د
دكتور نسوانجي
ضيف
السلوك الجنسى الذاتى، أو الجنس بدون شريك، موضوع شائك ومحاط دائماً بسوء الفهم والموانع الأخلاقية والإجتماعية، الجميع بلا إستثناء يمارس العادة السرية أو الفانتازيا الجنسية، أو الخيالات الجنسية، والجميع أيضاً ينكرونها، ويعتبرون الحديث عنها "قلة أدب"، نمارسها فى الخفاء، ونكتم أنفاسها بالوسادة حتى لا يسمع لها صوت، وعندما يهاجمنا أحد هذه الخيالات نضطرب ونصف ونصم أنفسنا باللا أخلاقية، وبسبب كل هذه اللخبطة أصبحت المعلومات عن هذه النقطة فقيرة جداً أو شبه معدومة، وأصبح الجهل هو سيد الساحة.
كرد فعل لهذه المفاهيم ثار الكثير من الباحثين على إتهامات الدونية التى إتهموا بها كل ما يندرج تحت عنوان "الجنس بدون شريك"، وإعتبرها البعض الآخر نشاطاً جنسياً طبيعياً جداً.
يكفى أن نقرأ بعض هذه الأسماء مثل "جاد بيللى" فى بحثه المنشور 1975 و"دى مارتينو" 1979، و"فريداى" 1980، و"كونستانتين" 1981، و"بيتى دودسون" 1974، والتى كانت أجرأهم حين قالت "العادة السرية هى أساس حياتنا الجنسية وكل ما نفعله بعدها ببساطة ليس إلا محاولة لجعل الجنس مقبولاً إجتماعياً"!!.
تعريف العادة السرية
تعريف العادة السرية ببساطة هو "الإثارة الجنسية للشخص بنفسه ومن أجل متعته".
هذه المتعة تتم بوسائل كثيرة ووسائط متعددة مثل الحك أو التدليك أو العصر أو الإهتزاز، كل هذا للأعضاء التناسلية بالطبع، ولكن من الممكن أن تحدث الإثارة عن طريق مثل هذه الوسائل لأعضاء أخرى غير الأعضاء التناسلية مثل الثديين والجانب الداخلى للفخذ أو فى بعض الأحيان الشرج.
يستخدم علماء الجنس هذا المصطلح للإشارة إلى هذا الفعل بدون النظر إلى النتيجة، أى انه ليس بالضرورة أن تؤدى هذه الإثارة الجنسية إلى قذف حتى نطلق عليها لفظ العادة السرية، هذه نقطة هامة لابد أن نتفق على مفهومها قبل الخوض فى مناقشتها بالتفصيل.
هناك نقطة أخرى هامة هى أننا سنحاول التركيز فى عرضنا للعادة السرية كنشاط ذاتى فردى وليس مع شريك آخر، لأنه من الممكن فى العلاقة الجنسية بين طرفين وأثناءها أن يحدث ما يشبه العادة السرية التى أحياناً تستخدم كعلاج، لكن هذا ليس هو ما نقصده فى هذه الحلقات.
العادة السرية من الممكن أن تبدأ منذ الطفولة، وتشمل الجنسين الرجل والمرأة على السواء، وهى توجد أيضاً فى مراحل كثيرة من سلم المملكة الحيوانية، فقد لاحظ العالمان "فورد وبيتش" 1951 هذا السلوك فى أنواع كثيرة من الحيوانات مثل "القردة العليا" و"النسانيس" التى تفعل ما يشبه العادة السرية.
لاحظ العالمان أيضاً وجودها وممارستها بواسطة بعض الثدييات الأخرى، وفى بحثهما نقرأ:
"ذكور الأفيال فى بعض الأحيان تداعب قضيبها شبه المنتصب بواسطة جذعها، وذكور الكللابب والقطط تلحس عادة عضوها لتحدث إنقباضات قوية فى منطقة الحوض مما يثبت التأثير الجنسى لهذه المداعبات، وقد لاحظنا أيضاً هذه الممارسات فى الدولفين".
