ملابس البحر ... لم تغيّر فيها السنين شيئا سوى بريق الحزن في عينيها .... وضعت صورة كبيرة مؤطرة في اطار خشبي مذّهب امامي ... وفتحت قلبي لكل ما لم اقل له بعد ... لا اعلم هل سمع مني كلمة بابا قبل رحيله ام لا ...

اقسم اني رأيت التأثّر في عينيه رفقة بحالي ... بكيته وبكيت عليه وبكيت له ... شيء ما في عينيه يدفعني أن افتح الصندوقين ... إخترت أكبرها ... ملابسه كلها هنا ... بنطلونات جينز ... قمصان ... سترات كثيرة ... حالتها تبدو جيدة رغم كل الإهمال .... بدأت انفض الغبار القليل عنها ...

تجرأت ولبستها ... كنت ارغب ان احضن ريحه فيها ... مقاسها يناسبني بعض الشيء ... حذاء رياضي يعانق أصابع رجلي برفق ... رحت أتمشى امام صورته كأني أفاخره اني كبرت وصرت في مقاسه ... لو كان حيا لضربني على قفايا بحنان ... كما يفعل كل الآباء الذين وصل أبناءهم ليضاهوهم في الطول ...

سعادة غمرتني ... روحه وريحه تعانقاني ... إن كانت الأقدار فرضت عليا ان البس القديم فلألبس ملابس ابي ... مقاس حذاء والدي هو إشارة أن شخصيته وطريقه هي التي تناسبني كما ناسبني المقاس ... انا على حق ... فرصة خالتي ضيقة على روحي كمقاس حذاء ابنها ...

جلست على الأرض احدّث ابي متسائلا ... ان كنت مغامرا كما تقول أمي ألا يخفي الصندوق الآخر سرا ... ألم تدخل في تجربة بورصة وخسرت ساعتها ...ربما تغيّر الحال الآن ... لا يمكن الا تترك لي شيئا الا هذا البيت ... حتى الذكريات لم تتركها لي ...

نبض قلبي يتزايد مع كل ورقة اسحبها من الصندوق ... لم افهم شيئا .. فواتير قديمة ... كراسات على رموز بخط اليد ... علامات قاطع ومقطوع ... ارقام واحد واثنان ... قصاصات جرائد تتحدث عن نتائج كرة القدم ساعتها ... ما السر وراء عشق ابي لكرة القدم لم افهم ذلك ...

ظرف كبير بني اللون ... عقد ملكية بيتنا ... وعقد رهنه لشركة إيجار مالي ... مبلغ كبير وضع فيه ... هل رهن ابي البيت قبل موته ... لكن البيت ملكنا الآن ... انتقلت ملكيته لي ولامي بحكم الميراث ... لم اسمع بهذا الأمر من قبل ... هل سدد أبي رهنه قبل موته ... لم أجد في الأوراق ما يثبت ذلك ... أين ذهبت أموال الرهن ومن سدده ...

نصف اجابة خامرتني عن كلام أمي ... هي جاهدت لسداد ديننا في سنواتي الأولى ... بدأ ضميري يدفعني للاعتذار منها ... جهاز لاب توب من طراز قديم هو آخر ما تبقى في الصندوق ...

صندوق صور مليء بالذكريات ... صندوق ملابس تفوح منها رائحة عز لم أعشه ... وصندوق ورق لم افهم منه شيء ... ربما اللاب توب يحتوي على سر ... لكنه لا يعمل ...

قررت ان آخذه معي لرحيم ... رحيم هو شاب في أواخر العشرينات .. يعتبر الشخص الأقرب لي في الدنيا بعد أمي ... يمتلك محل انترنت وبيع وبعض أدوات الإعلامية ... يقدّم خدمات التسجيل عن بعد ... كنت أساعده في إعداد البحوث المدرسية ... معتمدا على معلوماتي وسرعتي في رقن الحروف ....

كان يكافئني بقطع نقدية او بصندويتش اذا تأخرت عنده في المحلّ ... قررت ان أتسلل به للخارج عندما تحين لي الفرصة ... لا اعلم السبب لكن أحسست ان نظرة ابي من صورته تشجعني على ذلك ...

شعاع نور الفجر يتسلل من تحت الشباك ... ليلة طويلة جدا ... هي ليلة بعمري كله ... حضنت صورة أبي وتوسدت سترته وتغطيت برائحته ونمت ... ربما نمت في حضنه وانا رضيع ... ونمت نوم الرضيع ...

صوت طراد الماء من الحمام يعلمني ان أمي استيقظت ... لا أعلم ما افعل ... هل هي جولة ثانية من الحرب بيننا ... أم أعلن استسلامي والبس الفرصة الضيقة ما بقى من العمر ... استعملت الحبال التي كانت تلف الكراتين ... ربطت اللاب توب في احد قمصان ابي والقيته يتدلى من الشباك للحديقة ...

تسللت للحمام ... غسلت وجهي وسرّحت شعري ... انعكاس صورتي في المرآة جعلني اشعر بالفخر ... لم تخطو رجلي في الممر خطوتين ... صورة اتساع حدقتي أمي سبقت صرخة رعب دوّت في المكان تلاها صوت ارتطامها بالأرض ...

تأبطت جسدها بين يدي وأسرعت بها لغرفتها ... لا الماء ولا بقية زجاجة العطر افلحتا في إيقاضها ... لم اجد طريقا سوى الاتصال بخالتي ... مر الزمن عليا دهرا حتى وصلت ... طبيب في أواخر سنين عمره ... يخزها ابرة ... قال انها صدمة عصبية نتيجة الارهاق ...

الفترة التي تلت خروجه ... دروس متتالية من خالتي عن وجوب طاعة امي ... تذكير بتضحيتها في سبيلي ... انا لا انكر ذلك وممتن لها ... وممتن لخالتي ولحسام وللعالم كله ... فقط لا أريد أن افقد أمي كما فقدت أبي ... لم اترك سريرها دقيقة واحدة ... لم افلت يدها الباردة من يدي ...

سأفعل اي شيء ... فقط عودي للحياة ... شكرت السماء أنها حرّكت راسها ... استيقظت مرعوبة ... أول شيء فعلته طردتنني من الغرفة ... لم احزن لفعلها ولم اغضب انا سببت لها الإرهاق ...

احتجزت نفسي في غرفتي ... كنت اسمع صوت خالتي تسند امي للحمام ... صوت الماء يختلط بصوتها تساعد أختها ... وخزني ضميري على مشاعر كرهي لخالتي ... هي لم تفعل شيئا سوا مساعدتنا طول حياتها ... انا الشيطان المتمرد فقط

ابتعد صوتهما وهما ينزلان الدرج بعد أن غيّرت ثيابها ... فجأة تذكّرت جهاز اللاب توب ... لا يجب لامي ان تراه ... ذنب آخر سيسجل في صحيفة أخطائي ... حاولت سحبه من أعلى لكنه علق بحافة الحائط ... تسللت لباب البيت ... الحبل يتدلى بجانب شباك المطبخ ... اقتربت لافكه

صوت خالتي يصلني بوضوح مستفسرة عما حصل ... صورتها وهي تقدّم قهوة وبعض الطعام لامي ... لم الحق بالحوار من أوله لكن أمي تبدو مرتبكة مذعورة ...

  • هو شبه ابوه ... في كل حاجة ... البارح كان بيزعّق بنفس الطريقة ... بيحاججني بنفس سخرية ابوه ... بيحط عينه في عيني يخليني ارتبك زي زمان ... لما كنت حاضناه وهو صدرو عريان حسيتا ني باحضن ابوه ... حتى في ردة فعله وقت الغضب هو شبهه ... والصبح كان لابس هدوم ابوه ... افتكرته صحي من ثاني
لم أتمالك نفسي من الارتباك والبكاء أنا كذلك ... كنت قررت الاستسلام لقرار أمي ... تلك الكلمات كانت إشارة ثانية ... تعليمات امي واضحة وإشارات أبي مبهمة ... غامضة لكنها مثيرة ... حيرة ما بعدها حيرة

عاهدت نفسي اني إذا لم أجد في اللاب توب شيئا أو انه لم يعمل ... سأعود لامي واقبّل رجليها معتذرا ... لو أن الأمر غير ذلك فليكن ما يكون ...










الجزء الثاني

كسجين بين خيارين ... تركت أمي بين يدي خالتي رغم خوفي على صحتها ... تأبطّت اللابتوب وتوجهت نحو متجر رحيم ... استقبلني ببشاشة تشرق في عينيه تحت صلعته اللامعة ... قال أني نزلت له رحمة من السماء ...

المحل مكتظ بالزبائن وهو مشغول في إعداد بعض التطبيقات ... رغم استعجالي لكني قبلت طلبه الملحّ في مساعدته على تلبية طلبات الزبائن حتى يتفرّغ هو لشغله...

كالجالس فوق الجمر... امرر طلب هذا بتسجيل عربته للفحص الفني والآخر يستخرج ورقات مطبوعة ... تفكيري كله فيما حصل وماذا سيحصل ... قلبي يخزني حزنا على أمي ... وكأن الناس تتآمر عليا ... كل ما تخلّصت من أحدهم لحق به الآخر ... ساعات طويلة ضاعت هدرا ... ومرت عليا دهرا ...

ضاق صدري وأنا أنتظر أن يرحمني رحيم ويتفرّغ لي ... بدأت الشمس تسير للزوال ... وخفّت الحركة في المحل معها ...أخيرا ... نظرة فاحصة من رحيم للتحفة الأثرية التي وضعتها بين يديه ... تقطّب حاجباه وهو يصارع زر تشغيل اللاب توب الذي أبى واستعصم ...

مع كل حركة منه يخفق قلبي لبرهة ويتوقّف للحظات ... ترجيت السماء أن تنطق تلك الآلة ... أنا على عهدي ... لكني أترجى فقط فرصة اكتشاف ما فيه ... ليس بعد كل ما حصل مني ستنقطع عني الإشارات ...

قطرات العرق على جبين رحيم وهو الخبير في مجاله تنبئني أن الأمر لن ينجح ... لدقائق خلتها قرونا والصمت يخيم على المكان إلا من صدى نقر أصابعه على الأزرار ... وأخيرا نطق .. نطق كالغريق ... شهق وصمت ثانية ...

أخبرني رحيم أن الأمر يتطلّب وقتا طويلا وهو مشغول ... ترجيته بكل مالي عنده من عواطف أن ينجدني ...يجب أن يعمل هذا الجهاز الآن ... أو في اقرب وقت ...

لم اسمع إجابته بالرفض والقبول حتى قاطعتنا رائحة عطر أنثوي طاغي ... سبقت فتح الباب ... صوت ملائكي يلقي علينا السلام ... خجلي جعل عينيا ترتشقان كسهم على حذاء جلدي يلمع سواده تحت جلد رجلين بيضاوين ... بريق بياضهما أعشى عينيا ونعومة جلدها جعل نظري ينزلق كل ما حاول الصعود للأعلى... لم تستقر نظراتي على ركبتين متناسقتين تحت قماش اسود وصلت إليهما بعد جهد حتى أيقضني صوت رحيم مرحبا ...

صوت قبلتين طبعتهما على وجنيه الناديتين دوى في أذني ... أهملني رحيم وأهمل جهازي وتناسى وجودي ... إن لم يهملني من أجلها فمن أجل من سيفعل ... فلأذهب أنا وجهازي وحزني للجحيم ...

لم ارفع عيني لاكتشف صاحبة الطلّة الطاغية ... كنت أتسلى بتحريك أصابع قدمي على الأرض ... لإخفاء خجلي وغيضي .... ما فهمته أنها افتتحت مشروعا جديدا ورحيم يبارك لها ... حفاوة الترحاب بينهما توحي أنهما معرفة قديمة ... تريد من رحيم أن يصنع لها تطبيقا يردّ على اتصالات الزبائن تلقائيا ... قالت أنها لم تستعن بعد بأحد لمساعدتها ...

نظر رحيم في عيني مستسلما ... ما باليد حيلة يجب تلبية طلبها قبلي ... ربما هي استشعرت حزني وغضبي من وجودها الذي عطّلني ... حاولت أن تنسحب في خجل على أن تعود ثانية ... لكني بصوت خافت تنازلت عن حقي ... وأعطيتها الأولوية ... دهشة علت ملامح رحيم الذي استغرب تراجعي بعد طول إلحاح واستغرب أني نطقت أصلا رغم خجلي ...

ابتسامة منها عرفان لشهامتي أنستني الجهاز والإشارات والقرارات وأمي معهم ... كحل وسط اقترح رحيم أن يضع لها مخطط التطبيق وكل الأمور التقنية ثم اتمم أنا الباقي في رقن الرسائل المراد كتابتها مع إشادة بسرعتي وحذقي لتلك المهمة ...

تلك الكلمات أشعرتني بالفخر والأهمية ... علامات الرضا على وجوه الجميع ... ملامح تردد باهت رسم على ملامح الزائرة ... جلس رحيم وراء جهازه منهمكا في عمله ... وجلست بجانبه أتابع باهتمام حركاته ... أما السيدة فجلست قبالتنا على كرسي ... لا ادري كم استغرق من الوقت لكني بدأت اشعر بالضجر وضلوعي بدأت تخزني ...

حركة لا إرادية مني بتحريك ذراعي للخلف ارتفع معها نظري... خرجت مقلتاي من محجريهما ... السيدة كانت تداعب هاتفها دون اهتمام بنا ... وضعية جلوسها أجبرت قماش تنورتها القصيرة أصلا على الانحسار للخلف ... نصف فخذيها المكتنزين عاريان متلاصقان يشدهما القماش غصبا بعضا ببعض ... لا اعلم من زاد في تلق من ... سواد القماش أم بياض الجلد ...

أشحت بنظري وتظاهرت بالتركيز في حركات رحيم ... كنار تسحب فراشة ... نظري يهزمني ويصرع خجلي وارتباكي ويعود ليغوص في ذاك اللحم الطري ... فجأة ... حركة لا إرادية منها ... تضع رجلا على رجل ... مثلث ظل صنعه قماش تنورتها الأسود على فخذيها سحبني للهاوية ...

دغدغة خفيفة أصابت أسفل بطني صاحبها جفاف في حلقي وتعرّق كاد أن يفضحني ... صوت تنهيدة من رحيم حركة من يده يغيّر وضعية الشاشة تجاهها ... حركته دفعتها للنهوض والتقدّم نحونا ... اقسم أني كنت اسمع صوت موسيقى فيلم الفك المفترس مع كل نقرة من كعب حذائها العالي ...

تظاهرت بالتركيز في الشاشة علي اخرج من مأزقي ... كانت تضع يديها على الطاولة وترشد رحيم لبعض التصليحات ... خاتم زواج يزين إصبعها ... معصمها رقيق وأصابعها نحيفة و طويلة ... رفعت عيني بحذر ناحية وجهها لكني لم أصله ... مفرق صدرها المتدلي من فتح قميصها الأبيض سحبني للهوة ...

انتفاخ وقرص يمسك ما بين فخذي ... رغبة في التبوّل تحرق مثانتي ... هروب سلسل بانسحاب حذر ناحية الباب راجيا أن لا يكشفني انتفاخ بنطلوني ... قطعت الشارع قاصدا المقهى المقابل للتخلّص من حالتي الغريبة ...

عند عودتي وجدت الأماكن تغيّرت ... رحيم يجلس في ركن يسميه المتخبر ... منهمكا في فك براغي جهاز اللاب توب ... والسيدة تجلس في مكاني وكرسي رحيم الدوار فارغ ...

أمر سريع منه بالالتحاق بمكاني " يلى بسرعة مش عاوزين نعطّل الهانم اكثر من كده " ... مررت على حذر من ورائها متحاشيا أن المس ظهرها بأسفل بطني ... رغما عني سقط نظري بين مفرق صدرها لترتفع خيمة بنطلوني في ثانية مرة أخرى ...

جلوسي بجانبها كان أشبه بعملية تعزييب لذيذ ... غرست عيني في الشاشة ألا تهزمني نظراتي وتهرب مني نحو ركبتيها ... رائحة عطرها الأخاذ تدغدغ شعيرات انفي ... مع كل حركة من يديها تشير إلى مكان حرف أخطأت في رسمه على الشاشة ... يلامس نهدها الأيمن مرفقي الأيسر فيزيد صراع قضيبي مع قماش البنطلون ...

لاحظت ارتباكي ... مع عدم انتظام أنفاسي ورعشة أصابعي على لوحة الأرقام ... وتعرقي الغير مبرر ... فرحمتني من عذاب نهدها لي واستبدلته بعذاب أصابعها ... بحركة عفوية أو مفتعلة كانت تقرص على أعلى فخذي بكل أصابعها قصد تنبيهي كلما أخطأت ... وكم كثرت أخطائي ...

حالتي لم تجعلني استوعب الموضوع ... هي صاحبة محل تجميل أو مساج وسونا وبخار ... هي ردود الكترونية عن المواعيد ... العروض ... العنوان ...

تمنيت أن ينتهي تعذيبي وفي نفس الوقت أن يمتد للآبد ... قبل أن انتهي طلبت مني أن اترك خانة الخدمات الأخرى فارغة ... قالت أنها ستتولى تعميرها بعد مدّة ... لم أركز مع ذلك ... كنت مسحوب الإرادة ... خجلا ومستثارا في نفس الوقت ...

صوت حركة كرسي رحيم من خلف مختبره تأمرني أن أفسح له المجال للتثبت في عملي وتسجيله ... وقوفي المرتبك تزامن مع التفاتة منها نحوي ... انفها الدقيق لا تفصله إلا مليمترات قليلة عن الخيمة التي صنعها تعذيبها لي ...

لم افهم سبب اتساع حدقتيها ونصف ابتسامتها ... اختفيت وراء مختبر رحيم أخفي فضيحتي ... كلمات شكر منها لامتناع رحيم عن عدم قبول أي مبلغ منها نظير خدماته ... صوت قبلتين طبعتهما على وجنتيه أصابا حلقي بالجفاف ... لم ارفع عيني نحوهما ... اقتراب وقع قدميها نحوي جعلني ارفع عيني من اللاشيء الذي كنت انظر إليه

يدها الطرية الأنيقة تمتدّ نحوي شاكرة جهدي ... لا اعلم من أين أتتني تلك اللباقة بان أقف لتحيتها قبل المصافحة .. ما إن تلامست أصابعنا حتى سحبتني برفق وطبعت قبلة رقيقة بين انفي وعيني وشفتي ... أصبت بالعمى والزكام وفقدان التذوق بعدها ...

تلبّك في أمعائي وجفاف في حلقي وحرقة أسفل بطني ... لم اشعر بها وهي تسلمني كارت عليه عنوان المحل وأرقامه ... لم أرها وهي تخرج ... فقدت الإحساس بكل شيء ... نقرتان قويتان على صدري من أصابع رحيم أعادتني للحياة أو للموت ... لا أدري ...

بضع دقائق أخرى وصلني صوت رحيم يعلمني أن الجهاز يلزمه قطع غيار قد تكون فقدت من الأسواق حاليا ... عالج بداية دمعتي بإخباري انه يتعيّن عليا تعويضه مبكرا في المحل حتى يتسنى له البحث الدقيق عنها عند بعض التجار وافقت دون تردد .

طوال الطريق وأنا امسك الكارت بين يدي ... أقربه من شفتي ... أشم عطرها فيه ... ثملا بما فعلته تلك اللمسات الخفيفة بوجداني ...

امرأة في مثل سن أمي ... جسدها تفور منه الحياة ... ينبض بالروح والروائح ... مع اقترابي من بيتنا ... طارت عن عقلي سكرته وتكسّرت الموجات الوردية على أزيز الباب الحديدي الصدئ ...

أخفيت الكارت في جيبي الخلفي ... ودخلت البيت مستذكرا كل أدعية السلامة ... لست في حال تسمح لي أن أخوض أي نقاش حتى ولو بسيط ...

أمي التي خاصمتني وضعت طبق أكلي البارد على الطاولة ولم تنتظرني للعشاء وأغلقت باب غرفتها ... فليكن ... عزة نفس مصطنعة منعتني من الأكل ... دخلت غرفتي وتهت في أحلام يقظة أو نوم ...

صوت رنين الهاتف وصوت أمي يليه من وراء الباب بنبرة سجّان غاضب ...

" اصحى رحيم مستنيك في المحل " ...

رحيم هو الشخص الوحيد الذي لا تخشى أمي صحبتي له ... رجل متزوج وسمعته الجيدة تسبقه ... خدوم ويساعد الكل ... بشوش ... أمي تثق به ...

بخطوات أسابق بها الريح مرتديا حذاء والدي المريح ... وجدت رحيم ممتعضا من تأخري عليه ... أوصاني بالقيام ببعض الأعمال البسيطة مع العناية بالمحل ... في الصباح يقتصر الوافدون على بعض الأطفال من أبناء الطبقة الكادحة ... لا يمتلكون رفاهية امتلاك العاب الكترونية أو هواتف ذكية فيلجئون لرحيم ... مقابل قطع نقدية بسيطة يمكنهم من حواسيب يلعبون بها لتوقيت محدد ... كثيرا ما يتجاوزون الوقت المخصص لهم لكنه لا ينهر أحدا ...

كثر صخبهم لكني لم اسمع شيئا ... كنت لازلت أشم ريح عطر تلك السيدة في المكان ... اللون الوردي يغطي أحلام يقظتي المبهمة ... شعور بالتنميل في مسام جلدي لا اعلم سببه لكنها دغدغة ممتعة ...

رحت اسلي نفسي بتقليد حركات رحيم في صنع تلك التطبيقات ... الموضوع ليس معقّدا ... فقط بريد الكتروني وتدفع مبلغا بسيطا لحجز الخدمة ثم لك حرية المحتوى .... أحيانا يسحبني شاب صغير يدفع ثمن استغلاله لأحد الحواسيب ... ثم أعود ... تمرّنت على الأمر كثيرا ... مع تكرار الموضوع أصبح سهلا جدا .. كنت أريد التعويض لرحيم ...

أمر مثير للدهشة ... بعض الشباب والكهول يدخلون فقط للسؤال عن رحيم ...رغم إلحاحي أن ألبي طلباتهم لكنهم يقولون إنهم سيعودن إليه شخصيا ...

قبل منتصف النهار ... دخل رحيم متعرقا ... شتمني ألف مرّة كوني سببت له كل هذا التعب ... أحسست بالذنب نحوه ... لكن قلبي بدأ يخفق بشدّة ... سمعت صوت جهاز والدي ينطق مدويا معلنا للعلن أني ما زلت حيّا ...

مسرعا نحو ركن المختبر ... ألقيت نظرة على شاشته وهي تعود للحياة ... حركات بسيطة من رحيم للتأكد من سلامة عمله ثم انسحب تاركا لي المجال لاحتضان آخر ذكريات والدي ...

إتفظّل ياعم قرفتنا معاك وعرقنا بسببك
(كنت اهم أن أنهال عليه شكرا لكنه سبقني في الكلام)
قلي ؟؟؟ ... مزعّل الست الوالدة ليه ؟؟؟
(أحسست بالإمتعاض ان اسرار بيتنا تخرج للعلن) ...
شوف يا وائل أنا زي أخوك الكبير ... وأمك دي تعتبر أختي ... والمرحوم أبوك جمايله مغرقاني ... فارجوك أنا مش غريب
(مصدوما من إكتشاف علاقة رحيم بابي) طالما قالتلك اني مزعلها أكيد قالتلك عالسبب ؟؟
أيوة قالتلي وبصراحة مش مستوعب ردة فعلك ؟؟
يا سلام ليه بقى ؟؟
أنا شايف اني دي فرصة مش هتكرر ... يا ابني هو حد لاقي ... قيمة وسيمة وسلطة ونفوذ وبدلة ميري .. وممكن تمسك منصب يخلي الكل يترجى رضاك
وكلية من غير مصاريف وهأخذ منحة والنقل ببلاش وووو ... بس انا مش شايف نفسي فيها
يا سلام ... أقرع ونزهي ...
يا عم انت إلي اقرع مش أنا
(صوته يسعل بعد نوبة ضحك تعقيبا على سخريتي) ... آخر خدمة الغز علقة ... كده برضو
(كنت أريد أن اعتذر منه على قلة ادبي لكنه أردف)
طيب أنت عاوز إيه ؟؟ فهمني ممكن نلاقي حل
أنا عاوز أدخل الجامعة ... باحب الحسابات ... عاوز أطلع زي ابويا
والمصاريف واللبس والاكل والسكن
هأدخل الجامعة الي هنا ... الاكل وهآكل في بيتنا ... ومصاريف الكتب هاشوف شغلانة في الصيف توفرلي
(صمت طويل اطبق على جبينه المقطب) ... طيب اسمع كلامي ... إنت تروح تقدّم وتعمل كل الي امك عاوزاها ... إحضر اللجنة ... وإعمل اللازم وما تزعّلش مامتك ... وكده كده مش هتخسر حاجة ... ومن هنا لآخر الصيف لو دبّرت مصاريفك اعمل الي في دماغك ولوما قدرتش اقلها تكون ضمنت حاجة في ايدك
اعتقد أن رحيم على حق ... لن يجبرني احد على الالتحاق بالاكادمية بالغصب ... ودعته بعد أن شكرته واعتذرت منه على تعبه ... تأبطّت الحاسوب وهرولت لبيتنا ... أخفيت الجهاز في الحديقة أن تراه أمي ...

سقوطها المفاجئ صباحا لازال يخز ضميري ... أمي هي كل حياتي ... لا أعرف لي ملجأ غيرها ... دخلت البيت مكسور النظر كعادتي ...

أشاحت بوجهها عني عند دخولي ... توجهت نحوها وقبّلت يديها معتذرا ... حضنها لي أعاد لها الحياة .. أمي لن تستوعب كوني سأخرج من تحت جناحها يوما ... دموعها عمدّت راسي وهي تحضنني إلي صدرها ... صدر أمي اشد صلابة من نهدي تلك السيدة ... ماذا أقول ؟؟؟ ...

عشاء هادئ على شرف نصر أمي المؤقّت ... أنهكني الجوع والصراع النفسي ... وجه أمي عاد للحياة ... غطست في الحمام استرجع أفكاري ... ذكريات بعد ظهر أمس تطاردني ... رائحة العطر تستفز قضيبي ...

كشجرة نخل مقلوبة وسط الماء ... رحت أراقبه وأتخيّل تلك السيدة تستحم معي ... إنتفخت دائرة رأسه ... أردت مداعبته لكن قبل أن تلمسه راحتي ... يأتيني صوت أمي مستعجلا خروجي للسلام على خالتي والاعتذار منها ...

زيارة غير متوقعة في هذا الوقت ... ملابسي في الخارج ولا شيء يسترني سوى تلك المنشفة البالية ... لففت وسطي بها تاركا للوقت مهمة تخفيف انتصابي ومدرات فضيحتي ... وكأن خالتي تستعجل نصيبها من كلمات الاعتذار والعرفان وجدتها أمام الباب ...

إنحنيت لتقبيل يدها طالبا الصفح عن كل ما تسببت به كما فعلت مع أمي ... سحبتني لحضنها ... وجهي المبلل غارق في مفرق صدرها ... صدر خالتي طري كصدر السيدة ... طال عناقها لي ومداعبتها لشعري المبلل مع سيل من النصائح واللوم والعتاب ...

مع لحظة إطلاق سراح راسي ... إتسعت عيناها تعجّبا من مشهد الوتد الذي يشدّ الخيمة المحيطة بوسطي ... حركة شفتيها مزيج بين الدهشة والذهول ... هربت للأعلى مختفيا في غرفتي ...

حاولت طرد كل تلك الأفكار المجنونة من عقلي ... أمي وخالتي يتسامران في الصالون ... يصلني صوت ضحكهما دون أن أفهم محتوى الحوار ...

فتحت جهاز اللاب توب ... لا شيء فيه سوى ملفات حسابات وأرقام ... حسابات شركات كانت زبائن لأبي ... لم افهم شيئا ... بحثت عن ملفات سرية ... لا يوجد ما يشفي غليلي

أعد متابعة الملفات ملفا بملف ... ملفات على تطبيق الاكسيل كلها بأسماء شركات ... ملف اسمه اللعبة ... كنت أعتقد أنه اسم شركة لعب ... فتحته ... لم يكن كسابقيه ... جداول كثيرة عليها رموز ... 1/X/2 تكرر كثيرا في 13 عمود… إحتملات وتتكرر ... لم افهم شيئا ...

ذهبت للغرفة الأخرى صوت أمي وخالتي مزهوتان بنصرهما يصلني بوضوح ... طال سهرهما ... فتحت صندوق الأوراق ... قرأتها ألف مرّة ... زاد الغموض أكثر ... مقتطعات كثيرة عليها نفس الرموز ... تحمل اسم شركة الرهان الرياضي ... لم اسمع بها من قبل ...

بعض صور لشيكات باسم أبي عليها مبالغ مالية صادرة عن نفس الشركة ... الآن توضّح الأمر قليلا ... رجعت لغرفتي وبدأت بالتركيز ...

أبي استعمل ذكائه وخبرته في الرياضيات ... توقعات وحسابات دقيقة لاحتمالات ثلاث ... إما الفريق الأول ينتصر او الثاني او يتعادلان ... فكرة عبقرية ... لكن لماذا مات وتركنا مفلسين ... أين ذهبت مرابيحه ؟؟؟

قبل أن أصل لاجابة وصلني صوت إغلاق الباب الحديدي ... خالتي عادت لبيتها ... أخفيت كل شيء وتظاهرت بالنوم ... دقائق وغمزني انعكاس نور الممر على الحائط ... أمي فتحت الباب ... تقدمت نحوي خطوتين ربما تريد تقبيلي لكنها انسحبت ...

لم يغمض لي جفن وإنا احترق على نار تلك الفكرة ... أبي استعمل ذكائه لكن الأمر مستحيل ... 13 مقابلة ب 3 احتمالات ... 3 * 3 * 3 ... سيصل الامر الي أكثر من نصف مليون إحتمال ...

أحرقتني عينيا وأنا أتابع كل تلك الجداول المرسومة بدقة في الملف ... فهمت نظريته وكيف حاول تطويع الحظ بالمنطق ... لكن يا أبي الحظ والمنطق لا يتقابلان ... المنطق يسير بخطى علمية دقيقة والحظ أعمى في مسيرته ...

خنقني الحزن وأنا أتخيّل تحطم أمال كل مرة ... اللعنة على الحظ الذي حرمني من أبي ... الآن فهمت سبب نوبته القلبية المفاجأة ... حضنت صورته أواسيه نحسه الذي أورثني إياه ...

لا اعلم أنمت أم أغمي عليا كمدا ... نقر خفيف على الباب ... صوت أمي يصلني من خلف الباب ... صحوت من النوم ولم أصحو من الصدمة والغم ... رائحة فطائر شهية تدغدغ أنفي وأنا على مشارف المطبخ ....

غسلت وجهي ألف مرة علي أتخلص من أثر السهاد ... وقفت طويلا أمام المرآة ... أرى انعكاس صورتي في انكسار وجه أبي ... ضممت أصابعي وشددت قبضتي وأردت أن ألكم الحظ الذي حرمني منه وحرمه حلما مجنونا ...

أمي مستبشرة بخير هذا اليوم ... تلبس ملابس الخروج ... بنطلون جينز ازرق فاتح ... وقميص ابيض خفيف يتناسب مع حر بداية الصيف ... إفطار شهي وكرم مبالغ فيه نظير طاعتي لها ... قسمت مهمة إعداد ملف الترشح للالتحاق بأحد الاكادميات بيننا ...

أنا سأستخرج كل بيانات دراستي ونتائجي وهي ستقوم بالإمضاءات القانونية ... أنا في نظر القانون لا أزال قاصرا ... هي قوانين دولة لا تفهم منها شيئا ... في سن الثامنة عشر تستطيع اجتياز امتحان القيادة ... تفتح حسابا بنكيا ... تتزوج و تسافر للخارج دون إذن ... يمكنك البيع والشراء وتسجيل الممتلكات باسمك والتصرّف فيها ... تدفع الضرائب ... حتى السجن تدخله في سن الثامنة عشر ... الأدهى انك تدلي بصوتك في الانتخابات وتقرر مصير شعب وأنت في سن الثامنة عشر ...

لكن سن الرشد القانوني هو عشرون سنة ... التجنيد عشرون سنة والالتحاق بالوظيفة العمومية عشرون سنة ... وان سنحت لك الفرصة لذلك قبل بلوغها يتوجب عليك الحصول على إذن من ولي أمرك ... لا تستغرب صديقي فهي تونس ...

حمير تقود بلدا تصل جذورها في التاريخ إلي ما قبل نشأته ... لا تهتم فكلنا في الهم عرب

قبل خروجي من البيت ... حضنتني أمي ... سحبتني لصدرها طويلا ... ربما تسترجعني بعد أن ظنّت أني تهت منها ... رائحة عطرها الخفيف تملا انفي الذي عصر في صدرها ... بعد إطلاق سراحي لم تنظر في وجهي لم ترفع عينها من الأرض ... الأمر غير معتاد بالنسبة لي ...

رحلة شاقة زادتها أشعة الشمس الحامية مشقّة ... قمت بكل تلك الإجراءات الرتيبة دون رغبة ... فقط أردت الحصول على سلام مؤقت مع أمي ... كعادتي اختبأت في غرفتي ... يبدو إن الأمر قد حسم ... سأسير في درب رسمت خطاه لغيري ... وبيد غيري ...

طال تفكيري في لا شيء ... فقط تهت في تلك الفكرة المجنونة التي وصل إليها أبي ... آخر ما وصلت إليه هو إني فهمت المنهجية التي فكّر بها ... والتي سار عليها ... لكنه فشل ... هو الحظ ... كفرس جامح لا لجام له ...

أغمضت عيني لكن تلك الرموز في ملف " اللعبة " تتراقص في مخيلتي ... هززت راسي ألف مرة لكنها استعصمت أن تسكن ظلمة نظري ... رفضت بخجل مرافقة أمي لبيت خالتي ... رغم شوقي لوليمة تشبع جوعي ... لكن نفسي صارت تقرف لقمة الذل ...

لجأت لمحل رحيم ... مجرّد تذكّر اسم رحيم صار يبعث انتصابا وليدا بين فخذي ... ذكريات تلك السيدة طاغية الأنوثة ... الأمر مثير للسخرية ... لكني تلك اللحظات الوردية أسرت روحي ... المحل شبه خاوي إلا من بعض الشباب ... هذا يتحدّث مع فتاة أجنبية ... والآخر يلعب ... لا عمل لي أضيع فيه بعض الدقائق الثقيلة ...

رحت أنظّف الأرضية من أثار بعض الأقدام ... لفت انتباهي عملية يقوم بها رحيم ... هذا يدفع له أموالا والآخر يأخذ منه بعضها ... كنت اعتقد انها معاملات مالية تخصّ بعض الخدمات عن بعد ... مع تقدّم ساعات النهار... تكاثر طالبو تلك الخدمة ...

رغم أن الأمر استفز فضولي لكني لم أتجرأ على سؤال رحيم ... ربما سيتحرّج من أن يجيبني ... لكن المبالغ المتداولة أكبر أن تكون معلوم خدمة الكترونية كالمعتاد ...

مرّت الأيام الأخيرة من الشهر السادس بسلام ... أمي التي عادت إليها روحها باستسلامي الشبه مموه لقرارها ... طوال اليوم في متجر رحيم أساعده في ما أقدر عليه ... شخصيا بدأت احشر نفسي في فكرة الانضمام للاكادمية ... صدقت أمي فمن هو مثلي لا يملك رفاهية الإختيار ...

بدأت الفكرة تتخمر ببطئ في عقلي ... التضحية بخمس سنوات ثم سيتغيّر الوضع ... راتب محترم ووظيفة مرموقة ... الأهم أني سألبس حذاءا جديدا يناسب مقاسي ... حتى وإن كان البوط العسكري الثقيل ...

آخر يوم في الشهر ... هو يوم حافل بالنسبة لمحل رحيم ... تجديد اشتراكات النت ... فواتير الكترونية ... خدمات لا تحصى ... كنت أجلس بجانبه في مكتبه بالمحل ... من كثرة الزبائن صار يستعملني كعداد للاوراق النقدية التي يخفيها في خزنة صغيرة تحت مكتبه ...

تصادف دخول شاب في مثل سنه للمحل وعلى وجهه علامات السرور... طلب من رحيم سحب مبلغ 5 ألاف دينار من حسابه ... كلمات مبهمة من رحيم يبارك له انجازه ... " أخيرا أمسكتها " ...

مكّنت الرجل من المبلغ ... سعادته وهو يفك مطاط الرزمة من الأوراق النقدية وصل أثرها لروحي ... سحب ورقتين من فئة خمسين دينارا ووضعهما في يد رحيم ... قال إن " طباخ السم يذوقه " ... ثم وضع ورقة نقدية في يدي ... قال بسعادة وشموخ ... " حلال عليك ... ادعيلي الحظ يبتسم ثاني " ...

رعشة أصابت مفاصلي من اثر الصدمة ... أول مرة في التاريخ تكتشف أناملي ملمس تلك الخضراء الساحرة ... بعد إنصرافه لم أتمالك نفسي من التساؤل ...

الأمر غير مبرر ... لا أحد يلقي بالأموال هكذا ببساطة ... أخبرني رحيم أن هذا الشاب عانده الحظ كثيرا واليوم ابتسم له وربح ذلك المبلغ وتلك الأوراق هي حلاوة فوزه ... ربما استبشر بوجهي فأهداني أحدها ...

" رزق وجالك "

غرابة إحساس ملمس تلك الورقة في راحتي اختلط بالكلمات المبهمة من رحيم ... حظ ومكسب وحلاوة ؟؟؟ ... ما دخل رحيم بهذا ؟؟؟ ... تصادف دخول بعض الشباب لإيداع أموال في حسابات لم افهمها ... اختلست النظر لشاشة جهاز رحيم ... ذاكرتي حفظت اسم الموقع الذي زيّن الشاشة ...

قال رحيم انه وسيط فرع رهانات ... مقابل عمولة من عمليات السحب او الإيداع ... مكسب في الحالتين ... الوسطاء كثيرون والمواقع أكثر ... هكذا قال

لا اعلم لما رسمت صورة نظرة أبي المنكسرة أمام عيني طيلة الساعات المتبقية من النهار وبقية الليل ... خضعت للتحقيق في البيت عن مصدر تلك الأموال ... أنا فقط سلمت الورقة لامي علها تستعين بها على مصاريف البيت ... ففتحت على نفسي حنفية أسئلة لا تغلق ... لم تفلت أذني من بين أصابعها حتى تأكّدت شخصيا من رحيم من صدق كلامي ... ورغم ذلك لم تنهي تلك الحفلة من اللوم والتقريع إلا بوعدها أن لا اقبل أي أموال من أي شخص غير رحيم ... ولقاء خدمتي له لا غير ...

كنت امني النفس بابتسامة رقيقة منها جزاء لي ... لأوّل مرة في سنوات عمري أقدم لامي مبلغا اعتبرته مهما جدا ... فقط أردت أن ارسم بسمة على شفتيها فرسمت بقعة حمراء على أعلى أذني ....

اليوم الموالي صادف الفاتح من الشهر السابع ... رحيم تركني لوحدي لقضاء شؤون لا مناص منها ... جالسا وراء شاشة الكمبيوتر الكبيرة ... طال انتظاري لعودته وأصابني السأم .... أحرقني الفضول ... قبل أن أتم رقن اسم ذلك الموقع زينت صورته الشاشة ...

رسم لأوراق لعب ... بوكر ... رولات ... رهانات رياضية ... كرة قدم ... كرة سلة ... بحر واسع من الاختيارات ... صوت ضحكة رحيم المصطنعة ممزوجة بصوت آخر أرعبتني ... كمن فتح عليه الحمام وهو يقضي حاجته أقفلته برعب خشية أن تعبث يدي بشيء يسبب كارثة ...

هو نفس الرجل من يوم أمس ... مبتسما سعيدا يصعد صدره غبطة وسرورا ... انسحبت لأترك المكان لرحيم الذي فتح الشاشة ثم الخزنة وبدأ بوضع رزم النقود أمامه ... قبّلني ذلك الرجل ووضع بضع ورقات في يدي ... قال أني وجه السعد عليه ... ودعنا مسرعا ... أقسم أن خطاه لم تكن تلامس الأرض ... الآن فهمت معنى أن يطير الإنسان فرحا ...

مبلغ مائة دينار وضع في يدي ... نصفه قد تسبب في حملة على أذني يوم أمس ... رفض رحيم قبوله ... قال بتهكم ...

ياعم روح اشربلك عصير في مكان رايق ... اشتري مثلجات ... هي لازم أمك تعرف كل حاجة ...
قررت العمل بنصيحته ... أخفيت المبلغ بحذر في جيب بنطلوني الصغير ... وأخفيت الأمر عن أمي ... طوال الليل وأنا أقارن بين غبطة ذلك الرجل وتخيلاتي لكسرة روح وطموحاتي أبي قبل زمن ... لعنت الحظ ونمت ... حلمت أني عدت لبداية سنيني ... أبي يلاعبني ... يشتري لي الايسكريم ... الحلوى ... يرافقني في مدينة الألعاب ... ملابسي جديدة ... حذاء يناسب رجلي ... وضحكته لا تفارق وجهه ...

صحوت من حلمي على صوت خطوات أمي تستعد للمغادرة ... باكي العينين ضاحك الصدر ... حلم بسيط أرسل لي من لعالم الآخر كتعويض عن واقع لم أعشه ... غبطتي بحلمي دفعتني للعمل بنصيحة رحيم ... إخترت بعضا من ملابس أبي القديمة ... الأقرب من أن تناسب هذا الجو وهذا الزمن ... شكلي أنيق رغم كل شيء ... جسدي يلائمه اي شيء ... ربما لأني رأيت نفسي أشبه أبي ... تأبطت جهاز اللاب توب وخرجت

حديقة أحد المقاهي الفخمة تدعوني للدخول ... بخطى مرتبكة قادني نادل بشوش لركن جميل ... المقهى لم يزدحم بعد ... قررت أن ادلل نفسي لأول مرة ... إفطار صباحي متكامل ... حلويات فرنسية وتونسية وقهوة كبيرة وعصير وبيض مخفوق ومياه باردة وبعض السلطات ... بسيسة وزرير ... عسل وزبدة ... اللعنة على الفقر ...

تهت في فخامة ديكورات المقهى والأطقم الموضوعة أمامي تتأنق فيها تلك المأكولات ... الآن عرفت السر وراء إدمان الناس للصور مع هذه الوجبات ... هذه الوجبات جعلت للذكرى لا للأكل كل يوم

بعض الزبائن يحتلون أماكن غير بعيدة عني ... أجهزت على تلك الوليمة وكنت أهم بالانصراف ... رفعت عيني ورايتها ... نعم هي دون شك ... تلبس بنطلون جينز رمادي يبرز تكوّر مؤخرتها ... لإن حرمني من بياض رجليها لكن فتحت التيشرت الأسود أهدت للناظرين متعة التجوّل في مفرق صدرها النافر...

تبعتها نظراتي حتى استقرّت في مقعد غير بعيد عني ... قررت البقاء حتى حين ... ربما فقط القي عليها السلام ... ستكفيني ابتسامة رقيقة منها ... وان أسعفني حظي ستلامس أصابعي اناملها الرقيقة ثانية ...

نظرة جانبية خلسة لعينيها اللامعتين ... وجه ابيض ناصع كصبيحة يوم مبارك ... شعر اسود قاني تتوه في أمواج ليله بأحلام وردية كوجنتيها ... حرّكت قطع السكر في فنجان قهوتها بحركة خفيفة تطارد معها خيط بخار متصاعد منه ...

قبّلت مبسم سيجارتها قبل أن تلهب صدري بنفس دخان أحرق كل جدران الشوق إليها ... كنت لا زلت اعبث ببقايا الأطباق حين تقدّم مني النادل يسحبها من أمامي متسائلا إن كان لي طلب آخر ... قررت شرب قهوة سوداء لأول مرة ... ربما ستلاحظ أني كبير بما يكفي لشرب القهوة مثلها ...

كجهاز ردار أراقب حركتها علّها تلتفت نحوي ... كنت أتمرن على الابتسامة خوفا أن يهزمني خجلي ... ما إن وضع النادل فنجان القهوة أمامي ... حتى تقدّم منها رجل أنيق ... قبل أن يلامس أصابعها قامت وعانقته عناقا حارا ... أنا فقط أردت ابتسامة فجاء هذا الشيء وخطف حضنا لم أحلم حتى به ...

انكسر قلبي وعدت لواقعي ... هي لا تعرفني أصلا ... ربما نسيت من أكون ... أين سرحت بيا مشاعري ؟؟؟ ... الفرق شاسع بين الكل ... رحت أقارن بيني وبين رفيقها ... شعره الرمادي الناعم ... ملابسه الشبابية الفاخرة لا تتعارض مع تناسق جسمه ... أين أنا منه ؟؟؟ ... ربما سأصبح مثله عندما أصبح في مثل سنه ...

إن كان سبب بقائي هو انتظارها أن تراني فالآن تغيّر الحال ... يجب أن لا تراني ... سحبت جهاز اللاب توب عله يشكّل ساترا لي ... تقدّم مني النادل ووضع ورقة عليها كود الوايفاي ... فرصة لتخفيف ثقل دقائق الانتظار ... دخلت النت ... أنا لست مغرما به ... لا تستهويني مواقعه ...

بعض صور الطبيعة ثم سئمت بسرعة ... تذكّرت موقع رحيم ... دخلت دون خشية ... بدأت أتابع باهتمام مكوناته ... الفرضيات المطروحة ... كيف تسجّل وكيف تلعب ... كيف تربح وكيف تخسر ... الموضوع كغيره فقط توقّع النتيجة ... هذا العالم الذي هزم أبي يوما ...

فتحت الملف الذي ورثته عن أبي ... اللعبة ... تابعت خطوات والدي بعين مختلفة ... عين من فهم العملية ... خرجت باستنتاج ... أبي لم يسعفه العمر أن تخترع هذه المواقع في سنين حياته ... قديما كانت المراهنة على مقابلات محددة ... توقعاتها بسيطة .. ما النتيجة ... ربح ام هزيمة او تعادل ...

هنا الامر مختلف ... انت تختار المتنافسين ... الف اختيار تراهن عليه ... أهداف .. نتيجة ... ركنيات ... ألف لعبة في كل الرياضات ... فقط الفرق هنا انك تحدد المبلغ الذي تريد أن تكسبه ...

يمكنك المراهنة على مقابلة واحدة إن أردت ... المكسب يكون حسب ضارب يحدده الموقع ... وكلما أضفت إختيارا آخر .. يتضاعف ضارب الأول في ضارب الثاني في المبلغ الذي ستراهن به ... وهكذا

سحبني هذا العالم حتى غصت فيه ... شخص مثلي لن تستعصي عليه هذه المعلومات أن يسبر أغوارها بسرعة ... قارنت بين فكرة أبي والاختيارات المطروحة أمامي ... تجارب بيضاء للعملية ... الأرقام المتوقع ربحها تزوغ معها العيون ... تنهيدة حارقة خرجت من صدري ... لو كان أبي حيا لما استطاع أحد عد أمواله الآن ....

رفعت عيني متأسفا عليه ... تلك الطاولة احتلتها عائلة كبيرة تتناول إفطارها ... السيدة ومرافقها غادرا منذ مدة تبدو طويلة ... أين كنت ... أين سحبني هذا العالم ... قبل أن استوعب ما حدث أحسست أن يدا ثقيلة تهز كتفي ... صوت أبي الذي لا أذكره يهزني بشدّة ...

" إن كان العمر لم يسعفني أنا ... فالعمر كله أمامك ... غامر لا تخشى شيئا "

هربت من المقهى ... طوال الطريق وذلك الصوت يدوي في مخيلتي ... لجأت لحضن أمي كرضيع مرتعش ... أمي لم تفهم ما أصابني ... فقط حضنتني بعنف ...

سريري تحوّل لحقل شوك ... سهاد ما بعده سهاد ... شيء خفي يدفعني للتفكير ... ليس التفكير فقط ... سرك من الخيالات ... مزيج من المشاعر بين الرغبة والإثارة والانفعال والخوف والطموح والحلم ...

كلما أغمضت عيني تتراقص تلك الاحتمالات أمامي ... متاهة لم أجد منها مخرجا ... هل اجرّب ... فقط سأضع الخريطة المؤدية لمفتاح الكنز ... فتحت جهاز اللاب توب ...

أنشأت ملفا جديدا " اللعبة 2 " ...

الجزء الثالث

على نفس خطى منهجية والدي ... الفرضيات في الفرضيات ... جداول ومربعات ... استنفرت كل حواسي وقدراتي لرسم ذلك المخطط ... طبّقت الإحتملات على عمليات بيضاء متكررة ... الموضوع ينجح ... أكرره ... فينجح

لا يمكن ان تفلت أي نتيجة مهما كانت من شبكتي المعقدة ... الأمر لم يتطلّب سوى سويعات قليلة ... صرخت كأرخميدس ... وجدتها .. وجدتها .... مزهوا بانجازي ... فخورا بعبقريتي

وانطلق سرك من الأحلام يتراقص أمام عيني ... سيارة فاخرة من أغلى طراز ... ملابس راقية ... فيلا كبيرة بمسبح ... سأزور كل دول العالم ... مهرجان أغاني راقصة انطلق في راسي ... الليل لم يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد ... عددت المبلغ المتبقي في جيبي يكفي ... لتغطية بضع عمليات ...

لا يهم فهو سيتضاعف بصفة آلية ... خريطة مستقبل مشرق لا اتعب فيه ولا أشقى ... فقط أجني الأرباح ... استثمار في الذكاء ... بدأت أضع خططا دقيقة لتبرير ثروتي أمام أمي ... مهما يكن لا بد من أن أعوض عنها سنين شقائها ... هي تستحق ذلك ...

خطط بسيطة كتفكيري ... أول نقطة انطلاق في خطتي هي وجوب أن أتحاشى رحيم ... هو سيخبر أمي بكل شيء بالطبع والاهم انه سيكتشف طريقتي ويقلّدها ... قال إن فروع ووسطاء مواقع الرهانات كثيرون ... سأبحث عنهم ...

مع بزوغ أول سهام الضوء تخترق ظلمة الليل ... فجر يوم جديد في حياة جديدة ... مفعم بالحيوية رغم عدم نومي ... سكون البيت يؤكّد أن أمي لا تزال نائمة ... حضّرت ملابسي ... تأكدت من الأوراق النقدية وأخفيتها جيّدا في جيبي... رأس مالي البسيط ...

دخلت الحمام بحذر ... ملأت البانيو ببطء ... وغطست فيه أتخلص من كل الفقر التاريخي الذي التصق بي ... الماء البارد زاد في نشاطي ... وقفت أمام مرآة الحمام الكبيرة عاري ... قلبت شعري للخلف ... شعري الناعم بلونه البني المائل للأشقر ... تمليت في انعكاس صورتي ... ورحت أتخيّل نفسي ... في عالمي الجديد الذي وجدت مفتاح النعمة فيه أخيرا ... طال مكوثي أمام المرآة ... صوت رنين الهاتف يتلوه وقع خطوات سريعة على الدرج ثم قرقعة الباب الخارجي تصم الآذان ...

صوت أمي وخالتي يكسر السكون في الخارج ... قرع عنيف على باب الحمام تستعجلان خروجي ... كالعادة لا شيء يسترني سوى تلك الفوطة البالية ... التحفت بها وخرجت عاري الصدر ... أمي تلكزني بمرفقها في جنبي بعنف خفيف إحتجاجا على تعطيلي لها ... وخالتي خلفها تستقبلني فاتحة يديها لاحتضاني ...

لا اعلم السر في ذلك لكن رغم ان جسمي نما وصرت أطول منها لكنها تتعمّد أن تغرس رأسي في صدرها كل ما حضنتني ...ربما هو إحتجاج على مفعول الطبيعة ..تريدني أن تثبت لنفسها قصرا أني لا زلت صغيرا ... ربما ...

رائحة عطر خالتي الغالي يداعب أنفاسي المتطلعة للحرية من مخنقها ... ملمس مفرق صدرها الناعم يدغدغ مسامي خدي الندي ... طال عناقها لي على غير العادة ... انسحبت من بين ذراعيها بهدوء ... أردت تقبيل وجنتيها كالعادة... عيناها لم ترتفع من الأرض كأنها تبحث عن شيء أضاعته ...

لثواني وهي تركز في الأسفل ... ثم كمن استيقظ من غفلته ... نظرت في عيني مباشرة ... حدقتاها تتساعن لترسما دهشة وشفتاها تصوران شعورا خفيا بالرضا ...

التحقت بغرفتي ألتمس فيها الستر... لبست ثيابي والتحقت بهما في الأسفل أمي تسرّح شعرها أما مرآة قرب باب المنزل ... نفس البنطلون ونفس القميص ونفس التسريحة ... فقط انعكاس وجهها الجميل يغمرني بابتسامة حب من عينيها ... تناولت معهما الإفطار الذي أعدته خالتي بسخاء ... لم أفهم فحوى حديثهما ... الموضوع يتعلّق بزيارة محامي ... أمي وخالتي أعلنتا الحرب على خالي بسبب الميراث منذ زمن ...

أمي فقط تساند أختها ... خالي وخالتي أغنياء لا يحتاجان ميراث والدهما البسيط في شيء ... فقط هو العند بينهما وأمي وقفت في صف أختها ... كنت استعجل مرور ساعات الزمن حتى أنطلق لحياتي الجديدة ... المكاسب الكبيرة ... الأموال وما تصنعه بصاحبها ...

إنطلقت هائما في شوارع مدينتنا ... بحثا عن فرع إحدى شركات الرهانات .... وجدت الكثير من علامات الإشهار على بوابات محلات عديدة ... محلات إنترنت عمومي ... مقاهي ... أكشاك سجائر ... لكن كلها مغلقة ... من سيقامر في الساعات الأولى للنهار ...

إستوقفتني إحدى العلامات على محل حلاقة للرجال ... ولو أن الموضوع غير عادي لكن لا يهم ... دخلت فاستقبلني رجل في بداية الأربعينات ... بشوش مستبشر بقدوم زبونه الأول ... أخبرته عن طلبي فلبى ذلك بسرعة وبساطة ... بضع نقرات على هاتفه ... أخذ مني مبلغ 50 دينار للحساب وخمسة له عمولة ... هكذا هو قانون هذي العمليات ... وضع في يدي ورقة عليها اسم عجيب للحساب ورقم سري لفتحه ...

كمن حقق نصرا في حرب خرجت مرفوع الرأس ... أصبح عندي حساب وفيه أموال ... المشكلة الآن أني لا أمتلك منفذا للانترنت ... لجأت لأحد المقاهي ووضعت اللاب توب أمامي ... الساعة العاشرة صباحا ... مقابلات كرة قدم في الصين ستفي بالغرض ...

فتحت ملف خريطتي السحرية للثروة ... وبدأت أتبع الخطوات ... أتممت عمليتي بتركيز شديد وانتظرت النتيجة ... هنا تحطّمت أحلامي ... راهنت بمبلغ جملي قدره 27 دينار لأكسب في أقصى الحالات 26 ؟؟؟

لم أستوعب ما يحدث ... ثم بتحليل بسيط إكتشفت أن من صنع تلك المواقع فكّر في ما فكّرت فيه قبل إنشائها أصلا ... ضارب المقابلات بثلاث إحتمالات لا تتجاوز الثلاثة أبدا .. وذات الاحتمالين لا تتجاوز ضارب إثنين ...

كمن صدمه تيار كهربائي تجمّدت أحاسيسي ... انتظرت نهاية المقابلات كالصنم ... نعم لقد صدقت إحدى إحتمالاتي وهو المتوقع ... لكني لم اكسب شيئا ... سوى سهاد الليلة وحرق الدماغ في التفكير ... والكثير من الخيبة

إنسحبت من المقهى أجر أذيال الانكسار ورائي ... كلما تذكّرت أحلامي التي قبرت إلا وإنتفض صدري بتنهيدة تحرق رماد أحلامي التي وئدت قبل أن تبصر النور ...

سخرت من نفسي كثيرا ... لست أذكى البشر والدليل أن من برمج تلك المواقع تفادى تلك الثغرة قبل أن يبدأ في العمل بها .... عدت للبيت خاوي القلب والفكر ... لجأت لغرفتي أصارع نوما أبى أن يرحمني ... صوت عقلي يسخر مني مدويا ... رانج روفر ؟؟؟ ... سفر ورحلات ..ثم يعقبه دوي ضحكات سخرية قوية ...

أحسست أن مفاصلي ترتعش ... جسدي يتعرّق ... لساني تخشّب وحلقي يجف ... كأني أقع في هاوية ... أردت الصراخ طلبا للنجدة فلم يخرج مني صدى ... أردت النهوض فلم أقدر ... ثم أظلمت الدنيا في عيني ...

طنين خفيف مسترسل بنغمة رتيبة متوازنة يصلني ... ألم وخز في ذراعي اليسرى ... أردت فتح عيني فلم استطع ورحت في النوم ثانية ....

فانوس ابيض طويل معلّق على السقف ... رأيت الرعب في دموع أمي التي تتمسك بذراع خالتي من خلف بلور شباك كبير ... أردت النهوض فلم اقدر ... ونمت ثانية ...

ثلاث أيام على تلك الحالة ... فهمت بعدها أني أصبت بنوبة عصبية وإنهيار نسبة السكري في الدم ... وسط ألف سؤال من أمي عن السبب ... لم اقدر على الإجابة ... لو علمت آمي أني اسبر على خطى أبي ستلحقه ... أنا كنت سألحقه ...

مع عودتي للبيت ..أمي تحصّلت على إجازة من عملها وخالتي رابطت عندنا في البيت وأنا نمت في غرفة النوم ... سرير كبير مريح ... صورة كبيرة لامي تحضن والدي تزيّن الحائط ... مع كل حركة منهما تبديان الاهتمام بي كان قلبي ينفطر حزنا ... ندم شديد على صنيعي ... وأشده الندم على مشاعر الكره تجاه خالتي ...

أسبوع على هذه الحالة مع سخاء في الاكل والراحة استرجعت أنفاسي وبعض شظايا نفسي ... اللحم والسمك والبيض أعادا لي بياض وجهي الشاحب ... أمي تنام على الكنبة في الصالون ... وخالتي تنام في غرفتي ... على أطراف أصابعي تسللت للحمام فرائحة عرق تغشى منها الأبصار تسبقني ... المغطس البارد يعاند الماء فيه حوافه تحضيرا لابتلاعي ....

غسلت عرقي ونتيجة تجربتي الفاشلة ... صوت الماء أيقظ الجميع ... وجهان مستبشران يطلان من وراء الباب ... كفرقة مقاومة الإجرام اقتحمتا عليا الحمام ... غطست حتى أخفي عري خجلا منهما ... كلمات بسيطة مني تطمئنهما أني بخير ... لا شيء يدعو للقلق ...

اشراقة وجه أمي أضائت المكان ثم انسحبتا لإعداد فطور ملكي على شرف سلامتي .... لم أتمتع بعد بثواني من الخلوة .. حتى فتح الباب ثانية ... خالتي التي شمّرت قميصها ليكشف نصف بطنها تمسك بيدها قطعة قماش وزجاجة صابون تبدو جديدة ...

لم تعطني فرصة للاحتجاج على اقتحامها خلوتي ... أمر صارم منها بالجلوس على حافة الحوض ...

" ما أنا ياما حميتك وإنت صغيّر "

كأسير ينتظر دوره أن يباع في سوق الرقيق جلست ملصقا فخذي ببعضهما البعض اخفي منبت قضيبي الذي غزاه الشعر ... حركة دؤوبة من يدي خالتي التي إمتلأت برغوة الصابون تدلك عضلات ظهري ... ضغط شديد من أصابعها على كتفي أشعرني بالألم ... قالت انه يساعد على تخفيف التوتر ...

عبثا حاولت إقناعها أني بخير واستطيع الاستحمام بنفسي ... بدأت تراودني بصوتها الناعم أن اعترف بسبب مرضي ... أحسست بلهفتها عليا وعلى صحتي ووخزني ضميري من سابق شعوري بالمقت تجاهها ... أفلت من قبضتها وغطست في الحوض يغطيني الماء حتى رقبتي ...

  • أزمة عاطفية ؟؟؟ ...
  • (تخيّلت أن تلك الفكرة قد تكون مخرجا ونهاية لفضولهما قد تعفيني مرارة الاعتراف بالحقيقة)
  • تقدري تقولي كده
  • كنت متأكدة بس أمك إلي مش مقتنعة
  • بس ارجوكي إوعي تقولي لماما .. هي مش ناقصة
  • ولو إن الأمر بالنسبة ليا طبيعي إنها تعرف بس اتطمّن
  • طيب ممكن تقلي هي مين وإزاي وحصل ايه عشان كل ده
  • (هنا شعرت أني وقعت في مأزق أكبر من الإعتراف بالحقيقة ) ...
  • لو مش حاب تتحكي انت حر بس ..
  • (هنا إختلطت مشاعري بين ضرورة تخز ضميري بالتقرّب من خالتي و بين الحقيقة) مش عارف أقلّك ايه
  • لو حاب تتكلم أنا سامعاك ... هي مين ؟؟
هنا تيقنت من وقوعي فخ نصبته لنفسي .. أنا لا تجارب لي أصلا ولم أفكّر يوما في مثل هذا الموضوع ... ماذا ساقول ؟؟؟ فجأة خطرت ببالي فكرة مجنونة ...

الكذب كحبات عقد ... كل ما سحبت حبّة تلحقها الأخرى ... إستذكرت تلك السيدة ... الأنوثة الطاغية ومشاعر الانكسار لما رئتها في المقهى مع رفيقها ... فاقتبست تلك الحكاية والفت منها خرافة لا أساس لها من الصحة ... إن أردت إقناع أحد بكذب عليك تغليف كلامك ببعض الحقائق لاثراء روايتك ...

حقيقة الانجذاب والإعجاب والإحساس بالقهر والغيرة ممزوجة ببعض الأحداث التي لم تحدث أخرجت رواية حب حزينة متكاملة الأركان من صدري ... اعتقد أن خالتي صدّقتني

رغم أني توقعت صدمة وردة فعل عنيفة منها الا أنها جلست على حافة المغطس وبدأت تداعب شعري المبلل بأناملها قصد التخفيف عني ... تلك المداعبة التي تسري في مسام الجلد فتشعر أن روحك تحلّق في سحب الفردوس ... وبدأت اسرد ما حدث ثانية مجيب على كل تساؤل يطرح عليا ... استرجاعي لحدث المقابلة الأولى أيقظ تلك الرغبة التي اشتعلت بين فخذي كأوّل مرة ...

كلما استرسلت في الكلام انتظمت حركات أصابع خالتي بين خصلات شعري الناعم ... كحركات منوم مغنطيسي خبير كانت تحسبني للاعتراف الشبه كاذب أكثر فأكثر .... انتهت الحكاية التي صنعا مخيلتي أحداثها ... كنت انتظر ردا من خالتي ... أي رد فعل لكنها كانت صامتة ... وضعية جلوسها بجانبي وخجلي وانسجامي مع حالة التقمّص التي استلهمتها لم تكن تسمح لي برؤية وجهها ...

كانت تائهة أكثر مني وعيناها تغوصان وسط الماء ... سطح الماء الساكن مع طول سكون حركتي يشقه نتوء من النصف العلوي لرأس قضيبي الذي تحدى برودة الماء وعاد للحياة مع حرارة تلك الذكريات ....

لم تستجب عضلات جسمي الشبه مخدّرة بعد حتى فتح علينا باب الحمام و رأس أمي يطل منه بعلمنا أن الإفطار جاهز ... دخولها أفاق خالتي من شبه غفوتها ثم خرجت مسرعة دون نظرة واحدة نحوي ...

الطاولة تعج بما توفّر من خيرات في ثلاجتنا الشبه خاوية دوما ... فقط صوت أمي يدوي في المكان ضاحكا مستبشرا ... عينا خالتي كانت تتحاشى النظر لي ... قضمت أصابعي ندما على ما حدث غصبا ... أنا أصلا اشعر بالخجل منها لذنب هي لا تعرفه .. الم يكفي ثقل ذلك على قلبي حتى أشوه صورة ابن أختها الذي تحبه بان اجعله عاشقا لسيدة في مثل سن أمه .. وسن خالته ...

لكني لم أجد مخرجا من مأزقي غير ذلك ... وماذا جنيت ... إن أفشت خالتي السر الشبه مكذوب لامي فتلك الطامة الكبرى ... وإن لم تفعل فهي لن تهدا حتى تعرف ما الذي أدى إلي ما حصل لي ...

محاولا زرع الثقة في نفسي بابتسامة حمقاء رسمتها على وجهي ... كنت مركزا نظري على خالتي التي تغرس عينها في الأطباق هربا من صورتي التي شوهتها بحكايتي ... فقط أردت الاطمئنان أنها لن تخبر أمي ...

ما إن نظرت مباشرة نحوي حتى غمزتها مبتسما ... ابتسامة مفادها أننا على عهدنا ... رعشة أصابت يديها جعلت شوكة الأكل تنفلت منها ...

بما أن حالتي الصحية تحسّنت فلم يعد هناك من سبب وجيه لبقائها في بيتنا المتواضع ... قبل مغادرتها أردت فقط التأكيد عليها للمحافظة على السر ... تمشيت ورائهما نحو الباب ... فتحت لها حقيبة سيارتها ووضعت فيها حقيبتها الصغيرة ...

توقّف قلبي وأمي توشوش لخالتي كلمات في أذنها ... تلتها نظرة من كلتيهما نحوي لأصاب بالصمم فجأة ... عند وداعها إقتربت منها لتقبيلها ... فطبعت قبلة بطرف شفتها بين انفي وعيني وشفتي ... هي نفس القبلة ونفس مفعولها ...

لم افهم ما سبب ذلك لكني لم أنتبه ...

قرار صارم من أمي ألا أترك البيت هذه الأيام ... الإختبار الطبي واللجنة في الاكادمية العسكرية بعد أيام ... قالت أنها حماية لي من أي طارئ أن يطرأ ...

استسلمت لقرار السجن دون القدرة على الاحتجاج ... أصلا نفسي لم تعد تطيق الاحتجاج ... كورقة خريف تعبث بي نسمات الهواء عدت مستسلما لأمي ... اغتنمت تلك الأيام للقيام ببعض الأعمال المفيدة ... هي أعمال تافهة في حديقتنا الصغيرة ...

التخلّص من الأعشاب ... تهذيب بعض الشجيرات ... سد بعض الشقوق في حائط السور ألا تسكنه بعض الحشرات ... أشغال شغلتني ليومين ... أمي التي تمتعت بالراحة الجسدية والنفسية بعد الإنهاك الذي سببته لها ... ومع ارتفاع درجة الجرارة في صيفنا القاتل هذا ... خيّرت ملازمة البيت ومتابعة حركاتي من وراء النافذة ...

في بعض الأحيان تشجعني بكوب شاي أو عصير ليمون وقطعة بسكويت ... ورغم تعرقي وتوسخ ملابسي إلا أنها كانت تصر على عناقي ... ذلك العناق الذي لم تستوعب فيه لا هي ولا أختها أني صرت أطول منهما ... تحشرني في صدرها وتمرر يديها على ظهري ...

كنت أتخلّص من كيس جمعت فيه بعض القش والأوراق الميتة في مكب نفايات آخر الشارع ... أرعبني صوت منبه سيارة تلاه صوت ضحكة خالتي التي لا تخطئها أذني ... دعتني للركوب معاها لكني اعتذرت بسبب حالتي الرثة ... تحدتني للسباق من يصل البيت أولا ...

ككلب يطارد سيارة صاحبه كنت اركض خلفها وهي تضحك ... استقبلت أمي ضحكنا معانقة أختها ... لاهثا من أثر الركض حملت أكياس كثيرة وحقيبتان أثقلتا يدي ...

حسام ووالده سافرا لقضاء عطلة الصيف عند عمّه في أوروبا ... الخبر مزعج بالنسبة لي لكني لم انزعج ... لم اشعر بالغيرة نحوه كعادتي ... هي الحياة هكذا كل وما علق في شبكة رزقه ... أعتقد أن صدمة مرضي القصيرة أكسبتني بعض النضج في التفكير ...

خالتي وأمي تستعدان ليوم الغد اليوم الموعود ... لجنة القبول ... رغم طمأنة زوج خالتي للكل إن الأمر قد قضي ... لكن حالة من التوتر تسود الجو ... الكل متوتر ما عداي ... حالة الاستسلام و خيبة أملي في لعبة أبي جعلتني ادخل في حالة من الفتور النفسي ... إن لم أكن أنا سعيدا فلن أعكّر صفو أحد ...

أمر صارم من أمي بالاستحمام صحبه أمر مبطّن خفي بالتخلّص من الشعر الزائد في جسدي ...لم افهم السبب لكن خالتي أرسلت إشارة خجلة انه من ضروريات الكشف الطبي ...

كيس قماشي صغير مشبّك فيه أمواس حلاقة فخمة وصابون وكريم تنعيم وضعته خالتي في يدي ... ذبذبات كهرومغناطسية وهي تقرّب شفتيها من أذني وتقول

" حاسب لا تعوّر نفسك "

دفعني خجلي من بداية إنتصاب غير مبرر للهروب داخل الحمام ... القيام بمهمة دقيقة كتلك لأول مرة دفعني للتركيز ... شعيرات خفيفة تحت إبطي لم تعاند كثيرا حتى استسلمت للجز تحت وطأة الموس الجديد ... الجهد الذي تطلبته عملية التخلّص من شعر ما بين فخذي جعلني أفكّر في الثورة على الفكرة كلّها ... إن كان التحضير لامتحان القبول هكذا فكيف بالتدريبات والحياة هناك ... اللعنة على هذا العذاب

عملية التنعيم والتخلّص من شعيرات أبت واستعصمت أن تلتصق بجلدي استوجب عملية مسك و تحريك كثيرة لقضيبي الذي زاد تضاعف انتصابه ... واقفا أما المرآة الكبيرة في الحمام فخورا بشكلي الجديد ... التخلّص من شعر العانة زاد في حجم قضيبي أو هكذا تخيّلت ...

صوت نقر خفيف على الباب ... خالتي تطلب مني فتحه ... إحتجاجا مني على أني عاري تماما مددت يدي لالتقط بوكسرا جديدا مدته لي ... لأول مرة في سألبس ملابس داخلية جديدة ... قماشه الرمادي يمسك على منبت عضلات فخذي و حزام عليه اسم رجل بالانجليزية يزين وسطي وما بينهما ارتسم قضيبي كثعبان يختفي تحت أوراق شجرة ...

إصرار خالتي على خروجي لا مناص من الانصياع له ... وضعت المنشفة على كتفي تتدلى حتى وسطي ... نصفي الأعلى مستور والاسفل لا يغطيه سوى البوكسر ... رأس أمي يطلّ من وراء مصرف المطبخ ويصلني معها رائحة وصوت نقانق تونسية أصيلة تصرخ في المقلات ... نسميها المرقاز "

خالتي تمسك بيدي لتسحبني لكنبة الصالون ... بنطلون جديد اسود اللون وجوارب سوداء .. قميص قماشي يلمع لونه الأبيض تحت ضوء الفانوس وعلبة لحذاء تنتظر أن تكشف عن محتواها ...

أصرّت على تنشيف ظهري وصدري بيديها خشية أن تفلت قطرة ماء تفسد بياض القماش ... لا أدرى لما طال فركها لجسدي ... تخيّلته حرصا منها ... طلبت مني الوقوف ... وجهي ناحية أمي في المطبخ وظهر خالتي لها ... حركات حريصة من خالتي على الحفاظ على القميص خشية تجعّد يصيبه...

... طلبت مني أن ارفع راسي للأعلى .... مع كل حركة تنازلية من أناملها تغلق أزراره تلامس أظافرها اللينة صدري ... وصلت لبطني المسطحة ثم ثقلت حركتها وتباطأت ... كان نظري معلّق في السقف حسب أوامرها ... استغرق إغلاقها للزرين الأخيرين وقتا أكثر من الأربع الذين سبقوهما ... مع بداية الم في رقبتي خالفت أمرها ...

نظرت للأسفل ... خالتي تجلس على ركبة وتثني الأخرى ... تهت في مفرق صدرها الأبيض المطل من فتحة قميصها الأزرق ... كتناسق بياض رمال شواطئ بحرنا مع زرقة أمواجه ...

أصابعها تتحرك ببطئ كأنها لا تريد أن تنتهي ... وعيناها لا تفارقان التمثال الذي نحته انتصاب قضيبي تحت قماش البوكسر ... نظرة فاحصة طويلة من عينيها اللتان لا يفصلهما عن أسفل بطني سوى نصف شبر .... صوت طبق كبير وضع فوق الطاولة تلاه سؤال أمي

  • هاه ... ماقسو كويّس
  • كبير قوي
خطوتان سريعة من أمي التي أرعبها أن تكونا قط أخطئتا مقاس الثياب ... وقفت خلفي تزامنا مع وقوف خالتي التي إحمرّ وجهها وغارت عيناها ... لفتني بحذر ناحيتها أن تلطخ بقعة ماء قماشه

  • لا كبير ولا حاجة ده مقاسو بالضبط
  • (خالتي مستدركة بصوت مبحوح كمن صحي من نومه للتو) مش عارف اتهيئلي انه كبير
سيطرت أمي على الموقف وسط سخرية من تقييم خالتي وأنها لا يمكن أن تخطئ في مقاس ابنها ... لبست البنطلون والجوارب ... سعادتي بحذائي الجلدي الأسود الخفيف لا يوصف مع السعادة التي تشع من عيني أمي ... أما خالتي فقد التحقت بالمطبخ لا أدري ما تفعل ...

عشاء لذيذ ودسم لم تعهده بطني ... أمي التحقت بغرفتها وهي تؤكّد عليا بالنوم باكرا ... سنصحو عند الفجر ... وخالتي توسدّت مخدة على أريكة الصالون ...

غير متعوّد على حلاقة شعر أسفل بطني أمسكتني حكة عنيفة حرمت عيني النوم ... الحكة المتواصلة أرغمتني على النزول للحمام بحثا عن علبة الكريم المرطّب ... على أطراف أصابعي محاذرا إحداث أي ضجيج من شانه إزعاج خالتي التي تكوّرت في الأريكة ملتحفة غطاءا خفيف تستنجد به من لدغات البعوض الذي استنفر هذه الليلة ...

تلامس أصابعي المغمسة بالسائل اللزج مع منبت قضيبي ... منحني شعورا بالراحة ودفع الدم في شرايينه لينطلق متطلعا للأعلى ... كلما دعكت مكان الحلاقة زادت رغبتي في المواصلة... نعومة الكريم ورائحته الزكية مع ملمس جلدي الناعم زادت في لمعان مسامه تحت أشعة الفانوس الخفيفة ...

جلبة خفيفة مصدرها المطبخ دفعتني لستر نفسي بالبوكسر والخروج بحذر ... عاري الصدر وحافي القدمين ... إطلالة جسد خالتي التي أفزعها صوت فتح باب الحمام تقف وراء مصرف المطبخ الرخامي ممسكة كأس ملأته بالمشروبات الغازية ....

هو مفعول أكل النقانق التونسية أو المرقاز ليلا بالتأكيد ... اللحم والملح والبهارات تشعل نار العطش في البطن مع لهيب هذه الأيام ... لن تجد مفرا من شرب كل ما هو متوفّر لديك ... ظلّ شعر خالتي المنكوش يتراقص على جليز الصالون يصلني قبل أن يصلني صوتها

  • ماجالكش نوم ؟؟؟
  • لا أبدا كنت نايم وصحيت رحت الحمام ...
  • تحب تشرب ؟؟؟ (مدت يدها تمسك القارورة المنتصفة)
  • أحب طبعا
دخلت من الفتحة النصف ضيقة التي تفصل الصالون عن المطبخ ... سكبت كأس كبيرا ... خالتي انسحبت قليلا للخلف ... تلبس قميصا قطنيا خفيفا يصل لنصف فخذيها ... صورة إمرأة صهباء على مقدمته إتسعت عيناها بفعل انتفاخ صدرها ... جعلني أتبسّم من مشهدها ... قفزة صغيرة منها بخفة القط رفعت مؤخرتها لتضع نصفها على رخام المصرف وتطوي رجليها إحداهما فوق الأخرى ...

النور الخافت يلمع في عينيها ... خالتي تشبه أمي لدرجة لا تصدّق ... وكلتاهما تشبهان الفنانة داليا البحيري ... غير أن طولهما اقصر منها بقليل ... وإختلاف بسيط في لون العينين ... أمي عيناها تميل قليل للزرقة وخالتي تميل للرمادي ... لا تستغرب فنحن هكذا ... غير ذلك فهما نسختان متطابقتان ...

إستندت على رخام حوض الغسيل في المطبخ محاولا التمتع بالمشروب البارد بينما عينا خالتي انغرستا في كأسها ... شعور مضطرب الم بي ... خالتي التي كانت سندا لامي طول سنين عمري والتي لم تبخل عليا بأي شيء ... هي لم تفعل شيئا سوى أنها تهاديني بثياب ابنها القديمة ... لهفتها عليا وخوفها ووقوفها بجانب أمي دوما وخصوصا عندما أكرمتني بثيابي الجديدة مساء اليوم جعلني أشعر بالإمتنان وتأنيب الضمير نحوها .... ذلك الشعور بالامتنان تزامنا مع كمية الحنان التي أغدقتها عليا فجأة ... جعلني اسعد بالبقاء بجانبها

ربما جرعة الحنان التي افتقدتها من أم فرضت عليها الظروف تلك القسوة والشدة ... حنان يحتاجه كل من هو في مثل سني وظروفي ...

تهت في تفكيري لدقائق طويلة من الصمت ... صمت قطعه صوت خالتي الهادئ ... كأنها تستجمع موضوعا تريد طرحه عليا ...

  • قلي بقى إيه الي طيّر النوم من عينك ...
  • (منعني خجلي من الاعتراف بالحقيقة) لا ابدا بافكّر في اللجنة بكرى ...
  • (حركة تقطيب حاجب ورفع الآخر توحي أنها لا تصدقني) بتفكّر في اللجنة وإلا بتفكّر فيها ...
  • هي مين ؟؟؟
  • (غمزة بنصف عين منها) اهاه ... عليا الكلام ده يا واد .. الست الي كانت هتجيب أجلك قبل ما تطلع مالبيضة ...
  • (هنا جف الريق واحترق الحلق... هذه الكذبة لن تنتهي أبدا ؟؟؟ ... كنت سأقسم لكنها قاطعتني)
  • طالما سكتت يبقى كلامي صح ... قولي بقى إنت لسة بتحبها ...
  • بأحبها ؟؟؟ إنت وصلت لغاية هناك بسرعة ليه ؟؟؟
  • أمال ؟؟؟
  • ابد اده كان مجرّد إعجاب ... فيها حاجة شدتني ليها ... بس
  • يعني عاوز تقنعني إن مجرّد إعجاب يوصلك ترقد في المستشفى وتطلع عيننا معاك ؟؟ مش مصدّقة
  • اقسملك هي الحكاية كده
  • طيّب إقنعني ...
  • مش عارف أقلّك ايه ...
  • قول من غير كسوف ... انا سامعاك
  • هو مش إعجاب هي حالة ثانية أوّل مرة أحسها ...
ورحت أعيد على مسمعها كل ما حصل في محلّ رحيم مع تفنن هذه المرة في وصف تأثيرها في نفسي وجسدي باستحياء ... خالتي كانت تمسك كاس مشروبها الفارغ بأطراف أصابعها ... وتصغي بتركيز شديد لكل حرف أقوله ... قاطعت كلامي مستنكرة وبشدة أن إحدى زميلات الدراسة أو أترابي لم تشد إنتباهي او تجذبني إليها ...

هنا وقفت الطريق بالهارب ... سؤال في شكل مأزق يصعب الخروج منه ... على غير عادتي وجدت طريقا للكذب ثانية باعتماد بعض الحقائق ... بما اني سحبت حبة عقد الكذب الأولى كان وجوبا عليا أن استرسل ... مستخدما مخزونا من القهر وحقدي على ظروفي ... بدأ صدري يهتز مع كل حجة عن استحالة أن تنظر لي إحداهن بسبب مظهري الرث وحلة فقري ... لا أستطيع المنافسة على إحداهن ...

استحضار ذلك الشعور النابع من قهر حقيقي أنتج زفرات وحشرجة أشبه بالنحيب ... أحسست بالنصر والنجاة وأنا أرى خالتي تفتح ذراعيها تدعوني لحضن تواسيني به .... إقتربت منها وكعاتها سحبتني لصدرها تحشر رأسي به ... وضعية جلوسها على حافة المصرف الرخامي مع وضع رجليها جعلت راسي يتوسد مفرق صدرها وركبتها المثنية تلامس طرف رأس قضيبي الذي لم يتخلّص من انتصابه بسبب الدعك بالكريمات ...

تزامنت حركة أناملها الرقيقة على شعري الناعم مع حركة خفيفة من ركبتها على رأس قضيبي الذي لا يمكن أن لا تكون أحست به ... رعشة من لم يتعوّد ممزوجة بخجل ورعب وارتباك إنتهت بانطلاق دموع لا أعلم سببها ... هل هي حالة التقمّص التي كنت فيها أم هو إنفعال طبيعي لتلامس محرم لم أتعمده أم خوف من ردة فعل قد تحطّم علاقة امتنان وليدة بعد نكران طويل ...

دموعي الحارة سالت على مفرق صدر خالتي ... تفاعلها مع حالتي جعل نبض قلبها يتسارع تحت خدي ... لهيب العاطفة المتأججة جعلها تريد سحبي أكثر نحوها ... ركبتها تمنع التصاق جسدي الفتي بجسدها الحنون الخبير ...

دفعتني بركبتها من بطني للخلف وهي لا تزال تحيط راسي بذراعيها وفتحت رجليها لتسحبني بينهما لها ... ذراعان يحيطان برقبتي ساحبين راسي لصدرها ورجل تضغط على مؤخرتي ليلتصق وسطي بما بين فخذيها ...

حرارة تلك المودة الغريبة استعرت بتلامس قماش البوكسر بقماش ناعم بين فخذيها ... نعومته فرضت عليا الحركة غصبا عني ... قضيبي يتجوّل محبوسا في البوكسر بين فخذيها دون قصد مني أو منها ... توقعت ارتباك أو رفضا أو صدا لكن مشاعر التعاطف معي هزمتها فطال عناقها لي وازدادت دموعي ...

توقفت عقارب الزمن عن الدوران وأنا بين أحضانها ... لا اعلم كم لبثنا وأصابعها تتجول في خلفية راسي وأعلى رقبتي مانعة عني التفكير وردة الفعل ... شعرت بارتفاع رائحة جلدها وشممت ريح جسدها الناعم لأول مرة هكذا ... ثم أمسكت راسي ورفعته ناحية وجهها ... صارت المسافة بين عينينا اقل من إصبع ... تهت في لونهما قليلا ... رعشة خفيفة من شفتيها ... ثم كم إستيقظ من كابوس مرعب ...

دفعتني برفق وهي تهرب بنظرها نحو ساعة قديمة معلّقة على جدار الصالون ... الساعة تشير للثالثة صباحا ... الزمن يتطاير عندما يهتم بك أحدهم ... بصوت تخنقه حشرجة قالت أن الوقت تأخّر كثير وأمامنا يوم طويل غدا ....

انسحبت كالمصعوق من أمامها أداري قطرات داكنة ابتدأت تتوسع في قماش البوكسر ... ما إن خطوت نصف درجة في اتجاه الأعلى حتى سبقني صوت الفجر ممتزجا بصوت هاتف أمي ونصف كحة تخرج من حلقها معلنة بداية اليوم الموعود

لم تتطلّب التحضيرات وقتا كثيرا ... أمي تولّت مهمة الاعتناء بقيافتي معوضة غياب خالتي التي طال إختفاءها في الحمام ... الساعة تشير للخامسة صباحا ... خالتي تتولى قيادة سيارتها تجانبها آمي وأنا في المقعد الخلفي ... طوال الطريق وأمي فقط تتحدث وسط إجابات مقتضبة من أختها خلت من الروح والابتسامة ...

ساعتان ونصف أكلت عجلات السيارة فيهما المسافة بين مدينتنا والاكادمية العسكرية ... أمي نزلت من السيارة تتأكد باهتمام من مظهري و تتفقد بحرص الوثائق في الظرف الذي بين يدي ... بينما خالتي ترشق نظرها في بلور سيارتها كأنها تهرب من شيء ما ...

تائها وسط حشد من أترابي ... مجموعة كبيرة من الفتيان والفتيات يتأنقون بمختلف درجاتهم الاجتماعية أمام الباب الكبير ... قوس كبير يحمل اسم المنشأة ... تطل من خلفه بنايات كبيرة مسقّفة بالقرميد الأحمر ... يتوسطها صاري طويل يرفرف فوقه العلم الأحمر بنجمته وهلاله ...

مجموعة من الشباب بزي موحد يحملون علامة آلفا بيضاء فوق أكتافهم يتولون تنظيم صفوفنا وتقسيمنا إلى مجموعات حسب الشعبة العلمية ثم حسب العمر والاسم ... كل المترشحين هم من المتفوقين في إختبار البكالوريا ... الأعلى معدلات والأكثر جدارة ... كنت فخورا بأني أحدهم ... لأول مرة اشعر بالفخر

أمر صارم بالتقدم .. ما إن خطت يسراي تحت القوس العالي حتى أحسست بنفسي تغيّرت ... الحدائق الخضراء والأشجار المنمقة تتناسق مع مشهد الضباط بملابسهم الموحدة متمازجة مع الأحذية اللامعة ... الذقون الحليقة في وجوه صارمة واثقة تحت قبعات مزينة بنقوش مختلفة حسب الرتب تتشارك فقط في دائرة عليها العلم ... وقفت شامخة وحركات حريصة من جميعهم على نمط واحد ...

سقطت كل جدران مقاومتي فجأة ... لا أعلم السبب لكن ذلك العالم سحرني ... لم يكن الموضوع صعبا ... زيارة لمصحة يتولى فيها كل عنصر مهمة معينة كقياس الطول والوزن والنظر والسمع ... التأكد من سلامة الجسم من أي أثر لجرح يمنع نشاطه ... طبيب ملامحه جادة تزيّن وجهه الأحمر بشارب أشقر محفف ... يتولى معاينة كل جسدي ...كل الجسد لا يسترني عنه شيء ... من أسفل رجلي حتى أعلى راسي ... ثم اشّر على ورقتي بالقبول ...

بعد المرور في الكشف الطبي ... بدأ قلبي يخفق بشدة ... نصف من دخلوا معي وقع الاستغناء عنه لأسباب عديدة ... الفتيان الذين فهمت أنهم تلامذة ضباط سبقونا بالالتحاق قبل سنة أو سنتين أعادوا تنظيمنا حسب قائمات جديدة ...

اقتربت من قاعة كبيرة ... طاولة بسيطة وطويلة جدا يجلس عليها 12 عشر ضابط برتب مختلفة بتوسطهم رجل وسيم وبشوش يضع على كتفه شعار الجمهورية وثلاث نجمات صفراء لامعة ... هو الأعلى رتبة فيهم ...

مع نصف حركة من شفتيه معناه ان لا تخشى شيئا .... تمالكت ارتباكي ووقفت شامخا متحديا نظراتهم الفاحصة لي ... تحدّثت بطلاقة استغربتها من نفسي ... أجبت عن كل الأسئلة البسيطة ...

إنتهى الأمر ... وقع إكرامنا بغذاء محترم ... جلوسي في المطعم الكبير ... مشهد الحركة والانضباط .... الملابس الموحدة تعطي أصحابها رونقا جميلا جدا ... نسميه في تونس " الوهرة " ... السحر يزداد في عيني ...

قبل انصراف من تبقى منا ولم يتبقى الكثير ... وقفنا في صف متناسقين حسب الطول استعدادا لأمر هام ... هكذا فهمت من الحركية الشديدة وتجمّع الكل في صف واحد

فجأة دوت صرخة شديدة من الرجل البشوش الذي استجوبني يأمر الجميع بالاستعداد ... العيون كلها تتطلّع لباب مكتب في بناية عالية فخمة تزينها مقولة نقشت أعلاها " الحياة عقيدة وجهاد " ... فتح الباب ليخرج علينا رجل عليها علامة المهابة ... يلبس نفس الزي العسكري ... كتفاه مزينان بشعار للجمهورية وسيفين متقاطعين ... قبعته مزركشة برسوم جريد نخل يحيط بها من كل جانب ...

ألقى علينا خطاب ترحيب مقتضب ثم ودعنا بقوله .... " الي كاتبتله خبزة معانا تو ياكلها " ...

كلمة لا زال صداها يتردد في أذني لليوم... معناها من كتب له لقمة عيش هنا سيأكلها ... الموضوع ليس لقمة عيش هي شخصية تتملك بك وتسرق منك شخصيتك الأصلية ... شيء كالسحر أصابني ... دخلت ممتعضا رافضا مجرّد الاقتراب من هذا العالم وخرجت أرى نفسي أنتمي اليه ولا انتمي لغيره ...

مررت من تحت قوس الباب ... منتصب القامة مرفوع الرأس ... أمي وخالتي تحتميان بالسيارة تحت ظل شجرة في مرآب أمام الباب لم تنتبها لخروجي ... سعيدا مزهوا باني كنت أحد المرشحين الباقين للاتلحاق ... سيقع إختيار الافظل منا حسب قولهم ... الأفضل أو من يملك واسطة تساعده ... لا أعلم طرقت باب النافذة منبها اياهما بوصولي ...

نزلت أمي مستفسرة ... نصف ابتسامة ونصف انشراح على وجنتيها بعد علمها بنجاحي في الاختبارات ... ثم ركبنا في طريق العودة ... الصمت يطبق على المكان ... تخيّلت أن الإجهاد تمكّن منهما بسبب السهر والحرارة ... لا خالتي تتكلم ولا أمي تفتح موضوعا ... أرخيت راسي على مقعد السيارة ورحت في شبه حلم ...

حلم كنت بطله ... تخيّلت نفسي بعد سنين طويلة وكتفي تزينها السيوف والكل يرتعد لوقع خطواتي ... بدأت نفسي تتحضّر لعالمها الجديد ...

سرقتني أحلام اليقظة ... فلم اشعر بنفسي إلا والسيارة تتوقف أمام باب بيتنا ... رغم إلحاح أمي على خالتي بالدخول إلا أنها تمسكت بقرار رحيلها متعللة أن الأريكة آلمت ظهرها ...

ما إن خطوت خطوة واحدة داخل البيت مع هدير محرّك سيارة خالتي ... حتى لحقني صوت أمي مدويا في البيت ...

" إيه الي إنت عملته مع خالتك ده ؟؟؟ ... إنت إتجننت ؟؟؟ "

الجزء الرابع

كمن صعقه تيار كهربائي رحت أتفحّص عيني أمي اللاتي اتقدتا كأتون نار مشتعل ... لم يستوعب ذهني المشوش كلماتها ... أي جريمة إرتكبت ؟؟؟ ... كنت أظن خالتي سعيدة بحالة التقارب الحاصلة بيننا مؤخّرا ...

لم أجد مهربا من عيني أمي اللتان راحتا تغوصان في مقلتي كأنهما سهمان يخرقان روحي ... محاولا تمالك نفسي قبل الإعتراف بذنب لم أستوعبه بعد ... غرست عيني في الأرض كعادتي كلما حاصرتني أمي في ركن ... سيل من الشتائم والتحقير لي ولتربيتها لي ... لكني لم أسمع قرار دائرة الإتهام بعد ...

إغرورقت عيناي بالدموع ... هي دموع تعودّتها كلما وقفت في موقف تقريع ... راجعت كل لحظة وكل كلمة دارت بيني وبين أختها فلم اهتدي لما من شانه أن يتخذ قرينة إتهام ضدي ....

طال وقوفي كالصنم تجاه أمي التي اشتعلت نار غضبها أكثر من المعتاد وطال سيل تقريعها لي ... تعودّت منها هجوما لدقائق ثم أمرا لي بالغروب عن وجهها و الإنسحاب لغرفتي ... لكن هذه المرّة لم يصدر ... بل إستعرت نار أتون غضبها الغير مفهوم ... كثرت حركات يديها أمامي ... كنت في حالة إستعداد مني لتلافي صفعة قد تقع على خدي بين الفينة والأخرى لكنها تأخرت هي كذلك ...

لا أعلم كم مرّ من الزمن وهي ترعد وتزبد دون أن توجه تهمة واضحة لي أعترف بها أو أدافع عن نفسي ضدّها ... أحسست بفورة غضب ممزوج بالرعب تشتعل في صدري ... مع تكاثر حركات يدها أمام وجهي لم أعد أستمع لكلامها ... أمسكت معصميها بقوة قصد تخفيف انفعالها ... حركتي المفاجأة سببت لها ألما لم تستطع ملامح وجهها التستر عليه ...

شعوري بالتفوق الجسدي عليها شجعني على المواصلة ... إحتضنتها بعنف بين ذراعي قصد تخفيف غضبها .. لكنها أصرّت على المقاومة والهجوم ... وسط كلمات مني أشبه بالصراخ طالبا منها أن تهدأ وهي تطالب بإطلاق سراحها ... أحسست بالتفوق عليها برفع صوتي فتراجعت ... سحبتها ببطء وهي أسيرة بين ذراعي للكنبة الكبيرة وسط الصالون الشبه مظلم... جلست وسحبتها لتجلس غصبا ... رأسها مدفونة بين صدري وذراعي اليمنى تحوط كتفيها من خلفي بينما أصابع يدي اليسرى تربّت على رأسها علّها تهدأ ...

أحسست بالفخر وفورة الشباب تتفوّق على حالة الارتباك المعهودة ... أوّل مرة أسيطر فيها على إنفعالات أمي ... والحق يقال إنفعالها هذه المرّة كان غير مسبوق ... ككل أنثى في العالم ما إن تحتوي غضبها وتهدأ حتى ينقلب الغضب لبكاء ...

تنهيدة وحشرجة مخلوطة بدموع ساخنة أحرقت جلدي مخترقة قماش القميص ... كل هذا وأنا أنتظر فقط أن أفهم ما يحدث ... أو ما سبب ما يحدث ... طال نحيبها وإنتحابها دون أن تصلني منها كلمة مفهومة واحدة ...

انتظام نفسها المذبوح بنشيجها المكتوم ينبأ أنها بدأت تسيطر على نفسها ... أسندتها بحنان للحمام تغتسل علها تسترد روحها ... وقفت خلفها وهي منحنية تصفع وجهها بموجات من الماء البارد ... صمت مطبق على المكان لا يقطعه سوى خرير الماء وبعض الشهقات من أنفها تعلمني أنها بدأت تعود لوعيها ...

قميصي الأبيض اللامع تزيّن بدوائر سوداء كبيرة على الصدر والبطن سببها إختلاط بكائها بزينة عينها ... أردت إضفاء القليل من الدعابة علّها تقتل روح الغضب فيها ...

  • كده وسختي القميص ... هو أنا مش مكتوبلي البس حاجة عدلة في حياتي أبدا
  • (كلماتي صدمتها أو أشعرتها ببعض الذنب ) ماهو كله منك ... إقلعو أنظفهولك قبل ما يلزق فيه
  • (مستجيبا لأمرها بإبتسام رحت أفتح أزراره تباعا) طيّب ممكن أفهم أنا عملت ايه زعلك مني ... إختبار ورحت ونجحت ... عملت إيه بس ؟؟
  • يعني مش عارف إنت عملت ايه ؟؟
  • يا ستي أقسملك أنا مش فاهم حاجة ... وإحتياطيا كده أنا آسف مسبقا بس اضحكي ...
تزامنت كلماتي مع آخر حركة أنزع فيها القميص عن معصمي ... طالت نظراتي لامي تحت ضوء الحمام الخافت ... وجهها الذي إكتسب حمرة شديدة على مستوى الأنف والوجنتين من أثر البكاء ... عيناها اللتان أحاطتهما هالة سوداء بمفعول إختلاط الدمع والماكياج ...

  • طب تصدقي إنك كده أحلى بكثير
  • (إغتصبت كلماتي إبتسامة رقيقة من شفتيها أخفتها بأن صفعت صدري العاري) إقلع البنطلون عشان أغسلهولك بالمرة
  • (مستجيبا لطلبها رحت أفتح الحزام وأزرار البنطلون) طيّب قوليلي أنا زعلتكم في إيه ؟؟؟
  • أنا بس إلي زعلانة ... خالتك مبسوطة من عينيها بس أنا إلي ما عرفتش أربي
  • (أحسست أن فورة غضب ثانية لا تفتأ أن تشتعل) ... أنا غلطان من ساسي لراسي بس قوليلي أنا عملت ايه ؟؟
انهمكت أمي تفرك بقيا دموعها السوداء من على قماش قميصي ... كأنها كان تركّز لتفتح معي موضوع لن ينتهي بسلام ... أنا أعرف تلك الخصلة فيها ... فيما مضى كانت تلك اللحظات تسبب لي حالة رعب لكن هذه المرة فشعوري مختلف ... لم أفهم أهو فضول أو شوق أو ماذا ... ربما لأني واثق أني لم أخطأ ...

تطايرت بضع فقاعات صابون انفلت من بين أصابعها لترسم دوائر على ملابسها ... أمر سريع ممزوج بالغضب أن أجلب لها شيء آخر تلبسه قبل أن تفسد ثيابها ... أعتقد أنها فرصة مناسبة لكلينا أن نرتب أفكارنا ... بخطوات كالقط قافزا نحو الدور العلوي ... جلبت أول شيء وقعت عليه يدي في خزانة ثيابها الشبه خاوية ...

عدت للحمام لأجد أمي تخلّصت من قميصها لا تلبس سوى البنطلون و سوتيانة بنفسجية ... صعقني المشهد فلأول مرة أمي تتخلى عن حذرها معي أثناء تغييرها لملابسها ... مددت لها قطعة القماش السوداء ... نظرت لي بتعجّب ... هو قميص اسود نصف طويل لا إشارة فيه ... نظرة استحسان منها لإختياري ثم ضربتني بطرفه وقالت " أول مرة تعمل حاجة عدلة " ...

حشرت نصفها الاعلى فيه بسرعة و إستدارت تفك أزرار بنطلون الجينز ... هزمني خجلي فأطرقت النظر للأسفل ... لم يطل إنتظاري ... رمت ببنطلونها على وجهي تأمرني بتعليقه خلف الباب ... قبل أن أفعل ذلك عالجني سؤال سريع منها

  • مش هتنطق بقى وتقلي عملت كده ليه ؟؟؟
  • هو ايه ده ؟؟؟ قوليلي إنتي أنا عملت ايه وأنا هافسرلك ... لأني بجد مش فاهم
  • (همهمة طويلة وتفكير أطول منها) إنت إزاي تحكي لخالتك الحكاية الي قلتهالها ...
  • حكاية ايه ؟؟
  • حكاية الست الي بتحبها ...
  • (هنا كرهت خالتي نهائيا ... محاولا استرجاع شجاعتي المكتسبة حديثا) هي سالتني وأنا جاوبت
  • يا سلام وما قلتليش انا عالموضوع ده ليه ؟؟؟ هو مين أقربلك أنا وإلا هي
  • ببساطة لانك ما سالتنيش ؟؟ وكمان أنا كنت فاكر إنك انتي الي بعثتيها تستفسر مني
  • وهو أنا لازم أسالك ... المفروض حضرتك تيجي تحكيلي وأنا أنصحك هو أنا مش مامتك ...
  • (أطرقت برأسي للأسفل هربا من الموقف ... كنت أنوي أن أعترف لأمي أني كذبت على خالتي لكني تراجعت فلم أنطق ) ...
  • هي قالتلي يوم ما دخلت المستشفى إنها أزمة عاطفية بس أنا عاندتها ورفضت الفكرة رغم إني كنت متأكدة ...
  • وعاندتيها ليه ؟؟؟ وعرفتي منين
  • موضوع عرفت منين دي مش محتاجة سؤال ... أنا أمك ومش محتاجة افسرلك ورفضت وعاندت عشان أحمي صورتك وصورتي قدامها ... إبني زينة الرجالة يدخل مستشفى عشان خاطر وحدة بيحبها ؟؟؟
  • (صدمت من كلام أمي ... لم اتوقع منها ذلك التفكير أمي تحكي لخالتي أبسط تفاصيل طبق العشاء فما بالك بحياتنا ككل) ... (غممغمت أن أتكلّم لكني أصبت بالبكم)
  • شوف يا حبيبي ... البيوت أسرار وكل بيت لازمه منطقة سرية ما حدّش يعرفها غير أصحاب البيت حتى لو كانت خالتك ... أنا دافعت عنك وأنكرت الفكرة وإنت تعبان تقوم تيجي تفضح نفسك وتصغرها وتصغرني قدامها
  • (مسحت بظهر يدي دمعة إنسلّت من عيني غصبا عني ولم انطق)
  • لا والمصيبة بقى إنك مش بتحب وحدة زميلتك وإلا وحدة من سنّك ... أزمة عصبية ومستشفى عشان حضرتك معجب بوحدة من سني أنا ...
  • (هنا خنقني كذبي ... قررت أن أعترف لامي بالحقيقة وليكن ما يكون ) أصل الموضوع مش زي ما إنتي فاهمة
  • لا الموضوع مفهوم ومش محتاج تفسير ... أنا السبب وأنا الي غلطانة
  • (تاهت مني ردة فعلي في هذا المنعرج في الحوار) إنتي السبب إزاي ؟؟
وراحت تفسّر أن سبب إنجذابي لتلك السيدة ليس حبا أو إعجابا بل هو نقص في الحنان منها ... بسبب قسوتها ... ثم أعقبت انه كانت مجبرة بحكم أنها لعبت دور الأب والأم في نفس الوقت ... كانت تنشر ملابسي على منشر بلاستيكي وتتكلم وظهرها لي ... أحسست بنبرتها تغيرت ... خنقة بكاء أمسكت أنفها فوصلني خنينها ليحرق ضميري أكثر فأكثر ...

