NESWANGY

سجل عضوية او سجل الدخول للتصفح من دون إعلانات

متسلسلة منقول سمفونية الموت | السلسلة الاولي | ـ حتي الجزء االثامن 10/8/2022

ٱڷمُﭳهْوٌڷ

نسوانجى متقحرط
عضو
نسوانجي قديم
إنضم
21 يوليو 2022
المشاركات
44
مستوى التفاعل
45
نقاط
107
الجنس
ذكر
الدولة
مصر
توجه جنسي
عدم الإفصاح
تبدأ الرواية بوصف حياة " يوتاكي " و ما يحيط بها من غموض ، يستلم مكالمات مجهولة ، يعتقد أن والده يعلم حقيقتها و لكن للأسف حتي الحقيقة التي يعلمها الوالد ليست هي الحقيقة حقاً
*****************************

1_في غرفة من غرف تلك القلعة الغامضة و الموجودة في الغابة التي تقع علي أطراف مدينة من مدن طوكيو ، وقف " يوتاكي " أمام المرآة يعدل ملابسه المدرسية و يرتب شعره و بعد أن انتهي مما يفعل تناول حقيبته الملقاة علي الأرض و ارتداها
يوتاكي : إنه اليوم الدراسي الأول في هذا العام و قد انتقلت إلي المدرسة الثانوية ،، اممم أتمني أن تكون سنة مختلفة
فتح باب غرفته ، و هبط علي السلالم إلي أن وصل إلي الدور الأول ، و هناك فتح باب غرفة
يوتاكي : إلي اللقاء يا أبي ، أنا ذاهب إلي المدرسة و سأعود قريباً
لم يتلق " يوتاكي " أي رد علي كلامه فقد وقف عند الباب و كان والده محملقاً في سقف الغرفة و لم ينتبه علي يوتاكي ، فانسحب بهدوء و أغلق باب الغرفة
يوتاكي في صوت خافت : يا إلهي ، يبدو أن أبي شارد الذهن مرة آخري
اتجه يوتاكي إلي باب القلعة و فتحه بهدوء ثم خرج و أغلقه ، كان السائق " مارو " واقفاً بالخارج منتظراً يوتاكي
مارو : السيارة جاهزة يا سيد يوتاكي
يوتاكي : إذن هيا فلننطلق
فتح " مارو " باب السيارة ليصعد " يوتاكي " إليها ثم أعاد غلقه ، و ذهب ليأخذ مكانه كسائق ، انطلقت السيارة تشق طريقها في الغابة ، علي حين أن " يوتاكي " غارقاً في التفكير واضعاً مرفقه علي باب السيارة ناظراً للخارج و هذا السؤال يجول في خاطره : لم تراود أبي حالات الشرود هذهيا تُري ؟ ما سببها ؟
لم يعيده إلي العالم الحقيقي إلا صوت السائق " مارو " و هو يقول : لقد وصلنا إلي نهاية الغابة يا سيدي
يوتاكي مبتسماً : حسن .. سأنزل لأكمل الطريق إلي المدرسة سيراً كعادتي ، فشوارع طوكيو مزدحمة دائماً ، و إن حاولت السيارة السير فيها فلن أستطيع أن ألحق موعد الدوام
هبط " يوتاكي " من السيارة ، واستمر في سيره و عندما رأوه الناس بدأوا يتخافتون و يتهامسون ، سار " يوتاكي " في خطي متثاقلة واضعاً يده في جيبه قائلاً في نفسه بتنهد : لقد بدأنا مرة آخري ،، عندما يرونني يبدأون في التهامس و التخافت ؛ إنها عادتهم التي لا أعرف لها سبب ،، علي كل ٍ لأسرع كي أصل علي الموعد
أسرع " يوتاكي " في خطاه إلي أن وصل إلي فناء المدرسة ، توجه إلي فصله و جلس في المقعد الأخير ، دخل مدرس الأحياء الأستاذ " رايو " إلي الفصل ، رحب بالتلاميذ الجدد و هنأهم بالعام الدراسي الجديد
الأستاذ " رايو " : مرحباً بكم يا أعزائي في المدرسة الثانوية أتمني أن يكون عامكم الدراسي سعيداً ، سيكون النظام في مادة الأحياء أن ينقسم الطلاب إلي ثنائيات فهيا كل منكم يختار شريكه
اختار كل من الطلاب شريكه الذي قد يرغب في العمل معه ، فيما عدا " يوتاكي " لم يختره أحد و لم يختار هو أحداً أيضاً
الأستاذ " رايو " : أرجو المعتذرة يا يوتاكي ، لم يبق أحد ليعمل معك و يبدو أنك ستعمل بمفردك
يوتاكي بهدوء : لا داعي للإعتذار يا أستاذ ، معتاد علي هذه المواقف ، لا عليك
الأستاذ " رايو " : أرجو لگ التوفيق
يوتاكي : شكراً أستاذ
توالت الحصص علي " يوتاكي " إلي أن انتهي الدوام الدراسي ، حمل حقيبته و انطلق في طريقه عائداً إلي الغابة حيث وجد السائق " مارو " بانتظاره بجانب السيارة
السائق : مر..
لم يتوقف " يوتاكي " ليلقي التحية علي " مارو " كعادته ، و دلف إلي السيارة دون أن ينبس ببنت كلمة
اتجه " مارو " أيضاً إلي السيارة و قادها ، نظر في المرآة ، وجد ملامح الشرود بادية علي وجه " يوتاكي "
السائق : سيدي
لم ينتبه " يوتاكي " لكلام " مارو " و لكن السائق عاود الكلام مرة آخري
السائق بصوت أعلي : سيدي
يوتاكي : هه ،، ماذا هناك يا مارو ؟
السائق : لِمَ تبدو شارد الذهن ؟
يوتاكي : اممم ، ليس هناك شئ يا مارو ، فقط الأشياء المعتادة ، لا تقلق
بعد عدة دقائق وصلت السيارة إلي القلعة ،نزل " يوتاكي " منها و دلف إلي داخل القلعة ، صعد علي السلالم حتي وصل إلي غرفته و هناك ألقي الحقيبة علي الأرض ، و ألقي بنفسه علي السرير و أغمض عينيه في خمول ، و تلك التساؤلات الغريبة تدور في رأسه .. لِمَ يتهامس الناس حين يرونني ؟ و لِمَ يتحاشاني زملاء صفي دائماً ؟ إنها حياة غريبة حقاً
لم يخرجه من تلك الموجة إلا صوت تغريد عصفور واقف علي النافذة ، اعتدل " يوتاكي " في جلسته
يوتاكي : و أخيراً وصلت يا صديقي العزيز .. مرحباً بك ،، لن تصدقني إن قلت لك أن هذا أكثر يومٍ اشتقت لگ فيه
بدأت قصة " يوتاكي " و صداقته مع ذلك العصفور ، حين أنقذه " يوتاكي " مرة من الموت و ذلك بعد أن أصابته طلقات الصيادين الغادرة ، و أثناء تجول " يوتاكي " في الغابة رأي ذلك العصفور ملقي علي الأرض أمام شجرة ، وجده متخبطاً بدمائه ، حمله " يوتاكي " و أسرع به إلي القلعة حيث أسعفه و أطعمه و اعتني به إلي أن استرد عافيته تماماً ، و منذ ذاك اليوم و العصفور و " يوتاكي " لا يفترقا أبداً عن بعضهما و رغن أنهما مختلفان فهذا بشر و هذا طائر إلا أنهما يفهمان لغة بعضهما إلي حد كبير و اعتبره " يوتاكي " صديقه الوحيد و أطلق عليه اسم " بيرد "


الجزء الثاني

2_تعالي تغريد العصفور ، فاستغرب " يوتاكي " من تصرفه
يوتاكي : ماذا هناك يا صديقي ؟
أشار العصفور بجناحه إلي فرع من الشجرة التي أمام القلعة ، و نظر " يوتاكي " ليري إلي ماذا يشير صديقه الطائر ، فوجد عصفوراً آخراً هناك
يوتاكي بضحكة هادئة يشوبها استسلام غامض : أها ،، لقد فهمت .. حصلت علي رفيق ،، محظوظ أنت يا صديقي العزيز و لكن أتمني منك ألا تهملني
تعالي تغريد العصفور أكثر فأكثر و صار أكثر شراسة و كأنه فهم ما يعنيه صديقه ليُعلن أن مثل هذا التصرف لن يفعله أبداً ، فهو لن يتخلي عمن أنقذه و رعاه و رافقه ، ثم طار العصفور و حرك جناحيه و كأنه يلوح لصديقه مودعاً إياه
يوتاكي : حسن يا عزيزي .. إلي اللقاء القريب
أحس " يوتاكي " بانقباضة مؤلمة في صدره عند رحيل صديقه العصفور و لم يدري لذلك سبباً
أغلق " يوتاكي " النافذة ، خلع ملابس المدرسة و ارتدي لباسه العادي ثم هبط ليتناول الغداء مع والده ، طال الصمت قليلاً علي منضدة الغداء ، و لكن الأب بادر بالسؤال : كيف كان يومك الدراسي يا يوتاكي ؟
يوتاكي : لقد كان مثل المعتاد أبي فلا شئ جديد ، الكل يتحاشاني
عندما سمع الأب كلام ولده تغيرت ملامحه و بدا علي وجهه الألم : و هب واقفاً قائلاً : لقد انتهيت
و اتجه إلي الباب خارجاً من الغرفة ، سمع صوتاً من خلفه : أعتذر لك يا أبي ، لم أقصد أن أضايقك بكلامي
و بعد وقت ليس بالكثير غادر " يوتاكي " غرفة الطعام أيضاً ، كان يود كثيراً لو يعرف لِمَ يلمح الحزن دائماً في عينيِّ والده ؟
صعد " يوتاكي " إلي غرفته ، ارتدي ملابس النوم و أطفأ الأضواء ثم استلقي علي السرير ليذهب في نوم عميق
و بعد عدة ساعات استيقظ ، أضاء الأنوار ثم سحب مقعده ليجلس أمام المدفأة و بيده كتبه التي سيذاكر فيها ، و بجانبه قدح من القهوة ، و أثناء ذلك رن هاتفه ، كان الإتصال مجهول المصدر ، تردد في أن يرد و لكنه في النهاية استجاب للرنين و أجاب
يوتاكي : مرحباً .. من المتحدث ؟
المتحدث : مرحباً يوتاكي .. ألا تعرفني ؟
يوتاكي : اعذرني لم أستطع أن أتعرف إلي الصوت و لكن يبدو من كلامك أنك تعرفني
المتحدث : بالتأكيد أعرفك .. أنا نهايتك
بدت ملامح الدهشة و الاستغراب علي وجه يوتاكي و أجاب قائلاً : يا لها من مزحة سخيفة ، يبدو أنك تريد التسلية
أغلق الخط و دفع بالهاتف علي السرير
يوتاكي : لست في مزاج جيد لمثل هذه المزحات
و ما إن أنهي " يوتاكي " كلامه حتي دوي من السماء صوت رعد و ظهرت صعقات برق ، اتجه إلي النافذة و وقف أمامها قائلاً : يبدو أنها ستكون ليلة عاصفة
ثم سحب الستائر المسدولة علي النافذة و اتجه لينهي مذاكرته ، و بعد عدة ساعات أنهي ما عليه
يوتاكي : يا إلهي ، أول يوم في المدرسة الثانوية بهذا الكم من الواجبات و المذاكرة .. يبدو أنها لن تكون مهمة سهلة أن أتخرج من الثانوية
نظر إلي ساعته وجدها تشير إلي الواحدة صباحاً
يوتاكي : لقد حان موعد نومي ، فلأضع الكتب التي يجب أن آخذها معي غداً إلي المدرسة في الحقيبة ثم أذهب للنوم
حضَّر حقيبته ثم أسندها للحائط ، و اتجه إلي الأضواء فأطفأها و خلد إلي النوم
و في الساعة السادسة من صباح اليوم التالي استيقظ " يوتاكي " ، غسل وجهه ثم ارتدي ملابس المدرسة و هبط علي السلالم و اتجه إلي المطبخ أعد لنفسه بعض الطعام الذي سيأخذه معه إلي المدرسة
قال بامتعاض و بصوت خافت : ماذا كان سيحدث إن عيَّن والدي خادماً ليساعدنا ؟! ، التذمر لن يفيدني فلأسرع
أعد ما يحتاجه من الطعام و وضعه في الحقيبة و خرج من المطبخ مسرعاً ، و اتجه إلي الغرفة التي يجلس فيها والده دائماً ، فتح بابها و قال بصوتٍ عالٍ : وداعاً أبي .. إنه موعد ذهابي إلي المدرسة
أصابته الدهشة الشديدة حين سمع صوت والده و هو يجيبه : انتبه لنفسك كثيراً يا ولدي
أجابه يوتاكي من بين ذهوله : حسن يا أبي
أسرع يفتح باب القلعة و اتجه إلي السيارة و هو يقول : هيا يا مارو
و ما إن صعد " يوتاكي " إلي السيارة حتي انطلق بها مارو .. إلي أن شق الغابة و وقف في نهايتها ، هبط " يوتاكي " من السيارة ليُكمل طريقه سيراً كما اعتاد ، و حدث ما يحدث كل يوم ما إن مر علي الناس حتي بدأوا يتهامسون .. ، لم يعيرهم اهتماماً و كأنه قد اعتاد علي مثل هذه التصرفات .. و بعد فترة من الوقت ليست بالقصيرة ، وصل إلي فصله و حدث فيه كما حدث في الشارع تماماً همسٌ و كلام خافت ، بدا علي وجه " يوتاكي " علامات التذمر الشديد و لكنه كتمه في نفسه و بدا له أنه من الخير ألا يناقش أحداً و لا يهتم حتي بهم ، اتجه إلي مقعده ، توالت الحصص الواحدة تلي الآخري ، و ما إن أعلن جرس المدرسة انتهاء اليوم حتي تنفس الصعداء و كأن ثقلاً شديداً كان علي صدره
3_خرج من الفصل و أثناء خروجه اصطدم بفتي في مثل عمره و لكنه في فصل آخر
الفتي : آسف ،، لم أكن منتبهاً لطريقي
كان هذا الفتي ينظر ليوتاكي نظرة حانية غامضة تخفي الكثير
يوتاكي و قد أحس أنه رأي هذا الفتي من قبل في مكان ما : لا عليك ،، كل شئ علي ما يرام ، و لكنني لا أتذكر أنني رأيتك في المدرسة من قبل أليس كذلك ؟
الفتي : نعم .. فلفقد انتقلت إلي هذه المدرسة حديثاً ،، أنا أُدعي " ناميدا "
يوتاكي : مرحباً ناميدا سررت بمعرفتك ،، أنا " يوتاكي "
ناميدا : سررت بمعرفتك أيضاً يا يوتاكي
يوتاكي : أتمني أن تعجبك المدرسة ، و الآن صديقي يجب عليَّ المغادرة ، فسائقي ينتظر
ناميدا : بالطبع تفضل .. أراك فيما بعد
خرج " يوتاكي " من المدرسة ، ثم شق طريقه إلي الغابة و أثناء سيره رن جرس جواله ، أخرجه " يوتاكي " من جيبه ليري من المتصل ليجده الرقم الغريب المجهول الذي اتصل عليه الليلة الماضية ، أجاب يوتاكي : ماذا تريد ؟ و من أنت ؟
الصوت : ستعلم من أنا فيما بعد .. أما الآن أسرع إلي بيتك فهناك مفاجأة تنتظرك ، ثم أغلق الصوت المجهول الخط
يوتاكي و هو يعيد الجوال إلي جيبه : يا له من شخص غريب ! ، و لكن ماذا كان يقصد بالهدية ؟!