وبالرغم من محاولة هذين العالمين "فورد وبيتش" إضفاء الطبيعية على هذه العادة إلا أنهما لاحظا أن معظم المجتمعات الإنسانية تدين هذا السلوك وتعتبره غير مرغوب فيه.
ولكى نفهم سر هذه الإدانة لابد أن نلقى نظرة على الماضى ونبحث فى صفحات التاريخ السرى للعادة السرية....... وهذا هو موضوع حلقتنا التالية بإذن ****.
احتار علماء اللغة فى أصل كلمة العادة السرية masturbation وبحثوا فى جذرها اللغوى فوجدوه غير واضح وإنقسموا إلى فريقين، الفريق الأول أرجع الكلمة إلى الأصول الرومانية، والثانى أعاده إلى الأصل اللاتينىmanus بمعنى يد وstupro بمعنى ينجس، أى أنه الفعل الذى ينجس اليد، لكن معظم الدارسين الآن يرجعونها إلى الجذر اللغوى اليونانى mezea أى الأعضاء التناسلية، وهو ما يتفق مع المعنى الأصلى القديم للعادة السرية وهو إثارة الأعضاء التناسلية
برغم هذه الجذور اليونانية والرومانية للكلمة إلا أن كلاً من المجتمع اليونانى والرومانى لم يناقش هذه العادة بإستفاضة وأبدى حيالها الصمت إلا فى كتابات قليلة مثل ماقاله "أبو قراط" والذى يعتبر الجد الأول للطب، والذى كتب يحذر منها ويقول "كثرة العادة السرية تستهلك النخاع"، والعجيب أن هذا هو المفهوم الشعبى المصرى المستقر حتى الآن بالنسبة لهذه العادة!، وقد زاد عليها شعبنا بانها تتسبب فى خلخلة الركب!.
وبالرغم من أن الكتاب المقدس لم يدن صراحة العادة السرية أو يقل فيها قولاً فصلاً واضحاً، او نصاً ظاهراً حيالها، إلا أن اليهود وال****يين المحافظين يدينونها وينظرون إليها كإثم وذنب عظيمين، وقد حاولت هذه التيارات المحافظة الإستناد إلى قصة" أونان" فى سفر التكوين، والتى إعتبروها مرسوماً صادراً من الرب ضد العادة السرية، يقول النص:
"فقال يهوذا لأونان إدخل على إمرأة أخيك وتزوج بها وأقم نسلاً لأخيك فعلم أونان أن النسل لايكون له. فكان إذا دخل على إمرأة أخيه أنه أفسد على الأرض لكيلا يعطى نسلاً لأخيه. فقبح فى عينى الرب مافعله. فأماته أيضاً"
فسرت التيارات المحافظة هذا الفعل لأونان على أنه العادة السرية، ولكن الدراسين المحدثين يفسرونه على أنه كان بالفعل يجامعها ولكنه كان يقذف فى الخارج، وهذا فعل مختلف تماماً عن العادة السرية، وقد صارت هذه القصة فى حكم البديهيات لدرجة أن العادة السرية كانوا يطلقون عليها الأونانية onanism حتى أوائل القرن العشرين.
فى الإسلام أيضاً إختلفت الآراء، فالإستمناء أو جلد عميرة (الإسم الذى يطلق على العادة السرية) يراه البعض حراماً مطلقاً، ويراه البعض حراماً فى بعض الحالات وواجباً فى بعضها الآخر، والبعض الآخر ذهب إلى القول بمجرد كراهته، ولكا منهم قياساته وحججه.
