NESWANGY

سجل عضوية او سجل الدخول للتصفح من دون إعلانات

العقررب

نسوانجى الاصلى
دكتور نسوانجي
أستاذ نسوانجي
عضو
نسوانجي قديم
إنضم
28 يوليو 2022
المشاركات
2,031
مستوى التفاعل
465
نقاط
259
الجنس
ذكر
الدولة
Jordan
توجه جنسي
ثنائي الميل
✰✰✰✰✰✰✰✰✰✰✰✰

✰✰✰✰✰✰✰✰✰✰✰✰

✰✰✰✰✰✰✰✰✰✰✰✰

❊ ليست كل الذئاب شريرة و ليست كل الفراشات جميلة ❊


✰ الجزء الأول ✰
____________________________________________


لم يكن تامر في تلك الساعة سوى حطام بشري لا اكثر

كان يمسك زجاجة العصير و يجلس على صخرة تشرف على البحر مباشرة

كان سارح الفكر يحاول لملمة حطامة المبعثر فوق شرفات المستحيل ..

و سرح ببصره في اللا شيء

لطالما كان يغرق في بحر الافكار امام شواطئ بحر الماء المالح .

كم كانت جميلة .. كم كانت رقيقة .. كم احبها ..

كانت كحلم ضائع تاه و عبر الطريق من الجنة الى الارض مباشرة ...

كانت تصغره بنحو خمس سنوات ..

و الرجال دوما يكبرون عشيقاتهم .. فهم ينضجون متاخرين عنهن بسنوات ..

كان قلبه ينخلع الف مرة من مكانه عندما يجلس معها او يحدثها او يرى صورته في بحر عيونها الزرقاء الجميلة .. كان يحبها .. ولا زال يحبها و سيبقى يحبها .. و لكن .. و اه من كلمة لكن ..

و تنهد و هو يسرح ببصره صوب البحر .. و التقطت عيناه صيادا يجلس على صخرة بين الموج يمسك صنارته بصبر يجرب حظه في الصيد كانه تمثال رخامي لا يأتي بحركة .. و راح يراقب الصياد الصبور .. و عاد يسرح بافكاره دون ان يبعد نظره عن الصياد نصف العجوز ..

كان قطار الذكرى يعيده عميقا في مسار الماضي ..

يذكر جيدا كيف كان اول لقاء لهما ..

كان هذا قبل سنوات سبع تقريبا ..

كانت عندها في الخامسة عشرة من عمرها ..

و كان اللقاء في مدينة الملاهي .. في ليلة العيد ..

كانت اجمل فتاة رآها تمشي على تراب الارض بلا مبالغة ..

عيون زرقاء شفافة فيروزية تقدر على حرق الجن نفسه .. شعر قصير اشقر ناعم كالحرير يداعب طرفي خديها الورديين بلون الطفولة التي تتشبث بها و تجعلها تتأرجح ما بين الطفولة و الشباب .. وجه ابيض البشرة بلا شوائب يتألق بجمال لم تذكره الاساطير ..

و زاد تألقها لمسة شقاوة تميز فترة المراهقة تلك ..

كانت ترافق والدها و والدتها و فتى كالقمر المنير لا يزيد عمره عن السنوات التسع يمسك بيد امه يتطلع بعيون متألقة منبهرة الى عالم الاضواء و الصخب من حوله ..

و غابت تلك الاسرة السعيدة عن نظره بين الزحام لكن صورتها لم تغب عنه ..

و صورتها هي ابدا لم تغب عن مخيلته ..

و لأول مرة في حياته شعر بقلب ينبض بين ضلوعه ..

و تنبه من خواطره على الصياد يحرك صنارته حركة خفيفة و يعدل من جلسته ..

و تنهد ربما للمرة العاشرة و ارتشف جرعة من عصيره و هو يستقبل نسمه هواء تداعب خصلات شعره الفاحم ..

و عاد يسرح بفكره محاولا ان ينفصل عن عالمه ..

هو .. تامر .. ابن غالب المصري .. اكبر اغنياء بلده .. صاحب الوجه الجميل الرجولي و الثراء الفاحش .. الذي حباه **** بمواهب تتراوح ما بين الرسم و الرياضة و حتى عالم الكمبيوتر و الفنون و غيرها .. هو الطالب بجامعة (...... ) ذو المعدل العالي و الاكثر شهرة بين الشبان من حوله و الذي يتجاهل الفتيات عادة دون خشونة او كبرياء ها هو يقع فريسة طفلة مراهقة .

أي شيطان هذا الذي يقال له الحب ؟

اعترف لنفسة انه احبها في ذاك الوقت .. و لم يحاول التنكر لذاته و هو لم يرها الا دقائق معدودة ..

كانت اجمل من اجمل جميلات جامعته ..

كانت سحرا شرقيا لا يقاوم ..

لقد احبها ..

اقسم لنفسة بسخط الف الف مرة انه احبها ..

كان عمره وقتها يزحف نحو العشرين بغير عجلة .. في سنته الثانية في الجامعة ..

كان محط انظار الجميع .. سيارته الفاخرة و زيه الراقي و امواله الغزيرة جذبت حوله الذباب و الذئاب و الناس لعلهم يفوزون بمبلغ محترم .. لكنه ابدا لم يكن غبيا..

فوالده رجل اعمال محنك يفهم البشر و السوق و الحياة .. وهو شبل ذاك الاسد ..

لكن الشبل تعثر بفراشة رقيقة خرجت لتوها من النور فالقته ارضا بلا حول ولا قوة ..

كانت حمى الحب تجتاح اطرافه و هو لا يزال واقفا مكانه في مدينة الملاهي ..

و وجد نفسه يتجه صوب المكان الذي غابت به العائلة ..

لكنه لم يجد الا افواجا من البشر ..

فترة الجمود تلك اضاعت منه دقائق ثمينة ..

و مدينة الملاهي شاسعة متعددة الاقسام زاخرة بالبشر ..

هنا من حوله ما لا يقل عن بضعة الاف من الخلق و اكثر من ثلاثمائة دونم من الارض تحوي العاباً قد لا تتواجد في المدن الكبرى و منها مسطحات مائية كالغابات و اخرى غرف رعب و اخرى قطارات انفاق و غيرها عشرات الانواع ..

فاين سيجد اربعة افراد في بحر البشر ذاك ؟

و سار على غير هدى نحو نصف ساعة يتجول بلا هدف ..

و يا لحظه الرائع ..

وجد شقيق الفتاة يعالج بيأس لعبة اتاري كبيرة و يحاول تشغيلها ..

و بحس رجل الاعمال ادرك ان الفتى استثمار رابح جدا يجب ان يستغله ليعرف المزيد عن ملاكه الضائع الجميل ..

و اقترب من الفتى و قال له مبتسما : هآي .. مرحبا ؟

نظر اليه الفتى بتحفظ و صمت و دهشة و بعض الوجل . .

فقال بمرح و هو يمد يده للآله و يضغط بها ازرارا : اضغط هنا و ستبدأ اللعبة مرحلتها الاولى .. و الان امسك عصا التحكم و ....

و راح بحماس حقيقي يشرح له اللعبة و يساعده على احراز الاهداف مما اذاب ثلج التردد من نفس الفتى .. و عرف ان اسمه فادي ..

لم تكن اللعبة جديدة عليه .. فوالده و منذ طفولته لم يترك صنفا من الالعاب لم يجلبه له .. عدا عن انه هو نفسه يمتاز بحدة الذهن ..

و سرعان ما كانت ضحكات فادي تشف عن سعادته بالفوز في كل مرحلة و تامر يساعده على تخطي المراحل الصعبة ..

و لمحها بطرف عينه تقترب منهما ..

فاجتاحه ارتباك كبير و بح صوته و هو يتحدث مع فادي بارتباك نسبي لم يلاحظه الصغير..

لكنه سيطر على نفسه ..

و وصلت هي الى مكانهما و بادرت شقيقها قائلة باحتجاج غاضب : اين كنت يا فادي؟ بحثت عنك في كل مكان .. هيا نرجع الي امي ..

صاح الصغير باحتجاج مماثل : لا .. لا اريد .. اريد ان اختم هذه المرحلة ..

قالت بوعيد : سأجعل بابا يعاقبك .

صاح فادي و الدمع يتجمع في عينيه الجميلتين كعينيها :لا اريد .. قلت لك لا اريد .

و هنا تدخل هو مغتنما الفرصة وقال لها مبتسما : دعيه يكمل اللعب و سأعتني به و اوصله اليكم حال اكمال المرحلة .

قالت له شاكية : انه مشاغب و لا يطيع احدا .. و يذهب دون اخبار احد بمكانه .

ضحك قائلا : لا عليك .. انه صغير .

قالت بغيظ : قرد صغير .

قال لها بلطف : لا تقسي عليه .. انه شقيقك .

زفرت بغيظ و هي ترمي فادي بنظرة نارية اذابت بجمالها قلب تامر ..

و قالت : و هل سأبقى واقفة هنا حتى يكمل ( بسلامته ) اللعبة ؟

قال فورا : ما رأيك ان اشغل لك لعبة تتسلين بها ؟

قالت بتردد : لا اعرف كيف العب بها ؟

قال مبتسما : سأدلك عليها .

قالت : و أي لعبة سألعب ؟ انها كثيرة .

قال و هو يشير الى لعبة لها رشاشان من البلاستيك قرب لعبة فادي : هذه جميلة .

قالت بفضول طفولي و هي تتجه اليها : و كيف تعمل ؟

قال : انها لعبة شرطة و لصوص .. يلعبها اثنان هما الشرطة و عليهما القضاء على العصابة و انقاذ اسرى .. و لها خمس مراحل للوصول في الاخيرة الى زعيم العصابة .

وقفت امام مقعد اللعبة مترددة .. كان عاليا نسبيا .. و كانت ترتدي فستانا من الساتان يعيق حركتها .. و وجد نفسه يمسك بيدها الناعمة و يساعدها على الصعود على المقعد ..

و ابتسمت له ابتسامة سحرت كيانة قائلة ببراءة ******* : شكرا لك .

ابتسم لها قائلا : عفوا .. هيا نلعب.

و جلس على المقعد المجاور لها و كان المقعدان يشبهان سرج الحصان الى حد ما لكن مع ظهر و احزمة للامان و منع السقوط عنها..

و ساعدها على ربط حزامها و ربط حزامه و اطلق اللعبة ..

و راح اللصوص يظهرون لهما و هو يطلق النار عليهم باحتراف و هي تطلق ايضا و تصيح بمرح مع حركة المقعد كانها تمتطي حصانا ..

و اندمجت باللعبة و هو معها لا يصدق انها يجلس معها و يشاركها نصرا وهميا على لصوص الدجتال .. يمكنه محاربة العالم لاجلها لا مجرد خصوم من الوان زاهية ..

كان يرى نفسه و لأول مرة ربما اسعد مخلوق عرفته الكرة الارضية منذ الخليقة..

اجمل بنت في العالم على بعد شبر منه تلعب بمعيته و تصرخ به بين حين و اخر : هناك واحد .. لا لا .. انتبه .. هناك رهينة .. واااااااااوو .. فزنا .. لالا.. لقد اصابوني .

كان يقاتل بقوة لحمايتها من المهاجمين و يتلقى عنها الرصاصات و يسعفها بما يحصل عليه من عليه اسعاف كلما اصيبت .. كان كأنه يعيش واقعا لا مجرد لعبة رقمية ..

و اعترف لنفسه انه حتى الان يعشق تلك اللعبة لأنها تذكره بها دوما ..


حتى لقد اشترى فيما بعد عين الجهاز الذي لعبا به بمبلغ يفوق ثمن لعبة جديدة و وضعه في منزله و اضاف اليه اللعبة التي كان فادي يلعب بها ايضا .. فهو يحب كل ما يتصل بحبيبته حتى ما استخدمته ولو لمرة واحدة .. انه الحب العميق الجارف ..

✰ يتبع .. ✰

 
  • عجبني
التفاعلات: pop44 و 💥✨🌟 قيصر الشرق ✨💥🌟
امتا
 
  • عجبني
التفاعلات: الصقر_الجارح
✰✰✰✰✰✰✰✰✰✰✰✰

✰✰✰✰✰✰✰✰✰✰✰✰

✰✰✰✰✰✰✰✰✰✰✰✰
- انتظروا الرواية كاملة هنا قريبا -
،👌👌👏👏👏 موفق
 
  • عجبني
التفاعلات: الصقر_الجارح
  • عجبني
التفاعلات: الصقر_الجارح
  • عجبني
التفاعلات: الصقر_الجارح و Life selector
  • عجبني
التفاعلات: الصقر_الجارح
✰ الجزء الثاني ✰
____________________________________________
و استيقظ تامر من ذكرياته على صوت محرك سيارة يقترب ..
نظر للخلف ليجد سيارة جيب حديثة قاتمة الزجاج تقترب من الشاطئ و تتوقف غير بعيد عن سيارته الفخمة ..
و بحركة خفية تحسس مسدسه تحت قميصه .. و نزل رجل اشيب لكنه غير عجوز من السيارة و يرتدي نظارة سوداء و تناول سلة مغطاة و قصبة صيد و اتجه بعيدا عنه نحو الصخور قليلة الارتفاع ..


ثم زفر بتوتر .. بات منذ الحادث الأليم شديد الشك كثير التوتر .. ولا احد يلومه ..

و عاد ينظر الى الصياد الأول الذي لا يزال كما عهده .. صامتا متحجرا ينتظر سمكة ما ..


و ترك العنان مرة اخرى لذكرياته اللذيذة ..

حتى نهاية المرحلة قبل الأخيرة لم يكن قد عرف اسمها بعد ..

و كأن القدر كان يحارب لصالحه .. فقد سمعا صوت فادي ينادي قربهما : شيرين .. تعالي معي .. اريد ان اذهب لماما .

قالت له بتبرم : انتظر قليلا .. قاربنا انهاء اللعبة .

قال محتجا : اريد ماما .

قال تامر : سأرسلك الى ماما لكن تعال و شاهد كيف نقتل الزعيم .

و نجح في شد انتباه الفتى الصغير فقد جاء و وقف يشاهد ما يجري .. كانت حقيقة مرحلة صعبة جدا و طويلة ..
لكنها كانت اسعد لحظات بحق بالنسبة لتامر فقد كانت تتفاعل معه دون حواجز تذكر .. و تنبهه للمهاجمين و تصيح بسعادة لكل تقدم يحرزانه معا ..