الجزء الثالث

#هلتريدمعرفة_الحقيقة ؟!
عجل يوتاكي في خطاه إلي أن وصل إلي السيارة الواقفة في بداية الغابة ، و ما إن وصل حتي دخل إلي السيارة قائلاً : هيا مارو .. قد بأقصي سرعة لديك
مارو بتعجب :ح .. حسن يا سيدي
قاد مارو السيارة بسرعة كبيرة ، و بعد عدة دقائق وصلوا إلي القلعة ، هبط يوتاكي من السيارة و أسرع يفتح باب القلعة ، و لأول مرة يجد والده واقفاً ينتظر و هو يقول له : بني لقد وصلك طردٌ اليوم ، و قد وضعته في غرفتك
يوتاكي : شكراً يا أبي
صعد إلي غرفته و هناك وجد الطرد علي السرير ، أمسكه و فتحه ، وجد بداخله ظرفاً مكتوب عليه بالدماء : استمتع بهديتك
ارتعب يوتاكي من هذا و أحس أن قلبه يكاد يتوقف ، بداخل الطرد كان يوجد صندوق صغير ، فتحه و ما إن فعل ذلك حتي أطلق صرخة بأعلي صوته من شدة الألم ، فما كان بداخل الصندوق إلا صديقه العصفور مذبوحاً
يوتاكي و العبرة تخنقه : يا إلهي ،، يا إلهي
صعد والد يوتاكي علي إثر صرخة ولده و فتح الباب بسرعة : ماذا هناك يا ولدي ؟ لِمَ تصرخ ؟
و ما إن وقعت عينا الأب علي ذاك الصندوق و العصفور المذبوح بداخله حتي هاله ما رأي و بدا علي وجهه علامات الخوف و الارتعاب الشديدين و انسحب من الغرفة و كأنه لا يعي ما حوله
و بعد دقائق استلم يوتاكي مكالمة آخري من ذاك الرقم المجهول ، فتح بسرعة
الصوت : أخبرني هل أعجبتك الهدية ؟
يوتاكي بصوت مرتعش و أنفاس متقطعة : أيها الغبي ،، لِمَ فعلت ذلك ؟ ،، ما كان إلا طائراً مسكيناً
الصوت : هذه فقط البداية ،، و إن كنت حقاً تريد أن تعرف كل شئ قابلني في الغابة الساعة العاشرة مساءاً .. اسلك الطريق المستقيم ثم قف عند الشجرة التي أنقذت عندها ذاك العصفور ، ثم أغلق الخط
شرع يوتاكي في بكاء مرير ، غصة شديدة في قلبه تعتصره ، بدا كل شئ مظلماً ، جلس علي السرير و إلي جانبه الصندوق ، بدا و كأنه قد دخل في غيبوبة اللا وعي
و علي الجانب الآخر بعد أن انسحب الأب من غرفة ولده ، ذهب إلي غرفته و هو فاقد الحس بكل ما حوله و من حوله ، دخل الغرفة و هو يتمتم : هل يُعقل أن يكون بدأ من جديد ؟
أخرج رنين الهاتف الأب من حالته ، أمسك الأب الجوال ليري من المتصل ، كان رقماً مجهولاً هو نفس الرقم الذي يرن علي يوتاكي و لكنه أجاب : مرحباً
الصوت : لقد بدأ الانتقام من جديد
الأب و قد بدا علي وجهه الإرتياع : ما .. ماذا تقصد ؟
الصوت : سأحرق قلبك علي ولدك أولاً ثم أقضي عليك ، سأجعلك تراه يموت كل يوم و في كل ساعة دون أن تقدر علي مساعدته ، قبل أن أقضي عليه سأمتع ناظري و أنا أراك تذرف الدموع علي ولدك و أنت تدري أنك ستلحق به
الأب و قد شرع في البكاء : أرجوك دع ولدي و شأنه .. اقتلني أنا إن أردت ، و إن شئت عذبتني و لكن اتركه هو لا ذنب له
الصوت : أنا أيضاً لم يكن لي ذنب
الأب : أنا آسف كانت حادثة بالخطأ .. لم يكن لي يد فيها
الصوت : انتهي الأمر .. فلتنتظر هلاك ولدك ثم بعده هلاكك أنت
و انغلق الخط ، جحظت عينا الوالد لآخرهما ، قدماه ما عدتا تحتملانه ، جذب أقرب كرسي إليه و جلس ، وضع رأسه بين كفيه و هو يقول : ولدي .. ولدي
و هناك في غرفة يوتاكي ظل الحال كما هو ، فها هو جالس علي السرير بصمت و عيناه تبدو و كأنها فقدت بريقها ، مضي النهار طياً و هب الليل بظلمته و بروده ، و عند الساعة التاسعة و النصف استلم يوتاكي مكالمة آخري من ذاك الرقم ، فأجاب دون أن يتكلم
قال الطرف الآخر : نسيت أن أخبرك بأن عليك أن تأتي وحيداً دون سيارة ، و لا أريد لأحد أن يتبعك .. هل فهمت ما أقوله ؟
صمت يوتاكي لبرهة ثم أجاب : حسن ، و أغلق الخط ، هب من السرير واقفاً و خرج من باب الغرفة هابطاً علي السلالم
و في البهو قابله مارو : هل أنت ذاهب إلي مكان يا سيدي ؟
و لكنه لم يتلق أي إجابة علي سؤاله ، إلا أنه لم يستسلم و أكمل كلامه : هل أجهز السيارة ؟
نظر إليه يوتاكي نظرة مخيفة كاد السائق أن ينتفض من مكانه إثرها و قال : و هل أمرتك بذلك ؟
مارو : لا .. لا يا سيدي
يوتاكي : إذن فلتصمت و لتذهب من أمامي
و ما إن انتهي من كلامه حتي أكمل سيره نحو باب القلعة و فتحه و خرج ، و بدأ يسير في الغابة ، إلي أن وصل إلي تلك الشجرة المنحوت عليها هنا التقي يوتاكي و صديقه الطائر بيرد ، و عندما وقف أمامها انهالت علي ذاكرته تلك الأحداث التي مرت في ذاك اليوم ، عندما هجم بعض الصيادين علي الغابة و صاروا يقتلون الطيور و الحيوانات بكل وحشية ، كان الجو كله ممزوج بتلك الرائحة : رائحة الرصاص ، ثم تذكر كيف مر أمام تلك الشجرة و وجد العصفور و هو متألم جريح و كيف أنقذه ، و تلك الليالي التي قضياها سوياً ، و انتهت الذكريات السعيدة بتلك الكارثة و هي ذبح صديقه الذي طالما رافقه ، لم تعد دموعه تقو علي البقاء في عينيه و عجز أن يكتمها أكثر فسقطت ، فليس هناك مهرب
و فجأة سمع صوتاً هو نفسه الصوت المجهول الذي يسمعه في الهاتف : ابك ، فالبكاء مريح
يوتاكي : ها قد جئت وحيداً ، أخبرني من أنت ؟ و لماذا فعلت فعلتك التي فعلت ؟
الصوت : هذا السؤال لن أجيب عليه أنا ، فوالدك هو المعنيِّ
يوتاكي : والدي ؟! و ما شأنه بالذي فعلته ؟
الصوت : لا بد و أن تعلم كل شئ في وقت ما
يوتاكي : و لكن إن كانت الضغينة بيننا فما دخل طائري ؟ إنه لا يَعقِل
الصوت : هذا فقط أول الضحايا .. ستتعذب و تتألم ، و سأمتع ناظري
يوتاكي بعنف : أيها الوحش .. أظهر نفسك إن كنت تجرؤ !
الصوت ممزوجاً بسخرية : سأظهر و لكن عندما أحدد أنا ذلك و في الوقت الذي أجده مناسباً
ثم اختفي الصوت بعد ذلك ، عاد يوتاكي إلي القلعة و هو لا يدري ماذا يفعل ، صعد إلي غرفته ، و ألقي بنفسه علي السرير ، سحب الغطاء علي جسده كله ، بات و في قلبه كمد يكاد أن يسع الكون ، مر الليل ببطء شديد ، عيناه لم تستسلم لنداء النوم أبداً ، لم يكن قادراً علي ذلك ، و عند الساعة الثالثة صباحاً تلقي مكالمة آخري من ذلك الرقم أجاب يوتاكي : ما الأمر ؟ أقتلت أحداً آخراً ؟
لم يتلق غير صوت موسيقي هي أقرب ما تكون إلي معزوفة ، ما إن سمعها يوتاكي حتي أطلق صرخة شقت ظلام الليل القاسي ، كأن تلك المعزوفة قد أحضرت ذكريات قاسية إلا أنه لم يتمكن من رؤيتها ، لم يدر إلا أنها مؤلمة قاسية ، لم ير سوي الدماء و فقط ، بات ليلته و هو جالس علي السرير في حيرة شديدة ، أشرقت الشمس فهب ليستعد للذهاب إلي مدرسته ، ارتدي ملابسه ثم نزل و خرج من القلعة ، وجد مارو بانتظاره ، لاحظ مارو الحزن الشديد في عينيِّ يوتاكي و الأسي البادي علي وجهه ، لذلك أراد أن يخفف عنه
مارو : هل تناولت فطورك يا سيدي ؟
يوتاكي بأسي : ليس لدي شهية لتناول أي شئ يا مارو
مارو : انظر سيدي ، إن اليوم جميل و الشمس مشرقة و العص.. ، و صمت مارو فجأة فما إن كاد ينطق كلمة عصافير حتي انهالت الدموع من عينيِّ يوتاكي
يوتاكي : لا أري إلا الظلام و الدماء يا مارو
ثم ساد بعد ذلك صمت طويل ، ركب يوتاكي السيارة و تبعه مارو ، سارا إلي أن وصلا إلي نهاية الغابة ، و استعد يوتاكي لإكمال طريقه سيراً كما اعتاد
و ها هي أحداث كل يوم تتكرر ، الناس يتهامسون و يتخافتون ما إن يروا يوتاكي ، و لكنه لم ينتبه لهم إطلاقاً فقد كان في عالم آخر غير العالم ، قرر يوتاكي ألا يحضر الحصص لهذا اليوم ، و اكتفي بالجلوس في حديقة مدرسته تحت الشجرة و أثناء ذلك مر عليه ناميدا ، و لاحظ حمرة عينيه فتوجه إليه بالكلام : يوتاكي ما بك ؟ يبدو أنك لم تنم جيداً ، و أنگ قضيت ليلتك باكياً
يوتاكي بضحكة مليئة بالألم : ليس هناك شئ يا ناميدا ، لا تقلق
ناميدا : أتمني أنگ علي خير ما يرام ، أستأذنك الآن
يوتاكي : تفضل
انصرف ناميدا و قضي يوتاكي بعض الوقت ، و قرر أن ينصرف إلي البيت و اتجه إلي حيث ينتظره مارو ، وصل إلي البيت و ذهب إلي غرفته ، ألقي بحقيبته و قرر أن ينام حتي اليوم التالي فهو ليس لديه أي رغبة في فعل أي شئ ، و لكن حدث ما حدث في الليلة الماضية ، فعند الساعة الثالثة صباحاً تلقي مكالمة من ذاك الرقم المجهول و ما إن أجاب حتي سمع صوت تلك المعزوفة مرة آخري ، و ارتسمت أمامه صورة شبح إمرأة و لكنه لم يدري من هي ؟ رغم أن ملامحها مألوفة إلي حد كبير
تذكر يوتاكي كلام الصوت بأن والده يعرف كل شئ ، لم يعد يقو علي الاحتمال أكثر فانطلق إلي غرفة والده ، و ما إن وصل حتي فتحها و أوشك علي إيقاظ والده و لكنه حين اقترب من السرير ، وجد والده مستيقظاً و في عينيه دموع غزيرة ، انهار يوتاكي عندما رأي والده بهذه الحالة و صمم علي معرفة حقيقة الأمر
***********************************



الحزء الرابع

#أهذهالحقيقةحقاً ؟!
يوتاكي : أبي أخبرني ما الذي يحدث ؟ لِمَ يحصل معنا كل هذا دون غيرنا ؟ لِمَ نحن الوحيدون ؟
الأب من بين بكائه المرير : كانت غلطة يا ولدي ، أقسم لگ
يوتاكي : و ما هي أبي ؟ أخبرني
الأب : كنت طبيباً مشهوراً جداً في البلاد و كانت كل الناس تحبني ، فقد كنت أقدم لهم المساعدة دائماً ، و في يوم كنت قد دُعيت إلي حفلة و عندما كنت عائداً تعطلت إشارات المرور و صدمت شخصاً يدعي فوكوشا ، بعد هذه الجملة بدا الخجل علي وجه الأب ، و أكمل حديثه قائلاً : و من حينها بدأت المأساة ، ففي نفس اليوم من كل عام يُقتل فرد من عائلتنا ، بدأ الأمر بجدتك التي وُجدت مقتولة شنقاً ، ثم أمك التي ذُبحت بطريقة وحشية حتي اعتقد الناس أننا مصابون بلعنة و طردونا من بلدتنا و جئنا إلي هذه الغابة لكي أجنبك كلامهم القاسي ، و قد هدأت تلك الأحداث منذ سنوات و لا أدري لِمَ عادت الآن ؟
يوتاكي : و هل علمتم من قتلهم ؟
الأب : اعتقدنا أنه شخصاً من عائلة فوكوشا هدفه الانتقام و تم القبض علي ولده و لكن هذا الاعتقاد قد ذهب الآن ، فالابن قد توفي منذ سنوات و هو في السجن نتيجة إصابته بمرض خطير و لكن لا أدري الآن من أين هذا التهديد ؟ و ما هو مصدره ؟
يوتاكي : و لكن يا أبي ألا تذكر شيئاً عن مقتل والدتي و لا عن أي من هذه الأحداث
الأب و قد أحني رأسه : كنت يا ولدي صغيراً لم يبلغ عمرك الثلاثة أعوام ، كانت والدتك تحملك و هي تستمع إلي معزوفة موسيقية ، و أثناء ذلك استخدم شخص مذيب الزجاج و أذاب جزءاً من النافذة و فتحها ثم دخل ، وضع يده علي فم والدتك و ذبحها
يوتاكي و قد بدت ملامح الألم الشديدة علي وجهه : فهمت الآن لِمَ أُصبت بالهلع الشديد عند سماع تلك المعزوفة و رؤيتي فقط للدماء و لكن لِمَ لا أتذكر أي شئ من هذا ؟
الأب و كأنه تردد أكثر قبل أن يتحدث : لقد حقنتك بمصل يؤثر علي ذاكرتك حتي لا تتذكر أي شئ مما حدث
يوتاكي : و لكن لِمَ يا أبي ؟
الأب : لم أرد لك أن تتألم و أن تعش في خوف ، أردت لك حياة هادئة مطمئنة و لكن يبدو أن حلمي لم يتحقق و أن حياتك لن تكون أبداً هكذا
يوتاكي : اهدأ يا أبي لا داعي للهلع .. أرجو منك أن تذهب لترتاح قليلاً سأتكفل بهذا الأمر
الأب : ولدي أرجوك لا تُعرض نفسك لأي خطر ، فأنت كل ما بقي لي في هذه الحياة
يوتاكي و قد شد الغطاء علي جسد والده : لا تخف يا أبي ،، لن يحدث لي شئ إن شاء ****
لم يكن يدري الأب المسكين أن الحقيقة لم تكن كما يعتقد ، بل هي بذاك الشئ الذي لم يكن يتخيل يوماً أنه سيطارده ، كانت تلك الحقيقة التي يعلمها مجرد جزء .. خرج يوتاكي من الغرفة بعد أن تأكد من نوم والده و أغلق الباب وراءه ، و اتجه إلي غرفته ، و ألقي بنفسه علي السرير و قال محدثاً نفسه : يا إلهي .. كيف احتمل أبي كل هذا ؟ و من ذا الذي يستمتع بتعذيبنا إلي هذه الدرجة ؟ الوحيد الذي كان مشكوكاً في أمره توفي فمن يكون هذا يا تُري ؟ أيُعقل أن الشرطة غفلت عن أحد ؟ أم أنه لا علاقة لهذا بالحادث الذي حدث في ذلك الحين ؟ و لكن كيف هذا فقد أخبرني الصوت أن والدي يعلم بكل شئ ؟ أيُعقل أنه يقصد شيئاً غير هذا ؟
ظلت هذه التساؤلات تدور في ذهن يوتاكي طوال الليل ، لم ينم لليلة الثانية علي التوالي
و في الصباح ورده اتصالاً من الرقم المجهول ، أجاب يوتاكي
الصوت : امم بمن أبدأ يا تري ؟ بك أم بوالدك ؟<br>
يوتاكي بعنف : إياك أن تمس والدي بأي سوء و إلا سأقتلك ،، صدقني سأقتلك
الصوت و قد تعالي ضحكه : إذن لكي تنقذ والدك عليك أن تفعل ما آمرك به
يوتاكي و قد تعالت لهجته أكثر فأكثر : أخبرني ماذا تريد و سأفعله لك
الصوت : عليك أن تذهب لغابة الموت و تحضر لي جمجمة صغيرة أزين بها غرفتي ، و تعالي ضحكه ، و استطرد قائلاً : و إن لم تحضرها خلال يومين سوف تودع والدك
يوتاكي : و ما هي غابة الم...
لم يكمل يوتاكي كلامه فقد أغلق الصوت الخط
يوتاكي محدثاً نفسه : يا إلهي . . و ما هي غابة الموت تلك ؟ و أين تقع ؟