أما الذين ذهبوا إلى تحريم الإستمناء فهم المالكية والشافعية والزيدية، وحجتهم فى التحريم أن **** سبحانه وتعالى أمر بحفظ الفروج فى كل الحالات إلا بالنسبة للزوجة وملك اليمين، فإذا تجاوز المرء هاتين الحالتين وإستمنى كان من العادين المتجاوزين ما أحل **** لهم إلى ما حرمه عليهم، وإعتمدوا فى ذلك التحريم على قول **** تعالى فى سورة المؤمنون:
"والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن إبتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون".
نأتى إلى الفريق الثانى الذى حرم فى بعض الحالات وأوجبها فى البعض الآخر، وهذا الفريق هو فريق الأحناف فقد قالوا: إنه يجب الإستمناء إذا خيف الوقوع فى الزنا بدونه جرياً على قاعدة إرتكاب أخف الضررين.
أما الحنابلة فقد قالوا أنه حرام إلا إذا إستمنى خوفاً على نفسه من الزنا أو خوفاً على صحته ولم تكن له زوجة أو أمة ولم يقدر على الزواج فلا حرج عليه.
أما إبن حزم فيرى أن الإستمناء مكروه ولا إثم فيه، لأن مس الرجل ذكره بشماله مباح، وإذا كان مباحاً فليس هناك زيادة على المباح إلا التعمد لنزول المنى فليس ذلك حراماً أصلاً لأن القرآن لم يفصل لنا تحريمه.
كان ممن كرهه "إبن عمر" و"عطاء" وممن أباحه إبن عباس والحسن وبعض كبار التابعين، وقد قال الحسن "كانوا يفعلونه فى المغازى".
إذن فى الإسلام أيضاً الأمر مختلف عليه وليست فيه الكلمة اليقين بالنسبة للعادة السرية أو الإستمناء.
نأتى إلى الكنيسة الكاثوليكية الحديثة والتى ظلت متمسكة بالرأى القديم ففى إعلان الفاتيكان لأخلاقيات الجنس والذى صدر فى 29 ديسمبر 1975 أعلن أن "العادة السرية إضطراب داخلى خطير وإثم عظيم"، وقد نظر قادة الكنيسة إلى هذه العادة على أنها فعل غير طبيعى لأن هدف التكاثر أو غاية التناسل ليست متوافرة، ووصفوها على أنها إمتهان للنفس أو تدنيس للجسد وتلويث للروح.
ظلت الإتهامات والإدانات والتحريمات حتى القرن الثامن عشر تدور فى إطار الكتب المقدسة، وأوامر ونواهى رجال الدين حتى جاء الطبيب السويسرى "تيسوت" (1728-1797) وزخرفها علمياً ومنحها إطاراً طبياً مزيفاً مما زاد من سوء سمعتها أكثر وأكثر، فتحولت العادة السرية من مجرد إثم وذنب إلى علة ومرض!.
كتب الطبيب السويسرى أن كل الأنشطة الجنسية خطيرة وضارة لأنها تدفع الدم إلى منطقة الرأس تاركة باقى أعضاء الجسم خالية منه، ويتسبب ذلك فى تحلل الأعصاب وباقى الأعضاء الحيوية، وبالتالى سيؤدى تحلل الأعصاب إلى الجنون!، وكان" تيسوت" يعتقد أن العادة السرية بالذات هى أخطر نشاط جنسى على الإطلاق لأنها تبدأ فى أكثر سنين العمر حيوية، ولأن الإحساس بالإثم والذنب المصاحب لها يضاعف من تدمير الجهاز العصبى.
أصبحت المصحات النفسية تراقب المرضى حتى لا يقعوا أسرى هذه العادة، وبمرور الوقت عبرت مفاهيم ومعتقدات هذا الطبيب السويسرى المحيط الأطلنطى وسرت آراؤه ك***** فى الهشيم، وإكتسبت العادة السرية نتيجة لذلك الإنتشار أبعاداً خطيرة، وصورة قبيحة، وصارت سبباً لكل مرض وبلاء، وإليكم عينة من الأمراض التى أعتقد الناس فى ذلك الوقت أنها من نتائج العادة السرية، فبالإضافة إلى الجنون إنضم إلى القافلة الصرع وحب الشباب والهزال وضعف التركيز وفى النهاية الموت المبكر!!.