و عندما فازا بصعوبة بالغة على الزعيم صرخت بفرح رافعة قبضتاها عاليا ..


ضحك هو بفرح .. كانت متألقة كملاك حقيقي بضحكتها و فرحها ..

و قال لها : ما رأيك ان نتناول الايس كريم قبل ان اوصلكما الى والديكما ؟

قالت بعفوية : اوكي ..


اختار لهما طاولة فاخرة من الدرجة الأولى و طلب افخر أنواع الايس كريم لهما و له .. و كان على الطاولة كراس ملاحظات و اربع قوائم طعام و زهرية جميلة بها ازهار جميلة جدا..

طاولة تليق بالوزراء بحق .. كان يحاسب عنهما دون ان يجعلهما يلاحظا هذا .

و أبدت اعجابها بالآيس كريم و احس بحس رجل الاعمال بان الموضوع غير مناسب لذا لم يخض به كثيرا بل سألها عن مدرستها و كعادة البنات المراهقات راحت تتحدث عن الدروس و المدرسات و فلانة فعلت كذا و انا فعلت كذا مع المدرسة التي عاقبتني .. و غير ذلك

كان يجاريها بلباقة و في نفس الوقت يقوم بالرسم على الورقة التي امامه ..

لا يدري كيف .. لكنه وجد انه رسم وجها قريبا للغاية من وجهها .. و قبل ان يدرك الامر كانت تنظر الى الرسم قائلة بدهشة : واو .. انت فنان .

قال مبتسما بحرج: انها مجرد خربشات .


احس بأناملها الرقيقة تسحب الورقة من بين يديه ..
و تتطلع بالرسم بدهشة لم تزل و تقول : خربشة ؟ انها جميلة جدا جدا .. لو كنت ارسم نصف هذه الدقة لصرت فنانة .

قال فادي بعفوية : انها تشبهك كثيرا .

تنبهت لصحة كلامه فقالت بحرج : ربما .

و قالت لتامر : هل يمكنني اخذها ؟

قال بسرعة : طبعا .. انها لك .

قالت مبتسمة و هي تنظر فيها : شكرا لك .


ثم سألته : هل لديك رسومات أخرى بالبيت؟

قال كاذبا : طبعا .. لدي الكثير منها .

قالت : هل يمكنني ان اراها لاحقا؟

قال : طبعا .. بأي وقت تريدين .

كان يخطط وهو يرد لرسم كمية رسومات تثير اعجابها ..

قالت : اكيد انها كلها جميلة .


و تابعت باهتمام : هل يمكن ان اطلب منك ان ترسم لي ؟ ان لم يكن بالأمر ازعاج لك.

قال بحرارة و صدق : ولو؟ طبعا يمكنك .. بصدق.

قالت بشكوى: هناك رسمة لمعلمة العلوم و طلبتها مني قبل يوم الأربعاء و لا ادري ما افعل بها .

قال باهتمام : ابعثيها لي وانا سأرسمها لك بدقائق .

قالت : لا اعرف عنوانك .

قال مبتسما : اسكن في ..

و قطع كلامه .. ترى لو عرفته هل ستعامله بهذه العفوية كونه ابن اغنى رجال البلد؟

هل ستصير عندها ردة فعل؟


هل .. و هل؟ الكثير من الأسئلة و المحاذير قفزت برأسه ..

و عندما لاحظت صمته قالت مستعجلة رده : اين ؟

وجد نفسه بيأس يمليها العنوان فلم يكن في ذهنه فكرة أخرى ..

و كيف له ان يفكر بسلامة و هذه الفاتنة الصغيرة تسحره بجمالها كل ثانية سحرا جديدا ؟

و يبدو انها لم تتعرفه او لم تسمع به من قبل .. اذ لم يبد عليها أي اختلاف ..

و قالت : حسنا .. انا اسكن في ( .........) و هو قريب منكم و سأرسل فادي لك غدا ليعطيك الرسمة و معها ورقة اشرح لك بها المطلوب .. اتفقنا؟

قال بسرور : طبعا .. على فكرة .. يبدو اننا جيران تقريبا .

قالت بعفوية مازحة : هذا يعني انني سأرسم كل رسمات المدرسة عندك .

و ضحكا معا و فادي يلتهم الايس كريم ناظرا لهما بسذاجة.

كان لا يستغرب انه لم يرها من قبل .. فالمدينة تجعل جارك هو من يسكن بشقة مقابلك مباشرة .. و الساكن في العمارة الملاصقة غريب جدا عنك .

و حيّاهما الى حد ما غير قريبين لكن يمكن التواصل بينهما عبر المشي عشر دقائق .

كان يتمنى ان تطول الجلسة الى الابد ..

لكن شيرين نهضت قائلة : هل يمكن ان توصلنا الى والدي؟ فقد يقلقان علينا .


قال بإحباط لم يظهر على كلامه: هيا بنا .

و نهضوا و ساروا يتفقدون الناس .

و شاهدوا الوالدين يعتليان الدولاب الهوائي الكبير .. كانا يتمتعان بوقتهما .. فالمكان امن و هما يثقا بحسن تصرف شيرين و انها الان بأمان مع فادي .. و وقفوا يراقبون الدولاب يتحرك ..

وقال لها : ما رأيك ان نلعب لعبة لحين توقف لعبة والديك؟

قالت: حسنا .. لكن اين؟

قال بحماس : تصادم السيارات .

صفقت بكفيها بجذل و هي تصيح بسعادة قائلة : اجل .. احب هذه اللعبة كثيرا.


و حجز لهم دوران متتاليان و جلس بسيارة و جلست هي مع فادي بأخرى ..

و راحت السيارات تدور و تتصادم و هما يصادمان بعضهما ضاحكين ..

كانت سعيدة باللعبة و هو سعيد بها هي اكثر ..

و انتهت اللعبة بسرعة .. وقت المحبين اقصر من غيره.

و نزلت من السيارة و تمطت قائلة : لقد تكسرت عظامي .

قال مازحا : هذا جزاء من يتحداني.

قالت مازحة بتحد مصطنع : نعم نعم؟ انا من يتحداني ادمره .

ضحك دون ان يعلق.. ذكاؤه اخبره ان الفتاة لا تحب ان يعاديها احد و لو بالمزاح .. فكونك تتحدى و تقف ضد البنت ولو بالمزاح يجعلها تنفر منك ولو نسبيا و تقف منك موقف الخصم ولو بغير كراهية و عداء لكن هذا سيصنع حاجزا سلبيا بين الاثنين ..

لذا قال متظاهرا بالهزيمة المرحة : اعترف بهذا .. فقد كسرت كل عظامي .

ضحكت بفخر و رضى ..

لقد أصاب هدفه ..

و ساروا صوب الوالدين و شعر انه يجب ان لا يفقد اتصاله بها ..
فهي الان متحمسة و لا حواجز بينهما حاليا ..

لكن اذا ابتعدت عنه سيعود الحاجز للنمو و تنساه ..

و قد لا تحدثه .. فالمراهقة فترة غريبة في عمر الانسان .

لذا سألها : هل لديك هاتف او بريد الكتروني؟

قال بفخر : لدي بريد الكتروني .. و سيشتري لي ابي هاتفا نقالا اذا نجحت بتفوق هذا العام .


قال لها : هل يمكنك إعطائه لي لكي ارسل لك رسوماتي ؟

قال : اكيد .. و املته العنوان الالكتروني و املاها عوانه أيضا و رقم هاتفه النقال ..
وقال لها : يمكنني مساعدتك بالدروس اذا افق والداك .. فأنا كنت متفوقا جدا .


قالت : كم كان معدلك؟

قال : 96 من مائة .

نظرت اليه بعيون اتسعتا دهشة فغاص بهما غريقا لا امل له بخروج..
صريعا لا امل له بنجاة ..


و سمعها تسأله : هل انت ماهر بالرياضيات و اللغة الإنجليزية ؟

قال و الدوار الذي سببته عيناها له لم يزل: بالطبع .. انها سهلة جدا علي.

قالت شاكية بيأس طفولي: سهلة ؟ انها مصيبة حلت علينا .

قال بحرارة : يمكنني ان اساعدك بكل المواد اذا شئت.

قالت بحرج خفيف : لا اريد ان اثقل عليك .


قال بإخلاص : ابدا .. انا لا شيء لدي اعمله و المواد سهلة علي و يمكنني مساعدتك حتى تتفوقي على الكل و تصيري الأولى على صفك حتى .

قالت بتردد: ماذا لو لم يوافق ابي او امي؟

قال : قولي لهما انني مدرس خصوصي.

قالت : انا رفضت ان يحضر لي ابي مدرسين.. لا اطيقهم كلهم بالمدرسة .. فهل اجلبهم للبيت؟


قال ضاحكا : انا لست مدرسا .. اعتبريني صديقا .. ام هل تكرهينني أيضا .

قالت بخجل : لا لا .. لست اقصد هذا .. حسنا .. سأتدبر الامر .

قال و هما يكادا يصلان الى الوالدين : وانا تحت تصرفك و سأنتظر ردك .

و وقف تاركا اياهما يتجهان للوالدين مبتسما .. و لم يكن يسمع ما يتحدثون به .. لكن الوالدين نظرا له مبتسمين بامتنان و لوحت له بيدها مودعة مبتسمة .


و اخرج مفكرته و نظر الى ما دونه من عنوانها و اسمها و بريدها الالكتروني .. كان كأنه يعيش في حلم جميل من أحلام الجنة ..

حقا يخشى انه حلم سيستيقظ منه .. لكن لا .. انه الواقع الجميل ..
و يا لحظه الرائع ..

صارت اجمل بنات حواء قريبة منه بعد ان اخترقت قلبه بسهولة اكبر من سهولة اختراق رصاصة لجدار ماء رقيق جدا . .

و رشف تامر من العصير رشفة جديدة و هو يحول نظره عن الصياد المتحجر مكانه الى الحد الفاصل بين البحر و السماء في مد البصر يتابع سفينة تمخر عباب البحر صوب اليمين ..

و تنهد وهو يعود لذكرياته ..

لم يطل انتظاره ..

لم يكن قد نام تلك الليلة ..
كان قد فاته ان يقنعها بالتقاط صورة لها و لشقيقها .


لكنه منى نفسه بان الأيام قادمة و عليه التقرب منها حتى تصير له وحده ..

لكن المشكلة الكبرى هي الزمن ..

فهي صغيرة السن على الحب و الارتباط ..
و ربما كان صغر سنها ما جعلها تتحدث له بتلقائية و لا تصده ..
رغم انه من الصعب على فتاة ان تصده ..
فلا ينقصه المال ولا الجمال و لا الرجولة و لا المركز ولا الذكاء ..

و ربما لأول مرة في حياته المترفة كان تامر يجلس قبل شروق الشمس على نافذة غرفته المطلة على الحديقة الشاسعة الملحقة بالفيلا العملاقة لوالده.

كان ينتظر وعد حبيبته ان يتحقق ..

و علت الشمس و دارت عقارب الساعة وهو مكانه غارق في بحر وردي من الاحلام يعلوه وجه شيرين الفاتن ..


- يتبع -
 
  • عجبني
  • حبيته
التفاعلات: الصقر_الجارح, زهايمر, Ehab Demian و شخص آخر
القصه جميله
 
  • عجبني
التفاعلات: زهايمر و ♥العقرب♥
✰ الجزء الثاني ✰
____________________________________________
و تنبه تامر الى سيارة اجرة تقف امام الفيلا ..

فنزل مسرعا و وصل بعد قليل ليجد فادي يقف امام البواب و معه حارس الامن و هو يحاول بخوف ان يشرح لهما ما يريد .. فلم يكن يعرف اسم تامر ..

و حسم هو الامر بوصوله و رحب بفادي و ناوله فادي ما معه .. كتاب مدرسي و كرتونة رسم و الوان متنوعة و قال انها من شيرين ..
فقال له : حسنا .. قل لها ان تامر سيرسل لك الرسمة اليوم ظهرا الى منزلك .. و الان ادخل لتشرب شيئا ..

لكن فادي رفض قائلا انه يريد الوصول للمدرسة فوالده مشغول اليوم و لن يوصله الى المدرسة و تابع بعفوية طفولية ان شيرين ستذهب مع صديقاتها بالتاكسي أيضا ..

و ركب السيارة و انطلقت به مبتعدة ..

و اعطى أوامره للبواب و الحارس بإعلامه فورا لدى زيارة فادي له مرة أخرى ..

و تركهما و عاد للفيلا بحماس من يمسك كنزا بيده ..
انها من اثر ملاكه الجميل .. تحمل لمساتها .. جزء منها بين يديه .. شيء يخصها يمسك به .. أي سعادة هو بها؟..

و صعد لغرفته لا تسعه الدنيا من الفرحة..

ونشر الكراتين على المرسم و وضع الكتاب امامه يتأمله .. كتاب محبوبته .. يراها من خلال صفحاته .. كلماته .. رسوماته و صوره ..اه لو ضمه الى صدره .. لكن يخشى ان يلمحه احد الخدم و يكثر الحديث السري عنه ..

و بدأ الرسم بحماسة و اتقان .. و انهى الرسمة بسرعة .. و جلس يتأملها ..

ستمسكها بيديها الرائعتين .. ستعجبها .. اه لو ضمن الرسمة كلمات حب لها ..

اه لو امكنه كتابة رسالة ..

لكن مهلا..

سيراسلها عبر البريد الالكتروني .. وربما صار يعطيها الدروس ..و بالتالي يراها باستمرار ..

و دعى بإخلاص ان يوافق والداها على مسألة الدروس تلك ..

كان يتقلب بين اليأس و الرجاء ..

و وجد نفسه يمسك الكتاب يتصفحه من اوله لآخره ..

ثمة كتابات جانبية و رسومات هزلية غير متقنة على الهوامش كعادة الطالبات ..

لكنها كانت بالنسبة له كلمات و رسومات مقدسة .. فهي بخطها و بقلمها ..

اه لو كان قلما لكي يكون قرب قلبها الصغير .. يحبها .. بقوة يحبها ..

و وجد انه ينتظر الظهر بفارغ الصبر ليرسل لها الرسمة التي انجزها سريعا ..