الجزء الخامس


اتجه يوتاكي إلي الحاسوب و فتح الشبكة العنكبوتية و قام بالبحث عن غابة الموت ، و بالفعل وجدت خيارات كثيرة ، حاول فتح الأولي و لكنه فشل فقد كان الموقع مغلقاً بأمر من الحكومة اليابانية ، فتح الثاني فوجد الحال كما هو و كذلك الثالث و الرابع .. إلخ
يوتاكي : كل المعلومات تم تأمينها بواسطة الحكومة اليابانية و لا تسريب لأي معلومة .. ما الأمر يا تري ؟
انتاب يوتاكي القلق الشديد لكل هذا الحرص علي المعلومات ، نهض لكي يتجه إلي مدرسته ، و ما إن وصل حتي اتجه إلي فصله ، كانت الحصة الأولي من نصيب الأستاذ رايو ، لم يكن يوتاكي منتبهاً لأي كلمة يقولها الأستاذ و قد لاحظ الأستاذ رايو ذلك ، و بعد انتهاء الحصة استدعي الأستاذ يوتاكي و ذهب يوتاكي إلي حيث يجلس الأستاذ
الأستاذ رايو : ماذا هناك يا يوتاكي ؟ لِمَ تبدو شارد الذهن لهذه الدرجة ؟
يوتاكي : ليس هناك شئ يا أستاذ
الأستاذ : بلي هناك ، احك لي علني أستطيع أن أقدم لك يد العون ؟
يوتاكي : أخبرني يا أستاذ هل تعرف شيئاً عن غابة الموت ؟
جحظت عينا الأستاذ رايو بعد أن سمع سؤال يوتاكي و تصبب العرق من جبينه و تحدث إلي يوتاكي بصوت منخفض متحشرج : كيف علمت بهذا الإسم ؟ و لِمَ تسأل عنه ؟
يوتاكي و قد ازداد قلقه :ليس هناك شئ ، فقط سمعت هذا الإسم منأحدهم و أردت أن أعرف عنه ، فأرجوك سيدي إن كنت تعرف شيئاً أخبرني ،، أخبرني لِمَ أصابك القلق بعد سماع هذا الاسم
الأستاذ : عند سفوح جبل فوجي و علي امتداد البصر توجد أوكيغاهارا بحر الأشجار ، لم يُطلق عليها هذا الاسم عبثاً إلا لأن أشجارها متشابكة ومتلاصقة و جذورها مترابطة كالأمواج ،أُطلق علي تلك الغابة أيضاً غابة العفاريت و ذلك لانها شديدة الظلمة ، و لا يسكنها أي نوع من الحيوانات ، ارتبطت هذه الغابة بالموت حيث كان يُنفذ فيها طقس الأوباتسي
يوتاكي و هو يبتلع ريقه في صعوبة : و ما هو الأوباتسي ؟
الأستاذ مكملاً كلامه : هو طقس ياباني قديم ، ففي أوقات الكوارث و الأزمات و المجاعات ، لم تجد الأسر اليابانية ما يكفيها من الطعام و لذلك كانت تقوم بالتخلص من أفرادها الصغار أو كبار السن أو المرضي ، علَّ الطعام حينها يكفي من تبقي منهم ، و كان هؤلاء المساكين الذين يتم التخلص منهم يلاقون مصيرهم المحتوم الموت فبعضهم يموت جراء الجوع ، و بعضهم يموت جراء الخوف من البقاء وحيداً ، و الآخر كان يخفف عن نفسه المعاناة و يقوم بشنق نفسه
يوتاكي و قد أصابته القشعريرة : يا إلهي
الأستاذ : لم ينتهي الأمر عند ذلك ، فقد قيل أن هؤلاء الأشخاص الذين ماتوا في هذه الغابة تهيم أرواحهم بغضب يعصف الكيان يوري و كيف لا و قد تم التخلص منهم عن طريق أقرب الناس إلي قلوبهم
يوتاكي : و لِمَ فزعت يا أستاذ حين ذكرت هذا الإسم ؟
الأستاذ : لم ينتهي رعب تلك الغابة عند الطقوس القديمة فحسب بل استمر إلي وقتنا الحالي ، ففي كل أسبوع تكتشف السلطات حالة انتحار في هذه الغابة حيث يأتي إليها الناس من كل أنحاء اليابان في سياراتهم و يتركونها في بداية الغابة و لا يعودون لها أبداً و كأن شيئاً في الغابة يجبر كل من يدخلها علي التخلص من حياته ، و لم يتم معرفة إن كان هؤلاء الذين انتحروا كانوا بالفعل متجهين إلي هناك للإنتحار أم للزيارة التي انتهت بالإنتحار ، و نظراً للخطر المحدق بهذه الغابة فقد منعت الحكومة اليابانية الشعب عن التحدث بخصوصها حتي لا يؤدي ذلك إلي تزايد معدلات الإنتحار ، حتي أنني سمعت أن الحكومة تفكر في إزالة هذه الغابة من الخريطة درءاً لهذه الأسطورة و ما يتعلق بها من الموت
يوتاكي بحزن : إنها حقاً لمأساة
الأستاذ : أتمني فقط أنگ سألتني لمجرد المعرفة كما قلت ، و أرجو ألا تخبر أحداً بشأنها
يوتاكي : اطمئن يا أستاذ ، لن يتم تداول هذه المعلومات أبداً ، و الآن اسمح لي بالإنصراف يا أستاذ
الأستاذ : تفضل
خرج يوتاكي و هو مذهول مما قد سمع و قال محدثاً نفسه : يا إلهي ... يتوجب عليّ أن أذهب لتلك الغابة ليلاً حتي لا أسبب الرعب لوالدي إن عرف .. هل سأخرج منها آمناً ؟
عاد يوتاكي إلي بيته و القلق و الخوف باديان علي وجهه لا يدري ما هو القادم عليه من أحداث
صعد إلي غرفته و لكن بعد وقت قليل استدعاه والده إلي غرفته و بالفعل ذهب يوتاكي استأذن في الدخول
يوتاكي : لقد جئت يا أبي
الأب : ادخل يا ولدي ، أردتك في أمر
يوتاكي : خيراً يا أبي ؟!
الأب : هناك شئ أردت أن أعطيك إياه ، سبق أن أخبرتك كيف ماتت والدتك و لكن هناك شيئاً لم أخبرك به ، أثناء احتضار والدتك ضغطت علي زر التسجيل و تركت ما يشبه الرسالة لا أدري ما فيها فلم يطاوعني قلبي أن أفتحها و قد حان الوقت لأسلمك الشريط
بدا الإرهاق الشديد علي وجه الأب فأخبره يوتاكي أن يرتاح قليلاً و طلب الأب منه أن يظل بجواره إلي أن ينام ، و خضع الابن لرغبة والده و بقي بجانبه إلي أن جنَّ عليه الليل ، فهب من مكانه استعداداً لمغادرة المنزل و الإنطلاق في رحلته المجهولة ، ألقي علي والده نظرة طويلة و همس قائلاً : أتمني أن تكون دائماً بخير يا أبي ، سأحاول أن أعود إليك
و خرج من غرفة والده و اتجه إلي غرفته ، حضر حقيبة قرر أن يأخذها معه في رحلته وضع فيها ما يحتاج إليه : كشاف و بعض الطعام و أيضاً لم ينس الشريط الذي أعطاه له والده وضعه في جهاز مسجل صغير wocman حيث يستطيع أن يستمع لما فيه و وضعه في الحقيبة ، حملها و خرج من غرفته متجهاً إلي باب القلعة و ما إن كاد يفتحه حتي لمح مارو خلفه
مارو : إلي أين أنت ذاهب يا سيدي ؟
يوتاكي : لا أستطيع أن أخبرك يا مارو و لكن أرجوك اعتني بأبي إلي أن أعود ، إذا سأل عني و أحس بغيابي أخبره أنني جئت من المدرسة مرهقاً و غططت في نوم عميق
مارو : حسن يا سيدي كما تريد .. انتبه لنفسك
يوتاكي : حسن .. إلي اللقاء
و خرج يوتاكي من باب القلعة ،، كان الليل مظلماً و السماء ملبدة بالغيوم و كأن الطبيعة تعلن عن قرب حدوث عاصفة شديدة ، قطع يوتاكي الغابة و اتجه إلي المدينة حيث توجد السيارات التي تحمل الركاب إلي جبل فوجي ، استقل الباص المنشود ، و تحرك بعد وقت قليل ، سأل يوتاكي أحد الركاب : متي سيصل هذا الباص إلي وجهته ؟
أجاب الراكب و كان شاباً : سيصل غداً مساءاً
أحس يوتاكي أنه رأي هذا الوجه من قبل و لكنه لا يدري أين و متي ، و لذلك لم ينتبه للأمر و استغرق في نوم عميق من إرهاقه ، و في اليوم التالي مساءاً وصل الباص إلي وجهته المنشودة إلي جبل فوجي ، و هناك اتجه يوتاكي إلي حيث توجد غابة الموت




الجزء السادس


بدأ الطقس يكشر عن أنيابه و تساقطت الأمطار الغزيرة و برقت السماء و رعدت
يوتاكي : يا لحظي ... فوق سوء المكان الذي أنا متجه إليه الجو سئ

اقترب يوتاكي من غابة الموت شيئاً فشيئاً ، أحس بإنقباضة شديدة في قلبه ، و بعد دقائق كان قد أصبح بالفعل في تلك الغابة المشئومة ، كانت الأشجار بالفعل متلاصقة كما لو أنها تخبر البشر بأنها ليست مثلهم يتخلصون من أقرب الناس إليهم بل هي متحدة دائماً ، أحس يوتاكي بالرعب الشديد فقد كانت الغابة كئيبة و كريهة
يوتاكي : إن الجو ممزوج برائحة الدماء التي تزايدت عبر الأزمان ، الرائحة كئيبة و كريهة مليئة بالكره و الغضب ، هذا الشعور وحده يكفي أن يقتل البشر
كان السكون يخيم علي المكان فلا طائر يطير و لا حيوان ينبش و لكن بعد قليل سمع يوتاكي صوتاً ما
يوتاكي : ما هذا ؟ هل هناك أحد ؟
و لكن لم يجب أحد ، قال يوتاكي مطمئناً نفسه : آه ،، لا بد أنه حفيف الأشجار
كاد يوتاكي أن يقع عندما تعثر بشئ ، استخدم الكشاف ليري ما هذا ، فوجدها لافتة مكتوب عليها لا داعي لقتل نفسك ، فجميع مشاكلك قابلة للحل
يوتاكي : يبدو أنها لافتة مكتوبة بواسطة الشرطة اليابانية لمحاولة منع المنتحرين و إقناعهم بالعدول عن فكرة الإنتحار
و بعد مسافة تعثر يوتاكي مرة آخري و لكن هذه المرة وقع علي الأرض و تبعثرت حاجياته التي في الحقيبة ، التقط يوتاكي الكشاف ليري ما الشئ الذي تعثر به ، فوجدها جثة متحللة عبارة عن هيكل عظمي ، صرخ يوتاكي صرخة قوية مملوءة بالرعب و لكنه حاول أن يتماسك و يهدئ من روعه قليلاً
يوتاكي : ما طلبه ذاك الصوت موجود أمامي ، فلأسرع
حاول يوتاكي أن ينتزع تلك الجمجمة ، و لكنه فجأة أحس بشعور غريب و بدأت عيناه تجحظ شيئاً فشيئاً و كأنه قد فقد صوابه
يوتاكي بهلع : لن أنجُ من هذه الغابة ، سأظل أتعذب إلي أن أموت ، سيتسرب الخوف و الرعب إلي داخلي حتي يتمكنان مني و يقتلانني ببطء ، لن أعود إلي أبي أبداً
فجأة سيطرت كل المشاعر السيئة و الأحداث علي يوتاكي لم يعد ير أي شئ إلا الخوف و الكآبة ، فقد كل الأمل في الخروج من هذا المكان
يوتاكي و قد ازداد هلعه : لن يكون مصيري أفضل من مصير أمي و جدتي ، عشت وحيداً و يبدو أنني سأموت وحيداً و ليس وحيداً و فقط بل و أيضاً في هذا المكان المنعزل ، لن يتذكرني أحد ، سأُكفي نفسي هذا العذاب و أُنهي حياتي بيدي
استعد يوتاكي كي ينصب تلگ المشنقة لنفسه و بدا و كأنه قد فقد صوابه و أصبح مجنوناً ، و أثناء ذلك سمع صوتاً استدار ليري ما هذا ؟
فلم يجد سوي ذاك المسجل الذي يحمل الشريط الذي تركته والدته ، كان المسجل قد علق في أحد جذور الأشجار و انضغط زر التشغيل و دار الشريط ، و وضح صوت والدته و كأنها تصارع الموت لدقائق حتي تترك لولدها شيئاً يذكره بها <br>
صوت الأم : أحبك يا ولدي .. عش حياتك و لا تستسلم أبداً سأكون دائماً إلي جوارك ، أراك تكبر و أستمتع بتلك اللحظات
حاولت أن تأخذ نفساً قليلاً و أكملت : صحيح أنني لن أكون بجانبك و لكن سأكون دائماً في قلبك و تكون دائماً في قلبي ،، أحبك ولدي
و توقف المسجل ، و ما إن توقف حتي تساقطت دموع يوتاكي من تلگ الرحمة التي انطلق بها صوت والدته ، فهي في لحظاتها الأخيرة لم تنس طفلها ، و سقط هذا الصوت كالصفعة علي وجهه لتجعله يفيق مما هو فيه
يوتاكي و قد أفاق مما كان فيه : لن أستسلم أبداً ، والدي هناك ينتظرني و أمي ما كانت لتسمح لي بأن يتسرب اليأس إلي قلبي
اتجه يوتاكي إلي الهيكل العظمي الذي تعثر به و سحب جمجمته ، وضعها في الحقيبة و حمل المسجل و الشريط الذي يحتوي علي صوت والدته ، و أخذ يجري حتي يقطع تلگ الغابة القاتلة و انطلقت صوت صرخة شديدة من الغابة صرخة يوري و كأنها تلوي من الغضب و الحسرة علي ضياع فريستها التي كانت ستستمتع بتعذيبها قبل أن تلقي الفريسة ذاك المصير المحتوم الموت ، بدا و كأن الأشجار تحاول منع يوتاكي من المغادرة ، و لكنه تمكن من الفرار أخيراً بعد مجهود شاق ، و ما إن خرج من تلگ الغابة حتي استلم مكالمة من الصوت المجهول
الصوت : هل أحضرت ما أمرتگ به ؟
يوتاكي من بين أنفاسه المتقطعة : نعم ، إنه معي
الصوت و كأنه لم يكن يتوقع تلك الإجابة فالمكان الذي أرسل يوتاكي ليس هناك مفر منه : حسن ،، حين تركب الباص المتوجه إلي مدينتك ، ضع الجمجمة في الحقيبة التي تحملها و اتركها علي المقعد و أنا سأحصل عليها
اتجه يوتاكي إلي الباص المتجه إلي مدينته و جلس علي مقعده و أسند رأسه ليريحها قليلاً ، و بعد يوم كامل وصل الباص إلي المدينة ، هب يوتاكي من مقعده و ترك الحقيبة و الجمجمة علي المقعد كما أخبره الصوت
اتجه يوتاكي إلي بيته بعد ما لقاه من المعاناة ، وجد مارو بالانتظار
مارو : مرحباً بعودتك يا سيدي
يوتاكي : مرحباً بگ يا مارو .. كيف حال والدي ؟
مارو : إنه في أتم الصحة و العافية ، لقد لاحظ غيابك و أخبرته أنك اتجهت إلي غابتنا في مهمة عاجلة و لم تجد الوقت لتخبره
يوتاكي : أحسنت يا مارو .. سأتجه إلي غرفته الآن
و اتجه إلي غرفة والده ، استأذن في الدخول فأذن له الوالد
الأب : مرحباً بگ يا ولدي .. هل أديت مهمتك ؟
يوتاكي : نعم يا أبي ،، طمئني كيف صحتك ؟
الأب : أنا بخير ما دمت أنت بخير
يوتاكي : لقد استمعت إلي رسالة أمي يا أبي .. أتود أن تسمعها ؟
الأب : حسن .. أسمعني إياه
فتح يوتاكي المسجل و انطلق صوت الأم ، و ما إن انتهت الرسالة حتي ترقرقت الدموع من عينيّ الأب : رحمك **** يا زوجتي
يوتاكي و قد دمعت عيناه أيضاً : هي معنا دائماً يا أبي و لن تفارقنا ما حيينا
الأب : اتجه إلي غرفتك يا ولدي ؛ لتستريح قليلاً ، لا بد أنك متعب
يوتاكي : حسن يا أبي أستأذنك
اتجه يوتاكي إلي غرفته و ألقي بجسده علي السرير و غط في نوم عميق ، و كان لديه كل الحق ، فما تعرض له ليس بالقليل