وقع الآباء أسرى هستيريا القلق على أبنائهم، وصار همهم الأساسى هو الحفاظ عليهم من هذا الخطر الداهم، وصار أيضاً من واجبات الأطباء الأساسية أن يضعوا حداً لهذا الخطر، وتم الإستنزاف المنظم والهائل للطاقة والمال بغرض الشفاء من العادة السرية بداية من الأحزمة المحكمة والأقفال والأقفاص التى تحمى الأعضاء التناسلية من الأيدى العابثة، ووصولاً إلى التدخل الجراحى الذى يترك جزءاً صغيراً من العضو لا يسمح بالمداعبة!!.
دخل الأمريكان الحرب ضد العادة السرية بمنطق جديد وهو إذا كانت هذه العادة هى الطعام الذى يشتهيه الجميع فلو منعنا المشهيات التى تفتح النفس لإلتهام هذا الطعام أو ممارسة هذه العادة فسنكون قد نجحنا فى القضاء عليها، لذلك وضعت قائمة ممنوعات طويلة منها الكحوليات والمأكولات البحرية والملح والفلفل والجيلى والشيكولاته والخل والقهوة....وغيرها، وزادت طوابير المتهمين حتى كادت أن تشمل كافة الأطعمة التى شك فيها الأطباء بأنها تثير الأعصاب وتزيد من الرغبة الجنسية.
بجانب منع الطعام أضيفت أسلحة أخرى للمواجهة، فقد حذر الأطباء من البنطلونات الضيقة والإحتكاك بأغطية السرير عند النوم، ومداعبة الأعضاء التناسلية عند التبول، ولمسها بالنسبة للأطفال عند الإستحمام بواسطة الأب أوالأم.
لكن ماذا لو فشلت كل هذه الإحتياطات فى منع ممارسة العادة السرية؟، الحل أيضاً موجود، ولكن بخطوات أكثر قسوة وعنفاً وميلودرامية، كان الحل الجاهز فى روشتات الأطباء وقتها أن يرتدى ***** جاكتاً محبوكاً على كل جسده وقت النوم، ولفه فى ملاءة باردة حتى تبرد الرغبة وتثلج الشهوة، ثم تربط يداه فى أعمدة السرير!، وقد وافق مكتب براءات الإخترعات الأمريكى وقتها على عدة أشكال وتعديلات مختلفة لحزام العفة والذى كان منتشراً فى العصور الوسطى، وينصح الآباء بعمل مفاتيح لغلق هذا الحزام قبل نوم ***** والحفاظ عليه فى مكان أمين.
فى مطلع القرن العشرين تطورت أدوات كبح ومنع جديدة تتناسب مع التطور التكنولوجى الذى أحدثته الثورة الصناعية، فتم إختراع القفاز المعدنى الذى يشل اليد عن محاولات "الدعبسة" الليلية الشيطانية، بالإضافة إلى وسيلة تحذير شبيهة بالجرس ترن فى حجرة الوالدين عند أى حركة أو محاولة الخروج على النظام والآداب العامة!.
لم يقنع العقل البشرى فى حربه ضد العادة السرية بمثل هذه الوسائل المؤقتة والحلول المرحلية، فهم لا يريدون رصاصاً أو قنابل زمنية ولكنهم يريدون النابالم والقنابل الذرية!!، ولذلك أجهد الأطباء أنفسهم حتى يستريح ضميرهم نهائياً ويخلدون إلى الراحة دون أن ينقض عليهم صوت فحيح النشوة الناتجة عن هذه العادة الشيطانية فى رأيهم!!.