إقتربت منها من الخلف ... أحطت ذراعيها بذراعي ... وحضنت ظهرها لصدري بقوة فتجمّدت حركتها ... قبلت أعلى رأسها طالبا الصفح ... أمسكت بمرفقي من الخلف وحركت أصابعها في إشارة أنها سامحتني ... ثم نطقت

  • إنت كبرت إمتى يا ولى ... إيدك بقت قوية إمتى ؟؟؟
كأي صغير فخور بمدح أمه ارتفع صدري للأعلى ... لففتها وحضنتها من أمام ... هذه المرة الحضن إختلف ... فردت طولي وضممتها لصدري أن لا تخافي ولا تحزني ... فأنا إبنك ومعك دوما ... لا اعلم كم طال هذا الحضن بيننا ... قبل أن تنفلت من ذراعي تمطت على أطراف أصابعها لتقبلني ... القبلة رسمت بين أنفي وشفتي وعيني ... نفس القبلة ونفس المكان لكن بشعور مختلف ... هزة بقوة تسعة ريشتر ضربت صدري ... ثم أنهت الحوار بيننا دون نتيجة ...

لجأت لغرفتي محاولا تمالك نفسي من كمية المشاعر المتناحرة في صدري ... شعور بالفخر والتفوق في الإختبار وشعور بالإنكسار والندم ... وشعور بالحسرة لما سببه كذبي على أمي ... سريري الذي تحوّل جمرا يشوي ضلوعي لم يعد يحتملني ... راجعت كل كلمات أمي ... أمي التي إكتشفتها الليلة رغم علاقتها بأختها لكنها استنفرت لما أحست انها ستكون أقرب لي منها ...

كتكفير عن الذنب قررت أن لا مفرّ من الإعتراف ... سأحكي لامي كل شيء ... ربما الصدق سيصلح ما شرخ بيننا ... ستسعدها فكرة أني كذبت على خالتي وإخترعت حكاية ولما جد الجد إعترفت لها بالحقيقة دون زيف ... سحبت كل الأوراق من صندوق أبي فتحت اللاب توب ...

أغمضت عيني أراجع الحكاية من بدايتها حتى لا انسى حرفا يمكن ان تستعمله ضدي يوما ... سأعترف وليكن ما يكون ... نظرة فاحصة مودعا بها خريطة أبي وخريطتي ... ثم نظرة فاحصة بتأني ... لتنفتح عيني وألف قطعة من عقلي ... وألف صورة في خيالي

أبي أدرك تلك الهفوة من زمان ... تلك الجداول ما هي إلا محاولة لتطويع الحظ في مصيدة المنطق ... الأمر قد ينجح ...نسيت سبب فتحي للملفات ... تربعت ووضعت اللابتوب على حجري ... رحت أتابع خطوات أبي بدقة ... بضع نتائج تكون قريبة للمنطق وتعتمد على الحظ والبقية تغلق إحتمالاتها مهما كانت ... قديما لم تنجح بسبب عدم القدرة على إختيار مكونات الرهان .... لكن مع المواقع الجديدة قد تصيب

هنا الإختيارات أكثر .... رسمت شبكة جديدة بنفس منطق أبي ... أشبه بالكلمات المتقاطعة ... جداول كثيرة ... فروع وتركيبات أكثر ... إن وقعت نتائجها في إحداها كسبت وإن أخطأت تكوّن نوات لجدول آخر مبني على الإحتمالات العكسية ... أشبه بشباك صيد أسماك التونة ... إن لم تسقط إحداهن في شبكة بالممرات وقع السرب كله في غرفة الموت ...

نسيت أمي ومشاعرها وخالتي التي أفشت سري ... فقط حضنت صورة أبي بفخر ... فخور بكوني إبنه .... لقد نجحت فيما فشلت فيه ... أنا النسخة الحديثة منك ... في نسخة حديثة للعبة حظ هزمتك يوما ... ذرفت دموعا حارة إمتنانا له هذه المرة ...

مع أشعّة الشمس الأولى دخلت الحمام هذه المرة أغسل صورة أبي من عار الهزيمة ... بنشاط غير معهود حضّرت الفطور لأمي التي صدمت لفعلي حال استيقاظها ... عناق طويل منها ظنا أني فعلت ذلك معتذرا من ذنب يوم أمس ... ما إن إنطلقت لغايتها حتى طرت لغايتي ...

دلفت المقهى متسلحا بآخر دينارين أمتلكهما ... وضعت الإختيارات وإستبقت النتائح في عقلي ... رأيت مكاسبي تتوالى .... رغم ان السرب كله لم يعلق لكن علقت بعض الأسماك .... قهوتي السوداء لم تنتهي بعد وتضاعف رصيدي من 49 دينار ل 485 ... ثم ساعتان قاربت فيهما الألف ... قبل منتصف النهار تجاوزت الألف دينار ... مبلغ لم اتخيّله في حياتي ... هو لا يمثل شيئا بالنسبة للبعض لكنه بالنسبة لمن في مثل سني وحالتي يعتبر ثروة ... لم أصل بعد للعصر والألف صارت ألفين ...

موعد عودة أمي للبيت أجبرني أن اقطع سلسلة مكاسبي الرقمية ... جريا توجهت لمحل الحلاق ... دقائق وتحوّل الرقم في حسابي لأوراق وضعت بين يدي ... ملمسها له مفعول السحر ... مقلدا صنيع ذلك الرجل في محل رحيم ... وضعت ورقتين خضراوين في يدي الحلاق ... إكرامية مني ...

شعرت بالنشوة وهو يوصلني للباب يودعني ... ملعون هو أب مفعول المال في نفوس البشر ... في الطريق كنت أمسك رزمة الأوراق واصفع بها نفسي ... أنا لست في حلم ... دخلت بيتنا لاهثا قبل دقائق من وصول أمي ... كنت ثملا بإنجازي ... أخفيت بعناية ثروتي الجديدة .... لم أصغي لكلامها رغم محاولتها سحبي في الحديث ... كنت أتحسّر على تلك المقابلات التي تدور حاليا ولم تعلق بشبكتي منها أرباح ...

ليس عندنا انترنت في البيت معضلة كبيرة ... لا أعلم كيف مرت تلك الليلة ... في الغد متأبطا جهازا ومنطلقا لأحد الكافيهات ... مستوايا لم يعد يسمح بالجلوس في مقاهي شعبية قد تتلصص منها بعض العيون فتسرق فكرتي ... جلوسي في هناك وهيأتي التي لا تناسبه أشعرني بالحرج رغم امتلاكي لما يسد عين أي محتج ... هكذا رأيت نفسي ...

قبل نهاية اليوم ... تضاعف المبلغ في جيبي إلي 4 آلاف دينار ... ونصفها رأس مال في الحساب ... مررت بجانب مول المدينة ...مكان لم أتجرأ يوما في التفكير أن أدخله ... قتلت حقدي على الأحذية وطعنت كسرة عيني أمام القمصان والسراويل ... ملابس رياضية خفيفة ... جوارب وملابس داخلية ...

إستعملت نفوذي الجديد على الحلاق بكرمي الكبير معه ...إستعملت ركنا في محلّه تركت فيه كل مقتنياتي وأنا واثق أنه سيحفظها ...أنا الدجاجة التي تبيض ذهبا بالنسبة له ... اقتنيت جهاز واي فاي متنقّل ... ممددته بأسلاك الكهرباء وجاهدت للصعود فوق سطح بيتنا ... أخفيته هناك خشية من حملة تفتيش فجئية قد تقوم بها أمي ...

بعد العشاء أمي تبتسم بسعادة ... قالت أن أحد جيراننا ترك جهاز وصل الإنترنت دون رقم سري ... هذا ما إكتشفته في هاتفها القديم ... سعادتها بهديتي التي وصلتها مني دون قصد زرعت شوكا في صدري ... نظرت لملابسها القديمة وقارنت بينها وبين مقتنياتي ...

لكن ما الحل ... إن أخبرتها فلن تتقبل ذلك ... طرف أذني تذكّر ألم تحذيرها لي يوم مددت لها تلك الورقة النقدية فما بالك بكل هذه الثروة ... هذا سيضعني أمام خيارين إما أن أنهي ما بدأته قبل أن اتمتع به وإما أن أصطدم معها وأخسرها نهائيا ... قررت الإبقاء على الأمر سرا حتى حين ...

سهرت طويلا اصطاد بعض المرابيح ...هنا إكتشفت الحقيقة ... شبكتي ليست مثالية يمكن لسوء الطالع أن يتسلل إليها ... لكن الأمر لم يكن محبطا فنسبة النجاح تفوق نسبة الفشل ... مسرورا بواقعية إنجازي لم أحاول البحث عن طريقة لسد تلك الثغرة ... ربما هي قناعة مني ... لا أدري ...

لم أغادر البيت لمدة أيام أفنيتها في المقامرة ... احضّر الفطور لامي التي أسعدها تفاني في برّها .... وصل رصيدي في الحساب لمبلغ لم أتخيّل يوما أن أحلم بإمتلاكه ... صحوت في آخر الأسبوع قبل منتصف النهار بقليل توجهت نحو محل الحلاق ... إسمه عماد وكنيته " العمدة " ...

نصحني باستعمال حساب بريدي أحوّل عليه رصيدي مباشرة ... طريقة تحميني من حمل تلك الرزم النقدية في جيبي ... شريطة أن لا انقطع عنه ... هو يقصد عمولته وإكراميته ... لرد جميله طلبت منه أن يحلق لي شعري ويسهر على قيافتي ...

تغيرت حالتي النفسية مع تغيّر شكلي ... ملابس جديدة تلمع مع لمعان شعري المنمق ... حذاء خفيف وفخم ... عملت بنصيحة العمدة ... حساب بريدي ... إجراء بسيط تحصلت بعده على كارت سحب نقود من الموزعات الآلية ...

مر أسبوع بأكمله على نمط وحد ... اخرج قبل منتصف النهار ... أدخل دكان العمدة في شكل وأخرج منه في حالة أخرى ... دخلت كل المطاعم الفخمة وأكلت كل ما لم اسمع باسمه من قبل ... ثم قبل العصر أعود للبيت وقد استرجعت شكلي المعتاد ... أدخل غرفتي وأنصب شباكي وأحوّل محاصيلها لحساب البريد الذي أصبح يحتوي رقما مهما حوالي الخمسين ألفا في أسبوعين ... أمي التي ساعدها النت المجاني على تسلية نفسها ليلا ... لم تعد تكلمني كثيرا ...

في فترة إنتظار النتائج في الكافيه تعرّفت على شلة من أترابي ... شلة دقيقة في المواعيد ... يدمنون لعبة الليدو تصادف أن نقص أحدهم في يوم ما فدعوني لتعويضه ثم صرت واحدا منهم ... تواجدي معهم في نفس التوقيت جعلني أنظم لهم ... قبل أيام كنت أخجل فقط لمجرد مرور أحدهم بجانبي ... الآن صرت واحد منهم بل وأحيانا أعزمهم على مشروب على حسابي ...

ملعون أبو الفقر ... كل معايير حياتي تغيّرت فجأة ... لا أعلم السبب لكن قلبي كان يخزني .. كأني أهملت شيئا تاه من ذاكرتي ...

بدأت اشعر بالضجر وبالنقص أمام أفراد الشلة ... موعد العودة المبكر صار يخنقني ... هو نقطة ضعفي الوحيدة .... أردت إكتشاف عالم الليل ... لكني لا أقدر ... كنت اسمع مغامراتهم عن ليلة أمس وأنا أموت قهرا ... حديث عن مغامرات وجولات وسهرات ... فصل الصيف هو فصل السهر في تونس ... لا أحد ينام هنا صيفا ... الأفراح و المهرجانات ... حتى من ضاق به الحال يتمشى مستجديا بعض النسمات الباردة إلا أنا ... كنت أصبّر نفسي أني اسهر لجني بعض الأموال من لعبتي ... أمر غريب حدث في بيتنا ولم انتبه له ...

لم أرى خالتي منذ يوم الإختبارات ... خشيت أن أسال أمي فأفتح على نفسي بوابة شكوك لست مهيأ لها ...

دخول تلك الشلة في حياتي تجاوز كونه تسلية أو مذكيا لنار الحقد في صدري ... توافدت بعض الفتيات أحيانا لمجالستنا ... صديقة أحدهم وحبيبة الآخر ... أخت هذا تكون حبيبة ذاك ... وهذان مصاحبان للأختين ... وهذا يغطي أمام أهله غياب أخته التي ستمضي السهرة مع عشيقها مقابل أن تقوم هي بترتيب حضور صديقته للبيت دون إثارة شكوك ... علاقات غريبة لا روادع فيها ولا قوانين كالتي ألفتها ...

جلوسي القصير معهم زاد في شعوري بالنقص ... عناق الأحبة والملامسة الخفيفة ... تشبيك الأصابع ... رغم وجود بوادر إعجاب من فتاة تبدو رقيقة وإشارات من أحد الأعضاء أنها تميل لي لكني إنسحبت ... رغم كل ما صرت عليه إنسحبت ... ماذا سيحدث لو دعيت يوما لحفلة أو سهرة أو تسكع معها .. وأنا المحددة فترة تجولي لما قبل العصر ؟؟؟ ... كفيت نفسي عناء سخرية قبل أن تحدث ... فلم استجب للفكرة من أساسها ...

شعور بالنقص أمام حرية أولائك الشبان جعلني أتحاشى لقائهم ... خط نهاية تلك الصداقة الوليدة كان دعوة من أحدهم أن أرافقهم في سهرة تملّصت منها بلباقة لكني كرهتهم بعدها ... هو الكره الأزلي المولود في نفسي لتلك الطبقة ... المرفهون يتمتعون بمساحة كبيرة من الحرية ... والأشقياء سرعان ما يتمردون على سلطة الأهل ...

أنا لا أنتمي لا إلي هؤلاء ولا للآخرين ... أنا أنتمي لأمي ...

العمدة الذي صار صديقا وفيا وخدوما لي صار مؤنسي الوحيد ودكانه المكيف كان ملجئي من حر الصيف ... كنت أجلس كسيّد على كرسي الحلاقة وكعادة الحلاقين في بلدنا .. بدأ بدعك أكتافي التي أتعبها طول جلسة القرفصاء ليلا ... قال أن حصة من التدليك ستطرد عني التوتر ...

فجأة تذكّرت تلك السيدة ... محل المساج ... أعتقد أن الكارت لا يزال عندي ... إنطلقت كالعقاب في إتجاه بيتنا ... لم يطل بحثي كثيرا ... وجدت البطاقة بين طيات ثيابي القليلة ... إتصلت بالرقم المطلوب ... أغلق الإتصال في وجهي ... ثم وصلتني رسالة ... هي نفس الرسائل التي برمجتها لها سابقا ...

هل تريد حجز موعد ؟؟؟ ... طبعا أريد ... إخترت منتصف النهار موعدا للقاء طال شوقي له ... لم افهم أي كلمة من الخدمات المقدمة رغم أني أنا من كتبها لكني إخترت أغلاها ثمنا ... ربما ذلك سيشكّل فارقا في لقائي الثاني مع من سرقت روحي يوما ...

رحت ابحث عن معاني تلك الخدمات المقدمة في مراكز التدليك ... الكلمات غير مفهومة لكن الصور المرافقة لها مثيرة ... إكتشفت أن مراكز التدليك في تونس أكثر من مراكز الشرطة .... أعتقد أنه مشروع مربح للغاية ... فالشعب يبحث عن إزالة التوتر ... المثير في الأمر أن الأسعار رغم العروض والتخفيضات تبقى مرتفعة ... من يقدر على ذلك وسط الأزمة المادية الخانقة ... سأكتشف الأمر بنفسي ...

يا ليل الصب متى غده أقيام الساعة موعده ... مؤلف مطلع تلك الغنية يستحق جائزة نوبل في المشاعر ... لم ترد تلك الليلة أن تنتهي ... نار الشوق وقيض الصيف إجتمعا على تعذيبي ... وزادهما عذابا نصف الانتصاب الذي جعل قضيبي كرصاص صنارة داخل البوكسر ... لا أدري ما السرّ لكن مجرّد ذكرى تلك السيدة يولّد انتفاخا بين فخذي ... ناهيك عن خيالاتي التي غذتها تلك الصور ...

نزلت للمطبخ بحثا عن قارورة ماء تطفئ لهيب عطشي ... حركتي الخفيفة سحبت أمي ورائي ... عادة تلصصها على حركاتي لن تتغيّر ... أردت مداعبتها بمزاح ثقيل إختفيت وراء الكنبة قبل أن يلحقني وقع خطوات قدميها الحافيتين ... محاولا إمساك نفسي من الضحك وأنا أراقبها تدنو من باب الحمام وتضع أذنها على الباب ... ثم مع عجزها عن سماع شيء إنحنت تنظر من ثقب المفتاح ...

كانت ترتدي قميصا رماديا قصيرا يصل لمنيت فخذيها مع إنحنائها تبينت لون كيلوت أسود رغم الظلمة ... بياض جلدها عكس سواد القماش ... طال بحثها عن شيء تلمحه داخل الحمام المظلم ... تسحبّت من خلفها وهي منحنية وبحركة سريعة قرصت جانبيها بأصبع يدي الإثنتين ... لتطلق صرخة رعب ثم تتراجع للخلف دون أن تقيم جسدها ... حركة عفوية بسبب الذعر ... رشق قضيبي بين فلقتي مؤخرتها ... محاولة تفادي تلك الوضعية تقدمت للأمام مرتبكة لتصدم رأسها في خشب باب الحمام فترتد ثانية لنفس الوضعية لكن بقوة أكثر

حركتان متعاكستان منها ومني تسببتا في سقوطنا أرضا ... ظهري للأرض وظهر أمي على صدري ورجلاها للأعلى ... مؤخرتها فوق قضيبي مباشرة .... الموقف المحرج والطريف في نفس الوقت خلق جو من الصمت سرعان ما إنقلب ضحكا هستيريا وهي تحاول النزول من فوقي ممسكة جبينها الذي تورم من أثر الصدمة في الباب ... ليونة فردتي مؤخرتها مع صلابة إنتصابي لا يمكن نكرانهما ...

لم اقدر على توقع ما سيحدث لي بعدها فلم أتحرّك .... أمي التي وقفت تنظر لي ماسحة بقيا بلل في رموشها من إختلاط الضحك والرعب فيهما ... كنت لا أزال مطروحا أرضا ... مدّت يدها لتساعدني على النهوض ... محاولة مني لزيادة المزاح لم أساعدها ... ومع ثقل وزني نسبيا على قدراتها العضلية بدل أن تسحبني سحبتها لتقع أرضا وندخل في نوبة ضحك ثانية ...

إنتهى الموقف بهروب أمي للحمام وقد إمتزج ضحكها بسعالها ... أنا لجأت للمطبخ أبحث عن قارورة ماء باردة ... لحقتني أمي وصدرها لا يزال ينتفض من أثر الضحك ... كنت سعيدا أني أدخلت بعض البهجة على قلبها ...

لا هي سالتني عن سبب تواجدي هنا في آخر الليل ... ولا أنا تساءلت عن سبب تلصصها على باب الحمام ... فقط هي استفهمت عن تغيّر لاحظته في سلوك دون أن تنتظر إجابة ... أعتقد أنها تنبهني لشيء لم أرصده في تصرفاتي .... لما طال صمتي بادرتني بالكلام

  • هاه قلي بقى نسيتها والا لسة بتحبها
  • (صعقتني تلك الكلمة كأن أمي تقرأ أفكاري ... حاولت الهروب من الإجابة بالصمت)
  • مش عاوز تحكي ؟؟
  • أحكي عن إيه ؟؟؟
  • عن الست إلي كانت هتجيب أجلك دي
  • (أحسست بالغضب من نفسي ... هذا الكابوس يجب أن ينتهي) مش عارف إنتي مركزة في الموضوع ده ليه
  • يا سلام ومش عاوزني أركز في موضوع ز يده هأركز في إيه ؟؟
  • طب إيه المهم في الموضوع ؟؟؟
  • في كذا تفصيلة في الموضوع لازم يتركز معاها
  • إلي هما ؟؟
  • عاوز نبتدي منين ؟؟؟
  • من المكان إلي يوصلنا إنه الحوار ده ينتهي
  • لو مش عاوز تحكي بلاش
  • لا عاوز أنهي الموضوع ده نهائي لانه أصبح مزعج بالنسبة ليا
  • و بالنسبة ليا أنا كمان
  • طيب إضربي النار وخلصيني وخلصي نفسك
  • إنت شايف إني لما اتحاور معاك يبقى ضرب نار
  • أيوة لانه الموضوع محرج (كنت أهم بالإعتراف)
  • محرج لأني بأكلمك والا محرج إنك بتحب وحدة من سن أمّك ؟؟
  • أولا أنا مش بأحبها وحضرتك قلتي ده بنفسك قبل كده
  • أمال ؟؟؟؟
  • ده كان إنجذاب مش أكثر
  • ماشي نعتبره إنجذاب وصّلك للمستشفى ... ممكن أعرف إيه السبب فيه من أساسه
  • (أحسست بأني حشرت نفسي في ركن ومن المكن أن أخطئ بكلمة تفضح كذبي من أوّله) إسالي وأنا هاجاوبك
  • طيب جاوبني ومن غير إحراج ... إيه سبب الإنجذاب ده
  • حضرتك قلتيها زمان ... ممكن عشان إنتي كنت صلبة وجافة في تعاملك معايا
  • لا الإجابة دي مش مقنعة ممكن تكون فيها نسبة حقيقة بس مش مقنعة
  • (هنا توجّب عليا مواصلة الكذب) ممكن عشان الست ذات نفسها
  • فهمني ؟؟
بشجاعة لم أعهدها في نفسي رحت أصف تلك السيدة بكل ذكريات ذلك اللقاء ... وبكل شوق لقاء الغد ... وصفتها بأوصاف ليست فيها ... بل تمنيت أن تكون فيها ... روحا وجسدا وتأثيرا ... أمي التي إنسحبت للمطبخ تبلل ريقها ببقايا علبة عصير باردة سحبتني ورائها مصغية ...

أمي جلست في نفس وضعية جلوس خالتي ذات ليلة ... تضع حافة قدمها اليسرى على طرف مصرف المطبخ وتمسك ركبتها بيمناها و تسدل رجلها اليمنى وتمسك علبة العصير بيسراها ... إتخذت مكاني بجانب الحوض وعيني في الأرض ... ثم إسترسلت في الحديث عن تلك السيدة حتى إنتهت ذكريات اللقاء القصيرة وعجز خيالي البسيط عن الوحي بالمزيد ... لكن ذلك لم يشبع فضول أمي في معرفة المزيد ...

أعتقد أنها تعمّدت الإطالة في الحديث وفتح الموضوع للمرة الثانية بحثا عن زلة في كلامي تمسكها عليا ... أسندت ظهرها لحائط المطبخ وعدّلت جلستها بان وضعت كل قدمها على حافة المصرف و ألصقت ركبتها في صدرها بحركة قوية من داخل مرفقها ... حركتها سحبت عيني ناحيتها ... إنحسر طرف قميصها للخلف فاسحا مجال الرؤية أمام عيني لتكتشف قماش الكيلوت الأسود الأسير بين بياض تلاصق فخذيها ...

لا أعلم السبب لكن أمي لم تشفي غليها من عشيقتي الوهمية ... فأعدت عليها الرواية والسبب والشعور للمرة الثالثة ... مع حرارة الجو وبداية بزوغ شعيرات في أطراف منبت قضيبي أشعرني بالحكة ... كنت أنظر للأرض ويدي تداعب قضيبي من فوق قماش البوكسر عل الحكة تخف عني ... مع كل لمسة مني يدي يزداد الرسم المنحوت تحت القماش ...

كنت أعيد تفاصيل روايتي شبه المكذوبة بتركيز شديد منعني من الانتباه لصمت أمي ... لما انتبهت ضننت أنها تنصت بإصغاء لي ... رفعت عيني ناحيتها لأرى وجهها متجها نحوي لكن للأسفل ... إتساع حدقتيها وفغر فمها لم افهم سببه ... كانت تنظر مباشرة نحو إنتصابي الذي يلمحه الأعمي ... مما أشعرني بالحرج والخوف .. لكنها لم تعلّق ... فقط نظرت في عيني وسألتني

  • طيب فرضا إنه كلامك كله صح وده فقد إنجذاب ... وإن ظروفنا منعتك أنك تشوف نفسك مرتبط بوحدة من سنك ... ليه هي بالذات ... يعني ليه مش وحدة غيرها
  • وحدة زي مين
  • ما اعرفش اي وحدة ثانية
  • يعني انا هاشوف ستات ثانيين زيها فين
  • يا سلام ؟؟؟ للدرجة دي
  • لا مش القصد ... يعني أنا من المدرسة للبيت
  • طيب ما شفتش غيرها فيهم ؟؟؟؟
  • المدرسة ما فيهاش غير المدرسات ودول برى الهدف خالص والبيت ...
  • مالو البيت
  • (بتعجّب شديد) البيت فيه إنتي وخالتي
  • (هنا أحسست كأن أمي تنفض عقلها لتعود للرشد) ايوة عشان كده إنت فاتح قلبك لخالتك ومطنّش أمّك
  • يا سلام بعد ده كله ؟؟؟ وكمان إحنا إتكلمنا في الموضوع ده قبل كده ... وبعدين هي فين خالتي ؟؟؟
  • (بصوت ممزوج بالخبث) واحشاك ؟؟؟
  • (لم استوعب أي إشارة يجب أن أتلقى) أصلها ما بتجيش بقالها كام يوم
  • (بصوت جاف دون مشاعر) لا أبدا أصلها لحقت زوجها وابنها في بلاد برة تصيّف
  • (أحسست ان هذا الحوار لا يجب ان ينتهي) أحسن
  • أحسن ؟؟؟؟
  • ايوة خليكي كده مركزة معايا
  • إنتي بتغير من خالتك يا ولى ؟؟
  • إنتي مش بتغيري منها ؟؟؟
إعتدلت أمي في جلستها وراحت تحكي لي تفاصيل كثيرة عن خالتي ... رغم كل شيء هي أختها لكن نفسها تغبطها أحيانا ...آخرها المصيف وهي محشورة في منزلنا في هذا الحر ... لكن ما فهمته من كلامها في المرتين الاخيرتين أن الغيرة إنفجرت داخلها يوم شعرت أنها اقرب مني إليها ... نقطتان فطرتا قلبي ... يجب أن أجد حلا أمكن فيه أمي من رحلة مصيف حتى في شاطئ قريب ...

رغم ثقل مرور ما بقي من الوقت تلك الليلة إلا أن ذكريات الموقف مع أمي تدفعني للإبتسام غصبا عني ... أشرقت الشمس ولم يغمض لي جفن بعد .... حركات مستعجلة من أمي التي تعجّبت من عدم تحضيري لفطور الصباح لها ... ما إن غادرت البيت حتى نهضت على عجلة ... مسرعا توجهت نحو دكان العمدة ... على غير العادة لم امكث لتسليته كثيرا .. غيٍّرت ملابسي وتعطّرت وطرت نحو عنوان محل التدليك ... متسلحا برزمة أوراق نقدية تنفخ جيبي وصلت قبل موعدي بدقائق ...

عمارة تبدو الفخامة من بابها ... ألواح كثيرة لعناوين أطباء ومحامين ومحاسبين ... المركز في الطابق الرابع ... دققت الجرس وقد جف ريقي وتوقف قلبي ... مزهوا بالمفاجأة التي سيمثلها حضوري أمامها وأنا في قمة تأنقي ... ألف سيناريو ألف فكرة تخيّلت لكنها تحطّمت مع فتح الباب ... شابة في منتصف العشرينات تستقبلني وقد تحوّلت ابتسامها لنظرة إستغراب وريبة بوجودي ...

زادت دهشتها لما علمت أني صاحب الموعد المسجّل عندها ... أصرّت على أن أدفع ثمن الخدمة مسبقا ... أحسست بجرح في كرامتي وجرح في قلبي لعدم وجود حبيبتي المزعومة ولإحتقار تلك الشابة لي ... هي قالت أنها لم توظّف أحدا بعد لمساعدتها ...فمن أين سقطت هذه في طريق حلمي.... رحت اعد المبلغ المطلوب بهدوء اصطنعته كأني متعود على الصرف ... بعد استيعابي لصدمة غياب صاحبتي ركّزت في ملامح الشابة التي بدأت تعاملني بلطف أكثر ...

فتحت بابا خشبيا ابيض وطلبت مني تغيير ملابسي ... رائحة العطر تتصاعد من شمع وضع في كل مكان ... وجدت بشكيرا أبيض ناعم الملمس معلقا فلبسته وأغلقت حزامه بحرص أن لا أتعرى ... دقائق وسمعت صوت أقفال الباب تغلق ... ثم تبعه نقر خفيف على الباب ورأس الشابة يطل منه مبتسما متسائلة إن كنت جاهزا ...

تبعتها متأملا إهتزاز مؤخرتها الطرية تحت قماش بنطلون وردي ... كانت تلبس كما تلبس الممرضات ... أدخلتني لدش رصف فيه الف نوع من الصابون والشامبو ... قالت أن عليا التخلّص من أثار العرق .... ووقفت أمام الباب ... طال إنتظاري لها ان تذهب حتى أنزع بشكيري ... لما يئست أن تسمع صوت المياه ... نظرت في عيني نظرة إستنكار لم افهمها ثم أغلقت الباب بعنف ...

لما انتهيت من الاستحمام عادة في شخصية أخرى ملتزمة وصارمة لتنطفئ إبتسامتها نهائيا لما أصررت على لبس بوكسر طبي وجدته في الحمام ...

أرشدتني لطاولة أشبه بالسرير... نمت على بطني مستسلما لشعور غريب بتمازج الزيوت الباردة والحارة على جلدي ... لمسات خبيرة وقوية وصلت حد القرص حينا والمداعبة أحيانا ... كلما وصلت أناملها منبت مؤخرتي إلا وتحولت اللمسات إلى أشبه بالدغدغة ... مع توالي الحركات الغارقة في الزيوت ولدت بداية انتصاب سرعان ما شبت واشتدت ... حاولت تلافي الحرج بتعديل جلستي لكنها طلبت مني أن أستدير على ظهري ...

هنا قتلني الحرج فالقماش الخفيف لبوكسر أعد ليستعمل مرة واحدة لن يمنع ذلك العمود الذي انتفض بين فخذي من الانطلاق للأعلى ... أغمضت عيني هروبا منها لكن أصابعها التي بدأت بمداعبة أصابع قدمي سرعان ما بدأت تتسلل للأعلى ... قصبة رجلي ثم ركبتي ثم عضلات فخذي ... أطراف أناملها تتسلل من تحت قماش البوكسر من حين لآخر لتلامس أسفل كيس بيضاتي ...

كنت أرتعش خوفا وخجلا وأنا مغمض العينين كلما لمستني ... طال تعذيبها لي حتى رحمتني وتحوّلت لتقف خلفي ... أمسكت راسي وبدأ يسري في مفاصلي تيار كهربائي يجذبني للنوم ... ثم بدأت تلك اللمسات السحرية على صدري نزولا على بطني ... كلما إنحنت لتلمس أسفل بطني إحتك طرف صدرها بوجهي ..كأنها شعرت بما بي من حرج فزادت في تعذيبي بان أصبحت أناملها تتسل في حركات كأنها عفوية من تحت قماش البوكسر لتلامس منبت قضيبي الذي أوشك أن ينفجر ...

لا أعلم كم لبثت هكذا لتهمس في أذني بصوت حرقتني أنفاسه ...

"إحنا كده خلّصنا مش عاوز حاجة ثاني "

لا اعلم هل حبس لساني أم شلّ تفكيري ... هززت رأسي بلا ... تركتني وهي تفتح باب الدش ... لن أنسى ما حييت تلك النظرة في عينيها ... قاستني من أسفل لأعلى ثم اشاحت بوجهها وإنصرفت ...

الماء البارد لم يبرّد إحتراق جوفي والتهاب ما بين فخذي ... طالت محاولاتي أن أتخلص من أثار الزيوت على جلدي .... إلتحفت بشكيرا جديدا وخرجت امشي متثاقل الخطى ... وجدت فنجان قهوة عربية تفوح رائحته على منضدتي وتلك الشابة تغرس عينيها في كتاب أو مجلات وهي تجلس خلف مكتبها العالي ... فقط أشارت أن قهوتي جاهزة ...

قبل مغادرتي وقد عدت لحالتي شبه الطبيعية ... أحسست أن عليا إكرام تلك الشابة ... وضعت يدي في جيبي وسحبت لفة الأوراق النقدية ... مع كلمة " إتفظلي " ... رفعت رأسها ثم عينيها نحوي ... نظرة استغراب وسعادة علت محياها ... قبل أن تنطق بشكر أو غيره فتح الباب ...

صاحبتي تدخل مشرقة متألقة لتضيء المكان ... نظرة ترحيب وسعادة بوجود زبون في ساعة تعتبر مبكّرة من اليوم أخصت كل أحلامي ... هي لم تعرفني ... فقط رحبّت بي ببشاشة متسائلة إن كانت الخدمة أعجبتني ...

مرّت ساعات اليوم الباقية عليا كالجبال ... صدري يثقل عليا دون معرفة السبب ... رحت أراجع ذكريات اليوم متجرعا ألم عدم معرفتها لي ... وألم الإحساس بأني كنت غبيا في تصرفي مع الشابة هي قطعا أرادت مني أن اطلب منها المزيد .... لبسي للبوكسر وإغلاق عيني ورفضي أي خدمة أخرى وأدت فرصتي أن أكتشف الجنس لأوّل مرة ... هي عرضت عليا ذلك أكثر من مرة لكني لم افهم مرادها ...

محاولا الهروب من شعوري بالألم المضاعف... قررت العودة ثانية ...لكن ليس في الغد ... سأصبر يومين أو ثلاث ... حتى أركّز في ما يجب عليا فعله ... الثقة في النفس ... هي تملك ما أريد وأنا أملك ما تريد ...

في صباح الغد توجّهت للكافيه الذي شاهدتها فيه تلك المرة ... هربت من الشلة الجديدة ومن خيبتي وحنقي على غبائي ... المحل كعادته هادئ رغم وجود بعض الزبائن... اخترت ركنا يمكنني من مراقبة الدخول والخروج ... لم يطل إنتظاري ... وقت قليل وسحرتني طلّتها التي أشرقت الشمس بوجودها ... كنت قد بدأت أتناول فطور الصباح ... تابعتها بحذر أين ستجلس ... انتظرت دقائق حتى اختارت ما تستهلك ... كعادة كل البشر وقت الانتظار يجيلون النظر في المحيط ...

نظرت نحوي وكأنها إنتبهت لوجودي ... أشعرني ذلك بالغبطة والسعادة ... بخطى واثقة أجبرتها أن تتبعني بنظرها توجهت نحو الحمام... وقفت طويلا أمام المرآة أشحذ عزيمتي ... ثم خرجت مستمدا شجاعة لا أعهدها في نفسي ... مررت بجانبها ثابت الخطوات أمشي ملكا ... نظرت إليها مباشرة وألقيت التحية مبتسما دون إفراط ... قبل أن ترد التحية عدت لمكاني وانغمست في أطباقي ...

راقبتها قليلا من بعيد ... إحتست قهوتها وأشعلت سيجارة ثم ركزّت في شاشة هاتفها ... أحيانا ترفع عينها وتجول في المكان ... لترمقني بنظرة أقابلها بابتسامة خفيفة ... تكرر الأمر لدرجة صرت متأكدا أنها تهتم لأمري بأي شكل من الأشكال ...

هنا سكنت فكرة مجنونة عقلي ... حجزت موعدا بعد نصف ساعة من الآن لجلسة تدليك... كنت مستثارا لمجرّد فكرة أنها ستراني ثانية في نفس اليوم ... إستقبلتني تلك الشابة ببشاشة ... نفس الأحداث السابقة تكررت ... لا أعلم السبب لكني تمسكت بالصد نحوها ... لبست البوكسر كالعادة لكني هذه المرة تشجعت ... رحت أفتح معها مواضيع وقت المساج ... سؤال مني عن عمرها ومنها عن عملي وسني ... الشابة اسمها أحلام وعمرها 29 سنة خريجة معهد ماساج لم أكن أعلم أن لهذه المهن معاهد خاصة .

... جمعت بعض المعلومات البسيطة عن صاحبتي ... إسمها خولة أو مدام خولة ... في بداية الاربعينات ... مطلّقة ولديها إبنة في مثل سني تقريبا تسكن مع والدها ... غير ذلك خشيت أن أسال أكثر فتنفضح خطتي ... تعمّدت التأخر في الدش ... ملتحفا البشكير الذي لم يفلح في ستر انتصابي الذي صار أزليا .... ما إن سمعت صوت باب الدخول يفتح حتى إستجمعت كل الثقة الناشئة في داخلي وخرجت ...

وجدت إيمان جالسة وراء مكتبها و مدام خولة تقف خلفها ...كأنهما تراجعان شيئا ... مع حمحمة بسيطة من حلقي تعلمهما بوجودي ... بادرتني إيمان بابتسامة تعلمني أن قهوتي جاهزة وسط دهشة علت وجه خولة ... أحسست أنها تراقب خطواتي من خلف ...

ترشفت القهوة وغيّرت ملابسي وتوجهت نحو إيمان أودعها وأنا أمسك لفة أوراق النقدية بين أصابعي ... كرم مضاعف مني فتح عيني المدام على آخرهما وهي تراقبني أخرج من الباب ... لم انزل بالمصعد بل رحت أقفز الدرج كطفل أفلت من المدرسة أخيرا ...

في الغد كررت نفس الموضوع غير أن مدام خولة هي التي بحثت عني في الكافيه وبادرتني بالتحية قبل أن تجلس ... ثم بادرتني بالكلام عند لقائنا في بهو مركز التدليك ... هي بضع كلمات تستفسر إن كانت الخدمة في المركز أعجبتني ... كلمات تكفي لابني علاقة لم أحلم يوما أن أدخلها ... كان يمكنني أن أكون زبونا لها ... ما فهمته من إشارات إيمان البسيطة أن خدمات المركز الغير معلنة يمكن أن تكون مداعبة باليد ... هكذا فهمت من تذمرها أن القانون يمنع عليهن خلع ملابس الممرضات تلك ...

لكن خيالي ورغبتي تكبّرت على تلك اللمسات التي لم يرقص خيالي يوما لتصوّرها حتى ... أريد أن أكون عشيقا ... رجلا تتأبّط يده وهي تسير في الشارع ... كل الكذب الذي ألّفته في روايتي لأمي وخالتي صار شعورا قويا ورغبة متقدة تدفعني لتحقيقه ...

مرّ أسبوع على تلك الحال ... في الصباح انتظرها في المقهى ... ثم اسبقها للمركز وأودعها متفاخرا بلفة نقودي ... نقودي التي لازالت تتزايد كل ليلة بمقادير مختلفة ... كنت كل يوم البس طقم ملابس جديد ... آخر الأسبوع تعمّدت التأخّر في الدخول للكافيه ...

وجدتها تجلس في مكانها وكعادة الشعب في أيام آخر الأسبوع يدللون أنفسهم ... المقهى مكتظ ... رغم وجود بعض الطاولات الشاغرة لكن مكاني المفضل قد حجز ... وقفت طويلا عند الباب أرسم على وجهي ملامح الإنزعاج والغضب ... وكما خططت ... ما إن وقعت عيني على عينها حتى دعتني للجلوس... دعوة كانت مفتاح الباب الموصد طويلا أمامي...

جلست قبالتها على الطاولة متظاهرا بالخجل أو هو حقيقة رسمت على وجهي ... طال صمتي حتى قدوم النادل الذي صار يعرف طلباتي بل ويعاملني معاملة الملوك مقابل بضعة دنانير أتكرم بها عليه ... خولة قطعت صمتي بسؤال عن مدى رضاي بالخدمة المقدمة ... ثم دخلت في التحقيق المفصّل عن شخصيتي ... كانت مستغربة من مصدر أموالي ... أعجبتني صراحتها في السؤال...

خشيت قول الحقيقة فرحت أخترع قصصا أبعد من الخيال نابعة من الواقع ... تقمّصت شخصية مروان إبن خالتي كوني إبن رجل مهم في الدولة ... والّفت رواية عن ميراث جدي الذي تقاتلت عليه أمي وخالي بأن ضخّمت فيه ونسبت ملكيته لي كوصية من جدي ... مداخيل فلاحية وعقارات وووو

ثم لتفادي أي حرج قد توقعني فيه الأيام استلهمت حقيقة شخصية أمي المسيطرة والمتابعة لكل حركة مبررا عدم قدرتي على الغياب عن المنزل مساءا ... شعرت بالنخوة كوني أصبحت كاذبا محترفا ... كلامي كان كالفيروس الذي سكن أركان فكرها ... كانت تتابع كلماتي باهتمام من تسجّل وتحلل وتستنتج

ثم أخذت هي مجرى الحديث ... حدثتني عن طليقها وبنتها ووضعها المادي ... قالت إن المشروع إستنزف كل مدخراتها ... وان المركز لم يعرف بعد وأنها أصلا لن تستطيع دفع إيجار الشهر ... تفاعلت مع ألمها وحاولت التخفيف عنها ... قلت انه يمكنني مساعدتها فرفضت باستحياء ...

حاولت فقط أن تصلها مني بعض المشاعر الحقيقية بالإعجاب فإنطلقت دون لجام ... بغباء و قلة خبرة أعلنت حبي لها هكذا دون تمهيد ... فتراجعت في جلستها قليلا ... وفكّرت مليا ... صدمتها بدت على ملامحها ... قالت أنها لم تتخيّل نفسها في علاقة مع شاب صغير مثلي ...مع تعهدي بالمحافظة على السر وبعض الحجج أني أخشى على نفسي من أمي ... وافقت على قبول المبلغ على شرط أن يكون تسبقة لخدمات في مركز التدليك مع الإبقاء على مواعيدنا في الكافيه حتى حين ...

رغم أن صدها آلمني لكني قبلت مقابل شرط آخر هو أن تقدم لي هي خدمة التدليك ... فوافقت دون تعليق منها ... دفعت حساب الكافيه وتمشينا شارعين ... سحبت المبلغ المطلوب ثم أكملنا طريقنا حتى وصلنا باب العمارة ... إيمان التي صدمها دخولنا مع بعض وقد تعوّدت وجودي دون موعد ...

بحكم الخبرة المكتسبة من الأيام السابقة ... تخلّصت من ثيابي والتحفت بشكيري وخرجت لأجد مدام خولة تنتظرني عند الباب ... مدّت يدها لترشدني لباب الحمام الذي حفظت طريقه ... مجرّد تلامس أصابعنا ببعض أشعل نار الرغبة والحب في قلبي وبين فخذي ...

وقوفها في باب الحمام مطولا جعلني أخلع عني رداء الخجل ... نزعت البشكير ودخلت التقط رذاذ الماء الدافئ تحت مراقبة عيني خولة الحريصتين ... إرتباكي منعني من التركيز مع ردة فعلها ... قبل أن ألتقط منشفة أزيل بها قطرات الماء المنزلقة على جلدي ... لم اشعر إلا بيد ناعمة تمسك المنشفة وتساعدني في تنشيف جسمي من الخلف ... حركتها التنازلية أشعلت نارا صدري مع ملامسة أصابعها لأسفل ظهري ... سحبتني من كتفي برفق وقد غرست عينيها الناعستين ما بين فخذي ... طال صمتي وتركيزها حتى قطعته بصوت حنون يفوح منه ريح الدلال ...

" تعالى د ه انت يندفع فيك مش إنت الي تدفع "

أعقبت كلمتها بضحكة مكتومة تداري بها صراعا إلتهب داخلها ... سحبتني نحو غرفة التدليك ... مع كل خطوة كان قلبي يتوقف عن النبض ثم يعود للحياة ثانية ... كصاعقة كهربائية طلبت مني الصعود على الطاولة عاريا ... إتخذت وضعية النوم على وجهي كما عودتني إيمان ...

لكنها أمسكت يدي وطلبت مني الالتفاف لأنام على ظهري ... " خلاص إنت ما بقتش زبون ... إنت صاحب المكان " ... قبل أن أنطق أو أرد الفعل ... سحبت منشفة زرقاء صغيرة كنت اعتقد أنها ستغطي بها وسطي .. لكنها وضعتها على عيني فجأة ... كنت انوي الاعتراض لكنها بررت ذلك بأنه سيساعدها على التركيز أو التفكير لا أدري

مستلقيا مستسلما لحركات أناملها الرقيقة تداعب مسام جلدي ... لم يكن مساجا عاديا كانت لمسات تلهب الحلق والصدر وتشعل النار في الروح ... بأطراف ظهر أصابعها كانت توزع الزيت على جسدي كله ... تمنيت لو تمكنت من ملاحظة نظرة عينيها لي ... لكن ملمس أصابعها لجسدي أوحى لي انها تحب ما تفعل ...

بدأت حركاتها العبثية تتناسق ... تقترب ببطء من أسفل بطني ... قضيبي الذي ارتفع للسماء حرا من كل قيد لم يطل صبره كثيرا حتى وصلتها أناملها الرقيقة ... رعشة خفيفة هزت جسدي كله مع أول لمسة منها له ... أصابعها الغارقة في زيت تخترق رائحته فؤادي قبل أنفي ...

كذب من قال أن الإنسان يرى بعينيه ... كنت أرى إبهامها يحيط متفحصا فتحت رأس قضيبي .. كنت أراقب قبضتها تعصر قضيبي للأعلى كمن تقيس حجمه ... حركات لم اعلم كم تكررت صعودا ونزولا على جسم قضيبي ثم انفجر بركان رغبتي بدفقات متتالية لم أعلم عددها ... فقط هي وضعت يدها على فمي لتمنع عني آهات كادت أن تزعزع المكان ...

قبل أن يتخلص جسمي من أثر الاهتزاز بدأ الصمت يخيم على المكان ... بعد برهة تخلّصت من المنشفة على وجهي ... الغرفة فارغة ... لولا بقايا رائحة عطرها في الغرفة لضننت أن ما حدث حلم يقظة وردي ... على عجل وبركب مثقلة دخلت الدش أزيل عني كل تلك السوائل ... خرجت للغرفة الخارجية لأجد إيمان وحدها ... خجلت من السؤال عن خولة ...

لم أتطعم القهوة ودخلت في متاهة أفكار ... أفكار سرقت كل وجداني لباقي اليوم ... تناقضات متتالية وأسئلة لا إجابة لها ... هل ندمت على فعلها معي ؟؟؟ ... ألم أعجبها ؟؟؟ ... هل منعها سني من المواصلة معي ؟؟؟ ... لكن لا ؟؟ .. أنا أحسست أنها تحب ما تفعله معي ... هل عادت لرشدها وهربت مني ... هل تسرّعت في فعلي ؟؟؟

مكثت في غرفتي كالمسجون بين شعورين ... ذكريات تلك المداعبة الخيالية من خولة ثم هروبها المفاجئ جعلني كسفينة تتلاطمها أمواج بحر عاصف ... قبل منتصف الليل سمعت رنينا خفيفا من هاتفي ... حالتي أنستني حذري في غلق صوته عند العودة للمنزل ...

إشارة وصول رسالة تزين شاشته ... كنت انوي إهمالها ... ظننت أنها شركة الاتصالات تزعجني ... لكني فتحتها ... قرأت الجملة مليون مرّة ...

" أنا خولة ... أنا موافقة ... نتقابل بكرى الساعة عشرة في الكافيه عشان في شوية تفاصيل "

كنت سأصرخ من الفرح لكني كتمت فرحتي .. بدأت اقفز في أركان غرفتي كطفل سعيد بملابس العيد ... سرحت بخيالي وقلبي ينبض على اشده وأمعائي تتلبك ... ذكريات اليوم في المركز تتمازج مع خيالات صارت أجنحة توصلني للسحاب ...

لا اعلم كيف مرّت تلك الليلة ... وصلت الكافيه قبلها بساعة ... عذاب الانتظار بدأ يقتلني ... ما إن شاهدت طلتها تنير البوابة حتى أشرت لها بإصبعي ... بنظرات الواثقة المقتنعة ابتسمت لي وإقتربت مني ... كرجل همام قمت وسحبت لها الكرسي لتجلس ... قبل أن أعود لمكاني اصابني شلل تام ...

أمي تسحب كرسيا بجانبنا وتجلس دون إستئذان ... لم تنظر لي بل توجهت بالكلام لخولة

" معلش هازعجكم شوية "

الجزء الخامس

كمن خسفت به الأرض ... تسمّرت مكاني فلم أجلس ولم اعتدل في وقفتي ... أصابني العمى والصمم ... فقط كنت أتمنى أن أختفي من الوجود هروبا من هذا الموقف ... أمي بكل برودة أعصاب تنظر بتفحّص لخولة ... ثم نظرت في عيني نظرة استغراب واستنكار ... ثم بصوت حانق لكنه هادئ ...

  • أقعد ما تفرجش علينا الناس
أحسست بالراحة أن أمي تمالكت أعصابها ... طلبت منها الإنصراف وأن نكمل حديثنا في البيت لكنها أمسكت معصمي بقوة تشدني للأسفل أمرا بالجلوس فجلست ... خولة التي كانت أكثر من طبيعية تنظر لكلينا بهدوء قاتل ... ثم بادرت بالكلام قبل أن تنطق أمي بنبرة جدية صارمة...

  • مش تعرفني بالمدام ؟؟؟
  • (قبل أن أنطق تكلمت خولة ) أنا مدام خولة وحضرتك ؟؟؟
  • أما مامته ؟؟؟ طيب حضرتك مين وتعرفي إبني منين ؟؟؟
  • قلتلك أنا مدام خولة وتقريبا ده كفاية لحد دلوقتي وإبنك أصلا انا ما اعرفوش إحنا جايين نتعارف على بعض
  • (أمي التي بدأ الارتباك يتمكن منها تردد قليلا قبل مد يده للرد على طلب مصافحة خولة لها ) تتعرفو ؟؟؟
  • أيوة .. إحنا كان في ما بينا معاد عشان نتعارف
  • (أمي التي تحوّلت لجمر صب عليه ماء ) معاد ؟؟؟ معاد إيه ؟؟؟
نظرت خولة نحوي في إستفسار لا أعلم من أين أتت بالقدرة على اصطناعه ... ثم حوّلت نظرها نحو أمي ... وكأنها تفهمها في لهجة استنكارية عن سبب لقائنا أنا وهي ... راحت تسرد لأمي أننا تعارفنا على موقع إنترنت ... موقع علمي لجامعة خاصة يدرس العلاقات الإنسانية ومن بينها علاقة السيدة الاربعينية بالمراهق وعلاقة المراهق بالاربعينية وتأثير ذلك في كليهما ...

لم أتخيّل بعد في أي جحيم تخبط شيطانها عندما كان جنينا ... لكن الفكرة راقت لي رغم صدمتي فهي متماشية مع الأحداث الاخيرة ... أمي التي لم تتوقع أن تسمع مثل تلك الإجابة ... راحت تستفسر وركبها تهتزّ من التوتر عن طبيعة هذه العلاقات وهذه التجربة ...

خولة التي حافظت على ثباتها الإنفعالي مع كل سؤال تسأله أمي ... رغم أن رواية خولة تبدو ساقطة من أحد الأفلام السخيفة لكن بعض الهدوء الذي سيطر على أمي يؤكّد أنها إقتنعت أو بدأت تقتنع ... أمي التي لا تقبل أبدا أن تخطأ وجهة نظرها ولا تستسلم بسرعة ... أمسكت بقبضة يدي كمخبر شرطة أوقع لص غسيل ... توجهت لخولة بلهجة ونظرة تفحّص دقيق لقراءة ردود فعلها الجسدية

  • فرضا إنه كلامك صح ... الموقع ده هيوفّر لإبني ملابس ومصروف وكل التغيير ده
  • (نصف نظرة استنكار من خولة نحوي ... كلمات أمي كشفت كذب قصتي التي رويتها لها) يعني ما اعرفش الوضع بالنسبة ليه ... هو حط ايه في قاعدة بيناته الي كتبها .. بس أنا بعثولي ماكياج وشوية فلوس كاش
  • يا سلام ؟؟؟؟ (نبرة أمي تؤكّد أنها لا تصدّق ولا حرفا مما تسمع)
  • ده طبيعي يا مدام .. هما طالبين متطوعين والمتطوعين دول مش بيشتغلو ببلاش ... أكيد في فوائد مادّية أو ممكن بيحاولو يعالجو مشكلة كل متطوّع على حده
  • يا ستي قولي كلام يتصدّق ؟؟؟
  • (خولة التي تحوّلت لشخصية صارمة ومتحفّزة للدفاع عن نفسها ) شوفي يا مدام ... أنا إلي عندي قلتو ... يعني حضرتك تتخيلي إني هأدفع كل الفلوس دي لإبنك ده ...
  • (نبرة صوتها ونظرتها آلمتني و جرحت كبرياء أمي .. أحسست بتعرّق يدها على معصمي )... مالو إبني ده ؟؟؟
  • مالو والا مالوش دي مش مشكلتي ... أنا قلتلك الحقيقة وهاعيدها ثاني ... أنا محتاجة فلوس وفي موقع تابع كلية خاصة بيعمل دراسة على طبيعة العلاقات الانسانية طالبين متطوعين ... دخلت سجّلت بعثولي بروفايل إبنك لقيته أحسن واحد في المتطوعين .. وهما وصلوني بيه ... جيت عشان أقابله لاوّل مرّة وتقريا دي هتكون آخر مرة ..
خولة التي تحوّلت من متهمة لضحية سحبت كرسيها للخلف بعنف وإتجهت نحو الباب بخطى واثقة وغاضبة ... تحت نظرات أمي المتابعة لها في دهشة ... لم أفهم أهي دهشة من شخصيتها أم من القصة التي إختلقتها .. أم من الإثنين معا ...

لا أعلم كم لبثت لأقدر على بلع ريقي الذي تحوّل لرمل في حلقي ... لم أفهم أنجوت بفعلتي بسبب قصّة خولة أم وقعت في فخ كذبي هذه المرّة ... طول الطريق للبيت أحاول أن أستجمع أفكاري ... لكني لم أقدر ... فقط أمي التي تمسك بمعصمي كطفل هرب من المدرسة وهي تعيده إليها ...

صوت قرقعة بابنا الحديدي تاه وسط صراخ أمي ... جحيم من الغضب والصراخ إنصب على رأسي وأذني ... لم أفهم ولى كلمة من أمواج صراخها ... سوى هذي آخرتها ...

إسترجعت كل ذكرياتي الأخيرة معها ... غضب أمي لا يردعه سوى غضب مقابل ... دون تنبه ولا تحذير ... أمسكت كلتا يديها ودفعتها بقوّة على الكنبة ... رغم محاولتها العنيفة بالتملّص من قبضتي والعودة لموقف السيطرة لكنها فشلت ... أحسست أنها تلك هي اللحظة المناسبة لإنهاء هذا العذاب وهذا العقد من الكذب ...

شعور بالندم تحوّل لغضب لو صارحتها بالحقيقة قبل الآن لهان الأمر قبل أن تدخل خولة في الحكاية ... ربما المال كان سيهدأ من روعها لكن وجود تلك السيدة في حياتي وكل تلك المصاريف عليها فأمي لن تقبل ذلك ولن ترضى بأقلّ من شنقي ...

دون خطّة مسبقة لما سأقول ... إن كان حبل هذه الكذبة سيطول إلى ما لا نهاية ... فليكن ... أمي التي تكوّرت على الكنبة تحاول النهوض غصبا عن ثقل جسدي وقوة قبضتي تنظر لي نظرة ممزوجة بالرعب والحنق ...

  • ماهو كله منّك ... حسستيني إنني أنا مش طبيعي ومحتاج علاج ... قلتلك ألف مرّة إنها كان حالة نفسية عابرة بس إنتي أصريتي إنه ده مش عادي ... يعني عاوزاني أعمل إيه ؟؟؟ ... دخلت اشوف على النت إذا أنا كنت حالة إستثنائية زي ما حضرتك مصرّة تصوريني.... لقيت 50 مليون حكاية وحالة شبهي ... قلت أشوف أكثر ممكن أنا بجد محتاج علاج وصلت لموقع الجامعة دي لقيتهم عاملين تجارب ...
  • (أمي التي كانت تخفي وجهها بيدها كل ما حركت يدي كأنها تخشى أن أضربها) بس ..
  • ما فيش بس ؟؟؟ ... غلطت أنا في إيه ؟؟؟ ... تجربة علمية وممكن تكون علاج بالنسبة لحالتي وكمان هو حرام عليا إني ألبس هدمة عدلة زي بقيت الخلق ... حرام إني آخذ منهم شوية فلوس تمنع عننا ذل الفقر ومدّ الإيد
وصلت لمرحلة الصراخ الذي يؤلم الأحبال الصوتية ... ثم لا أعلم كيف طاوعتني دموعي لتكمل بقية المشهد الدرامي الذي تقمّصته ... وضعت يدي في جيبي وسحبت أحد رزم الأوراق النقدية وألقيتها في وجهها بعنف كالصفعة ... تركت أمي في حالة أشبه بالشلل وإتجهت نحو الباب ...

قبل أن أخرج وفي حالة من الغضب الهستيري أمسكت مطفأة سجائر كانت على المنضدة وإلتفت نحو أمي التي تكوّرت وأخفت رأسها بركبتيها متفادية أن أصيبها بما أحمل بين يدي ... لم افهم أهو الندم أم الغضب من نفسي أني أوصلت أمي بكذبي لتلك الحالة ... دون شعور وبكل قوتي ألقيت المطفأة على صورة كبيرة لأبي وأمي كانت تزيّن حائط الصالون ... وخرجت من البيت جريا قبل أن تختفي أصوات تهشّم الزجاج خلفي ...

لا أعلم أهي عادة جديدة فيا أم ردّة فعل طبيعية ... بدأت بالجري في الأنهج الفرعية ... بدأ الظلام يسيطر على المكان ... ولم أتمالك نفسي بعد ... شعور مزدوج بالغضب من أمي وعليها ... تراقبني كطفل لم يتعلّم المشي بعد ... هي السبب في كل ذلك ... لو كنت أعلم أنها ستبارك فكرتي لأعلمتها بكل خطواتي لوضعت كل مرابيحي تحت قدميها ... لكنها ترفض وسترفض ... ثم أن تحرجني أمام خولة بعد أن كادت خطتي تنجح في الوصول إلى الشيء الوحيد الذي طمحت إليه ...

ومن ناحية أخرى فضميري يخزني أني سببت لها كل ذلك ... فهي أمي والأكيد أنها تريد مصلحتي حتى وإن كنت أرى أني كبرت على تلك الوضعية من الإحاطة الخانقة ...

جلست على أحد الكراسي الخشبية أستريح من عناء الجري ومن ثقل الضمير الذي خنقني ... كنت أهز رأسي محاولا طرد صورتها وهي تتكوّر مرعوبة من ردة فعلي المصطنعة ... لا أعلم أكانت مصطنعة للخروج من مأزق كالمتاهة لا مناص منه ... أم هي حقيقة ولدتها مشاعر الغضب أنها كشفتني وكشفت كذبي أمام خولة ...

شعور متذبذب تحوّل لأصابع تحيط برقبتي ... كيد القدر الثقيلة التي تطبق على صدري مذ نشأت ... فجأة كسر سكون الشارع دون سابق إنذار ... منبهات السيارات تدوي في الشارع الرئيسي وأصوات صراخ الجماهير يعلو متحديا حرارة الطقس ... بدأت الضوضاء تجذب الناس أكثر فأكثر ...

تمشيت بضع خطوات للشارع الذي يجاور مكان جلوسي ... سيارات تحمل أعلام الوطن ... رجال ترقص وفتية يطلقون الشماريخ ... إعتقدت أن فريقنا الوطني ربح مقابلة مهمة فنحن لا يجمعنا علم الوطن إلا في مباريات كرة القدم ... سرت وسط الهاتفين وقفزت مع القافزين دون أن أعلم شيئا ... بدأت الوفود تتجمّع رويدا رويدا كلما إقتربنا من شوارع أخرى ... هذا يصرخ وتلك تزغرد والآخر يلتحف علما ويجري ...

لكن حسب علمي و أنا المتمعش من نتائج كرة القدم لا توجد أي مقابلة مهمة لا في القدم ولا في اليد ولا حتى في التنس ... في غير تلك الألعاب نحن لسنا مصنفين ... صادف مرور الجمع قرب محل العمدة الذي شاهدته يرفع علامة النصر من أمام الباب .. إنسحبت من سيل البشر المنهمر نحو وسط العاصمة والتحقت به ...

وجهه مستبشر وسعيد ككل الناس ... فهمت منه أن حدثا جلالا حدث في البلد ... قرارات سيادية ستغيّر مجرى حياة دولتنا العليلة ... أحد الحاكمين عزل الباقين وجرّدهم من مناصبهم وسيقوم بحسابهم ... هكذا فهمت من كلماته الكثيرة ... لم تمضي دقائق حتى إقتحمت دبابة الجيش والعربات المصفحة الشوارع وتمركزت في كل مفترق طرق ... وجودهم بعث في نفسي بعض الخوف ... ثم تذكّرت أمي ...

كل تلك المشاعر المتضاربة تحوّلت لخشية عليها ... لا أحد يعلم ما سيحدث ... هي سيقتلها الخوف عليا لو سمعت طلقا ناريا واحد يدوي في الشارع ... ركضت بأقصى سرعتي نحو حينا ... وجدت باب البيت الحديدي مفتوحا كما تركته ...

الصالون مظلم إلا من ضوء شاشة التلفزيون ينعكس على بقايا الزجاج المتناثر في كل مكان ... وصلني نحيب أمي التي رفعت صوت حشرجتها ككل الإناث إذا أرادت هزم ذكر أخطأ في حقها ... منعتني طريقة مغادرتي البيت من الإقتراب والإعتذار ... متظاهرا أن شيئا لم يحدث ...

  • سمعتي حصل إيه في البلد
  • (أشارت بيدها نحو شاشة التلفاز التي تعرض حركات الشارع وصدرها يهتز من أثر البكاء) ايوة عزلهم كلهم
  • (حاولت أن أضفي فسحة من الفكاهة تمكنني من فتح حديث معها) وإنتي بقى بتعيطي عشانهم .... ههه
  • (نصف إبتسامة سرقتها من شفتيها ) يتحرقو كلهم ... مش لما اشوف الإنقلاب إلي حاصل في بيتي
  • إنقلاب ؟؟؟ ده تصحيح مسار (إقتسبت ذلك المصطلح من كلمات احد المتدخلين في التلفزيون)
  • (بنصف إبتسامة تعكس أن فطتني أعجبتها) إنت شايف إنه المسار كان غلط
  • مش غلط بس بيمنع التطور والتنمية
  • طب فهمني ... نعمل حوار وطني مش تنفرد بالرأي والقرار والسلطة لوحدك
  • طالما حوار يبقى نجيب حاجة نشربها ونسهر عليها
سحبت بعض الأوراق النقدية من تلك الأوراق الملقاة على الأرض وخرجت لأقرب محل ... سددت ديننا القديم ودللت نفسي بكل ما طالته يدي ... مثلجات وعصير وشكولاطة وفواكه جافة ... عنب وبطيخ ... سأناقش أمي وعلى حسب ردّة فعلها سأقرر ما سأفعل ....

إما اللإعتراف بكل ما حصل وأدفن هذا الذنب وإما المواصلة وليكن ما يكون ... ثم عدّت للبيت ... وجدت أمي التي تمالكت نفسها بأن غسلت وجهها في الدور العلوي تغيّر ملابسها ... وضعت كل المقتنيات في طبقين كبيرين وصعدت للأعلى ... فتحت البلكونة وسحبت سجادة كانت مطوية بجانب بابها وفرشتها ... الإنارة الخفيفة في الشرفة سحبتها وقد صدمت لكمية الأشياء الموضوعة في الأطباق ... شعرت انها لا ترغب في الجلوس هنا

  • إنت قاعد هنا ليه ؟؟؟
  • إنت مش قلتي حوار ؟؟؟ يبقى لازم يكون على أرض محايدة
  • (بنصف ابتسامة مكتومة) وفارش سجادة على الأرض ليه
  • عشان تبقى أرضية تفاهم نبني عليها الحوار
  • (هنا لم تستطع أمي كتم ضحكها من دعابتي) طيب وإيه ده كله ؟؟؟
  • دي لمحة عن التغييرات الإقتصادية الي هيعملها تصحيح المسار
  • يا واد بطّل هزار هو من إمتى بقيت بتفهم في السياسة
  • يعني إنت لسة شايفاني مش بافهم ؟؟ مش مقتنعة إني كبرت دي حتى الحكومة أعطتني حق الإنتخاب
  • وهو حق الإنتخاب بيخليك تخبي كل الأسرار دي عن أمّك ؟؟
  • ماهو لو أمي كانت بتسمعني وبتفهمني ما كنتش خبيت عليها حاجة
  • ياااااااه ... هو إنت شايفني متسلّطة للدرجة دي
  • مش متسلّطة بس ما تصدقيش
  • يا سلام ... هو إنت قلتلي حاجة وما صدقتكش
سحبنا الحديث قليلا مع هدوء أمي التدريجي ... أحسست أني نجوت بفعلتي الأولى والثانية ... أمي التي شعرت أنها صارت تخشى حقا فكرة تكذيبي بررت مراقبتها لي بأن رحيم إتصل بها لأنه يحتاجني وأخبرها أني لم أمر عليه منذ 3 أسابيع ... وبما أن وجودي عنده هو المبرر الوحيد لغيابي فقد بدأ الشك يخامرها حتى قامت بتتبعي لتكتشف وجودي في المقهى مع خولة ... ثم بدأت تسألني بروية عنها وكيف تعرفت بها ... شخصيا أعجبتني فكرة إحتراف الكذب وكيفية مزجه ببعض الحقائق لتحقيق مكسب من وراء ذلك ...

رحت أسرد ثانية كلامي وكلام خولة وبتفاصيل دقيقة محاولا إلقاء المسؤولية على عاتقها ... كيف أن كثرة الحديث عن موضوع إعجابي المزعوم بتلك السيدة والذي أوصلني للمستشفى جعلني ابحث في عالم الانترنت عن تحليل سليم لمشاعري .. وبما أن عالم النت مليء بالحكايات فقد وجد لينك الجامعة المتخصصة في علم النفس و بالدخول اليها وجدت فيها ذلك العرض عن طلب متطوعين للدخول في تجربة فدخلت لهدفين أولهما أن أعالج إن كان هذا مرض وأن أكسب بعض المميزات العينية ... كبعض الملابس والهاتف وذلك المبلغ

أمي التي خنقتني عن طبيعة العلاقة والتجربة لم تقتنع بكلماتي المقتضبة ... فحقيقة لم أجد ما أقول أن الموقع لم يحددها بعد ... أو ربما ستتحدد كلما تقدمنا في التجربة أكثر ...

وأمام حصار أمي إخترعت تفاصيل كثيرة مصدرها الحقيقة عن الحساب البريدي وأكدت لها مرارا أن تلك المؤسسة تحافظ على سرية شخصية المتطوعين حتى القائمون عليها لا يعرفونهم شخصياتهم الحقيقية ... فقط يجب أن تملأ قاعدة بيانات عنك ثم تدخل في إختبار لمدة أسبوع ينتهي بالحصول على وصل مقتطعات شراء انفقتها في الهاتف والملابس وكيف أني كنت ألجأ لحلاق قريب من البيت لتغيير ملابسي خوفا من أن تكشفني ... ثم ما إن يختارك شريك لخوض التجربة حتى تتحصل على مبلغ 500 دينار وعند نهاية التجربة تحصل على مثلها ....

كلام موزون ومنمّق ... هكذا بررت لامي تواجدي مع خولة دون وجع دماغ يتلو تلك الحادثة أو على اقل تقدير بأخف قدر منه ... وتخلصنا من دين دكان البقالة و وضعت في يدها مبلغا يساعدها ... والاهم سوف أتمكن من الخروج من البيت بملابسي الجديدة .... الإيقاع المتزن لحركة أظافر أمي وهي تفتح حبات الفستق يوحي أنها تركز وتحلل كل كلمة اقولها ... شعرت أن هذا السيناريو المحوّر من قصة نجاة خولة بنفسها ينقصه بعض المؤيدات ...

سحبت هاتفي الجديد و فتحت صندوق الرسائل ... بثقة تامة أن أول رسالة تصلني من خولة كانت الأمس لتحديد الموعد ... أمسكت أمي الهاتف بتملي قرأت الرسالة عدة مرات ثم قلّبت الهاتف بين يديها مفكّرة قليلا ... ثم أرجعت في يدي و بأمر صارم قالت

" وريني الموقع ده "

حشرت حبة فستق في حلقي حتى قاربت أن أختنق بها ... أي ركن حشرت فيه نفسي وأي مأزق ... ياليتني إعترفت قبل هذا ... حركتي المترددة على شاشة الهاتف تعكس توتري ... مستجديا الحظ أن أجد شيئا فقط قريا ولو بنسبة العشر لما أقول رحت أحاول فتح المتصفّح فلا يجيب ... أمام تكرار محاولاتي ألقت أمي برأسها فوق كتفي تراقب حركاتي ... كفأر غريق تعلّقت بآخر محاولة للكذب ... الإنترنت إنقطع ...

أمي التي قامت تنفض بعض غبار السجادة عن مؤخرتها تمشّت حافية أمام نظري الأعمي من الصدمة بحثا عن هاتفها في الدور السفلي ... دقائق كدت اسجد فيها للحظ أن أنجاني من هذه الورطة ... لتعود بعدها متمطية كقطة أصابها النعاس ... بصوت يكسوه المكر قالت أن التلفزيون يذيع أن شبكة الاتصالات انقطعت بفعل عمل تخريبي و يعملون على إصلاحها ... ثم انسحبت لغرفتها ...

دقائق قليلة وانتفضت نحو غرفتي ... إذا كان الحظ يقف بجانبي بكل قواه كي لا يكشف كذبي فلن أخذله ... أمسكت جهاز اللابتوب ... شخص مثلي تدرّب على يد خبير مثل رحيم لن يعجز عن إبتكار موقع ينجيه من عار الحقيقة ... الأمر لم يكن هينا عليا لكنه لم يكن مستحيلا ... وضعت كل خبرتي القليلة ... ساعدتني عودة النت السريعة وشجعتني على المواصلة ... هي إشارة من القدر أن انقطع لينجيني وعاد لينجيني ... سرقت كل المقالات وقلّدت أعظم المواقع المختصة ليخرج شيء قريب للواقع ومقنع ...

تحضير هيكل الموقع وملأه بما يجب أن يوضع فيه من مقالات وتعريف ولينك إتصال وصور تعريفية وغيرها تطلّب مني طول الليل ... هو ككل المواقع المنتشرة ... قبل شروق الشمس شعرت بالعطش فرحت أبحث عن شيء يبل ريقي في الشرفة ... النور المتسلل من تحت باب غرفة أمي يوحي أنها لم تنم ليلتها ... أنا أكثر الناس علما بأمي هي تراجع كلامي وكلام خولة وإستنتجاتها بالحرف لتحشرني ثانية ... أنا أعرف

إستعدادا لهجمة مرتدة منها ألحقت الموقع بموقع فرعي ... تطبيق للاجابة عن الأسئلة والتحاور عبر رسائل الهاتف ... هو نفس التطبيق الذي بدأت حكايتي معه يوم دخول خولة لمحل رحيم ... منه إنطلقنا ومنه ننتهي ...

استجمعت ما تبقى في ذهني من قدرة على التركيز ... مربعات تعمّر من طرف المتطوعين ... أسئلة تعريفية عن العمر والحالة الإجتماعية ... الطلبات المرغوبة في الشريك ... نظرت لعملي بنظرة الفخر ... أمن الدولة لن يكتشفوا تزييفي ... آخر خطوة هي نشر الموقع على النت وكدت أن أصاب بشلل رباعي ... سيكتشف أي زائر للموقع عن تاريخ إنجازه ... وهكذا سقط كل عملي في الماء ...

قررت تركه في في مرحلة الإختبار قبل النشر لا احد يراه ... نسخت اللينك على الهاتف ودخلت منه ...الأمر يبدو منطقيا والموقع يبدو مثاليا لمؤسسة مرموقة تكرم المتطوعين للعمل معها .... إختبرت منظره العام وكل محتوياته بدقة قد لا تفعل مثلها أمي ...

الآن سأغلق كل الملفات القديمة ...سأحافظ على صورتي أمام أمي وسيمنحني ذلك راحة بال و نقطة تفوق على أمي التي تدخلت في حياتي فحرمتني فرصة خوض تجربة طالما تقت إليها ...

أغلقت كل شيء وأخفيت كل آثار جريمتي ونزلت للحمام لأتخلّص من مخلفات يوم التوتر ذلك ... قبل خروجي من الحمام سمعت صوت آمي يدندن أغنية شعبية في المطبخ ... تصنعها للبال الرائق ذاك ينبئ بمصيبة ستحدث ...أنا اعرف ذلك فركت عيني كأني صحوت من نوم ثقيل وخرجت ...

كأن حربا لم تدر بيننا أمس ... سألتني إن كنت أريد وجبة الإفطار ... أنا أريد وجبة نوم طويلة ... قبل أن تطأ قدمي درجة السلم الأولى لحقني صوتها يعلمني أن الاتصالات عادت لطبيعتها ... مصطنعا وجها من الاستغراب نظرت إليها كمن لا يفهم مغزى كلامها ..

بصوت واضح طلبت مني مدها بلينك الموقع ... بعد أن أعلمتني أن الموظفين في إجازة لمدة يومين حتى تهدأ الشوارع ... كدت أسجد لعقلي تقديسا له آن هداني لفكرة الإسراع في عملي ليلة أمس ... عدت نحوها بعد جلبي للهاتف بخطى ووجه الواثق ... فتحت اللينك أمامها وتركتها متعللا بالنوم ...

ثقتي في نفسي وجهدي طيلة الليل سحبني لسبات لم أعلم كم طال ... صحوت وقد ارتحلت الشمس ... وجدت هاتفي على منضدة الصالون ولم أجد أمي ... لم أخرج من حمامي بعد وسمعت صوت حركتها في المطبخ ... كنت منتشيا بنصري عليها ... لم تفتح معي موضوع الموقع ولا خولة ولا حتى إشارة لذلك ... قضينا الليل كله في الشرفة ... لمستها الأنثوية جعلت من الشرفة المهملة أجمل قعدة عربية ... السجدات المهملة مفروشة ومخدات ومساند لم ترى النور منذ عقد أو أكثر ... طاولة صغيرة تتوسطها ...

جلسة لم يجلسها هارون الرشيد في قصور بغداد قديما ... من شرفتنا كنا نراقب الحركة البطيئة في شوارع ألجمها حظر التجوال ... بعض الشبابيك المقابلة تشكل مسرح لظلال الساكنين خلفها ... تحدثنا عن الوضع وعما يمكن أن يحصل بعدها ... عن مستقبل هذا البلد لو حكمه الشرفاء ... بعض أحلام السذج سرقتنا ... شعرت ان أمي أعجبت بتفكيري

القليل من نسمات الصيف العليلة جعلتني أحتج على إهمالها لهذا الكنز طيلة سنين ...قالت بصوت مذبوح أن جلوسها هنا يذكرها بأيامها مع أبي ... قالت انه كان يعشق السهر هنا قبل أن تنبت بعض تلك العمارات التي تغطي الأفق ... لأول مرة في حياتي كنت اسمع ذكريات آمي وأبي بشعور مختلف ... هو بعض الإمتنان له لما أورثني إياه ... فكرته المجنونة لترويض الحظ وأمي ...

إن كنت قد تبعت خطاه في لعبته ونجحت فلا بد أن أكمل ما عجز عنه في إسعاد أمي ... هي رسالة وصلتني من العالمين ... عالم هو فيه يرشدني كيف أكسب مالا لا أهتم لشرعيته ورسالة من أمي التي استحسنت كسري لصورتهما ... رغم غضبي من تعليقها لكن قولها بان صورتي هي التي يجب أن تزيّن أركان البيت بعد الآن ... ربما يجب عليا فعلا أن أملأ الفراغ الذي تركه في حياتها ...

تمطت أمي التي كانت كعادتها تلبس قميصا قطنيا لا يصل نصف فخذيها .. خطوتان وألقت بصدرها على سور الشرفة تنظر للحديقة مسدلة نصفها العلوي للأسفل ... استرسلت في شريط ذكرياتها ... لأول مرة تقول ذلك ... قالت أن أبي كثيرا ما حضنها وهي تقف هنا ... شعرت أنها تدعوني لذلك ... تقدمت منها خطوتين محاولا حضنها ظننت أن ستستقيم لمجرد لمسي لخصرها براحة يدي ... لكنها واصلت أرجحتها المقلوبة ...

مؤخرتها الطرية كانت تتصادم مع ما بين فخذي جيئة وذهابا ... لعبها الطفولي أسعدني ... فأمسكت خصرها بقوة أكثر لأسمح لها بالتأرجح وشعرها متدلي للأسفل بكل ثقة ... كعادتي كل صيف عاري الصدر لا البس سوى البوكسر اللاصق على جلدي ... محاولا تعديل وضعي كي أرفع بطنها عن حائط السور واتركها تتأرجح بحرية ودون تنبيه مني ... ارتعبت لحركتي فدفعت نفسها للخلف لنقع كلانا ...

أنا على الأرض وهي فوقي وظهرها لي ورجلاها للأعلى ... قميصها إنزلق حتى وصل رقبتها ... ظهرها عاري فهي لا تلبس سوتيانة في البيت ... موقعي لم يسمح لي برؤية فخذيها بحكم أن جسمها يحجب عني المجال ... قبل أن انطق بكلمة واحدة إنفجرت ضاحكة وهي تحاول الوقوف ...

إحراجها جعلها تنتقم مني بدغدغتي تحت إبطي وصدري ولمنع حركتي جلست فوق بطني ... بضع حركات إهتزازية مني جعلها تفتح رجليها وتتراجع قليلا لشل كل مقاومة مني ... قماش كيلوتها الوردي يغمزني ويداها تجولان بعنف على صدري ومؤخرتها الطرية تضغط على قضيبي الذي لم يلبث أن أعلن عن وجوده للكون منطلقا للأعلى ... رغم انه يستحيل عليها أن لا تحس به لكن جلوسها هكذا طال وانهمكت في دغدغتي أكثر ... لما شعرت أنها انتقمت مني بما يكفي ... قامت من فوقي تمسح بقايا دموع اغتصبها الضحك من مقلتيها

  • حرمت بقى تهزّر معايا هزارك العبيط ده
  • لا حرمت ... وقعتين ثلاثة زي دي ويجيني كسر في الحوض
  • مش مهم الحوض يتكسر المهم الحنفية سليمة
وهربت من أمامي مهرولة نحو الأسفل تشد قميصها للأعلى ... تلك الجملة سمعناها يوما في فيلم هي استعارتها لاستكمال جو المزاح بيننا ... تركتني أنظّف بقايا السهرة ولجأت لغرفتها ... بما أني قضيت اليوم كله نائما ولم أجد مقابلات في مثل هذا التوقيت تسليني بجني بعض المرابيح منها ... فتحت الموقع الذي أنشاته أتأكد بفخر من قدرتي على الإختراع ...

سحبتني إشارة في الأعلى أن أحدا اتصل به ... كنت متأكدا أنها أمي ... تخيّلت أنها ستستفسر عن كلامي ... فتحت الإشارة لأصاب بصاعقة ... أمي سجّلت للمشاركة في البرنامج كمتطوّعة ... لم يسرح بي الخيال أنها ستكذبني لتلك الدرجة ... تسجّل لتتأكد من صدق كلامي ... فليكن ... هي منحتني فرصة أن أمدها ببعض الأموال وبعض المرح دون عناء ...

قرأت بيانتها هي صحيحة لا محالة

العمر 40 سنة

الحالة الإجتماعية ارملة

الطول 165

الوزن 68 كغ

رقم الهاتف

سبب التسجيل ... تجربة جديدة

العمر المطلوب في الشريك 18- 22

هنا اكتشفت خطئي فبمجرّد فتحي للإشعار التطبيق سيرسل لها رسالة يعلمها بتلقي طلب التسجيل ... وهذا من شانه كشفي لكن لا مفر لقد حصل ما حصل ... أرسلت رسالة أخرى كنت أعددتها مسبقا

" أقر أني بعد قراءة هذه الرسالة أني موافق على كل ما فيها ... المشارك يتعامل مع جهاز الكتروني يقيم الحالة وفق بيانات مبرمج لها لذلك يجب

الإلتزام بالإجابة عن الاسئلة و قول الحقيقة دون غيرها

الالتزام بتنفيذ كل الأوامر الصادرة عن البرنامج حسب ما تقتضيه متطلبات مرحلة المشاركة

الإلتزام بإعلام المؤسسة عن أي إخلال يقوم به الشريك

تطبيق التعليمات الجديدة كل ما اقتضت الضرورة ذلك

لا يمكن الانسحاب من التجربة قبل نهاية المرحلة المسجّل فيها كاملة وإذا حدث ذلك للمؤسسة حرية سحب المكافأة المرصودة

تلتزم إدارة البرنامج بالحفاظ على سرية شخصيات المشاركين والسعي لضمان ذلك

تحذير.. إن كل معلومة تساهم في بناء الشخصية لدينا وهو ما يرتبط بكل الأحداث والطلبات بعد ذلك .. ننصحكم بالصدق

إذا إحتجت للمساعدة نمكنك من الاتصال بمختص نفسي

إن كنت موافق على ما سبق ابعث رقم 1 وان رفضت ابعث رقم 2

ما هي إلا دقيقة ووصلني إشعار بوجود رسالة ... هي رقم واحد دون شك ... من باب التسلية وإن كنت سأدفع لامي بعض الأموال فليكن مقابل بعض المعلومات ... بعثت رسالة أخرى ورائها ...

  • السؤال الأساسي الأول ... قلتي ان سبب الإشتراك هو تجربة جديدة ... هل سبق لكي أن دخلت تجربة عاطفية من قبل ... للإجابة بنعم رقم 1 وبلا رقم 2 وإن كنت لا تريد الإجابة رقم 3
  • الإجابة 1
  • كم مرة
  • مرة واحدة
  • في اي سن حصلت تلك التجربة
  • سن ال 18 سنة
  • هل تطوّرت تلك التجربة العاطفية لملامسة جسدية من اي نوع
  • أكيد
  • هل حدث ذلك في إطار علاقة شرعية
  • أكيد
  • وقبل ذلك هل حصل
  • نعم
  • إلى اي مدى وصلت تلك الملامسات
  • بوس .. أحضان ...
  • السؤال الأساسي الثاني ... وضعيتك الإجتماعية أرملة ... هل لك أبناء ؟؟ للإجابة بنعم رقم 1 وبلا رقم 2 وإن كنت لا تريد الإجابة رقم 3
  • نعم
  • عددهم ؟؟
  • واحد
  • الجنس
  • ذكر
  • منذ متى وأنتي أرملة
  • 16 سنة
  • هل فكرت في الزواج ثانية
  • لا
  • هل وقعت في الحب بعد ذلك ؟؟
  • لا
  • السبب
  • وجود إبني في حياتي وحبي الشديد للمرحوم
  • السؤال الأساسي الثالث ... قلتي ان سنك 40 سنة هل شعرتي بتقدّم العمر للإجابة بنعم رقم 1 وبلا رقم 2 وإن كنت لا تريد الإجابة رقم 3
  • لا
  • ما السبب وراء شعورك
  • جسدي لا يزال نظرا و روحي تتوق للحياة
  • هل أنتي راضية عن جسدك وجمالك
  • نوعا ما
  • تفاصيل
  • ربما أحتاج لبعض المكياج لملابس الجديدة كي ارضى عن جمالي ( أعجبتني نبرة التحيّل التي وصلتني منها)
  • هل يؤثر منسوب رضاك عن جمالك وجسدك على قراراتك العاطفية
  • أكيد
  • السؤال الرئيسي الرابع ... لماذا حددتي سن الشريك بين 18 و 22 ... الإجابة الاولى حرّة
  • ربما لانها كانت أحلى فترة عشتها في حياتي في ذلك العمر
  • هل تريدين خوض تلك التجربة من جديد
  • نعم
  • على الصعيد العاطفي ام الجسدي
  • (طال تفكير أمي) الإثنين معا
  • هل تنجذبين للشباب في مثل هذا السن
  • (طال تفكيرها أكثر) نعم
  • (هنا إقتنعت أن أمي مصرة على خوض التجربة لكشف كذبي) هل يوجد في حياتك شخص في مثل هذا السن تنجذبين اليه
  • لا يمكنني الحكم بعد
  • السؤال الرئيسي رقم خمسة ... هل تريدين تقييم علاقتك مع ابنك للإجابة بنعم رقم 1 وبلا رقم 2 وإن كنت لا تريد الإجابة رقم 3
  • رقم 3
  • شكرا لقد تم تسجيل بياناتكم سيقع تحليلها والإجابة عليها في أسرع وقت ... شكرا على ثقتكم بنا ...
سمعت صوت أمي تفتح باب غرفتها لكن لم يصلني وقع خطواتها على السلّم ... أثارني الأمر ... أطفأت نور غرفتي فتحت بابي خلسة ورحت أراقبها من بعيد ... كانت تتمشى جيئة وذهابا في الشرفة حافية القدمين ... كل نصف دقيقة تتطلّع لهاتفها ... لم أشأ تعذيبها أكثر

أرسلت لها رسالة

" لقد تم تقييم مشاركتك ... حصلتي على 480 نقطة ... الرجاء مدنا برقم حساب بنكي أو بريدي لتحويل مكافأة التسجيل ورقم صندوق بريد لتلقي الهدايا "

لم تمضي نصف دقيقة ووصلني رقم حساب .. لكن لا أظن انه حسابها ... دخلت موقع البريد وقمت بتحويل مبلغ 480 دينار من حسابي لحسابها ... الشيء الوحيد الذي تطوّرت فيه تونس هو سرية الحسابات المالية ... بعد دقيقتين فقط كنت استمع لتنهيدتها تلهب جو الشرفة قبل سماع طنين هاتفها يعلمها بوصول رسالة ... طال إنتظاري لها أن تدخل غرفتها عبثا ...

فتحت الباب لألمح طيفها متأرجحة على سور الشرفة كما فعلت قبل قليل ... السعادة تشع من جلد فخذيها قبل وجهها الذي لم ألمحه ... لم تمضي دقيقتان وألحقتها برسالة أخرى ...

هل ترغبين في دخول المرحلة الثانية من البرنامج أجب بنعم أو لا ... لم أتوقع سوى إجابة نعم ... لكن هذه المرحلة ستدخلني في حارة مسدودة قد تكشف كذبي ... ماذا إذا طلبت أمي مقابلة احد الشباب ؟؟؟ ... غلبني غروري وثقتي بأن أمي لا تريد فقط سوى إغلاق تلك الفكرة نهائيا ... فقط هي سترى صور الشباب المشاركين و تتأكد ... التحويل قد وصلها وهو تأكيد شبه كلي على صحة كلامنا أنا وخولة ... فقط هي تريد المزيد من الأدلة ...

دخلت على الانترنت في موقع مواعدة أوروبي إخترت بضع صور لشباب دون وجوه ... بلباس كامل عاري الصدر .. ببوكسر فقط ...بلباس بحر ... هذا يستعرض عضلات يديه والآخر فخذيه ... أنشأت موقع رديفا لموقعي ونزلت الصور وصور لي التقطها في الحين كلها ببوكسر غير الذي ألبسه ... كل شخص ركبّت له رقما معقدا ليبدو الأمر أن المشاركين كثر لا غير

فقط هي رسالة عن تحديد المنطقة السكنية المرغوب منها الشريك ... ثم أرسلت لها اللينك ... كنت أتوقع أن تنتهي مغامرة أمي هنا ... أنا موجود وسط بضع شباب من سني على موقع علمي وجدتني عليه خولة فتقابلنا .. هي غنمت بعض المال وأنا إكتفيت من الغنيمة بالسلامة ...

ما هي إلا دقيقة ووصلتني رسالة عليها رقم تسجيلي الوهمي ... توقف قلبي وعقلي لبرهة عن العمل ... إلى أين تريد تصل بشكوكها ... أمي تريد مواعدتي ؟؟؟ ... يجب على هذا الجنون أن ينتهي ...

أرسلت لها رسالة كنت متأكدا أنها ستنهي الموضوع من أصله .... طلبت منها بعض الصور ليراها الشريك ليحدد موقفه بالموافقة أو عدمها ... سمعت باب غرفة أمي يغلق بالمفتاح ... ابتسمت في سري ظنا أني هزمتها ... واستلقيت على سرير أطلب النوم ... لم تنطبق رموشي بعد صوت إشارة خفيف يرن من جهاز اللابتوب ...

خمس صور تصلني من الغرفة المجاورة ... اثنان وهي واقفة أمام مرآة خزانتها تلبس تنورة سوداء لا تصل نصف فخذيها وقميصا ابيض فتحت زرين أعلاه ليظهر مفرق صدرها ... وواحدة تجلس على حافة سريرها تضع رجلا على رجل ومجمل فخذيها عاريان ... وأخرى نائمة على السرير ومؤخرتها مرفوعة للأعلى ... أمي لقد جنّت حقيقة ... هذه صور لموقع مواعدة وردي ... إنها دعوة لل****** ...

كيف تجرأت على ذلك حتى وإن أخفت وجهها ... فكرت أن لا أرد عليها ولكني أردت معرفة مدى شكوكها بي هي حتما تريد إختباري ثانية إن كنت سأقول الحقيقة أم لا ... وإلا لما اختارتني دونا عن الموجودين ... للتأكد من ذلك بعثت رسالة أطلب منها إن كانت تريد نشر الصور علّ أحد المشاركين يدعوها لخوض تجربة أو أنها تريد إرسالها حصريا للشريك المطلوب ...

هي تؤكّد في الرسالة على خصوصيتها وأنها لا تريد لأحد أن يراها غير الشريك المطلوب ... هنا توضّح الأمر بالنسبة لي ... هي تريد فقط إختبار معاهدة الصدق بيننا ... وللخروج من هذا المأزق توجب عليا السهر ثانية لتسجيل نفسي على تطبيق الموقع ثم إستقبال رسائل منه ثم مصارحتها بالأمر ... أنهيت كل ذلك العناء المجاني بعد الفجر فوجدت أمي قد نامت ...

إستسلمت لنوم عميق غير مريح ... حلمت بخولة في محل التدليك ... وحلمت بأمي تجلس مكان إيمان وخالتي تعمل بالمقهى كنادلة ... عرق وحرارة ونوم مجنون وأحلام من الجحيم ... صحوت عند غروب الشمس مثقل الخطى مشلول التفكير ... رسالة من آمي للبرنامج فيها رقم صندوق بريد ... هي لا تضيع وقتها ... وجدتها قد سيّقت الشرفة وفرشتها ثانية ...

قبل أن أنادي عليها وضعت في يدي ورقة نقدية وطلبت مني شراء بعض مستلزمات السهرة .... عند عودتي وجدتها جالسة في الشرفة تداعب هاتفها ... وضعت الكيس بكل ما فيه أمامها وقررت إنهاء هذا الأمر الآن ...

  • ماما في وحدة ست ثانية عاوزة تقابلني
  • تقابلك فين ؟؟
  • البرنامج بعثلي بيعلمني إنه في وحدة عاوزة تقابلني ومستنين أوافق والا لا ؟؟
  • وقلتلهم ايه ؟؟؟
  • ما قلتش حاجة ... جيت أقلّك
  • طب هما بعثولك ايه ؟؟
  • بعثلولي رسالة بيعلموني انه حسابي تلقى طلب بالمقابلة وبعثولي صورها
  • وريني كده ؟؟؟
  • (راحت تتملى في الصور بهدوء وثقة ) تصدق دي أحلى من الاولنية
  • أكيد هو في حد أحلى من ماما ؟؟؟ ... إنتي إزاي عملتي كده
  • هو مش برنامج مفتوح للعموم عشان يتطوعو ... دخلت سجلت واتطوعت وبعثولي فلوس كمان ...
  • طب معلش إزاي إخترتيني أنا دونا عن الكل
  • تصدّق إن الست بتاعة الكافيه معاها حق إنت أحلى واحد فيهم
  • بس إنتي أمي
  • هو مش جحا اولى بلحم ثوره ؟؟؟؟
هل التحفه هتنزل النهارده ولا ايه 🙂
 
  • نار ياحبيبي نار
  • عجبني
التفاعلات: Simon3 و wael115
روعة بجد مش هزار
 
  • عجبني
التفاعلات: wael115
نسوانجي كام أول موقع عربي يتيح لايف كام مع شراميط من أنحاء الوطن العربي
تم إضافة الجزء السادس
 
  • عجبني
التفاعلات: mkmsas1985 و wael115
فسحتنا شوية حلوين يا كبير
جزء مهم لتنامي و فهم العلاقة بين الولد امه
 
  • حبيته
التفاعلات: wael115
شئ رائع الحقيقة.. القصة تجنن اسلوب راقي ومحترم و أهم مافيه انك بتحترم عقول القراء.. أحسنت وفي انتظار البقية علي أحر من الجمر
 
  • حبيته
التفاعلات: wael115
أولا لنكن متفقين ... نحن هنا في منتدى جنسي ... وجميع المواضيع المطروحة تقع تحت حماية إدارة المنتدى ... الحرية في الميول والأفكار والشبق والخيالات الجنسية مكفولة حسب قوانين المنتدى ... أي تعليق من مدعي الأخلاق غير مقبول بالنسبة لي ... أتقبّل النقد الأدبي للقصة ... نقد العمل القصصي لا غير ...

الفكرة وليدة فكر صاحبها وهو الوحيد المسئول عنها ... القصة مبوبة تحت باب جنس المحارم ... وأنت الآن دخلت بمحض إرادتك للاطلاع على محتويات هذا الباب ... فان كانت الفكرة تزعجك وتسبب إليك أي نوع من أنواع الحساسية فلما أنت هنا ؟؟؟

ثانيا ... تواجدك في منتدى يخلع عنك بصفة آلية جلباب الأخلاق ... فلا تحدثني عنها ولا تشر إليها لأنك لا تمتلكها ...

ثالثا هي مجرّد توطئة... بعد كتابة فصلين مختصرين من المذكرات وجدت انه لزوما عليا ومن باب المصداقية قبل إنهاء الفصل الثالث دخول تجربة هنا ... ولأسباب أخرى عديدة قررت خوض غمار قصة جنسية للمرة الأخيرة ... ان كانت نتيجة المحاولة الأولى مع أولائك إصابتي بمرض فقدان التوازن فأرجو أن لا تسبب لي تجربتي معكم شللا رباعيا ...

الجزء الأوّل

اللعنة على هذا الحذاء ... كلما تقدمت به خطوة للأمام إلا وازداد الألم في رجلي ... الم رجلي يذكرني بألم نفسي ... حذاء حسام ابن خالتي القديم ... كل ملابسي وكتبي وأدباشي هي ما تخلّص منه حسام ... أو أمه إن صح التعبير ...

مذ وعيت على الدنيا وأنا البس ما ضاق عنه ... ادرس بكتبه القديمة ... حتى بطني لا تشبع إلا عند زيارتنا لبيت خالتي ... لم احتج يوما على وضعي ... في بداية سنين الطفولة لم يشكل الأمر عائقا لي ... بل بالعكس ... لكن الطبيعة لم تشأ إلا التضييق عليا في كل تفاصيل حياتي ... طبيعة لم تستوعب أن أمي براتبها البسيط لا تستطيع توفير ملابس جديدة لي ... فلماذا ينمو جسمي لأسبق في المقاسات جسم حسام ...

حذاء ضيق وبنطلون يجاهد في وسطي أن تنفلت احد أزراره ... وقميص يضيق على صدري أكثر مما يضيق صدري بهمومي ... مع ضيق الحذاء يزيد ضيق الحال من معاناتي ... ديون أمي عند صاحب الدكان القريب من بيتنا تجبرني أن اسلك مسافة كيلومترات يوميا بين المسالك الفرعية لاقتني حاجياتنا من مغازة وسط البلد ... وأعود متبعا متاهة من الأنهج الضيقة المتعرجة بخطايا العرجاء من الألم ...

الكيس البلاستيكي بدأ يجرح أصابعي ... أحد المقاعد الخشبية على ناصية الطريق ... كان ملجئي من الألم المضاعف ... وضعت الكيس بجانبي وأخفيت راسي بين راحتي علي ارتاح ولو مؤقتا من عذابي الدائم ...

وضعية جلوسي فرضت عليا النظر غصبا عني لحذائي ... ماركة عالمية معروفة ... كان غالي الثمن حال شرائه ... في بلدنا نعرف القيمة الاجتماعية للشخص من حذائه ... إشارة تقطع كل أمل لي في المستقبل ... لن أكون الا مستودع قمامة لما يتخلّص منه ابن خالتي ...

خالتي أكبر من أمي بسنوات قليلة ... متزوجة من موظف كبير في الحكومة ... مرتب مرتفع ... منصب مهيب ... سيارة إدارية ... مسكن وظيفي ومساكن أخرى فرعية للتصييف ... الموظفون السامون هم من يتخذون القرارات المصيرية للدولة ... يتحكمون بالميزانية ... بتقسيمها ... اغلبها تصرف لتوفير ظروف عيش مريحة للموظفين ورغم ذلك يرتشون ...

أمي تزوجت بعد خالتي بسنتين ... تزوجت أبي عن حب ... أبي لم يسعفه الحظ في الانتساب للوظيفة العمومية ... كان صاحب مكتب حسابات ... أنا لم اعرف أبي إلا من الصور ... توفي وأنا لازلت أتعلم المشي ... تركني أتعثّر في خطواتي ...

مقارنة بين صورة خطواتي الأولى المتعثّرة ... حذاء صغير جميل عليه رسوم ميكي ماوس و يد والدي القوية الحنونة تسندني عن بعد ... الآن وأنا تجاوزت الثامنة عشر ... خطواتي لا تزال تتعثّر في حذاء قديم يقضم أصابعي ... والسبب فقدان يديه لتسندني ...

طعم مالح انسل لشفتي من دمعة سكبتها عيني ... طالما بكيت خلسة ... لا أعلم هل ابكيه أم ابكي نفسي ... لكني اشتاق إليه ...

نسمة باردة تدغدغ ضلوعي تعلمني أني تأخّرت في العودة ... الم مضاعف مع إسراعي في المشي خوفا أن أتأخر عن أمي ... أمي التي لعبت دور الأب والأم في نفس الوقت ... صارمة وذكية ولا تفوتها النسمة المتسلّلة من تحت الباب ... تراقب كل حركاتي تخشى عليا من كل شيء ومن أي شيء ...

تقول دائما أني ثروتها التي استثمرت فيها عمرها ... هي ستبلغ الأربعين قريبا ... أرملة منذ ما يزيد عن ستة عشرة سنة ... تحمّلت الوحدة والفقر والغم لأجلي ... دين آخر يزيد في ضيق صدري ...

انا عن نفسي لم أكلفها شيئا سوى مصاريف الأكل ... نسكن في بيت تركه لنا والدي ... البس ما ترميه خالتي لي بسرور بصدق أحيانا وأتظاهر به أحيانا... اجتهدت في دراستي فلم أكلفها مليما في دروس خصوصية بل كنت اكسب مصاريفي من إعداد بحوث الدراسة لزملائي المرفهين...

نجحت في البكالوريا بتفوّق ... انتظر التوجيه ... أريد الالتحاق بإحدى كليات المحاسبات ...

كنت أحلم أن أصبح محاسبا كأبي ... أن أحقق حلمه وانجح في عمل هو يحبه ... هدف لم ينصفه عمره أن يصل إليه ... استقبلني مشهد سيارة خالتي تقف أمام بابنا ... زادت نفسي ضيقا ... دفعة أخرى من ملابس ستحشر فيها كرامتي قبل جسمي ... ومشاعر مصطنعة مني بالعرفان بالجميل ...

دفعت الباب الحديدي الصدأ بعنف ... صوت قرقعته هو حمايتنا من زائر غير متوقع ... نظرة لليمين والشمال للحديقة الصغيرة ... حركة لا إرادية أهيئ بها صدري و عضلات وجهي للابتسام لمصدر الذل في حياتي ... مع وصولي للباب الخشبي ... صمت يوحي أن قدومي قطع موضعا مهما بين الأختين ...

سلام حار مصطنع مني وبارد حقيقي من خالتي ... وضعت كيس المقتنيات في المطبخ ... وجلست بعيدا عند باب الصالون ... أثاث بيتنا لا يزال يحتفظ برونقه رغم مرور السنين ... لم أكن استمع لما يدور بينهما ... لكني متأكّد أن وجودي تسبب في تغير الموضوع ... لا اعلم لماذا لكني كنت مستمتعا بتأثيري السلبي عليهما ...

طال وجودي الغير مرغوب فيه مما اضطر خالتي للانصراف ... تابعت خطواتهما وأمي توصلها للباب ... أمي أجمل منها بكثير ... فقط الملابس الفخمة هي التي تمنح خالتي تألقها .. وربما تسريحة الشعر والحذاء العالي الذي يرفع مؤخرتها ... كذلك الماكياج ....