ساعات طوال بقيت للظهر .. ولأول مرة يشعر بملل و عجز كهذا .. عزاؤه الوحيد كتابها الذي بين يديه يطالع بشغف كل حماقات المراهقة على صفحاته ..

كانت بعضها اشعارا غزلية .. و بعضها تشبه رسائل الجوال .. و ملاحظات دراسية .. و أرقاما مختلطة .. و عبارات ساخرة .. و مجرد خطوط متداخلة .. اذا كنت تريد معرفة قصدي فامسك كتاب طالبة مشاكسة و طالعه لتعرف ..

و كانت تلك الخطوط بنظره افضل من خرائط الكنوز ..

و الرسومات الساذجة اجمل من لوحات دافنشي و بيكاسو ..

و الكتابات اعز من مخطوطات العقاد ..

كان يريد للوقت ان يمر ليرسل لها اللوحة التي وضع بها كل فنه و جهده لإتقانها و في نفس الوقت لا يريد للوقت ان يتحرك ليبقى كتابها بين يديه فهو اثر عزيز للغاية منها ..

لم يدر كيف مر الوقت .. لكنه نسي نفسه حتى جاءت السيارة و فيها فادي و اخذ الرسمة و الكتاب و غاب عنه و هو كالمخدر..

و ايقظه اتصال مدرب الكاراتيه ليذكره بموعده في النادي مما جعله ينطلق كالمجانين الى سيارته ليلحق بالتدريب اليومي بعد ان نسي بقية الأمور الصباحية ..

عند المساء كان يرسل رسالة يستفسر لشيرين يسألها عما حصل بشأن الدروس الخصوصية .. و بعد ارسل الرسالة راح يتصفح النت .. و قبل ان يغلق البرامج لملله منها و بدون مبرر و على غير عادته ابدا عاد يفحص بريده الوارد و لدهشته وجد ردا منها اسرع يفتحه بلهفة ليجدها تخبره ان والديها لم يمانعا لكن يريدا معرفة المعلم و مكان الدروس .

تردد قليلا .. ثم قال لها ان تخبرهما انه طالب جامعي و ان مكان الدروس هو بيتها .. كان يتوقع انه ربما كان حولها او احدهما من يرسل له .. ربما .. كذلك فعشرات الطلاب يعطون الدروس الخصوصية اما من اجل المال او من اجل الخبرة الميدانية في دراستهم..

مرت فترة صمت قبل ان يصله رد منها يقول انها ستبلغ والديه بالأمر .. و سألها بحذر عما اذا كان بالإمكان الانتقال لبرنامج المسنجر بدل البريد لأجل نقاش التفاصيل فردت بالإيجاب ..

و اسرع يشغل البرنامج و يضيف بريدها اليه ..

و اسرع يرسل لها تحية مسائية ردت عليها حالا ..

و بدأ بالحديث عن الدروس الخصوصية و تشعب الحديث شرقا و غربا و الى كل الجهات الغير مدونة في كتب الجغرافية حتى انتصف الليل فاعتذرت منه بلطف شديد لأن لديها مدرسة في الصباح فرد بتحية رقيقة و طلب منها التواصل عبر المسنجر ..
رد بالموافقة و فصلت الخط فاغلق الجهاز و اوى لفراشه كأسعد انسان في الكون ..

كان يحلم بها ليل نهار ..

و ها هو على وشك ان يلتقي بها بانتظام عبر الدروس الخصوصية ..

سيكون بقربها اكبر قدر ممكن ..

و وجد نفسه بعد أيام يجلس معها في صالة منزلهم يدرسها مادة الرياضيات ..

كانت متجاوبة جدا معه و لا تتعامل معه بأي تحفظ ..

و توثقت الصلة بينهما مع تكرار الدروس و انتقاء تامر لكلماته و مراقبة تصرفاته ..

و صار يجرؤ على ان يدعوها للخروج معه و تناول العصير في النادي او للتمشي في مكان هادئ ..

كانت الفتاة معجبة جدا به فهو وسيم رجولي غني لطيف ذكي و موهوب ..

و كان هو يهيم بها حبا ..

كانت شيرين من الفتيات التي قال عنهن احد الكتاب : انها فتاة اذا امسكت بيدها و ذهبت الى السوق و سالك الناس عنها فقلت انها ابنتي لما كذبك احد .. و ان قلت انها زوجتي لما وجدت الا مصدقا ..

و رغم تنامي الحب بينهما الا ان احدهما لم يصارح الاخر بمشاعره ..

بقي بينهما حاجز هو حاجز التخوف من ان يكون الطرف الاخر قد يرفضه و انه قد يكون قد اساء فهمه فيفقده للابد اذا ما صارحه بمشاعره ..

و رغم انه كان حبا صامتا الا انه كان قويا بما يكفي ليعيش بعمق ..

و مع مرور الأيام كان الحب يورق المزيد من العمق في القلوب الفتية..

و كانت أيضا ترسم علامات عالية على شهادة شيرين في اخر الفصل و تفوقا جديدا انعش قلب والديها و رضاهما عن المعلم الجديد ..
لم يكونا بعد يدركان وجود الحب كدافع لهذا التميز المفاجئ ..


كانا حذرين حتى امام فادي الصغير .. فالصغار لا رابط لألسنتهم حتى حبات الشوكولاتة الكبيرة التي كان تامر يغرقه بها بين حين و اخر ..

لذا كانت تستغل أوقات فراغها لمواعدته متحججة بذهابها الى السوق او الى صديقاتها للنزهة و كانت تتفق مع زميلاتها على تغطية غيابها بين حين و اخر مقابل تغطيتهن ..

و ذات يوم و فيما هما يجلسان في حديقة جميلة و كانت تداعب العصافير بطفولة انتبه لأمر غيبه عنه الحب الجارف ..

لا تزال شيرين بنتا صغير نسبيا ..

و هذا قد يعني ان حبها هو مجرد اعجاب طفولي لا اكثر..

و حتى لو كان حبا حقيقيا فكيف له ان يرتبط بقاصر؟ ..

لن يتم القاضي العقد اذا ما فكر بالزواج منها كما كان يأمل بكل كيانه ..

أي معضلة هذه ؟

و اسودت الدنيا بوجهه دفعة واحدة و ملأت الغصة حلقه فجف عن الكلام لدرجة اثار انتباه شيرين التي كفت عن معابثة الطيور و استدارت نحوه متأملة بنظرة شك فاحصة متسائلة ..

فصمت لا يحير جوابا فرفعت حاجبيها بتساؤل ملح ..

فنكس عينيه للأرض لا يدري كيف يخبرها بما جال بخاطره .. فاقتربت منه و رفعت اليها وجهه لتطالعها عيون محمرة ادركت معها ان وراء الاكمة ما ورائها ..

فجلست بجانبه بصمت تنتظر ان يبوح بما في خاطره..

و ادرك عقم البقاء صامتا .. و بكلمات سريعة شرح لها ما دار بخاطره للتو..

و صدمها الواقع الذي غاب عنها طويلا في غمرة الحلم الجميل ..

فجلست ساهمة بجانبه و اركن خديها الورديين على كفيها الرقيقين و سرحت واجمة مفكرة بهذا الأمر ..

و طال الصمت قليلا قبل ان يقول لها بحزم : لن ارضى عنك بديلا .. ولو حاربت الدنيا كلها ..انت لي فقط يا شيرين .. لي فقط و سأقتل من يحاول اخذك مني .

نظرت اليه بصمت .. كان الجد الشديد مرتسما على وجهه المتحفز ..

لم تكن تشك في صدقه لكن .. هو لا يعيش وحده في الكون لذا لن يقدر على تخطي الغير متى أراد او قتل والديه مثلا و محاربة والديها..

حقيقة كانت تتصور ما سيحصل لو عرف اهلهما بالأمر..

أهلها سيقولون انها صغيرة و ان عليها اكمال دراستها قبل التفكير بتلك الأمور ..

و اهله سيفكرون له بعروس من باب زواج المصلحة او الأقارب او ما شابه ..

و في كلا الحالين سيكون امام القلبين مشوار طويل من العذاب و المصادمات ولا تدري اين يوصل في نهايته..
لقد سمعت الكثير من القصص من هذا النوع والتي انتهت بمأساة ..

كان تامر من النوع الذي لا يترك للأيام ان تتصرف قبله لذا كان و بصمت يقرر في نفسه امرا .. سيخطب شيرين من أهلها و ليحصل ما يحصل .. و صارحها بالأمر..

و صمتت شيرين دون ان تجيب ..
و اعتبر هو صمتها موافقة رغم انها كانت تفكر بأمر آخر ..
إن اول ما سيتبادر الى ذهن أهلها ان الدروس الخصوصية لم تكن كلها دروسا مدرسية و قد يشكوا في انها كانت فريسة له بطريقة او بأخرى ..
لم تفكر في كلامه لكنها أيضا ستبذل جهدها دفاعا عن حبها الأول ..


و في ذلك المساء كان تامر يذكر لأمه رغبته بخطبة بنت تعجبه .. و فرحت الام بطلب الابن بداية لكنه صارحها انها لا تزال صغيرة السن و أعطاها العنوان و التفاصيل فوجمت الام ..

كانت تدرك ان زوجها سيعترض لصغر سنها و لأنها ليست من العائلة او من جماعته من أصحاب الشركات رغم انها من عائلة ميسورة ..

و الحقيقة ان الام نفسها كانت تطمح لتزويج تامر من ميساء الجميلة ابنة ابن عمها فاروق صاحب الأموال الطائلة و شريك زوجها في عدد من شركاته ..

لكنها تدرك ان تامر ابنها الوحيد بين ثلاث اخوات و يجب عدم خسارته ..

لذا قررت ترك الامر لزوجها ليبت فيه خصوصا ان زوجها يوافقها الراي بالنسبة لميساء منذ زمن رغم انهما لم يفاتحا تامر بالأمر اطلاقا بل بقي مجرد كلام بينهما و ان كانا يرتبان للأمر بهدوء و خفية عن طريق تكرار الزيارات و الحفلات و غير ذلك من تقارب الاسرتين المستمر و ترك ( العروسين ) دوما وحدهما بما يشبه الاتفاق الصامت بين الاسرتين على النسب المقبل ..

لم يكن هناك ما يعيب ميساء .. بل الحقيقة كان يميل اليها نوعا ما ..

فهي جميلة للغاية .. لطيفة كملاك .. ذكية .. مثقفة .. ذات شخصية ساحرة كبطلات الأفلام او فتيات القصص الخيالية ..

لكن الحب كان يدخر له شيرين ..

و اه من شيرين و جمالها الجارف ..

و أي عاقل او مجنون لا يمكنه الوقوع في حبها؟

انه مستعد للتخلي عن ميساء و سحر ميساء و ثروة ميساء و اسرة ميساء و كل ميساء بالدنيا فقط مقابل شيرين لا اكثر .

لكنه خائف من محيطه .. فلن يسمحوا له بالزواج كما يريد ..

هناك ملايين ستخسرها العائلتان و هناك علاقات و روابط ستنفصم و تخلف ورائها جراحا لا تندمل قد يحولها الزمن لعداء مستحكم تسيل فيه الدماء و قد تكون شيرين اول الضحايا معه .

لكنه سيحارب الكل ..

الكل بلا استثناء ..

سيحارب كل حسب وضعه ..
لن يقتل اقاربه لكنه لن يتردد بأطلاق النار على أي شخص اخر سيقف بينه و بين شيرين ..


فالحب بلغ منه مبلغ الجنون و التهور .. لن يفرط بها ..

ميساء يتمناها كل شاب بلا مبالغة الا هو الان رغم انه كان سعيدا بها من قبل..

لن تتأثر ميساء بغياب تامر ..

لكن تامر سيتحطم من غياب شيرين ..


- يتبع -
 
  • حبيته
  • عجبني
التفاعلات: الصقر_الجارح و Ehab Demian

✰ الجزء الرابع ✰
____________________________________________

و افاق تامر من افكاره وهو يتطلع الى الصياد الذي يتململ مكانه ..
و رشف من العصير رشفة كبيرة يفرغ بها توتره ..

و لاحظ ان السيارة التي جاءت اخر مرة و التي نزل منها الصياد ذاك جلس بها اثنان اخران لم يخرجا مما اثار تحفزه ..

لا يبدو الامر مبشرا بخير خصوصا انهما في المقعد الخلفي مما منعه من ملاحظتهما في البداية .. لماذا يجلسان هناك دون حراك؟

و عاد يتحسس مسدسه بحركة خفية و ترك يده بجانبه مستعدة لسحبه فورا ..

لكن الرجلان بقيا مكانهما كأن الدنيا حولهما لا تعنيهما او انهما ينتظران امرا بانتباه مبالغ فيه كأنهما عسكريان مثاليان .. و من يدري فقد يكونا كذلك .

لقد وصلت الامور الى حدها بين اسرته و اسرة منافسة خصوصا حادث حريق الملهى الاخير و الذي كان ضربة موجعة للاسرة المنافسة ..

عائلات المدينة مافيات مصغرة كما الاسر الصينية في نيويورك ..

و ترك يدة تلامس مسدسه للاحتياط ..

و رغم احتمال الخطر الا انه عاد يسرح مرة اخرى بقصته مع شيرين ..

" لا لا .. لن اوافق .. هذا مستحيل .!! " هدر الاب بوجه تامر بغضب .. و تابع صارخا : هل تريد تحطيمي ؟ هل تريد ان تعيش مدمرا من بعدي ؟ هل تريد هدم كل ما بنيته لمجرد هفوة عابرة مع بنت لا زالت تأخذ مصروفها من والدها و تأكل به المثلجات ؟

قال تامر بتوتر حانق :احبها .. ولا اريد غيرها ولو دفعت حياتي ثمن ذلك لا مجرد اكوام من النقود .

قال الوالد ساخرا : مجرد اكوام من النقود؟ وهل تظن انك قادر على الحياة دون تلك الاكوام التي لا تعجبك؟ هل تقدر ان تتخلى عن سيارتك الفاخرة؟ جامعتك الباهظة التكاليف؟ ناديك؟ حاسوبك المتطور؟ جناحك الفاخر في هذا القصر؟ مصروفك الكثيف؟ هل يمكنك العمل كمراسل بريد ام كصبي قهوة ؟ ام تفكر في غسيل السيارات لكي تشتري اخر النهار رغيفي خبز لا اكثر؟ هل تظن ان عالم الواقع كما هو في افلام التلفاز السخيفة ؟ ام كما تقرأ عن قصص الحب المزيفة ؟ استيقظ ايها الغبي قبل ان تصدمك الحياة فتدمرك .

