هذه القصة منقولة من موقع فيس بوك على انها برخصة المشاعر الابداعى وتم نشرها على مسؤلية الكاتب دون ادنى مسؤلية على ادارة المنتدى
الفصل الأول: لعنة الدم
اسمي نور، عندي 23 سنة، وكنت فاكرة إن حياتي عادية زي أي بنت في القرية. عايشة مع أمي وجدتي في بيت قديم ورثناه عن جدي بعد ما مات. الحقيقة إننا كنا مختلفين، أو يمكن البيت نفسه هو اللي كان مختلف. دايمًا كنت أحس إن في حاجة غريبة بتحوم حواليه، حاجة تخليك تحس بالرهبة حتى لو مافيش سبب واضح.
البيت موجود على أطراف القرية، محاط بشجر ناشف أغلبه ميت، والليل هناك دايمًا كان هادي بشكل يخوف. النهارده، وأنا راجعة من السوق، لقيت نفسي واقفة قدام الباب الكبير للبيت. كان الباب من الخشب الداكن، محفور عليه أشكال غريبة، حاجات عمري ما فهمتها.
وقفت للحظة، قلبي بيدق بسرعة. الريح كانت بتتحرك بخفة، لكن الصوت كان عالي كأنه بيحذرني من حاجة. حاولت أطمن نفسي: "نور، مافيش حاجة تخوف. البيت ده بيتك."
"يا نور! بتعملي إيه برا؟ ادخلي، الدنيا ليل ومالهاش أمان!" صوت أمي قطع أفكاري. صوتها كان دايمًا حاسم، كأنها بتحاول تخبي حاجة.
دخلت البيت وأنا حاسة إن في حاجة بتراقبني، لكن مافيش غير الصمت والظلام. نور القنديل في الصالة كان ضعيف، بس كافي إني أشوف جدتي، زينب، قاعدة على كرسيها الهزاز في النص. جدتي عندها حوالي سبعين سنة، بس عنيها كانت دايمًا مليانة أسرار. كانت ماسكة مسبحتها وبتتمتم بكلمات ما فهمتهاش.
"مساء الخير يا تيتة." صوتي كان واطي، يمكن لأن الجو نفسه كان تقيل.
رفعت راسها، بصت لي بنظرة تقيلة كأنها شايفة حاجة ورايا. "تعالي هنا، يا نور."
قربت منها، وسألت بتوتر: "في إيه، يا تيتة؟ شكلك عايزة تقولي حاجة."
أمي دخلت في اللحظة دي، وكانت ماسكة صينية عليها كوبايتين شاي. "يا أمي، مش وقت الحكايات دي دلوقتي. خلي البنت في حالها."
لكن جدتي تجاهلتها تمامًا، وقالت لي: "انتي عارفة البيت ده جاي منين؟"
اتلخبطت: "هو… مش جدي اللي بناه؟"
ضحكت ضحكة كانت أقرب لضحكة ساخرة: "جديك؟ يا بنتي، البيت ده أقدم من أي حد في العيلة. وأقدم حتى من القرية نفسها."
"يعني إيه؟ مش فاهمة حاجة."
"البيت ده اتبنى على أرض ملعونة، يا نور. وأي حد من دمنا… مربوط بالبيت ده. احنا مش زي باقي الناس."
أمي رفعت صوتها: "كفاية بقى، يا أمي! ما تقلقيش البنت."
لكن جدتي بصت لي بنظرة صعبة: "لازم تعرفي، نور. لأن كل حاجة هتبدأ قريب."
حسيت إني مش فاهمة أي حاجة، لكن قلبي كان بيدق بسرعة. "قريب؟ قريب إيه؟"
جدتي اتنهدت: "أول ما يظهر الهلال الأحمر… كل حاجة هتتغير."
كملت الحديث وهي بتشرح حكاية عن عيلتنا، بس كل كلمة كانت تقيلة على عقلي. قالت إن دمنا مربوط بقوى قديمة، وإن البيت ده هو المركز لكل اللعنات اللي اتجمعت على العيلة من زمان.
كل ما كانت تقول كلمة، كنت أحس إن الدنيا بتضيق حواليّ أكتر. البيت اللي كنت فاكرة إنه مجرد بيت قديم طلع أكتر بكتير من كده. والأرض اللي بيتنا واقف عليها طلعت أرض مش عادية، أرض كانت زمان مكان لتضحيات مظلمة.
في نفس الليلة دي، وأنا في أوضتي، ما قدرتش أنام. الكلام اللي قالته جدتي فضل يرن في دماغي. قعدت أبص في المرايا الصغيرة اللي قدامي، ولفت انتباهي حاجة غريبة: وشّي كان شاحب، وعنيا كانت فيها لمعة غريبة، كأنها مش بتاعتي.
سمعت صوت خبط ضعيف، جاي من ناحية الباب. "ماما؟" ما كانش فيه رد.
قمت ببطء، وقلبي بيتسارع. فتحت الباب وما لقيتش حد. بس الممر كان ضلمة، غير نور خفيف جاي من تحت باب الصالة. قررت أروح أشوف، لكن أول ما وصلت، شفت جدتي قاعدة لوحدها، وبتتمتم بكلام غريب.
"تيتة؟ إنتي كويسة؟"
بصت لي، وقالت بصوت غريب: "الهلال الأحمر… قرب."
يتبع......