أمي في بيجامتها المترهلة تبدو أجمل منها ... لا توجد امرأة أجمل من أمي ... حكمة لا أعلم أين سمعتها .... طالت وشوشتهما عند الباب فانسحبت لغرفتي ...

منزلنا مكون من طابقين ... على الطراز الأمريكي ... غرفة معيشة او الصالون يستقبلك عند دخول البيت بأثاثه ومكتبته, في آخره على اليمن مطبخ مفتوح بمصرف رخامي اجتهد أبي أن يتناسق مع ألوان الرخام فيه ... شبابيك بلورية كبيرة تطل منها بعض شجيرات الزينة من حديقتنا الصغيرة ... انعكاسها كلوحة زيتية تفنن رسام مجتهد أن يبرز تفاصيل الروح الساكنة فيها ... بجانب المطبخ حمام كبير يتوسطه مغطس مدور يتسع لثلاث أشخاص بالراحة ...

الطابق العلوي مكوّن من 3 غرف ... غرفت نوم أمي وغرفتي وغرفة ثالثة ... حرم موت أبي جدرانها أن يسكنها أخ أو أخت لي ... تلك الغرفة مغلقة دائما ... أمي ألقت فيها كل متعلقات أبي ... وأغلقت على ذكريات زمن جميل لم أعشه ... يفصل بين الغرف ممر واسع ينتهي ببوابة بلورية تستقبل نور الشمس من شرفة نصف مستديرة ...

طال الوداع بين أمي وخالتي مما يوحي أن أمرا مهما تطلّب نقشا مستفيضا بينهما ... لجأت للحمام أعالج ورم رجلي من اثر المشي بالحذاء الضيق ... الماء البارد يخفف توتر مسام جلد أصابعي الغضّة ... برودة الماء أشعلت رغبتي في الاستحمام ...

نصف جسدي مختفي في المغطس البارد ... برودة علها تعالج التهاب روحي وجسدي ... شعور نفسي بالضيق والاختناق ... لم أجد له مبررا ...

أغمضت عيني وحاولت أن أتخيل واقعا غير هذا الواقع ... نصف الغرق ونصف الطواف ... نصف البرد ونصف الحر ... نصف الواقع ونصف الخيال ... لا اعلم أين تاه بي خيالي البسيط وكم استغرقت رحلتي في اللامكان واللازمان ... واللافكرة ...

نقر خفيف على الباب سحبني للدنيا ثانية .. صوت أمي تعلمني أن العشاء جاهز ... ملتحفا بمنشفة نصف مهترأة تخفي نصف جسدي السفلي وقطرات ندية تداعب مسام صدري ... ارتديت شورت قصيرا كان يعاني ليجف في حبل معلّق في شباك الحمام الضيق ...

لم اسرّح شعري وعري الصدر حافي القدمين ... لا تزال أصابعي تصارع للعودة لوضعها الطبيعي ... استقبلتني أمي بابتسامة ساخرة ... هي شديدة الاهتمام بصحتي ... لم تعلّق كوني لم استر صدري من نفحات نسيم بداية الصيف الباردة ... على غير عادتها ...

جلست قبالة أمي على طاولة الطعام ... بحكم الخبرة .. كلما وضعت امي صحني مقابلا لعينيها فتلك إشارة أني سأتلقى مجموعة من الأوامر ... حاولت أن انظّم أنفاسي وأخفي ارتباكي الغير مفسّر ...

بضع قضمات من أجنحة الدجاج التي تسبح وسط صحن المرق غمستها بصمت غير مفهوم ... صمت قطعه صوت امي الصارم والحنون في مزيج عجيب كالمزيج الذي أتناوله في صحني ...

  • عجبك الاكل ؟؟؟
  • حلو زي العادة ... مش عوايدك تسالي .. ما انا بآكل كل الي بتطبخيه ... في ايه ؟؟؟
  • لا أبدا اصلك لازم تاكل كويّس اليومين دول يا حضرت الضابط ؟؟؟
  • (تجمدّت يدي التي تمسك قطعة الخبز) ضابط ؟؟؟
  • ماهو هو ده الموضوع الي اتفقت عليه انا وخالتك ؟؟؟
  • إتفقتو ؟؟؟
  • ايوة ... انت جايب نتايج ممتازة في البكالوريا وزوج خالتك هيتوسطلك انك تلتحق بأكادمية عسكرية أو أكادمية الشرطة أو الحماية المدنية .. انا كلمت خالتك وهي هتكلم زوجها
  • يا سلام اتفقتو واتكلمتو وأخذتو القرار وانا آخر من يعلم
  • هو انت شايف حاجة ثانية (بلهجتها الصارمة التي اعتادت ان تقمع بها كل بوادر إحتجاجي)
  • ايوة شايف (محاولا التحكم في ارتجافي وخوفي من ردة فعلها)
  • شايف ايه ؟؟؟ (تزايدت شدة حزمها)
  • (القيت قطعة الخبز من يدي ولاوّل مرّة في تاريخي ارفع عيني مباشرة فيها متحديا) انا عاوز أطلع محاسب زي بابا ... عمري ما إتخيّلت نفسي ضابط ...
انتفاضة عنيفة من أمي التي ضربت بكلتا قبضتيها على الطاولة .... حركة طالما وأدت أي رغبة لي ... مباشرة بعدها أعلن استسلامي لرغباتها ... صمم أصاب أذني عن كلماتها المتراوحة بين الصراخ حينا والحنان حينا ... مؤيدات كثيرة حول صواب رأيها ... الكليات العسكرية ستضمن لي مستقبلا مستقرا بعيدا عن المغامرة ... مجرد الالتحاق بها مع النجاح سيضمن لك وضيفة محترمة يتمناها نصف الشعب ...

وضعية جلوسي ووقوفها توحي بتفوقها عليا ... كنت أتحاشى النظر في عينيها ... وفي نفس الوقت روحي تتوق للتحدي ... فلم تسقط نظرتي للطاولة أو الصحن بل استقرّت في مفرق صدرها الأبيض ... طالت كلمات أمي أمام صمتي ... أحست أني استسلمت وتقبّلت قرارها ...

دون شعور ولأول مرة ثانية ... أتحداها ... وقفت وضربت بكلتا قبضتي على الطاولة ... قلّدت كل حركاتها ... لأول مرة أتكلم وأنا أساميها وجها لوجه ...

  • حسام يروح أكبر الجامعات ... وأنا أروح الجيش ... لو كان الموضوع زي ما حضرتك بتقولي ... مش كان اولا بيه يضمن مستقبل ابنه ... ماهو مش معقول هيكون بيفكّر فيا اكثر من إبنه ...
  • (نظرة الانكسار والدهشة في عين أمي شجعتني على المواصلة مع تلبكها في الكلام) ... ماهو ...
  • ماهو ايه ؟؟؟ ... هو يتعلّم وينبسط و يروح الجامعة وأنا أتخنق في الجيش والحياة الرسمية ... هو أنا مفروض عليا كل حاجة ضيقة عليا ؟؟؟ ... بنطلونات اصغر مني ... جزمة بتاكل صوابعي مع كل خطوة ... عايزين تحشروني في وضيفة أضيق مني طول عمري ... ليه ؟؟؟؟ ... ايه ذنبي ؟؟؟
  • ذنبنا اننا فقراء ... ذنبك انك يتيم ... (أحسست بالغبرة تخنق امي ... كأنها تكتم بكاء دفينا) ...
  • (انا انفلتت الدموع غصبا عني لتغرورق بها حدقتي وتحجب عني وضوح الرؤيا) يعني كله من بابا إلي مات وسبني مش كده ...
  • (تقدّمت مني امي وحضنتني بعنف الي صدرها الطري) ده قدر يا ابني ... يا حبيبي انا عملت كل الي اقدر عليه ... دي فرصة انك تطلع من مستنقع الفقر ده ... كلية محترمة ووظيفة مضمونة ومستقبلها كبير ... وكمان وده الاهم مافيهاش مصاريف ... بالعكس دي بتاخذ فيها منحة ...
  • (أردت الرد لكن حضنها خنق تمردي ... احاطت براسي وسحبتني لصدرها بعنف )
  • يا ابني انا عاوز اشوفك بخير مش كفاية عمري راح هدر بمغامرات ابوك ... با ابني انا عاوزة اشوفك راجل مالي هدومك ... تتزوج وتفتح بيت وتبقى سيد الرجالة ...
أوّل مرة في حياتي استشعر نبرة الاحتجاج من امي على حياتها ... أحسست أنها ندمت على زواجها من أبي ... لأول مرة اشعر انها تخفي سرا ... انا الفخور بانتمائي لأب لم اعرفه ... رسمت له صورا متكاملة ... نحت له في خيالي تماثيل لأنصاف الآلهة الإغريق ... لم أتقبل أن تهتز تلك القداسة حتى ممن هي اشد منه قداسة ... امي ...

انفلت من بين ذراعيها ... والدموع تملأ وجهي ... الم أصابعي وضيق الحذاء وضيق الحال ... كل شيء تقبّلته إلا أن تمس صورة أبي أمامي ...

  • هو أنا قدري اني أكون كيس الزبالة بتاع حسام ... بالبس هدومه القديمة وما اعترضتش ... الجزمة الي بتخليني اعرج واتحملتها ... فضلات اكلهم ... المنة الي بيتكرمو بيها علينا ... هو انا ذنبي ايه ... مش راضيين تخلوني اعيش العيشة الي باختارها ...
  • (كلماتي هزمت مشاعر امي فانفرط الدمع سخيا على وجنتيها الحمراوين) يا ابني الي زيينا ما عندوش رفاهية الاختيار ... اسمع كلامي انا اعرف مصلحتك ...
  • (أحسست دموع امي ستهزمني في النهاية) ... عاوزاني ابقى راجل مال وهدوم بالصدقة ثاني .... كل حياتي سكند هاند ... عاوزاني اتزوج ... تصدقي احيانا باتخيّل اني هاتزوج وحدة كان بينيكها حسام ولما زهق منها رماها لي
اتساع حدقات أمي من هول الكلمة التي قلتها ... امي لم تسمع مني إي حرف خارج عن الأدب ما حييت ... أحسست أني تماديت ... كلمة انفرطت مني ... لو قيلت في غير هذا السياق لتزيّن خدي بآثار أصابعها لأيام ... مشاعر مضطربة وردة فعل غير مفهومة ... ألقيت بمزهرية كانت تزيّن ركنا في الصالون ... صوت تهشيم الزجاج أعطاني الفرصة للهرب ...

فتحت الباب ... حافي القدمين ... عاري الصدر ... اجري دون وجهة ... كنت أهز راسي لاطرد ذكريات الدقائق الأخيرة ... تهت من جديد في اللا فكرة ... فقط أجري بعيدا عن البيت

ربما إحساسي بالتخلّص من ملابس حسام ... ثورتي على أمي ... رفضي لوضع فرض عليا ولم أختره .. كل هذه الأحداث دفعت فيا شعورا بالسعادة ... هي سعادة ممزوجة بالندم ... سألقى عقابيا نضير ذلك لكن لا يهم ...

لا اعلم كم شارعا قطعت وأنا اركض حافيا شبه عاري تحت انوار الفوانيس النصف معطّلة ... فقط اركض هربا من واقع سأعود إليه حتما ...

صراخ صبيتين صادفتاني وانأ أجري ... ارتعبتا ظنا اني أحد المجانين المنتشرين يرعبون المارة في شوارعنا ... رعبهما أصابني بالخجل من نفسي ... أسرعت أكثر فأكثر ... الإسفلت المحدب بدأ يجرح رجليا ... كنت اشعر بلزوجة تحت قدمي .... لا أعلم اهو ددمم أم قيح تقرّح ... لكني لم أتوقف ...

واصلت الركض هربا من البيت في اتجاه البيت ... لقد صدقت أمي من هو مثلنا لا يمتلك رفاهية الاختيار ... مع اقترابي للبيت بدأ نبض قلبي يتزايد بفعل التعب وبفعل الرعب ... امي ستقتلني ... انا متأكّد ...

تسورت حائط الحديقة بخفة وحذر القطط ... شجرة مشمش عقيمة كانت ملجئي للاختباء ... من ردة فعل أمي ومن ردود فعل شارع لن يتفهّم ما يحدث لي ...

النور الخافت في الصالون ينسل متحديا ظلمة الليل ... من خلف بلور جاهدت امي في تنظيفه ... كنت أراقبها تجلس على الكنبة ... تضع رجليها على حافتيها وتسند رأسها بركبتيها ... تكوّر الانكسار الذي لم أعهده فيها ...

بدأ ضميري يؤنبني ... هممت أن أدخل البيت معتذرا ... لكن عما سأعتذر وأنا الضحية ... طال مكوثي في مخبئي ... انتصف الليل ... حيرة أمي لغيابي دفعها للنمطي أحيانا والتكور أحيانا أخرى .. اقسم أني سمعت نبض قلبها الحنون من هنا ...

نظرة تجاه الباب والأخرى تجاه الساعة ... ثم تعود للتكور ... كنت اسمع شهيق بكائها ... طال انتظارها وطال صبري ... لن أعود للبيت الذي لم أغادره ....

رحت أراجع حواري العنيف معها بدقّة ... هي بالتأكيد تريد مصلحتي ... الوظيفة القارة ... فرصة للنجاح في الحياة دون مصاريف ومعانات ... هي بالتأكيد معها حق ... لكني لن البس حذاءا أضيق مني طول العمر فقط لان معها حق .. أنا لي الحق في الاختيار ... ربما فرصة للتحدي فقط ...

كلمة عمرها الذي إضاعته مغامرات أبي هدرا لا تغادر تفكيري ... مالذي فعله ابي قبل موته جعلها تشعر بالندم الآن بعد صبر السنين ... لو خانها او شيء من ذاك القبيل ما صبرت كل هذه السنين وفية لعهدها معه ... امي جميلة وكان يمكن ان تتزوج غيره بسهولة ...

رفعت راسي علي أجد في انعكاس صورتها إجابة على سؤالي فلم أجدها في مجلسها ... قبل ان تبدأ حيرتي ... اهتز صدري رعبا لصوتها يقول ... " إدخل البيت ... الدنيا برد عليك " ...

لم أشأ ان يتأزّم الوضع أكثر ... إحمرار انفها ووجنتيها اللذان تحديا ظلمة الحديقة يعلماني انها ذرفت دموعا كثيرة ... لكني لن استسلم ... كنت اسبقها بخطوتين وتلحقني أصوات تخرج من انفها تودع بها حالة بكاء طويلة ...

أثار الدماء التصقت بجليز الصالون الرمادي ... حاولت ان تقترب مني تستطلع امر جروحي لكني نهرت يدها التي لامست كتفي ... تراجعت قليلا للوراء ...

قبل ان تبدأ بالكلام ... طلبت منها بنبرة جافة وخشنة مفتاح غرفة أخي الذي لم تحمل به ... قبل ان تستفسر عن السبب ... أجبتها سؤالها الذي لم يسأل

  • عاوز اقعد شوية مع بابا ... عاوز اتكلّم معاه
رغم رفضها وحرصها لسنين ان لا يدخل احد تلك الغرفة ويعبث بمحتواياتها ... تحوّلت نحو خزانة الصالون وفتحت درجا ومدّت المفتاح لي ... دون كلمة واحدة ... كنت أخطو الدرج للأعلى وتتبعني نظراتها ... ربما امنيتها ان اراجع عقلي ... وربما خوفها من صدام جديد لم تخفت حرارة رماد الذي سبقه بعد ...

رائحة العتمة تخنق أنفاسي ... الغرفة مغلقة منذ سنين ... غرفة فارغة يتجاوب صدى انفاسي المرهقة مع جدرانها ... القليل من غبار الزمن على بعض الكراتين ... فقط ثلاث صناديق ورقية كبيرة هي كل ما يوجد ... حضنتها كأني أحضن عمري الذي ضاع مع غياب صاحبها ... صوت نقر سقوط دموعي على سطح إحداها وهي تشكل دائرة تحوّل الرمادي إلي البني دفعني لفتحها ...

البوم من الصور القديمة ... مسحت الغبار عنها ... ملامحي تشبه ابي الي حد لا يصدّق ... صوره وهو في مثلي سني ... مسرورا متحديا الدنيا ... ملابسه فخمة حسب طراز زمنها ... وقفته الشامخة ... صوره في الجامعة ... في الرحلات ... في ملهى ليلي مع أترابه ...

المثير في الأمر ان ضحكته وابتسامته لا تفارقه ... اعتقد انه استهلك نصيبي ونصيبه من السعادة في تلك الصور ... انا لا اضحك ولا أتصور ...

صور له ولامي على شاطئ البحر ... بريق عيني امي وهي تنظر له تؤكد عشقها له حد الجنون ... امي جميلة في ملابس البحر ... لم تغيّر فيها السنين شيئا سوى بريق الحزن في عينيها .... وضعت صورة كبيرة مؤطرة في اطار خشبي مذّهب امامي ... وفتحت قلبي لكل ما لم اقل له بعد ... لا اعلم هل سمع مني كلمة بابا قبل رحيله ام لا ...

اقسم اني رأيت التأثّر في عينيه رفقة بحالي ... بكيته وبكيت عليه وبكيت له ... شيء ما في عينيه يدفعني أن افتح الصندوقين ... إخترت أكبرها ... ملابسه كلها هنا ... بنطلونات جينز ... قمصان ... سترات كثيرة ... حالتها تبدو جيدة رغم كل الإهمال .... بدأت انفض الغبار القليل عنها ...

تجرأت ولبستها ... كنت ارغب ان احضن ريحه فيها ... مقاسها يناسبني بعض الشيء ... حذاء رياضي يعانق أصابع رجلي برفق ... رحت أتمشى امام صورته كأني أفاخره اني كبرت وصرت في مقاسه ... لو كان حيا لضربني على قفايا بحنان ... كما يفعل كل الآباء الذين وصل أبناءهم ليضاهوهم في الطول ...

سعادة غمرتني ... روحه وريحه تعانقاني ... إن كانت الأقدار فرضت عليا ان البس القديم فلألبس ملابس ابي ... مقاس حذاء والدي هو إشارة أن شخصيته وطريقه هي التي تناسبني كما ناسبني المقاس ... انا على حق ... فرصة خالتي ضيقة على روحي كمقاس حذاء ابنها ...

جلست على الأرض احدّث ابي متسائلا ... ان كنت مغامرا كما تقول أمي ألا يخفي الصندوق الآخر سرا ... ألم تدخل في تجربة بورصة وخسرت ساعتها ...ربما تغيّر الحال الآن ... لا يمكن الا تترك لي شيئا الا هذا البيت ... حتى الذكريات لم تتركها لي ...

نبض قلبي يتزايد مع كل ورقة اسحبها من الصندوق ... لم افهم شيئا .. فواتير قديمة ... كراسات على رموز بخط اليد ... علامات قاطع ومقطوع ... ارقام واحد واثنان ... قصاصات جرائد تتحدث عن نتائج كرة القدم ساعتها ... ما السر وراء عشق ابي لكرة القدم لم افهم ذلك ...

ظرف كبير بني اللون ... عقد ملكية بيتنا ... وعقد رهنه لشركة إيجار مالي ... مبلغ كبير وضع فيه ... هل رهن ابي البيت قبل موته ... لكن البيت ملكنا الآن ... انتقلت ملكيته لي ولامي بحكم الميراث ... لم اسمع بهذا الأمر من قبل ... هل سدد أبي رهنه قبل موته ... لم أجد في الأوراق ما يثبت ذلك ... أين ذهبت أموال الرهن ومن سدده ...

نصف اجابة خامرتني عن كلام أمي ... هي جاهدت لسداد ديننا في سنواتي الأولى ... بدأ ضميري يدفعني للاعتذار منها ... جهاز لاب توب من طراز قديم هو آخر ما تبقى في الصندوق ...

صندوق صور مليء بالذكريات ... صندوق ملابس تفوح منها رائحة عز لم أعشه ... وصندوق ورق لم افهم منه شيء ... ربما اللاب توب يحتوي على سر ... لكنه لا يعمل ...

قررت ان آخذه معي لرحيم ... رحيم هو شاب في أواخر العشرينات .. يعتبر الشخص الأقرب لي في الدنيا بعد أمي ... يمتلك محل انترنت وبيع وبعض أدوات الإعلامية ... يقدّم خدمات التسجيل عن بعد ... كنت أساعده في إعداد البحوث المدرسية ... معتمدا على معلوماتي وسرعتي في رقن الحروف ....

كان يكافئني بقطع نقدية او بصندويتش اذا تأخرت عنده في المحلّ ... قررت ان أتسلل به للخارج عندما تحين لي الفرصة ... لا اعلم السبب لكن أحسست ان نظرة ابي من صورته تشجعني على ذلك ...

شعاع نور الفجر يتسلل من تحت الشباك ... ليلة طويلة جدا ... هي ليلة بعمري كله ... حضنت صورة أبي وتوسدت سترته وتغطيت برائحته ونمت ... ربما نمت في حضنه وانا رضيع ... ونمت نوم الرضيع ...

صوت طراد الماء من الحمام يعلمني ان أمي استيقظت ... لا أعلم ما افعل ... هل هي جولة ثانية من الحرب بيننا ... أم أعلن استسلامي والبس الفرصة الضيقة ما بقى من العمر ... استعملت الحبال التي كانت تلف الكراتين ... ربطت اللاب توب في احد قمصان ابي والقيته يتدلى من الشباك للحديقة ...

تسللت للحمام ... غسلت وجهي وسرّحت شعري ... انعكاس صورتي في المرآة جعلني اشعر بالفخر ... لم تخطو رجلي في الممر خطوتين ... صورة اتساع حدقتي أمي سبقت صرخة رعب دوّت في المكان تلاها صوت ارتطامها بالأرض ...

تأبطت جسدها بين يدي وأسرعت بها لغرفتها ... لا الماء ولا بقية زجاجة العطر افلحتا في إيقاضها ... لم اجد طريقا سوى الاتصال بخالتي ... مر الزمن عليا دهرا حتى وصلت ... طبيب في أواخر سنين عمره ... يخزها ابرة ... قال انها صدمة عصبية نتيجة الارهاق ...

الفترة التي تلت خروجه ... دروس متتالية من خالتي عن وجوب طاعة امي ... تذكير بتضحيتها في سبيلي ... انا لا انكر ذلك وممتن لها ... وممتن لخالتي ولحسام وللعالم كله ... فقط لا أريد أن افقد أمي كما فقدت أبي ... لم اترك سريرها دقيقة واحدة ... لم افلت يدها الباردة من يدي ...

سأفعل اي شيء ... فقط عودي للحياة ... شكرت السماء أنها حرّكت راسها ... استيقظت مرعوبة ... أول شيء فعلته طردتنني من الغرفة ... لم احزن لفعلها ولم اغضب انا سببت لها الإرهاق ...

احتجزت نفسي في غرفتي ... كنت اسمع صوت خالتي تسند امي للحمام ... صوت الماء يختلط بصوتها تساعد أختها ... وخزني ضميري على مشاعر كرهي لخالتي ... هي لم تفعل شيئا سوا مساعدتنا طول حياتها ... انا الشيطان المتمرد فقط

ابتعد صوتهما وهما ينزلان الدرج بعد أن غيّرت ثيابها ... فجأة تذكّرت جهاز اللاب توب ... لا يجب لامي ان تراه ... ذنب آخر سيسجل في صحيفة أخطائي ... حاولت سحبه من أعلى لكنه علق بحافة الحائط ... تسللت لباب البيت ... الحبل يتدلى بجانب شباك المطبخ ... اقتربت لافكه

صوت خالتي يصلني بوضوح مستفسرة عما حصل ... صورتها وهي تقدّم قهوة وبعض الطعام لامي ... لم الحق بالحوار من أوله لكن أمي تبدو مرتبكة مذعورة ...

  • هو شبه ابوه ... في كل حاجة ... البارح كان بيزعّق بنفس الطريقة ... بيحاججني بنفس سخرية ابوه ... بيحط عينه في عيني يخليني ارتبك زي زمان ... لما كنت حاضناه وهو صدرو عريان حسيتا ني باحضن ابوه ... حتى في ردة فعله وقت الغضب هو شبهه ... والصبح كان لابس هدوم ابوه ... افتكرته صحي من ثاني
لم أتمالك نفسي من الارتباك والبكاء أنا كذلك ... كنت قررت الاستسلام لقرار أمي ... تلك الكلمات كانت إشارة ثانية ... تعليمات امي واضحة وإشارات أبي مبهمة ... غامضة لكنها مثيرة ... حيرة ما بعدها حيرة

عاهدت نفسي اني إذا لم أجد في اللاب توب شيئا أو انه لم يعمل ... سأعود لامي واقبّل رجليها معتذرا ... لو أن الأمر غير ذلك فليكن ما يكون ...










الجزء الثاني

كسجين بين خيارين ... تركت أمي بين يدي خالتي رغم خوفي على صحتها ... تأبطّت اللابتوب وتوجهت نحو متجر رحيم ... استقبلني ببشاشة تشرق في عينيه تحت صلعته اللامعة ... قال أني نزلت له رحمة من السماء ...

المحل مكتظ بالزبائن وهو مشغول في إعداد بعض التطبيقات ... رغم استعجالي لكني قبلت طلبه الملحّ في مساعدته على تلبية طلبات الزبائن حتى يتفرّغ هو لشغله...

كالجالس فوق الجمر... امرر طلب هذا بتسجيل عربته للفحص الفني والآخر يستخرج ورقات مطبوعة ... تفكيري كله فيما حصل وماذا سيحصل ... قلبي يخزني حزنا على أمي ... وكأن الناس تتآمر عليا ... كل ما تخلّصت من أحدهم لحق به الآخر ... ساعات طويلة ضاعت هدرا ... ومرت عليا دهرا ...

ضاق صدري وأنا أنتظر أن يرحمني رحيم ويتفرّغ لي ... بدأت الشمس تسير للزوال ... وخفّت الحركة في المحل معها ...أخيرا ... نظرة فاحصة من رحيم للتحفة الأثرية التي وضعتها بين يديه ... تقطّب حاجباه وهو يصارع زر تشغيل اللاب توب الذي أبى واستعصم ...

مع كل حركة منه يخفق قلبي لبرهة ويتوقّف للحظات ... ترجيت السماء أن تنطق تلك الآلة ... أنا على عهدي ... لكني أترجى فقط فرصة اكتشاف ما فيه ... ليس بعد كل ما حصل مني ستنقطع عني الإشارات ...

قطرات العرق على جبين رحيم وهو الخبير في مجاله تنبئني أن الأمر لن ينجح ... لدقائق خلتها قرونا والصمت يخيم على المكان إلا من صدى نقر أصابعه على الأزرار ... وأخيرا نطق .. نطق كالغريق ... شهق وصمت ثانية ...

أخبرني رحيم أن الأمر يتطلّب وقتا طويلا وهو مشغول ... ترجيته بكل مالي عنده من عواطف أن ينجدني ...يجب أن يعمل هذا الجهاز الآن ... أو في اقرب وقت ...

لم اسمع إجابته بالرفض والقبول حتى قاطعتنا رائحة عطر أنثوي طاغي ... سبقت فتح الباب ... صوت ملائكي يلقي علينا السلام ... خجلي جعل عينيا ترتشقان كسهم على حذاء جلدي يلمع سواده تحت جلد رجلين بيضاوين ... بريق بياضهما أعشى عينيا ونعومة جلدها جعل نظري ينزلق كل ما حاول الصعود للأعلى... لم تستقر نظراتي على ركبتين متناسقتين تحت قماش اسود وصلت إليهما بعد جهد حتى أيقضني صوت رحيم مرحبا ...

صوت قبلتين طبعتهما على وجنيه الناديتين دوى في أذني ... أهملني رحيم وأهمل جهازي وتناسى وجودي ... إن لم يهملني من أجلها فمن أجل من سيفعل ... فلأذهب أنا وجهازي وحزني للجحيم ...

لم ارفع عيني لاكتشف صاحبة الطلّة الطاغية ... كنت أتسلى بتحريك أصابع قدمي على الأرض ... لإخفاء خجلي وغيضي .... ما فهمته أنها افتتحت مشروعا جديدا ورحيم يبارك لها ... حفاوة الترحاب بينهما توحي أنهما معرفة قديمة ... تريد من رحيم أن يصنع لها تطبيقا يردّ على اتصالات الزبائن تلقائيا ... قالت أنها لم تستعن بعد بأحد لمساعدتها ...

نظر رحيم في عيني مستسلما ... ما باليد حيلة يجب تلبية طلبها قبلي ... ربما هي استشعرت حزني وغضبي من وجودها الذي عطّلني ... حاولت أن تنسحب في خجل على أن تعود ثانية ... لكني بصوت خافت تنازلت عن حقي ... وأعطيتها الأولوية ... دهشة علت ملامح رحيم الذي استغرب تراجعي بعد طول إلحاح واستغرب أني نطقت أصلا رغم خجلي ...

ابتسامة منها عرفان لشهامتي أنستني الجهاز والإشارات والقرارات وأمي معهم ... كحل وسط اقترح رحيم أن يضع لها مخطط التطبيق وكل الأمور التقنية ثم اتمم أنا الباقي في رقن الرسائل المراد كتابتها مع إشادة بسرعتي وحذقي لتلك المهمة ...

تلك الكلمات أشعرتني بالفخر والأهمية ... علامات الرضا على وجوه الجميع ... ملامح تردد باهت رسم على ملامح الزائرة ... جلس رحيم وراء جهازه منهمكا في عمله ... وجلست بجانبه أتابع باهتمام حركاته ... أما السيدة فجلست قبالتنا على كرسي ... لا ادري كم استغرق من الوقت لكني بدأت اشعر بالضجر وضلوعي بدأت تخزني ...

حركة لا إرادية مني بتحريك ذراعي للخلف ارتفع معها نظري... خرجت مقلتاي من محجريهما ... السيدة كانت تداعب هاتفها دون اهتمام بنا ... وضعية جلوسها أجبرت قماش تنورتها القصيرة أصلا على الانحسار للخلف ... نصف فخذيها المكتنزين عاريان متلاصقان يشدهما القماش غصبا بعضا ببعض ... لا اعلم من زاد في تلق من ... سواد القماش أم بياض الجلد ...

أشحت بنظري وتظاهرت بالتركيز في حركات رحيم ... كنار تسحب فراشة ... نظري يهزمني ويصرع خجلي وارتباكي ويعود ليغوص في ذاك اللحم الطري ... فجأة ... حركة لا إرادية منها ... تضع رجلا على رجل ... مثلث ظل صنعه قماش تنورتها الأسود على فخذيها سحبني للهاوية ...

دغدغة خفيفة أصابت أسفل بطني صاحبها جفاف في حلقي وتعرّق كاد أن يفضحني ... صوت تنهيدة من رحيم حركة من يده يغيّر وضعية الشاشة تجاهها ... حركته دفعتها للنهوض والتقدّم نحونا ... اقسم أني كنت اسمع صوت موسيقى فيلم الفك المفترس مع كل نقرة من كعب حذائها العالي ...

تظاهرت بالتركيز في الشاشة علي اخرج من مأزقي ... كانت تضع يديها على الطاولة وترشد رحيم لبعض التصليحات ... خاتم زواج يزين إصبعها ... معصمها رقيق وأصابعها نحيفة و طويلة ... رفعت عيني بحذر ناحية وجهها لكني لم أصله ... مفرق صدرها المتدلي من فتح قميصها الأبيض سحبني للهوة ...

انتفاخ وقرص يمسك ما بين فخذي ... رغبة في التبوّل تحرق مثانتي ... هروب سلسل بانسحاب حذر ناحية الباب راجيا أن لا يكشفني انتفاخ بنطلوني ... قطعت الشارع قاصدا المقهى المقابل للتخلّص من حالتي الغريبة ...

عند عودتي وجدت الأماكن تغيّرت ... رحيم يجلس في ركن يسميه المتخبر ... منهمكا في فك براغي جهاز اللاب توب ... والسيدة تجلس في مكاني وكرسي رحيم الدوار فارغ ...

أمر سريع منه بالالتحاق بمكاني " يلى بسرعة مش عاوزين نعطّل الهانم اكثر من كده " ... مررت على حذر من ورائها متحاشيا أن المس ظهرها بأسفل بطني ... رغما عني سقط نظري بين مفرق صدرها لترتفع خيمة بنطلوني في ثانية مرة أخرى ...

جلوسي بجانبها كان أشبه بعملية تعزييب لذيذ ... غرست عيني في الشاشة ألا تهزمني نظراتي وتهرب مني نحو ركبتيها ... رائحة عطرها الأخاذ تدغدغ شعيرات انفي ... مع كل حركة من يديها تشير إلى مكان حرف أخطأت في رسمه على الشاشة ... يلامس نهدها الأيمن مرفقي الأيسر فيزيد صراع قضيبي مع قماش البنطلون ...

لاحظت ارتباكي ... مع عدم انتظام أنفاسي ورعشة أصابعي على لوحة الأرقام ... وتعرقي الغير مبرر ... فرحمتني من عذاب نهدها لي واستبدلته بعذاب أصابعها ... بحركة عفوية أو مفتعلة كانت تقرص على أعلى فخذي بكل أصابعها قصد تنبيهي كلما أخطأت ... وكم كثرت أخطائي ...

حالتي لم تجعلني استوعب الموضوع ... هي صاحبة محل تجميل أو مساج وسونا وبخار ... هي ردود الكترونية عن المواعيد ... العروض ... العنوان ...

تمنيت أن ينتهي تعذيبي وفي نفس الوقت أن يمتد للآبد ... قبل أن انتهي طلبت مني أن اترك خانة الخدمات الأخرى فارغة ... قالت أنها ستتولى تعميرها بعد مدّة ... لم أركز مع ذلك ... كنت مسحوب الإرادة ... خجلا ومستثارا في نفس الوقت ...

صوت حركة كرسي رحيم من خلف مختبره تأمرني أن أفسح له المجال للتثبت في عملي وتسجيله ... وقوفي المرتبك تزامن مع التفاتة منها نحوي ... انفها الدقيق لا تفصله إلا مليمترات قليلة عن الخيمة التي صنعها تعذيبها لي ...

لم افهم سبب اتساع حدقتيها ونصف ابتسامتها ... اختفيت وراء مختبر رحيم أخفي فضيحتي ... كلمات شكر منها لامتناع رحيم عن عدم قبول أي مبلغ منها نظير خدماته ... صوت قبلتين طبعتهما على وجنتيه أصابا حلقي بالجفاف ... لم ارفع عيني نحوهما ... اقتراب وقع قدميها نحوي جعلني ارفع عيني من اللاشيء الذي كنت انظر إليه

يدها الطرية الأنيقة تمتدّ نحوي شاكرة جهدي ... لا اعلم من أين أتتني تلك اللباقة بان أقف لتحيتها قبل المصافحة .. ما إن تلامست أصابعنا حتى سحبتني برفق وطبعت قبلة رقيقة بين انفي وعيني وشفتي ... أصبت بالعمى والزكام وفقدان التذوق بعدها ...

تلبّك في أمعائي وجفاف في حلقي وحرقة أسفل بطني ... لم اشعر بها وهي تسلمني كارت عليه عنوان المحل وأرقامه ... لم أرها وهي تخرج ... فقدت الإحساس بكل شيء ... نقرتان قويتان على صدري من أصابع رحيم أعادتني للحياة أو للموت ... لا أدري ...

بضع دقائق أخرى وصلني صوت رحيم يعلمني أن الجهاز يلزمه قطع غيار قد تكون فقدت من الأسواق حاليا ... عالج بداية دمعتي بإخباري انه يتعيّن عليا تعويضه مبكرا في المحل حتى يتسنى له البحث الدقيق عنها عند بعض التجار وافقت دون تردد .

طوال الطريق وأنا امسك الكارت بين يدي ... أقربه من شفتي ... أشم عطرها فيه ... ثملا بما فعلته تلك اللمسات الخفيفة بوجداني ...

امرأة في مثل سن أمي ... جسدها تفور منه الحياة ... ينبض بالروح والروائح ... مع اقترابي من بيتنا ... طارت عن عقلي سكرته وتكسّرت الموجات الوردية على أزيز الباب الحديدي الصدئ ...

أخفيت الكارت في جيبي الخلفي ... ودخلت البيت مستذكرا كل أدعية السلامة ... لست في حال تسمح لي أن أخوض أي نقاش حتى ولو بسيط ...

أمي التي خاصمتني وضعت طبق أكلي البارد على الطاولة ولم تنتظرني للعشاء وأغلقت باب غرفتها ... فليكن ... عزة نفس مصطنعة منعتني من الأكل ... دخلت غرفتي وتهت في أحلام يقظة أو نوم ...

صوت رنين الهاتف وصوت أمي يليه من وراء الباب بنبرة سجّان غاضب ...

" اصحى رحيم مستنيك في المحل " ...

رحيم هو الشخص الوحيد الذي لا تخشى أمي صحبتي له ... رجل متزوج وسمعته الجيدة تسبقه ... خدوم ويساعد الكل ... بشوش ... أمي تثق به ...

بخطوات أسابق بها الريح مرتديا حذاء والدي المريح ... وجدت رحيم ممتعضا من تأخري عليه ... أوصاني بالقيام ببعض الأعمال البسيطة مع العناية بالمحل ... في الصباح يقتصر الوافدون على بعض الأطفال من أبناء الطبقة الكادحة ... لا يمتلكون رفاهية امتلاك العاب الكترونية أو هواتف ذكية فيلجئون لرحيم ... مقابل قطع نقدية بسيطة يمكنهم من حواسيب يلعبون بها لتوقيت محدد ... كثيرا ما يتجاوزون الوقت المخصص لهم لكنه لا ينهر أحدا ...

كثر صخبهم لكني لم اسمع شيئا ... كنت لازلت أشم ريح عطر تلك السيدة في المكان ... اللون الوردي يغطي أحلام يقظتي المبهمة ... شعور بالتنميل في مسام جلدي لا اعلم سببه لكنها دغدغة ممتعة ...

رحت اسلي نفسي بتقليد حركات رحيم في صنع تلك التطبيقات ... الموضوع ليس معقّدا ... فقط بريد الكتروني وتدفع مبلغا بسيطا لحجز الخدمة ثم لك حرية المحتوى .... أحيانا يسحبني شاب صغير يدفع ثمن استغلاله لأحد الحواسيب ... ثم أعود ... تمرّنت على الأمر كثيرا ... مع تكرار الموضوع أصبح سهلا جدا .. كنت أريد التعويض لرحيم ...

أمر مثير للدهشة ... بعض الشباب والكهول يدخلون فقط للسؤال عن رحيم ...رغم إلحاحي أن ألبي طلباتهم لكنهم يقولون إنهم سيعودن إليه شخصيا ...

قبل منتصف النهار ... دخل رحيم متعرقا ... شتمني ألف مرّة كوني سببت له كل هذا التعب ... أحسست بالذنب نحوه ... لكن قلبي بدأ يخفق بشدّة ... سمعت صوت جهاز والدي ينطق مدويا معلنا للعلن أني ما زلت حيّا ...

مسرعا نحو ركن المختبر ... ألقيت نظرة على شاشته وهي تعود للحياة ... حركات بسيطة من رحيم للتأكد من سلامة عمله ثم انسحب تاركا لي المجال لاحتضان آخر ذكريات والدي ...

إتفظّل ياعم قرفتنا معاك وعرقنا بسببك
(كنت اهم أن أنهال عليه شكرا لكنه سبقني في الكلام)
قلي ؟؟؟ ... مزعّل الست الوالدة ليه ؟؟؟
(أحسست بالإمتعاض ان اسرار بيتنا تخرج للعلن) ...
شوف يا وائل أنا زي أخوك الكبير ... وأمك دي تعتبر أختي ... والمرحوم أبوك جمايله مغرقاني ... فارجوك أنا مش غريب
(مصدوما من إكتشاف علاقة رحيم بابي) طالما قالتلك اني مزعلها أكيد قالتلك عالسبب ؟؟
أيوة قالتلي وبصراحة مش مستوعب ردة فعلك ؟؟
يا سلام ليه بقى ؟؟
أنا شايف اني دي فرصة مش هتكرر ... يا ابني هو حد لاقي ... قيمة وسيمة وسلطة ونفوذ وبدلة ميري .. وممكن تمسك منصب يخلي الكل يترجى رضاك
وكلية من غير مصاريف وهأخذ منحة والنقل ببلاش وووو ... بس انا مش شايف نفسي فيها
يا سلام ... أقرع ونزهي ...
يا عم انت إلي اقرع مش أنا
(صوته يسعل بعد نوبة ضحك تعقيبا على سخريتي) ... آخر خدمة الغز علقة ... كده برضو
(كنت أريد أن اعتذر منه على قلة ادبي لكنه أردف)
طيب أنت عاوز إيه ؟؟ فهمني ممكن نلاقي حل
أنا عاوز أدخل الجامعة ... باحب الحسابات ... عاوز أطلع زي ابويا
والمصاريف واللبس والاكل والسكن
هأدخل الجامعة الي هنا ... الاكل وهآكل في بيتنا ... ومصاريف الكتب هاشوف شغلانة في الصيف توفرلي
(صمت طويل اطبق على جبينه المقطب) ... طيب اسمع كلامي ... إنت تروح تقدّم وتعمل كل الي امك عاوزاها ... إحضر اللجنة ... وإعمل اللازم وما تزعّلش مامتك ... وكده كده مش هتخسر حاجة ... ومن هنا لآخر الصيف لو دبّرت مصاريفك اعمل الي في دماغك ولوما قدرتش اقلها تكون ضمنت حاجة في ايدك
اعتقد أن رحيم على حق ... لن يجبرني احد على الالتحاق بالاكادمية بالغصب ... ودعته بعد أن شكرته واعتذرت منه على تعبه ... تأبطّت الحاسوب وهرولت لبيتنا ... أخفيت الجهاز في الحديقة أن تراه أمي ...

سقوطها المفاجئ صباحا لازال يخز ضميري ... أمي هي كل حياتي ... لا أعرف لي ملجأ غيرها ... دخلت البيت مكسور النظر كعادتي ...

أشاحت بوجهها عني عند دخولي ... توجهت نحوها وقبّلت يديها معتذرا ... حضنها لي أعاد لها الحياة .. أمي لن تستوعب كوني سأخرج من تحت جناحها يوما ... دموعها عمدّت راسي وهي تحضنني إلي صدرها ... صدر أمي اشد صلابة من نهدي تلك السيدة ... ماذا أقول ؟؟؟ ...

عشاء هادئ على شرف نصر أمي المؤقّت ... أنهكني الجوع والصراع النفسي ... وجه أمي عاد للحياة ... غطست في الحمام استرجع أفكاري ... ذكريات بعد ظهر أمس تطاردني ... رائحة العطر تستفز قضيبي ...

كشجرة نخل مقلوبة وسط الماء ... رحت أراقبه وأتخيّل تلك السيدة تستحم معي ... إنتفخت دائرة رأسه ... أردت مداعبته لكن قبل أن تلمسه راحتي ... يأتيني صوت أمي مستعجلا خروجي للسلام على خالتي والاعتذار منها ...

زيارة غير متوقعة في هذا الوقت ... ملابسي في الخارج ولا شيء يسترني سوى تلك المنشفة البالية ... لففت وسطي بها تاركا للوقت مهمة تخفيف انتصابي ومدرات فضيحتي ... وكأن خالتي تستعجل نصيبها من كلمات الاعتذار والعرفان وجدتها أمام الباب ...

إنحنيت لتقبيل يدها طالبا الصفح عن كل ما تسببت به كما فعلت مع أمي ... سحبتني لحضنها ... وجهي المبلل غارق في مفرق صدرها ... صدر خالتي طري كصدر السيدة ... طال عناقها لي ومداعبتها لشعري المبلل مع سيل من النصائح واللوم والعتاب ...

مع لحظة إطلاق سراح راسي ... إتسعت عيناها تعجّبا من مشهد الوتد الذي يشدّ الخيمة المحيطة بوسطي ... حركة شفتيها مزيج بين الدهشة والذهول ... هربت للأعلى مختفيا في غرفتي ...

حاولت طرد كل تلك الأفكار المجنونة من عقلي ... أمي وخالتي يتسامران في الصالون ... يصلني صوت ضحكهما دون أن أفهم محتوى الحوار ...

فتحت جهاز اللاب توب ... لا شيء فيه سوى ملفات حسابات وأرقام ... حسابات شركات كانت زبائن لأبي ... لم افهم شيئا ... بحثت عن ملفات سرية ... لا يوجد ما يشفي غليلي

أعد متابعة الملفات ملفا بملف ... ملفات على تطبيق الاكسيل كلها بأسماء شركات ... ملف اسمه اللعبة ... كنت أعتقد أنه اسم شركة لعب ... فتحته ... لم يكن كسابقيه ... جداول كثيرة عليها رموز ... 1/X/2 تكرر كثيرا في 13 عمود… إحتملات وتتكرر ... لم افهم شيئا ...

ذهبت للغرفة الأخرى صوت أمي وخالتي مزهوتان بنصرهما يصلني بوضوح ... طال سهرهما ... فتحت صندوق الأوراق ... قرأتها ألف مرّة ... زاد الغموض أكثر ... مقتطعات كثيرة عليها نفس الرموز ... تحمل اسم شركة الرهان الرياضي ... لم اسمع بها من قبل ...

بعض صور لشيكات باسم أبي عليها مبالغ مالية صادرة عن نفس الشركة ... الآن توضّح الأمر قليلا ... رجعت لغرفتي وبدأت بالتركيز ...

أبي استعمل ذكائه وخبرته في الرياضيات ... توقعات وحسابات دقيقة لاحتمالات ثلاث ... إما الفريق الأول ينتصر او الثاني او يتعادلان ... فكرة عبقرية ... لكن لماذا مات وتركنا مفلسين ... أين ذهبت مرابيحه ؟؟؟

قبل أن أصل لاجابة وصلني صوت إغلاق الباب الحديدي ... خالتي عادت لبيتها ... أخفيت كل شيء وتظاهرت بالنوم ... دقائق وغمزني انعكاس نور الممر على الحائط ... أمي فتحت الباب ... تقدمت نحوي خطوتين ربما تريد تقبيلي لكنها انسحبت ...

لم يغمض لي جفن وإنا احترق على نار تلك الفكرة ... أبي استعمل ذكائه لكن الأمر مستحيل ... 13 مقابلة ب 3 احتمالات ... 3 * 3 * 3 ... سيصل الامر الي أكثر من نصف مليون إحتمال ...

أحرقتني عينيا وأنا أتابع كل تلك الجداول المرسومة بدقة في الملف ... فهمت نظريته وكيف حاول تطويع الحظ بالمنطق ... لكن يا أبي الحظ والمنطق لا يتقابلان ... المنطق يسير بخطى علمية دقيقة والحظ أعمى في مسيرته ...

خنقني الحزن وأنا أتخيّل تحطم أمال كل مرة ... اللعنة على الحظ الذي حرمني من أبي ... الآن فهمت سبب نوبته القلبية المفاجأة ... حضنت صورته أواسيه نحسه الذي أورثني إياه ...

لا اعلم أنمت أم أغمي عليا كمدا ... نقر خفيف على الباب ... صوت أمي يصلني من خلف الباب ... صحوت من النوم ولم أصحو من الصدمة والغم ... رائحة فطائر شهية تدغدغ أنفي وأنا على مشارف المطبخ ....

غسلت وجهي ألف مرة علي أتخلص من أثر السهاد ... وقفت طويلا أمام المرآة ... أرى انعكاس صورتي في انكسار وجه أبي ... ضممت أصابعي وشددت قبضتي وأردت أن ألكم الحظ الذي حرمني منه وحرمه حلما مجنونا ...

أمي مستبشرة بخير هذا اليوم ... تلبس ملابس الخروج ... بنطلون جينز ازرق فاتح ... وقميص ابيض خفيف يتناسب مع حر بداية الصيف ... إفطار شهي وكرم مبالغ فيه نظير طاعتي لها ... قسمت مهمة إعداد ملف الترشح للالتحاق بأحد الاكادميات بيننا ...

أنا سأستخرج كل بيانات دراستي ونتائجي وهي ستقوم بالإمضاءات القانونية ... أنا في نظر القانون لا أزال قاصرا ... هي قوانين دولة لا تفهم منها شيئا ... في سن الثامنة عشر تستطيع اجتياز امتحان القيادة ... تفتح حسابا بنكيا ... تتزوج و تسافر للخارج دون إذن ... يمكنك البيع والشراء وتسجيل الممتلكات باسمك والتصرّف فيها ... تدفع الضرائب ... حتى السجن تدخله في سن الثامنة عشر ... الأدهى انك تدلي بصوتك في الانتخابات وتقرر مصير شعب وأنت في سن الثامنة عشر ...

لكن سن الرشد القانوني هو عشرون سنة ... التجنيد عشرون سنة والالتحاق بالوظيفة العمومية عشرون سنة ... وان سنحت لك الفرصة لذلك قبل بلوغها يتوجب عليك الحصول على إذن من ولي أمرك ... لا تستغرب صديقي فهي تونس ...

حمير تقود بلدا تصل جذورها في التاريخ إلي ما قبل نشأته ... لا تهتم فكلنا في الهم عرب

قبل خروجي من البيت ... حضنتني أمي ... سحبتني لصدرها طويلا ... ربما تسترجعني بعد أن ظنّت أني تهت منها ... رائحة عطرها الخفيف تملا انفي الذي عصر في صدرها ... بعد إطلاق سراحي لم تنظر في وجهي لم ترفع عينها من الأرض ... الأمر غير معتاد بالنسبة لي ...

رحلة شاقة زادتها أشعة الشمس الحامية مشقّة ... قمت بكل تلك الإجراءات الرتيبة دون رغبة ... فقط أردت الحصول على سلام مؤقت مع أمي ... كعادتي اختبأت في غرفتي ... يبدو إن الأمر قد حسم ... سأسير في درب رسمت خطاه لغيري ... وبيد غيري ...

طال تفكيري في لا شيء ... فقط تهت في تلك الفكرة المجنونة التي وصل إليها أبي ... آخر ما وصلت إليه هو إني فهمت المنهجية التي فكّر بها ... والتي سار عليها ... لكنه فشل ... هو الحظ ... كفرس جامح لا لجام له ...

أغمضت عيني لكن تلك الرموز في ملف " اللعبة " تتراقص في مخيلتي ... هززت راسي ألف مرة لكنها استعصمت أن تسكن ظلمة نظري ... رفضت بخجل مرافقة أمي لبيت خالتي ... رغم شوقي لوليمة تشبع جوعي ... لكن نفسي صارت تقرف لقمة الذل ...

لجأت لمحل رحيم ... مجرّد تذكّر اسم رحيم صار يبعث انتصابا وليدا بين فخذي ... ذكريات تلك السيدة طاغية الأنوثة ... الأمر مثير للسخرية ... لكني تلك اللحظات الوردية أسرت روحي ... المحل شبه خاوي إلا من بعض الشباب ... هذا يتحدّث مع فتاة أجنبية ... والآخر يلعب ... لا عمل لي أضيع فيه بعض الدقائق الثقيلة ...

رحت أنظّف الأرضية من أثار بعض الأقدام ... لفت انتباهي عملية يقوم بها رحيم ... هذا يدفع له أموالا والآخر يأخذ منه بعضها ... كنت اعتقد انها معاملات مالية تخصّ بعض الخدمات عن بعد ... مع تقدّم ساعات النهار... تكاثر طالبو تلك الخدمة ...

رغم أن الأمر استفز فضولي لكني لم أتجرأ على سؤال رحيم ... ربما سيتحرّج من أن يجيبني ... لكن المبالغ المتداولة أكبر أن تكون معلوم خدمة الكترونية كالمعتاد ...

مرّت الأيام الأخيرة من الشهر السادس بسلام ... أمي التي عادت إليها روحها باستسلامي الشبه مموه لقرارها ... طوال اليوم في متجر رحيم أساعده في ما أقدر عليه ... شخصيا بدأت احشر نفسي في فكرة الانضمام للاكادمية ... صدقت أمي فمن هو مثلي لا يملك رفاهية الإختيار ...

بدأت الفكرة تتخمر ببطئ في عقلي ... التضحية بخمس سنوات ثم سيتغيّر الوضع ... راتب محترم ووظيفة مرموقة ... الأهم أني سألبس حذاءا جديدا يناسب مقاسي ... حتى وإن كان البوط العسكري الثقيل ...

آخر يوم في الشهر ... هو يوم حافل بالنسبة لمحل رحيم ... تجديد اشتراكات النت ... فواتير الكترونية ... خدمات لا تحصى ... كنت أجلس بجانبه في مكتبه بالمحل ... من كثرة الزبائن صار يستعملني كعداد للاوراق النقدية التي يخفيها في خزنة صغيرة تحت مكتبه ...

تصادف دخول شاب في مثل سنه للمحل وعلى وجهه علامات السرور... طلب من رحيم سحب مبلغ 5 ألاف دينار من حسابه ... كلمات مبهمة من رحيم يبارك له انجازه ... " أخيرا أمسكتها " ...

مكّنت الرجل من المبلغ ... سعادته وهو يفك مطاط الرزمة من الأوراق النقدية وصل أثرها لروحي ... سحب ورقتين من فئة خمسين دينارا ووضعهما في يد رحيم ... قال إن " طباخ السم يذوقه " ... ثم وضع ورقة نقدية في يدي ... قال بسعادة وشموخ ... " حلال عليك ... ادعيلي الحظ يبتسم ثاني " ...

رعشة أصابت مفاصلي من اثر الصدمة ... أول مرة في التاريخ تكتشف أناملي ملمس تلك الخضراء الساحرة ... بعد إنصرافه لم أتمالك نفسي من التساؤل ...

الأمر غير مبرر ... لا أحد يلقي بالأموال هكذا ببساطة ... أخبرني رحيم أن هذا الشاب عانده الحظ كثيرا واليوم ابتسم له وربح ذلك المبلغ وتلك الأوراق هي حلاوة فوزه ... ربما استبشر بوجهي فأهداني أحدها ...

" رزق وجالك "

غرابة إحساس ملمس تلك الورقة في راحتي اختلط بالكلمات المبهمة من رحيم ... حظ ومكسب وحلاوة ؟؟؟ ... ما دخل رحيم بهذا ؟؟؟ ... تصادف دخول بعض الشباب لإيداع أموال في حسابات لم افهمها ... اختلست النظر لشاشة جهاز رحيم ... ذاكرتي حفظت اسم الموقع الذي زيّن الشاشة ...

قال رحيم انه وسيط فرع رهانات ... مقابل عمولة من عمليات السحب او الإيداع ... مكسب في الحالتين ... الوسطاء كثيرون والمواقع أكثر ... هكذا قال

لا اعلم لما رسمت صورة نظرة أبي المنكسرة أمام عيني طيلة الساعات المتبقية من النهار وبقية الليل ... خضعت للتحقيق في البيت عن مصدر تلك الأموال ... أنا فقط سلمت الورقة لامي علها تستعين بها على مصاريف البيت ... ففتحت على نفسي حنفية أسئلة لا تغلق ... لم تفلت أذني من بين أصابعها حتى تأكّدت شخصيا من رحيم من صدق كلامي ... ورغم ذلك لم تنهي تلك الحفلة من اللوم والتقريع إلا بوعدها أن لا اقبل أي أموال من أي شخص غير رحيم ... ولقاء خدمتي له لا غير ...

كنت امني النفس بابتسامة رقيقة منها جزاء لي ... لأوّل مرة في سنوات عمري أقدم لامي مبلغا اعتبرته مهما جدا ... فقط أردت أن ارسم بسمة على شفتيها فرسمت بقعة حمراء على أعلى أذني ....

اليوم الموالي صادف الفاتح من الشهر السابع ... رحيم تركني لوحدي لقضاء شؤون لا مناص منها ... جالسا وراء شاشة الكمبيوتر الكبيرة ... طال انتظاري لعودته وأصابني السأم .... أحرقني الفضول ... قبل أن أتم رقن اسم ذلك الموقع زينت صورته الشاشة ...

رسم لأوراق لعب ... بوكر ... رولات ... رهانات رياضية ... كرة قدم ... كرة سلة ... بحر واسع من الاختيارات ... صوت ضحكة رحيم المصطنعة ممزوجة بصوت آخر أرعبتني ... كمن فتح عليه الحمام وهو يقضي حاجته أقفلته برعب خشية أن تعبث يدي بشيء يسبب كارثة ...

هو نفس الرجل من يوم أمس ... مبتسما سعيدا يصعد صدره غبطة وسرورا ... انسحبت لأترك المكان لرحيم الذي فتح الشاشة ثم الخزنة وبدأ بوضع رزم النقود أمامه ... قبّلني ذلك الرجل ووضع بضع ورقات في يدي ... قال أني وجه السعد عليه ... ودعنا مسرعا ... أقسم أن خطاه لم تكن تلامس الأرض ... الآن فهمت معنى أن يطير الإنسان فرحا ...

مبلغ مائة دينار وضع في يدي ... نصفه قد تسبب في حملة على أذني يوم أمس ... رفض رحيم قبوله ... قال بتهكم ...

ياعم روح اشربلك عصير في مكان رايق ... اشتري مثلجات ... هي لازم أمك تعرف كل حاجة ...
قررت العمل بنصيحته ... أخفيت المبلغ بحذر في جيب بنطلوني الصغير ... وأخفيت الأمر عن أمي ... طوال الليل وأنا أقارن بين غبطة ذلك الرجل وتخيلاتي لكسرة روح وطموحاتي أبي قبل زمن ... لعنت الحظ ونمت ... حلمت أني عدت لبداية سنيني ... أبي يلاعبني ... يشتري لي الايسكريم ... الحلوى ... يرافقني في مدينة الألعاب ... ملابسي جديدة ... حذاء يناسب رجلي ... وضحكته لا تفارق وجهه ...

صحوت من حلمي على صوت خطوات أمي تستعد للمغادرة ... باكي العينين ضاحك الصدر ... حلم بسيط أرسل لي من لعالم الآخر كتعويض عن واقع لم أعشه ... غبطتي بحلمي دفعتني للعمل بنصيحة رحيم ... إخترت بعضا من ملابس أبي القديمة ... الأقرب من أن تناسب هذا الجو وهذا الزمن ... شكلي أنيق رغم كل شيء ... جسدي يلائمه اي شيء ... ربما لأني رأيت نفسي أشبه أبي ... تأبطت جهاز اللاب توب وخرجت

حديقة أحد المقاهي الفخمة تدعوني للدخول ... بخطى مرتبكة قادني نادل بشوش لركن جميل ... المقهى لم يزدحم بعد ... قررت أن ادلل نفسي لأول مرة ... إفطار صباحي متكامل ... حلويات فرنسية وتونسية وقهوة كبيرة وعصير وبيض مخفوق ومياه باردة وبعض السلطات ... بسيسة وزرير ... عسل وزبدة ... اللعنة على الفقر ...

تهت في فخامة ديكورات المقهى والأطقم الموضوعة أمامي تتأنق فيها تلك المأكولات ... الآن عرفت السر وراء إدمان الناس للصور مع هذه الوجبات ... هذه الوجبات جعلت للذكرى لا للأكل كل يوم

بعض الزبائن يحتلون أماكن غير بعيدة عني ... أجهزت على تلك الوليمة وكنت أهم بالانصراف ... رفعت عيني ورايتها ... نعم هي دون شك ... تلبس بنطلون جينز رمادي يبرز تكوّر مؤخرتها ... لإن حرمني من بياض رجليها لكن فتحت التيشرت الأسود أهدت للناظرين متعة التجوّل في مفرق صدرها النافر...

تبعتها نظراتي حتى استقرّت في مقعد غير بعيد عني ... قررت البقاء حتى حين ... ربما فقط القي عليها السلام ... ستكفيني ابتسامة رقيقة منها ... وان أسعفني حظي ستلامس أصابعي اناملها الرقيقة ثانية ...

نظرة جانبية خلسة لعينيها اللامعتين ... وجه ابيض ناصع كصبيحة يوم مبارك ... شعر اسود قاني تتوه في أمواج ليله بأحلام وردية كوجنتيها ... حرّكت قطع السكر في فنجان قهوتها بحركة خفيفة تطارد معها خيط بخار متصاعد منه ...

قبّلت مبسم سيجارتها قبل أن تلهب صدري بنفس دخان أحرق كل جدران الشوق إليها ... كنت لا زلت اعبث ببقايا الأطباق حين تقدّم مني النادل يسحبها من أمامي متسائلا إن كان لي طلب آخر ... قررت شرب قهوة سوداء لأول مرة ... ربما ستلاحظ أني كبير بما يكفي لشرب القهوة مثلها ...

كجهاز ردار أراقب حركتها علّها تلتفت نحوي ... كنت أتمرن على الابتسامة خوفا أن يهزمني خجلي ... ما إن وضع النادل فنجان القهوة أمامي ... حتى تقدّم منها رجل أنيق ... قبل أن يلامس أصابعها قامت وعانقته عناقا حارا ... أنا فقط أردت ابتسامة فجاء هذا الشيء وخطف حضنا لم أحلم حتى به ...

انكسر قلبي وعدت لواقعي ... هي لا تعرفني أصلا ... ربما نسيت من أكون ... أين سرحت بيا مشاعري ؟؟؟ ... الفرق شاسع بين الكل ... رحت أقارن بيني وبين رفيقها ... شعره الرمادي الناعم ... ملابسه الشبابية الفاخرة لا تتعارض مع تناسق جسمه ... أين أنا منه ؟؟؟ ... ربما سأصبح مثله عندما أصبح في مثل سنه ...

إن كان سبب بقائي هو انتظارها أن تراني فالآن تغيّر الحال ... يجب أن لا تراني ... سحبت جهاز اللاب توب عله يشكّل ساترا لي ... تقدّم مني النادل ووضع ورقة عليها كود الوايفاي ... فرصة لتخفيف ثقل دقائق الانتظار ... دخلت النت ... أنا لست مغرما به ... لا تستهويني مواقعه ...

بعض صور الطبيعة ثم سئمت بسرعة ... تذكّرت موقع رحيم ... دخلت دون خشية ... بدأت أتابع باهتمام مكوناته ... الفرضيات المطروحة ... كيف تسجّل وكيف تلعب ... كيف تربح وكيف تخسر ... الموضوع كغيره فقط توقّع النتيجة ... هذا العالم الذي هزم أبي يوما ...

فتحت الملف الذي ورثته عن أبي ... اللعبة ... تابعت خطوات والدي بعين مختلفة ... عين من فهم العملية ... خرجت باستنتاج ... أبي لم يسعفه العمر أن تخترع هذه المواقع في سنين حياته ... قديما كانت المراهنة على مقابلات محددة ... توقعاتها بسيطة .. ما النتيجة ... ربح ام هزيمة او تعادل ...

هنا الامر مختلف ... انت تختار المتنافسين ... الف اختيار تراهن عليه ... أهداف .. نتيجة ... ركنيات ... ألف لعبة في كل الرياضات ... فقط الفرق هنا انك تحدد المبلغ الذي تريد أن تكسبه ...

يمكنك المراهنة على مقابلة واحدة إن أردت ... المكسب يكون حسب ضارب يحدده الموقع ... وكلما أضفت إختيارا آخر .. يتضاعف ضارب الأول في ضارب الثاني في المبلغ الذي ستراهن به ... وهكذا

سحبني هذا العالم حتى غصت فيه ... شخص مثلي لن تستعصي عليه هذه المعلومات أن يسبر أغوارها بسرعة ... قارنت بين فكرة أبي والاختيارات المطروحة أمامي ... تجارب بيضاء للعملية ... الأرقام المتوقع ربحها تزوغ معها العيون ... تنهيدة حارقة خرجت من صدري ... لو كان أبي حيا لما استطاع أحد عد أمواله الآن ....

رفعت عيني متأسفا عليه ... تلك الطاولة احتلتها عائلة كبيرة تتناول إفطارها ... السيدة ومرافقها غادرا منذ مدة تبدو طويلة ... أين كنت ... أين سحبني هذا العالم ... قبل أن استوعب ما حدث أحسست أن يدا ثقيلة تهز كتفي ... صوت أبي الذي لا أذكره يهزني بشدّة ...

" إن كان العمر لم يسعفني أنا ... فالعمر كله أمامك ... غامر لا تخشى شيئا "

هربت من المقهى ... طوال الطريق وذلك الصوت يدوي في مخيلتي ... لجأت لحضن أمي كرضيع مرتعش ... أمي لم تفهم ما أصابني ... فقط حضنتني بعنف ...

سريري تحوّل لحقل شوك ... سهاد ما بعده سهاد ... شيء خفي يدفعني للتفكير ... ليس التفكير فقط ... سرك من الخيالات ... مزيج من المشاعر بين الرغبة والإثارة والانفعال والخوف والطموح والحلم ...

كلما أغمضت عيني تتراقص تلك الاحتمالات أمامي ... متاهة لم أجد منها مخرجا ... هل اجرّب ... فقط سأضع الخريطة المؤدية لمفتاح الكنز ... فتحت جهاز اللاب توب ...

أنشأت ملفا جديدا " اللعبة 2 " ...

الجزء الثالث

على نفس خطى منهجية والدي ... الفرضيات في الفرضيات ... جداول ومربعات ... استنفرت كل حواسي وقدراتي لرسم ذلك المخطط ... طبّقت الإحتملات على عمليات بيضاء متكررة ... الموضوع ينجح ... أكرره ... فينجح

لا يمكن ان تفلت أي نتيجة مهما كانت من شبكتي المعقدة ... الأمر لم يتطلّب سوى سويعات قليلة ... صرخت كأرخميدس ... وجدتها .. وجدتها .... مزهوا بانجازي ... فخورا بعبقريتي

وانطلق سرك من الأحلام يتراقص أمام عيني ... سيارة فاخرة من أغلى طراز ... ملابس راقية ... فيلا كبيرة بمسبح ... سأزور كل دول العالم ... مهرجان أغاني راقصة انطلق في راسي ... الليل لم يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد ... عددت المبلغ المتبقي في جيبي يكفي ... لتغطية بضع عمليات ...

لا يهم فهو سيتضاعف بصفة آلية ... خريطة مستقبل مشرق لا اتعب فيه ولا أشقى ... فقط أجني الأرباح ... استثمار في الذكاء ... بدأت أضع خططا دقيقة لتبرير ثروتي أمام أمي ... مهما يكن لا بد من أن أعوض عنها سنين شقائها ... هي تستحق ذلك ...

خطط بسيطة كتفكيري ... أول نقطة انطلاق في خطتي هي وجوب أن أتحاشى رحيم ... هو سيخبر أمي بكل شيء بالطبع والاهم انه سيكتشف طريقتي ويقلّدها ... قال إن فروع ووسطاء مواقع الرهانات كثيرون ... سأبحث عنهم ...

مع بزوغ أول سهام الضوء تخترق ظلمة الليل ... فجر يوم جديد في حياة جديدة ... مفعم بالحيوية رغم عدم نومي ... سكون البيت يؤكّد أن أمي لا تزال نائمة ... حضّرت ملابسي ... تأكدت من الأوراق النقدية وأخفيتها جيّدا في جيبي... رأس مالي البسيط ...

دخلت الحمام بحذر ... ملأت البانيو ببطء ... وغطست فيه أتخلص من كل الفقر التاريخي الذي التصق بي ... الماء البارد زاد في نشاطي ... وقفت أمام مرآة الحمام الكبيرة عاري ... قلبت شعري للخلف ... شعري الناعم بلونه البني المائل للأشقر ... تمليت في انعكاس صورتي ... ورحت أتخيّل نفسي ... في عالمي الجديد الذي وجدت مفتاح النعمة فيه أخيرا ... طال مكوثي أمام المرآة ... صوت رنين الهاتف يتلوه وقع خطوات سريعة على الدرج ثم قرقعة الباب الخارجي تصم الآذان ...

صوت أمي وخالتي يكسر السكون في الخارج ... قرع عنيف على باب الحمام تستعجلان خروجي ... كالعادة لا شيء يسترني سوى تلك الفوطة البالية ... التحفت بها وخرجت عاري الصدر ... أمي تلكزني بمرفقها في جنبي بعنف خفيف إحتجاجا على تعطيلي لها ... وخالتي خلفها تستقبلني فاتحة يديها لاحتضاني ...

لا اعلم السر في ذلك لكن رغم ان جسمي نما وصرت أطول منها لكنها تتعمّد أن تغرس رأسي في صدرها كل ما حضنتني ...ربما هو إحتجاج على مفعول الطبيعة ..تريدني أن تثبت لنفسها قصرا أني لا زلت صغيرا ... ربما ...

رائحة عطر خالتي الغالي يداعب أنفاسي المتطلعة للحرية من مخنقها ... ملمس مفرق صدرها الناعم يدغدغ مسامي خدي الندي ... طال عناقها لي على غير العادة ... انسحبت من بين ذراعيها بهدوء ... أردت تقبيل وجنتيها كالعادة... عيناها لم ترتفع من الأرض كأنها تبحث عن شيء أضاعته ...

لثواني وهي تركز في الأسفل ... ثم كمن استيقظ من غفلته ... نظرت في عيني مباشرة ... حدقتاها تتساعن لترسما دهشة وشفتاها تصوران شعورا خفيا بالرضا ...

التحقت بغرفتي ألتمس فيها الستر... لبست ثيابي والتحقت بهما في الأسفل أمي تسرّح شعرها أما مرآة قرب باب المنزل ... نفس البنطلون ونفس القميص ونفس التسريحة ... فقط انعكاس وجهها الجميل يغمرني بابتسامة حب من عينيها ... تناولت معهما الإفطار الذي أعدته خالتي بسخاء ... لم أفهم فحوى حديثهما ... الموضوع يتعلّق بزيارة محامي ... أمي وخالتي أعلنتا الحرب على خالي بسبب الميراث منذ زمن ...

أمي فقط تساند أختها ... خالي وخالتي أغنياء لا يحتاجان ميراث والدهما البسيط في شيء ... فقط هو العند بينهما وأمي وقفت في صف أختها ... كنت استعجل مرور ساعات الزمن حتى أنطلق لحياتي الجديدة ... المكاسب الكبيرة ... الأموال وما تصنعه بصاحبها ...

إنطلقت هائما في شوارع مدينتنا ... بحثا عن فرع إحدى شركات الرهانات .... وجدت الكثير من علامات الإشهار على بوابات محلات عديدة ... محلات إنترنت عمومي ... مقاهي ... أكشاك سجائر ... لكن كلها مغلقة ... من سيقامر في الساعات الأولى للنهار ...

إستوقفتني إحدى العلامات على محل حلاقة للرجال ... ولو أن الموضوع غير عادي لكن لا يهم ... دخلت فاستقبلني رجل في بداية الأربعينات ... بشوش مستبشر بقدوم زبونه الأول ... أخبرته عن طلبي فلبى ذلك بسرعة وبساطة ... بضع نقرات على هاتفه ... أخذ مني مبلغ 50 دينار للحساب وخمسة له عمولة ... هكذا هو قانون هذي العمليات ... وضع في يدي ورقة عليها اسم عجيب للحساب ورقم سري لفتحه ...

كمن حقق نصرا في حرب خرجت مرفوع الرأس ... أصبح عندي حساب وفيه أموال ... المشكلة الآن أني لا أمتلك منفذا للانترنت ... لجأت لأحد المقاهي ووضعت اللاب توب أمامي ... الساعة العاشرة صباحا ... مقابلات كرة قدم في الصين ستفي بالغرض ...

فتحت ملف خريطتي السحرية للثروة ... وبدأت أتبع الخطوات ... أتممت عمليتي بتركيز شديد وانتظرت النتيجة ... هنا تحطّمت أحلامي ... راهنت بمبلغ جملي قدره 27 دينار لأكسب في أقصى الحالات 26 ؟؟؟

لم أستوعب ما يحدث ... ثم بتحليل بسيط إكتشفت أن من صنع تلك المواقع فكّر في ما فكّرت فيه قبل إنشائها أصلا ... ضارب المقابلات بثلاث إحتمالات لا تتجاوز الثلاثة أبدا .. وذات الاحتمالين لا تتجاوز ضارب إثنين ...

كمن صدمه تيار كهربائي تجمّدت أحاسيسي ... انتظرت نهاية المقابلات كالصنم ... نعم لقد صدقت إحدى إحتمالاتي وهو المتوقع ... لكني لم اكسب شيئا ... سوى سهاد الليلة وحرق الدماغ في التفكير ... والكثير من الخيبة

إنسحبت من المقهى أجر أذيال الانكسار ورائي ... كلما تذكّرت أحلامي التي قبرت إلا وإنتفض صدري بتنهيدة تحرق رماد أحلامي التي وئدت قبل أن تبصر النور ...

سخرت من نفسي كثيرا ... لست أذكى البشر والدليل أن من برمج تلك المواقع تفادى تلك الثغرة قبل أن يبدأ في العمل بها .... عدت للبيت خاوي القلب والفكر ... لجأت لغرفتي أصارع نوما أبى أن يرحمني ... صوت عقلي يسخر مني مدويا ... رانج روفر ؟؟؟ ... سفر ورحلات ..ثم يعقبه دوي ضحكات سخرية قوية ...

أحسست أن مفاصلي ترتعش ... جسدي يتعرّق ... لساني تخشّب وحلقي يجف ... كأني أقع في هاوية ... أردت الصراخ طلبا للنجدة فلم يخرج مني صدى ... أردت النهوض فلم أقدر ... ثم أظلمت الدنيا في عيني ...

طنين خفيف مسترسل بنغمة رتيبة متوازنة يصلني ... ألم وخز في ذراعي اليسرى ... أردت فتح عيني فلم استطع ورحت في النوم ثانية ....

فانوس ابيض طويل معلّق على السقف ... رأيت الرعب في دموع أمي التي تتمسك بذراع خالتي من خلف بلور شباك كبير ... أردت النهوض فلم اقدر ... ونمت ثانية ...

ثلاث أيام على تلك الحالة ... فهمت بعدها أني أصبت بنوبة عصبية وإنهيار نسبة السكري في الدم ... وسط ألف سؤال من أمي عن السبب ... لم اقدر على الإجابة ... لو علمت آمي أني اسبر على خطى أبي ستلحقه ... أنا كنت سألحقه ...

مع عودتي للبيت ..أمي تحصّلت على إجازة من عملها وخالتي رابطت عندنا في البيت وأنا نمت في غرفة النوم ... سرير كبير مريح ... صورة كبيرة لامي تحضن والدي تزيّن الحائط ... مع كل حركة منهما تبديان الاهتمام بي كان قلبي ينفطر حزنا ... ندم شديد على صنيعي ... وأشده الندم على مشاعر الكره تجاه خالتي ...

أسبوع على هذه الحالة مع سخاء في الاكل والراحة استرجعت أنفاسي وبعض شظايا نفسي ... اللحم والسمك والبيض أعادا لي بياض وجهي الشاحب ... أمي تنام على الكنبة في الصالون ... وخالتي تنام في غرفتي ... على أطراف أصابعي تسللت للحمام فرائحة عرق تغشى منها الأبصار تسبقني ... المغطس البارد يعاند الماء فيه حوافه تحضيرا لابتلاعي ....

غسلت عرقي ونتيجة تجربتي الفاشلة ... صوت الماء أيقظ الجميع ... وجهان مستبشران يطلان من وراء الباب ... كفرقة مقاومة الإجرام اقتحمتا عليا الحمام ... غطست حتى أخفي عري خجلا منهما ... كلمات بسيطة مني تطمئنهما أني بخير ... لا شيء يدعو للقلق ...

اشراقة وجه أمي أضائت المكان ثم انسحبتا لإعداد فطور ملكي على شرف سلامتي .... لم أتمتع بعد بثواني من الخلوة .. حتى فتح الباب ثانية ... خالتي التي شمّرت قميصها ليكشف نصف بطنها تمسك بيدها قطعة قماش وزجاجة صابون تبدو جديدة ...

لم تعطني فرصة للاحتجاج على اقتحامها خلوتي ... أمر صارم منها بالجلوس على حافة الحوض ...

" ما أنا ياما حميتك وإنت صغيّر "

كأسير ينتظر دوره أن يباع في سوق الرقيق جلست ملصقا فخذي ببعضهما البعض اخفي منبت قضيبي الذي غزاه الشعر ... حركة دؤوبة من يدي خالتي التي إمتلأت برغوة الصابون تدلك عضلات ظهري ... ضغط شديد من أصابعها على كتفي أشعرني بالألم ... قالت انه يساعد على تخفيف التوتر ...

عبثا حاولت إقناعها أني بخير واستطيع الاستحمام بنفسي ... بدأت تراودني بصوتها الناعم أن اعترف بسبب مرضي ... أحسست بلهفتها عليا وعلى صحتي ووخزني ضميري من سابق شعوري بالمقت تجاهها ... أفلت من قبضتها وغطست في الحوض يغطيني الماء حتى رقبتي ...

  • أزمة عاطفية ؟؟؟ ...
  • (تخيّلت أن تلك الفكرة قد تكون مخرجا ونهاية لفضولهما قد تعفيني مرارة الاعتراف بالحقيقة)
  • تقدري تقولي كده
  • كنت متأكدة بس أمك إلي مش مقتنعة
  • بس ارجوكي إوعي تقولي لماما .. هي مش ناقصة
  • ولو إن الأمر بالنسبة ليا طبيعي إنها تعرف بس اتطمّن
  • طيب ممكن تقلي هي مين وإزاي وحصل ايه عشان كل ده
  • (هنا شعرت أني وقعت في مأزق أكبر من الإعتراف بالحقيقة ) ...
  • لو مش حاب تتحكي انت حر بس ..
  • (هنا إختلطت مشاعري بين ضرورة تخز ضميري بالتقرّب من خالتي و بين الحقيقة) مش عارف أقلّك ايه
  • لو حاب تتكلم أنا سامعاك ... هي مين ؟؟
هنا تيقنت من وقوعي فخ نصبته لنفسي .. أنا لا تجارب لي أصلا ولم أفكّر يوما في مثل هذا الموضوع ... ماذا ساقول ؟؟؟ فجأة خطرت ببالي فكرة مجنونة ...

الكذب كحبات عقد ... كل ما سحبت حبّة تلحقها الأخرى ... إستذكرت تلك السيدة ... الأنوثة الطاغية ومشاعر الانكسار لما رئتها في المقهى مع رفيقها ... فاقتبست تلك الحكاية والفت منها خرافة لا أساس لها من الصحة ... إن أردت إقناع أحد بكذب عليك تغليف كلامك ببعض الحقائق لاثراء روايتك ...

حقيقة الانجذاب والإعجاب والإحساس بالقهر والغيرة ممزوجة ببعض الأحداث التي لم تحدث أخرجت رواية حب حزينة متكاملة الأركان من صدري ... اعتقد أن خالتي صدّقتني

رغم أني توقعت صدمة وردة فعل عنيفة منها الا أنها جلست على حافة المغطس وبدأت تداعب شعري المبلل بأناملها قصد التخفيف عني ... تلك المداعبة التي تسري في مسام الجلد فتشعر أن روحك تحلّق في سحب الفردوس ... وبدأت اسرد ما حدث ثانية مجيب على كل تساؤل يطرح عليا ... استرجاعي لحدث المقابلة الأولى أيقظ تلك الرغبة التي اشتعلت بين فخذي كأوّل مرة ...

كلما استرسلت في الكلام انتظمت حركات أصابع خالتي بين خصلات شعري الناعم ... كحركات منوم مغنطيسي خبير كانت تحسبني للاعتراف الشبه كاذب أكثر فأكثر .... انتهت الحكاية التي صنعا مخيلتي أحداثها ... كنت انتظر ردا من خالتي ... أي رد فعل لكنها كانت صامتة ... وضعية جلوسها بجانبي وخجلي وانسجامي مع حالة التقمّص التي استلهمتها لم تكن تسمح لي برؤية وجهها ...

كانت تائهة أكثر مني وعيناها تغوصان وسط الماء ... سطح الماء الساكن مع طول سكون حركتي يشقه نتوء من النصف العلوي لرأس قضيبي الذي تحدى برودة الماء وعاد للحياة مع حرارة تلك الذكريات ....

لم تستجب عضلات جسمي الشبه مخدّرة بعد حتى فتح علينا باب الحمام و رأس أمي يطل منه بعلمنا أن الإفطار جاهز ... دخولها أفاق خالتي من شبه غفوتها ثم خرجت مسرعة دون نظرة واحدة نحوي ...

الطاولة تعج بما توفّر من خيرات في ثلاجتنا الشبه خاوية دوما ... فقط صوت أمي يدوي في المكان ضاحكا مستبشرا ... عينا خالتي كانت تتحاشى النظر لي ... قضمت أصابعي ندما على ما حدث غصبا ... أنا أصلا اشعر بالخجل منها لذنب هي لا تعرفه .. الم يكفي ثقل ذلك على قلبي حتى أشوه صورة ابن أختها الذي تحبه بان اجعله عاشقا لسيدة في مثل سن أمه .. وسن خالته ...

لكني لم أجد مخرجا من مأزقي غير ذلك ... وماذا جنيت ... إن أفشت خالتي السر الشبه مكذوب لامي فتلك الطامة الكبرى ... وإن لم تفعل فهي لن تهدا حتى تعرف ما الذي أدى إلي ما حصل لي ...

محاولا زرع الثقة في نفسي بابتسامة حمقاء رسمتها على وجهي ... كنت مركزا نظري على خالتي التي تغرس عينها في الأطباق هربا من صورتي التي شوهتها بحكايتي ... فقط أردت الاطمئنان أنها لن تخبر أمي ...

ما إن نظرت مباشرة نحوي حتى غمزتها مبتسما ... ابتسامة مفادها أننا على عهدنا ... رعشة أصابت يديها جعلت شوكة الأكل تنفلت منها ...

بما أن حالتي الصحية تحسّنت فلم يعد هناك من سبب وجيه لبقائها في بيتنا المتواضع ... قبل مغادرتها أردت فقط التأكيد عليها للمحافظة على السر ... تمشيت ورائهما نحو الباب ... فتحت لها حقيبة سيارتها ووضعت فيها حقيبتها الصغيرة ...

توقّف قلبي وأمي توشوش لخالتي كلمات في أذنها ... تلتها نظرة من كلتيهما نحوي لأصاب بالصمم فجأة ... عند وداعها إقتربت منها لتقبيلها ... فطبعت قبلة بطرف شفتها بين انفي وعيني وشفتي ... هي نفس القبلة ونفس مفعولها ...

لم افهم ما سبب ذلك لكني لم أنتبه ...

قرار صارم من أمي ألا أترك البيت هذه الأيام ... الإختبار الطبي واللجنة في الاكادمية العسكرية بعد أيام ... قالت أنها حماية لي من أي طارئ أن يطرأ ...

استسلمت لقرار السجن دون القدرة على الاحتجاج ... أصلا نفسي لم تعد تطيق الاحتجاج ... كورقة خريف تعبث بي نسمات الهواء عدت مستسلما لأمي ... اغتنمت تلك الأيام للقيام ببعض الأعمال المفيدة ... هي أعمال تافهة في حديقتنا الصغيرة ...

التخلّص من الأعشاب ... تهذيب بعض الشجيرات ... سد بعض الشقوق في حائط السور ألا تسكنه بعض الحشرات ... أشغال شغلتني ليومين ... أمي التي تمتعت بالراحة الجسدية والنفسية بعد الإنهاك الذي سببته لها ... ومع ارتفاع درجة الجرارة في صيفنا القاتل هذا ... خيّرت ملازمة البيت ومتابعة حركاتي من وراء النافذة ...

في بعض الأحيان تشجعني بكوب شاي أو عصير ليمون وقطعة بسكويت ... ورغم تعرقي وتوسخ ملابسي إلا أنها كانت تصر على عناقي ... ذلك العناق الذي لم تستوعب فيه لا هي ولا أختها أني صرت أطول منهما ... تحشرني في صدرها وتمرر يديها على ظهري ...

كنت أتخلّص من كيس جمعت فيه بعض القش والأوراق الميتة في مكب نفايات آخر الشارع ... أرعبني صوت منبه سيارة تلاه صوت ضحكة خالتي التي لا تخطئها أذني ... دعتني للركوب معاها لكني اعتذرت بسبب حالتي الرثة ... تحدتني للسباق من يصل البيت أولا ...

ككلب يطارد سيارة صاحبه كنت اركض خلفها وهي تضحك ... استقبلت أمي ضحكنا معانقة أختها ... لاهثا من أثر الركض حملت أكياس كثيرة وحقيبتان أثقلتا يدي ...

حسام ووالده سافرا لقضاء عطلة الصيف عند عمّه في أوروبا ... الخبر مزعج بالنسبة لي لكني لم انزعج ... لم اشعر بالغيرة نحوه كعادتي ... هي الحياة هكذا كل وما علق في شبكة رزقه ... أعتقد أن صدمة مرضي القصيرة أكسبتني بعض النضج في التفكير ...

خالتي وأمي تستعدان ليوم الغد اليوم الموعود ... لجنة القبول ... رغم طمأنة زوج خالتي للكل إن الأمر قد قضي ... لكن حالة من التوتر تسود الجو ... الكل متوتر ما عداي ... حالة الاستسلام و خيبة أملي في لعبة أبي جعلتني ادخل في حالة من الفتور النفسي ... إن لم أكن أنا سعيدا فلن أعكّر صفو أحد ...

أمر صارم من أمي بالاستحمام صحبه أمر مبطّن خفي بالتخلّص من الشعر الزائد في جسدي ...لم افهم السبب لكن خالتي أرسلت إشارة خجلة انه من ضروريات الكشف الطبي ...

كيس قماشي صغير مشبّك فيه أمواس حلاقة فخمة وصابون وكريم تنعيم وضعته خالتي في يدي ... ذبذبات كهرومغناطسية وهي تقرّب شفتيها من أذني وتقول

" حاسب لا تعوّر نفسك "

دفعني خجلي من بداية إنتصاب غير مبرر للهروب داخل الحمام ... القيام بمهمة دقيقة كتلك لأول مرة دفعني للتركيز ... شعيرات خفيفة تحت إبطي لم تعاند كثيرا حتى استسلمت للجز تحت وطأة الموس الجديد ... الجهد الذي تطلبته عملية التخلّص من شعر ما بين فخذي جعلني أفكّر في الثورة على الفكرة كلّها ... إن كان التحضير لامتحان القبول هكذا فكيف بالتدريبات والحياة هناك ... اللعنة على هذا العذاب

عملية التنعيم والتخلّص من شعيرات أبت واستعصمت أن تلتصق بجلدي استوجب عملية مسك و تحريك كثيرة لقضيبي الذي زاد تضاعف انتصابه ... واقفا أما المرآة الكبيرة في الحمام فخورا بشكلي الجديد ... التخلّص من شعر العانة زاد في حجم قضيبي أو هكذا تخيّلت ...

صوت نقر خفيف على الباب ... خالتي تطلب مني فتحه ... إحتجاجا مني على أني عاري تماما مددت يدي لالتقط بوكسرا جديدا مدته لي ... لأول مرة في سألبس ملابس داخلية جديدة ... قماشه الرمادي يمسك على منبت عضلات فخذي و حزام عليه اسم رجل بالانجليزية يزين وسطي وما بينهما ارتسم قضيبي كثعبان يختفي تحت أوراق شجرة ...

إصرار خالتي على خروجي لا مناص من الانصياع له ... وضعت المنشفة على كتفي تتدلى حتى وسطي ... نصفي الأعلى مستور والاسفل لا يغطيه سوى البوكسر ... رأس أمي يطلّ من وراء مصرف المطبخ ويصلني معها رائحة وصوت نقانق تونسية أصيلة تصرخ في المقلات ... نسميها المرقاز "

خالتي تمسك بيدي لتسحبني لكنبة الصالون ... بنطلون جديد اسود اللون وجوارب سوداء .. قميص قماشي يلمع لونه الأبيض تحت ضوء الفانوس وعلبة لحذاء تنتظر أن تكشف عن محتواها ...

أصرّت على تنشيف ظهري وصدري بيديها خشية أن تفلت قطرة ماء تفسد بياض القماش ... لا أدرى لما طال فركها لجسدي ... تخيّلته حرصا منها ... طلبت مني الوقوف ... وجهي ناحية أمي في المطبخ وظهر خالتي لها ... حركات حريصة من خالتي على الحفاظ على القميص خشية تجعّد يصيبه...

... طلبت مني أن ارفع راسي للأعلى .... مع كل حركة تنازلية من أناملها تغلق أزراره تلامس أظافرها اللينة صدري ... وصلت لبطني المسطحة ثم ثقلت حركتها وتباطأت ... كان نظري معلّق في السقف حسب أوامرها ... استغرق إغلاقها للزرين الأخيرين وقتا أكثر من الأربع الذين سبقوهما ... مع بداية الم في رقبتي خالفت أمرها ...

نظرت للأسفل ... خالتي تجلس على ركبة وتثني الأخرى ... تهت في مفرق صدرها الأبيض المطل من فتحة قميصها الأزرق ... كتناسق بياض رمال شواطئ بحرنا مع زرقة أمواجه ...

أصابعها تتحرك ببطئ كأنها لا تريد أن تنتهي ... وعيناها لا تفارقان التمثال الذي نحته انتصاب قضيبي تحت قماش البوكسر ... نظرة فاحصة طويلة من عينيها اللتان لا يفصلهما عن أسفل بطني سوى نصف شبر .... صوت طبق كبير وضع فوق الطاولة تلاه سؤال أمي

  • هاه ... ماقسو كويّس
  • كبير قوي
خطوتان سريعة من أمي التي أرعبها أن تكونا قط أخطئتا مقاس الثياب ... وقفت خلفي تزامنا مع وقوف خالتي التي إحمرّ وجهها وغارت عيناها ... لفتني بحذر ناحيتها أن تلطخ بقعة ماء قماشه

  • لا كبير ولا حاجة ده مقاسو بالضبط
  • (خالتي مستدركة بصوت مبحوح كمن صحي من نومه للتو) مش عارف اتهيئلي انه كبير
سيطرت أمي على الموقف وسط سخرية من تقييم خالتي وأنها لا يمكن أن تخطئ في مقاس ابنها ... لبست البنطلون والجوارب ... سعادتي بحذائي الجلدي الأسود الخفيف لا يوصف مع السعادة التي تشع من عيني أمي ... أما خالتي فقد التحقت بالمطبخ لا أدري ما تفعل ...

عشاء لذيذ ودسم لم تعهده بطني ... أمي التحقت بغرفتها وهي تؤكّد عليا بالنوم باكرا ... سنصحو عند الفجر ... وخالتي توسدّت مخدة على أريكة الصالون ...

غير متعوّد على حلاقة شعر أسفل بطني أمسكتني حكة عنيفة حرمت عيني النوم ... الحكة المتواصلة أرغمتني على النزول للحمام بحثا عن علبة الكريم المرطّب ... على أطراف أصابعي محاذرا إحداث أي ضجيج من شانه إزعاج خالتي التي تكوّرت في الأريكة ملتحفة غطاءا خفيف تستنجد به من لدغات البعوض الذي استنفر هذه الليلة ...

تلامس أصابعي المغمسة بالسائل اللزج مع منبت قضيبي ... منحني شعورا بالراحة ودفع الدم في شرايينه لينطلق متطلعا للأعلى ... كلما دعكت مكان الحلاقة زادت رغبتي في المواصلة... نعومة الكريم ورائحته الزكية مع ملمس جلدي الناعم زادت في لمعان مسامه تحت أشعة الفانوس الخفيفة ...

جلبة خفيفة مصدرها المطبخ دفعتني لستر نفسي بالبوكسر والخروج بحذر ... عاري الصدر وحافي القدمين ... إطلالة جسد خالتي التي أفزعها صوت فتح باب الحمام تقف وراء مصرف المطبخ الرخامي ممسكة كأس ملأته بالمشروبات الغازية ....

هو مفعول أكل النقانق التونسية أو المرقاز ليلا بالتأكيد ... اللحم والملح والبهارات تشعل نار العطش في البطن مع لهيب هذه الأيام ... لن تجد مفرا من شرب كل ما هو متوفّر لديك ... ظلّ شعر خالتي المنكوش يتراقص على جليز الصالون يصلني قبل أن يصلني صوتها

  • ماجالكش نوم ؟؟؟
  • لا أبدا كنت نايم وصحيت رحت الحمام ...
  • تحب تشرب ؟؟؟ (مدت يدها تمسك القارورة المنتصفة)
  • أحب طبعا
دخلت من الفتحة النصف ضيقة التي تفصل الصالون عن المطبخ ... سكبت كأس كبيرا ... خالتي انسحبت قليلا للخلف ... تلبس قميصا قطنيا خفيفا يصل لنصف فخذيها ... صورة إمرأة صهباء على مقدمته إتسعت عيناها بفعل انتفاخ صدرها ... جعلني أتبسّم من مشهدها ... قفزة صغيرة منها بخفة القط رفعت مؤخرتها لتضع نصفها على رخام المصرف وتطوي رجليها إحداهما فوق الأخرى ...

النور الخافت يلمع في عينيها ... خالتي تشبه أمي لدرجة لا تصدّق ... وكلتاهما تشبهان الفنانة داليا البحيري ... غير أن طولهما اقصر منها بقليل ... وإختلاف بسيط في لون العينين ... أمي عيناها تميل قليل للزرقة وخالتي تميل للرمادي ... لا تستغرب فنحن هكذا ... غير ذلك فهما نسختان متطابقتان ...

إستندت على رخام حوض الغسيل في المطبخ محاولا التمتع بالمشروب البارد بينما عينا خالتي انغرستا في كأسها ... شعور مضطرب الم بي ... خالتي التي كانت سندا لامي طول سنين عمري والتي لم تبخل عليا بأي شيء ... هي لم تفعل شيئا سوى أنها تهاديني بثياب ابنها القديمة ... لهفتها عليا وخوفها ووقوفها بجانب أمي دوما وخصوصا عندما أكرمتني بثيابي الجديدة مساء اليوم جعلني أشعر بالإمتنان وتأنيب الضمير نحوها .... ذلك الشعور بالامتنان تزامنا مع كمية الحنان التي أغدقتها عليا فجأة ... جعلني اسعد بالبقاء بجانبها

ربما جرعة الحنان التي افتقدتها من أم فرضت عليها الظروف تلك القسوة والشدة ... حنان يحتاجه كل من هو في مثل سني وظروفي ...

تهت في تفكيري لدقائق طويلة من الصمت ... صمت قطعه صوت خالتي الهادئ ... كأنها تستجمع موضوعا تريد طرحه عليا ...

  • قلي بقى إيه الي طيّر النوم من عينك ...
  • (منعني خجلي من الاعتراف بالحقيقة) لا ابدا بافكّر في اللجنة بكرى ...
  • (حركة تقطيب حاجب ورفع الآخر توحي أنها لا تصدقني) بتفكّر في اللجنة وإلا بتفكّر فيها ...
  • هي مين ؟؟؟
  • (غمزة بنصف عين منها) اهاه ... عليا الكلام ده يا واد .. الست الي كانت هتجيب أجلك قبل ما تطلع مالبيضة ...
  • (هنا جف الريق واحترق الحلق... هذه الكذبة لن تنتهي أبدا ؟؟؟ ... كنت سأقسم لكنها قاطعتني)
  • طالما سكتت يبقى كلامي صح ... قولي بقى إنت لسة بتحبها ...
  • بأحبها ؟؟؟ إنت وصلت لغاية هناك بسرعة ليه ؟؟؟
  • أمال ؟؟؟
  • ابد اده كان مجرّد إعجاب ... فيها حاجة شدتني ليها ... بس
  • يعني عاوز تقنعني إن مجرّد إعجاب يوصلك ترقد في المستشفى وتطلع عيننا معاك ؟؟ مش مصدّقة
  • اقسملك هي الحكاية كده
  • طيّب إقنعني ...
  • مش عارف أقلّك ايه ...
  • قول من غير كسوف ... انا سامعاك
  • هو مش إعجاب هي حالة ثانية أوّل مرة أحسها ...
ورحت أعيد على مسمعها كل ما حصل في محلّ رحيم مع تفنن هذه المرة في وصف تأثيرها في نفسي وجسدي باستحياء ... خالتي كانت تمسك كاس مشروبها الفارغ بأطراف أصابعها ... وتصغي بتركيز شديد لكل حرف أقوله ... قاطعت كلامي مستنكرة وبشدة أن إحدى زميلات الدراسة أو أترابي لم تشد إنتباهي او تجذبني إليها ...

هنا وقفت الطريق بالهارب ... سؤال في شكل مأزق يصعب الخروج منه ... على غير عادتي وجدت طريقا للكذب ثانية باعتماد بعض الحقائق ... بما اني سحبت حبة عقد الكذب الأولى كان وجوبا عليا أن استرسل ... مستخدما مخزونا من القهر وحقدي على ظروفي ... بدأ صدري يهتز مع كل حجة عن استحالة أن تنظر لي إحداهن بسبب مظهري الرث وحلة فقري ... لا أستطيع المنافسة على إحداهن ...

استحضار ذلك الشعور النابع من قهر حقيقي أنتج زفرات وحشرجة أشبه بالنحيب ... أحسست بالنصر والنجاة وأنا أرى خالتي تفتح ذراعيها تدعوني لحضن تواسيني به .... إقتربت منها وكعاتها سحبتني لصدرها تحشر رأسي به ... وضعية جلوسها على حافة المصرف الرخامي مع وضع رجليها جعلت راسي يتوسد مفرق صدرها وركبتها المثنية تلامس طرف رأس قضيبي الذي لم يتخلّص من انتصابه بسبب الدعك بالكريمات ...

تزامنت حركة أناملها الرقيقة على شعري الناعم مع حركة خفيفة من ركبتها على رأس قضيبي الذي لا يمكن أن لا تكون أحست به ... رعشة من لم يتعوّد ممزوجة بخجل ورعب وارتباك إنتهت بانطلاق دموع لا أعلم سببها ... هل هي حالة التقمّص التي كنت فيها أم هو إنفعال طبيعي لتلامس محرم لم أتعمده أم خوف من ردة فعل قد تحطّم علاقة امتنان وليدة بعد نكران طويل ...

دموعي الحارة سالت على مفرق صدر خالتي ... تفاعلها مع حالتي جعل نبض قلبها يتسارع تحت خدي ... لهيب العاطفة المتأججة جعلها تريد سحبي أكثر نحوها ... ركبتها تمنع التصاق جسدي الفتي بجسدها الحنون الخبير ...

دفعتني بركبتها من بطني للخلف وهي لا تزال تحيط راسي بذراعيها وفتحت رجليها لتسحبني بينهما لها ... ذراعان يحيطان برقبتي ساحبين راسي لصدرها ورجل تضغط على مؤخرتي ليلتصق وسطي بما بين فخذيها ...

حرارة تلك المودة الغريبة استعرت بتلامس قماش البوكسر بقماش ناعم بين فخذيها ... نعومته فرضت عليا الحركة غصبا عني ... قضيبي يتجوّل محبوسا في البوكسر بين فخذيها دون قصد مني أو منها ... توقعت ارتباك أو رفضا أو صدا لكن مشاعر التعاطف معي هزمتها فطال عناقها لي وازدادت دموعي ...

توقفت عقارب الزمن عن الدوران وأنا بين أحضانها ... لا اعلم كم لبثنا وأصابعها تتجول في خلفية راسي وأعلى رقبتي مانعة عني التفكير وردة الفعل ... شعرت بارتفاع رائحة جلدها وشممت ريح جسدها الناعم لأول مرة هكذا ... ثم أمسكت راسي ورفعته ناحية وجهها ... صارت المسافة بين عينينا اقل من إصبع ... تهت في لونهما قليلا ... رعشة خفيفة من شفتيها ... ثم كم إستيقظ من كابوس مرعب ...

دفعتني برفق وهي تهرب بنظرها نحو ساعة قديمة معلّقة على جدار الصالون ... الساعة تشير للثالثة صباحا ... الزمن يتطاير عندما يهتم بك أحدهم ... بصوت تخنقه حشرجة قالت أن الوقت تأخّر كثير وأمامنا يوم طويل غدا ....

انسحبت كالمصعوق من أمامها أداري قطرات داكنة ابتدأت تتوسع في قماش البوكسر ... ما إن خطوت نصف درجة في اتجاه الأعلى حتى سبقني صوت الفجر ممتزجا بصوت هاتف أمي ونصف كحة تخرج من حلقها معلنة بداية اليوم الموعود

لم تتطلّب التحضيرات وقتا كثيرا ... أمي تولّت مهمة الاعتناء بقيافتي معوضة غياب خالتي التي طال إختفاءها في الحمام ... الساعة تشير للخامسة صباحا ... خالتي تتولى قيادة سيارتها تجانبها آمي وأنا في المقعد الخلفي ... طوال الطريق وأمي فقط تتحدث وسط إجابات مقتضبة من أختها خلت من الروح والابتسامة ...

ساعتان ونصف أكلت عجلات السيارة فيهما المسافة بين مدينتنا والاكادمية العسكرية ... أمي نزلت من السيارة تتأكد باهتمام من مظهري و تتفقد بحرص الوثائق في الظرف الذي بين يدي ... بينما خالتي ترشق نظرها في بلور سيارتها كأنها تهرب من شيء ما ...

تائها وسط حشد من أترابي ... مجموعة كبيرة من الفتيان والفتيات يتأنقون بمختلف درجاتهم الاجتماعية أمام الباب الكبير ... قوس كبير يحمل اسم المنشأة ... تطل من خلفه بنايات كبيرة مسقّفة بالقرميد الأحمر ... يتوسطها صاري طويل يرفرف فوقه العلم الأحمر بنجمته وهلاله ...