الجزء السابع

#المنظمة
و يحدث أن يصبح كل شئ عديم اللون و القيمة ، تشعر أنگ قد فقدت نفسك عند مفترق طريق من طرق حياتك و لكن ما هو هذا الطريق ؟ لا تدري ، و كيف السبيل إلي إيجادها ؟ لا تعلم ،، كل ما تعلمه أنك عاجز عن استعادتها .. حياتنا تصبح حينها مجرد سنوات تمر و أشهر تنقضي و أيام تُنقص من عداد العمر .. تصبح نظرتك للحياة زاهدة تكتفي منها بقدر مرور اليوم ، تفقد الرغبة في الحلم و يذبل الشوق لتحقيقه ، ترغب أن يموت و يندثر حتي لا يؤلمك بوجوده في حياتك ،، تبكي كثيراً كأنك لم تبك قبلاً و يدمي قلبك كأنه لم يتأذي قبلاً و الأكثر قسوة من هذا يمر أمامك شريط حياتك لتتذكر ما مضي و عفي عليه الدهر ،، تنتابك أحاسيس متناقضة سعادة لا متناهية و حزن لا ينتهي ،، سعادة لأن بعض الذكريات الرائعة كانت يوماً جزءاً من حياتك و حزناً لأنها قد أصبحت مجرد ماضياً ،، يصبح حينها عقلگ مشتتاً تعجز عن لملمة أجزائه لا تدري مع أي إحساس تسير ؟ أتطاوع قلبگ بالابتسامة ؟ أم تطاوع عقلگ بالتحسر ؟ كل ما يصلگ حينها أن تتبع التيار إلي حيث يوصلك و تقنع نفسگ جاهداً أن أي الجانبين لا يفرق عن الآخر و سواء هذا أو ذاك فأنت عاجز عن التعرف علي نفسگ و علي ماهيتها
دارت هذه الكلمات في خلد ( _ ) و هو علي متن الطائرة المتوجهة إلي إيطاليا ، لتقاطعه المضيفة قائلة : هل تريد شيئاً سيدي ؟
ليرد ( _ ) من بين أعصابه الباردة و عيونه المغمضة : لا
و بعد عدة ساعات وصلت الطائرة إلي المطار ، و يهبط منها ( _ ) ، يتجه إلي ضابط المطار ليتم تفتيشه ، يُمسك الضابط جواز السفر و يفحصه ، و بعد عدة دقائق تجحظ عينيّ الضابط و يردف قائلاً : ما هذا أيها الشاب ؟ إن هذا الجواز مزور
الشاب ( _ ) و هو يجذب الضابط هامساً في أذنه : لو نطقت بحرف واحد فلن تشرق عليگ شمس الصباح ، فأنا جزء من مافيا ( تماشيو ) و أعتقد أنگ لا بد و سمعت عنها
اصفر وجه الضابط بعد سماع هذا الإسم و ازدرد لعابه بصعوبة ليجيب بعدها : حسن ، سوف أرتب أمر خروجك من هنا
ابتسم الشاب بخبث قائلاً : رائع أنگ تفهمت ، تعجبني نوعيتك
و بعد ساعة تقريباً انتهت إجراءات الشاب بنجاح ،، ليخرج من المطار و تستقبله سيارة فارهة ، يصعد إليها ليتبادل أطراف الحديث مع سائقها
الشاب : هل هناك جديد في المنظمة ؟
السائق : لا أدري يا سيدي ، و لكن ترددت إلي مسامعي أقوال أن الرؤوساء يسعون لسرقة رأس نووي من قاعدة عسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية تسمي ( ألفا ) ، و قد تم اختيارگ لأداء هذه المهمة ، كما أني سمعت أيضاً بأن هناگ مهمة أولية قبل تنفيذ هذه ، و لكني لم أعرف ما هي بالضبط
الشاب : يا إلهي ، رأس نووي من قاعدة عسكرية و ليس هذل و فقط بل هي قاعدة عسكرية أمريكية و لا بد أنها تتمتع بحراسة تفوق الخيال ،، ثم ما هذه المهمة الآخري التي يجب عليَّ تنفيذها أولاً ؟!
السائق : لا ترهق نفسك بالتفكير يا سيدي ، بالتأكيد ستشرح لگ القيادة كل شئ فور وصولگ هناك
الشاب : كنت أدري بأنني لن أحظي بفترة راحة ،، هيا فلتسرع
و بعد عدة دقائق وصلت السيارة إلي بناء شاهق فخم ، هبط ( _ ) من السيارة و دلف إلي داخل البناء ، و هناك قابله شاب في العشرينات من عمره تبدو من ملامحه أنه إيطالي الجنسية
الشاب : مرحباً بعودتك يا عميل ( يوجي )
يوجي : مرحباً .. كيف حالك باولو ؟
باولو : أنا بخير ،، كيف كانت رحلتگ إلي اليابان يا صديق ؟
يوجي : و كيف عرفت أنني كنت في اليابان ؟! فأنا لم أخبر أحداً بوجهتي
باولو بابتسامة خبيثة : عيبگ يا صديقي أنگ تنسي أننا جزء من منظمة تمتد جذورها إلي معظم الدول ، و تنسي أيضاً أن تحركاتنا كلها مراقبة .. أين نذهب ؟ و ماذا نفعل ؟ و لِمَ ؟<br>
يوجي بعبوس : رائع ،، ينقصني أن يأتي أحد ليخبرني ماذا كنت أفعل في اليابان ؟!
باولو بمزاح : لا تقلق أميجو ،، هذه المعلومات لا تعلمها إلا القيادة
يوجي : لن أنتهي منك في يومي هذا أليس كذلك ؟!
باولو بمزاح أكبر : حسناً سأصمت و لكن ( علت ابتسامة خبيثة علي وجهه ) ألن تخبر صديقك العزيز ماذا كان هدفك من زيارة اليابان ؟!
يوجي : لقد كنت ألهو قليلاً و أمرح
باولو : هههه سيأتي اليوم الذي أعرف فيه أدري بأنك لن تستطيع أن تخفي هذا الأمر كثيراً علي صديقك المفضل
يوجي : فلندع هذا الأمر جانباً و لتخبرني إلي ماذا تخطط القيادة بسرقة رأس نووي من أمريكا ؟!
باولو : لا بد أن ( استيفان ) الثرثار هو من أخبرك ،، صدقني لا أعلم أكثر مما تعلمانه ..
و أثناء كلامه رن جرس في المبني و علي ما يبدو أنه جرس من القيادة ، فقد أتبع الرنين قول باولو : هيا يا صديقي ، هذا الجرس المخصص بجمع العملاء ،، لربما الآن سنعلم ماهية المهمة و كيفية تأديتها
اتجه ( يوجي ) و ( باولو ) إلي غرفة الإجتماعات تبعهما العديد من العملاء الآخرين ، و بعد دخول الجميع بدأ رجل ضخم الجثة ، أصلع الحديث و علي ما يبدو أنه ذو منصب قيادي و كان يدعي ( جون )
جون : لا بد أنكم سمعتم بما ننوي أن نفعله من سرقة القاعدة العسكرية الأمريكية ، سوف يتم انتداب عميلين للقيام بهذه المهمة ، و لكن قبل مهمتنا هذه هناك شئ مبدأي لا بد أن نفعله .. أيها العميلان يوجي و باولو أنتما المكلفان بهذا الأمر كله ،، علي بقية العملاء أن ينصرفوا الآن
بعد خروج العملاء من غرفة الاجتماعات ، استطرد جون حديثه قائلاً : و الآن المهمة الأولية <br>
ستذهبون في رحلة إلي اليابان لإحضار شخصين لإتمام هذه المهمة
باولو : و من هما ؟!
جون ( و هو يضحك بخبث ) : إحداهما يُدعي يوتاكي
و ما إن نطق جون بهذا الإسم حتي انتفض قلب يوجي و جحظت عيناه و تطاير الشرر منها و كأنه قد رأي وحشاً كاسراً
لكم يستمتع جون بتعذيب الآخرين نفسياً ، فمن ضحكته الخبيثة تعلم أنه علي دراية بما كان من أمر العداوة بين يوتاكي و يوجي
يوتاكي ؟! و ما الذي سنفعله بهذا الأحمق ؟! و كيف لي أن أعمل مع من أعلم أنه ابن قاتل أبي ؟! تباً لك يا يوتاكي ، سأنتقم منك ، فقط انتظر .. دارت هذه الكلمات في خلد يوجي الذي ظهر و كأنه قد فقد عقله من شدة الغضب
استطرد جون حديثه بنفس الضحكة الخبيثة : و الشخص الآخر هو ناميدا
يوجي : و من هذا ناميدا ؟!
للحق لم يكن نمط سؤال يوجي موفقاً ، فها هو باولو يلاحظ أنه سأل عن ناميدا و لكنه لم يستفسر عن يوتاكي ، إذاً لا بد أن هناك سابق معرفة بين صديقه و يوتاكي ، كما أنه قبل لحظات أيضاً لاحظ مدي الغضب الذي ظهر علي وجه يوجي حينما نطق ذاك المدعو جون بإسم يوتاكي
باولو محدثاً نفسه : من ذاك يوتاكي؟! و ما هذا الغضب الذي بدا علي وجه يوجي فور سماعه بالإسم ،، ياا إلهي ، أكاد أُجن ، فضولي يكاد يلتهمني
جون و قد شبك يديه خلفه : ناميدا ابن عالم الأبحاث كورين ، أما يوتاكي ( قالها و هو ينظر بخبث ليوجي ) فأعتقد لست في حاجة للتعريف عنه ، أليس كذلك يوجي ؟!
ازدرد يوجي لعابه بصعوبة و قال بأصوات خافتة : بلي
يوجي محدثاً نفسه : هو يعلم ، هو يعلم حقاً أنني ذهبت إلي اليابان و طاردت ذاك الشخص
جون : جيد
أوشك يوجي و باولو علي النهوض إلا أن جون استوقفهما : لم ننتهي بعد ، قبل أن تقوما بالسفر لليابان ، أريد منكما أن تجلبا فتاة تُدعي يوي ، هي تقيم في إيطاليا في بلدة صغيرة سيتم إرسال عنوانها إلي هواتفكم الخلوية ، و الآن انصراف
يوجي : و لكن ماذا لو رفضت القدوم معنا ؟!
جون و قد تعالي ضحكه : عزيزي يوجي ، امتلك نقطة ضعف واحدة و ستري كم سيُبدع أعدائك في استغلالها ، و الآن هيا
لم يفهم أحد منهم ماذا يعني ذاك الرجل بكلمته ، و لكنهم انصرفوا علي أية حال
و بعد أن خرجوا ، توجه سكرتير جون له بالكلام : سيدي ماذا سيحدث لو تم كشف الحقيقة ؟!
جون بخبث : لا تقلق لن تنكشف ، أنا ألعب بهم جميعاً كالدمي ، هيا أرسل لهم عنوان تلك الفتاة ، و لا تقلق بشأن الحقيقة فأنا بارع في طمسها كعادتي
قال هذه الجملة و انطلقت منه تلك الضحكة الشريرة و التي يدري كل من يسمعها أن صاحبها كائن لا يعرف الشفقة ، لا يبالي بأي أحد عدا نفسه و ليس ذاك و فقط بل إنه يستمتع أيضاً برؤية الآخرين يتعذبون .......
بعد خروجهم من غرفة الإجتماعات ، انطلق رنين هاتفيِّ يوجي و باولو معلناً وصول العنوان الذي سيذهبان إليه لجلب تلك الفتاة
باولو : يا إلهي ، كم أكره الأعمال الشاقة
نظر إلي يوجي ليري هل هدأ غضبه ، و بالفعل كانت ملامح وجه يوجي قد بدأت تعود لسيرتها الأولي قليلاً
استطرد باولو حديثه : يوجي ، من هذا يوتاكي ؟! و ما علاقتك به ؟! ، لا تحاول أن تنكر ، فكل شئ بادٍ علي ملامح وجهك
يوجي بغيظ شديد : ذاك اليوتاكي ، هو ابن قاتل أبي ، فأنا الابن الأصغر للعميل السابق فوكوشا
باولو : قاتل أبيك ؟!
يوجي : بلي ، في أحد الأيام و بينما أبي يسير في أحد الشوارع ، إذا بسيارة تصدمه ، ليودي ذاك الحادث بحياته إلي الأبد ، و سائق السيارة لم يكن إلا والد ذاك اليوتاكي
باولو بتردد : و لكن يا صديقي ، ألا تري أن هذا الأمر يُصنف تحت بند حادثة و ليس قتل ؟!
يوجي و قد زاد غيظه و نظر بغضب إلي باولو : حادثة أم قتل !! ، ليس هناك فرق عندي فكلاهما ينهيان الحياة في لحظات
باولو و قد تراجع بعد تلك النظرة : حسن يا صديقي كما تشاء ، و لكن احذر أن يذهب بك كرهك و غضبك لطريق لن تتمكن بعده من إستعادة نفسك
يوجي و قد هدأ قليلاً : هيا ، لننطلق في طريقنا إلي منزل تلك الفتاة
**************************