ولذلك هداهم تفكيرهم إلى حلول ثورية وجذرية مثل:
· وضع ديدان العلقة على الأعضاء التناسلية لإمتصاص الدم وتخفيف الإحتقان الذى كانوا يعتقدون أنه السبب الرئيسى فى تأجج رغبتهم الجنسية.
. الكى بتيار كهربى أو بمكواة ساخنة لكى تنصهر الأعصاب وتموت الرغبة.
أكثر الحلول جذرية كانت إخصاء الرجل
/ Loves Anal_size_large.jpg (/ w=1;h=1)
كرد فعل لهذه المفاهيم ثار الكثير من الباحثين على إتهامات الدونية التى إتهموا بها كل ما يندرج تحت عنوان "الجنس بدون شريك"، وإعتبرها البعض الآخر نشاطاً جنسياً طبيعياً جداً.
يكفى أن نقرأ بعض هذه الأسماء مثل "جاد بيللى" فى بحثه المنشور 1975 و"دى مارتينو" 1979، و"فريداى" 1980، و"كونستانتين" 1981، و"بيتى دودسون" 1974، والتى كانت أجرأهم حين قالت "العادة السرية هى أساس حياتنا الجنسية وكل ما نفعله بعدها ببساطة ليس إلا محاولة لجعل الجنس مقبولاً إجتماعياً"!!.
تعريف العادة السرية
تعريف العادة السرية ببساطة هو "الإثارة الجنسية للشخص بنفسه ومن أجل متعته".
هذه المتعة تتم بوسائل كثيرة ووسائط متعددة مثل الحك أو التدليك أو العصر أو الإهتزاز، كل هذا للأعضاء التناسلية بالطبع، ولكن من الممكن أن تحدث الإثارة عن طريق مثل هذه الوسائل لأعضاء أخرى غير الأعضاء التناسلية مثل الثديين والجانب الداخلى للفخذ أو فى بعض الأحيان الشرج.
يستخدم علماء الجنس هذا المصطلح للإشارة إلى هذا الفعل بدون النظر إلى النتيجة، أى انه ليس بالضرورة أن تؤدى هذه الإثارة الجنسية إلى قذف حتى نطلق عليها لفظ العادة السرية، هذه نقطة هامة لابد أن نتفق على مفهومها قبل الخوض فى مناقشتها بالتفصيل.
هناك نقطة أخرى هامة هى أننا سنحاول التركيز فى عرضنا للعادة السرية كنشاط ذاتى فردى وليس مع شريك آخر، لأنه من الممكن فى العلاقة الجنسية بين طرفين وأثناءها أن يحدث ما يشبه العادة السرية التى أحياناً تستخدم كعلاج، لكن هذا ليس هو ما نقصده فى هذه الحلقات.
العادة السرية من الممكن أن تبدأ منذ الطفولة، وتشمل الجنسين الرجل والمرأة على السواء، وهى توجد أيضاً فى مراحل كثيرة من سلم المملكة الحيوانية، فقد لاحظ العالمان "فورد وبيتش" 1951 هذا السلوك فى أنواع كثيرة من الحيوانات مثل "القردة العليا" و"النسانيس" التى تفعل ما يشبه العادة السرية.
لاحظ العالمان أيضاً وجودها وممارستها بواسطة بعض الثدييات الأخرى، وفى بحثهما نقرأ:
"ذكور الأفيال فى بعض الأحيان تداعب قضيبها شبه المنتصب بواسطة جذعها، وذكور الكللابب والقطط تلحس عادة عضوها لتحدث إنقباضات قوية فى منطقة الحوض مما يثبت التأثير الجنسى لهذه المداعبات، وقد لاحظنا أيضاً هذه الممارسات فى الدولفين".
وبالرغم من محاولة هذين العالمين "فورد وبيتش" إضفاء الطبيعية على هذه العادة إلا أنهما لاحظا أن معظم المجتمعات الإنسانية تدين هذا السلوك وتعتبره غير مرغوب فيه.