مجموعة من الشباب بزي موحد يحملون علامة آلفا بيضاء فوق أكتافهم يتولون تنظيم صفوفنا وتقسيمنا إلى مجموعات حسب الشعبة العلمية ثم حسب العمر والاسم ... كل المترشحين هم من المتفوقين في إختبار البكالوريا ... الأعلى معدلات والأكثر جدارة ... كنت فخورا بأني أحدهم ... لأول مرة اشعر بالفخر

أمر صارم بالتقدم .. ما إن خطت يسراي تحت القوس العالي حتى أحسست بنفسي تغيّرت ... الحدائق الخضراء والأشجار المنمقة تتناسق مع مشهد الضباط بملابسهم الموحدة متمازجة مع الأحذية اللامعة ... الذقون الحليقة في وجوه صارمة واثقة تحت قبعات مزينة بنقوش مختلفة حسب الرتب تتشارك فقط في دائرة عليها العلم ... وقفت شامخة وحركات حريصة من جميعهم على نمط واحد ...

سقطت كل جدران مقاومتي فجأة ... لا أعلم السبب لكن ذلك العالم سحرني ... لم يكن الموضوع صعبا ... زيارة لمصحة يتولى فيها كل عنصر مهمة معينة كقياس الطول والوزن والنظر والسمع ... التأكد من سلامة الجسم من أي أثر لجرح يمنع نشاطه ... طبيب ملامحه جادة تزيّن وجهه الأحمر بشارب أشقر محفف ... يتولى معاينة كل جسدي ...كل الجسد لا يسترني عنه شيء ... من أسفل رجلي حتى أعلى راسي ... ثم اشّر على ورقتي بالقبول ...

بعد المرور في الكشف الطبي ... بدأ قلبي يخفق بشدة ... نصف من دخلوا معي وقع الاستغناء عنه لأسباب عديدة ... الفتيان الذين فهمت أنهم تلامذة ضباط سبقونا بالالتحاق قبل سنة أو سنتين أعادوا تنظيمنا حسب قائمات جديدة ...

اقتربت من قاعة كبيرة ... طاولة بسيطة وطويلة جدا يجلس عليها 12 عشر ضابط برتب مختلفة بتوسطهم رجل وسيم وبشوش يضع على كتفه شعار الجمهورية وثلاث نجمات صفراء لامعة ... هو الأعلى رتبة فيهم ...

مع نصف حركة من شفتيه معناه ان لا تخشى شيئا .... تمالكت ارتباكي ووقفت شامخا متحديا نظراتهم الفاحصة لي ... تحدّثت بطلاقة استغربتها من نفسي ... أجبت عن كل الأسئلة البسيطة ...

إنتهى الأمر ... وقع إكرامنا بغذاء محترم ... جلوسي في المطعم الكبير ... مشهد الحركة والانضباط .... الملابس الموحدة تعطي أصحابها رونقا جميلا جدا ... نسميه في تونس " الوهرة " ... السحر يزداد في عيني ...

قبل انصراف من تبقى منا ولم يتبقى الكثير ... وقفنا في صف متناسقين حسب الطول استعدادا لأمر هام ... هكذا فهمت من الحركية الشديدة وتجمّع الكل في صف واحد

فجأة دوت صرخة شديدة من الرجل البشوش الذي استجوبني يأمر الجميع بالاستعداد ... العيون كلها تتطلّع لباب مكتب في بناية عالية فخمة تزينها مقولة نقشت أعلاها " الحياة عقيدة وجهاد " ... فتح الباب ليخرج علينا رجل عليها علامة المهابة ... يلبس نفس الزي العسكري ... كتفاه مزينان بشعار للجمهورية وسيفين متقاطعين ... قبعته مزركشة برسوم جريد نخل يحيط بها من كل جانب ...

ألقى علينا خطاب ترحيب مقتضب ثم ودعنا بقوله .... " الي كاتبتله خبزة معانا تو ياكلها " ...

كلمة لا زال صداها يتردد في أذني لليوم... معناها من كتب له لقمة عيش هنا سيأكلها ... الموضوع ليس لقمة عيش هي شخصية تتملك بك وتسرق منك شخصيتك الأصلية ... شيء كالسحر أصابني ... دخلت ممتعضا رافضا مجرّد الاقتراب من هذا العالم وخرجت أرى نفسي أنتمي اليه ولا انتمي لغيره ...

مررت من تحت قوس الباب ... منتصب القامة مرفوع الرأس ... أمي وخالتي تحتميان بالسيارة تحت ظل شجرة في مرآب أمام الباب لم تنتبها لخروجي ... سعيدا مزهوا باني كنت أحد المرشحين الباقين للاتلحاق ... سيقع إختيار الافظل منا حسب قولهم ... الأفضل أو من يملك واسطة تساعده ... لا أعلم طرقت باب النافذة منبها اياهما بوصولي ...

نزلت أمي مستفسرة ... نصف ابتسامة ونصف انشراح على وجنتيها بعد علمها بنجاحي في الاختبارات ... ثم ركبنا في طريق العودة ... الصمت يطبق على المكان ... تخيّلت أن الإجهاد تمكّن منهما بسبب السهر والحرارة ... لا خالتي تتكلم ولا أمي تفتح موضوعا ... أرخيت راسي على مقعد السيارة ورحت في شبه حلم ...

حلم كنت بطله ... تخيّلت نفسي بعد سنين طويلة وكتفي تزينها السيوف والكل يرتعد لوقع خطواتي ... بدأت نفسي تتحضّر لعالمها الجديد ...

سرقتني أحلام اليقظة ... فلم اشعر بنفسي إلا والسيارة تتوقف أمام باب بيتنا ... رغم إلحاح أمي على خالتي بالدخول إلا أنها تمسكت بقرار رحيلها متعللة أن الأريكة آلمت ظهرها ...

ما إن خطوت خطوة واحدة داخل البيت مع هدير محرّك سيارة خالتي ... حتى لحقني صوت أمي مدويا في البيت ...

" إيه الي إنت عملته مع خالتك ده ؟؟؟ ... إنت إتجننت ؟؟؟ "

الجزء الرابع

كمن صعقه تيار كهربائي رحت أتفحّص عيني أمي اللاتي اتقدتا كأتون نار مشتعل ... لم يستوعب ذهني المشوش كلماتها ... أي جريمة إرتكبت ؟؟؟ ... كنت أظن خالتي سعيدة بحالة التقارب الحاصلة بيننا مؤخّرا ...

لم أجد مهربا من عيني أمي اللتان راحتا تغوصان في مقلتي كأنهما سهمان يخرقان روحي ... محاولا تمالك نفسي قبل الإعتراف بذنب لم أستوعبه بعد ... غرست عيني في الأرض كعادتي كلما حاصرتني أمي في ركن ... سيل من الشتائم والتحقير لي ولتربيتها لي ... لكني لم أسمع قرار دائرة الإتهام بعد ...

إغرورقت عيناي بالدموع ... هي دموع تعودّتها كلما وقفت في موقف تقريع ... راجعت كل لحظة وكل كلمة دارت بيني وبين أختها فلم اهتدي لما من شانه أن يتخذ قرينة إتهام ضدي ....

طال وقوفي كالصنم تجاه أمي التي اشتعلت نار غضبها أكثر من المعتاد وطال سيل تقريعها لي ... تعودّت منها هجوما لدقائق ثم أمرا لي بالغروب عن وجهها و الإنسحاب لغرفتي ... لكن هذه المرّة لم يصدر ... بل إستعرت نار أتون غضبها الغير مفهوم ... كثرت حركات يديها أمامي ... كنت في حالة إستعداد مني لتلافي صفعة قد تقع على خدي بين الفينة والأخرى لكنها تأخرت هي كذلك ...

لا أعلم كم مرّ من الزمن وهي ترعد وتزبد دون أن توجه تهمة واضحة لي أعترف بها أو أدافع عن نفسي ضدّها ... أحسست بفورة غضب ممزوج بالرعب تشتعل في صدري ... مع تكاثر حركات يدها أمام وجهي لم أعد أستمع لكلامها ... أمسكت معصميها بقوة قصد تخفيف انفعالها ... حركتي المفاجأة سببت لها ألما لم تستطع ملامح وجهها التستر عليه ...

شعوري بالتفوق الجسدي عليها شجعني على المواصلة ... إحتضنتها بعنف بين ذراعي قصد تخفيف غضبها .. لكنها أصرّت على المقاومة والهجوم ... وسط كلمات مني أشبه بالصراخ طالبا منها أن تهدأ وهي تطالب بإطلاق سراحها ... أحسست بالتفوق عليها برفع صوتي فتراجعت ... سحبتها ببطء وهي أسيرة بين ذراعي للكنبة الكبيرة وسط الصالون الشبه مظلم... جلست وسحبتها لتجلس غصبا ... رأسها مدفونة بين صدري وذراعي اليمنى تحوط كتفيها من خلفي بينما أصابع يدي اليسرى تربّت على رأسها علّها تهدأ ...

أحسست بالفخر وفورة الشباب تتفوّق على حالة الارتباك المعهودة ... أوّل مرة أسيطر فيها على إنفعالات أمي ... والحق يقال إنفعالها هذه المرّة كان غير مسبوق ... ككل أنثى في العالم ما إن تحتوي غضبها وتهدأ حتى ينقلب الغضب لبكاء ...

تنهيدة وحشرجة مخلوطة بدموع ساخنة أحرقت جلدي مخترقة قماش القميص ... كل هذا وأنا أنتظر فقط أن أفهم ما يحدث ... أو ما سبب ما يحدث ... طال نحيبها وإنتحابها دون أن تصلني منها كلمة مفهومة واحدة ...

انتظام نفسها المذبوح بنشيجها المكتوم ينبأ أنها بدأت تسيطر على نفسها ... أسندتها بحنان للحمام تغتسل علها تسترد روحها ... وقفت خلفها وهي منحنية تصفع وجهها بموجات من الماء البارد ... صمت مطبق على المكان لا يقطعه سوى خرير الماء وبعض الشهقات من أنفها تعلمني أنها بدأت تعود لوعيها ...

قميصي الأبيض اللامع تزيّن بدوائر سوداء كبيرة على الصدر والبطن سببها إختلاط بكائها بزينة عينها ... أردت إضفاء القليل من الدعابة علّها تقتل روح الغضب فيها ...

  • كده وسختي القميص ... هو أنا مش مكتوبلي البس حاجة عدلة في حياتي أبدا
  • (كلماتي صدمتها أو أشعرتها ببعض الذنب ) ماهو كله منك ... إقلعو أنظفهولك قبل ما يلزق فيه
  • (مستجيبا لأمرها بإبتسام رحت أفتح أزراره تباعا) طيّب ممكن أفهم أنا عملت ايه زعلك مني ... إختبار ورحت ونجحت ... عملت إيه بس ؟؟
  • يعني مش عارف إنت عملت ايه ؟؟
  • يا ستي أقسملك أنا مش فاهم حاجة ... وإحتياطيا كده أنا آسف مسبقا بس اضحكي ...
تزامنت كلماتي مع آخر حركة أنزع فيها القميص عن معصمي ... طالت نظراتي لامي تحت ضوء الحمام الخافت ... وجهها الذي إكتسب حمرة شديدة على مستوى الأنف والوجنتين من أثر البكاء ... عيناها اللتان أحاطتهما هالة سوداء بمفعول إختلاط الدمع والماكياج ...

  • طب تصدقي إنك كده أحلى بكثير
  • (إغتصبت كلماتي إبتسامة رقيقة من شفتيها أخفتها بأن صفعت صدري العاري) إقلع البنطلون عشان أغسلهولك بالمرة
  • (مستجيبا لطلبها رحت أفتح الحزام وأزرار البنطلون) طيّب قوليلي أنا زعلتكم في إيه ؟؟؟
  • أنا بس إلي زعلانة ... خالتك مبسوطة من عينيها بس أنا إلي ما عرفتش أربي
  • (أحسست أن فورة غضب ثانية لا تفتأ أن تشتعل) ... أنا غلطان من ساسي لراسي بس قوليلي أنا عملت ايه ؟؟
انهمكت أمي تفرك بقيا دموعها السوداء من على قماش قميصي ... كأنها كان تركّز لتفتح معي موضوع لن ينتهي بسلام ... أنا أعرف تلك الخصلة فيها ... فيما مضى كانت تلك اللحظات تسبب لي حالة رعب لكن هذه المرة فشعوري مختلف ... لم أفهم أهو فضول أو شوق أو ماذا ... ربما لأني واثق أني لم أخطأ ...

تطايرت بضع فقاعات صابون انفلت من بين أصابعها لترسم دوائر على ملابسها ... أمر سريع ممزوج بالغضب أن أجلب لها شيء آخر تلبسه قبل أن تفسد ثيابها ... أعتقد أنها فرصة مناسبة لكلينا أن نرتب أفكارنا ... بخطوات كالقط قافزا نحو الدور العلوي ... جلبت أول شيء وقعت عليه يدي في خزانة ثيابها الشبه خاوية ...

عدت للحمام لأجد أمي تخلّصت من قميصها لا تلبس سوى البنطلون و سوتيانة بنفسجية ... صعقني المشهد فلأول مرة أمي تتخلى عن حذرها معي أثناء تغييرها لملابسها ... مددت لها قطعة القماش السوداء ... نظرت لي بتعجّب ... هو قميص اسود نصف طويل لا إشارة فيه ... نظرة استحسان منها لإختياري ثم ضربتني بطرفه وقالت " أول مرة تعمل حاجة عدلة " ...

حشرت نصفها الاعلى فيه بسرعة و إستدارت تفك أزرار بنطلون الجينز ... هزمني خجلي فأطرقت النظر للأسفل ... لم يطل إنتظاري ... رمت ببنطلونها على وجهي تأمرني بتعليقه خلف الباب ... قبل أن أفعل ذلك عالجني سؤال سريع منها

  • مش هتنطق بقى وتقلي عملت كده ليه ؟؟؟
  • هو ايه ده ؟؟؟ قوليلي إنتي أنا عملت ايه وأنا هافسرلك ... لأني بجد مش فاهم
  • (همهمة طويلة وتفكير أطول منها) إنت إزاي تحكي لخالتك الحكاية الي قلتهالها ...
  • حكاية ايه ؟؟
  • حكاية الست الي بتحبها ...
  • (هنا كرهت خالتي نهائيا ... محاولا استرجاع شجاعتي المكتسبة حديثا) هي سالتني وأنا جاوبت
  • يا سلام وما قلتليش انا عالموضوع ده ليه ؟؟؟ هو مين أقربلك أنا وإلا هي
  • ببساطة لانك ما سالتنيش ؟؟ وكمان أنا كنت فاكر إنك انتي الي بعثتيها تستفسر مني
  • وهو أنا لازم أسالك ... المفروض حضرتك تيجي تحكيلي وأنا أنصحك هو أنا مش مامتك ...
  • (أطرقت برأسي للأسفل هربا من الموقف ... كنت أنوي أن أعترف لأمي أني كذبت على خالتي لكني تراجعت فلم أنطق ) ...
  • هي قالتلي يوم ما دخلت المستشفى إنها أزمة عاطفية بس أنا عاندتها ورفضت الفكرة رغم إني كنت متأكدة ...
  • وعاندتيها ليه ؟؟؟ وعرفتي منين
  • موضوع عرفت منين دي مش محتاجة سؤال ... أنا أمك ومش محتاجة افسرلك ورفضت وعاندت عشان أحمي صورتك وصورتي قدامها ... إبني زينة الرجالة يدخل مستشفى عشان خاطر وحدة بيحبها ؟؟؟
  • (صدمت من كلام أمي ... لم اتوقع منها ذلك التفكير أمي تحكي لخالتي أبسط تفاصيل طبق العشاء فما بالك بحياتنا ككل) ... (غممغمت أن أتكلّم لكني أصبت بالبكم)
  • شوف يا حبيبي ... البيوت أسرار وكل بيت لازمه منطقة سرية ما حدّش يعرفها غير أصحاب البيت حتى لو كانت خالتك ... أنا دافعت عنك وأنكرت الفكرة وإنت تعبان تقوم تيجي تفضح نفسك وتصغرها وتصغرني قدامها
  • (مسحت بظهر يدي دمعة إنسلّت من عيني غصبا عني ولم انطق)
  • لا والمصيبة بقى إنك مش بتحب وحدة زميلتك وإلا وحدة من سنّك ... أزمة عصبية ومستشفى عشان حضرتك معجب بوحدة من سني أنا ...
  • (هنا خنقني كذبي ... قررت أن أعترف لامي بالحقيقة وليكن ما يكون ) أصل الموضوع مش زي ما إنتي فاهمة
  • لا الموضوع مفهوم ومش محتاج تفسير ... أنا السبب وأنا الي غلطانة
  • (تاهت مني ردة فعلي في هذا المنعرج في الحوار) إنتي السبب إزاي ؟؟
وراحت تفسّر أن سبب إنجذابي لتلك السيدة ليس حبا أو إعجابا بل هو نقص في الحنان منها ... بسبب قسوتها ... ثم أعقبت انه كانت مجبرة بحكم أنها لعبت دور الأب والأم في نفس الوقت ... كانت تنشر ملابسي على منشر بلاستيكي وتتكلم وظهرها لي ... أحسست بنبرتها تغيرت ... خنقة بكاء أمسكت أنفها فوصلني خنينها ليحرق ضميري أكثر فأكثر ...

إقتربت منها من الخلف ... أحطت ذراعيها بذراعي ... وحضنت ظهرها لصدري بقوة فتجمّدت حركتها ... قبلت أعلى رأسها طالبا الصفح ... أمسكت بمرفقي من الخلف وحركت أصابعها في إشارة أنها سامحتني ... ثم نطقت

  • إنت كبرت إمتى يا ولى ... إيدك بقت قوية إمتى ؟؟؟
كأي صغير فخور بمدح أمه ارتفع صدري للأعلى ... لففتها وحضنتها من أمام ... هذه المرة الحضن إختلف ... فردت طولي وضممتها لصدري أن لا تخافي ولا تحزني ... فأنا إبنك ومعك دوما ... لا اعلم كم طال هذا الحضن بيننا ... قبل أن تنفلت من ذراعي تمطت على أطراف أصابعها لتقبلني ... القبلة رسمت بين أنفي وشفتي وعيني ... نفس القبلة ونفس المكان لكن بشعور مختلف ... هزة بقوة تسعة ريشتر ضربت صدري ... ثم أنهت الحوار بيننا دون نتيجة ...

لجأت لغرفتي محاولا تمالك نفسي من كمية المشاعر المتناحرة في صدري ... شعور بالفخر والتفوق في الإختبار وشعور بالإنكسار والندم ... وشعور بالحسرة لما سببه كذبي على أمي ... سريري الذي تحوّل جمرا يشوي ضلوعي لم يعد يحتملني ... راجعت كل كلمات أمي ... أمي التي إكتشفتها الليلة رغم علاقتها بأختها لكنها استنفرت لما أحست انها ستكون أقرب لي منها ...

كتكفير عن الذنب قررت أن لا مفرّ من الإعتراف ... سأحكي لامي كل شيء ... ربما الصدق سيصلح ما شرخ بيننا ... ستسعدها فكرة أني كذبت على خالتي وإخترعت حكاية ولما جد الجد إعترفت لها بالحقيقة دون زيف ... سحبت كل الأوراق من صندوق أبي فتحت اللاب توب ...

أغمضت عيني أراجع الحكاية من بدايتها حتى لا انسى حرفا يمكن ان تستعمله ضدي يوما ... سأعترف وليكن ما يكون ... نظرة فاحصة مودعا بها خريطة أبي وخريطتي ... ثم نظرة فاحصة بتأني ... لتنفتح عيني وألف قطعة من عقلي ... وألف صورة في خيالي

أبي أدرك تلك الهفوة من زمان ... تلك الجداول ما هي إلا محاولة لتطويع الحظ في مصيدة المنطق ... الأمر قد ينجح ...نسيت سبب فتحي للملفات ... تربعت ووضعت اللابتوب على حجري ... رحت أتابع خطوات أبي بدقة ... بضع نتائج تكون قريبة للمنطق وتعتمد على الحظ والبقية تغلق إحتمالاتها مهما كانت ... قديما لم تنجح بسبب عدم القدرة على إختيار مكونات الرهان .... لكن مع المواقع الجديدة قد تصيب

هنا الإختيارات أكثر .... رسمت شبكة جديدة بنفس منطق أبي ... أشبه بالكلمات المتقاطعة ... جداول كثيرة ... فروع وتركيبات أكثر ... إن وقعت نتائجها في إحداها كسبت وإن أخطأت تكوّن نوات لجدول آخر مبني على الإحتمالات العكسية ... أشبه بشباك صيد أسماك التونة ... إن لم تسقط إحداهن في شبكة بالممرات وقع السرب كله في غرفة الموت ...

نسيت أمي ومشاعرها وخالتي التي أفشت سري ... فقط حضنت صورة أبي بفخر ... فخور بكوني إبنه .... لقد نجحت فيما فشلت فيه ... أنا النسخة الحديثة منك ... في نسخة حديثة للعبة حظ هزمتك يوما ... ذرفت دموعا حارة إمتنانا له هذه المرة ...

مع أشعّة الشمس الأولى دخلت الحمام هذه المرة أغسل صورة أبي من عار الهزيمة ... بنشاط غير معهود حضّرت الفطور لأمي التي صدمت لفعلي حال استيقاظها ... عناق طويل منها ظنا أني فعلت ذلك معتذرا من ذنب يوم أمس ... ما إن إنطلقت لغايتها حتى طرت لغايتي ...

دلفت المقهى متسلحا بآخر دينارين أمتلكهما ... وضعت الإختيارات وإستبقت النتائح في عقلي ... رأيت مكاسبي تتوالى .... رغم ان السرب كله لم يعلق لكن علقت بعض الأسماك .... قهوتي السوداء لم تنتهي بعد وتضاعف رصيدي من 49 دينار ل 485 ... ثم ساعتان قاربت فيهما الألف ... قبل منتصف النهار تجاوزت الألف دينار ... مبلغ لم اتخيّله في حياتي ... هو لا يمثل شيئا بالنسبة للبعض لكنه بالنسبة لمن في مثل سني وحالتي يعتبر ثروة ... لم أصل بعد للعصر والألف صارت ألفين ...

موعد عودة أمي للبيت أجبرني أن اقطع سلسلة مكاسبي الرقمية ... جريا توجهت لمحل الحلاق ... دقائق وتحوّل الرقم في حسابي لأوراق وضعت بين يدي ... ملمسها له مفعول السحر ... مقلدا صنيع ذلك الرجل في محل رحيم ... وضعت ورقتين خضراوين في يدي الحلاق ... إكرامية مني ...

شعرت بالنشوة وهو يوصلني للباب يودعني ... ملعون هو أب مفعول المال في نفوس البشر ... في الطريق كنت أمسك رزمة الأوراق واصفع بها نفسي ... أنا لست في حلم ... دخلت بيتنا لاهثا قبل دقائق من وصول أمي ... كنت ثملا بإنجازي ... أخفيت بعناية ثروتي الجديدة .... لم أصغي لكلامها رغم محاولتها سحبي في الحديث ... كنت أتحسّر على تلك المقابلات التي تدور حاليا ولم تعلق بشبكتي منها أرباح ...

ليس عندنا انترنت في البيت معضلة كبيرة ... لا أعلم كيف مرت تلك الليلة ... في الغد متأبطا جهازا ومنطلقا لأحد الكافيهات ... مستوايا لم يعد يسمح بالجلوس في مقاهي شعبية قد تتلصص منها بعض العيون فتسرق فكرتي ... جلوسي في هناك وهيأتي التي لا تناسبه أشعرني بالحرج رغم امتلاكي لما يسد عين أي محتج ... هكذا رأيت نفسي ...

قبل نهاية اليوم ... تضاعف المبلغ في جيبي إلي 4 آلاف دينار ... ونصفها رأس مال في الحساب ... مررت بجانب مول المدينة ...مكان لم أتجرأ يوما في التفكير أن أدخله ... قتلت حقدي على الأحذية وطعنت كسرة عيني أمام القمصان والسراويل ... ملابس رياضية خفيفة ... جوارب وملابس داخلية ...

إستعملت نفوذي الجديد على الحلاق بكرمي الكبير معه ...إستعملت ركنا في محلّه تركت فيه كل مقتنياتي وأنا واثق أنه سيحفظها ...أنا الدجاجة التي تبيض ذهبا بالنسبة له ... اقتنيت جهاز واي فاي متنقّل ... ممددته بأسلاك الكهرباء وجاهدت للصعود فوق سطح بيتنا ... أخفيته هناك خشية من حملة تفتيش فجئية قد تقوم بها أمي ...

بعد العشاء أمي تبتسم بسعادة ... قالت أن أحد جيراننا ترك جهاز وصل الإنترنت دون رقم سري ... هذا ما إكتشفته في هاتفها القديم ... سعادتها بهديتي التي وصلتها مني دون قصد زرعت شوكا في صدري ... نظرت لملابسها القديمة وقارنت بينها وبين مقتنياتي ...

لكن ما الحل ... إن أخبرتها فلن تتقبل ذلك ... طرف أذني تذكّر ألم تحذيرها لي يوم مددت لها تلك الورقة النقدية فما بالك بكل هذه الثروة ... هذا سيضعني أمام خيارين إما أن أنهي ما بدأته قبل أن اتمتع به وإما أن أصطدم معها وأخسرها نهائيا ... قررت الإبقاء على الأمر سرا حتى حين ...

سهرت طويلا اصطاد بعض المرابيح ...هنا إكتشفت الحقيقة ... شبكتي ليست مثالية يمكن لسوء الطالع أن يتسلل إليها ... لكن الأمر لم يكن محبطا فنسبة النجاح تفوق نسبة الفشل ... مسرورا بواقعية إنجازي لم أحاول البحث عن طريقة لسد تلك الثغرة ... ربما هي قناعة مني ... لا أدري ...

لم أغادر البيت لمدة أيام أفنيتها في المقامرة ... احضّر الفطور لامي التي أسعدها تفاني في برّها .... وصل رصيدي في الحساب لمبلغ لم أتخيّل يوما أن أحلم بإمتلاكه ... صحوت في آخر الأسبوع قبل منتصف النهار بقليل توجهت نحو محل الحلاق ... إسمه عماد وكنيته " العمدة " ...

نصحني باستعمال حساب بريدي أحوّل عليه رصيدي مباشرة ... طريقة تحميني من حمل تلك الرزم النقدية في جيبي ... شريطة أن لا انقطع عنه ... هو يقصد عمولته وإكراميته ... لرد جميله طلبت منه أن يحلق لي شعري ويسهر على قيافتي ...

تغيرت حالتي النفسية مع تغيّر شكلي ... ملابس جديدة تلمع مع لمعان شعري المنمق ... حذاء خفيف وفخم ... عملت بنصيحة العمدة ... حساب بريدي ... إجراء بسيط تحصلت بعده على كارت سحب نقود من الموزعات الآلية ...

مر أسبوع بأكمله على نمط وحد ... اخرج قبل منتصف النهار ... أدخل دكان العمدة في شكل وأخرج منه في حالة أخرى ... دخلت كل المطاعم الفخمة وأكلت كل ما لم اسمع باسمه من قبل ... ثم قبل العصر أعود للبيت وقد استرجعت شكلي المعتاد ... أدخل غرفتي وأنصب شباكي وأحوّل محاصيلها لحساب البريد الذي أصبح يحتوي رقما مهما حوالي الخمسين ألفا في أسبوعين ... أمي التي ساعدها النت المجاني على تسلية نفسها ليلا ... لم تعد تكلمني كثيرا ...

في فترة إنتظار النتائج في الكافيه تعرّفت على شلة من أترابي ... شلة دقيقة في المواعيد ... يدمنون لعبة الليدو تصادف أن نقص أحدهم في يوم ما فدعوني لتعويضه ثم صرت واحدا منهم ... تواجدي معهم في نفس التوقيت جعلني أنظم لهم ... قبل أيام كنت أخجل فقط لمجرد مرور أحدهم بجانبي ... الآن صرت واحد منهم بل وأحيانا أعزمهم على مشروب على حسابي ...

ملعون أبو الفقر ... كل معايير حياتي تغيّرت فجأة ... لا أعلم السبب لكن قلبي كان يخزني .. كأني أهملت شيئا تاه من ذاكرتي ...

بدأت اشعر بالضجر وبالنقص أمام أفراد الشلة ... موعد العودة المبكر صار يخنقني ... هو نقطة ضعفي الوحيدة .... أردت إكتشاف عالم الليل ... لكني لا أقدر ... كنت اسمع مغامراتهم عن ليلة أمس وأنا أموت قهرا ... حديث عن مغامرات وجولات وسهرات ... فصل الصيف هو فصل السهر في تونس ... لا أحد ينام هنا صيفا ... الأفراح و المهرجانات ... حتى من ضاق به الحال يتمشى مستجديا بعض النسمات الباردة إلا أنا ... كنت أصبّر نفسي أني اسهر لجني بعض الأموال من لعبتي ... أمر غريب حدث في بيتنا ولم انتبه له ...

لم أرى خالتي منذ يوم الإختبارات ... خشيت أن أسال أمي فأفتح على نفسي بوابة شكوك لست مهيأ لها ...

دخول تلك الشلة في حياتي تجاوز كونه تسلية أو مذكيا لنار الحقد في صدري ... توافدت بعض الفتيات أحيانا لمجالستنا ... صديقة أحدهم وحبيبة الآخر ... أخت هذا تكون حبيبة ذاك ... وهذان مصاحبان للأختين ... وهذا يغطي أمام أهله غياب أخته التي ستمضي السهرة مع عشيقها مقابل أن تقوم هي بترتيب حضور صديقته للبيت دون إثارة شكوك ... علاقات غريبة لا روادع فيها ولا قوانين كالتي ألفتها ...

جلوسي القصير معهم زاد في شعوري بالنقص ... عناق الأحبة والملامسة الخفيفة ... تشبيك الأصابع ... رغم وجود بوادر إعجاب من فتاة تبدو رقيقة وإشارات من أحد الأعضاء أنها تميل لي لكني إنسحبت ... رغم كل ما صرت عليه إنسحبت ... ماذا سيحدث لو دعيت يوما لحفلة أو سهرة أو تسكع معها .. وأنا المحددة فترة تجولي لما قبل العصر ؟؟؟ ... كفيت نفسي عناء سخرية قبل أن تحدث ... فلم استجب للفكرة من أساسها ...

شعور بالنقص أمام حرية أولائك الشبان جعلني أتحاشى لقائهم ... خط نهاية تلك الصداقة الوليدة كان دعوة من أحدهم أن أرافقهم في سهرة تملّصت منها بلباقة لكني كرهتهم بعدها ... هو الكره الأزلي المولود في نفسي لتلك الطبقة ... المرفهون يتمتعون بمساحة كبيرة من الحرية ... والأشقياء سرعان ما يتمردون على سلطة الأهل ...

أنا لا أنتمي لا إلي هؤلاء ولا للآخرين ... أنا أنتمي لأمي ...

العمدة الذي صار صديقا وفيا وخدوما لي صار مؤنسي الوحيد ودكانه المكيف كان ملجئي من حر الصيف ... كنت أجلس كسيّد على كرسي الحلاقة وكعادة الحلاقين في بلدنا .. بدأ بدعك أكتافي التي أتعبها طول جلسة القرفصاء ليلا ... قال أن حصة من التدليك ستطرد عني التوتر ...

فجأة تذكّرت تلك السيدة ... محل المساج ... أعتقد أن الكارت لا يزال عندي ... إنطلقت كالعقاب في إتجاه بيتنا ... لم يطل بحثي كثيرا ... وجدت البطاقة بين طيات ثيابي القليلة ... إتصلت بالرقم المطلوب ... أغلق الإتصال في وجهي ... ثم وصلتني رسالة ... هي نفس الرسائل التي برمجتها لها سابقا ...

هل تريد حجز موعد ؟؟؟ ... طبعا أريد ... إخترت منتصف النهار موعدا للقاء طال شوقي له ... لم افهم أي كلمة من الخدمات المقدمة رغم أني أنا من كتبها لكني إخترت أغلاها ثمنا ... ربما ذلك سيشكّل فارقا في لقائي الثاني مع من سرقت روحي يوما ...

رحت ابحث عن معاني تلك الخدمات المقدمة في مراكز التدليك ... الكلمات غير مفهومة لكن الصور المرافقة لها مثيرة ... إكتشفت أن مراكز التدليك في تونس أكثر من مراكز الشرطة .... أعتقد أنه مشروع مربح للغاية ... فالشعب يبحث عن إزالة التوتر ... المثير في الأمر أن الأسعار رغم العروض والتخفيضات تبقى مرتفعة ... من يقدر على ذلك وسط الأزمة المادية الخانقة ... سأكتشف الأمر بنفسي ...

يا ليل الصب متى غده أقيام الساعة موعده ... مؤلف مطلع تلك الغنية يستحق جائزة نوبل في المشاعر ... لم ترد تلك الليلة أن تنتهي ... نار الشوق وقيض الصيف إجتمعا على تعذيبي ... وزادهما عذابا نصف الانتصاب الذي جعل قضيبي كرصاص صنارة داخل البوكسر ... لا أدري ما السرّ لكن مجرّد ذكرى تلك السيدة يولّد انتفاخا بين فخذي ... ناهيك عن خيالاتي التي غذتها تلك الصور ...

نزلت للمطبخ بحثا عن قارورة ماء تطفئ لهيب عطشي ... حركتي الخفيفة سحبت أمي ورائي ... عادة تلصصها على حركاتي لن تتغيّر ... أردت مداعبتها بمزاح ثقيل إختفيت وراء الكنبة قبل أن يلحقني وقع خطوات قدميها الحافيتين ... محاولا إمساك نفسي من الضحك وأنا أراقبها تدنو من باب الحمام وتضع أذنها على الباب ... ثم مع عجزها عن سماع شيء إنحنت تنظر من ثقب المفتاح ...

كانت ترتدي قميصا رماديا قصيرا يصل لمنيت فخذيها مع إنحنائها تبينت لون كيلوت أسود رغم الظلمة ... بياض جلدها عكس سواد القماش ... طال بحثها عن شيء تلمحه داخل الحمام المظلم ... تسحبّت من خلفها وهي منحنية وبحركة سريعة قرصت جانبيها بأصبع يدي الإثنتين ... لتطلق صرخة رعب ثم تتراجع للخلف دون أن تقيم جسدها ... حركة عفوية بسبب الذعر ... رشق قضيبي بين فلقتي مؤخرتها ... محاولة تفادي تلك الوضعية تقدمت للأمام مرتبكة لتصدم رأسها في خشب باب الحمام فترتد ثانية لنفس الوضعية لكن بقوة أكثر

حركتان متعاكستان منها ومني تسببتا في سقوطنا أرضا ... ظهري للأرض وظهر أمي على صدري ورجلاها للأعلى ... مؤخرتها فوق قضيبي مباشرة .... الموقف المحرج والطريف في نفس الوقت خلق جو من الصمت سرعان ما إنقلب ضحكا هستيريا وهي تحاول النزول من فوقي ممسكة جبينها الذي تورم من أثر الصدمة في الباب ... ليونة فردتي مؤخرتها مع صلابة إنتصابي لا يمكن نكرانهما ...

لم اقدر على توقع ما سيحدث لي بعدها فلم أتحرّك .... أمي التي وقفت تنظر لي ماسحة بقيا بلل في رموشها من إختلاط الضحك والرعب فيهما ... كنت لا أزال مطروحا أرضا ... مدّت يدها لتساعدني على النهوض ... محاولة مني لزيادة المزاح لم أساعدها ... ومع ثقل وزني نسبيا على قدراتها العضلية بدل أن تسحبني سحبتها لتقع أرضا وندخل في نوبة ضحك ثانية ...

إنتهى الموقف بهروب أمي للحمام وقد إمتزج ضحكها بسعالها ... أنا لجأت للمطبخ أبحث عن قارورة ماء باردة ... لحقتني أمي وصدرها لا يزال ينتفض من أثر الضحك ... كنت سعيدا أني أدخلت بعض البهجة على قلبها ...

لا هي سالتني عن سبب تواجدي هنا في آخر الليل ... ولا أنا تساءلت عن سبب تلصصها على باب الحمام ... فقط هي استفهمت عن تغيّر لاحظته في سلوك دون أن تنتظر إجابة ... أعتقد أنها تنبهني لشيء لم أرصده في تصرفاتي .... لما طال صمتي بادرتني بالكلام

  • هاه قلي بقى نسيتها والا لسة بتحبها
  • (صعقتني تلك الكلمة كأن أمي تقرأ أفكاري ... حاولت الهروب من الإجابة بالصمت)
  • مش عاوز تحكي ؟؟
  • أحكي عن إيه ؟؟؟
  • عن الست إلي كانت هتجيب أجلك دي
  • (أحسست بالغضب من نفسي ... هذا الكابوس يجب أن ينتهي) مش عارف إنتي مركزة في الموضوع ده ليه
  • يا سلام ومش عاوزني أركز في موضوع ز يده هأركز في إيه ؟؟
  • طب إيه المهم في الموضوع ؟؟؟
  • في كذا تفصيلة في الموضوع لازم يتركز معاها
  • إلي هما ؟؟
  • عاوز نبتدي منين ؟؟؟
  • من المكان إلي يوصلنا إنه الحوار ده ينتهي
  • لو مش عاوز تحكي بلاش
  • لا عاوز أنهي الموضوع ده نهائي لانه أصبح مزعج بالنسبة ليا
  • و بالنسبة ليا أنا كمان
  • طيب إضربي النار وخلصيني وخلصي نفسك
  • إنت شايف إني لما اتحاور معاك يبقى ضرب نار
  • أيوة لانه الموضوع محرج (كنت أهم بالإعتراف)
  • محرج لأني بأكلمك والا محرج إنك بتحب وحدة من سن أمّك ؟؟
  • أولا أنا مش بأحبها وحضرتك قلتي ده بنفسك قبل كده
  • أمال ؟؟؟؟
  • ده كان إنجذاب مش أكثر
  • ماشي نعتبره إنجذاب وصّلك للمستشفى ... ممكن أعرف إيه السبب فيه من أساسه
  • (أحسست بأني حشرت نفسي في ركن ومن المكن أن أخطئ بكلمة تفضح كذبي من أوّله) إسالي وأنا هاجاوبك
  • طيب جاوبني ومن غير إحراج ... إيه سبب الإنجذاب ده
  • حضرتك قلتيها زمان ... ممكن عشان إنتي كنت صلبة وجافة في تعاملك معايا
  • لا الإجابة دي مش مقنعة ممكن تكون فيها نسبة حقيقة بس مش مقنعة
  • (هنا توجّب عليا مواصلة الكذب) ممكن عشان الست ذات نفسها
  • فهمني ؟؟
بشجاعة لم أعهدها في نفسي رحت أصف تلك السيدة بكل ذكريات ذلك اللقاء ... وبكل شوق لقاء الغد ... وصفتها بأوصاف ليست فيها ... بل تمنيت أن تكون فيها ... روحا وجسدا وتأثيرا ... أمي التي إنسحبت للمطبخ تبلل ريقها ببقايا علبة عصير باردة سحبتني ورائها مصغية ...

أمي جلست في نفس وضعية جلوس خالتي ذات ليلة ... تضع حافة قدمها اليسرى على طرف مصرف المطبخ وتمسك ركبتها بيمناها و تسدل رجلها اليمنى وتمسك علبة العصير بيسراها ... إتخذت مكاني بجانب الحوض وعيني في الأرض ... ثم إسترسلت في الحديث عن تلك السيدة حتى إنتهت ذكريات اللقاء القصيرة وعجز خيالي البسيط عن الوحي بالمزيد ... لكن ذلك لم يشبع فضول أمي في معرفة المزيد ...

أعتقد أنها تعمّدت الإطالة في الحديث وفتح الموضوع للمرة الثانية بحثا عن زلة في كلامي تمسكها عليا ... أسندت ظهرها لحائط المطبخ وعدّلت جلستها بان وضعت كل قدمها على حافة المصرف و ألصقت ركبتها في صدرها بحركة قوية من داخل مرفقها ... حركتها سحبت عيني ناحيتها ... إنحسر طرف قميصها للخلف فاسحا مجال الرؤية أمام عيني لتكتشف قماش الكيلوت الأسود الأسير بين بياض تلاصق فخذيها ...

لا أعلم السبب لكن أمي لم تشفي غليها من عشيقتي الوهمية ... فأعدت عليها الرواية والسبب والشعور للمرة الثالثة ... مع حرارة الجو وبداية بزوغ شعيرات في أطراف منبت قضيبي أشعرني بالحكة ... كنت أنظر للأرض ويدي تداعب قضيبي من فوق قماش البوكسر عل الحكة تخف عني ... مع كل لمسة مني يدي يزداد الرسم المنحوت تحت القماش ...

كنت أعيد تفاصيل روايتي شبه المكذوبة بتركيز شديد منعني من الانتباه لصمت أمي ... لما انتبهت ضننت أنها تنصت بإصغاء لي ... رفعت عيني ناحيتها لأرى وجهها متجها نحوي لكن للأسفل ... إتساع حدقتيها وفغر فمها لم افهم سببه ... كانت تنظر مباشرة نحو إنتصابي الذي يلمحه الأعمي ... مما أشعرني بالحرج والخوف .. لكنها لم تعلّق ... فقط نظرت في عيني وسألتني

  • طيب فرضا إنه كلامك كله صح وده فقد إنجذاب ... وإن ظروفنا منعتك أنك تشوف نفسك مرتبط بوحدة من سنك ... ليه هي بالذات ... يعني ليه مش وحدة غيرها
  • وحدة زي مين
  • ما اعرفش اي وحدة ثانية
  • يعني انا هاشوف ستات ثانيين زيها فين
  • يا سلام ؟؟؟ للدرجة دي
  • لا مش القصد ... يعني أنا من المدرسة للبيت
  • طيب ما شفتش غيرها فيهم ؟؟؟؟
  • المدرسة ما فيهاش غير المدرسات ودول برى الهدف خالص والبيت ...
  • مالو البيت
  • (بتعجّب شديد) البيت فيه إنتي وخالتي
  • (هنا أحسست كأن أمي تنفض عقلها لتعود للرشد) ايوة عشان كده إنت فاتح قلبك لخالتك ومطنّش أمّك
  • يا سلام بعد ده كله ؟؟؟ وكمان إحنا إتكلمنا في الموضوع ده قبل كده ... وبعدين هي فين خالتي ؟؟؟
  • (بصوت ممزوج بالخبث) واحشاك ؟؟؟
  • (لم استوعب أي إشارة يجب أن أتلقى) أصلها ما بتجيش بقالها كام يوم
  • (بصوت جاف دون مشاعر) لا أبدا أصلها لحقت زوجها وابنها في بلاد برة تصيّف
  • (أحسست ان هذا الحوار لا يجب ان ينتهي) أحسن
  • أحسن ؟؟؟؟
  • ايوة خليكي كده مركزة معايا
  • إنتي بتغير من خالتك يا ولى ؟؟
  • إنتي مش بتغيري منها ؟؟؟
إعتدلت أمي في جلستها وراحت تحكي لي تفاصيل كثيرة عن خالتي ... رغم كل شيء هي أختها لكن نفسها تغبطها أحيانا ...آخرها المصيف وهي محشورة في منزلنا في هذا الحر ... لكن ما فهمته من كلامها في المرتين الاخيرتين أن الغيرة إنفجرت داخلها يوم شعرت أنها اقرب مني إليها ... نقطتان فطرتا قلبي ... يجب أن أجد حلا أمكن فيه أمي من رحلة مصيف حتى في شاطئ قريب ...

رغم ثقل مرور ما بقي من الوقت تلك الليلة إلا أن ذكريات الموقف مع أمي تدفعني للإبتسام غصبا عني ... أشرقت الشمس ولم يغمض لي جفن بعد .... حركات مستعجلة من أمي التي تعجّبت من عدم تحضيري لفطور الصباح لها ... ما إن غادرت البيت حتى نهضت على عجلة ... مسرعا توجهت نحو دكان العمدة ... على غير العادة لم امكث لتسليته كثيرا .. غيٍّرت ملابسي وتعطّرت وطرت نحو عنوان محل التدليك ... متسلحا برزمة أوراق نقدية تنفخ جيبي وصلت قبل موعدي بدقائق ...

عمارة تبدو الفخامة من بابها ... ألواح كثيرة لعناوين أطباء ومحامين ومحاسبين ... المركز في الطابق الرابع ... دققت الجرس وقد جف ريقي وتوقف قلبي ... مزهوا بالمفاجأة التي سيمثلها حضوري أمامها وأنا في قمة تأنقي ... ألف سيناريو ألف فكرة تخيّلت لكنها تحطّمت مع فتح الباب ... شابة في منتصف العشرينات تستقبلني وقد تحوّلت ابتسامها لنظرة إستغراب وريبة بوجودي ...

زادت دهشتها لما علمت أني صاحب الموعد المسجّل عندها ... أصرّت على أن أدفع ثمن الخدمة مسبقا ... أحسست بجرح في كرامتي وجرح في قلبي لعدم وجود حبيبتي المزعومة ولإحتقار تلك الشابة لي ... هي قالت أنها لم توظّف أحدا بعد لمساعدتها ...فمن أين سقطت هذه في طريق حلمي.... رحت اعد المبلغ المطلوب بهدوء اصطنعته كأني متعود على الصرف ... بعد استيعابي لصدمة غياب صاحبتي ركّزت في ملامح الشابة التي بدأت تعاملني بلطف أكثر ...

فتحت بابا خشبيا ابيض وطلبت مني تغيير ملابسي ... رائحة العطر تتصاعد من شمع وضع في كل مكان ... وجدت بشكيرا أبيض ناعم الملمس معلقا فلبسته وأغلقت حزامه بحرص أن لا أتعرى ... دقائق وسمعت صوت أقفال الباب تغلق ... ثم تبعه نقر خفيف على الباب ورأس الشابة يطل منه مبتسما متسائلة إن كنت جاهزا ...

تبعتها متأملا إهتزاز مؤخرتها الطرية تحت قماش بنطلون وردي ... كانت تلبس كما تلبس الممرضات ... أدخلتني لدش رصف فيه الف نوع من الصابون والشامبو ... قالت أن عليا التخلّص من أثار العرق .... ووقفت أمام الباب ... طال إنتظاري لها ان تذهب حتى أنزع بشكيري ... لما يئست أن تسمع صوت المياه ... نظرت في عيني نظرة إستنكار لم افهمها ثم أغلقت الباب بعنف ...

لما انتهيت من الاستحمام عادة في شخصية أخرى ملتزمة وصارمة لتنطفئ إبتسامتها نهائيا لما أصررت على لبس بوكسر طبي وجدته في الحمام ...

أرشدتني لطاولة أشبه بالسرير... نمت على بطني مستسلما لشعور غريب بتمازج الزيوت الباردة والحارة على جلدي ... لمسات خبيرة وقوية وصلت حد القرص حينا والمداعبة أحيانا ... كلما وصلت أناملها منبت مؤخرتي إلا وتحولت اللمسات إلى أشبه بالدغدغة ... مع توالي الحركات الغارقة في الزيوت ولدت بداية انتصاب سرعان ما شبت واشتدت ... حاولت تلافي الحرج بتعديل جلستي لكنها طلبت مني أن أستدير على ظهري ...

هنا قتلني الحرج فالقماش الخفيف لبوكسر أعد ليستعمل مرة واحدة لن يمنع ذلك العمود الذي انتفض بين فخذي من الانطلاق للأعلى ... أغمضت عيني هروبا منها لكن أصابعها التي بدأت بمداعبة أصابع قدمي سرعان ما بدأت تتسلل للأعلى ... قصبة رجلي ثم ركبتي ثم عضلات فخذي ... أطراف أناملها تتسلل من تحت قماش البوكسر من حين لآخر لتلامس أسفل كيس بيضاتي ...

كنت أرتعش خوفا وخجلا وأنا مغمض العينين كلما لمستني ... طال تعذيبها لي حتى رحمتني وتحوّلت لتقف خلفي ... أمسكت راسي وبدأ يسري في مفاصلي تيار كهربائي يجذبني للنوم ... ثم بدأت تلك اللمسات السحرية على صدري نزولا على بطني ... كلما إنحنت لتلمس أسفل بطني إحتك طرف صدرها بوجهي ..كأنها شعرت بما بي من حرج فزادت في تعذيبي بان أصبحت أناملها تتسل في حركات كأنها عفوية من تحت قماش البوكسر لتلامس منبت قضيبي الذي أوشك أن ينفجر ...

لا أعلم كم لبثت هكذا لتهمس في أذني بصوت حرقتني أنفاسه ...

"إحنا كده خلّصنا مش عاوز حاجة ثاني "

لا اعلم هل حبس لساني أم شلّ تفكيري ... هززت رأسي بلا ... تركتني وهي تفتح باب الدش ... لن أنسى ما حييت تلك النظرة في عينيها ... قاستني من أسفل لأعلى ثم اشاحت بوجهها وإنصرفت ...

الماء البارد لم يبرّد إحتراق جوفي والتهاب ما بين فخذي ... طالت محاولاتي أن أتخلص من أثار الزيوت على جلدي .... إلتحفت بشكيرا جديدا وخرجت امشي متثاقل الخطى ... وجدت فنجان قهوة عربية تفوح رائحته على منضدتي وتلك الشابة تغرس عينيها في كتاب أو مجلات وهي تجلس خلف مكتبها العالي ... فقط أشارت أن قهوتي جاهزة ...

قبل مغادرتي وقد عدت لحالتي شبه الطبيعية ... أحسست أن عليا إكرام تلك الشابة ... وضعت يدي في جيبي وسحبت لفة الأوراق النقدية ... مع كلمة " إتفظلي " ... رفعت رأسها ثم عينيها نحوي ... نظرة استغراب وسعادة علت محياها ... قبل أن تنطق بشكر أو غيره فتح الباب ...

صاحبتي تدخل مشرقة متألقة لتضيء المكان ... نظرة ترحيب وسعادة بوجود زبون في ساعة تعتبر مبكّرة من اليوم أخصت كل أحلامي ... هي لم تعرفني ... فقط رحبّت بي ببشاشة متسائلة إن كانت الخدمة أعجبتني ...

مرّت ساعات اليوم الباقية عليا كالجبال ... صدري يثقل عليا دون معرفة السبب ... رحت أراجع ذكريات اليوم متجرعا ألم عدم معرفتها لي ... وألم الإحساس بأني كنت غبيا في تصرفي مع الشابة هي قطعا أرادت مني أن اطلب منها المزيد .... لبسي للبوكسر وإغلاق عيني ورفضي أي خدمة أخرى وأدت فرصتي أن أكتشف الجنس لأوّل مرة ... هي عرضت عليا ذلك أكثر من مرة لكني لم افهم مرادها ...

محاولا الهروب من شعوري بالألم المضاعف... قررت العودة ثانية ...لكن ليس في الغد ... سأصبر يومين أو ثلاث ... حتى أركّز في ما يجب عليا فعله ... الثقة في النفس ... هي تملك ما أريد وأنا أملك ما تريد ...

في صباح الغد توجّهت للكافيه الذي شاهدتها فيه تلك المرة ... هربت من الشلة الجديدة ومن خيبتي وحنقي على غبائي ... المحل كعادته هادئ رغم وجود بعض الزبائن... اخترت ركنا يمكنني من مراقبة الدخول والخروج ... لم يطل إنتظاري ... وقت قليل وسحرتني طلّتها التي أشرقت الشمس بوجودها ... كنت قد بدأت أتناول فطور الصباح ... تابعتها بحذر أين ستجلس ... انتظرت دقائق حتى اختارت ما تستهلك ... كعادة كل البشر وقت الانتظار يجيلون النظر في المحيط ...

نظرت نحوي وكأنها إنتبهت لوجودي ... أشعرني ذلك بالغبطة والسعادة ... بخطى واثقة أجبرتها أن تتبعني بنظرها توجهت نحو الحمام... وقفت طويلا أمام المرآة أشحذ عزيمتي ... ثم خرجت مستمدا شجاعة لا أعهدها في نفسي ... مررت بجانبها ثابت الخطوات أمشي ملكا ... نظرت إليها مباشرة وألقيت التحية مبتسما دون إفراط ... قبل أن ترد التحية عدت لمكاني وانغمست في أطباقي ...

راقبتها قليلا من بعيد ... إحتست قهوتها وأشعلت سيجارة ثم ركزّت في شاشة هاتفها ... أحيانا ترفع عينها وتجول في المكان ... لترمقني بنظرة أقابلها بابتسامة خفيفة ... تكرر الأمر لدرجة صرت متأكدا أنها تهتم لأمري بأي شكل من الأشكال ...

هنا سكنت فكرة مجنونة عقلي ... حجزت موعدا بعد نصف ساعة من الآن لجلسة تدليك... كنت مستثارا لمجرّد فكرة أنها ستراني ثانية في نفس اليوم ... إستقبلتني تلك الشابة ببشاشة ... نفس الأحداث السابقة تكررت ... لا أعلم السبب لكني تمسكت بالصد نحوها ... لبست البوكسر كالعادة لكني هذه المرة تشجعت ... رحت أفتح معها مواضيع وقت المساج ... سؤال مني عن عمرها ومنها عن عملي وسني ... الشابة اسمها أحلام وعمرها 29 سنة خريجة معهد ماساج لم أكن أعلم أن لهذه المهن معاهد خاصة .

... جمعت بعض المعلومات البسيطة عن صاحبتي ... إسمها خولة أو مدام خولة ... في بداية الاربعينات ... مطلّقة ولديها إبنة في مثل سني تقريبا تسكن مع والدها ... غير ذلك خشيت أن أسال أكثر فتنفضح خطتي ... تعمّدت التأخر في الدش ... ملتحفا البشكير الذي لم يفلح في ستر انتصابي الذي صار أزليا .... ما إن سمعت صوت باب الدخول يفتح حتى إستجمعت كل الثقة الناشئة في داخلي وخرجت ...

وجدت إيمان جالسة وراء مكتبها و مدام خولة تقف خلفها ...كأنهما تراجعان شيئا ... مع حمحمة بسيطة من حلقي تعلمهما بوجودي ... بادرتني إيمان بابتسامة تعلمني أن قهوتي جاهزة وسط دهشة علت وجه خولة ... أحسست أنها تراقب خطواتي من خلف ...

ترشفت القهوة وغيّرت ملابسي وتوجهت نحو إيمان أودعها وأنا أمسك لفة أوراق النقدية بين أصابعي ... كرم مضاعف مني فتح عيني المدام على آخرهما وهي تراقبني أخرج من الباب ... لم انزل بالمصعد بل رحت أقفز الدرج كطفل أفلت من المدرسة أخيرا ...

في الغد كررت نفس الموضوع غير أن مدام خولة هي التي بحثت عني في الكافيه وبادرتني بالتحية قبل أن تجلس ... ثم بادرتني بالكلام عند لقائنا في بهو مركز التدليك ... هي بضع كلمات تستفسر إن كانت الخدمة في المركز أعجبتني ... كلمات تكفي لابني علاقة لم أحلم يوما أن أدخلها ... كان يمكنني أن أكون زبونا لها ... ما فهمته من إشارات إيمان البسيطة أن خدمات المركز الغير معلنة يمكن أن تكون مداعبة باليد ... هكذا فهمت من تذمرها أن القانون يمنع عليهن خلع ملابس الممرضات تلك ...

لكن خيالي ورغبتي تكبّرت على تلك اللمسات التي لم يرقص خيالي يوما لتصوّرها حتى ... أريد أن أكون عشيقا ... رجلا تتأبّط يده وهي تسير في الشارع ... كل الكذب الذي ألّفته في روايتي لأمي وخالتي صار شعورا قويا ورغبة متقدة تدفعني لتحقيقه ...

مرّ أسبوع على تلك الحال ... في الصباح انتظرها في المقهى ... ثم اسبقها للمركز وأودعها متفاخرا بلفة نقودي ... نقودي التي لازالت تتزايد كل ليلة بمقادير مختلفة ... كنت كل يوم البس طقم ملابس جديد ... آخر الأسبوع تعمّدت التأخّر في الدخول للكافيه ...

وجدتها تجلس في مكانها وكعادة الشعب في أيام آخر الأسبوع يدللون أنفسهم ... المقهى مكتظ ... رغم وجود بعض الطاولات الشاغرة لكن مكاني المفضل قد حجز ... وقفت طويلا عند الباب أرسم على وجهي ملامح الإنزعاج والغضب ... وكما خططت ... ما إن وقعت عيني على عينها حتى دعتني للجلوس... دعوة كانت مفتاح الباب الموصد طويلا أمامي...

جلست قبالتها على الطاولة متظاهرا بالخجل أو هو حقيقة رسمت على وجهي ... طال صمتي حتى قدوم النادل الذي صار يعرف طلباتي بل ويعاملني معاملة الملوك مقابل بضعة دنانير أتكرم بها عليه ... خولة قطعت صمتي بسؤال عن مدى رضاي بالخدمة المقدمة ... ثم دخلت في التحقيق المفصّل عن شخصيتي ... كانت مستغربة من مصدر أموالي ... أعجبتني صراحتها في السؤال...

خشيت قول الحقيقة فرحت أخترع قصصا أبعد من الخيال نابعة من الواقع ... تقمّصت شخصية مروان إبن خالتي كوني إبن رجل مهم في الدولة ... والّفت رواية عن ميراث جدي الذي تقاتلت عليه أمي وخالي بأن ضخّمت فيه ونسبت ملكيته لي كوصية من جدي ... مداخيل فلاحية وعقارات وووو

ثم لتفادي أي حرج قد توقعني فيه الأيام استلهمت حقيقة شخصية أمي المسيطرة والمتابعة لكل حركة مبررا عدم قدرتي على الغياب عن المنزل مساءا ... شعرت بالنخوة كوني أصبحت كاذبا محترفا ... كلامي كان كالفيروس الذي سكن أركان فكرها ... كانت تتابع كلماتي باهتمام من تسجّل وتحلل وتستنتج

ثم أخذت هي مجرى الحديث ... حدثتني عن طليقها وبنتها ووضعها المادي ... قالت إن المشروع إستنزف كل مدخراتها ... وان المركز لم يعرف بعد وأنها أصلا لن تستطيع دفع إيجار الشهر ... تفاعلت مع ألمها وحاولت التخفيف عنها ... قلت انه يمكنني مساعدتها فرفضت باستحياء ...

حاولت فقط أن تصلها مني بعض المشاعر الحقيقية بالإعجاب فإنطلقت دون لجام ... بغباء و قلة خبرة أعلنت حبي لها هكذا دون تمهيد ... فتراجعت في جلستها قليلا ... وفكّرت مليا ... صدمتها بدت على ملامحها ... قالت أنها لم تتخيّل نفسها في علاقة مع شاب صغير مثلي ...مع تعهدي بالمحافظة على السر وبعض الحجج أني أخشى على نفسي من أمي ... وافقت على قبول المبلغ على شرط أن يكون تسبقة لخدمات في مركز التدليك مع الإبقاء على مواعيدنا في الكافيه حتى حين ...

رغم أن صدها آلمني لكني قبلت مقابل شرط آخر هو أن تقدم لي هي خدمة التدليك ... فوافقت دون تعليق منها ... دفعت حساب الكافيه وتمشينا شارعين ... سحبت المبلغ المطلوب ثم أكملنا طريقنا حتى وصلنا باب العمارة ... إيمان التي صدمها دخولنا مع بعض وقد تعوّدت وجودي دون موعد ...

بحكم الخبرة المكتسبة من الأيام السابقة ... تخلّصت من ثيابي والتحفت بشكيري وخرجت لأجد مدام خولة تنتظرني عند الباب ... مدّت يدها لترشدني لباب الحمام الذي حفظت طريقه ... مجرّد تلامس أصابعنا ببعض أشعل نار الرغبة والحب في قلبي وبين فخذي ...

وقوفها في باب الحمام مطولا جعلني أخلع عني رداء الخجل ... نزعت البشكير ودخلت التقط رذاذ الماء الدافئ تحت مراقبة عيني خولة الحريصتين ... إرتباكي منعني من التركيز مع ردة فعلها ... قبل أن ألتقط منشفة أزيل بها قطرات الماء المنزلقة على جلدي ... لم اشعر إلا بيد ناعمة تمسك المنشفة وتساعدني في تنشيف جسمي من الخلف ... حركتها التنازلية أشعلت نارا صدري مع ملامسة أصابعها لأسفل ظهري ... سحبتني من كتفي برفق وقد غرست عينيها الناعستين ما بين فخذي ... طال صمتي وتركيزها حتى قطعته بصوت حنون يفوح منه ريح الدلال ...

" تعالى د ه انت يندفع فيك مش إنت الي تدفع "

أعقبت كلمتها بضحكة مكتومة تداري بها صراعا إلتهب داخلها ... سحبتني نحو غرفة التدليك ... مع كل خطوة كان قلبي يتوقف عن النبض ثم يعود للحياة ثانية ... كصاعقة كهربائية طلبت مني الصعود على الطاولة عاريا ... إتخذت وضعية النوم على وجهي كما عودتني إيمان ...

لكنها أمسكت يدي وطلبت مني الالتفاف لأنام على ظهري ... " خلاص إنت ما بقتش زبون ... إنت صاحب المكان " ... قبل أن أنطق أو أرد الفعل ... سحبت منشفة زرقاء صغيرة كنت اعتقد أنها ستغطي بها وسطي .. لكنها وضعتها على عيني فجأة ... كنت انوي الاعتراض لكنها بررت ذلك بأنه سيساعدها على التركيز أو التفكير لا أدري

مستلقيا مستسلما لحركات أناملها الرقيقة تداعب مسام جلدي ... لم يكن مساجا عاديا كانت لمسات تلهب الحلق والصدر وتشعل النار في الروح ... بأطراف ظهر أصابعها كانت توزع الزيت على جسدي كله ... تمنيت لو تمكنت من ملاحظة نظرة عينيها لي ... لكن ملمس أصابعها لجسدي أوحى لي انها تحب ما تفعل ...

بدأت حركاتها العبثية تتناسق ... تقترب ببطء من أسفل بطني ... قضيبي الذي ارتفع للسماء حرا من كل قيد لم يطل صبره كثيرا حتى وصلتها أناملها الرقيقة ... رعشة خفيفة هزت جسدي كله مع أول لمسة منها له ... أصابعها الغارقة في زيت تخترق رائحته فؤادي قبل أنفي ...

كذب من قال أن الإنسان يرى بعينيه ... كنت أرى إبهامها يحيط متفحصا فتحت رأس قضيبي .. كنت أراقب قبضتها تعصر قضيبي للأعلى كمن تقيس حجمه ... حركات لم اعلم كم تكررت صعودا ونزولا على جسم قضيبي ثم انفجر بركان رغبتي بدفقات متتالية لم أعلم عددها ... فقط هي وضعت يدها على فمي لتمنع عني آهات كادت أن تزعزع المكان ...

قبل أن يتخلص جسمي من أثر الاهتزاز بدأ الصمت يخيم على المكان ... بعد برهة تخلّصت من المنشفة على وجهي ... الغرفة فارغة ... لولا بقايا رائحة عطرها في الغرفة لضننت أن ما حدث حلم يقظة وردي ... على عجل وبركب مثقلة دخلت الدش أزيل عني كل تلك السوائل ... خرجت للغرفة الخارجية لأجد إيمان وحدها ... خجلت من السؤال عن خولة ...

لم أتطعم القهوة ودخلت في متاهة أفكار ... أفكار سرقت كل وجداني لباقي اليوم ... تناقضات متتالية وأسئلة لا إجابة لها ... هل ندمت على فعلها معي ؟؟؟ ... ألم أعجبها ؟؟؟ ... هل منعها سني من المواصلة معي ؟؟؟ ... لكن لا ؟؟ .. أنا أحسست أنها تحب ما تفعله معي ... هل عادت لرشدها وهربت مني ... هل تسرّعت في فعلي ؟؟؟

مكثت في غرفتي كالمسجون بين شعورين ... ذكريات تلك المداعبة الخيالية من خولة ثم هروبها المفاجئ جعلني كسفينة تتلاطمها أمواج بحر عاصف ... قبل منتصف الليل سمعت رنينا خفيفا من هاتفي ... حالتي أنستني حذري في غلق صوته عند العودة للمنزل ...

إشارة وصول رسالة تزين شاشته ... كنت انوي إهمالها ... ظننت أنها شركة الاتصالات تزعجني ... لكني فتحتها ... قرأت الجملة مليون مرّة ...

" أنا خولة ... أنا موافقة ... نتقابل بكرى الساعة عشرة في الكافيه عشان في شوية تفاصيل "

كنت سأصرخ من الفرح لكني كتمت فرحتي .. بدأت اقفز في أركان غرفتي كطفل سعيد بملابس العيد ... سرحت بخيالي وقلبي ينبض على اشده وأمعائي تتلبك ... ذكريات اليوم في المركز تتمازج مع خيالات صارت أجنحة توصلني للسحاب ...

لا اعلم كيف مرّت تلك الليلة ... وصلت الكافيه قبلها بساعة ... عذاب الانتظار بدأ يقتلني ... ما إن شاهدت طلتها تنير البوابة حتى أشرت لها بإصبعي ... بنظرات الواثقة المقتنعة ابتسمت لي وإقتربت مني ... كرجل همام قمت وسحبت لها الكرسي لتجلس ... قبل أن أعود لمكاني اصابني شلل تام ...

أمي تسحب كرسيا بجانبنا وتجلس دون إستئذان ... لم تنظر لي بل توجهت بالكلام لخولة

" معلش هازعجكم شوية "

الجزء الخامس

كمن خسفت به الأرض ... تسمّرت مكاني فلم أجلس ولم اعتدل في وقفتي ... أصابني العمى والصمم ... فقط كنت أتمنى أن أختفي من الوجود هروبا من هذا الموقف ... أمي بكل برودة أعصاب تنظر بتفحّص لخولة ... ثم نظرت في عيني نظرة استغراب واستنكار ... ثم بصوت حانق لكنه هادئ ...

  • أقعد ما تفرجش علينا الناس
أحسست بالراحة أن أمي تمالكت أعصابها ... طلبت منها الإنصراف وأن نكمل حديثنا في البيت لكنها أمسكت معصمي بقوة تشدني للأسفل أمرا بالجلوس فجلست ... خولة التي كانت أكثر من طبيعية تنظر لكلينا بهدوء قاتل ... ثم بادرت بالكلام قبل أن تنطق أمي بنبرة جدية صارمة...

  • مش تعرفني بالمدام ؟؟؟
  • (قبل أن أنطق تكلمت خولة ) أنا مدام خولة وحضرتك ؟؟؟
  • أما مامته ؟؟؟ طيب حضرتك مين وتعرفي إبني منين ؟؟؟
  • قلتلك أنا مدام خولة وتقريبا ده كفاية لحد دلوقتي وإبنك أصلا انا ما اعرفوش إحنا جايين نتعارف على بعض
  • (أمي التي بدأ الارتباك يتمكن منها تردد قليلا قبل مد يده للرد على طلب مصافحة خولة لها ) تتعرفو ؟؟؟
  • أيوة .. إحنا كان في ما بينا معاد عشان نتعارف
  • (أمي التي تحوّلت لجمر صب عليه ماء ) معاد ؟؟؟ معاد إيه ؟؟؟
نظرت خولة نحوي في إستفسار لا أعلم من أين أتت بالقدرة على اصطناعه ... ثم حوّلت نظرها نحو أمي ... وكأنها تفهمها في لهجة استنكارية عن سبب لقائنا أنا وهي ... راحت تسرد لأمي أننا تعارفنا على موقع إنترنت ... موقع علمي لجامعة خاصة يدرس العلاقات الإنسانية ومن بينها علاقة السيدة الاربعينية بالمراهق وعلاقة المراهق بالاربعينية وتأثير ذلك في كليهما ...

لم أتخيّل بعد في أي جحيم تخبط شيطانها عندما كان جنينا ... لكن الفكرة راقت لي رغم صدمتي فهي متماشية مع الأحداث الاخيرة ... أمي التي لم تتوقع أن تسمع مثل تلك الإجابة ... راحت تستفسر وركبها تهتزّ من التوتر عن طبيعة هذه العلاقات وهذه التجربة ...

خولة التي حافظت على ثباتها الإنفعالي مع كل سؤال تسأله أمي ... رغم أن رواية خولة تبدو ساقطة من أحد الأفلام السخيفة لكن بعض الهدوء الذي سيطر على أمي يؤكّد أنها إقتنعت أو بدأت تقتنع ... أمي التي لا تقبل أبدا أن تخطأ وجهة نظرها ولا تستسلم بسرعة ... أمسكت بقبضة يدي كمخبر شرطة أوقع لص غسيل ... توجهت لخولة بلهجة ونظرة تفحّص دقيق لقراءة ردود فعلها الجسدية

  • فرضا إنه كلامك صح ... الموقع ده هيوفّر لإبني ملابس ومصروف وكل التغيير ده
  • (نصف نظرة استنكار من خولة نحوي ... كلمات أمي كشفت كذب قصتي التي رويتها لها) يعني ما اعرفش الوضع بالنسبة ليه ... هو حط ايه في قاعدة بيناته الي كتبها .. بس أنا بعثولي ماكياج وشوية فلوس كاش
  • يا سلام ؟؟؟؟ (نبرة أمي تؤكّد أنها لا تصدّق ولا حرفا مما تسمع)
  • ده طبيعي يا مدام .. هما طالبين متطوعين والمتطوعين دول مش بيشتغلو ببلاش ... أكيد في فوائد مادّية أو ممكن بيحاولو يعالجو مشكلة كل متطوّع على حده
  • يا ستي قولي كلام يتصدّق ؟؟؟
  • (خولة التي تحوّلت لشخصية صارمة ومتحفّزة للدفاع عن نفسها ) شوفي يا مدام ... أنا إلي عندي قلتو ... يعني حضرتك تتخيلي إني هأدفع كل الفلوس دي لإبنك ده ...
  • (نبرة صوتها ونظرتها آلمتني و جرحت كبرياء أمي .. أحسست بتعرّق يدها على معصمي )... مالو إبني ده ؟؟؟
  • مالو والا مالوش دي مش مشكلتي ... أنا قلتلك الحقيقة وهاعيدها ثاني ... أنا محتاجة فلوس وفي موقع تابع كلية خاصة بيعمل دراسة على طبيعة العلاقات الانسانية طالبين متطوعين ... دخلت سجّلت بعثولي بروفايل إبنك لقيته أحسن واحد في المتطوعين .. وهما وصلوني بيه ... جيت عشان أقابله لاوّل مرّة وتقريا دي هتكون آخر مرة ..
خولة التي تحوّلت من متهمة لضحية سحبت كرسيها للخلف بعنف وإتجهت نحو الباب بخطى واثقة وغاضبة ... تحت نظرات أمي المتابعة لها في دهشة ... لم أفهم أهي دهشة من شخصيتها أم من القصة التي إختلقتها .. أم من الإثنين معا ...

لا أعلم كم لبثت لأقدر على بلع ريقي الذي تحوّل لرمل في حلقي ... لم أفهم أنجوت بفعلتي بسبب قصّة خولة أم وقعت في فخ كذبي هذه المرّة ... طول الطريق للبيت أحاول أن أستجمع أفكاري ... لكني لم أقدر ... فقط أمي التي تمسك بمعصمي كطفل هرب من المدرسة وهي تعيده إليها ...

صوت قرقعة بابنا الحديدي تاه وسط صراخ أمي ... جحيم من الغضب والصراخ إنصب على رأسي وأذني ... لم أفهم ولى كلمة من أمواج صراخها ... سوى هذي آخرتها ...

إسترجعت كل ذكرياتي الأخيرة معها ... غضب أمي لا يردعه سوى غضب مقابل ... دون تنبه ولا تحذير ... أمسكت كلتا يديها ودفعتها بقوّة على الكنبة ... رغم محاولتها العنيفة بالتملّص من قبضتي والعودة لموقف السيطرة لكنها فشلت ... أحسست أنها تلك هي اللحظة المناسبة لإنهاء هذا العذاب وهذا العقد من الكذب ...

شعور بالندم تحوّل لغضب لو صارحتها بالحقيقة قبل الآن لهان الأمر قبل أن تدخل خولة في الحكاية ... ربما المال كان سيهدأ من روعها لكن وجود تلك السيدة في حياتي وكل تلك المصاريف عليها فأمي لن تقبل ذلك ولن ترضى بأقلّ من شنقي ...

دون خطّة مسبقة لما سأقول ... إن كان حبل هذه الكذبة سيطول إلى ما لا نهاية ... فليكن ... أمي التي تكوّرت على الكنبة تحاول النهوض غصبا عن ثقل جسدي وقوة قبضتي تنظر لي نظرة ممزوجة بالرعب والحنق ...

  • ماهو كله منّك ... حسستيني إنني أنا مش طبيعي ومحتاج علاج ... قلتلك ألف مرّة إنها كان حالة نفسية عابرة بس إنتي أصريتي إنه ده مش عادي ... يعني عاوزاني أعمل إيه ؟؟؟ ... دخلت اشوف على النت إذا أنا كنت حالة إستثنائية زي ما حضرتك مصرّة تصوريني.... لقيت 50 مليون حكاية وحالة شبهي ... قلت أشوف أكثر ممكن أنا بجد محتاج علاج وصلت لموقع الجامعة دي لقيتهم عاملين تجارب ...
  • (أمي التي كانت تخفي وجهها بيدها كل ما حركت يدي كأنها تخشى أن أضربها) بس ..
  • ما فيش بس ؟؟؟ ... غلطت أنا في إيه ؟؟؟ ... تجربة علمية وممكن تكون علاج بالنسبة لحالتي وكمان هو حرام عليا إني ألبس هدمة عدلة زي بقيت الخلق ... حرام إني آخذ منهم شوية فلوس تمنع عننا ذل الفقر ومدّ الإيد
وصلت لمرحلة الصراخ الذي يؤلم الأحبال الصوتية ... ثم لا أعلم كيف طاوعتني دموعي لتكمل بقية المشهد الدرامي الذي تقمّصته ... وضعت يدي في جيبي وسحبت أحد رزم الأوراق النقدية وألقيتها في وجهها بعنف كالصفعة ... تركت أمي في حالة أشبه بالشلل وإتجهت نحو الباب ...

قبل أن أخرج وفي حالة من الغضب الهستيري أمسكت مطفأة سجائر كانت على المنضدة وإلتفت نحو أمي التي تكوّرت وأخفت رأسها بركبتيها متفادية أن أصيبها بما أحمل بين يدي ... لم افهم أهو الندم أم الغضب من نفسي أني أوصلت أمي بكذبي لتلك الحالة ... دون شعور وبكل قوتي ألقيت المطفأة على صورة كبيرة لأبي وأمي كانت تزيّن حائط الصالون ... وخرجت من البيت جريا قبل أن تختفي أصوات تهشّم الزجاج خلفي ...

لا أعلم أهي عادة جديدة فيا أم ردّة فعل طبيعية ... بدأت بالجري في الأنهج الفرعية ... بدأ الظلام يسيطر على المكان ... ولم أتمالك نفسي بعد ... شعور مزدوج بالغضب من أمي وعليها ... تراقبني كطفل لم يتعلّم المشي بعد ... هي السبب في كل ذلك ... لو كنت أعلم أنها ستبارك فكرتي لأعلمتها بكل خطواتي لوضعت كل مرابيحي تحت قدميها ... لكنها ترفض وسترفض ... ثم أن تحرجني أمام خولة بعد أن كادت خطتي تنجح في الوصول إلى الشيء الوحيد الذي طمحت إليه ...

ومن ناحية أخرى فضميري يخزني أني سببت لها كل ذلك ... فهي أمي والأكيد أنها تريد مصلحتي حتى وإن كنت أرى أني كبرت على تلك الوضعية من الإحاطة الخانقة ...

جلست على أحد الكراسي الخشبية أستريح من عناء الجري ومن ثقل الضمير الذي خنقني ... كنت أهز رأسي محاولا طرد صورتها وهي تتكوّر مرعوبة من ردة فعلي المصطنعة ... لا أعلم أكانت مصطنعة للخروج من مأزق كالمتاهة لا مناص منه ... أم هي حقيقة ولدتها مشاعر الغضب أنها كشفتني وكشفت كذبي أمام خولة ...

شعور متذبذب تحوّل لأصابع تحيط برقبتي ... كيد القدر الثقيلة التي تطبق على صدري مذ نشأت ... فجأة كسر سكون الشارع دون سابق إنذار ... منبهات السيارات تدوي في الشارع الرئيسي وأصوات صراخ الجماهير يعلو متحديا حرارة الطقس ... بدأت الضوضاء تجذب الناس أكثر فأكثر ...

تمشيت بضع خطوات للشارع الذي يجاور مكان جلوسي ... سيارات تحمل أعلام الوطن ... رجال ترقص وفتية يطلقون الشماريخ ... إعتقدت أن فريقنا الوطني ربح مقابلة مهمة فنحن لا يجمعنا علم الوطن إلا في مباريات كرة القدم ... سرت وسط الهاتفين وقفزت مع القافزين دون أن أعلم شيئا ... بدأت الوفود تتجمّع رويدا رويدا كلما إقتربنا من شوارع أخرى ... هذا يصرخ وتلك تزغرد والآخر يلتحف علما ويجري ...

لكن حسب علمي و أنا المتمعش من نتائج كرة القدم لا توجد أي مقابلة مهمة لا في القدم ولا في اليد ولا حتى في التنس ... في غير تلك الألعاب نحن لسنا مصنفين ... صادف مرور الجمع قرب محل العمدة الذي شاهدته يرفع علامة النصر من أمام الباب .. إنسحبت من سيل البشر المنهمر نحو وسط العاصمة والتحقت به ...

وجهه مستبشر وسعيد ككل الناس ... فهمت منه أن حدثا جلالا حدث في البلد ... قرارات سيادية ستغيّر مجرى حياة دولتنا العليلة ... أحد الحاكمين عزل الباقين وجرّدهم من مناصبهم وسيقوم بحسابهم ... هكذا فهمت من كلماته الكثيرة ... لم تمضي دقائق حتى إقتحمت دبابة الجيش والعربات المصفحة الشوارع وتمركزت في كل مفترق طرق ... وجودهم بعث في نفسي بعض الخوف ... ثم تذكّرت أمي ...

كل تلك المشاعر المتضاربة تحوّلت لخشية عليها ... لا أحد يعلم ما سيحدث ... هي سيقتلها الخوف عليا لو سمعت طلقا ناريا واحد يدوي في الشارع ... ركضت بأقصى سرعتي نحو حينا ... وجدت باب البيت الحديدي مفتوحا كما تركته ...

الصالون مظلم إلا من ضوء شاشة التلفزيون ينعكس على بقايا الزجاج المتناثر في كل مكان ... وصلني نحيب أمي التي رفعت صوت حشرجتها ككل الإناث إذا أرادت هزم ذكر أخطأ في حقها ... منعتني طريقة مغادرتي البيت من الإقتراب والإعتذار ... متظاهرا أن شيئا لم يحدث ...

  • سمعتي حصل إيه في البلد
  • (أشارت بيدها نحو شاشة التلفاز التي تعرض حركات الشارع وصدرها يهتز من أثر البكاء) ايوة عزلهم كلهم
  • (حاولت أن أضفي فسحة من الفكاهة تمكنني من فتح حديث معها) وإنتي بقى بتعيطي عشانهم .... ههه
  • (نصف إبتسامة سرقتها من شفتيها ) يتحرقو كلهم ... مش لما اشوف الإنقلاب إلي حاصل في بيتي
  • إنقلاب ؟؟؟ ده تصحيح مسار (إقتسبت ذلك المصطلح من كلمات احد المتدخلين في التلفزيون)
  • (بنصف إبتسامة تعكس أن فطتني أعجبتها) إنت شايف إنه المسار كان غلط
  • مش غلط بس بيمنع التطور والتنمية
  • طب فهمني ... نعمل حوار وطني مش تنفرد بالرأي والقرار والسلطة لوحدك
  • طالما حوار يبقى نجيب حاجة نشربها ونسهر عليها
سحبت بعض الأوراق النقدية من تلك الأوراق الملقاة على الأرض وخرجت لأقرب محل ... سددت ديننا القديم ودللت نفسي بكل ما طالته يدي ... مثلجات وعصير وشكولاطة وفواكه جافة ... عنب وبطيخ ... سأناقش أمي وعلى حسب ردّة فعلها سأقرر ما سأفعل ....

إما اللإعتراف بكل ما حصل وأدفن هذا الذنب وإما المواصلة وليكن ما يكون ... ثم عدّت للبيت ... وجدت أمي التي تمالكت نفسها بأن غسلت وجهها في الدور العلوي تغيّر ملابسها ... وضعت كل المقتنيات في طبقين كبيرين وصعدت للأعلى ... فتحت البلكونة وسحبت سجادة كانت مطوية بجانب بابها وفرشتها ... الإنارة الخفيفة في الشرفة سحبتها وقد صدمت لكمية الأشياء الموضوعة في الأطباق ... شعرت انها لا ترغب في الجلوس هنا

  • إنت قاعد هنا ليه ؟؟؟
  • إنت مش قلتي حوار ؟؟؟ يبقى لازم يكون على أرض محايدة
  • (بنصف ابتسامة مكتومة) وفارش سجادة على الأرض ليه
  • عشان تبقى أرضية تفاهم نبني عليها الحوار
  • (هنا لم تستطع أمي كتم ضحكها من دعابتي) طيب وإيه ده كله ؟؟؟
  • دي لمحة عن التغييرات الإقتصادية الي هيعملها تصحيح المسار
  • يا واد بطّل هزار هو من إمتى بقيت بتفهم في السياسة
  • يعني إنت لسة شايفاني مش بافهم ؟؟ مش مقتنعة إني كبرت دي حتى الحكومة أعطتني حق الإنتخاب
  • وهو حق الإنتخاب بيخليك تخبي كل الأسرار دي عن أمّك ؟؟
  • ماهو لو أمي كانت بتسمعني وبتفهمني ما كنتش خبيت عليها حاجة
  • ياااااااه ... هو إنت شايفني متسلّطة للدرجة دي
  • مش متسلّطة بس ما تصدقيش
  • يا سلام ... هو إنت قلتلي حاجة وما صدقتكش
سحبنا الحديث قليلا مع هدوء أمي التدريجي ... أحسست أني نجوت بفعلتي الأولى والثانية ... أمي التي شعرت أنها صارت تخشى حقا فكرة تكذيبي بررت مراقبتها لي بأن رحيم إتصل بها لأنه يحتاجني وأخبرها أني لم أمر عليه منذ 3 أسابيع ... وبما أن وجودي عنده هو المبرر الوحيد لغيابي فقد بدأ الشك يخامرها حتى قامت بتتبعي لتكتشف وجودي في المقهى مع خولة ... ثم بدأت تسألني بروية عنها وكيف تعرفت بها ... شخصيا أعجبتني فكرة إحتراف الكذب وكيفية مزجه ببعض الحقائق لتحقيق مكسب من وراء ذلك ...

رحت أسرد ثانية كلامي وكلام خولة وبتفاصيل دقيقة محاولا إلقاء المسؤولية على عاتقها ... كيف أن كثرة الحديث عن موضوع إعجابي المزعوم بتلك السيدة والذي أوصلني للمستشفى جعلني ابحث في عالم الانترنت عن تحليل سليم لمشاعري .. وبما أن عالم النت مليء بالحكايات فقد وجد لينك الجامعة المتخصصة في علم النفس و بالدخول اليها وجدت فيها ذلك العرض عن طلب متطوعين للدخول في تجربة فدخلت لهدفين أولهما أن أعالج إن كان هذا مرض وأن أكسب بعض المميزات العينية ... كبعض الملابس والهاتف وذلك المبلغ

أمي التي خنقتني عن طبيعة العلاقة والتجربة لم تقتنع بكلماتي المقتضبة ... فحقيقة لم أجد ما أقول أن الموقع لم يحددها بعد ... أو ربما ستتحدد كلما تقدمنا في التجربة أكثر ...

وأمام حصار أمي إخترعت تفاصيل كثيرة مصدرها الحقيقة عن الحساب البريدي وأكدت لها مرارا أن تلك المؤسسة تحافظ على سرية شخصية المتطوعين حتى القائمون عليها لا يعرفونهم شخصياتهم الحقيقية ... فقط يجب أن تملأ قاعدة بيانات عنك ثم تدخل في إختبار لمدة أسبوع ينتهي بالحصول على وصل مقتطعات شراء انفقتها في الهاتف والملابس وكيف أني كنت ألجأ لحلاق قريب من البيت لتغيير ملابسي خوفا من أن تكشفني ... ثم ما إن يختارك شريك لخوض التجربة حتى تتحصل على مبلغ 500 دينار وعند نهاية التجربة تحصل على مثلها ....

كلام موزون ومنمّق ... هكذا بررت لامي تواجدي مع خولة دون وجع دماغ يتلو تلك الحادثة أو على اقل تقدير بأخف قدر منه ... وتخلصنا من دين دكان البقالة و وضعت في يدها مبلغا يساعدها ... والاهم سوف أتمكن من الخروج من البيت بملابسي الجديدة .... الإيقاع المتزن لحركة أظافر أمي وهي تفتح حبات الفستق يوحي أنها تركز وتحلل كل كلمة اقولها ... شعرت أن هذا السيناريو المحوّر من قصة نجاة خولة بنفسها ينقصه بعض المؤيدات ...

سحبت هاتفي الجديد و فتحت صندوق الرسائل ... بثقة تامة أن أول رسالة تصلني من خولة كانت الأمس لتحديد الموعد ... أمسكت أمي الهاتف بتملي قرأت الرسالة عدة مرات ثم قلّبت الهاتف بين يديها مفكّرة قليلا ... ثم أرجعت في يدي و بأمر صارم قالت

" وريني الموقع ده "

حشرت حبة فستق في حلقي حتى قاربت أن أختنق بها ... أي ركن حشرت فيه نفسي وأي مأزق ... ياليتني إعترفت قبل هذا ... حركتي المترددة على شاشة الهاتف تعكس توتري ... مستجديا الحظ أن أجد شيئا فقط قريا ولو بنسبة العشر لما أقول رحت أحاول فتح المتصفّح فلا يجيب ... أمام تكرار محاولاتي ألقت أمي برأسها فوق كتفي تراقب حركاتي ... كفأر غريق تعلّقت بآخر محاولة للكذب ... الإنترنت إنقطع ...

أمي التي قامت تنفض بعض غبار السجادة عن مؤخرتها تمشّت حافية أمام نظري الأعمي من الصدمة بحثا عن هاتفها في الدور السفلي ... دقائق كدت اسجد فيها للحظ أن أنجاني من هذه الورطة ... لتعود بعدها متمطية كقطة أصابها النعاس ... بصوت يكسوه المكر قالت أن التلفزيون يذيع أن شبكة الاتصالات انقطعت بفعل عمل تخريبي و يعملون على إصلاحها ... ثم انسحبت لغرفتها ...

دقائق قليلة وانتفضت نحو غرفتي ... إذا كان الحظ يقف بجانبي بكل قواه كي لا يكشف كذبي فلن أخذله ... أمسكت جهاز اللابتوب ... شخص مثلي تدرّب على يد خبير مثل رحيم لن يعجز عن إبتكار موقع ينجيه من عار الحقيقة ... الأمر لم يكن هينا عليا لكنه لم يكن مستحيلا ... وضعت كل خبرتي القليلة ... ساعدتني عودة النت السريعة وشجعتني على المواصلة ... هي إشارة من القدر أن انقطع لينجيني وعاد لينجيني ... سرقت كل المقالات وقلّدت أعظم المواقع المختصة ليخرج شيء قريب للواقع ومقنع ...

تحضير هيكل الموقع وملأه بما يجب أن يوضع فيه من مقالات وتعريف ولينك إتصال وصور تعريفية وغيرها تطلّب مني طول الليل ... هو ككل المواقع المنتشرة ... قبل شروق الشمس شعرت بالعطش فرحت أبحث عن شيء يبل ريقي في الشرفة ... النور المتسلل من تحت باب غرفة أمي يوحي أنها لم تنم ليلتها ... أنا أكثر الناس علما بأمي هي تراجع كلامي وكلام خولة وإستنتجاتها بالحرف لتحشرني ثانية ... أنا أعرف

إستعدادا لهجمة مرتدة منها ألحقت الموقع بموقع فرعي ... تطبيق للاجابة عن الأسئلة والتحاور عبر رسائل الهاتف ... هو نفس التطبيق الذي بدأت حكايتي معه يوم دخول خولة لمحل رحيم ... منه إنطلقنا ومنه ننتهي ...

استجمعت ما تبقى في ذهني من قدرة على التركيز ... مربعات تعمّر من طرف المتطوعين ... أسئلة تعريفية عن العمر والحالة الإجتماعية ... الطلبات المرغوبة في الشريك ... نظرت لعملي بنظرة الفخر ... أمن الدولة لن يكتشفوا تزييفي ... آخر خطوة هي نشر الموقع على النت وكدت أن أصاب بشلل رباعي ... سيكتشف أي زائر للموقع عن تاريخ إنجازه ... وهكذا سقط كل عملي في الماء ...

قررت تركه في في مرحلة الإختبار قبل النشر لا احد يراه ... نسخت اللينك على الهاتف ودخلت منه ...الأمر يبدو منطقيا والموقع يبدو مثاليا لمؤسسة مرموقة تكرم المتطوعين للعمل معها .... إختبرت منظره العام وكل محتوياته بدقة قد لا تفعل مثلها أمي ...

الآن سأغلق كل الملفات القديمة ...سأحافظ على صورتي أمام أمي وسيمنحني ذلك راحة بال و نقطة تفوق على أمي التي تدخلت في حياتي فحرمتني فرصة خوض تجربة طالما تقت إليها ...

أغلقت كل شيء وأخفيت كل آثار جريمتي ونزلت للحمام لأتخلّص من مخلفات يوم التوتر ذلك ... قبل خروجي من الحمام سمعت صوت آمي يدندن أغنية شعبية في المطبخ ... تصنعها للبال الرائق ذاك ينبئ بمصيبة ستحدث ...أنا اعرف ذلك فركت عيني كأني صحوت من نوم ثقيل وخرجت ...

كأن حربا لم تدر بيننا أمس ... سألتني إن كنت أريد وجبة الإفطار ... أنا أريد وجبة نوم طويلة ... قبل أن تطأ قدمي درجة السلم الأولى لحقني صوتها يعلمني أن الاتصالات عادت لطبيعتها ... مصطنعا وجها من الاستغراب نظرت إليها كمن لا يفهم مغزى كلامها ..

بصوت واضح طلبت مني مدها بلينك الموقع ... بعد أن أعلمتني أن الموظفين في إجازة لمدة يومين حتى تهدأ الشوارع ... كدت أسجد لعقلي تقديسا له آن هداني لفكرة الإسراع في عملي ليلة أمس ... عدت نحوها بعد جلبي للهاتف بخطى ووجه الواثق ... فتحت اللينك أمامها وتركتها متعللا بالنوم ...

ثقتي في نفسي وجهدي طيلة الليل سحبني لسبات لم أعلم كم طال ... صحوت وقد ارتحلت الشمس ... وجدت هاتفي على منضدة الصالون ولم أجد أمي ... لم أخرج من حمامي بعد وسمعت صوت حركتها في المطبخ ... كنت منتشيا بنصري عليها ... لم تفتح معي موضوع الموقع ولا خولة ولا حتى إشارة لذلك ... قضينا الليل كله في الشرفة ... لمستها الأنثوية جعلت من الشرفة المهملة أجمل قعدة عربية ... السجدات المهملة مفروشة ومخدات ومساند لم ترى النور منذ عقد أو أكثر ... طاولة صغيرة تتوسطها ...

جلسة لم يجلسها هارون الرشيد في قصور بغداد قديما ... من شرفتنا كنا نراقب الحركة البطيئة في شوارع ألجمها حظر التجوال ... بعض الشبابيك المقابلة تشكل مسرح لظلال الساكنين خلفها ... تحدثنا عن الوضع وعما يمكن أن يحصل بعدها ... عن مستقبل هذا البلد لو حكمه الشرفاء ... بعض أحلام السذج سرقتنا ... شعرت ان أمي أعجبت بتفكيري

القليل من نسمات الصيف العليلة جعلتني أحتج على إهمالها لهذا الكنز طيلة سنين ...قالت بصوت مذبوح أن جلوسها هنا يذكرها بأيامها مع أبي ... قالت انه كان يعشق السهر هنا قبل أن تنبت بعض تلك العمارات التي تغطي الأفق ... لأول مرة في حياتي كنت اسمع ذكريات آمي وأبي بشعور مختلف ... هو بعض الإمتنان له لما أورثني إياه ... فكرته المجنونة لترويض الحظ وأمي ...

إن كنت قد تبعت خطاه في لعبته ونجحت فلا بد أن أكمل ما عجز عنه في إسعاد أمي ... هي رسالة وصلتني من العالمين ... عالم هو فيه يرشدني كيف أكسب مالا لا أهتم لشرعيته ورسالة من أمي التي استحسنت كسري لصورتهما ... رغم غضبي من تعليقها لكن قولها بان صورتي هي التي يجب أن تزيّن أركان البيت بعد الآن ... ربما يجب عليا فعلا أن أملأ الفراغ الذي تركه في حياتها ...

تمطت أمي التي كانت كعادتها تلبس قميصا قطنيا لا يصل نصف فخذيها .. خطوتان وألقت بصدرها على سور الشرفة تنظر للحديقة مسدلة نصفها العلوي للأسفل ... استرسلت في شريط ذكرياتها ... لأول مرة تقول ذلك ... قالت أن أبي كثيرا ما حضنها وهي تقف هنا ... شعرت أنها تدعوني لذلك ... تقدمت منها خطوتين محاولا حضنها ظننت أن ستستقيم لمجرد لمسي لخصرها براحة يدي ... لكنها واصلت أرجحتها المقلوبة ...

مؤخرتها الطرية كانت تتصادم مع ما بين فخذي جيئة وذهابا ... لعبها الطفولي أسعدني ... فأمسكت خصرها بقوة أكثر لأسمح لها بالتأرجح وشعرها متدلي للأسفل بكل ثقة ... كعادتي كل صيف عاري الصدر لا البس سوى البوكسر اللاصق على جلدي ... محاولا تعديل وضعي كي أرفع بطنها عن حائط السور واتركها تتأرجح بحرية ودون تنبيه مني ... ارتعبت لحركتي فدفعت نفسها للخلف لنقع كلانا ...

أنا على الأرض وهي فوقي وظهرها لي ورجلاها للأعلى ... قميصها إنزلق حتى وصل رقبتها ... ظهرها عاري فهي لا تلبس سوتيانة في البيت ... موقعي لم يسمح لي برؤية فخذيها بحكم أن جسمها يحجب عني المجال ... قبل أن انطق بكلمة واحدة إنفجرت ضاحكة وهي تحاول الوقوف ...

إحراجها جعلها تنتقم مني بدغدغتي تحت إبطي وصدري ولمنع حركتي جلست فوق بطني ... بضع حركات إهتزازية مني جعلها تفتح رجليها وتتراجع قليلا لشل كل مقاومة مني ... قماش كيلوتها الوردي يغمزني ويداها تجولان بعنف على صدري ومؤخرتها الطرية تضغط على قضيبي الذي لم يلبث أن أعلن عن وجوده للكون منطلقا للأعلى ... رغم انه يستحيل عليها أن لا تحس به لكن جلوسها هكذا طال وانهمكت في دغدغتي أكثر ... لما شعرت أنها انتقمت مني بما يكفي ... قامت من فوقي تمسح بقايا دموع اغتصبها الضحك من مقلتيها

  • حرمت بقى تهزّر معايا هزارك العبيط ده
  • لا حرمت ... وقعتين ثلاثة زي دي ويجيني كسر في الحوض
  • مش مهم الحوض يتكسر المهم الحنفية سليمة
وهربت من أمامي مهرولة نحو الأسفل تشد قميصها للأعلى ... تلك الجملة سمعناها يوما في فيلم هي استعارتها لاستكمال جو المزاح بيننا ... تركتني أنظّف بقايا السهرة ولجأت لغرفتها ... بما أني قضيت اليوم كله نائما ولم أجد مقابلات في مثل هذا التوقيت تسليني بجني بعض المرابيح منها ... فتحت الموقع الذي أنشاته أتأكد بفخر من قدرتي على الإختراع ...

سحبتني إشارة في الأعلى أن أحدا اتصل به ... كنت متأكدا أنها أمي ... تخيّلت أنها ستستفسر عن كلامي ... فتحت الإشارة لأصاب بصاعقة ... أمي سجّلت للمشاركة في البرنامج كمتطوّعة ... لم يسرح بي الخيال أنها ستكذبني لتلك الدرجة ... تسجّل لتتأكد من صدق كلامي ... فليكن ... هي منحتني فرصة أن أمدها ببعض الأموال وبعض المرح دون عناء ...

قرأت بيانتها هي صحيحة لا محالة

العمر 40 سنة

الحالة الإجتماعية ارملة

الطول 165

الوزن 68 كغ

رقم الهاتف

سبب التسجيل ... تجربة جديدة

العمر المطلوب في الشريك 18- 22

هنا اكتشفت خطئي فبمجرّد فتحي للإشعار التطبيق سيرسل لها رسالة يعلمها بتلقي طلب التسجيل ... وهذا من شانه كشفي لكن لا مفر لقد حصل ما حصل ... أرسلت رسالة أخرى كنت أعددتها مسبقا

" أقر أني بعد قراءة هذه الرسالة أني موافق على كل ما فيها ... المشارك يتعامل مع جهاز الكتروني يقيم الحالة وفق بيانات مبرمج لها لذلك يجب

الإلتزام بالإجابة عن الاسئلة و قول الحقيقة دون غيرها

الالتزام بتنفيذ كل الأوامر الصادرة عن البرنامج حسب ما تقتضيه متطلبات مرحلة المشاركة

الإلتزام بإعلام المؤسسة عن أي إخلال يقوم به الشريك

تطبيق التعليمات الجديدة كل ما اقتضت الضرورة ذلك

لا يمكن الانسحاب من التجربة قبل نهاية المرحلة المسجّل فيها كاملة وإذا حدث ذلك للمؤسسة حرية سحب المكافأة المرصودة

تلتزم إدارة البرنامج بالحفاظ على سرية شخصيات المشاركين والسعي لضمان ذلك

تحذير.. إن كل معلومة تساهم في بناء الشخصية لدينا وهو ما يرتبط بكل الأحداث والطلبات بعد ذلك .. ننصحكم بالصدق

إذا إحتجت للمساعدة نمكنك من الاتصال بمختص نفسي

إن كنت موافق على ما سبق ابعث رقم 1 وان رفضت ابعث رقم 2

ما هي إلا دقيقة ووصلني إشعار بوجود رسالة ... هي رقم واحد دون شك ... من باب التسلية وإن كنت سأدفع لامي بعض الأموال فليكن مقابل بعض المعلومات ... بعثت رسالة أخرى ورائها ...

  • السؤال الأساسي الأول ... قلتي ان سبب الإشتراك هو تجربة جديدة ... هل سبق لكي أن دخلت تجربة عاطفية من قبل ... للإجابة بنعم رقم 1 وبلا رقم 2 وإن كنت لا تريد الإجابة رقم 3
  • الإجابة 1
  • كم مرة
  • مرة واحدة
  • في اي سن حصلت تلك التجربة
  • سن ال 18 سنة
  • هل تطوّرت تلك التجربة العاطفية لملامسة جسدية من اي نوع
  • أكيد
  • هل حدث ذلك في إطار علاقة شرعية
  • أكيد
  • وقبل ذلك هل حصل
  • نعم
  • إلى اي مدى وصلت تلك الملامسات
  • بوس .. أحضان ...
  • السؤال الأساسي الثاني ... وضعيتك الإجتماعية أرملة ... هل لك أبناء ؟؟ للإجابة بنعم رقم 1 وبلا رقم 2 وإن كنت لا تريد الإجابة رقم 3
  • نعم
  • عددهم ؟؟
  • واحد
  • الجنس
  • ذكر
  • منذ متى وأنتي أرملة
  • 16 سنة
  • هل فكرت في الزواج ثانية
  • لا
  • هل وقعت في الحب بعد ذلك ؟؟
  • لا
  • السبب
  • وجود إبني في حياتي وحبي الشديد للمرحوم
  • السؤال الأساسي الثالث ... قلتي ان سنك 40 سنة هل شعرتي بتقدّم العمر للإجابة بنعم رقم 1 وبلا رقم 2 وإن كنت لا تريد الإجابة رقم 3
  • لا
  • ما السبب وراء شعورك
  • جسدي لا يزال نظرا و روحي تتوق للحياة
  • هل أنتي راضية عن جسدك وجمالك
  • نوعا ما
  • تفاصيل
  • ربما أحتاج لبعض المكياج لملابس الجديدة كي ارضى عن جمالي ( أعجبتني نبرة التحيّل التي وصلتني منها)
  • هل يؤثر منسوب رضاك عن جمالك وجسدك على قراراتك العاطفية
  • أكيد
  • السؤال الرئيسي الرابع ... لماذا حددتي سن الشريك بين 18 و 22 ... الإجابة الاولى حرّة
  • ربما لانها كانت أحلى فترة عشتها في حياتي في ذلك العمر
  • هل تريدين خوض تلك التجربة من جديد
  • نعم
  • على الصعيد العاطفي ام الجسدي
  • (طال تفكير أمي) الإثنين معا
  • هل تنجذبين للشباب في مثل هذا السن
  • (طال تفكيرها أكثر) نعم
  • (هنا إقتنعت أن أمي مصرة على خوض التجربة لكشف كذبي) هل يوجد في حياتك شخص في مثل هذا السن تنجذبين اليه
  • لا يمكنني الحكم بعد
  • السؤال الرئيسي رقم خمسة ... هل تريدين تقييم علاقتك مع ابنك للإجابة بنعم رقم 1 وبلا رقم 2 وإن كنت لا تريد الإجابة رقم 3
  • رقم 3
  • شكرا لقد تم تسجيل بياناتكم سيقع تحليلها والإجابة عليها في أسرع وقت ... شكرا على ثقتكم بنا ...
سمعت صوت أمي تفتح باب غرفتها لكن لم يصلني وقع خطواتها على السلّم ... أثارني الأمر ... أطفأت نور غرفتي فتحت بابي خلسة ورحت أراقبها من بعيد ... كانت تتمشى جيئة وذهابا في الشرفة حافية القدمين ... كل نصف دقيقة تتطلّع لهاتفها ... لم أشأ تعذيبها أكثر

أرسلت لها رسالة

" لقد تم تقييم مشاركتك ... حصلتي على 480 نقطة ... الرجاء مدنا برقم حساب بنكي أو بريدي لتحويل مكافأة التسجيل ورقم صندوق بريد لتلقي الهدايا "

لم تمضي نصف دقيقة ووصلني رقم حساب .. لكن لا أظن انه حسابها ... دخلت موقع البريد وقمت بتحويل مبلغ 480 دينار من حسابي لحسابها ... الشيء الوحيد الذي تطوّرت فيه تونس هو سرية الحسابات المالية ... بعد دقيقتين فقط كنت استمع لتنهيدتها تلهب جو الشرفة قبل سماع طنين هاتفها يعلمها بوصول رسالة ... طال إنتظاري لها أن تدخل غرفتها عبثا ...