الجزء الثامن

#مابينالماضيوالحاضر
و هناك في منزل الطبيب استيقظ يوتاكي من نومه فزعاً
يوتاكي بفزع : يا إلهي ، إنه كابوس مخيف
نهض يوتاكي من السرير و هبط إلي غرفة الطعام حيث كان والده ينتظره لتناول طعام الإفطار
الوالد : صباح الخير ولدي
يوتاكي : صباح الخير أبي
الوالد و قد لاحظ علامات الإرهاق علي وجه ابنه : ماذا بك يا بني ؟! لِم ترتسم علامات الإرهاق علي وجهك ؟!
يوتاكي : اعذرني أبي ، لقد راودني كابوس مخيف ، شعرت علي إثره أنني مقيد بالسلاسل و فاقد تماماً السيطرة علي جسدي و كأن هناك من يتحكم به
الوالد و قد بدت علامات الرعب علي وجهه : يوتااكي ، هل أنت بخير ؟! ، كيف أصبح جسدك الآن ؟!
يوتاكي بحيرة من رد فعل والده : لا تقلق أبي ، إنه مجرد كابوس عادي ، أشعر أنه ليس لدي رغبة في تناول الطعام ، سأخرج لأشم الهواء قليلاً بما أن اليوم إجازة
خرج يوتاكي من غرفة الطعام
الوالد برعب : ليته كان مجرد كابوساً يا ولدي ، يا ليته كان كذلك
و وضع الوالد وجهه بين يديه و انهار في البكاء
* و هناك في إيطاليا
انطلق الشابان بالسيارة عبر حقول خضراء إلي أن وصلا إلي البلدة التي تقيم فيها تلك الفتاة ، استوقفا أحد المارة
باولو : أيها السيد ، هل تعلم أين تسكن فتاة تُدعي يوي
المار : بلي سيدي ، أرأيت آخر منزل هناك ، هذا هو منزلها
يوجي : شكراً لك
المار : لا عليكم
انطلقا إلي حيث أشار ذاك المار و وقفا أمام ذاك المنزل ، هبطا من السيارة و قاموا برن جرس الباب و لكن لم يجب أحد ، و عندما حاولوا فتح الباب ، تمكنوا من ذلك ، سارا فيه إلي أن وصلوا إلي حديقة المنزل ، و هناك وقفت فتاة في ال 16 من عمرها ، ذات شعر أسود طويل و عينان تشتعلان و كأنهما جمرات من نار و ملامح باردة قاسية ، و تضع كاتماً للصوت علي أذنيها ، كانت تلك الفتاة تمسك سيفين و تنهال بهما بكل براعة و مهارة علي أعواد الخيزران المتراصة أمامها فتقسمها إلي أجزاء صغيرة و كأنها كالسيل الذي ما إن يمر علي ما يعيقه حتي يطيح به و يجعل ذلك العائق و كأنه لم يكن
باولو بمزاح : واو ، يبدو أن هذه المهمة ستكون رائعة
يوجي بلا مبالاة : هيا لنتحدث إليها ،، هوي أيتها الفتاة
لم يتلقا أي إجابة
باولو : لن تسمعنا و تلك السماعات علي أذنيها
استأنفا سيرهما إلي أن أصبحا قريبين جداً منها ، وضع يوجي يده علي كتفها
يوجي : أيتها الف..
لم يكمل يوجي كلامه ، فما إن كاد يلمس كتفها حتي انطلقت تلك الفتاة كالصاعقة ، و أصبحت خلفهما و قد لوت أذرعتهما خلف ظهورهما
يوي : من أنتما ؟! ، و كيف دخلتم إلي هذا المنزل !!
باولو بألم : لقد قمنا برن الجرس و لكن لم يجب أحد ، و وجدنا الباب مفتوحاً و لذلك دخلنا ،، اتركي أيدينا أيتها الفتاة حتي نتحدث
افلتت يوي قبضتها ، و تراجع الشابان عنها بضع خطوات و هما يمسكان أيديهما للتخفيف من الألم
باولو بحنق : يا إلهي ، أهذه قبضة فتاة أم وحش بري ؟!
يوي : من أنتما ؟! و ماذا تريدان ؟!
يوجي بجدية : نحن أعضاء من منظمة تماشيو ، و قد صدرت الأوامر من المدير بأخذكِ إلي مقر المنظممة
يوي بسخرية : منظمة تماشيو !! سمعت عن تلك المنظمة ، أليست متخصصة في السرقة و النهب و القتل !! يا إلهي كم امتلأ العالم بالقمامة ، التي لا بد و أن تُزال
يوجي و قد علت علامات الضيق الشديد علي وجهه من وصفهم بالقمامة : سنأخذكِ معنا شئتِ أم أبيتِ ،، هكذا هي الأوامر !
يوي و قد زادت من سخريتها : أوامر كهذه أنتم فقط من تتبعوها و ليست أنا يا حثالة
كان يبدو من كلام يوي أنها لا تطيق أبداً اللصوص و المنظمات و أيضاً كل شخص يخترق القانون
باولو و قد حاول تخفيف حدة الموقف يقترب من الفتاة : أيتها الفتاة المتمردة
قال هذا و حاول أن يقرب يده منها ، و لكنها سرعان ما أحكمت قبضتها علي يده و استلت سيفها لتضعه أسفل رقبته <br>
يوي بحقد شديد : أقسم أنك لو اقتربت مني بعد الآن و حاولت إثارة أعصابي ، لن تري شمس الصباح إلا و قد أصبحت في عداد الأموات ، فهمت كلامي أيها الأحمق أم سأضطر لإعادته ؟!
باولو و قد ارتسمت علي وجهه علامات الرعب و ازدرد لعابه بصعوبة : لا لا ، فهمت ما تقولين جيداً
أفلتت قبضتها و قامت بدفع باولو إلي اتجاه يوجي
يوي : و قاعدة هذا البيت : يُمنع دخول الحمقي و الحثالة ، هيا اخرجوا و إلا مزقت أجسادكم
و ما إن كادت تنهي كلماتها ، حتي سمعت صوت *** صغير
الصوت : لقد عدت يا أختي
و بعد لحظات ظهر صاحب الصوت *** لطيف رقيق في السادسة من عمره تقريباً ذو شعر أسود أيضاً
شعرت يوي بالضيق لوجود أخيها في حضرة هؤلاء الغرباء ، و كأن يوجي قرأ ما علي وجهها ، فانطلق سريعاً و أمسك الولد الصغير
يوجي بخبث : هوي هوي ، يا له من *** لطيف !!
يوي و قد حاولت إخفاء ما بدا علي وجهها من علامات الرعب : اترك اخي و لا تلمسه أيها الوغد
يوجي و قد ازداد خبثه : إذا كنتٍ تريدين مني أن أتركه و لا أمسه ، فلتأتِ بكل هدوء معنا
يوي بحقد و غيظ شديدين : و ماذا أنتظر من مجموعة لصوص غير هذا التصرف !! ، لكم ما أردتم سآتي معكم و لكن دعوا أخي و شأنه <br>
يوجي بخبث : ستأتين مقابل ألا نمس أخوكِ بسوء ، و لكن سنأخذه معنا لضمان أنكِ ستنفذين كل ما يُطلب منكِ <br>
يوي بكره : أيها الوغد الوقح !! <br>
إنه يدرك الآن ماذا قصد &quot; جون &quot; من مقولته امتلك نقطة ضعف واحدة و ستري كيف يمكن لأعدائك استغلالك ، فها هي نقطة الضعف في يده و بسببها تحولت تلك الشرسة المتمردة إلي قطة تُنفذ الأوامر <br>
يوجي : هيا ، باولو سر خلفها ، حتي لا تقم بأي حركة فجائية ، و أنا سأحكم قبضتي علي ذاك الفتي <br>
باولو : هيا <br>
ركب الأربعة السيارة التي تشق طريقها نحو مقر المنظمة
* و هناك في اليابان في إحدي الحدائق العامة
كان يوتاكي يسير بخطي متثاقلة ، يبدو علي وجهه الإرهاق و التعب ، بدا و كأنه يحدث نفسه
يوتاكي محدثاً نفسه : أصوات مجهولة ، تهديدات بالقتل ، إرسالي لتلك الغابة الكريهة ، ثم يا إلهي ما هذا الكابوس الذي بدا و كأنه جزء من الواقع ، جسدي شعر بكل ما حدث فيه حتي أني أكاد أقسم أنني كنت مقيداً بالسلاسل حقاً و فاقد السيطرة علي نفسي ، و الغريب شعرت و كأن شحنة كهربائية سرت في جسدي <br>
و بينما هو في خضم تفكيره اصطدم بشخص ما <br>
يوتاكي بتوتر و نظره ما زال معلقاً علي الأرض : المعذرة لم أكن منتبهاً<br>
الشخص الآخر : أوهو ، هذا أنت يوتاكي <br>
لم يكن هذا الصوت غريباً علي مسامعه ، رفع نظره إلي الأعلي قائلاً : هذا أنت ناميدا ، كيف حالك ؟!<br>
ناميدا : أنا بخير ، كيف حالك أنت و لماذا يبدو علي وجهك هذا التعب ؟<br>
يوتاكي : أنا أيضاً بخير ( أكمل كلامه بإبتسامة باهتة ) غير أن نومي لم يكن بخيرٍ أبداً<br>
ناميدا بقلق : أتمانع لو تحدثنا قليلاً <br>
يوتاكي : بالتأكيد لا ، هيا فلنجلس علي المقعد الذي هناك <br>
جلسا علي المقعد و شرعا في التحدث <br>
ناميدا باندفاع : يوتاكي أحقاً لم تتذكرني ؟! <br>
يوتاكي و قد بدت عليه علامات الحيرة : صحيح أن وجهك يبدو لي مألوفاً ، و لكن هل قابلتك قبل لقائنا في المدرسة ؟!
ناميد و قد زاد اندفاعه : يا إلهي ، لقد أصابتني الدهشة عندما التقيت بك في المدرسة و عجزت عن التعرف علي وجهي و لكن يومها أعزيت السبب لكونك كنت مستعجلاً علي الذهاب و لكنك حقاً لا تتذكرني
يوتاكي بغرابة و بملامح كاد أن يغلب عليها طابع الضيق : هل ستخبرني ماذا هناك يا ناميدا أم ستظل تتعجب كثيراً ؟!
ناميدا : يوتاكي لقد كنا أصدقاءً مقربين حين كنا صغاراً فأنا ناميدا كورين ، كنا دائماً نلعب و نمرح سوياً ، بالإضافة إلي شخص ثالث لم نكن أبداً نعرف اسمه ، حتي هو لم يكن يعلم له إسماً فقد أخبرنا قبلاً أن والديه ينادونه E.3 .. ألا تتذكر أي شئ من هذا ؟!
يوتاكي بحزن و ألم : أعتذر يا صديقي ، فقط أتذكر ظلالاً تتحرك ، فذاكرتي تم التلاعب بها
ناميدا بتعجب : التلاعب بها ، و كيف هذا ؟!
يوتاكي و قد تابع حديثه بجرعة زائدة من الحزن و الألم و قد انطبعت علي مقلتيه لمعة بدأت و كأنها دمعة تأبي أن تسقط : لقد قام والدي بحقني بمصل يؤثر علي ذاكرتي حتي أنسي ليلة ( و حينما وصل إلي ذاك الجزء لم يعد يقو علي حبس الأسري في عينيه فانسكبت دموع كبتها منذ صغره و هو لا يدري )
ربت ناميدا علي كتف صديقه في محاولة للتخفيف من ألمه و تلك الكلمات تدور في عقله ( له كامل الحق في أن يبكي ، من ذا الذي يستطيع العيش بدون ذكريات سواءً كانت رائعة أم علي النقيض ، فالذكريات بمثابة كود تعريف للشخص ما إن يفقده حتي يعش مجهولاً بدون هوية ) ،،
استعاد يوتاكي رباطة جأشه قليلاً ثم استطرد حديثه قائلاً بأنفاس متقطعة : حتي أنسي ليلة مقتل والدتي ، فقد كان باعتقاده أنه هكذا يحميني من تلك الحوادث و اللعنات التي لحقت بعائلتنا
ناميدا : مذ أن لحقت بكم تلك اللعنة التي تم انتشارها في البلدة ، منعني أبي من الإقتراب منك و من عائلتك
يوتاكي و قد أردف قائلاً : و لكن للأسف محاولات أبي لم تجدي ثمارها ، فقد تحولت حياتي الرتيبة إلي لغز محير منذ أن ...
سكت يوتاكي قليلاً فقد كان محتاراً بين أن يقص لصديقه ما حدث و بين أن يُشرك صديقه في هذا اللغز الذي لا تفسير له ، و لكن ناميدا قاطع الصمت قائلاً : أخبرني منذ أن ماذا ؟! <br>
قرر يوتاكي استئناف حديثه : منذ أن بدأت باستقبال مكالمات من أرقام مجهولة ، و صوت يطلب مني أن أنفذ أوامراً له و إلا سيقتل أبي ، و الذي يثير جنوني أننا ليس هناك عداوة بيننا و بين أحد ما ، عدا حادثة سير ارتكبها أبي قديماً ، و لكن الشخص الذي كان يُشك في أمره لقي حتفه جراء مرض خطير
ناميدا : يا إلهي ، و هل ما زالت تردك تلك المكالمات ؟!
يوتاكي : لا ، لقد توقفت
ناميدا بتعجب : إذا كان مصدر إزعاجك قد توقف ، إذاً لِمَ لم يكن نومك جيداً ؟!
يوتاكي محاولاً تذكر الكابوس : لقد شعرت أن جسدي مقيد بسلاسل و أنا فاقد السيطرة عليه تماماً ، و ليس هذا و حسب بل شعرت أن هناك شحنة كهربائية تسري في أوصالي
ناميدا و قد بدت عليه علامات الدهشة الشديدة : ماذا ؟!
يوتاكي : ماذا هناك ؟!
ناميدا و قد أكمل بنفس علامات الدهشة الشديدة : لقد راودني كابوس أنا أيضاً شعرت معه أني جسدي مقيداً بالسلاسل ، و لكن ما يختلف أنني شعرت بأن هناك ضغط شديد علي عقلي و كأنه سينفجر <br>
يوتاكي و قد بدت عليه علامات الدهشة الشديدة أيضاً : يا إلهي ، ما هذه الصدفة ! <br>
ناميدا : أشك في أنها صدفة <br>
يوتاكي بدهشة : و لكن لمَ ؟!
************************
 
  • عجبني
التفاعلات: 💥✨🌟 قيصر الشرق ✨💥🌟
اذا كان العنوان ( سنفونية ) مش سمفونية يبقي هنقراها ازاي بعد كده
 
  • عجبني
التفاعلات: ٱڷمُﭳهْوٌڷ
تم أضافة الجزء الثاني
 
  • عجبني
التفاعلات: ٱڷمُﭳهْوٌڷ
تم أضافة الجزء الرابع الجزء التالي يضاف هنا في تعليق وليس في موضوع الدمج
 
  • عجبني
التفاعلات: ٱڷمُﭳهْوٌڷ
نسوانجي كام أول موقع عربي يتيح لايف كام مع شراميط من أنحاء الوطن العربي
تم أضافة الجزء السادس
 
تبدأ الرواية بوصف حياة " يوتاكي " و ما يحيط بها من غموض ، يستلم مكالمات مجهولة ، يعتقد أن والده يعلم حقيقتها و لكن للأسف حتي الحقيقة التي يعلمها الوالد ليست هي الحقيقة حقاً
*****************************