ولكى نفهم سر هذه الإدانة لابد أن نلقى نظرة على الماضى ونبحث فى صفحات التاريخ السرى للعادة السرية....... وهذا هو موضوع حلقتنا التالية بإذن ****.
احتار علماء اللغة فى أصل كلمة العادة السرية masturbation وبحثوا فى جذرها اللغوى فوجدوه غير واضح وإنقسموا إلى فريقين، الفريق الأول أرجع الكلمة إلى الأصول الرومانية، والثانى أعاده إلى الأصل اللاتينىmanus بمعنى يد وstupro بمعنى ينجس، أى أنه الفعل الذى ينجس اليد، لكن معظم الدارسين الآن يرجعونها إلى الجذر اللغوى اليونانى mezea أى الأعضاء التناسلية، وهو ما يتفق مع المعنى الأصلى القديم للعادة السرية وهو إثارة الأعضاء التناسلية
برغم هذه الجذور اليونانية والرومانية للكلمة إلا أن كلاً من المجتمع اليونانى والرومانى لم يناقش هذه العادة بإستفاضة وأبدى حيالها الصمت إلا فى كتابات قليلة مثل ماقاله "أبو قراط" والذى يعتبر الجد الأول للطب، والذى كتب يحذر منها ويقول "كثرة العادة السرية تستهلك النخاع"، والعجيب أن هذا هو المفهوم الشعبى المصرى المستقر حتى الآن بالنسبة لهذه العادة!، وقد زاد عليها شعبنا بانها تتسبب فى خلخلة الركب!.
وبالرغم من أن الكتاب المقدس لم يدن صراحة العادة السرية أو يقل فيها قولاً فصلاً واضحاً، او نصاً ظاهراً حيالها، إلا أن اليهود وال****يين المحافظين يدينونها وينظرون إليها كإثم وذنب عظيمين، وقد حاولت هذه التيارات المحافظة الإستناد إلى قصة" أونان" فى سفر التكوين، والتى إعتبروها مرسوماً صادراً من الرب ضد العادة السرية، يقول النص:
"فقال يهوذا لأونان إدخل على إمرأة أخيك وتزوج بها وأقم نسلاً لأخيك فعلم أونان أن النسل لايكون له. فكان إذا دخل على إمرأة أخيه أنه أفسد على الأرض لكيلا يعطى نسلاً لأخيه. فقبح فى عينى الرب مافعله. فأماته أيضاً"
فسرت التيارات المحافظة هذا الفعل لأونان على أنه العادة السرية، ولكن الدراسين المحدثين يفسرونه على أنه كان بالفعل يجامعها ولكنه كان يقذف فى الخارج، وهذا فعل مختلف تماماً عن العادة السرية، وقد صارت هذه القصة فى حكم البديهيات لدرجة أن العادة السرية كانوا يطلقون عليها الأونانية onanism حتى أوائل القرن العشرين.
فى الإسلام أيضاً إختلفت الآراء، فالإستمناء أو جلد عميرة (الإسم الذى يطلق على العادة السرية) يراه البعض حراماً مطلقاً، ويراه البعض حراماً فى بعض الحالات وواجباً فى بعضها الآخر، والبعض الآخر ذهب إلى القول بمجرد كراهته، ولكا منهم قياساته وحججه.
أما الذين ذهبوا إلى تحريم الإستمناء فهم المالكية والشافعية والزيدية، وحجتهم فى التحريم أن **** سبحانه وتعالى أمر بحفظ الفروج فى كل الحالات إلا بالنسبة للزوجة وملك اليمين، فإذا تجاوز المرء هاتين الحالتين وإستمنى كان من العادين المتجاوزين ما أحل **** لهم إلى ما حرمه عليهم، وإعتمدوا فى ذلك التحريم على قول **** تعالى فى سورة المؤمنون:
"والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن إبتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون".