بقي تامر صامتا فترة يقلب الامر في ذهنه ..

لا يقدر ان ينكر منطقية ما يقوله والدة ..

فبدون تلك الاموال لن يقدر ان يعيش عيشة كريمة ابدا و سيخسر حياته و عالمه و أصدقاءه و يعيش عيشة الفقراء الذين لطالما شاهدهم على التلفاز ..

لن يطيق تلك الحياة ..

لكن حبه لشيرين كان عميقا ..

و سأله والده كأنه يقرأ افكاره : اذا كنت تحبها فعلا هل تحب ان تعيش فقيرة محرومة؟

و تغيرت الصورة في ذهن تامر .. يقدر هو ان يحتمل .. لكن هل يطيق وضع شيرين في قبر الفقر؟ ابدا لا يقدر ..

لكن عناده لم يكن يفارقه لذا قال :لن اتخلى عنها يا ابي ..ابدا لن افعل .

قال الوالد بسخط : غبي .. و انا لن اتركك تأخذ غير ميساء والا فابحث لك عن عيشة اخرى بعيدا عني .. وهذا نهائي .. فمن يسعى لتدميري لن ارحمه ولو كان ولدي الوحيد .

تدخلت الام قائلة : تامر .. بني .. الم تفكر ان البنت قاصر و لن يقبل قاض ان يزوجها لك؟ و هل سيرضى اهلها بهذا اصلا؟ هل تريد ان تتزوجها بغير شرع **** ؟ ام تريد ان تنتظر سنوات طوال ؟

قال تامر : سافكر بالامر .. و سأقرر ما سأفعله .

قال الوالد بحزم : و عندما تقرر تذكر ما قلته لك و على اساسه قرر .

صمت تامر و نهض و غادر المنزل .. كان هناك صراع مرير يدور في ذهنه ما بين الحب و الاسرة .. ما بين شيرين و والداه .. ما بين الفقر و الغنى ..

قد يكون من السهل عليه ان يستغني عن المال و يختار الحب و يبدأ من الصفر ..

لكن شيرين .. هل يطيق ان يراها باسمال بالية او جائعة او مريضة وهو لا يملك مالا ليسعدها؟ هل يطيق ان يرى جمالها يشحب بسببه هو؟ و يداها الناعمتان تخشوشنان من العمل في منازل الناس لسد رمقها ؟ الموت اهون عليه من هذا .

و وجد نفسه يتجه الى حيث منزل شيرين فخفف سرعة سيارته و توقف ينظر الى المنزل بشغف محب ولهان .. يحب المنزل و يحب الشارع و يحب الاشجار و الرصيف و حتى حاوية القمامة امام الفيلا لأنها كلها تذكره بها ..حتى الشارع هذا .. صار يحب المرور به كلما اراد الذهاب لمكان ما و يسير بابطأ ما يمكن عندما يحاذي منزلها الحبيب..

كم يحبها ..

كم يعشق عيونها..

كي يهيم بصوتها ..

كم يشتاق لرؤياها كلما غابت عنه ولو كان قد تركها للتو ..

انه الحب ..

و من يعرف الحب يدرك كم هو جميل و كم يشتاق الحبيب لحبيبته ..

و تنهد بشوق شديد ..

اه لو اطلت من نافذتها الان ..

اه لو تعرف انه الان هنا و تشفق على حاله ولو بنظرة عابرة ..

اه لو يرى طيفها من وراء الزجاج ..

و لما لم يكن يريد احراجها مع اهلها او وضع نفسه موضع شبهة لذا تحرك مبتعدا ..

شيرين ..

يا قصيدة سحرية كتبت بدماء قلبي ..

شيرين ..

يا زهرا سحريا من بلاد الجان ..

يا حورية خرجت لتوها من الجنة لارض انا فيها ..

يا عيونا لشيرين تحرق الف روما بمحض نظرة ..

يا شعرا لشيرين كحقول قمح نُسجت من ذهب الجنة ..

يا خدودا لشيرين اشهى من ثمار الفردوس ..

انت يا ملاكي الساكنة في برج عال .. نائمة تنتظر بلوغ الصباح ..

اليك اتي ..

اليك فقط ..

و افاق من افكاره على حلم يتحقق ..

كانت شيرين تنزل من سيارة فخمة تقودها فتاة لم يتبينها من تلك المسافة و ان لم يكن شكلها غريبا عليه .. لم يكن يرى سوى رأسها من الخلف ..

و انطلقت السيارة بسرعة لم تتح له الوصول اليها و معرفة الفتاة ..

و نفض الامر من ذهنه ..

شيرين امامه .. و وصل الى مكانها لكنها كانت قد تحركت و دخلت مجمعا تجاريا قريبا..

لم يتأخر.. ركن سيارته و هبط منها سريعا خلفها بلهفة عاشق ..

و تركها تتسوق حتى امتلأت عربتها من الملابس و الهدايا و العطور و غيرها ..

و عند المكان المخصص للمحاسبة ادهشها تواجد تامر خصوصا ان المكان للنساء ..

و ابتسم لها ابتسامة صافية جعلتها تقترب مبتسمة بحياء ..

و سألها : هل انتهيت من التسوق ؟

قالت : نعم .

و فوجئت به يخرج بطاقة اعتماده و يسدد عنها الحساب و يجرها من يدها قائلا لعامل هناك بلطف: ارجو ان تحضر الاغراض الى السيارة .

و وجدت شيرين نفسها تجلس على المقعد بقرب تامر الذي وضع حاجياتها بالتعاون مع العامل في المقعد الخلفي ثم نقد العامل مبلغا من المال جعل الاخير يلهج له بثناء حار .

و سألته : هل لي ان اعرف لم كل هذا ؟

قال مبتسما : اشتقت لك .

قالت بخجل و دلال : و انا ايضا .

اسعده مجرد وجودها بجانبه لدرجة كادت تُذهب قلبه وراء الرياح ..

و لكن حديث والديه اعاده لأرض الواقع بقسوة لذا قال لشيرين التي راحت تخرج حبة ايس كريم مثلثة كالقمع من اغراضها :اريد الحديث معك بأمر هام .

قالت بغير اهتمام : اها .. هات ما لديك .. انا مستمعة .

قال بجدية : قلت لك انه امر هام .. الا تهتمين؟

قالت بنفس اللامبالاة وهي تلعق الايس كريم: اها .. نعم .. انا مهتمة .. تكلم.

نظر اليها وهو يرفع حاجبيه و يقول : شيرين .. قلت لك الامر هام جدا .

ردت بنفس الطريقة : همم .. نعم .. مهم .. اعرف .. انا اسمعك بوضوح .

قال و قد بدأ يتضايق : لا .. هذا غير معقول .. انت لا تهتمين بكلامي .

قالت وهي تنظر اليه بغير جدية قائلة : هه.. تحدث .. انا بقمة الاهتمام .

نظر اليها بصمت تأكل الايس كريم الذي علق بعضه على ارنبة انفها و شفتيها و هي لا تزال تلعقه كقطة صغيرة ..

قال لها بعتاب : هل حبة الايس كريم اهم عندك من حديثي؟ لا بد ان تكون لذيذة جدا لتكون عندك اهم من كلامي .

و فجأة دفعت المثلجات تحت انفه هاتفة بشقاوة : جربها لتعرف .

و فوجئ المسكين بالايس كريم يغلق انفه و فمه و ببرودة الثلج تجمد خياشيمه ..

فراح يعطس و يسعل بقوة و هي تضحك بتشفٍ و تصفق بيديها بمرح ..

و هتف بها : ايتها الشقية .. انتظري .. سأريك ..

صرخت بمرح و هي تحاول الفرار للمقعد الخلفي لكنه امسك ياقة فستانها و اجلسها مرة اخرى جانبه .. و قبل ان ينتبه كان نفير السيارات يعلو بعد ان انحرفت سيارته عن الطريق بطريقة خطرة لكنه سيطر عليها و أعادها للطريق ..

و لم يكد يفعل حتى تعالى صوت بوق الشرطة ..

و شاهد علامات الرضى على وجوه السائقين في حين استكانت شيرين ببراءة شديدة بجانبه راسمة طفولة الكون كلها على محياها الجميل ..

و نظر اليها بدهشة و هو يقول : يا للعفريتة .

و توقف على جانب الطريق و توقفت عربة الشرطة خلفه و هبط منها شرطي يحمل دفتره و توقف بجانب تامر و اطل برأسه من الشباك قائلا : اوراقك.

تناول تامر اوراقه و ناولها للشرطي ضاغطا على اسنانه ..

و قال الشرطي برصانة وهو يكتب المخالفة : اذا كنت يا بني لا تفكر في حياتك فكر في هذه الصغيرة التي الى جانبك .. لا اظن انك تحب قتل شقيقتك الصغرى بنفسك .. اليس كذلك ؟

نظر تامر الى شيرين نظرة نارية فأجابتها بنظرة طفولية شديدة البراءة كاد معها ينشق غيظا ..

و ناوله الشرطي المخالفة الباهظة وهو يقول بحزم : احذر .. المرة القادمة سأسحب رخصك ..

و اشار له بالتحرك متابعا : رافقتكم السلامة .

و تحرك تامر الذي لم يقدر طوال الوقت على نطق كلمة واحدة ..

مقلب قوي هذا الذي فعلته به شيرين ..

يا للشيطانة الصغيرة ..!!

وضرب جبهته بكفه .. هو .. تامر .. تضحك منه فتاة صغيرة؟

و قالت له و هي تلعق حبة ايس كريم اخرى بخبث : كم كانت المخالفة هذه المرة؟

قال بدهشة : هذه المرة؟ و هل هناك مرات غيرها؟

قالت بخبث : من يدري؟

نظر اليها بصمت .. ثم انفجر ضاحكا .. فضحكت هي ايضا ..

و فجاة دفع يده تحت يدها فملأ الايس كريم انفها و فمها فعطست هي ايضا بقوة

و ضحك بقوة قائلا : كيف طعمه عبر الانف؟

قالت وهي تسعل و تمسح البقايا : بااااااارد .. و بلا طعم .

قال بخبث : هل تريدين ان اشتري لك المزيد ؟

قالت: شكرا .. يكفي ما اكلته اليوم فهو يكفيني للغد و اكثر .. اتريد انت؟

قال بسرعة : لا لا . شكرا لك على هذا الكرم .. انا ايضا اكلت ما يكفي .

قالت و هي تمسح كفيها : بالهناء و الشفاء .. هل تريد ان تأكل شيئا اخر؟

قال : من هذا الصنف؟ لا .. شكرا .. سأتبع حمية .

قالت : انت الخاسر .

و اخرجت قطعة شوكولاتة كبيرة راحت تخرجها من غلافها بتلذذ ..

و نظر اليها محملقا بالقطعة الكبيرة ثم اختطفها منها وراح ياكلها بسرعة و هي تهزه قائلة باحتجاج : ايها الشره .. هات قطعتي .

لكنه تجاهلها حتى اتى عليها كلها ..ثم مسح فمه بكفه و تجشأ وهي تنظر اليه بغيظ ..ثم استدارت للامام عاقدة ساعديها امام صدرها بغضب طفولي و هو ينظر اليها بطرف عينه بتشفٍ..

و بقيت تنظر للامام بغضب .. ثم بدات ضحكات مخنوقة تفلت من بين شفتيها المزمومتين و هي تحاول كتمها بقوة ..

و راح تامر ينقل بصره بينها و بين الطريق بسرعة و تساؤل ثم خطف بسرعة ورقة الغلاف و نظر اليها .. و اتسعت عيناه بارتياع ..

و صرخ بجزع : ايتها اللئيمة ..حلوى قطط؟.. سأريك ايتها الشقية.

و تعالت صرخاتها الضاحكة ..

و وصلا الى حديقة عامة حيث اوقف تامر السيارة و هبطا منها بسلام ..

و في الحديقة جلسا وراء طاولة قرب نافورة مياه جميلة و طلب تامر عصيرا مثلجا لهما .

و اخبرها تامر بالنقاش الذي دار بينه و بين عائلته حولها ..

فقالت له بانزعاج و خجل: زواج؟ و من قال لك انني افكر بزواج يا تامر ؟ انا صغيرة على هذه الامور .

قال تامر بحرارة : و حبنا يا شيرين؟

قالت بحرج : لا تسئ فهمي .. انا فقط اريد ان اكبر قليلا قبل الزواج منك ، اكبر قليلا اكثر.

قال : افهم كلامك ملاكي.. لكن.. لا اطيق البعد عنك اكثر .

صمتت شيرين فترة و هي تمسك كأس العصير بكلتا يديها و تنظر فيه مفكرة ..

ثم قالت دون ان ترفع نظرها عن كأسها : ماذا لو انتظرنا لما بعد التخرج من المدرسة؟

تراجع بمقعده للخلف و قال: سيجبرونني الى حينها على الزواج من قريبتهم.

قالت بعتاب : قريبتك يا تامر .. لا تكن فظا هكذا .. قريبتك.

قال ملوحا بكفه : سيان .. المهم انهم يشنون علي حملة واسعة للزواج منها .

قالت : ولم لا ؟

قال بدهشة : هل جننتِ؟

كررت : ولم لا؟

قال بسخط : ماذا تعنين .. ارجوك شيرين .. الوضع لا يحتمل شقاوتك الان .

قالت وهي تنظر اليه : الامر بحاجة الى تضحية من جانبنا .

قال: لا زال سؤالي ساريا .. ماذا تعنين؟

قالت بجدية : تزوج قريبتك.

- يتبع -
 
  • عجبني
  • حبيته
التفاعلات: زهايمر و Ehab Demian

✰ الجزء الخامس ✰
____________________________________________
قال باستنكار : ماذا؟

تابعت : وعندما اصير انا بسن قانونية للزواج و انهي دراستي تزوجني وقتها .

قال : اتزوجك؟ ترضين النزول على ضرة ؟

قالت : انه حل وسط .. نتزوج بالسر وقتها او بالعلن .. من جهة ترضي اهلك و لا تخسر حياتك ومعيشتك ولا تتسبب بدمار العائلتين في عالم يتربص بكم و انتم بأمس الحاجة للاتحاد و من جهة اخرى نكون لبعضنا كما نتمنى دون اعتراض احد .