فتحت الباب لألمح طيفها متأرجحة على سور الشرفة كما فعلت قبل قليل ... السعادة تشع من جلد فخذيها قبل وجهها الذي لم ألمحه ... لم تمضي دقيقتان وألحقتها برسالة أخرى ...

هل ترغبين في دخول المرحلة الثانية من البرنامج أجب بنعم أو لا ... لم أتوقع سوى إجابة نعم ... لكن هذه المرحلة ستدخلني في حارة مسدودة قد تكشف كذبي ... ماذا إذا طلبت أمي مقابلة احد الشباب ؟؟؟ ... غلبني غروري وثقتي بأن أمي لا تريد فقط سوى إغلاق تلك الفكرة نهائيا ... فقط هي سترى صور الشباب المشاركين و تتأكد ... التحويل قد وصلها وهو تأكيد شبه كلي على صحة كلامنا أنا وخولة ... فقط هي تريد المزيد من الأدلة ...

دخلت على الانترنت في موقع مواعدة أوروبي إخترت بضع صور لشباب دون وجوه ... بلباس كامل عاري الصدر .. ببوكسر فقط ...بلباس بحر ... هذا يستعرض عضلات يديه والآخر فخذيه ... أنشأت موقع رديفا لموقعي ونزلت الصور وصور لي التقطها في الحين كلها ببوكسر غير الذي ألبسه ... كل شخص ركبّت له رقما معقدا ليبدو الأمر أن المشاركين كثر لا غير

فقط هي رسالة عن تحديد المنطقة السكنية المرغوب منها الشريك ... ثم أرسلت لها اللينك ... كنت أتوقع أن تنتهي مغامرة أمي هنا ... أنا موجود وسط بضع شباب من سني على موقع علمي وجدتني عليه خولة فتقابلنا .. هي غنمت بعض المال وأنا إكتفيت من الغنيمة بالسلامة ...

ما هي إلا دقيقة ووصلتني رسالة عليها رقم تسجيلي الوهمي ... توقف قلبي وعقلي لبرهة عن العمل ... إلى أين تريد تصل بشكوكها ... أمي تريد مواعدتي ؟؟؟ ... يجب على هذا الجنون أن ينتهي ...

أرسلت لها رسالة كنت متأكدا أنها ستنهي الموضوع من أصله .... طلبت منها بعض الصور ليراها الشريك ليحدد موقفه بالموافقة أو عدمها ... سمعت باب غرفة أمي يغلق بالمفتاح ... ابتسمت في سري ظنا أني هزمتها ... واستلقيت على سرير أطلب النوم ... لم تنطبق رموشي بعد صوت إشارة خفيف يرن من جهاز اللابتوب ...

خمس صور تصلني من الغرفة المجاورة ... اثنان وهي واقفة أمام مرآة خزانتها تلبس تنورة سوداء لا تصل نصف فخذيها وقميصا ابيض فتحت زرين أعلاه ليظهر مفرق صدرها ... وواحدة تجلس على حافة سريرها تضع رجلا على رجل ومجمل فخذيها عاريان ... وأخرى نائمة على السرير ومؤخرتها مرفوعة للأعلى ... أمي لقد جنّت حقيقة ... هذه صور لموقع مواعدة وردي ... إنها دعوة لل****** ...

كيف تجرأت على ذلك حتى وإن أخفت وجهها ... فكرت أن لا أرد عليها ولكني أردت معرفة مدى شكوكها بي هي حتما تريد إختباري ثانية إن كنت سأقول الحقيقة أم لا ... وإلا لما اختارتني دونا عن الموجودين ... للتأكد من ذلك بعثت رسالة أطلب منها إن كانت تريد نشر الصور علّ أحد المشاركين يدعوها لخوض تجربة أو أنها تريد إرسالها حصريا للشريك المطلوب ...

هي تؤكّد في الرسالة على خصوصيتها وأنها لا تريد لأحد أن يراها غير الشريك المطلوب ... هنا توضّح الأمر بالنسبة لي ... هي تريد فقط إختبار معاهدة الصدق بيننا ... وللخروج من هذا المأزق توجب عليا السهر ثانية لتسجيل نفسي على تطبيق الموقع ثم إستقبال رسائل منه ثم مصارحتها بالأمر ... أنهيت كل ذلك العناء المجاني بعد الفجر فوجدت أمي قد نامت ...

إستسلمت لنوم عميق غير مريح ... حلمت بخولة في محل التدليك ... وحلمت بأمي تجلس مكان إيمان وخالتي تعمل بالمقهى كنادلة ... عرق وحرارة ونوم مجنون وأحلام من الجحيم ... صحوت عند غروب الشمس مثقل الخطى مشلول التفكير ... رسالة من آمي للبرنامج فيها رقم صندوق بريد ... هي لا تضيع وقتها ... وجدتها قد سيّقت الشرفة وفرشتها ثانية ...

قبل أن أنادي عليها وضعت في يدي ورقة نقدية وطلبت مني شراء بعض مستلزمات السهرة .... عند عودتي وجدتها جالسة في الشرفة تداعب هاتفها ... وضعت الكيس بكل ما فيه أمامها وقررت إنهاء هذا الأمر الآن ...

  • ماما في وحدة ست ثانية عاوزة تقابلني
  • تقابلك فين ؟؟
  • البرنامج بعثلي بيعلمني إنه في وحدة عاوزة تقابلني ومستنين أوافق والا لا ؟؟
  • وقلتلهم ايه ؟؟؟
  • ما قلتش حاجة ... جيت أقلّك
  • طب هما بعثولك ايه ؟؟
  • بعثلولي رسالة بيعلموني انه حسابي تلقى طلب بالمقابلة وبعثولي صورها
  • وريني كده ؟؟؟
  • (راحت تتملى في الصور بهدوء وثقة ) تصدق دي أحلى من الاولنية
  • أكيد هو في حد أحلى من ماما ؟؟؟ ... إنتي إزاي عملتي كده
  • هو مش برنامج مفتوح للعموم عشان يتطوعو ... دخلت سجلت واتطوعت وبعثولي فلوس كمان ...
  • طب معلش إزاي إخترتيني أنا دونا عن الكل
  • تصدّق إن الست بتاعة الكافيه معاها حق إنت أحلى واحد فيهم
  • بس إنتي أمي
  • هو مش جحا اولى بلحم ثوره ؟؟؟؟

الجزء السادس

غير مستوعب كلمات أمي ... حاولت التفرّس في وجهها مستنكرا قولها علّها تتراجع او تفسّر ... لكنها صمتت ... كعادة كل مذنب قتلني الشك القريب لليقين أنها كشفتني وتسايرني فقط لأعترف ... لم أجد مهربا إلا الإستمرار ... حقيقة لم أصل بعد لدرجة فهم ما تروم إليه ...

  • مش فاهم حجا ايه ولحم ايه ؟؟؟
  • (أمسكت أمي عنقود عنب وتوجهت نحو سور الشرفة ) إنت مستغرب ليه ؟؟؟
  • طبعا لأن الوضع مش طبيعي
  • فيه ايه مش طبيعي ؟؟؟
  • الموضوع كله (هنا أحسست اني لو تماديت لكشفت ثغرات في كذبتي قد تفضحني)
  • طيب هما مش طالبين متطوعين وشخصيتهم سريّة
  • تمام
  • ومش عاوزين يعملو دراسة عن علاقة المراهق بالاربعينية والعكس
  • صح
  • فين المشكلة لو أنا وإنت دخلنا التجربة دي مع بعض
  • بس إنتي أمي
  • وإيه الي يمنع ؟؟؟
  • (هنا أحسست أنه يمكنني إنهاء الموضوع) هما مش طالبين علاقة شاب بمدرّسة أو بمشرفة إجتماعية .. دي دراسة عن تأثير المشاعر بين الإثنين ...
  • وفين المشكلة
  • المشكلة إنه إحنا مش عارفين التجربة دي هتودي على فين
  • يعني هتودي على فين ؟؟؟ تجربة علمية وإحنا بنتابعها .. يعني مش ممكن أكون أنا إلي مريضة زي ما حضرتك بتقول ... ندخل التجربة سوى ... ولو ما عجبتناش ننسحب بس نكون كسبنا حاجة من وراها
  • كسبنا ؟؟؟
  • هما مش بيقولو إنه فيه هدايا وفلوس وكده
  • أيوة
  • طب ليه الفوايد دي نصها يروح للغريب ... مش إحنا أولى
  • صح
  • فهمت يعني إيه حجا أولى بلحم ثوره
  • طيب ما ندخل أنا وإنتي كل واحد في تجربة لوحده
  • يا سلام ... مش شايف إنه أنا وإنت هنكون ضمانة لبعض ؟؟؟
عدّلت أمي جلستها بأن وضعت نصف مؤخرتها على سور الشرفة مستجدية أصابع قدمها الحافية أن تلمس الأرض حفاظا على توازنها ... وسرحت بخيالها تحدثني عن المخاطر الممكنة في وجود شخص غريب معي آو معها في تجربة تبدو مثيرة لكنها لا تخلو من مفاجآت ... استلقيت على مخدّة أبلل ريقي ببعض حبات العنب علي ابلع معها هذه الكمية المهولة من المؤيدات المنطقية ...

أمي لن تتخلى عن طبيعتها في محاصرتي ... حتى في تجربة خيالية أنتجها تسلسل كذبي تتبعني ... لم تتركني تلك الليلة حتى تأكدّت أني أرسلت قراري بالموافقة على قبولها كشريكة في التجربة ولم تهدأ حتى وصلتها رسالة من التطببيق عليها رقم هاتفي ... حرصا منها أن تلعب الدور كما ينبغي أرسلت رسالة تؤكد فيها الموعد معي ... يوحي أنها مقتنعة حد اليقين بالفكرة ... قالت من يدري ربما سيطلبون يوما دليل تأكيد على ذلك ...

ألقيت راسي تصارعني فكرتان .. الأولى تسعدني كوني نجوت من سيل المشاكل التي فتحتها على نفسي ... والثانية تخز قلبي أن عفريت الكذب الذي أطلقته قد تمرّد على قدرتي على السيطرة عليه ... إلتحقت بغرفتي محاولا التركيز لإعداد برنامج أسئلة الغد لكلينا ... الأمر أصبح صعبا بعض الشيء ...

إستعنت ببعض المواقع على الانترنت لتجارب مماثلة ... لم أجد الكثير لكن على الأقل فهمت مبدأ الخطوات الأولى ...

قديما قالوا أن من يمتلك الفيزياء يحكم العالم ... وأنا إكتشفت أن من يمتلك الرياضيات يروّض الحظ ... وتقريبا بدأت أجزم أن من يمتلك المنطق يخضع المشاعر... بنفس المبدأ الذي سارت عليه خطّة أبي ... هي فرضيات لإحتملات يمكن أن تفكّر بها أمي ... سواء بالقبول أو الرفض ... جواب يؤدي لسؤال ...

تسللت صباحا لمركز البريد ... وضعت في الصندوق الذي أرسلت أمي رقمه لي قصاصات شراء بقيمة 500 دينار هو مبلغ يمكن انو يوفر لها بعض الإحتياجات ... رسالة من البرنامج تعلمها بذلك وبعض تفاصيل حجوزات في مركز تجميل وحلاقة ...

حسب اتفاقنا فإن الموعد سيكون بعد الظهر في أحد الكافيهات الراقية ... ولمزيد الحرص منها أصرّت أن يذهب كل منا لوحده ... قالت ربما نكون مراقبين أو تحت الدراسة ... هنا أيقنت أن أمي غرقت حد منخريها في هذه اللعبة ...

تجوّلت كثيرا في المدينة أضحك من نفسي وأين أوصلني كذبي ... خارج في موعد تعارف مع أمي ... ما هذا الهراء ... حاولت مواساة نفسي بكون الصدفة منحتني فرصة توفير بعض المتطلبات لها دون شكوك ... هي حتما ستشتري ملابس وعطور ... هذا سيجعل القسمة عادلة بيننا ...

قبل الموعد المتفق عليه بقليل .. دخلت الكافيه وإخترت مكانا منزويا بعض الشيء ... خشيت من أن يراني أحدهم وأنا لا أحد يعرفني أصلا ... هو خجل يسكن روحي فإنعكس على إختياري ... بضع دقائق وأطلّت أمي ... في أول وهلة لم أعرفها ... قصّت شعرها ... نصف خصلة سوداء قانية مسدلة على عينها اليسرى التي تغطيها نظرات شمسية نسائية شفافة ... بنطلون جينز أزرق يعاني لحشر استدارة فخذيها فيه ... وقميص ازرق مجعّد بلا أكمام يتباهى تحته زنداها اللامعان ... فتحت سلسلته الأمامية لتهدي للناظرين خط الحب الفاصل بين نهديها المرفوعين للأعلى ...

كممثلة بارعة وقفت تبحث عن شريكها المرتقب وكأنها لا تعرف شكله ... إمتزج عندي شعور بالضحك والصدمة والسرور ... أمي مسحت 10 سنين أو أكثر في اقل من نصف يوم ... إبتسامة أشرق معها وجهها وهي تتجه نحوي ... نصف غمزة أيقضتني أن أقف مرحبا بها ... مصافحة خفيفة و ملامح وجهينا ترسم ملامح الإكتشاف المزيف .. أنا حقيقة كنت أكتشف شخصا جديدا ... زاد سروري أني بعثت فيها الروح من جديد ...

جلست تقابلني وهي تتملى في وجهي خشية أن يكون أحد من البرنامج يراقبنا ... المكان المنزوي زاد في حميمية الجو ... أمي التي أكبرت إختياري ذهلت لما إقترب منا النادل واضعا بعض الورود وشمعة تفوح منها رائحة عطرة ...

  • أيوة كده ... لو حد شافنا من البرنامج هيتأكد إننا عشاق
  • (صدمتني كلمة عشاق التي لم تطرح أصلا في فكرة البرنامج) لو حد شافنا من البرنامج يلغو تواجدنا معاهم على طول
  • يا سلام ليه بقى (إعتلت وجهها مسحة حزن مستنكرة أن التغييرات لم تعجبني)
  • البرنامج بيقول شاب 18 سنة وسيدة أربعينينة لو شافوكي هيقولو دو إثنين مراهقين
  • (مجاملتي سرقت إبتسامة زادت في روعة الجلسة) يا سلام ما فيه مراهقين في الاربعين
  • بس مش في حلاوتك
  • (بصوت منخفض) أيوة كده خليك على النمط ده ليكون حد سامعنا ومن هنا ورياح تناديني باسمي بلاش كلمة ماما دي
حقيقة أن أنطق اسمها مجردا ومع التغيير الذي حصل في شكلها وتصرفاتها جعلني أراها شخصا مختلفا ... كعادة أمي التي دائما ما تقود الموقف ... راحت تدير الحوار بيننا قالت أنها أكثر خبرة مني ... كنت أسايرها وعقلي يطير يمينا وشمالا ... قارنت بينها وبين خولة ... أمي أجمل منها بكثير ... خولة التي لم تمانع في الدخول في علاقة مع شاب صغير مقابل مبلغ مال وبعض الوعود وأمي التي أفنت عمرها لأجلي ... جمال الجسد وجمال الروح يجتمعان فيها ... ماذا لو فرضت الظروف على أمي وضعا مثل خولة هل ستفعل مثلها ... أسئلة مجنونة من فكر أصابه مس من الجحيم ...

كنت أرد بكلمات مقتضبة على حواري مع وفاء ... وعقلي يلف في المقارنات ... عدت لإنطباعي عن أمي وخالتي ... أمي أجمل بكثير غير أن هيأتها كانت تخفي حسنها ... بعض العناية أعاد التألق لزهرة طمرت تحت تراب الهم لسنين ...

النادل الذي أيقن بما لا يجعل مجالا للشك أننا عاشقان راح يمطر آذاننا بجمل المديح والتمنيات بالهناء ... كنا نكبت ضحكنا كلما أسمعنا كلماته ... قطع جلستنا مصوّر جوّال ... قالت أمي أن توهمت أن تلك المهنة إندثرت مع الزمن ... طلب منا الوقوف لصورة للذكرى ...

وضعية محرجة نوعا ما لكن مع تشجيع وفاء إستجبت لطلباته ... كانت تضع يدها اليسرى أعلى من رقبتي بقليل بين الأذن والشعر ... واليمنى تضعها على كتفي ... يمناي وضعتها حسب طلب المصوّر على خصرها الأيسر ... مع إصرار مصور الحب أن ترفع قميصها قليلا لتلامس أناملي نعومة جلدها ... كنت أنظر لوجهها مباشرة وهي تنظر نحو قدمي المصوّر ...

أحسست أني ملكت الدنيا لدقائق تمنيت أن تطول أبدا ... تركنا محرّك المشاعر هذا وهو يعدنا أن الصورة ستجهز خلال ربع ساعة ... تلك الفترة الزمنية الوجيزة لم تكفي لاسترجاع الوعي من كلينا ... كل واحد منا سرقته مشاعره ليطبق الصمت على جلستنا ...

ما إن عاد نحونا ممسكا تلك الورقة بين يديه ... حتى غيٍّرت أمي موضع جلستها ... سحبت كرسيها وجلست بجانبي ... رشقت عيناي في الصورة ... قدوم أمي بوجهها نحوي لم يمنحني فرصة التركيز في خلفيتها ... في الصورة إكتشفت أن بنطلون الجينز يصارع لإحتواء تدوّر مؤخرتها ... خياطة القماش السميكة تنغرس بين الهضبتين اللينتين ...

طال تركيزي في الصورة لدرجة جعلت أمي تنطق مستفسرة سبب صمتي ...

  • مالك ساكت ليه ؟؟؟
  • أبدا بأشوف الصورة
  • حلوة ؟؟؟
  • أكيد مش إنتي فيها ...
  • بس مالك مركز كده ليه ؟؟
  • أبدا باتملى في تفاصيل جديدة عمري ما شفتها
  • (بنبرة إستغراب) يعني كنت بتركّز في التفاصيل القديمة
  • (هنا تجمّد لساني .. حقيقة لم أركّز يوما في تفاصيل جسد أمي) هو إحنا مش عايشين في نفس البيت
  • (بصوت منخفض) مش قلتلك وطي صوتك ... ويعني ده يخليك تركّز في تفاصيلي ؟؟؟
  • أمال هأركز في إيه ؟؟؟
هنا استشعرت أن وفاء ستعود لحالتها العادية وستخرج من حالة التقمّص ... فهربت معتذرا نحو الحمام ... عند بابه إستقبلني المصوّر مستفسرا عن رضائنا عن عمله ... طلبت منه تكبير تلك الصورة ووضعها في إطار ... أكبر حجم يمكنه صنعه ونقدته أجرته مسبقا وعدت لأجد أمي عادت لموضعها الأوّل ... قالت أن اللقاء تجاوز التوقيت الطبيعي لجلسة تعارف أولى وعلينا الإنصراف ....

تقابلنا عند بداية شارع بيتنا وتمشينا نحو البيت ... قبل الباب بقليل إنفرط رباط حذائي فإنحنيت أربطه بينما سبقتني هي بخطوتين ... رفعت راسي لأجدها واقفة تصارع الباب الحديدي وهو يعاندها ... قبل أن أستقيم في موضعي ألتفتت نحوي تطلب المساعدة ... لم أفهم سبب فتح ثغرها بتلك الطريقة ...

دفعة قوية من كتفي للباب الذي انصاع غصبا عنه ليفتح مع إنفتاح عيني أمي دهشة ... دهشتها غطّت على دهشتي حين وصلني إشعار من جهاز اللابتوب ... أمي لم تغيّر ملابسها بعد وإنهمكت ترد على رسائل التطبيق

  • السؤال الرئيسي رقم 1 : هل قمتي بمقابلة الشريك ؟؟؟
  • نعم
  • تقييمك للمقابلة : ناجحة/ غير مرضية / لا يمكنك التحديد
  • ناجحة
  • ما المميز في المقابلة
  • الشريك
  • تفاصيل ؟؟؟
  • شاب ذكي وقوي ووسيم .. روحه خفيفة ... كلامه جذّاب ... (كنت اضحك من نفسي متذكرا المثل الشعبي " القرد في عين أمه "
  • هل ترغبين في مواصلة التجربة معه
  • نعم
  • هل أعلمته بذلك
  • نعم
  • هل تواعدتما على موعد آخر
  • لا
  • السبب
  • إنتظار تعليمات البرنامج
  • السؤال الرئيسي رقم 2 : هل أنت راضية عن مستوى أنوثتك بعد التغييرات
  • نعم
  • هل إنعكس ذلك على تصرفات الشريك
  • أكيد
  • هل بدر منه قول أو فعل يؤكّد ذلك
  • نعم
  • قول أو فعل ؟؟؟
  • قول
  • هل كنت تمانعين لو أردف القول بفعل نابع من تأثيرك عليه
  • نعم
  • السبب
  • لا أقبل ذلك في الموعد الأوّل
  • هل تقبلين ذلك في موعد لاحق
  • ربما
  • تفاصيل ؟؟؟
  • ربما في مكان آخر .. جو رومنسي ... عشاء ... رحلة ...
  • في حال توفّر ظرف منها هل تبادرين أم تتركين زمام المبادرة له
  • لا أعرف
  • السؤال الرئيسي رقم 3 هل توافقين في بداية المرحلة الأولى من التجربة
  • نعم
  • شكرا لقد تم تسجيل إجاباتكم سيقع تحليلها والإجابة عليها في أسرع وقت ... شكرا على ثقتكم بنا
هنا تيقنت أن وفاء فهمت أسلوب البرنامج بل وأصبحت تلاعبهم بطريقتهم ... هي تبتزهم للحصول على منفعة أكثر ... إشارتها أن نتيجة اللقاءات يمكن أن تتطوّر في ظروف أخرى وأماكن أخرى ... هي طلب غير مصرّح للبرنامج أن يوفّر لنا ذلك ...

تخلّصت من ملابسي وبقيت بالبوكسر وتسللت للشرفة أراقب غروب الشمس ... وفاء التي خرجت تتمطى حافية متفاخرة في قميص بيت خفيف يصل أسفل ركبتيها كشفت مكاني فلحقتني مستفسرة إن كنت أجبت عن أسئلة الموقع ... تقريعها لي على تهاوني في أمر مهم يؤكّد أنها أصبحت ترى تلك اللعبة كمصباح علاء الدين ... وقفت بجانبي تملي عليا إجابتي خوفا أن تتعارض إحداها مع خطتها ...

بعد تأكدها من سلامة إجاباتي نزلت للدور السفلي تجلب بعض مستلزمات الجلسة التي صارت معتادة بالنسبة لكلينا ... توقيت غيابها كان فرصة لإرسال رسالة لها ... أعلمتها أن المرحلة الموالية من البرنامج جاهزة ...

  • اليوم الأول لقاء وتجوّل في مدينة الملاهي
  • اليوم الثاني جولة في المراكز التجارية للتسوق
  • اليوم الثالث الذهاب لمدينة الألعاب المائية
  • اليوم الرابع حضور معرض للمستلزمات المنزلية
  • اليوم الخامس مغامرة في الهواء الطلق أو مسبح
  • اليوم السادس عشاء رومانسي
ملاحظة : إن كانت هناك موانع تتعارض مع أي نشاط يمكنك إعلامنا قبل الموافقة لتغييرها أو إلغائها أو السعي لحلها

كنت اسمع وقع خطى أمي مسرعة تصعد السلم نحوي لتبشيري بما أعلم ... وقفت بجانبي تستعرض فكرة الأسبوع القادم ... كنت امتلأ فخرا وهي تشيد بحرفية هذه المؤسسة ... قالت أن المراوحة بين ما يحبه الشباب وما تتمتع به سيدة في سنها دليل على أنه برنامج علمي مدروس ... كان صدري يهتز ضحكا من سعادتي كوني خدعتها ...

ما إن أرسلت رسالتها بالموافقة مع بعض الإحترازات كون هذه الجولات مكلفة وأنها لا تمتلك ثوب سباحة وغيرها من الأعذار التي توحي بطلب للمال كما توقعت حتى وصلتها رسالة تؤكّد أن الموضوع سيدرس و سيجاب عنه ...

وجودي بجانبها والرسائل تصلها تلقائيا أكّد براءتي من أي تدخّل في الموضوع ولكي يصبح الأمر رسميا وصلتني رسالة تطالب تأكيد الموافقة على البرنامج والموافقة على أن تتولى هي إدارة المرحلة بكل متطلباتها المادية وإختيار الأماكن وغيرها ... فوافقت ... هكذا القي الأمر على عاتقها ...

بمجرّد انسحابها لغرفتها قمت بتحويل مبلغ ألف دينار لحسابها ... قبل أن أرجع هاتفي لمكانه ... فتح باب الغرفة فجأة لتدخل أمي مسرعة مستبشرة بخبر وصول ذلك المبلغ لحسابها ... كنت لا اسمع شيئا من كلامها ... فقط عيني تسمّرت في جسمها ... كانت ترتدي ملابسها الداخلية فقط ... الاندر وسوتيانة ...

ربما انفعالها جعلها لا تنتبه لذلك ... ارتمت في حضني تعانقني ... حركتها المفاجأة أوقعتني على السرير وهي فوقي ... ملمس جلدها الناعم يؤكّد أن زيارتها لمركز التجميل قامت بواجبها ... هي نفس النعومة التي لاحظتها عند ملامستي لبطنها وقت الصورة ...

دوت ضحكة منها مستهزئة بي ... حيث أنها كثير ما تسببت في وقوعي ... استفزازها لي جعلن انتفض من تحتها .. لأضع يدي تحت خصرها والأخرى تحت رقبتها وأن أرفعها للأعلى وأجري بها لغرفتها ... من مفاجئتي لها تعلّقت في رقبتي خشية أن تسقط ... ألقيتها فوق سريرها الواسع وهي تصرخ بدلال ورعب معا ...

أغلقت الباب خلفي مدعيا الغضب ... وهربت لغرفتي محاولا طرد تلك الصور من عقلي ... أمي انقلب حالها بهذه اللعبة السخيفة ... من ناحية فعلاقتنا بدأت تبنى على نحو يجعلني سعيدا بالتقارب معها ومن ناحية لو تواصل هذا القرب فسأختنق ... الصيف ذهب نصفه قريبا سأسجن خلف أسوار الأكادمية ... لم أتمتع بعد بسهرة ... لن أجد الفرصة لأي شيء يرضي عطشي الروحي بوجودها ...

تصرفاتها معي أصبحت أكثر ودا ... لم تعد تحافظ على حذرها في الكلام أو اللبس أو الجلوس بجانبي ... وضعها المادي تحسّن بسرعة هي لم تتخيلها ... سعادتها بملابسها وبتلك المبالغ التي دفعتها لها جعل عاطفتي تتغلب على أنانيتي ... فليكن هو أسبوع أتمتع فيه برؤية وفاء سعيدة ... ثم لا تلبث خالتي أن تعود وسأعمل خلال هذا الأسبوع على انتزاع بعض الحريات منها ... كالسهر أو ربما المبيت خارج البيت ...

هي ستعود لمرافقة خالتي مع تلك التغيرات فيها وأنا يجب أن أعمل لأتمتع بما بقي من الصيف .... إستسلمت للنوم ... كثرة أكلي للمكسرات والأطعمة الدسمة دفعا الدم في شرايين قضيبي ليلا ... أحلام وردية ملخبطة الملامح كقناة مشفّرة ... صحوت مبكرا على غير العادة ... ملطخا ويغسلني العرق ويخنقني العطش ...

نزلت للحمام أتخلّص من رجس ذاك الحلم ... انعدام الحركة أوحى لي أن المكان فاضي ... فتحت الباب ليسبقني صراخ أمي التي كانت تقف أمام المرآة بملابسها الداخلية تعدّل ماكياجها من علب جديدة رصفتها أمامها

  • مش تخبّط ؟؟؟ ... فزعتني ...
  • (متفاديا الإحراج الذي حصل وبذكريات ليلة أمس تقدمت نحو المغطس أفتح حنفيته) فزعت ليه
  • أنا مش لابسة هدومي
  • يا سلام و البارح كان اسمو ايه ده ؟؟
  • البارح حصل ايه ؟؟؟
  • ساعة ما دخلت عليا تتنططي مش كنتي لابسة كده
  • (ثواني من التفكير ثم إنفجرت ضحكا) تصدّق ما خذتش بالي غير دلوقتي
  • يعني أخرج ؟؟؟
  • لا خلّص بسرعة عشان ورانا يوم طويل
إنتظرت كثيرا أن تنهي ما تفعله كي أتخلص من البوكسر المبقع بين فخذي فلم تخرج ... رميت نفسي وسط الماء استتر به ثم نزعت قطعة القماش التي غطى الماء آثار الفضيحة فيها ... كنت أغطي راسي ووجهي بالشامبو والصابون حين سمعت الباب يقفل ... حين فتحت عيني رأيت قضيبي يعاند الماء خارجا منه ... هل يمكن أن تكون أمي رأتني عاريا ؟؟؟

توجهنا لمدينة الألعاب منذ الساعات الأولى للصباح ... المكان لا يزال خاليا نوعا ما ... الدخول لمدينة الملاهي يحيي في الصدر عبث الصغر ... هذا للناس العاديين فما بالك لمن سجنت براءة نعومة أظفاره بين قضبان الفقر ... هي الزيارة الأولى بالنسبة لي ...

وجه وفاء المشرق سعادة يعكس رغبتها في الإنطلاق ... أفطرنا في مطعم هناك ثم بدأنا نجول بين أحياء تلك اللعب والألعاب ... صدق من سماها مدينة ... شاسعة جدا تتوه بين ثناياها ... كصغيرين لعبنا كل الألعاب ... عقارب وقت المرح تطير ولا تزحف ... رويدا وريدا بدأ الناس يرتادون المكان ... مع شعورنا بالإنهاك من اللعب ... طلبنا بعض الراحة ... في أقصى نقطة من المكان علامة كبيرة تشير إلي " قطار الرعب " ... بعد جدال لم يطل قررنا خوض التجربة ...

الشمس قاربت على المغيب ... كغيرنا من الراغبين وقفنا في الصف المؤدي لمدخل اللعبة ... الصف كله مكون من الأزواج ... ولد وبنت ... رجل وسيدة ... رجل وشابة ... وأنا وأمي ... العربة تحمل أربعة أشخاص ... قابلنا رجل في بداية الأربعينات وشابة في بداية العشرينات ... جلسنا في موضعنا وثبتنا موظف بأحزمة لا يمكن فكّها ... وبدأت العربة تتحرّك ...

على سكة حديدية بدأت رحلتنا ... بعض خيوط العنكبوت و صور لبعض الوحوش ... المشهد يبدو عبيطا نوعا ما ... بدأ القطار يسير ويدخل بنا في نفق مظلم ... متحفزا لأي مفاجأة يمكن أن تسبب لي رعبا تستغله أمي في السخرية مني ... رحت أجيل نظري ... مرة يصدمنا قاتل بسيف ومرة ندخل في شبابيك عنكبوت ما إن تمسح وجهك منه حتى ترعبك صورة ثلاثية الأبعاد لثعبان واقع في حجرك ...

ما بين النفق والنفق يدخل بعض بصيص نور يسقط على موضع جلوس المقابلين لنا ... الرجل و الفتاة ... من خلتهما أب وإبنته يحتضنان بعضهما وشفاههما متلاصقان ... قبل عنيفة وحارة تعكس شوقا وحبا جارفا ... شعرت بالحرج فأردت التركيز في اللعبة خوفا أن يكشفا تطفلي ... نصف نظرة لوجه أمي الذي عكست حمرة وجنتيها أنها رأت ما رأيت ....

لا أعلم هل شعرت بي أم أنه خوفها من مفاجآت اللعبة جعلها تتأبط ذراعي بقوة بكلتا يديها ... لمزيد طمأنتها ضغطت بقبضتي ليتضخّم حجم عضلة زندي بين أصابعها .. وصلني أثر ابتسامتها من نصف الحفرة التي رسمت على وجنتها ...

عند توقّف القطار في آخر المسيرة التي لم أرى نصفها تقدّم منا موظّف آخر يفك أحزمتنا ... بدأ بمرافقينا العاشقين ... عند وقوفهما نزلت البنت مباشرة من أمامي بينما تأخّر الرجل لثواني يعدّل هندامه ... إنتفاخ بارز للعيان بين فخذيه على بعد نصف شبر من عيني أمي التي تجلس أمامه ... من خجلها أشاحت بوجهها نحوي لتلتقي عينانا وننفجر ضحكا ما أصاب الرجل العاشق بإرتباك دفعه للهرب ...

الرجل وسط ارتباكه تعثّرت رجلاه في طرف العربة ليسقط أرضا تحت قدمي مرافقته ... كانت صدورنا تهتز كاتمة ضحكا قد يزيد الموقف إحراجا ... ما إن تخلّصنا من أحزمتنا حتى إنطلقنا للخارج وقد دوّ صوت قهقهتنا غصبا عنا ...

تمسكت أمي أكثر بزندي محاولة التماسك من أثر الضحك ممسكة بطنها ... فأعدت نفس حركة ضغط العضلة ... شعرت بإنكماش يديها على زندي كأنها تقيس محيط ذراعي ... للتظاهر ان الحركة كانت عادية فاتحتها بالحديث

  • كويس كده ... فقعناهم عين كنا هنجيب أجلو
  • يستاهل
  • ليه بقى
  • عشان بيعافر في حاجة مش هيقدر عليها
  • (وصت صمت طويل مستغربا ما سمعته) .. يعني إيه
  • ما تاخدش في بالك
ولقطع اي استفسار مني ضغطت بقوة على ذراعي فكررت نفس الحركة ... لتنطلق منها ضحكة لم افهم مغزاها ... قارب الليل على الإنتصاف ولم تنتهي جولتنا بعد ... لم افهم رفض أمي الشديد لركوب العجلة الدوارة الضخمة ... رغم إلحاحي عليها لكنها تمسكت بالرفض بل وبدأت تتحوّل حالتها للغضب فاستجبت لها ...

إنقرضت سيارات التاكسي من الشارع ... فقررنا المشي ... لن نمشي كل تلك المسافة لكن على أمل أن نبتعد عن الزحام فقط .. في الطريق ولكي تزيد المعانات إنكسر قدم حذاء أمي ...لتبدأ بالمشي متعرجة ... وسط سخريتي من بخلها كونها تختار ارخص الأشياء ... وكعقوبة لي وبحركة مفاجأة تسلّقت ظهري آمرة إياي أن أحملها حتى نجد وسيلة نقل ...

يداها تلتفان على صدري وقدماها على خصري و يداي تمسكان قصبتي رجلها أن تقع ... ولحسن حظي أن لا يفضحني تعبي أمام وزن أمي على ظهري ... صوت فرملة سيارة تقف بجانبنا ... فتح الزجاج لنلمح شابا في مثل سني يركب بجانب سيّدة لم أتبين ملامحها بعد حتى بادرنا بالسؤال إن كنا نحتاج مساعدة ...

كانا يظنان أنا تعرضنا لحادث أو ما شابه وسط ضحكنا جميعا أن الموضوع هو فقط تمزق حذاء أمي أصرا أن يقلانا إلى وجهتنا وسط إعتذارات لبقة من وفاء ... في الطريق أصرت وفاء أن اناديها باسمها خشية أن تكون تلك السيارة مراقبة من البرنامج ...

رفضا الاثنان دعوتنا للدخول لضيافة غير مبرمجة ... هي دعوة الكل يعرف أنها مجرّد كلام كرد الجميل ... ما إن إنطلقت السيارة حتى أرادت أمي التعلق بظهري ثانية وسط تذمري ... قالت أن عقوبتي على قلة أدبي هي أن أوصلها للبيت محمولة... وبحركة لم تتوقها لففت يدي تحت ركبتيها والأخرى تحت إبطها وأرفعها فجأة ... دفعت الباب برجلي فإستجاب غصبا عنه ودخلت البيت جريا لأرميها ككيس حنطة فوق الكنبة وأنا ألهث ...

لتخرج منها صرخة ألم " لا رومنسي عالآخر يا ولد "

سعيد بكل أحداث هذا اليوم ... وفرح بفرح أمي ومبتهج بالتقارب الذي نشأ بيننا ... ومنهك من أثر يوم طويل خلعت كل ملابسي وإرتميت على سريري ... لم يسعفني النوم أن أسترجع كل تلك الذكريات ... على صوت أمي تهز كتفي بنشاط شديد توقظني من سباتي ... كمن عاد من العالم الآخر ... عظم رقبتي يؤلمني فلم اقدر على رفع راسي ... مستنكرا توقيت بداية اليوم سحبت اللحاف وغطيت وجهي طلبا لدقائق إضافية من النوم ...

أمي التي زاد صراخها تسحب اللحاف ثم تصمت فجأة كم صعقه التيار الكهربائي ... إنهاكي ليلا منعني من تغيير البوكسر فنمت دونه ... أجزاء من الدقيقة عم فيها الصمت وأنا غير مدرك ما حدث ... ليلحقني صوت أمي من قرب الباب تأمرني أن أستعجل في تجهيز نفسي ... عند فتح نصف عين لمحتها تقف أمام الباب وتنظر نحو نصفي السفلي ثم إختفت ....

لم أشأ إحراجها أكثر خوفا على وضعية التقارب والسعادة الناشئة بيننا ... إلتحفت بشكيرا ونزلت أطلب حماما بارد أنفض فيه كسل عضلاتي ... التسوّق مع إمرأة هو الجحيم بالنسبة لأي رجل ... مزودين بمقتطعات الشراء ومبلغ من المال لجأنا من حر الشمس لمول المدينة ... ساعتها أيقنت أن عذاب مدينة الملاهي ارحم من المشي ككلب حراسة وراء وفاء ... دخلت كل المحلات وقلّبت كل المعروضات وناقشات كل البائعين والبائعات ولم تشتري شيئا ...

أمام إحتجاجي هربت لمحل لبيع ملابس الرياضة والسباحة ... إخترت شورت أزرق قصير لي وهممت بالخروج فتذكرت تلميح أمي يوم حوارها في التطبيق عن عدم إمتلاكها للبس سباحة .. وقفت طويلا أمام التماثيل المعروضة .. فجأة قفزت في ذهني تلك الصورة في البوم صور أبي ... لم أجد نفس النموذج لكني وجدت نفس الألوان ... حملت كيس مشترياتي الخفيف ورحت أطوف المحلات بحثا عنها ...

عدنا لبيتنا وقت المغيب ... أمام تذمري وشكواي من ألم قدمي ... إقترحت أمي عليا تدليكا خفيفا ... نمت على الكنبة على وجهي فضحكت مني ... سخريتها زادت وهي تخلع عن حذائي ... أمرتني بنزع الشورت والقميص بينما ذهبت نحو الحمام تجلب علبة زيت لم أشم رائحتها في بيتنا من قبل ...

ما إن لمست أناملها أسفل قدمي حتى إستذكرت كل تلك المشاعر الموؤودة في محل خولة ... أغمضت عيني وسرحت في خيالي ... أحيانا تخرج من حلقي تنهيدة ألم كل ما ضغطت امي على عضلة متوترة في قدمي ... أصابعها الغارقة في الزيت ولمساتها العشوائية على عضلات فخذي وذكرياتي السابقة بعثت في قضيبي روحا لم أعهدها فيه من قبل ... وضعية نومي هكذا غير مريحة ...

جف حلقي وهي تأمرني أن اعدل جلستي وأنام على ظهري ... لكن لم أجد مهربا ... إن رفضت كشفت وإن أطعت فضحت ... قررت التعامل كأن الوضع طبيعي ... كان أمي تشيح بوجهها نحو الطاولة تبحث عن علبة الزيت ... أخفيت وجهي بمخدة كنعامة في صحراء الخجل ...

نصف دقيقة لم أفهم فيما أنفقتها أمي ... بدأت بحركات سريعة على أصابع قدمي ثم قصبة رجل ... ثم طال تدليكها لركبتي ... وزاد ضغطها على عضلات فخذي ... وطال ضغطها بإبهاميها معا على العضلة الداخلية المعروفة بالرقيقة ... تلك العضلة التي تنبت من جانب الخصيتين وصولا لنصف الفخذ ... إبهامها كان يتسلل عنوة لتحت البوكسر فيلامس منبت كيس بيضاتي ... لا أعلم كيف تخيّلت يدها الغارقة زيتا تمسك قضيبي ... هي نفس ذكرياتي يوم حلبت خولة رغبتي ...

في جو من الصمت القاتل حرجا ... حرّكت رأسي فتزحزحت المخدّة قليلا عن عيني ... أمي كانت تفتح رجليها فوق ركبي منحنية مركزة في تدليكها وعيناها لا تفارقان قضيبي وعقلها ليس معها ... حركة من يدي لأعيد المخدة لمكانها أعادت أمي للواقع ...

إنسحبت نحو الحمام وهي تقول لي " كفاية عليك كده " ... طال مكوثها في الحمام فلجأت لغرفتي ... لم أفهم ما هو الشعور الذي تملكني ... مزيج من الخجل والغضب والندم... لكن لذة تلك اللمسات الممزوجة بذكريات مريرة لم تفارق صدري ... ونمت ...

كصبيحة يوم أمس ... إعصار من الصراخ والأوامر أن أستيقض ... دون مقدمات سحبت أمي اللحاف من فوقي ... كنت أرتدي البوكسر فلم يطل مكوث أمي في الغرفة ...

تناولنا إفطارنا قرب مدينة الألعاب المائية ... عند دخولنا أمي قالت أنها لن تشاركني اللعب ستكتفي بالمشاهدة ... أمام إستنكاري وتهديدي أن البرنامج يمكن أن يلغي إشتراكنا لو علموا ... تحججت أنها لا تملك لبس سباحة ... فغر فاها وهي تأخذ من العلبة التي سحبتها من حقيبتي ...

لبس الشورت وبقيت انتظر خروجها من غرفة ملابس السيدات ... مر وقت طويل قبل أن تقف أمامي وهي ترفع نصف حاجب ... المايوه كان عبارة عن مزيج بين القطعة والقطعتين ... شريط أزرق غامق يغطي ثديها الأيمن ليختفي فوق كتفها وأخر أزرق فاتح يغطي ثديها الأيسر ليلتصق بشريط آخر في جنب بطنها ثم يسير عكسيا ليمر ما بين فخذيها ويتقاطع معه شريط معاكس في اللون ...

شكله كأنه إنعكاس ظلال شباك مموج ... كتفها عاري نصف صدرها عاري من الوسط ونصف بطنها عاري ونصف اسفل بطنها عاري وفخذاها عاريان ... قبل أن تقترب مني لفّت لتريني ظهرها وهو الشيء الوحيد المستور ... مع تكور مؤخرتها كان ظل ما بين فردتيها يلاحظ من على بعد ميل ...

لم أجد لا كلاما ولا ردة فعل ولا تعليق ..أنا من إشتراه ... فأمسكتها من يديها كعاشقين تمشينا نحو المسبح ... الماء البارد خفف توتري والكل هنا لا يلبسون شيئا تقريبا فلم تكن نشازا ... أمي رفضت أن تشاركني في أي لعبة مرتفعة متعللة الخوف ...

سرعان ما أصابني الملل من اللعب لوحدي فهربنا من قيض الشمس .للمشرب ... كأسا عصير فراولة من الجم الكبير تسبح فيهما قطع الثلج كانا فرصة لبدأ الحديث ...

  • هو إنت إزاي تشتريلي مايوه زي ده
  • ده ما اسموش مايوه مونوكيني
  • يا سلام بقيت بتفهم في لبس الستات
كنت أبحث عن كلمات مناسبة في قاموس ألفاظي أجاري بهذا هذا الموضوع المحرج ... من بين الموجودين إمرأة تلوّح لنا بأصابعها من بعيد ... لم أتبيّن من تكون غير أن قصّة شعرها تبدو مألوفة ... نظرة إستغراب من أمي أردفتها برد التحية بأصابعها ... لم ننظر في وجه بعضنا بعد حتى تقدّمت منا تلك السيدة ...

بخطوات واثقة يهتز معها صدرها الضخم المحشور في قطعتي قماش سود كجزيرتي الإخوات في بحر جلدها الابيض ... تقدّمت منا وسط إستناكرها عدم معرفتنا إياها ... عرّفتنا بنفسها هي السيدة التي أقلّتنا بالسيارة ليلة أول أمس ... أمي التي غمرها الخجل والإرتباك أصرّت أن تدعوها للجلوس كإعتذار وتعويض وإمتنان لجميلها ...

مقلتي تصارعان جاذبية جسم تلك السيدة أن تخرجا من محجريها ... كل ما في جسدها ضخم دون سمنة ... شفاه مكتنزة ووجنتان مكتنزتان تحت عينين خضر ... حتى إستدارة رقبتها سميكة ... لم اسمع أي كلمة بينها وبين وفاء ... كنت تائها في هذا التناقض اللذيذ ...

جسد ملآن دون زيادة ... بطن مسطّحة زادت في بيان حجم صدرها الرهيب ... لم أهتدي بعد لإكتشاف فخذيها وقدميها حتى أخفتهما تحت الطاولة ... طال حديث التعارف بينها وبين آمي ... أمي التي لم تكن يوما إجتماعية تحوّلت في لحظات إلى متحدّثة لبقة ... لم أصحو من سكرتي بعد حتى سمعت صوتها تنادي بقوة " فؤاد ... فؤاد " ...

تقدّم نحونا ... رغم أنهما إصطحبانا في سيارتهم قبل ليلة لكني لم ألاحظ ذلك فيهما ... فؤاد هو إبنها في مثل سني ... لا اعلم إن كان مصطلح جميل ينطبق على الذكور لكن هذا الفتى جميل ... جميل لدرجة أن أمي مسحت كل تفاصيله بعينيها ... بعد مصافحتي بحرارة سلّم على أمي ... قبلاتان من الخد للخد تعتبر عادية في مجتمعنا ... لكن أحسست أن أمي شدّت إليه ...

شعر أصفر ناعم وعينان خضر بملامح عربية ... تلك المميزات العرقية منتشرة نوعا ما في شعبنا لكن صراحة ليس بكل ذاك القدر من الوسامة ... عضلات صدره وذراعيه بارزة رغم عدم تناسقها مع مكونات نصفه الأسفل ...

السيدة إسمها فائزة كانت مقيمة في الخليج وعادت لأرض الوطن ... فؤاد هو إبنها الوحيد من زيجة لم تطل ... ما فهمته من حديثهما أنه عاش في بيت جدته وأنهما هنا لتعويض ما فات ... شعرت بالغيظ من تركيز أمي مع كل تفصيلة تحكيها فائزة عن إبنها وفي المقابل هي لم تروي شيئا عني ...

مازاد حنقي أنها أكبرت إختيار فؤاد لكلية الإعلام والصحافة ... قالت أن مؤهلاته ستجعله نجما من نجوم الإعلام عندنا ... إنتهى كأس العصير ولم ينته مديح أمي لهذا الشاب الذي وقع أمامنا ... كنا نجلس بالخلاف ... أنا أجاور يمين أمي وفائزة على شمال وفؤاد بين أمي وأمه ... نظرة من تلك الفاتنة الشقراء نحو أطفأت كل نيران الغيرة من وجود هذا الشيء في طاولتنا ... سألتني عن دراستي ...

  • قلي بقى يا وائل إنت في انهي جامعة ؟؟؟
  • أنا واخذ البكالوريا (الثانوية العامة) بإمتياز السنة دي
  • (بنظرة تعجّب) ليه هو إنت كام سنة ؟؟
  • 18 سنة وشهرين
  • (رفعت حاجبا وأنزلت الآخر بتعجّب أكثر) . أصل أول ما شفتك إديتك أكثر من كده .. وناوي تخش أنهي جامعة
  • (بفخر أغيض به امي أكثر من فؤاد) أنا مشروع ضابط في القوات المسلّحة
  • (عقدت حاجبيها بإجلال ثم وضعت يدها على زندي) لايقة عليك بصراحة
إقترحت فائزة أن نشاركهم اللعب ... أمي التي إعتذرت بتعب أصاب قدميها قالت أنها ستنزل المسبح ... فؤاد الذي قال أنه سئم اللعب رافق أمي ... وقفت بجانب فائزة التي تراقب أمي تتمشى حذرة نحو الماء يتبعها إبنها ... كانت ترتدي لحافا قماشيا خفيفا يحيط بخصرها تغطي به أسفل ظهرها ...

ما إن سارت أمامي خطوتين حتى تاهت عيني في إهتزاز مؤخرتها الهائلة الإرتفاع ... متعجبا من كل ذلك الحجم وإرتفاعه ... ما إن تأكدت أننا إبتعدنا عنهما حتى فكّت رباط ذلك اللحاف لتغوص عيناي قبل رغبتي الملتهبة في اللحم الشبه عاري أمامي ... دائرتان مكتنزتان كل واحدة منهما ضعف راحتي كف يدي يفصل بينهما مفرق أجزم انه يتجاوز الثلاث أصابع ...

ربما شعرت بتأخري ورائها فأمسكت يدي وسحبتني نحو لعبة زحلقة ... همست في أذني أن لا أخبر فؤاد أنها ترتدي البيكيني هكذا ... أحسست بجرح في رجولتي أني سمحت لامي لتعرية فخذيها ومؤخرتها بينما هو يمنع عنها ذلك ... ثم سخرت من فكرتي ... هل ستستر تلك القطعة من القماش شيئا في جبل اللحم هذا ...

جاذبية فائزة لا تقاوم ... هي في مثل سن أمي لكن جسدها مكتمل النضج ... كحبة تين أخذت نصيبها من التغذية في غصنها وصبر عليها قاطفها حتى نزل عسلها منها ... في لعبة التزحلق تلك لا بد أن نتمسّك ببعض ... هنا تهت في ليونة زنها وخصرها ... نعم هي حبة غلال إكتمل نضجها ...

طال لعبنا وزحلقتنا في كل الألعاب ... أدهشتني قدرتها الجسدية على مقاومة التعب ... ضحكنا كثيرا ... قبل المغيب بقليل كنا نودع ألعابنا ... إنسحب أغلب المشاركين الكل يهرع للإستحمام والخروج ... صعدنا إلى أعلى لعبة ... هي لعبة زحلقة كغيرها لكن نستعمل فيها طوافة بلاستيكية منفوخة ... كانت فائزة تصعد أمامي تهز ردفيها مع كل درجة في السلّم ... مع كمية الأنوثة الطاغية تلك تجاوب قضيبي بنصف انتصاب لذيذ ... في اللعبة أجلستها في حجري حماية لها من الوقوع مستغلا خوفها من الإرتفاع ...

هنا صار قضيبي كوتد يثبّت هضبتي مؤخرتها ... لا أعلم أهي حقيقة خوفها أم تجاوبها معي هو ما دفعها أن تطلب مني أن أمسك قصبتي رجلها وأسحبها للخلف ... هذه الوضعية سمحت لقضيبي أن ينغرس أكثر في فتحتها الخلفية ... ثم إنطلقت بنا الطوافة نزولا وصعودا ... لنقع في بركة ما كبيرة ...

وصلت حافتها قبلها وصعدت مادا يدي لها لأساعدها في الصعود ... مع ثقل وزنها وهي تحاول التوازن على حافة البركة أحطها بذراعي من الوسط ... بحكم أنها أطول مني بقليل أصبح قضيبي الذي لم يفلح قماش الشورت أن يستره يحك ما بين فخذيها ... عانقت رقبتي بيديها وحضنتني ليغوص وجهي في صدرها ... وشفتاها تهمس في أذني

" الواضح إنه الواحدة ممكن تعتمد عليك "

... وسبقتني بخطوتين وهي تلف وسطها بقطة القماش ... لم يطل بحثنا كثيرا ... وفاء وفائزة دخلتا غرفة تغيير ملابس النساء ... وأنا وفؤاد سرعان ما تجهزنا ... كعادة النساء في التأخر في كل شيء تحدثنا أنا وهو قليلا ... دمه خفيف وكلامه منمّق رغم أني لم افهم أغلبه ...

أصرا أن يقلانا معهما ... فائزة و أمي في الكرسيين الأماميين وأنا وهو من الخلف ... طوال الطريق وأمي تلح عليهما أنا نستضيفهما في بيتنا المتواضع وهما يرفضان ... لكن انتهى الجدال بوعد منهما أن نتقابل ثانية مع تبادل لارقام الهواتف بين السيدتين ...

أمام بيتنا نزل الكل من السيارة ... مصافحة وداع بيني وبين فؤاد وقبل وداع على الخدود بين كلينا للأمين ...

في تلك الليلة كان كل شيء قد تغيّر ... أمي لجأت لغرفتها وأنا انبطحت على سريري ... مع الإنهاك وكل تلك الذكريات لم أركز في مراجعة الأحداث وردود الأفعال ... فجأة أغمي عليا ونمت ...

صحيت من النوم لوحدي ... نور الغرفة يوحي أن نصف اليوم قد ذهب ... بحثت عن أمي متعجبا أنها لم توقظني متحمسة كعادتها ... وجدتها في الصالون تراقب التلفاز ... أحداث كثيرة جدّت على مستوى الدولة ونحن الشعب لم نركّز ... نحن نلعب ونسهر ...

توجهنا نحو معرض الأدوات المنزلية ... عدم تركيزي ليلة أمس أنساني دفع ثمن مقتطعات شراء كما فعلت قبلها ... مع كل تلك الأجهزة الحديثة ... تلفزيونات وغسالات ومطابخ عصرية ... أمي قالت أن التواجد هنا دون مال هو نوع من التعذيب وليس يوم ترفيه ... لم يطل تجوالنا كثيرا ومع حالة أمي النفسية وحالتي الجسدية عدنا للمنزل مثقلين ببعض أكياس الغلال والمثلجات والعصائر ...

قبل المغيب بقليل كانت جلستنا على الشرفة جاهزة ... لم نجد موضوعا محددا للحديث فيه سوى هذا البرنامج الذي قارب ان ينتهي ... أخذنا الحديث شيئا فشيئا نحو يوم أمس ثم وصلنا لفائزة وفؤاد ... هنا أضاء اللون الأحمر في عقلي ... أمي لم تبدي أي ردة فعل على مرافقتي لفائزة ... مع كل تلك الأنوثة الفائقة وعلمها الأكيد بإنجذابي لمن هي في مثل سنها ... لم تكلّف نفسها حتى عناء السؤال عما فعلنا في مدينة الألعاب ...

بدأت اشك أن أمرا ما يحدث أو سيحدث ... قررت إستفزازها ...

  • بما إن الوقت لسة بدري إيه رأيك نكلّم فايزة وفؤاد نعزمهم على كافيه او حاجة كده
  • تفتكر ؟؟؟
هنا تيقنت أن الوضع ليس عاديا ... توقت إجابة مستنكرة أو على الأقل محتجة من نوعية وحشتك ؟؟ ليه ؟؟؟ ... أي نوع من الإستنكار ... هي فعلت ذلك لما سألتها عن خالتي قبل مدة ... لكنها استساغت الفكرة ولم تعلّق ... فقط قالت انه يمكن أن نسبب لهم إزعاجا ... قررت المواصلة في إثارة عقلها علي أخرج بنتيجة وأصررت على طلبي ... بعد تفكير بسيط منها لم أتبين سببه رفضت التسبب لقلق لأناس لم نعرفهم إلا من فترة قصيرة ... فقررت المواجهة المقنعة

  • تعرفي إنهم شخصيات مميزة ؟؟
  • إزاي بقى
  • مش عارف ... حسيت كده إنه علاقتهم فيها حاجة سبيشيال
  • مش فاهمة ؟؟
  • يعني بيتعرفو على الناس بسهولة ... بيخرجو مع بعض بيسهرو مع بعض ... تحس إنهم مقربين من بعض كثير
  • وإيه المميز في ده
  • (عقدت حاجبي ونظرت نحوها ساخرا) يعني أنا وإنتي عمرنا رحنا مكان مع بعض
  • (هنا تغيّرت نبرة أمي للجد) هو ظروفنا سمحتلنا بكده وما عملناش
  • يعني لولا البرنامج ده عمرنا ما كنا نكون قريبن من بعض كده
  • (هنا تألّمت امي قليلا) هو إنت حاسس إني بعيدة عنك
  • (دون مشاعر) انا ما حستش بيكي معايا إلا من كام يوم بس
طال صمت أمي ولمحت لمعان في عينها يعكس ان دمعة ستنسل ... ندمت على قولي ... فأردت تغيير الموضوع ...

  • ما قلتليش ايه رايك في المايوه إلي جبتهولك
  • (صدمة من تغيير الموقف فجأة بدت على عينيها) إسمه مونوكيني مش مايوه يا جاهل
  • (ضحكة خفيفة صدرت من كلينا) أي كان عجبك ؟؟
  • هو حلو بس مش لايق على سني
  • سن ايه ؟؟؟ ده إنت صغرتي يجي 16 سنة
  • يعني رجعتني لوقت أبوك ما كان عايش
  • ده طبيعي لانك بطلتي تعيشي من ساعتها
  • (تفكير عميق منها ثم استدركت) تعرف إن أبوك جابلي واحد شبهه زمان ؟؟
  • (متظاهرا أني لا أعرف) بجد ؟؟؟
قامت تسحب قميصها من خلف تستر به عري أسفل ظهرها دون قصد وتوجهت لغرفتها ... مشروخ الفكر والخاطر بين الشك والحنين ... متألما لأمي وما فعلته بها ... قررت أن أكمل مشوار اليومين المقررين للسعادة ... عادت وهي تحمل اللباس الجديد في اليمين والقديم في الشمال ... ووضعتهما بين يديا طلبا للمقارنة ... مصطنعا الدهشة لتشابه الألوان ...

  • هما شبه بعض في اللون بس بيختلفو في التصميم
  • ما دي نسخة قديمة ودي نسخة جديدة
  • بس الإثنين حلوين ... صح
  • يعني بجد مستغربة
  • من إيه
  • من تشابه الذوق بينك وبين أبوك
  • ماهو نسخة قديمة وأنا نسخة جديدة
  • (لم افهم ردة الفعل على وجهها) بس تعرف إنه المايوه الجديد مريح أكثر في اللبس
  • بس عشان هو نسخة جديدة ففيه مميزات أكثر
  • مميزات ؟؟
  • طبعا الجديد ديما بيكون متطوّر عن القديم ... مريح أكثر ...
طال صمت أمي التي سحبت لذكريات ربما كانت جميلة أو العكس ... مع إحساسي بالفضول يخنقني عما حدث يوم أمس ... قررت فتح موضوع فائزة وفؤاد ثانية ...

  • طيب بذمتك أنهي أحلى ؟؟؟ الازرق والا الإسود
  • (هنا تفتحت عينا أمي دهشة) قصدك ايه ؟؟
  • أنا وإنتي كنا لابسين الأزرق وهما كانو لابسين الإسود
  • (برهة من التفكير للتذكر) الأزرق ليه مميزاته والاسود ليه مميزاته
  • مش باتكلم عن المميزات باتكلّم عن الشكل
  • (هنا شعرت ان أمي تهرب من الإجابة) هو ممكن يكونو فؤاد وفايزة زيينا
  • زيينا في إيه يعني
  • يعني تبع البرنامج
  • أهااا ؟؟
  • مش ملاحظ إننا كل ما نروح مكان نلاقيهم ؟؟؟
  • ممكن صدفة
  • وممكن لا
  • بس دول وضعهم المادي مستريح
  • يعني هو لازم عشان الفلوس ؟؟ ماممكن في مشكلة بيعالجوها
  • مشكلة ؟؟؟ ممكن
  • هي قالتلك ايه عن ابنها ؟؟؟
  • ما اتكلمناش كثير ... قضيناها لعب وزحلقة ... بس قالتلي ما اقلوش انها شالت القماشة من على وسطها
  • (نظرة أمي تعكس أنها فهمت قصدي) هي شالتها
  • ايوة قالت انه ابنها ما يحبش بس هي بتستغفله من وراه (مع نظرة عين فاحصة لوجه أمي)
  • أهاااا
  • هو ما قالكيش حاجة عن علاقته بامه
  • أبدا إتكلمنا شوية عن سفرها وطفولته وجدته ... بعدين راح
  • وإنتي قعدتي لوحدك ؟؟؟
  • (صمتت أمي طويلا كأنها تخفي شيئا) ... ايوة قعدت في المية
إنتهت سهرتنا ... وشل تفكيري ... لم افهم سبب سرحان أمي ... أهو غضب انه تركها ؟؟ ... ترى هل هذا البرنامج اللعين وكذبة العلاقة بالأربعينية هذه أوصلتها للتفكير في شاب في مثل سن ابنها ... اللعنة عليا ما صنعت ؟؟ ... هل عدم تعليقها أو إحتجاجها واستفسارها عن وجودي مع فائزة سببه فكرة سكنت عقلها ... هل يعقل ؟؟؟ ... هي تتركني لفائزة لتنفرد بفؤاد ؟ ... قلبت الأمر على كل جوانبه ... من ناحية قنبلة الإثارة تلك سرقت تفكيري وكل خيالاتي ... ومن ناحية هذه أمي ...

بدأ قلبي يعصر دما مجرّد تخيلها مع ذلك الشاب ... لكن الأمر لم يتوضح بعد ... هل هو حقيقة ما وصل إليه عقلي ... كيف وصلت لهنا ... وإن كان هذا صحيحا هل ستنطفأ النار التي أوقدتها بيدي في روح أمي ... يمكن ان تستغفلني متى شاءت وتذهب لشاب غيره ... أحرقني التفكير ... قضيت الليلة متقلبا على سريري أشوى بنار التفكير ... يجب إنهاء هذا الأمر ... أمي قالت أنها تحب أبي وأن وجودي منعها في الوقوع في الحب ثانية ... الآن زرعت بذرة فكرة بدأت تنمو في صدرها ويجب إقتلاعها ...

مع شروق الشمس خرجت متمشيا عل تغيير المكان يغييّر حالتي ... قادتني قدمي لشارع كبير ... صوت رجل يناديني من بعيد ... إقترب مني ... هو ذلك المصوّر يعاتبني لعدم أخذ الصورة منه ... حمل ثقيل تأبطته لمسافة طويلة ... إطار خشبي مزين و بلور لامع ... مكان الصورة التي كسرتها سابقا ... صورة أمي ببنطلونها ومؤخرتها المهزوزة للأعلى بين أحضاني ...

عينانا تعكس اهتماما وحبا حقيقيين ... صدمت وفاء وهي ترى ذلك الإطار يزيّن الصالون ... وقفت أمامه طويلا وعينها تدمع ... قالت ان ذكريات كثيرة إستفاقت من سباتها ...

  • يعني ممكن نصنع ذكريات جديدة
  • صح
  • دي ذكرى حلوة وعملناها مع بعض
  • بس القديمة كانت مع ابوك
  • هو مش إنتي قلتي إني لازم آخذ محلّه
  • ... (لم تنطق وهي تنظر للصورة)
  • أنا النسخة الحديثة منه ؟؟؟
تلك الكلمة رنت في عقلها طويلا ... بذكريات حديث الأمس تركتها ترتب البيت ... قررنا الذهاب لحفلة في مهرجان قرطاج الليلة ... حفلة لحسين الديك بكل الحركية التي يصنعها ستنفض عنها أي فكرة مجنونة مع رسائل مضمونة الوصول مني أني موجود فلن يجد لا فؤاد ولا غيره منفذا لها ...

قضيت اليوم كله نائما ... عدم سماع حركة في البيت يوحي أن أمي هي الأخرى أخذت نصيبا من الراحة ... الثامنة ليلا بلباس رياضي خفيف لكلينا كنا في المسرح الروماني بقرطاج ... لا تستغرب فالرومان هدموا قرطاج ثم بنوها ثانية ...

المسرح يعج بالناس من كل مشرب ... نحن شعب يعشق الحياة ... الحفلات هي متنفّس للانطلاق وفعلا إنطلقت أمي ... مزيج عجيب بين الأنغام الشامية والرقص التونسي .... كنت أرى روحها ترقص مع الأنغام قبل حزامها ... نحن نرقص من الحزام لا تستغرب ... لكل شعب مميزاته ... المصري يرقص بوسطه والمغربي بأسفل الظهر ونحن بما بينهما ... هي جغرافيا الرقص من صنعت ذلك .. هه

حفلة صاخبة إستنزفت العرق قبل صرخات الإعجاب والرضا ... تصفيق طويل قبل إنسحاب المطرب وفرقته ... مصيبة تونس في من لا يمتلك سيارة ومن يمتلكها كذلك ... بعد يأسنا من الحصول على تاكسي توقف أحدهم وقال أنه ذاهب لسيدي بوسعيد ...

هي ضاحية سياحية للعاصمة أبعد من قرطاج عن منزلنا لكننا ركبنا هكذا دون وجهة ... فطائر تونسية محلات بالسكر معروفة عندنا بالبانبالوني كانت عشائنا ... وسهرة على أنغام عود في القهوة العالية وكأس شاي أخضر بنعناع أصيل كان أنيسنا ...

أول قطار نحو وسط العاصمة ينطلق الفجر ... أمي تتأبط ذراعي ونحن نتمشى من محطة تونس البحرية حتى منزلنا في المنزه الرابع مسافة ليست بالهينة لكنها كانت قصيرة وأنا أسند أمي التي نبت جناحا ساعدتها ... قالت لي ساخرة من نفسها

  • أول مرة تعمل مصيبة وتطلع نتيجتها حلوة
  • ماهو في حجات كثيرة بتتعمل غلط ونتيجتها تطلع أحسن من الصح
  • زي ايه
  • زي إني أهرب وأسيبك في الشارع لوحدك
وأفلت من بين يديها جريا وهي تطاردني ضاحكة لاهثة بين نخيل شارع محمد الخامس ... وصلنا بيتنا ... خلعت ملابسي ونمت نوم المهاجر ... نسمات باردة في اصيل ذلك اليوم دغدغتني وإلتحفت طلبا للنوم ... زوبعة من النشاط تقتحم غرفتي ... أمي مستنفرة لسهرة آخر يوم في البرنامج ... تسحب عني الغطاء وأنا عاري تماما ... نفس توقيت الصمت ثم يصلني صوتها من عند الباب طلبا للنهوض ... كالمرة السابقة فتحت عيني تجاهها ... عيناها تتفحصان نصفي الأسفل ثم تختفي ...

بنطلون قماش اسود وقميص بنصف أكمام وحذاء اسود لامع ... شعري مصفف وأنتظر أمي في الصالون ... وقع أقدام يوحي بكعب عالي ينزل حذرا في السلّم ... صافرة إعجاب بالقيافة والجمال ... فستان سهرة أسود مغلق من الصدر ينصف كتف عاري ... عقد من المرجان الأبيض يلمع في جيدها ... حزام أبيض يكسر سواد نصف شبر متدلي تحته لا يستر حتى نصف الفخذين ... حذاء بكعب عالي أسود اللون ...

ما إن وصلت قبالتي حتى ركعت على ركبة واحدة وسحبت يدها أقبّلها مقلدا حركات نجوم الأفلام ... قالت أن تلك الحركة كثيرا ما فعلها أبي ... قلت بلهجة الواثق

" مش قلتلك أنا النسخة الحديثة منه "

عشاء راقي في مطعم راقي في حي راقي غير بعيد عن منزلنا ... أنغام بيانو كلاسيكية تداعب صمت المكان ... اضواء خافتتة تنير موضع الطاولات ... الزبائن من علية القوم ... شعرنا بالحرج أنا وأمي من هيبة المكان أن نقوم بفعل يفضح غربتنا عن هؤلاء الناس ...

حاولنا مسايرة الأمر ... ساعة ونصف تقريبا ونحن نأكل ... في العادة الموضوع لا يتطلّب سوى عشر دقائق في البيت ... فهمت سبب الثمن الباهظ للأكل ... الخدمة والفخامة لها ثمن ... أمي رفضت أن تقدّم لها الخمر .. بما أن كل الزبائن من الأزواج وليس المتزوجين ... لم نكن كثيرين ... تقريبا 5 أزوج متفرقين على طاولات متباعدة .... كل طاولة لها خدم مخصصون هذا يغيّر كأس وتلك تحمل طبقا والأخرى تجلب مناديل مطوية ...

لاعب البيانو كان يثير الناس بان يتوجه نحو كل طاولة ويطلب من الجالسين إختيار أغنية من ورقة أمامه ثم يعزفها لهما وهما يرقصان على أنغامها ... إن كانت الأغاني رومنسية فالرقصة ستكون سلو بالتأكيد ... بعد ثلاث إختيارات وأمام إنعدام فرصة للرفض ... رحت أتابع كل حركات الراقصين ... هي الفضيحة لكلينا لو تعثرنا ووقعنا ... أمي التي شارفت على الغثيان فقط لما توجه نحونا لاعب البيانو

أغنية اسمها طويل جد كانت إختياري ... " أريد أن أمضي حياتي أحبّك " لتينا آرينا ومارك أنتوني " ... وسط تصفيق خفيف تشجيعا من الحاضرين وتحت أنظارهم أمسكت يد أمي ووضعتها على كتفي ... سمعت نبض الرعب في معصمها ... وضعت يدي حول خصرها وأمسكت كفها الآخر ...

ما أن بدأت الألحان تعزف حتى شعرت برجفة في صدر أمي ... لكني كنت أقود خطواتها بثبات استغربته من نفسي ... تركيز شديد مني أن لا أخطأ ... فقط أردت أن تنتهي هذه التجربة السعيدة نهاية تليق بها لا أكثر ... فقط هي خمس دقائق أحرقت فيها أنفاس أمي جلد رقبتي وهي تتبعني بخفة نحلة ...

كل راقصين سبقانا أنها حركاتهما بقبلة حب وسط تصفيق الحاضرين ... تمنيت أن لا تنتهي تلك الألحان ... لكنها إنتهت ... لم يصفّق أحد من الحاضرين رغم توقفنا عن الحركة ... فكّرت في تقبيل وفاء على خدها لكن ذلك لن يجدي ...

ركعت على ركبة واحدة وأمسكت يدها وقبّلتها بحنان شديد ... هنا تعال تصفيق الحاضرين والعاملين وراقص البيانو ... أمي التي شلّت حركاتها حتى قبل نهاية أنغام الأغنية سحبتني برفق أن اقف وحضنتني ... ثم أحنينا رأسينا تحية للجميع كما فعل من سبقونا وعدنا لمجلسنا ...

قبل أن أنظر في وجه أمي الذي اشتعل حمرة ... تقدّم منا طاقم العمل يحملون باقة ورد كتب عليها بالفرنسية كلمة " مبروك " أمام إبتسامة خجلة من أمي للجميع سألتها

  • مبروك على ايه ؟؟ هو إحنا كسبنا حاجة
  • (بصوت مبحوح ونصف شفة للأعلى ) إخرص يا حمار دول فاكرين إننا إتخطبنا
غرست راسي بين كتفي اللذان فضح إهتزازهما ضحكي ... ورحت أداعب بقايا قطعة لحم مشوي على الصحن ... إنصرفنا مع خروج الجميع ... لم نتأخّر كثيرا في العودة للبيت ... هو منتصف الليل أو يزيد قليلا ... كنت أضع باقة الورود تحت الصورة في الصالون حين سبقتني أمي للسلم محاذرة السقوط بكعبها العالي ... هي ثلاث درجات فقط وصارت رؤيتي لها أوضح ... فخذاها العاريان أمام عيني وقماش كيلوت ابيض يغمز نظري مع كل خطوة ...

تخلّصت من حذائي وقميصي وبنطلوني ... غرفتي المغلقة طول النهار ونصف الليل تحولت لأتون حارق ... هربت نحو الشرفة طالبا بعض الهواء وبعض التركيز ... باب غرفة أمي يفتح لتطل من لابسة قميصا قطني بحملات على الأكتاف و يصل لفوق الركبة بقليل ... لحقتني وقد بدا على وجهها بعض الحزن ...

  • مالك زعلانة ليه هي الليلة ما عجبتكش
  • لا أبدا دي كانت ليلة ولا في الأحلام
  • أمال ... كنت فاكر إني غلطت أو عملت حاجة زعّلتك
  • أبدأ ده أنا إتصدمت فيك
  • أهاااا
  • أيوة حسيت إنك كبرت وبتعرف تتعامل كويس مع الناس ومع بنت لو خرجت معاك في يوم
  • وده إلي زعّلك
  • (صمت طويل ) مش بالتحديد
  • أمال ... أصل الفكرة والمرحلة خلصت وهنرجع بقى لقرف كل يوم
  • هي العيشة دي عجبتك للدرجة دي
  • ليه هي ما عجبتكش
  • أنا كنت باسايرك عشان خاطرك
  • يعني إيه ما انبسطتش
  • لا إنبسطت عشان إنتي كنتي مبسوطة
طال الحديث عن تقييم التجربة قالت أمي بحزن حرق صدري لو أن الإمكانيات سمحت لنا بالعيش هكذا للأبد ... توجهت للأسفل لأجلب عصيرا يبل ريقنا ... أمي كانت تقف وعيناها للأفق ... ارتقيت سور الشرفة وجلست بجانبها ... فخذي تحك مرفقها ... كانت تمسك علبة العصير وتمص قشّتها ببطئ شديد ... صمتها دفعني أن انظر نحوها ... مفرق صدرها الأبيض يناديني نحو الأعماق فتهت فيه ...

لما انتبهت لي كان إنتصاب قضيبي قد بلغ منتصفه وهي لاحظت ذلك ... لأول مرة أسمع أمي تتذمر حقيقة من حياتنا ... لألف مرة فكّرت أن أكشف لها السر لكن لم يعد ينفع ... للتخفيف عنها رحت أمنيها بحياة أخرى عند تخرجي وعملي ... قالت أن ذلك سيعيق مواصلة حياتي ...وككل إبن بار رحت اعدها أنها الأولى من الكل ...

  • يعني أنا عندي أعز منك عشان أدلّعه
  • يا سلام بأمارة ايه ؟؟
  • بامارة إنك أمي
  • (غيرت من موضع وقوفها ووقفت أمامي تسحب طرف أذني برفق) هما اليومين الحلوين دول حصلو ليه ؟؟؟ ... مش عشان حضرتك معجبة بوحدة وكنت حتضيع بسببها ... يعني لما يبقى معاك القدرة مش هتعمل كده
  • حتى ولو حصل انتي ليكي نصيب فيا (بالم مصطنع)
  • يا سلام ... ساعتها ممكن مش هأشوفك أصلا
  • ده كلام هو أنا اقدر استغنى عنّك ( تملصت من يدها التي تمسك أذني وفتحت رجلي وسحبتها نحو صدري)
  • (بنبرة حزينة قتلتني) حتى لو ده حصل ... هيحصل بعد كام سنة ... هيكون عمري قد إيه وشكلي عامل إزاي ... هو العمر راح خلاص
  • هتكوني زي القمر زي عوايدك ... عمر ايه الي راح
رغم اني كنت متأكدا أن كلماتي كسراب يحسبه الظمآن ماءا لكني واصلت الحديث ... فاتحا رجلاي وأمي تقف بين فخذيا عيناها في صدري العاري ويداها أعلى ركبتي ... مع همساتي المطمأنة بدأت أناملها تداعب فخذي ... شعور بالدغدغة أشبه بالتنويم المغنطيسي لكلينا .. كلماتي تنومها فتزيد في لمساتها ... ولمساتها تنومني فينخفض همسي أكثر ...

بدأت أطراف أصابعها تزحف تحت طرف قماش البوكسر ... إنتصابي صار حقيقة لا يمكن نكرانها ... بيدي سحبتها نحو صدري ويداها تتسللان صعودا ... عيني في عينيها ... شفتاها ترجف ... كادت أن تلامس منبت قضيبي حين سمعت حمحمة أيقظتني من غفلتي وصوتا مبحوحا منها أنها يجب أن تنام ... كمن وقع من السحاب ... هوة عميقة سقطت فيها ... لم أتحرّك من مكاني ...

ما كذّبته سابقا الآن صار حقيقة ... قضيبي ينتصب لمجرّد لمسة أو نظرة لأمي ... هذا لم يكن يحدث قبل مدة ... لكن كيف ولماذا ؟؟؟ ... أهي تبعات ما يحصل أم هي ردة فعل طبيعية ؟؟؟ ....

في عملية جلد الذات هذه خرجت بقرار أن هذا الوضع يجب أن ينتهي ... دخلت غرفتي وأمسكت جهاز اللابتوب ... أطرق الحديد وهو ساخن رسالة لامي عن تقييم التجربة ... لم أكن ان أتوقع تجاوبها في ذلك الوقت لكنها تجاوبت … أسئلة بسيطة مبرمجة تلقائية عن الفعل وردة الفعل والتفاعل النفسي ...

هل اثّر وجودكما بالقرب من بعض في عملية الإنجذاب ... هل تغيرت نظرتك للحياة بعد التجربة ... تقييمك لفكرة علاقة بين فئتين عمريتين مختلفتين ... هي الأسئلة المتوقعة والمنطقية ...أسئلة إنتهت بإنتزاع إعتراف من أمي أنها دخلت التجربة ولم تكن تنجذب لمن في مثل سني وخرجت منها وهي تفعل .... أجابت عنها أمي بكل تلقائية ... أكرمتها بمنحها ألف نقطة تشجيعا على صدقها

ولإنهاء المرحلة كان يجب أولا الإجابة عن السؤال المؤجّل من الأول ... تقييم علاقتها بإبنها ... بداية طبيعية منطقية عن نظرتها لإبنها ... تكوين شخصيته علاقتكما ببعض ... أسئلة أشبه بالتعارف ... ثم تحولت لأسئلة اشد جراة

أسئلة من نوعية هل ترين انك أم نرجسية أم متسلّطة ... ها تتدخلين في قرارات إبنك ... هل تراقبين علاقات إبنك الإجتماعية والعاطفية ... من هو صديق إبنك المفظّل ... هل تتشاركين أنتي وإبنك بعض الأنشطة الإجتماعية ... أسئلة نمطية عادية لكن تحمل رسائل إحتجاج مني على تصرفاتها معي ...

الجزء الثاني من الأسئلة كان حول علاقات إبنك العاطفية ... هل ينجذب لمن في مثل سنه أم للأكبر ... هل تسمحين لإبنك بدخول تجربة مماثلة كما دخلتها أنتي مع الشريك ... كلما إزدادت الأسئلة إحراجا كلما راوغت أمي أمي في الإجابة وأحيانا كذبت ... عقابا لها لم أمنحها أي نقطة ...

الجزء الثالث من الأسئلة هي الأشد ثقلا على النفس ... لكن لإضفاء صبغة من المعقولية والمنطقية على كل ما سبق كان يجب عليا طرحها ثم أنهي الموضوع بمكافأة سخية لي ولها ونخرج من هذه الدوامة ...

  • السؤال الرئيسي رقم واحد ... هل أثّرت التجربة السابقة في علاقاتك مع إبنك ؟؟؟
  • نعم
  • كيف ذلك ؟؟
  • صرت أراه باكثر وضوح
  • تفسير
  • معرفتي بشريك التجربة جعلتني أحكم على تصرفات إبني دون أفكار مسبقة
  • مزيد من التفسير
  • القرب من شخص في مثل سنه والتأثر بتصرفاته خلق في نفسي نوعا من التسامح والتقبل لتصرفاته
  • خلال هذه التجربة هل قابلتم أشخاص آخرين في مثل وضعيتكم
  • ليس بالتحديد
  • تفسير
  • أولا قابلنا كهلا وفتاة عشرينية يجاهران بعلاقة غرامية وإمراة وإبنها يبدو أنهما يعالجان مشكلا ما
  • مع من تعاطفتي أكثر من خلال التجربة الزوج الأول أو الثاني
  • الثاني
  • لماذا
  • ربما عاطفة الأمومة هي السبب
  • هل ترغبين في مقابلتهما مرة اخرى
  • لا
  • السبب و بالتحديد من فظلك
  • لا إجابة
  • السؤال الرئيسي رقم 2 : من خلال التجربة الفارطة ... هل يمكنك التحديد إن كنتي تنجذبين جسديا للشباب الأصغر سنا
  • لا يمكنني التحديد
  • هل هناك إنجذاب عاطفي
  • قليلا
  • ما السبب ... هل هو تأثير الشريك أم هناك أسباب أخرى
  • ربما الشوق لمرحلة عمرية كانت مثيرة في حياتي
  • لو تصادف ووجدتي فرصة للدخول في علاقة مع شريك آخر في نفس الظروف هل تتركين العنان لنفسك
  • لا
  • السبب
  • ممكن التعود على الشريك الأول يشعرني بالراحة
  • تفسير
  • الأمان الراحة النفسية التفاهم الذي ولد بيننا مشاعر كثيرة مضطربة
  • هل تتحكمين في مشاعرك في وجوده
  • ليس في كل الاوقات
  • شكرا لقد وقع تسجيل مشاركتكم سيتم تقييمها والرد لاحقا
إلى هنا كنت متيقنا أني نجوت بكذبتي ويمكنني إنهاء الأمر ... لم تمضي ساعة إلا وقمت بالإجابة على أمي وتحويل مبلغ 3 آلاف دينار لحسابها ورسالة شكر على المشاركة والثقة في البرنامج ... مبلغ أكبر مما توقعته ... كنت أظنه مقنعا لها لنعود سيرتنا الأولى ... السؤال الكلاسيكي المعتاد هو هل ترغبين في مواصلة التجربة ... صدمت لما وصلتني إجابتها بنعم ... وللتملص من هذا المأزق أعلمتها أن المرحلة الثانية هي مرحلة مشاركة السكن والغرفة ... صدمتي تحوّلت لصاعقة بموافقتها ...

لم أفهم أهي تقمّصت الشخصية التي تدعيها أم تساير البرنامج تحت هدف تحيّل بسيط لمزيد المكاسب ... روحي محتجزة بين مطرقة الوضع الذي وصلت إليه وسندان رغبتي في إسعاد أمي ... لكن تلك السعادة بدأت تقلب حالنا ككرة ثلج لا يمكن التحكم في حجمها ولا تحديد مسارها ...

تذكّرت وعدي السري لها يوم تذمّرت من سفر خالتي للتصيف في الخارج وهي المحتجزة في هذا الحر ... إعلان مغري يزين صفحات الإنترنت عن رحلة وإقامة لمدة 6 أيام في مخيّم صيفي في أقصى الشمال ... هي منطقة كشبه جزية بين حدود تونس والجزائر ... نتوء صخري يحيط به البحر من 3 جهات وخلفه غابة كثيفة تشقها عين ماء عذب ...

البيوت عبارة عن أكواخ خشبية معلّقة على الشجر .... التونسيون لا يستطيعون الذهاب للسيشال أو المالديف فصنعنا كليهما في شاطئنا ... البيوت تبدو فخمة وبسيطة ومريحة ... لقتل أي مقاومة من ضميري أني تلاعبت بأمي لهذه الدرجة إعتمدت ذلك الوعد السري كوسيلة إطفاء لأي شرارة تراجع ...

ما إن وصلها التأكيد بالموافقة حتى سمعت باب غرفتها يفتح وتقتحم عليا الباب تقفز فرحا لترتمي عليا وأنا ممدد على سريري ... أحضان وقبل وضحك وصراخ ممزوج بكلمات غير مفهومة ... متظاهرا بالسعادة صرت أقفز معها ...

إرتحنا يوم الغد وسط تحضيرات بسيطة لمستلزمات الرحلة ... ملابس بحر وبعض المناشف وكريمات ... حقيبة صغيرة لامي وحقيبة ظهر لي وعند فجر اليوم الموعود كنا في مكان التجمع ... كنا 6 أزواج ... أنا ووفاء .. رجل و فتاة شابة ... ثلاث في نهاية العشرينيات ... وإمرأة وشاب قريب من سني ...

طارت الحافلة بنا تشق الجبال المتراوحة ألوانها بين خضرة أشجار الصنوبر وصفرة بقايا القمح المحصود ... قبل التاسعة صباحا كنا هناك ... غابة كثيفة ما إن تتخطاها حتى تستقبلك رمال البحر البيضاء اللامعة متحدية الزرقة الباهرة لماء البحر النقي ... عن يميننا جرف صخري عالي جدا كجدار صخري يسترنا وعن يسارنا صخرة كبيرة تنطلق من الغابة نحو البحر كسور يحدد مجال حركتنا ...

ككل مشتاق أحرقته نار الهجر ... ما إن وصلنا غرفتنا المعلّقة بين شجرتي صنوبر ضخمتين حتى تخلّصت من ملابسي الخفيفة وطرت نحو ماء البحر ... لحقني صوت وفاء يطلب مني إنتظارها محتجة أني سبقتها ... أمي لا تجيد السباحة وأنا أعتبر مبتدأ فيها ... لم نغامر بالتوغل كثير نحو الأعماق ...

رأيت عينيها ترقص فرحا وهي تلعب معي برذاذ الماء الذي ينتجه دفعها لسطح الماء نحوي ... لعب طفولي بريء وروح تنطلق مسحت عني بعض الألم الذي سكن صدري ... إشتدت الشمس التي صبغت جلدنا باللون البني ... أمي في لباس سباحتها تتألّق كحورية بحر على رمل الشاطئ المبلل ...

لجأنا لشمسية كبيرة من ورق الشجر تحتها كرسيان النوم فيهما أسهل من الجلوس ... قبعة قش تقليدية الصنع كانت هدية الترحيب بنا ... صوت موسيقى يسحب نظرنا نحو مبنى من الخشب كتب عليه المشرب ... أمامه شابتان تتراقصان بزي موحد حوّل طول مكوثهما هنا لونهما لتصبحا أشبه بالبرازيليات ...

من على بعد أمتار تلحظ إهتزاز مؤخرتهما على أنغام الموسيقى الغربية ... هدأت روحي وأنا أرى البشاشة تتراقص على وجنتي أمي قبل عينيها ... أحيانا يصلنا صوت موسيقى مختلفة من جهة اليسار مما ينبئ أن مستعمرة سعادة أخرى أنشأت خلفها ...

مر اليوم الأوّل بين سباحة وقلي تحت أشعة الشمس وزيوت الكريمات و الأكل والشرب ومراقبة الرقص ... في الليل أنيرت كشافات موجهة نحو الماء تدعو من يريد سباحة آمنة أن يتقدّم ... كنت قضيت وطري من ماء البحر ... وقفت على حافة الرمل أراقب أمي التي تغوص بنصف جسدها تحت نور الكشافات ... وأسمع طرب قلبها يصلني مع مد الموج البسيط ... صوت ضحك خفيف سحب نظرنا نحن الإثنين نحو مكان نصف مظلم ... الشاب والسيدة اللذان رافقانا في الرحلة يتعانقان بحميمية مفرطة ... قبل على الشفاه بسيطة وعناق وأيدي تعبث في الأجساد ...

أحسست بالخجل منهما أن أزعجنا خلوتهما ومن أمي أن وجدنا في هذا الموقف ومن نفسي كوني كنت السبب في وجودنا هنا أصلا ... للهروب من هذا الموقف دعوت وفاء أن نتمشى ناحية تلك الصخرة ونكتشف ما خلفها ... لم يتطلّب تسلقها سوى بعض الحذر أن ننزلق ... وقفنا فوقها نشاهد تجمعا أكبر من الذي نتواجد فيه لكن بنفس النمط تقريبا ...

دفعنا الفضول للإقتراب منه ... على بعد بضع عشرات الأمتار ... نار كبيرة تشتعل وصوت الموسيقى الصاخبة بدأت تتوضح معالمه مع كل خطوة ... حشد شبه كبير من الناس يلتفون حول النار يقلدون حركات رقص مضحكة من أحدى المنشطات ...

ما إن إقتربنا لنتبين ما يحدث حتى سحبتني يد من معصمي ... قبل أن افهم ما يحدث وقع سحبي بقوة ليصطدم وجهي بصدر كبير نافر ... نعم الموضوع ليس طبيعيا فائزة التي تقفز فرحا بوجودنا غير مصدقة أننا موجودون هنا ... لم نسمع كلمات الترحيب والإندهاش منها ومن فؤاد بسبب الصوت العالي ... فسحبانا لمشاركتهما الرقص في وضعية تبادلية أنا وفائزة وهو وأمي ...

صراحة لم أجد في نفسي حرجا من ذلك ساعتها ... لم يطل مكوثنا كثيرا ... أصرا أن يتمشيا معنا حتى حدود الصخرة الفاصلة بين التجمعين ... كنت أمشي بجانب فؤاد أستمع لكلماته المنمقة وهو يصف أنه تعود مثل هذه الأجواء وأمي وفائزة خلفي تتمتمان بكلمات لم افهمها ....

تودعنا متواعدين على أن نمضي طول يوم الغد معا ... قبل أن نصل غرفتنا همست أمي في أذني أن فائزة وفؤاد مشاركان في البرنامج معنا دون شك ... رغم دهشتي من هذه الصدفة الغريبة لكني كنت سعيدا بهذا الدليل على صدق كذبي ... إلتحق كل منا في سريره ... ونمنا من الإنهاك متقابلين بالظهر ...

هنا لا تحتاج منبها ... الشمس تتكفل بدعوتك لاستقبال يوم سعيد ... بعد المسافة والتضاريس الصعبة لا يسمح لترددات إشارات الهاتف والانترنت بالوصول ... مكان يجبرك أن تتمتع بكل لحظة تعيشها فيه دون تأثير من الحداثة يسرق منك روعة اللحظة ...

على الموعد وجدنا فائزة و إبنها ينتظراننا تحت شمسية وسط إحتجاج عاملة على وجودهما وهما ينتميان للتجمع المنافس ... لكنها صمتت لما تقابلنا ... يوم جميل وشمس هادئة لا ريح ولا قيض ... سبحنا معا ولعبنا معا وجرينا وتقاذفنا الكرة وتنس البحر بيننا ... يوم رائع زاده إهتزاز صدر فائزة كلما شاركتنا بعض ألعابنا ...

ألفة غريبة ولدت بيني وبين فؤاد الذي وجدت فيه رفيقا يسليني ويشاركني ... أمي التي عوض وجود فائزة معها غياب خالتي في ممارسة هواية النميمة على الخلق ... في بداية الليل وكالعادة أصرت أمي على السباحة ساحبة فائزة معها ... قالت ان السباحة ليلا في الصيف تمنع عنك المرض في الشتاء ... أنا وفؤاد كنا نراقب إنعكاس النور على الماء ... صوت طفق على الماء بإيقاع متزن سحب نظر الكل نحو مصدره ...

ظل تلك السيدة تجلس فاتحة رجليها فوق حجر ذلك الشاب الذي يهز خصره تحتها .... شفاه متلاصقة وصوت ارتطام جسمهما يصدر صوتا متناغما مع بعض الآهات المكبوتة منهما ... حركة عنيفة من فؤاد الذي ضرب الرمل برجله ودعا أمه أن تخرج من الماء بعنف يبدو حقيقيا ...

إنتهى يومنا بذلك الإحراج الذي سببه وجود العاشقين الغير حذرين بجانبنا ... عشاء ممزوج بطعم الخجل ثم إنسحبنا للنوم .... صبيحة اليوم الثالث سمعت صوت فؤاد يناديني للخروج ... أمي لم تنهض بعد ولا حتى الشمس ... طلب مني مرافقته في جولة لمنبع تلك العين العذبة قال انه يحتاجني لأخذ بعض الصور فلم أمانع ...

تبعنا مجرى الماء لمسافة طويلة ... حقيقة المكان يستحق عناء التصوير فيه ... أثنى على مهارتي في التقاط الصور ... كشابين طائشين جلنا في المكان حتى خشينا أن توه في الغابة الكثيفة ... فعدنا من طريق آخر ... وجدنا أنفسنا خلف البيوت ... هو توجه منهكا نحو مخيمهم وأنا تسللت من الخلف ...

أردت ممازحة أمي بأن أتسلق الشجرة وادخل من الشباك وإخافتها ... ما إن أطلّ راسي حتى سمعت صوت حديث في الغرفة ... أمي تجلس على حافة سريرها ... وفائزة تجلس على حافة سريري متقابلين ... أمي تبدو مركزة متعاطفة مع كلام فائزة التي يبدو الحزن على محياها ... فهمت من الموضوع أن سبب طلاقها كان إكتشاف زوجها لخيانتها له ... تلك الخيانة والطلاق أعقبهما علاقات غرامية عدة ... صادف ان شهد فؤاد إحداها وكانت مع شاب اصغر منها ... مما خلق فيه صدمة نفسية جعلته يكره أمه ويكره كل النساء ...

هي قالت أنها حاولت إصلاح علاقتها به خصوصا لما كبر ومع وضعها المادي وكرمها معه جعله يعود تدريجيا إليها ... لكن صدمته في النساء جعلته يميل لغيره من الذكور مع جمال وجهه وجسده أصبح يمارس الجنس المثلي منذ مدة ليست قصيرة ... والحل هو أن تحاول وضعه في تجربة مع إمرأة ربما تجعله يغيّر ميوله ... ويجب ان يبدو الأمر كأن إمرأة أخرى إنجذبت نحوه ... إمأة أكبر منه سنا تنجذب نحوه سيجعل فعل أمه يبدو شبه عادي أو متداول ... هذا سيعزز فرص علاجه حسب قولها ...

كنت انتظر أمي أن تطرد تلك القحبة من أمامها لكنها لم تفعل ... هي فقط مانعت قليلا ومع إصرار فائزة التي قالت أنها لا تطلب منها ممارسة الجنس معه ... فقط قبلة ... مداعبات على فخذه أن تمسك قضيبه وتداعبه ... ثم تخبرها عن ردة فعله معها لا غير ... توسلات عديدة قابلتها أمي بالتحجج بوجودي ... مع طمأنة فائزة لها بأنها ستتولى أمر إبعادي عنها ... وافقت أمي على ذلك ...

كدت أقع من غصن الشجرة لسماع ذلك ... أمي توافق أن تقبّل شابا و تلعب بقضيبه تحت مسمى خدمة إنسانية كما سمتها تلك القحبة ... ما ذنبي أن أدفع ثمن جرم قامت به هي وقت صبى إبنها لتعالجه أمي ... فلتذهب لأي عاهرة أخرى لماذا أمي ... وما معنى ستتولى أمري ؟؟؟ ... هل ستفعل معي مثل فعل أمي مع فؤاد ؟؟؟ ...

مجرّد التفكير في ذلك جعل قضيبي ينتصب ... هل يمكن أن أكون تقبّلت فكرة تبادل الأمهات تلك ... صراع بين صورتين إحداهما وردية باني اشفي نهمي وكبتي مع فائزة تجعل قلبي يدق وإنتصابي يزيد ... وصورة أمي بين أحضان فؤاد تحرق مؤخرتي ورجولتي ...

الأمر ثقيل على كرامتي لكن جسد فائزة يستحق التضحية ...
جزء جامد جدااااااااا
استمر
 
  • حبيته
التفاعلات: wael115
اخي
فيها دياثة ولا مثليه
 
  • أتفق
التفاعلات: شةيتان
ارجوك لاتفعل
انا يكون بها دياثه
 
  • عجبني
  • أتفق
التفاعلات: wael115، mkmsas1985 و شةيتان
الجزء السادس مثير فعلا
بس عيبه انك قفلته قفله وحشه
ارجوك بلاش دياثه !!!
احنا بنقرا القصه ونعيش في تفاصيلها .. بس دياثه بلاش .. مش لطيفه .. ياريت يكون ده تشويق ليس اكثر وان الموضوع هيرجع لمسارة الطبيعي مره تانيه
وإلا هتبقي فىقت ايه بقي عن قصص كتير في المنتدي !!
خلي بالك انت بعدت خالته عن الخط الدرامي منذ عدة اجزاء
ياريت ترجعها تاني وتنهي موضوع الرحله بدون دياثه
ننظر الجزء القادم ونتمني ان يكون كمان نتوقع
بالتوفيق
 
  • عجبني
  • أتفق
التفاعلات: الباحـــث, ابن ابليس, wael115 و 3 آخرين
ليه مش قادر اقرا القصة؟
 
بلاش دياثه ي صديقي بدأت اكره القصه
 
  • عجبني
  • أتفق
التفاعلات: wael115، العقرب. و شةيتان
انتظرنا طويلاً فلا تدعنا ننتظر ابداعك الجميل
 
  • ماااشي
التفاعلات: wael115
الحكاية شدة ثنية أخرى، باهيا الفكرة ؛)
 
  • عجبني
التفاعلات: wael115
أولا لنكن متفقين ... نحن هنا في منتدى جنسي ... وجميع المواضيع المطروحة تقع تحت حماية إدارة المنتدى ... الحرية في الميول والأفكار والشبق والخيالات الجنسية مكفولة حسب قوانين المنتدى ... أي تعليق من مدعي الأخلاق غير مقبول بالنسبة لي ... أتقبّل النقد الأدبي للقصة ... نقد العمل القصصي لا غير ...

الفكرة وليدة فكر صاحبها وهو الوحيد المسئول عنها ... القصة مبوبة تحت باب جنس المحارم ... وأنت الآن دخلت بمحض إرادتك للاطلاع على محتويات هذا الباب ... فان كانت الفكرة تزعجك وتسبب إليك أي نوع من أنواع الحساسية فلما أنت هنا ؟؟؟

ثانيا ... تواجدك في منتدى يخلع عنك بصفة آلية جلباب الأخلاق ... فلا تحدثني عنها ولا تشر إليها لأنك لا تمتلكها ...

ثالثا هي مجرّد توطئة... بعد كتابة فصلين مختصرين من المذكرات وجدت انه لزوما عليا ومن باب المصداقية قبل إنهاء الفصل الثالث دخول تجربة هنا ... ولأسباب أخرى عديدة قررت خوض غمار قصة جنسية للمرة الأخيرة ... ان كانت نتيجة المحاولة الأولى مع أولائك إصابتي بمرض فقدان التوازن فأرجو أن لا تسبب لي تجربتي معكم شللا رباعيا ...

الجزء الأوّل

اللعنة على هذا الحذاء ... كلما تقدمت به خطوة للأمام إلا وازداد الألم في رجلي ... الم رجلي يذكرني بألم نفسي ... حذاء حسام ابن خالتي القديم ... كل ملابسي وكتبي وأدباشي هي ما تخلّص منه حسام ... أو أمه إن صح التعبير ...

مذ وعيت على الدنيا وأنا البس ما ضاق عنه ... ادرس بكتبه القديمة ... حتى بطني لا تشبع إلا عند زيارتنا لبيت خالتي ... لم احتج يوما على وضعي ... في بداية سنين الطفولة لم يشكل الأمر عائقا لي ... بل بالعكس ... لكن الطبيعة لم تشأ إلا التضييق عليا في كل تفاصيل حياتي ... طبيعة لم تستوعب أن أمي براتبها البسيط لا تستطيع توفير ملابس جديدة لي ... فلماذا ينمو جسمي لأسبق في المقاسات جسم حسام ...

حذاء ضيق وبنطلون يجاهد في وسطي أن تنفلت احد أزراره ... وقميص يضيق على صدري أكثر مما يضيق صدري بهمومي ... مع ضيق الحذاء يزيد ضيق الحال من معاناتي ... ديون أمي عند صاحب الدكان القريب من بيتنا تجبرني أن اسلك مسافة كيلومترات يوميا بين المسالك الفرعية لاقتني حاجياتنا من مغازة وسط البلد ... وأعود متبعا متاهة من الأنهج الضيقة المتعرجة بخطايا العرجاء من الألم ...

الكيس البلاستيكي بدأ يجرح أصابعي ... أحد المقاعد الخشبية على ناصية الطريق ... كان ملجئي من الألم المضاعف ... وضعت الكيس بجانبي وأخفيت راسي بين راحتي علي ارتاح ولو مؤقتا من عذابي الدائم ...

وضعية جلوسي فرضت عليا النظر غصبا عني لحذائي ... ماركة عالمية معروفة ... كان غالي الثمن حال شرائه ... في بلدنا نعرف القيمة الاجتماعية للشخص من حذائه ... إشارة تقطع كل أمل لي في المستقبل ... لن أكون الا مستودع قمامة لما يتخلّص منه ابن خالتي ...

خالتي أكبر من أمي بسنوات قليلة ... متزوجة من موظف كبير في الحكومة ... مرتب مرتفع ... منصب مهيب ... سيارة إدارية ... مسكن وظيفي ومساكن أخرى فرعية للتصييف ... الموظفون السامون هم من يتخذون القرارات المصيرية للدولة ... يتحكمون بالميزانية ... بتقسيمها ... اغلبها تصرف لتوفير ظروف عيش مريحة للموظفين ورغم ذلك يرتشون ...