1_في غرفة من غرف تلك القلعة الغامضة و الموجودة في الغابة التي تقع علي أطراف مدينة من مدن طوكيو ، وقف " يوتاكي " أمام المرآة يعدل ملابسه المدرسية و يرتب شعره و بعد أن انتهي مما يفعل تناول حقيبته الملقاة علي الأرض و ارتداها
يوتاكي : إنه اليوم الدراسي الأول في هذا العام و قد انتقلت إلي المدرسة الثانوية ،، اممم أتمني أن تكون سنة مختلفة
فتح باب غرفته ، و هبط علي السلالم إلي أن وصل إلي الدور الأول ، و هناك فتح باب غرفة
يوتاكي : إلي اللقاء يا أبي ، أنا ذاهب إلي المدرسة و سأعود قريباً
لم يتلق " يوتاكي " أي رد علي كلامه فقد وقف عند الباب و كان والده محملقاً في سقف الغرفة و لم ينتبه علي يوتاكي ، فانسحب بهدوء و أغلق باب الغرفة
يوتاكي في صوت خافت : يا إلهي ، يبدو أن أبي شارد الذهن مرة آخري
اتجه يوتاكي إلي باب القلعة و فتحه بهدوء ثم خرج و أغلقه ، كان السائق " مارو " واقفاً بالخارج منتظراً يوتاكي
مارو : السيارة جاهزة يا سيد يوتاكي
يوتاكي : إذن هيا فلننطلق
فتح " مارو " باب السيارة ليصعد " يوتاكي " إليها ثم أعاد غلقه ، و ذهب ليأخذ مكانه كسائق ، انطلقت السيارة تشق طريقها في الغابة ، علي حين أن " يوتاكي " غارقاً في التفكير واضعاً مرفقه علي باب السيارة ناظراً للخارج و هذا السؤال يجول في خاطره : لم تراود أبي حالات الشرود هذهيا تُري ؟ ما سببها ؟
لم يعيده إلي العالم الحقيقي إلا صوت السائق " مارو " و هو يقول : لقد وصلنا إلي نهاية الغابة يا سيدي
يوتاكي مبتسماً : حسن .. سأنزل لأكمل الطريق إلي المدرسة سيراً كعادتي ، فشوارع طوكيو مزدحمة دائماً ، و إن حاولت السيارة السير فيها فلن أستطيع أن ألحق موعد الدوام
هبط " يوتاكي " من السيارة ، واستمر في سيره و عندما رأوه الناس بدأوا يتخافتون و يتهامسون ، سار " يوتاكي " في خطي متثاقلة واضعاً يده في جيبه قائلاً في نفسه بتنهد : لقد بدأنا مرة آخري ،، عندما يرونني يبدأون في التهامس و التخافت ؛ إنها عادتهم التي لا أعرف لها سبب ،، علي كل ٍ لأسرع كي أصل علي الموعد
أسرع " يوتاكي " في خطاه إلي أن وصل إلي فناء المدرسة ، توجه إلي فصله و جلس في المقعد الأخير ، دخل مدرس الأحياء الأستاذ " رايو " إلي الفصل ، رحب بالتلاميذ الجدد و هنأهم بالعام الدراسي الجديد
الأستاذ " رايو " : مرحباً بكم يا أعزائي في المدرسة الثانوية أتمني أن يكون عامكم الدراسي سعيداً ، سيكون النظام في مادة الأحياء أن ينقسم الطلاب إلي ثنائيات فهيا كل منكم يختار شريكه
اختار كل من الطلاب شريكه الذي قد يرغب في العمل معه ، فيما عدا " يوتاكي " لم يختره أحد و لم يختار هو أحداً أيضاً
الأستاذ " رايو " : أرجو المعتذرة يا يوتاكي ، لم يبق أحد ليعمل معك و يبدو أنك ستعمل بمفردك
يوتاكي بهدوء : لا داعي للإعتذار يا أستاذ ، معتاد علي هذه المواقف ، لا عليك
الأستاذ " رايو " : أرجو لگ التوفيق
يوتاكي : شكراً أستاذ
توالت الحصص علي " يوتاكي " إلي أن انتهي الدوام الدراسي ، حمل حقيبته و انطلق في طريقه عائداً إلي الغابة حيث وجد السائق " مارو " بانتظاره بجانب السيارة
السائق : مر..
لم يتوقف " يوتاكي " ليلقي التحية علي " مارو " كعادته ، و دلف إلي السيارة دون أن ينبس ببنت كلمة
اتجه " مارو " أيضاً إلي السيارة و قادها ، نظر في المرآة ، وجد ملامح الشرود بادية علي وجه " يوتاكي "
السائق : سيدي
لم ينتبه " يوتاكي " لكلام " مارو " و لكن السائق عاود الكلام مرة آخري
السائق بصوت أعلي : سيدي
يوتاكي : هه ،، ماذا هناك يا مارو ؟
السائق : لِمَ تبدو شارد الذهن ؟
يوتاكي : اممم ، ليس هناك شئ يا مارو ، فقط الأشياء المعتادة ، لا تقلق
بعد عدة دقائق وصلت السيارة إلي القلعة ،نزل " يوتاكي " منها و دلف إلي داخل القلعة ، صعد علي السلالم حتي وصل إلي غرفته و هناك ألقي الحقيبة علي الأرض ، و ألقي بنفسه علي السرير و أغمض عينيه في خمول ، و تلك التساؤلات الغريبة تدور في رأسه .. لِمَ يتهامس الناس حين يرونني ؟ و لِمَ يتحاشاني زملاء صفي دائماً ؟ إنها حياة غريبة حقاً
لم يخرجه من تلك الموجة إلا صوت تغريد عصفور واقف علي النافذة ، اعتدل " يوتاكي " في جلسته
يوتاكي : و أخيراً وصلت يا صديقي العزيز .. مرحباً بك ،، لن تصدقني إن قلت لك أن هذا أكثر يومٍ اشتقت لگ فيه
بدأت قصة " يوتاكي " و صداقته مع ذلك العصفور ، حين أنقذه " يوتاكي " مرة من الموت و ذلك بعد أن أصابته طلقات الصيادين الغادرة ، و أثناء تجول " يوتاكي " في الغابة رأي ذلك العصفور ملقي علي الأرض أمام شجرة ، وجده متخبطاً بدمائه ، حمله " يوتاكي " و أسرع به إلي القلعة حيث أسعفه و أطعمه و اعتني به إلي أن استرد عافيته تماماً ، و منذ ذاك اليوم و العصفور و " يوتاكي " لا يفترقا أبداً عن بعضهما و رغن أنهما مختلفان فهذا بشر و هذا طائر إلا أنهما يفهمان لغة بعضهما إلي حد كبير و اعتبره " يوتاكي " صديقه الوحيد و أطلق عليه اسم " بيرد "


الجزء الثاني

2_تعالي تغريد العصفور ، فاستغرب " يوتاكي " من تصرفه
يوتاكي : ماذا هناك يا صديقي ؟
أشار العصفور بجناحه إلي فرع من الشجرة التي أمام القلعة ، و نظر " يوتاكي " ليري إلي ماذا يشير صديقه الطائر ، فوجد عصفوراً آخراً هناك
يوتاكي بضحكة هادئة يشوبها استسلام غامض : أها ،، لقد فهمت .. حصلت علي رفيق ،، محظوظ أنت يا صديقي العزيز و لكن أتمني منك ألا تهملني
تعالي تغريد العصفور أكثر فأكثر و صار أكثر شراسة و كأنه فهم ما يعنيه صديقه ليُعلن أن مثل هذا التصرف لن يفعله أبداً ، فهو لن يتخلي عمن أنقذه و رعاه و رافقه ، ثم طار العصفور و حرك جناحيه و كأنه يلوح لصديقه مودعاً إياه
يوتاكي : حسن يا عزيزي .. إلي اللقاء القريب
أحس " يوتاكي " بانقباضة مؤلمة في صدره عند رحيل صديقه العصفور و لم يدري لذلك سبباً
أغلق " يوتاكي " النافذة ، خلع ملابس المدرسة و ارتدي لباسه العادي ثم هبط ليتناول الغداء مع والده ، طال الصمت قليلاً علي منضدة الغداء ، و لكن الأب بادر بالسؤال : كيف كان يومك الدراسي يا يوتاكي ؟
يوتاكي : لقد كان مثل المعتاد أبي فلا شئ جديد ، الكل يتحاشاني
عندما سمع الأب كلام ولده تغيرت ملامحه و بدا علي وجهه الألم : و هب واقفاً قائلاً : لقد انتهيت
و اتجه إلي الباب خارجاً من الغرفة ، سمع صوتاً من خلفه : أعتذر لك يا أبي ، لم أقصد أن أضايقك بكلامي
و بعد وقت ليس بالكثير غادر " يوتاكي " غرفة الطعام أيضاً ، كان يود كثيراً لو يعرف لِمَ يلمح الحزن دائماً في عينيِّ والده ؟
صعد " يوتاكي " إلي غرفته ، ارتدي ملابس النوم و أطفأ الأضواء ثم استلقي علي السرير ليذهب في نوم عميق
و بعد عدة ساعات استيقظ ، أضاء الأنوار ثم سحب مقعده ليجلس أمام المدفأة و بيده كتبه التي سيذاكر فيها ، و بجانبه قدح من القهوة ، و أثناء ذلك رن هاتفه ، كان الإتصال مجهول المصدر ، تردد في أن يرد و لكنه في النهاية استجاب للرنين و أجاب
يوتاكي : مرحباً .. من المتحدث ؟
المتحدث : مرحباً يوتاكي .. ألا تعرفني ؟
يوتاكي : اعذرني لم أستطع أن أتعرف إلي الصوت و لكن يبدو من كلامك أنك تعرفني
المتحدث : بالتأكيد أعرفك .. أنا نهايتك
بدت ملامح الدهشة و الاستغراب علي وجه يوتاكي و أجاب قائلاً : يا لها من مزحة سخيفة ، يبدو أنك تريد التسلية
أغلق الخط و دفع بالهاتف علي السرير
يوتاكي : لست في مزاج جيد لمثل هذه المزحات
و ما إن أنهي " يوتاكي " كلامه حتي دوي من السماء صوت رعد و ظهرت صعقات برق ، اتجه إلي النافذة و وقف أمامها قائلاً : يبدو أنها ستكون ليلة عاصفة
ثم سحب الستائر المسدولة علي النافذة و اتجه لينهي مذاكرته ، و بعد عدة ساعات أنهي ما عليه
يوتاكي : يا إلهي ، أول يوم في المدرسة الثانوية بهذا الكم من الواجبات و المذاكرة .. يبدو أنها لن تكون مهمة سهلة أن أتخرج من الثانوية
نظر إلي ساعته وجدها تشير إلي الواحدة صباحاً
يوتاكي : لقد حان موعد نومي ، فلأضع الكتب التي يجب أن آخذها معي غداً إلي المدرسة في الحقيبة ثم أذهب للنوم
حضَّر حقيبته ثم أسندها للحائط ، و اتجه إلي الأضواء فأطفأها و خلد إلي النوم
و في الساعة السادسة من صباح اليوم التالي استيقظ " يوتاكي " ، غسل وجهه ثم ارتدي ملابس المدرسة و هبط علي السلالم و اتجه إلي المطبخ أعد لنفسه بعض الطعام الذي سيأخذه معه إلي المدرسة
قال بامتعاض و بصوت خافت : ماذا كان سيحدث إن عيَّن والدي خادماً ليساعدنا ؟! ، التذمر لن يفيدني فلأسرع
أعد ما يحتاجه من الطعام و وضعه في الحقيبة و خرج من المطبخ مسرعاً ، و اتجه إلي الغرفة التي يجلس فيها والده دائماً ، فتح بابها و قال بصوتٍ عالٍ : وداعاً أبي .. إنه موعد ذهابي إلي المدرسة
أصابته الدهشة الشديدة حين سمع صوت والده و هو يجيبه : انتبه لنفسك كثيراً يا ولدي
أجابه يوتاكي من بين ذهوله : حسن يا أبي
أسرع يفتح باب القلعة و اتجه إلي السيارة و هو يقول : هيا يا مارو
و ما إن صعد " يوتاكي " إلي السيارة حتي انطلق بها مارو .. إلي أن شق الغابة و وقف في نهايتها ، هبط " يوتاكي " من السيارة ليُكمل طريقه سيراً كما اعتاد ، و حدث ما يحدث كل يوم ما إن مر علي الناس حتي بدأوا يتهامسون .. ، لم يعيرهم اهتماماً و كأنه قد اعتاد علي مثل هذه التصرفات .. و بعد فترة من الوقت ليست بالقصيرة ، وصل إلي فصله و حدث فيه كما حدث في الشارع تماماً همسٌ و كلام خافت ، بدا علي وجه " يوتاكي " علامات التذمر الشديد و لكنه كتمه في نفسه و بدا له أنه من الخير ألا يناقش أحداً و لا يهتم حتي بهم ، اتجه إلي مقعده ، توالت الحصص الواحدة تلي الآخري ، و ما إن أعلن جرس المدرسة انتهاء اليوم حتي تنفس الصعداء و كأن ثقلاً شديداً كان علي صدره
3_خرج من الفصل و أثناء خروجه اصطدم بفتي في مثل عمره و لكنه في فصل آخر
الفتي : آسف ،، لم أكن منتبهاً لطريقي
كان هذا الفتي ينظر ليوتاكي نظرة حانية غامضة تخفي الكثير
يوتاكي و قد أحس أنه رأي هذا الفتي من قبل في مكان ما : لا عليك ،، كل شئ علي ما يرام ، و لكنني لا أتذكر أنني رأيتك في المدرسة من قبل أليس كذلك ؟
الفتي : نعم .. فلفقد انتقلت إلي هذه المدرسة حديثاً ،، أنا أُدعي " ناميدا "
يوتاكي : مرحباً ناميدا سررت بمعرفتك ،، أنا " يوتاكي "
ناميدا : سررت بمعرفتك أيضاً يا يوتاكي
يوتاكي : أتمني أن تعجبك المدرسة ، و الآن صديقي يجب عليَّ المغادرة ، فسائقي ينتظر
ناميدا : بالطبع تفضل .. أراك فيما بعد
خرج " يوتاكي " من المدرسة ، ثم شق طريقه إلي الغابة و أثناء سيره رن جرس جواله ، أخرجه " يوتاكي " من جيبه ليري من المتصل ليجده الرقم الغريب المجهول الذي اتصل عليه الليلة الماضية ، أجاب يوتاكي : ماذا تريد ؟ و من أنت ؟
الصوت : ستعلم من أنا فيما بعد .. أما الآن أسرع إلي بيتك فهناك مفاجأة تنتظرك ، ثم أغلق الصوت المجهول الخط
يوتاكي و هو يعيد الجوال إلي جيبه : يا له من شخص غريب ! ، و لكن ماذا كان يقصد بالهدية ؟!