قال وهو ينظر اليها : انت مجنونة .

قالت: اعرف .. لكن لا حل اخر لديك.

قال : بل لدي حل .. انت فقط لي و لتذهب الدنيا كلها لجحيم .

قالت: و امك؟ و ابوك؟ .. لا حاجة لي بمن لا يحب امه و ابوه فهو لن يحبني .

قال بدهشة : شيرين .. هل ترفضينني؟

قالت بضجر : يا رب الكون.. ما هذا الغباء ؟ .. قلت لك انني فقط اريد منك ان لا تخسر اهلك .. و حبك لي لا يعني تركك لأهلك و من يحبونك .. اقبل ان انزل على الف ضرة ما دمت سأكون معك .. و الى ذلك الحين يفعل ربك ما يريد .. فكر بما قلته لك و لا تجب وانت منفعل او جائع او تعاني من اسهال .

قال : و ما ذنب الفتاة الاخرى كي اظلمها بزواج مصلحة و يكون فكري و قلبي بعيد عنها؟ كيف سأعيش معها و كيف سأكون منصفا في معاملتي لها وان قلبي معلق بكِ ؟ انت لا تفهمين شيئا .

قالت : انت تقرر هذا بنفسك .. جرب و لن تندم.

قال : و ان لم ينجح الامر؟

قالت : سينجح .. فقط لا تدمر الدنيا من حولك لأجل انانيتك .

قال : لنفترض انني وافقت غبائك هذا و تزوجت قريبتي .. هل ستنتظرينني فعلا ؟

قالت و هي تنظر للافق مضيقة عيناها بشقاوة : لنفكر بالامر .. هل سأنتظره؟

و عادت تنظر الى كوبها ثم شربت رشفة منه و قالت : لا طبعا .. لن انتظرك .

قال بدهشة : ماذا؟هل .. ؟

قاطعته قائلة : سأحضر انا و والدي لخطبتك من اهلك و لا تقلق بشأن الشبكة و المهر فهي جاهزة عندي وحتى فستان الفرح اشتريته لك من باريس .

ضحك قائلا : شقية كالقرود.

قالت : غبي كفرس النهر .

سألها : ماذا تأكلين ..؟ لم نتناول طعاما منذ فترة .

قالت : سأطلب اكلة احبها جدا .. و هي لا تقدم بالمطاعم لكن يمكن لأي مطعم اعدادها .

اشار للنادل فاقترب و قال تامر :اطلبي .

التفتت الى النادل و قالت : اريد لحم دجاج على شكل شرائح صغيرة بطول 2 سم مقلية مع الفستق و البهارات المشكلة و مخلوطة بالخبز المحمص مع بعض الملح المرشوش فوقها.. متى يمكن ان يجهز الطبق ؟

قال النادل بارتباك خفيف : بعد عشر دقائق يا سيدتي.

تابعاه بنظرهما و هو ينصرف نصف متعثر .

و قالت شيرين باستغراب : يبدو انه مستجد هنا.

ابتسم تامر و لم يجب .. فالنادل المسكين اصابته عيون شيرين بالدوار .. فكيف له ان يحتمل سحر نظراتها ؟ .. لن يستغرب تامر ان يحضر النادل بدل طبق شيرين شيئا اخر لا علاقة له بالطعام .. كأن يضع في صينية الطعام هاتف المدير او اسطوانة الغاز و يملحها لها ..

لكن النادل خيب ظنه و احضر الطبق الذي طلبته شيرين بوقت اقل مما حدد ..

و احضر مثله لتامر ايضا و وضع كأس ماء في المنتصف و مناديل قماشية منمقة الترتيب و شوكة و سكين على كل طبق ثم غادر متحاشيا النظر لأي منهما .

حكيم هذا النادل .. حكيم و مخلص ..

هكذا فكر تامر و هو يتذوق الطبق .. كان لذيذ الطعم ..مقرمشا و شهيا ..

و علقت شيرين قائلة و هي تتناول طعامها : انه طبقي المفضل عندما اكون نصف جائعة او اكون خارج المنزل .. و احيانا داخل المنزل .

تناولا طعامهما بصمت نسبي .. فكل منهما كان يفكر في اتجاه ..

كان هو يفكر فيما قالته شيرين و يحاول ايجاد حل بديل دون فائدة ..

و هي كانت تفكر في حياتها القادمة .. هل حقا ستقبل التخلي عن عالمها الصغير .. امها .. ابيها .. شقيقها فادي ؟ هل هذا مجرد حلم ؟

لكنها تحبه .. تعترف انها احبته .. ليس من اول لقاء ولا من الثاني ولا العاشر .. لكنه حب نشأ في ظلال مخفية من قلبها و نما بالتدريج حتى كبر دون ان تدرك و لم تقاومه .. بل كانت تراقبه بشغف و سرور كزهرة جميلة تنمو على شرفتها ..

و انهيا وجبتاهما على مهل ..

و طلب تامر عصيرا فقالت للنادل : الاناناس لو سمحت .

و قالت لتامر بخجل خفيف : انه المفضل لدي بين العصائر .

قال تامر : و انا احبه ايضا .. احبه و احب من يحبه .

قالت بخجل : تامر .. انت تخجلني .

قال باسما : تكوني اجمل و حمرة الخجل تكسو اذنيك .

قالت : و انت تكون افضل و انت ساكت.

و بعد نصف ساعة كانا يستقلان سيارته في طريقهما للمنزل ..

و قطع افكار تامر صوت باب السيارة الغريبة ينفتح بهدوء كأن احدا يهم بالنزول .. لكن لم ينزل احد .. و فتح الباب الثاني ايضا و لم ينزل احد ..

سحب مسدسه برفق و بشكل خفي و عمّره دون ان يحدث صوتا و رفع زر الامان استعدادا لاطلاق النار .. في جيبه ذخيرة كافية ليبقى حيا حتى تصل المساعدة ان احسن التصرف و مسدسه مليء بالرصاص .. و بدأ يرسم في ذهنه خطة العمل .. هذه الصخرة التي يجلس عليها تصلح كساتر من جهتين .. يبقى جهة الرجل الذي هبط من السيارة .. سيتدبر امره اذا ما لزم الامر .. فهو بعيد نسبيا و لكي يشارك في المعركة يحتاج لدقيقة كاملة ..

و عليه ان يتخلص منهما خلال تلك الدقيقة ..

ان فتح الباب هكذا يعني استعداد الخصم لاستخدامه كساتر لتبادل اطلاق النار ..

لا شك انهما الان يعمران اسلحتمها الرشاشة ..

و مد يده بخفة الى هاتفه النقال وهو يضع زجاجة العصير على الصخرة و لمس ازراره بسرعة و ارسل الاستغاثة المسجلة مسبقا في هاتفه ..

بعد نشوب الحرب الخفية تلك بين العائلات صار الكل يحتاط لأسوأ الاحتمالات ..

و لم يطل انتظار تامر .. فقد هبط رجلان يرتديان الاسود و ينتعلان نظارات شمسية على عيونهما .. ضخام الجثث كمجرمي الافلام و يحملان رشاشان خفيفان مزودان بكواتم صوت و لمح تامر الرجل الثالث يجري نحوه و هو يخرج من سلته رشاشا مماثلا ..

و انزلق تامر بخفة و هو ينقلب على بطنه مطلقا رصاصة مدوية اخترقت عين اولهما و صرعته حالا قبل ان يطلق أي منهما رصاصة واحدة..

و انهمر مطر من الرصاص على الصخرة التي اختفى تامر ورائها ..

و تطايرت شظايا زجاجة العصير شبه الفارغة و سال العصير على الصخرة ..

كان يتمنى ان لا يسيل دمه معها ..

و بسرعة وجه مسدسه نحو الرجل الذي يجري و اطلق صوبه رصاصتان جعلتاه يحتمي بسيارة واقفة مما اخفاه عن تامر الذي عاد يصوب رصاصه نحو الرجل الاول المحتمي بباب السيارة ..

مأزق لطيف بلا شك ..

كان الصيادون يفرون من المكان و بعضهم القى بنفسه في البحر هربا من الرصاص ..

و اطلق تامر رصاصة مدوية صوب الرجل البعيد ليجبره على البقاء مكانه .. ثم زحف بسرعة حول الصخرة و اطل بسرعة مطلقا رصاصة حطمت زجاج السيارة لكنها لم تقتل الرجل للاسف .. و ان ملأت رأسه بالزجاج ..

و عاد تامر يتدحرج و يرسل للرجل البعيد رصاصة اخرى و عاد مكانة تاركا رصاصات الاخير تئز من فوق رأسه ..

و هنا تعالى صوت ابواق الشرطة .. فزاد جنون اطلاق النار .. يريد كل طرف انهاء الامر قبل وصول الشرطة .. و لكن تامر لم يكن صيدا سهلا ..

و برصاصات ثلاث اصاب مقتلا من الرجل البعيد الذي غادر مكمنه وراح يجري نحو تامر مطلقا النار عله يظفر به ..

و هنا سحب الرجل الغليظ زميله القتيل كأنه دمية قماش و القاه مع رشاشه على المقعد الامامي و انطلق بالسيارة مفرغا خزانة الرصاص فوق رأس تامر الذي لم يتمكن من مجرد اخراج رأسه .. و توقف الرصاص و اطل بحذر شديد فرأى السيارة تقف عند جثة الرجل البعيد و الضخم يخطف الجثة الثانية و سلاحها الى الداخل و يطلق لسيارته العنان .. و اسرع تامر يخرج الى سيارته و ينطلق بها ايضا مخفيا سلاحه تحت المقعد و غسل يديه بسائل ذو رائحة نفاذة لإخفاء رائحة البارود ..

و كما توقع استوقفه الشرطة و سأله احدهم عما يجري فقال بذعر مصطنع : مجانين .. انهم مجانين .. لأجل بعض الاسماك يشعلون حربا .

سأله الشرطي : من هم ؟

قال بنفس اللهجة مشيرا للاشيء : سيارة كبيرة و رشاشات و اخرون خلف الصخور .. يا **** اللطيف .. سأفر بجلدي.

تركه الشرطي يمر و اتجه مع زملائه لمكان الحادث و تامر ينطلق بخفة مبتعدا عن المكان .. لحسن حظه الشديد لم تصب سيارته بالرصاص و الا لتوقف للاستجواب .. طبعا سيدعي انها اصيبت بعراك المجهولين ..

و شاهد سيارة سوداء داكنة الزجاج تسير نحوه .. انها النجدة وصلت سريعا لكن ليس بسرعة كافية فالمعركة لم تدم لأكثر من دقائق ثلاث .. يبدو ان من خطط للامر حسب حساب النجدات جيدا ..

و انطلق تامر نحو قصر والده و سيارة الحراسة تستدير و تلحق به مسرعة .. لا بد ان الاخبار قد وصلت لعائلته التي تنتظر بقلق وصوله و اعطاء التفاصيل .. كثيرا ما تكون هناك فرقة دعم لفرقة الاغتيال للتدخل حال فرار الهدف او فشل المهمة لسبب او اخر .. لكن وجود الحراسة لا بد سيفشل المهمة كذلك كون سيارة تامر مصفحة .. كل المهمين يستخدمون تلك السيارات المصفحة منذ اندلاع حرب العائلات تلك ..
تلك الحرب التي بدأت بسبب شيرين بالذات و ملأت ساحات المدينة دما ..

و وصل تامر و مرافقوه بسلام الى حمى العائلة ..

كانت مهمة فاشلة للعائلة الاخرى..

لكن الخطير فيها انها استهدفت شخصية من كبار العائلة هذه المرة لا احد رجالها العاملين بالحراسة او غيره كما جرت العادة مؤخرا..

و هبط تامر من سيارته و هو متوتر واجم ..

انها احد المرات النادرة التي يتم فيها الهجوم في وضح النهار و بوجود عشرات الشهود ..

يبدو ان مرحلة جديدة من الصراع توشك ان تنطلق ..

مرحلة حاسمة ..

و عقد اجتماع سريع لرؤوس العائلة سمح لتامر بحضوره لكي يروي ما حصل ..

و بعد ان اعطى التفاصيل تركهم وغادر ليقرروا بينهم ما سيفعلون ..

احتراما للكبار يقوم الشبان باعطائهم خصوصيتهم و عدم التدخل بكلامهم رغم انه غير ممنوع عليهم البقاء و المشاركة في الاجتماعات ..

و صعد تامر الى جناحه الخاص الفرعي و استلقى على سريره واضعا كفيه خلف رأسه و اطلق لذكرياته المحببة العنان مرة اخرى ..

تعالت زغاريد ام تامر و هي تجلس مع زوجها في منزل والد ميساء التي احاطت بها اسرتها و جلست هي خجلة مبتسمة .. كانت من الجمال بحيث يمكن جدا لتامر و غير تامر ان يقع في حبها بسهولة كبيرة دون تردد او ندم ..

لكن حب شيرين كان قد سبق حب ميساء .. و مع هذا لم يكن تامر متضايقا من امر خطبته لميساء .. فهذه رغبة حبيبته اولا و كذلك انقاذ لعائلته و ايضا لميساء مكانة كبيرة في قلبه كادت تصير عشقا لولا ان القدر ارسل شيرين لتأخذ مكان ميساء في وجدان تامر ..

كانت قبلات شقيقات تامر لا تفارق خديه و العناق لا يكف من حوله ..

زواج كهذا لهو حدث كبير للعائلتين يستحق ان يقام له مهرجان كامل ..

و كان والد تامر سعيدا فخورا بولده و هو يتحدث لوالد ميساء السعيد ايضا بالخطبة و توحيد العائلتين ..

و دارت كؤوس الشراب المشكلة من افخر العصائر و المشروبات على الموجودين ..

و جلس تامر قرب ميساء التي تكاد تذوب خجلا بعد ان حمل الاقارب العروسان حملا الى كرسي مزدوج ليكونا قرب بعضهما ..

و كانت كاميرات الاسرتين تلمع مخلدة هذه اللحظات الجميلة ..

و التفت تامر الى ميساء الخجلة التي تنظر للارض بحياء ..

جميلة كزهرة نرجس ..

رقيقة كورقة اقحوان ..