أمي تزوجت بعد خالتي بسنتين ... تزوجت أبي عن حب ... أبي لم يسعفه الحظ في الانتساب للوظيفة العمومية ... كان صاحب مكتب حسابات ... أنا لم اعرف أبي إلا من الصور ... توفي وأنا لازلت أتعلم المشي ... تركني أتعثّر في خطواتي ...

مقارنة بين صورة خطواتي الأولى المتعثّرة ... حذاء صغير جميل عليه رسوم ميكي ماوس و يد والدي القوية الحنونة تسندني عن بعد ... الآن وأنا تجاوزت الثامنة عشر ... خطواتي لا تزال تتعثّر في حذاء قديم يقضم أصابعي ... والسبب فقدان يديه لتسندني ...

طعم مالح انسل لشفتي من دمعة سكبتها عيني ... طالما بكيت خلسة ... لا أعلم هل ابكيه أم ابكي نفسي ... لكني اشتاق إليه ...

نسمة باردة تدغدغ ضلوعي تعلمني أني تأخّرت في العودة ... الم مضاعف مع إسراعي في المشي خوفا أن أتأخر عن أمي ... أمي التي لعبت دور الأب والأم في نفس الوقت ... صارمة وذكية ولا تفوتها النسمة المتسلّلة من تحت الباب ... تراقب كل حركاتي تخشى عليا من كل شيء ومن أي شيء ...

تقول دائما أني ثروتها التي استثمرت فيها عمرها ... هي ستبلغ الأربعين قريبا ... أرملة منذ ما يزيد عن ستة عشرة سنة ... تحمّلت الوحدة والفقر والغم لأجلي ... دين آخر يزيد في ضيق صدري ...

انا عن نفسي لم أكلفها شيئا سوى مصاريف الأكل ... نسكن في بيت تركه لنا والدي ... البس ما ترميه خالتي لي بسرور بصدق أحيانا وأتظاهر به أحيانا... اجتهدت في دراستي فلم أكلفها مليما في دروس خصوصية بل كنت اكسب مصاريفي من إعداد بحوث الدراسة لزملائي المرفهين...

نجحت في البكالوريا بتفوّق ... انتظر التوجيه ... أريد الالتحاق بإحدى كليات المحاسبات ...

كنت أحلم أن أصبح محاسبا كأبي ... أن أحقق حلمه وانجح في عمل هو يحبه ... هدف لم ينصفه عمره أن يصل إليه ... استقبلني مشهد سيارة خالتي تقف أمام بابنا ... زادت نفسي ضيقا ... دفعة أخرى من ملابس ستحشر فيها كرامتي قبل جسمي ... ومشاعر مصطنعة مني بالعرفان بالجميل ...

دفعت الباب الحديدي الصدأ بعنف ... صوت قرقعته هو حمايتنا من زائر غير متوقع ... نظرة لليمين والشمال للحديقة الصغيرة ... حركة لا إرادية أهيئ بها صدري و عضلات وجهي للابتسام لمصدر الذل في حياتي ... مع وصولي للباب الخشبي ... صمت يوحي أن قدومي قطع موضعا مهما بين الأختين ...

سلام حار مصطنع مني وبارد حقيقي من خالتي ... وضعت كيس المقتنيات في المطبخ ... وجلست بعيدا عند باب الصالون ... أثاث بيتنا لا يزال يحتفظ برونقه رغم مرور السنين ... لم أكن استمع لما يدور بينهما ... لكني متأكّد أن وجودي تسبب في تغير الموضوع ... لا اعلم لماذا لكني كنت مستمتعا بتأثيري السلبي عليهما ...

طال وجودي الغير مرغوب فيه مما اضطر خالتي للانصراف ... تابعت خطواتهما وأمي توصلها للباب ... أمي أجمل منها بكثير ... فقط الملابس الفخمة هي التي تمنح خالتي تألقها .. وربما تسريحة الشعر والحذاء العالي الذي يرفع مؤخرتها ... كذلك الماكياج ....

أمي في بيجامتها المترهلة تبدو أجمل منها ... لا توجد امرأة أجمل من أمي ... حكمة لا أعلم أين سمعتها .... طالت وشوشتهما عند الباب فانسحبت لغرفتي ...

منزلنا مكون من طابقين ... على الطراز الأمريكي ... غرفة معيشة او الصالون يستقبلك عند دخول البيت بأثاثه ومكتبته, في آخره على اليمن مطبخ مفتوح بمصرف رخامي اجتهد أبي أن يتناسق مع ألوان الرخام فيه ... شبابيك بلورية كبيرة تطل منها بعض شجيرات الزينة من حديقتنا الصغيرة ... انعكاسها كلوحة زيتية تفنن رسام مجتهد أن يبرز تفاصيل الروح الساكنة فيها ... بجانب المطبخ حمام كبير يتوسطه مغطس مدور يتسع لثلاث أشخاص بالراحة ...

الطابق العلوي مكوّن من 3 غرف ... غرفت نوم أمي وغرفتي وغرفة ثالثة ... حرم موت أبي جدرانها أن يسكنها أخ أو أخت لي ... تلك الغرفة مغلقة دائما ... أمي ألقت فيها كل متعلقات أبي ... وأغلقت على ذكريات زمن جميل لم أعشه ... يفصل بين الغرف ممر واسع ينتهي ببوابة بلورية تستقبل نور الشمس من شرفة نصف مستديرة ...

طال الوداع بين أمي وخالتي مما يوحي أن أمرا مهما تطلّب نقشا مستفيضا بينهما ... لجأت للحمام أعالج ورم رجلي من اثر المشي بالحذاء الضيق ... الماء البارد يخفف توتر مسام جلد أصابعي الغضّة ... برودة الماء أشعلت رغبتي في الاستحمام ...

نصف جسدي مختفي في المغطس البارد ... برودة علها تعالج التهاب روحي وجسدي ... شعور نفسي بالضيق والاختناق ... لم أجد له مبررا ...

أغمضت عيني وحاولت أن أتخيل واقعا غير هذا الواقع ... نصف الغرق ونصف الطواف ... نصف البرد ونصف الحر ... نصف الواقع ونصف الخيال ... لا اعلم أين تاه بي خيالي البسيط وكم استغرقت رحلتي في اللامكان واللازمان ... واللافكرة ...

نقر خفيف على الباب سحبني للدنيا ثانية .. صوت أمي تعلمني أن العشاء جاهز ... ملتحفا بمنشفة نصف مهترأة تخفي نصف جسدي السفلي وقطرات ندية تداعب مسام صدري ... ارتديت شورت قصيرا كان يعاني ليجف في حبل معلّق في شباك الحمام الضيق ...

لم اسرّح شعري وعري الصدر حافي القدمين ... لا تزال أصابعي تصارع للعودة لوضعها الطبيعي ... استقبلتني أمي بابتسامة ساخرة ... هي شديدة الاهتمام بصحتي ... لم تعلّق كوني لم استر صدري من نفحات نسيم بداية الصيف الباردة ... على غير عادتها ...

جلست قبالة أمي على طاولة الطعام ... بحكم الخبرة .. كلما وضعت امي صحني مقابلا لعينيها فتلك إشارة أني سأتلقى مجموعة من الأوامر ... حاولت أن انظّم أنفاسي وأخفي ارتباكي الغير مفسّر ...

بضع قضمات من أجنحة الدجاج التي تسبح وسط صحن المرق غمستها بصمت غير مفهوم ... صمت قطعه صوت امي الصارم والحنون في مزيج عجيب كالمزيج الذي أتناوله في صحني ...

  • عجبك الاكل ؟؟؟
  • حلو زي العادة ... مش عوايدك تسالي .. ما انا بآكل كل الي بتطبخيه ... في ايه ؟؟؟
  • لا أبدا اصلك لازم تاكل كويّس اليومين دول يا حضرت الضابط ؟؟؟
  • (تجمدّت يدي التي تمسك قطعة الخبز) ضابط ؟؟؟
  • ماهو هو ده الموضوع الي اتفقت عليه انا وخالتك ؟؟؟
  • إتفقتو ؟؟؟
  • ايوة ... انت جايب نتايج ممتازة في البكالوريا وزوج خالتك هيتوسطلك انك تلتحق بأكادمية عسكرية أو أكادمية الشرطة أو الحماية المدنية .. انا كلمت خالتك وهي هتكلم زوجها
  • يا سلام اتفقتو واتكلمتو وأخذتو القرار وانا آخر من يعلم
  • هو انت شايف حاجة ثانية (بلهجتها الصارمة التي اعتادت ان تقمع بها كل بوادر إحتجاجي)
  • ايوة شايف (محاولا التحكم في ارتجافي وخوفي من ردة فعلها)
  • شايف ايه ؟؟؟ (تزايدت شدة حزمها)
  • (القيت قطعة الخبز من يدي ولاوّل مرّة في تاريخي ارفع عيني مباشرة فيها متحديا) انا عاوز أطلع محاسب زي بابا ... عمري ما إتخيّلت نفسي ضابط ...
انتفاضة عنيفة من أمي التي ضربت بكلتا قبضتيها على الطاولة .... حركة طالما وأدت أي رغبة لي ... مباشرة بعدها أعلن استسلامي لرغباتها ... صمم أصاب أذني عن كلماتها المتراوحة بين الصراخ حينا والحنان حينا ... مؤيدات كثيرة حول صواب رأيها ... الكليات العسكرية ستضمن لي مستقبلا مستقرا بعيدا عن المغامرة ... مجرد الالتحاق بها مع النجاح سيضمن لك وضيفة محترمة يتمناها نصف الشعب ...

وضعية جلوسي ووقوفها توحي بتفوقها عليا ... كنت أتحاشى النظر في عينيها ... وفي نفس الوقت روحي تتوق للتحدي ... فلم تسقط نظرتي للطاولة أو الصحن بل استقرّت في مفرق صدرها الأبيض ... طالت كلمات أمي أمام صمتي ... أحست أني استسلمت وتقبّلت قرارها ...

دون شعور ولأول مرة ثانية ... أتحداها ... وقفت وضربت بكلتا قبضتي على الطاولة ... قلّدت كل حركاتها ... لأول مرة أتكلم وأنا أساميها وجها لوجه ...

  • حسام يروح أكبر الجامعات ... وأنا أروح الجيش ... لو كان الموضوع زي ما حضرتك بتقولي ... مش كان اولا بيه يضمن مستقبل ابنه ... ماهو مش معقول هيكون بيفكّر فيا اكثر من إبنه ...
  • (نظرة الانكسار والدهشة في عين أمي شجعتني على المواصلة مع تلبكها في الكلام) ... ماهو ...
  • ماهو ايه ؟؟؟ ... هو يتعلّم وينبسط و يروح الجامعة وأنا أتخنق في الجيش والحياة الرسمية ... هو أنا مفروض عليا كل حاجة ضيقة عليا ؟؟؟ ... بنطلونات اصغر مني ... جزمة بتاكل صوابعي مع كل خطوة ... عايزين تحشروني في وضيفة أضيق مني طول عمري ... ليه ؟؟؟؟ ... ايه ذنبي ؟؟؟
  • ذنبنا اننا فقراء ... ذنبك انك يتيم ... (أحسست بالغبرة تخنق امي ... كأنها تكتم بكاء دفينا) ...
  • (انا انفلتت الدموع غصبا عني لتغرورق بها حدقتي وتحجب عني وضوح الرؤيا) يعني كله من بابا إلي مات وسبني مش كده ...
  • (تقدّمت مني امي وحضنتني بعنف الي صدرها الطري) ده قدر يا ابني ... يا حبيبي انا عملت كل الي اقدر عليه ... دي فرصة انك تطلع من مستنقع الفقر ده ... كلية محترمة ووظيفة مضمونة ومستقبلها كبير ... وكمان وده الاهم مافيهاش مصاريف ... بالعكس دي بتاخذ فيها منحة ...
  • (أردت الرد لكن حضنها خنق تمردي ... احاطت براسي وسحبتني لصدرها بعنف )
  • يا ابني انا عاوز اشوفك بخير مش كفاية عمري راح هدر بمغامرات ابوك ... با ابني انا عاوزة اشوفك راجل مالي هدومك ... تتزوج وتفتح بيت وتبقى سيد الرجالة ...
أوّل مرة في حياتي استشعر نبرة الاحتجاج من امي على حياتها ... أحسست أنها ندمت على زواجها من أبي ... لأول مرة اشعر انها تخفي سرا ... انا الفخور بانتمائي لأب لم اعرفه ... رسمت له صورا متكاملة ... نحت له في خيالي تماثيل لأنصاف الآلهة الإغريق ... لم أتقبل أن تهتز تلك القداسة حتى ممن هي اشد منه قداسة ... امي ...

انفلت من بين ذراعيها ... والدموع تملأ وجهي ... الم أصابعي وضيق الحذاء وضيق الحال ... كل شيء تقبّلته إلا أن تمس صورة أبي أمامي ...

  • هو أنا قدري اني أكون كيس الزبالة بتاع حسام ... بالبس هدومه القديمة وما اعترضتش ... الجزمة الي بتخليني اعرج واتحملتها ... فضلات اكلهم ... المنة الي بيتكرمو بيها علينا ... هو انا ذنبي ايه ... مش راضيين تخلوني اعيش العيشة الي باختارها ...
  • (كلماتي هزمت مشاعر امي فانفرط الدمع سخيا على وجنتيها الحمراوين) يا ابني الي زيينا ما عندوش رفاهية الاختيار ... اسمع كلامي انا اعرف مصلحتك ...
  • (أحسست دموع امي ستهزمني في النهاية) ... عاوزاني ابقى راجل مال وهدوم بالصدقة ثاني .... كل حياتي سكند هاند ... عاوزاني اتزوج ... تصدقي احيانا باتخيّل اني هاتزوج وحدة كان بينيكها حسام ولما زهق منها رماها لي
اتساع حدقات أمي من هول الكلمة التي قلتها ... امي لم تسمع مني إي حرف خارج عن الأدب ما حييت ... أحسست أني تماديت ... كلمة انفرطت مني ... لو قيلت في غير هذا السياق لتزيّن خدي بآثار أصابعها لأيام ... مشاعر مضطربة وردة فعل غير مفهومة ... ألقيت بمزهرية كانت تزيّن ركنا في الصالون ... صوت تهشيم الزجاج أعطاني الفرصة للهرب ...

فتحت الباب ... حافي القدمين ... عاري الصدر ... اجري دون وجهة ... كنت أهز راسي لاطرد ذكريات الدقائق الأخيرة ... تهت من جديد في اللا فكرة ... فقط أجري بعيدا عن البيت

ربما إحساسي بالتخلّص من ملابس حسام ... ثورتي على أمي ... رفضي لوضع فرض عليا ولم أختره .. كل هذه الأحداث دفعت فيا شعورا بالسعادة ... هي سعادة ممزوجة بالندم ... سألقى عقابيا نضير ذلك لكن لا يهم ...

لا اعلم كم شارعا قطعت وأنا اركض حافيا شبه عاري تحت انوار الفوانيس النصف معطّلة ... فقط اركض هربا من واقع سأعود إليه حتما ...

صراخ صبيتين صادفتاني وانأ أجري ... ارتعبتا ظنا اني أحد المجانين المنتشرين يرعبون المارة في شوارعنا ... رعبهما أصابني بالخجل من نفسي ... أسرعت أكثر فأكثر ... الإسفلت المحدب بدأ يجرح رجليا ... كنت اشعر بلزوجة تحت قدمي .... لا أعلم اهو ددمم أم قيح تقرّح ... لكني لم أتوقف ...

واصلت الركض هربا من البيت في اتجاه البيت ... لقد صدقت أمي من هو مثلنا لا يمتلك رفاهية الاختيار ... مع اقترابي للبيت بدأ نبض قلبي يتزايد بفعل التعب وبفعل الرعب ... امي ستقتلني ... انا متأكّد ...

تسورت حائط الحديقة بخفة وحذر القطط ... شجرة مشمش عقيمة كانت ملجئي للاختباء ... من ردة فعل أمي ومن ردود فعل شارع لن يتفهّم ما يحدث لي ...

النور الخافت في الصالون ينسل متحديا ظلمة الليل ... من خلف بلور جاهدت امي في تنظيفه ... كنت أراقبها تجلس على الكنبة ... تضع رجليها على حافتيها وتسند رأسها بركبتيها ... تكوّر الانكسار الذي لم أعهده فيها ...

بدأ ضميري يؤنبني ... هممت أن أدخل البيت معتذرا ... لكن عما سأعتذر وأنا الضحية ... طال مكوثي في مخبئي ... انتصف الليل ... حيرة أمي لغيابي دفعها للنمطي أحيانا والتكور أحيانا أخرى .. اقسم أني سمعت نبض قلبها الحنون من هنا ...

نظرة تجاه الباب والأخرى تجاه الساعة ... ثم تعود للتكور ... كنت اسمع شهيق بكائها ... طال انتظارها وطال صبري ... لن أعود للبيت الذي لم أغادره ....

رحت أراجع حواري العنيف معها بدقّة ... هي بالتأكيد تريد مصلحتي ... الوظيفة القارة ... فرصة للنجاح في الحياة دون مصاريف ومعانات ... هي بالتأكيد معها حق ... لكني لن البس حذاءا أضيق مني طول العمر فقط لان معها حق .. أنا لي الحق في الاختيار ... ربما فرصة للتحدي فقط ...

كلمة عمرها الذي إضاعته مغامرات أبي هدرا لا تغادر تفكيري ... مالذي فعله ابي قبل موته جعلها تشعر بالندم الآن بعد صبر السنين ... لو خانها او شيء من ذاك القبيل ما صبرت كل هذه السنين وفية لعهدها معه ... امي جميلة وكان يمكن ان تتزوج غيره بسهولة ...

رفعت راسي علي أجد في انعكاس صورتها إجابة على سؤالي فلم أجدها في مجلسها ... قبل ان تبدأ حيرتي ... اهتز صدري رعبا لصوتها يقول ... " إدخل البيت ... الدنيا برد عليك " ...

لم أشأ ان يتأزّم الوضع أكثر ... إحمرار انفها ووجنتيها اللذان تحديا ظلمة الحديقة يعلماني انها ذرفت دموعا كثيرة ... لكني لن استسلم ... كنت اسبقها بخطوتين وتلحقني أصوات تخرج من انفها تودع بها حالة بكاء طويلة ...

أثار الدماء التصقت بجليز الصالون الرمادي ... حاولت ان تقترب مني تستطلع امر جروحي لكني نهرت يدها التي لامست كتفي ... تراجعت قليلا للوراء ...

قبل ان تبدأ بالكلام ... طلبت منها بنبرة جافة وخشنة مفتاح غرفة أخي الذي لم تحمل به ... قبل ان تستفسر عن السبب ... أجبتها سؤالها الذي لم يسأل

  • عاوز اقعد شوية مع بابا ... عاوز اتكلّم معاه
رغم رفضها وحرصها لسنين ان لا يدخل احد تلك الغرفة ويعبث بمحتواياتها ... تحوّلت نحو خزانة الصالون وفتحت درجا ومدّت المفتاح لي ... دون كلمة واحدة ... كنت أخطو الدرج للأعلى وتتبعني نظراتها ... ربما امنيتها ان اراجع عقلي ... وربما خوفها من صدام جديد لم تخفت حرارة رماد الذي سبقه بعد ...

رائحة العتمة تخنق أنفاسي ... الغرفة مغلقة منذ سنين ... غرفة فارغة يتجاوب صدى انفاسي المرهقة مع جدرانها ... القليل من غبار الزمن على بعض الكراتين ... فقط ثلاث صناديق ورقية كبيرة هي كل ما يوجد ... حضنتها كأني أحضن عمري الذي ضاع مع غياب صاحبها ... صوت نقر سقوط دموعي على سطح إحداها وهي تشكل دائرة تحوّل الرمادي إلي البني دفعني لفتحها ...

البوم من الصور القديمة ... مسحت الغبار عنها ... ملامحي تشبه ابي الي حد لا يصدّق ... صوره وهو في مثلي سني ... مسرورا متحديا الدنيا ... ملابسه فخمة حسب طراز زمنها ... وقفته الشامخة ... صوره في الجامعة ... في الرحلات ... في ملهى ليلي مع أترابه ...

المثير في الأمر ان ضحكته وابتسامته لا تفارقه ... اعتقد انه استهلك نصيبي ونصيبه من السعادة في تلك الصور ... انا لا اضحك ولا أتصور ...

صور له ولامي على شاطئ البحر ... بريق عيني امي وهي تنظر له تؤكد عشقها له حد الجنون ... امي جميلة في ملابس البحر ... لم تغيّر فيها السنين شيئا سوى بريق الحزن في عينيها .... وضعت صورة كبيرة مؤطرة في اطار خشبي مذّهب امامي ... وفتحت قلبي لكل ما لم اقل له بعد ... لا اعلم هل سمع مني كلمة بابا قبل رحيله ام لا ...

اقسم اني رأيت التأثّر في عينيه رفقة بحالي ... بكيته وبكيت عليه وبكيت له ... شيء ما في عينيه يدفعني أن افتح الصندوقين ... إخترت أكبرها ... ملابسه كلها هنا ... بنطلونات جينز ... قمصان ... سترات كثيرة ... حالتها تبدو جيدة رغم كل الإهمال .... بدأت انفض الغبار القليل عنها ...

تجرأت ولبستها ... كنت ارغب ان احضن ريحه فيها ... مقاسها يناسبني بعض الشيء ... حذاء رياضي يعانق أصابع رجلي برفق ... رحت أتمشى امام صورته كأني أفاخره اني كبرت وصرت في مقاسه ... لو كان حيا لضربني على قفايا بحنان ... كما يفعل كل الآباء الذين وصل أبناءهم ليضاهوهم في الطول ...

سعادة غمرتني ... روحه وريحه تعانقاني ... إن كانت الأقدار فرضت عليا ان البس القديم فلألبس ملابس ابي ... مقاس حذاء والدي هو إشارة أن شخصيته وطريقه هي التي تناسبني كما ناسبني المقاس ... انا على حق ... فرصة خالتي ضيقة على روحي كمقاس حذاء ابنها ...

جلست على الأرض احدّث ابي متسائلا ... ان كنت مغامرا كما تقول أمي ألا يخفي الصندوق الآخر سرا ... ألم تدخل في تجربة بورصة وخسرت ساعتها ...ربما تغيّر الحال الآن ... لا يمكن الا تترك لي شيئا الا هذا البيت ... حتى الذكريات لم تتركها لي ...

نبض قلبي يتزايد مع كل ورقة اسحبها من الصندوق ... لم افهم شيئا .. فواتير قديمة ... كراسات على رموز بخط اليد ... علامات قاطع ومقطوع ... ارقام واحد واثنان ... قصاصات جرائد تتحدث عن نتائج كرة القدم ساعتها ... ما السر وراء عشق ابي لكرة القدم لم افهم ذلك ...

ظرف كبير بني اللون ... عقد ملكية بيتنا ... وعقد رهنه لشركة إيجار مالي ... مبلغ كبير وضع فيه ... هل رهن ابي البيت قبل موته ... لكن البيت ملكنا الآن ... انتقلت ملكيته لي ولامي بحكم الميراث ... لم اسمع بهذا الأمر من قبل ... هل سدد أبي رهنه قبل موته ... لم أجد في الأوراق ما يثبت ذلك ... أين ذهبت أموال الرهن ومن سدده ...

نصف اجابة خامرتني عن كلام أمي ... هي جاهدت لسداد ديننا في سنواتي الأولى ... بدأ ضميري يدفعني للاعتذار منها ... جهاز لاب توب من طراز قديم هو آخر ما تبقى في الصندوق ...

صندوق صور مليء بالذكريات ... صندوق ملابس تفوح منها رائحة عز لم أعشه ... وصندوق ورق لم افهم منه شيء ... ربما اللاب توب يحتوي على سر ... لكنه لا يعمل ...

قررت ان آخذه معي لرحيم ... رحيم هو شاب في أواخر العشرينات .. يعتبر الشخص الأقرب لي في الدنيا بعد أمي ... يمتلك محل انترنت وبيع وبعض أدوات الإعلامية ... يقدّم خدمات التسجيل عن بعد ... كنت أساعده في إعداد البحوث المدرسية ... معتمدا على معلوماتي وسرعتي في رقن الحروف ....

كان يكافئني بقطع نقدية او بصندويتش اذا تأخرت عنده في المحلّ ... قررت ان أتسلل به للخارج عندما تحين لي الفرصة ... لا اعلم السبب لكن أحسست ان نظرة ابي من صورته تشجعني على ذلك ...

شعاع نور الفجر يتسلل من تحت الشباك ... ليلة طويلة جدا ... هي ليلة بعمري كله ... حضنت صورة أبي وتوسدت سترته وتغطيت برائحته ونمت ... ربما نمت في حضنه وانا رضيع ... ونمت نوم الرضيع ...

صوت طراد الماء من الحمام يعلمني ان أمي استيقظت ... لا أعلم ما افعل ... هل هي جولة ثانية من الحرب بيننا ... أم أعلن استسلامي والبس الفرصة الضيقة ما بقى من العمر ... استعملت الحبال التي كانت تلف الكراتين ... ربطت اللاب توب في احد قمصان ابي والقيته يتدلى من الشباك للحديقة ...

تسللت للحمام ... غسلت وجهي وسرّحت شعري ... انعكاس صورتي في المرآة جعلني اشعر بالفخر ... لم تخطو رجلي في الممر خطوتين ... صورة اتساع حدقتي أمي سبقت صرخة رعب دوّت في المكان تلاها صوت ارتطامها بالأرض ...

تأبطت جسدها بين يدي وأسرعت بها لغرفتها ... لا الماء ولا بقية زجاجة العطر افلحتا في إيقاضها ... لم اجد طريقا سوى الاتصال بخالتي ... مر الزمن عليا دهرا حتى وصلت ... طبيب في أواخر سنين عمره ... يخزها ابرة ... قال انها صدمة عصبية نتيجة الارهاق ...

الفترة التي تلت خروجه ... دروس متتالية من خالتي عن وجوب طاعة امي ... تذكير بتضحيتها في سبيلي ... انا لا انكر ذلك وممتن لها ... وممتن لخالتي ولحسام وللعالم كله ... فقط لا أريد أن افقد أمي كما فقدت أبي ... لم اترك سريرها دقيقة واحدة ... لم افلت يدها الباردة من يدي ...

سأفعل اي شيء ... فقط عودي للحياة ... شكرت السماء أنها حرّكت راسها ... استيقظت مرعوبة ... أول شيء فعلته طردتنني من الغرفة ... لم احزن لفعلها ولم اغضب انا سببت لها الإرهاق ...

احتجزت نفسي في غرفتي ... كنت اسمع صوت خالتي تسند امي للحمام ... صوت الماء يختلط بصوتها تساعد أختها ... وخزني ضميري على مشاعر كرهي لخالتي ... هي لم تفعل شيئا سوا مساعدتنا طول حياتها ... انا الشيطان المتمرد فقط

ابتعد صوتهما وهما ينزلان الدرج بعد أن غيّرت ثيابها ... فجأة تذكّرت جهاز اللاب توب ... لا يجب لامي ان تراه ... ذنب آخر سيسجل في صحيفة أخطائي ... حاولت سحبه من أعلى لكنه علق بحافة الحائط ... تسللت لباب البيت ... الحبل يتدلى بجانب شباك المطبخ ... اقتربت لافكه

صوت خالتي يصلني بوضوح مستفسرة عما حصل ... صورتها وهي تقدّم قهوة وبعض الطعام لامي ... لم الحق بالحوار من أوله لكن أمي تبدو مرتبكة مذعورة ...

  • هو شبه ابوه ... في كل حاجة ... البارح كان بيزعّق بنفس الطريقة ... بيحاججني بنفس سخرية ابوه ... بيحط عينه في عيني يخليني ارتبك زي زمان ... لما كنت حاضناه وهو صدرو عريان حسيتا ني باحضن ابوه ... حتى في ردة فعله وقت الغضب هو شبهه ... والصبح كان لابس هدوم ابوه ... افتكرته صحي من ثاني
لم أتمالك نفسي من الارتباك والبكاء أنا كذلك ... كنت قررت الاستسلام لقرار أمي ... تلك الكلمات كانت إشارة ثانية ... تعليمات امي واضحة وإشارات أبي مبهمة ... غامضة لكنها مثيرة ... حيرة ما بعدها حيرة

عاهدت نفسي اني إذا لم أجد في اللاب توب شيئا أو انه لم يعمل ... سأعود لامي واقبّل رجليها معتذرا ... لو أن الأمر غير ذلك فليكن ما يكون ...










الجزء الثاني

كسجين بين خيارين ... تركت أمي بين يدي خالتي رغم خوفي على صحتها ... تأبطّت اللابتوب وتوجهت نحو متجر رحيم ... استقبلني ببشاشة تشرق في عينيه تحت صلعته اللامعة ... قال أني نزلت له رحمة من السماء ...

المحل مكتظ بالزبائن وهو مشغول في إعداد بعض التطبيقات ... رغم استعجالي لكني قبلت طلبه الملحّ في مساعدته على تلبية طلبات الزبائن حتى يتفرّغ هو لشغله...

كالجالس فوق الجمر... امرر طلب هذا بتسجيل عربته للفحص الفني والآخر يستخرج ورقات مطبوعة ... تفكيري كله فيما حصل وماذا سيحصل ... قلبي يخزني حزنا على أمي ... وكأن الناس تتآمر عليا ... كل ما تخلّصت من أحدهم لحق به الآخر ... ساعات طويلة ضاعت هدرا ... ومرت عليا دهرا ...

ضاق صدري وأنا أنتظر أن يرحمني رحيم ويتفرّغ لي ... بدأت الشمس تسير للزوال ... وخفّت الحركة في المحل معها ...أخيرا ... نظرة فاحصة من رحيم للتحفة الأثرية التي وضعتها بين يديه ... تقطّب حاجباه وهو يصارع زر تشغيل اللاب توب الذي أبى واستعصم ...

مع كل حركة منه يخفق قلبي لبرهة ويتوقّف للحظات ... ترجيت السماء أن تنطق تلك الآلة ... أنا على عهدي ... لكني أترجى فقط فرصة اكتشاف ما فيه ... ليس بعد كل ما حصل مني ستنقطع عني الإشارات ...

قطرات العرق على جبين رحيم وهو الخبير في مجاله تنبئني أن الأمر لن ينجح ... لدقائق خلتها قرونا والصمت يخيم على المكان إلا من صدى نقر أصابعه على الأزرار ... وأخيرا نطق .. نطق كالغريق ... شهق وصمت ثانية ...

أخبرني رحيم أن الأمر يتطلّب وقتا طويلا وهو مشغول ... ترجيته بكل مالي عنده من عواطف أن ينجدني ...يجب أن يعمل هذا الجهاز الآن ... أو في اقرب وقت ...

لم اسمع إجابته بالرفض والقبول حتى قاطعتنا رائحة عطر أنثوي طاغي ... سبقت فتح الباب ... صوت ملائكي يلقي علينا السلام ... خجلي جعل عينيا ترتشقان كسهم على حذاء جلدي يلمع سواده تحت جلد رجلين بيضاوين ... بريق بياضهما أعشى عينيا ونعومة جلدها جعل نظري ينزلق كل ما حاول الصعود للأعلى... لم تستقر نظراتي على ركبتين متناسقتين تحت قماش اسود وصلت إليهما بعد جهد حتى أيقضني صوت رحيم مرحبا ...

صوت قبلتين طبعتهما على وجنيه الناديتين دوى في أذني ... أهملني رحيم وأهمل جهازي وتناسى وجودي ... إن لم يهملني من أجلها فمن أجل من سيفعل ... فلأذهب أنا وجهازي وحزني للجحيم ...

لم ارفع عيني لاكتشف صاحبة الطلّة الطاغية ... كنت أتسلى بتحريك أصابع قدمي على الأرض ... لإخفاء خجلي وغيضي .... ما فهمته أنها افتتحت مشروعا جديدا ورحيم يبارك لها ... حفاوة الترحاب بينهما توحي أنهما معرفة قديمة ... تريد من رحيم أن يصنع لها تطبيقا يردّ على اتصالات الزبائن تلقائيا ... قالت أنها لم تستعن بعد بأحد لمساعدتها ...

نظر رحيم في عيني مستسلما ... ما باليد حيلة يجب تلبية طلبها قبلي ... ربما هي استشعرت حزني وغضبي من وجودها الذي عطّلني ... حاولت أن تنسحب في خجل على أن تعود ثانية ... لكني بصوت خافت تنازلت عن حقي ... وأعطيتها الأولوية ... دهشة علت ملامح رحيم الذي استغرب تراجعي بعد طول إلحاح واستغرب أني نطقت أصلا رغم خجلي ...

ابتسامة منها عرفان لشهامتي أنستني الجهاز والإشارات والقرارات وأمي معهم ... كحل وسط اقترح رحيم أن يضع لها مخطط التطبيق وكل الأمور التقنية ثم اتمم أنا الباقي في رقن الرسائل المراد كتابتها مع إشادة بسرعتي وحذقي لتلك المهمة ...

تلك الكلمات أشعرتني بالفخر والأهمية ... علامات الرضا على وجوه الجميع ... ملامح تردد باهت رسم على ملامح الزائرة ... جلس رحيم وراء جهازه منهمكا في عمله ... وجلست بجانبه أتابع باهتمام حركاته ... أما السيدة فجلست قبالتنا على كرسي ... لا ادري كم استغرق من الوقت لكني بدأت اشعر بالضجر وضلوعي بدأت تخزني ...

حركة لا إرادية مني بتحريك ذراعي للخلف ارتفع معها نظري... خرجت مقلتاي من محجريهما ... السيدة كانت تداعب هاتفها دون اهتمام بنا ... وضعية جلوسها أجبرت قماش تنورتها القصيرة أصلا على الانحسار للخلف ... نصف فخذيها المكتنزين عاريان متلاصقان يشدهما القماش غصبا بعضا ببعض ... لا اعلم من زاد في تلق من ... سواد القماش أم بياض الجلد ...

أشحت بنظري وتظاهرت بالتركيز في حركات رحيم ... كنار تسحب فراشة ... نظري يهزمني ويصرع خجلي وارتباكي ويعود ليغوص في ذاك اللحم الطري ... فجأة ... حركة لا إرادية منها ... تضع رجلا على رجل ... مثلث ظل صنعه قماش تنورتها الأسود على فخذيها سحبني للهاوية ...

دغدغة خفيفة أصابت أسفل بطني صاحبها جفاف في حلقي وتعرّق كاد أن يفضحني ... صوت تنهيدة من رحيم حركة من يده يغيّر وضعية الشاشة تجاهها ... حركته دفعتها للنهوض والتقدّم نحونا ... اقسم أني كنت اسمع صوت موسيقى فيلم الفك المفترس مع كل نقرة من كعب حذائها العالي ...

تظاهرت بالتركيز في الشاشة علي اخرج من مأزقي ... كانت تضع يديها على الطاولة وترشد رحيم لبعض التصليحات ... خاتم زواج يزين إصبعها ... معصمها رقيق وأصابعها نحيفة و طويلة ... رفعت عيني بحذر ناحية وجهها لكني لم أصله ... مفرق صدرها المتدلي من فتح قميصها الأبيض سحبني للهوة ...

انتفاخ وقرص يمسك ما بين فخذي ... رغبة في التبوّل تحرق مثانتي ... هروب سلسل بانسحاب حذر ناحية الباب راجيا أن لا يكشفني انتفاخ بنطلوني ... قطعت الشارع قاصدا المقهى المقابل للتخلّص من حالتي الغريبة ...

عند عودتي وجدت الأماكن تغيّرت ... رحيم يجلس في ركن يسميه المتخبر ... منهمكا في فك براغي جهاز اللاب توب ... والسيدة تجلس في مكاني وكرسي رحيم الدوار فارغ ...

أمر سريع منه بالالتحاق بمكاني " يلى بسرعة مش عاوزين نعطّل الهانم اكثر من كده " ... مررت على حذر من ورائها متحاشيا أن المس ظهرها بأسفل بطني ... رغما عني سقط نظري بين مفرق صدرها لترتفع خيمة بنطلوني في ثانية مرة أخرى ...

جلوسي بجانبها كان أشبه بعملية تعزييب لذيذ ... غرست عيني في الشاشة ألا تهزمني نظراتي وتهرب مني نحو ركبتيها ... رائحة عطرها الأخاذ تدغدغ شعيرات انفي ... مع كل حركة من يديها تشير إلى مكان حرف أخطأت في رسمه على الشاشة ... يلامس نهدها الأيمن مرفقي الأيسر فيزيد صراع قضيبي مع قماش البنطلون ...

لاحظت ارتباكي ... مع عدم انتظام أنفاسي ورعشة أصابعي على لوحة الأرقام ... وتعرقي الغير مبرر ... فرحمتني من عذاب نهدها لي واستبدلته بعذاب أصابعها ... بحركة عفوية أو مفتعلة كانت تقرص على أعلى فخذي بكل أصابعها قصد تنبيهي كلما أخطأت ... وكم كثرت أخطائي ...

حالتي لم تجعلني استوعب الموضوع ... هي صاحبة محل تجميل أو مساج وسونا وبخار ... هي ردود الكترونية عن المواعيد ... العروض ... العنوان ...

تمنيت أن ينتهي تعذيبي وفي نفس الوقت أن يمتد للآبد ... قبل أن انتهي طلبت مني أن اترك خانة الخدمات الأخرى فارغة ... قالت أنها ستتولى تعميرها بعد مدّة ... لم أركز مع ذلك ... كنت مسحوب الإرادة ... خجلا ومستثارا في نفس الوقت ...

صوت حركة كرسي رحيم من خلف مختبره تأمرني أن أفسح له المجال للتثبت في عملي وتسجيله ... وقوفي المرتبك تزامن مع التفاتة منها نحوي ... انفها الدقيق لا تفصله إلا مليمترات قليلة عن الخيمة التي صنعها تعذيبها لي ...

لم افهم سبب اتساع حدقتيها ونصف ابتسامتها ... اختفيت وراء مختبر رحيم أخفي فضيحتي ... كلمات شكر منها لامتناع رحيم عن عدم قبول أي مبلغ منها نظير خدماته ... صوت قبلتين طبعتهما على وجنتيه أصابا حلقي بالجفاف ... لم ارفع عيني نحوهما ... اقتراب وقع قدميها نحوي جعلني ارفع عيني من اللاشيء الذي كنت انظر إليه

يدها الطرية الأنيقة تمتدّ نحوي شاكرة جهدي ... لا اعلم من أين أتتني تلك اللباقة بان أقف لتحيتها قبل المصافحة .. ما إن تلامست أصابعنا حتى سحبتني برفق وطبعت قبلة رقيقة بين انفي وعيني وشفتي ... أصبت بالعمى والزكام وفقدان التذوق بعدها ...

تلبّك في أمعائي وجفاف في حلقي وحرقة أسفل بطني ... لم اشعر بها وهي تسلمني كارت عليه عنوان المحل وأرقامه ... لم أرها وهي تخرج ... فقدت الإحساس بكل شيء ... نقرتان قويتان على صدري من أصابع رحيم أعادتني للحياة أو للموت ... لا أدري ...

بضع دقائق أخرى وصلني صوت رحيم يعلمني أن الجهاز يلزمه قطع غيار قد تكون فقدت من الأسواق حاليا ... عالج بداية دمعتي بإخباري انه يتعيّن عليا تعويضه مبكرا في المحل حتى يتسنى له البحث الدقيق عنها عند بعض التجار وافقت دون تردد .

طوال الطريق وأنا امسك الكارت بين يدي ... أقربه من شفتي ... أشم عطرها فيه ... ثملا بما فعلته تلك اللمسات الخفيفة بوجداني ...

امرأة في مثل سن أمي ... جسدها تفور منه الحياة ... ينبض بالروح والروائح ... مع اقترابي من بيتنا ... طارت عن عقلي سكرته وتكسّرت الموجات الوردية على أزيز الباب الحديدي الصدئ ...

أخفيت الكارت في جيبي الخلفي ... ودخلت البيت مستذكرا كل أدعية السلامة ... لست في حال تسمح لي أن أخوض أي نقاش حتى ولو بسيط ...

أمي التي خاصمتني وضعت طبق أكلي البارد على الطاولة ولم تنتظرني للعشاء وأغلقت باب غرفتها ... فليكن ... عزة نفس مصطنعة منعتني من الأكل ... دخلت غرفتي وتهت في أحلام يقظة أو نوم ...

صوت رنين الهاتف وصوت أمي يليه من وراء الباب بنبرة سجّان غاضب ...

" اصحى رحيم مستنيك في المحل " ...

رحيم هو الشخص الوحيد الذي لا تخشى أمي صحبتي له ... رجل متزوج وسمعته الجيدة تسبقه ... خدوم ويساعد الكل ... بشوش ... أمي تثق به ...

بخطوات أسابق بها الريح مرتديا حذاء والدي المريح ... وجدت رحيم ممتعضا من تأخري عليه ... أوصاني بالقيام ببعض الأعمال البسيطة مع العناية بالمحل ... في الصباح يقتصر الوافدون على بعض الأطفال من أبناء الطبقة الكادحة ... لا يمتلكون رفاهية امتلاك العاب الكترونية أو هواتف ذكية فيلجئون لرحيم ... مقابل قطع نقدية بسيطة يمكنهم من حواسيب يلعبون بها لتوقيت محدد ... كثيرا ما يتجاوزون الوقت المخصص لهم لكنه لا ينهر أحدا ...

كثر صخبهم لكني لم اسمع شيئا ... كنت لازلت أشم ريح عطر تلك السيدة في المكان ... اللون الوردي يغطي أحلام يقظتي المبهمة ... شعور بالتنميل في مسام جلدي لا اعلم سببه لكنها دغدغة ممتعة ...

رحت اسلي نفسي بتقليد حركات رحيم في صنع تلك التطبيقات ... الموضوع ليس معقّدا ... فقط بريد الكتروني وتدفع مبلغا بسيطا لحجز الخدمة ثم لك حرية المحتوى .... أحيانا يسحبني شاب صغير يدفع ثمن استغلاله لأحد الحواسيب ... ثم أعود ... تمرّنت على الأمر كثيرا ... مع تكرار الموضوع أصبح سهلا جدا .. كنت أريد التعويض لرحيم ...

أمر مثير للدهشة ... بعض الشباب والكهول يدخلون فقط للسؤال عن رحيم ...رغم إلحاحي أن ألبي طلباتهم لكنهم يقولون إنهم سيعودن إليه شخصيا ...

قبل منتصف النهار ... دخل رحيم متعرقا ... شتمني ألف مرّة كوني سببت له كل هذا التعب ... أحسست بالذنب نحوه ... لكن قلبي بدأ يخفق بشدّة ... سمعت صوت جهاز والدي ينطق مدويا معلنا للعلن أني ما زلت حيّا ...

مسرعا نحو ركن المختبر ... ألقيت نظرة على شاشته وهي تعود للحياة ... حركات بسيطة من رحيم للتأكد من سلامة عمله ثم انسحب تاركا لي المجال لاحتضان آخر ذكريات والدي ...

إتفظّل ياعم قرفتنا معاك وعرقنا بسببك
(كنت اهم أن أنهال عليه شكرا لكنه سبقني في الكلام)
قلي ؟؟؟ ... مزعّل الست الوالدة ليه ؟؟؟
(أحسست بالإمتعاض ان اسرار بيتنا تخرج للعلن) ...
شوف يا وائل أنا زي أخوك الكبير ... وأمك دي تعتبر أختي ... والمرحوم أبوك جمايله مغرقاني ... فارجوك أنا مش غريب
(مصدوما من إكتشاف علاقة رحيم بابي) طالما قالتلك اني مزعلها أكيد قالتلك عالسبب ؟؟
أيوة قالتلي وبصراحة مش مستوعب ردة فعلك ؟؟
يا سلام ليه بقى ؟؟
أنا شايف اني دي فرصة مش هتكرر ... يا ابني هو حد لاقي ... قيمة وسيمة وسلطة ونفوذ وبدلة ميري .. وممكن تمسك منصب يخلي الكل يترجى رضاك
وكلية من غير مصاريف وهأخذ منحة والنقل ببلاش وووو ... بس انا مش شايف نفسي فيها
يا سلام ... أقرع ونزهي ...
يا عم انت إلي اقرع مش أنا
(صوته يسعل بعد نوبة ضحك تعقيبا على سخريتي) ... آخر خدمة الغز علقة ... كده برضو
(كنت أريد أن اعتذر منه على قلة ادبي لكنه أردف)
طيب أنت عاوز إيه ؟؟ فهمني ممكن نلاقي حل
أنا عاوز أدخل الجامعة ... باحب الحسابات ... عاوز أطلع زي ابويا
والمصاريف واللبس والاكل والسكن
هأدخل الجامعة الي هنا ... الاكل وهآكل في بيتنا ... ومصاريف الكتب هاشوف شغلانة في الصيف توفرلي
(صمت طويل اطبق على جبينه المقطب) ... طيب اسمع كلامي ... إنت تروح تقدّم وتعمل كل الي امك عاوزاها ... إحضر اللجنة ... وإعمل اللازم وما تزعّلش مامتك ... وكده كده مش هتخسر حاجة ... ومن هنا لآخر الصيف لو دبّرت مصاريفك اعمل الي في دماغك ولوما قدرتش اقلها تكون ضمنت حاجة في ايدك
اعتقد أن رحيم على حق ... لن يجبرني احد على الالتحاق بالاكادمية بالغصب ... ودعته بعد أن شكرته واعتذرت منه على تعبه ... تأبطّت الحاسوب وهرولت لبيتنا ... أخفيت الجهاز في الحديقة أن تراه أمي ...

سقوطها المفاجئ صباحا لازال يخز ضميري ... أمي هي كل حياتي ... لا أعرف لي ملجأ غيرها ... دخلت البيت مكسور النظر كعادتي ...

أشاحت بوجهها عني عند دخولي ... توجهت نحوها وقبّلت يديها معتذرا ... حضنها لي أعاد لها الحياة .. أمي لن تستوعب كوني سأخرج من تحت جناحها يوما ... دموعها عمدّت راسي وهي تحضنني إلي صدرها ... صدر أمي اشد صلابة من نهدي تلك السيدة ... ماذا أقول ؟؟؟ ...

عشاء هادئ على شرف نصر أمي المؤقّت ... أنهكني الجوع والصراع النفسي ... وجه أمي عاد للحياة ... غطست في الحمام استرجع أفكاري ... ذكريات بعد ظهر أمس تطاردني ... رائحة العطر تستفز قضيبي ...

كشجرة نخل مقلوبة وسط الماء ... رحت أراقبه وأتخيّل تلك السيدة تستحم معي ... إنتفخت دائرة رأسه ... أردت مداعبته لكن قبل أن تلمسه راحتي ... يأتيني صوت أمي مستعجلا خروجي للسلام على خالتي والاعتذار منها ...

زيارة غير متوقعة في هذا الوقت ... ملابسي في الخارج ولا شيء يسترني سوى تلك المنشفة البالية ... لففت وسطي بها تاركا للوقت مهمة تخفيف انتصابي ومدرات فضيحتي ... وكأن خالتي تستعجل نصيبها من كلمات الاعتذار والعرفان وجدتها أمام الباب ...

إنحنيت لتقبيل يدها طالبا الصفح عن كل ما تسببت به كما فعلت مع أمي ... سحبتني لحضنها ... وجهي المبلل غارق في مفرق صدرها ... صدر خالتي طري كصدر السيدة ... طال عناقها لي ومداعبتها لشعري المبلل مع سيل من النصائح واللوم والعتاب ...

مع لحظة إطلاق سراح راسي ... إتسعت عيناها تعجّبا من مشهد الوتد الذي يشدّ الخيمة المحيطة بوسطي ... حركة شفتيها مزيج بين الدهشة والذهول ... هربت للأعلى مختفيا في غرفتي ...

حاولت طرد كل تلك الأفكار المجنونة من عقلي ... أمي وخالتي يتسامران في الصالون ... يصلني صوت ضحكهما دون أن أفهم محتوى الحوار ...

فتحت جهاز اللاب توب ... لا شيء فيه سوى ملفات حسابات وأرقام ... حسابات شركات كانت زبائن لأبي ... لم افهم شيئا ... بحثت عن ملفات سرية ... لا يوجد ما يشفي غليلي

أعد متابعة الملفات ملفا بملف ... ملفات على تطبيق الاكسيل كلها بأسماء شركات ... ملف اسمه اللعبة ... كنت أعتقد أنه اسم شركة لعب ... فتحته ... لم يكن كسابقيه ... جداول كثيرة عليها رموز ... 1/X/2 تكرر كثيرا في 13 عمود… إحتملات وتتكرر ... لم افهم شيئا ...

ذهبت للغرفة الأخرى صوت أمي وخالتي مزهوتان بنصرهما يصلني بوضوح ... طال سهرهما ... فتحت صندوق الأوراق ... قرأتها ألف مرّة ... زاد الغموض أكثر ... مقتطعات كثيرة عليها نفس الرموز ... تحمل اسم شركة الرهان الرياضي ... لم اسمع بها من قبل ...

بعض صور لشيكات باسم أبي عليها مبالغ مالية صادرة عن نفس الشركة ... الآن توضّح الأمر قليلا ... رجعت لغرفتي وبدأت بالتركيز ...

أبي استعمل ذكائه وخبرته في الرياضيات ... توقعات وحسابات دقيقة لاحتمالات ثلاث ... إما الفريق الأول ينتصر او الثاني او يتعادلان ... فكرة عبقرية ... لكن لماذا مات وتركنا مفلسين ... أين ذهبت مرابيحه ؟؟؟

قبل أن أصل لاجابة وصلني صوت إغلاق الباب الحديدي ... خالتي عادت لبيتها ... أخفيت كل شيء وتظاهرت بالنوم ... دقائق وغمزني انعكاس نور الممر على الحائط ... أمي فتحت الباب ... تقدمت نحوي خطوتين ربما تريد تقبيلي لكنها انسحبت ...

لم يغمض لي جفن وإنا احترق على نار تلك الفكرة ... أبي استعمل ذكائه لكن الأمر مستحيل ... 13 مقابلة ب 3 احتمالات ... 3 * 3 * 3 ... سيصل الامر الي أكثر من نصف مليون إحتمال ...

أحرقتني عينيا وأنا أتابع كل تلك الجداول المرسومة بدقة في الملف ... فهمت نظريته وكيف حاول تطويع الحظ بالمنطق ... لكن يا أبي الحظ والمنطق لا يتقابلان ... المنطق يسير بخطى علمية دقيقة والحظ أعمى في مسيرته ...

خنقني الحزن وأنا أتخيّل تحطم أمال كل مرة ... اللعنة على الحظ الذي حرمني من أبي ... الآن فهمت سبب نوبته القلبية المفاجأة ... حضنت صورته أواسيه نحسه الذي أورثني إياه ...

لا اعلم أنمت أم أغمي عليا كمدا ... نقر خفيف على الباب ... صوت أمي يصلني من خلف الباب ... صحوت من النوم ولم أصحو من الصدمة والغم ... رائحة فطائر شهية تدغدغ أنفي وأنا على مشارف المطبخ ....

غسلت وجهي ألف مرة علي أتخلص من أثر السهاد ... وقفت طويلا أمام المرآة ... أرى انعكاس صورتي في انكسار وجه أبي ... ضممت أصابعي وشددت قبضتي وأردت أن ألكم الحظ الذي حرمني منه وحرمه حلما مجنونا ...

أمي مستبشرة بخير هذا اليوم ... تلبس ملابس الخروج ... بنطلون جينز ازرق فاتح ... وقميص ابيض خفيف يتناسب مع حر بداية الصيف ... إفطار شهي وكرم مبالغ فيه نظير طاعتي لها ... قسمت مهمة إعداد ملف الترشح للالتحاق بأحد الاكادميات بيننا ...

أنا سأستخرج كل بيانات دراستي ونتائجي وهي ستقوم بالإمضاءات القانونية ... أنا في نظر القانون لا أزال قاصرا ... هي قوانين دولة لا تفهم منها شيئا ... في سن الثامنة عشر تستطيع اجتياز امتحان القيادة ... تفتح حسابا بنكيا ... تتزوج و تسافر للخارج دون إذن ... يمكنك البيع والشراء وتسجيل الممتلكات باسمك والتصرّف فيها ... تدفع الضرائب ... حتى السجن تدخله في سن الثامنة عشر ... الأدهى انك تدلي بصوتك في الانتخابات وتقرر مصير شعب وأنت في سن الثامنة عشر ...

لكن سن الرشد القانوني هو عشرون سنة ... التجنيد عشرون سنة والالتحاق بالوظيفة العمومية عشرون سنة ... وان سنحت لك الفرصة لذلك قبل بلوغها يتوجب عليك الحصول على إذن من ولي أمرك ... لا تستغرب صديقي فهي تونس ...

حمير تقود بلدا تصل جذورها في التاريخ إلي ما قبل نشأته ... لا تهتم فكلنا في الهم عرب

قبل خروجي من البيت ... حضنتني أمي ... سحبتني لصدرها طويلا ... ربما تسترجعني بعد أن ظنّت أني تهت منها ... رائحة عطرها الخفيف تملا انفي الذي عصر في صدرها ... بعد إطلاق سراحي لم تنظر في وجهي لم ترفع عينها من الأرض ... الأمر غير معتاد بالنسبة لي ...

رحلة شاقة زادتها أشعة الشمس الحامية مشقّة ... قمت بكل تلك الإجراءات الرتيبة دون رغبة ... فقط أردت الحصول على سلام مؤقت مع أمي ... كعادتي اختبأت في غرفتي ... يبدو إن الأمر قد حسم ... سأسير في درب رسمت خطاه لغيري ... وبيد غيري ...

طال تفكيري في لا شيء ... فقط تهت في تلك الفكرة المجنونة التي وصل إليها أبي ... آخر ما وصلت إليه هو إني فهمت المنهجية التي فكّر بها ... والتي سار عليها ... لكنه فشل ... هو الحظ ... كفرس جامح لا لجام له ...

أغمضت عيني لكن تلك الرموز في ملف " اللعبة " تتراقص في مخيلتي ... هززت راسي ألف مرة لكنها استعصمت أن تسكن ظلمة نظري ... رفضت بخجل مرافقة أمي لبيت خالتي ... رغم شوقي لوليمة تشبع جوعي ... لكن نفسي صارت تقرف لقمة الذل ...

لجأت لمحل رحيم ... مجرّد تذكّر اسم رحيم صار يبعث انتصابا وليدا بين فخذي ... ذكريات تلك السيدة طاغية الأنوثة ... الأمر مثير للسخرية ... لكني تلك اللحظات الوردية أسرت روحي ... المحل شبه خاوي إلا من بعض الشباب ... هذا يتحدّث مع فتاة أجنبية ... والآخر يلعب ... لا عمل لي أضيع فيه بعض الدقائق الثقيلة ...

رحت أنظّف الأرضية من أثار بعض الأقدام ... لفت انتباهي عملية يقوم بها رحيم ... هذا يدفع له أموالا والآخر يأخذ منه بعضها ... كنت اعتقد انها معاملات مالية تخصّ بعض الخدمات عن بعد ... مع تقدّم ساعات النهار... تكاثر طالبو تلك الخدمة ...

رغم أن الأمر استفز فضولي لكني لم أتجرأ على سؤال رحيم ... ربما سيتحرّج من أن يجيبني ... لكن المبالغ المتداولة أكبر أن تكون معلوم خدمة الكترونية كالمعتاد ...

مرّت الأيام الأخيرة من الشهر السادس بسلام ... أمي التي عادت إليها روحها باستسلامي الشبه مموه لقرارها ... طوال اليوم في متجر رحيم أساعده في ما أقدر عليه ... شخصيا بدأت احشر نفسي في فكرة الانضمام للاكادمية ... صدقت أمي فمن هو مثلي لا يملك رفاهية الإختيار ...

بدأت الفكرة تتخمر ببطئ في عقلي ... التضحية بخمس سنوات ثم سيتغيّر الوضع ... راتب محترم ووظيفة مرموقة ... الأهم أني سألبس حذاءا جديدا يناسب مقاسي ... حتى وإن كان البوط العسكري الثقيل ...

آخر يوم في الشهر ... هو يوم حافل بالنسبة لمحل رحيم ... تجديد اشتراكات النت ... فواتير الكترونية ... خدمات لا تحصى ... كنت أجلس بجانبه في مكتبه بالمحل ... من كثرة الزبائن صار يستعملني كعداد للاوراق النقدية التي يخفيها في خزنة صغيرة تحت مكتبه ...

تصادف دخول شاب في مثل سنه للمحل وعلى وجهه علامات السرور... طلب من رحيم سحب مبلغ 5 ألاف دينار من حسابه ... كلمات مبهمة من رحيم يبارك له انجازه ... " أخيرا أمسكتها " ...

مكّنت الرجل من المبلغ ... سعادته وهو يفك مطاط الرزمة من الأوراق النقدية وصل أثرها لروحي ... سحب ورقتين من فئة خمسين دينارا ووضعهما في يد رحيم ... قال إن " طباخ السم يذوقه " ... ثم وضع ورقة نقدية في يدي ... قال بسعادة وشموخ ... " حلال عليك ... ادعيلي الحظ يبتسم ثاني " ...

رعشة أصابت مفاصلي من اثر الصدمة ... أول مرة في التاريخ تكتشف أناملي ملمس تلك الخضراء الساحرة ... بعد إنصرافه لم أتمالك نفسي من التساؤل ...

الأمر غير مبرر ... لا أحد يلقي بالأموال هكذا ببساطة ... أخبرني رحيم أن هذا الشاب عانده الحظ كثيرا واليوم ابتسم له وربح ذلك المبلغ وتلك الأوراق هي حلاوة فوزه ... ربما استبشر بوجهي فأهداني أحدها ...

" رزق وجالك "

غرابة إحساس ملمس تلك الورقة في راحتي اختلط بالكلمات المبهمة من رحيم ... حظ ومكسب وحلاوة ؟؟؟ ... ما دخل رحيم بهذا ؟؟؟ ... تصادف دخول بعض الشباب لإيداع أموال في حسابات لم افهمها ... اختلست النظر لشاشة جهاز رحيم ... ذاكرتي حفظت اسم الموقع الذي زيّن الشاشة ...

قال رحيم انه وسيط فرع رهانات ... مقابل عمولة من عمليات السحب او الإيداع ... مكسب في الحالتين ... الوسطاء كثيرون والمواقع أكثر ... هكذا قال

لا اعلم لما رسمت صورة نظرة أبي المنكسرة أمام عيني طيلة الساعات المتبقية من النهار وبقية الليل ... خضعت للتحقيق في البيت عن مصدر تلك الأموال ... أنا فقط سلمت الورقة لامي علها تستعين بها على مصاريف البيت ... ففتحت على نفسي حنفية أسئلة لا تغلق ... لم تفلت أذني من بين أصابعها حتى تأكّدت شخصيا من رحيم من صدق كلامي ... ورغم ذلك لم تنهي تلك الحفلة من اللوم والتقريع إلا بوعدها أن لا اقبل أي أموال من أي شخص غير رحيم ... ولقاء خدمتي له لا غير ...

كنت امني النفس بابتسامة رقيقة منها جزاء لي ... لأوّل مرة في سنوات عمري أقدم لامي مبلغا اعتبرته مهما جدا ... فقط أردت أن ارسم بسمة على شفتيها فرسمت بقعة حمراء على أعلى أذني ....

اليوم الموالي صادف الفاتح من الشهر السابع ... رحيم تركني لوحدي لقضاء شؤون لا مناص منها ... جالسا وراء شاشة الكمبيوتر الكبيرة ... طال انتظاري لعودته وأصابني السأم .... أحرقني الفضول ... قبل أن أتم رقن اسم ذلك الموقع زينت صورته الشاشة ...

رسم لأوراق لعب ... بوكر ... رولات ... رهانات رياضية ... كرة قدم ... كرة سلة ... بحر واسع من الاختيارات ... صوت ضحكة رحيم المصطنعة ممزوجة بصوت آخر أرعبتني ... كمن فتح عليه الحمام وهو يقضي حاجته أقفلته برعب خشية أن تعبث يدي بشيء يسبب كارثة ...

هو نفس الرجل من يوم أمس ... مبتسما سعيدا يصعد صدره غبطة وسرورا ... انسحبت لأترك المكان لرحيم الذي فتح الشاشة ثم الخزنة وبدأ بوضع رزم النقود أمامه ... قبّلني ذلك الرجل ووضع بضع ورقات في يدي ... قال أني وجه السعد عليه ... ودعنا مسرعا ... أقسم أن خطاه لم تكن تلامس الأرض ... الآن فهمت معنى أن يطير الإنسان فرحا ...

مبلغ مائة دينار وضع في يدي ... نصفه قد تسبب في حملة على أذني يوم أمس ... رفض رحيم قبوله ... قال بتهكم ...

ياعم روح اشربلك عصير في مكان رايق ... اشتري مثلجات ... هي لازم أمك تعرف كل حاجة ...
قررت العمل بنصيحته ... أخفيت المبلغ بحذر في جيب بنطلوني الصغير ... وأخفيت الأمر عن أمي ... طوال الليل وأنا أقارن بين غبطة ذلك الرجل وتخيلاتي لكسرة روح وطموحاتي أبي قبل زمن ... لعنت الحظ ونمت ... حلمت أني عدت لبداية سنيني ... أبي يلاعبني ... يشتري لي الايسكريم ... الحلوى ... يرافقني في مدينة الألعاب ... ملابسي جديدة ... حذاء يناسب رجلي ... وضحكته لا تفارق وجهه ...

صحوت من حلمي على صوت خطوات أمي تستعد للمغادرة ... باكي العينين ضاحك الصدر ... حلم بسيط أرسل لي من لعالم الآخر كتعويض عن واقع لم أعشه ... غبطتي بحلمي دفعتني للعمل بنصيحة رحيم ... إخترت بعضا من ملابس أبي القديمة ... الأقرب من أن تناسب هذا الجو وهذا الزمن ... شكلي أنيق رغم كل شيء ... جسدي يلائمه اي شيء ... ربما لأني رأيت نفسي أشبه أبي ... تأبطت جهاز اللاب توب وخرجت

حديقة أحد المقاهي الفخمة تدعوني للدخول ... بخطى مرتبكة قادني نادل بشوش لركن جميل ... المقهى لم يزدحم بعد ... قررت أن ادلل نفسي لأول مرة ... إفطار صباحي متكامل ... حلويات فرنسية وتونسية وقهوة كبيرة وعصير وبيض مخفوق ومياه باردة وبعض السلطات ... بسيسة وزرير ... عسل وزبدة ... اللعنة على الفقر ...

تهت في فخامة ديكورات المقهى والأطقم الموضوعة أمامي تتأنق فيها تلك المأكولات ... الآن عرفت السر وراء إدمان الناس للصور مع هذه الوجبات ... هذه الوجبات جعلت للذكرى لا للأكل كل يوم

بعض الزبائن يحتلون أماكن غير بعيدة عني ... أجهزت على تلك الوليمة وكنت أهم بالانصراف ... رفعت عيني ورايتها ... نعم هي دون شك ... تلبس بنطلون جينز رمادي يبرز تكوّر مؤخرتها ... لإن حرمني من بياض رجليها لكن فتحت التيشرت الأسود أهدت للناظرين متعة التجوّل في مفرق صدرها النافر...

تبعتها نظراتي حتى استقرّت في مقعد غير بعيد عني ... قررت البقاء حتى حين ... ربما فقط القي عليها السلام ... ستكفيني ابتسامة رقيقة منها ... وان أسعفني حظي ستلامس أصابعي اناملها الرقيقة ثانية ...

نظرة جانبية خلسة لعينيها اللامعتين ... وجه ابيض ناصع كصبيحة يوم مبارك ... شعر اسود قاني تتوه في أمواج ليله بأحلام وردية كوجنتيها ... حرّكت قطع السكر في فنجان قهوتها بحركة خفيفة تطارد معها خيط بخار متصاعد منه ...

قبّلت مبسم سيجارتها قبل أن تلهب صدري بنفس دخان أحرق كل جدران الشوق إليها ... كنت لا زلت اعبث ببقايا الأطباق حين تقدّم مني النادل يسحبها من أمامي متسائلا إن كان لي طلب آخر ... قررت شرب قهوة سوداء لأول مرة ... ربما ستلاحظ أني كبير بما يكفي لشرب القهوة مثلها ...

كجهاز ردار أراقب حركتها علّها تلتفت نحوي ... كنت أتمرن على الابتسامة خوفا أن يهزمني خجلي ... ما إن وضع النادل فنجان القهوة أمامي ... حتى تقدّم منها رجل أنيق ... قبل أن يلامس أصابعها قامت وعانقته عناقا حارا ... أنا فقط أردت ابتسامة فجاء هذا الشيء وخطف حضنا لم أحلم حتى به ...

انكسر قلبي وعدت لواقعي ... هي لا تعرفني أصلا ... ربما نسيت من أكون ... أين سرحت بيا مشاعري ؟؟؟ ... الفرق شاسع بين الكل ... رحت أقارن بيني وبين رفيقها ... شعره الرمادي الناعم ... ملابسه الشبابية الفاخرة لا تتعارض مع تناسق جسمه ... أين أنا منه ؟؟؟ ... ربما سأصبح مثله عندما أصبح في مثل سنه ...

إن كان سبب بقائي هو انتظارها أن تراني فالآن تغيّر الحال ... يجب أن لا تراني ... سحبت جهاز اللاب توب عله يشكّل ساترا لي ... تقدّم مني النادل ووضع ورقة عليها كود الوايفاي ... فرصة لتخفيف ثقل دقائق الانتظار ... دخلت النت ... أنا لست مغرما به ... لا تستهويني مواقعه ...

بعض صور الطبيعة ثم سئمت بسرعة ... تذكّرت موقع رحيم ... دخلت دون خشية ... بدأت أتابع باهتمام مكوناته ... الفرضيات المطروحة ... كيف تسجّل وكيف تلعب ... كيف تربح وكيف تخسر ... الموضوع كغيره فقط توقّع النتيجة ... هذا العالم الذي هزم أبي يوما ...

فتحت الملف الذي ورثته عن أبي ... اللعبة ... تابعت خطوات والدي بعين مختلفة ... عين من فهم العملية ... خرجت باستنتاج ... أبي لم يسعفه العمر أن تخترع هذه المواقع في سنين حياته ... قديما كانت المراهنة على مقابلات محددة ... توقعاتها بسيطة .. ما النتيجة ... ربح ام هزيمة او تعادل ...

هنا الامر مختلف ... انت تختار المتنافسين ... الف اختيار تراهن عليه ... أهداف .. نتيجة ... ركنيات ... ألف لعبة في كل الرياضات ... فقط الفرق هنا انك تحدد المبلغ الذي تريد أن تكسبه ...

يمكنك المراهنة على مقابلة واحدة إن أردت ... المكسب يكون حسب ضارب يحدده الموقع ... وكلما أضفت إختيارا آخر .. يتضاعف ضارب الأول في ضارب الثاني في المبلغ الذي ستراهن به ... وهكذا

سحبني هذا العالم حتى غصت فيه ... شخص مثلي لن تستعصي عليه هذه المعلومات أن يسبر أغوارها بسرعة ... قارنت بين فكرة أبي والاختيارات المطروحة أمامي ... تجارب بيضاء للعملية ... الأرقام المتوقع ربحها تزوغ معها العيون ... تنهيدة حارقة خرجت من صدري ... لو كان أبي حيا لما استطاع أحد عد أمواله الآن ....

رفعت عيني متأسفا عليه ... تلك الطاولة احتلتها عائلة كبيرة تتناول إفطارها ... السيدة ومرافقها غادرا منذ مدة تبدو طويلة ... أين كنت ... أين سحبني هذا العالم ... قبل أن استوعب ما حدث أحسست أن يدا ثقيلة تهز كتفي ... صوت أبي الذي لا أذكره يهزني بشدّة ...

" إن كان العمر لم يسعفني أنا ... فالعمر كله أمامك ... غامر لا تخشى شيئا "

هربت من المقهى ... طوال الطريق وذلك الصوت يدوي في مخيلتي ... لجأت لحضن أمي كرضيع مرتعش ... أمي لم تفهم ما أصابني ... فقط حضنتني بعنف ...

سريري تحوّل لحقل شوك ... سهاد ما بعده سهاد ... شيء خفي يدفعني للتفكير ... ليس التفكير فقط ... سرك من الخيالات ... مزيج من المشاعر بين الرغبة والإثارة والانفعال والخوف والطموح والحلم ...

كلما أغمضت عيني تتراقص تلك الاحتمالات أمامي ... متاهة لم أجد منها مخرجا ... هل اجرّب ... فقط سأضع الخريطة المؤدية لمفتاح الكنز ... فتحت جهاز اللاب توب ...

أنشأت ملفا جديدا " اللعبة 2 " ...

الجزء الثالث

على نفس خطى منهجية والدي ... الفرضيات في الفرضيات ... جداول ومربعات ... استنفرت كل حواسي وقدراتي لرسم ذلك المخطط ... طبّقت الإحتملات على عمليات بيضاء متكررة ... الموضوع ينجح ... أكرره ... فينجح

لا يمكن ان تفلت أي نتيجة مهما كانت من شبكتي المعقدة ... الأمر لم يتطلّب سوى سويعات قليلة ... صرخت كأرخميدس ... وجدتها .. وجدتها .... مزهوا بانجازي ... فخورا بعبقريتي

وانطلق سرك من الأحلام يتراقص أمام عيني ... سيارة فاخرة من أغلى طراز ... ملابس راقية ... فيلا كبيرة بمسبح ... سأزور كل دول العالم ... مهرجان أغاني راقصة انطلق في راسي ... الليل لم يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد ... عددت المبلغ المتبقي في جيبي يكفي ... لتغطية بضع عمليات ...

لا يهم فهو سيتضاعف بصفة آلية ... خريطة مستقبل مشرق لا اتعب فيه ولا أشقى ... فقط أجني الأرباح ... استثمار في الذكاء ... بدأت أضع خططا دقيقة لتبرير ثروتي أمام أمي ... مهما يكن لا بد من أن أعوض عنها سنين شقائها ... هي تستحق ذلك ...

خطط بسيطة كتفكيري ... أول نقطة انطلاق في خطتي هي وجوب أن أتحاشى رحيم ... هو سيخبر أمي بكل شيء بالطبع والاهم انه سيكتشف طريقتي ويقلّدها ... قال إن فروع ووسطاء مواقع الرهانات كثيرون ... سأبحث عنهم ...

مع بزوغ أول سهام الضوء تخترق ظلمة الليل ... فجر يوم جديد في حياة جديدة ... مفعم بالحيوية رغم عدم نومي ... سكون البيت يؤكّد أن أمي لا تزال نائمة ... حضّرت ملابسي ... تأكدت من الأوراق النقدية وأخفيتها جيّدا في جيبي... رأس مالي البسيط ...

دخلت الحمام بحذر ... ملأت البانيو ببطء ... وغطست فيه أتخلص من كل الفقر التاريخي الذي التصق بي ... الماء البارد زاد في نشاطي ... وقفت أمام مرآة الحمام الكبيرة عاري ... قلبت شعري للخلف ... شعري الناعم بلونه البني المائل للأشقر ... تمليت في انعكاس صورتي ... ورحت أتخيّل نفسي ... في عالمي الجديد الذي وجدت مفتاح النعمة فيه أخيرا ... طال مكوثي أمام المرآة ... صوت رنين الهاتف يتلوه وقع خطوات سريعة على الدرج ثم قرقعة الباب الخارجي تصم الآذان ...

صوت أمي وخالتي يكسر السكون في الخارج ... قرع عنيف على باب الحمام تستعجلان خروجي ... كالعادة لا شيء يسترني سوى تلك الفوطة البالية ... التحفت بها وخرجت عاري الصدر ... أمي تلكزني بمرفقها في جنبي بعنف خفيف إحتجاجا على تعطيلي لها ... وخالتي خلفها تستقبلني فاتحة يديها لاحتضاني ...

لا اعلم السر في ذلك لكن رغم ان جسمي نما وصرت أطول منها لكنها تتعمّد أن تغرس رأسي في صدرها كل ما حضنتني ...ربما هو إحتجاج على مفعول الطبيعة ..تريدني أن تثبت لنفسها قصرا أني لا زلت صغيرا ... ربما ...

رائحة عطر خالتي الغالي يداعب أنفاسي المتطلعة للحرية من مخنقها ... ملمس مفرق صدرها الناعم يدغدغ مسامي خدي الندي ... طال عناقها لي على غير العادة ... انسحبت من بين ذراعيها بهدوء ... أردت تقبيل وجنتيها كالعادة... عيناها لم ترتفع من الأرض كأنها تبحث عن شيء أضاعته ...

لثواني وهي تركز في الأسفل ... ثم كمن استيقظ من غفلته ... نظرت في عيني مباشرة ... حدقتاها تتساعن لترسما دهشة وشفتاها تصوران شعورا خفيا بالرضا ...

التحقت بغرفتي ألتمس فيها الستر... لبست ثيابي والتحقت بهما في الأسفل أمي تسرّح شعرها أما مرآة قرب باب المنزل ... نفس البنطلون ونفس القميص ونفس التسريحة ... فقط انعكاس وجهها الجميل يغمرني بابتسامة حب من عينيها ... تناولت معهما الإفطار الذي أعدته خالتي بسخاء ... لم أفهم فحوى حديثهما ... الموضوع يتعلّق بزيارة محامي ... أمي وخالتي أعلنتا الحرب على خالي بسبب الميراث منذ زمن ...

أمي فقط تساند أختها ... خالي وخالتي أغنياء لا يحتاجان ميراث والدهما البسيط في شيء ... فقط هو العند بينهما وأمي وقفت في صف أختها ... كنت استعجل مرور ساعات الزمن حتى أنطلق لحياتي الجديدة ... المكاسب الكبيرة ... الأموال وما تصنعه بصاحبها ...

إنطلقت هائما في شوارع مدينتنا ... بحثا عن فرع إحدى شركات الرهانات .... وجدت الكثير من علامات الإشهار على بوابات محلات عديدة ... محلات إنترنت عمومي ... مقاهي ... أكشاك سجائر ... لكن كلها مغلقة ... من سيقامر في الساعات الأولى للنهار ...

إستوقفتني إحدى العلامات على محل حلاقة للرجال ... ولو أن الموضوع غير عادي لكن لا يهم ... دخلت فاستقبلني رجل في بداية الأربعينات ... بشوش مستبشر بقدوم زبونه الأول ... أخبرته عن طلبي فلبى ذلك بسرعة وبساطة ... بضع نقرات على هاتفه ... أخذ مني مبلغ 50 دينار للحساب وخمسة له عمولة ... هكذا هو قانون هذي العمليات ... وضع في يدي ورقة عليها اسم عجيب للحساب ورقم سري لفتحه ...

كمن حقق نصرا في حرب خرجت مرفوع الرأس ... أصبح عندي حساب وفيه أموال ... المشكلة الآن أني لا أمتلك منفذا للانترنت ... لجأت لأحد المقاهي ووضعت اللاب توب أمامي ... الساعة العاشرة صباحا ... مقابلات كرة قدم في الصين ستفي بالغرض ...

فتحت ملف خريطتي السحرية للثروة ... وبدأت أتبع الخطوات ... أتممت عمليتي بتركيز شديد وانتظرت النتيجة ... هنا تحطّمت أحلامي ... راهنت بمبلغ جملي قدره 27 دينار لأكسب في أقصى الحالات 26 ؟؟؟

لم أستوعب ما يحدث ... ثم بتحليل بسيط إكتشفت أن من صنع تلك المواقع فكّر في ما فكّرت فيه قبل إنشائها أصلا ... ضارب المقابلات بثلاث إحتمالات لا تتجاوز الثلاثة أبدا .. وذات الاحتمالين لا تتجاوز ضارب إثنين ...

كمن صدمه تيار كهربائي تجمّدت أحاسيسي ... انتظرت نهاية المقابلات كالصنم ... نعم لقد صدقت إحدى إحتمالاتي وهو المتوقع ... لكني لم اكسب شيئا ... سوى سهاد الليلة وحرق الدماغ في التفكير ... والكثير من الخيبة

إنسحبت من المقهى أجر أذيال الانكسار ورائي ... كلما تذكّرت أحلامي التي قبرت إلا وإنتفض صدري بتنهيدة تحرق رماد أحلامي التي وئدت قبل أن تبصر النور ...

سخرت من نفسي كثيرا ... لست أذكى البشر والدليل أن من برمج تلك المواقع تفادى تلك الثغرة قبل أن يبدأ في العمل بها .... عدت للبيت خاوي القلب والفكر ... لجأت لغرفتي أصارع نوما أبى أن يرحمني ... صوت عقلي يسخر مني مدويا ... رانج روفر ؟؟؟ ... سفر ورحلات ..ثم يعقبه دوي ضحكات سخرية قوية ...

أحسست أن مفاصلي ترتعش ... جسدي يتعرّق ... لساني تخشّب وحلقي يجف ... كأني أقع في هاوية ... أردت الصراخ طلبا للنجدة فلم يخرج مني صدى ... أردت النهوض فلم أقدر ... ثم أظلمت الدنيا في عيني ...

طنين خفيف مسترسل بنغمة رتيبة متوازنة يصلني ... ألم وخز في ذراعي اليسرى ... أردت فتح عيني فلم استطع ورحت في النوم ثانية ....

فانوس ابيض طويل معلّق على السقف ... رأيت الرعب في دموع أمي التي تتمسك بذراع خالتي من خلف بلور شباك كبير ... أردت النهوض فلم اقدر ... ونمت ثانية ...

ثلاث أيام على تلك الحالة ... فهمت بعدها أني أصبت بنوبة عصبية وإنهيار نسبة السكري في الدم ... وسط ألف سؤال من أمي عن السبب ... لم اقدر على الإجابة ... لو علمت آمي أني اسبر على خطى أبي ستلحقه ... أنا كنت سألحقه ...

مع عودتي للبيت ..أمي تحصّلت على إجازة من عملها وخالتي رابطت عندنا في البيت وأنا نمت في غرفة النوم ... سرير كبير مريح ... صورة كبيرة لامي تحضن والدي تزيّن الحائط ... مع كل حركة منهما تبديان الاهتمام بي كان قلبي ينفطر حزنا ... ندم شديد على صنيعي ... وأشده الندم على مشاعر الكره تجاه خالتي ...

أسبوع على هذه الحالة مع سخاء في الاكل والراحة استرجعت أنفاسي وبعض شظايا نفسي ... اللحم والسمك والبيض أعادا لي بياض وجهي الشاحب ... أمي تنام على الكنبة في الصالون ... وخالتي تنام في غرفتي ... على أطراف أصابعي تسللت للحمام فرائحة عرق تغشى منها الأبصار تسبقني ... المغطس البارد يعاند الماء فيه حوافه تحضيرا لابتلاعي ....

غسلت عرقي ونتيجة تجربتي الفاشلة ... صوت الماء أيقظ الجميع ... وجهان مستبشران يطلان من وراء الباب ... كفرقة مقاومة الإجرام اقتحمتا عليا الحمام ... غطست حتى أخفي عري خجلا منهما ... كلمات بسيطة مني تطمئنهما أني بخير ... لا شيء يدعو للقلق ...

اشراقة وجه أمي أضائت المكان ثم انسحبتا لإعداد فطور ملكي على شرف سلامتي .... لم أتمتع بعد بثواني من الخلوة .. حتى فتح الباب ثانية ... خالتي التي شمّرت قميصها ليكشف نصف بطنها تمسك بيدها قطعة قماش وزجاجة صابون تبدو جديدة ...

لم تعطني فرصة للاحتجاج على اقتحامها خلوتي ... أمر صارم منها بالجلوس على حافة الحوض ...

" ما أنا ياما حميتك وإنت صغيّر "

كأسير ينتظر دوره أن يباع في سوق الرقيق جلست ملصقا فخذي ببعضهما البعض اخفي منبت قضيبي الذي غزاه الشعر ... حركة دؤوبة من يدي خالتي التي إمتلأت برغوة الصابون تدلك عضلات ظهري ... ضغط شديد من أصابعها على كتفي أشعرني بالألم ... قالت انه يساعد على تخفيف التوتر ...

عبثا حاولت إقناعها أني بخير واستطيع الاستحمام بنفسي ... بدأت تراودني بصوتها الناعم أن اعترف بسبب مرضي ... أحسست بلهفتها عليا وعلى صحتي ووخزني ضميري من سابق شعوري بالمقت تجاهها ... أفلت من قبضتها وغطست في الحوض يغطيني الماء حتى رقبتي ...

  • أزمة عاطفية ؟؟؟ ...
  • (تخيّلت أن تلك الفكرة قد تكون مخرجا ونهاية لفضولهما قد تعفيني مرارة الاعتراف بالحقيقة)
  • تقدري تقولي كده
  • كنت متأكدة بس أمك إلي مش مقتنعة
  • بس ارجوكي إوعي تقولي لماما .. هي مش ناقصة
  • ولو إن الأمر بالنسبة ليا طبيعي إنها تعرف بس اتطمّن
  • طيب ممكن تقلي هي مين وإزاي وحصل ايه عشان كل ده
  • (هنا شعرت أني وقعت في مأزق أكبر من الإعتراف بالحقيقة ) ...
  • لو مش حاب تتحكي انت حر بس ..
  • (هنا إختلطت مشاعري بين ضرورة تخز ضميري بالتقرّب من خالتي و بين الحقيقة) مش عارف أقلّك ايه
  • لو حاب تتكلم أنا سامعاك ... هي مين ؟؟
هنا تيقنت من وقوعي فخ نصبته لنفسي .. أنا لا تجارب لي أصلا ولم أفكّر يوما في مثل هذا الموضوع ... ماذا ساقول ؟؟؟ فجأة خطرت ببالي فكرة مجنونة ...

الكذب كحبات عقد ... كل ما سحبت حبّة تلحقها الأخرى ... إستذكرت تلك السيدة ... الأنوثة الطاغية ومشاعر الانكسار لما رئتها في المقهى مع رفيقها ... فاقتبست تلك الحكاية والفت منها خرافة لا أساس لها من الصحة ... إن أردت إقناع أحد بكذب عليك تغليف كلامك ببعض الحقائق لاثراء روايتك ...

حقيقة الانجذاب والإعجاب والإحساس بالقهر والغيرة ممزوجة ببعض الأحداث التي لم تحدث أخرجت رواية حب حزينة متكاملة الأركان من صدري ... اعتقد أن خالتي صدّقتني

رغم أني توقعت صدمة وردة فعل عنيفة منها الا أنها جلست على حافة المغطس وبدأت تداعب شعري المبلل بأناملها قصد التخفيف عني ... تلك المداعبة التي تسري في مسام الجلد فتشعر أن روحك تحلّق في سحب الفردوس ... وبدأت اسرد ما حدث ثانية مجيب على كل تساؤل يطرح عليا ... استرجاعي لحدث المقابلة الأولى أيقظ تلك الرغبة التي اشتعلت بين فخذي كأوّل مرة ...

كلما استرسلت في الكلام انتظمت حركات أصابع خالتي بين خصلات شعري الناعم ... كحركات منوم مغنطيسي خبير كانت تحسبني للاعتراف الشبه كاذب أكثر فأكثر .... انتهت الحكاية التي صنعا مخيلتي أحداثها ... كنت انتظر ردا من خالتي ... أي رد فعل لكنها كانت صامتة ... وضعية جلوسها بجانبي وخجلي وانسجامي مع حالة التقمّص التي استلهمتها لم تكن تسمح لي برؤية وجهها ...

كانت تائهة أكثر مني وعيناها تغوصان وسط الماء ... سطح الماء الساكن مع طول سكون حركتي يشقه نتوء من النصف العلوي لرأس قضيبي الذي تحدى برودة الماء وعاد للحياة مع حرارة تلك الذكريات ....

لم تستجب عضلات جسمي الشبه مخدّرة بعد حتى فتح علينا باب الحمام و رأس أمي يطل منه بعلمنا أن الإفطار جاهز ... دخولها أفاق خالتي من شبه غفوتها ثم خرجت مسرعة دون نظرة واحدة نحوي ...

الطاولة تعج بما توفّر من خيرات في ثلاجتنا الشبه خاوية دوما ... فقط صوت أمي يدوي في المكان ضاحكا مستبشرا ... عينا خالتي كانت تتحاشى النظر لي ... قضمت أصابعي ندما على ما حدث غصبا ... أنا أصلا اشعر بالخجل منها لذنب هي لا تعرفه .. الم يكفي ثقل ذلك على قلبي حتى أشوه صورة ابن أختها الذي تحبه بان اجعله عاشقا لسيدة في مثل سن أمه .. وسن خالته ...

لكني لم أجد مخرجا من مأزقي غير ذلك ... وماذا جنيت ... إن أفشت خالتي السر الشبه مكذوب لامي فتلك الطامة الكبرى ... وإن لم تفعل فهي لن تهدا حتى تعرف ما الذي أدى إلي ما حصل لي ...

محاولا زرع الثقة في نفسي بابتسامة حمقاء رسمتها على وجهي ... كنت مركزا نظري على خالتي التي تغرس عينها في الأطباق هربا من صورتي التي شوهتها بحكايتي ... فقط أردت الاطمئنان أنها لن تخبر أمي ...

ما إن نظرت مباشرة نحوي حتى غمزتها مبتسما ... ابتسامة مفادها أننا على عهدنا ... رعشة أصابت يديها جعلت شوكة الأكل تنفلت منها ...

بما أن حالتي الصحية تحسّنت فلم يعد هناك من سبب وجيه لبقائها في بيتنا المتواضع ... قبل مغادرتها أردت فقط التأكيد عليها للمحافظة على السر ... تمشيت ورائهما نحو الباب ... فتحت لها حقيبة سيارتها ووضعت فيها حقيبتها الصغيرة ...

توقّف قلبي وأمي توشوش لخالتي كلمات في أذنها ... تلتها نظرة من كلتيهما نحوي لأصاب بالصمم فجأة ... عند وداعها إقتربت منها لتقبيلها ... فطبعت قبلة بطرف شفتها بين انفي وعيني وشفتي ... هي نفس القبلة ونفس مفعولها ...

لم افهم ما سبب ذلك لكني لم أنتبه ...

قرار صارم من أمي ألا أترك البيت هذه الأيام ... الإختبار الطبي واللجنة في الاكادمية العسكرية بعد أيام ... قالت أنها حماية لي من أي طارئ أن يطرأ ...

استسلمت لقرار السجن دون القدرة على الاحتجاج ... أصلا نفسي لم تعد تطيق الاحتجاج ... كورقة خريف تعبث بي نسمات الهواء عدت مستسلما لأمي ... اغتنمت تلك الأيام للقيام ببعض الأعمال المفيدة ... هي أعمال تافهة في حديقتنا الصغيرة ...

التخلّص من الأعشاب ... تهذيب بعض الشجيرات ... سد بعض الشقوق في حائط السور ألا تسكنه بعض الحشرات ... أشغال شغلتني ليومين ... أمي التي تمتعت بالراحة الجسدية والنفسية بعد الإنهاك الذي سببته لها ... ومع ارتفاع درجة الجرارة في صيفنا القاتل هذا ... خيّرت ملازمة البيت ومتابعة حركاتي من وراء النافذة ...

في بعض الأحيان تشجعني بكوب شاي أو عصير ليمون وقطعة بسكويت ... ورغم تعرقي وتوسخ ملابسي إلا أنها كانت تصر على عناقي ... ذلك العناق الذي لم تستوعب فيه لا هي ولا أختها أني صرت أطول منهما ... تحشرني في صدرها وتمرر يديها على ظهري ...

كنت أتخلّص من كيس جمعت فيه بعض القش والأوراق الميتة في مكب نفايات آخر الشارع ... أرعبني صوت منبه سيارة تلاه صوت ضحكة خالتي التي لا تخطئها أذني ... دعتني للركوب معاها لكني اعتذرت بسبب حالتي الرثة ... تحدتني للسباق من يصل البيت أولا ...

ككلب يطارد سيارة صاحبه كنت اركض خلفها وهي تضحك ... استقبلت أمي ضحكنا معانقة أختها ... لاهثا من أثر الركض حملت أكياس كثيرة وحقيبتان أثقلتا يدي ...

حسام ووالده سافرا لقضاء عطلة الصيف عند عمّه في أوروبا ... الخبر مزعج بالنسبة لي لكني لم انزعج ... لم اشعر بالغيرة نحوه كعادتي ... هي الحياة هكذا كل وما علق في شبكة رزقه ... أعتقد أن صدمة مرضي القصيرة أكسبتني بعض النضج في التفكير ...

خالتي وأمي تستعدان ليوم الغد اليوم الموعود ... لجنة القبول ... رغم طمأنة زوج خالتي للكل إن الأمر قد قضي ... لكن حالة من التوتر تسود الجو ... الكل متوتر ما عداي ... حالة الاستسلام و خيبة أملي في لعبة أبي جعلتني ادخل في حالة من الفتور النفسي ... إن لم أكن أنا سعيدا فلن أعكّر صفو أحد ...

أمر صارم من أمي بالاستحمام صحبه أمر مبطّن خفي بالتخلّص من الشعر الزائد في جسدي ...لم افهم السبب لكن خالتي أرسلت إشارة خجلة انه من ضروريات الكشف الطبي ...

كيس قماشي صغير مشبّك فيه أمواس حلاقة فخمة وصابون وكريم تنعيم وضعته خالتي في يدي ... ذبذبات كهرومغناطسية وهي تقرّب شفتيها من أذني وتقول

" حاسب لا تعوّر نفسك "

دفعني خجلي من بداية إنتصاب غير مبرر للهروب داخل الحمام ... القيام بمهمة دقيقة كتلك لأول مرة دفعني للتركيز ... شعيرات خفيفة تحت إبطي لم تعاند كثيرا حتى استسلمت للجز تحت وطأة الموس الجديد ... الجهد الذي تطلبته عملية التخلّص من شعر ما بين فخذي جعلني أفكّر في الثورة على الفكرة كلّها ... إن كان التحضير لامتحان القبول هكذا فكيف بالتدريبات والحياة هناك ... اللعنة على هذا العذاب

عملية التنعيم والتخلّص من شعيرات أبت واستعصمت أن تلتصق بجلدي استوجب عملية مسك و تحريك كثيرة لقضيبي الذي زاد تضاعف انتصابه ... واقفا أما المرآة الكبيرة في الحمام فخورا بشكلي الجديد ... التخلّص من شعر العانة زاد في حجم قضيبي أو هكذا تخيّلت ...

صوت نقر خفيف على الباب ... خالتي تطلب مني فتحه ... إحتجاجا مني على أني عاري تماما مددت يدي لالتقط بوكسرا جديدا مدته لي ... لأول مرة في سألبس ملابس داخلية جديدة ... قماشه الرمادي يمسك على منبت عضلات فخذي و حزام عليه اسم رجل بالانجليزية يزين وسطي وما بينهما ارتسم قضيبي كثعبان يختفي تحت أوراق شجرة ...

إصرار خالتي على خروجي لا مناص من الانصياع له ... وضعت المنشفة على كتفي تتدلى حتى وسطي ... نصفي الأعلى مستور والاسفل لا يغطيه سوى البوكسر ... رأس أمي يطلّ من وراء مصرف المطبخ ويصلني معها رائحة وصوت نقانق تونسية أصيلة تصرخ في المقلات ... نسميها المرقاز "

خالتي تمسك بيدي لتسحبني لكنبة الصالون ... بنطلون جديد اسود اللون وجوارب سوداء .. قميص قماشي يلمع لونه الأبيض تحت ضوء الفانوس وعلبة لحذاء تنتظر أن تكشف عن محتواها ...

أصرّت على تنشيف ظهري وصدري بيديها خشية أن تفلت قطرة ماء تفسد بياض القماش ... لا أدرى لما طال فركها لجسدي ... تخيّلته حرصا منها ... طلبت مني الوقوف ... وجهي ناحية أمي في المطبخ وظهر خالتي لها ... حركات حريصة من خالتي على الحفاظ على القميص خشية تجعّد يصيبه...

... طلبت مني أن ارفع راسي للأعلى .... مع كل حركة تنازلية من أناملها تغلق أزراره تلامس أظافرها اللينة صدري ... وصلت لبطني المسطحة ثم ثقلت حركتها وتباطأت ... كان نظري معلّق في السقف حسب أوامرها ... استغرق إغلاقها للزرين الأخيرين وقتا أكثر من الأربع الذين سبقوهما ... مع بداية الم في رقبتي خالفت أمرها ...

نظرت للأسفل ... خالتي تجلس على ركبة وتثني الأخرى ... تهت في مفرق صدرها الأبيض المطل من فتحة قميصها الأزرق ... كتناسق بياض رمال شواطئ بحرنا مع زرقة أمواجه ...

أصابعها تتحرك ببطئ كأنها لا تريد أن تنتهي ... وعيناها لا تفارقان التمثال الذي نحته انتصاب قضيبي تحت قماش البوكسر ... نظرة فاحصة طويلة من عينيها اللتان لا يفصلهما عن أسفل بطني سوى نصف شبر .... صوت طبق كبير وضع فوق الطاولة تلاه سؤال أمي

  • هاه ... ماقسو كويّس
  • كبير قوي
خطوتان سريعة من أمي التي أرعبها أن تكونا قط أخطئتا مقاس الثياب ... وقفت خلفي تزامنا مع وقوف خالتي التي إحمرّ وجهها وغارت عيناها ... لفتني بحذر ناحيتها أن تلطخ بقعة ماء قماشه

  • لا كبير ولا حاجة ده مقاسو بالضبط
  • (خالتي مستدركة بصوت مبحوح كمن صحي من نومه للتو) مش عارف اتهيئلي انه كبير
سيطرت أمي على الموقف وسط سخرية من تقييم خالتي وأنها لا يمكن أن تخطئ في مقاس ابنها ... لبست البنطلون والجوارب ... سعادتي بحذائي الجلدي الأسود الخفيف لا يوصف مع السعادة التي تشع من عيني أمي ... أما خالتي فقد التحقت بالمطبخ لا أدري ما تفعل ...

عشاء لذيذ ودسم لم تعهده بطني ... أمي التحقت بغرفتها وهي تؤكّد عليا بالنوم باكرا ... سنصحو عند الفجر ... وخالتي توسدّت مخدة على أريكة الصالون ...

غير متعوّد على حلاقة شعر أسفل بطني أمسكتني حكة عنيفة حرمت عيني النوم ... الحكة المتواصلة أرغمتني على النزول للحمام بحثا عن علبة الكريم المرطّب ... على أطراف أصابعي محاذرا إحداث أي ضجيج من شانه إزعاج خالتي التي تكوّرت في الأريكة ملتحفة غطاءا خفيف تستنجد به من لدغات البعوض الذي استنفر هذه الليلة ...

تلامس أصابعي المغمسة بالسائل اللزج مع منبت قضيبي ... منحني شعورا بالراحة ودفع الدم في شرايينه لينطلق متطلعا للأعلى ... كلما دعكت مكان الحلاقة زادت رغبتي في المواصلة... نعومة الكريم ورائحته الزكية مع ملمس جلدي الناعم زادت في لمعان مسامه تحت أشعة الفانوس الخفيفة ...

جلبة خفيفة مصدرها المطبخ دفعتني لستر نفسي بالبوكسر والخروج بحذر ... عاري الصدر وحافي القدمين ... إطلالة جسد خالتي التي أفزعها صوت فتح باب الحمام تقف وراء مصرف المطبخ الرخامي ممسكة كأس ملأته بالمشروبات الغازية ....

هو مفعول أكل النقانق التونسية أو المرقاز ليلا بالتأكيد ... اللحم والملح والبهارات تشعل نار العطش في البطن مع لهيب هذه الأيام ... لن تجد مفرا من شرب كل ما هو متوفّر لديك ... ظلّ شعر خالتي المنكوش يتراقص على جليز الصالون يصلني قبل أن يصلني صوتها

  • ماجالكش نوم ؟؟؟
  • لا أبدا كنت نايم وصحيت رحت الحمام ...
  • تحب تشرب ؟؟؟ (مدت يدها تمسك القارورة المنتصفة)
  • أحب طبعا
دخلت من الفتحة النصف ضيقة التي تفصل الصالون عن المطبخ ... سكبت كأس كبيرا ... خالتي انسحبت قليلا للخلف ... تلبس قميصا قطنيا خفيفا يصل لنصف فخذيها ... صورة إمرأة صهباء على مقدمته إتسعت عيناها بفعل انتفاخ صدرها ... جعلني أتبسّم من مشهدها ... قفزة صغيرة منها بخفة القط رفعت مؤخرتها لتضع نصفها على رخام المصرف وتطوي رجليها إحداهما فوق الأخرى ...

النور الخافت يلمع في عينيها ... خالتي تشبه أمي لدرجة لا تصدّق ... وكلتاهما تشبهان الفنانة داليا البحيري ... غير أن طولهما اقصر منها بقليل ... وإختلاف بسيط في لون العينين ... أمي عيناها تميل قليل للزرقة وخالتي تميل للرمادي ... لا تستغرب فنحن هكذا ... غير ذلك فهما نسختان متطابقتان ...

إستندت على رخام حوض الغسيل في المطبخ محاولا التمتع بالمشروب البارد بينما عينا خالتي انغرستا في كأسها ... شعور مضطرب الم بي ... خالتي التي كانت سندا لامي طول سنين عمري والتي لم تبخل عليا بأي شيء ... هي لم تفعل شيئا سوى أنها تهاديني بثياب ابنها القديمة ... لهفتها عليا وخوفها ووقوفها بجانب أمي دوما وخصوصا عندما أكرمتني بثيابي الجديدة مساء اليوم جعلني أشعر بالإمتنان وتأنيب الضمير نحوها .... ذلك الشعور بالامتنان تزامنا مع كمية الحنان التي أغدقتها عليا فجأة ... جعلني اسعد بالبقاء بجانبها

ربما جرعة الحنان التي افتقدتها من أم فرضت عليها الظروف تلك القسوة والشدة ... حنان يحتاجه كل من هو في مثل سني وظروفي ...

تهت في تفكيري لدقائق طويلة من الصمت ... صمت قطعه صوت خالتي الهادئ ... كأنها تستجمع موضوعا تريد طرحه عليا ...

  • قلي بقى إيه الي طيّر النوم من عينك ...
  • (منعني خجلي من الاعتراف بالحقيقة) لا ابدا بافكّر في اللجنة بكرى ...
  • (حركة تقطيب حاجب ورفع الآخر توحي أنها لا تصدقني) بتفكّر في اللجنة وإلا بتفكّر فيها ...
  • هي مين ؟؟؟
  • (غمزة بنصف عين منها) اهاه ... عليا الكلام ده يا واد .. الست الي كانت هتجيب أجلك قبل ما تطلع مالبيضة ...
  • (هنا جف الريق واحترق الحلق... هذه الكذبة لن تنتهي أبدا ؟؟؟ ... كنت سأقسم لكنها قاطعتني)
  • طالما سكتت يبقى كلامي صح ... قولي بقى إنت لسة بتحبها ...
  • بأحبها ؟؟؟ إنت وصلت لغاية هناك بسرعة ليه ؟؟؟
  • أمال ؟؟؟
  • ابد اده كان مجرّد إعجاب ... فيها حاجة شدتني ليها ... بس
  • يعني عاوز تقنعني إن مجرّد إعجاب يوصلك ترقد في المستشفى وتطلع عيننا معاك ؟؟ مش مصدّقة
  • اقسملك هي الحكاية كده
  • طيّب إقنعني ...
  • مش عارف أقلّك ايه ...
  • قول من غير كسوف ... انا سامعاك
  • هو مش إعجاب هي حالة ثانية أوّل مرة أحسها ...
ورحت أعيد على مسمعها كل ما حصل في محلّ رحيم مع تفنن هذه المرة في وصف تأثيرها في نفسي وجسدي باستحياء ... خالتي كانت تمسك كاس مشروبها الفارغ بأطراف أصابعها ... وتصغي بتركيز شديد لكل حرف أقوله ... قاطعت كلامي مستنكرة وبشدة أن إحدى زميلات الدراسة أو أترابي لم تشد إنتباهي او تجذبني إليها ...

هنا وقفت الطريق بالهارب ... سؤال في شكل مأزق يصعب الخروج منه ... على غير عادتي وجدت طريقا للكذب ثانية باعتماد بعض الحقائق ... بما اني سحبت حبة عقد الكذب الأولى كان وجوبا عليا أن استرسل ... مستخدما مخزونا من القهر وحقدي على ظروفي ... بدأ صدري يهتز مع كل حجة عن استحالة أن تنظر لي إحداهن بسبب مظهري الرث وحلة فقري ... لا أستطيع المنافسة على إحداهن ...

استحضار ذلك الشعور النابع من قهر حقيقي أنتج زفرات وحشرجة أشبه بالنحيب ... أحسست بالنصر والنجاة وأنا أرى خالتي تفتح ذراعيها تدعوني لحضن تواسيني به .... إقتربت منها وكعاتها سحبتني لصدرها تحشر رأسي به ... وضعية جلوسها على حافة المصرف الرخامي مع وضع رجليها جعلت راسي يتوسد مفرق صدرها وركبتها المثنية تلامس طرف رأس قضيبي الذي لم يتخلّص من انتصابه بسبب الدعك بالكريمات ...

تزامنت حركة أناملها الرقيقة على شعري الناعم مع حركة خفيفة من ركبتها على رأس قضيبي الذي لا يمكن أن لا تكون أحست به ... رعشة من لم يتعوّد ممزوجة بخجل ورعب وارتباك إنتهت بانطلاق دموع لا أعلم سببها ... هل هي حالة التقمّص التي كنت فيها أم هو إنفعال طبيعي لتلامس محرم لم أتعمده أم خوف من ردة فعل قد تحطّم علاقة امتنان وليدة بعد نكران طويل ...

