الكتابة بين القصص الجنسية وغيرها من القصص
حين يريد أحد الكتاب أن يكتب قصة ما، فهو مضطر للإجابة عن أسئلة عديدة.
ماذا سأكتب؟ أي الموضوع أو الفكرة.
لمن أكتب؟ أي لأي نوع من الجمهور.
كيف أكتب؟ أي اللغة والأسلوب والحكاية، والترتيبات التقنية، من شخصيات مناسبة لخدمة الفكرة، واختيار راوي القصة.. لماذا أكتب؟ أي السبب الدافع للكتابة، هل لمجرد التسلية، أم لمعالجة قضية اجتماعية، أم استجابة لطلب. إلخ. ومهما كانت الإجابة فإنها في النهاية تنسجم مع طموح الكاتب ونوازعه الذاتية، وستعبر بالضرورة عن فكره وعن قضايا عامة أو خاصة يعرفها المجتمع والفترة الزمنية التي عاشها ويعيشها الكاتب.
غير أن كاتب القصة الجنسية يشبه طائرا سجينا في قفص معلق في أغصان شجرة وسط غابة كثيفة. إذ يجد نفسه معفيا من الإجابة عن بعض هذه الأسئلة. محاصرا بما يمكن تسميته "هويته الفنية". ينظر للعالم الواسع من حوله، لكنه سجين لا يستطيع التحليق أبعد من قفصه الذهبي.
تتكون هذه الهوية من الفكرة الجنسية، نوعية الميول المرتبطة بها ثم لغة الكتابة. وغالبا ما يختار لتنفيذ "موضوعه الأساسي" شخصين أحدهما ذكر والثاني أنثى، وقد يضيف إليهما شخصية ثالثة، لكنها ستكون نسخة من إحدى الشخصيتين السابقتين. واستخدامي صفة الأساسي هنا، تدل على أن الكاتب ليس ملزما بالاقتصار على موضوع وفكرة الجنس فقط، بل هي عادة سيئة تبناها عديدون من كتاب المنتدى، بحيث صارت أهم شروط الكتابة في المنتدى، يلتزم بها الكاتب والقراء معا، لأسباب تتعلق باختياراتهم وهوياتهم التي حددوها لأنفسهم فقط. ذلك أن هناك كتابا يخرجون عن هذا النموذج، لأنهم يفتحون للطائر السجين باب القفص ليرسم عالما أوسع مما تتيحه له القصة الجنسية النموذجية المتبعة في المنتدى.
وكلما كانت هوية الكاتب الفنية ضيقة كلما كانت النافذة التي يطل منها صغيرة. يصبح مضطرا لتحمل مسؤوليته، وتقبل ما يتعرض له من انتقادات وتعليقات فنية. قد يسعى لاستخدام تقنيات عديدة ليحافظ لقصته على حد معقول من الفاعلية التقنية، وذلك حتى يتمكن من صنع الحكاية والحبكة والتشويق، الشئ الذي يضفي على القصة ما يجعلها محبوبة وجذابة. ولا تقتصر الحيل على أسلوب الوصف والسرد، ونوعية الجمل المستخدمة، أي جعل الجمل طويلة أو تقصيرها لتسريع حركة السياق، بل تتعدى ذلك لتشمل الشخصيات. حيث يصور الشكل والمظهر ثم السلوك والنفسيات، حتى يحس القارئ بها حية تعيش معه، مثل أي شخصية يصادفها في الحياة.
ويعتبر الحوار أحد أهم تلك التقنيات، خاصة حين يساهم في حركية الحكاية، أي يجعلها تتقدم. لأن الحوار المتبادل بين الشخصيات، ينوب عن الراوي وعن الجمل الوصفية والسردية أحيانا. تراه يضيف للحكاية اخبارا وأسرارا لا يعرفها الراوي، أي الضمير الذي يحكي القصة. والشخصيات حرة تملك لغتها الخاصة. فلا يتكلمون كلهم بنفس الطريقة. حيث يسمح الحوار بمعرفة دقيقة بكل شخص من اشخاص القصة. فالرومنسي لا يتكلم مثل شخص مجرم فظ معروف بعنفه. وصاحب الخبرة لا يشبه الغر، والشجاع مناقض للخائف المتردد، والراغب في الجنس بدافع الحب ليس كمثل الممارس بدافع الشهوة بدون حب، وهكذا.
لذلك، فإن كتابة قصة جنسية محترمة، يكون فيه مزيد من الحيل التقنية، تزيد من صعوبتها، وهي حيل قلما يوجد الكتاب العارفون بأسرارها.