الجزء الثالث

#هلتريدمعرفة_الحقيقة ؟!
عجل يوتاكي في خطاه إلي أن وصل إلي السيارة الواقفة في بداية الغابة ، و ما إن وصل حتي دخل إلي السيارة قائلاً : هيا مارو .. قد بأقصي سرعة لديك
مارو بتعجب :ح .. حسن يا سيدي
قاد مارو السيارة بسرعة كبيرة ، و بعد عدة دقائق وصلوا إلي القلعة ، هبط يوتاكي من السيارة و أسرع يفتح باب القلعة ، و لأول مرة يجد والده واقفاً ينتظر و هو يقول له : بني لقد وصلك طردٌ اليوم ، و قد وضعته في غرفتك
يوتاكي : شكراً يا أبي
صعد إلي غرفته و هناك وجد الطرد علي السرير ، أمسكه و فتحه ، وجد بداخله ظرفاً مكتوب عليه بالدماء : استمتع بهديتك
ارتعب يوتاكي من هذا و أحس أن قلبه يكاد يتوقف ، بداخل الطرد كان يوجد صندوق صغير ، فتحه و ما إن فعل ذلك حتي أطلق صرخة بأعلي صوته من شدة الألم ، فما كان بداخل الصندوق إلا صديقه العصفور مذبوحاً
يوتاكي و العبرة تخنقه : يا إلهي ،، يا إلهي
صعد والد يوتاكي علي إثر صرخة ولده و فتح الباب بسرعة : ماذا هناك يا ولدي ؟ لِمَ تصرخ ؟
و ما إن وقعت عينا الأب علي ذاك الصندوق و العصفور المذبوح بداخله حتي هاله ما رأي و بدا علي وجهه علامات الخوف و الارتعاب الشديدين و انسحب من الغرفة و كأنه لا يعي ما حوله
و بعد دقائق استلم يوتاكي مكالمة آخري من ذاك الرقم المجهول ، فتح بسرعة
الصوت : أخبرني هل أعجبتك الهدية ؟
يوتاكي بصوت مرتعش و أنفاس متقطعة : أيها الغبي ،، لِمَ فعلت ذلك ؟ ،، ما كان إلا طائراً مسكيناً
الصوت : هذه فقط البداية ،، و إن كنت حقاً تريد أن تعرف كل شئ قابلني في الغابة الساعة العاشرة مساءاً .. اسلك الطريق المستقيم ثم قف عند الشجرة التي أنقذت عندها ذاك العصفور ، ثم أغلق الخط
شرع يوتاكي في بكاء مرير ، غصة شديدة في قلبه تعتصره ، بدا كل شئ مظلماً ، جلس علي السرير و إلي جانبه الصندوق ، بدا و كأنه قد دخل في غيبوبة اللا وعي
و علي الجانب الآخر بعد أن انسحب الأب من غرفة ولده ، ذهب إلي غرفته و هو فاقد الحس بكل ما حوله و من حوله ، دخل الغرفة و هو يتمتم : هل يُعقل أن يكون بدأ من جديد ؟
أخرج رنين الهاتف الأب من حالته ، أمسك الأب الجوال ليري من المتصل ، كان رقماً مجهولاً هو نفس الرقم الذي يرن علي يوتاكي و لكنه أجاب : مرحباً
الصوت : لقد بدأ الانتقام من جديد
الأب و قد بدا علي وجهه الإرتياع : ما .. ماذا تقصد ؟
الصوت : سأحرق قلبك علي ولدك أولاً ثم أقضي عليك ، سأجعلك تراه يموت كل يوم و في كل ساعة دون أن تقدر علي مساعدته ، قبل أن أقضي عليه سأمتع ناظري و أنا أراك تذرف الدموع علي ولدك و أنت تدري أنك ستلحق به
الأب و قد شرع في البكاء : أرجوك دع ولدي و شأنه .. اقتلني أنا إن أردت ، و إن شئت عذبتني و لكن اتركه هو لا ذنب له
الصوت : أنا أيضاً لم يكن لي ذنب
الأب : أنا آسف كانت حادثة بالخطأ .. لم يكن لي يد فيها
الصوت : انتهي الأمر .. فلتنتظر هلاك ولدك ثم بعده هلاكك أنت
و انغلق الخط ، جحظت عينا الوالد لآخرهما ، قدماه ما عدتا تحتملانه ، جذب أقرب كرسي إليه و جلس ، وضع رأسه بين كفيه و هو يقول : ولدي .. ولدي
و هناك في غرفة يوتاكي ظل الحال كما هو ، فها هو جالس علي السرير بصمت و عيناه تبدو و كأنها فقدت بريقها ، مضي النهار طياً و هب الليل بظلمته و بروده ، و عند الساعة التاسعة و النصف استلم يوتاكي مكالمة آخري من ذاك الرقم ، فأجاب دون أن يتكلم
قال الطرف الآخر : نسيت أن أخبرك بأن عليك أن تأتي وحيداً دون سيارة ، و لا أريد لأحد أن يتبعك .. هل فهمت ما أقوله ؟
صمت يوتاكي لبرهة ثم أجاب : حسن ، و أغلق الخط ، هب من السرير واقفاً و خرج من باب الغرفة هابطاً علي السلالم
و في البهو قابله مارو : هل أنت ذاهب إلي مكان يا سيدي ؟
و لكنه لم يتلق أي إجابة علي سؤاله ، إلا أنه لم يستسلم و أكمل كلامه : هل أجهز السيارة ؟
نظر إليه يوتاكي نظرة مخيفة كاد السائق أن ينتفض من مكانه إثرها و قال : و هل أمرتك بذلك ؟
مارو : لا .. لا يا سيدي
يوتاكي : إذن فلتصمت و لتذهب من أمامي
و ما إن انتهي من كلامه حتي أكمل سيره نحو باب القلعة و فتحه و خرج ، و بدأ يسير في الغابة ، إلي أن وصل إلي تلك الشجرة المنحوت عليها هنا التقي يوتاكي و صديقه الطائر بيرد ، و عندما وقف أمامها انهالت علي ذاكرته تلك الأحداث التي مرت في ذاك اليوم ، عندما هجم بعض الصيادين علي الغابة و صاروا يقتلون الطيور و الحيوانات بكل وحشية ، كان الجو كله ممزوج بتلك الرائحة : رائحة الرصاص ، ثم تذكر كيف مر أمام تلك الشجرة و وجد العصفور و هو متألم جريح و كيف أنقذه ، و تلك الليالي التي قضياها سوياً ، و انتهت الذكريات السعيدة بتلك الكارثة و هي ذبح صديقه الذي طالما رافقه ، لم تعد دموعه تقو علي البقاء في عينيه و عجز أن يكتمها أكثر فسقطت ، فليس هناك مهرب
و فجأة سمع صوتاً هو نفسه الصوت المجهول الذي يسمعه في الهاتف : ابك ، فالبكاء مريح
يوتاكي : ها قد جئت وحيداً ، أخبرني من أنت ؟ و لماذا فعلت فعلتك التي فعلت ؟
الصوت : هذا السؤال لن أجيب عليه أنا ، فوالدك هو المعنيِّ
يوتاكي : والدي ؟! و ما شأنه بالذي فعلته ؟
الصوت : لا بد و أن تعلم كل شئ في وقت ما
يوتاكي : و لكن إن كانت الضغينة بيننا فما دخل طائري ؟ إنه لا يَعقِل
الصوت : هذا فقط أول الضحايا .. ستتعذب و تتألم ، و سأمتع ناظري
يوتاكي بعنف : أيها الوحش .. أظهر نفسك إن كنت تجرؤ !
الصوت ممزوجاً بسخرية : سأظهر و لكن عندما أحدد أنا ذلك و في الوقت الذي أجده مناسباً
ثم اختفي الصوت بعد ذلك ، عاد يوتاكي إلي القلعة و هو لا يدري ماذا يفعل ، صعد إلي غرفته ، و ألقي بنفسه علي السرير ، سحب الغطاء علي جسده كله ، بات و في قلبه كمد يكاد أن يسع الكون ، مر الليل ببطء شديد ، عيناه لم تستسلم لنداء النوم أبداً ، لم يكن قادراً علي ذلك ، و عند الساعة الثالثة صباحاً تلقي مكالمة آخري من ذلك الرقم أجاب يوتاكي : ما الأمر ؟ أقتلت أحداً آخراً ؟
لم يتلق غير صوت موسيقي هي أقرب ما تكون إلي معزوفة ، ما إن سمعها يوتاكي حتي أطلق صرخة شقت ظلام الليل القاسي ، كأن تلك المعزوفة قد أحضرت ذكريات قاسية إلا أنه لم يتمكن من رؤيتها ، لم يدر إلا أنها مؤلمة قاسية ، لم ير سوي الدماء و فقط ، بات ليلته و هو جالس علي السرير في حيرة شديدة ، أشرقت الشمس فهب ليستعد للذهاب إلي مدرسته ، ارتدي ملابسه ثم نزل و خرج من القلعة ، وجد مارو بانتظاره ، لاحظ مارو الحزن الشديد في عينيِّ يوتاكي و الأسي البادي علي وجهه ، لذلك أراد أن يخفف عنه
مارو : هل تناولت فطورك يا سيدي ؟
يوتاكي بأسي : ليس لدي شهية لتناول أي شئ يا مارو
مارو : انظر سيدي ، إن اليوم جميل و الشمس مشرقة و العص.. ، و صمت مارو فجأة فما إن كاد ينطق كلمة عصافير حتي انهالت الدموع من عينيِّ يوتاكي
يوتاكي : لا أري إلا الظلام و الدماء يا مارو
ثم ساد بعد ذلك صمت طويل ، ركب يوتاكي السيارة و تبعه مارو ، سارا إلي أن وصلا إلي نهاية الغابة ، و استعد يوتاكي لإكمال طريقه سيراً كما اعتاد
و ها هي أحداث كل يوم تتكرر ، الناس يتهامسون و يتخافتون ما إن يروا يوتاكي ، و لكنه لم ينتبه لهم إطلاقاً فقد كان في عالم آخر غير العالم ، قرر يوتاكي ألا يحضر الحصص لهذا اليوم ، و اكتفي بالجلوس في حديقة مدرسته تحت الشجرة و أثناء ذلك مر عليه ناميدا ، و لاحظ حمرة عينيه فتوجه إليه بالكلام : يوتاكي ما بك ؟ يبدو أنك لم تنم جيداً ، و أنگ قضيت ليلتك باكياً
يوتاكي بضحكة مليئة بالألم : ليس هناك شئ يا ناميدا ، لا تقلق
ناميدا : أتمني أنگ علي خير ما يرام ، أستأذنك الآن
يوتاكي : تفضل
انصرف ناميدا و قضي يوتاكي بعض الوقت ، و قرر أن ينصرف إلي البيت و اتجه إلي حيث ينتظره مارو ، وصل إلي البيت و ذهب إلي غرفته ، ألقي بحقيبته و قرر أن ينام حتي اليوم التالي فهو ليس لديه أي رغبة في فعل أي شئ ، و لكن حدث ما حدث في الليلة الماضية ، فعند الساعة الثالثة صباحاً تلقي مكالمة من ذاك الرقم المجهول و ما إن أجاب حتي سمع صوت تلك المعزوفة مرة آخري ، و ارتسمت أمامه صورة شبح إمرأة و لكنه لم يدري من هي ؟ رغم أن ملامحها مألوفة إلي حد كبير
تذكر يوتاكي كلام الصوت بأن والده يعرف كل شئ ، لم يعد يقو علي الاحتمال أكثر فانطلق إلي غرفة والده ، و ما إن وصل حتي فتحها و أوشك علي إيقاظ والده و لكنه حين اقترب من السرير ، وجد والده مستيقظاً و في عينيه دموع غزيرة ، انهار يوتاكي عندما رأي والده بهذه الحالة و صمم علي معرفة حقيقة الأمر
***********************************



الحزء الرابع

#أهذهالحقيقةحقاً ؟!
يوتاكي : أبي أخبرني ما الذي يحدث ؟ لِمَ يحصل معنا كل هذا دون غيرنا ؟ لِمَ نحن الوحيدون ؟
الأب من بين بكائه المرير : كانت غلطة يا ولدي ، أقسم لگ
يوتاكي : و ما هي أبي ؟ أخبرني
الأب : كنت طبيباً مشهوراً جداً في البلاد و كانت كل الناس تحبني ، فقد كنت أقدم لهم المساعدة دائماً ، و في يوم كنت قد دُعيت إلي حفلة و عندما كنت عائداً تعطلت إشارات المرور و صدمت شخصاً يدعي فوكوشا ، بعد هذه الجملة بدا الخجل علي وجه الأب ، و أكمل حديثه قائلاً : و من حينها بدأت المأساة ، ففي نفس اليوم من كل عام يُقتل فرد من عائلتنا ، بدأ الأمر بجدتك التي وُجدت مقتولة شنقاً ، ثم أمك التي ذُبحت بطريقة وحشية حتي اعتقد الناس أننا مصابون بلعنة و طردونا من بلدتنا و جئنا إلي هذه الغابة لكي أجنبك كلامهم القاسي ، و قد هدأت تلك الأحداث منذ سنوات و لا أدري لِمَ عادت الآن ؟
يوتاكي : و هل علمتم من قتلهم ؟
الأب : اعتقدنا أنه شخصاً من عائلة فوكوشا هدفه الانتقام و تم القبض علي ولده و لكن هذا الاعتقاد قد ذهب الآن ، فالابن قد توفي منذ سنوات و هو في السجن نتيجة إصابته بمرض خطير و لكن لا أدري الآن من أين هذا التهديد ؟ و ما هو مصدره ؟
يوتاكي : و لكن يا أبي ألا تذكر شيئاً عن مقتل والدتي و لا عن أي من هذه الأحداث
الأب و قد أحني رأسه : كنت يا ولدي صغيراً لم يبلغ عمرك الثلاثة أعوام ، كانت والدتك تحملك و هي تستمع إلي معزوفة موسيقية ، و أثناء ذلك استخدم شخص مذيب الزجاج و أذاب جزءاً من النافذة و فتحها ثم دخل ، وضع يده علي فم والدتك و ذبحها
يوتاكي و قد بدت ملامح الألم الشديدة علي وجهه : فهمت الآن لِمَ أُصبت بالهلع الشديد عند سماع تلك المعزوفة و رؤيتي فقط للدماء و لكن لِمَ لا أتذكر أي شئ من هذا ؟
الأب و كأنه تردد أكثر قبل أن يتحدث : لقد حقنتك بمصل يؤثر علي ذاكرتك حتي لا تتذكر أي شئ مما حدث
يوتاكي : و لكن لِمَ يا أبي ؟
الأب : لم أرد لك أن تتألم و أن تعش في خوف ، أردت لك حياة هادئة مطمئنة و لكن يبدو أن حلمي لم يتحقق و أن حياتك لن تكون أبداً هكذا
يوتاكي : اهدأ يا أبي لا داعي للهلع .. أرجو منك أن تذهب لترتاح قليلاً سأتكفل بهذا الأمر
الأب : ولدي أرجوك لا تُعرض نفسك لأي خطر ، فأنت كل ما بقي لي في هذه الحياة
يوتاكي و قد شد الغطاء علي جسد والده : لا تخف يا أبي ،، لن يحدث لي شئ إن شاء ****
لم يكن يدري الأب المسكين أن الحقيقة لم تكن كما يعتقد ، بل هي بذاك الشئ الذي لم يكن يتخيل يوماً أنه سيطارده ، كانت تلك الحقيقة التي يعلمها مجرد جزء .. خرج يوتاكي من الغرفة بعد أن تأكد من نوم والده و أغلق الباب وراءه ، و اتجه إلي غرفته ، و ألقي بنفسه علي السرير و قال محدثاً نفسه : يا إلهي .. كيف احتمل أبي كل هذا ؟ و من ذا الذي يستمتع بتعذيبنا إلي هذه الدرجة ؟ الوحيد الذي كان مشكوكاً في أمره توفي فمن يكون هذا يا تُري ؟ أيُعقل أن الشرطة غفلت عن أحد ؟ أم أنه لا علاقة لهذا بالحادث الذي حدث في ذلك الحين ؟ و لكن كيف هذا فقد أخبرني الصوت أن والدي يعلم بكل شئ ؟ أيُعقل أنه يقصد شيئاً غير هذا ؟
ظلت هذه التساؤلات تدور في ذهن يوتاكي طوال الليل ، لم ينم لليلة الثانية علي التوالي
و في الصباح ورده اتصالاً من الرقم المجهول ، أجاب يوتاكي
الصوت : امم بمن أبدأ يا تري ؟ بك أم بوالدك ؟<br>
يوتاكي بعنف : إياك أن تمس والدي بأي سوء و إلا سأقتلك ،، صدقني سأقتلك
الصوت و قد تعالي ضحكه : إذن لكي تنقذ والدك عليك أن تفعل ما آمرك به
يوتاكي و قد تعالت لهجته أكثر فأكثر : أخبرني ماذا تريد و سأفعله لك
الصوت : عليك أن تذهب لغابة الموت و تحضر لي جمجمة صغيرة أزين بها غرفتي ، و تعالي ضحكه ، و استطرد قائلاً : و إن لم تحضرها خلال يومين سوف تودع والدك
يوتاكي : و ما هي غابة الم...
لم يكمل يوتاكي كلامه فقد أغلق الصوت الخط
يوتاكي محدثاً نفسه : يا إلهي . . و ما هي غابة الموت تلك ؟ و أين تقع ؟