دموعي الحارة سالت على مفرق صدر خالتي ... تفاعلها مع حالتي جعل نبض قلبها يتسارع تحت خدي ... لهيب العاطفة المتأججة جعلها تريد سحبي أكثر نحوها ... ركبتها تمنع التصاق جسدي الفتي بجسدها الحنون الخبير ...

دفعتني بركبتها من بطني للخلف وهي لا تزال تحيط راسي بذراعيها وفتحت رجليها لتسحبني بينهما لها ... ذراعان يحيطان برقبتي ساحبين راسي لصدرها ورجل تضغط على مؤخرتي ليلتصق وسطي بما بين فخذيها ...

حرارة تلك المودة الغريبة استعرت بتلامس قماش البوكسر بقماش ناعم بين فخذيها ... نعومته فرضت عليا الحركة غصبا عني ... قضيبي يتجوّل محبوسا في البوكسر بين فخذيها دون قصد مني أو منها ... توقعت ارتباك أو رفضا أو صدا لكن مشاعر التعاطف معي هزمتها فطال عناقها لي وازدادت دموعي ...

توقفت عقارب الزمن عن الدوران وأنا بين أحضانها ... لا اعلم كم لبثنا وأصابعها تتجول في خلفية راسي وأعلى رقبتي مانعة عني التفكير وردة الفعل ... شعرت بارتفاع رائحة جلدها وشممت ريح جسدها الناعم لأول مرة هكذا ... ثم أمسكت راسي ورفعته ناحية وجهها ... صارت المسافة بين عينينا اقل من إصبع ... تهت في لونهما قليلا ... رعشة خفيفة من شفتيها ... ثم كم إستيقظ من كابوس مرعب ...

دفعتني برفق وهي تهرب بنظرها نحو ساعة قديمة معلّقة على جدار الصالون ... الساعة تشير للثالثة صباحا ... الزمن يتطاير عندما يهتم بك أحدهم ... بصوت تخنقه حشرجة قالت أن الوقت تأخّر كثير وأمامنا يوم طويل غدا ....

انسحبت كالمصعوق من أمامها أداري قطرات داكنة ابتدأت تتوسع في قماش البوكسر ... ما إن خطوت نصف درجة في اتجاه الأعلى حتى سبقني صوت الفجر ممتزجا بصوت هاتف أمي ونصف كحة تخرج من حلقها معلنة بداية اليوم الموعود

لم تتطلّب التحضيرات وقتا كثيرا ... أمي تولّت مهمة الاعتناء بقيافتي معوضة غياب خالتي التي طال إختفاءها في الحمام ... الساعة تشير للخامسة صباحا ... خالتي تتولى قيادة سيارتها تجانبها آمي وأنا في المقعد الخلفي ... طوال الطريق وأمي فقط تتحدث وسط إجابات مقتضبة من أختها خلت من الروح والابتسامة ...

ساعتان ونصف أكلت عجلات السيارة فيهما المسافة بين مدينتنا والاكادمية العسكرية ... أمي نزلت من السيارة تتأكد باهتمام من مظهري و تتفقد بحرص الوثائق في الظرف الذي بين يدي ... بينما خالتي ترشق نظرها في بلور سيارتها كأنها تهرب من شيء ما ...

تائها وسط حشد من أترابي ... مجموعة كبيرة من الفتيان والفتيات يتأنقون بمختلف درجاتهم الاجتماعية أمام الباب الكبير ... قوس كبير يحمل اسم المنشأة ... تطل من خلفه بنايات كبيرة مسقّفة بالقرميد الأحمر ... يتوسطها صاري طويل يرفرف فوقه العلم الأحمر بنجمته وهلاله ...

مجموعة من الشباب بزي موحد يحملون علامة آلفا بيضاء فوق أكتافهم يتولون تنظيم صفوفنا وتقسيمنا إلى مجموعات حسب الشعبة العلمية ثم حسب العمر والاسم ... كل المترشحين هم من المتفوقين في إختبار البكالوريا ... الأعلى معدلات والأكثر جدارة ... كنت فخورا بأني أحدهم ... لأول مرة اشعر بالفخر

أمر صارم بالتقدم .. ما إن خطت يسراي تحت القوس العالي حتى أحسست بنفسي تغيّرت ... الحدائق الخضراء والأشجار المنمقة تتناسق مع مشهد الضباط بملابسهم الموحدة متمازجة مع الأحذية اللامعة ... الذقون الحليقة في وجوه صارمة واثقة تحت قبعات مزينة بنقوش مختلفة حسب الرتب تتشارك فقط في دائرة عليها العلم ... وقفت شامخة وحركات حريصة من جميعهم على نمط واحد ...

سقطت كل جدران مقاومتي فجأة ... لا أعلم السبب لكن ذلك العالم سحرني ... لم يكن الموضوع صعبا ... زيارة لمصحة يتولى فيها كل عنصر مهمة معينة كقياس الطول والوزن والنظر والسمع ... التأكد من سلامة الجسم من أي أثر لجرح يمنع نشاطه ... طبيب ملامحه جادة تزيّن وجهه الأحمر بشارب أشقر محفف ... يتولى معاينة كل جسدي ...كل الجسد لا يسترني عنه شيء ... من أسفل رجلي حتى أعلى راسي ... ثم اشّر على ورقتي بالقبول ...

بعد المرور في الكشف الطبي ... بدأ قلبي يخفق بشدة ... نصف من دخلوا معي وقع الاستغناء عنه لأسباب عديدة ... الفتيان الذين فهمت أنهم تلامذة ضباط سبقونا بالالتحاق قبل سنة أو سنتين أعادوا تنظيمنا حسب قائمات جديدة ...

اقتربت من قاعة كبيرة ... طاولة بسيطة وطويلة جدا يجلس عليها 12 عشر ضابط برتب مختلفة بتوسطهم رجل وسيم وبشوش يضع على كتفه شعار الجمهورية وثلاث نجمات صفراء لامعة ... هو الأعلى رتبة فيهم ...

مع نصف حركة من شفتيه معناه ان لا تخشى شيئا .... تمالكت ارتباكي ووقفت شامخا متحديا نظراتهم الفاحصة لي ... تحدّثت بطلاقة استغربتها من نفسي ... أجبت عن كل الأسئلة البسيطة ...

إنتهى الأمر ... وقع إكرامنا بغذاء محترم ... جلوسي في المطعم الكبير ... مشهد الحركة والانضباط .... الملابس الموحدة تعطي أصحابها رونقا جميلا جدا ... نسميه في تونس " الوهرة " ... السحر يزداد في عيني ...

قبل انصراف من تبقى منا ولم يتبقى الكثير ... وقفنا في صف متناسقين حسب الطول استعدادا لأمر هام ... هكذا فهمت من الحركية الشديدة وتجمّع الكل في صف واحد

فجأة دوت صرخة شديدة من الرجل البشوش الذي استجوبني يأمر الجميع بالاستعداد ... العيون كلها تتطلّع لباب مكتب في بناية عالية فخمة تزينها مقولة نقشت أعلاها " الحياة عقيدة وجهاد " ... فتح الباب ليخرج علينا رجل عليها علامة المهابة ... يلبس نفس الزي العسكري ... كتفاه مزينان بشعار للجمهورية وسيفين متقاطعين ... قبعته مزركشة برسوم جريد نخل يحيط بها من كل جانب ...

ألقى علينا خطاب ترحيب مقتضب ثم ودعنا بقوله .... " الي كاتبتله خبزة معانا تو ياكلها " ...

كلمة لا زال صداها يتردد في أذني لليوم... معناها من كتب له لقمة عيش هنا سيأكلها ... الموضوع ليس لقمة عيش هي شخصية تتملك بك وتسرق منك شخصيتك الأصلية ... شيء كالسحر أصابني ... دخلت ممتعضا رافضا مجرّد الاقتراب من هذا العالم وخرجت أرى نفسي أنتمي اليه ولا انتمي لغيره ...

مررت من تحت قوس الباب ... منتصب القامة مرفوع الرأس ... أمي وخالتي تحتميان بالسيارة تحت ظل شجرة في مرآب أمام الباب لم تنتبها لخروجي ... سعيدا مزهوا باني كنت أحد المرشحين الباقين للاتلحاق ... سيقع إختيار الافظل منا حسب قولهم ... الأفضل أو من يملك واسطة تساعده ... لا أعلم طرقت باب النافذة منبها اياهما بوصولي ...

نزلت أمي مستفسرة ... نصف ابتسامة ونصف انشراح على وجنتيها بعد علمها بنجاحي في الاختبارات ... ثم ركبنا في طريق العودة ... الصمت يطبق على المكان ... تخيّلت أن الإجهاد تمكّن منهما بسبب السهر والحرارة ... لا خالتي تتكلم ولا أمي تفتح موضوعا ... أرخيت راسي على مقعد السيارة ورحت في شبه حلم ...

حلم كنت بطله ... تخيّلت نفسي بعد سنين طويلة وكتفي تزينها السيوف والكل يرتعد لوقع خطواتي ... بدأت نفسي تتحضّر لعالمها الجديد ...

سرقتني أحلام اليقظة ... فلم اشعر بنفسي إلا والسيارة تتوقف أمام باب بيتنا ... رغم إلحاح أمي على خالتي بالدخول إلا أنها تمسكت بقرار رحيلها متعللة أن الأريكة آلمت ظهرها ...

ما إن خطوت خطوة واحدة داخل البيت مع هدير محرّك سيارة خالتي ... حتى لحقني صوت أمي مدويا في البيت ...

" إيه الي إنت عملته مع خالتك ده ؟؟؟ ... إنت إتجننت ؟؟؟ "

الجزء الرابع

كمن صعقه تيار كهربائي رحت أتفحّص عيني أمي اللاتي اتقدتا كأتون نار مشتعل ... لم يستوعب ذهني المشوش كلماتها ... أي جريمة إرتكبت ؟؟؟ ... كنت أظن خالتي سعيدة بحالة التقارب الحاصلة بيننا مؤخّرا ...

لم أجد مهربا من عيني أمي اللتان راحتا تغوصان في مقلتي كأنهما سهمان يخرقان روحي ... محاولا تمالك نفسي قبل الإعتراف بذنب لم أستوعبه بعد ... غرست عيني في الأرض كعادتي كلما حاصرتني أمي في ركن ... سيل من الشتائم والتحقير لي ولتربيتها لي ... لكني لم أسمع قرار دائرة الإتهام بعد ...

إغرورقت عيناي بالدموع ... هي دموع تعودّتها كلما وقفت في موقف تقريع ... راجعت كل لحظة وكل كلمة دارت بيني وبين أختها فلم اهتدي لما من شانه أن يتخذ قرينة إتهام ضدي ....

طال وقوفي كالصنم تجاه أمي التي اشتعلت نار غضبها أكثر من المعتاد وطال سيل تقريعها لي ... تعودّت منها هجوما لدقائق ثم أمرا لي بالغروب عن وجهها و الإنسحاب لغرفتي ... لكن هذه المرّة لم يصدر ... بل إستعرت نار أتون غضبها الغير مفهوم ... كثرت حركات يديها أمامي ... كنت في حالة إستعداد مني لتلافي صفعة قد تقع على خدي بين الفينة والأخرى لكنها تأخرت هي كذلك ...

لا أعلم كم مرّ من الزمن وهي ترعد وتزبد دون أن توجه تهمة واضحة لي أعترف بها أو أدافع عن نفسي ضدّها ... أحسست بفورة غضب ممزوج بالرعب تشتعل في صدري ... مع تكاثر حركات يدها أمام وجهي لم أعد أستمع لكلامها ... أمسكت معصميها بقوة قصد تخفيف انفعالها ... حركتي المفاجأة سببت لها ألما لم تستطع ملامح وجهها التستر عليه ...

شعوري بالتفوق الجسدي عليها شجعني على المواصلة ... إحتضنتها بعنف بين ذراعي قصد تخفيف غضبها .. لكنها أصرّت على المقاومة والهجوم ... وسط كلمات مني أشبه بالصراخ طالبا منها أن تهدأ وهي تطالب بإطلاق سراحها ... أحسست بالتفوق عليها برفع صوتي فتراجعت ... سحبتها ببطء وهي أسيرة بين ذراعي للكنبة الكبيرة وسط الصالون الشبه مظلم... جلست وسحبتها لتجلس غصبا ... رأسها مدفونة بين صدري وذراعي اليمنى تحوط كتفيها من خلفي بينما أصابع يدي اليسرى تربّت على رأسها علّها تهدأ ...

أحسست بالفخر وفورة الشباب تتفوّق على حالة الارتباك المعهودة ... أوّل مرة أسيطر فيها على إنفعالات أمي ... والحق يقال إنفعالها هذه المرّة كان غير مسبوق ... ككل أنثى في العالم ما إن تحتوي غضبها وتهدأ حتى ينقلب الغضب لبكاء ...

تنهيدة وحشرجة مخلوطة بدموع ساخنة أحرقت جلدي مخترقة قماش القميص ... كل هذا وأنا أنتظر فقط أن أفهم ما يحدث ... أو ما سبب ما يحدث ... طال نحيبها وإنتحابها دون أن تصلني منها كلمة مفهومة واحدة ...

انتظام نفسها المذبوح بنشيجها المكتوم ينبأ أنها بدأت تسيطر على نفسها ... أسندتها بحنان للحمام تغتسل علها تسترد روحها ... وقفت خلفها وهي منحنية تصفع وجهها بموجات من الماء البارد ... صمت مطبق على المكان لا يقطعه سوى خرير الماء وبعض الشهقات من أنفها تعلمني أنها بدأت تعود لوعيها ...

قميصي الأبيض اللامع تزيّن بدوائر سوداء كبيرة على الصدر والبطن سببها إختلاط بكائها بزينة عينها ... أردت إضفاء القليل من الدعابة علّها تقتل روح الغضب فيها ...

  • كده وسختي القميص ... هو أنا مش مكتوبلي البس حاجة عدلة في حياتي أبدا
  • (كلماتي صدمتها أو أشعرتها ببعض الذنب ) ماهو كله منك ... إقلعو أنظفهولك قبل ما يلزق فيه
  • (مستجيبا لأمرها بإبتسام رحت أفتح أزراره تباعا) طيّب ممكن أفهم أنا عملت ايه زعلك مني ... إختبار ورحت ونجحت ... عملت إيه بس ؟؟
  • يعني مش عارف إنت عملت ايه ؟؟
  • يا ستي أقسملك أنا مش فاهم حاجة ... وإحتياطيا كده أنا آسف مسبقا بس اضحكي ...
تزامنت كلماتي مع آخر حركة أنزع فيها القميص عن معصمي ... طالت نظراتي لامي تحت ضوء الحمام الخافت ... وجهها الذي إكتسب حمرة شديدة على مستوى الأنف والوجنتين من أثر البكاء ... عيناها اللتان أحاطتهما هالة سوداء بمفعول إختلاط الدمع والماكياج ...

  • طب تصدقي إنك كده أحلى بكثير
  • (إغتصبت كلماتي إبتسامة رقيقة من شفتيها أخفتها بأن صفعت صدري العاري) إقلع البنطلون عشان أغسلهولك بالمرة
  • (مستجيبا لطلبها رحت أفتح الحزام وأزرار البنطلون) طيّب قوليلي أنا زعلتكم في إيه ؟؟؟
  • أنا بس إلي زعلانة ... خالتك مبسوطة من عينيها بس أنا إلي ما عرفتش أربي
  • (أحسست أن فورة غضب ثانية لا تفتأ أن تشتعل) ... أنا غلطان من ساسي لراسي بس قوليلي أنا عملت ايه ؟؟
انهمكت أمي تفرك بقيا دموعها السوداء من على قماش قميصي ... كأنها كان تركّز لتفتح معي موضوع لن ينتهي بسلام ... أنا أعرف تلك الخصلة فيها ... فيما مضى كانت تلك اللحظات تسبب لي حالة رعب لكن هذه المرة فشعوري مختلف ... لم أفهم أهو فضول أو شوق أو ماذا ... ربما لأني واثق أني لم أخطأ ...

تطايرت بضع فقاعات صابون انفلت من بين أصابعها لترسم دوائر على ملابسها ... أمر سريع ممزوج بالغضب أن أجلب لها شيء آخر تلبسه قبل أن تفسد ثيابها ... أعتقد أنها فرصة مناسبة لكلينا أن نرتب أفكارنا ... بخطوات كالقط قافزا نحو الدور العلوي ... جلبت أول شيء وقعت عليه يدي في خزانة ثيابها الشبه خاوية ...

عدت للحمام لأجد أمي تخلّصت من قميصها لا تلبس سوى البنطلون و سوتيانة بنفسجية ... صعقني المشهد فلأول مرة أمي تتخلى عن حذرها معي أثناء تغييرها لملابسها ... مددت لها قطعة القماش السوداء ... نظرت لي بتعجّب ... هو قميص اسود نصف طويل لا إشارة فيه ... نظرة استحسان منها لإختياري ثم ضربتني بطرفه وقالت " أول مرة تعمل حاجة عدلة " ...

حشرت نصفها الاعلى فيه بسرعة و إستدارت تفك أزرار بنطلون الجينز ... هزمني خجلي فأطرقت النظر للأسفل ... لم يطل إنتظاري ... رمت ببنطلونها على وجهي تأمرني بتعليقه خلف الباب ... قبل أن أفعل ذلك عالجني سؤال سريع منها

  • مش هتنطق بقى وتقلي عملت كده ليه ؟؟؟
  • هو ايه ده ؟؟؟ قوليلي إنتي أنا عملت ايه وأنا هافسرلك ... لأني بجد مش فاهم
  • (همهمة طويلة وتفكير أطول منها) إنت إزاي تحكي لخالتك الحكاية الي قلتهالها ...
  • حكاية ايه ؟؟
  • حكاية الست الي بتحبها ...
  • (هنا كرهت خالتي نهائيا ... محاولا استرجاع شجاعتي المكتسبة حديثا) هي سالتني وأنا جاوبت
  • يا سلام وما قلتليش انا عالموضوع ده ليه ؟؟؟ هو مين أقربلك أنا وإلا هي
  • ببساطة لانك ما سالتنيش ؟؟ وكمان أنا كنت فاكر إنك انتي الي بعثتيها تستفسر مني
  • وهو أنا لازم أسالك ... المفروض حضرتك تيجي تحكيلي وأنا أنصحك هو أنا مش مامتك ...
  • (أطرقت برأسي للأسفل هربا من الموقف ... كنت أنوي أن أعترف لأمي أني كذبت على خالتي لكني تراجعت فلم أنطق ) ...
  • هي قالتلي يوم ما دخلت المستشفى إنها أزمة عاطفية بس أنا عاندتها ورفضت الفكرة رغم إني كنت متأكدة ...
  • وعاندتيها ليه ؟؟؟ وعرفتي منين
  • موضوع عرفت منين دي مش محتاجة سؤال ... أنا أمك ومش محتاجة افسرلك ورفضت وعاندت عشان أحمي صورتك وصورتي قدامها ... إبني زينة الرجالة يدخل مستشفى عشان خاطر وحدة بيحبها ؟؟؟
  • (صدمت من كلام أمي ... لم اتوقع منها ذلك التفكير أمي تحكي لخالتي أبسط تفاصيل طبق العشاء فما بالك بحياتنا ككل) ... (غممغمت أن أتكلّم لكني أصبت بالبكم)
  • شوف يا حبيبي ... البيوت أسرار وكل بيت لازمه منطقة سرية ما حدّش يعرفها غير أصحاب البيت حتى لو كانت خالتك ... أنا دافعت عنك وأنكرت الفكرة وإنت تعبان تقوم تيجي تفضح نفسك وتصغرها وتصغرني قدامها
  • (مسحت بظهر يدي دمعة إنسلّت من عيني غصبا عني ولم انطق)
  • لا والمصيبة بقى إنك مش بتحب وحدة زميلتك وإلا وحدة من سنّك ... أزمة عصبية ومستشفى عشان حضرتك معجب بوحدة من سني أنا ...
  • (هنا خنقني كذبي ... قررت أن أعترف لامي بالحقيقة وليكن ما يكون ) أصل الموضوع مش زي ما إنتي فاهمة
  • لا الموضوع مفهوم ومش محتاج تفسير ... أنا السبب وأنا الي غلطانة
  • (تاهت مني ردة فعلي في هذا المنعرج في الحوار) إنتي السبب إزاي ؟؟
وراحت تفسّر أن سبب إنجذابي لتلك السيدة ليس حبا أو إعجابا بل هو نقص في الحنان منها ... بسبب قسوتها ... ثم أعقبت انه كانت مجبرة بحكم أنها لعبت دور الأب والأم في نفس الوقت ... كانت تنشر ملابسي على منشر بلاستيكي وتتكلم وظهرها لي ... أحسست بنبرتها تغيرت ... خنقة بكاء أمسكت أنفها فوصلني خنينها ليحرق ضميري أكثر فأكثر ...

إقتربت منها من الخلف ... أحطت ذراعيها بذراعي ... وحضنت ظهرها لصدري بقوة فتجمّدت حركتها ... قبلت أعلى رأسها طالبا الصفح ... أمسكت بمرفقي من الخلف وحركت أصابعها في إشارة أنها سامحتني ... ثم نطقت

  • إنت كبرت إمتى يا ولى ... إيدك بقت قوية إمتى ؟؟؟
كأي صغير فخور بمدح أمه ارتفع صدري للأعلى ... لففتها وحضنتها من أمام ... هذه المرة الحضن إختلف ... فردت طولي وضممتها لصدري أن لا تخافي ولا تحزني ... فأنا إبنك ومعك دوما ... لا اعلم كم طال هذا الحضن بيننا ... قبل أن تنفلت من ذراعي تمطت على أطراف أصابعها لتقبلني ... القبلة رسمت بين أنفي وشفتي وعيني ... نفس القبلة ونفس المكان لكن بشعور مختلف ... هزة بقوة تسعة ريشتر ضربت صدري ... ثم أنهت الحوار بيننا دون نتيجة ...

لجأت لغرفتي محاولا تمالك نفسي من كمية المشاعر المتناحرة في صدري ... شعور بالفخر والتفوق في الإختبار وشعور بالإنكسار والندم ... وشعور بالحسرة لما سببه كذبي على أمي ... سريري الذي تحوّل جمرا يشوي ضلوعي لم يعد يحتملني ... راجعت كل كلمات أمي ... أمي التي إكتشفتها الليلة رغم علاقتها بأختها لكنها استنفرت لما أحست انها ستكون أقرب لي منها ...

كتكفير عن الذنب قررت أن لا مفرّ من الإعتراف ... سأحكي لامي كل شيء ... ربما الصدق سيصلح ما شرخ بيننا ... ستسعدها فكرة أني كذبت على خالتي وإخترعت حكاية ولما جد الجد إعترفت لها بالحقيقة دون زيف ... سحبت كل الأوراق من صندوق أبي فتحت اللاب توب ...

أغمضت عيني أراجع الحكاية من بدايتها حتى لا انسى حرفا يمكن ان تستعمله ضدي يوما ... سأعترف وليكن ما يكون ... نظرة فاحصة مودعا بها خريطة أبي وخريطتي ... ثم نظرة فاحصة بتأني ... لتنفتح عيني وألف قطعة من عقلي ... وألف صورة في خيالي

أبي أدرك تلك الهفوة من زمان ... تلك الجداول ما هي إلا محاولة لتطويع الحظ في مصيدة المنطق ... الأمر قد ينجح ...نسيت سبب فتحي للملفات ... تربعت ووضعت اللابتوب على حجري ... رحت أتابع خطوات أبي بدقة ... بضع نتائج تكون قريبة للمنطق وتعتمد على الحظ والبقية تغلق إحتمالاتها مهما كانت ... قديما لم تنجح بسبب عدم القدرة على إختيار مكونات الرهان .... لكن مع المواقع الجديدة قد تصيب

هنا الإختيارات أكثر .... رسمت شبكة جديدة بنفس منطق أبي ... أشبه بالكلمات المتقاطعة ... جداول كثيرة ... فروع وتركيبات أكثر ... إن وقعت نتائجها في إحداها كسبت وإن أخطأت تكوّن نوات لجدول آخر مبني على الإحتمالات العكسية ... أشبه بشباك صيد أسماك التونة ... إن لم تسقط إحداهن في شبكة بالممرات وقع السرب كله في غرفة الموت ...

نسيت أمي ومشاعرها وخالتي التي أفشت سري ... فقط حضنت صورة أبي بفخر ... فخور بكوني إبنه .... لقد نجحت فيما فشلت فيه ... أنا النسخة الحديثة منك ... في نسخة حديثة للعبة حظ هزمتك يوما ... ذرفت دموعا حارة إمتنانا له هذه المرة ...

مع أشعّة الشمس الأولى دخلت الحمام هذه المرة أغسل صورة أبي من عار الهزيمة ... بنشاط غير معهود حضّرت الفطور لأمي التي صدمت لفعلي حال استيقاظها ... عناق طويل منها ظنا أني فعلت ذلك معتذرا من ذنب يوم أمس ... ما إن إنطلقت لغايتها حتى طرت لغايتي ...

دلفت المقهى متسلحا بآخر دينارين أمتلكهما ... وضعت الإختيارات وإستبقت النتائح في عقلي ... رأيت مكاسبي تتوالى .... رغم ان السرب كله لم يعلق لكن علقت بعض الأسماك .... قهوتي السوداء لم تنتهي بعد وتضاعف رصيدي من 49 دينار ل 485 ... ثم ساعتان قاربت فيهما الألف ... قبل منتصف النهار تجاوزت الألف دينار ... مبلغ لم اتخيّله في حياتي ... هو لا يمثل شيئا بالنسبة للبعض لكنه بالنسبة لمن في مثل سني وحالتي يعتبر ثروة ... لم أصل بعد للعصر والألف صارت ألفين ...

موعد عودة أمي للبيت أجبرني أن اقطع سلسلة مكاسبي الرقمية ... جريا توجهت لمحل الحلاق ... دقائق وتحوّل الرقم في حسابي لأوراق وضعت بين يدي ... ملمسها له مفعول السحر ... مقلدا صنيع ذلك الرجل في محل رحيم ... وضعت ورقتين خضراوين في يدي الحلاق ... إكرامية مني ...

شعرت بالنشوة وهو يوصلني للباب يودعني ... ملعون هو أب مفعول المال في نفوس البشر ... في الطريق كنت أمسك رزمة الأوراق واصفع بها نفسي ... أنا لست في حلم ... دخلت بيتنا لاهثا قبل دقائق من وصول أمي ... كنت ثملا بإنجازي ... أخفيت بعناية ثروتي الجديدة .... لم أصغي لكلامها رغم محاولتها سحبي في الحديث ... كنت أتحسّر على تلك المقابلات التي تدور حاليا ولم تعلق بشبكتي منها أرباح ...

ليس عندنا انترنت في البيت معضلة كبيرة ... لا أعلم كيف مرت تلك الليلة ... في الغد متأبطا جهازا ومنطلقا لأحد الكافيهات ... مستوايا لم يعد يسمح بالجلوس في مقاهي شعبية قد تتلصص منها بعض العيون فتسرق فكرتي ... جلوسي في هناك وهيأتي التي لا تناسبه أشعرني بالحرج رغم امتلاكي لما يسد عين أي محتج ... هكذا رأيت نفسي ...

قبل نهاية اليوم ... تضاعف المبلغ في جيبي إلي 4 آلاف دينار ... ونصفها رأس مال في الحساب ... مررت بجانب مول المدينة ...مكان لم أتجرأ يوما في التفكير أن أدخله ... قتلت حقدي على الأحذية وطعنت كسرة عيني أمام القمصان والسراويل ... ملابس رياضية خفيفة ... جوارب وملابس داخلية ...

إستعملت نفوذي الجديد على الحلاق بكرمي الكبير معه ...إستعملت ركنا في محلّه تركت فيه كل مقتنياتي وأنا واثق أنه سيحفظها ...أنا الدجاجة التي تبيض ذهبا بالنسبة له ... اقتنيت جهاز واي فاي متنقّل ... ممددته بأسلاك الكهرباء وجاهدت للصعود فوق سطح بيتنا ... أخفيته هناك خشية من حملة تفتيش فجئية قد تقوم بها أمي ...

بعد العشاء أمي تبتسم بسعادة ... قالت أن أحد جيراننا ترك جهاز وصل الإنترنت دون رقم سري ... هذا ما إكتشفته في هاتفها القديم ... سعادتها بهديتي التي وصلتها مني دون قصد زرعت شوكا في صدري ... نظرت لملابسها القديمة وقارنت بينها وبين مقتنياتي ...

لكن ما الحل ... إن أخبرتها فلن تتقبل ذلك ... طرف أذني تذكّر ألم تحذيرها لي يوم مددت لها تلك الورقة النقدية فما بالك بكل هذه الثروة ... هذا سيضعني أمام خيارين إما أن أنهي ما بدأته قبل أن اتمتع به وإما أن أصطدم معها وأخسرها نهائيا ... قررت الإبقاء على الأمر سرا حتى حين ...

سهرت طويلا اصطاد بعض المرابيح ...هنا إكتشفت الحقيقة ... شبكتي ليست مثالية يمكن لسوء الطالع أن يتسلل إليها ... لكن الأمر لم يكن محبطا فنسبة النجاح تفوق نسبة الفشل ... مسرورا بواقعية إنجازي لم أحاول البحث عن طريقة لسد تلك الثغرة ... ربما هي قناعة مني ... لا أدري ...

لم أغادر البيت لمدة أيام أفنيتها في المقامرة ... احضّر الفطور لامي التي أسعدها تفاني في برّها .... وصل رصيدي في الحساب لمبلغ لم أتخيّل يوما أن أحلم بإمتلاكه ... صحوت في آخر الأسبوع قبل منتصف النهار بقليل توجهت نحو محل الحلاق ... إسمه عماد وكنيته " العمدة " ...

نصحني باستعمال حساب بريدي أحوّل عليه رصيدي مباشرة ... طريقة تحميني من حمل تلك الرزم النقدية في جيبي ... شريطة أن لا انقطع عنه ... هو يقصد عمولته وإكراميته ... لرد جميله طلبت منه أن يحلق لي شعري ويسهر على قيافتي ...

تغيرت حالتي النفسية مع تغيّر شكلي ... ملابس جديدة تلمع مع لمعان شعري المنمق ... حذاء خفيف وفخم ... عملت بنصيحة العمدة ... حساب بريدي ... إجراء بسيط تحصلت بعده على كارت سحب نقود من الموزعات الآلية ...

مر أسبوع بأكمله على نمط وحد ... اخرج قبل منتصف النهار ... أدخل دكان العمدة في شكل وأخرج منه في حالة أخرى ... دخلت كل المطاعم الفخمة وأكلت كل ما لم اسمع باسمه من قبل ... ثم قبل العصر أعود للبيت وقد استرجعت شكلي المعتاد ... أدخل غرفتي وأنصب شباكي وأحوّل محاصيلها لحساب البريد الذي أصبح يحتوي رقما مهما حوالي الخمسين ألفا في أسبوعين ... أمي التي ساعدها النت المجاني على تسلية نفسها ليلا ... لم تعد تكلمني كثيرا ...

في فترة إنتظار النتائج في الكافيه تعرّفت على شلة من أترابي ... شلة دقيقة في المواعيد ... يدمنون لعبة الليدو تصادف أن نقص أحدهم في يوم ما فدعوني لتعويضه ثم صرت واحدا منهم ... تواجدي معهم في نفس التوقيت جعلني أنظم لهم ... قبل أيام كنت أخجل فقط لمجرد مرور أحدهم بجانبي ... الآن صرت واحد منهم بل وأحيانا أعزمهم على مشروب على حسابي ...

ملعون أبو الفقر ... كل معايير حياتي تغيّرت فجأة ... لا أعلم السبب لكن قلبي كان يخزني .. كأني أهملت شيئا تاه من ذاكرتي ...

بدأت اشعر بالضجر وبالنقص أمام أفراد الشلة ... موعد العودة المبكر صار يخنقني ... هو نقطة ضعفي الوحيدة .... أردت إكتشاف عالم الليل ... لكني لا أقدر ... كنت اسمع مغامراتهم عن ليلة أمس وأنا أموت قهرا ... حديث عن مغامرات وجولات وسهرات ... فصل الصيف هو فصل السهر في تونس ... لا أحد ينام هنا صيفا ... الأفراح و المهرجانات ... حتى من ضاق به الحال يتمشى مستجديا بعض النسمات الباردة إلا أنا ... كنت أصبّر نفسي أني اسهر لجني بعض الأموال من لعبتي ... أمر غريب حدث في بيتنا ولم انتبه له ...

لم أرى خالتي منذ يوم الإختبارات ... خشيت أن أسال أمي فأفتح على نفسي بوابة شكوك لست مهيأ لها ...

دخول تلك الشلة في حياتي تجاوز كونه تسلية أو مذكيا لنار الحقد في صدري ... توافدت بعض الفتيات أحيانا لمجالستنا ... صديقة أحدهم وحبيبة الآخر ... أخت هذا تكون حبيبة ذاك ... وهذان مصاحبان للأختين ... وهذا يغطي أمام أهله غياب أخته التي ستمضي السهرة مع عشيقها مقابل أن تقوم هي بترتيب حضور صديقته للبيت دون إثارة شكوك ... علاقات غريبة لا روادع فيها ولا قوانين كالتي ألفتها ...

جلوسي القصير معهم زاد في شعوري بالنقص ... عناق الأحبة والملامسة الخفيفة ... تشبيك الأصابع ... رغم وجود بوادر إعجاب من فتاة تبدو رقيقة وإشارات من أحد الأعضاء أنها تميل لي لكني إنسحبت ... رغم كل ما صرت عليه إنسحبت ... ماذا سيحدث لو دعيت يوما لحفلة أو سهرة أو تسكع معها .. وأنا المحددة فترة تجولي لما قبل العصر ؟؟؟ ... كفيت نفسي عناء سخرية قبل أن تحدث ... فلم استجب للفكرة من أساسها ...

شعور بالنقص أمام حرية أولائك الشبان جعلني أتحاشى لقائهم ... خط نهاية تلك الصداقة الوليدة كان دعوة من أحدهم أن أرافقهم في سهرة تملّصت منها بلباقة لكني كرهتهم بعدها ... هو الكره الأزلي المولود في نفسي لتلك الطبقة ... المرفهون يتمتعون بمساحة كبيرة من الحرية ... والأشقياء سرعان ما يتمردون على سلطة الأهل ...

أنا لا أنتمي لا إلي هؤلاء ولا للآخرين ... أنا أنتمي لأمي ...

العمدة الذي صار صديقا وفيا وخدوما لي صار مؤنسي الوحيد ودكانه المكيف كان ملجئي من حر الصيف ... كنت أجلس كسيّد على كرسي الحلاقة وكعادة الحلاقين في بلدنا .. بدأ بدعك أكتافي التي أتعبها طول جلسة القرفصاء ليلا ... قال أن حصة من التدليك ستطرد عني التوتر ...

فجأة تذكّرت تلك السيدة ... محل المساج ... أعتقد أن الكارت لا يزال عندي ... إنطلقت كالعقاب في إتجاه بيتنا ... لم يطل بحثي كثيرا ... وجدت البطاقة بين طيات ثيابي القليلة ... إتصلت بالرقم المطلوب ... أغلق الإتصال في وجهي ... ثم وصلتني رسالة ... هي نفس الرسائل التي برمجتها لها سابقا ...

هل تريد حجز موعد ؟؟؟ ... طبعا أريد ... إخترت منتصف النهار موعدا للقاء طال شوقي له ... لم افهم أي كلمة من الخدمات المقدمة رغم أني أنا من كتبها لكني إخترت أغلاها ثمنا ... ربما ذلك سيشكّل فارقا في لقائي الثاني مع من سرقت روحي يوما ...

رحت ابحث عن معاني تلك الخدمات المقدمة في مراكز التدليك ... الكلمات غير مفهومة لكن الصور المرافقة لها مثيرة ... إكتشفت أن مراكز التدليك في تونس أكثر من مراكز الشرطة .... أعتقد أنه مشروع مربح للغاية ... فالشعب يبحث عن إزالة التوتر ... المثير في الأمر أن الأسعار رغم العروض والتخفيضات تبقى مرتفعة ... من يقدر على ذلك وسط الأزمة المادية الخانقة ... سأكتشف الأمر بنفسي ...

يا ليل الصب متى غده أقيام الساعة موعده ... مؤلف مطلع تلك الغنية يستحق جائزة نوبل في المشاعر ... لم ترد تلك الليلة أن تنتهي ... نار الشوق وقيض الصيف إجتمعا على تعذيبي ... وزادهما عذابا نصف الانتصاب الذي جعل قضيبي كرصاص صنارة داخل البوكسر ... لا أدري ما السرّ لكن مجرّد ذكرى تلك السيدة يولّد انتفاخا بين فخذي ... ناهيك عن خيالاتي التي غذتها تلك الصور ...

نزلت للمطبخ بحثا عن قارورة ماء تطفئ لهيب عطشي ... حركتي الخفيفة سحبت أمي ورائي ... عادة تلصصها على حركاتي لن تتغيّر ... أردت مداعبتها بمزاح ثقيل إختفيت وراء الكنبة قبل أن يلحقني وقع خطوات قدميها الحافيتين ... محاولا إمساك نفسي من الضحك وأنا أراقبها تدنو من باب الحمام وتضع أذنها على الباب ... ثم مع عجزها عن سماع شيء إنحنت تنظر من ثقب المفتاح ...

كانت ترتدي قميصا رماديا قصيرا يصل لمنيت فخذيها مع إنحنائها تبينت لون كيلوت أسود رغم الظلمة ... بياض جلدها عكس سواد القماش ... طال بحثها عن شيء تلمحه داخل الحمام المظلم ... تسحبّت من خلفها وهي منحنية وبحركة سريعة قرصت جانبيها بأصبع يدي الإثنتين ... لتطلق صرخة رعب ثم تتراجع للخلف دون أن تقيم جسدها ... حركة عفوية بسبب الذعر ... رشق قضيبي بين فلقتي مؤخرتها ... محاولة تفادي تلك الوضعية تقدمت للأمام مرتبكة لتصدم رأسها في خشب باب الحمام فترتد ثانية لنفس الوضعية لكن بقوة أكثر

حركتان متعاكستان منها ومني تسببتا في سقوطنا أرضا ... ظهري للأرض وظهر أمي على صدري ورجلاها للأعلى ... مؤخرتها فوق قضيبي مباشرة .... الموقف المحرج والطريف في نفس الوقت خلق جو من الصمت سرعان ما إنقلب ضحكا هستيريا وهي تحاول النزول من فوقي ممسكة جبينها الذي تورم من أثر الصدمة في الباب ... ليونة فردتي مؤخرتها مع صلابة إنتصابي لا يمكن نكرانهما ...

لم اقدر على توقع ما سيحدث لي بعدها فلم أتحرّك .... أمي التي وقفت تنظر لي ماسحة بقيا بلل في رموشها من إختلاط الضحك والرعب فيهما ... كنت لا أزال مطروحا أرضا ... مدّت يدها لتساعدني على النهوض ... محاولة مني لزيادة المزاح لم أساعدها ... ومع ثقل وزني نسبيا على قدراتها العضلية بدل أن تسحبني سحبتها لتقع أرضا وندخل في نوبة ضحك ثانية ...

إنتهى الموقف بهروب أمي للحمام وقد إمتزج ضحكها بسعالها ... أنا لجأت للمطبخ أبحث عن قارورة ماء باردة ... لحقتني أمي وصدرها لا يزال ينتفض من أثر الضحك ... كنت سعيدا أني أدخلت بعض البهجة على قلبها ...

لا هي سالتني عن سبب تواجدي هنا في آخر الليل ... ولا أنا تساءلت عن سبب تلصصها على باب الحمام ... فقط هي استفهمت عن تغيّر لاحظته في سلوك دون أن تنتظر إجابة ... أعتقد أنها تنبهني لشيء لم أرصده في تصرفاتي .... لما طال صمتي بادرتني بالكلام

  • هاه قلي بقى نسيتها والا لسة بتحبها
  • (صعقتني تلك الكلمة كأن أمي تقرأ أفكاري ... حاولت الهروب من الإجابة بالصمت)
  • مش عاوز تحكي ؟؟
  • أحكي عن إيه ؟؟؟
  • عن الست إلي كانت هتجيب أجلك دي
  • (أحسست بالغضب من نفسي ... هذا الكابوس يجب أن ينتهي) مش عارف إنتي مركزة في الموضوع ده ليه
  • يا سلام ومش عاوزني أركز في موضوع ز يده هأركز في إيه ؟؟
  • طب إيه المهم في الموضوع ؟؟؟
  • في كذا تفصيلة في الموضوع لازم يتركز معاها
  • إلي هما ؟؟
  • عاوز نبتدي منين ؟؟؟
  • من المكان إلي يوصلنا إنه الحوار ده ينتهي
  • لو مش عاوز تحكي بلاش
  • لا عاوز أنهي الموضوع ده نهائي لانه أصبح مزعج بالنسبة ليا
  • و بالنسبة ليا أنا كمان
  • طيب إضربي النار وخلصيني وخلصي نفسك
  • إنت شايف إني لما اتحاور معاك يبقى ضرب نار
  • أيوة لانه الموضوع محرج (كنت أهم بالإعتراف)
  • محرج لأني بأكلمك والا محرج إنك بتحب وحدة من سن أمّك ؟؟
  • أولا أنا مش بأحبها وحضرتك قلتي ده بنفسك قبل كده
  • أمال ؟؟؟؟
  • ده كان إنجذاب مش أكثر
  • ماشي نعتبره إنجذاب وصّلك للمستشفى ... ممكن أعرف إيه السبب فيه من أساسه
  • (أحسست بأني حشرت نفسي في ركن ومن المكن أن أخطئ بكلمة تفضح كذبي من أوّله) إسالي وأنا هاجاوبك
  • طيب جاوبني ومن غير إحراج ... إيه سبب الإنجذاب ده
  • حضرتك قلتيها زمان ... ممكن عشان إنتي كنت صلبة وجافة في تعاملك معايا
  • لا الإجابة دي مش مقنعة ممكن تكون فيها نسبة حقيقة بس مش مقنعة
  • (هنا توجّب عليا مواصلة الكذب) ممكن عشان الست ذات نفسها
  • فهمني ؟؟
بشجاعة لم أعهدها في نفسي رحت أصف تلك السيدة بكل ذكريات ذلك اللقاء ... وبكل شوق لقاء الغد ... وصفتها بأوصاف ليست فيها ... بل تمنيت أن تكون فيها ... روحا وجسدا وتأثيرا ... أمي التي إنسحبت للمطبخ تبلل ريقها ببقايا علبة عصير باردة سحبتني ورائها مصغية ...

أمي جلست في نفس وضعية جلوس خالتي ذات ليلة ... تضع حافة قدمها اليسرى على طرف مصرف المطبخ وتمسك ركبتها بيمناها و تسدل رجلها اليمنى وتمسك علبة العصير بيسراها ... إتخذت مكاني بجانب الحوض وعيني في الأرض ... ثم إسترسلت في الحديث عن تلك السيدة حتى إنتهت ذكريات اللقاء القصيرة وعجز خيالي البسيط عن الوحي بالمزيد ... لكن ذلك لم يشبع فضول أمي في معرفة المزيد ...

أعتقد أنها تعمّدت الإطالة في الحديث وفتح الموضوع للمرة الثانية بحثا عن زلة في كلامي تمسكها عليا ... أسندت ظهرها لحائط المطبخ وعدّلت جلستها بان وضعت كل قدمها على حافة المصرف و ألصقت ركبتها في صدرها بحركة قوية من داخل مرفقها ... حركتها سحبت عيني ناحيتها ... إنحسر طرف قميصها للخلف فاسحا مجال الرؤية أمام عيني لتكتشف قماش الكيلوت الأسود الأسير بين بياض تلاصق فخذيها ...

لا أعلم السبب لكن أمي لم تشفي غليها من عشيقتي الوهمية ... فأعدت عليها الرواية والسبب والشعور للمرة الثالثة ... مع حرارة الجو وبداية بزوغ شعيرات في أطراف منبت قضيبي أشعرني بالحكة ... كنت أنظر للأرض ويدي تداعب قضيبي من فوق قماش البوكسر عل الحكة تخف عني ... مع كل لمسة مني يدي يزداد الرسم المنحوت تحت القماش ...

كنت أعيد تفاصيل روايتي شبه المكذوبة بتركيز شديد منعني من الانتباه لصمت أمي ... لما انتبهت ضننت أنها تنصت بإصغاء لي ... رفعت عيني ناحيتها لأرى وجهها متجها نحوي لكن للأسفل ... إتساع حدقتيها وفغر فمها لم افهم سببه ... كانت تنظر مباشرة نحو إنتصابي الذي يلمحه الأعمي ... مما أشعرني بالحرج والخوف .. لكنها لم تعلّق ... فقط نظرت في عيني وسألتني

  • طيب فرضا إنه كلامك كله صح وده فقد إنجذاب ... وإن ظروفنا منعتك أنك تشوف نفسك مرتبط بوحدة من سنك ... ليه هي بالذات ... يعني ليه مش وحدة غيرها
  • وحدة زي مين
  • ما اعرفش اي وحدة ثانية
  • يعني انا هاشوف ستات ثانيين زيها فين
  • يا سلام ؟؟؟ للدرجة دي
  • لا مش القصد ... يعني أنا من المدرسة للبيت
  • طيب ما شفتش غيرها فيهم ؟؟؟؟
  • المدرسة ما فيهاش غير المدرسات ودول برى الهدف خالص والبيت ...
  • مالو البيت
  • (بتعجّب شديد) البيت فيه إنتي وخالتي
  • (هنا أحسست كأن أمي تنفض عقلها لتعود للرشد) ايوة عشان كده إنت فاتح قلبك لخالتك ومطنّش أمّك
  • يا سلام بعد ده كله ؟؟؟ وكمان إحنا إتكلمنا في الموضوع ده قبل كده ... وبعدين هي فين خالتي ؟؟؟
  • (بصوت ممزوج بالخبث) واحشاك ؟؟؟
  • (لم استوعب أي إشارة يجب أن أتلقى) أصلها ما بتجيش بقالها كام يوم
  • (بصوت جاف دون مشاعر) لا أبدا أصلها لحقت زوجها وابنها في بلاد برة تصيّف
  • (أحسست ان هذا الحوار لا يجب ان ينتهي) أحسن
  • أحسن ؟؟؟؟
  • ايوة خليكي كده مركزة معايا
  • إنتي بتغير من خالتك يا ولى ؟؟
  • إنتي مش بتغيري منها ؟؟؟
إعتدلت أمي في جلستها وراحت تحكي لي تفاصيل كثيرة عن خالتي ... رغم كل شيء هي أختها لكن نفسها تغبطها أحيانا ...آخرها المصيف وهي محشورة في منزلنا في هذا الحر ... لكن ما فهمته من كلامها في المرتين الاخيرتين أن الغيرة إنفجرت داخلها يوم شعرت أنها اقرب مني إليها ... نقطتان فطرتا قلبي ... يجب أن أجد حلا أمكن فيه أمي من رحلة مصيف حتى في شاطئ قريب ...

رغم ثقل مرور ما بقي من الوقت تلك الليلة إلا أن ذكريات الموقف مع أمي تدفعني للإبتسام غصبا عني ... أشرقت الشمس ولم يغمض لي جفن بعد .... حركات مستعجلة من أمي التي تعجّبت من عدم تحضيري لفطور الصباح لها ... ما إن غادرت البيت حتى نهضت على عجلة ... مسرعا توجهت نحو دكان العمدة ... على غير العادة لم امكث لتسليته كثيرا .. غيٍّرت ملابسي وتعطّرت وطرت نحو عنوان محل التدليك ... متسلحا برزمة أوراق نقدية تنفخ جيبي وصلت قبل موعدي بدقائق ...

عمارة تبدو الفخامة من بابها ... ألواح كثيرة لعناوين أطباء ومحامين ومحاسبين ... المركز في الطابق الرابع ... دققت الجرس وقد جف ريقي وتوقف قلبي ... مزهوا بالمفاجأة التي سيمثلها حضوري أمامها وأنا في قمة تأنقي ... ألف سيناريو ألف فكرة تخيّلت لكنها تحطّمت مع فتح الباب ... شابة في منتصف العشرينات تستقبلني وقد تحوّلت ابتسامها لنظرة إستغراب وريبة بوجودي ...

زادت دهشتها لما علمت أني صاحب الموعد المسجّل عندها ... أصرّت على أن أدفع ثمن الخدمة مسبقا ... أحسست بجرح في كرامتي وجرح في قلبي لعدم وجود حبيبتي المزعومة ولإحتقار تلك الشابة لي ... هي قالت أنها لم توظّف أحدا بعد لمساعدتها ...فمن أين سقطت هذه في طريق حلمي.... رحت اعد المبلغ المطلوب بهدوء اصطنعته كأني متعود على الصرف ... بعد استيعابي لصدمة غياب صاحبتي ركّزت في ملامح الشابة التي بدأت تعاملني بلطف أكثر ...

فتحت بابا خشبيا ابيض وطلبت مني تغيير ملابسي ... رائحة العطر تتصاعد من شمع وضع في كل مكان ... وجدت بشكيرا أبيض ناعم الملمس معلقا فلبسته وأغلقت حزامه بحرص أن لا أتعرى ... دقائق وسمعت صوت أقفال الباب تغلق ... ثم تبعه نقر خفيف على الباب ورأس الشابة يطل منه مبتسما متسائلة إن كنت جاهزا ...

تبعتها متأملا إهتزاز مؤخرتها الطرية تحت قماش بنطلون وردي ... كانت تلبس كما تلبس الممرضات ... أدخلتني لدش رصف فيه الف نوع من الصابون والشامبو ... قالت أن عليا التخلّص من أثار العرق .... ووقفت أمام الباب ... طال إنتظاري لها ان تذهب حتى أنزع بشكيري ... لما يئست أن تسمع صوت المياه ... نظرت في عيني نظرة إستنكار لم افهمها ثم أغلقت الباب بعنف ...

لما انتهيت من الاستحمام عادة في شخصية أخرى ملتزمة وصارمة لتنطفئ إبتسامتها نهائيا لما أصررت على لبس بوكسر طبي وجدته في الحمام ...

أرشدتني لطاولة أشبه بالسرير... نمت على بطني مستسلما لشعور غريب بتمازج الزيوت الباردة والحارة على جلدي ... لمسات خبيرة وقوية وصلت حد القرص حينا والمداعبة أحيانا ... كلما وصلت أناملها منبت مؤخرتي إلا وتحولت اللمسات إلى أشبه بالدغدغة ... مع توالي الحركات الغارقة في الزيوت ولدت بداية انتصاب سرعان ما شبت واشتدت ... حاولت تلافي الحرج بتعديل جلستي لكنها طلبت مني أن أستدير على ظهري ...

هنا قتلني الحرج فالقماش الخفيف لبوكسر أعد ليستعمل مرة واحدة لن يمنع ذلك العمود الذي انتفض بين فخذي من الانطلاق للأعلى ... أغمضت عيني هروبا منها لكن أصابعها التي بدأت بمداعبة أصابع قدمي سرعان ما بدأت تتسلل للأعلى ... قصبة رجلي ثم ركبتي ثم عضلات فخذي ... أطراف أناملها تتسلل من تحت قماش البوكسر من حين لآخر لتلامس أسفل كيس بيضاتي ...

كنت أرتعش خوفا وخجلا وأنا مغمض العينين كلما لمستني ... طال تعذيبها لي حتى رحمتني وتحوّلت لتقف خلفي ... أمسكت راسي وبدأ يسري في مفاصلي تيار كهربائي يجذبني للنوم ... ثم بدأت تلك اللمسات السحرية على صدري نزولا على بطني ... كلما إنحنت لتلمس أسفل بطني إحتك طرف صدرها بوجهي ..كأنها شعرت بما بي من حرج فزادت في تعذيبي بان أصبحت أناملها تتسل في حركات كأنها عفوية من تحت قماش البوكسر لتلامس منبت قضيبي الذي أوشك أن ينفجر ...

لا أعلم كم لبثت هكذا لتهمس في أذني بصوت حرقتني أنفاسه ...

"إحنا كده خلّصنا مش عاوز حاجة ثاني "

لا اعلم هل حبس لساني أم شلّ تفكيري ... هززت رأسي بلا ... تركتني وهي تفتح باب الدش ... لن أنسى ما حييت تلك النظرة في عينيها ... قاستني من أسفل لأعلى ثم اشاحت بوجهها وإنصرفت ...

الماء البارد لم يبرّد إحتراق جوفي والتهاب ما بين فخذي ... طالت محاولاتي أن أتخلص من أثار الزيوت على جلدي .... إلتحفت بشكيرا جديدا وخرجت امشي متثاقل الخطى ... وجدت فنجان قهوة عربية تفوح رائحته على منضدتي وتلك الشابة تغرس عينيها في كتاب أو مجلات وهي تجلس خلف مكتبها العالي ... فقط أشارت أن قهوتي جاهزة ...

قبل مغادرتي وقد عدت لحالتي شبه الطبيعية ... أحسست أن عليا إكرام تلك الشابة ... وضعت يدي في جيبي وسحبت لفة الأوراق النقدية ... مع كلمة " إتفظلي " ... رفعت رأسها ثم عينيها نحوي ... نظرة استغراب وسعادة علت محياها ... قبل أن تنطق بشكر أو غيره فتح الباب ...

صاحبتي تدخل مشرقة متألقة لتضيء المكان ... نظرة ترحيب وسعادة بوجود زبون في ساعة تعتبر مبكّرة من اليوم أخصت كل أحلامي ... هي لم تعرفني ... فقط رحبّت بي ببشاشة متسائلة إن كانت الخدمة أعجبتني ...

مرّت ساعات اليوم الباقية عليا كالجبال ... صدري يثقل عليا دون معرفة السبب ... رحت أراجع ذكريات اليوم متجرعا ألم عدم معرفتها لي ... وألم الإحساس بأني كنت غبيا في تصرفي مع الشابة هي قطعا أرادت مني أن اطلب منها المزيد .... لبسي للبوكسر وإغلاق عيني ورفضي أي خدمة أخرى وأدت فرصتي أن أكتشف الجنس لأوّل مرة ... هي عرضت عليا ذلك أكثر من مرة لكني لم افهم مرادها ...

محاولا الهروب من شعوري بالألم المضاعف... قررت العودة ثانية ...لكن ليس في الغد ... سأصبر يومين أو ثلاث ... حتى أركّز في ما يجب عليا فعله ... الثقة في النفس ... هي تملك ما أريد وأنا أملك ما تريد ...

في صباح الغد توجّهت للكافيه الذي شاهدتها فيه تلك المرة ... هربت من الشلة الجديدة ومن خيبتي وحنقي على غبائي ... المحل كعادته هادئ رغم وجود بعض الزبائن... اخترت ركنا يمكنني من مراقبة الدخول والخروج ... لم يطل إنتظاري ... وقت قليل وسحرتني طلّتها التي أشرقت الشمس بوجودها ... كنت قد بدأت أتناول فطور الصباح ... تابعتها بحذر أين ستجلس ... انتظرت دقائق حتى اختارت ما تستهلك ... كعادة كل البشر وقت الانتظار يجيلون النظر في المحيط ...

نظرت نحوي وكأنها إنتبهت لوجودي ... أشعرني ذلك بالغبطة والسعادة ... بخطى واثقة أجبرتها أن تتبعني بنظرها توجهت نحو الحمام... وقفت طويلا أمام المرآة أشحذ عزيمتي ... ثم خرجت مستمدا شجاعة لا أعهدها في نفسي ... مررت بجانبها ثابت الخطوات أمشي ملكا ... نظرت إليها مباشرة وألقيت التحية مبتسما دون إفراط ... قبل أن ترد التحية عدت لمكاني وانغمست في أطباقي ...

راقبتها قليلا من بعيد ... إحتست قهوتها وأشعلت سيجارة ثم ركزّت في شاشة هاتفها ... أحيانا ترفع عينها وتجول في المكان ... لترمقني بنظرة أقابلها بابتسامة خفيفة ... تكرر الأمر لدرجة صرت متأكدا أنها تهتم لأمري بأي شكل من الأشكال ...

هنا سكنت فكرة مجنونة عقلي ... حجزت موعدا بعد نصف ساعة من الآن لجلسة تدليك... كنت مستثارا لمجرّد فكرة أنها ستراني ثانية في نفس اليوم ... إستقبلتني تلك الشابة ببشاشة ... نفس الأحداث السابقة تكررت ... لا أعلم السبب لكني تمسكت بالصد نحوها ... لبست البوكسر كالعادة لكني هذه المرة تشجعت ... رحت أفتح معها مواضيع وقت المساج ... سؤال مني عن عمرها ومنها عن عملي وسني ... الشابة اسمها أحلام وعمرها 29 سنة خريجة معهد ماساج لم أكن أعلم أن لهذه المهن معاهد خاصة .

... جمعت بعض المعلومات البسيطة عن صاحبتي ... إسمها خولة أو مدام خولة ... في بداية الاربعينات ... مطلّقة ولديها إبنة في مثل سني تقريبا تسكن مع والدها ... غير ذلك خشيت أن أسال أكثر فتنفضح خطتي ... تعمّدت التأخر في الدش ... ملتحفا البشكير الذي لم يفلح في ستر انتصابي الذي صار أزليا .... ما إن سمعت صوت باب الدخول يفتح حتى إستجمعت كل الثقة الناشئة في داخلي وخرجت ...

وجدت إيمان جالسة وراء مكتبها و مدام خولة تقف خلفها ...كأنهما تراجعان شيئا ... مع حمحمة بسيطة من حلقي تعلمهما بوجودي ... بادرتني إيمان بابتسامة تعلمني أن قهوتي جاهزة وسط دهشة علت وجه خولة ... أحسست أنها تراقب خطواتي من خلف ...

ترشفت القهوة وغيّرت ملابسي وتوجهت نحو إيمان أودعها وأنا أمسك لفة أوراق النقدية بين أصابعي ... كرم مضاعف مني فتح عيني المدام على آخرهما وهي تراقبني أخرج من الباب ... لم انزل بالمصعد بل رحت أقفز الدرج كطفل أفلت من المدرسة أخيرا ...

في الغد كررت نفس الموضوع غير أن مدام خولة هي التي بحثت عني في الكافيه وبادرتني بالتحية قبل أن تجلس ... ثم بادرتني بالكلام عند لقائنا في بهو مركز التدليك ... هي بضع كلمات تستفسر إن كانت الخدمة في المركز أعجبتني ... كلمات تكفي لابني علاقة لم أحلم يوما أن أدخلها ... كان يمكنني أن أكون زبونا لها ... ما فهمته من إشارات إيمان البسيطة أن خدمات المركز الغير معلنة يمكن أن تكون مداعبة باليد ... هكذا فهمت من تذمرها أن القانون يمنع عليهن خلع ملابس الممرضات تلك ...

لكن خيالي ورغبتي تكبّرت على تلك اللمسات التي لم يرقص خيالي يوما لتصوّرها حتى ... أريد أن أكون عشيقا ... رجلا تتأبّط يده وهي تسير في الشارع ... كل الكذب الذي ألّفته في روايتي لأمي وخالتي صار شعورا قويا ورغبة متقدة تدفعني لتحقيقه ...

مرّ أسبوع على تلك الحال ... في الصباح انتظرها في المقهى ... ثم اسبقها للمركز وأودعها متفاخرا بلفة نقودي ... نقودي التي لازالت تتزايد كل ليلة بمقادير مختلفة ... كنت كل يوم البس طقم ملابس جديد ... آخر الأسبوع تعمّدت التأخّر في الدخول للكافيه ...

وجدتها تجلس في مكانها وكعادة الشعب في أيام آخر الأسبوع يدللون أنفسهم ... المقهى مكتظ ... رغم وجود بعض الطاولات الشاغرة لكن مكاني المفضل قد حجز ... وقفت طويلا عند الباب أرسم على وجهي ملامح الإنزعاج والغضب ... وكما خططت ... ما إن وقعت عيني على عينها حتى دعتني للجلوس... دعوة كانت مفتاح الباب الموصد طويلا أمامي...

جلست قبالتها على الطاولة متظاهرا بالخجل أو هو حقيقة رسمت على وجهي ... طال صمتي حتى قدوم النادل الذي صار يعرف طلباتي بل ويعاملني معاملة الملوك مقابل بضعة دنانير أتكرم بها عليه ... خولة قطعت صمتي بسؤال عن مدى رضاي بالخدمة المقدمة ... ثم دخلت في التحقيق المفصّل عن شخصيتي ... كانت مستغربة من مصدر أموالي ... أعجبتني صراحتها في السؤال...

خشيت قول الحقيقة فرحت أخترع قصصا أبعد من الخيال نابعة من الواقع ... تقمّصت شخصية مروان إبن خالتي كوني إبن رجل مهم في الدولة ... والّفت رواية عن ميراث جدي الذي تقاتلت عليه أمي وخالي بأن ضخّمت فيه ونسبت ملكيته لي كوصية من جدي ... مداخيل فلاحية وعقارات وووو

ثم لتفادي أي حرج قد توقعني فيه الأيام استلهمت حقيقة شخصية أمي المسيطرة والمتابعة لكل حركة مبررا عدم قدرتي على الغياب عن المنزل مساءا ... شعرت بالنخوة كوني أصبحت كاذبا محترفا ... كلامي كان كالفيروس الذي سكن أركان فكرها ... كانت تتابع كلماتي باهتمام من تسجّل وتحلل وتستنتج

ثم أخذت هي مجرى الحديث ... حدثتني عن طليقها وبنتها ووضعها المادي ... قالت إن المشروع إستنزف كل مدخراتها ... وان المركز لم يعرف بعد وأنها أصلا لن تستطيع دفع إيجار الشهر ... تفاعلت مع ألمها وحاولت التخفيف عنها ... قلت انه يمكنني مساعدتها فرفضت باستحياء ...

حاولت فقط أن تصلها مني بعض المشاعر الحقيقية بالإعجاب فإنطلقت دون لجام ... بغباء و قلة خبرة أعلنت حبي لها هكذا دون تمهيد ... فتراجعت في جلستها قليلا ... وفكّرت مليا ... صدمتها بدت على ملامحها ... قالت أنها لم تتخيّل نفسها في علاقة مع شاب صغير مثلي ...مع تعهدي بالمحافظة على السر وبعض الحجج أني أخشى على نفسي من أمي ... وافقت على قبول المبلغ على شرط أن يكون تسبقة لخدمات في مركز التدليك مع الإبقاء على مواعيدنا في الكافيه حتى حين ...

رغم أن صدها آلمني لكني قبلت مقابل شرط آخر هو أن تقدم لي هي خدمة التدليك ... فوافقت دون تعليق منها ... دفعت حساب الكافيه وتمشينا شارعين ... سحبت المبلغ المطلوب ثم أكملنا طريقنا حتى وصلنا باب العمارة ... إيمان التي صدمها دخولنا مع بعض وقد تعوّدت وجودي دون موعد ...

بحكم الخبرة المكتسبة من الأيام السابقة ... تخلّصت من ثيابي والتحفت بشكيري وخرجت لأجد مدام خولة تنتظرني عند الباب ... مدّت يدها لترشدني لباب الحمام الذي حفظت طريقه ... مجرّد تلامس أصابعنا ببعض أشعل نار الرغبة والحب في قلبي وبين فخذي ...

وقوفها في باب الحمام مطولا جعلني أخلع عني رداء الخجل ... نزعت البشكير ودخلت التقط رذاذ الماء الدافئ تحت مراقبة عيني خولة الحريصتين ... إرتباكي منعني من التركيز مع ردة فعلها ... قبل أن ألتقط منشفة أزيل بها قطرات الماء المنزلقة على جلدي ... لم اشعر إلا بيد ناعمة تمسك المنشفة وتساعدني في تنشيف جسمي من الخلف ... حركتها التنازلية أشعلت نارا صدري مع ملامسة أصابعها لأسفل ظهري ... سحبتني من كتفي برفق وقد غرست عينيها الناعستين ما بين فخذي ... طال صمتي وتركيزها حتى قطعته بصوت حنون يفوح منه ريح الدلال ...

" تعالى د ه انت يندفع فيك مش إنت الي تدفع "

أعقبت كلمتها بضحكة مكتومة تداري بها صراعا إلتهب داخلها ... سحبتني نحو غرفة التدليك ... مع كل خطوة كان قلبي يتوقف عن النبض ثم يعود للحياة ثانية ... كصاعقة كهربائية طلبت مني الصعود على الطاولة عاريا ... إتخذت وضعية النوم على وجهي كما عودتني إيمان ...

لكنها أمسكت يدي وطلبت مني الالتفاف لأنام على ظهري ... " خلاص إنت ما بقتش زبون ... إنت صاحب المكان " ... قبل أن أنطق أو أرد الفعل ... سحبت منشفة زرقاء صغيرة كنت اعتقد أنها ستغطي بها وسطي .. لكنها وضعتها على عيني فجأة ... كنت انوي الاعتراض لكنها بررت ذلك بأنه سيساعدها على التركيز أو التفكير لا أدري

مستلقيا مستسلما لحركات أناملها الرقيقة تداعب مسام جلدي ... لم يكن مساجا عاديا كانت لمسات تلهب الحلق والصدر وتشعل النار في الروح ... بأطراف ظهر أصابعها كانت توزع الزيت على جسدي كله ... تمنيت لو تمكنت من ملاحظة نظرة عينيها لي ... لكن ملمس أصابعها لجسدي أوحى لي انها تحب ما تفعل ...

بدأت حركاتها العبثية تتناسق ... تقترب ببطء من أسفل بطني ... قضيبي الذي ارتفع للسماء حرا من كل قيد لم يطل صبره كثيرا حتى وصلتها أناملها الرقيقة ... رعشة خفيفة هزت جسدي كله مع أول لمسة منها له ... أصابعها الغارقة في زيت تخترق رائحته فؤادي قبل أنفي ...

كذب من قال أن الإنسان يرى بعينيه ... كنت أرى إبهامها يحيط متفحصا فتحت رأس قضيبي .. كنت أراقب قبضتها تعصر قضيبي للأعلى كمن تقيس حجمه ... حركات لم اعلم كم تكررت صعودا ونزولا على جسم قضيبي ثم انفجر بركان رغبتي بدفقات متتالية لم أعلم عددها ... فقط هي وضعت يدها على فمي لتمنع عني آهات كادت أن تزعزع المكان ...

قبل أن يتخلص جسمي من أثر الاهتزاز بدأ الصمت يخيم على المكان ... بعد برهة تخلّصت من المنشفة على وجهي ... الغرفة فارغة ... لولا بقايا رائحة عطرها في الغرفة لضننت أن ما حدث حلم يقظة وردي ... على عجل وبركب مثقلة دخلت الدش أزيل عني كل تلك السوائل ... خرجت للغرفة الخارجية لأجد إيمان وحدها ... خجلت من السؤال عن خولة ...

لم أتطعم القهوة ودخلت في متاهة أفكار ... أفكار سرقت كل وجداني لباقي اليوم ... تناقضات متتالية وأسئلة لا إجابة لها ... هل ندمت على فعلها معي ؟؟؟ ... ألم أعجبها ؟؟؟ ... هل منعها سني من المواصلة معي ؟؟؟ ... لكن لا ؟؟ .. أنا أحسست أنها تحب ما تفعله معي ... هل عادت لرشدها وهربت مني ... هل تسرّعت في فعلي ؟؟؟

مكثت في غرفتي كالمسجون بين شعورين ... ذكريات تلك المداعبة الخيالية من خولة ثم هروبها المفاجئ جعلني كسفينة تتلاطمها أمواج بحر عاصف ... قبل منتصف الليل سمعت رنينا خفيفا من هاتفي ... حالتي أنستني حذري في غلق صوته عند العودة للمنزل ...

إشارة وصول رسالة تزين شاشته ... كنت انوي إهمالها ... ظننت أنها شركة الاتصالات تزعجني ... لكني فتحتها ... قرأت الجملة مليون مرّة ...

" أنا خولة ... أنا موافقة ... نتقابل بكرى الساعة عشرة في الكافيه عشان في شوية تفاصيل "

كنت سأصرخ من الفرح لكني كتمت فرحتي .. بدأت اقفز في أركان غرفتي كطفل سعيد بملابس العيد ... سرحت بخيالي وقلبي ينبض على اشده وأمعائي تتلبك ... ذكريات اليوم في المركز تتمازج مع خيالات صارت أجنحة توصلني للسحاب ...

لا اعلم كيف مرّت تلك الليلة ... وصلت الكافيه قبلها بساعة ... عذاب الانتظار بدأ يقتلني ... ما إن شاهدت طلتها تنير البوابة حتى أشرت لها بإصبعي ... بنظرات الواثقة المقتنعة ابتسمت لي وإقتربت مني ... كرجل همام قمت وسحبت لها الكرسي لتجلس ... قبل أن أعود لمكاني اصابني شلل تام ...

أمي تسحب كرسيا بجانبنا وتجلس دون إستئذان ... لم تنظر لي بل توجهت بالكلام لخولة

" معلش هازعجكم شوية "

الجزء الخامس

كمن خسفت به الأرض ... تسمّرت مكاني فلم أجلس ولم اعتدل في وقفتي ... أصابني العمى والصمم ... فقط كنت أتمنى أن أختفي من الوجود هروبا من هذا الموقف ... أمي بكل برودة أعصاب تنظر بتفحّص لخولة ... ثم نظرت في عيني نظرة استغراب واستنكار ... ثم بصوت حانق لكنه هادئ ...

  • أقعد ما تفرجش علينا الناس
أحسست بالراحة أن أمي تمالكت أعصابها ... طلبت منها الإنصراف وأن نكمل حديثنا في البيت لكنها أمسكت معصمي بقوة تشدني للأسفل أمرا بالجلوس فجلست ... خولة التي كانت أكثر من طبيعية تنظر لكلينا بهدوء قاتل ... ثم بادرت بالكلام قبل أن تنطق أمي بنبرة جدية صارمة...

  • مش تعرفني بالمدام ؟؟؟
  • (قبل أن أنطق تكلمت خولة ) أنا مدام خولة وحضرتك ؟؟؟
  • أما مامته ؟؟؟ طيب حضرتك مين وتعرفي إبني منين ؟؟؟
  • قلتلك أنا مدام خولة وتقريبا ده كفاية لحد دلوقتي وإبنك أصلا انا ما اعرفوش إحنا جايين نتعارف على بعض
  • (أمي التي بدأ الارتباك يتمكن منها تردد قليلا قبل مد يده للرد على طلب مصافحة خولة لها ) تتعرفو ؟؟؟
  • أيوة .. إحنا كان في ما بينا معاد عشان نتعارف
  • (أمي التي تحوّلت لجمر صب عليه ماء ) معاد ؟؟؟ معاد إيه ؟؟؟
نظرت خولة نحوي في إستفسار لا أعلم من أين أتت بالقدرة على اصطناعه ... ثم حوّلت نظرها نحو أمي ... وكأنها تفهمها في لهجة استنكارية عن سبب لقائنا أنا وهي ... راحت تسرد لأمي أننا تعارفنا على موقع إنترنت ... موقع علمي لجامعة خاصة يدرس العلاقات الإنسانية ومن بينها علاقة السيدة الاربعينية بالمراهق وعلاقة المراهق بالاربعينية وتأثير ذلك في كليهما ...

لم أتخيّل بعد في أي جحيم تخبط شيطانها عندما كان جنينا ... لكن الفكرة راقت لي رغم صدمتي فهي متماشية مع الأحداث الاخيرة ... أمي التي لم تتوقع أن تسمع مثل تلك الإجابة ... راحت تستفسر وركبها تهتزّ من التوتر عن طبيعة هذه العلاقات وهذه التجربة ...

خولة التي حافظت على ثباتها الإنفعالي مع كل سؤال تسأله أمي ... رغم أن رواية خولة تبدو ساقطة من أحد الأفلام السخيفة لكن بعض الهدوء الذي سيطر على أمي يؤكّد أنها إقتنعت أو بدأت تقتنع ... أمي التي لا تقبل أبدا أن تخطأ وجهة نظرها ولا تستسلم بسرعة ... أمسكت بقبضة يدي كمخبر شرطة أوقع لص غسيل ... توجهت لخولة بلهجة ونظرة تفحّص دقيق لقراءة ردود فعلها الجسدية

  • فرضا إنه كلامك صح ... الموقع ده هيوفّر لإبني ملابس ومصروف وكل التغيير ده
  • (نصف نظرة استنكار من خولة نحوي ... كلمات أمي كشفت كذب قصتي التي رويتها لها) يعني ما اعرفش الوضع بالنسبة ليه ... هو حط ايه في قاعدة بيناته الي كتبها .. بس أنا بعثولي ماكياج وشوية فلوس كاش
  • يا سلام ؟؟؟؟ (نبرة أمي تؤكّد أنها لا تصدّق ولا حرفا مما تسمع)
  • ده طبيعي يا مدام .. هما طالبين متطوعين والمتطوعين دول مش بيشتغلو ببلاش ... أكيد في فوائد مادّية أو ممكن بيحاولو يعالجو مشكلة كل متطوّع على حده
  • يا ستي قولي كلام يتصدّق ؟؟؟
  • (خولة التي تحوّلت لشخصية صارمة ومتحفّزة للدفاع عن نفسها ) شوفي يا مدام ... أنا إلي عندي قلتو ... يعني حضرتك تتخيلي إني هأدفع كل الفلوس دي لإبنك ده ...
  • (نبرة صوتها ونظرتها آلمتني و جرحت كبرياء أمي .. أحسست بتعرّق يدها على معصمي )... مالو إبني ده ؟؟؟
  • مالو والا مالوش دي مش مشكلتي ... أنا قلتلك الحقيقة وهاعيدها ثاني ... أنا محتاجة فلوس وفي موقع تابع كلية خاصة بيعمل دراسة على طبيعة العلاقات الانسانية طالبين متطوعين ... دخلت سجّلت بعثولي بروفايل إبنك لقيته أحسن واحد في المتطوعين .. وهما وصلوني بيه ... جيت عشان أقابله لاوّل مرّة وتقريا دي هتكون آخر مرة ..
خولة التي تحوّلت من متهمة لضحية سحبت كرسيها للخلف بعنف وإتجهت نحو الباب بخطى واثقة وغاضبة ... تحت نظرات أمي المتابعة لها في دهشة ... لم أفهم أهي دهشة من شخصيتها أم من القصة التي إختلقتها .. أم من الإثنين معا ...

لا أعلم كم لبثت لأقدر على بلع ريقي الذي تحوّل لرمل في حلقي ... لم أفهم أنجوت بفعلتي بسبب قصّة خولة أم وقعت في فخ كذبي هذه المرّة ... طول الطريق للبيت أحاول أن أستجمع أفكاري ... لكني لم أقدر ... فقط أمي التي تمسك بمعصمي كطفل هرب من المدرسة وهي تعيده إليها ...

صوت قرقعة بابنا الحديدي تاه وسط صراخ أمي ... جحيم من الغضب والصراخ إنصب على رأسي وأذني ... لم أفهم ولى كلمة من أمواج صراخها ... سوى هذي آخرتها ...

إسترجعت كل ذكرياتي الأخيرة معها ... غضب أمي لا يردعه سوى غضب مقابل ... دون تنبه ولا تحذير ... أمسكت كلتا يديها ودفعتها بقوّة على الكنبة ... رغم محاولتها العنيفة بالتملّص من قبضتي والعودة لموقف السيطرة لكنها فشلت ... أحسست أنها تلك هي اللحظة المناسبة لإنهاء هذا العذاب وهذا العقد من الكذب ...

شعور بالندم تحوّل لغضب لو صارحتها بالحقيقة قبل الآن لهان الأمر قبل أن تدخل خولة في الحكاية ... ربما المال كان سيهدأ من روعها لكن وجود تلك السيدة في حياتي وكل تلك المصاريف عليها فأمي لن تقبل ذلك ولن ترضى بأقلّ من شنقي ...

دون خطّة مسبقة لما سأقول ... إن كان حبل هذه الكذبة سيطول إلى ما لا نهاية ... فليكن ... أمي التي تكوّرت على الكنبة تحاول النهوض غصبا عن ثقل جسدي وقوة قبضتي تنظر لي نظرة ممزوجة بالرعب والحنق ...

  • ماهو كله منّك ... حسستيني إنني أنا مش طبيعي ومحتاج علاج ... قلتلك ألف مرّة إنها كان حالة نفسية عابرة بس إنتي أصريتي إنه ده مش عادي ... يعني عاوزاني أعمل إيه ؟؟؟ ... دخلت اشوف على النت إذا أنا كنت حالة إستثنائية زي ما حضرتك مصرّة تصوريني.... لقيت 50 مليون حكاية وحالة شبهي ... قلت أشوف أكثر ممكن أنا بجد محتاج علاج وصلت لموقع الجامعة دي لقيتهم عاملين تجارب ...
  • (أمي التي كانت تخفي وجهها بيدها كل ما حركت يدي كأنها تخشى أن أضربها) بس ..
  • ما فيش بس ؟؟؟ ... غلطت أنا في إيه ؟؟؟ ... تجربة علمية وممكن تكون علاج بالنسبة لحالتي وكمان هو حرام عليا إني ألبس هدمة عدلة زي بقيت الخلق ... حرام إني آخذ منهم شوية فلوس تمنع عننا ذل الفقر ومدّ الإيد
وصلت لمرحلة الصراخ الذي يؤلم الأحبال الصوتية ... ثم لا أعلم كيف طاوعتني دموعي لتكمل بقية المشهد الدرامي الذي تقمّصته ... وضعت يدي في جيبي وسحبت أحد رزم الأوراق النقدية وألقيتها في وجهها بعنف كالصفعة ... تركت أمي في حالة أشبه بالشلل وإتجهت نحو الباب ...

قبل أن أخرج وفي حالة من الغضب الهستيري أمسكت مطفأة سجائر كانت على المنضدة وإلتفت نحو أمي التي تكوّرت وأخفت رأسها بركبتيها متفادية أن أصيبها بما أحمل بين يدي ... لم افهم أهو الندم أم الغضب من نفسي أني أوصلت أمي بكذبي لتلك الحالة ... دون شعور وبكل قوتي ألقيت المطفأة على صورة كبيرة لأبي وأمي كانت تزيّن حائط الصالون ... وخرجت من البيت جريا قبل أن تختفي أصوات تهشّم الزجاج خلفي ...

لا أعلم أهي عادة جديدة فيا أم ردّة فعل طبيعية ... بدأت بالجري في الأنهج الفرعية ... بدأ الظلام يسيطر على المكان ... ولم أتمالك نفسي بعد ... شعور مزدوج بالغضب من أمي وعليها ... تراقبني كطفل لم يتعلّم المشي بعد ... هي السبب في كل ذلك ... لو كنت أعلم أنها ستبارك فكرتي لأعلمتها بكل خطواتي لوضعت كل مرابيحي تحت قدميها ... لكنها ترفض وسترفض ... ثم أن تحرجني أمام خولة بعد أن كادت خطتي تنجح في الوصول إلى الشيء الوحيد الذي طمحت إليه ...

ومن ناحية أخرى فضميري يخزني أني سببت لها كل ذلك ... فهي أمي والأكيد أنها تريد مصلحتي حتى وإن كنت أرى أني كبرت على تلك الوضعية من الإحاطة الخانقة ...

جلست على أحد الكراسي الخشبية أستريح من عناء الجري ومن ثقل الضمير الذي خنقني ... كنت أهز رأسي محاولا طرد صورتها وهي تتكوّر مرعوبة من ردة فعلي المصطنعة ... لا أعلم أكانت مصطنعة للخروج من مأزق كالمتاهة لا مناص منه ... أم هي حقيقة ولدتها مشاعر الغضب أنها كشفتني وكشفت كذبي أمام خولة ...

شعور متذبذب تحوّل لأصابع تحيط برقبتي ... كيد القدر الثقيلة التي تطبق على صدري مذ نشأت ... فجأة كسر سكون الشارع دون سابق إنذار ... منبهات السيارات تدوي في الشارع الرئيسي وأصوات صراخ الجماهير يعلو متحديا حرارة الطقس ... بدأت الضوضاء تجذب الناس أكثر فأكثر ...

تمشيت بضع خطوات للشارع الذي يجاور مكان جلوسي ... سيارات تحمل أعلام الوطن ... رجال ترقص وفتية يطلقون الشماريخ ... إعتقدت أن فريقنا الوطني ربح مقابلة مهمة فنحن لا يجمعنا علم الوطن إلا في مباريات كرة القدم ... سرت وسط الهاتفين وقفزت مع القافزين دون أن أعلم شيئا ... بدأت الوفود تتجمّع رويدا رويدا كلما إقتربنا من شوارع أخرى ... هذا يصرخ وتلك تزغرد والآخر يلتحف علما ويجري ...

لكن حسب علمي و أنا المتمعش من نتائج كرة القدم لا توجد أي مقابلة مهمة لا في القدم ولا في اليد ولا حتى في التنس ... في غير تلك الألعاب نحن لسنا مصنفين ... صادف مرور الجمع قرب محل العمدة الذي شاهدته يرفع علامة النصر من أمام الباب .. إنسحبت من سيل البشر المنهمر نحو وسط العاصمة والتحقت به ...

وجهه مستبشر وسعيد ككل الناس ... فهمت منه أن حدثا جلالا حدث في البلد ... قرارات سيادية ستغيّر مجرى حياة دولتنا العليلة ... أحد الحاكمين عزل الباقين وجرّدهم من مناصبهم وسيقوم بحسابهم ... هكذا فهمت من كلماته الكثيرة ... لم تمضي دقائق حتى إقتحمت دبابة الجيش والعربات المصفحة الشوارع وتمركزت في كل مفترق طرق ... وجودهم بعث في نفسي بعض الخوف ... ثم تذكّرت أمي ...

كل تلك المشاعر المتضاربة تحوّلت لخشية عليها ... لا أحد يعلم ما سيحدث ... هي سيقتلها الخوف عليا لو سمعت طلقا ناريا واحد يدوي في الشارع ... ركضت بأقصى سرعتي نحو حينا ... وجدت باب البيت الحديدي مفتوحا كما تركته ...

الصالون مظلم إلا من ضوء شاشة التلفزيون ينعكس على بقايا الزجاج المتناثر في كل مكان ... وصلني نحيب أمي التي رفعت صوت حشرجتها ككل الإناث إذا أرادت هزم ذكر أخطأ في حقها ... منعتني طريقة مغادرتي البيت من الإقتراب والإعتذار ... متظاهرا أن شيئا لم يحدث ...

  • سمعتي حصل إيه في البلد
  • (أشارت بيدها نحو شاشة التلفاز التي تعرض حركات الشارع وصدرها يهتز من أثر البكاء) ايوة عزلهم كلهم
  • (حاولت أن أضفي فسحة من الفكاهة تمكنني من فتح حديث معها) وإنتي بقى بتعيطي عشانهم .... ههه
  • (نصف إبتسامة سرقتها من شفتيها ) يتحرقو كلهم ... مش لما اشوف الإنقلاب إلي حاصل في بيتي
  • إنقلاب ؟؟؟ ده تصحيح مسار (إقتسبت ذلك المصطلح من كلمات احد المتدخلين في التلفزيون)
  • (بنصف إبتسامة تعكس أن فطتني أعجبتها) إنت شايف إنه المسار كان غلط
  • مش غلط بس بيمنع التطور والتنمية
  • طب فهمني ... نعمل حوار وطني مش تنفرد بالرأي والقرار والسلطة لوحدك
  • طالما حوار يبقى نجيب حاجة نشربها ونسهر عليها
سحبت بعض الأوراق النقدية من تلك الأوراق الملقاة على الأرض وخرجت لأقرب محل ... سددت ديننا القديم ودللت نفسي بكل ما طالته يدي ... مثلجات وعصير وشكولاطة وفواكه جافة ... عنب وبطيخ ... سأناقش أمي وعلى حسب ردّة فعلها سأقرر ما سأفعل ....

إما اللإعتراف بكل ما حصل وأدفن هذا الذنب وإما المواصلة وليكن ما يكون ... ثم عدّت للبيت ... وجدت أمي التي تمالكت نفسها بأن غسلت وجهها في الدور العلوي تغيّر ملابسها ... وضعت كل المقتنيات في طبقين كبيرين وصعدت للأعلى ... فتحت البلكونة وسحبت سجادة كانت مطوية بجانب بابها وفرشتها ... الإنارة الخفيفة في الشرفة سحبتها وقد صدمت لكمية الأشياء الموضوعة في الأطباق ... شعرت انها لا ترغب في الجلوس هنا

  • إنت قاعد هنا ليه ؟؟؟
  • إنت مش قلتي حوار ؟؟؟ يبقى لازم يكون على أرض محايدة
  • (بنصف ابتسامة مكتومة) وفارش سجادة على الأرض ليه
  • عشان تبقى أرضية تفاهم نبني عليها الحوار
  • (هنا لم تستطع أمي كتم ضحكها من دعابتي) طيب وإيه ده كله ؟؟؟
  • دي لمحة عن التغييرات الإقتصادية الي هيعملها تصحيح المسار
  • يا واد بطّل هزار هو من إمتى بقيت بتفهم في السياسة
  • يعني إنت لسة شايفاني مش بافهم ؟؟ مش مقتنعة إني كبرت دي حتى الحكومة أعطتني حق الإنتخاب
  • وهو حق الإنتخاب بيخليك تخبي كل الأسرار دي عن أمّك ؟؟
  • ماهو لو أمي كانت بتسمعني وبتفهمني ما كنتش خبيت عليها حاجة
  • ياااااااه ... هو إنت شايفني متسلّطة للدرجة دي
  • مش متسلّطة بس ما تصدقيش
  • يا سلام ... هو إنت قلتلي حاجة وما صدقتكش
سحبنا الحديث قليلا مع هدوء أمي التدريجي ... أحسست أني نجوت بفعلتي الأولى والثانية ... أمي التي شعرت أنها صارت تخشى حقا فكرة تكذيبي بررت مراقبتها لي بأن رحيم إتصل بها لأنه يحتاجني وأخبرها أني لم أمر عليه منذ 3 أسابيع ... وبما أن وجودي عنده هو المبرر الوحيد لغيابي فقد بدأ الشك يخامرها حتى قامت بتتبعي لتكتشف وجودي في المقهى مع خولة ... ثم بدأت تسألني بروية عنها وكيف تعرفت بها ... شخصيا أعجبتني فكرة إحتراف الكذب وكيفية مزجه ببعض الحقائق لتحقيق مكسب من وراء ذلك ...

رحت أسرد ثانية كلامي وكلام خولة وبتفاصيل دقيقة محاولا إلقاء المسؤولية على عاتقها ... كيف أن كثرة الحديث عن موضوع إعجابي المزعوم بتلك السيدة والذي أوصلني للمستشفى جعلني ابحث في عالم الانترنت عن تحليل سليم لمشاعري .. وبما أن عالم النت مليء بالحكايات فقد وجد لينك الجامعة المتخصصة في علم النفس و بالدخول اليها وجدت فيها ذلك العرض عن طلب متطوعين للدخول في تجربة فدخلت لهدفين أولهما أن أعالج إن كان هذا مرض وأن أكسب بعض المميزات العينية ... كبعض الملابس والهاتف وذلك المبلغ

أمي التي خنقتني عن طبيعة العلاقة والتجربة لم تقتنع بكلماتي المقتضبة ... فحقيقة لم أجد ما أقول أن الموقع لم يحددها بعد ... أو ربما ستتحدد كلما تقدمنا في التجربة أكثر ...

وأمام حصار أمي إخترعت تفاصيل كثيرة مصدرها الحقيقة عن الحساب البريدي وأكدت لها مرارا أن تلك المؤسسة تحافظ على سرية شخصية المتطوعين حتى القائمون عليها لا يعرفونهم شخصياتهم الحقيقية ... فقط يجب أن تملأ قاعدة بيانات عنك ثم تدخل في إختبار لمدة أسبوع ينتهي بالحصول على وصل مقتطعات شراء انفقتها في الهاتف والملابس وكيف أني كنت ألجأ لحلاق قريب من البيت لتغيير ملابسي خوفا من أن تكشفني ... ثم ما إن يختارك شريك لخوض التجربة حتى تتحصل على مبلغ 500 دينار وعند نهاية التجربة تحصل على مثلها ....

كلام موزون ومنمّق ... هكذا بررت لامي تواجدي مع خولة دون وجع دماغ يتلو تلك الحادثة أو على اقل تقدير بأخف قدر منه ... وتخلصنا من دين دكان البقالة و وضعت في يدها مبلغا يساعدها ... والاهم سوف أتمكن من الخروج من البيت بملابسي الجديدة .... الإيقاع المتزن لحركة أظافر أمي وهي تفتح حبات الفستق يوحي أنها تركز وتحلل كل كلمة اقولها ... شعرت أن هذا السيناريو المحوّر من قصة نجاة خولة بنفسها ينقصه بعض المؤيدات ...

سحبت هاتفي الجديد و فتحت صندوق الرسائل ... بثقة تامة أن أول رسالة تصلني من خولة كانت الأمس لتحديد الموعد ... أمسكت أمي الهاتف بتملي قرأت الرسالة عدة مرات ثم قلّبت الهاتف بين يديها مفكّرة قليلا ... ثم أرجعت في يدي و بأمر صارم قالت

" وريني الموقع ده "

حشرت حبة فستق في حلقي حتى قاربت أن أختنق بها ... أي ركن حشرت فيه نفسي وأي مأزق ... ياليتني إعترفت قبل هذا ... حركتي المترددة على شاشة الهاتف تعكس توتري ... مستجديا الحظ أن أجد شيئا فقط قريا ولو بنسبة العشر لما أقول رحت أحاول فتح المتصفّح فلا يجيب ... أمام تكرار محاولاتي ألقت أمي برأسها فوق كتفي تراقب حركاتي ... كفأر غريق تعلّقت بآخر محاولة للكذب ... الإنترنت إنقطع ...

أمي التي قامت تنفض بعض غبار السجادة عن مؤخرتها تمشّت حافية أمام نظري الأعمي من الصدمة بحثا عن هاتفها في الدور السفلي ... دقائق كدت اسجد فيها للحظ أن أنجاني من هذه الورطة ... لتعود بعدها متمطية كقطة أصابها النعاس ... بصوت يكسوه المكر قالت أن التلفزيون يذيع أن شبكة الاتصالات انقطعت بفعل عمل تخريبي و يعملون على إصلاحها ... ثم انسحبت لغرفتها ...

دقائق قليلة وانتفضت نحو غرفتي ... إذا كان الحظ يقف بجانبي بكل قواه كي لا يكشف كذبي فلن أخذله ... أمسكت جهاز اللابتوب ... شخص مثلي تدرّب على يد خبير مثل رحيم لن يعجز عن إبتكار موقع ينجيه من عار الحقيقة ... الأمر لم يكن هينا عليا لكنه لم يكن مستحيلا ... وضعت كل خبرتي القليلة ... ساعدتني عودة النت السريعة وشجعتني على المواصلة ... هي إشارة من القدر أن انقطع لينجيني وعاد لينجيني ... سرقت كل المقالات وقلّدت أعظم المواقع المختصة ليخرج شيء قريب للواقع ومقنع ...

تحضير هيكل الموقع وملأه بما يجب أن يوضع فيه من مقالات وتعريف ولينك إتصال وصور تعريفية وغيرها تطلّب مني طول الليل ... هو ككل المواقع المنتشرة ... قبل شروق الشمس شعرت بالعطش فرحت أبحث عن شيء يبل ريقي في الشرفة ... النور المتسلل من تحت باب غرفة أمي يوحي أنها لم تنم ليلتها ... أنا أكثر الناس علما بأمي هي تراجع كلامي وكلام خولة وإستنتجاتها بالحرف لتحشرني ثانية ... أنا أعرف

إستعدادا لهجمة مرتدة منها ألحقت الموقع بموقع فرعي ... تطبيق للاجابة عن الأسئلة والتحاور عبر رسائل الهاتف ... هو نفس التطبيق الذي بدأت حكايتي معه يوم دخول خولة لمحل رحيم ... منه إنطلقنا ومنه ننتهي ...

استجمعت ما تبقى في ذهني من قدرة على التركيز ... مربعات تعمّر من طرف المتطوعين ... أسئلة تعريفية عن العمر والحالة الإجتماعية ... الطلبات المرغوبة في الشريك ... نظرت لعملي بنظرة الفخر ... أمن الدولة لن يكتشفوا تزييفي ... آخر خطوة هي نشر الموقع على النت وكدت أن أصاب بشلل رباعي ... سيكتشف أي زائر للموقع عن تاريخ إنجازه ... وهكذا سقط كل عملي في الماء ...

قررت تركه في في مرحلة الإختبار قبل النشر لا احد يراه ... نسخت اللينك على الهاتف ودخلت منه ...الأمر يبدو منطقيا والموقع يبدو مثاليا لمؤسسة مرموقة تكرم المتطوعين للعمل معها .... إختبرت منظره العام وكل محتوياته بدقة قد لا تفعل مثلها أمي ...

الآن سأغلق كل الملفات القديمة ...سأحافظ على صورتي أمام أمي وسيمنحني ذلك راحة بال و نقطة تفوق على أمي التي تدخلت في حياتي فحرمتني فرصة خوض تجربة طالما تقت إليها ...

أغلقت كل شيء وأخفيت كل آثار جريمتي ونزلت للحمام لأتخلّص من مخلفات يوم التوتر ذلك ... قبل خروجي من الحمام سمعت صوت آمي يدندن أغنية شعبية في المطبخ ... تصنعها للبال الرائق ذاك ينبئ بمصيبة ستحدث ...أنا اعرف ذلك فركت عيني كأني صحوت من نوم ثقيل وخرجت ...

كأن حربا لم تدر بيننا أمس ... سألتني إن كنت أريد وجبة الإفطار ... أنا أريد وجبة نوم طويلة ... قبل أن تطأ قدمي درجة السلم الأولى لحقني صوتها يعلمني أن الاتصالات عادت لطبيعتها ... مصطنعا وجها من الاستغراب نظرت إليها كمن لا يفهم مغزى كلامها ..

بصوت واضح طلبت مني مدها بلينك الموقع ... بعد أن أعلمتني أن الموظفين في إجازة لمدة يومين حتى تهدأ الشوارع ... كدت أسجد لعقلي تقديسا له آن هداني لفكرة الإسراع في عملي ليلة أمس ... عدت نحوها بعد جلبي للهاتف بخطى ووجه الواثق ... فتحت اللينك أمامها وتركتها متعللا بالنوم ...

ثقتي في نفسي وجهدي طيلة الليل سحبني لسبات لم أعلم كم طال ... صحوت وقد ارتحلت الشمس ... وجدت هاتفي على منضدة الصالون ولم أجد أمي ... لم أخرج من حمامي بعد وسمعت صوت حركتها في المطبخ ... كنت منتشيا بنصري عليها ... لم تفتح معي موضوع الموقع ولا خولة ولا حتى إشارة لذلك ... قضينا الليل كله في الشرفة ... لمستها الأنثوية جعلت من الشرفة المهملة أجمل قعدة عربية ... السجدات المهملة مفروشة ومخدات ومساند لم ترى النور منذ عقد أو أكثر ... طاولة صغيرة تتوسطها ...

جلسة لم يجلسها هارون الرشيد في قصور بغداد قديما ... من شرفتنا كنا نراقب الحركة البطيئة في شوارع ألجمها حظر التجوال ... بعض الشبابيك المقابلة تشكل مسرح لظلال الساكنين خلفها ... تحدثنا عن الوضع وعما يمكن أن يحصل بعدها ... عن مستقبل هذا البلد لو حكمه الشرفاء ... بعض أحلام السذج سرقتنا ... شعرت ان أمي أعجبت بتفكيري

القليل من نسمات الصيف العليلة جعلتني أحتج على إهمالها لهذا الكنز طيلة سنين ...قالت بصوت مذبوح أن جلوسها هنا يذكرها بأيامها مع أبي ... قالت انه كان يعشق السهر هنا قبل أن تنبت بعض تلك العمارات التي تغطي الأفق ... لأول مرة في حياتي كنت اسمع ذكريات آمي وأبي بشعور مختلف ... هو بعض الإمتنان له لما أورثني إياه ... فكرته المجنونة لترويض الحظ وأمي ...

إن كنت قد تبعت خطاه في لعبته ونجحت فلا بد أن أكمل ما عجز عنه في إسعاد أمي ... هي رسالة وصلتني من العالمين ... عالم هو فيه يرشدني كيف أكسب مالا لا أهتم لشرعيته ورسالة من أمي التي استحسنت كسري لصورتهما ... رغم غضبي من تعليقها لكن قولها بان صورتي هي التي يجب أن تزيّن أركان البيت بعد الآن ... ربما يجب عليا فعلا أن أملأ الفراغ الذي تركه في حياتها ...

تمطت أمي التي كانت كعادتها تلبس قميصا قطنيا لا يصل نصف فخذيها .. خطوتان وألقت بصدرها على سور الشرفة تنظر للحديقة مسدلة نصفها العلوي للأسفل ... استرسلت في شريط ذكرياتها ... لأول مرة تقول ذلك ... قالت أن أبي كثيرا ما حضنها وهي تقف هنا ... شعرت أنها تدعوني لذلك ... تقدمت منها خطوتين محاولا حضنها ظننت أن ستستقيم لمجرد لمسي لخصرها براحة يدي ... لكنها واصلت أرجحتها المقلوبة ...

مؤخرتها الطرية كانت تتصادم مع ما بين فخذي جيئة وذهابا ... لعبها الطفولي أسعدني ... فأمسكت خصرها بقوة أكثر لأسمح لها بالتأرجح وشعرها متدلي للأسفل بكل ثقة ... كعادتي كل صيف عاري الصدر لا البس سوى البوكسر اللاصق على جلدي ... محاولا تعديل وضعي كي أرفع بطنها عن حائط السور واتركها تتأرجح بحرية ودون تنبيه مني ... ارتعبت لحركتي فدفعت نفسها للخلف لنقع كلانا ...

أنا على الأرض وهي فوقي وظهرها لي ورجلاها للأعلى ... قميصها إنزلق حتى وصل رقبتها ... ظهرها عاري فهي لا تلبس سوتيانة في البيت ... موقعي لم يسمح لي برؤية فخذيها بحكم أن جسمها يحجب عني المجال ... قبل أن انطق بكلمة واحدة إنفجرت ضاحكة وهي تحاول الوقوف ...

إحراجها جعلها تنتقم مني بدغدغتي تحت إبطي وصدري ولمنع حركتي جلست فوق بطني ... بضع حركات إهتزازية مني جعلها تفتح رجليها وتتراجع قليلا لشل كل مقاومة مني ... قماش كيلوتها الوردي يغمزني ويداها تجولان بعنف على صدري ومؤخرتها الطرية تضغط على قضيبي الذي لم يلبث أن أعلن عن وجوده للكون منطلقا للأعلى ... رغم انه يستحيل عليها أن لا تحس به لكن جلوسها هكذا طال وانهمكت في دغدغتي أكثر ... لما شعرت أنها انتقمت مني بما يكفي ... قامت من فوقي تمسح بقايا دموع اغتصبها الضحك من مقلتيها

  • حرمت بقى تهزّر معايا هزارك العبيط ده
  • لا حرمت ... وقعتين ثلاثة زي دي ويجيني كسر في الحوض
  • مش مهم الحوض يتكسر المهم الحنفية سليمة
وهربت من أمامي مهرولة نحو الأسفل تشد قميصها للأعلى ... تلك الجملة سمعناها يوما في فيلم هي استعارتها لاستكمال جو المزاح بيننا ... تركتني أنظّف بقايا السهرة ولجأت لغرفتها ... بما أني قضيت اليوم كله نائما ولم أجد مقابلات في مثل هذا التوقيت تسليني بجني بعض المرابيح منها ... فتحت الموقع الذي أنشاته أتأكد بفخر من قدرتي على الإختراع ...

سحبتني إشارة في الأعلى أن أحدا اتصل به ... كنت متأكدا أنها أمي ... تخيّلت أنها ستستفسر عن كلامي ... فتحت الإشارة لأصاب بصاعقة ... أمي سجّلت للمشاركة في البرنامج كمتطوّعة ... لم يسرح بي الخيال أنها ستكذبني لتلك الدرجة ... تسجّل لتتأكد من صدق كلامي ... فليكن ... هي منحتني فرصة أن أمدها ببعض الأموال وبعض المرح دون عناء ...

قرأت بيانتها هي صحيحة لا محالة

العمر 40 سنة

الحالة الإجتماعية ارملة

الطول 165

الوزن 68 كغ

رقم الهاتف

سبب التسجيل ... تجربة جديدة

العمر المطلوب في الشريك 18- 22

هنا اكتشفت خطئي فبمجرّد فتحي للإشعار التطبيق سيرسل لها رسالة يعلمها بتلقي طلب التسجيل ... وهذا من شانه كشفي لكن لا مفر لقد حصل ما حصل ... أرسلت رسالة أخرى كنت أعددتها مسبقا

" أقر أني بعد قراءة هذه الرسالة أني موافق على كل ما فيها ... المشارك يتعامل مع جهاز الكتروني يقيم الحالة وفق بيانات مبرمج لها لذلك يجب

الإلتزام بالإجابة عن الاسئلة و قول الحقيقة دون غيرها

الالتزام بتنفيذ كل الأوامر الصادرة عن البرنامج حسب ما تقتضيه متطلبات مرحلة المشاركة

الإلتزام بإعلام المؤسسة عن أي إخلال يقوم به الشريك

تطبيق التعليمات الجديدة كل ما اقتضت الضرورة ذلك

لا يمكن الانسحاب من التجربة قبل نهاية المرحلة المسجّل فيها كاملة وإذا حدث ذلك للمؤسسة حرية سحب المكافأة المرصودة

تلتزم إدارة البرنامج بالحفاظ على سرية شخصيات المشاركين والسعي لضمان ذلك

تحذير.. إن كل معلومة تساهم في بناء الشخصية لدينا وهو ما يرتبط بكل الأحداث والطلبات بعد ذلك .. ننصحكم بالصدق

إذا إحتجت للمساعدة نمكنك من الاتصال بمختص نفسي

إن كنت موافق على ما سبق ابعث رقم 1 وان رفضت ابعث رقم 2

ما هي إلا دقيقة ووصلني إشعار بوجود رسالة ... هي رقم واحد دون شك ... من باب التسلية وإن كنت سأدفع لامي بعض الأموال فليكن مقابل بعض المعلومات ... بعثت رسالة أخرى ورائها ...