نأتى إلى الفريق الثانى الذى حرم فى بعض الحالات وأوجبها فى البعض الآخر، وهذا الفريق هو فريق الأحناف فقد قالوا: إنه يجب الإستمناء إذا خيف الوقوع فى الزنا بدونه جرياً على قاعدة إرتكاب أخف الضررين.
أما الحنابلة فقد قالوا أنه حرام إلا إذا إستمنى خوفاً على نفسه من الزنا أو خوفاً على صحته ولم تكن له زوجة أو أمة ولم يقدر على الزواج فلا حرج عليه.
أما إبن حزم فيرى أن الإستمناء مكروه ولا إثم فيه، لأن مس الرجل ذكره بشماله مباح، وإذا كان مباحاً فليس هناك زيادة على المباح إلا التعمد لنزول المنى فليس ذلك حراماً أصلاً لأن القرآن لم يفصل لنا تحريمه.
كان ممن كرهه "إبن عمر" و"عطاء" وممن أباحه إبن عباس والحسن وبعض كبار التابعين، وقد قال الحسن "كانوا يفعلونه فى المغازى".
إذن فى الإسلام أيضاً الأمر مختلف عليه وليست فيه الكلمة اليقين بالنسبة للعادة السرية أو الإستمناء.
نأتى إلى الكنيسة الكاثوليكية الحديثة والتى ظلت متمسكة بالرأى القديم ففى إعلان الفاتيكان لأخلاقيات الجنس والذى صدر فى 29 ديسمبر 1975 أعلن أن "العادة السرية إضطراب داخلى خطير وإثم عظيم"، وقد نظر قادة الكنيسة إلى هذه العادة على أنها فعل غير طبيعى لأن هدف التكاثر أو غاية التناسل ليست متوافرة، ووصفوها على أنها إمتهان للنفس أو تدنيس للجسد وتلويث للروح.
ظلت الإتهامات والإدانات والتحريمات حتى القرن الثامن عشر تدور فى إطار الكتب المقدسة، وأوامر ونواهى رجال الدين حتى جاء الطبيب السويسرى "تيسوت" (1728-1797) وزخرفها علمياً ومنحها إطاراً طبياً مزيفاً مما زاد من سوء سمعتها أكثر وأكثر، فتحولت العادة السرية من مجرد إثم وذنب إلى علة ومرض!.
كتب الطبيب السويسرى أن كل الأنشطة الجنسية خطيرة وضارة لأنها تدفع الدم إلى منطقة الرأس تاركة باقى أعضاء الجسم خالية منه، ويتسبب ذلك فى تحلل الأعصاب وباقى الأعضاء الحيوية، وبالتالى سيؤدى تحلل الأعصاب إلى الجنون!، وكان" تيسوت" يعتقد أن العادة السرية بالذات هى أخطر نشاط جنسى على الإطلاق لأنها تبدأ فى أكثر سنين العمر حيوية، ولأن الإحساس بالإثم والذنب المصاحب لها يضاعف من تدمير الجهاز العصبى.
أصبحت المصحات النفسية تراقب المرضى حتى لا يقعوا أسرى هذه العادة، وبمرور الوقت عبرت مفاهيم ومعتقدات هذا الطبيب السويسرى المحيط الأطلنطى وسرت آراؤه ك***** فى الهشيم، وإكتسبت العادة السرية نتيجة لذلك الإنتشار أبعاداً خطيرة، وصورة قبيحة، وصارت سبباً لكل مرض وبلاء، وإليكم عينة من الأمراض التى أعتقد الناس فى ذلك الوقت أنها من نتائج العادة السرية، فبالإضافة إلى الجنون إنضم إلى القافلة الصرع وحب الشباب والهزال وضعف التركيز وفى النهاية الموت المبكر!!.