ناضجة كثمار الجنة ..

مشرقة كشمس اذار ..

لو لم تكن شيرين بحياته لما وجد على سطح الارض من نسل حواء افضل ولا اجمل من ميساء لتكون شريكة عمره ..

كاد ينسى شيرين في بحر عيون ميساء العسلية المتألقة بجمال اخاذ لا يقاوم ..

كانت تختلس اليه النظر بحياء و تشيح بوجهها بخجل كلما التقت عيناهما تاركة سهما كبيرا ينفذ الى قلبه مع كل نظرة ..

لكن حب شيرين كان درعا صلبا تتحطم عليه تلك السهام الجميلة رغم انها تترك فيه اثرا عميقا ..

و بمهارته المعهودة فتح تامر مع ميساء حديثا شيقا انهمكا فيه ناسيين ما و من حولهما .. و ليس اسعد على قلوب الاهل من رؤية العروسين منهمكين بالحديث فهذا دلالة المحبة و الانسجام و بالتالي يحرم مقاطعتهما لأي سبب الا ان يكون سببا قويا و تقوم ام احدهما بالتدخل و باسلوب لبق لتخبرهما بلطف مثلا ان حريقا اصاب المنزل و يكاد يشويهما و بالتالي عليهما التكرم بالمغادرة .. او ان قنبلة تحت قدميهما تكاد تنفجر و بالتالي يجب تغيير المكان لكي لا تتلف ملابس السهرة .. و اقل من ذلك لا يستحق المقاطعة ابدا ..

ان لتقاليد الخطبة قواعد صارمة اكثر من جيش روسيا ..

و مضت ساعات و تامر و ميساء يتحدثان بشتى المواضيع و قد ذاب حاجز الخجل و التردد بينهما و صارا يتعاملان كما يجب مع بعضهما ..

و في وقت متأخر غادرت اسرة تامر منزل اسرة ميساء بعد ان اتفق الطرفان على تفاصيل حفل الخطوبة و مكانه و اجراءاته و ما الى ذلك من عشرات التفاصيل التي يجب ان تراعي العادات و التقاليد و العلاقات العامة مع الاسر الاخرى ..

و عاد تامر الى منزله شاعرا بدوار ..

كان يشعر كأنه يخون شيرين بخطبته ميساء رغم ان هذه كانت فكرة شيرين نفسها و بموافقتها التامة ..

كيف اطاع فتاة صغيرة بأمر جلل كهذا ؟

هل كانت تريد التخلص منه ؟ هل تريد ابعاده عنها ؟

لا .. مستحيل .. فهي تحبه .. بكل المقدسات يقسم انها تحبه .. و هو يحبها ..

اذن ليثق بحبها و ليمض قدما في خطتهما معا ..

و هذا ما كان ..

- يتبع -
 
  • حبيته
التفاعلات: Ehab Demian
✰ الجزء الخامس ✰
____________________________________________


كانت حفلة الخطوبة صاخبة للغاية تحدثت عنها الصحف كثيرا و انفقت الاسرتان مبالغ هائلة فيها ..
انها حفلة القرن كما اسموها ..


لكنهم غيروا رايهم لاحقا عند حفل عقد القران الذي جاء بعد أسبوعين فقط من حفل الخطوبة فقد كانت الاسرتان مستعجلتان جدا لإتمام الزواج ..

ولولا كلام الناس لكان الزواج بعد يومين من الخطوبة ..!!


لاحقا كان حفل عقد القران حفلا يشبه الاساطير بكل معاني الكلمة ..

فقد جرى الاحتفال في حدائق سياحية تم حجزها بالكامل مدة ثلاثة ايام و اختيار منطقة تسمى ( جنان هاواي) كمكان رئيسي للعرس الذي استمر ثلاثة ايام كاملة دون توقف ولو لدقيقة و اشترك به المع نجوم الفن في المنطقة كلها ..

كان مهرجانا حقيقيا صنعت به عجائب تستحق التسجيل في موسوعة جينيس للأرقام القياسية ..
كانت اضواء الليزر و المفرقعات الملونة و الزينات و الاضواء تصنع جوا احتفاليا قلما يشهده بلد عبر العالم و كان العرس مفتوحا لجميع الناس مع احتياطات الامن طبعا ..
و قدر عدد الحضور بعشرين الفا لكل يوم ..
فالطعام مباح و الشراب ..

ناهيك عن عشاق الفن الذين حضروا لرؤية نجومهم المفضلين على الطبيعة يحيون عرسا مذهلا بتكاليفه و اعداده و تقنياته ..

اذا كانت حفلة الخطوبة اسموها حفلة القرن فكيف بالعرس؟

لا يدري ان كانت شيرين طالعت الاخبار ام لا .. فهي مسافرة انذاك لقضاء العطلة الصيفية مع اسرتها خارج البلاد في جولة سياحية سنوية كما فهم تستمر حتى اخر الصيف و قرب افتتاح المدارس ككل عام ..

و ربما كان هذا افضل ..

فهو لا يطيق فكرة ان تكون شيرين بالمنزل تطالع اخبار خطوبته و تتألم ..

و ربما كونها غير مطلعة على ما يجري بعث عنده راحة نفسية ساعدته على اتمام الزواج كما يجب و دون اية منغصات ..

و هكذا صار تامر و ميساء زوجان رسميا و ان بقي كل واحد عند اهله مؤقتا لحين حفل الدخلة.

و كان تامر لا يقصر مع ميساء ابدا في حقوقها و لا واجباته تجاهها ولا يجعلها تحس بأي شيء .. رغم ان ضميره كان يعذبه ..

ما ذنب ميساء لكي تكون ضحية حبه؟

كيف ستستقبل مسألة زواجه من شيرين ان انكشف الامر؟

كيف ستكون ردة فعل العائلتان؟

لا شك ان جهنم ستزور الارض وقتها و تتربع في المدينة ..

لكن ليبق كل شيء كما هو مخطط له و عندما يتزوج شيرين و يتم حلمه ساعتها لكل حادث حديث و سيجد طريقة ليبقي الامر سرا ..

لا بد ان شيرين الان تتمتع بالسياحة كما فراشة جميلة تنتقل من خميلة لأخرى تنشر سحرها في كل مكان تزوره ..

هذا افضل لها من ان ترى تامر يمسك بيد فتاة اخرى و يسير معها في مكان ما في حين ان شيرين كان من يجب ان تكون مع تامر لا غيرها ..

اه لشيرين و عيون شيرين و جمال شيرين و حب شيرين ..

و هل كثير ان تشتعل حرب لأجل شيرين ؟

و هل غريب ان تنحر الاضاحي عند قدمي فاتنة كشيرين قرابين وثنية ؟

اه شيرين .. يا حارقة روما قلبي .. يا فينوس الحب القاسية .. احبك .

و قطع ذكرياته طرقات خفيفة على الباب ..

و نهض من مكانه بنشاط و سأل: من ؟

اتاه صوت رصين يقول : انا ابو جودت .. العشاء جاهز يا سيدي.

العشاء؟

و نظر الى ساعته .

لقد استغرقته الافكار حتى الليل دون ان ينتبه ..

فقال بسرعة : حسنا انا قادم ..لحظات فقط .

لم يعلق الرجل و انصرف ..

و نزل تامر الى مائدة العشاء حيث التم شمل الاسرة ..
والداه و شقيقاته الثلاث فقط و حولهم الخدم ..

و لم يتحدث احد حول الحادث ابدا على الطعام ..

امور الاسرة يجب ان لا يسمعها الخدم ولا العاملين بالمنزل ..

و انتهى الغداء على خير و تفرقت الاسرة من حول المائدة كل الى شأنه ..

و ما ان استقر تامر على سريره حتى سمع طرقات ناعمة على الباب .. و انفتح الباب و دخلت شقيقته الوسطى نرمين قائلة : ما الذي جرى يا تامر؟

قال تامر سارحا في السقف : لا تقلقي يا نرمين .. مجرد حادث عابر راح لسبيله.

قالت : الى متى ؟ هل سنظل نعيش القلق كل يوم؟

قال : ليس طويلا يا عزيزتي .. ليس طويلا .

قالت : منذ اشهر و انت تكرر هذا الكلام .. سيقتلنا القلق عليك يوما .

قال تامر مبتسما : لا تقلقي يا نرمين .. شقيقك له الف روح بجسد واحد .

و قبل ان تتابع نهض قائلا : هم من يجب ان يقلق يا نرمين و ليس نحن .

قالت بغيظ : سحقا .. اكل هذا من اجل فتاتك ؟

نظر اليها تامر بصمت قليلا ثم غادر الغرفة بلا كلام .

و سمعها تقول من خلفه بنبرة باكية : حقا سيقتلني القلق عليه يوما .

و ركب تامر سيارته و انطلق بها مرة اخرى فى ليل تملأه انوار المدينة حتى استقر به المقام في حديقة عامة اتخذ بها مكانا منزويا يطل على منظر جميل ..

هذه الحديقة تقع ضمن سيطرة اسرته لذا لا خوف من مشاكل جديدة رغم انه لا يخاف تلك المشاكل ابدا فهو قادر على تخطيها بسلاسة و يسر ..

و طلب كأسا من عصير الاناناس راح يتأمله قليلا ثم ارتشف منه رشفة ..

انه عصيرها المفضل .. شيرين .. حبيبة قلبه ..

و عادت الذكريات تجره اليها ..

اه لدموعها عندما عرفت..

اه لعينين يسيل منهما خمر الجنة ..

اه لوجه ملاك تكسوه الدموع الفضية ..

و تلك النظرة بعينيها ..

تلك الملامة بنظراتها ..

أي قلب من صخر يمكنه ان يصمد امامها دون ان يتصدع؟

أي فؤاد يمكنه ان لا ينفطر لمرأى ذاك الحزن يرتسم على الوجه الملائكي؟

لماذا يا تامر؟ لماذا؟ .. سألته باكية بحرقة ..

قال محطم الفؤاد : اليس هذا ما اردت يا قلب تامر؟ اليس هذا ما اجبرتني عليه ؟

قالت نافضة رأسها كمن يريد الخروج من حلم : لا اصدق .. حقا لا اصدق.

قال بلوعة : شيرين .. اقسم لك انني لم احبب سواك .. وان ميساء ...

قاطعته صارخة من بين دموعها : الم تجد غير ميساء؟ هل انقطع نسل حواء الا من اعز صديقاتي؟ لن اغفر لك هذا ابدا .

قال برجاء حزين : لم اكن اعلم يا شيرين .. ارجوك .. ماذا افعل ؟

بكت بحرقة انخلع لها قلبه من مكانه و راحت تقول : ميساء؟ لا اصدق .. كيف تجرؤ؟

قال بحزن : و كيف لي ان اعرف؟

قالت باكية : لو كنت تحبني حقا اليس من واجبك ان تعرف اهلي و اصدقائي و ما يختص بي؟ الست انا اعرف كل هذه ا لاشياء عنك؟

قال بملامة : لو كنت تعرفين الم تعرفي ان ميساء قريبتي ؟

صرخت قائلة بقلب جريح : كنت اعرف انها قريبتك .. و اسعدني هذا اكثر مما تتصور .. لكن ان تتزوجها ؟؟.. هذا كثير..

و تركته وانطلقت نحو سيارة اسرتها التي ينتظرها بها سائق و حارسان و قريب لها لم يره من قبل ..

و اندفع خلفها يريد اللحاق بها لكن الحارسان اعترضاه فصرخ بجنون هادر: ابتعدوا عن طريقي.

لم يتحرك الحارسان و بقيا متحفزان فسحب مسدسه هاتفا : سأقتل من يعترضني.

سحب الحرس اسلحتهم فسحب حرسه اسلحتهم ايضا و كذلك قريبها .

و كاد الامر يتحول الى ساحة قتال لولا ان صرخت شيرين : كفى .

توقف الكل فصاحت بهم من بين دموعها : كفى .. وحوش .. كلكم وحوش .

قال تامر بحرقة : شيرين .. ارجوك ..

قاطعته باكية: انا التي ارجوك يا تامر .. كفى .. اريد ان اذهب .. اتركني لوحدي .

خفض تامر سلاحه بيأس ممزق القلب و قريب شيرين يدخل شيرين السيارة و ينظر لتامر نظرة حقد و شماتة و دار حول السيارة و احتل مكان السائق و انطلق مسرعا و شيرين تدفن وجهها بكفيها باكية بحرقة ..

و بقي تامر واقفا ينظر الى السيارة المبتعدة تحمل قلبه داخلها ..

لولا الحياء لجلس و بكى كالاطفال ..

و اعاد سلاحه الى غمده ببطئ و عاد صامتا الى السيارة الخاصة به و اراد اللحاق بسيارة شيرين لكن قائد الحرس منعه ..
كان قائد الحرس من اصدق أصدقاءه و هو رجل مخلص بحق لطالما ساعده في المآزق .. و كان تامر ثائرا يريد الانطلاق ربما لخطف شيرين منهم ..

و كان مراد قائد الحرس شابا ذكيا حلو الكلام حازما لا غنى للاسرة عنه لذا اعطوه صلاحيات لاحدود لها تصل لدرجة التصرف دون استشارة احد الا في الامور الكبيرة ..

و لذا كان اول ما فعله في ذاك الموقف وقتها ان جرد تامر من مسدسه و اشار لرجاله فانقضوا على تامر و قيدوه فراح يصرخ بهم بجنون : هل جننتم ؟ .. اللعنة .. اتركوني .. ماذا تفعلون؟

قال مراد بهدوء لرجال: ضعوه في المقعد الخلفي و لا تتركوه وحده .

جلس حارس على يمين تامر المقيد و اخر على شمال و قاد مراد السيارة يجلس بجواره حارس يحمل سلاحه متحفزا ..

و انطلقت السيارة مسرعة و تامر يصرخ بغضب لمراد : هل نسيت من انت ؟ كيف تفعل هذا بي؟ هل انت هنا لحراستي ام لخطفي؟

قال مراد ببرود : اصمت و دعني اركز بالقيادة.

صرخ به تامر : انت مجرد موظف عندي .. هل سمعت .. موظف يأخذ راتبه اخر الشهر .

قال مراد ساخرا : اه .. الراتب ..ذكرتني .. اريد علاوة هذا الشهر .

صرخ به تامر : هل تسخر مني ؟ انت مفصول انت و كل كلابك .