الجزء الخامس


اتجه يوتاكي إلي الحاسوب و فتح الشبكة العنكبوتية و قام بالبحث عن غابة الموت ، و بالفعل وجدت خيارات كثيرة ، حاول فتح الأولي و لكنه فشل فقد كان الموقع مغلقاً بأمر من الحكومة اليابانية ، فتح الثاني فوجد الحال كما هو و كذلك الثالث و الرابع .. إلخ
يوتاكي : كل المعلومات تم تأمينها بواسطة الحكومة اليابانية و لا تسريب لأي معلومة .. ما الأمر يا تري ؟
انتاب يوتاكي القلق الشديد لكل هذا الحرص علي المعلومات ، نهض لكي يتجه إلي مدرسته ، و ما إن وصل حتي اتجه إلي فصله ، كانت الحصة الأولي من نصيب الأستاذ رايو ، لم يكن يوتاكي منتبهاً لأي كلمة يقولها الأستاذ و قد لاحظ الأستاذ رايو ذلك ، و بعد انتهاء الحصة استدعي الأستاذ يوتاكي و ذهب يوتاكي إلي حيث يجلس الأستاذ
الأستاذ رايو : ماذا هناك يا يوتاكي ؟ لِمَ تبدو شارد الذهن لهذه الدرجة ؟
يوتاكي : ليس هناك شئ يا أستاذ
الأستاذ : بلي هناك ، احك لي علني أستطيع أن أقدم لك يد العون ؟
يوتاكي : أخبرني يا أستاذ هل تعرف شيئاً عن غابة الموت ؟
جحظت عينا الأستاذ رايو بعد أن سمع سؤال يوتاكي و تصبب العرق من جبينه و تحدث إلي يوتاكي بصوت منخفض متحشرج : كيف علمت بهذا الإسم ؟ و لِمَ تسأل عنه ؟
يوتاكي و قد ازداد قلقه :ليس هناك شئ ، فقط سمعت هذا الإسم منأحدهم و أردت أن أعرف عنه ، فأرجوك سيدي إن كنت تعرف شيئاً أخبرني ،، أخبرني لِمَ أصابك القلق بعد سماع هذا الاسم
الأستاذ : عند سفوح جبل فوجي و علي امتداد البصر توجد أوكيغاهارا بحر الأشجار ، لم يُطلق عليها هذا الاسم عبثاً إلا لأن أشجارها متشابكة ومتلاصقة و جذورها مترابطة كالأمواج ،أُطلق علي تلك الغابة أيضاً غابة العفاريت و ذلك لانها شديدة الظلمة ، و لا يسكنها أي نوع من الحيوانات ، ارتبطت هذه الغابة بالموت حيث كان يُنفذ فيها طقس الأوباتسي
يوتاكي و هو يبتلع ريقه في صعوبة : و ما هو الأوباتسي ؟
الأستاذ مكملاً كلامه : هو طقس ياباني قديم ، ففي أوقات الكوارث و الأزمات و المجاعات ، لم تجد الأسر اليابانية ما يكفيها من الطعام و لذلك كانت تقوم بالتخلص من أفرادها الصغار أو كبار السن أو المرضي ، علَّ الطعام حينها يكفي من تبقي منهم ، و كان هؤلاء المساكين الذين يتم التخلص منهم يلاقون مصيرهم المحتوم الموت فبعضهم يموت جراء الجوع ، و بعضهم يموت جراء الخوف من البقاء وحيداً ، و الآخر كان يخفف عن نفسه المعاناة و يقوم بشنق نفسه
يوتاكي و قد أصابته القشعريرة : يا إلهي
الأستاذ : لم ينتهي الأمر عند ذلك ، فقد قيل أن هؤلاء الأشخاص الذين ماتوا في هذه الغابة تهيم أرواحهم بغضب يعصف الكيان يوري و كيف لا و قد تم التخلص منهم عن طريق أقرب الناس إلي قلوبهم
يوتاكي : و لِمَ فزعت يا أستاذ حين ذكرت هذا الإسم ؟
الأستاذ : لم ينتهي رعب تلك الغابة عند الطقوس القديمة فحسب بل استمر إلي وقتنا الحالي ، ففي كل أسبوع تكتشف السلطات حالة انتحار في هذه الغابة حيث يأتي إليها الناس من كل أنحاء اليابان في سياراتهم و يتركونها في بداية الغابة و لا يعودون لها أبداً و كأن شيئاً في الغابة يجبر كل من يدخلها علي التخلص من حياته ، و لم يتم معرفة إن كان هؤلاء الذين انتحروا كانوا بالفعل متجهين إلي هناك للإنتحار أم للزيارة التي انتهت بالإنتحار ، و نظراً للخطر المحدق بهذه الغابة فقد منعت الحكومة اليابانية الشعب عن التحدث بخصوصها حتي لا يؤدي ذلك إلي تزايد معدلات الإنتحار ، حتي أنني سمعت أن الحكومة تفكر في إزالة هذه الغابة من الخريطة درءاً لهذه الأسطورة و ما يتعلق بها من الموت
يوتاكي بحزن : إنها حقاً لمأساة
الأستاذ : أتمني فقط أنگ سألتني لمجرد المعرفة كما قلت ، و أرجو ألا تخبر أحداً بشأنها
يوتاكي : اطمئن يا أستاذ ، لن يتم تداول هذه المعلومات أبداً ، و الآن اسمح لي بالإنصراف يا أستاذ
الأستاذ : تفضل
خرج يوتاكي و هو مذهول مما قد سمع و قال محدثاً نفسه : يا إلهي ... يتوجب عليّ أن أذهب لتلك الغابة ليلاً حتي لا أسبب الرعب لوالدي إن عرف .. هل سأخرج منها آمناً ؟
عاد يوتاكي إلي بيته و القلق و الخوف باديان علي وجهه لا يدري ما هو القادم عليه من أحداث
صعد إلي غرفته و لكن بعد وقت قليل استدعاه والده إلي غرفته و بالفعل ذهب يوتاكي استأذن في الدخول
يوتاكي : لقد جئت يا أبي
الأب : ادخل يا ولدي ، أردتك في أمر
يوتاكي : خيراً يا أبي ؟!
الأب : هناك شئ أردت أن أعطيك إياه ، سبق أن أخبرتك كيف ماتت والدتك و لكن هناك شيئاً لم أخبرك به ، أثناء احتضار والدتك ضغطت علي زر التسجيل و تركت ما يشبه الرسالة لا أدري ما فيها فلم يطاوعني قلبي أن أفتحها و قد حان الوقت لأسلمك الشريط
بدا الإرهاق الشديد علي وجه الأب فأخبره يوتاكي أن يرتاح قليلاً و طلب الأب منه أن يظل بجواره إلي أن ينام ، و خضع الابن لرغبة والده و بقي بجانبه إلي أن جنَّ عليه الليل ، فهب من مكانه استعداداً لمغادرة المنزل و الإنطلاق في رحلته المجهولة ، ألقي علي والده نظرة طويلة و همس قائلاً : أتمني أن تكون دائماً بخير يا أبي ، سأحاول أن أعود إليك
و خرج من غرفة والده و اتجه إلي غرفته ، حضر حقيبة قرر أن يأخذها معه في رحلته وضع فيها ما يحتاج إليه : كشاف و بعض الطعام و أيضاً لم ينس الشريط الذي أعطاه له والده وضعه في جهاز مسجل صغير wocman حيث يستطيع أن يستمع لما فيه و وضعه في الحقيبة ، حملها و خرج من غرفته متجهاً إلي باب القلعة و ما إن كاد يفتحه حتي لمح مارو خلفه
مارو : إلي أين أنت ذاهب يا سيدي ؟
يوتاكي : لا أستطيع أن أخبرك يا مارو و لكن أرجوك اعتني بأبي إلي أن أعود ، إذا سأل عني و أحس بغيابي أخبره أنني جئت من المدرسة مرهقاً و غططت في نوم عميق
مارو : حسن يا سيدي كما تريد .. انتبه لنفسك
يوتاكي : حسن .. إلي اللقاء
و خرج يوتاكي من باب القلعة ،، كان الليل مظلماً و السماء ملبدة بالغيوم و كأن الطبيعة تعلن عن قرب حدوث عاصفة شديدة ، قطع يوتاكي الغابة و اتجه إلي المدينة حيث توجد السيارات التي تحمل الركاب إلي جبل فوجي ، استقل الباص المنشود ، و تحرك بعد وقت قليل ، سأل يوتاكي أحد الركاب : متي سيصل هذا الباص إلي وجهته ؟
أجاب الراكب و كان شاباً : سيصل غداً مساءاً
أحس يوتاكي أنه رأي هذا الوجه من قبل و لكنه لا يدري أين و متي ، و لذلك لم ينتبه للأمر و استغرق في نوم عميق من إرهاقه ، و في اليوم التالي مساءاً وصل الباص إلي وجهته المنشودة إلي جبل فوجي ، و هناك اتجه يوتاكي إلي حيث توجد غابة الموت




الجزء السادس


بدأ الطقس يكشر عن أنيابه و تساقطت الأمطار الغزيرة و برقت السماء و رعدت
يوتاكي : يا لحظي ... فوق سوء المكان الذي أنا متجه إليه الجو سئ

اقترب يوتاكي من غابة الموت شيئاً فشيئاً ، أحس بإنقباضة شديدة في قلبه ، و بعد دقائق كان قد أصبح بالفعل في تلك الغابة المشئومة ، كانت الأشجار بالفعل متلاصقة كما لو أنها تخبر البشر بأنها ليست مثلهم يتخلصون من أقرب الناس إليهم بل هي متحدة دائماً ، أحس يوتاكي بالرعب الشديد فقد كانت الغابة كئيبة و كريهة
يوتاكي : إن الجو ممزوج برائحة الدماء التي تزايدت عبر الأزمان ، الرائحة كئيبة و كريهة مليئة بالكره و الغضب ، هذا الشعور وحده يكفي أن يقتل البشر
كان السكون يخيم علي المكان فلا طائر يطير و لا حيوان ينبش و لكن بعد قليل سمع يوتاكي صوتاً ما
يوتاكي : ما هذا ؟ هل هناك أحد ؟
و لكن لم يجب أحد ، قال يوتاكي مطمئناً نفسه : آه ،، لا بد أنه حفيف الأشجار
كاد يوتاكي أن يقع عندما تعثر بشئ ، استخدم الكشاف ليري ما هذا ، فوجدها لافتة مكتوب عليها لا داعي لقتل نفسك ، فجميع مشاكلك قابلة للحل
يوتاكي : يبدو أنها لافتة مكتوبة بواسطة الشرطة اليابانية لمحاولة منع المنتحرين و إقناعهم بالعدول عن فكرة الإنتحار
و بعد مسافة تعثر يوتاكي مرة آخري و لكن هذه المرة وقع علي الأرض و تبعثرت حاجياته التي في الحقيبة ، التقط يوتاكي الكشاف ليري ما الشئ الذي تعثر به ، فوجدها جثة متحللة عبارة عن هيكل عظمي ، صرخ يوتاكي صرخة قوية مملوءة بالرعب و لكنه حاول أن يتماسك و يهدئ من روعه قليلاً
يوتاكي : ما طلبه ذاك الصوت موجود أمامي ، فلأسرع
حاول يوتاكي أن ينتزع تلك الجمجمة ، و لكنه فجأة أحس بشعور غريب و بدأت عيناه تجحظ شيئاً فشيئاً و كأنه قد فقد صوابه
يوتاكي بهلع : لن أنجُ من هذه الغابة ، سأظل أتعذب إلي أن أموت ، سيتسرب الخوف و الرعب إلي داخلي حتي يتمكنان مني و يقتلانني ببطء ، لن أعود إلي أبي أبداً
فجأة سيطرت كل المشاعر السيئة و الأحداث علي يوتاكي لم يعد ير أي شئ إلا الخوف و الكآبة ، فقد كل الأمل في الخروج من هذا المكان
يوتاكي و قد ازداد هلعه : لن يكون مصيري أفضل من مصير أمي و جدتي ، عشت وحيداً و يبدو أنني سأموت وحيداً و ليس وحيداً و فقط بل و أيضاً في هذا المكان المنعزل ، لن يتذكرني أحد ، سأُكفي نفسي هذا العذاب و أُنهي حياتي بيدي
استعد يوتاكي كي ينصب تلگ المشنقة لنفسه و بدا و كأنه قد فقد صوابه و أصبح مجنوناً ، و أثناء ذلك سمع صوتاً استدار ليري ما هذا ؟
فلم يجد سوي ذاك المسجل الذي يحمل الشريط الذي تركته والدته ، كان المسجل قد علق في أحد جذور الأشجار و انضغط زر التشغيل و دار الشريط ، و وضح صوت والدته و كأنها تصارع الموت لدقائق حتي تترك لولدها شيئاً يذكره بها <br>
صوت الأم : أحبك يا ولدي .. عش حياتك و لا تستسلم أبداً سأكون دائماً إلي جوارك ، أراك تكبر و أستمتع بتلك اللحظات
حاولت أن تأخذ نفساً قليلاً و أكملت : صحيح أنني لن أكون بجانبك و لكن سأكون دائماً في قلبك و تكون دائماً في قلبي ،، أحبك ولدي
و توقف المسجل ، و ما إن توقف حتي تساقطت دموع يوتاكي من تلگ الرحمة التي انطلق بها صوت والدته ، فهي في لحظاتها الأخيرة لم تنس طفلها ، و سقط هذا الصوت كالصفعة علي وجهه لتجعله يفيق مما هو فيه
يوتاكي و قد أفاق مما كان فيه : لن أستسلم أبداً ، والدي هناك ينتظرني و أمي ما كانت لتسمح لي بأن يتسرب اليأس إلي قلبي
اتجه يوتاكي إلي الهيكل العظمي الذي تعثر به و سحب جمجمته ، وضعها في الحقيبة و حمل المسجل و الشريط الذي يحتوي علي صوت والدته ، و أخذ يجري حتي يقطع تلگ الغابة القاتلة و انطلقت صوت صرخة شديدة من الغابة صرخة يوري و كأنها تلوي من الغضب و الحسرة علي ضياع فريستها التي كانت ستستمتع بتعذيبها قبل أن تلقي الفريسة ذاك المصير المحتوم الموت ، بدا و كأن الأشجار تحاول منع يوتاكي من المغادرة ، و لكنه تمكن من الفرار أخيراً بعد مجهود شاق ، و ما إن خرج من تلگ الغابة حتي استلم مكالمة من الصوت المجهول
الصوت : هل أحضرت ما أمرتگ به ؟
يوتاكي من بين أنفاسه المتقطعة : نعم ، إنه معي
الصوت و كأنه لم يكن يتوقع تلك الإجابة فالمكان الذي أرسل يوتاكي ليس هناك مفر منه : حسن ،، حين تركب الباص المتوجه إلي مدينتك ، ضع الجمجمة في الحقيبة التي تحملها و اتركها علي المقعد و أنا سأحصل عليها
اتجه يوتاكي إلي الباص المتجه إلي مدينته و جلس علي مقعده و أسند رأسه ليريحها قليلاً ، و بعد يوم كامل وصل الباص إلي المدينة ، هب يوتاكي من مقعده و ترك الحقيبة و الجمجمة علي المقعد كما أخبره الصوت
اتجه يوتاكي إلي بيته بعد ما لقاه من المعاناة ، وجد مارو بالانتظار
مارو : مرحباً بعودتك يا سيدي
يوتاكي : مرحباً بگ يا مارو .. كيف حال والدي ؟
مارو : إنه في أتم الصحة و العافية ، لقد لاحظ غيابك و أخبرته أنك اتجهت إلي غابتنا في مهمة عاجلة و لم تجد الوقت لتخبره
يوتاكي : أحسنت يا مارو .. سأتجه إلي غرفته الآن
و اتجه إلي غرفة والده ، استأذن في الدخول فأذن له الوالد
الأب : مرحباً بگ يا ولدي .. هل أديت مهمتك ؟
يوتاكي : نعم يا أبي ،، طمئني كيف صحتك ؟
الأب : أنا بخير ما دمت أنت بخير
يوتاكي : لقد استمعت إلي رسالة أمي يا أبي .. أتود أن تسمعها ؟
الأب : حسن .. أسمعني إياه
فتح يوتاكي المسجل و انطلق صوت الأم ، و ما إن انتهت الرسالة حتي ترقرقت الدموع من عينيّ الأب : رحمك **** يا زوجتي
يوتاكي و قد دمعت عيناه أيضاً : هي معنا دائماً يا أبي و لن تفارقنا ما حيينا
الأب : اتجه إلي غرفتك يا ولدي ؛ لتستريح قليلاً ، لا بد أنك متعب
يوتاكي : حسن يا أبي أستأذنك
اتجه يوتاكي إلي غرفته و ألقي بجسده علي السرير و غط في نوم عميق ، و كان لديه كل الحق ، فما تعرض له ليس بالقليل
اسم الرواية سئ .
 
  • عجبني
التفاعلات: ٱڷمُﭳهْوٌڷ
تم أضافة الجزء الثامن
 
مرحبا بكم عزيزي الكاتب عزيزتي الكاتبة طالما قصتك في هذا القسم فيعني أنها متسلسلة فعليه حينما تريد تضيف جزء جديد عليك باتباع الخطوات التالية وهي اولا تضع الجزء الجديد في مربع الكتابة بالاسفل ثانيا تدخل على هذا الرابط
وتطلب دمج الجزء الجديد من قصتك وتكتب اسم قصتك وتكتب رقم المشاركة التي فيها الجزء أو تنسخ رابط قصتك
وسيستجيب لك أحد مشرفي القصص
لو كان متاح مباشرة
 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى أسفل
0%