  • السؤال الأساسي الأول ... قلتي ان سبب الإشتراك هو تجربة جديدة ... هل سبق لكي أن دخلت تجربة عاطفية من قبل ... للإجابة بنعم رقم 1 وبلا رقم 2 وإن كنت لا تريد الإجابة رقم 3
  • الإجابة 1
  • كم مرة
  • مرة واحدة
  • في اي سن حصلت تلك التجربة
  • سن ال 18 سنة
  • هل تطوّرت تلك التجربة العاطفية لملامسة جسدية من اي نوع
  • أكيد
  • هل حدث ذلك في إطار علاقة شرعية
  • أكيد
  • وقبل ذلك هل حصل
  • نعم
  • إلى اي مدى وصلت تلك الملامسات
  • بوس .. أحضان ...
  • السؤال الأساسي الثاني ... وضعيتك الإجتماعية أرملة ... هل لك أبناء ؟؟ للإجابة بنعم رقم 1 وبلا رقم 2 وإن كنت لا تريد الإجابة رقم 3
  • نعم
  • عددهم ؟؟
  • واحد
  • الجنس
  • ذكر
  • منذ متى وأنتي أرملة
  • 16 سنة
  • هل فكرت في الزواج ثانية
  • لا
  • هل وقعت في الحب بعد ذلك ؟؟
  • لا
  • السبب
  • وجود إبني في حياتي وحبي الشديد للمرحوم
  • السؤال الأساسي الثالث ... قلتي ان سنك 40 سنة هل شعرتي بتقدّم العمر للإجابة بنعم رقم 1 وبلا رقم 2 وإن كنت لا تريد الإجابة رقم 3
  • لا
  • ما السبب وراء شعورك
  • جسدي لا يزال نظرا و روحي تتوق للحياة
  • هل أنتي راضية عن جسدك وجمالك
  • نوعا ما
  • تفاصيل
  • ربما أحتاج لبعض المكياج لملابس الجديدة كي ارضى عن جمالي ( أعجبتني نبرة التحيّل التي وصلتني منها)
  • هل يؤثر منسوب رضاك عن جمالك وجسدك على قراراتك العاطفية
  • أكيد
  • السؤال الرئيسي الرابع ... لماذا حددتي سن الشريك بين 18 و 22 ... الإجابة الاولى حرّة
  • ربما لانها كانت أحلى فترة عشتها في حياتي في ذلك العمر
  • هل تريدين خوض تلك التجربة من جديد
  • نعم
  • على الصعيد العاطفي ام الجسدي
  • (طال تفكير أمي) الإثنين معا
  • هل تنجذبين للشباب في مثل هذا السن
  • (طال تفكيرها أكثر) نعم
  • (هنا إقتنعت أن أمي مصرة على خوض التجربة لكشف كذبي) هل يوجد في حياتك شخص في مثل هذا السن تنجذبين اليه
  • لا يمكنني الحكم بعد
  • السؤال الرئيسي رقم خمسة ... هل تريدين تقييم علاقتك مع ابنك للإجابة بنعم رقم 1 وبلا رقم 2 وإن كنت لا تريد الإجابة رقم 3
  • رقم 3
  • شكرا لقد تم تسجيل بياناتكم سيقع تحليلها والإجابة عليها في أسرع وقت ... شكرا على ثقتكم بنا ...
سمعت صوت أمي تفتح باب غرفتها لكن لم يصلني وقع خطواتها على السلّم ... أثارني الأمر ... أطفأت نور غرفتي فتحت بابي خلسة ورحت أراقبها من بعيد ... كانت تتمشى جيئة وذهابا في الشرفة حافية القدمين ... كل نصف دقيقة تتطلّع لهاتفها ... لم أشأ تعذيبها أكثر

أرسلت لها رسالة

" لقد تم تقييم مشاركتك ... حصلتي على 480 نقطة ... الرجاء مدنا برقم حساب بنكي أو بريدي لتحويل مكافأة التسجيل ورقم صندوق بريد لتلقي الهدايا "

لم تمضي نصف دقيقة ووصلني رقم حساب .. لكن لا أظن انه حسابها ... دخلت موقع البريد وقمت بتحويل مبلغ 480 دينار من حسابي لحسابها ... الشيء الوحيد الذي تطوّرت فيه تونس هو سرية الحسابات المالية ... بعد دقيقتين فقط كنت استمع لتنهيدتها تلهب جو الشرفة قبل سماع طنين هاتفها يعلمها بوصول رسالة ... طال إنتظاري لها أن تدخل غرفتها عبثا ...

فتحت الباب لألمح طيفها متأرجحة على سور الشرفة كما فعلت قبل قليل ... السعادة تشع من جلد فخذيها قبل وجهها الذي لم ألمحه ... لم تمضي دقيقتان وألحقتها برسالة أخرى ...

هل ترغبين في دخول المرحلة الثانية من البرنامج أجب بنعم أو لا ... لم أتوقع سوى إجابة نعم ... لكن هذه المرحلة ستدخلني في حارة مسدودة قد تكشف كذبي ... ماذا إذا طلبت أمي مقابلة احد الشباب ؟؟؟ ... غلبني غروري وثقتي بأن أمي لا تريد فقط سوى إغلاق تلك الفكرة نهائيا ... فقط هي سترى صور الشباب المشاركين و تتأكد ... التحويل قد وصلها وهو تأكيد شبه كلي على صحة كلامنا أنا وخولة ... فقط هي تريد المزيد من الأدلة ...

دخلت على الانترنت في موقع مواعدة أوروبي إخترت بضع صور لشباب دون وجوه ... بلباس كامل عاري الصدر .. ببوكسر فقط ...بلباس بحر ... هذا يستعرض عضلات يديه والآخر فخذيه ... أنشأت موقع رديفا لموقعي ونزلت الصور وصور لي التقطها في الحين كلها ببوكسر غير الذي ألبسه ... كل شخص ركبّت له رقما معقدا ليبدو الأمر أن المشاركين كثر لا غير

فقط هي رسالة عن تحديد المنطقة السكنية المرغوب منها الشريك ... ثم أرسلت لها اللينك ... كنت أتوقع أن تنتهي مغامرة أمي هنا ... أنا موجود وسط بضع شباب من سني على موقع علمي وجدتني عليه خولة فتقابلنا .. هي غنمت بعض المال وأنا إكتفيت من الغنيمة بالسلامة ...

ما هي إلا دقيقة ووصلتني رسالة عليها رقم تسجيلي الوهمي ... توقف قلبي وعقلي لبرهة عن العمل ... إلى أين تريد تصل بشكوكها ... أمي تريد مواعدتي ؟؟؟ ... يجب على هذا الجنون أن ينتهي ...

أرسلت لها رسالة كنت متأكدا أنها ستنهي الموضوع من أصله .... طلبت منها بعض الصور ليراها الشريك ليحدد موقفه بالموافقة أو عدمها ... سمعت باب غرفة أمي يغلق بالمفتاح ... ابتسمت في سري ظنا أني هزمتها ... واستلقيت على سرير أطلب النوم ... لم تنطبق رموشي بعد صوت إشارة خفيف يرن من جهاز اللابتوب ...

خمس صور تصلني من الغرفة المجاورة ... اثنان وهي واقفة أمام مرآة خزانتها تلبس تنورة سوداء لا تصل نصف فخذيها وقميصا ابيض فتحت زرين أعلاه ليظهر مفرق صدرها ... وواحدة تجلس على حافة سريرها تضع رجلا على رجل ومجمل فخذيها عاريان ... وأخرى نائمة على السرير ومؤخرتها مرفوعة للأعلى ... أمي لقد جنّت حقيقة ... هذه صور لموقع مواعدة وردي ... إنها دعوة لل****** ...

كيف تجرأت على ذلك حتى وإن أخفت وجهها ... فكرت أن لا أرد عليها ولكني أردت معرفة مدى شكوكها بي هي حتما تريد إختباري ثانية إن كنت سأقول الحقيقة أم لا ... وإلا لما اختارتني دونا عن الموجودين ... للتأكد من ذلك بعثت رسالة أطلب منها إن كانت تريد نشر الصور علّ أحد المشاركين يدعوها لخوض تجربة أو أنها تريد إرسالها حصريا للشريك المطلوب ...

هي تؤكّد في الرسالة على خصوصيتها وأنها لا تريد لأحد أن يراها غير الشريك المطلوب ... هنا توضّح الأمر بالنسبة لي ... هي تريد فقط إختبار معاهدة الصدق بيننا ... وللخروج من هذا المأزق توجب عليا السهر ثانية لتسجيل نفسي على تطبيق الموقع ثم إستقبال رسائل منه ثم مصارحتها بالأمر ... أنهيت كل ذلك العناء المجاني بعد الفجر فوجدت أمي قد نامت ...

إستسلمت لنوم عميق غير مريح ... حلمت بخولة في محل التدليك ... وحلمت بأمي تجلس مكان إيمان وخالتي تعمل بالمقهى كنادلة ... عرق وحرارة ونوم مجنون وأحلام من الجحيم ... صحوت عند غروب الشمس مثقل الخطى مشلول التفكير ... رسالة من آمي للبرنامج فيها رقم صندوق بريد ... هي لا تضيع وقتها ... وجدتها قد سيّقت الشرفة وفرشتها ثانية ...

قبل أن أنادي عليها وضعت في يدي ورقة نقدية وطلبت مني شراء بعض مستلزمات السهرة .... عند عودتي وجدتها جالسة في الشرفة تداعب هاتفها ... وضعت الكيس بكل ما فيه أمامها وقررت إنهاء هذا الأمر الآن ...

  • ماما في وحدة ست ثانية عاوزة تقابلني
  • تقابلك فين ؟؟
  • البرنامج بعثلي بيعلمني إنه في وحدة عاوزة تقابلني ومستنين أوافق والا لا ؟؟
  • وقلتلهم ايه ؟؟؟
  • ما قلتش حاجة ... جيت أقلّك
  • طب هما بعثولك ايه ؟؟
  • بعثلولي رسالة بيعلموني انه حسابي تلقى طلب بالمقابلة وبعثولي صورها
  • وريني كده ؟؟؟
  • (راحت تتملى في الصور بهدوء وثقة ) تصدق دي أحلى من الاولنية
  • أكيد هو في حد أحلى من ماما ؟؟؟ ... إنتي إزاي عملتي كده
  • هو مش برنامج مفتوح للعموم عشان يتطوعو ... دخلت سجلت واتطوعت وبعثولي فلوس كمان ...
  • طب معلش إزاي إخترتيني أنا دونا عن الكل
  • تصدّق إن الست بتاعة الكافيه معاها حق إنت أحلى واحد فيهم
  • بس إنتي أمي
  • هو مش جحا اولى بلحم ثوره ؟؟؟؟

الجزء السادس

غير مستوعب كلمات أمي ... حاولت التفرّس في وجهها مستنكرا قولها علّها تتراجع او تفسّر ... لكنها صمتت ... كعادة كل مذنب قتلني الشك القريب لليقين أنها كشفتني وتسايرني فقط لأعترف ... لم أجد مهربا إلا الإستمرار ... حقيقة لم أصل بعد لدرجة فهم ما تروم إليه ...

  • مش فاهم حجا ايه ولحم ايه ؟؟؟
  • (أمسكت أمي عنقود عنب وتوجهت نحو سور الشرفة ) إنت مستغرب ليه ؟؟؟
  • طبعا لأن الوضع مش طبيعي
  • فيه ايه مش طبيعي ؟؟؟
  • الموضوع كله (هنا أحسست اني لو تماديت لكشفت ثغرات في كذبتي قد تفضحني)
  • طيب هما مش طالبين متطوعين وشخصيتهم سريّة
  • تمام
  • ومش عاوزين يعملو دراسة عن علاقة المراهق بالاربعينية والعكس
  • صح
  • فين المشكلة لو أنا وإنت دخلنا التجربة دي مع بعض
  • بس إنتي أمي
  • وإيه الي يمنع ؟؟؟
  • (هنا أحسست أنه يمكنني إنهاء الموضوع) هما مش طالبين علاقة شاب بمدرّسة أو بمشرفة إجتماعية .. دي دراسة عن تأثير المشاعر بين الإثنين ...
  • وفين المشكلة
  • المشكلة إنه إحنا مش عارفين التجربة دي هتودي على فين
  • يعني هتودي على فين ؟؟؟ تجربة علمية وإحنا بنتابعها .. يعني مش ممكن أكون أنا إلي مريضة زي ما حضرتك بتقول ... ندخل التجربة سوى ... ولو ما عجبتناش ننسحب بس نكون كسبنا حاجة من وراها
  • كسبنا ؟؟؟
  • هما مش بيقولو إنه فيه هدايا وفلوس وكده
  • أيوة
  • طب ليه الفوايد دي نصها يروح للغريب ... مش إحنا أولى
  • صح
  • فهمت يعني إيه حجا أولى بلحم ثوره
  • طيب ما ندخل أنا وإنتي كل واحد في تجربة لوحده
  • يا سلام ... مش شايف إنه أنا وإنت هنكون ضمانة لبعض ؟؟؟
عدّلت أمي جلستها بأن وضعت نصف مؤخرتها على سور الشرفة مستجدية أصابع قدمها الحافية أن تلمس الأرض حفاظا على توازنها ... وسرحت بخيالها تحدثني عن المخاطر الممكنة في وجود شخص غريب معي آو معها في تجربة تبدو مثيرة لكنها لا تخلو من مفاجآت ... استلقيت على مخدّة أبلل ريقي ببعض حبات العنب علي ابلع معها هذه الكمية المهولة من المؤيدات المنطقية ...

أمي لن تتخلى عن طبيعتها في محاصرتي ... حتى في تجربة خيالية أنتجها تسلسل كذبي تتبعني ... لم تتركني تلك الليلة حتى تأكدّت أني أرسلت قراري بالموافقة على قبولها كشريكة في التجربة ولم تهدأ حتى وصلتها رسالة من التطببيق عليها رقم هاتفي ... حرصا منها أن تلعب الدور كما ينبغي أرسلت رسالة تؤكد فيها الموعد معي ... يوحي أنها مقتنعة حد اليقين بالفكرة ... قالت من يدري ربما سيطلبون يوما دليل تأكيد على ذلك ...

ألقيت راسي تصارعني فكرتان .. الأولى تسعدني كوني نجوت من سيل المشاكل التي فتحتها على نفسي ... والثانية تخز قلبي أن عفريت الكذب الذي أطلقته قد تمرّد على قدرتي على السيطرة عليه ... إلتحقت بغرفتي محاولا التركيز لإعداد برنامج أسئلة الغد لكلينا ... الأمر أصبح صعبا بعض الشيء ...

إستعنت ببعض المواقع على الانترنت لتجارب مماثلة ... لم أجد الكثير لكن على الأقل فهمت مبدأ الخطوات الأولى ...

قديما قالوا أن من يمتلك الفيزياء يحكم العالم ... وأنا إكتشفت أن من يمتلك الرياضيات يروّض الحظ ... وتقريبا بدأت أجزم أن من يمتلك المنطق يخضع المشاعر... بنفس المبدأ الذي سارت عليه خطّة أبي ... هي فرضيات لإحتملات يمكن أن تفكّر بها أمي ... سواء بالقبول أو الرفض ... جواب يؤدي لسؤال ...

تسللت صباحا لمركز البريد ... وضعت في الصندوق الذي أرسلت أمي رقمه لي قصاصات شراء بقيمة 500 دينار هو مبلغ يمكن انو يوفر لها بعض الإحتياجات ... رسالة من البرنامج تعلمها بذلك وبعض تفاصيل حجوزات في مركز تجميل وحلاقة ...

حسب اتفاقنا فإن الموعد سيكون بعد الظهر في أحد الكافيهات الراقية ... ولمزيد الحرص منها أصرّت أن يذهب كل منا لوحده ... قالت ربما نكون مراقبين أو تحت الدراسة ... هنا أيقنت أن أمي غرقت حد منخريها في هذه اللعبة ...

تجوّلت كثيرا في المدينة أضحك من نفسي وأين أوصلني كذبي ... خارج في موعد تعارف مع أمي ... ما هذا الهراء ... حاولت مواساة نفسي بكون الصدفة منحتني فرصة توفير بعض المتطلبات لها دون شكوك ... هي حتما ستشتري ملابس وعطور ... هذا سيجعل القسمة عادلة بيننا ...

قبل الموعد المتفق عليه بقليل .. دخلت الكافيه وإخترت مكانا منزويا بعض الشيء ... خشيت من أن يراني أحدهم وأنا لا أحد يعرفني أصلا ... هو خجل يسكن روحي فإنعكس على إختياري ... بضع دقائق وأطلّت أمي ... في أول وهلة لم أعرفها ... قصّت شعرها ... نصف خصلة سوداء قانية مسدلة على عينها اليسرى التي تغطيها نظرات شمسية نسائية شفافة ... بنطلون جينز أزرق يعاني لحشر استدارة فخذيها فيه ... وقميص ازرق مجعّد بلا أكمام يتباهى تحته زنداها اللامعان ... فتحت سلسلته الأمامية لتهدي للناظرين خط الحب الفاصل بين نهديها المرفوعين للأعلى ...

كممثلة بارعة وقفت تبحث عن شريكها المرتقب وكأنها لا تعرف شكله ... إمتزج عندي شعور بالضحك والصدمة والسرور ... أمي مسحت 10 سنين أو أكثر في اقل من نصف يوم ... إبتسامة أشرق معها وجهها وهي تتجه نحوي ... نصف غمزة أيقضتني أن أقف مرحبا بها ... مصافحة خفيفة و ملامح وجهينا ترسم ملامح الإكتشاف المزيف .. أنا حقيقة كنت أكتشف شخصا جديدا ... زاد سروري أني بعثت فيها الروح من جديد ...

جلست تقابلني وهي تتملى في وجهي خشية أن يكون أحد من البرنامج يراقبنا ... المكان المنزوي زاد في حميمية الجو ... أمي التي أكبرت إختياري ذهلت لما إقترب منا النادل واضعا بعض الورود وشمعة تفوح منها رائحة عطرة ...

  • أيوة كده ... لو حد شافنا من البرنامج هيتأكد إننا عشاق
  • (صدمتني كلمة عشاق التي لم تطرح أصلا في فكرة البرنامج) لو حد شافنا من البرنامج يلغو تواجدنا معاهم على طول
  • يا سلام ليه بقى (إعتلت وجهها مسحة حزن مستنكرة أن التغييرات لم تعجبني)
  • البرنامج بيقول شاب 18 سنة وسيدة أربعينينة لو شافوكي هيقولو دو إثنين مراهقين
  • (مجاملتي سرقت إبتسامة زادت في روعة الجلسة) يا سلام ما فيه مراهقين في الاربعين
  • بس مش في حلاوتك
  • (بصوت منخفض) أيوة كده خليك على النمط ده ليكون حد سامعنا ومن هنا ورياح تناديني باسمي بلاش كلمة ماما دي
حقيقة أن أنطق اسمها مجردا ومع التغيير الذي حصل في شكلها وتصرفاتها جعلني أراها شخصا مختلفا ... كعادة أمي التي دائما ما تقود الموقف ... راحت تدير الحوار بيننا قالت أنها أكثر خبرة مني ... كنت أسايرها وعقلي يطير يمينا وشمالا ... قارنت بينها وبين خولة ... أمي أجمل منها بكثير ... خولة التي لم تمانع في الدخول في علاقة مع شاب صغير مقابل مبلغ مال وبعض الوعود وأمي التي أفنت عمرها لأجلي ... جمال الجسد وجمال الروح يجتمعان فيها ... ماذا لو فرضت الظروف على أمي وضعا مثل خولة هل ستفعل مثلها ... أسئلة مجنونة من فكر أصابه مس من الجحيم ...

كنت أرد بكلمات مقتضبة على حواري مع وفاء ... وعقلي يلف في المقارنات ... عدت لإنطباعي عن أمي وخالتي ... أمي أجمل بكثير غير أن هيأتها كانت تخفي حسنها ... بعض العناية أعاد التألق لزهرة طمرت تحت تراب الهم لسنين ...

النادل الذي أيقن بما لا يجعل مجالا للشك أننا عاشقان راح يمطر آذاننا بجمل المديح والتمنيات بالهناء ... كنا نكبت ضحكنا كلما أسمعنا كلماته ... قطع جلستنا مصوّر جوّال ... قالت أمي أن توهمت أن تلك المهنة إندثرت مع الزمن ... طلب منا الوقوف لصورة للذكرى ...

وضعية محرجة نوعا ما لكن مع تشجيع وفاء إستجبت لطلباته ... كانت تضع يدها اليسرى أعلى من رقبتي بقليل بين الأذن والشعر ... واليمنى تضعها على كتفي ... يمناي وضعتها حسب طلب المصوّر على خصرها الأيسر ... مع إصرار مصور الحب أن ترفع قميصها قليلا لتلامس أناملي نعومة جلدها ... كنت أنظر لوجهها مباشرة وهي تنظر نحو قدمي المصوّر ...

أحسست أني ملكت الدنيا لدقائق تمنيت أن تطول أبدا ... تركنا محرّك المشاعر هذا وهو يعدنا أن الصورة ستجهز خلال ربع ساعة ... تلك الفترة الزمنية الوجيزة لم تكفي لاسترجاع الوعي من كلينا ... كل واحد منا سرقته مشاعره ليطبق الصمت على جلستنا ...

ما إن عاد نحونا ممسكا تلك الورقة بين يديه ... حتى غيٍّرت أمي موضع جلستها ... سحبت كرسيها وجلست بجانبي ... رشقت عيناي في الصورة ... قدوم أمي بوجهها نحوي لم يمنحني فرصة التركيز في خلفيتها ... في الصورة إكتشفت أن بنطلون الجينز يصارع لإحتواء تدوّر مؤخرتها ... خياطة القماش السميكة تنغرس بين الهضبتين اللينتين ...

طال تركيزي في الصورة لدرجة جعلت أمي تنطق مستفسرة سبب صمتي ...

  • مالك ساكت ليه ؟؟؟
  • أبدا بأشوف الصورة
  • حلوة ؟؟؟
  • أكيد مش إنتي فيها ...
  • بس مالك مركز كده ليه ؟؟
  • أبدا باتملى في تفاصيل جديدة عمري ما شفتها
  • (بنبرة إستغراب) يعني كنت بتركّز في التفاصيل القديمة
  • (هنا تجمّد لساني .. حقيقة لم أركّز يوما في تفاصيل جسد أمي) هو إحنا مش عايشين في نفس البيت
  • (بصوت منخفض) مش قلتلك وطي صوتك ... ويعني ده يخليك تركّز في تفاصيلي ؟؟؟
  • أمال هأركز في إيه ؟؟؟
هنا استشعرت أن وفاء ستعود لحالتها العادية وستخرج من حالة التقمّص ... فهربت معتذرا نحو الحمام ... عند بابه إستقبلني المصوّر مستفسرا عن رضائنا عن عمله ... طلبت منه تكبير تلك الصورة ووضعها في إطار ... أكبر حجم يمكنه صنعه ونقدته أجرته مسبقا وعدت لأجد أمي عادت لموضعها الأوّل ... قالت أن اللقاء تجاوز التوقيت الطبيعي لجلسة تعارف أولى وعلينا الإنصراف ....

تقابلنا عند بداية شارع بيتنا وتمشينا نحو البيت ... قبل الباب بقليل إنفرط رباط حذائي فإنحنيت أربطه بينما سبقتني هي بخطوتين ... رفعت راسي لأجدها واقفة تصارع الباب الحديدي وهو يعاندها ... قبل أن أستقيم في موضعي ألتفتت نحوي تطلب المساعدة ... لم أفهم سبب فتح ثغرها بتلك الطريقة ...

دفعة قوية من كتفي للباب الذي انصاع غصبا عنه ليفتح مع إنفتاح عيني أمي دهشة ... دهشتها غطّت على دهشتي حين وصلني إشعار من جهاز اللابتوب ... أمي لم تغيّر ملابسها بعد وإنهمكت ترد على رسائل التطبيق

  • السؤال الرئيسي رقم 1 : هل قمتي بمقابلة الشريك ؟؟؟
  • نعم
  • تقييمك للمقابلة : ناجحة/ غير مرضية / لا يمكنك التحديد
  • ناجحة
  • ما المميز في المقابلة
  • الشريك
  • تفاصيل ؟؟؟
  • شاب ذكي وقوي ووسيم .. روحه خفيفة ... كلامه جذّاب ... (كنت اضحك من نفسي متذكرا المثل الشعبي " القرد في عين أمه "
  • هل ترغبين في مواصلة التجربة معه
  • نعم
  • هل أعلمته بذلك
  • نعم
  • هل تواعدتما على موعد آخر
  • لا
  • السبب
  • إنتظار تعليمات البرنامج
  • السؤال الرئيسي رقم 2 : هل أنت راضية عن مستوى أنوثتك بعد التغييرات
  • نعم
  • هل إنعكس ذلك على تصرفات الشريك
  • أكيد
  • هل بدر منه قول أو فعل يؤكّد ذلك
  • نعم
  • قول أو فعل ؟؟؟
  • قول
  • هل كنت تمانعين لو أردف القول بفعل نابع من تأثيرك عليه
  • نعم
  • السبب
  • لا أقبل ذلك في الموعد الأوّل
  • هل تقبلين ذلك في موعد لاحق
  • ربما
  • تفاصيل ؟؟؟
  • ربما في مكان آخر .. جو رومنسي ... عشاء ... رحلة ...
  • في حال توفّر ظرف منها هل تبادرين أم تتركين زمام المبادرة له
  • لا أعرف
  • السؤال الرئيسي رقم 3 هل توافقين في بداية المرحلة الأولى من التجربة
  • نعم
  • شكرا لقد تم تسجيل إجاباتكم سيقع تحليلها والإجابة عليها في أسرع وقت ... شكرا على ثقتكم بنا
هنا تيقنت أن وفاء فهمت أسلوب البرنامج بل وأصبحت تلاعبهم بطريقتهم ... هي تبتزهم للحصول على منفعة أكثر ... إشارتها أن نتيجة اللقاءات يمكن أن تتطوّر في ظروف أخرى وأماكن أخرى ... هي طلب غير مصرّح للبرنامج أن يوفّر لنا ذلك ...

تخلّصت من ملابسي وبقيت بالبوكسر وتسللت للشرفة أراقب غروب الشمس ... وفاء التي خرجت تتمطى حافية متفاخرة في قميص بيت خفيف يصل أسفل ركبتيها كشفت مكاني فلحقتني مستفسرة إن كنت أجبت عن أسئلة الموقع ... تقريعها لي على تهاوني في أمر مهم يؤكّد أنها أصبحت ترى تلك اللعبة كمصباح علاء الدين ... وقفت بجانبي تملي عليا إجابتي خوفا أن تتعارض إحداها مع خطتها ...

بعد تأكدها من سلامة إجاباتي نزلت للدور السفلي تجلب بعض مستلزمات الجلسة التي صارت معتادة بالنسبة لكلينا ... توقيت غيابها كان فرصة لإرسال رسالة لها ... أعلمتها أن المرحلة الموالية من البرنامج جاهزة ...

  • اليوم الأول لقاء وتجوّل في مدينة الملاهي
  • اليوم الثاني جولة في المراكز التجارية للتسوق
  • اليوم الثالث الذهاب لمدينة الألعاب المائية
  • اليوم الرابع حضور معرض للمستلزمات المنزلية
  • اليوم الخامس مغامرة في الهواء الطلق أو مسبح
  • اليوم السادس عشاء رومانسي
ملاحظة : إن كانت هناك موانع تتعارض مع أي نشاط يمكنك إعلامنا قبل الموافقة لتغييرها أو إلغائها أو السعي لحلها

كنت اسمع وقع خطى أمي مسرعة تصعد السلم نحوي لتبشيري بما أعلم ... وقفت بجانبي تستعرض فكرة الأسبوع القادم ... كنت امتلأ فخرا وهي تشيد بحرفية هذه المؤسسة ... قالت أن المراوحة بين ما يحبه الشباب وما تتمتع به سيدة في سنها دليل على أنه برنامج علمي مدروس ... كان صدري يهتز ضحكا من سعادتي كوني خدعتها ...

ما إن أرسلت رسالتها بالموافقة مع بعض الإحترازات كون هذه الجولات مكلفة وأنها لا تمتلك ثوب سباحة وغيرها من الأعذار التي توحي بطلب للمال كما توقعت حتى وصلتها رسالة تؤكّد أن الموضوع سيدرس و سيجاب عنه ...

وجودي بجانبها والرسائل تصلها تلقائيا أكّد براءتي من أي تدخّل في الموضوع ولكي يصبح الأمر رسميا وصلتني رسالة تطالب تأكيد الموافقة على البرنامج والموافقة على أن تتولى هي إدارة المرحلة بكل متطلباتها المادية وإختيار الأماكن وغيرها ... فوافقت ... هكذا القي الأمر على عاتقها ...

بمجرّد انسحابها لغرفتها قمت بتحويل مبلغ ألف دينار لحسابها ... قبل أن أرجع هاتفي لمكانه ... فتح باب الغرفة فجأة لتدخل أمي مسرعة مستبشرة بخبر وصول ذلك المبلغ لحسابها ... كنت لا اسمع شيئا من كلامها ... فقط عيني تسمّرت في جسمها ... كانت ترتدي ملابسها الداخلية فقط ... الاندر وسوتيانة ...

ربما انفعالها جعلها لا تنتبه لذلك ... ارتمت في حضني تعانقني ... حركتها المفاجأة أوقعتني على السرير وهي فوقي ... ملمس جلدها الناعم يؤكّد أن زيارتها لمركز التجميل قامت بواجبها ... هي نفس النعومة التي لاحظتها عند ملامستي لبطنها وقت الصورة ...

دوت ضحكة منها مستهزئة بي ... حيث أنها كثير ما تسببت في وقوعي ... استفزازها لي جعلن انتفض من تحتها .. لأضع يدي تحت خصرها والأخرى تحت رقبتها وأن أرفعها للأعلى وأجري بها لغرفتها ... من مفاجئتي لها تعلّقت في رقبتي خشية أن تسقط ... ألقيتها فوق سريرها الواسع وهي تصرخ بدلال ورعب معا ...

أغلقت الباب خلفي مدعيا الغضب ... وهربت لغرفتي محاولا طرد تلك الصور من عقلي ... أمي انقلب حالها بهذه اللعبة السخيفة ... من ناحية فعلاقتنا بدأت تبنى على نحو يجعلني سعيدا بالتقارب معها ومن ناحية لو تواصل هذا القرب فسأختنق ... الصيف ذهب نصفه قريبا سأسجن خلف أسوار الأكادمية ... لم أتمتع بعد بسهرة ... لن أجد الفرصة لأي شيء يرضي عطشي الروحي بوجودها ...

تصرفاتها معي أصبحت أكثر ودا ... لم تعد تحافظ على حذرها في الكلام أو اللبس أو الجلوس بجانبي ... وضعها المادي تحسّن بسرعة هي لم تتخيلها ... سعادتها بملابسها وبتلك المبالغ التي دفعتها لها جعل عاطفتي تتغلب على أنانيتي ... فليكن هو أسبوع أتمتع فيه برؤية وفاء سعيدة ... ثم لا تلبث خالتي أن تعود وسأعمل خلال هذا الأسبوع على انتزاع بعض الحريات منها ... كالسهر أو ربما المبيت خارج البيت ...

هي ستعود لمرافقة خالتي مع تلك التغيرات فيها وأنا يجب أن أعمل لأتمتع بما بقي من الصيف .... إستسلمت للنوم ... كثرة أكلي للمكسرات والأطعمة الدسمة دفعا الدم في شرايين قضيبي ليلا ... أحلام وردية ملخبطة الملامح كقناة مشفّرة ... صحوت مبكرا على غير العادة ... ملطخا ويغسلني العرق ويخنقني العطش ...

نزلت للحمام أتخلّص من رجس ذاك الحلم ... انعدام الحركة أوحى لي أن المكان فاضي ... فتحت الباب ليسبقني صراخ أمي التي كانت تقف أمام المرآة بملابسها الداخلية تعدّل ماكياجها من علب جديدة رصفتها أمامها

  • مش تخبّط ؟؟؟ ... فزعتني ...
  • (متفاديا الإحراج الذي حصل وبذكريات ليلة أمس تقدمت نحو المغطس أفتح حنفيته) فزعت ليه
  • أنا مش لابسة هدومي
  • يا سلام و البارح كان اسمو ايه ده ؟؟
  • البارح حصل ايه ؟؟؟
  • ساعة ما دخلت عليا تتنططي مش كنتي لابسة كده
  • (ثواني من التفكير ثم إنفجرت ضحكا) تصدّق ما خذتش بالي غير دلوقتي
  • يعني أخرج ؟؟؟
  • لا خلّص بسرعة عشان ورانا يوم طويل
إنتظرت كثيرا أن تنهي ما تفعله كي أتخلص من البوكسر المبقع بين فخذي فلم تخرج ... رميت نفسي وسط الماء استتر به ثم نزعت قطعة القماش التي غطى الماء آثار الفضيحة فيها ... كنت أغطي راسي ووجهي بالشامبو والصابون حين سمعت الباب يقفل ... حين فتحت عيني رأيت قضيبي يعاند الماء خارجا منه ... هل يمكن أن تكون أمي رأتني عاريا ؟؟؟

توجهنا لمدينة الألعاب منذ الساعات الأولى للصباح ... المكان لا يزال خاليا نوعا ما ... الدخول لمدينة الملاهي يحيي في الصدر عبث الصغر ... هذا للناس العاديين فما بالك لمن سجنت براءة نعومة أظفاره بين قضبان الفقر ... هي الزيارة الأولى بالنسبة لي ...

وجه وفاء المشرق سعادة يعكس رغبتها في الإنطلاق ... أفطرنا في مطعم هناك ثم بدأنا نجول بين أحياء تلك اللعب والألعاب ... صدق من سماها مدينة ... شاسعة جدا تتوه بين ثناياها ... كصغيرين لعبنا كل الألعاب ... عقارب وقت المرح تطير ولا تزحف ... رويدا وريدا بدأ الناس يرتادون المكان ... مع شعورنا بالإنهاك من اللعب ... طلبنا بعض الراحة ... في أقصى نقطة من المكان علامة كبيرة تشير إلي " قطار الرعب " ... بعد جدال لم يطل قررنا خوض التجربة ...

الشمس قاربت على المغيب ... كغيرنا من الراغبين وقفنا في الصف المؤدي لمدخل اللعبة ... الصف كله مكون من الأزواج ... ولد وبنت ... رجل وسيدة ... رجل وشابة ... وأنا وأمي ... العربة تحمل أربعة أشخاص ... قابلنا رجل في بداية الأربعينات وشابة في بداية العشرينات ... جلسنا في موضعنا وثبتنا موظف بأحزمة لا يمكن فكّها ... وبدأت العربة تتحرّك ...

على سكة حديدية بدأت رحلتنا ... بعض خيوط العنكبوت و صور لبعض الوحوش ... المشهد يبدو عبيطا نوعا ما ... بدأ القطار يسير ويدخل بنا في نفق مظلم ... متحفزا لأي مفاجأة يمكن أن تسبب لي رعبا تستغله أمي في السخرية مني ... رحت أجيل نظري ... مرة يصدمنا قاتل بسيف ومرة ندخل في شبابيك عنكبوت ما إن تمسح وجهك منه حتى ترعبك صورة ثلاثية الأبعاد لثعبان واقع في حجرك ...

ما بين النفق والنفق يدخل بعض بصيص نور يسقط على موضع جلوس المقابلين لنا ... الرجل و الفتاة ... من خلتهما أب وإبنته يحتضنان بعضهما وشفاههما متلاصقان ... قبل عنيفة وحارة تعكس شوقا وحبا جارفا ... شعرت بالحرج فأردت التركيز في اللعبة خوفا أن يكشفا تطفلي ... نصف نظرة لوجه أمي الذي عكست حمرة وجنتيها أنها رأت ما رأيت ....

لا أعلم هل شعرت بي أم أنه خوفها من مفاجآت اللعبة جعلها تتأبط ذراعي بقوة بكلتا يديها ... لمزيد طمأنتها ضغطت بقبضتي ليتضخّم حجم عضلة زندي بين أصابعها .. وصلني أثر ابتسامتها من نصف الحفرة التي رسمت على وجنتها ...

عند توقّف القطار في آخر المسيرة التي لم أرى نصفها تقدّم منا موظّف آخر يفك أحزمتنا ... بدأ بمرافقينا العاشقين ... عند وقوفهما نزلت البنت مباشرة من أمامي بينما تأخّر الرجل لثواني يعدّل هندامه ... إنتفاخ بارز للعيان بين فخذيه على بعد نصف شبر من عيني أمي التي تجلس أمامه ... من خجلها أشاحت بوجهها نحوي لتلتقي عينانا وننفجر ضحكا ما أصاب الرجل العاشق بإرتباك دفعه للهرب ...

الرجل وسط ارتباكه تعثّرت رجلاه في طرف العربة ليسقط أرضا تحت قدمي مرافقته ... كانت صدورنا تهتز كاتمة ضحكا قد يزيد الموقف إحراجا ... ما إن تخلّصنا من أحزمتنا حتى إنطلقنا للخارج وقد دوّ صوت قهقهتنا غصبا عنا ...

تمسكت أمي أكثر بزندي محاولة التماسك من أثر الضحك ممسكة بطنها ... فأعدت نفس حركة ضغط العضلة ... شعرت بإنكماش يديها على زندي كأنها تقيس محيط ذراعي ... للتظاهر ان الحركة كانت عادية فاتحتها بالحديث

  • كويس كده ... فقعناهم عين كنا هنجيب أجلو
  • يستاهل
  • ليه بقى
  • عشان بيعافر في حاجة مش هيقدر عليها
  • (وصت صمت طويل مستغربا ما سمعته) .. يعني إيه
  • ما تاخدش في بالك
ولقطع اي استفسار مني ضغطت بقوة على ذراعي فكررت نفس الحركة ... لتنطلق منها ضحكة لم افهم مغزاها ... قارب الليل على الإنتصاف ولم تنتهي جولتنا بعد ... لم افهم رفض أمي الشديد لركوب العجلة الدوارة الضخمة ... رغم إلحاحي عليها لكنها تمسكت بالرفض بل وبدأت تتحوّل حالتها للغضب فاستجبت لها ...

إنقرضت سيارات التاكسي من الشارع ... فقررنا المشي ... لن نمشي كل تلك المسافة لكن على أمل أن نبتعد عن الزحام فقط .. في الطريق ولكي تزيد المعانات إنكسر قدم حذاء أمي ...لتبدأ بالمشي متعرجة ... وسط سخريتي من بخلها كونها تختار ارخص الأشياء ... وكعقوبة لي وبحركة مفاجأة تسلّقت ظهري آمرة إياي أن أحملها حتى نجد وسيلة نقل ...

يداها تلتفان على صدري وقدماها على خصري و يداي تمسكان قصبتي رجلها أن تقع ... ولحسن حظي أن لا يفضحني تعبي أمام وزن أمي على ظهري ... صوت فرملة سيارة تقف بجانبنا ... فتح الزجاج لنلمح شابا في مثل سني يركب بجانب سيّدة لم أتبين ملامحها بعد حتى بادرنا بالسؤال إن كنا نحتاج مساعدة ...

كانا يظنان أنا تعرضنا لحادث أو ما شابه وسط ضحكنا جميعا أن الموضوع هو فقط تمزق حذاء أمي أصرا أن يقلانا إلى وجهتنا وسط إعتذارات لبقة من وفاء ... في الطريق أصرت وفاء أن اناديها باسمها خشية أن تكون تلك السيارة مراقبة من البرنامج ...

رفضا الاثنان دعوتنا للدخول لضيافة غير مبرمجة ... هي دعوة الكل يعرف أنها مجرّد كلام كرد الجميل ... ما إن إنطلقت السيارة حتى أرادت أمي التعلق بظهري ثانية وسط تذمري ... قالت أن عقوبتي على قلة أدبي هي أن أوصلها للبيت محمولة... وبحركة لم تتوقها لففت يدي تحت ركبتيها والأخرى تحت إبطها وأرفعها فجأة ... دفعت الباب برجلي فإستجاب غصبا عنه ودخلت البيت جريا لأرميها ككيس حنطة فوق الكنبة وأنا ألهث ...

لتخرج منها صرخة ألم " لا رومنسي عالآخر يا ولد "

سعيد بكل أحداث هذا اليوم ... وفرح بفرح أمي ومبتهج بالتقارب الذي نشأ بيننا ... ومنهك من أثر يوم طويل خلعت كل ملابسي وإرتميت على سريري ... لم يسعفني النوم أن أسترجع كل تلك الذكريات ... على صوت أمي تهز كتفي بنشاط شديد توقظني من سباتي ... كمن عاد من العالم الآخر ... عظم رقبتي يؤلمني فلم اقدر على رفع راسي ... مستنكرا توقيت بداية اليوم سحبت اللحاف وغطيت وجهي طلبا لدقائق إضافية من النوم ...

أمي التي زاد صراخها تسحب اللحاف ثم تصمت فجأة كم صعقه التيار الكهربائي ... إنهاكي ليلا منعني من تغيير البوكسر فنمت دونه ... أجزاء من الدقيقة عم فيها الصمت وأنا غير مدرك ما حدث ... ليلحقني صوت أمي من قرب الباب تأمرني أن أستعجل في تجهيز نفسي ... عند فتح نصف عين لمحتها تقف أمام الباب وتنظر نحو نصفي السفلي ثم إختفت ....

لم أشأ إحراجها أكثر خوفا على وضعية التقارب والسعادة الناشئة بيننا ... إلتحفت بشكيرا ونزلت أطلب حماما بارد أنفض فيه كسل عضلاتي ... التسوّق مع إمرأة هو الجحيم بالنسبة لأي رجل ... مزودين بمقتطعات الشراء ومبلغ من المال لجأنا من حر الشمس لمول المدينة ... ساعتها أيقنت أن عذاب مدينة الملاهي ارحم من المشي ككلب حراسة وراء وفاء ... دخلت كل المحلات وقلّبت كل المعروضات وناقشات كل البائعين والبائعات ولم تشتري شيئا ...

أمام إحتجاجي هربت لمحل لبيع ملابس الرياضة والسباحة ... إخترت شورت أزرق قصير لي وهممت بالخروج فتذكرت تلميح أمي يوم حوارها في التطبيق عن عدم إمتلاكها للبس سباحة .. وقفت طويلا أمام التماثيل المعروضة .. فجأة قفزت في ذهني تلك الصورة في البوم صور أبي ... لم أجد نفس النموذج لكني وجدت نفس الألوان ... حملت كيس مشترياتي الخفيف ورحت أطوف المحلات بحثا عنها ...

عدنا لبيتنا وقت المغيب ... أمام تذمري وشكواي من ألم قدمي ... إقترحت أمي عليا تدليكا خفيفا ... نمت على الكنبة على وجهي فضحكت مني ... سخريتها زادت وهي تخلع عن حذائي ... أمرتني بنزع الشورت والقميص بينما ذهبت نحو الحمام تجلب علبة زيت لم أشم رائحتها في بيتنا من قبل ...

ما إن لمست أناملها أسفل قدمي حتى إستذكرت كل تلك المشاعر الموؤودة في محل خولة ... أغمضت عيني وسرحت في خيالي ... أحيانا تخرج من حلقي تنهيدة ألم كل ما ضغطت امي على عضلة متوترة في قدمي ... أصابعها الغارقة في الزيت ولمساتها العشوائية على عضلات فخذي وذكرياتي السابقة بعثت في قضيبي روحا لم أعهدها فيه من قبل ... وضعية نومي هكذا غير مريحة ...

جف حلقي وهي تأمرني أن اعدل جلستي وأنام على ظهري ... لكن لم أجد مهربا ... إن رفضت كشفت وإن أطعت فضحت ... قررت التعامل كأن الوضع طبيعي ... كان أمي تشيح بوجهها نحو الطاولة تبحث عن علبة الزيت ... أخفيت وجهي بمخدة كنعامة في صحراء الخجل ...

نصف دقيقة لم أفهم فيما أنفقتها أمي ... بدأت بحركات سريعة على أصابع قدمي ثم قصبة رجل ... ثم طال تدليكها لركبتي ... وزاد ضغطها على عضلات فخذي ... وطال ضغطها بإبهاميها معا على العضلة الداخلية المعروفة بالرقيقة ... تلك العضلة التي تنبت من جانب الخصيتين وصولا لنصف الفخذ ... إبهامها كان يتسلل عنوة لتحت البوكسر فيلامس منبت كيس بيضاتي ... لا أعلم كيف تخيّلت يدها الغارقة زيتا تمسك قضيبي ... هي نفس ذكرياتي يوم حلبت خولة رغبتي ...

في جو من الصمت القاتل حرجا ... حرّكت رأسي فتزحزحت المخدّة قليلا عن عيني ... أمي كانت تفتح رجليها فوق ركبي منحنية مركزة في تدليكها وعيناها لا تفارقان قضيبي وعقلها ليس معها ... حركة من يدي لأعيد المخدة لمكانها أعادت أمي للواقع ...

إنسحبت نحو الحمام وهي تقول لي " كفاية عليك كده " ... طال مكوثها في الحمام فلجأت لغرفتي ... لم أفهم ما هو الشعور الذي تملكني ... مزيج من الخجل والغضب والندم... لكن لذة تلك اللمسات الممزوجة بذكريات مريرة لم تفارق صدري ... ونمت ...

كصبيحة يوم أمس ... إعصار من الصراخ والأوامر أن أستيقض ... دون مقدمات سحبت أمي اللحاف من فوقي ... كنت أرتدي البوكسر فلم يطل مكوث أمي في الغرفة ...

تناولنا إفطارنا قرب مدينة الألعاب المائية ... عند دخولنا أمي قالت أنها لن تشاركني اللعب ستكتفي بالمشاهدة ... أمام إستنكاري وتهديدي أن البرنامج يمكن أن يلغي إشتراكنا لو علموا ... تحججت أنها لا تملك لبس سباحة ... فغر فاها وهي تأخذ من العلبة التي سحبتها من حقيبتي ...

لبس الشورت وبقيت انتظر خروجها من غرفة ملابس السيدات ... مر وقت طويل قبل أن تقف أمامي وهي ترفع نصف حاجب ... المايوه كان عبارة عن مزيج بين القطعة والقطعتين ... شريط أزرق غامق يغطي ثديها الأيمن ليختفي فوق كتفها وأخر أزرق فاتح يغطي ثديها الأيسر ليلتصق بشريط آخر في جنب بطنها ثم يسير عكسيا ليمر ما بين فخذيها ويتقاطع معه شريط معاكس في اللون ...

شكله كأنه إنعكاس ظلال شباك مموج ... كتفها عاري نصف صدرها عاري من الوسط ونصف بطنها عاري ونصف اسفل بطنها عاري وفخذاها عاريان ... قبل أن تقترب مني لفّت لتريني ظهرها وهو الشيء الوحيد المستور ... مع تكور مؤخرتها كان ظل ما بين فردتيها يلاحظ من على بعد ميل ...

لم أجد لا كلاما ولا ردة فعل ولا تعليق ..أنا من إشتراه ... فأمسكتها من يديها كعاشقين تمشينا نحو المسبح ... الماء البارد خفف توتري والكل هنا لا يلبسون شيئا تقريبا فلم تكن نشازا ... أمي رفضت أن تشاركني في أي لعبة مرتفعة متعللة الخوف ...

سرعان ما أصابني الملل من اللعب لوحدي فهربنا من قيض الشمس .للمشرب ... كأسا عصير فراولة من الجم الكبير تسبح فيهما قطع الثلج كانا فرصة لبدأ الحديث ...

  • هو إنت إزاي تشتريلي مايوه زي ده
  • ده ما اسموش مايوه مونوكيني
  • يا سلام بقيت بتفهم في لبس الستات
كنت أبحث عن كلمات مناسبة في قاموس ألفاظي أجاري بهذا هذا الموضوع المحرج ... من بين الموجودين إمرأة تلوّح لنا بأصابعها من بعيد ... لم أتبيّن من تكون غير أن قصّة شعرها تبدو مألوفة ... نظرة إستغراب من أمي أردفتها برد التحية بأصابعها ... لم ننظر في وجه بعضنا بعد حتى تقدّمت منا تلك السيدة ...

بخطوات واثقة يهتز معها صدرها الضخم المحشور في قطعتي قماش سود كجزيرتي الإخوات في بحر جلدها الابيض ... تقدّمت منا وسط إستناكرها عدم معرفتنا إياها ... عرّفتنا بنفسها هي السيدة التي أقلّتنا بالسيارة ليلة أول أمس ... أمي التي غمرها الخجل والإرتباك أصرّت أن تدعوها للجلوس كإعتذار وتعويض وإمتنان لجميلها ...

مقلتي تصارعان جاذبية جسم تلك السيدة أن تخرجا من محجريها ... كل ما في جسدها ضخم دون سمنة ... شفاه مكتنزة ووجنتان مكتنزتان تحت عينين خضر ... حتى إستدارة رقبتها سميكة ... لم اسمع أي كلمة بينها وبين وفاء ... كنت تائها في هذا التناقض اللذيذ ...

جسد ملآن دون زيادة ... بطن مسطّحة زادت في بيان حجم صدرها الرهيب ... لم أهتدي بعد لإكتشاف فخذيها وقدميها حتى أخفتهما تحت الطاولة ... طال حديث التعارف بينها وبين آمي ... أمي التي لم تكن يوما إجتماعية تحوّلت في لحظات إلى متحدّثة لبقة ... لم أصحو من سكرتي بعد حتى سمعت صوتها تنادي بقوة " فؤاد ... فؤاد " ...

تقدّم نحونا ... رغم أنهما إصطحبانا في سيارتهم قبل ليلة لكني لم ألاحظ ذلك فيهما ... فؤاد هو إبنها في مثل سني ... لا اعلم إن كان مصطلح جميل ينطبق على الذكور لكن هذا الفتى جميل ... جميل لدرجة أن أمي مسحت كل تفاصيله بعينيها ... بعد مصافحتي بحرارة سلّم على أمي ... قبلاتان من الخد للخد تعتبر عادية في مجتمعنا ... لكن أحسست أن أمي شدّت إليه ...

شعر أصفر ناعم وعينان خضر بملامح عربية ... تلك المميزات العرقية منتشرة نوعا ما في شعبنا لكن صراحة ليس بكل ذاك القدر من الوسامة ... عضلات صدره وذراعيه بارزة رغم عدم تناسقها مع مكونات نصفه الأسفل ...

السيدة إسمها فائزة كانت مقيمة في الخليج وعادت لأرض الوطن ... فؤاد هو إبنها الوحيد من زيجة لم تطل ... ما فهمته من حديثهما أنه عاش في بيت جدته وأنهما هنا لتعويض ما فات ... شعرت بالغيظ من تركيز أمي مع كل تفصيلة تحكيها فائزة عن إبنها وفي المقابل هي لم تروي شيئا عني ...

مازاد حنقي أنها أكبرت إختيار فؤاد لكلية الإعلام والصحافة ... قالت أن مؤهلاته ستجعله نجما من نجوم الإعلام عندنا ... إنتهى كأس العصير ولم ينته مديح أمي لهذا الشاب الذي وقع أمامنا ... كنا نجلس بالخلاف ... أنا أجاور يمين أمي وفائزة على شمال وفؤاد بين أمي وأمه ... نظرة من تلك الفاتنة الشقراء نحو أطفأت كل نيران الغيرة من وجود هذا الشيء في طاولتنا ... سألتني عن دراستي ...

  • قلي بقى يا وائل إنت في انهي جامعة ؟؟؟
  • أنا واخذ البكالوريا (الثانوية العامة) بإمتياز السنة دي
  • (بنظرة تعجّب) ليه هو إنت كام سنة ؟؟
  • 18 سنة وشهرين
  • (رفعت حاجبا وأنزلت الآخر بتعجّب أكثر) . أصل أول ما شفتك إديتك أكثر من كده .. وناوي تخش أنهي جامعة
  • (بفخر أغيض به امي أكثر من فؤاد) أنا مشروع ضابط في القوات المسلّحة
  • (عقدت حاجبيها بإجلال ثم وضعت يدها على زندي) لايقة عليك بصراحة
إقترحت فائزة أن نشاركهم اللعب ... أمي التي إعتذرت بتعب أصاب قدميها قالت أنها ستنزل المسبح ... فؤاد الذي قال أنه سئم اللعب رافق أمي ... وقفت بجانب فائزة التي تراقب أمي تتمشى حذرة نحو الماء يتبعها إبنها ... كانت ترتدي لحافا قماشيا خفيفا يحيط بخصرها تغطي به أسفل ظهرها ...

ما إن سارت أمامي خطوتين حتى تاهت عيني في إهتزاز مؤخرتها الهائلة الإرتفاع ... متعجبا من كل ذلك الحجم وإرتفاعه ... ما إن تأكدت أننا إبتعدنا عنهما حتى فكّت رباط ذلك اللحاف لتغوص عيناي قبل رغبتي الملتهبة في اللحم الشبه عاري أمامي ... دائرتان مكتنزتان كل واحدة منهما ضعف راحتي كف يدي يفصل بينهما مفرق أجزم انه يتجاوز الثلاث أصابع ...

ربما شعرت بتأخري ورائها فأمسكت يدي وسحبتني نحو لعبة زحلقة ... همست في أذني أن لا أخبر فؤاد أنها ترتدي البيكيني هكذا ... أحسست بجرح في رجولتي أني سمحت لامي لتعرية فخذيها ومؤخرتها بينما هو يمنع عنها ذلك ... ثم سخرت من فكرتي ... هل ستستر تلك القطعة من القماش شيئا في جبل اللحم هذا ...

جاذبية فائزة لا تقاوم ... هي في مثل سن أمي لكن جسدها مكتمل النضج ... كحبة تين أخذت نصيبها من التغذية في غصنها وصبر عليها قاطفها حتى نزل عسلها منها ... في لعبة التزحلق تلك لا بد أن نتمسّك ببعض ... هنا تهت في ليونة زنها وخصرها ... نعم هي حبة غلال إكتمل نضجها ...

طال لعبنا وزحلقتنا في كل الألعاب ... أدهشتني قدرتها الجسدية على مقاومة التعب ... ضحكنا كثيرا ... قبل المغيب بقليل كنا نودع ألعابنا ... إنسحب أغلب المشاركين الكل يهرع للإستحمام والخروج ... صعدنا إلى أعلى لعبة ... هي لعبة زحلقة كغيرها لكن نستعمل فيها طوافة بلاستيكية منفوخة ... كانت فائزة تصعد أمامي تهز ردفيها مع كل درجة في السلّم ... مع كمية الأنوثة الطاغية تلك تجاوب قضيبي بنصف انتصاب لذيذ ... في اللعبة أجلستها في حجري حماية لها من الوقوع مستغلا خوفها من الإرتفاع ...

هنا صار قضيبي كوتد يثبّت هضبتي مؤخرتها ... لا أعلم أهي حقيقة خوفها أم تجاوبها معي هو ما دفعها أن تطلب مني أن أمسك قصبتي رجلها وأسحبها للخلف ... هذه الوضعية سمحت لقضيبي أن ينغرس أكثر في فتحتها الخلفية ... ثم إنطلقت بنا الطوافة نزولا وصعودا ... لنقع في بركة ما كبيرة ...

وصلت حافتها قبلها وصعدت مادا يدي لها لأساعدها في الصعود ... مع ثقل وزنها وهي تحاول التوازن على حافة البركة أحطها بذراعي من الوسط ... بحكم أنها أطول مني بقليل أصبح قضيبي الذي لم يفلح قماش الشورت أن يستره يحك ما بين فخذيها ... عانقت رقبتي بيديها وحضنتني ليغوص وجهي في صدرها ... وشفتاها تهمس في أذني

" الواضح إنه الواحدة ممكن تعتمد عليك "

... وسبقتني بخطوتين وهي تلف وسطها بقطة القماش ... لم يطل بحثنا كثيرا ... وفاء وفائزة دخلتا غرفة تغيير ملابس النساء ... وأنا وفؤاد سرعان ما تجهزنا ... كعادة النساء في التأخر في كل شيء تحدثنا أنا وهو قليلا ... دمه خفيف وكلامه منمّق رغم أني لم افهم أغلبه ...

أصرا أن يقلانا معهما ... فائزة و أمي في الكرسيين الأماميين وأنا وهو من الخلف ... طوال الطريق وأمي تلح عليهما أنا نستضيفهما في بيتنا المتواضع وهما يرفضان ... لكن انتهى الجدال بوعد منهما أن نتقابل ثانية مع تبادل لارقام الهواتف بين السيدتين ...

أمام بيتنا نزل الكل من السيارة ... مصافحة وداع بيني وبين فؤاد وقبل وداع على الخدود بين كلينا للأمين ...

في تلك الليلة كان كل شيء قد تغيّر ... أمي لجأت لغرفتها وأنا انبطحت على سريري ... مع الإنهاك وكل تلك الذكريات لم أركز في مراجعة الأحداث وردود الأفعال ... فجأة أغمي عليا ونمت ...

صحيت من النوم لوحدي ... نور الغرفة يوحي أن نصف اليوم قد ذهب ... بحثت عن أمي متعجبا أنها لم توقظني متحمسة كعادتها ... وجدتها في الصالون تراقب التلفاز ... أحداث كثيرة جدّت على مستوى الدولة ونحن الشعب لم نركّز ... نحن نلعب ونسهر ...

توجهنا نحو معرض الأدوات المنزلية ... عدم تركيزي ليلة أمس أنساني دفع ثمن مقتطعات شراء كما فعلت قبلها ... مع كل تلك الأجهزة الحديثة ... تلفزيونات وغسالات ومطابخ عصرية ... أمي قالت أن التواجد هنا دون مال هو نوع من التعذيب وليس يوم ترفيه ... لم يطل تجوالنا كثيرا ومع حالة أمي النفسية وحالتي الجسدية عدنا للمنزل مثقلين ببعض أكياس الغلال والمثلجات والعصائر ...

قبل المغيب بقليل كانت جلستنا على الشرفة جاهزة ... لم نجد موضوعا محددا للحديث فيه سوى هذا البرنامج الذي قارب ان ينتهي ... أخذنا الحديث شيئا فشيئا نحو يوم أمس ثم وصلنا لفائزة وفؤاد ... هنا أضاء اللون الأحمر في عقلي ... أمي لم تبدي أي ردة فعل على مرافقتي لفائزة ... مع كل تلك الأنوثة الفائقة وعلمها الأكيد بإنجذابي لمن هي في مثل سنها ... لم تكلّف نفسها حتى عناء السؤال عما فعلنا في مدينة الألعاب ...

بدأت اشك أن أمرا ما يحدث أو سيحدث ... قررت إستفزازها ...

  • بما إن الوقت لسة بدري إيه رأيك نكلّم فايزة وفؤاد نعزمهم على كافيه او حاجة كده
  • تفتكر ؟؟؟
هنا تيقنت أن الوضع ليس عاديا ... توقت إجابة مستنكرة أو على الأقل محتجة من نوعية وحشتك ؟؟ ليه ؟؟؟ ... أي نوع من الإستنكار ... هي فعلت ذلك لما سألتها عن خالتي قبل مدة ... لكنها استساغت الفكرة ولم تعلّق ... فقط قالت انه يمكن أن نسبب لهم إزعاجا ... قررت المواصلة في إثارة عقلها علي أخرج بنتيجة وأصررت على طلبي ... بعد تفكير بسيط منها لم أتبين سببه رفضت التسبب لقلق لأناس لم نعرفهم إلا من فترة قصيرة ... فقررت المواجهة المقنعة

  • تعرفي إنهم شخصيات مميزة ؟؟
  • إزاي بقى
  • مش عارف ... حسيت كده إنه علاقتهم فيها حاجة سبيشيال
  • مش فاهمة ؟؟
  • يعني بيتعرفو على الناس بسهولة ... بيخرجو مع بعض بيسهرو مع بعض ... تحس إنهم مقربين من بعض كثير
  • وإيه المميز في ده
  • (عقدت حاجبي ونظرت نحوها ساخرا) يعني أنا وإنتي عمرنا رحنا مكان مع بعض
  • (هنا تغيّرت نبرة أمي للجد) هو ظروفنا سمحتلنا بكده وما عملناش
  • يعني لولا البرنامج ده عمرنا ما كنا نكون قريبن من بعض كده
  • (هنا تألّمت امي قليلا) هو إنت حاسس إني بعيدة عنك
  • (دون مشاعر) انا ما حستش بيكي معايا إلا من كام يوم بس
طال صمت أمي ولمحت لمعان في عينها يعكس ان دمعة ستنسل ... ندمت على قولي ... فأردت تغيير الموضوع ...

  • ما قلتليش ايه رايك في المايوه إلي جبتهولك
  • (صدمة من تغيير الموقف فجأة بدت على عينيها) إسمه مونوكيني مش مايوه يا جاهل
  • (ضحكة خفيفة صدرت من كلينا) أي كان عجبك ؟؟
  • هو حلو بس مش لايق على سني
  • سن ايه ؟؟؟ ده إنت صغرتي يجي 16 سنة
  • يعني رجعتني لوقت أبوك ما كان عايش
  • ده طبيعي لانك بطلتي تعيشي من ساعتها
  • (تفكير عميق منها ثم استدركت) تعرف إن أبوك جابلي واحد شبهه زمان ؟؟
  • (متظاهرا أني لا أعرف) بجد ؟؟؟
قامت تسحب قميصها من خلف تستر به عري أسفل ظهرها دون قصد وتوجهت لغرفتها ... مشروخ الفكر والخاطر بين الشك والحنين ... متألما لأمي وما فعلته بها ... قررت أن أكمل مشوار اليومين المقررين للسعادة ... عادت وهي تحمل اللباس الجديد في اليمين والقديم في الشمال ... ووضعتهما بين يديا طلبا للمقارنة ... مصطنعا الدهشة لتشابه الألوان ...

  • هما شبه بعض في اللون بس بيختلفو في التصميم
  • ما دي نسخة قديمة ودي نسخة جديدة
  • بس الإثنين حلوين ... صح
  • يعني بجد مستغربة
  • من إيه
  • من تشابه الذوق بينك وبين أبوك
  • ماهو نسخة قديمة وأنا نسخة جديدة
  • (لم افهم ردة الفعل على وجهها) بس تعرف إنه المايوه الجديد مريح أكثر في اللبس
  • بس عشان هو نسخة جديدة ففيه مميزات أكثر
  • مميزات ؟؟
  • طبعا الجديد ديما بيكون متطوّر عن القديم ... مريح أكثر ...
طال صمت أمي التي سحبت لذكريات ربما كانت جميلة أو العكس ... مع إحساسي بالفضول يخنقني عما حدث يوم أمس ... قررت فتح موضوع فائزة وفؤاد ثانية ...

  • طيب بذمتك أنهي أحلى ؟؟؟ الازرق والا الإسود
  • (هنا تفتحت عينا أمي دهشة) قصدك ايه ؟؟
  • أنا وإنتي كنا لابسين الأزرق وهما كانو لابسين الإسود
  • (برهة من التفكير للتذكر) الأزرق ليه مميزاته والاسود ليه مميزاته
  • مش باتكلم عن المميزات باتكلّم عن الشكل
  • (هنا شعرت ان أمي تهرب من الإجابة) هو ممكن يكونو فؤاد وفايزة زيينا
  • زيينا في إيه يعني
  • يعني تبع البرنامج
  • أهااا ؟؟
  • مش ملاحظ إننا كل ما نروح مكان نلاقيهم ؟؟؟
  • ممكن صدفة
  • وممكن لا
  • بس دول وضعهم المادي مستريح
  • يعني هو لازم عشان الفلوس ؟؟ ماممكن في مشكلة بيعالجوها
  • مشكلة ؟؟؟ ممكن
  • هي قالتلك ايه عن ابنها ؟؟؟
  • ما اتكلمناش كثير ... قضيناها لعب وزحلقة ... بس قالتلي ما اقلوش انها شالت القماشة من على وسطها
  • (نظرة أمي تعكس أنها فهمت قصدي) هي شالتها
  • ايوة قالت انه ابنها ما يحبش بس هي بتستغفله من وراه (مع نظرة عين فاحصة لوجه أمي)
  • أهاااا
  • هو ما قالكيش حاجة عن علاقته بامه
  • أبدا إتكلمنا شوية عن سفرها وطفولته وجدته ... بعدين راح
  • وإنتي قعدتي لوحدك ؟؟؟
  • (صمتت أمي طويلا كأنها تخفي شيئا) ... ايوة قعدت في المية
إنتهت سهرتنا ... وشل تفكيري ... لم افهم سبب سرحان أمي ... أهو غضب انه تركها ؟؟ ... ترى هل هذا البرنامج اللعين وكذبة العلاقة بالأربعينية هذه أوصلتها للتفكير في شاب في مثل سن ابنها ... اللعنة عليا ما صنعت ؟؟ ... هل عدم تعليقها أو إحتجاجها واستفسارها عن وجودي مع فائزة سببه فكرة سكنت عقلها ... هل يعقل ؟؟؟ ... هي تتركني لفائزة لتنفرد بفؤاد ؟ ... قلبت الأمر على كل جوانبه ... من ناحية قنبلة الإثارة تلك سرقت تفكيري وكل خيالاتي ... ومن ناحية هذه أمي ...

بدأ قلبي يعصر دما مجرّد تخيلها مع ذلك الشاب ... لكن الأمر لم يتوضح بعد ... هل هو حقيقة ما وصل إليه عقلي ... كيف وصلت لهنا ... وإن كان هذا صحيحا هل ستنطفأ النار التي أوقدتها بيدي في روح أمي ... يمكن ان تستغفلني متى شاءت وتذهب لشاب غيره ... أحرقني التفكير ... قضيت الليلة متقلبا على سريري أشوى بنار التفكير ... يجب إنهاء هذا الأمر ... أمي قالت أنها تحب أبي وأن وجودي منعها في الوقوع في الحب ثانية ... الآن زرعت بذرة فكرة بدأت تنمو في صدرها ويجب إقتلاعها ...

مع شروق الشمس خرجت متمشيا عل تغيير المكان يغييّر حالتي ... قادتني قدمي لشارع كبير ... صوت رجل يناديني من بعيد ... إقترب مني ... هو ذلك المصوّر يعاتبني لعدم أخذ الصورة منه ... حمل ثقيل تأبطته لمسافة طويلة ... إطار خشبي مزين و بلور لامع ... مكان الصورة التي كسرتها سابقا ... صورة أمي ببنطلونها ومؤخرتها المهزوزة للأعلى بين أحضاني ...

عينانا تعكس اهتماما وحبا حقيقيين ... صدمت وفاء وهي ترى ذلك الإطار يزيّن الصالون ... وقفت أمامه طويلا وعينها تدمع ... قالت ان ذكريات كثيرة إستفاقت من سباتها ...

  • يعني ممكن نصنع ذكريات جديدة
  • صح
  • دي ذكرى حلوة وعملناها مع بعض
  • بس القديمة كانت مع ابوك
  • هو مش إنتي قلتي إني لازم آخذ محلّه
  • ... (لم تنطق وهي تنظر للصورة)
  • أنا النسخة الحديثة منه ؟؟؟
تلك الكلمة رنت في عقلها طويلا ... بذكريات حديث الأمس تركتها ترتب البيت ... قررنا الذهاب لحفلة في مهرجان قرطاج الليلة ... حفلة لحسين الديك بكل الحركية التي يصنعها ستنفض عنها أي فكرة مجنونة مع رسائل مضمونة الوصول مني أني موجود فلن يجد لا فؤاد ولا غيره منفذا لها ...

قضيت اليوم كله نائما ... عدم سماع حركة في البيت يوحي أن أمي هي الأخرى أخذت نصيبا من الراحة ... الثامنة ليلا بلباس رياضي خفيف لكلينا كنا في المسرح الروماني بقرطاج ... لا تستغرب فالرومان هدموا قرطاج ثم بنوها ثانية ...

المسرح يعج بالناس من كل مشرب ... نحن شعب يعشق الحياة ... الحفلات هي متنفّس للانطلاق وفعلا إنطلقت أمي ... مزيج عجيب بين الأنغام الشامية والرقص التونسي .... كنت أرى روحها ترقص مع الأنغام قبل حزامها ... نحن نرقص من الحزام لا تستغرب ... لكل شعب مميزاته ... المصري يرقص بوسطه والمغربي بأسفل الظهر ونحن بما بينهما ... هي جغرافيا الرقص من صنعت ذلك .. هه

حفلة صاخبة إستنزفت العرق قبل صرخات الإعجاب والرضا ... تصفيق طويل قبل إنسحاب المطرب وفرقته ... مصيبة تونس في من لا يمتلك سيارة ومن يمتلكها كذلك ... بعد يأسنا من الحصول على تاكسي توقف أحدهم وقال أنه ذاهب لسيدي بوسعيد ...

هي ضاحية سياحية للعاصمة أبعد من قرطاج عن منزلنا لكننا ركبنا هكذا دون وجهة ... فطائر تونسية محلات بالسكر معروفة عندنا بالبانبالوني كانت عشائنا ... وسهرة على أنغام عود في القهوة العالية وكأس شاي أخضر بنعناع أصيل كان أنيسنا ...

أول قطار نحو وسط العاصمة ينطلق الفجر ... أمي تتأبط ذراعي ونحن نتمشى من محطة تونس البحرية حتى منزلنا في المنزه الرابع مسافة ليست بالهينة لكنها كانت قصيرة وأنا أسند أمي التي نبت جناحا ساعدتها ... قالت لي ساخرة من نفسها

  • أول مرة تعمل مصيبة وتطلع نتيجتها حلوة
  • ماهو في حجات كثيرة بتتعمل غلط ونتيجتها تطلع أحسن من الصح
  • زي ايه
  • زي إني أهرب وأسيبك في الشارع لوحدك
وأفلت من بين يديها جريا وهي تطاردني ضاحكة لاهثة بين نخيل شارع محمد الخامس ... وصلنا بيتنا ... خلعت ملابسي ونمت نوم المهاجر ... نسمات باردة في اصيل ذلك اليوم دغدغتني وإلتحفت طلبا للنوم ... زوبعة من النشاط تقتحم غرفتي ... أمي مستنفرة لسهرة آخر يوم في البرنامج ... تسحب عني الغطاء وأنا عاري تماما ... نفس توقيت الصمت ثم يصلني صوتها من عند الباب طلبا للنهوض ... كالمرة السابقة فتحت عيني تجاهها ... عيناها تتفحصان نصفي الأسفل ثم تختفي ...

بنطلون قماش اسود وقميص بنصف أكمام وحذاء اسود لامع ... شعري مصفف وأنتظر أمي في الصالون ... وقع أقدام يوحي بكعب عالي ينزل حذرا في السلّم ... صافرة إعجاب بالقيافة والجمال ... فستان سهرة أسود مغلق من الصدر ينصف كتف عاري ... عقد من المرجان الأبيض يلمع في جيدها ... حزام أبيض يكسر سواد نصف شبر متدلي تحته لا يستر حتى نصف الفخذين ... حذاء بكعب عالي أسود اللون ...

ما إن وصلت قبالتي حتى ركعت على ركبة واحدة وسحبت يدها أقبّلها مقلدا حركات نجوم الأفلام ... قالت أن تلك الحركة كثيرا ما فعلها أبي ... قلت بلهجة الواثق

" مش قلتلك أنا النسخة الحديثة منه "

عشاء راقي في مطعم راقي في حي راقي غير بعيد عن منزلنا ... أنغام بيانو كلاسيكية تداعب صمت المكان ... اضواء خافتتة تنير موضع الطاولات ... الزبائن من علية القوم ... شعرنا بالحرج أنا وأمي من هيبة المكان أن نقوم بفعل يفضح غربتنا عن هؤلاء الناس ...

حاولنا مسايرة الأمر ... ساعة ونصف تقريبا ونحن نأكل ... في العادة الموضوع لا يتطلّب سوى عشر دقائق في البيت ... فهمت سبب الثمن الباهظ للأكل ... الخدمة والفخامة لها ثمن ... أمي رفضت أن تقدّم لها الخمر .. بما أن كل الزبائن من الأزواج وليس المتزوجين ... لم نكن كثيرين ... تقريبا 5 أزوج متفرقين على طاولات متباعدة .... كل طاولة لها خدم مخصصون هذا يغيّر كأس وتلك تحمل طبقا والأخرى تجلب مناديل مطوية ...

لاعب البيانو كان يثير الناس بان يتوجه نحو كل طاولة ويطلب من الجالسين إختيار أغنية من ورقة أمامه ثم يعزفها لهما وهما يرقصان على أنغامها ... إن كانت الأغاني رومنسية فالرقصة ستكون سلو بالتأكيد ... بعد ثلاث إختيارات وأمام إنعدام فرصة للرفض ... رحت أتابع كل حركات الراقصين ... هي الفضيحة لكلينا لو تعثرنا ووقعنا ... أمي التي شارفت على الغثيان فقط لما توجه نحونا لاعب البيانو

أغنية اسمها طويل جد كانت إختياري ... " أريد أن أمضي حياتي أحبّك " لتينا آرينا ومارك أنتوني " ... وسط تصفيق خفيف تشجيعا من الحاضرين وتحت أنظارهم أمسكت يد أمي ووضعتها على كتفي ... سمعت نبض الرعب في معصمها ... وضعت يدي حول خصرها وأمسكت كفها الآخر ...

ما أن بدأت الألحان تعزف حتى شعرت برجفة في صدر أمي ... لكني كنت أقود خطواتها بثبات استغربته من نفسي ... تركيز شديد مني أن لا أخطأ ... فقط أردت أن تنتهي هذه التجربة السعيدة نهاية تليق بها لا أكثر ... فقط هي خمس دقائق أحرقت فيها أنفاس أمي جلد رقبتي وهي تتبعني بخفة نحلة ...

كل راقصين سبقانا أنها حركاتهما بقبلة حب وسط تصفيق الحاضرين ... تمنيت أن لا تنتهي تلك الألحان ... لكنها إنتهت ... لم يصفّق أحد من الحاضرين رغم توقفنا عن الحركة ... فكّرت في تقبيل وفاء على خدها لكن ذلك لن يجدي ...

ركعت على ركبة واحدة وأمسكت يدها وقبّلتها بحنان شديد ... هنا تعال تصفيق الحاضرين والعاملين وراقص البيانو ... أمي التي شلّت حركاتها حتى قبل نهاية أنغام الأغنية سحبتني برفق أن اقف وحضنتني ... ثم أحنينا رأسينا تحية للجميع كما فعل من سبقونا وعدنا لمجلسنا ...

قبل أن أنظر في وجه أمي الذي اشتعل حمرة ... تقدّم منا طاقم العمل يحملون باقة ورد كتب عليها بالفرنسية كلمة " مبروك " أمام إبتسامة خجلة من أمي للجميع سألتها

  • مبروك على ايه ؟؟ هو إحنا كسبنا حاجة
  • (بصوت مبحوح ونصف شفة للأعلى ) إخرص يا حمار دول فاكرين إننا إتخطبنا
غرست راسي بين كتفي اللذان فضح إهتزازهما ضحكي ... ورحت أداعب بقايا قطعة لحم مشوي على الصحن ... إنصرفنا مع خروج الجميع ... لم نتأخّر كثيرا في العودة للبيت ... هو منتصف الليل أو يزيد قليلا ... كنت أضع باقة الورود تحت الصورة في الصالون حين سبقتني أمي للسلم محاذرة السقوط بكعبها العالي ... هي ثلاث درجات فقط وصارت رؤيتي لها أوضح ... فخذاها العاريان أمام عيني وقماش كيلوت ابيض يغمز نظري مع كل خطوة ...

تخلّصت من حذائي وقميصي وبنطلوني ... غرفتي المغلقة طول النهار ونصف الليل تحولت لأتون حارق ... هربت نحو الشرفة طالبا بعض الهواء وبعض التركيز ... باب غرفة أمي يفتح لتطل من لابسة قميصا قطني بحملات على الأكتاف و يصل لفوق الركبة بقليل ... لحقتني وقد بدا على وجهها بعض الحزن ...

  • مالك زعلانة ليه هي الليلة ما عجبتكش
  • لا أبدا دي كانت ليلة ولا في الأحلام
  • أمال ... كنت فاكر إني غلطت أو عملت حاجة زعّلتك
  • أبدأ ده أنا إتصدمت فيك
  • أهاااا
  • أيوة حسيت إنك كبرت وبتعرف تتعامل كويس مع الناس ومع بنت لو خرجت معاك في يوم
  • وده إلي زعّلك
  • (صمت طويل ) مش بالتحديد
  • أمال ... أصل الفكرة والمرحلة خلصت وهنرجع بقى لقرف كل يوم
  • هي العيشة دي عجبتك للدرجة دي
  • ليه هي ما عجبتكش
  • أنا كنت باسايرك عشان خاطرك
  • يعني إيه ما انبسطتش
  • لا إنبسطت عشان إنتي كنتي مبسوطة
طال الحديث عن تقييم التجربة قالت أمي بحزن حرق صدري لو أن الإمكانيات سمحت لنا بالعيش هكذا للأبد ... توجهت للأسفل لأجلب عصيرا يبل ريقنا ... أمي كانت تقف وعيناها للأفق ... ارتقيت سور الشرفة وجلست بجانبها ... فخذي تحك مرفقها ... كانت تمسك علبة العصير وتمص قشّتها ببطئ شديد ... صمتها دفعني أن انظر نحوها ... مفرق صدرها الأبيض يناديني نحو الأعماق فتهت فيه ...

لما انتبهت لي كان إنتصاب قضيبي قد بلغ منتصفه وهي لاحظت ذلك ... لأول مرة أسمع أمي تتذمر حقيقة من حياتنا ... لألف مرة فكّرت أن أكشف لها السر لكن لم يعد ينفع ... للتخفيف عنها رحت أمنيها بحياة أخرى عند تخرجي وعملي ... قالت أن ذلك سيعيق مواصلة حياتي ...وككل إبن بار رحت اعدها أنها الأولى من الكل ...

  • يعني أنا عندي أعز منك عشان أدلّعه
  • يا سلام بأمارة ايه ؟؟
  • بامارة إنك أمي
  • (غيرت من موضع وقوفها ووقفت أمامي تسحب طرف أذني برفق) هما اليومين الحلوين دول حصلو ليه ؟؟؟ ... مش عشان حضرتك معجبة بوحدة وكنت حتضيع بسببها ... يعني لما يبقى معاك القدرة مش هتعمل كده
  • حتى ولو حصل انتي ليكي نصيب فيا (بالم مصطنع)
  • يا سلام ... ساعتها ممكن مش هأشوفك أصلا
  • ده كلام هو أنا اقدر استغنى عنّك ( تملصت من يدها التي تمسك أذني وفتحت رجلي وسحبتها نحو صدري)
  • (بنبرة حزينة قتلتني) حتى لو ده حصل ... هيحصل بعد كام سنة ... هيكون عمري قد إيه وشكلي عامل إزاي ... هو العمر راح خلاص
  • هتكوني زي القمر زي عوايدك ... عمر ايه الي راح
رغم اني كنت متأكدا أن كلماتي كسراب يحسبه الظمآن ماءا لكني واصلت الحديث ... فاتحا رجلاي وأمي تقف بين فخذيا عيناها في صدري العاري ويداها أعلى ركبتي ... مع همساتي المطمأنة بدأت أناملها تداعب فخذي ... شعور بالدغدغة أشبه بالتنويم المغنطيسي لكلينا .. كلماتي تنومها فتزيد في لمساتها ... ولمساتها تنومني فينخفض همسي أكثر ...

بدأت أطراف أصابعها تزحف تحت طرف قماش البوكسر ... إنتصابي صار حقيقة لا يمكن نكرانها ... بيدي سحبتها نحو صدري ويداها تتسللان صعودا ... عيني في عينيها ... شفتاها ترجف ... كادت أن تلامس منبت قضيبي حين سمعت حمحمة أيقظتني من غفلتي وصوتا مبحوحا منها أنها يجب أن تنام ... كمن وقع من السحاب ... هوة عميقة سقطت فيها ... لم أتحرّك من مكاني ...

ما كذّبته سابقا الآن صار حقيقة ... قضيبي ينتصب لمجرّد لمسة أو نظرة لأمي ... هذا لم يكن يحدث قبل مدة ... لكن كيف ولماذا ؟؟؟ ... أهي تبعات ما يحصل أم هي ردة فعل طبيعية ؟؟؟ ....

في عملية جلد الذات هذه خرجت بقرار أن هذا الوضع يجب أن ينتهي ... دخلت غرفتي وأمسكت جهاز اللابتوب ... أطرق الحديد وهو ساخن رسالة لامي عن تقييم التجربة ... لم أكن ان أتوقع تجاوبها في ذلك الوقت لكنها تجاوبت … أسئلة بسيطة مبرمجة تلقائية عن الفعل وردة الفعل والتفاعل النفسي ...

هل اثّر وجودكما بالقرب من بعض في عملية الإنجذاب ... هل تغيرت نظرتك للحياة بعد التجربة ... تقييمك لفكرة علاقة بين فئتين عمريتين مختلفتين ... هي الأسئلة المتوقعة والمنطقية ...أسئلة إنتهت بإنتزاع إعتراف من أمي أنها دخلت التجربة ولم تكن تنجذب لمن في مثل سني وخرجت منها وهي تفعل .... أجابت عنها أمي بكل تلقائية ... أكرمتها بمنحها ألف نقطة تشجيعا على صدقها

ولإنهاء المرحلة كان يجب أولا الإجابة عن السؤال المؤجّل من الأول ... تقييم علاقتها بإبنها ... بداية طبيعية منطقية عن نظرتها لإبنها ... تكوين شخصيته علاقتكما ببعض ... أسئلة أشبه بالتعارف ... ثم تحولت لأسئلة اشد جراة

أسئلة من نوعية هل ترين انك أم نرجسية أم متسلّطة ... ها تتدخلين في قرارات إبنك ... هل تراقبين علاقات إبنك الإجتماعية والعاطفية ... من هو صديق إبنك المفظّل ... هل تتشاركين أنتي وإبنك بعض الأنشطة الإجتماعية ... أسئلة نمطية عادية لكن تحمل رسائل إحتجاج مني على تصرفاتها معي ...

الجزء الثاني من الأسئلة كان حول علاقات إبنك العاطفية ... هل ينجذب لمن في مثل سنه أم للأكبر ... هل تسمحين لإبنك بدخول تجربة مماثلة كما دخلتها أنتي مع الشريك ... كلما إزدادت الأسئلة إحراجا كلما راوغت أمي أمي في الإجابة وأحيانا كذبت ... عقابا لها لم أمنحها أي نقطة ...

الجزء الثالث من الأسئلة هي الأشد ثقلا على النفس ... لكن لإضفاء صبغة من المعقولية والمنطقية على كل ما سبق كان يجب عليا طرحها ثم أنهي الموضوع بمكافأة سخية لي ولها ونخرج من هذه الدوامة ...

  • السؤال الرئيسي رقم واحد ... هل أثّرت التجربة السابقة في علاقاتك مع إبنك ؟؟؟
  • نعم
  • كيف ذلك ؟؟
  • صرت أراه باكثر وضوح
  • تفسير
  • معرفتي بشريك التجربة جعلتني أحكم على تصرفات إبني دون أفكار مسبقة
  • مزيد من التفسير
  • القرب من شخص في مثل سنه والتأثر بتصرفاته خلق في نفسي نوعا من التسامح والتقبل لتصرفاته
  • خلال هذه التجربة هل قابلتم أشخاص آخرين في مثل وضعيتكم
  • ليس بالتحديد
  • تفسير
  • أولا قابلنا كهلا وفتاة عشرينية يجاهران بعلاقة غرامية وإمراة وإبنها يبدو أنهما يعالجان مشكلا ما
  • مع من تعاطفتي أكثر من خلال التجربة الزوج الأول أو الثاني
  • الثاني
  • لماذا
  • ربما عاطفة الأمومة هي السبب
  • هل ترغبين في مقابلتهما مرة اخرى
  • لا
  • السبب و بالتحديد من فظلك
  • لا إجابة
  • السؤال الرئيسي رقم 2 : من خلال التجربة الفارطة ... هل يمكنك التحديد إن كنتي تنجذبين جسديا للشباب الأصغر سنا
  • لا يمكنني التحديد
  • هل هناك إنجذاب عاطفي
  • قليلا
  • ما السبب ... هل هو تأثير الشريك أم هناك أسباب أخرى
  • ربما الشوق لمرحلة عمرية كانت مثيرة في حياتي
  • لو تصادف ووجدتي فرصة للدخول في علاقة مع شريك آخر في نفس الظروف هل تتركين العنان لنفسك
  • لا
  • السبب
  • ممكن التعود على الشريك الأول يشعرني بالراحة
  • تفسير
  • الأمان الراحة النفسية التفاهم الذي ولد بيننا مشاعر كثيرة مضطربة
  • هل تتحكمين في مشاعرك في وجوده
  • ليس في كل الاوقات
  • شكرا لقد وقع تسجيل مشاركتكم سيتم تقييمها والرد لاحقا
إلى هنا كنت متيقنا أني نجوت بكذبتي ويمكنني إنهاء الأمر ... لم تمضي ساعة إلا وقمت بالإجابة على أمي وتحويل مبلغ 3 آلاف دينار لحسابها ورسالة شكر على المشاركة والثقة في البرنامج ... مبلغ أكبر مما توقعته ... كنت أظنه مقنعا لها لنعود سيرتنا الأولى ... السؤال الكلاسيكي المعتاد هو هل ترغبين في مواصلة التجربة ... صدمت لما وصلتني إجابتها بنعم ... وللتملص من هذا المأزق أعلمتها أن المرحلة الثانية هي مرحلة مشاركة السكن والغرفة ... صدمتي تحوّلت لصاعقة بموافقتها ...

لم أفهم أهي تقمّصت الشخصية التي تدعيها أم تساير البرنامج تحت هدف تحيّل بسيط لمزيد المكاسب ... روحي محتجزة بين مطرقة الوضع الذي وصلت إليه وسندان رغبتي في إسعاد أمي ... لكن تلك السعادة بدأت تقلب حالنا ككرة ثلج لا يمكن التحكم في حجمها ولا تحديد مسارها ...

تذكّرت وعدي السري لها يوم تذمّرت من سفر خالتي للتصيف في الخارج وهي المحتجزة في هذا الحر ... إعلان مغري يزين صفحات الإنترنت عن رحلة وإقامة لمدة 6 أيام في مخيّم صيفي في أقصى الشمال ... هي منطقة كشبه جزية بين حدود تونس والجزائر ... نتوء صخري يحيط به البحر من 3 جهات وخلفه غابة كثيفة تشقها عين ماء عذب ...

البيوت عبارة عن أكواخ خشبية معلّقة على الشجر .... التونسيون لا يستطيعون الذهاب للسيشال أو المالديف فصنعنا كليهما في شاطئنا ... البيوت تبدو فخمة وبسيطة ومريحة ... لقتل أي مقاومة من ضميري أني تلاعبت بأمي لهذه الدرجة إعتمدت ذلك الوعد السري كوسيلة إطفاء لأي شرارة تراجع ...

ما إن وصلها التأكيد بالموافقة حتى سمعت باب غرفتها يفتح وتقتحم عليا الباب تقفز فرحا لترتمي عليا وأنا ممدد على سريري ... أحضان وقبل وضحك وصراخ ممزوج بكلمات غير مفهومة ... متظاهرا بالسعادة صرت أقفز معها ...

إرتحنا يوم الغد وسط تحضيرات بسيطة لمستلزمات الرحلة ... ملابس بحر وبعض المناشف وكريمات ... حقيبة صغيرة لامي وحقيبة ظهر لي وعند فجر اليوم الموعود كنا في مكان التجمع ... كنا 6 أزواج ... أنا ووفاء .. رجل و فتاة شابة ... ثلاث في نهاية العشرينيات ... وإمرأة وشاب قريب من سني ...

طارت الحافلة بنا تشق الجبال المتراوحة ألوانها بين خضرة أشجار الصنوبر وصفرة بقايا القمح المحصود ... قبل التاسعة صباحا كنا هناك ... غابة كثيفة ما إن تتخطاها حتى تستقبلك رمال البحر البيضاء اللامعة متحدية الزرقة الباهرة لماء البحر النقي ... عن يميننا جرف صخري عالي جدا كجدار صخري يسترنا وعن يسارنا صخرة كبيرة تنطلق من الغابة نحو البحر كسور يحدد مجال حركتنا ...

ككل مشتاق أحرقته نار الهجر ... ما إن وصلنا غرفتنا المعلّقة بين شجرتي صنوبر ضخمتين حتى تخلّصت من ملابسي الخفيفة وطرت نحو ماء البحر ... لحقني صوت وفاء يطلب مني إنتظارها محتجة أني سبقتها ... أمي لا تجيد السباحة وأنا أعتبر مبتدأ فيها ... لم نغامر بالتوغل كثير نحو الأعماق ...

رأيت عينيها ترقص فرحا وهي تلعب معي برذاذ الماء الذي ينتجه دفعها لسطح الماء نحوي ... لعب طفولي بريء وروح تنطلق مسحت عني بعض الألم الذي سكن صدري ... إشتدت الشمس التي صبغت جلدنا باللون البني ... أمي في لباس سباحتها تتألّق كحورية بحر على رمل الشاطئ المبلل ...

لجأنا لشمسية كبيرة من ورق الشجر تحتها كرسيان النوم فيهما أسهل من الجلوس ... قبعة قش تقليدية الصنع كانت هدية الترحيب بنا ... صوت موسيقى يسحب نظرنا نحو مبنى من الخشب كتب عليه المشرب ... أمامه شابتان تتراقصان بزي موحد حوّل طول مكوثهما هنا لونهما لتصبحا أشبه بالبرازيليات ...

من على بعد أمتار تلحظ إهتزاز مؤخرتهما على أنغام الموسيقى الغربية ... هدأت روحي وأنا أرى البشاشة تتراقص على وجنتي أمي قبل عينيها ... أحيانا يصلنا صوت موسيقى مختلفة من جهة اليسار مما ينبئ أن مستعمرة سعادة أخرى أنشأت خلفها ...

مر اليوم الأوّل بين سباحة وقلي تحت أشعة الشمس وزيوت الكريمات و الأكل والشرب ومراقبة الرقص ... في الليل أنيرت كشافات موجهة نحو الماء تدعو من يريد سباحة آمنة أن يتقدّم ... كنت قضيت وطري من ماء البحر ... وقفت على حافة الرمل أراقب أمي التي تغوص بنصف جسدها تحت نور الكشافات ... وأسمع طرب قلبها يصلني مع مد الموج البسيط ... صوت ضحك خفيف سحب نظرنا نحن الإثنين نحو مكان نصف مظلم ... الشاب والسيدة اللذان رافقانا في الرحلة يتعانقان بحميمية مفرطة ... قبل على الشفاه بسيطة وعناق وأيدي تعبث في الأجساد ...

أحسست بالخجل منهما أن أزعجنا خلوتهما ومن أمي أن وجدنا في هذا الموقف ومن نفسي كوني كنت السبب في وجودنا هنا أصلا ... للهروب من هذا الموقف دعوت وفاء أن نتمشى ناحية تلك الصخرة ونكتشف ما خلفها ... لم يتطلّب تسلقها سوى بعض الحذر أن ننزلق ... وقفنا فوقها نشاهد تجمعا أكبر من الذي نتواجد فيه لكن بنفس النمط تقريبا ...

دفعنا الفضول للإقتراب منه ... على بعد بضع عشرات الأمتار ... نار كبيرة تشتعل وصوت الموسيقى الصاخبة بدأت تتوضح معالمه مع كل خطوة ... حشد شبه كبير من الناس يلتفون حول النار يقلدون حركات رقص مضحكة من أحدى المنشطات ...

ما إن إقتربنا لنتبين ما يحدث حتى سحبتني يد من معصمي ... قبل أن افهم ما يحدث وقع سحبي بقوة ليصطدم وجهي بصدر كبير نافر ... نعم الموضوع ليس طبيعيا فائزة التي تقفز فرحا بوجودنا غير مصدقة أننا موجودون هنا ... لم نسمع كلمات الترحيب والإندهاش منها ومن فؤاد بسبب الصوت العالي ... فسحبانا لمشاركتهما الرقص في وضعية تبادلية أنا وفائزة وهو وأمي ...

صراحة لم أجد في نفسي حرجا من ذلك ساعتها ... لم يطل مكوثنا كثيرا ... أصرا أن يتمشيا معنا حتى حدود الصخرة الفاصلة بين التجمعين ... كنت أمشي بجانب فؤاد أستمع لكلماته المنمقة وهو يصف أنه تعود مثل هذه الأجواء وأمي وفائزة خلفي تتمتمان بكلمات لم افهمها ....

تودعنا متواعدين على أن نمضي طول يوم الغد معا ... قبل أن نصل غرفتنا همست أمي في أذني أن فائزة وفؤاد مشاركان في البرنامج معنا دون شك ... رغم دهشتي من هذه الصدفة الغريبة لكني كنت سعيدا بهذا الدليل على صدق كذبي ... إلتحق كل منا في سريره ... ونمنا من الإنهاك متقابلين بالظهر ...

هنا لا تحتاج منبها ... الشمس تتكفل بدعوتك لاستقبال يوم سعيد ... بعد المسافة والتضاريس الصعبة لا يسمح لترددات إشارات الهاتف والانترنت بالوصول ... مكان يجبرك أن تتمتع بكل لحظة تعيشها فيه دون تأثير من الحداثة يسرق منك روعة اللحظة ...

على الموعد وجدنا فائزة و إبنها ينتظراننا تحت شمسية وسط إحتجاج عاملة على وجودهما وهما ينتميان للتجمع المنافس ... لكنها صمتت لما تقابلنا ... يوم جميل وشمس هادئة لا ريح ولا قيض ... سبحنا معا ولعبنا معا وجرينا وتقاذفنا الكرة وتنس البحر بيننا ... يوم رائع زاده إهتزاز صدر فائزة كلما شاركتنا بعض ألعابنا ...

ألفة غريبة ولدت بيني وبين فؤاد الذي وجدت فيه رفيقا يسليني ويشاركني ... أمي التي عوض وجود فائزة معها غياب خالتي في ممارسة هواية النميمة على الخلق ... في بداية الليل وكالعادة أصرت أمي على السباحة ساحبة فائزة معها ... قالت ان السباحة ليلا في الصيف تمنع عنك المرض في الشتاء ... أنا وفؤاد كنا نراقب إنعكاس النور على الماء ... صوت طفق على الماء بإيقاع متزن سحب نظر الكل نحو مصدره ...

ظل تلك السيدة تجلس فاتحة رجليها فوق حجر ذلك الشاب الذي يهز خصره تحتها .... شفاه متلاصقة وصوت ارتطام جسمهما يصدر صوتا متناغما مع بعض الآهات المكبوتة منهما ... حركة عنيفة من فؤاد الذي ضرب الرمل برجله ودعا أمه أن تخرج من الماء بعنف يبدو حقيقيا ...

إنتهى يومنا بذلك الإحراج الذي سببه وجود العاشقين الغير حذرين بجانبنا ... عشاء ممزوج بطعم الخجل ثم إنسحبنا للنوم .... صبيحة اليوم الثالث سمعت صوت فؤاد يناديني للخروج ... أمي لم تنهض بعد ولا حتى الشمس ... طلب مني مرافقته في جولة لمنبع تلك العين العذبة قال انه يحتاجني لأخذ بعض الصور فلم أمانع ...

تبعنا مجرى الماء لمسافة طويلة ... حقيقة المكان يستحق عناء التصوير فيه ... أثنى على مهارتي في التقاط الصور ... كشابين طائشين جلنا في المكان حتى خشينا أن توه في الغابة الكثيفة ... فعدنا من طريق آخر ... وجدنا أنفسنا خلف البيوت ... هو توجه منهكا نحو مخيمهم وأنا تسللت من الخلف ...

أردت ممازحة أمي بأن أتسلق الشجرة وادخل من الشباك وإخافتها ... ما إن أطلّ راسي حتى سمعت صوت حديث في الغرفة ... أمي تجلس على حافة سريرها ... وفائزة تجلس على حافة سريري متقابلين ... أمي تبدو مركزة متعاطفة مع كلام فائزة التي يبدو الحزن على محياها ... فهمت من الموضوع أن سبب طلاقها كان إكتشاف زوجها لخيانتها له ... تلك الخيانة والطلاق أعقبهما علاقات غرامية عدة ... صادف ان شهد فؤاد إحداها وكانت مع شاب اصغر منها ... مما خلق فيه صدمة نفسية جعلته يكره أمه ويكره كل النساء ...

هي قالت أنها حاولت إصلاح علاقتها به خصوصا لما كبر ومع وضعها المادي وكرمها معه جعله يعود تدريجيا إليها ... لكن صدمته في النساء جعلته يميل لغيره من الذكور مع جمال وجهه وجسده أصبح يمارس الجنس المثلي منذ مدة ليست قصيرة ... والحل هو أن تحاول وضعه في تجربة مع إمرأة ربما تجعله يغيّر ميوله ... ويجب ان يبدو الأمر كأن إمرأة أخرى إنجذبت نحوه ... إمأة أكبر منه سنا تنجذب نحوه سيجعل فعل أمه يبدو شبه عادي أو متداول ... هذا سيعزز فرص علاجه حسب قولها ...

كنت انتظر أمي أن تطرد تلك القحبة من أمامها لكنها لم تفعل ... هي فقط مانعت قليلا ومع إصرار فائزة التي قالت أنها لا تطلب منها ممارسة الجنس معه ... فقط قبلة ... مداعبات على فخذه أن تمسك قضيبه وتداعبه ... ثم تخبرها عن ردة فعله معها لا غير ... توسلات عديدة قابلتها أمي بالتحجج بوجودي ... مع طمأنة فائزة لها بأنها ستتولى أمر إبعادي عنها ... وافقت أمي على ذلك ...

كدت أقع من غصن الشجرة لسماع ذلك ... أمي توافق أن تقبّل شابا و تلعب بقضيبه تحت مسمى خدمة إنسانية كما سمتها تلك القحبة ... ما ذنبي أن أدفع ثمن جرم قامت به هي وقت صبى إبنها لتعالجه أمي ... فلتذهب لأي عاهرة أخرى لماذا أمي ... وما معنى ستتولى أمري ؟؟؟ ... هل ستفعل معي مثل فعل أمي مع فؤاد ؟؟؟ ...

مجرّد التفكير في ذلك جعل قضيبي ينتصب ... هل يمكن أن أكون تقبّلت فكرة تبادل الأمهات تلك ... صراع بين صورتين إحداهما وردية باني اشفي نهمي وكبتي مع فائزة تجعل قلبي يدق وإنتصابي يزيد ... وصورة أمي بين أحضان فؤاد تحرق مؤخرتي ورجولتي ...

الأمر ثقيل على كرامتي لكن جسد فائزة يستحق التضحية ...
كمل يا برنس وما تتأخر
 
  • عجبني
التفاعلات: wael115
لو كانت قصة دياثة لصنفتها في باب الدياثة

أنا اصلا أكتب في باب المحارم ولست مقتنعا به فما بالك بالدياثة

هي نصيحة للمتابعين لا تحاولوا توقع خطواتي القادمة لاني أعشق المفاجآت
 
  • عجبني
  • أتفق
  • حبيته
التفاعلات: mahmoudana, شةيتان, saadhussam و 2 آخرين
لو كانت قصة دياثة لصنفتها في باب الدياثة

أنا اصلا أكتب في باب المحارم ولست مقتنعا به فما بالك بالدياثة

هي نصيحة للمتابعين لا تحاولوا توقع خطواتي القادمة لاني أعشق المفاجآت
بص كويس أرجوك عشان قدامك حفر كثير. 🤣🤣🤣🤣
 
  • بيضحكني
التفاعلات: wael115
احسنت واكثر من رائع ياريت متتاخرش فى التكمله يانجم نسوانجى
 
  • حبيته
التفاعلات: wael115
لو كانت قصة دياثة لصنفتها في باب الدياثة

أنا اصلا أكتب في باب المحارم ولست مقتنعا به فما بالك بالدياثة

هي نصيحة للمتابعين لا تحاولوا توقع خطواتي القادمة لاني أعشق المفاجآت
انت هاتقولي :ROFLMAO::ROFLMAO::ROFLMAO:
 
  • عجبني
  • بيضحكني
التفاعلات: Aprilman و wael115
جزء سابع ممتع و شيق و مثير
و كعادتك الاخيرة تتوقف بنا عند موقف مشوق
و نحن في انتظار معرفة القادم
 
  • عجبني
التفاعلات: wael115
تم إضافة الجزء السابع
 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى أسفل
0%