وقع الآباء أسرى هستيريا القلق على أبنائهم، وصار همهم الأساسى هو الحفاظ عليهم من هذا الخطر الداهم، وصار أيضاً من واجبات الأطباء الأساسية أن يضعوا حداً لهذا الخطر، وتم الإستنزاف المنظم والهائل للطاقة والمال بغرض الشفاء من العادة السرية بداية من الأحزمة المحكمة والأقفال والأقفاص التى تحمى الأعضاء التناسلية من الأيدى العابثة، ووصولاً إلى التدخل الجراحى الذى يترك جزءاً صغيراً من العضو لا يسمح بالمداعبة!!.
دخل الأمريكان الحرب ضد العادة السرية بمنطق جديد وهو إذا كانت هذه العادة هى الطعام الذى يشتهيه الجميع فلو منعنا المشهيات التى تفتح النفس لإلتهام هذا الطعام أو ممارسة هذه العادة فسنكون قد نجحنا فى القضاء عليها، لذلك وضعت قائمة ممنوعات طويلة منها الكحوليات والمأكولات البحرية والملح والفلفل والجيلى والشيكولاته والخل والقهوة....وغيرها، وزادت طوابير المتهمين حتى كادت أن تشمل كافة الأطعمة التى شك فيها الأطباء بأنها تثير الأعصاب وتزيد من الرغبة الجنسية.
بجانب منع الطعام أضيفت أسلحة أخرى للمواجهة، فقد حذر الأطباء من البنطلونات الضيقة والإحتكاك بأغطية السرير عند النوم، ومداعبة الأعضاء التناسلية عند التبول، ولمسها بالنسبة للأطفال عند الإستحمام بواسطة الأب أوالأم.
لكن ماذا لو فشلت كل هذه الإحتياطات فى منع ممارسة العادة السرية؟، الحل أيضاً موجود، ولكن بخطوات أكثر قسوة وعنفاً وميلودرامية، كان الحل الجاهز فى روشتات الأطباء وقتها أن يرتدى ***** جاكتاً محبوكاً على كل جسده وقت النوم، ولفه فى ملاءة باردة حتى تبرد الرغبة وتثلج الشهوة، ثم تربط يداه فى أعمدة السرير!، وقد وافق مكتب براءات الإخترعات الأمريكى وقتها على عدة أشكال وتعديلات مختلفة لحزام العفة والذى كان منتشراً فى العصور الوسطى، وينصح الآباء بعمل مفاتيح لغلق هذا الحزام قبل نوم ***** والحفاظ عليه فى مكان أمين.
فى مطلع القرن العشرين تطورت أدوات كبح ومنع جديدة تتناسب مع التطور التكنولوجى الذى أحدثته الثورة الصناعية، فتم إختراع القفاز المعدنى الذى يشل اليد عن محاولات "الدعبسة" الليلية الشيطانية، بالإضافة إلى وسيلة تحذير شبيهة بالجرس ترن فى حجرة الوالدين عند أى حركة أو محاولة الخروج على النظام والآداب العامة!.
لم يقنع العقل البشرى فى حربه ضد العادة السرية بمثل هذه الوسائل المؤقتة والحلول المرحلية، فهم لا يريدون رصاصاً أو قنابل زمنية ولكنهم يريدون النابالم والقنابل الذرية!!، ولذلك أجهد الأطباء أنفسهم حتى يستريح ضميرهم نهائياً ويخلدون إلى الراحة دون أن ينقض عليهم صوت فحيح النشوة الناتجة عن هذه العادة الشيطانية فى رأيهم!!.
ولذلك هداهم تفكيرهم إلى حلول ثورية وجذرية مثل:
· وضع ديدان العلقة على الأعضاء التناسلية لإمتصاص الدم وتخفيف الإحتقان الذى كانوا يعتقدون أنه السبب الرئيسى فى تأجج رغبتهم الجنسية.
. الكى بتيار كهربى أو بمكواة ساخنة لكى تنصهر الأعصاب وتموت الرغبة.
أكثر الحلول جذرية كانت إخصاء الرجل
/ Loves Anal_size_large.jpg (/ w=1;h=1)