قال مراد لحرسه : كمموا فمه.

صرخ به تامر : خائن ..

و كمم الحرسان فمه فبقي يهمهم بغضب شديد .

و وصلوا الى المنزل فاشار مراد لرجاله فحملوا تامر الغاضب الى الحديقة و هرعت شقيقاته بجزع و رحن يحللن وثاقه و جاء والده و معه بعض مستشاريه ..

و سأل بغضب : من فعل هذا بتامر؟

كان تامر قد تحرر فنزع الكمامة عن فمه و ضرب بها الارض صارخا بغضب: من ؟ اسأل قائد حرسك الهمام .

نظر الاب لمراد بغضب فقال الاخير بهدوء : نعم انا من فعل هذا .

نهض تامر ملوحا بسبابته في وجه مراد بغضب قائلا: ستدفع الثمن يا مراد انت و رجالك الخونة .. لا اريد ان اراك هنا بعد اليوم .. و ساقتلك لو شاهدتك ولو بالشارع.

قال الوالد : كفى .. ماذا حصل يا مراد؟

روى له مراد ما حصل ببساطة .

و قال تامر : انا تامر يقيدني رجالي .. أي مهزله هذه؟ كيف يمكن الثقة بهم بعد اليوم؟

تنهد الوالد مطرقا ثم قال بحزم : مراد .

نظر اليه مراد بهدوء فتابع : لا تنس تفقد مجموعة الحراسة المسائية فجواد مريض اليوم.

ابتسم مراد بصمت فهدر تامر: ماذا؟ هل سيبقى؟ لقد قيدني و عرضني للخطر .

صاح به الوالد بغضب : ولو صفعك اقسم لكنت اعطيته مكافئة .

حملق بهم تامر بدهشة قائلا : ماذا؟

تجاهله الاب و عاد للفيلا بتمهل هو و من جاء معهم .

و جلس تامر على العشب ..كان يدرك انهم على حق .. كلهم على حق ..

كان يفرغ توتره بمن حوله بعد ذهاب شيرين ..

و تفرق الكل من حول تامر و بقي مراد الذي قال لتامر بهدوء : ان كانت تحبك حقا فلن تخسرها يا تامر .. لكن ميساء هي المشكلة بينكما .. مشكلة لا ذنب لها .

و تركه و اتجه الى رجاله ليتابع عمله .

و بقي تامر مكانه و الدنيا تدور حوله بدوامة سوداء قاسية ..

و طوال الايام التالية كان يحاول الاتصال بها لكن دون فائدة ..

لقد غيرت رقم هاتفها و عملت له حظرا على المسنجر و لم تعد تذهب الى أي من الاماكن التي كانا يترددان عليها و لم يكن يمكنه ان يراها الا عندما تغادر منزلها فحسب و يكون معها حارس او قريب ..
و لاحظ ان قريبها ذاك يكثر الذهاب عندهم ..

يبدو انه يريد استغلال الوضع للتقرب من شيرين ..

لكن يبدو انها لا تحبه كما لاحظ ..بل ربما لا تحب صنف الرجال عموما ..

ما كان يعطيه الامل انها كانت تنظر اليه بحزن و عتاب لا بغضب و كره ..

و هذا جعله يستمر في المحاولة لاقناعها بالعودة اليه لكن بلا فائدة ..

و للاسف انعكس الامر على حياته الداخلية بعد حفل الدخلة وكان حفلا محدودا جدا على اضيق نطاق فهو يعتبر من خصوصيات الاسرتين..

ميساء ادركت لاحقا بطريقة او باخرى ما يحدث و انها متعلق بشيرين ..

و جن جنونها ..

تامر زوجها يحب اعز صديقاتها؟

اذن هذا هو سبب ابتعاد شيرين عنها مؤخرا ..

و استحالت حياتها مع تامر جحيما لا يطاق ..

تامر يرى ان شيرين احق من ميساء بالزواج منه كونه يحبها ..

و ميساء ترى تامر يخونها مع اعز صديقة لها ..

و كانت العادات تجبرهما على اخفاء الخلاف بينهما امام الناس .. و الابتسام ..

كان تامر ممزقا بين ميساء و شيرين ..

ممزق ما بين قلبه و ما بين عقله و واجبه ..

عقله يقول له ان ميساء زوجته و لها حقوق الزوجة بكل دقائقها و ان زواجهما هو محور هام للعائلتين و مصدر قوة لا غنى عنه ..

و قلبه يجري وراء شيرين الجميلة الغاضبة كحصان جامح يجر خلفه صاحبه جرا..

و يكاد و الحق يقال ان يفقد كلا الامرين معا .. قلبه و عقله ..

لكن .. هل سيستسلم للامر؟

كلا ..لن يخسر احدا .. لن يخسر اسرته و زوجته و لن يخسر قلبه ايضا ..

سيحارب الدنيا لأجلهما معا ..

كانت شيرين وقتها تعاني ايضا من نارين .. نار حبها لتامر و نار حبها لصديقتها ميساء..

نفس النار تعاني منها ميساء ايضا .. ما بين تامر و شيرين ..

لكن لم تنقطع العلاقة ما بين شيرين و ميساء و كأن احدهما لا تدري بعلاقة الاخرى مع تامر

شيرين لا تظهر لميساء حبها لتامر ..
و ميساء لا تظهر لشيرين انها تعلم بحب تامر لها ..

لعبة مؤلمة بينهما .. لعبة اخفاء المشاعر..

لم يكن تامر يتميز بالصبر الجميل ..

لكنه لم يكن متهورا ..

و كان شديد العناد فيما يختص بما يريد ..

لذا لم ييأس من ان يستعيد شيرين و لم يترك الامر للزمن في نفس الوقت ..

وذات يوم انطلق صوب منزل شيرين و ما ان وصل حتى شاهد سيارتها تنطلق بها فلحق بها ..

كان يعلم انها ترافق الحرس عادة و انه هو الان بلا حراسة و قد يتعرض للاذى فيما لو حاول التحدث لها ..
لكنه لم يبال ..
حقا ان العاشق احمق !!

و سارت سيارة شيرين مسافة طويلة لم قبل ان تصل مكانا لم تكن شيرين تقصده من قبل ..

حي شعبي قديم متداخل المباني و الأزقة ..


-يتبع-
 
  • حبيته
التفاعلات: Ehab Demian
✰ الجزء السادس ✰
____________________________________________
كانت تبدو انها ملت كل الاماكن و قررت الابتعاد عن عالمها ولو قليلا ..

و هبطت شيرين كأجمل ما تكون الفتيات ..
متألقة بفستان بسيط جميل ..
كفينوس يكسوها الحزن ..

و دهش تامر ان لم يجد معها الا سائق عجوز لا اكثر ..
لا حراسة .. لا مرافقين ..لا احد ..

اذن قد يمكنه محادثتها دون عوائق ..

و نزل بدوره من السيارة و سار خلفهما على مسافة نحو عشرين مترا لكي لا يحرجها مع السائق الذي تبدو الطيبة عليه..

كان يفكر في طريقة لكي يجلس معها .. سينتظر حتى يبتعد السائق عنها ولو دقيقة لكي يكلمها ولو كلمة تشفي جرح قلبه الأليم ..

و سارت شيرين و السائق خلفها حتى وصلت مكانا بعيدا نسبيا عن الحي الشعبي .. كان واضحا انها تسير على غير هدى ..
فقد كانت المنطقة عبارة عن منازل نصف مهجورة ..

و اسرع تامر في مشيه قليلا .. وما ان صار على مسافة عشرة امتار منها حتى وجد ان اربعة من الشبان يعترضون طريقها بشكل ينذر بالسوء .. و سمع احدهم يقول لها : دعك من هذا العجوز و تعالي معي يا حلوتي فانا اقدر على اسعادك منه ..

قالت له بغضب: انقلع من هنا ايها الوغد.

ضحك الاربعة و قال اخر : وقحة و جميلة .. هذا ما احبه .

صاح السائق : ابتعدوا ايها المجرمون.

قال احدهم بتحد مستهتر : و ماذا لو لم نبتعد؟ هل ستضربنا؟

و ضحك الاربعة بنزق ..

و هنا وصل تامر فتعلقت به شيرين بخوف قائلة : تامر .. الحمد لله انك هنا.

قال احد الشبان لتامر بقسوة: هذا الفتاة لنا ايها الولد .. اذهب الى امك.

استدار تامر نحوه و قال بهدوء : هكذا ؟

قال الشاب ملوحا بسكين بين يديه : نعم هكذا .. البنت لنا أيها الصبي .. و انصحك بان تكسب عمرك .

قال تامر بحزم : وانا انصحك بالابتعاد .

اقترب الشاب الضخم منه حتى لامس وجهه وجه تامر و قال مزمجرا : و ان لم ابتعد؟

و فجأة صدر صوت طلق مكتوم .. و طار رشاش دموي من ظهر الشاب الذي تراجع
بألم و دهشة و هو يضع يده على معدته و الدم يسيل من بين أصابعه ..

و رأت شيرين مسدس تامر يتصاعد منه الدخان ..

و دفع تامر الشاب بقدمه فسقط على ظهره .. و رفع مسدسه نحوه و اطلق سبع طلقات اخرى مدوية على صدر و رأس الشاب الذي تناثر جزء منه بمنظر دموي بشع و جسد الاخير ينتفض محتضرا ..
و ادار مسدسه بسرعة صوب البقية المأخوذين و اطلق رصاصة اصابت ترقوة ثان ..

و نفذ رصاص تامر فاسرع يستبدل خزانة الرصاص باخرى مما اتاح للثلاثة الذين تسمروا من الرعب والذهول المجال للفرار لا يلوون على شيء و المصاب يصرخ برعب والم ..

و اعاد تامر مسدسه لحزامه و قال لشيرين المصدومة : هيا نخرج من هذا العفن .

و سارت شيرين معه كالمنومة مغناطيسيا ..

لا .. مستحيل .. هذا حلم ولا شك ..

لم تر من قبل انسانا يُقتل امامها هكذا ..
لم تر رعبا اشد في حياتها من هذا ..

و قال تامر لها و هي لا تعي ما حولها : اياك يا ملاكي ان تخرجي من جنتك الى مكان اخر .. فكل مكان هو جحيم لا مكان فيه لملاك .. الا ملائكة العذاب امثالي .

و ترك السائق ينطلق بها بسيارته كأن عفاريت الدنيا تلاحقه وهو يجري اتصالاته مع اهلها .. و ركب تامر سيارته و عاد الى منزله كأن أمرا لم يحدث ..

كانت هذه الحادثة هي ما فجر الحرب بين العائلات ..

ففي نفس اليوم كانت عائلة الشاب تطالب برأس تامر الذي اصر انه كان يدافع عن نفسه .. و قالت عائلة الشاب القتيل ان تامر تعمد اعدام الشاب بوحشية بعد اصابته التي جعلته غير قادر على القتال اصلا لذا يجب ان يعدم ..

و قالت عائلة تامر ان الشاب لو لم يمت لقتل تامر فور ابتعاده كونه كان مسلحا كما ان هناك ثلاثة اخرين كانوا مستعدين للفتك به لذا كان الموقف دفاعا عن النفس..

و عرضت عائلة تامر دية للقتيل لكن العائلة الاخرى اصرت على موت تامر .. و من هنا بدأ الصراع و تعددت الاصابات و اختلفت الاهداف من الحرب كلية ..

و لم تنس عائلة الشاب ان شيرين كانت ضمن الحدث لذا طالبت بها فهبت عائلتها لتدافع عنها و وجدت انها مضطرة للتحالف مع عائلة تامر ضد تلك العائلة الكبيرة مما صنع توازنا في القوى يميل قليلا جدا لصالح حلف العائلات المكون من عائلة تامر و عائلة شيرين و عائلة ميساء قريبة و زوجة تامر ..العائلات عادة تتكون من الاف من الافراد و تملك موارد غزيرة و مناصب في الدولة و محامون و مسؤولون ..و تمتد العائلات الى كل فروع الدولة مما اعطى الصراع ابعادا متشعبة و جعل احتواء المشاكل امرا عسيرا للغاية حتى على الدولة ..

فكل حادث يقيد ضد مجهول و كل من يعتقل تهب لجان محاماة لاطلاق سراحه ولا احد يترك دليلا خلفه عند العمل ضد الاخر ..

امر معقد يستعصي على الشيطان !!

و هكذا وجدت المدينة نفسها في صراع يلتهم خيرة شباب و مقدرات اكبر عائلاتها و لم يكن بالإمكان لبقية العائلات الا تحاشي الصراع و حماية نفسها ..

و حاولت الدولة ارسال فرق امن كثيرة لكن الصراع لم يزل ..
بل تحول الى ضربات خاطفة سريعة مخططة جيدا بحيث تنسب الى مجهول كل مرة عدا حالات قليلة و حتى في هذه الحالات القليلة لا يكاد احد يبقى في السجن الا قلة قليلة بعد تدخل جهات عليا و ضباط و محامين و ما الى ذلك ..
كان الامر كأنه صراع المافيا في الثلاثينات ..

و تنهد تامر قاطعا ذكرياته بنفسه هذه المرة و رفع عينيه يتأمل رواد المكان .. يحسدهم على حياتهم الهادئة البسيطة الخالية من المشاكل ..
لماذا لم يكتب له ان يعيش مع شيرين بمكان بعيد هادئ لبقية العمر؟ يتمنى ذلك .. يتمناه من كل قلبه الجريح ..

اه لدنيا ليست فيها شيرين .. تكون خرابا و لو كانت مرتعا للغيد الحسان ..

و نهض تامر من مكانه و راح يتمشى حتى وصل الى قرب جدول رقراق يجري بهدوء و الاسماك تلعب داخله مختطفة قطع الخبز او طعام الاسماك مما يلقى لها من قبل العمال المكلفين بالاشراف على المكان ..

و سرح ببصره في الماء و الاسماك و الحصى مجترا ذكرياته من جديد..

كانت علاقته مع ميساء تتدهور يوما بعد يوم رغم انه كان يقوم بواجباته نحوها على اتم وجه .. لكن معرفتها ان قلبه ليس لها كان يجعل حياتها جحيما لا يطاق ..

و كانت عندما يفيض الكيل بها تخرج للترفيه عن نفسها حتى تتناسى ما تعيشه من عذاب داخلي مرير ..

و كان تامر يتألم لها كثيرا و يحاول ان يتجنب الصدام معها ..
لكن كانا كمن صنع من بارود تكفي اية شرارة صغيرة لتفجيره ..

ثم اتى ذاك اليوم المشؤوم ..

كان يومها قد خرج لاصطياد احد عتاة العائلة الثانية ممن آذوا عائلته بعد ان وردته معلومات مؤكدة عن مكان وجوده ..

كانت غارة غير مجدية اذ لم يجدوا الشخص المطلوب و اشتبكوا مع عدد من رجال العائلة الثانية بشكل كاد يتحول الى كارثة لولا ان اسرع هو و من معه بالانسحاب ..

و عندما رجع منزله لم يجد زوجته فظن انها خرجت كالعادة للتنزه ..

لكن ما ان استقر في مكانه حتى اتته مكالمة من مجهول تقول ان زوجته رهينة و ان عليه ان يدفع نصف مليون دولار فدية لها و ان يحضر النقود بنفسه و ان لا يبلغ الشرطة و حددوا له مكانا هو قلعة اثرية سياحية على تخوم المدينة ..

و جن جنون تامر .. و اسرع يستدعي مراد و عرض عليه الامر و على والده ايضا ..

و قال مراد : الامر واضح .. انه كمين لقتلك انت يا تامر ..

قال الوالد بقلق: كيف؟

قال مراد : لاحظوا انهم اتصلوا على تامر مباشرة .. هم يعرفونه و يعرفون ان ميساء زوجته و يعرفون رقم تامر .. و هناك الخبر الكاذب عن ذاك المعتوه من العائلة الاخرى .. كان الهدف ابعاد تامر عنم المنزل .. و بما ان زوجته تخرج عادة للتنزه لذا لا بد انهم رصدوا حركتها و ابعدوا تامر عن المنزل كي لا يهب لنجدتها و اختطفوها عندما ابتعدت عن المكان .

قال تامر متوترا : ماذا نفعل .؟ هل اذهب لهم الى القلعة؟

قال مراد بغضب : غبي .. اية قلعة؟ لن تجد هناك الا كمينا يقتلك و يتقاسم رجاله ما تحمل من نقود مكافئة لهم على عملهم .. فكر بعقل .

قال تامر فجأة: الخبر .. من احضر لنا الخبر عن وجود القاتل لا بد انه مدسوس و سيكون الخيط الذي نتوصل عبره لميساء .

و فورا اجرى الوالد اتصالات ثلاث برجاله و حدد لهم الهدف ..

و قبل مضي ساعتين كان الرجل مقيدا في قبو سري بمنزل تامر و مراد يشرف على التحقيقات معه ..

ولا داعي للقول ان التحقيق كان قاسيا و وحشيا .. فكل أساليب التعذيب الوحشية التي تعرفها عزيزي القارئ و ما قد يخطر ببالك لهو مداعبة رقيقة لما تعرض له المسكين قبل ان يبوح بكل ما يعرف من معلومات سواء طلبوها منه ام لم يطلبوها ..

كان المكان الذي احتجزوا به ميساء حصينا بحق ..
فهو مزرعة شاسعة تمتلكها العائلة الاخرى تقع في الارياف و يحيط بها سور مكهرب مزدوج له ابراج حراسة كمعسكر جيش و حول السياج مساحات مكشوفة و يمنع دخول أي غريب الى المزرعة التي يوصل لها طريق واحد طويل لا يسمح بدخوله الا لسيارات العائلة فقط و يتم التأكد منها في اول الطريق و وسطه و اخره عبر ثلاث نقاط تفتيش محروسة بشدة و أي سيارة تقترب من خارج الطريق ولو بشبر يتم استهدافها حالا هذا عدا عن دوريات الحراسة طوال الليل و النهار التي تحوم حول المزرعة ..

و داخل المزرعة و بين الأشجار كلاب حراسة مدربة شرسة تهاجم كل غريب لا يرتدي زي الحراسة المميز الذي لا مثيل له خارج المزرعة و يسير كل خمسة حرس معا و يمنع سير حارس منفردا خوف استيلاء احد على الزي فيما لو وصل بمعجزة للمزرعة .. و المبنى الرئيسي للمزرعة فيلا شديدة التحصين لها باب واحد فقط عليه كاميرات حراسة و جهاز كشف معادن و يحرسه أربعة رجال ..

و دون اطالة اكثر كان المكان مستحيل الاقتحام بلا شك الا لفرق الجيش و الصاعقة بحرب مباشرة و غطاء جوي ..

و بسرعة التم شمل كبار العائلة و معهم تامر و مراد و راحوا يرسمون خطة انقاذ ميساء ..

نظرا لبعد المسافة و قياسا للوقت الذي مضى منذ شاهد اخر شخص ميساء و الوقت اللازم لخطفها و الانطلاق بها بسرعة الى المزرعة مباشرة و بفرض عدم وجود اية معوقات لا بد انه ميساء ستصل المزرعة خلال نصف ساعة ..

أي انها الان على الطريق ..

و هذا يعني انهم لم يمسوها بسوء بعد فلا يجرؤ احد من الرجال العاديين على ذلك قبل ان تصل الى الرؤوس الكبيرة التي يمكنها فعل كل شيء فالوليمة للكبار لا للصغار ..

وهذا يعني ان يسرعوا هم بالتحرك قبل ان يفقدوا زمام الامور ..

و اقترح مراد خطة جريئة جدا ..

الهجوم الجوي ..

و راح يشرح خطته بسرعة و تفصيل ناظرا لساعته بقلق ..
و حالا اصدر الكبار اوامرهم باستئجار فوري لخمس طائرات مروحية و اعطى مراد رجاله تعليمات سريعة حول المعدات و المواد المطلوبة فورا للعملية ..

و لأهمية الامر كانت الطائرات تقلع خلال نصف ساعة أي في الوقت الذي كانت به ميساء تصل الى مدخل المزرعة مكممة الفم و اليدين و لحسن حظ تامر ان نقاط التفتيش و التدقيق عن البوابة اكسبه دقائق ذهبية .. و زاد عليها دقائق ماسية اخرى تركهم لميساء في حقيبة السيارة لدقائق اخرى كي تتعذب ثم فتحوا الغطاء و اخرجوها بقسوة و جروها من يديها نصف فاقدة للوعي الى مدخل الفيلا حيث القوها هناك ..
يمنع عليهم دخول الباب اطلاقا و الا اطلق الحرس و القناصة عليهم النار حالا ..

دقائق اخرى مرت قبل ان يفتح الباب و يصل رجل قاسي الملامح للباب و فتحه ناظرا بازدراء الى ميساء و ان لم يخف اعجابه بجمالها على رجاله ..

و قال بعد قليل لرجال كانوا معه : انقلوها للقبو حالا و احكموا اجراءات الامن ..

قال احدهم بابتسامة : و هل يقدر احد على الدخول حتى نحكم الاجراءات و .. ؟

قاطعه الرجل صارخا به : نفذ ولا تناقش .

ارتجف الرجل متراجعا قبل ان ينقض و من معه على ميساء و يجروها جرا الى القبو دون ان يعترض الرجل على قسوة المعاملة ..
انها زوجة تامر عدو عائلته اللدود ..

لقد آن أوان حسم الصراع ..

و فيما كان الحرس يغلقون القبو كانت اربع طائرات مروحية تتجه صوب المزرعة بهدير عال جذب انظار الحرس ..
و تجاوزتهم الطائرات متجهة صوب المزرعة و كانت تحمل شعارات عسكرية المظهر .. لقد احسن رجال مراد اختيار الطائرات ..

و هذا جعل الرجال يترددون بالتصرف حتى تصلهم التعليمات ..

و كان الطابع العسكري للطائرات قد اربك القادة فظنوا انها مجرد طائرات تتجه الى مكان ما و تمر بالصدفة من هنا ..

و لكن ظنهم خاب فما ان وصلت الطائرات الى فوق الفيلا حتى صنعت دائرة تدور بعكس عقارب الساعة و راحت تمطر الحرس بالرصاص ..
و انطلقت رصاصات الحرس ..

و اشتعل الجحيم حول المزرعة بطريقة جنونية .. و اوصدت ابواب الفيلا بقوة و اعتلاها الحرس لكن الطائرات اردتهم برصاصاتها السريعة ..

و اصيبت طائرة و تعالى منها الدخان فهبطت بسرعة كالنيزك صوب السور الشرقي و تحطمت ..

و لكن الطائرات الثلاث الاخرى لم تتوقف و راحت تغير مسار حركتها و اسلوب عملها دون ان توقف اطلاق النار و قنابل الدخان و القنابل الحارقة ..

و في ذلك الوقت كان تامر و مراد ينسلون بين الاشجار داخل اسوار الفيلا بعد ان تعمدوا اظهار اصابة الطائرة و اخفاهم الدخان وهم يقفزون داخل اسوار الفيلا تاركين الطائرة تتحطم خارج السور فارغة من راكبيها ..

كانوا خمسة رجال لا اكثر ..

كانت كلاب الحراسة تعوي بالم من تأثير الغاز المسيل للدموع و الحرس يجرون لا يكادون يرون ما امامهم و سرعان ما كان الخمسة يرتدون زي الحرس و يستولون على معداتهم و يخفون اسلحتهم داخل الجعب العسكرية للحرس و يضيفون لها ما حملوه معهم من معدات و متفجرات ..كان الامر مخططا بدقة ..

و اخفى صوت المعركة صوت رصاص الخمسة وهو يفتك بمن يقابلهم من حرس ..

و بتوقيت جميل انطلق صاروخ مضاد للدروع اصاب باب الفيلا فنسفة بعنف شديد ..

و اقتحم الخمسة الباب .. لا داعي للتخفي بعد ان وصلوا للفيلا .. و امسك مراد احد الخدم و صرخ به : اين مكان الفتاة ؟

نظر الخادم حوله مرتجفا برعب ..

فقال تامر : لا تخف من احد .. لقد قتلنا سيدك و كل رجاله فلا داعي للخوف منهم .. هل ستتكلم ام تحلق بهم؟

كان لتواجدهم داخل الفيلا و عدم ظهور احد و للتهديد اثره في نفس الرجل الذي قال برعب باك : انه هناك ..هذا الباب الخشبي الاسود في اخر الصالة .. و هو مزود بجهاز انذار و اخر للامان لتفجير القبو اذا ما اقتحمه احد عنوة .

سأله مراد : و هل يمكنك دخوله ؟ هيا اخبرنا لكي نتركك بسلام .. انت رجل طيب.

انتعش الامل بنفس الرجل فقال بأمل : نعم .. ما عليك الا ان تدخل رقم 3476578 على لوحة الارقام لا اكثر .. انا اعلم هذا لأنني نظفت القبو اليوم و لم يغيروا بعد نظام الامن .

اسرع احد الرجال يدخل الرقم فانفتح القبو و بقي رجلان من الخمسة خارج القبو للحراسة و اخذ مراد و تامر و الرجل الثالث الخادم و دخلوا القبو عبر درج طويل حتى وصلوا الى مكان فسيح قيدت فيه ميساء على مقعد معدني و حولها اسلاك متصلة بقابس كهربائي قريب و عبوة متفجرات ملصقة بالجدار الجنوبي يمتد منها سلك الى السقف و يختفي ليظهر طرفه عند حلق الباب ..

و اسرع تامر يفك وثاق ميساء بحذر و يحملها خارج دائرة الكهرباء التي يبدو انها وضعت للسعها بالكهرباء كلما تحركت على سبيل التعذيب ..

و اسرع الاربعة يصعدون للاعلى ..

و حين وصلوا الى ما يقرب من اخر الدرج سمعوا صراخا و اطلاق نار كثيف .. لقد وصل الحرس و اشتبكوا مع الحارسين ..

و اسرع الكل يخرج من القبو قبل ان يغلق آليا و يحبسهم فيه ..

و تطاير الرصاص من حول تامر و ميساء و مراد و الرجال الذين احتموا بقطع الاثاث الفاخر و تحولت الصالة الى حطام و دخان .. و استطاع فريق تامر القضاء على المقتحمين و هم ثلاثة في حين اصيب اثنان من الخمسة .. و اسرع مراد يرسل اشارة الى الطائرات فراحت تطلق المزيد من الرصاص و القنابل و الدخان و تركز حول المدخل بغية تغطية عملية الانسحاب ..

و نزلت طائرة بجرأة الى مدخل الفيلا فاندفع الكل يجرون الجرحى اليها و القوهم داخلها و معهم ميساء المرعوبة لدرجة انها لا تقدر على الصراخ ..و صعد حارس معهم و حلقت الطائرة تاركة مراد و تامر في الساحة لاتمام العمل ..
يجب انهاء الامر ..

و راح تامر و مراد يزرعان ما حملاه من الغام موقوتة في الفيلا الخالية التي فر ساكنوها عبر سراديب خاصة عند الاقتحام تاركين امر المهاجمين للحرس ..

و انتهيا من ذلك و بقي امر الانسحاب ..

ولكن ..

و اه من كلمة لكن ..

انها تقلب كل الموازين عادة ..

- يتبع -
 
  • عجبني
  • حبيته
التفاعلات: زهايمر، Ehab Demian و GHOST•
برجاء ابلاغ الاداره من اجل دمج الاجزاء الى الجزء الاول لسهوله الوصول وترابط الاحداث
 
  • عجبني
التفاعلات: زهايمر و ♥العقرب♥
برجاء ابلاغ الاداره من اجل دمج الاجزاء الى الجزء الاول لسهوله الوصول وترابط الاحداث
حسب ما فهمت انه لازم القصص على اجزاء و الاجزاء تكون بشكل ردود
 
نسوانجي كام أول موقع عربي يتيح لايف كام مع شراميط من أنحاء الوطن العربي
حسب ما فهمت انه لازم القصص على اجزاء و الاجزاء تكون بشكل ردود
فى موضوع الدمج والبلاغات بتبلغ فيه باسم روايتك والجزء الجديد عشان يتم دمج الاجزاء الجديده وتكون روايه موحده زى باقى الروايات المنشوره فى المنتدى
ياريت تتواصل مع حد من الاداره عشان تعرف تفاصيل اكتر
 
  • عجبني
التفاعلات: زهايمر و ♥العقرب♥

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى أسفل
0%